إنجيلُ مُرْقُس
١ هذِه هي بِدايَةُ الأخبارِ الحُلْوَة عن يَسُوع المَسِيح، ابْنِ اللّٰه: ٢ مَكتوبٌ في كِتابِ النَّبِيِّ إشَعْيَا: «(أنا سأُرسِلُ رَسولي قَبلَك، * وهو سيُجَهِّزُ طَريقَك.) + ٣ صَوتُ إنسانٍ يُنادي في الصَّحراء: * ‹جَهِّزوا طَريقَ يَهْوَه! إجعَلوا طُرُقَهُ مُستَقيمَة›». + ٤ فقد كانَ يُوحَنَّا المُعَمِّد في الصَّحراءِ يُبَشِّرُ أنَّ النَّاسَ يَجِبُ أن يَعتَمِدوا كرَمزٍ إلى التَّوبَةِ الَّتي تُؤَدِّي إلى غُفرانِ الخَطايا. + ٥ وكُلُّ الَّذينَ في اليَهُودِيَّة وكُلُّ سُكَّانِ أُورُشَلِيم أتَوْا إلَيه. فعَمَّدَهُم * في نَهرِ الأُرْدُنّ، وكانوا يَعتَرِفونَ عَلَنًا بِخَطاياهُم. + ٦ وكانَ يُوحَنَّا يَلبَسُ ثَوبًا مِن وَبَرِ الجَمَلِ وعلى خَصرِهِ حِزامٌ مِن جِلد، + ويَأكُلُ جَرادًا وعَسَلًا بَرِّيًّا. + ٧ وكانَ يُبَشِّرُ قائِلًا: «سيَأتي بَعدي مَن هو أعظَمُ مِنِّي، وأنا لا أستَحِقُّ أن أنحَنِيَ وأفُكَّ رِباطَ حِذائِه. + ٨ أنا عَمَّدتُكُم بِماء، أمَّا هو فسَيُعَمِّدُكُم بِروحٍ قُدُس». +
٩ وفي تِلكَ الأيَّام، جاءَ يَسُوع مِنَ النَّاصِرَة في الجَلِيل وعَمَّدَهُ يُوحَنَّا في نَهرِ الأُرْدُنّ. + ١٠ وفَوْرًا لمَّا خَرَجَ يَسُوع مِنَ الماء، رَأى السَّمواتِ تَنشَقُّ والرُّوحَ يَنزِلُ علَيهِ مِثلَ حَمامَة. + ١١ وأتى صَوتٌ مِنَ السَّمواتِ يَقول: «أنتَ ابْني الحَبيب، أنا راضٍ عنك». +
١٢ وفي الحال، دَفَعَهُ الرُّوحُ أن يَذهَبَ إلى الصَّحراء. ١٣ وبَقِيَ في الصَّحراءِ ٤٠ يَومًا حَيثُ جَرَّبَهُ الشَّيْطَان. + وكانَ معَ الحَيَواناتِ البَرِّيَّة، لكنَّ المَلائِكَةَ كانوا يَخدُمونَه. +
١٤ وبَعدَما أُلْقِيَ القَبضُ على يُوحَنَّا، ذَهَبَ يَسُوع إلى الجَلِيل + لِيَنقُلَ بِشارَةَ اللّٰهِ + ١٥ ويَقول: «أتى الوَقتُ المُعَيَّن، واقتَرَبَت مَملَكَةُ اللّٰه. فتوبوا + وآمِنوا بِالبِشارَة».
١٦ وفيما كانَ يَمْشي عِندَ بُحَيرَةِ الجَلِيل، رَأى سِمْعَان وأخاهُ أَنْدرَاوُس + يَرْمِيانِ شِباكَهُما في البُحَيرَةِ + لِأنَّهُما صَيَّادان. + ١٧ فقالَ لهُما يَسُوع: «هَيَّا اتبَعاني، فأجعَلَكُما تَصطادانِ النَّاس». + ١٨ فتَرَكا الشِّباكَ فَوْرًا وتَبِعاه. + ١٩ ثُمَّ مَشى قَليلًا، فرَأى يَعْقُوب بْنَ زَبَدِي وأخاهُ يُوحَنَّا. وكانا في مَركَبِهِما يُصلِحانِ الشِّباك. + ٢٠ وعلى الفَوْرِ دَعاهُما. فتَرَكا أباهُما زَبَدِي في المَركَبِ معَ العُمَّالِ وذَهَبا وَراءَه. ٢١ ودَخَلوا إلى كَفَرْنَاحُوم.
وحالَما أتى يَومُ السَّبت، دَخَلَ يَسُوع إلى المَجمَعِ وبَدَأ يُعَلِّم. + ٢٢ فاندَهَشَ النَّاسُ مِن طَريقَةِ تَعليمِه، لِأنَّهُ كانَ يُعَلِّمُهُم مِثلَ شَخصٍ لهُ سُلطَة، ولَيسَ مِثلَ الكَتَبَة. + ٢٣ في ذلِكَ الوَقت، كانَ في مَجمَعِهِم رَجُلٌ يُسَيطِرُ علَيهِ روحٌ شِرِّير، * فصَرَخ: ٢٤ «ماذا تُريدُ مِنَّا يا يَسُوع النَّاصِرِيّ؟ + هل جِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أنا أعرِفُ مَن أنت، أنتَ قُدُّوسُ اللّٰه». + ٢٥ لكنَّ يَسُوع أمَرَهُ بِحَزم: «أُسكُتْ واخرُجْ مِنه!». ٢٦ فجَعَلَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ الرَّجُلَ يَنتَفِض، ثُمَّ صَرَخَ بِأعْلى صَوتِهِ وخَرَجَ مِنه. ٢٧ فاندَهَشَ الجَميعُ وصاروا يَتَناقَشونَ في ما بَينَهُم قائِلين: «ما هذا؟! تَعليمٌ جَديد؟ حتَّى الأرواحُ الشِّرِّيرَة يَأمُرُها بِسُلطَةٍ وهي تُطيعُه». ٢٨ فانتَشَرَت أخبارُهُ بِسُرعَةٍ في كُلِّ مَكانٍ في مِنطَقَةِ الجَلِيل.
٢٩ وبَعدَ مُغادَرَةِ المَجمَع، ذَهَبَ يَسُوع ويَعْقُوب ويُوحَنَّا مع سِمْعَان وأَنْدرَاوُس إلى بَيتِهِما. + ٣٠ وكانَت حَماةُ سِمْعَان + مُمَدَّدَةً على السَّريرِ لِأنَّها مَريضَةٌ بِالحُمَّى، فأخبَروهُ عنها فَوْرًا. ٣١ فاقتَرَبَ مِنها وأمسَكَ يَدَها وأقامَها. فزالَت عنها الحُمَّى، وبَدَأَت تَخدُمُهُم.
٣٢ وفي المَساء، بَعدَ غُروبِ الشَّمس، أحضَرَ النَّاسُ إلَيهِ كُلَّ المَرْضى والَّذينَ تُسَيطِرُ علَيهِمِ الشَّيَاطِين. + ٣٣ وتَجَمَّعَتِ المَدينَةُ كُلُّها على الباب. ٣٤ فشَفى كَثيرينَ كانوا مُصابينَ بِأمراضٍ مُختَلِفَة، + وأخرَجَ شَيَاطِينَ كَثيرين. لكنَّهُ لم يَسمَحْ لِلشَّيَاطِينِ أن يَتَكَلَّموا لِأنَّهُم عَرَفوا أنَّهُ المَسِيح. *
٣٥ وفي الصَّباحِ الباكِر، فيما كانَت لا تَزالُ هُناك عَتمَة، قامَ يَسُوع وخَرَجَ وذَهَبَ إلى مَكانٍ مُنعَزِل، وبَدَأ يُصَلِّي هُناك. + ٣٦ لكنَّ سِمْعَان والَّذينَ معهُ فَتَّشوا عنهُ في كُلِّ مَكان. ٣٧ ولمَّا وَجَدوه، قالوا له: «الكُلُّ يُفَتِّشونَ عنك». ٣٨ فقالَ لهُم: «لِنَذهَبْ إلى مَكانٍ آخَر، إلى البَلداتِ القَريبَة، كَي أُبَشِّرَ هُناك أيضًا. فأنا لِهذا السَّبَبِ جِئت». + ٣٩ فتَنَقَّلَ في كُلِّ الجَلِيل يُبَشِّرُ في المَجامِعِ ويُخرِجُ الشَّيَاطِين. +
٤٠ وجاءَ إلَيهِ شَخصٌ مُصابٌ بِالبَرَص، وتَرَجَّاهُ وهو راكِعٌ على رُكبَتَيْه: «إذا كُنتَ تُريد، فأنتَ قادِرٌ أن تَجعَلَني طاهِرًا». + ٤١ فأشفَقَ علَيه، ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقالَ له: «نَعَم أُريد. كُنْ طاهِرًا». + ٤٢ وفي الحال، زالَ عنهُ البَرَصُ وصارَ طاهِرًا. ٤٣ ثُمَّ طَلَبَ مِنهُ يَسُوع أن يَذهَبَ فَوْرًا بَعدَ أن حَذَّرَهُ بِحَزمٍ ٤٤ وقالَ له: «لا تَقُلْ شَيئًا لِأحَد، بلِ اذهَبْ إلى الكاهِنِ وأَرِهِ نَفْسَك، وقَدِّمْ ما طَلَبَهُ مُوسَى مِنَ الَّذي يَتَطَهَّرُ مِنَ البَرَص، + فيَكونَ ذلِك شَهادَةً لهُم». + ٤٥ لكنَّ الرَّجُلَ ذَهَبَ وصارَ يَنشُرُ الخَبَرَ في كُلِّ مَكان. فلم يَعُدْ يَسُوع يَقدِرُ أن يَدخُلَ عَلَنًا إلى أيِّ مَدينَة، بل بَقِيَ في الخارِجِ في أماكِنَ مُنعَزِلَة. مع ذلِك، ظَلَّ النَّاسُ يَأتونَ إلَيهِ مِن كُلِّ مَكان. +
٢ ولكنْ بَعدَ عِدَّةِ أيَّام، رَجَعَ يَسُوع إلى كَفَرْنَاحُوم وانتَشَرَ الخَبَرُ أنَّهُ في البَيت. + ٢ فتَجَمَّعَ عَدَدٌ كَبيرٌ جِدًّا مِنَ النَّاسِ لِدَرَجَةِ أنَّهُ لم يَبْقَ مَكانٌ لِأحَد، ولا حتَّى عِندَ الباب. وابتَدَأَ يُبَشِّرُهُم بِكَلِمَةِ اللّٰه. + ٣ وأحضَروا إلَيهِ شَخصًا مَشلولًا يَحمِلُهُ أربَعَةُ رِجال. + ٤ لكنَّهُم لم يَقدِروا أن يُدخِلوهُ إلَيهِ بِسَبَبِ الجُموع. فكَشَفوا السَّقفَ فَوقَ يَسُوع، وعَمِلوا فيهِ فَتحَة، وأنزَلوا السَّريرَ النَّقَّالَ الَّذي كانَ المَشلولُ مُمَدَّدًا علَيه. ٥ ولمَّا رَأى يَسُوع إيمانَهُم، + قالَ لِلمَشلول: «يا وَلَدي، خَطاياكَ مَغفورَة». + ٦ وكانَ بَعضُ الكَتَبَةِ جالِسينَ هُناك، فقالوا في قَلبِهِم: + ٧ «لِماذا يَتَكَلَّمُ هذا الرَّجُلُ بِهذِهِ الطَّريقَة؟ إنَّهُ يُجَدِّف. مَن يَقدِرُ أن يَغفِرَ الخَطايا غَيرُ اللّٰهِ وَحْدَه؟». + ٨ فعَرَفَ * يَسُوع فَوْرًا أنَّهُم كانوا يُفَكِّرونَ هكَذا في ما بَينَهُم، فقالَ لهُم: «لِماذا تُفَكِّرونَ هذِهِ الأفكارَ في قُلوبِكُم؟ + ٩ ما الأسهَل: أن يُقالَ لِلمَشلول: ‹خَطاياكَ مَغفورَة›، أم أن يُقال: ‹قُمْ واحمِلْ سَريرَكَ وامْشِ›؟ ١٠ ولكنْ كَي تَعرِفوا أنَّ ابْنَ الإنسانِ + لَدَيهِ سُلطَةٌ أن يَغفِرَ الخَطايا على الأرض ...»، + وقالَ لِلمَشلول: ١١ «أقولُ لك: قُمْ واحمِلْ سَريرَكَ واذهَبْ إلى بَيتِك». ١٢ فقام، وعلى الفَوْرِ حَمَلَ سَريرَهُ ومَشى إلى الخارِجِ أمامَ الجَميع. فاندَهَشوا كُلُّهُم ومَجَّدوا اللّٰهَ قائِلين: «لم نَرَ شَيئًا كهذا مِن قَبل». +
١٣ ثُمَّ ذَهَبَ مَرَّةً ثانِيَة إلى شاطِئِ البُحَيرَة. وأتَت إلَيهِ الجُموع، فبَدَأ يُعَلِّمُهُم. ١٤ وفيما هو يَمْشي، رَأى لَاوِي بْنَ حَلْفَى يَجلِسُ عِندَ مَكتَبِ جَمعِ الضَّرائِب. فقالَ له: «إتبَعْني». فقامَ وتَبِعَه. + ١٥ ولاحِقًا، كانَ يَأكُلُ * في بَيتِ لَاوِي. وكانَ كَثيرونَ مِن جامِعي الضَّرائِبِ والخُطاةِ يَأكُلونَ * معهُ ومع تَلاميذِه، لِأنَّ عَدَدًا كَبيرًا مِنهُم كانوا يَتبَعونَه. + ١٦ ولكنْ عِندَما رَآهُ الكَتَبَةُ الفَرِّيسِيُّونَ يَأكُلُ معَ الخُطاةِ وجامِعي الضَّرائِب، قالوا لِتَلاميذِه: «ما هذا؟! كَيفَ يَأكُلُ مع جامِعي الضَّرائِبِ والخُطاة؟!». ١٧ ولمَّا سَمِعَ يَسُوع ذلِك، قالَ لهُم: «لا يَحتاجُ الأقوِياءُ إلى طَبيبٍ بلِ المَرْضى. أنا لم آتِ لِأدْعُوَ المُستَقيمينَ بلِ الخُطاة». +
١٨ وكانَ تَلاميذُ يُوحَنَّا والفَرِّيسِيُّونَ يَصومون. فجاؤُوا وقالوا له: «لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يُوحَنَّا وتَلاميذُ الفَرِّيسِيِّين، أمَّا تَلاميذُكَ فلا يَصومون؟». + ١٩ أجابَهُم يَسُوع: «هل يَصومُ أصدِقاءُ العَريسِ فيما العَريسُ + معهُم؟ ما دامَ العَريسُ معهُم، لا يَصومون. ٢٠ ولكنْ ستَأتي أيَّامٌ يُؤْخَذُ فيها العَريسُ مِنهُم، + وعِندَئِذٍ يَصومون. ٢١ لا أحَدَ يُخَيِّطُ قِطعَةَ قُماشٍ جَديدَة على ثَوبٍ عَتيق، وإلَّا تَنكَمِشُ القِطعَةُ الجَديدَة وتُمَزِّقُ الثَّوبَ العَتيق، فيَصيرُ الثُّقْبُ أسوَأ. + ٢٢ ولا أحَدَ يَضَعُ نَبيذًا جَديدًا في كيسٍ جِلدِيٍّ * عَتيق، وإلَّا يَشُقُّ النَّبيذُ الكيس، فيَندَلِقُ النَّبيذُ ويَخرَبُ الكيس. فالنَّبيذُ الجَديدُ يوضَعُ في كيسٍ جَديد».
٢٣ وفيما كانَ يَمُرُّ في الحُقولِ يَومَ السَّبت، بَدَأ تَلاميذُهُ يَقطِفونَ السَّنابِلَ في طَريقِهِم. + ٢٤ فقالَ لهُ الفَرِّيسِيُّون: «أُنظُر! لِماذا يَفعَلونَ أمرًا لا يَجوزُ في السَّبت؟». ٢٥ لكنَّهُ قالَ لهُم: «ألَمْ تَقرَأوا أبَدًا ماذا فَعَلَ دَاوُد حينَ لم يَعُدْ عِندَهُ طَعامٌ وجاعَ هو ورِجالُه؟ + ٢٦ ففي القِصَّةِ عنِ الكاهِنِ الكَبيرِ أَبِيَاثَار، + دَخَلَ دَاوُد إلى بَيتِ اللّٰهِ وأكَلَ أرغِفَةَ التَّقدِمَةِ الَّتي لا يَجوزُ أن يَأكُلَها أحَدٌ غَيرُ الكَهَنَة، + وأعْطى مِنها أيضًا لِرِجالِهِ الَّذينَ معه». ٢٧ ثُمَّ قالَ لهُم: «اللّٰهُ عَمِلَ السَّبتَ مِن أجْلِ الإنسان، + لا الإنسانَ مِن أجْلِ السَّبت. ٢٨ فابْنُ الإنسانِ هو رَبُّ السَّبتِ أيضًا». +
٣ ثُمَّ دَخَلَ مَرَّةً أُخْرى إلى مَجمَع، وكانَ هُناك رَجُلٌ يَدُهُ مَشلولَة. *+ ٢ وكانوا يُراقِبونَهُ بِانتِباهٍ لِيَرَوْا إذا كانَ سيَشْفي الرَّجُلَ في السَّبت، وذلِك كَي يَجِدوا تُهمَةً ضِدَّه. ٣ فقالَ لِلرَّجُلِ الَّذي يَدُهُ مَشلولَة: * «قُمْ إلى الوَسَط». ٤ ثُمَّ سَألَهُم: «هل يَجوزُ في السَّبتِ فِعلُ الخَيرِ أمِ الأذى، إنقاذُ نَفْسٍ أم قَتلُها؟». + لكنَّهُم ظَلُّوا ساكِتين. ٥ فنَظَرَ إلَيهِم بِغَضَبٍ وهو حَزينٌ جِدًّا بِسَبَبِ قَساوَةِ قُلوبِهِم. + ثُمَّ قالَ لِلرَّجُل: «مُدَّ يَدَك». فمَدَّها، فعادَت يَدُهُ سَليمَة. ٦ عِندَئِذٍ خَرَجَ الفَرِّيسِيُّونَ وبَدَأوا فَوْرًا يَتَآمَرونَ علَيهِ مع أعضاءِ حِزبِ هِيرُودُس + كَي يَقتُلوه.
٧ أمَّا يَسُوع فتَوَجَّهَ مع تَلاميذِهِ إلى البُحَيرَة، وتَبِعَتهُ جُموعٌ كَبيرَة + مِنَ الجَلِيل واليَهُودِيَّة. ٨ حتَّى إنَّ جُموعًا كَبيرَة مِن أُورُشَلِيم وأَدُومْيَا وشَرقِ نَهرِ الأُرْدُنّ والمَناطِقِ المُحيطَة بِصُور وصَيْدُون جاؤُوا إلَيهِ عِندَما سَمِعوا عن أعمالِهِ الكَثيرَة. ٩ فطَلَبَ مِن تَلاميذِهِ أن يُبْقوا مَركَبًا صَغيرًا جاهِزًا كَي يَستَعمِلَهُ في حالِ ازدَحَمَ حَولَهُ النَّاس. ١٠ فلِأنَّهُ شَفى كَثيرين، كانَ كُلُّ الَّذينَ عِندَهُم أمراضٌ خَطيرَة يَتَجَمَّعونَ حَولَهُ لِيَلمُسوه. + ١١ حتَّى الأرواحُ الشِّرِّيرَة *+ كانَت حينَ تَراه، تَقَعُ عِندَ قَدَمَيْهِ وتَصرُخ: «أنتَ ابْنُ اللّٰه!». + ١٢ لكنَّهُ أمَرَهُم بِحَزمٍ أكثَرَ مِن مَرَّةٍ أن لا يُخبِروا أحَدًا عنه. +
١٣ وصَعِدَ إلى جَبَلٍ واستَدْعى الَّذينَ أرادَهُم معه، + فذَهَبوا إلَيه. + ١٤ وشَكَّلَ * فَريقًا مِن ١٢ شَخصًا وسَمَّاهُم رُسُلًا. وهُمُ الَّذينَ رافَقوهُ والَّذينَ أرسَلَهُم لاحِقًا لِيُبَشِّروا ١٥ ويَكونَ لَدَيهِم سُلطَةٌ أن يُخرِجوا الشَّيَاطِين. +
١٦ وفَريقُ الـ ١٢ + الَّذي شَكَّلَهُ * تَألَّفَ مِن: سِمْعَان الَّذي سَمَّاهُ أيضًا بُطْرُس، + ١٧ ويَعْقُوب بْنِ زَبَدِي وأخيهِ يُوحَنَّا (سَمَّاهُما أيضًا بُوَانَرْجِس، الَّذي يَعْني: «إبْنَيِ الرَّعد»)، + ١٨ وأَنْدرَاوُس، وفِيلِبُّس، وبَرْثُلْمَاوُس، ومَتَّى، وتُومَا، ويَعْقُوب بْنِ حَلْفَى، وتَدَّاوُس، وسِمْعَان القَانَوِيّ، * ١٩ ويَهُوذَا الإسْخَرْيُوطِيِّ الَّذي خانَهُ لاحِقًا.
ثُمَّ ذَهَبَ إلى بَيت، ٢٠ وتَجَمَّعَ النَّاسُ مَرَّةً أُخْرى لِدَرَجَةِ أنَّ يَسُوع وتَلاميذَهُ لم يَقدِروا أن يَأكُلوا. ٢١ ولمَّا سَمِعَت عائِلَتُهُ بِما كانَ يَحصُل، جاؤُوا لِيَأخُذوهُ لِأنَّهُم كانوا يَقولونَ إنَّهُ فَقَدَ عَقلَه. + ٢٢ والكَتَبَةُ أيضًا الَّذينَ نَزَلوا مِن أُورُشَلِيم كانوا يَقولون: «هذا الرَّجُلُ فيهِ بَعْلَزَبُول، * وهو يُخرِجُ الشَّيَاطِينَ بِقُدرَةٍ مِن رَئيسِ الشَّيَاطِين». + ٢٣ فدَعاهُم إلَيه، ثُمَّ تَكَلَّمَ معهُم مُستَعمِلًا الأمثالَ وقال: «كَيفَ يَقدِرُ الشَّيْطَان أن يُخرِجَ الشَّيْطَان؟ ٢٤ فإذا انقَسَمَت مَملَكَةٌ على نَفْسِها، فهذِهِ المَملَكَةُ لا يُمكِنُ أن تَصمُد. + ٢٥ وإذا انقَسَمَ بَيتٌ على نَفْسِه، لا يَقدِرُ هذا البَيتُ أن يَصمُد. ٢٦ والشَّيْطَان أيضًا إذا حارَبَ نَفْسَهُ وانقَسَم، لا يُمكِنُهُ أن يَصمُدَ بل ستَكونُ هذِه نِهايَتَه. ٢٧ فلا أحَدَ يَقدِرُ أن يَدخُلَ إلى بَيتِ رَجُلٍ قَوِيٍّ ويَسرِقَ مُمتَلَكاتِهِ إذا لم يَربُطْهُ أوَّلًا. عِندَئِذٍ فَقَط يَقدِرُ أن يَسرِقَ بَيتَه. ٢٨ صِدقًا أقولُ لكُم: كُلُّ شَيءٍ يُغفَرُ لِلبَشَر، مَهْما كانَتِ الخَطِيَّةُ الَّتي يَرتَكِبونَها أوِ التَّجديفُ الَّذي يَقولونَه. ٢٩ أمَّا الَّذي يُجَدِّفُ على الرُّوحِ القُدُس، فلن يُغفَرَ لهُ أبَدًا، + بل يَبْقى مُذنِبًا إلى الأبَدِ بِسَبَبِ خَطِيَّتِه». + ٣٠ قالَ ذلِك لِأنَّهُم كانوا يَقولون: «فيهِ روحٌ شِرِّير». *+
٣١ وجاءَت أُمُّهُ وإخوَتُهُ + ووَقَفوا في الخارِجِ وأرسَلوا أحَدًا لِيُنادِيَه. + ٣٢ وكانَت هُناك جُموعٌ تَجلِسُ حَولَه، فقالوا له: «ها هُم أُمُّكَ وإخوَتُكَ في الخارِجِ يَسألونَ عنك». + ٣٣ لكنَّهُ أجابَهُم: «مَن هُم أُمِّي وإخوَتي؟». ٣٤ ثُمَّ نَظَرَ إلى الجالِسينَ حَولَهُ وقال: «هؤُلاء هُم أُمِّي وإخوَتي! + ٣٥ كُلُّ مَن يَفعَلُ ما يُريدُهُ اللّٰهُ هو أخي وأُختي وأُمِّي». +
٤ وابتَدَأَ مَرَّةً أُخْرى يُعَلِّمُ بِجانِبِ البُحَيرَة، واجتَمَعَت بِقُربِهِ جُموعٌ كَبيرَة جِدًّا. فصَعِدَ إلى مَركَبٍ وجَلَسَ فيهِ على مَسافَةٍ مِنَ الشَّطّ. أمَّا الجُموعُ كُلُّها فكانَت على الشَّطّ. + ٢ وبَدَأ يُعَلِّمُهُم أشياءَ كَثيرَة بِواسِطَةِ أمثال، + فقالَ لهُم: + ٣ «إسمَعوا. خَرَجَ مُزارِعٌ لِيَزرَع. + ٤ وفيما هو يَزرَع، وَقَعَت بَعضُ البُذورِ على الطَّريق، فجاءَتِ الطُّيورُ وأكَلَتها. ٥ ووَقَعَت حَبَّاتٌ أُخْرى على أرضٍ صَخرِيَّة لا يوجَدُ علَيها تُربَةٌ كافِيَة، فنَبَتَت بِسُرعَةٍ لِأنَّ التُّربَةَ لم تَكُنْ عَميقَة. + ٦ ولكنْ حينَ أشرَقَتِ الشَّمسُ ضَرَبَتها، ولِأنَّها كانَت بِلا جُذورٍ يَبِسَت. ٧ ووَقَعَت حَبَّاتٌ أُخْرى بَينَ الشَّوك، فكَبُرَ الشَّوكُ وخَنَقَها، فلم تُعْطِ ثَمَرًا. + ٨ ولكنْ وَقَعَت حَبَّاتٌ أُخْرى على التُّربَةِ الجَيِّدَة، فنَبَتَت وكَبُرَت وأعْطَت أضعافَ ما زُرِع: بَعضُها ٣٠ ضِعفًا، وبَعضُها ٦٠، وبَعضُها ١٠٠». + ٩ وأضاف: «مَن لَدَيهِ أُذُنانِ تَسمَعان، فلْيَسمَع». +
١٠ ولمَّا صارَ وَحْدَه، سَألَهُ الاثنا عَشَرَ والَّذينَ معهُ عنِ الأمثال. + ١١ فقالَ لهُم: «لكُم أُعْطِيَ السِّرُّ المُقَدَّسُ + لِمَملَكَةِ اللّٰه. أمَّا الآخَرونَ فكُلُّ شَيءٍ يُعْطى لهُم بِأمثال. + ١٢ وهكَذا، حتَّى لَو نَظَروا لا يَرَوْن، وحتَّى لَو سَمِعوا لا يَفهَمون. وبِالنَّتيجَةِ لا يَرجِعونَ أبَدًا لِيَنالوا الغُفران». + ١٣ ثُمَّ قالَ لهُم: «أنتُم لا تَفهَمونَ هذا المَثَل، فكَيفَ ستَفهَمونَ كُلَّ الأمثالِ الأُخْرى؟
١٤ «المُزارِعُ يَزرَعُ كَلِمَةَ اللّٰه. + ١٥ والبُذورُ الَّتي تَقَعُ على الطَّريقِ هي مِثلُ الَّذينَ تُزرَعُ فيهِمِ الكَلِمَة، ولكنْ حالَما يَسمَعونَها يَأتي الشَّيْطَان + ويَقتَلِعُ الكَلِمَةَ المَزروعَة فيهِم. + ١٦ والبُذورُ الَّتي تَقَعُ على الأرضِ الصَّخرِيَّة هي مِثلُ الَّذينَ يَقبَلونَ الكَلِمَةَ بِفَرَحٍ حالَما يَسمَعونَها، + ١٧ لكنَّ البُذورَ لَيسَ لها جُذورٌ في قَلبِهِم، لِذلِك تَبْقى فَترَةً قَصيرَة. وحالَما يَحدُثُ ضيقٌ أوِ اضطِهادٌ بِسَبَبِ الكَلِمَةِ يَتَعَثَّرونَ ويَسقُطون. ١٨ وهُناك أيضًا بُذورٌ أُخْرى تَقَعُ بَينَ الشَّوك. وهي مِثلُ الَّذينَ يَسمَعونَ الكَلِمَة، + ١٩ لكنَّ هُمومَ + هذا العالَمِ * وقُوَّةَ الغِنى الخادِعَة + والشَّهَواتِ + المُختَلِفَة تَدخُلُ إلى قَلبِهِم وتَخنُقُ الكَلِمَة، فتَصيرُ بِلا ثَمَر. ٢٠ وأخيرًا، البُذورُ الَّتي تَقَعُ على التُّربَةِ الجَيِّدَة هي مِثلُ الَّذينَ يَسمَعونَ الكَلِمَةَ ويَقبَلونَها ويُثمِرون: بَعضُهُم ٣٠ ضِعفًا، وبَعضُهُم ٦٠، وبَعضُهُم ١٠٠». +
٢١ ثُمَّ قالَ لهُم: «هل يَجلُبُ أحَدٌ سِراجًا لِيُغَطِّيَهُ * أو لِيَضَعَهُ تَحتَ السَّرير؟ ألَا يَضَعُهُ في مَكانٍ مُرتَفِع؟ + ٢٢ فكُلُّ مَخْفِيٍّ سيُكشَف، وكُلُّ ما هو مُخَبَّأٌ سيُعلَن. + ٢٣ مَن لَدَيهِ أُذُنانِ تَسمَعان، فلْيَسمَع». +
٢٤ وقالَ لهُم أيضًا: «إنتَبِهوا لِما تَسمَعونَه! + فبِالكَيلَةِ الَّتي تُكَيِّلونَ بها، سيُكَيَّلُ لكُم وسَيُعْطى لكُم زِيادَةٌ أيضًا. ٢٥ فمَن لَدَيهِ شَيءٌ يَنالُ أكثَر. + أمَّا مَن لَيسَ لَدَيه، فحتَّى القَليلُ الَّذي لَدَيهِ يُؤْخَذُ مِنه». +
٢٦ ثُمَّ قال: «تُشبِهُ مَملَكَةُ اللّٰهِ رَجُلًا يُلْقي البُذورَ على الأرض، ٢٧ ويَنامُ في اللَّيلِ ويَقومُ في النَّهار، والبُذورُ تُفَرِّخُ وتَنْمو وهو لا يَعرِفُ كَيف. ٢٨ فالأرضُ وَحْدَها تُنَمِّي النَّبتَةَ تَدريجِيًّا: أوَّلًا السَّاق، ثُمَّ السُّنبُلَة، وفي الآخِرِ الحُبوبَ النَّاضِجَة في السُّنبُلَة. ٢٩ وحالَما يَصيرُ المَحصولُ جاهِزًا، يَحصُدُهُ بِالمِنجَلِ لِأنَّ وَقتَ الحَصادِ أتى».
٣٠ وتابَعَ قائِلًا: «بِماذا نُشَبِّهُ مَملَكَةَ اللّٰه، وبِأيِّ مَثَلٍ نُوَضِّحُها؟ ٣١ إنَّها تُشبِهُ حَبَّةَ خَردَل. فحينَ تُزرَع، تَكونُ الأصغَرَ بَينَ جَميعِ البُذورِ الَّتي على الأرض. + ٣٢ ولكنْ بَعدَ زَرعِها، تَنْمو وتَصيرُ أكبَرَ مِن باقي كُلِّ نَباتاتِ البَساتين، وتُصبِحُ أغصانُها كَبيرَة، حتَّى إنَّ طُيورَ السَّماءِ تَقدِرُ أن تَسكُنَ في ظِلِّها».
٣٣ لقد كانَ يُعَلِّمُهُم كَلامَ اللّٰهِ بِأمثالٍ كَثيرَة + مِثلِ هذِه، على قَدْرِ ما كانوا يَستَطيعونَ أن يَفهَموا. ٣٤ فهو لم يَكُنْ يَتَكَلَّمُ معهُم بِدونِ أمثال. لكنَّهُ كانَ يَشرَحُ لِتَلاميذِهِ كُلَّ شَيءٍ على انفِراد. +
٣٥ وفي ذلِكَ اليَوم، عِندَما صارَ المَساء، قالَ لهُم: «تَعالَوْا نَعبُرُ إلى الشَّاطِئِ الآخَرِ مِنَ البُحَيرَة». + ٣٦ وبَعدَما قالوا لِلجُموعِ أن تَذهَب، أخَذوهُ في المَركَبِ الَّذي كانَ فيه، وأبحَرَت معهُ مَراكِبُ أُخْرى أيضًا. + ٣٧ وهَبَّت رِياحٌ عَنيفَة جِدًّا، وصارَتِ الأمواجُ تَضرِبُ المَركَبَ لِدَرَجَةِ أنَّهُ كانَ سيَمتَلِئُ بِالماء. + ٣٨ أمَّا يَسُوع فكانَ نائِمًا على المِخَدَّةِ * في الجُزْءِ الخَلفِيِّ مِنَ المَركَب. فأيقَظوهُ مِنَ النَّومِ وقالوا له: «يا مُعَلِّم، ألَا يَهُمُّكَ أنَّنا سنَموت؟». ٣٩ فقامَ وصاحَ على الرِّياحِ وقالَ لِمِياهِ البُحَيرَة: «هُس! إهدَإي!». + فتَوَقَّفَتِ الرِّياحُ وحَدَثَ هُدوءٌ عَظيم. ٤٠ وقالَ لهُم: «لِماذا أنتُم خائِفونَ لِهذِهِ الدَّرَجَة؟ * ألَمْ تُؤْمِنوا بَعد؟». ٤١ لكنَّهُم شَعَروا بِخَوفٍ غَيرِ عادِيّ، وقالوا بَعضُهُم لِبَعض: «مَن هو هذا الإنسان؟! حتَّى الرِّياحُ والمِياهُ تُطيعُه!». +
٥ ووَصَلوا إلى الجِهَةِ الأُخْرى مِنَ البُحَيرَة، إلى مِنطَقَةِ الجِرَاسِيِّين. + ٢ وحالَما خَرَجَ يَسُوع مِنَ المَركَب، لاقاهُ مِن بَينِ القُبورِ * رَجُلٌ يُسَيطِرُ علَيهِ روحٌ شِرِّير. * ٣ وكانَ يَعيشُ بَينَ القُبور. ولم يَقدِرْ أحَدٌ أبَدًا أن يُبْقِيَهُ مُقَيَّدًا، ولا حتَّى بِسِلسِلَة. ٤ فمع أنَّهُم رَبَطوهُ مَرَّاتٍ كَثيرَة بِالقُيودِ والسَّلاسِل، كانَ يَقطَعُ السَّلاسِلَ ويُكَسِّرُ القُيود، ولم يَقدِرْ أحَدٌ أن يَضبُطَه. ٥ وكانَ طولَ اللَّيلِ والنَّهارِ يَصرُخُ بَينَ القُبورِ وفي الجِبالِ ويُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالحِجارَة. ٦ ولكنْ عِندَما رَأى يَسُوع مِن بَعيد، رَكَضَ وسَجَدَ أمامَه. + ٧ وصَرَخَ بِصَوتٍ عالٍ: «ماذا تُريدُ مِنِّي يا يَسُوع، يا ابْنَ اللّٰهِ العالي على كُلِّ شَيء؟ أُحَلِّفُكَ بِاللّٰهِ أن لا تُعَذِّبَني». + ٨ فيَسُوع كانَ يَقولُ له: «أُخرُجْ مِنَ الرَّجُلِ أيُّها الرُّوحُ الشِّرِّير». + ٩ وسَألَه: «ما اسْمُك؟». فأجاب: «إسْمي فِرقَة، * لِأنَّنا كَثيرون». ١٠ وظَلَّ يَتَرَجَّى يَسُوع أن لا يُرسِلَ الأرواحَ إلى خارِجِ المِنطَقَة. +
١١ وكانَ هُناك قَطيعٌ كَبيرٌ مِنَ الخَنازيرِ + يَرْعى عِندَ الجَبَل. + ١٢ فتَرَجَّتهُ الأرواح: «أَرسِلْنا إلى الخَنازيرِ لِنَدخُلَ فيها». ١٣ فسَمَحَ لها. فخَرَجَتِ الأرواحُ الشِّرِّيرَة مِنَ الرَّجُلِ ودَخَلَت في الخَنازير. فرَكَضَ القَطيعُ وسَقَطَ مِن على مُنحَدَرٍ شَديدٍ إلى البُحَيرَةِ وغَرِقَ فيها. وكانَ عَدَدُ الخَنازيرِ ٠٠٠,٢ تَقريبًا. ١٤ أمَّا رُعاةُ الخَنازيرِ فهَرَبوا ونَشَروا الخَبَرَ في المَدينَةِ والأرياف، فذَهَبَ النَّاسُ لِيَرَوْا ماذا حَصَل. + ١٥ وجاؤُوا إلى يَسُوع، ورَأَوُا الرَّجُلَ الَّذي كانَت تُسَيطِرُ علَيهِ الفِرقَةُ مِنَ الشَّيَاطِينِ جالِسًا ولابِسًا ثِيابَهُ وبِكامِلِ عَقلِه، فخافوا. ١٦ والَّذينَ رَأَوُا الحادِثَةَ أخبَروهُم عن ما حَصَلَ لِلرَّجُلِ الَّذي كانَ تَحتَ سَيطَرَةِ الشَّيَاطِينِ وعنِ الخَنازير. ١٧ فتَرَجَّوْا يَسُوع أن يُغادِرَ مِنطَقَتَهُم. +
١٨ وفيما كانَ يَسُوع يَصعَدُ إلى المَركَب، تَرَجَّاهُ الرَّجُلُ الَّذي كانَ تَحتَ سَيطَرَةِ الشَّيَاطِينِ أن يَأخُذَهُ معه. + ١٩ لكنَّ يَسُوع لم يَسمَحْ له، بل قال: «إذهَبْ إلى بَيتِكَ وإلى أقارِبِك، وأَخبِرْهُم بِكُلِّ ما عَمِلَهُ يَهْوَه لكَ وكَيفَ رَحِمَك». ٢٠ فذَهَبَ الرَّجُلُ وبَدَأ يُخبِرُ في الدِّكَابُولِيس * عن كُلِّ ما فَعَلَهُ لهُ يَسُوع، فاندَهَشَ الجَميع.
٢١ ورَجَعَ يَسُوع بِالمَركَبِ إلى الشَّاطِئِ المُقابِل. فتَجَمَّعَت حَولَهُ جُموعٌ كَبيرَة فيما كانَ لا يَزالُ على الشَّاطِئ. + ٢٢ وجاءَ واحِدٌ مِن رُؤَساءِ المَجمَعِ اسْمُهُ يَايِرُس. ولمَّا رَأى يَسُوع، رَمى نَفْسَهُ عِندَ قَدَمَيْه. + ٢٣ وتَرَجَّاهُ كَثيرًا وقال: «إبْنَتي الصَّغيرَة على وَشْكِ أن تَموت. * مِن فَضلِك، تَعالَ وضَعْ يَدَيْكَ علَيها + لِكَي تُشْفى وتَعيش». ٢٤ فذَهَبَ يَسُوع معه. وكانَت جُموعٌ كَبيرَة تَتبَعُهُ وتَزدَحِمُ حَولَه.
٢٥ وكانَت هُناكَ امرَأةٌ لَدَيها نَزيفُ دَمٍ + مُنذُ ١٢ سَنَة. + ٢٦ وقد تَعَذَّبَت جِدًّا * مع أطِبَّاءَ كَثيرينَ وصَرَفَت كُلَّ ما تَملِك. لكنَّها لم تَتَحَسَّنْ بل صارَت أسوَأ. ٢٧ ولمَّا سَمِعَتِ الأخبارَ عن يَسُوع، اقتَرَبَت إلَيهِ مِنَ الوَراءِ مِن بَينِ الجُموعِ ولَمَسَت ثَوبَه. + ٢٨ فقد قالَت: «إذا لَمَستُ ولَو ثَوبَهُ فسَأُشْفى». + ٢٩ فتَوَقَّفَ فَوْرًا نَزيفُ دَمِها، وأحَسَّت أنَّ جِسمَها شُفِيَ مِن مَرَضِها المُؤْلِم.
٣٠ وفي الحال، شَعَرَ يَسُوع في داخِلِهِ أنَّ قُوَّةً + خَرَجَت مِنه. فالْتَفَتَ إلى الجُموعِ وسَأل: «مَن لَمَسَ ثَوبي؟». + ٣١ فقالَ لهُ تَلاميذُه: «أنتَ تَرى الجُموعَ تَزدَحِمُ حَولَكَ وتَسأل: ‹مَن لَمَسَني؟›». ٣٢ لكنَّهُ كانَ يَنظُرُ حَولَهُ لِيَرى مَن فَعَلَ ذلِك. ٣٣ أمَّا المَرأةُ الَّتي عَرَفَت ما حَصَلَ لها فكانَت تَرجُفُ مِنَ الخَوف. فأتَت ورَمَت نَفْسَها أمامَهُ وأخبَرَتهُ الحَقيقَةَ كُلَّها. ٣٤ فقالَ لها: «يا ابْنَة، إيمانُكِ شَفاكِ. إذهَبي بِسَلام، + وكوني سَليمَةً مِن مَرَضِكِ المُؤْلِم». +
٣٥ وفيما هو يَتَكَلَّم، جاءَ رِجالٌ مِن بَيتِ رَئيسِ المَجمَعِ وقالوا له: «إبْنَتُكَ ماتَت. لا داعي أن تُتعِبَ المُعَلِّمَ بَعد». + ٣٦ لكنَّ يَسُوع سَمِعَ ما قالوه، فقالَ لِرَئيسِ المَجمَع: «لا تَخَف، * آمِنْ فَقَط». + ٣٧ ولم يَسمَحْ لِأحَدٍ أن يُرافِقَهُ إلَّا بُطْرُس ويَعْقُوب وأخاهُ يُوحَنَّا. +
٣٨ ولمَّا وَصَلوا إلى بَيتِ رَئيسِ المَجمَع، رَأى يَسُوع النَّاسَ في بَلبَلَةٍ وكانوا يَبْكونَ ويُوَلوِلونَ بِصَوتٍ عالٍ. + ٣٩ فدَخَلَ وقالَ لهُم: «لِماذا كُلُّ هذا البُكاءِ والبَلبَلَة؟ البِنتُ لم تَمُت، بل هي نائِمَة». + ٤٠ فضَحِكوا علَيه. أمَّا هو فأخرَجَ الجَميع، ثُمَّ أخَذَ أبا البِنتِ وأُمَّها والَّذينَ معهُ ودَخَلَ إلى المَكانِ الَّذي كانَت فيهِ البِنت. ٤١ وأمسَكَ بِيَدِها وقالَ لها: «طَالِيثَا قُومِي»، الَّذي يَعْني: «يا صَغيرَة، أقولُ لكِ: قومي!». + ٤٢ فقامَت فَوْرًا وبَدَأَت تَمْشي. (وكانَ عُمرُها ١٢ سَنَة.) وحالَما رَأَوْا ذلِك، طاروا مِنَ الفَرَح. ٤٣ وأمَرَهُم أكثَرَ مِن مَرَّةٍ * أن لا يَعرِفَ أحَدٌ بِذلِك، + وطَلَبَ أن يُعْطوا البِنتَ شَيئًا لِتَأكُلَه.
٦ ورَحَلَ مِن هُناك وجاءَ إلى مِنطَقَتِه، + وكانَ تَلاميذُهُ معه. ٢ ولمَّا أتى يَومُ السَّبت، بَدَأ يُعَلِّمُ في المَجمَع. فاندَهَشَ مُعظَمُ الَّذينَ سَمِعوهُ وقالوا: «مِن أينَ لهُ هذا؟ + لِماذا أُعْطِيَت لهُ هذِهِ الحِكمَة، وكَيفَ يَقدِرُ أن يَصنَعَ هذِهِ الأعمالَ العَظيمَة؟ *+ ٣ ألَيسَ هذا هوَ النَّجَّارَ + ابْنَ مَرْيَم + وأخا يَعْقُوب + ويُوسُف ويَهُوذَا وسِمْعَان؟ + ألَا تَعيشُ أخَواتُهُ * هُنا معنا؟». فكانَ ذلِك عائِقًا جَعَلَهُم يَرفُضونَه. * ٤ لكنَّ يَسُوع قالَ لهُم: «النَّبِيُّ مُكَرَّمٌ في كُلِّ مَكانٍ إلَّا في مَوْطِنِهِ وبَينَ أقارِبِهِ وفي بَيتِه». + ٥ لِذلِك لم يَقدِرْ أن يَصنَعَ أيَّ أعمالٍ عَظيمَة هُناك، بِاستِثناءِ أنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ على مَرْضى قَليلينَ وشَفاهُم. ٦ وتَعَجَّبَ بِسَبَبِ عَدَمِ إيمانِهِم. ثُمَّ ذَهَبَ في جَولَةٍ في القُرى لِيُعَلِّمَ النَّاس. +
٧ واستَدْعى الاثنَيْ عَشَر، وبَدَأ يُرسِلُهُمُ اثنَيْنِ اثنَيْن، + وأعْطاهُم سُلطَةً على الأرواحِ الشِّرِّيرَة. *+ ٨ وأوْصاهُم أن لا يَحمِلوا معهُم شَيئًا لِلطَّريقِ إلَّا عُكَّازًا، لا خُبزًا ولا حَقيبَةَ طَعامٍ ولا نُقودًا * في أحزِمَتِهِم + ٩ ولا ثَوبًا إضافِيًّا، * بل أن يَلبَسوا حِذاءَهُم فَقَط. ١٠ وقالَ لهُم: «كُلُّ بَيتٍ تَدخُلونَ إلَيه، ابْقَوْا فيهِ حتَّى تُغادِروا المِنطَقَة. + ١١ وكُلُّ مِنطَقَةٍ لا يَستَقبِلُكُم فيها النَّاسُ أو يَسمَعونَ لكُم، فعِندَ خُروجِكُم مِنها، انفُضوا التُّرابَ الَّذي على أقدامِكُم كشَهادَةٍ ضِدَّهُم». + ١٢ فانطَلَقوا وصاروا يَدْعونَ النَّاسَ أن يَتوبوا. + ١٣ وأخرَجوا شَيَاطِينَ كَثيرَة، + ودَهَنوا بِالزَّيتِ مَرْضى كَثيرينَ وشَفَوْهُم.
١٤ وسَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُس * بِذلِك لِأنَّ اسْمَ يَسُوع صارَ مَعروفًا. وكانَ النَّاسُ يَقولون: «يُوحَنَّا المُعَمِّد قامَ مِنَ المَوت، ولِهذا السَّبَبِ يَقدِرُ أن يَصنَعَ هذِهِ الأعمالَ العَظيمَة». + ١٥ وقالَ آخَرون: «إنَّهُ إيلِيَّا». وقالَ غَيرُهُم: «هو نَبِيٌّ مِثلُ أحَدِ الأنبِياءِ في الماضي». + ١٦ ولكنْ لمَّا سَمِعَ هِيرُودُس ذلِك، قال: «هذا يُوحَنَّا الَّذي قَطَعتُ رَأسَه. لقد قام». ١٧ فهِيرُودُس هوَ الَّذي قَبَضَ على يُوحَنَّا مِن قَبل وقَيَّدَهُ وسَجَنَه، وذلِك مِن أجْلِ هِيرُودِيَّا زَوجَةِ أخيهِ فِيلِبُّس. فقد تَزَوَّجَها، + ١٨ ويُوحَنَّا كانَ يَقولُ له: «لا يَحِقُّ لكَ أن تَتَزَوَّجَ زَوجَةَ أخيك». + ١٩ لِذلِك كانَت هِيرُودِيَّا حاقِدَةً علَيهِ وتُريدُ أن تَقتُلَه، لكنَّها لم تَقدِر. ٢٠ فهِيرُودُس كانَ يَخافُ مِن يُوحَنَّا لِأنَّهُ يَعرِفُ أنَّهُ رَجُلٌ مُستَقيمٌ وقُدُّوس، + وكانَ يَحْميه. وكُلَّما استَمَعَ إلَيه، كانَ يَحتارُ ولا يَعرِفُ ماذا يَفعَلُ به. مع ذلِك، كانَ يُحِبُّ أن يَستَمِعَ إلَيه.
٢١ ولكنْ جاءَتِ الفُرصَةُ لِهِيرُودِيَّا عِندَما عَمِلَ هِيرُودُس عَشاءً في عيدِ ميلادِهِ + لِرِجالِهِ أصحابِ المَراكِزِ العالِيَة، والقادَةِ العَسكَرِيِّين، وأبرَزِ الشَّخصِيَّاتِ في الجَلِيل. + ٢٢ ودَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا ورَقَصَت، ففَرَّحَت هِيرُودُس وضُيوفَه. * فقالَ المَلِكُ لِلصَّبِيَّة: «أُطلُبي مِنِّي أيَّ شَيءٍ تُريدينَه، وسَأُعْطيهِ لكِ». ٢٣ وحَلَفَ لها: «سأُعْطيكِ أيَّ شَيءٍ تَطلُبينَهُ مِنِّي، حتَّى لَو كانَ نِصفَ مَملَكَتي». ٢٤ فخَرَجَت وقالَت لِأُمِّها: «ماذا أطلُب؟». أجابَتها: «رَأسَ يُوحَنَّا المُعَمِّد». ٢٥ وفي الحال، أسرَعَت إلى المَلِكِ وطَلَبَت قائِلَة: «أُريدُ أن تُحضِرَ لي فَوْرًا رَأسَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان على طَبَقٍ كَبير». + ٢٦ فحَزِنَ المَلِكُ جِدًّا، لكنَّهُ لم يُرِدْ أن يَرفُضَ طَلَبَها لِأنَّهُ حَلَفَ أمامَ ضُيوفِه. * ٢٧ فأرسَلَ المَلِكُ على الفَوْرِ واحِدًا مِنَ الحَرَسِ الخاصِّ وأمَرَهُ أن يَجلُبَ رَأسَ يُوحَنَّا. فذَهَبَ وقَطَعَ رَأسَهُ في السِّجن، ٢٨ وجَلَبَ رَأسَهُ على طَبَقٍ كَبير، وأعْطاهُ لِلصَّبِيَّةِ وهي أعْطَتهُ لِأُمِّها. ٢٩ ولمَّا سَمِعَ تَلاميذُهُ ذلِك، جاؤُوا وأخَذوا جُثَّتَهُ ووَضَعوها في قَبر. *
٣٠ واجتَمَعَ الرُّسُلُ حَولَ يَسُوع وأخبَروهُ كُلَّ ما فَعَلوهُ وعَلَّموه. + ٣١ فقالَ لهُم: «تَعالَوْا نَذهَبُ وَحْدَنا إلى مَكانٍ مُنعَزِلٍ لِتَرتاحوا قَليلًا». + فلِأنَّ كَثيرينَ كانوا يَجيئونَ ويَروحون، لم يَكُنْ لَدَيهِم وَقتٌ حتَّى لِيَأكُلوا. ٣٢ فذَهَبوا في المَركَبِ إلى مَكانٍ مُنعَزِلٍ لِيَكونوا وَحْدَهُم. + ٣٣ لكنَّ النَّاسَ رَأَوْهُم ذاهِبينَ وعَرَفَ كَثيرونَ بِذلِك. فرَكَضوا معًا مِن كُلِّ المُدُنِ على أقدامِهِم، وسَبَقوهُم إلى هُناك. ٣٤ ولمَّا نَزَلَ يَسُوع مِنَ المَركَب، رَأى جُموعًا كَثيرَة. فأشفَقَ علَيهِم + لِأنَّهُم كانوا مِثلَ خِرافٍ لا راعي لها، + وبَدَأ يُعَلِّمُهُم أشياءَ كَثيرَة. +
٣٥ وتَأخَّرَ الوَقت، فاقتَرَبَ إلَيهِ تَلاميذُهُ وقالوا له: «هذا المَكانُ مُنعَزِل، وقد تَأخَّرَتِ السَّاعَة. + ٣٦ قُلْ لهُم أن يَذهَبوا إلى الأريافِ والقُرى المُحيطَة كَي يَشتَروا شَيئًا يَأكُلونَه». + ٣٧ فأجابَهُم: «أَعْطوهُم أنتُم شَيئًا يَأكُلونَه». فقالوا له: «هل تُريدُنا أن نَذهَبَ ونَشتَرِيَ خُبزًا بـ ٢٠٠ دينارٍ ونُعْطِيَهُم لِيَأكُلوا؟!». + ٣٨ قالَ لهُم: «كم رَغيفًا عِندَكُم؟ إذهَبوا وانظُروا». ولمَّا عَرَفوا ما عِندَهُم، قالوا: «خَمسَةُ أرغِفَةٍ وسَمَكَتان». + ٣٩ فطَلَبَ مِنَ الكُلِّ أن يَجلِسوا في مَجموعاتٍ على العُشبِ الأخضَر. + ٤٠ فجَلَسوا في مَجموعاتٍ بَعضُها مِن ١٠٠ شَخصٍ وبَعضُها مِن ٥٠. ٤١ وأخَذَ الأرغِفَةَ الخَمسَة والسَّمَكَتَيْنِ ورَفَعَ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وصَلَّى. *+ ثُمَّ كَسَرَ الأرغِفَةَ وأعْطاها لِلتَّلاميذِ لِيُوَزِّعوها على النَّاس. وقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ أيضًا علَيهِم كُلِّهِم. ٤٢ فأكَلَ الجَميعُ وشَبِعوا. ٤٣ وجَمَعوا ١٢ سَلَّةً مَلآنَة بِقِطَعِ الخُبز، بِالإضافَةِ إلى ما تَبَقَّى مِنَ السَّمَك. + ٤٤ وكانَ عَدَدُ الَّذينَ أكَلوا مِنَ الأرغِفَةِ ٠٠٠,٥ رَجُل.
٤٥ وفي الحال، قالَ لِتَلاميذِهِ أن يَصعَدوا إلى المَركَبِ ويَسبِقوهُ إلى الشَّطِّ المُقابِلِ بِاتِّجاهِ بَيْت صَيْدَا، فيما طَلَبَ هو مِنَ الجُموعِ أن تُغادِر. + ٤٦ وبَعدَما وَدَّعَهُم، ذَهَبَ إلى جَبَلٍ لِيُصَلِّي. + ٤٧ ولمَّا صارَ المَساء، كانَ المَركَبُ في وَسَطِ البُحَيرَة، وهو وَحْدَهُ على البَرّ. + ٤٨ وعِندَما رَأى التَّلاميذَ يَتَعَذَّبونَ في التَّجذيفِ لِأنَّ الرِّياحَ كانَت ضِدَّهُم، ذَهَبَ إلَيهِم قَبلَ الفَجرِ * ماشِيًا على البُحَيرَة. وبَدا أنَّهُ يُريدُ * أن يَتَجاوَزَهُم. ٤٩ ولمَّا رَأَوْهُ يَمْشي على المِياه، قالوا: «إنَّهُ خَيال!»، وصَرَخوا. ٥٠ فقد رَأَوْهُ كُلُّهُم وارتَبَكوا. لكنَّهُ قالَ لهُم فَوْرًا: «كونوا شُجعانًا. هذا أنا، لا تَخافوا». + ٥١ وصَعِدَ إلَيهِم إلى المَركَب، فهَدَأَتِ الرِّياح. عِندَئِذٍ اندَهَشوا كَثيرًا، ٥٢ لِأنَّهُم لم يَفهَموا مَعْنى عَجيبَةِ الأرغِفَة. فعَقلُهُم * لم يَكُنْ قادِرًا بَعد أن يَستَوعِبَ كُلَّ شَيء.
٥٣ وعَبَروا البُحَيرَةَ ووَصَلوا إلى البَرِّ إلى مَكانٍ يُسَمَّى «جِنِّيسَارِت»، وثَبَّتوا السَّفينَةَ قَريبًا مِن هُناك. + ٥٤ وحالَما خَرَجوا مِنَ المَركَب، عَرَفَهُ النَّاس. ٥٥ فذَهَبوا بِسُرعَةٍ وداروا في كُلِّ تِلكَ المِنطَقَة، وبَدَأوا يَجلُبونَ المَرْضى على فِراشِهِم إلى كُلِّ مَكانٍ سَمِعوا أنَّ يَسُوع فيه. ٥٦ وأينَما ذَهَب، إن كانَ إلى قَريَةٍ أو مَدينَةٍ أو ريف، كانوا يَضَعونَ المَرْضى في ساحاتِ الأسواقِ ويَتَرَجَّوْنَهُ أن يَلمُسوا ولَو طَرَفَ ثَوبِه. + وكُلُّ الَّذينَ لَمَسوهُ شُفوا.
٧ واجتَمَعَ حَولَهُ الفَرِّيسِيُّونَ وعَدَدٌ مِنَ الكَتَبَةِ الَّذينَ جاؤُوا مِن أُورُشَلِيم. + ٢ ورَأَوْا بَعضَ تَلاميذِهِ يَأكُلونَ طَعامَهُم بِأيْدٍ نَجِسَة، أي غَيرِ مَغسولَة. * ٣ (فالفَرِّيسِيُّونَ وكُلُّ اليَهُودِ لا يَأكُلونَ إلَّا إذا غَسَلوا أيْدِيَهُم حتَّى الكوع، لِأنَّهُم يَتَمَسَّكونَ بِتَقليدِ آبائِهِم. ٤ وعِندَما يَرجِعونَ مِنَ السُّوق، لا يَأكُلونَ إلَّا إذا اغتَسَلوا. وهُناك تَقاليدُ أُخْرى كَثيرَة وَرِثوها وتَمَسَّكوا بها، مِثلُ تَغطيسِ * الكُؤوسِ والأباريقِ والأواني النُّحاسِيَّة بِالماء.) + ٥ فسَألَهُ هؤُلاءِ الفَرِّيسِيُّونَ والكَتَبَة: «لِماذا لا يَلتَزِمُ تَلاميذُكَ بِتَقليدِ آبائِنا؟ لِماذا يَأكُلونَ طَعامَهُم بِأيْدٍ نَجِسَة؟». + ٦ فقالَ لهُم: «يا مُنافِقون، صَدَقَ إشَعْيَا حينَ تَنَبَّأَ عنكُم وكَتَب: ‹هذا الشَّعبُ يُكرِمُني بِشَفَتَيْه، أمَّا قَلبُهُ فبَعيدٌ جِدًّا عنِّي. + ٧ عِبادَتُهُم لي بِلا فائِدَة، لِأنَّ تَعاليمَهُم هي وَصايا بَشَر›. + ٨ أنتُم تَترُكونَ وَصِيَّةَ اللّٰهِ وتَتَمَسَّكونَ بِتَقاليدِ النَّاس». +
٩ ثُمَّ قالَ لهُم: «أنتُم بارِعونَ في تَجاهُلِ وَصِيَّةِ اللّٰهِ كَي تُحافِظوا على تَقاليدِكُم. + ١٠ مَثَلًا، قالَ مُوسَى: ‹أَكرِمْ أباكَ وأُمَّك›، + وأيضًا: ‹مَن يَسُبُّ * أباهُ أو أُمَّه، يَجِبُ أن يُقتَل›. + ١١ أمَّا أنتُم فتَقولون: ‹إذا قالَ أحَدٌ لِأبيهِ أو أُمِّه: «لا أقدِرُ أن أُساعِدَكُما لِأنَّ ما أملِكُهُ هو قُربان (أي هَدِيَّةٌ مُخَصَّصَة لِلّٰه)»›، ١٢ فهذا الشَّخصُ لا تَدَعونَهُ يَعمَلُ أيَّ شَيءٍ لِأبيهِ أو أُمِّه. + ١٣ وهكَذا تَتَجاهَلونَ كَلامَ اللّٰهِ بِسَبَبِ تَقاليدِكُمُ الَّتي نَقَلتُموها لِلآخَرين. + وأنتُم تَعمَلونَ أُمورًا كَثيرَة مِثلَ هذِه». + ١٤ ثُمَّ دَعا الجُموعَ إلَيهِ مَرَّةً أُخْرى وقالَ لهُم: «إسمَعوا لي كُلُّكُم وافهَموا كَلامي. + ١٥ لا شَيءَ يَدخُلُ إلى الإنسانِ مِنَ الخارِجِ يُمكِنُ أن يُنَجِّسَه، بل ما يَخرُجُ مِنَ الإنسانِ هوَ الَّذي يُنَجِّسُه». + ١٦ —
١٧ ولمَّا تَرَكَ الجُموعَ ودَخَلَ إلى بَيت، سَألَهُ تَلاميذُهُ عن مَعْنى ما قالَه. *+ ١٨ فقالَ لهُم: «أنتُم أيضًا لا تَفهَمونَ مِثلَهُم؟ ألَا تَعرِفونَ أنْ لا شَيءَ يَدخُلُ إلى الإنسانِ مِنَ الخارِجِ يُمكِنُ أن يُنَجِّسَه؟ ١٩ فهو لا يَدخُلُ إلى قَلبِه، بل إلى مِعدَتِه، ثُمَّ يَخرُجُ مِن جِسمِه». وهكَذا أظهَرَ أنَّ كُلَّ الأطعِمَةِ طاهِرَة. ٢٠ ثُمَّ قال: «ما يَخرُجُ مِنَ الإنسانِ هوَ الَّذي يُنَجِّسُه. + ٢١ فمِنَ الدَّاخِل، مِن قُلوبِ النَّاس، + تَخرُجُ أفكارٌ مُؤْذِيَة: عَهارَة، * سَرِقَة، قَتل، ٢٢ زِنًى، طَمَع، أعمالٌ شِرِّيرَة، خِداع، فُجور، * عَيْنٌ حَسودَة، تَجديف، تَكَبُّر، وحَماقَة. ٢٣ كُلُّ هذِهِ الأُمورِ الشِّرِّيرَة تَخرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وتُنَجِّسُ الإنسان».
٢٤ وانتَقَلَ مِن هُناك إلى مِنطَقَةِ صُور وصَيْدُون. + فدَخَلَ إلى بَيتٍ ولم يَكُنْ يُريدُ أن يَعرِفَ أحَدٌ بِذلِك. لكنَّهُ لم يَقدِرْ أن يُخْفِيَ الأمر. ٢٥ وعلى الفَوْر، سَمِعَت عنهُ امرَأةٌ كانَ في ابْنَتِها الصَّغيرَة روحٌ شِرِّير. * فجاءَت ورَمَت نَفْسَها عِندَ قَدَمَيْه. + ٢٦ وكانَتِ المَرأةُ يُونَانِيَّة، جِنسِيَّتُها * سُورِيَّة فِينِيقِيَّة. وظَلَّت تَطلُبُ مِنهُ أن يُخرِجَ الشَّيْطَان مِنِ ابْنَتِها. ٢٧ لكنَّهُ قالَ لها: «أُترُكي الأوْلادَ أوَّلًا يَشبَعون، لِأنَّهُ لا يَجوزُ أن يُؤْخَذَ خُبزُ الأوْلادِ ويُرْمى إلى صِغارِ الكِلاب». + ٢٨ فأجابَته: «صَحيحٌ يا سَيِّد، ولكنْ حتَّى صِغارُ الكِلابِ الَّتي تَحتَ الطَّاوِلَةِ تَأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الَّذي يوقِعُهُ الأوْلاد». ٢٩ عِندَئِذٍ قالَ لها: «لِأنَّكِ قُلتِ هذا، اذهَبي، فالشَّيْطَان خَرَجَ مِنِ ابْنَتِكِ». + ٣٠ فرَجَعَت إلى بَيتِها ووَجَدَتِ ابْنَتَها مُمَدَّدَةً على السَّريرِ والشَّيْطَان قد خَرَجَ مِنها. +
٣١ وتَرَكَ يَسُوع مِنطَقَةَ صُور، ومَرَّ في صَيْدُون ثُمَّ في مِنطَقَةِ الدِّكَابُولِيس، * وجاءَ إلى بُحَيرَةِ الجَلِيل. + ٣٢ فأحضَروا إلَيهِ رَجُلًا أصَمَّ ولَدَيهِ مُشكِلَةٌ في النُّطْق، + وتَرَجَّوْهُ أن يَضَعَ يَدَهُ علَيه. ٣٣ فأخَذَهُ يَسُوع على انفِرادٍ بَعيدًا عنِ الجُموع. ووَضَعَ إصبَعَيْهِ في أُذُنَيِ الرَّجُل، ثُمَّ بَصَقَ ولَمَسَ لِسانَ الرَّجُل. + ٣٤ ورَفَعَ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وتَنَهَّدَ بِعُمقٍ وقالَ له: «إفَّثَا»، أي: «إنفَتِح!». ٣٥ فانفَتَحَت أُذُناه، + وانحَلَّت مُشكِلَةُ نُطْقِه، وبَدَأ يَتَكَلَّمُ بِطَريقَةٍ طَبيعِيَّة. ٣٦ وأمَرَ يَسُوع النَّاسَ أن لا يُخبِروا أحَدًا. + ولكنْ كُلَّما أمَرَهُم بِذلِك، كانوا يَنشُرونَ الخَبَرَ أكثَر. + ٣٧ وقالوا وهُم مُندَهِشونَ اندِهاشًا عَظيمًا: + «كُلُّ أعمالِهِ رائِعَة. حتَّى إنَّهُ يَجعَلُ الصُّمَّ يَسمَعونَ والخُرسَ يَتَكَلَّمون». +
٨ وخِلالَ تِلكَ الأيَّام، تَجَمَّعَت جُموعٌ كَبيرَة مَرَّةً أُخْرى، ولم يَكُنْ معهُم شَيءٌ لِيَأكُلوه. فاستَدْعى يَسُوع التَّلاميذَ وقالَ لهُم: ٢ «إنِّي أُشفِقُ على النَّاس، + فهُم معي مُنذُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ ولَيسَ عِندَهُم ما يَأكُلونَه. + ٣ وإذا أرسَلتُهُم إلى بُيوتِهِم جائِعين، * فسَيُغْمى علَيهِم في الطَّريق. وبَعضُهُم جاؤُوا مِن أماكِنَ بَعيدَة». ٤ فأجابَهُ تَلاميذُه: «نَحنُ في مَكانٍ مُنعَزِل، فمِن أينَ سيَجلُبُ أحَدٌ خُبزًا كافِيًا لِيُشبِعَ هؤُلاءِ النَّاس؟». ٥ فسَألَهُم: «كم رَغيفًا عِندَكُم؟». قالوا: «سَبعَة». + ٦ فطَلَبَ مِنَ الجُموعِ أن يَجلِسوا على الأرض. ثُمَّ أخَذَ الأرغِفَةَ السَّبعَة، وشَكَرَ اللّٰه، وكَسَرَ الأرغِفَة، وأعْطاها لِتَلاميذِهِ لِيُوَزِّعوها، فوَزَّعوها على الجُموع. + ٧ وكانَ معهُم أيضًا بَعضُ السَّمَكاتِ الصَّغيرَة، فصَلَّى * ثُمَّ طَلَبَ مِنهُم أن يُوَزِّعوها أيضًا. ٨ فأكَلَ الجَميعُ وشَبِعوا. وجَمَعوا ما تَبَقَّى مِن قِطَعِ الخُبز، سَبعَ سَلَّاتٍ كَبيرَة مَلآنَة. + ٩ وكانَ هُناك ٠٠٠,٤ رَجُلٍ تَقريبًا. بَعدَ ذلِك طَلَبَ مِنهُم أن يَذهَبوا.
١٠ وفي الحال، صَعِدَ إلى المَركَبِ مع تَلاميذِهِ وذَهَبَ إلى مِنطَقَةِ دَلْمَانُوثَة. + ١١ وهُناك، أتى الفَرِّيسِيُّونَ وبَدَأوا يُجادِلونَه، فطَلَبوا مِنهُ عَلامَةً مِنَ السَّماءِ كَي يَمتَحِنوه. + ١٢ فتَنَهَّدَ مِن أعماقِ قَلبِهِ * وقال: «لِماذا يَطلُبُ هذا الجيلُ عَلامَة؟ + صِدقًا أقول: لن يُعْطى هذا الجيلُ عَلامَة». + ١٣ ثُمَّ تَرَكَهُم وصَعِدَ مِن جَديدٍ إلى المَركَبِ وذَهَبَ إلى الشَّاطِئِ المُقابِل.
١٤ لكنَّ التَّلاميذَ نَسوا أن يَأخُذوا معهُم خُبزًا، ولم يَكُنْ عِندَهُم في المَركَبِ إلَّا رَغيفٌ واحِد. + ١٥ وحَذَّرَهُم يَسُوع بِكُلِّ وُضوحٍ قائِلًا: «أَبْقوا عُيونَكُم مَفتوحَة؛ إحذَروا مِن خَميرَةِ الفَرِّيسِيِّينَ وخَميرَةِ هِيرُودُس». + ١٦ فبَدَأوا يَتَجادَلونَ بَعضُهُم مع بَعضٍ لِماذا لم يَجلُبوا خُبزًا. ١٧ فلاحَظَ ذلِك وقالَ لهُم: «لِماذا تَتَجادَلونَ لِأنَّهُ لَيسَ عِندَكُم خُبز؟ ألَا تَفهَمونَ بَعد؟ ألَا تَعرِفونَ ما أقولُه؟ ألَا يَقدِرُ عَقلُكُم * أن يَستَوعِبَ بَعد؟ ١٨ ‹لَدَيكُم عُيونٌ ولا تَرَوْن؟ لَدَيكُم آذانٌ ولا تَسمَعون؟›. ألَا تَتَذَكَّرونَ ١٩ حينَ كَسَرتُ الأرغِفَةَ الخَمسَة + للـ ٠٠٠,٥ رَجُل؟ كم سَلَّةً مَلآنَة بِقِطَعِ الخُبزِ جَمَعتُم؟». قالوا له: «١٢ سَلَّة». + ٢٠ «وحينَ كَسَرتُ الأرغِفَةَ السَّبعَة للـ ٠٠٠,٤ رَجُل، كم سَلَةً كَبيرَة مَلآنَة بِقِطَعِ الخُبزِ جَمَعتُم؟». أجابوا: «سَبعَ سَلَّات». + ٢١ فقالَ لهُم: «وما زِلتُم لا تَفهَمون؟».
٢٢ ووَصَلوا إلى بَيْت صَيْدَا. فأحضَرَ النَّاسُ إلَيهِ رَجُلًا أعْمى وتَرَجَّوْهُ أن يَلمُسَه. + ٢٣ فأمسَكَ بِيَدِ الأعْمى وأخَذَهُ إلى خارِجِ القَريَة. وبَعدَما بَصَقَ على عَيْنَيْه، + وَضَعَ يَدَيْهِ علَيهِ وسَألَه: «هل تَرى شَيئًا؟». ٢٤ فتَطَلَّعَ الرَّجُلُ وقال: «أرى النَّاس، لكنَّهُم يَبْدونَ مِثلَ أشجارٍ تَمْشي». ٢٥ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ مَرَّةً ثانِيَة على عَيْنَيِ الرَّجُل، فرَأى بِوُضوح. فقدِ استَعادَ نَظَرَهُ وصارَ يَرى كُلَّ شَيءٍ واضِحًا. ٢٦ فأرسَلَهُ إلى بَيتِهِ وقالَ له: «لا تَدخُلْ إلى القَريَة».
٢٧ وذَهَبَ يَسُوع وتَلاميذُهُ إلى قُرى قَيْصَرِيَّة فِيلِبِّي. وفي الطَّريق، سَألَ تَلاميذَه: «مَن أنا بِرَأْيِ النَّاس؟». + ٢٨ أجابوه: «يُوحَنَّا المَعْمَدَان. + لكنَّ آخَرينَ يَقولون: إيلِيَّا، + وآخَرين: واحِدٌ مِنَ الأنبِياء». ٢٩ فسَألَهُم: «وأنتُم، مَن أنا بِرَأْيِكُم؟». أجابَهُ بُطْرُس: «أنتَ المَسِيح». + ٣٠ عِندَئِذٍ أمَرَهُم بِحَزمٍ أن لا يُخبِروا أحَدًا عنه. + ٣١ وبَدَأ يُعَلِّمُهُم أنَّ ابْنَ الإنسانِ يَجِبُ أن يَتَألَّمَ كَثيرًا ويَرفُضَهُ الشُّيوخُ وكِبارُ الكَهَنَةِ والكَتَبَةُ ويُقتَل، + ثُمَّ يَقومَ بَعدَ ثَلاثَةِ أيَّام. + ٣٢ وكانَ يَقولُ ذلِك بِصَراحَة. فأخَذَهُ بُطْرُس جانِبًا وبَدَأ يُوَبِّخُه. + ٣٣ فالْتَفَتَ ونَظَرَ إلى تَلاميذِهِ ووَبَّخَ بُطْرُس قائِلًا: «إبتَعِدْ عنِّي * يا شَيْطَان، لِأنَّكَ لا تُفَكِّرُ تَفكيرَ اللّٰهِ بل تَفكيرَ النَّاس». +
٣٤ ثُمَّ دَعا الجُموعَ وتَلاميذَهُ وقالَ لهُم: «إذا أرادَ أحَدٌ أن يَتبَعَني، يَجِبُ أن يُنكِرَ نَفْسَهُ كُلِّيًّا ويَحمِلَ خَشَبَةَ آلامِهِ ويَتبَعَني دائِمًا. + ٣٥ فمَن يُريدُ أن يُخَلِّصَ حَياتَهُ * يَخسَرُها، أمَّا مَن يَخسَرُ حَياتَهُ * مِن أجْلي ومِن أجْلِ البِشارَةِ فيُخَلِّصُها. + ٣٦ ماذا يَستَفيدُ الشَّخصُ لَو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ وخَسِرَ حَياتَه؟ *+ ٣٧ وماذا يُمكِنُ أن يُعْطِيَ الشَّخصُ لِيَستَرِدَّ حَياتَه؟ *+ ٣٨ فمَن يَخجَلُ بي وبِكَلامي بَينَ هذا الجيلِ الخائِنِ * والخاطِئ، يَخجَلُ بهِ أيضًا ابْنُ الإنسانِ + حينَ يَأتي بِمَجدِ أبيهِ معَ المَلائِكَةِ القُدُّوسين». +
٩ ثُمَّ قالَ لهُم: «صِدقًا أقولُ لكُم: إنَّ بَعضَ المَوْجودينَ هُنا لن يَذوقوا المَوتَ أبَدًا قَبلَ أن يَرَوْا مَملَكَةَ اللّٰهِ قد أتَت بِقُدرَةٍ عَظيمَة». + ٢ وبَعدَ سِتَّةِ أيَّام، أخَذَ يَسُوع بُطْرُس ويَعْقُوب ويُوحَنَّا إلى جَبَلٍ عالٍ، وكانوا وَحْدَهُم. وتَغَيَّرَ مَظهَرُهُ * أمامَهُم. + ٣ فصارَت ثِيابُهُ مُشِعَّةً وبَيضاءَ جِدًّا، لِدَرَجَةِ أنَّهُ لا يُمكِنُ لِأيِّ شَخصٍ يُنَظِّفُ الثِّيابَ أن يُبَيِّضَها هكَذا. ٤ وظَهَرَ لهُم إيلِيَّا مع مُوسَى، وكانا يَتَحَدَّثانِ إلى يَسُوع. ٥ فقالَ بُطْرُس لِيَسُوع: «يا مُعَلِّم، * كم هو رائِعٌ أنَّنا هُنا! دَعْنا نَنصُبُ ثَلاثَ خِيام: واحِدَةً لكَ وواحِدَةً لِمُوسَى وواحِدَةً لِإيلِيَّا». ٦ فهو لم يَعرِفْ كَيفَ يَجِبُ أن يَتَصَرَّف، لِأنَّهُم كانوا خائِفينَ جِدًّا. ٧ وظَهَرَت غَيمَةٌ وغَطَّتهُم، وجاءَ صَوتٌ + مِنَ الغَيمَةِ يَقول: «هذا هوَ ابْني الحَبيب. + إسمَعوا له». + ٨ وفَجْأةً نَظَروا حَولَهُم ولم يَرَوْا أحَدًا معهُم إلَّا يَسُوع.
٩ وفيما هُم نازِلونَ مِنَ الجَبَل، أمَرَهُم بِحَزمٍ أن لا يُخبِروا أحَدًا بِما رَأَوْهُ + إلَّا بَعدَ أن يَقومَ ابْنُ الإنسانِ مِنَ المَوت. + ١٠ فأطاعوا كَلامَه، * لكنَّهُم تَناقَشوا في ما بَينَهُم ماذا قَصَدَ حينَ تَكَلَّمَ عن قِيامَتِهِ مِنَ المَوت. ١١ وسَألوه: «لِماذا يَقول الكَتَبَةُ إنَّ إيلِيَّا + يَجِبُ أن يَأتِيَ أوَّلًا؟». + ١٢ أجابَهُم: «فِعلًا، إيلِيَّا سيَأتي أوَّلًا ويَرُدُّ كُلَّ شَيء. + ولكنْ لِماذا كُتِبَ عنِ ابْنِ الإنسانِ أنَّهُ يَجِبُ أن يَتَألَّمَ كَثيرًا + ويُهان؟ + ١٣ أقولُ لكُم إنَّ إيلِيَّا + أتى فِعلًا، وفَعَلوا بهِ ما أرادوا، مِثلَما هو مَكتوبٌ عنه». +
١٤ ولمَّا رَجَعوا إلى باقي التَّلاميذ، رَأَوْا جُموعًا كَبيرَة حَولَهُم وبَعضَ الكَتَبَةِ يُجادِلونَهُم. + ١٥ وحالَما رَآهُ النَّاس، تَفاجَأوا كُلُّهُم ورَكَضوا لِيُسَلِّموا علَيه. ١٦ فسَألَهُم: «ما الَّذي تُجادِلونَهُم فيه؟». ١٧ أجابَهُ واحِدٌ مِنَ الجُموع: «يا مُعَلِّم، أحضَرتُ إلَيكَ ابْني لِأنَّ فيهِ روحًا يَجعَلُهُ أخرَس. + ١٨ وعِندَما يُسَيطِرُ علَيه، يَرْميهِ على الأرض. فتَخرُجُ رَغوَةٌ مِن فَمِهِ ويَشُدُّ على أسنانِهِ ولا تَعودُ عِندَهُ قُوَّة. فطَلَبتُ مِن تَلاميذِكَ أن يُخرِجوه، لكنَّهُم لم يَقدِروا». ١٩ أجابَهُم: «أيُّها الجيلُ غَيرُ المُؤْمِن، + إلى متى أبْقى معكُم؟ إلى متى أتَحَمَّلُكُم؟ أُجلُبوهُ إلَيَّ». + ٢٠ فجَلَبوا الصَّبِيَّ إلَيه. وفي الحال، لمَّا رَآهُ الرُّوح، جَعَلَ الوَلَدَ يَنتَفِض. فوَقَعَ على الأرضِ وظَلَّ يَتَقَلَّبُ والرَّغوَةُ تَخرُجُ مِن فَمِه. ٢١ فسَألَ يَسُوع والِدَ الصَّبِيّ: «مُنذُ متى يَحدُثُ لهُ هذا؟». أجابَه: «مُنذُ طُفولَتِه. ٢٢ وكَثيرًا ما يَرْميهِ الرُّوحُ في النَّار، وأيضًا في الماء، كَي يَقتُلَه. إذا كُنتَ تَقدِرُ أن تَفعَلَ شَيئًا، فأَشفِقْ علَينا وساعِدْنا». ٢٣ فقالَ لهُ يَسُوع: «إذا كُنتُ أقدِر؟! كُلُّ شَيءٍ مُمكِنٌ لِمَن عِندَهُ إيمان». + ٢٤ فصَرَخَ أبو الوَلَدِ فَوْرًا: «عِندي إيمان! ولكنْ ساعِدْني كَي يَقْوى إيماني». +
٢٥ ولمَّا رَأى يَسُوع أنَّ الجُموعَ يَركُضونَ صَوبَهُم، أمَرَ الرُّوحَ الشِّرِّيرَ * بِحَزم: «أيُّها الرُّوحُ الأخرَسُ والأصَمّ، آمُرُكَ أن تَخرُجَ مِنهُ ولا تَدخُلَ فيهِ مَرَّةً أُخْرى». + ٢٦ فصَرَخَ الرُّوحُ وجَعَلَ الوَلَدَ يَنتَفِضُ بِقُوَّة، ثُمَّ خَرَجَ مِنه. فصارَ الوَلَدُ كالمَيِّت، حتَّى إنَّ أغلَبِيَّةَ النَّاسِ قالوا إنَّهُ مات. ٢٧ لكنَّ يَسُوع أمسَكَهُ بِيَدِهِ وأقامَه، فوَقَف. ٢٨ وبَعدَما دَخَلَ إلى بَيت، سَألَهُ تَلاميذُهُ على انفِراد: «لِماذا لم نَقدِرْ نَحنُ أن نُخرِجَه؟». + ٢٩ أجابَهُم: «هذا النَّوعُ لا يَخرُجُ إلَّا بِالصَّلاة».
٣٠ ثُمَّ غادَروا مِن هُناك ومَرُّوا في الجَلِيل، لكنَّهُ لم يُرِدْ أن يَعرِفَ أحَدٌ مَكانَه. ٣١ فهو كانَ يُعَلِّمُ تَلاميذَهُ ويَقولُ لهُم: «إبْنُ الإنسانِ سيُسَلَّمُ إلى أيْدي النَّاسِ وسَيَقتُلونَه، + ولكنْ بَعدَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِن قَتلِهِ سيَقوم». + ٣٢ أمَّا هُم فلم يَفهَموا كَلامَهُ هذا، وخافوا أن يَسألوه.
٣٣ وجاؤُوا إلى كَفَرْنَاحُوم. ولمَّا صاروا في البَيت، سَألَهُم: «ما الَّذي كُنتُم تَتَجادَلونَ فيهِ على الطَّريق؟». + ٣٤ فظَلُّوا ساكِتين، لِأنَّهُم كانوا يتَجادَلونَ على الطَّريقِ بِخُصوصِ مَن هوَ الأعظَمُ بَينَهُم. ٣٥ فجَلَسَ ودَعا الاثنَيْ عَشَرَ وقالَ لهُم: «الَّذي يُريدُ أن يَكونَ الأوَّل، يَجِبُ أن يَكونَ آخِرَ الكُلِّ وخادِمًا لِلكُلّ». + ٣٦ ثُمَّ أخَذَ وَلَدًا صَغيرًا وأوْقَفَهُ بَينَهُم، وضَمَّهُ بِذِراعَيْهِ وقالَ لهُم: ٣٧ «الَّذي يَستَقبِلُ وَلَدًا صَغيرًا كهذا + مِن أجْلِ اسْمي، يَستَقبِلُني أنا أيضًا. والَّذي يَستَقبِلُني، لا يَستَقبِلُني أنا فَقَط، بلِ الَّذي أرسَلَني أيضًا». +
٣٨ وقالَ لهُ يُوحَنَّا: «يا مُعَلِّم، رَأينا شَخصًا يُخرِجُ شَيَاطِينَ بِاسْمِك، فحاوَلنا أن نَمنَعَهُ لِأنَّهُ لا يَتبَعُنا». + ٣٩ لكنَّ يَسُوع قال: «لا تُحاوِلوا أن تَمنَعوه. فلا أحَدَ يَعمَلُ عَمَلًا عَظيمًا بِاسْمي يَقدِرُ بِسُرعَةٍ أن يَقولَ عنِّي أمرًا سَيِّئًا. ٤٠ فالَّذي لَيسَ ضِدَّنا هو معنا. + ٤١ ومَن يَسْقيكُم كَأسَ ماءٍ لِأنَّكُم أتباعُ المَسِيح، + فصِدقًا أقولُ لكُم: لن يَخسَرَ مُكافَأَتَهُ أبَدًا. + ٤٢ ولكنِ الَّذي يَضَعُ عَقَبَةً أمامَ * أحَدِ هؤُلاءِ الصِّغارِ المُؤْمِنين، أحسَنُ لهُ أن يُربَطَ حَولَ رَقَبَتِهِ حَجَرُ طَحنٍ كَبيرٌ * ويُرْمى في البَحر. +
٤٣ «إذا كانَت يَدُكَ تَجعَلُكَ تُخطِئ، * فاقطَعْها. فأحسَنُ لكَ أن تَنالَ الحَياةَ وعِندَكَ يَدٌ واحِدَة، مِن أن تَكونَ عِندَكَ يَدانِ وتَذهَبَ إلى وادي هِنُّوم، إلى النَّارِ الَّتي لا تَنطَفِئ. + ٤٤ — ٤٥ وإذا كانَت رِجلُكَ تَجعَلُكَ تُخطِئ، * فاقطَعْها. فأحسَنُ لكَ أن تَنالَ الحَياةَ وعِندَكَ رِجلٌ واحِدَة، مِن أن تُرْمى في وادي هِنُّوم وعِندَكَ رِجلان. + ٤٦ — ٤٧ وإذا كانَت عَيْنُكَ تَجعَلُكَ تُخطِئ، * فارْمِها بَعيدًا. + فأحسَنُ لكَ أن تَدخُلَ إلى مَملَكَةِ اللّٰهِ وأنتَ أعوَر، مِن أن تَكونَ عِندَكَ عَيْنانِ وتُرْمى في وادي هِنُّوم، + ٤٨ حَيثُ لا يَموتُ الدُّودُ ولا تَنطَفِئُ النَّار. +
٤٩ «فكُلُّ واحِدٍ يَجِبُ أن يُمَلَّحَ بِالنَّار. + ٥٠ المِلحُ جَيِّد. ولكنْ إذا فَقَدَ مُلوحَتَه، فكَيفَ تَرُدُّونَها له؟ + لِيَكُنْ فيكُم مِلح، + وحافِظوا على السَّلامِ بَعضُكُم مع بَعض». +
١٠ وغادَرَ مِن هُناك، وجاءَ إلى حُدودِ اليَهُودِيَّة في الجِهَةِ الأُخْرى مِن نَهرِ الأُرْدُنّ. وتَجَمَّعَتِ الجُموعُ حَولَهُ مَرَّةً أُخْرى، فبَدَأ يُعَلِّمُهُم مِثلَ عادَتِه. + ٢ واقتَرَبَ مِنهُ فَرِّيسِيُّونَ كَي يَمتَحِنوه، فسَألوهُ إذا كانَ يَحِقُّ لِلرَّجُلِ أن يُطَلِّقَ زَوجَتَه. + ٣ فأجابَهُم: «ماذا أوْصاكُم مُوسَى؟». ٤ قالوا: «سَمَحَ مُوسَى بِأن يَكتُبَ الرَّجُلُ وَثيقَةَ طَلاقٍ ويُرسِلَ زَوجَتَه». + ٥ فقالَ لهُم يَسُوع: «بِسَبَبِ قَساوَةِ قُلوبِكُم + كَتَبَ لكُم هذِهِ الوَصِيَّة. + ٦ ولكنْ مِن بِدايَةِ الخَليقَة، ‹خَلَقَهُما ذَكَرًا وأُنْثى. + ٧ لِهذا السَّبَبِ يَترُكُ الرَّجُلُ أباهُ وأُمَّه، + ٨ ويَصيرُ الاثنانِ جَسَدًا واحِدًا›. + فهُما لم يَعودا اثنَيْن، بل جَسَدٌ واحِد. ٩ إذًا، ما جَمَعَهُ اللّٰهُ * لا يَجِبُ أن يُفَرِّقَهُ إنسان». + ١٠ وحينَ كانوا مُجَدَّدًا في البَيت، سَألَهُ التَّلاميذُ عن ذلِك. ١١ فقالَ لهُم: «كُلُّ مَن يُطَلِّقُ زَوجَتَهُ ويَتَزَوَّجُ غَيرَها يَزْني + ويُخطِئُ في حَقِّها. ١٢ وإذا طَلَّقَتِ امرَأةٌ زَوجَها وتَزَوَّجَت غَيرَهُ فهي تَزْني». +
١٣ وبَدَأَ النَّاسُ يَجلُبونَ إلَيهِ أوْلادًا صِغارًا لِيَضَعَ يَدَيْهِ علَيهِم، لكنَّ التَّلاميذَ وَبَّخوهُم. + ١٤ ولمَّا رَأى يَسُوع ذلِك، غَضِبَ وقالَ لهُم: «أُترُكوا الأوْلادَ الصِّغارَ يَأتونَ إلَيَّ. لا تَمنَعوهُم لِأنَّ مَملَكَةَ اللّٰهِ هي لِمِثلِ هؤُلاء. + ١٥ صِدقًا أقولُ لكُم: مَن لا يَقبَلُ مَملَكَةَ اللّٰهِ مِثلَ وَلَدٍ صَغير، فلن يَدخُلَ إلَيها أبَدًا». + ١٦ وضَمَّ الأوْلادَ بِذِراعَيْهِ ووَضَعَ يَدَيْهِ علَيهِم لِيُبارِكَهُم. +
١٧ وفيما هو في الطَّريق، رَكَضَ إلَيهِ رَجُلٌ ورَكَعَ أمامَهُ وسَألَه: «أيُّها المُعَلِّمُ الصَّالِح، ماذا علَيَّ أن أعمَلَ كَي أرِثَ الحَياةَ الأبَدِيَّة؟». + ١٨ أجابَهُ يَسُوع: «لِماذا تَدْعوني صالِحًا؟ لا أحَدَ صالِحٌ إلَّا واحِد، وهوَ اللّٰه. + ١٩ أنتَ تَعرِفُ الوَصايا: ‹لا تَقتُل، + لا تَزْنِ، + لا تَسرِق، + لا تُقَدِّمْ شَهادَةً كاذِبَة، + لا تَغُشّ، + أَكرِمْ أباكَ وأُمَّك›». + ٢٠ فقالَ لهُ الرَّجُل: «يا مُعَلِّم، أنا أُطَبِّقُ كُلَّ هذِهِ الوَصايا مُنذُ صِغَري». ٢١ فنَظَرَ إلَيهِ يَسُوع وشَعَرَ بِمَحَبَّةٍ تِجاهَهُ وقال: «يَنقُصُكَ شَيءٌ واحِد: إذهَبْ وبِعْ كُلَّ ما عِندَكَ وأعْطِ الفُقَراء، فيَكونَ لَدَيكَ كَنزٌ في السَّماء. ثُمَّ تَعالَ اتبَعْني». + ٢٢ فحَزِنَ الرَّجُلُ بِسَبَبِ هذا الجَوابِ وذَهَبَ كَئيبًا لِأنَّ أملاكَهُ كانَت كَثيرَة. +
٢٣ فنَظَرَ يَسُوع حَولَهُ ثُمَّ قالَ لِتَلاميذِه: «ما أصعَبَ أن يَدخُلَ أصحابُ المالِ إلى مَملَكَةِ اللّٰه!». + ٢٤ فتَفاجَأَ التَّلاميذُ بِكَلامِه. فقالَ يَسُوع مَرَّةً ثانِيَة: «يا أوْلادي، ما أصعَبَ الدُّخولَ إلى مَملَكَةِ اللّٰه! ٢٥ إنَّ مُرورَ جَمَلٍ في ثُقْبِ إبرَةٍ أسهَلُ مِن أن يَدخُلَ غَنِيٌّ إلى مَملَكَةِ اللّٰه». + ٢٦ فتَعَجَّبوا أكثَرَ وقالوا له: * «إذًا، مَن يَقدِرُ أن يَخلُص؟». + ٢٧ فنَظَرَ يَسُوع في عُيونِهِم وقال: «هذا مُستَحيلٌ عِندَ النَّاسِ ولكنْ لَيسَ عِندَ اللّٰه، لِأنَّ كُلَّ شَيءٍ مُمكِنٌ عِندَ اللّٰه». + ٢٨ فقالَ لهُ بُطْرُس: «نَحنُ تَرَكنا كُلَّ شَيءٍ وتَبِعناك». + ٢٩ فقالَ يَسُوع: «صِدقًا أقولُ لكُم: لا أحَدَ تَرَكَ بَيتًا أو إخوَةً أو أخَواتٍ أو أُمًّا أو أبًا أو أوْلادًا أو حُقولًا مِن أجْلي ومِن أجْلِ البِشارَة، + ٣٠ إلَّا ويَنالُ في هذا الزَّمَنِ ١٠٠ ضِعفٍ مِنَ البُيوتِ والإخوَةِ والأخَواتِ والأُمَّهاتِ والأوْلادِ والحُقول، معَ اضطِهادات، + وحَياةً أبَدِيَّة في العالَمِ * الآتي. ٣١ لكنَّ كَثيرينَ هُمُ الآنَ في الأوَّلِ سيَصيرونَ في الآخِر، وكَثيرينَ هُمُ الآنَ في الآخِرِ سيَصيرونَ في الأوَّل». +
٣٢ وكانوا في الطَّريقِ صاعِدينَ إلى أُورُشَلِيم ويَسُوع يَمْشي قُدَّامَهُم، وكانوا مُندَهِشين. أمَّا الَّذينَ يَتبَعونَهُم فكانوا خائِفين. ومَرَّةً أُخْرى، أخَذَ الاثنَيْ عَشَرَ على انفِرادٍ وأخبَرَهُم عن ما سيَحدُثُ له، قائِلًا: + ٣٣ «إسمَعوا! نَحنُ صاعِدونَ إلى أُورُشَلِيم، وابْنُ الإنسانِ سيُسَلَّمُ إلى كِبارِ الكَهَنَةِ وإلى الكَتَبَة. وسَيَحكُمونَ علَيهِ بِالمَوتِ ويُسَلِّمونَهُ إلى أشخاصٍ مِنَ الأُمَم، ٣٤ فيَسخَرونَ مِنهُ ويَبصُقونَ علَيهِ ويَجلِدونَهُ ويَقتُلونَه، لكنَّهُ سيَقومُ بَعدَ ثَلاثَةِ أيَّام». +
٣٥ وجاءَ إلَيهِ يَعْقُوب ويُوحَنَّا، ابْنَا زَبَدِي، + وقالا له: «يا مُعَلِّم، نُريدُ أن تَعمَلَ لنا أيَّ شَيءٍ نَطلُبُهُ مِنك». + ٣٦ فقالَ لهُما: «ماذا تُريدانِ أن أعمَلَ لكُما؟». ٣٧ أجابا: «إسمَحْ لنا أن نَجلِسَ معكَ حينَ تَصيرُ في مَجدِك، واحِدٌ على يَمينِكَ والآخَرُ على شِمالِك». + ٣٨ لكنَّ يَسُوع قالَ لهُما: «أنتُما لا تَعرِفانِ ماذا تَطلُبان. هل تَقدِرانِ أن تَشرَبا الكَأسَ الَّذي أشرَبُهُ أو تَعتَمِدا المَعمودِيَّةَ الَّتي أعتَمِدُها؟». + ٣٩ فقالا له: «نَقدِر». عِندَئِذٍ قالَ لهُما يَسُوع: «الكَأسُ الَّذي أشرَبُهُ ستَشرَبانِه، والمَعمودِيَّةُ الَّتي أعتَمِدُها ستَعتَمِدانِها. + ٤٠ أمَّا الجُلوسُ على يَميني وعلى شِمالي، فلَستُ أنا مَن يُقَرِّرُه. فهو لِلَّذينَ جُهِّزَ لهُم».
٤١ ولمَّا سَمِعَ العَشَرَة الآخَرونَ بِذلِك، غَضِبوا جِدًّا مِن يَعْقُوب ويُوحَنَّا. + ٤٢ لكنَّ يَسُوع استَدْعى التَّلاميذَ وقالَ لهُم: «أنتُم تَعرِفونَ أنَّ الَّذينَ يُعتَبَرونَ حُكَّامَ العالَمِ * يَتَحَكَّمونَ في شُعوبِهِم، وأنَّ عُظَماءَهُم يَتَسَلَّطونَ علَيهِم. + ٤٣ ولكنْ لا يَجِبُ أن يَكونَ الأمرُ هكَذا بَينَكُم. فمَن يُريدُ أن يَكونَ عَظيمًا بَينَكُم يَجِبُ أن يَكونَ خادِمًا لكُم. + ٤٤ ومَن يُريدُ أن يَكونَ الأوَّلَ بَينَكُم يَجِبُ أن يَكونَ عَبدًا لِلجَميع. ٤٥ فحتَّى ابْنُ الإنسانِ لم يَأتِ لِيَخدُمَهُ النَّاس، بل لِيَخدُمَهُم هو + ويُقَدِّمَ حَياتَهُ * فِديَةً عن كَثيرين». +
٤٦ ثُمَّ جاؤُوا إلى أَرِيحَا. وفيما كانَ يَسُوع يَخرُجُ مِن أَرِيحَا ومعهُ تَلاميذُهُ وجُموعٌ كَثيرة، كانَ بَرْتِيمَاوُس (إبْنُ تِيمَاوُس)، وهو مُتَسَوِّلٌ أعْمى، جالِسًا على جانِبِ الطَّريق. + ٤٧ ولمَّا سَمِعَ أنَّ الَّذي يَمُرُّ هو يَسُوع النَّاصِرِيّ، بَدَأ يَصرُخُ ويَقول: «يا يَسُوع ابْنَ دَاوُد، + ارحَمْني!». + ٤٨ فوَبَّخَهُ كَثيرونَ وأمَروهُ أن يَسكُت، لكنَّهُ صارَ يَصرُخُ أكثَر: «يا ابْنَ دَاوُد، ارحَمْني!». ٤٩ فتَوَقَّفَ يَسُوع وقال: «نادوه». فنادَوُا الأعْمى قائِلينَ له: «لا تَخَف. قُم، إنَّهُ يُناديك». ٥٠ فرَمى ثَوبَهُ الخارِجِيَّ وقامَ بِسُرعَةٍ وذَهَبَ إلى يَسُوع. ٥١ فقالَ لهُ يَسُوع: «ماذا تُريدُ أن أفعَلَ لك؟». أجابَهُ الأعْمى: «يا مُعَلِّم، * رُدَّ لي نَظَري». ٥٢ فقالَ لهُ يَسُوع: «إذهَب، إيمانُكَ شَفاك». + فاستَعادَ نَظَرَهُ فَوْرًا + وتَبِعَهُ في الطَّريق.
١١ وعِندَما اقتَرَبوا مِن أُورُشَلِيم، مِن بَيْت فَاجِي وبَيْت عَنْيَا + عِندَ جَبَلِ الزَّيْتُون، أرسَلَ اثنَيْنِ مِن تَلاميذِهِ + ٢ وقالَ لهُما: «أُدخُلا إلى القَريَةِ الَّتي تَرَيانِها أمامَكُما. وحالَما تَدخُلانِ إلَيها، ستَجِدانِ حِمارًا صَغيرًا مَربوطًا لم يَجلِسْ علَيهِ أحَدٌ بَعد. فُكَّا رِباطَهُ وأَحضِراهُ إلى هُنا. ٣ وإذا قالَ لكُما أحَد: ‹لِماذا تَفعَلانِ ذلِك؟›، تُجيبانِه: ‹الرَّبُّ يَحتاجُ إلَيهِ وسَيَرُدُّهُ إلى هُنا بِسُرعَة›». ٤ فذَهَبا ووَجَدا حِمارًا صَغيرًا مَربوطًا على الطَّريقِ عِندَ أحَدِ الأبواب، ففَكَّا رِباطَه. + ٥ فقالَ لهُما بَعضُ الواقِفينَ هُناك: «ماذا تَفعَلان؟ لِماذا تَفُكَّانِ رِباطَ الحِمار؟». ٦ فأجاباهُم مِثلَما أوْصى يَسُوع، فتَرَكوهُما يَذهَبان.
٧ وأحضَرا الحِمارَ الصَّغيرَ + إلى يَسُوع، ووَضَعوا علَيهِ ثِيابَهُمُ الخارِجِيَّة، فجَلَسَ يَسُوع علَيه. + ٨ وفَرَشَ كَثيرونَ أيضًا ثِيابَهُمُ الخارِجِيَّة على الطَّريق، وآخَرونَ فَرَشوا أغصانًا قَطَعوها مِنَ الحُقول. + ٩ وكانَ الَّذينَ يَمْشونَ أمامَهُ ووَراءَهُ يَصرُخون: «نَرْجوك، خَلِّصْه! *+ مُبارَكٌ هوَ الآتي بِاسْمِ يَهْوَه! + ١٠ مُبارَكَةٌ هيَ المَملَكَةُ الآتِيَة، مَملَكَةُ أبينا دَاوُد! + نَرْجوك، خَلِّصْهُ يا مَن في الأعالي!». ١١ ودَخَلَ إلى أُورُشَلِيم، وذَهَبَ إلى الهَيكَلِ ونَظَرَ حَولَهُ إلى كُلِّ شَيء. ولكنْ بِما أنَّ الوَقتَ كانَ قد تَأخَّر، غادَرَ معَ الاثنَيْ عَشَرَ إلى بَيْت عَنْيَا. +
١٢ وفي اليَومِ التَّالي، فيما كانوا يُغادِرونَ بَيْت عَنْيَا، أحَسَّ بِالجوع. + ١٣ ورَأى مِن بَعيدٍ شَجَرَةَ تينٍ علَيها وَرَق، فذَهَبَ لِيَرى إذا كانَ سيَجِدُ فيها ثَمَرًا. ولكنْ لمَّا وَصَلَ إلَيها، لم يَجِدْ شَيئًا إلَّا الوَرَقَ لِأنَّهُ لم يَكُنْ مَوْسِمَ التِّين. ١٤ فقالَ لها: «لن يَأكُلَ أحَدٌ أبَدًا مِن ثَمَرِكِ بَعدَ الآن». + وكانَ تَلاميذُهُ يَسمَعون.
١٥ وجاؤُوا إلى أُورُشَلِيم. فدَخَلَ إلى الهَيكَلِ وبَدَأ يَطرُدُ الَّذينَ يَبيعونَ ويَشتَرونَ هُناك، وقَلَبَ طاوِلاتِ الصَّرَّافينَ ومَقاعِدَ بائِعي الحَمام، + ١٦ ولم يَسمَحْ لِأحَدٍ أن يَمُرَّ في الهَيكَلِ وهو يَحمِلُ أيَّ غَرَض. ١٧ وكانَ يُعَلِّمُ ويَقولُ لهُم: «ألَيسَ مَكتوبًا: ‹بَيتي سيُدْعى بَيتَ صَلاةٍ لِكُلِّ الشُّعوب›؟ + لكنَّكُم جَعَلتُموهُ مَغارَةَ لُصوص». + ١٨ وسَمِعَ بِذلِك كِبارُ الكَهَنَةِ والكَتَبَة، فبَدَأوا يُفَتِّشونَ عن طَريقَةٍ لِيَقتُلوه. + فهُم كانوا يَخافونَ مِنه، لِأنَّ كُلَّ النَّاسِ كانوا مُعجَبينَ بِتَعليمِه. +
١٩ وفي آخِرِ النَّهار، خَرَجَ يَسُوع وتَلاميذُهُ مِنَ المَدينَة. ٢٠ وفيما هُم راجِعونَ في الصَّباحِ الباكِر، رَأَوْا أنَّ شَجَرَةَ التِّينِ يَبِسَت مِن جُذورِها. + ٢١ فتَذَكَّرَ بُطْرُس ما حَصَلَ وقالَ لِيَسُوع: «يا مُعَلِّم، * انظُر! شَجَرَةُ التِّينِ الَّتي لَعَنتَها يَبِسَت». + ٢٢ فقالَ لهُم يَسُوع: «آمِنوا بِاللّٰه. ٢٣ صِدقًا أقولُ لكُم: مَن يَقولُ لِهذا الجَبَل: ‹قُمْ وانطَرِحْ في البَحر›، ولا يَشُكُّ في قَلبِه، بل يُؤْمِنُ أنَّ ما يَقولُهُ سيَحدُث، فكَلامُهُ سيَتَحَقَّق. + ٢٤ لِذلِك أقولُ لكُم: كُلُّ ما تَطلُبونَهُ في الصَّلاة، آمِنوا أنَّكُم حَصَلتُم علَيه، فتَنالوه. + ٢٥ وإذا وَقَفتُم لِتُصَلُّوا، وكانَ لَدَيكُم شَيءٌ على أحَد، فسامِحوهُ كَي يُسامِحَكُم أيضًا أبوكُمُ الَّذي في السَّمواتِ على زَلَّاتِكُم». + ٢٦ —
٢٧ وجاؤُوا مِن جَديدٍ إلى أُورُشَلِيم. وبَينَما كانَ يَمْشي في الهَيكَل، أتى كِبارُ الكَهَنَةِ والكَتَبَةُ والشُّيوخ، ٢٨ وقالوا له: «بِأيِّ سُلطَةٍ تَعمَلُ هذِهِ الأعمال؟ ومَن أعْطاكَ هذِهِ السُّلطَةَ لِتَعمَلَها؟». + ٢٩ أجابَهُم يَسُوع: «سأسألُكُم سُؤالًا واحِدًا. أجيبوني عنهُ فأقولَ لكُم بِأيِّ سُلطَةٍ أعمَلُ هذِهِ الأعمال. ٣٠ هل كانَت مَعمودِيَّةُ يُوحَنَّا + مِنَ السَّماءِ أم مِنَ النَّاس؟ أجيبوني». + ٣١ فتَشاوَروا في ما بَينَهُم وقالوا: «إذا قُلنا: ‹مِنَ السَّماء›، يُجيب: ‹لِماذا إذًا لم تُؤْمِنوا به؟›. ٣٢ وهل نَتَجَرَّأُ أن نَقول: ‹مِنَ النَّاس›؟». فهُم خافوا مِنَ الجُموعِ لِأنَّهُم كانوا كُلُّهُم يَعتَبِرونَ أنَّ يُوحَنَّا فِعلًا نَبِيّ. + ٣٣ لِذلِك أجابوا يَسُوع: «لا نَعرِف». فقالَ لهُم: «ولا أنا أقولُ لكُم بِأيِّ سُلطَةٍ أعمَلُ هذِهِ الأعمال».
١٢ وبَدَأ يَتَكَلَّمُ معهُم بِأمثالٍ قائِلًا: «زَرَعَ رَجُلٌ كَرمًا، + ووَضَعَ حَولَهُ سِياجًا، وحَفَرَ حَوضًا لِمِعصَرَةِ النَّبيذ، وبَنى بُرجًا لِلحِراسَة. + ثُمَّ أجَّرَهُ لِفَلَّاحينَ وسافَرَ بَعيدًا. + ٢ ولمَّا جاءَ المَوْسِم، أرسَلَ عَبدًا إلى الفَلَّاحينَ لِيَأخُذَ مِنهُم حِصَّةً مِن ثِمارِ الكَرم. ٣ لكنَّهُم أمسَكوهُ وضَرَبوه، وأرجَعوهُ ويَداهُ فارِغَتان. ٤ فأرسَلَ إلَيهِم عَبدًا آخَر، فضَرَبوهُ على رَأسِهِ وأهانوه. + ٥ ثُمَّ أرسَلَ عَبدًا آخَر، فقَتَلوه. وأرسَلَ كَثيرينَ غَيرَهُم، فضَرَبوا بَعضَهُم وقَتَلوا آخَرين. ٦ ولم يَبْقَ عِندَهُ إلَّا ابْنُهُ الَّذي يُحِبُّه. + فأرسَلَهُ إلَيهِم في الآخِرِ لِأنَّهُ قال: ‹سيَحتَرِمونَ ابْني›. ٧ لكنَّ هؤُلاءِ الفَلَّاحينَ قالوا بَعضُهُم لِبَعض: ‹هذا هوَ الوَريث. + تَعالَوْا نَقتُلُهُ لِيَصيرَ الميراثُ لنا›. ٨ فأمسَكوهُ وقَتَلوهُ ورَمَوْهُ خارِجَ الكَرم. + ٩ فماذا سيَفعَلُ صاحِبُ الكَرم؟ سيَأتي ويَقتُلُ الفَلَّاحينَ ويُعْطي الكَرمَ لِغَيرِهِم. + ١٠ ألَمْ تَقرَأوا أبَدًا هذِهِ الآيَة: ‹الحَجَرُ الَّذي رَفَضَهُ البَنَّاؤونَ صارَ هو حَجَرَ الزَّاوِيَةِ الرَّئيسِيّ؟ *+ ١١ هذا الحَجَرُ مِن يَهْوَه، وهو رائِعٌ في نَظَرِنا›». +
١٢ عِندَئِذٍ أرادوا أن يَقبِضوا علَيهِ لِأنَّهُم عَرَفوا أنَّهُ كانَ يَقصِدُهُم بِالمَثَلِ الَّذي قالَه. لكنَّهُم خافوا مِنَ الجُموع، فتَرَكوهُ وذَهَبوا. +
١٣ ثُمَّ أرسَلوا إلَيهِ بَعضًا مِنَ الفَرِّيسِيِّينَ ومِن أعضاءِ حِزبِ هِيرُودُس كَي يُمسِكوا علَيهِ كَلِمَة. + ١٤ ولمَّا وَصَلوا قالوا له: «يا مُعَلِّم، نَعرِفُ أنَّكَ صادِقٌ ولا يَهُمُّكَ أن تُرْضِيَ النَّاس، لِأنَّكَ لا تَنظُرُ إلى المَظهَرِ الخارِجِيّ، بل تُعَلِّمُ الحَقيقَةَ عن طَريقِ اللّٰه. قُلْ لنا: هل يَجوزُ دَفعُ ضَريبَةِ الرَّأسِ * لِقَيْصَر أم لا؟ ١٥ هل نَدفَعُ أم لا؟». فعَرَفَ أنَّهُم مُنافِقونَ وقالَ لهُم: «لِماذا تَمتَحِنونَني؟ أَعْطوني دينارًا لِأراه». ١٦ فناوَلوهُ دينارًا. فسَأل: «صورَةُ مَن هذِه، واسْمُ مَن هذا؟». أجابوه: «قَيْصَر». ١٧ عِندَئِذٍ قالَ يَسُوع: «أَعْطوا ما لِقَيْصَر لِقَيْصَر، + وما لِلّٰهِ لِلّٰه». + فاندَهَشوا مِن كَلامِه.
١٨ وجاءَ إلَيهِ الصَّدُّوقِيُّونَ الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ بِالقِيامَةِ + وسَألوه: + ١٩ «يا مُعَلِّم، كَتَبَ لنا مُوسَى أنَّهُ إذا ماتَ رَجُلٌ وتَرَكَ وَراءَهُ زَوجَةً ولم يُنجِبْ وَلَدًا، وكانَ لِهذا الرَّجُلِ أخ، يَجِبُ أن يَتَزَوَّجَ أخوهُ بِالأرمَلَةِ ويُنجِبَ نَسلًا لِأخيه. + ٢٠ كانَ هُناك سَبعَةُ إخوَة. تَزَوَّجَ الأوَّلُ امرَأة، لكنَّهُ ماتَ مِن دونِ أن يُنجِبَ نَسلًا. ٢١ فتَزَوَّجَها الثَّاني، وماتَ مِن دونِ أن يُنجِبَ نَسلًا. وهذا ما حَصَلَ معَ الثَّالِثِ أيضًا. ٢٢ وماتَ السَّبعَة كُلُّهُم مِن دونِ أن يُنجِبوا نَسلًا. وفي النِّهايَة، ماتَتِ المَرأةُ أيضًا. ٢٣ ففي القِيامَة، زَوجَةَ مَن تَكون؟ لِأنَّ السَّبعَة تَزَوَّجوها». ٢٤ فقالَ لهُم يَسُوع: «ألَستُم مُخطِئينَ لِأنَّكُم لا تَعرِفونَ الأسفارَ المُقَدَّسَة ولا قُدرَةَ اللّٰه؟ + ٢٥ فحينَ يَقومونَ مِنَ المَوت، لا يَتَزَوَّجُ الرِّجالُ ولا تُزَوَّجُ النِّساء، بل يَكونونَ مِثلَ المَلائِكَةِ في السَّموات. + ٢٦ أمَّا بِخُصوصِ أنَّ الأمواتَ يَقومون، أفَلَمْ تَقرَأوا في كِتابِ مُوسَى، في القِصَّةِ عن شَجَرَةِ العُلَّيْق، أنَّ اللّٰهَ قالَ له: ‹أنا إلهُ إبْرَاهِيم وإلهُ إسْحَاق وإلهُ يَعْقُوب›؟ + ٢٧ فهو لَيسَ إلهَ أموات، بل إلهُ أحياء. أنتُم مُخطِئونَ كَثيرًا». +
٢٨ وكانَ أحَدُ الكَتَبَةِ قد جاءَ وسَمِعَهُم يَتَجادَلون، وعَرَفَ أنَّ يَسُوع أجابَهُم بِطَريقَةٍ جَيِّدَة، فسَألَه: «أيُّ وَصِيَّةٍ هيَ الأهَمُّ * بَينَ كُلِّ الوَصايا؟». + ٢٩ أجابَ يَسُوع: «الأُولى هي: ‹إسمَعْ يا إسْرَائِيل، يَهْوَه هو إلهُنا، يَهْوَه واحِد. ٣٠ فأَحِبَّ يَهْوَه إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وبِكُلِّ نَفْسِكَ وبِكُلِّ عَقلِكَ وبِكُلِّ قُوَّتِك›. + ٣١ والثَّانِيَة هي هذِه: ‹أَحِبَّ قَريبَكَ كنَفْسِك›. + ولَيسَ هُناك وَصِيَّةٌ أُخْرى أهَمُّ مِن هاتَيْنِ الوَصِيَّتَيْن». ٣٢ فقالَ لهُ الكاتِب: «أحسَنتَ يا مُعَلِّم، ما قُلتَهُ صَحيح: ‹هو واحِد، ولا أحَدَ غَيرَه›. + ٣٣ وأن نُحِبَّهُ بِكُلِّ القَلبِ وبِكُلِّ الفَهمِ وبِكُلِّ القُوَّة، وأن نُحِبَّ قَريبَنا كنَفْسِنا، أفضَلُ بِكَثيرٍ مِن كُلِّ ذَبائِحِ المُحرَقَةِ والتَّقدِمات». + ٣٤ ولمَّا رَأى يَسُوع أنَّهُ أجابَ بِذَكاء، قالَ له: «أنتَ لَستَ بَعيدًا عن مَملَكَةِ اللّٰه». ولم يَتَجَرَّأْ أحَدٌ بَعدَ ذلِك أن يَسألَهُ شَيئًا. +
٣٥ ولكنْ فيما استَمَرَّ يَسُوع يُعَلِّمُ في الهَيكَل، قال: «كَيفَ يَقولُ الكَتَبَةُ إنَّ المَسِيح هوَ ابْنُ دَاوُد؟ + ٣٦ فدَاوُد نَفْسُهُ قالَ بِوَحْيٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس: + ‹قالَ يَهْوَه لِرَبِّي: «إجلِسْ على يَميني إلى أن أضَعَ أعداءَكَ تَحتَ قَدَمَيْك»›. + ٣٧ فدَاوُد نَفْسُهُ يَدْعو المَسِيح رَبًّا، إذًا كَيفَ يَكونُ المَسِيح ابْنَه؟». +
وكانَتِ الجُموعُ الكَبيرَة تَستَمِعُ إلَيهِ بِسُرور. ٣٨ وقالَ لهُم فيما هو يُعَلِّمُهُم: «إحذَروا مِنَ الكَتَبَةِ الَّذينَ يُحِبُّونَ أن يَتَجَوَّلوا بِأثوابِهِمِ الطَّويلَة، ويُحِبُّونَ التَّحِيَّاتِ الخاصَّة في ساحاتِ الأسواق، + ٣٩ والمَقاعِدَ الأمامِيَّة * في المَجامِع، ومَقاعِدَ الشَّرَفِ في الوَلائِم. + ٤٠ إنَّهُم يَنهَبونَ مُمتَلَكاتِ * الأرامِل، ويُصَلُّونَ صَلَواتٍ طَويلَة كَي يَلفِتوا الأنظار. هؤُلاء سيَكونُ عِقابُهُم أقْسى».
٤١ وجَلَسَ مُقابِلَ صَناديقِ التَّبَرُّعات، *+ وصارَ يَنظُرُ إلى النَّاسِ فيما هُم يَضَعونَ المالَ في الصَّناديق. وكانَ أغنِياءُ كَثيرونَ يَضَعونَ الكَثيرَ مِنَ النُّقود. + ٤٢ وجاءَت أرمَلَةٌ فَقيرَة ووَضَعَت فَلْسَيْنِ قيمَتُهُما قَليلَة جِدًّا. *+ ٤٣ فدَعا تَلاميذَهُ إلَيهِ وقالَ لهُم: «صِدقًا أقولُ لكُم: هذِهِ الأرمَلَةُ الفَقيرَة وَضَعَت أكثَرَ مِن كُلِّ الَّذينَ وَضَعوا في صَناديقِ التَّبَرُّعات. *+ ٤٤ فكُلُّهُم أعْطَوْا مِمَّا فَضَلَ عنهُم، أمَّا هي فأعْطَت ما تَحتاجُ إلَيه؛ * أعْطَت كُلَّ ما عِندَها، كُلَّ ما لَدَيها لِتَعيش». +
١٣ وفيما كانَ يَخرُجُ مِنَ الهَيكَل، قالَ لهُ أحَدُ تَلاميذِه: «يا مُعَلِّم، انظُرْ ما أروَعَ هذِهِ الحِجارَةَ وهذِهِ المَباني!». + ٢ فقالَ لهُ يَسُوع: «هل تَرى هذِهِ المَباني العَظيمَة؟ لن يَبْقى هُنا حَجَرٌ على حَجَر؛ كُلُّها ستُهدَم». +
٣ وبَينَما هو جالِسٌ على جَبَلِ الزَّيْتُون مُقابِلَ الهَيكَل، سَألَهُ بُطْرُس ويَعْقُوب ويُوحَنَّا وأَنْدرَاوُس على انفِراد: ٤ «قُلْ لنا متى ستَحدُثُ هذِهِ الأُمور، وما هيَ العَلامَةُ الَّتي تَدُلُّ أنَّ نِهايَتَها كُلِّها قَريبَة؟». + ٥ فقالَ لهُم يَسُوع: «إحذَروا أن يُضَلِّلَكُم أحَد. + ٦ فكَثيرونَ سيَأتونَ ويَستَعمِلونَ اسْمي ويَقولون: ‹أنا هو›، وسَيُضَلِّلونَ كَثيرين. ٧ وعِندَما تَسمَعونَ أصواتَ حُروبٍ وأخبارًا عن حُروب، لا تَرتَعِبوا. فهذِهِ الأشياءُ يَجِبُ أن تَحدُث، ولكنْ لَيسَت هذِه هيَ النِّهايَة. +
٨ «فسَتَقومُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ ومَملَكَةٌ على مَملَكَة، + وسَتَحدُثُ زَلازِلُ في مَكانٍ بَعدَ آخَر، وتَكونُ هُناك مَجاعاتٌ أيضًا. + هذِه بِدايَةُ الأوْجاع. *+
٩ «وأنتُم كونوا مُنتَبِهين. فسَيُسَلِّمونَكُم إلى المَحاكِمِ المَحَلِّيَّة، + وسَتُضرَبونَ في المَجامِع، + وتَقِفونَ أمامَ حُكَّامٍ ومُلوكٍ مِن أجْلي لِتُقَدِّموا شَهادَةً لهُم. + ١٠ ويَجِبُ أوَّلًا أن تُبَشَّرَ كُلُّ الأُمَمِ بِالأخبارِ الحُلْوَة. + ١١ وعِندَما يَأخُذونَكُم لِيُسَلِّموكُم، لا تَحمِلوا هَمًّا مِن قَبل بِخُصوصِ ماذا ستَقولون، بل قولوا ما يُعْطى لكُم في تِلكَ اللَّحظَة، لِأنَّكُم لَستُم أنتُمُ الَّذينَ تَتَكَلَّمونَ بلِ الرُّوحُ القُدُس. + ١٢ وسَيُسَلِّمُ الأخُ أخاهُ لِلمَوت، ويُسَلِّمُ الأبُ وَلَدَه، ويَنقَلِبُ الأوْلادُ على والِديهِم ويُسَلِّمونَهُم كَي يُقتَلوا. + ١٣ وسَيَكرَهُكُمُ الجَميعُ مِن أجْلِ اسْمي. + لكنَّ الَّذي يَحتَمِلُ إلى النِّهايَةِ + هو يَخلُص. +
١٤ «ولكنْ عِندَما تَرَوْنَ المُخَرِّبَ المُنَفِّرَ + مَوْجودًا حَيثُ لا يَلزَمُ أن يَكون (مَيِّزْ أيُّها القارِئ)، عِندَئِذٍ يَجِبُ أن يَهرُبَ الَّذينَ في اليَهُودِيَّة إلى الجِبال. + ١٥ والَّذي يَكونُ على السَّطحِ لا يَجِبُ أن يَنزِلَ ولا أن يَدخُلَ إلى بَيتِهِ لِيَأخُذَ مِنهُ شَيئًا. ١٦ والَّذي يَكونُ في الحَقلِ لا يَجِبُ أن يَرجِعَ إلى ما تَرَكَهُ وَراءَهُ لِيَأخُذَ ثَوبَهُ الخارِجِيّ. ١٧ يا وَيْلَ الحَبالى والمُرضِعاتِ في تِلكَ الأيَّام! + ١٨ صَلُّوا دائِمًا أن لا يَحدُثَ ذلِك في الشِّتاء، ١٩ لِأنَّ تِلكَ الأيَّامَ ستَكونُ أيَّامَ ضيقٍ + لم يَحدُثْ مِثلُهُ مُنذُ بِدايَةِ الخَليقَةِ الَّتي خَلَقَها اللّٰهُ حتَّى ذلِكَ الوَقت، ولن يَحدُثَ مَرَّةً ثانِيَة. + ٢٠ وفي الواقِع، إذا لم يُقَصِّرْ يَهْوَه الأيَّام، فلن يَخلُصَ أحَد. * ولكنْ مِن أجْلِ المُختارينَ الَّذينَ اختارَهُم، قَصَّرَ الأيَّام. +
٢١ «وإذا قالَ لكُم أحَد: ‹ها هوَ المَسِيح هُنا!›، أو: ‹المَسِيح هُناك!›، فلا تُصَدِّقوا. + ٢٢ فسَيَظهَرُ أشخاصٌ كَذَّابونَ يَدَّعونَ أنَّهُمُ المَسِيح وسَيَظهَرُ أنبِياءُ كَذَّابون، + وسَيَعمَلونَ عَجائِبَ وعَلاماتٍ كَي يُضَلِّلوا المُختارينَ إذا استَطاعوا. ٢٣ فكونوا حَذِرين. + لقد أخبَرتُكُم بِكُلِّ شَيءٍ مُسبَقًا.
٢٤ «ولكنْ في تِلكَ الأيَّام، بَعدَ ذلِكَ الضِّيق، ستُظلِمُ الشَّمس، ولن يُضيءَ القَمَر، + ٢٥ وسَتَسقُطُ النُّجومُ مِنَ السَّماء، وتَرتَجُّ القِوى الَّتي في السَّماء. ٢٦ ثُمَّ سيَرَوْنَ ابْنَ الإنسانِ + آتِيًا في الغُيومِ بِقُدرَةٍ عَظيمَة ومَجد. + ٢٧ بَعدَ ذلِك، سيُرسِلُ مَلائِكَتَهُ ويَجمَعُ مُختاريهِ مِنَ الجِهاتِ * الأربَع، مِن طَرَفِ الأرضِ إلى طَرَفِ السَّماء. +
٢٨ «تَعَلَّموا هذا الدَّرسَ مِن شَجَرَةِ التِّين: حالَما يَصيرُ غُصنُها الصَّغيرُ طَرِيًّا ويُخرِجُ أوْراقًا، تَعرِفونَ أنَّ الصَّيفَ قَريب. + ٢٩ كذلِك، حينَ تَرَوْنَ هذِهِ الأُمورَ تَحدُث، اعرِفوا أنَّ ابْنَ الإنسانِ قَريبٌ على الأبواب. + ٣٠ صِدقًا أقولُ لكُم: لن يَزولَ هذا الجيلُ أبَدًا قَبلَ أن تَحدُثَ هذِهِ الأُمورُ كُلُّها. + ٣١ السَّماءُ والأرضُ ستَزولان، + أمَّا كَلامي فلن يَزولَ أبَدًا. +
٣٢ «لكنَّ ذلِكَ اليَومَ أو تِلكَ السَّاعَةَ لا أحَدَ يَعرِفُهُما، لا المَلائِكَةُ في السَّماءِ ولا الابْن؛ الآبُ هوَ الَّذي يَعرِف. + ٣٣ فابْقَوْا مُنتَبِهينَ ومُستَيقِظينَ + لِأنَّكُم لا تَعرِفونَ متى يَأتي الوَقتُ المُعَيَّن. + ٣٤ فالأمرُ يُشبِهُ رَجُلًا تَرَكَ بَيتَهُ وسافَر. وقَبلَ أن يُغادِر، أعْطى عَبيدَهُ السُّلطَةَ على بَيتِه، + فعَيَّنَ عَمَلًا لِكُلِّ واحِد. وأوْصى البَوَّابَ أن يَبْقى ساهِرًا. + ٣٥ لِذلِكَ ابْقَوْا ساهِرينَ لِأنَّكُم لا تَعرِفونَ متى يَأتي صاحِبُ البَيت، + هل في آخِرِ النَّهار، أو في نِصفِ اللَّيل، أو قَبلَ الفَجر، * أو في الصَّباحِ الباكِر. + ٣٦ وهكَذا حينَ يَأتي فَجْأةً لا يَجِدُكُم نائِمين. + ٣٧ ما أقولُهُ لكُم أقولُهُ لِلجَميع: إبْقَوْا ساهِرين». +
١٤ وكانَ الفِصحُ + وعيدُ الفَطيرِ *+ بَعدَ يَومَيْن. + وكانَ كِبارُ الكَهَنَةِ والكَتَبَةُ يُفَكِّرونَ كَيفَ يَقبِضونَ علَيهِ بِطَريقَةٍ ماكِرَة ويَقتُلونَه. + ٢ فهُم قالوا: «لن نَفعَلَ ذلِك في العيد، فرُبَّما يَحدُثُ شَغَبٌ بَينَ الشَّعب».
٣ وفيما كانَ يَسُوع يَأكُلُ * في بَيْت عَنْيَا في بَيتِ سِمْعَان الأبرَص، جاءَتِ امرَأةٌ معها قِنِّينَةٌ مِن حَجَرِ المَرمَرِ فيها زَيتٌ عَطِرٌ ثَمينٌ جِدًّا، زَيتُ نارَدينٍ نَقِيّ. فكَسَرَتِ القِنِّينَةَ وسَكَبَتِ الزَّيتَ على رَأسِه. + ٤ فغَضِبَ جِدًّا بَعضُ الحاضِرينَ وقالوا واحِدُهُم لِلآخَر: «لِماذا هذا الهَدرُ لِلزَّيتِ العَطِر؟ ٥ كانَ يُمكِنُ أن يُباعَ هذا الزَّيتُ العَطِرُ بِأكثَرَ مِن ٣٠٠ دينارٍ ويُعْطى المالُ لِلفُقَراء». وكانوا مُنزَعِجينَ مِنها جِدًّا. * ٦ لكنَّ يَسُوع قال: «أُترُكوها. لِماذا تُضايِقونَها؟ هي عَمِلَت لي عَمَلًا رائِعًا. + ٧ فالفُقَراءُ معكُم دائِمًا، + ويُمكِنُكُم أن تَعمَلوا معهُم خَيرًا كُلَّما أرَدتُم، أمَّا أنا فلن أكونَ معكُم دائِمًا. + ٨ لقد فَعَلَت ما تَقدِرُ علَيه؛ سَكَبَت زَيتًا عَطِرًا على جِسمي كَي تُجَهِّزَني مُسبَقًا لِلدَّفن. + ٩ صِدقًا أقولُ لكُم: أينَما يُبَشَّرْ بِالأخبارِ الحُلْوَة في كُلِّ العالَم، + فسَيُحْكى أيضًا عن ما فَعَلَتهُ هذِهِ المَرأةُ كذِكْرى لها». +
١٠ وذَهَبَ يَهُوذا الإسْخَرْيُوطِيّ، وهو واحِدٌ مِنَ الاثنَيْ عَشَر، إلى كِبارِ الكَهَنَةِ لِيُسَلِّمَهُ إلَيهِم. + ١١ ولمَّا سَمِعوا بِذلِك، فَرِحوا ووَعَدوهُ أن يُعْطوهُ مالًا. *+ فبَدَأ يُفَتِّشُ عن فُرصَةٍ كَي يُسَلِّمَه.
١٢ وفي أوَّلِ يَومٍ مِن عيدِ الفَطير، *+ اليَومِ الَّذي كانوا يَذبَحونَ فيهِ ذَبيحَةَ الفِصح، + قالَ لهُ تَلاميذُه: «أينَ تُريدُ أن نَذهَبَ ونُجَهِّزَ لكَ عَشاءَ الفِصح؟». + ١٣ فأرسَلَ اثنَيْنِ مِن تَلاميذِهِ وقالَ لهُما: «إذهَبا إلى المَدينَة، وسَيُلاقيكُما رَجُلٌ يَحمِلُ جَرَّةَ ماء. إتبَعاه، + ١٤ وقولا لِصاحِبِ البَيتِ الَّذي يَدخُلُ إلَيه: ‹المُعَلِّمُ يَقول: «أينَ غُرفَةُ الضُّيوفِ الَّتي يُمكِنُني أن آكُلَ فيها عَشاءَ الفِصحِ مع تَلاميذي؟»›. ١٥ وسَيُريكُما غُرفَةً عُلوِيَّة كَبيرَة مَفروشَة ومُجَهَّزَة. حَضِّرا لنا العَشاءَ هُناك». ١٦ فذَهَبَ التِّلميذانِ ودَخَلا إلى المَدينَةِ ووَجَدا كُلَّ شَيءٍ مِثلَما قالَ لهُما، وجَهَّزا لِلفِصح.
١٧ ولمَّا صارَ المَساء، أتى معَ الاثنَيْ عَشَر. + ١٨ وفيما كانوا جالِسينَ * إلى الطَّاوِلَةِ يَأكُلون، قالَ يَسُوع: «صِدقًا أقولُ لكُم: واحِدٌ مِنكُم سيَخونُني، وهو يَأكُلُ معي هُنا». + ١٩ فحَزِنوا وصاروا يَسألونَهُ الواحِدُ بَعدَ الآخَر: «أنا هو؟». ٢٠ أجابَهُم: «إنَّهُ واحِدٌ مِنَ الاثنَيْ عَشَر، وهوَ الَّذي يُغَمِّسُ معي في الصَّحن. + ٢١ فابْنُ الإنسانِ سيَموتُ مِثلَما هو مَكتوبٌ عنه، ولكنْ يا وَيْلَ الرَّجُلِ الَّذي يَخونُ ابْنَ الإنسان! + كانَ أفضَلَ لهُ لَو لم يولَد». +
٢٢ وفيما هُم يَأكُلون، أخَذَ رَغيفًا وصَلَّى، * ثُمَّ كَسَرَهُ وأعْطاهُم قائِلًا: «خُذوا، هذا يُمَثِّلُ جَسَدي». + ٢٣ وأخَذَ كَأسًا وشَكَرَ اللّٰهَ وأعْطاهُم، فشَرِبوا مِنهُ كُلُّهُم. + ٢٤ وقالَ لهُم: «هذا يُمَثِّلُ دَمي، + ‹دَمَ العَهد›، *+ الَّذي سيُسكَبُ مِن أجْلِ كَثيرين. + ٢٥ صِدقًا أقولُ لكُم: لن أشرَبَ بَعدَ الآنَ مِنَ النَّبيذِ إلى أن يَأتِيَ اليَومُ الَّذي أشرَبُ فيهِ نَبيذًا جَديدًا في مَملَكَةِ اللّٰه». ٢٦ وأخيرًا، رَنَّموا تَرانيمَ تُسَبِّحُ اللّٰه، * ثُمَّ ذَهَبوا إلى جَبَلِ الزَّيْتُون. +
٢٧ وقالَ لهُم يَسُوع: «كُلُّكُم ستَسقُطون، * لِأنَّهُ مَكتوب: ‹سأضرِبُ الرَّاعي + فتَتَفَرَّقُ الخِراف›. + ٢٨ ولكنْ بَعدَ قِيامتي مِنَ المَوت، سأسبِقُكُم إلى الجَلِيل». + ٢٩ لكنَّ بُطْرُس قالَ له: «حتَّى لَو سَقَطَ * الآخَرونَ كُلُّهُم، فأنا لن أسقُط». + ٣٠ عِندَئِذٍ قالَ لهُ يَسُوع: «صِدقًا أقولُ لك: اليَوم، في هذِهِ اللَّيلَة، قَبلَ أن يَصيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْن، ستُنكِرُني ثَلاثَ مَرَّات». + ٣١ لكنَّهُ أصَرَّ قائِلًا: «لن أُنكِرَكَ أبَدًا ولَو كانَ علَيَّ أن أموتَ معك». والكُلُّ أيضًا قالوا نَفْسَ الكَلام. +
٣٢ وجاؤُوا إلى مَكانٍ يُسَمَّى «جَتْسِيمَانِي»، وقالَ يَسُوع لِتَلاميذِه: «إجلِسوا هُنا بَينَما أُصَلِّي». + ٣٣ وأخَذَ معهُ بُطْرُس ويَعْقُوب ويُوحَنَّا، + وبَدَأ يَشعُرُ بِحُزنٍ عَميقٍ * وانزِعاجٍ شَديد. ٣٤ فقالَ لهُم: «أنا حَزينٌ * جِدًّا + لِدَرجَةِ المَوت. إنتَظِروا هُنا وابْقَوْا ساهِرين». + ٣٥ وابتَعَدَ عنهُم قَليلًا، ثُمَّ رَمى نَفْسَهُ على الأرضِ وبَدَأ يُصَلِّي أن تَبتَعِدَ عنهُ تِلكَ السَّاعَةُ إذا كانَ مُمكِنًا. ٣٦ ثُمَّ قال: «أَبَّا، * يا أبي، + كُلُّ شَيءٍ مُمكِنٌ عِندَك، فأَبعِدْ عنِّي هذا الكَأس. ولكنْ لِيَكُنْ ما تُريدُهُ أنتَ ولَيسَ ما أُريدُهُ أنا». + ٣٧ ثُمَّ رَجَعَ ووَجَدَهُم نائِمين. فقالَ لِبُطْرُس: «سِمْعَان، هل أنتَ نائِم؟ ألَمْ تَقدِرْ أن تَبْقى ساهِرًا ساعَةً واحِدَة فَقَط؟ + ٣٨ إبْقَوْا ساهِرينَ وصَلُّوا بِاستِمرارٍ كَي لا تَقَعوا في تَجرِبَة. + إنَّ الرُّوحَ مُندَفِع، * أمَّا الجَسَدُ فضَعيف». + ٣٩ وابتَعَدَ مَرَّةً ثانِيَة وصَلَّى وقالَ نَفْسَ الكَلام. + ٤٠ ثُمَّ رَجَعَ ووَجَدَهُم نائِمينَ لِأنَّ عُيونَهُم كانَت ثَقيلَةً مِنَ النَّعَس، فلم يَعرِفوا ماذا يُجيبونَه. ٤١ ورَجَعَ لِلمَرَّةِ الثَّالِثَة وقالَ لهُم: «هل تَنامونَ وتَرتاحونَ في وَقتٍ كهذا؟ يَكْفي! إنتَبِهوا، أتَتِ السَّاعَةُ + كَي يُسَلَّمَ ابْنُ الإنسانِ إلى أيْدي الخُطاة. ٤٢ قوموا لِنَذهَب. ها هوَ الَّذي سيُسَلِّمُني قدِ اقتَرَب». +
٤٣ وعلى الفَوْر، فيما كانَ لا يَزالُ يَتَكَلَّم، وَصَلَ يَهُوذَا، واحِدٌ مِنَ الاثنَيْ عَشَر. وكانَ معهُ جَمعٌ مُسَلَّحٌ بِالسُّيوفِ والعِصِيّ، وقد أرسَلَهُم كِبارُ الكَهَنَةِ والكَتَبَةُ والشُّيوخ. + ٤٤ وكانَ الخائِنُ قد أعْطاهُم عَلامَةً اتَّفَقَ علَيها معهُم، قائِلًا: «الَّذي أُقَبِّلُهُ هوَ الرَّجُلُ المَطلوب. إقبِضوا علَيهِ وخُذوهُ تَحتَ حِراسَةٍ مُشَدَّدَة». ٤٥ وذَهَبَ مُباشَرَةً إلى يَسُوع واقتَرَبَ مِنهُ وقال: «يا مُعَلِّم!»، * وقَبَّلَهُ بِرِقَّة. ٤٦ فأمسَكوهُ وقَبَضوا علَيه. ٤٧ لكنَّ واحِدًا مِنَ الواقِفينَ هُناك سَحَبَ سَيفَهُ وهَجَمَ على عَبدِ رَئيسِ الكَهَنَةِ وقَطَعَ أُذُنَه. + ٤٨ فأجابَهُم يَسُوع: «هل أنا لِصٌّ حتَّى أتَيتُم بِالسُّيوفِ والعِصِيِّ لِتَقبِضوا علَيَّ؟ + ٤٩ كُنتُ معكُم كُلَّ يَومٍ في الهَيكَلِ أُعَلِّم، + ولم تَقبِضوا علَيَّ. ولكنْ هذا يَحدُثُ كَي تَتِمَّ الأسفارُ المُقَدَّسَة». +
٥٠ وتَرَكَهُ التَّلاميذُ كُلُّهُم وهَرَبوا. + ٥١ ولكنْ تَبِعَهُ عن قُربٍ شابٌّ لم يَكُنْ يَلبَسُ إلَّا ثَوبًا مِن كَتَّانٍ جَيِّد. فحاوَلوا أن يَقبِضوا علَيه، ٥٢ لكنَّهُ تَرَكَ ثَوبَهُ الكَتَّانِيَّ وهَرَبَ شِبهَ عُريان. *
٥٣ وأخَذوا يَسُوع إلى رَئيسِ الكَهَنَة، + فاجتَمَعَ كُلُّ كِبارِ الكَهَنَةِ والشُّيوخِ والكَتَبَة. + ٥٤ وتَبِعَهُ بُطْرُس مِن بَعيدٍ إلى داخِلِ ساحَةِ بَيتِ رَئيسِ الكَهَنَة. وجَلَسَ مع خَدَمِ البَيتِ يَتَدَفَّأُ أمامَ النَّارِ المُتَوَهِّجَة. + ٥٥ وكانَ كِبارُ الكَهَنَةِ وكُلُّ السَّنْهَدْرِيم * يُفَتِّشونَ عن شَهادَةٍ ضِدَّ يَسُوع كَي يَقتُلوه، لكنَّهُم لم يَجِدوا. + ٥٦ فكَثيرونَ قَدَّموا شَهاداتٍ كاذِبَة ضِدَّه، + لكنَّ شَهاداتِهِم كانَت مُتَناقِضَة. ٥٧ وقامَ آخَرونَ أيضًا وقَدَّموا شَهادَةً كاذِبَة ضِدَّهُ قائِلين: ٥٨ «سَمِعناهُ يَقول: ‹سأهدِمُ هذا الهَيكَلَ المَصنوعَ بِأيْدي النَّاس، وسَأبْني في ثَلاثَةِ أيَّامٍ هَيكَلًا آخَرَ لم تَصنَعْهُ أيْدي النَّاس›». + ٥٩ ولكنْ حتَّى حَولَ هذِهِ النُّقطَة، كانَت شَهادَتُهُم مُتَناقِضَة.
٦٠ ثُمَّ وَقَفَ رَئيسُ الكَهَنَةِ في وَسَطِهِم وسَألَ يَسُوع: «ألَا يوجَدُ عِندَكَ جَواب؟ ألَا تَسمَعُ ما يَتَّهِمُكَ بهِ هؤُلاءِ النَّاس؟». + ٦١ لكنَّهُ ظَلَّ ساكِتًا ولم يُجاوِبْ أبَدًا. + فسَألَهُ رَئيسُ الكَهَنَةِ مِن جَديد: «هل أنتَ المَسِيح ابْنُ اللّٰهِ المُبارَكِ؟». ٦٢ أجابَ يَسُوع: «أنا هو. وسَتَرَوْنَ ابْنَ الإنسانِ + جالِسًا على يَمينِ + القادِرِ على كُلِّ شَيءٍ * وآتِيًا مع غُيومِ السَّماء». + ٦٣ عِندَئِذٍ مَزَّقَ رَئيسُ الكَهَنَةِ ثِيابَهُ وقال: «هل نَحتاجُ بَعد إلى شُهود؟! + ٦٤ أنتُم بِأنفُسِكُم سَمِعتُموهُ يُجَدِّف. فما هو قَرارُكُم؟». * فحَكَموا علَيهِ كُلُّهُم بِأنَّهُ يَستَحِقُّ المَوت. + ٦٥ وصارَ البَعضُ يَبصُقونَ علَيهِ + ويُغَطُّونَ وَجهَهُ ويَضرِبونَهُ ويَقولونَ له: «تَنَبَّأ!». وصَفَعَهُ حُرَّاسُ المَحكَمَةِ على وَجهِهِ ثُمَّ أخَذوه. +
٦٦ وفيما كانَ بُطْرُس في ساحَةِ البَيتِ في الأسفَل، أتَت واحِدَةٌ مِن خادِماتِ رَئيسِ الكَهَنَة. + ٦٧ ورَأت بُطْرُس يَتَدَفَّأ، فتَطَلَّعَت فيهِ وقالَت له: «أنتَ أيضًا كُنتَ معَ النَّاصِرِيّ، مع يَسُوع هذا». ٦٨ لكنَّهُ أنكَرَ ذلِك وقال: «لا أعرِفُهُ ولا أفهَمُ ماذا تَقولين»، وخَرَجَ إلى مَدخَلِ السَّاحَة. ٦٩ فرَأتهُ الخادِمَةُ وصارَت تَقولُ مُجَدَّدًا لِلواقِفينَ هُناك: «هذا واحِدٌ مِنهُم». ٧٠ فأنكَرَ مَرَّةً ثانِيَة. وبَعدَ قَليل، قالَ لهُ أيضًا الواقِفونَ هُناك: «بِالتَّأكيدِ أنتَ واحِدٌ مِنهُم لِأنَّكَ جَلِيلِيّ». ٧١ لكنَّهُ بَدَأ يَلعَنُ نَفْسَهُ ويَحلِف: «لا أعرِفُ هذا الرَّجُلَ الَّذي تَتَكَلَّمونَ عنه». ٧٢ وفي الحالِ صاحَ الدِّيكُ مَرَّةً ثانِيَة. + فتَذَكَّرَ بُطْرُس الكَلامَ الَّذي قالَهُ لهُ يَسُوع: «قَبلَ أن يَصيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْن، ستُنكِرُني ثَلاثَ مَرَّات». + فانهارَ وصارَ يَبْكي.
١٥ وفَوْرًا عِندَ الفَجر، اجتَمَعَ كِبارُ الكَهَنَةِ معَ الشُّيوخِ والكَتَبَة، أي كُلُّ السَّنْهَدْرِيم، لِيَتَشاوَروا معًا. فقَيَّدوا يَسُوع، ثُمَّ أخَذوهُ وسَلَّموهُ إلى بِيلَاطُس. + ٢ فسَألَهُ بِيلَاطُس: «هل أنتَ مَلِكُ اليَهُود؟». + أجاب: «أنتَ بِنَفْسِكَ قُلت». + ٣ وكانَ كِبارُ الكَهَنَةِ يَتَّهِمونَهُ بِأُمورٍ كَثيرَة. ٤ وسَألَهُ بِيلَاطُس مَرَّةً أُخْرى: «ألَيسَ عِندَكَ جَواب؟ + أُنظُرْ ما أكثَرَ الشَّكاوى الَّتي يُقَدِّمونَها ضِدَّك». + ٥ لكنَّ يَسُوع لم يَعُدْ يُجيبُ بِشَيء، فتَعَجَّبَ بِيلَاطُس. +
٦ وكانَ مِن عادَةِ بِيلَاطُس في كُلِّ عيدٍ أن يُحَرِّرَ لِلشَّعبِ سَجينًا يُطالِبونَ هُم به. + ٧ وفي ذلِكَ الوَقت، كانَ هُناك رَجُلٌ اسْمُهُ بَارَابَاس مَسجونٌ هو وأشخاصٌ غَيرُهُ ارتَكَبوا القَتلَ خِلالَ عَمَلِ عِصيانٍ قاموا به. ٨ فجاءَ النَّاسُ وصاروا يَطلُبونَ أن يَعمَلَ لهُم بِيلَاطُس مِثلَ عادَتِه. ٩ فأجابَهُم بِيلَاطُس: «هل تُريدونَ أن أُحَرِّرَ لكُم مَلِكَ اليَهُود؟». + ١٠ فبِيلَاطُس كانَ يَعرِفُ أنَّ كِبارَ الكَهَنَةِ سَلَّموا يَسُوع بِسَبَبِ حَسَدِهِم. + ١١ لكنَّ كِبارَ الكَهَنَةِ حَرَّضوا النَّاسَ أن يُطالِبوا بِتَحريرِ بَارَابَاس بَدَلًا مِنه. + ١٢ فأجابَهُم بِيلَاطُس مَرَّةً ثانِيَة: «ماذا أفعَلُ إذًا بِالَّذي تُسَمُّونَهُ مَلِكَ اليَهُود؟». + ١٣ فصَرَخوا مَرَّةً أُخْرى: «عَلِّقْهُ على خَشَبَة!». + ١٤ فقالَ لهُم بِيلَاطُس: «لِماذا؟ ما الخَطَأُ الَّذي فَعَلَه؟». لكنَّهُم صَرخوا أكثَر: «عَلِّقْهُ على خَشَبَة!». + ١٥ وأرادَ بِيلَاطُس أن يُرْضِيَ النَّاس، فحَرَّرَ لهُم بَارَابَاس. وبَعدَما أمَرَ أن يُجلَدَ يَسُوع، + سَلَّمَهُ إلى الجُنودِ كَي يُعَلَّقَ على خَشَبَة. +
١٦ فأخَذَهُ الجُنودُ إلى ساحَةِ قَصرِ الحاكِم، وجَمَعوا كُلَّ العَسكَر. + ١٧ وألبَسوهُ ثَوبًا أُرجُوانِيًّا وجَدَّلوا * تاجًا مِن شَوكٍ ووَضَعوهُ على رَأسِه. ١٨ وبَدَأوا يَصرُخونَ ويَقولونَ له: «يَعيشُ مَلِكُ اليَهُود!». + ١٩ وكانوا أيضًا يَضرِبونَهُ على رَأسِهِ بِقَصَبَةٍ ويَبصُقونَ علَيهِ ويَركَعونَ على رُكَبِهِم ويَسجُدونَ أمامَه. ٢٠ وبَعدَما استَهزَأوا به، خَلَعوا عنهُ الثَّوبَ الأُرجُوانِيَّ وألبَسوهُ ثِيابَهُ مِن جَديد. وأخرَجوهُ لِيُعَلِّقوهُ على خَشَبَة. + ٢١ وأجبَروا أيضًا أحَدَ المارَّةِ أن يَحمِلَ خَشَبَةَ آلامِه، وهو سِمْعَان مِن قِيرِين، أبو الإسْكَنْدَر ورُوفُس، الَّذي كانَ آتِيًا مِنَ الرِّيف. +
٢٢ وأحضَروا يَسُوع إلى مَكانٍ اسْمُهُ جُلْجُثَة، * الَّذي يَعْني «الجُمْجُمَة». + ٢٣ وحاوَلوا أن يُعْطوهُ نَبيذًا مَخلوطًا بِالمُرِّ المُخَدِّر، + لكنَّهُ لم يَأخُذْه. ٢٤ وعَلَّقوهُ على الخَشَبَةِ وألْقَوْا قُرعَةً على ثِيابِهِ لِيُقَسِّموها بَينَهُم ويُقَرِّروا ماذا يَأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم. + ٢٥ وكانَتِ السَّاعَةُ التَّاسِعَة صَباحًا * حينَ عَلَّقوهُ على الخَشَبَة. ٢٦ وكُتِبَت تُهمَتُه، وهي: «مَلِكُ اليَهُود». + ٢٧ وعَلَّقوا بِجانِبِهِ لِصَّيْن، كُلَّ واحِدٍ على خَشَبَة. وكانَ واحِدٌ على يَمينِهِ وواحِدٌ على شِمالِه. + ٢٨ — ٢٩ وكانَ المارُّونَ يَسُبُّونَهُ ويَهُزُّونَ رُؤوسَهُم + ويَقولون: «أنتَ يا مَن ستَهدِمُ الهَيكَلَ وتَبْنيهِ في ثَلاثَةِ أيَّام، + ٣٠ خَلِّصْ نَفْسَكَ وانزِلْ عن خَشَبَةِ الآلام». ٣١ وكانَ كِبارُ الكَهَنَةِ معَ الكَتَبَةِ يَستَهزِئونَ بهِ بِنَفْسِ الطَّريقَةِ ويَقولونَ في ما بَينَهُم: «خَلَّصَ آخَرين، لكنَّهُ لا يَقدِرُ أن يُخَلِّصَ نَفْسَه. + ٣٢ إذا كانَ هوَ المَسِيح مَلِكَ إسْرَائِيل، فلْيَنزِلِ الآنَ عن خَشَبَةِ الآلامِ كَي نَرى ونُؤْمِن». + حتَّى اللَّذانِ عُلِّقا على يَمينِهِ وعلى شِمالِهِ كانا يُهينانِه. +
٣٣ وعِندَ السَّاعَةِ الـ ١٢ ظُهرًا، * صارَت هُناك عَتمَةٌ في كُلِّ تِلكَ الأرضِ حتَّى السَّاعَةِ الـ ٣ بَعدَ الظُّهر. *+ ٣٤ وفي السَّاعَةِ الـ ٣ بَعدَ الظُّهر، صَرَخَ يَسُوع بِصَوتٍ عالٍ: «إيلِي، إيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟»، الَّذي يَعْني: «إلهي، إلهي، لِماذا تَرَكتَني؟». + ٣٥ وسَمِعَ ذلِك بَعضُ الواقِفينَ هُناك، فقالوا: «إسمَعوا، إنَّهُ يُنادي إيلِيَّا!». ٣٦ ورَكَضَ واحِدٌ مِنهُم وغَمَّسَ إسفَنجَةً بِنَبيذٍ حامِض، ووَضَعَها على قَصَبَةٍ وأعْطاها لِيَسُوع كَي يَشرَبَ + وقال: «أُترُكوه! دَعونا نَرى هل يَأتي إيلِيَّا لِيُنزِلَه». ٣٧ لكنَّ يَسُوع صَرَخَ صَرخَةً عالِيَة وتَنَفَّسَ نَفَسَهُ الأخير. + ٣٨ وانشَقَّتِ السِّتارَةُ الدَّاخِلِيَّة *+ في الهَيكَلِ إلى اثنَيْنِ مِن فَوق إلى تَحت. + ٣٩ ولمَّا رَأى الضَّابِطُ الَّذي كانَ يَقِفُ مُقابِلَهُ ماذا حَدَثَ حينَ مات، قال: «فِعلًا كانَ هذا الرَّجُلُ ابْنَ اللّٰه». +
٤٠ وكانَت هُناك نِساءٌ يُراقِبْنَ مِن بَعيد، مِن بَينِهِنَّ مَرْيَم المَجْدَلِيَّة، ومَرْيَم أُمُّ يَعْقُوب الصَّغيرِ ويُوسِي، وسَالُومَة؛ + ٤١ هؤُلاء كُنَّ يُرافِقْنَهُ ويَخدُمْنَهُ + حينَ كانَ في الجَلِيل. وكانَت هُناك أيضًا نِساءٌ كَثيراتٌ غَيرُهُنَّ كُنَّ قد صَعِدْنَ معهُ إلى أُورُشَلِيم.
٤٢ وكانَ الوَقتُ مُتَأخِّرًا بَعدَ الظُّهر. وبِما أنَّ ذلِكَ اليَومَ كانَ يَومَ الاستِعداد، أيِ اليَومَ الَّذي قَبلَ السَّبت، ٤٣ أتى يُوسُف الَّذي مِنَ الرَّامَة، وهو عُضوٌ مُحتَرَمٌ في المَجلِسِ وأحَدُ الَّذينَ يَنتَظِرونَ مَملَكَةَ اللّٰه، وتَجَرَّأَ ودَخَلَ أمامَ بِيلَاطُس وطَلَبَ جَسَدَ يَسُوع. + ٤٤ لكنَّ بِيلَاطُس أرادَ أن يَعرِفَ إذا كانَ يَسُوع قد مات، فاستَدْعى الضَّابِطَ وسَألَه. ٤٥ ولمَّا تَأكَّدَ مِنَ الضَّابِطِ أنَّهُ مات، سَمَحَ لِيُوسُف أن يَأخُذَ جَسَدَه. ٤٦ فاشتَرى يُوسُف قُماشًا مِن كَتَّانٍ جَيِّدٍ وأنزَلَ جَسَدَ يَسُوع، ولَفَّهُ بِالقُماشِ الكَتَّانِيِّ الجَيِّدِ ووَضَعَهُ في قَبرٍ *+ مَحفورٍ في الصَّخر. ثُمَّ دَحرَجَ حَجَرًا على مَدخَلِ القَبر. + ٤٧ لكنَّ مَرْيَم المَجْدَلِيَّة ومَرْيَم أُمَّ يُوسِي بَقِيَتا تَنظُرانِ إلى المَكانِ الَّذي وُضِعَ فيه. +
١٦ ولمَّا انتَهى السَّبت، + اشتَرَت مَرْيَم المَجْدَلِيَّة، ومَرْيَم + أُمُّ يَعْقُوب، وسَالُومَة، مَوادَّ عَطِرَة كَي يَذهَبْنَ ويَضَعْنَها على جَسَدِ يَسُوع. + ٢ وفي أوَّلِ يَومٍ مِنَ الأُسبوع، جِئْنَ إلى القَبرِ * باكِرًا جِدًّا عِندَ شُروقِ الشَّمس. + ٣ وكُنَّ يَقُلْنَ بَعضُهُنَّ لِبَعض: «مَن سيُدَحرِجُ لنا الحَجَرَ عن مَدخَلِ القَبر؟». ٤ ولكنْ لمَّا تَطَلَّعْنَ، رَأيْنَ أنَّ الحَجَرَ قد دُحرِج، مع أنَّهُ كانَ كَبيرًا جِدًّا. + ٥ ولمَّا دَخَلْنَ إلى القَبر، رَأيْنَ شابًّا جالِسًا على اليَمينِ ولابِسًا ثَوبًا أبيَض، فتَفاجَأْنَ. ٦ فقالَ لهُنَّ: «لا تَتَفاجَأْنَ. + أنتُنَّ تُفَتِّشْنَ عن يَسُوع النَّاصِرِيِّ الَّذي عُلِّقَ على خَشَبَة. لقد أُقيمَ مِنَ المَوت، + وهو لَيسَ هُنا. أُنظُرْنَ، هذا هوَ المَكانُ الَّذي وَضَعوا جَسَدَهُ فيه. + ٧ ولكنِ اذهَبْنَ وقُلْنَ لِتَلاميذِهِ ولِبُطْرُس: ‹إنَّهُ يَسبِقُكُم إلى الجَلِيل. + وهُناك ستَرَوْنَه، مِثلَما قالَ لكُم›». + ٨ فخَرَجْنَ مِنَ القَبرِ وهَرَبْنَ، وكُنَّ يَرجُفْنَ مِنَ الخَوفِ والصَّدمَة. ولم يَقُلْنَ شَيئًا لِأحَدٍ لِأنَّهُنَّ كُنَّ خائِفات. *+
حرفيًّا: «أمام وجهك».
أو: «البرية».
أو: «غطَّسهم؛ غمرهم بالماء».
حرفيًّا: «نجس».
أو ربما: «عرفوا مَن هو».
حرفيًّا: «عرف بروحه».
أو: «كان متَّكِئًا إلى الطاولة».
أو: «يتَّكِئون إلى الطاولة».
حرفيًّا: «زِقاق».
حرفيًّا: «يابسة».
حرفيًّا: «يابسة».
حرفيًّا: «النجسة».
أو: «عيَّن».
أو: «عيَّنه».
أو: «الحماسي؛ الغيور».
أو: «بيلزبوب؛ بعل زبوب». لقب يُطلَق على الشيطان.
حرفيًّا: «نجس».
أو: «العصر؛ نظام الأشياء».
حرفيًّا: «ليوضَع تحت مكيال».
أو: «فراش صغير».
أو: «لماذا أنتم ضعفاء القلب؟».
أو: «القبور التذكارية».
حرفيًّا: «نجس».
حرفيًّا: «فيلق».
أو: «منطقة العشر مدن».
أو: «مريضة جدًّا».
أو: «عانت من أوجاع كثيرة».
أو: «لا تَخَف بعد الآن».
أو: «أوصاهم بشدة».
حرفيًّا: «القوَّات».
يمكن أن تشير صيغة الجمع اليونانية إلى المثنى.
أو: «فكانوا يتعثَّرون بسببه».
حرفيًّا: «النجسة».
حرفيًّا: «نحاسًا».
حرفيًّا: «لا يلبسوا ثوبَين».
أي: هيرودس أنتيباس.
أو: «والذين يتَّكِئون معه إلى الطاولة».
أو: «أمام الذين يتَّكِئون إلى الطاولة».
أو: «قبر تذكاري».
حرفيًّا: «بارك».
حرفيًّا: «في الهزيع الرابع من الليل تقريبًا»، وهي فترة تمتد من حوالي الثالثة صباحًا إلى شروق الشمس عند السادسة تقريبًا.
أو: «وكان على وشك».
حرفيًّا: «قلبهم».
أي: غير مغسولة بحسب التقاليد والطقوس.
حرفيًّا: «معموديات».
أو: «يقول كلامًا مهينًا على».
حرفيًّا: «عن المَثَل».
جمع للكلمة اليونانية پورنِيا.
أو: «السلوك الوقح». باليونانية أَسِلغِيّا.
حرفيًّا: «نجس».
أو: «بالولادة».
أو: «منطقة العشر مدن».
أو: «صائمين».
حرفيًّا: «باركها».
حرفيًّا: «في روحه».
حرفيًّا: «قلبكم».
حرفيًّا: «إذهب ورائي».
حرفيًّا: «نفسه».
حرفيًّا: «نفسه».
حرفيًّا: «نفسه».
حرفيًّا: «نفسه».
حرفيًّا: «الزاني».
أو: «تجلَّى».
حرفيًّا: «رابِّي».
أو ربما: «احتفظوا بالأمر لأنفسهم».
حرفيًّا: «النجس».
حرفيًّا: «يسبِّب التعثُّر ل».
أو: «حجر طحن يُديره حمار».
حرفيًّا: «تتعثَّر».
حرفيًّا: «تتعثَّر».
حرفيًّا: «تتعثَّر».
حرفيًّا: «ما جمعه اللّٰه في نير واحد».
أو ربما: «قالوا بعضهم لبعض».
أو: «العصر؛ نظام الأشياء».
حرفيًّا: «الأمم».
حرفيًّا: «نفسه».
بالعبرانية رابُّوني.
حرفيًّا: «أُوصَنَّا (هوشَعنا)».
حرفيًّا: «رابِّي».
حرفيًّا: «رأس الزاوية».
أي: الضريبة التي تُفرَض على كل شخص.
حرفيًّا: «الأولى».
أو: «وأفضل المقاعد».
حرفيًّا: «يأكلون بيوت».
أو: «صناديق الخزينة».
حرفيًّا: «لِپتونَين، أي رُبعًا».
أو: «صناديق الخزينة».
أو: «فرغم فقرها».
حرفيًّا: «أوجاع الولادة؛ المخاض».
حرفيًّا: «جسد».
حرفيًّا: «الرياح».
حرفيًّا: «عندما يصيح الديك».
أو: «الخبز بلا خميرة؛ الخبز غير المُختمِر».
أو: «يتَّكِئ إلى الطاولة».
أو: «تكلَّموا معها بغضب؛ وبَّخوها».
حرفيًّا: «فضة».
أو: «الخبز بلا خميرة؛ الخبز غير المُختمِر».
أو: «متَّكِئين».
حرفيًّا: «بارك».
أو: «المعاهدة؛ الاتفاق».
أو: «رنَّموا مزامير».
حرفيًّا: «ستتعثَّرون».
حرفيًّا: «تعثَّر».
أو: «ذهول؛ قلق».
حرفيًّا: «نفسي حزينة».
كلمة عبرانية أو أرامية معناها «أب» أو «يا أبي»، وتعبِّر أيضًا عن المشاعر الدافئة التي تحملها كلمة «بابا» بالعربية.
أو: «مستعد؛ راغب».
حرفيًّا: «رابِّي».
أو: «بلباسه الداخلي فقط». حرفيًّا: «هرب عاريًا».
السنهدريم هو المحكمة اليهودية العليا.
حرفيًّا: «يمين القدرة».
أو: «فما رأيكم؟».
أو: «ضفَّروا».
أو: «الجُلجُلة».
حرفيًّا: «الساعة الثالثة»، بحسب التوقيت اليهودي.
حرفيًّا: «الساعة السادسة»، بحسب التوقيت اليهودي.
حرفيًّا: «الساعة التاسعة»، بحسب التوقيت اليهودي.
أو: «الحجاب».
أو: «قبر تذكاري».
أو: «القبر التذكاري».
بحسب مخطوطات قديمة موثوق بها، ينتهي إنجيل مرقس بكلمات الآية ٨.