الفصل ٢
هل يمكن للبشر ان يجلبوا سلاما وأمنا دائمين؟
١ لماذا من المهم ان يكون رجاؤنا بالسلام والامن مؤسسا على الواقع والحق؟
الرجاء الاصيل مؤسس على الواقع والحق. أما الآمال الباطلة فتعمي الناس عن الرجاء الحقيقي، خادعة اياهم. وفي وقت الازمة، كتلك التي نواجهها الآن، فان الآمال الباطلة تسلب الانسان ايضا حياته.
٢، ٣ (ا) اية اسئلة من المفيد ان نطرحها على انفسنا من جهة المشاكل المتعلقة بجلب السلام والامن؟ (ب) اية مسألة اضافية تواجه الذين يدعون الايمان باللّٰه؟
٢ ولذلك يلزم ان نسأل انفسنا: هل نقدّر بوضوح كم هي كبيرة تلك المشاكل التي يجب حلّها لجلب السلام والامن الاصيلين؟ وهل ندرك كم صارت الحالة ملحّة؟ اي دليل لدينا فعلا على ان حلول البشر تعادل جسامة المهمة؟
٣ وكذلك نواجه مسألة ما اذا كنا نستطيع ان نثق بقادة العالم وباللّٰه في الوقت ذاته. يعتقد البعض انهم يستطيعون ذلك. ويعتقدون ان الجهود البشرية الآن في سبيل جلب سلام دائم تحظى بتأييد اللّٰه. ولكن، هل الامر كذلك؟ نظرا الى وجود كثير من الاكاذيب يحسن بنا ان نفحص الوقائع.
الالحاح والخوف يدفع الناس الى العمل
٤-٦ ماذا يتحققه قادة العالم الآن في ما يتعلق بخطورة المشاكل التي تواجه الجنس البشري؟
٤ لآلاف السنين يطلب الناس السلام والامن الدائمين بلا نجاح. أما الآن فهنالك ظرف جديد يعتقد كثيرون انه سيجعل الناس يحيطون بالمشاكل وينجحون. فما هو هذا الظرف الجديد؟
٥ لاول مرة يعترف قادة العالم بانه يجب عليهم ان يختاروا بين السلام العالمي والانتحار العالمي. ويوافقون على ان حربا نووية عامة تكون مميتة بحيث لا يمكن ان يكون هنالك رابحون فقط. وليس ذلك فحسب، ولكنّ كثيرين وخاصة العلماء يقولون بوجود خطر اعظم ايضا نتيجة التلوث في كل العالم، وكذلك نتيجة «التفجر السكاني،» مع انتشار المجاعة والمرض والاضطراب الذي يهدد ذلك بجلبه. ويقولون ان الوقت ينتهي من اجل اجراء عالمي من جميع الامم اذا كان يجب تجنب كارثة عالمية. وكما يقول تقرير من واشنطن:
«فجأة وفي عدد من البلدان المختلفة — الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، السويد، تشيكوسلوفاكيا، الاتحاد السوفياتي، الهند، اليابان — يشعر ذوو النفوذ بخطر وشيك لا مثيل له في الاختبار البشري. والمنبئون بالمستقبل يدعونه ازمة الازمات، ذروة اخطاء الانسان السرمدية.» — واشنطن بوست.٢
٦ يدرك هؤلاء انه رغم ان البشر قد ينجون من هذه الازمات، الواحدة بعد الاخرى، الا انهم لا يستطيعون ان ينجوا اذا اتت كلها او حتى عدد منها دفعة واحدة. ولكن السؤال هو، هل يحوّل الخوف من الكارثة البشر فعلا من الانقسام والنزاع الى مسلك يجلب السلام والامن الحقيقيين؟
عالم بلا حرب بجهود البشر؟
٧-١١ (ا) في ما يتعلق بقدرة الانسان على وضع نهاية للحرب، ماذا يظهر التاريخ؟ (ب) هل الخوف من الحرب الذرية اساس سليم للسلام؟ (ج) هل يضمن توقيع اتفاقات نزع السلاح او معاهدات السلام سلاما دائما؟
