عالم جديد جالب الاكتفاء للجميع
مع ان ذلك يمكن ان يكون صعب التصديق، فإن عالما جديدا هو في الواقع قريب. وسيصل في الوقت المناسب لإنقاذ ارضنا قبل ان تُتلَف كاملا قدرتها على دعم الحياة. وسيزيل هذا العالم الجديد كل المخاطر التي تهدِّد الوجود البشري. فكيف سيفعل ذلك؟
بعد الاشارة الى حراجة الوضع العالمي، سأل المؤرخ آرنولد ج. تويْنْبي قبل سنوات: «ماذا يجب ان نفعل لكي نخلص؟» وإذ اجاب عن سؤاله الخاص، قال: «في السياسة، نؤسِّس نظاما تعاونيا دستوريا لحكومة عالمية.»
ولكن على الرغم من كونه «نظاما تعاونيا،» فالعالم الجديد الآتي لن يكون «في السياسة.» ولن يشمل الديمقراطية او اية عقيدة سياسية اخرى من صنع الانسان. وسيحقِّق هذا العالم الجديد اهدافه لأن حكومة واحدة فقط ستحكم عليه. وفي سلسلة مدهشة من الاجراءات، ستستأصل هذه الحكومة العالمية سريعا كل المشاكل التي تواجه البشرية اليوم. كيف؟ بإزالة اسباب هذه المشاكل والعقبات التي كثيرا ما تُحبِط الجهودَ لمعالجتها.
على نحو واقعي، كيف يمكن ان يُنجَز ذلك؟ ألا يكون اشخاص ناقصون يحكمون بعدُ، اشخاص تبيَّن انهم فاسدون وغير قادرين على حلّ مشاكل الانسان؟ حسنا، تخيَّلوا فقط لو ان هنالك حكاما كاملين لهذه الحكومة العالمية، يهتمون على نحو غير اناني بمصالح رعاياهم. ثم تأملوا في الطريقة التي يمكن بها حلّ المشاكل.
حلول متزامنة
بوجود حكومة عالمية من حكام كاملين، لن توجد في ما بعد كل امة وشكلها الخاص من الحكومة. ولن يمارس في ما بعد رجال الدولة، السفراء، والسياسيون الآخرون السلطة على القوميات، القبائل، والعروق الكثيرة للجنس البشري. والعواصم المحلية والقومية الكثيرة، مع أبنيتها ومقارّ مؤسساتها الرسمية لن تكون لازمة. وسيُنهي ذلك الصيانة المكلِّفة لمثل هذه المباني الضخمة، بالاضافة الى نفقات سفر الرسميين الذين يحضرون الجلسات، اجتماعات اللجان، والمؤتمرات الوطنية ومؤتمرات القمة. وكل الانظمة الحكومية البيروقراطية المبذِّرة تكون قد مضت ايضا، مع مساعديها، امناء سرّها، وموظَّفيها الكثيرين، بالاضافة الى الاجراءات الرسمية العقيمة التي تعيق التقدُّم.
وسيصير السلام حقيقة لأن القومية المقسِّمة تكون قد ولَّت، وحلَّت محلها سلطة عالمية موحَّدة. والجيوش، الاساطيل البحرية، والقوى الجوية، مع كل اسلحتها، اركانها الحربية من قواد ذوي رتبة عالية، وضباط ادنى رتبة، لن يكونوا لازمين في ما بعد لحماية سيادة كل امة. ولن توجد هنالك اية انظمة تجسُّس. وفي ظل حكومة عالمية ذات حكام كاملين، لن تكون هنالك اسواق حرة او سوداء يمكن فيها شراء الاسلحة او بيعها؛ ولن تكون هنالك اية مقاطعات متنازَع عليها. وكل شعوب الارض سيكونون اخوَّة واحدة لا تنقسم. ولذلك ستختفي القومية.
تأملوا في الفوائد الاضافية التي ستعود على الناس في ظل حكومة واحدة غير مقسَّمة ذات حكام كاملين. فرجال الاعمال ذوو النفوذ، مثل اصحاب مصانع الاسلحة الحربية، لن يكون لديهم سبيل للتأثير في السياسيين بحيث يتمكَّنون من الاستمرار في صنع منتوجاتهم المهلكة وبيعها. ولن يكون هنالك في ما بعد مؤثِّرون ماهرون في الاوساط التشريعية يستميلون الرسميين في صدد بعض القوانين او مشاريع القوانين التي تؤثِّر في المصالح المحلية فقط؛ ولا تشابك في الدوائر الحكومية المتخصِّصة التي تعمل على نحو متعارض، منفقة مبالغ طائلة من المال على مشاريع باطلة تفيد قليلين فقط؛ ولا عرقلة لحلول مشاكل التلوُّث لاسباب تجارية انانية (لإبقاء الارباح مرتفعة)؛ ولا إبطال لقوانين تحمي الانواع التي يعرِّضها للخطر اصحاب المصالح الخصوصية ذوو النفوذ.
معالجة مشاكل اخرى
ان حكومة عالمية كاملة كهذه لن تسمح بالظلم. فلدى تولِّيها السيطرة، ستتأكد من ان الاعمال الاجرامية قد عولجت بطريقة صائبة عادلة. ولهذا السبب، سيتحرَّر المواطنون من الخوف من ان يباشر القاتلون الاكثر خطرا فورات قتل.
وماذا عن الشبكة العالمية لعصابات الجريمة المنظَّمة ومنظمات بيع المخدِّرات ذات النفوذ؟ بامكان حكومة عالمية كاملة ان تنهي هذه كاملا. والقوانين القومية التي تمنع تسليم المجرمين لن تكون في ما بعد ملاذا آمنا لمثل هؤلاء المجرمين الامميين. والاستعمال الماكر للثُّغَر في القوانين المحلية وللروابط السياسية ذات التأثير من قِبَل مخالفي القانون هؤلاء سيكون شيئا من الماضي. والعمل الواحد لاستئصال الجريمة سيخلِّص الارض ايضا من مفاسد اجتماعية اخرى كثيرة، مثل المقامرة، حروب العصابات، الاباحية، الدعارة، والتهريب. فيا لها من معالجة فعَّالة واقتصادية!
نعم، كل المشاكل المعقَّدة، الصعبة، والشائكة التي تستعصي اليوم على مفكِّري الجنس البشري الاكثر ذكاء سيجري حلّها كاملا في عالم جديد كهذا. وكل واحدة ستُعالَج على نحو دائم — بصورة حاسمة. ولن يكون ابدا على الاجيال اللاحقة ان تعانيها من جديد.
ليس حلما لا يمكن تحقيقه
‹لكن،› قد تسألون، ‹من اين سيأتي الحكام الكاملون ليحكموا على عالم جديد كهذا؟› ان خالق الانسان سيزوِّدهم! أيبدو ذلك صعب التصديق؟ حسنا، تأملوا: لو كانت لديكم القدرة على فعل ذلك، ألا تُنهون كل الاوضاع على الارض التي تسبِّب الكثير من الشدة؟ طبعا تفعلون ذلك! أفنظن اذًا ان خالقنا سيفعل اقل من ذلك؟
والواقع هو ان خالقنا المحب ينوي خلق عالم جديد، والوسيلة لإدخاله هي حكومة عالمية بارة. وهذا ما علَّم ابنُه، يسوع المسيح، البشر ان يصلّوا من اجله بالكلمات: «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» — متى ٦:١٠.
وهذا الملكوت هو حكومة حقيقية، حكومة عالمية. وملكه، يسوع المسيح، «يملك من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض.» (مزمور ٧٢:٨) وسيحل قريبا محلّ جميع الحكومات البشرية، كما تعد كلمة اللّٰه عندما تقول: «في ايام هؤلاء الملوك يقيم اله السموات مملكة [الحكومة التي يسودها ملك اللّٰه، يسوع المسيح] لن تنقرض ابدا وملكها لا يُترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك [الحالية] وهي تثبت الى الابد.» — دانيال ٢:٤٤.
لأن هذه الحكومة العالمية التي يقيمها اله السموات سيديرها حكام فوق الطبيعة البشرية، فإنها ستنجز كل الامور الصالحة التي يعجز عن فعلها الحكام البشر. ويصف الكتاب المقدس حكومة اللّٰه بأنها مَلَكية سماوية تتألف من الملك، يسوع المسيح، تعاونه مجموعة مساعدين من ٠٠٠,١٤٤ شخص روحاني. وكل هؤلاء الحكام سيكونون اشخاصا جديرين بالثقة اظهروا استقامة لا عيب فيها خلال حياتهم على الارض قبل ان يقاموا الى الحياة في السماء. وكلهم سيكونون في وضع ممتاز للعمل من اجل فائدة الجنس البشري لأنهم اختبروا حاجات البشر في اثناء عيشهم على الارض. — رؤيا ١٤:١-٣.
فكِّروا في المشاكل التي يزيلها ذلك. فبسبب كونهم خالدين، لن يتعب ابدا هؤلاء الحكام الروحانيون او يموتوا. (١ كورنثوس ١٥:٥٠، ٥٣) ولا يمكن افسادهم باغراءات لتحريف العدل او لإظهار المحاباة لقاء هبات. وعلى كل حال، ماذا يمكن ان يعطي المرء خلسة كرشوة لشخص روحاني خالد؟ مالا، صندوق مشروبات كحولية غالية الثمن، رحلة الى جزيرة فاتنة، او تذاكر لعرض مسرحي او حفلة موسيقية؟ ان هذه الامور المادية قد تغري البشر ولكن ليس تلك المخلوقات الروحانية. ولذلك لن يعاني الناس الذين يحكمهم هؤلاء الحكام من فساد الحكومات الشائع جدا اليوم.
العالم الجديد سيجلب لكم الاكتفاء
هل انتم شخص اكبر سنا؟ فكِّروا في كل المعرفة، المهارات، والخبرة التي احرزتموها على مرّ السنين. ولكن هل لاحظتم انه فيما قد تكون حالة عقلكم او مَلَكاتكم العقلية جيدة، يكون هنالك ضعف تدريجي ولكن مستمر لقدراتكم الجسدية؟ فجسدكم لم يعد يستجيب لاوامركم العقلية كما كان يفعل في ما مضى. نعم، ان استجاباتكم التلقائية تبطئ، قوتكم تتضاءل، واحتمالكم يقلّ. ونظركم وسمعكم يصيران اضعف وعضلاتكم تصير واهنة اكثر فيما تصير الآلام متكررة اكثر.
ولكن حاولوا ان تتخيَّلوا الحكمة التي جرى احرازها على مرّ سنين كثيرة من الحياة موجودة في جسم شاب افضل ايضا من الجسم الذي كان لكم عندما كنتم في عشريناتكم — نعم، اذ تكون قدراتكم الجسدية جيدة كعقلكم. فكِّروا في الامور الكثيرة التي يمكنكم فعلها وأنتم ببنية صحيحة! وبامتلاك مثل هذا الجسم السليم الذي يستجيب لعقلكم الناضج، ستجدون ان ايّ عمل تمارسونه هو ممتع جدا. وخبرتكم ستمكِّنكم من القيام بالامور بطريقة فعالة اكثر بكثير، مما يضيف الكثير الى اكتفائكم. وإذا كنتم في سن الشباب، فتخيَّلوا فرح المحافظة على شبابكم وقوتكم فيما تنالون الحكمة، المعرفة، والخبرة الى الابد.
والآن، قوموا بخطوة اضافية في هذا الامر، وفكِّروا في زملائكم وأصدقائكم، رفقائكم وأقربائكم، وكلهم في هذه الحالة نفسها. تخيَّلوا ما يمكن ان تنجزوه كلكم من حيث التصميم، البناء، او الحِرف. ويا للآمال البديعة التي يقدمها ذلك للاشخاص الموهوبين، مثل الفنانين، الموسيقيين، المصممين، منظمي الحدائق، البستانيين، وعلماء النبات! فأعمالهم ستكون مذهلة. والامور الرائعة من لوحات، بيوت، بساتين، متنزَّهات — نعم، انتاج آلات موسيقية رائعة وفن اتقانها هي مجرد عدد قليل من اعمالهم المذهلة.
وأحد اهداف حكومة العالم الجديد هذه هو ردّ الجنس البشري الى الكمال الجسدي. فبصركم، سمعكم، والحواس الاخرى ستعمل بأفضل حالاتها. ولِكَم من الوقت؟ حسنا، اذا قدَّمت لكم حكومة بشرية معالجة تضمن تجديدا بنسبة ٥٠ في المئة لكل وظائفكم الجسدية لمدة سنة مقابل اجر ضئيل فقط، ألا تكونون الاول في صف الراغبين في الحصول عليها؟ ان حكومة العالم الجديد هذه تضمن تجددا كاملا بنسبة ١٠٠ في المئة مجانا — ليس لسنة، ٥ سنوات، او ٥٠ سنة، بل طوال الابدية.
فلا تنبذوا، كشيء لا يصدَّق، هذا الامل البديع الذي سيتمتع به بالتأكيد البشر على هذه الارض عينها. وتأملوا، في الصفحات ٧ الى ١٠، في بعض البركات التي سيتمتع بها محبو اللّٰه.
[الاطار/الصور في الصفحات ٧-١٠]
ما سيجلبه العالم الجديد
نهاية للجريمة والعنف
«أما الاشرار فينقرضون من الارض.» — امثال ٢:٢٢.
ازالة للحرب
«يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل. لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.» — اشعياء ٢:٤.
فرة من الخيرات ليأكل الجميع
«تكون حفنة بُرّ في الارض في رؤوس الجبال.» — مزمور ٧٢:١٦.
بيوت جميلة وعمل ممتع لكل شخص
«يبنون بيوتا ويسكنون فيها . . . لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل.» — اشعياء ٦٥:٢١، ٢٢.
سلام بين الناس والحيوانات
«يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي . . . وصبي صغير يسوقها.» — اشعياء ١١:٦.
لا مرض، شيخوخة، او موت في ما بعد
«سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.» — رؤيا ٢١:٤.
قيامة للاحباء الموتى
‹تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوت [يسوع]. فيخرجون.› — يوحنا ٥:٢٨، ٢٩.