الصحة الكاملة للجميع
كما هي الحال مع التصرُّف، المحيط، والعناية الصحية، يؤثر تركيبنا البيولوجي في صحتنا ايضا. ويتأثر هذا التركيب بالوراثة والامراض التي يمكن ان نُصاب بها لاحقا بسبب وجود استعداد وراثي لها.
«ان البنية البيولوجية التي وُلدتم بها،» كما يقول احد الاختصاصيين في الصحة، «تحدِّد عموما ما اذا كنتم تحيون حياة جيدة، حياة طويلة، او تحيون بأيّ حال.»
ان الصداع، العضلات المتيبِّسة، الاعصاب المرهقة، العظام الهشة، القلوب الضعيفة، والعلل الاخرى، مهما كانت طريقة اصابتنا بها، تذكِّرنا يوميا بأن صحتنا يؤثر فيها بشكل سيئ ضعف الجسد والعقل. فما هو السبب الرئيسي وراء هذه المشاكل الصحية السريعة التفشّي؟
السبب الرئيسي
يجيب عن هذا السؤال طبيب يدعى لوقا عاش في القرن الاول الميلادي، وذلك في سيرة حياةٍ موحى بها كتبها عن يسوع المسيح. ففي احد الايام، كما يكتب لوقا، حُمل مفلوج الى يسوع على امل شفائه. فقال يسوع للمفلوج: «مغفورة لك خطاياك.» ولكي يُظهر يسوع انه يملك فعلا سلطانا على مغفرة الخطايا، امر الرجلَ بعد ذلك: «قم واحمل فراشك واذهب الى بيتك.» وهذا ما فعله الرجل! ونتيجةً لذلك «اخذت الجميع حيرة،» جميع اولئك الذين شاهدوا الشفاء، «ومجدوا اللّٰه.» — لوقا ٥:١٧-٢٦.
فإلى اية خطية اشار يسوع؟ يساعدنا الجواب على فهم السبب الذي من اجله نمرض، نشيخ، ونموت. وبما اننا متأكدون ان «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه،» يمكننا ان نتطلع الى الكتاب المقدس بحثا عن ذلك الجواب. (٢ تيموثاوس ٣:١٦؛ ٢ بطرس ١:٢١) فهو يخبرنا ان الانسان الاول آدم خُلق بصحة كاملة. وكان سيتمتع بالصحة المفعمة بالنشاط ما دام يطيع خالقه.
لكنَّ آدم اختار مخالفة شريعة اللّٰه. وبعصيانه وتمرُّده العمدي على خالقه اخطأ. وبسبب ذلك صار ناقصا، قابلا للمرض، وفي النهاية مات. لذلك كانت الخطية سبب مرض آدم وموته.
وكما ان بعض الامراض ينتقل من الوالدين الى الاولاد بفعل قوانين الوراثة، انتقل النقص والامراض الناتجة منه من آدم الى ذريته، الجنس البشري. وهكذا فإن كل الامراض هي نتيجة لخطية آدم الاصلية. (تكوين ٢:١٧؛ ٣:١-١٩؛ رومية ٥:١٢) فهل من منفذ؟
المنفذ
ان التحوُّل من الصحة الكاملة الى الصحة الرديئة كان سببه الخطية — تمرُّد آدم على شريعة اللّٰه. وليس التحوُّل من الصحة الرديئة الى الصحة الكاملة ممكنا إلا من خلال ازالة الخطية. (رومية ٥:١٨، ١٩) كيف؟ كان على انسان كامل آخر، النظير التام لآدم عندما كان كاملا، ان يقدِّم حياته فدية. وشريعة اللّٰه هي «نفس بنفس،» اي حياة بحياة. — تثنية ١٩:٢١.
ولكن لم يكن بإمكان احد من المتحدرين الخطاة من آدم ان يزوِّد فدية كهذه. وهكذا قدَّم يهوه نفسُه وبمحبة ابنَه يسوع كإنسان كامل ليبذل نفسه «فدية عن كثيرين» «لكي نحيا به.» — متى ٢٠:٢٨؛ ١ يوحنا ٤:٩؛ مزمور ٤٩:٧.
وفيما كان يسوع على الارض، اظهر ان اباه يهوه اعطاه سلطانا ان يزيل الخطايا عندما قال للمفلوج، «مغفورة لك خطاياك،» فمشى الذي شُفي الى بيته. ومرة بعد اخرى استخدم يسوع هذا السلطان المعطى من اللّٰه ليشفي فورا العمي، الصم، وكثيرين آخرين مصابين بعلل مختلفة.