٧ اي سبب حقيقي لدينا للاعتقاد ان البشر يستطيعون ان يجلبوا نهاية تامة للحرب؟ وماذا يظهر التاريخ؟
٨ صحيح ان هنالك سنوات قليلة متفرقة كانت فيها هذه الكرة الارضية خالية من الحرب. ولكنها كانت قليلة جدا. فالمحلل العسكري هانسون و. بولدوين حسب انه في نحو ٤٥٧,٣ سنة من التاريخ المسجل كان هنالك اكثر من ٢٣٠,٣ سنة حرب ومجرد ٢٢٧ سنة سلام.٣
٩ ولكن ألا يغيّر الخوف المتبادل من الحرب الذرية هذا الامر؟ اذكروا ان الناس تعلّموا الخوف من الاسلحة النووية منذ اكثر من ربع قرن حين محت القنبلة الذرية مدينتين يابانيتين. ولكن ماذا يدفعهم خوفهم الى فعله منذ ذلك الحين؟ قادهم، في الواقع، الى تكويم امثال هذه الاسلحة اكثر فاكثر وحتى الى ابتكار اسلحة اخرى بقوة تدميرية اعظم بكثير.
١٠ ألا توافقون ان الخوف الناتج من التهديد بالهجوم، عوض ان يضمن السلام الحقيقي، انما يخلق الريبة والتوتر؟ واذا كنتم تحافظون على السلام مع جاركم لمجرد معرفتكم انه مسلح ويهدد باستعمال اسلحته، هل هذا سلام حقيقي؟ وهل يمكن ان تشعروا بالامن ما دام هذا الجار ساكنا في جواركم؟ ان مثل هذا الخوف يمكن ان يؤدي بسهولة الى اعمال عنف متسرعة طائشة. ولا شك ان «ميزان الرعب» الذي بناه قادة العالم ليس اساسا للسلام الاصيل.
١١ صحيح ان الامم قد توقع اتفاقات لنزع السلاح او معاهدات للسلام. ولكن على مر القرون جرى حرفيا توقيع آلاف من هذه الاتفاقات. ومع ذلك كلما صار الميل الى الحرب قويا كانت هذه المعاهدات عديمة النفع، مجرد قطع ورق. وهل من الواقع الاعتقاد ان قادة العالم اليوم يحافظون على كلامهم اذا ظهر ان المصالح القومية الانانية تملي بخلاف ذلك؟ والشيء الاهم، هل تخاطرون برجائكم بالحياة بسلام وأمن على اساس وعدهم بالمحافظة على السلام؟
١٢، ١٣ (ا) كيف ينسجم ما انبأ به الكتاب المقدس عن فشل الانسان في انجاز سلام دائم مع ما يحدث فعلا؟ (ب) ماذا يثبت الكتاب المقدس انه المصدر الحقيقي للحرب؟
١٢ اذن، ما القول في الكتاب المقدس؟ هل يحثنا على وضع رجائنا وثقتنا في الجهود البشرية لجلب السلام في وجه كل الادلة التي تظهر عجز الانسان عن انجاز ذلك؟ على الضد من ذلك، فقد انبأ منذ زمن بعيد بان البشر من تلقاء انفسهم لن يجلبوا ابدا سلاما دائما. وحذر مسبقا من انه، حتى اثناء الفترة التي تسبق قيام ملكوت اللّٰه بازالة جميع الذين لا يملكون المحبة الحقيقية للبر من الارض، ستكون هنالك «حروب وقلاقل» مع قيام أمة على أمة ومملكة على مملكة في حرب عامة. (لوقا ٢١:٩، ١٠، ٣١؛ رؤيا ٦:١-٤) وقد حدثت اعظم المجازر واكثرها تدميرا في التاريخ البشري في جيلنا في حربين عالميتين. ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كان هنالك اكثر من ثلاثمئة حرب او ثورة عنف، معدل نحو واحدة كل شهر! فما انبأ به الكتاب المقدس ينسجم مع ما يحدث فعلا ولا يعطينا ذلك رجاء باطلا.
١٣ والكتاب المقدس يثبت ايضا هوية المصدر الحقيقي للمشاكل. فهو يظهر ان الحرب لا يسببها الرصاص او القنابل او السفن الحربية بل الناس، الانانية البشرية. (يعقوب ٤:١-٣) فاذا اراد البشر ان ينجزوا سلاما دائما يجب ان يصنعوا اولا تغييرا عالميا في الناس. ولكن على اساس سجل الانسان على مر القرون، هل تقولون ان مثل هذا الامر مرجح؟ وما القول في سجل هذا الجيل؟ هل يدل ان مثل هذا التغيير وشيك الوقوع — ان الناس في كل مكان يهجرون انانيتهم، قوميتهم المقسّمة، بغضهم العنصري، جشعهم التجاري؟ كلا، دون شك! ويقول الكتاب المقدس بالصواب ان الناس اذ يطلبون السلام ليتمكنوا من الاستمرار في مسعى انانيتهم لا ينجحون ابدا. — اشعياء ٥٧:١٩-٢١؛ ٥٩:٧، ٨.
هل يمكن للناس ان يمنعوا «القنبلة البشرية» من الانفجار؟
١٤-١٧ (ا) باية سرعة يزيد عدد سكان الارض، وماذا يعني ذلك في ما يتعلق بمشكلة تزويد الطعام؟ (ب) ماذا يقول العلماء انفسهم في ما اذا كانوا يملكون الحل اللازم؟
١٤ وصل عدد سكان الارض الى بليون (ألف مليون) شخص لاول مرة في اوائل القرن التاسع العشر. وعند حلول السنة ١٩٣٠ نما الى بليونين. وهنالك الآن اكثر من ٦,٣ بلايين شخص على الارض، وتظهر التقديرات ان الرقم سيتجاوز ستة بلايين في السنوات الثلاثين التالية! فماذا يعني ذلك؟
١٥ يعني ان هنالك كل يوم نحو ٠٠٠,٢٠٠ فم اكثر لاطعامها. واكثر هذه الافواه هي في المناطق التي يصيب فيها الفقر والجوع والمرض الآن الملايين. وكما قال استاذ العلوم جورج بورغستروم من جامعة ولاية ميشيغان:
«كل من يعتقد ان ازمة البروتين العالمية الحاضرة ستنقضي وتعتني بنفسها يجب ان يذكر: ان الجياع في العالم يتكاثرون بضعف سرعة الذين يتغذون حسنا.»٤
١٦ ولكن ألم يطور العلماء الزراعيون انواعا جديدة عالية الانتاج من الارز والحنطة والذرة في ما جرى الترحيب به «كثورة خضراء»؟ بلى، ولكن هل يحل ذلك مشكلة جوع العالم؟ يقول الآن عدد اكبر فاكبر من خبراء الاغذية، كلا. ويحذر كثيرون من ان الانواع الجديدة من الحبوب قد تساهم ايضا في المجاعة. كيف؟ قالت رسالة مستعجلة للصحافة المشتركة للسنة ١٩٧١:
«ان الاصناف المولّدة الجديدة لا تقاوم الآفات الزراعية كالانواع القديمة. وهنالك امكانية لان يتلف كامل محصول البلد — وربما محصول العالم — مرض زراعي جديد. وقد حدث ذلك تقريبا في السنة الماضية لمحصول الذرة في الولايات المتحدة.»٥
١٧ والعلماء انفسهم، في الواقع، كثيرا ما يحذرون من انهم لا يملكون الحل. وكما عبر عن ذلك احد علماء الاحياء المشهورين:
«يعتقد البعض ان المعركة لاطعام سكان العالم خاسرة الآن، والاستنتاج المسبق هو انه عند حلول السنة ١٩٨٥ ستكون لدينا مجاعات عالمية يجوع فيها مئات الملايين من الناس حتى الموت. ولا بد ان اعترف بانني في هذا الوقت لا ارى برنامجا سريعا رئيسيا يقودني الى مخالفة هذا الاستنتاج.»٦
١٨-٢١ (ا) ماذا انبأ الكتاب المقدس عن هذه الحالة؟ (ب) هل يحل المشكلة خفض مقدار النفقة العسكرية؟ (ج) لماذا تطورت مثل هذه الحالة الخطيرة؟
١٨ لم يتمكن المجتمع العصري، بكل علمه الزراعي، من تجنب نفس الاحوال التي سبق وحذر منها الكتاب المقدس. فقد انبأ بدقة بمجيء نقص خطير في الاغذية على نطاق عالمي اثناء «انقضاء نظام الاشياء.» — متى ٢٤:٣، ٧، عج؛ رؤيا ٦:٥-٨.
