مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٤ ٢٢/‏٥ ص ٩-‏١٥
  • حدثات لهنَّ «قدرة فوق ما هو عادي»‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • حدثات لهنَّ «قدرة فوق ما هو عادي»‏
  • استيقظ!‏ ١٩٩٤
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • لَنَي مارْتِينِس
  • كريسْتِل مور
  • ليزا كوساك
  • إرْنسْتِين ڠريڠوري
  • حكمة تتجاوز سنها
    استيقظ!‏ ١٩٨٨
  • اسلكوا كمتعلمين من يهوه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
  • حماية اولادكم من نقل الدم
    خدمتنا للملكوت ١٩٩٢
  • شهود يهوه ومسألة الدم
    شهود يهوه ومسألة الدم
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٤
ع٩٤ ٢٢/‏٥ ص ٩-‏١٥

حدثات لهنَّ «قدرة فوق ما هو عادي»‏

انت حدث.‏ في الـ‍ ١٢ من العمر فقط.‏ لك عائلة تحبها.‏ لديك اصدقاء في المدرسة تتمتع برفقتهم.‏ قمت بنُزَه الى الشاطئ وإلى الجبال.‏ وتشعر بالرهبة عندما تحدِّق في سماء الليل الملآنة نجوما.‏ فالحياة كلها امامك.‏

أما الآن فأنت مصاب بالسرطان.‏ ان خبرا كهذا لَمصيبة عندما تكون في الـ‍ ٦٠.‏ وهو بالاكثر صدمة ساحقة عندما تكون في الـ‍ ١٢.‏

لَنَي مارْتِينِس

هكذا بدت الامور للَنَي مارْتِينِس.‏ فقد كان رجاؤها العيشَ الى الابد على ارض فردوسية.‏ وقد دعَم هذا الرجاءَ تدريبُ الكتاب المقدس الذي كانت تتلقاه من والدَيها اللذين هما من شهود يهوه.‏ أوَلم تقرأ هي بنفسها في الكتاب المقدس ان الارض قائمة الى الابد،‏ انها خُلقت لتُسكَن الى الابد،‏ وأن الودعاء سيرثونها الى الابد؟‏ —‏ جامعة ١:‏٤؛‏ اشعياء ٤٥:‏١٨؛‏ متى ٥:‏٥‏.‏

لكنها الآن في مستشفى ڤالي للاطفال في فريزْنو،‏ كاليفورنيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ لقد أُدخلت فيه بسبب ما بدا انه خمج كلوي.‏ لكنَّ الفحوص اظهرت انها مصابة باللوكيميا.‏ فقرَّر الاطباء الذين يعالجون لَنَي انه من الضروري اجراء نقل لكريّات حمر وصُفيحات مجمَّعة والابتداء بالمعالجة الكيميائية فورا.‏

فقالت لَنَي انها لا تريد دما او منتجات دموية،‏ وإنها تعلَّمت ان اللّٰه يمنع ذلك،‏ كما يَظهر في سفرَي اللاويين والاعمال في الكتاب المقدس.‏ «لأنه قد رأى الروح القدس ونحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة ان تمتنعوا عما ذُبح للاصنام وعن الدم والمخنوق والزنا.‏» (‏اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ ودعَمها والداها في موقفها،‏ لكنَّ لَنَي شدَّدت على ان ذلك هو قرارها الخاص،‏ وهو يهمُّها كثيرا.‏

تحدَّث الاطباء مرارا عديدة الى لَنَي ووالدَيها.‏ ومع ذلك،‏ عادوا من جديد بعد ظهر احد الايام.‏ قالت لَنَي عن تلك الزيارة:‏ «كنت اشعر بضعف شديد بسبب كل هذه الاوجاع وكنت قد تقيَّأت دما كثيرا.‏ طرحوا عليَّ الاسئلة عينها،‏ انما بطريقة مختلفة.‏ فقلتُ لهم ثانية:‏ ‹لا اريد ايّ دم او منتجات دموية.‏ انا افضِّل قبول الموت،‏ اذا لزم الامر،‏ على نكث وعدي ليهوه بفعل مشيئته.‏›»‏