وبشأن الشفاءات العجائبية التي انجزها يسوع، يروي الكتاب المقدس: «فجاء اليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشلّ وآخرون كثيرون. وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم حتى تعجب الجموع اذ رأوا الخرس يتكلمون والشلّ يصحّون والعرج يمشون والعمي يبصرون.» (متى ١٥:٣٠، ٣١) والابرز ايضا هو ان يسوع تمكَّن من اعادة الموتى الى الحياة. ويخبرنا الكتاب المقدس عن بعض هذه القيامات. — لوقا ٧:١١-١٦؛ ٨:٤٩-٥٦؛ يوحنا ١١:١٤، ٣٨-٤٤.
تؤكد لنا هذه الشفاءات العجائبية انه لا يوجد مرض لا يقوى يسوع على معالجته. فهل سيستخدم هذا السلطان المعطى من اللّٰه من جديد؟ وهل يمكن ان نستفيد؟
الصحة الكاملة امر اكيد
تظهر نبوات الكتاب المقدس ان يسوع يحكم الآن في السماء كملك حكومة اللّٰه السماوية. وقد اعطاه اللّٰه سلطانا ان يزيل كل الحكومات البشرية الموجودة الآن ويتسلط على كل الارض. (مزمور ١١٠:١، ٢؛ دانيال ٢:٤٤) وستتم الصلاة التي علمها يسوع لأتباعه: «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» (متى ٦:١٠) وتحت حكم هذا الملكوت السماوي، فإن جزءا من مشيئة اللّٰه نحو هذه الارض سيكون تحسين الاوضاع الصحية بشكل جذري لخير العائلة البشرية.
وحينئذ، بمعنى حرفي وروحي ايضا، «تتفقح عيون العمي وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الاخرس.» «ولا يقول ساكن انا مرضت.» — اشعياء ٣٣:٢٤؛ ٣٥:٥، ٦.
وتحت حكم ملكوت اللّٰه السماوي، ستعني الصحة الكاملة ان الناس لن يكون محتوما عليهم ان يموتوا كما يحدث معنا اليوم. تعد كلمة اللّٰه: «كل من يؤمن به . . . تكون له الحياة الابدية.» «أما هبة اللّٰه فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا.» (يوحنا ٣:١٦؛ رومية ٦:٢٣) نعم، وعد المزمور الملهم منذ زمن طويل: «الصدّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.» (مزمور ٣٧:٢٩) وكما فعل يسوع عندما كان على الارض، سيقيم عندئذ الموتى ويمنحهم فرصة الاستفادة من الصحة الكاملة. يعد الكتاب المقدس: «سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة.» — اعمال ٢٤:١٥.
والارض نفسها ستزدهر تحت حكم الملكوت بحيث ان الجوع، الذي يساهم في الصحة الرديئة، لن يوجد ابدا في ما بعد. تعد نبوات الكتاب المقدس: «تعطي شجرة الحقل ثمرتها وتعطي الارض غلتها ويكونون آمنين في ارضهم.» (حزقيال ٣٤:٢٧) «الارض اعطت غلتها. يباركنا اللّٰه الهنا.» (مزمور ٦٧:٦) «تكون (وفرة) بُرّ في الارض.» (مزمور ٧٢:١٦) «تفرح البرية والارض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس.» — اشعياء ٣٥:١.
وإذ يوجز الحالة التي ستسود في عالم اللّٰه الجديد، يعلن السفر النبوي الاخير في الكتاب المقدس: «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.» — رؤيا ٢١:٤.
فهل تقولون، ‹يصعب تصديق ذلك›؟ اذًا فكِّروا في هذا. قبل ان يخطئ آدم، كان يتمتع بصحة كاملة. تصوَّروا انه كان من الممكن ان يتكلم اليه شخص في ذلك الوقت ويقول له انه في يوم من الايام ستمتلئ الارض بأشخاص يتألمون، يمرضون ويتقدمون في السن. أفلا تعتقدون ان آدم كان سيجد ذلك صعب التصديق؟ لكنَّ ذلك هو حقيقة الآن.
وبالعكس، ستصير الصحة الكاملة حقيقة تحت حكم ملكوت اللّٰه. تؤكد لنا كلمة يهوه: «هذه الاقوال صادقة وأمينة.» (رؤيا ٢١:٥) وما يقول اللّٰه انه سيحدث فهو سيحدث لأنه «لا يمكن ان اللّٰه يكذب.» — عبرانيين ٦:١٨.
فماذا يمكنكم فعله الآن لتضمنوا التمتع بهذه البركات القادمة؟ ان مفتاح الصحة الكاملة والحياة الابدية بيَّنه ما قاله يسوع في صلاته الى ابيه: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» — يوحنا ١٧:٣.
اطلبوا من شهود يهوه برنامج درس مجانيا للكتاب المقدس في منزلكم. فسيسعدهم ان يساعدوكم على تعلُّم المزيد عن وعود اللّٰه الرائعة. وسيكون ذلك خطوتكم الاولى في الرحلة الى الصحة الكاملة!
[الصورة في الصفحة ١٢]
في عالم اللّٰه الجديد، سيتمتع جميع البشر بالصحة الكاملة