١٩ والمشكلة تكمن على الغالب، لا في الاساليب الزراعية بصورة رئيسية، بل في الناس ومواقفهم التي تخالف مبادئ الكتاب المقدس. فلعشرات السنين الآن تنفق الامم مبالغ كبيرة على التسلح فيما يواجه الملايين الجوع حول الارض. وحسب تقرير للامم المتحدة، تنفق الامم في السنوات الاخيرة ٢٠٠ بليون دولار سنويا على قواها المسلحة. وهذا هو اكثر من مجموع الدخل السنوي لثلث سكان الارض!
٢٠ وحتى اذا جرى هجر التعزيز العسكري الهائل فان نظام العالم الاقتصادي المقسّم يعمل ضد اي حل حقيقي للمشكلة. فحتى عندما يكون الطعام متوافرا فان الرغبة في الارباح الكبيرة كثيرا ما تمنع توزيعه على المحتاجين. وفي بعض البلدان تدفع الحكومات للمزارعين لئلا ينتجوا بعض المحاصيل، وعوض ان تدع الانتاج العالي يجلب انخفاضا في السعر يجري ايضا تدمير المحاصيل.
٢١ وكم يختلف كل ذلك عن المبادئ المرسومة في الكتاب المقدس، التي تشجع على الموقف الحبي من اولئك المحتاجين. (تثنية ٢٤:١٩-٢١) فقد بنى الناس انظمتهم الاقتصادية على الانانية، وعوض جلب السلام والامن تطورت الآن حالة تهدد بعواقب خطيرة. وعاجلا ام آجلا يحصد الناس ما يزرعونه، تماما كما يوضح الكتاب المقدس. — غلاطية ٦:٧.
هل يمكن للبشر ان يصنعوا سلاما مع الارض؟
٢٢-٢٥ (ا) كم هي خطيرة مشكلة التلوث؟ (ب) رغم ان البعض ينظرون الى العلم البشري طلبا للحل، ماذا يقول العلماء؟
٢٢ لعشرات السنين الآن يصنع الناس حربا مع الارض التي يعيشون عليها. كيف؟ بالتلوث العالمي. والتلوث فضلات سامة يسببها الانسان تتراكم في مخزون مائه وفي الهواء الذي يتنفسه والطعام الذي يأكله حتى لا يستطيع ابعادها. وهكذا يعرض الانسان للخطر تلك العناصر الاساسية التي يحتاج اليها للحياة.
٢٣ واولئك الذين يتكلون على البشر لجلب السلام والامن يقولون ان الانسان سيجد طريقة لينجو من هذه الازمة كما نجا من الازمات الماضية. ويعتقدون ان العلم البشري سيزوّد الحل.
٢٤ ولكنّ الذين يعبّرون ايضا عن اخطر الشكوك اليوم هم العلماء انفسهم. لاحظوا ما يلي:
«قال الدكتور وليم د. ماكلروي، المدير السابق للمؤسسة العلمية القومية، في الآونة الاخيرة ان التجاوب الطبيعي مع التهديد الذي يقدمه التلوث هو ان الانسان نجا من اخطار اخرى قبلا ويمكن ان يفعل ذلك ثانية. وهذا الامر، من سوء الحظ، لا ينسجم ابدا مع الوقائع. فالحقيقة البسيطة اليوم هي ان نجاة الانسان في مجتمع مقبول غير اكيدة على الاطلاق . . . والتدمير الذاتي بانحطاط البيئة امكانية حقيقية.» — جريدة اتلانتا.٧
٢٥ يمكن للبشر ان يبتكروا وينتجوا الآلات على نطاق واسع، خالقين مجتمعا صناعيا. ولكنهم في استعمال الآلات يخربون بيئتهم. وكما يقول الدكتور رونيه ديبوس، أحد مراجع التلوث:
«في رأيي لا توجد فرصة لحل مشكلة التلوث — او التهديدات الاخرى للحياة البشرية — اذا قبلنا الفكرة القائلة ان التقنية ستسود مستقبلنا.»٨
٢٦-٢٨ (ا) هل انبأ الكتاب المقدس بتطور مثل هذه الحالة الحرجة في ما يتعلق بالارض؟ (ب) ما هو حقا مصدر مشكلة التلوث؟ (ج) في معالجة مشاكل التلوث، اية معرفة حيوية تنقص العلماء البشر، ولكن من يملكها؟
٢٦ وايضا انبأ الكتاب المقدس بعدم حكمة الانسان في استعماله هبات الارض السخية. فالنبوة في الرؤيا ١١:١٨ انبأت بالوقت الذي يجب ان يتخذ فيه اللّٰه الاجراء «ليهلك الذين كانوا يهلكون الارض.»
٢٧ ومرة اخرى يتضح ان الكتاب المقدس بشكل موثوق به يلفت الانتباه الى المصدر الحقيقي لمشاكل التلوث للجنس البشري. فهل هو الصناعة والآلات؟ كلا، بصورة رئيسية. فبصورة رئيسية، هو الناس الذين يسببون التلوث. وهم يلوثون لسبب الرغبة الانانية او الجهل او كليهما. فقد بنوا الانظمة الاقتصادية الحاضرة لاشباع رغباتهم، ولكنهم يجدون الآن هذه الانظمة تبعد ذات الامور التي يحتاجون اليها ليتمتعوا بالحياة.
٢٨ صحيح انه يقال اليوم الشيء الكثير عن اثر البيئة في الكائنات الحية والبحث العلمي في بيئة الارض. ولكنّ العلماء مع ذلك لا يفهمون كاملا عمل العلائق الاحيائية التي تعتمد الحياة عليها. تقول مجلة «تايم» عن هذه العلائق:
«وحتى الابسط معقد حتى لا يستطيع اكبر الادمغة الالكترونية ان يحلّه كاملا.»٩
فمن المعترف به ان البشر لا يفهمون العلم المعقد لاثر بيئة الارض في الكائنات الحية. اما اللّٰه فيفهم ذلك لانه خلقه. أليس حكيما وعمليا ان ننظر الى خالق هذه الامور لتزويد الحل للمشاكل؟
الامن بازالة الجريمة
٢٩-٣١ (ا) ما هو مدى انتشار مشكلة الجريمة؟ (ب) لماذا سنّ الشرائع الجديدة لا يبعد الجريمة؟ (ج) ماذا يدل ان الازدهار المادي لا يحل المشكلة؟
٢٩ رغم ان التلوث يعرض للخطر الامور الضرورية جدا لوجود الانسان فان زيادة الجريمة هي التي تجعل معظم الناس في خوف. فالجريمة باستمرار تسلب عددا اكبر فاكبر من الناس امنهم الشخصي، ليس فقط في المدن الكبيرة، بل في المدن الصغيرة والمناطق الريفية. وليس مجرد الممتلكات بل غالبا ما يصير جسد المرء في خطر. فهل يمكن للبشر ان يجلبوا لكم امنا حقيقيا من هذه الاخطار؟
٣٠ وهل يمكن ان يفعلوا ذلك بسنّ الشرائع الجديدة؟ هنالك الآن مئات وحتى آلاف الشرائع في كتب الحقوق في العالم. ومع ذلك لم توقف هذه الشرائع زيادة الجريمة. وايضا كثيرا ما يتطور الفساد العميق الجذور في ذات الهيئات التي تنفذ القانون. وعدم الاستقامة في المراكز العليا قد يبطل جهود الرسميين المستقيمين الذين ينفذون القانون. وتبقى الحقيقة القائلة ان البر لا يمكن حقنه في قلوب الناس بالقوانين.
٣١ وهل يكمن الحل في الاساليب الجديدة للكشف عن الجريمة واحباطها؟ يبتكر المجرمون طرائق جديدة للتغلب على كل اسلوب جديد يجري انتاجه. اذن، هل تحل المشكلة زيادة الازدهار في «عصر سلام» من صنع الانسان؟ لا شك انه من الخطأ الاستنتاج ان الجريمة هي من مميزات ذوي الدخل المنخفض فقط. مثلا، لاحظوا هذا التقرير:
«ان عدد الجرائم المرتكبة من رجال الاعمال والمهنيين في اوستراليا قد ارتفع الى درجة مخيفة في السنتين او السنوات الثلاث الماضية.» — المجلة الاوسترالية.١٠
وكذلك تقول النيويورك تايمز ان السرقة في منطقة وول ستريت التجارية شيء «عام،» وتضيف قائلة: «كل فرد يسرق — السعاة والمستخدمون وحتى الموظفون المشرفون.»١١ وتظهر الوقائع ان معدلات الجريمة الاعلى توجد في الامم الصناعية الاغنى. ولا يجب تجاهل ارتفاع موجة ادمان المخدرات.
٣٢ هل يتم ما انبأ به الكتاب المقدس عن هذه الحالة؟
٣٢ وما يحدث هو كما انبأت نبوات الكتاب المقدس منذ زمن بعيد: «في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم . . . عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح . . . محبين للذات دون محبة للّٰه.» (٢ تي ٣:١-٤) ومن الجدير بالملاحظة خصوصا هو ان هذه الاحوال انبئ بانها ستوجد بين الذين يدّعون الايمان باللّٰه، ولكنهم يبرهنون على بطل ادعائهم. (العدد ٥) ألا نجد ان الامم في العالم المسيحي اليوم هي المصابة اكثر بالجريمة والامراض الاجتماعية المماثلة؟ وانبأ يسوع ايضا «بكثرة الاثم» للفترة التي تسبق اهلاك ملكوت اللّٰه للاشرار ليجعل الارض مكانا يرثه الودعاء. و «كثرة الاثم» هذه هي واقع الحياة في ايامنا. — متى ٢٤:١٢؛ ٥:٥.
اعظم المشاكل على الاطلاق
٣٣-٣٨ (ا) حتى اذا استطاع البشر ان يحلّوا كل المشاكل الجاري بحثها حتى الآن، اي عدوّين كبيرين للسلام والامن يبقيان ايضا؟ (ب) اية آمال يراها الاطباء الباحثون للتغلب على الامراض الرئيسية التي تصيب الجنس البشري؟
٣٣ لنفرض ان البشر استطاعوا ان يحلّوا مشاكل الحرب والفقر والجوع والتلوث والجريمة وادمان المخدرات. هل يجلب ذلك لكم سلاما وأمنا كاملين؟ كلا، يكون هنالك ايضا شيء ناقص. يبقى هنالك المرض والموت كعدوّين لامنكم لم يقهرا. وفي الواقع، ما هو معنى او اهمية السلام من كل المشاكل الاخرى اذا كان على المرء ان يشاهد عضوا حبيبا في عائلته يمرض ويموت او يجد جسده يفتك به مرض مميت؟
٣٤ جرى في الاونة الاخيرة تقدم طبي مثير للاعجاب. ولكن اي أمن حقيقي يجلبه ذلك لنا؟ بماذا تعترف المراجع الطبية نفسها.
٣٥ يظهر تقرير في صحيفة وول ستريت،١٢ بعنوان «العلم يتقهقر في الحرب مع المرض في البلدان الفقيرة،» ان ثلاثة امراض (الملاريا، التراخوما، شيستوسومياسيس) تصيب الآن ٨٠٠ مليون شخص في امثال هذه الامم. وتدل التقارير الطبية ان العدد الذي يتأثر ينمو باستمرار. ولذلك فان ربع عدد سكان العالم تقريبا مصاب بمجرد ثلاثة من الامراض الكثيرة.
٣٦ وما القول في الامم الاغنى؟ هنا مرض القلب هو القاتل الاول. وفي الآونة الاخيرة، في مؤتمر للجوع وسوء التغذية، دعي مرض القلب «وبائيا.» ففي كندا يصيب واحدا من كل اربعة راشدين. وفي الولايات المتحدة فان اكثر من ٥٠ في المئة من الوفيات كل سنة هو من مرض القلب مع كثير من الشبان الآن بين الضحايا. ومع ذلك، حسب تقرير في النيويورك تايمز، «قال الدكتور موسى، رسميّ مؤسسة القلب الاميركية، ان الاطباء يعترفون بانهم لا يستطيعون ان يبيدوا مرض القلب.»١٣
٣٧ وعدد ضحايا مرض السرطان المخيف يستمر ايضا في الازدياد. واي رجاء هنالك بالتخلص منه؟ يقول هاري غراندفست، استاذ الجراحة في جامعة كولومبيا: «هنالك مجرد ادلة غامضة بعد على طبيعة مشكلة السرطان — فاتركوا حلّها.»١٤
٣٨ وحتى اكثر الناس حماسة في العلم الطبي يعترفون بانه من غير المرجح في مدى حياتنا ان يوجد علاج لمرض القلب والسرطان والملاريا والامراض الاخرى الاخرى الاكثر فتكا. وحتى اذا وجدوا العلاج فانهم يدركون ان ذلك لا يطيل ايضا معدل عمر اغلب الاشخاص. فالناس ايضا يكبرون ويموتون. اذن، اي رجاء حقيقي بالامن من المرض والشيخوخة والموت يمكن للبشر ان يقدموه؟
٣٩ اين يمكن ان نتعلم سبب قصر الحياة البشرية وامتلائها بالمشاكل؟
٣٩ كم تبقى الكلمات المسجلة في الكتاب المقدس في ايوب ١٤:١، ٢ صحيحة اليوم، رغم كتابتها منذ آلاف السنين: «الانسان مولود المرأة قليل الايام وشبعان تعبا. يخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل ولا يقف.» والكتاب المقدس يظهر ايضا سبب ذلك، ويثبت هوية المصدر الرئيسي الخفي لكل مشاكل الانسان، كما سنرى في ما بعد.
في اي شيء ستضعون رجاءكم؟
٤٠، ٤١ ماذا تعتقدون — انه واقعي اكثر ان تنظروا الى البشر لحل المشاكل التي تواجه الجنس البشري، ام ان اللّٰه وحده يستطيع ذلك؟ ولماذا؟
٤٠ اذن، بكل استقامة، هل هو واقعي ان تثقوا بقادة العالم او غيرهم من البشر لحل المشاكل التي تواجه الجنس البشري؟ ام هو واقعي اكثر ان تتكلوا على الحل الذي يشير اليه الكتاب المقدس، اي الاجراء الذي يتخذه اللّٰه نفسه بواسطة حكومة سماوية بارة؟ كتب المرنم الملهم منذ زمن بعيد هذه الكلمات:
«لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده. تخرج روحه فيعود الى ترابه. في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره. طوبى لمن اله يعقوب معينه ورجاؤه على الرب الهه الصانع السموات والارض والبحر وكل ما فيها.» — مزمور ١٤٦:٣-٦.
٤١ لا تنسوا ابدا ان البشر مهما كانوا مخلصين، او مهما كانوا ذوي نفوذ واقوياء كقادة العالم، هم خلائق مائتة. لا يقدرون ان يخلّصوا انفسهم، فكيف يمكن ان يخلّصوا الآخرين؟