وتابعت لَنَي:‏ «وعادوا في الصباح التالي.‏ كان عدد الصُّفيحات ينخفض،‏ وكانت حرارتي لا تزال مرتفعة.‏ بإمكاني القول ان الطبيب اصغى اليَّ اكثر هذه المرة.‏ ومع ان موقفي لم يعجبهم،‏ قالوا انه بالنسبة الى فتاة في الـ‍ ١٢ من العمر أنا ناضجة جدا.‏ وبعد ذلك دخل طبيب الاطفال الذي ازوره وقال لي انه آسف لما سيقوله لكن لا شيء سيساعدني الا المعالجة الكيميائية ونقل الدم.‏ وغادر المكان قائلا انه سيعود لاحقا.‏

‏«عندما غادر،‏ انفجرت بالبكاء لأنه كان يعتني بي طوال حياتي،‏ وقد شعرت كما لو انه كان يخونني.‏ وعندما عاد لاحقا،‏ اخبرتُه بما جعلني اشعر به —‏ انه لم يعد مهتما بأمري.‏ ففاجأه ذلك،‏ وقال انه آسف.‏ فهو لم يقصد جرح شعوري.‏ ونظر اليَّ وقال:‏ ‹حسنا يا لَنَي،‏ اذا كانت الامور ستجري على هذا النحو،‏ فسأراكِ في السماء.‏› ونزع نظَّارته،‏ وبعينين غشَّاهما الدمع قال انه يحبني وعانقني عناقا حارا.‏ فشكرتُه وقلت:‏ ‹شكرا لك.‏ انا ايضا احبك يا دكتور ڠِلَسْپي،‏ لكنني ارجو ان اعيش على ارض فردوسية في القيامة.‏›»‏

ثم اتى طبيبان ومحام،‏ وقالوا لوالدَي لَنَي انهم يريدون التحدُّث اليها على انفراد،‏ وطلبوا من الوالدَين ان يغادرا الغرفة،‏ وهذا ما فعلاه.‏ وطوال كل هذه المناقشة،‏ كان الطبيبان متفهمَين ولطيفَين جدا وتأثَّرا بتعبيرها الكلامي الواضح وباقتناعها العميق.‏

وفيما هم وحدهم معها،‏ اخبروها بأنها ستموت من اللوكيميا وقالوا:‏ «لكنَّ نقل الدم سيطيل حياتكِ.‏ وإذا رفضتِ الدم،‏ فستموتين بعد ايام قليلة.‏»‏

فسألت لَنَي:‏ «وإذا اخذتُ دما،‏ فكم سيطيل ذلك حياتي؟‏»‏

أجابوا:‏ «نحو ثلاثة الى ستة اشهر.‏»‏

فسألت:‏ «وماذا افعل في ستة اشهر؟‏»‏

‏«ستصيرين اقوى.‏ ويمكنك فعل امور كثيرة.‏ يمكنك زيارة عالم ديزني.‏ ويمكنك رؤية اماكن كثيرة اخرى.‏»‏

ففكرت لَنَي قليلا،‏ ثم اجابت:‏ «لقد خدمتُ يهوه طوال حياتي،‏ ١٢ سنة.‏ وقد وعدني بحياة ابدية في الفردوس اذا اطعتُه.‏ فلن ابتعد عنه الآن من اجل ستة اشهر من الحياة.‏ اريد ان ابقى امينة الى ان اموت.‏ وأنا اعرف انه في وقته المعيَّن سيقيمني من الموت ويعطيني الحياة الابدية.‏ وعندئذ سيكون لي متَّسع من الوقت لأفعل كل ما اريد.‏»‏

كان تأثُّر الطبيبَين والمحامي واضحا.‏ فمدحوها وخرجوا من الغرفة وقالوا لوالدَيها انها تفكِّر وتتكلم كراشدة وهي قادرة على اتخاذ قراراتها الخاصة.‏ وأوصوا لجنة المبادئ الاخلاقية في مستشفى ڤالي للأطفال بأن تعتبر لَنَي قاصرة ناضجة.‏ وهذه اللجنة المؤلفة من اطباء واخصائيين آخرين في مجال العناية الصحية،‏ بالاضافة الى پروفسور في علم الاخلاق من جامعة الولاية في فريزْنو،‏ اصدرت قرارا تسمح فيه للَنَي باتخاذ قراراتها الخاصة المتعلقة بعلاجها الطبي.‏ فقد اعتُبرت لَنَي قاصرة ناضجة.‏ ولم يجرِ التماس امر من المحكمة.‏

وبعد ليلة طويلة وصعبة،‏ في الساعة ٣٠:‏٦ صباحا من ٢٢ ايلول ١٩٩٣،‏ رقدت لَنَي في الموت بين ذراعَي امها.‏ ان الوقار والهدوء في تلك الليلة محفوران في اذهان الموجودين.‏ وكان هنالك ٤٨٢ شخصا حضروا الاحتفال التذكاري،‏ بمن فيهم الاطباء،‏ الممرضات،‏ والمعلمون،‏ وكانوا متأثِّرين بإيمان لَنَي واستقامتها.‏

كان والدا لَنَي واصدقاؤها شاكرين جدا لأن الاطباء والممرضات ومديري مستشفى ڤالي للاطفال كانوا سريعين جدا في تمييز نضج هذه القاصرة ولأن دعوى قضائية لم تكن ضرورية لاتخاذ ذلك القرار.‏

كريسْتِل مور

لكنَّ كريسْتِل مور البالغة من العمر ١٧ سنة لم تُعتبر كذلك عندما أُدخلت مركز كولومبيا المشيخي الطبي في مدينة نيويورك.‏ فقد كانت تتألم من التهاب القولون التقرُّحي.‏ وعند ادخالها المستشفى،‏ شدَّدت كريسْتِل تكرارا،‏ ووالداها معها،‏ على رفضها قبول الدم.‏ هي لم ترد ان تموت،‏ بل ارادت علاجا طبيا ينسجم مع امر الكتاب المقدس بالامتناع عن الدم.‏ —‏ اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

كان الفريق الطبي الذي يعتني بكريسْتِل متأكدا ان حالتها تتطلب نقلا للدم.‏ وذكر احد الاطباء بفظاظة:‏ «اذا لم يتم نقل الدم لكريسْتِل حتى يوم الخميس في ١٥ حزيران،‏ فستكون ميتة يوم الجمعة في ١٦ حزيران!‏» وفي ١٦ حزيران،‏ لم تكن كريسْتِل ميتة،‏ فتقدَّم المستشفى الى المحكمة العليا لولاية نيويورك بطلب لمنحه الحق في فرض نقل الدم.‏

وفي جلسة السماع،‏ التي انعقدت بسرعة في المستشفى في ذلك الصباح،‏ شهد احد الاطباء بأن كريسْتِل بحاجة الى وحدتين من الدم فورا وبأنها قد تحتاج الى عشر وحدات اضافية على الاقل.‏ ثم ذكر انه اذا حاولت كريسْتِل مقاومة نقل الدم،‏ فسيربطها الى السرير بقيود للمعصمَين والرِّجلَين لاتمام الاجراء.‏ فقالت كريسْتِل للاطباء انها سوف «تصرخ وتصيح» اذا حاولوا نقل الدم اليها وإنها،‏ كواحدة من شهود يهوه،‏ تعتبر ان اعطاء الدم بالقوة امر كريه كالاغتصاب.‏

ورغم طلبات المحامي المتكررة في جلسة السماع،‏ لم تُمنح كريسْتِل فرصة التكلم نيابة عن نفسها امام المحكمة لإظهار قدرتها على اتخاذ القرارات.‏ ومع ان كريسْتِل كانت قد حصلت على جائزة في برنامج مدرسي للاحداث المتفوقين اعترافا بتفوُّقها الاكاديمي ودورها القيادي في مدرستها الثانوية،‏ رفضت قاضية محكمة الموضوع السماح لها بأن تقدم شهادة مسجَّلة رسميا في المحضر بشأن رفضها الدم.‏ وعنى ذلك رفضا لحقوق كريسْتِل في ان تحظى بمحاكمة وفق قواعد الاجراءات القانونية،‏ في تقرير مصير الجسم،‏ في الحياة الخاصة،‏ وفي الحرية الدينية.‏

ومع ان محكمة الموضوع لم تسمح لكريسْتِل بأن تقدم شهادة مسجَّلة،‏ قامت المحكمة بزيارة كريسْتِل على انفراد في غرفتها لنحو ٢٠ دقيقة.‏ وبعد الزيارة قالت قاضية محكمة الموضوع ان كريسْتِل «شديدة الذكاء على نحو جليّ» و «تعبِّر بوضوح تام» وأوضحت انها «راجحة العقل» و «قادرة على التعبير عن نفسها كاملا.‏» ورغم هذه الملاحظات،‏ تمسكت محكمة الموضوع برفضها اعطاء كريسْتِل فرصة تقرير نوع العناية الطبية الذي تود الحصول عليه.‏

وفي صباح يوم الاحد ١٨ حزيران،‏ احتاجت كريسْتِل الى عملية جراحية طارئة.‏ فوافقت عليها لكنها استمرت ترفض الدم.‏ ولم يُفقد الا ثلاث اونصات (‏٥٠-‏١٠٠ سم٣‏)‏ من الدم خلال العملية.‏ ومع ذلك،‏ ادعى الاطباء ان نقلا للدم بعد الجراحة قد يكون ضروريا.‏ فشهد طبيب آخر بأن نقل الدم غير لازم.‏ فقد اعتاد معالجة حالات مشابهة بدون دم طوال الـ‍ ١٣ سنة الماضية،‏ ولم تلزم عمليات نقل دم بعد الجراحة على الاطلاق.‏

وفي ٢٢ حزيران ١٩٨٩،‏ منحت محكمة الموضوع المستشفى حقًّا وقتيا في الوصاية على كريسْتِل بهدف اجراء نقل للدم،‏ على ان لا يُعطى الا اذا كان «ضروريا لحماية وانقاذ حياتها.‏» وانتهت هذه الوصاية عندما خرجت كريسْتِل من المستشفى.‏ ولم تحتج كريسْتِل قط الى دم،‏ ولم يُنقل اليها شيء منه،‏ لكنَّ الطريقة التي عاملت بها المحكمة كريسْتِل كانت صدمة.‏

وبعد خروجها من المستشفى،‏ تخرَّجت كريسْتِل من المدرسة الثانوية بدرجة شرف.‏ وبُعيد ذلك صارت خادمة كامل الوقت كواحدة من شهود يهوه.‏ وقامت بدور دليل في قاعة محافل جيرزي سيتي لشهود يهوه وتطوَّعت لتكون عضوا في فريق يبني قاعات الملكوت ويجدِّدها.‏

كل هذا والاطباء في مركز كولومبيا المشيخي الطبي قالوا انه إن لم يُنقل اليها دم في ١٥ حزيران،‏ فستكون ميتة في ١٦ حزيران،‏ وإنه اذا قاومت نقل الدم،‏ فستُربط بقيود للمعصمَين والرِّجلَين.‏ لذلك،‏ عندما يعلن بدون تحفظ الاطباءُ الراغبون في الحصول على اوامر من المحاكم بإعطاء الدم انه ان لم يمتثل القاضي بسرعة،‏ فسيموت المريض،‏ ليتذكروا حالة كريسْتِل مور.‏

ليزا كوساك

كانت ليلة ليزا الاولى في مستشفى الاطفال المرضى في تورونتو (‏كندا)‏ اسوأ من كابوس.‏ فقد أُدخلت فيه في الساعة الرابعة بعد الظهر وأُجريت لها فورا سلسلة من الفحوص.‏ ولم تُنقل الى غرفتها حتى الساعة الحادية عشرة والربع من تلك الليلة.‏ وعند منتصف الليل —‏ لندعْ ليزا تخبر بما جرى.‏ «عند منتصف الليل دخلت ممرضة وقالت:‏ ‹يجب ان اعطيك بعض الدم.‏› فصرختُ:‏ ‹لا يمكن ان آخذ دما لأني واحدة من شهود يهوه!‏ آمل انك تدركين ذلك!‏ آمل انك تدركين ذلك!‏› فقالت:‏ ‹نعم،‏ انا ادرك ذلك،‏› وسحبت فورا اداة الحقن الوريدي وأقحمت اداة نقل الدم.‏ كنت ابكي وأصيح بطريقة هستيرية.‏»‏

يا لها من معاملة قاسية ووحشية تعانيها فتاة مريضة وخائفة في الـ‍ ١٢ من العمر،‏ وذلك في منتصف الليل ووسط محيط غير مألوف!‏ لقد اخذها والداها الى مستشفى الاطفال المرضى في تورونتو على امل ايجاد اطباء لطفاء ومتعاونين.‏ لكنَّ ابنتهما أُخضعت لنقل دم مريع في منتصف الليل،‏ على الرغم من موقف ليزا ووالديها الذين يعتبرون الدم او المنتجات الدموية انتهاكا لشريعة اللّٰه ولا يجب استعمالها.‏ —‏ اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

في صباح اليوم التالي التمس المستشفى امرا من المحكمة بنقل الدم.‏ ودامت المحاكمة خمسة ايام،‏ وترأسها القاضي دايڤد ر.‏ ماين.‏ وعُقدت في غرفة في المستشفى،‏ وحضرت ليزا طوال الايام الخمسة.‏ كانت ليزا مصابة بلوكيميا نِقْيِيَّة حادة،‏ وهي حالة مميتة عادةً،‏ مع ان الاطباء شهدوا بأن نسبة الشفاء هي ٣٠ في المئة.‏ وقد وصفوا علاجا يتألف من عمليات نقل دم متعددة ومعالجة كيميائية مكثَّفة —‏ علاج يسبب الما شديدا وله تأثيرات جانبية مُضعِفة.‏

في اليوم الرابع من المحاكمة،‏ قدمت ليزا شهادتها.‏ وأحد الاسئلة التي طُرحت عليها كان كيف جعلها نقل الدم الاجباري في منتصف الليل تشعر.‏ فأوضحت ان ذلك جعلها تشعر كما لو انها كلب يُستعمل للتجارب،‏ وشعرت بأنها اغتُصبت،‏ وبأن كونها قاصرة جعل بعض الناس يعتقدون انه بإمكانهم فعل ايّ شيء بها.‏ لقد كرهت رؤية دم شخص آخر يُدخَل فيها.‏ وتساءلت عما اذا كانت ستُصاب بالأيدز او التهاب الكبد او ايّ مرض معد آخر منه.‏ والأهم هو انها كانت قلقة بشأن ما سيفكِّر فيه يهوه نظرا الى مخالفتها شريعته المانعة ادخال دم شخص آخر في جسمها وقالت انه اذا حدث ذلك ثانية،‏ فهي «ستقاوم وتركل العمود الذي يحمل كيس الدم وتنزع اداة الحقن من يدها مهما يكن ذلك مؤلما،‏ وستثقب كيس الدم.‏»‏

فسألتها محاميتها:‏ «تطلب جمعية مساعدة الاطفال انتزاع حق الوصاية من والدَيك واعطاءه لها.‏ فكيف يجعلك ذلك تشعرين؟‏»‏

‏«سيغضبني ذلك كثيرا جدا؛‏ سيجعلني اشعر بأنها قاسية لأن والديَّ لم يضرباني قط،‏ لقد احباني وأنا احبهما،‏ وكلما مرضتُ بالتهاب الحلق او الزكام او ايّ مرض آخر،‏ كانا يهتمان بي.‏ لقد كانت حياتهما مركزة عليَّ،‏ والآن يأتي شخص آخر له رأي مخالف ويبعدني عنهما.‏ اعتقد ان ذلك تصرُّف قاسٍ جدا جدا،‏ وهو يزعجني كثيرا.‏»‏

‏«هل تريدين ان تموتي؟‏»‏

‏«كلا،‏ لا اعتقد ان احدا يريد ان يموت،‏ لكن اذا متُّ فلن اكون خائفة،‏ لأني اعرف اني املك رجاء العيش الى الابد في فردوس على الارض.‏»‏

قليلة هي العيون التي لم تدمع عندما كانت ليزا تناقش بشجاعة موضوع موتها الوشيك،‏ ايمانها بيهوه،‏ وتصميمها على البقاء طائعة لشريعته المتعلقة بقداسة الدم.‏

وتابعت محاميتها:‏ «ليزا،‏ اذا علمتِ ان المحكمة تأمرك بقبول نقل الدم،‏ فهل يشكِّل ذلك فرقا لديك؟‏»‏

‏«لا،‏ لأني سأبقى امينة لإلهي وأصغي الى وصاياه،‏ لأن اللّٰه اسمى بكثير من اية محكمة او ايّ انسان.‏»‏

‏«ليزا،‏ ماذا تريدين ان يكون قرار القاضي في هذه القضية؟‏»‏

‏«ما اريد ان يقرِّره القاضي في هذه القضية هو فقط ان يعيدني الى والديَّ ويمنحهما من جديد حق الوصاية عليَّ لكي اكون سعيدة،‏ وهكذا يمكنني ان اعود الى البيت وأكون في محيطي السعيد.‏»‏

وهذا ما قرره القاضي ماين.‏ وما يلي مقتطفات من قراره.‏

‏«قالت ليزا لهذه المحكمة بطريقة واضحة ومباشرة انه اذا جرت محاولة لنقل الدم اليها،‏ فستقاوم ذلك النقل بكل ما أُوتيَت من قوة.‏ وقالت،‏ وأنا اصدِّقها،‏ انها ستصرخ وتقاوم وإنها ستسحب اداة الحقن من يدها وستحاول اتلاف الدم في الكيس فوق سريرها.‏ انا ارفض اصدار امر يجعل هذه الطفلة تختبر هذه المحنة.‏»‏

وبشأن نقل الدم الاجباري في منتصف الليل،‏ قال:‏

‏«انا اجد انها عوملت معاملة غير عادلة على اساس دينها وسنِّها وفقا للمادة ١٥(‏١)‏.‏ ففي هذه الظروف،‏ عندما أُجري لها نقل دم،‏ انتُهك حقها في الامان الشخصي وفقا للمادة ٧.‏»‏

وما يثير الاهتمام هو الانطباع الذي تركته ليزا لديه:‏

‏«ليزا فتاة جميلة،‏ ذكية للغاية،‏ تعبِّر بوضوح،‏ لطيفة،‏ حساسة،‏ والاهم هو انها شجاعة.‏ لديها من الحكمة والنضج ما يفوق سنوات عمرها وأعتقد انه من الحق القول انها تملك كل الصفات الايجابية التي يرغب ايّ والد في ان توجد عند ولده.‏ لديها معتقد ديني واضح،‏ ثابت،‏ ومدروس جيدا.‏ وفي رأيي،‏ لا يمكن لأيّ قدر من النصح من ايّ مصدر كان او التهديد من والدَيها او ايّ شخص آخر،‏ بما في ذلك امر من هذه المحكمة،‏ ان يزعزع او يغيِّر معتقداتها الدينية.‏ وأعتقد انه يجب ان تُمنح ليزا كوساك فرصة لتحارب هذا المرض بكرامة وسلام عقلي.‏»‏

‏«الطلب مرفوض.‏»‏

غادرت ليزا وعائلتها المستشفى في ذلك اليوم.‏ وقد حاربت ليزا بالفعل المرض بكرامة وسلام عقلي.‏ وماتت بسلام في بيتها،‏ بين اذرع امها وأبيها المحبَّين.‏ وبذلك تكون قد انضمت الى صفوف احداث كثيرين آخرين من شهود يهوه يعطون الاولوية للّٰه.‏ ونتيجة لذلك،‏ ستتمتع معهم باتمام وعد يسوع:‏ «مَن يخسر حياته من اجلي،‏ فإنه يربحها.‏» —‏ متى ١٠:‏٣٩‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏

إرْنسْتِين ڠريڠوري

فيما كانت في الـ‍ ١٧ من العمر،‏ شُخِّصت اللوكيميا لدى إرْنسْتِين.‏ وعند إدخالها المستشفى،‏ رفضت الموافقة على استعمال المنتجات الدموية لدعم المعالجة الكيميائية التي عزم الاطباء على البدء بها.‏ وبسبب رفض إرْنسْتِين ودعْم امها لاختيارها العلاج غير الدموي،‏ ابلغ المستشفى القضيةَ الى المسؤولين في رعاية الطفل في شيكاڠو،‏ ايلينُوي،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ الذين بدورهم التمسوا امرا من المحكمة باستعمال الدم.‏ وتمَّ الترتيب لعقد جلسة سماع،‏ وفيها استمعت محكمة الموضوع الى شهادة من إرْنسْتِين،‏ دكتور في الطب،‏ طبيب نفساني،‏ ومحامية،‏ بالاضافة الى شهادة من اشخاص آخرين مشمولين بالقضية.‏

قالت إرْنسْتِين لطبيبها انها لا تريد دما.‏ ان ذلك هو قرارها الشخصي المؤسس على قراءتها الكتاب المقدس.‏ ان نقلا الزاميا للدم بأمر من المحكمة يبقى عدم احترام لشريعة اللّٰه وهو امر خاطئ في عينيها،‏ بصرف النظر عن سلطة المحكمة.‏ انها لا تعارض المعالجة الطبية ولا تريد ان تموت.‏ ان قرارها ليس تمنِّيا للموت،‏ ليس انتحاريا؛‏ لكنها لا تخاف الموت.‏

وشهد ستانْلي ياكْنِن،‏ دكتور في الطب،‏ بأنه «تأثَّر بنضج إرْنسْتِين،‏ احساسها بذاتها،‏» وصدْق معتقداتها الدينية.‏ وقال ايضا ان إرْنسْتِين تفهم طبيعة مرضها ونتائجه.‏ وبسبب ادراكها،‏ لم يرَ الدكتور ياكْنِن حاجة الى استدعاء طبيب او عالم نفساني.‏

لكنه تمَّ استدعاء طبيب نفساني،‏ نِير لِتْنِر،‏ دكتور في الطب،‏ الذي كان رأيه بعد تحدُّثه مع إرْنسْتِين انها تملك نضجَ شخص بين الـ‍ ١٨ والـ‍ ٢١ من العمر.‏ وذكر ان إرْنسْتِين تُظهر فهما لمضاعفات قبول عمليات نقل الدم او رفضها.‏ وقال انها تقبل ذلك،‏ لا لأنها تحت سيطرة شخص آخر،‏ بل لأنها تؤمن بذلك في قرارة نفسها.‏ وقال الدكتور لِتْنِر انه يجب ان يُسمح لإرْنسْتِين باتخاذ قرارها الخاص في هذه القضية.‏

وشهدت جاين ماكاتي،‏ محامية المستشفى،‏ بأنه بعد مقابلة إرْنسْتِين صارت تعتقد ان إرْنسْتِين تفهم طبيعة مرضها وأنها «تبدو قادرة تماما على فهم قرارها وتقبُّل العواقب.‏»‏

وكان لشهادة إرْنسْتِين أثر بالغ في المحكمة ايضا.‏ ووجدت المحكمة ان إرْنسْتِين فتاة ابنة ١٧ سنة ناضجة،‏ ان قرار إرْنسْتِين اتُّخذ بشكل مستقل،‏ وأنها تفهم الحالة الرهيبة التي تعيشها.‏ ولكن،‏ بالرغم من اظهارها انها شابة ناضجة قادرة على ان تتخذ هي بنفسها قرارات طبية ذكية تنمُّ عن اطِّلاع،‏ وذلك انسجاما مع قيمها واقتناعاتها المعتنقة بشكل راسخ،‏ اصدرت محكمة الموضوع،‏ وعلى نحو يثير الاستغراب،‏ امرا يسمح بإجراءات نقل الدم.‏

استؤنف امر محكمة الموضوع اولا لدى محكمة الاستئناف في ايلينُوي.‏ وبقرار اثنين مقابل واحد،‏ رأت المحكمة انه لا يمكن إجبار إرْنسْتِين على الخضوع لإجراءات نقل الدم على الرغم منها.‏ وكانت حجة المحكمة ان حق إرْنسْتِين،‏ المؤسس على التعديل الاول،‏ في الممارسة الحرة للدين بالاضافة الى حقها الدستوري في حياة خاصة يحميان حقَّها كقاصرة ناضجة في رفض اجراءات نقل الدم لاسباب دينية.‏

ثم استأنف المسؤولون في رعاية الطفل قرارَ محكمة الاستئناف لدى محكمة ايلينُوي العليا.‏ فأقرَّته محكمة ايلينُوي العليا؛‏ وحكمت بأنه مع ان إرْنسْتِين قاصرة،‏ فهي تتمتع بحق رفض العلاج الطبي الذي تعترض عليه.‏ وبنت هذه المحكمة العليا قرارها على اساس حق القانون العام في تقرير مصير الجسم وقاعدة القاصر الناضج.‏ والمقياس الذي سيُطبَّق في قضايا القاصرين الناضجين في ايلينُوي لخَّصته محكمة ايلينُوي العليا في البيان التالي:‏

‏«اذا كان الدليل واضحا ومقنعا بأن القاصر هو ناضج الى حد يكفي لإدراك عواقب اعماله،‏ وبأن القاصر ناضج الى حد يكفي لاستعمال التمييز الذي يتمتع به الراشد،‏ ففي هذه الحال يمنحه مبدأ القاصر الناضج حقَّ القانون العام في الموافقة على علاج طبي او رفضه.‏»‏

لم تُجرَ لإرْنسْتِين معالجة كيميائية او نقل دم،‏ ومع ذلك لم تمت من اللوكيميا المصابة بها،‏ كما اراد الاطباء من المحكمة ان تعتقد انه سيحصل.‏ لقد وقفت إرْنسْتِين ثابتة وأعطت الاولوية للّٰه،‏ مثل الحدثات الاخريات المذكورات سابقا.‏ وقد نالت كل واحدة منهنَّ «قدرة فوق ما هو عادي.‏» —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏،‏ ع‌ج‏.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٣]‏

اخطار نقل الدم

اخبرت مجلة الطب لنيو إنڠْلند،‏ عدد ١٤ كانون الاول ١٩٨٩،‏ ان وحدة من الدم قد تنقل ما يكفي من ڤيروس الأيدز ليسبب حتى ٧٥‏,١ مليون اصابة!‏

في السنة ١٩٨٧،‏ بعد ان صار معروفا ان الأيدز ينتقل بواسطة مخزون دم المتطوعين،‏ قال كتاب Autologous and Directed Blood Programs بأسف:‏ «كان ذلك اقسى كل السخريات الطبية؛‏ ان عطية الدم الثمينة المانحة الحياة يمكن ان تتحول الى اداة للموت.‏»‏

وقال الدكتور تشارلز هڠينز،‏ مدير خدمات نقل الدم في احد مستشفيات ماساتشوستس في الولايات المتحدة الاميركية:‏ «انه المادة الاكثر خطورة التي نستعملها في الطب.‏»‏

واستنتجت Surgery Annual‏:‏ «من الواضح ان نقل الدم الاكثر امنا هو الذي لا يُجرى.‏»‏

ولأن معدل الانتكاس بين مرضى السرطان هو اعلى بكثير بعد الجراحة التي تمَّ فيها نقل الدم،‏ قال الدكتور جون س.‏ سپرات في المجلة الاميركية للجراحة،‏ عدد ايلول ١٩٨٦:‏ «قد يلزم جرَّاح السرطان ان يصير جرَّاحا بلا دم.‏»‏

وقالت مجلة Emergency Medicine :‏ «قد يجري تفسير اختبارنا مع شهود يهوه ليعني اننا لا نحتاج الى الاتكال على نقل الدم،‏ بكل تعقيداته الممكنة،‏ بقدر ما كنا نعتقد في ما مضى.‏»‏

واشارت مجلة Pathologist الى رفض شهود يهوه اخذ الدم وقالت:‏ «هنالك دليل جدير بالاعتبار لتأييد حجتهم،‏ رغم الاعتراضات من مديري بنوك الدم بخلاف ذلك.‏»‏

والدكتور شارل ه‍.‏ بارون،‏ پروفسور في القانون في مدرسة القانون لكلية بوسطن،‏ قال بشأن رفض شهود يهوه اخذ الدم:‏ «لقد استفاد كل المجتمع الاميركي.‏ وليس شهود يهوه فحسب،‏ بل المرضى عموما،‏ يرجَّح اليوم على نحو اقل ان يخضعوا لعمليات نقل دم غير ضرورية بسبب عمل لجان الاتصال بالمستشفيات للشهود.‏»‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة