مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٢ ٢٢/‏٢ ص ٢٠-‏٢٤
  • بعيدا عن الموطن،‏ وعدت ان اخدم اللّٰه

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • بعيدا عن الموطن،‏ وعدت ان اخدم اللّٰه
  • استيقظ!‏ ١٩٩٢
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • المشاكل في زمن الحرب
  • المشقَّات الحقيقية تبدأ
  • وضعي يتحسَّن
  • معاملة قاسية إضافية
  • الى سيبيريا!‏
  • الرجوع الى الموطن اخيرا!‏
  • ارض جديدة،‏ حياة جديدة
  • نجونا بعون يهوه من قبضة نظامَين مستبدَّين
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٧
  • لا شيء افضل من الحق
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٨
  • يا له من فرح ان نجلس على مائدة يهوه!‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
  • وعد قطعت العهد ان أفيَ به
    استيقظ!‏ ١٩٩٨
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٢
ع٩٢ ٢٢/‏٢ ص ٢٠-‏٢٤

بعيدا عن الموطن،‏ وعدت ان اخدم اللّٰه

البَرَد والثلج المتطايران كانا يلسعان وجوهنا.‏ والرياح القارسة صارت آنذاك هوجاء.‏ فرفض سائقو شاحناتنا المضيَّ الى مكان ابعد.‏ «اخرجوا جميعا وسيروا!‏» جرى اصدار هذا الامر المختصر بزعيق شديد بحيث لم يجرؤ ايّ منا على الرفض.‏ ولذلك سرنا الميلين الاخيرين (‏٣ كلم)‏ او نحو ذلك عائدين الى معسكرنا في سيبيريا —‏ بائسين،‏ حانّين الى الموطن،‏ وشاعرين بالبرد.‏

كنا نحو ١٥٠ شخصا —‏ الكل سجناء ألمان تحت حراسة ستة حرّاس روس.‏ وكانت العاصفة المتواصلة شديدة حتى انه كان علينا ان ننحني ٤٥ درجة الى الامام ضد الريح.‏ ومدى الرؤية انخفض الى نحو خمسة رجال امامنا.‏ ومن وقت الى آخر،‏ كانت الريح المواجهة العاصفةُ تضعف فجأة،‏ مسبِّبة لنا السقوط الى الامام على وجوهنا!‏

وأخيرا،‏ وصلنا الى المعسكر،‏ منهوكين كليّا.‏ وكان في تلك الليلة في سيبيريا،‏ بدرجة حرارة تبلغ ٦٠ درجة فهرنهايت تحت الصفر (‏—‏ ٥٠° م)‏،‏ انني وعدتُ اللّٰه انني اذا عدت يوما ما الى الموطن ألمانيا،‏ فسأجد طريقة لخدمته.‏

المشاكل في زمن الحرب

ولدت في السنة ١٩٢٨ في برلين،‏ ألمانيا.‏ وعندما بلغت العاشرة من العمر تقريبا،‏ صرت عضوا في حركة الشبيبة الهتلرية.‏ وفي ما بعد،‏ ارادت والدتي ان اكون مثبَّتا في الكنيسة،‏ ولذلك جعلتني احضر صفوف التعليم الديني.‏ ويا للأسف،‏ فقبل تثبيتي بيومين فقط،‏ ماتت.‏ كنت اشعر بالوحشة للغاية فبدأت اصلِّي بالطريقة الفضلى التي اعرفها،‏ متحدِّثا الى اللّٰه عن مشاكلي.‏

كانت الحرب العالمية الثانية تزداد حدَّة،‏ وكانت هنالك غارات جوية على برلين كل يوم وكل ليلة تقريبا.‏ والاسلوب الوحشي كان ان تحلِّق موجة من قاذفات القنابل فوقها وتلقي قنابل حارقة،‏ عادةً فسفورية.‏ ثم،‏ فيما يغادر الناس —‏ بصورة رئيسية النساء والاولاد —‏ ملاجئهم ليطفئوا الحرائق،‏ تجري مفاجأتهم في العراء وتمزيقهم إلى اشلاء عندما تلقي موجة القاذفات التالية قنابلها الاكبر المشحونة بالمتفجرات.‏

وذات شتاء ألقت القوّات الجوية المَلَكية قنابل موقوتة جرى ضبطها مسبقا لتنفجر،‏ لا عند الاصطدام،‏ بل في الساعة ٠٠:‏٧ مساء في ٢٤ كانون الاول.‏ لقد عرفوا ان العائلات تجتمع معا في تلك الليلة قبل عيد الميلاد.‏ واستمر السؤال يجول في ذهني:‏ ‹لماذا يسمح اللّٰه بحدوث مثل هذه الامور الفظيعة؟‏›‏

في السنة ١٩٤٤،‏ قرَّرت الالتحاق بالجيش.‏ ولكن عند اجراء الفحص الطبي العام النهائي لي،‏ جرى اخباري بأنني لست بعد قويا كفاية للخدمة العسكرية ويجب ان اعود بعد ستة اشهر.‏ وأخيرا،‏ في آذار ١٩٤٥،‏ استُدْعيت الى الالتحاق بالجيش،‏ ولكنني قررت ان لا امثُل لاداء الواجب.‏

المشقَّات الحقيقية تبدأ

بعد ذلك بوقت قصير،‏ في أيار ١٩٤٥،‏ انتهت الحرب العالمية الثانية.‏ كان والدي قد أُخذ اسير حرب،‏ والجيش السوڤياتي كان يحتل الآن قطاعنا من برلين.‏ وخلال الاشهر التالية،‏ كان علينا ان نعمل للقوَّات المحتلة،‏ حازمين المعدّات الآلية وتجهيزات اخرى لمعمل كيميائي لارجاعها الى روسيا.‏ قدَّم لي ذلك فرصة التعرف ببعض الروس.‏ ولدهشتي وجدت انهم اناس مثلنا تماما،‏ اذ يعتقدون ان معركتهم هي لاجل الحرية ولاجل عالم أفضل.‏

وفي ٩ آب ١٩٤٥،‏ نحو الساعة الثانية بعد الظهر،‏ توقفت سيارة امام منزلنا.‏ فترجَّل جنديّان روسيّان ومدنيّ،‏ وبعدما عرفوا اسمي،‏ أقحموني في السيارة.‏ واعتُقل ايضا في ذلك اليوم عدد من الاحداث الآخرين.‏ وأخيرا أُخذنا جميعا الى ضاحية قريبة.‏ وجرى اتهام معظمنا بأننا اعضاء في منظمة ڤَرڤولف،‏ التي لم يسمع بها ايضا ايّ منا.‏

وأحد الفتيان الاصغر سنا ادَّعى انني اعرف عناوين احداث آخرين.‏ فأنكرت ذلك وهكذا أُلقيت في قَبْو مظلم رطب مع المُخبر الصغير السن.‏ واذ كنت منفردا في القَبْو —‏ شاعرا بالبرد ومستوحشا للغاية —‏ سالت الدموع على وجنتيَّ عندما ركعت وصلَّيت الى اللّٰه.‏ لقد بدا ان الصلاة تساعد دائما.‏ وفي الواقع،‏ عندما جرى اخراجي في تلك الليلة من الزنزانة وسُمح لي بالرجوع الى باقي الفتيان،‏ علَّق كثيرون على مزاجي المرح على الرغم مما كنت قد قاسيته.‏

وبعد اسبوع او اثنين،‏ سرنا الى بلدة كُپنيك،‏ على بُعد مسافة قصيرة.‏ وهناك جرى إجلاسنا في الخارج على الارض الصلبة.‏ وبدأت تمطر.‏ وفي آخر الامر جرى استدعاء الصبيان الى المنزل في فِرقٍ يتألف كل منها من خمسة اشخاص كل مرة.‏ سمعنا صراخ اولئك الذين سبقونا ورأيناهم يخرجون وهم ينزفون ويرفعون سراويلهم.‏ لقد جرى انتزاع احزمتهم وقطع الازرار العليا لسراويلهم لكي تسقط إن لم تُرفع باليد.‏ واذ دخل فريقنا،‏ عرفنا ان شيئا مروِّعا ينتظرنا.‏

لم يكن لديَّ حزام ولكن عوض ذلك كنت لابسا حِمالة للسروال.‏ فعندما رآها الرقيب،‏ انتزعها من سروالي وبدأ يضربني بها في وجهي.‏ وفي الوقت نفسه كان جنديّان آخران يرفسانني ويضربانني.‏ فنزفت بغزارة من انفي وفمي.‏ ولو لم يسحبني جنود آخرون بعيدا لربما قُتلت.‏

ومن جديد وُضعنا في اقبية وسُمح لنا بالخروج فقط الى المرحاض مرة واحدة كل صباح.‏ وخصص لنا وقت محدَّد،‏ اذ سُمح لنا بدقيقتين فقط لقضاء حاجتنا.‏ وكل مَن يجرؤ على البقاء مدة اطول يعرِّض نفسه لخطر دفعه الى حفرة الغائط البشري.‏ وثمة شخص مسكين غرق عندما دُفع اليها.‏

وضعي يتحسَّن

بعد اربعة ايام جرى حشرنا في شاحنات وأخذنا الى معسكر في هُوِنْشونْهاوزن.‏ كنا نحو ٦٠ شخصا بين الـ‍ ١٣ والـ‍ ١٧ من العمر،‏ بالاضافة الى نحو ٠٠٠‏,٢ راشد.‏ وجرى تعيين السجناء الپولنديين لسكب الحساء،‏ وكانوا يتأكدون اننا نحن الاصغر سنا نُخدم اولا دائما.‏

ثم،‏ في ١١ ايلول ١٩٤٥،‏ في وقت مبكِّر جدا من الصباح،‏ بدأنا السير الى معسكر زاكسنهاوزن للاعتقال،‏ على بعد نحو ٣٠ ميلا (‏٥٠ كلم)‏.‏ واولئك الذين ماتوا خلال المسيرة جرى طرحهم على عربة يجرُّها حصان،‏ كالذين كانوا اضعف من ان يمشوا.‏ وبعد الظهر بدأت تمطر.‏ وفي نهاية الامر،‏ في وقت متأخر من الليل،‏ وصلنا الى بوّاباب احد المعسكرات الجانبية،‏ مرهقين،‏ شاعرين بالبرد،‏ ومنهكين.‏ وفي اليوم التالي مشينا الى المعسكر الرئيسي.‏ فجرى تعيين مئتي شخص لكل ثُكنة.‏

ليس بعيدا عن زاكسنهاوزن،‏ كان هنالك مستودع كبير لخزن الاغذية في بلدة تدعى فِلْتِنْ.‏ وكان السجناء هناك يحمِّلون القطارات الذاهبة الى روسيا القمح والمواد الغذائية الاخرى.‏ وبعد العمل هناك لفترة،‏ جرى اختياري للعمل كصبي موزِّع.‏ وكان تعييني ان آخذ نتائج الفحوص الطبية من المعسكر الروسي هناك الى المختبر الذي يبعد قليلا.‏ فيا له من تغيير سارّ!‏

تقاسمت غرفة مع صبي موزِّع آخر ومُمرِّض روسي.‏ فكان يجري اعطاؤنا كل يوم شراشف جديدة ومقدار ما نريد من البطّانيّات.‏ وطعامنا كان افضل بكثير،‏ وكانت لدينا حرية الذهاب الى ايّ مكان نريده.‏ ولذلك بدأنا الصبي الموزِّع الآخر وأنا باستكشاف اراضي ما كان سابقا معسكر زاكسنهاوزن للاعتقال الذي استعمله النازيون.‏

وفي الناحية البعيدة من المعسكر،‏ زرنا غرف الغاز وأفران حرق الجثث.‏ وبصعوبة استطعت تصديق ما كان قد فعله النازيون.‏ لقد صُدمت.‏ وعلى الرغم من انني لم اكن أُعامل شخصيا بطريقة سيئة،‏ فإن مئات من السجناء الالمان الرفقاء كانوا يموتون كل يوم في المعسكر الرئيسي.‏ وكانت جثثهم تطرح على عربات وتؤخذ الى المدافن الجماعية في الغابة.‏

وذات يوم اكتشفنا لوحا اسود يسجِّل مختلف انواع السجناء الذين كانوا في معسكر الاعتقال خلال زمن هتلر.‏ وبين اولئك المسجلين كان شهود يهوه.‏ ولم أعرف آنذاك انني سأحصل يوما ما على امتياز الصيرورة انا نفسي واحدا من شهود يهوه.‏

معاملة قاسية إضافية

ان الاحوال المتحسِّنة التي كنت اتمتع بها لم تدُم طويلا.‏ فقد أوقفني ضابط وطلب معرفة سبب اختلاسي بعض الامدادات الطبية.‏ وعلى الرغم من قولي له انني لا اعرف شيئا عمّا يتهمني به،‏ لم يصدِّقني،‏ فوُضعت في حبس انفرادي.‏ وفي الزنزانة الصغيرة،‏ حصلت على القليل جدا من الطعام ولم احصل على بطّانيّات،‏ مع انه كان فصل الشتاء.‏ وبعد ذلك،‏ فجأة،‏ في اليوم الـ‍ ١١،‏ أُطلق سراحي.‏

وفيما كنت اسير عائدا،‏ فوجئت عندما رحَّب بي بحرارة الجندي الشاب الذي في الخدمة عند البوّابة التي تؤدي الى المعسكر الرئيسي.‏ لقد كان في السابق غير ودِّي نحوي.‏ ولكن آنذاك طوَّقني بذراعه وبلغة ألمانية ركيكة قال ان والديه قتلهما الڠستاپو وانه كان في معسكرات الاعتقال الالمانية.‏ وقال بأنه يعرف انني بريء.‏

وبعيد ذلك،‏ أُخبرنا نحن السجناء الاوفر صحة بأنه سيجري إرسالنا الى مكان آخر للعمل.‏ وفي ٣٠ كانون الثاني ١٩٤٦،‏ جرى حشرنا على متن قطار ذي رفوف علوية وسفلية غير متقنة.‏ فكان هنالك ٤٠ سجينا في كل مقطورة،‏ الامر الذي عنى زحمة شديدة جدا على الرفوف.‏ لقد كان من الصعب النوم في الليل،‏ لانه عندما يتقلَّب احد الاشخاص،‏ كان على الجميع ان يتقلَّبوا معه.‏

كانت هنالك كل انواع الاشاعات حول وجهتنا،‏ ولكن تبرهن انها كلها خاطئة.‏ وفي التوقف الاول،‏ انضمَّ الينا ٥٠٠ سجين اضافي من معسكر آخر.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ كنا نحصل على حصة يومية من شيء من الخبز الجاف القاسي مع سمكة رَنْكة مملَّحة وقليل من الحساء الساخن.‏ وكل يومين كنا نُعطى فنجانا صغيرا من الشاي.‏ وفي محاولة لاطفاء عطشهم،‏ كان معظم الرجال يلعقون جدران مقطورات القطار المغطاة بالجليد.‏ وعندما وصلنا الى ضواحي موسكو،‏ استحممنا بالدُّش وجرت ازالة القمل منا.‏ وأعتقد انني شربت دلو ماء بكاملها في ذلك اليوم.‏

الى سيبيريا!‏

في ٦ آذار ١٩٤٧،‏ وصلنا الى پروكوپييفسك،‏ سيبيريا.‏ وكان سكان المدينة المدنيون خليطا من انحاء كثيرة من الاتحاد السوڤياتي.‏ والثلج الكثيف كان في كل مكان،‏ وفي بعض الاماكن الى علوّ السياجات.‏ والثُّكنات كانت قد بُنيت جزئيا تحت الارض لتزويد الحماية من برد الشتاء القارس.‏ وكان خلال بقائنا هنا ان فريقا منا قاسى التجربة المهدِّدة للحياة التي وصفتها في البداية.‏

السنة الاولى في سيبيريا كانت سنة صعبة.‏ فقد أُصيب المعسكر بتفشٍّ خطير للزُّحار.‏ فمات عدد ليس بقليل.‏ وأنا ايضا مرضت جدا وفي احدى المراحل يئست من الشفاء.‏ وثمة فائدة كانت لنا في المعسكر وهي اننا كنا نحصل على حصصنا اليومية من الخبز،‏ في حين كان على معظم الروس الساكنين في پروكوپييفسك ان يقفوا ساعات في البرد،‏ وبعد ذلك كانت مؤن الطعام تنفد احيانا قبل تمكُّنهم من الحصول على ايّ شيء منها.‏

في خريف السنة ١٩٤٩،‏ وصلت من موسكو لجنة ضباط قضائيين لتعيد النظر في اقوالنا الاولية ولتقرِّر ماذا سيجري فعله بنا.‏ فأجرى المقابلة معي ضابط وطني شاب،‏ بدا انه يكره كل الألمان.‏ لقد كنت شاكرا على عدم نيلي عقوبة بالسَّجن.‏ ونحن الذين لم ننل العقوبات جرى نقلنا الى ستالينسك،‏ المدعوة الآن نوڤوكوزنيتك،‏ حيث جرى تعييننا للعمل في بناء محطة لتوليد القدرة.‏

الرجوع الى الموطن اخيرا!‏

وفي نهاية الامر،‏ في آذار ١٩٥٠،‏ جرت اعادتنا الى ألمانيا،‏ وفي ٢٨ نيسان اتحدت اخيرا بعائلتي من جديد.‏ وعلى الرغم من انه كان فرحا عظيما ان اكون في الموطن،‏ فان مشاكلي لم تنتهِ.‏ فبسبب علاقتي الوجيزة مع الشبيبة الهتلرية،‏ عاملتني السلطات الشيوعية في ألمانيا الشرقية كمتعاطف مع النازيين وزوَّدتني فقط بنصف الحصة العادية من الطعام واللباس.‏ ولذلك بعد وصولي الى الموطن بثلاثة اسابيع فقط،‏ انتقلت من برلين الشرقية الى برلين الغربية.‏

ومع ذلك،‏ لم انسَ وعدي انني اذا عدت يوما ما الى الموطن ألمانيا،‏ فسأجد طريقة لخدمة اللّٰه.‏ وكثيرا ما كنت اقف امام الكنيسة،‏ ولكنني لم اتمكن من إقناع نفسي بالدخول.‏ فصرت خائب الرجاء في الدين،‏ ولذلك قررت ان استمر في الصلاة الى اللّٰه بصورة شخصية،‏ طالبا ان يُظهر لي طريقة استطيع بها ان اخدمه.‏

بعد مدة تزوَّجت تيلي،‏ وولد لنا ابن،‏ بارنت.‏ ثم،‏ في ربيع السنة ١٩٥٥،‏ بدأ زميل في العمل هو واحد من شهود يهوه بالتكلم معي عن اللّٰه.‏ ولكنني سرعان ما فقدت الاتصال به عندما غادرنا البلد فجأة.‏ ففي وقت سابق كنت قد قدَّمت طلبا للهجرة الى اوستراليا.‏ ورحيلنا المفاجئ حفزته برقية اعلمتنا ان طلبنا قد قُبل وأنه يجب ان نكون على استعداد للابحار من بريمرهاڤن في غضون ثلاثة ايام.‏

ارض جديدة،‏ حياة جديدة

وأخيرا استقررنا بآ‌ديلَيد.‏ وهنا زارنا شاهد يتكلم الالمانية في اواخر السنة ١٩٥٧.‏ لقد كنا مسرورَين جدا!‏ وبسرعة احرزنا تقدُّما جيدا في درسنا القانوني للكتاب المقدس.‏ ولكن لنكون صادقَين،‏ بعد كل ما عانيناه تيلي وأنا،‏ كان اهتمامنا الرئيسي في بادئ الامر التحرر من الظلم.‏ والآن اذ اتينا الى اوستراليا المشمسة،‏ شعرنا بحرية كحرية الطيور وأحببنا ذلك.‏ ولكن سرعان ما اكتشفنا انه حتى هنا توجد اشكال من الظلم،‏ المشاكل الاقتصادية،‏ وضغوط الحياة الاخرى.‏

كم كنا شاكرَين ان نعلم السبب الاساسي.‏ «العالم كله موضوع تحت سلطان الشرير،‏» يقول الكتاب المقدس.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ ونتيجة لذلك ستكون هنالك مشاكل بصرف النظر عن البلد الذي نعيش فيه.‏ وأيضا كنا مسرورَين جدا ان نعلم معنى الصلاة التي كثيرا ما ردَّدتها:‏ «ليأت ملكوتك.‏» وصرنا ندرك ان ملكوت اللّٰه هو حكومة حقيقية،‏ حكومة سماوية،‏ وأن المسيح يسوع قد نُصِّب ملكا لهذا الملكوت في السنة ١٩١٤.‏ وكم كان مثيرا ان نعلم ان ملكوت اللّٰه كان قد بدأ العمل منذ ذلك الحين —‏ انه طرد الشيطان وأبالسته من السموات وأنه قريبا،‏ في اثناء الضيق العظيم،‏ سيجري تنظيف الارض من كل شرّ!‏ —‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠؛‏ رؤيا ١٢:‏١٢‏.‏

‏«هذا هو،‏» قلت.‏ الآن عرفت كيف احافظ على وعدي للّٰه.‏ ولذلك في ٣٠ كانون الثاني ١٩٦٠،‏ بدأت اتمِّم وعدي بخدمة اللّٰه بالمعمودية رمزا الى انتذاري له،‏ وتيلي انضمت اليَّ في الانتذار المسيحي.‏

منذ ذلك الحين،‏ ولاكثر من ٣٠ سنة،‏ نتمتع ببركات متنوعة في خدمة اللّٰه.‏ وبارنت لديه الآن عائلته الخاصة،‏ وهو ايضا يخدم كشيخ في الجماعة المسيحية.‏ وفي السنة ١٩٧٥ بعنا منزلنا لكي نتمتع بحرية التنقل والخدمة حيث توجد حاجة اعظم ليكرز الشهود بالبشارة.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٨٤،‏ قبلت العرض ان اخدم كحارس لقاعة المحافل لشهود يهوه في آديلَيد.‏

كم يسرُّنا زوجتي وأنا انني استطعت ان أفي بالوعد الذي قطعته للّٰه عندما كنت بعيدا عن الموطن في سيبيريا منذ اكثر من اربعة عقود.‏ وبتواضع نعتقد انه تبرهنت لنا مرّات كثيرة متتالية صحة المثل الموحى به:‏ «في كل طرقك اعرفه وهو يقوِّم سبلك.‏» (‏امثال ٣:‏٦‏)‏ —‏ كما رواها ڠارت فكنِر.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

مع زوجتي،‏ تيلي

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة