الفصل ١٠
قيمة التأديب في المحبة
١ ماذا يلزم اذا أراد المرء ان يكون اولاده طائعين؟
الأولاد الطائعون المحبون ذوو العادات الحسنة لا يأتون بالصدفة. فيجري تكييفهم وانتاجهم بالمثال والتأديب.
٢ كيف تصطدم آراء كثيرين من المختصين بعلم نفس الأولاد مع مشورة الكتاب المقدس؟
٢ وكثيرون من المختصين بعلم نفس الأولاد يضعون إشارة «لا تمسّ!» على الأولاد، كما فعل من قال: «هل تدركن ايتها الأمهات انه كلما صفعتنّ ولدكنّ تظهرن انكنّ تبغضن ولدكنّ؟» ولكنّ اللّٰه في كلمته يقول: «من يمنع عصاه يمقت ابنه ومن أحبه يطلب له التأديب.» (أمثال ١٣:٢٤) وقبل عقود قليلة، وخاصة في الأمم الغربية، كانت الكتب عن تدريب الأولاد بنظرياتها الإباحية تغمر الأسواق. فالتأديب يثبط الولد ويعيق تطوره، قال علماء النفس. وبالنسبة الى الصفع فان مجرد الفكرة كانت لهم رهيبة. فكانت نظرياتهم تصطدم مباشرة مع مشورة يهوه اللّٰه. وكلمته تقول انكم تحصدون ما تزرعون. (غلاطية ٦:٧) فعلى ماذا برهنت العقود القليلة لزرع بزور الإباحية؟
٣ و ٤ ماذا نتج من عدم التأديب اللائق في البيت، ولذلك بماذا يوصي الكثيرون؟
٣ ان الغلة الوافرة للجريمة والجناح معروفة جيدا. وجرائم الاحداث مسؤولة عن اكثر من ٥٠ في المئة من الجرائم الخطيرة في كثير من الأمم الصناعية. وفي بعض انحاء العالم تصير المدارس مرتعا للفوضى والقتال والإساءة الشفهية والكلمات البذيئة وتخريب الممتلكات والاعتداء الجسدي والابتزاز واحراق المباني والسرقات والاغتصاب والمخدرات والقتل. ونسب متحدث عن اتحاد المعلمين في احد البلدان الكبرى مشكلة التأديب الى فشل المدرسة في الوصول الى الأولاد في سنّ مبكرة، والجناح الى انحطاط العائلة وعدم رغبة الآباء في وضع مقاييس معقولة لسلوك أولادهم. وفي بحث السؤال «لماذا يصير بعض أعضاء العائلة مجرمين دون غيرهم،» تقول دائرة المعارف البريطانية: «قد تكون خطط العائلة التأديبية اكثر من الازم رخوة او قاسية او غير ثابتة. ويقترح البحث الأميركي ان التأديب غير السليم يمكن ان يكون مسؤولا عن نحو ٧٠ في المئة من الرجال المجرمين.»
٤ والنتائج الجاري اختبارها تؤدي الى تغيير الرأي بين الكثيرين والرجوع الى التأديب.
عصا التأديب
٥ ما هي نظرة الكتاب المقدس الى الصفع؟
٥ قد يكون الصفع منقذا لحياة الولد، لان كلمة اللّٰه تقول: «لا تمنع التأديب عن الولد لانك ان ضربته بعصا لا يموت. تضربه انت بعصا فتنقذ نفسه من الهاوية (المدفن).» وأيضا، «الجهالة مرتبطة بقلب الولد. عصا التأديب تبعدها عنه.» (أمثال ٢٣:١٣، ١٤، ٢٢:١٥) فاذا اعتبر الآباء مصالح حياة أولادهم عزيزة عليهم لا يدعون الاجراء التأديبي بضعف او عدم اكتراث يفلت من أيديهم. وستدفعهم المحبة الى اتخاذ الاجراء، بحكمة وعدل، عند اللزوم.
٦ أي شيء يشمله التأديب؟
٦ أما التأديب ذاته فلا يقتصر على العقاب. فالتأديب من حيث الأساس يعني «الارشاد والتدريب الذي يلازم ترتيبا او نظاما معيّنا.» ولهذا السبب لا تقول الامثال ٨:٣٣، اشعروا بالتأديب، بل «اسمعوا (التأديب، عج) وكونوا حكماء.» والمسيحي، حسب ٢ تيموثاوس ٢:٢٤، ٢٥، يجب ان «يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات مؤدبا بالوداعة المقاومين.» وكلمة التأديب ذاتها نجدها في العبرانيين ١٢:٩: «كان لنا آباء اجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم. أفلا نخضع بالاولى جدا لابي الأرواح فنحيا.»
٧ اية فوائد تنتج من التأديب الابوي؟
٧ والأب الذي يفشل في تزويد التأديب لا يربح احترام الولد، تماما كالحكام الذين لا يربحون احترام المواطنين عندما يسمحون للخطأ بان يفلت من العقاب. والتأديب، المعطى بشكل صائب، دليل على ولد يهتم به ابواه. ويساهم في بيت سلمي، لانه «يعطي الذين يتدربون به ثمر برّ للسلام.» (عبرانيين ١٢:١١) فالاولاد العديمو الطاعة الاردياء السلوك هم مصدر ازعاج في البيت، وأمثال هؤلاء الأولاد لا يكونون ابدا سعداء حقا، حتى ولا مع انفسهم. «ادّب ابنك فيريحك ويعطي نفسك لذّات.» (أمثال ٢٩:١٧) وبعد شيء من التقويم الثابت والحبي يمكن ان يحصل الولد نوعا ما على نظرة جديدة وبداية جديدة وغالبا ما يكون رفيقا مقبولا اكثر. فالتأديب، حقا، يعطي «ثمر برّ للسلام.»
٨ كيف يمكن ان يؤدب الابوان في المحبة؟
٨ «الذي يحبه الرب يؤدبه.» (عبرانيين ١٢:٦) وهكذا أيضا الاب او الام الذي يفكر حقا في افضل مصالح أولاده. والتأديب يجب ان يجري بدافع المحبة. فقد يكون الغضب طبيعيا عندما يغتاظ المرء من خطأ الولد، ولكن كما يظهر الكتاب المقدس يجب ان يكون المرء «صبورا على المشقات.» (٢ تيموثاوس ٢:٢٤) وبعد ن يهدأ الشخص ربما لا تبدو الخطية الصبيانية كبيرة الى هذا الحد: «تعقّل الانسان يبطئ غضبه وفخره الصفح عن معصية.» (أمثال ١٩:١١، انظر أيضا جامعة ٧:٨، ٩.) وقد تكون هنالك ظروف مخففة: فربما كان الولد تعبا جدا او متوعكا. وربما نسي فعلا ما قيل له. ألا يحصل ذلك للراشدين أيضا؟ ولكن حتى ان كان الخطأ لا يجب التغاضي عنه فان التأديب لا يلزم ان يكون انفجارا غير مضبوط او ثورانا يخفف الضغط العاطفي للاب او الام. فالتأديب يشمل الارشاد، وبانفجار الغضب يتعلم الولد درسا، لا في ضبط النفس، بل في عدمه. والشعور بالاعتناء به، الذي يدركه الولد في التأديب اللائق، يختفي. فالاتزان ضروري ويروّج السلام.
وضع حدود ثابتة
٩ انسجاما مع الامثال ٦:٢٠-٢٣ ماذا يجب على الآباء ان يزوّدوا لاولادهم؟
٩ يجب على الآباء ان يزوّدوا الخطوط الارشادية لاولادهم. «يا ابني احفظ وصايا ابيك ولا تترك شريعة امك. اربطها على قلبك دائما. قلّد بها عنقك. اذا ذهبت تهديك. اذا نمت تحرسك واذا استيقظت فهي تحدّثك. لانّ الوصية مصباح والشريعة نور وتوبيخات الادب طريق الحياة.» فهذه الوصايا الابوية تهدي وتحمي الولد، وتعكس اهتمام الابوين بخير وسعادة الولد. — أمثال ٦:٢٠-٢٣.
١٠ ماذا يمكن ان يحدث عندما يفشل الآباء في تأديب أولادهم؟
١٠ والأب الذي يفشل في ذلك يتحمل المسؤولية. فعالي، رئيس الكهنة في إسرائيل قديما، ترك بنيه ينهمكون في الجشع والاحتقار والفساد الادبي. وقد عبّر لهم عن شيء من الاحتجاج، ولكنه لم يتخذ اجراء حقيقيا لايقاف ارتكابهم الخطأ. قال اللّٰه: «أقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم أنّ بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم ولم يردعهم.» (١ صموئيل ٢:١٢-١٧ و ٢٢-٢٥؛ ٣:١٣) وبشكل مماثل، اذا فشلت الام في واجبها تعاني الخزي: «العصا والتوبيخ يعطيان حكمة والصبي (او الصبية) المطلق الى هواه يخجل امه.» — أمثال ٢٩:١٥.
١١ لماذا يحتاج الأولاد الى وضع حدود لهم؟
١١ يحتاج الأولاد الى وضع حدود لهم. فدونها يشعرون بالقلق. وامتلاكها واتّباعها يجعل الأولاد يشعرون بانهم جزء من فريق. فهم ينتمون اليه ويكونون مقبولين منه لسبب عملهم بموجب مطالبه. والاباحية تهجر الاحداث وتتركهم يتقدمون وحدهم متعثرين. وتظهر النتائج ان الأولاد يحتاجون الى الراشدين، الذين يملكون الاقتناع الثابت بالحدود، والذين ينقلونها اليهم. ويحتاج الأولاد الى الادراك انه توجد حدود لكل فرد على الأرض وان ذلك ينتج الخير والسعادة الشخصية. ولا يمكن التمتع بالحرية الا عندما يعترف الآخرون بمجال حريتنا ونعترف نحن بذاك الذي لهم. وتجاوز الحدود اللائقة يعني دون شك ان المسيء يصل الى حد التطاول والطمع على أخيه. — ١ تسالونيكي ٤:٦.
١٢ لماذا تأديب الذات مهم، وكيف يمكن للآباء ان يساعدوا أولادهم على تطويره؟
١٢ وعندما يتعلم الأولاد ان تحدي الحدود اللائقة يجلب التأديب من هذا النوع او ذاك يدركون حدودهم الخاصة، وبالثبات والإرشاد الابوي يطوّرون تأديب الذات اللازم ليحيوا حياة الاكتفاء. فاما ان نؤدب انفسنا من الداخل، واما ان ننال التأديب من مصدر خارجي. (١ كورنثوس ٩:٢٥، ٢٧) واذا طوّرنا التأديب الداخلي وساعدنا أولادنا على فعل الامر ذاته تكون حياتنا وحياتهم أسعد وأبعد عن المشاكل والغم.
١٣ ما هي بعض العوامل المهمة التي يجب ان يذكرها الآباء عند وضع الخطوط الارشادية لاولادهم؟
١٣ والخطوط الارشادية والحدود للاولاد يجب ان تكون واضحة وعادلة ورحيمة. فلا تتوقعوا منهم اكثر ولا اقل من اللازم. اذكروا عمرهم، لانهم سيتصرفون بموجبه. لا تتوقعوا ان يكونوا راشدين بشكل مصغّر. وقال الرسول بانه لما كان طفلا كطفل كان يتصرف. (١ كورنثوس ١٣:١١) ولكن عندما تؤسسون قواعد معقولة، ويفهمها اولادكم، اجعلوها سارية المفعول بسرعة وثبات. «ليكن كلامكم نعم نعم لا لا.» (متى ٥:٣٧) والأولاد بالحقيقة يقدّرون الآباء الذين يلتصقون بكلامهم، الذين يتصفون بالثبات ويمكن الانباء بهم، اذ يشعرون بقوة آبائهم تدعمهم وبانهم يستطيعون ان يعتمدوا على ذلك عندما يأتي الاضطراب ويحتاجون الى العون. واذا اتصف آباؤهم بالعدل والايجابية في تقويم الخطأ يمنح ذلك الأولاد الشعور بالامن والاستقرار. فالاولاد يحبون ان يعرفوا اين هو موقفهم، وبآباء كهؤلاء يعرفون ذلك.
١٤ لماذا الثبات مهم عندما لا يتجاوب الأولاد مع توجيه آبائهم؟
١٤ يلزم التصميم من جهة الآباء ليظهروا الثبات عندما يتوقف الولد فجأة عن اطاعة الامر الابوي. فبعض الآباء يلجأون حينئذ الى التهديد بالعقاب المحتمل، او ينهمكون في جدل عقيم مع الولد، او يحاولون رشو الولد ليفعل ما امروه به. وكل ما يلزم غالبا هو ان تكونوا ثابتين جدا وتقولوا للولد باقتناع انه يجب ان يفعل ذلك وان يفعله الآن. فاذا كان الولد على وشك الخطو امام سيارة مقبلة يقول له الابوان ما يجب ان يفعله دون تردد. وكما يوضح بعض الباحثين في الموضوع: «جميع الآباء تقريبا يجعلون أولادهم يذهبون الى المدرسة، ... ينظفون اسنانهم، يبتعدون عن السطح، يستحمون، وهلم جرا. والأولاد غالبا ما يقاومون. ولكنهم رغم ذلك يطيعون اذ يعرفون ان الآباء يعنون ذلك.» فلا يمكن ان تتوقعوا ان يربط اولادكم ارشاداتكم ووصاياكم على قلبهم دائما الا اذا ايّدتم ذلك بثبات. — أمثال ٦:٢١.
١٥ عندما لا يكون الآباء ثابتين في جعل الخطوط الارشادية سارية المفعول كيف يمكن ان يتأثر الأولاد؟
١٥ وعندما يجعل الآباء الخطوط الارشادية سارية المفعول بشكل متقطع حسب هوى او مزاج تلك اللحظة، او عند تأجيل التأديب على العصيان طويلا، يجترئ الأولاد على المجازفة بالمخالفات ليروا الى ايّ حد يمكن ان يصلوا وكم يمكن ان يفعلوا دون عقاب. وعندما يظهر ان العقاب يتباطأ يصير الأولاد كالكبار في الاجتراء على ارتكاب الخطأ. «لان القضاء على العمل الرديء لا يُجرى سريعا فلذلك قد امتلأ قلب بني البشر فيهم لفعل الشر.» (جامعة ٨:١١) فقولوا ما تعنون واعنوا ما تقولون. وحينئذ يدرك ولدكم ان هذه هي الحال ويعرف انه لا الاستياء والجدل، ولا التصرف كما لو انه يشعر بأنكم قساة وغير محبين، يفيد شيئا.
١٦ لتجنب اصدار الأوامر غير المعقولة ماذا يجب ان يفعل الآباء؟
١٦ ويتطلب ذلك التفكير قبل التكلم. فالقواعد او الأوامر الصادرة بسرعة تكون غالبا غير معقولة. «ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب.» (يعقوب ١:١٩) فان لم يكن التأديب عادلا وثابتا يتأثر الشعور الطبيعي بالعدل لدى الأولاد ويتطوّر الاستياء.
اجعلوا التسلية مضبوطة
١٧ اية نظرة الى العمل واللعب يجب ان يقدّرها الأولاد؟
١٧ اللعب جزء طبيعي من حياة الولد. (زكريا ٨:٥) فيجب ان يدرك الآباء ذلك فيما يُدخلون تدريجيا في حياة الولد التقدير للعمل والشعور بالمسؤولية. ثم مهما كانت الاعمال الصغيرة التي تعطى للولد من الأفضل عموما ان يقوم بها أولا. واللعب يأتي ثانيا.
١٨ أي اثر يمكن ان يتركه العشراء في الأولاد؟
١٨ يصير بعض الأولاد «أولاد الشارع» او غرباء فعلا عن البيت لسبب طلب التسلية في مكان آخر. فاذا كانت المعاشرات رديئة تصير الآثار رديئة. (١ كورنثوس ١٥:٣٣) وشيء من المعاشرة خارج البيت مفيد طبعا للولد ليطوّر فهما أوسع للناس. ولكن عندما تكون هنالك معاشرة خارجية اكثر من الازم، او تترك غير مضبوطة، تضعف الدائرة العائلية او حتى تتحطم.
١٩ ما هي بعض الأمور التي يمكن ان يراجعها الآباء ليعرفوا ما اذا كانوا يجعلون البيت مكانا ممتعا لاولادهم؟
١٩ وفضلا عن التأديب الذي يمنحه الآباء لتقويم ذلك، يحسن بهم ان يسألوا انفسهم ماذا يمكن ان يفعلوا لجعل البيت اكثر متعة لاولادهم، وما اذا كانوا يصرفون الوقت الكافي معهم، ليس فقط في ارشادهم او تأديبهم، بل أيضا في الكون أصدقاء ورفقاء حقيقيين لاولادهم. وهل انتم عادة مشغولون اكثر من اللازم عن صرف الوقت مع اولادكم، عن اللعب معهم؟ ان فرص فعل الأمور مع الولد اذا ضاعت لا ترجع ثانية. فالوقت يسير باتجاه واحد، والولد لا يبقى كما هو بل يستمر في النمو والتغيّر. والفصول تمر بسرعة، ورغم انه يظهر وكأن ابنكم كان البارحة طفلا يتعلم المشي، فانكم تدركون فجأة انه يصير رجلا شابا وان ابنتكم الصغيرة قد صارت سيدة شابة. فاذا حافظتم على الاتزان الجيد وأدّبتم نفسكم في استعمالكم الوقت، فحينئذ فقط يمكن ان تتجنبوا خسارة الفرص التي تقدمها هذه الفترة الثمينة — او ان تمنعوا رؤية اولادكم يبتعدون عنكم وهم لا يزالون في سنواتهم الباكرة. — أمثال ٣:٢٧.
٢٠ و ٢١ حيثما يوجد التليفيزيون في البيت اية مسؤولية يجب ان يتحملها الآباء، ولماذا؟
٢٠ وحيثما يكون التليفيزيون المصدر العام للتسلية قد يلزم وضع حدود لاستعماله. فبعض الآباء يستعملون التليفيزيون كحاضنة. وقد يكون ذلك مريحا ويظهر رخيصا، ولكنه في الواقع يمكن ان يصير غالي الثمن. فالبرامج التليفيزيونية غالبا ما تكون مشبعة من العنف والجنس. والانطباع المعطى هو ان العنف طريقة مقبولة لحل المشاكل، والجنس غير الشرعي جزء مقبول من الحياة اليومية. وتظهر التقارير الكثيرة ان ذلك يمكن ان يضعف حساسية الشخص لامثال هذه الممارسات، وخاصة الأشخاص الاحداث. وأنتم تهتمون بان يأكل اولادكم طعاما صحيا وغير ملوّث. فيجب ان تهتموا اكثر أيضا بما تتغذى به عقولهم. وكما اظهر يسوع، لا يدخل الطعام الى قلوبنا، ولكنّ ما نضعه في عقولنا يمكن ان يدخل الى قلوبنا. — مرقس ٧:١٨-٢٣.
٢١ وضبط نوع البرامج التي تجري مشاهدتها، وأيضا مقدار الوقت المصروف امام التليفيزيون، يمكن ان يصنع فرقا كبيرا في تطوّر الولد. فالتليفيزيون يمكن ان يزوّد شيئا من التسلية الممتعة وحتى التعليم. ولكن ان لم يجر ضبطه يمكن ان يصير ادمانا، مستهلكا مقادير كبيرة من الوقت. والوقت يعني الحياة، وبعض هذا الوقت يمكن صرفه دون شك بطرائق أخرى اكثر فائدة. ذلك لان التليفيزيون يستبدل العمل بمجرد النظر. ويستبدل لا النشاط الجسدي فقط بل القراءة والمحادثة أيضا. والعائلة تحتاج الى الاتصال والاتحاد، ومجرد الجلوس معا بصمت في الغرفة ذاتها ومشاهدة التليفيزيون لن يسدّ هذه الحاجة. وحيثما يكون الافراط في مشاهدة التليفيزيون مشكلة يمكن للآباء ان يطوروا في أولادهم التقدير للنشاطات الأخرى مكان التليفيزيون — اللعب السليم، القراءة، النشاطات العائلية — وخاصة اذا اخذ الآباء انفسهم القيادة ورسموا المثال.
عندما تؤدبون اتصلوا!
٢٢ لماذا من المهم ان يفهم الأولاد الكلمات التي يستعملها آباؤهم؟
٢٢ يذكر احد الآباء هذا الاختبار:
«عندما كان ابني بعمر ثلاث سنوات فقط اعطيته موعظة عن الكذب، وكيف يبغض اللّٰه الكذبة، مستعملا الامثال ٦:١٦-١٩ وغيرها من الآيات. فأصغى وظهر كأنه يتجاوب جيدا. ولكنني شعرت بانه لم يفهم النقطة. ولذلك سألته، يا ابني، هل تعرف ما هو الكذب؟ فقال، لا. وبعد ذلك كنت اتاكد دائما انه يعرف ماذا تعني الكلمات ولماذا يجري تأديبه.»
٢٣ ماذا يمكن ان يتعلق بمساعدة الأولاد ليروا صواب تصرف معين؟
٢٣ وعندما يكون الأولاد صغارا بعد قد يتمكن الآباء من إيضاح الأمور فقط بعبارة «لا لا،» كلمس موقد حار. ولكن حتى مع أمثال هذه التحذيرات البسيطة الأولى يمكن إعطاء الأسباب. فقد تكون مجرد ان الموقد «حار!» وان لمسه «موجع!» ولكن، من البداية، اجعلوا امام الولد المبدأ القائل بان الامر يتعلق بخير الولد. ثم أبرزوا ان صفات كاللطف والاعتبار والمحبة مرغوب فيها. ساعدوا الولد ليدرك ان هذه الصفات تشكل الأساس لكل المطالب او القيود الصائبة. وأيضا شددوا لماذا يعبّر او لا يعبّر عمل معيّن عن هذه الصفات المرغوب فيها. وعندما يجري ذلك بثبات قد تتمكنون من الوصول لا الى مجرد عقل الولد بل الى قلبه. — متى ٧:١٢، رومية ١٣:١٠.
٢٤ لماذا من المهم ان يحترم الولد السلطة؟
٢٤ وكذلك فان الحاجة الى الطاعة والاحترام للسلطة يجب تعليمها تدريجيا. ففي سنة الحياة الأولى تبتدئ بالظهور رغبة الولد او عدم رغبته في التجاوب مع أوامر الراشدين. وعندما يسمح التطور العقلي للولد اغرسوا فيه التقدير لمسؤولية الابوين امام اللّٰه. ويمكن ان يصنع ذلك فرقا كبيرا في تجاوب الولد. فدون ذلك قد ينظر الأولاد الى الطاعة كشيء يجب ان يعبّروا عنه لمجرد كون آبائهم اكبر وأقوى منهم. أما اذا جرت مساعدة الولد ليرى ان الابوين لا يعطيان آراءهما الخاصة بل يعطيان الولد ما يقوله الخالق، ما تقوله كلمته، فسيعطي ذلك المشورة والتوجيه الابوي قوة لا يمكن ان يعطيها ايّ شيء آخر. ويمكن ان يكون ذلك مصدرا حقيقيا للقوة اللازمة عندما تبتدئ بالظهور مجالات صعبة في حياة الحدث ويبتدئ بالشعور بشدة وضغط التمسك بالمبادئ الصائبة في وجه التجربة او المحنة. — مزمور ١١٩:١٠٩-١١١، أمثال ٦:٢٠-٢٢.
٢٥ كيف يمكن للمشورة في الامثال ١٧:٩ ان تساعد الآباء على تأديب أولادهم بالطريقة الصحيحة؟
٢٥ «من يستر معصية يطلب المحبة ومن يكرر امرا يفرّق بين الأصدقاء.» (أمثال ١٧:٩) ويصح ذلك أيضا في العلائق بين الآباء والأولاد. فاذا ادرك الولد خطأه، وفهم لماذا يحتاج الى التأديب، ونال هذا التأديب، يجب ان تدفع المحبة الآباء الى تجنب الضرب على وتر المعصية. ومهما جرى ارتكابه تاكدوا ان توضحوا ان ما تبغضونه هو الخطأ لا الولد. (يهوذا ٢٣) فقد يشعر الولد بانه «اخذ دواءه،» وقذ يعتبر الاشارات المتكررة الى الحادثة اذلالا لا لزوم له. ويمكن ان ينتج ذلك ابتعاده عن الابوين او الأولاد الآخرين في العائلة. فاذا كان الاب قلقا إزاء تطوّر نموذج خاطئ يمكن ان يعالج القضية بعد ذلك في مناقشة عائلية. لا تقوموا بمجرد سرد ومراجعة للاعمال الماضية، بل تأملوا في المبادئ ذات العلاقة وكيف تنطبق ولماذا هي مهمة للسعادة الدائمة.
طرائق مختلفة للتأديب
٢٦ لماذا لا يتجاوب جميع الأولاد بطريقة مرغوب فيها مع نفس النوع من التأديب؟
٢٦ «الانتهار يؤثر في الحكيم اكثر من مئة جلدة في الجاهل.» (أمثال ١٧:١٠) فالاولاد المختلفون قد يحتاجون الى التأديب بشكل مختلف. ومزاج وطبع الولد افراديا يجب اخذه بعين الاعتبار. فقد يكون الولد رقيق الشعور جدا ولا يكون العقاب الجسدي كالصفع ضروريا دائما. ومع الآخر قد يكون الصفع غير فعال. او قد يكون الولد كالعبد الموصوف في الامثال ٢٩:١٩، «بالكلام لا يؤدَّب العبد لانه يفهم ولا يُعنى.» وفي حالة كهذه يحتاج الولد الى التأديب الجسدي.
٢٧ كيف ساعد احد الآباء ابنه الصغير ليتوقف عن الكتابة على الحائط؟
٢٧ تقول احدى الأمهات:
«كان ابني لا يكاد يبلغ السنتين عندما كتب على الحائط — كتابات حمراء صغيرة غير بعيدة عن الأرض. فأراه ابوه إياها وسأله عنها. فحدق بعينيه دون ان يقول نعم او لا. وأخيرا قال ابوه، يا ابني عندما كنت بعمرك تقريبا كتبت على الحائط. أليس ذلك ممتعا؟ فاستراح الصغير الآن، وامتلأ وجهه ابتسامة، وابتدأ محادثة حيوية عن كون ذلك ممتعا جدا. لقد عرف ان اباه فهم! ولكن جرى الايضاح انه رغم كون ذلك ممتعا ليست الحيطان مكانا للكتابة. فتأسس الاتصال، وبالنسبة الى هذا الولد كانت المناقشة الإضافية كل ما يلزم.»
٢٨ كيف يمكن للاب او الام ان يتجنب الجدال مع الولد؟
٢٨ وعند التأديب يحسن إعطاء الأسباب بغية التعليم والإرشاد، ولكن ليس من الملائم عادة الجدال مع الولد. قالت احدى الأمهات عندما جادل ولدها حول القيام بعمل معين: «عندما تنجزه نذهب الى الحديقة،» الامر الذي كان ممتعا للصغير في ذلك اليوم. فكان سيجري منع المتعة او النزهة حتى ينتهي العمل المعيّن. واذا أتت ووجدت ان العمل لم ينته بعد كانت ستقول، «ألم ينته بعد؟ نذهب عندما تنجزه.» فلم تجادل، ولكنها حصلت على النتائج.
٢٩ ماذا يمكن فعله لجعل الولد يشعر بالعواقب غير المرغوب فيها لارتكابه الخطأ؟
٢٩ والشعور بالعواقب غير المرغوب فيها للاعمال الخاطئة يمكن ان يساعد الأولاد ليتعلموا حكمة المبادئ الصائبة. فهل وسّخ الولد شيئا؟ ان تنظيفه ذلك شخصيا قد يترك الانطباع الأقوى. وهل اتصف بالظلم او الفظاظة؟ ان تعلّم الاعتذار قد يفعل الشيء الكثير لتقويم الميل الخاطئ. وربما كسر شيئا في لحظة غضب. فاذا كان عمره كافيا قد يطلب منه كسب المال للتعويض. وبالنسبة الى بعض الأولاد فان منع بعض الامتيازات لمدة من الوقت قد يعطي الدرس اللازم. وفي الجماعة المسيحية يكون الامتناع عن المعاشرة الودية وسيلة لجعل بعض الخطاة يخجلون. ( ٢ تسالونيكي ٣:٦، ١٤، ١٥) وبالنسبة الى الصغار يمكن ان يكون المنع الوقتي للمرافقة العائلية فعالا اكثر من الصفع. ولكنّ التطرف، كاقفال الباب لمنع الولد من الدخول الى البيت، يتجاوز حدود المحبة. ومهما كانت الوسيلة المستعملة يلزم الاظهار للأولاد انه يجب عليهم ان يتحملوا عواقب مسلكهم. وهذا الامر يعلّمهم المسؤولية.
ادّبوا في المحبة
٣٠ لماذا الاتزان مهم عندما يضع الآباء الخطوط الارشادية لاولادهم؟
٣٠ «تأكدوا من الأمور الأكثر أهمية،» ذاكرين ان «الحكمة التي من فوق ... مترفقة.» (فيلبي ١:١٠، عج، يعقوب ٣:١٧) واذكروا ان الأولاد الصغار هم حزمة طاقة تطلب الانطلاق، وانهم متعطشون الى التعلّم والاكتشاف وتجربة الأشياء الجديدة. ففي وضع الحدود والخطوط الارشادية أظهروا التفكير السليم واتصفوا بالاختيار. وهنالك اتزان يجب الوصول اليه بين ما هو ضروري وما هو غير ضروري. وبعد ان تجعلوا الحدود معروفة، عوض ان تحاولوا ضبط كل التفاصيل الدقيقة، اسمحوا للولد بان يتمتع بالتحرك بحرية وثقة ضمن هذه الحدود. (أمثال ٤:١١، ١٢) والا فان اولادكم قد يسخطون ويكتئبون، وستجدون نفسكم مرهقين لسبب صنع قضايا من الأمور التي ليست بالحقيقة ذات عاقبة معيّنة. — كولوسي ٣:٢١.
٣١ أي مثال يرسمه يهوه اللّٰه في منح التأديب؟
٣١ فيا أيها الآباء، أدّبوا ابنكم او ابنتكم «لانّ فيه رجاء،» ولكن افعلوا ذلك بطريقة اللّٰه، في المحبة. تمثلوا به: «الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بابن يسرّ به.» اجعلوا تأديبكم ثمينا وحبيا، كذاك الذي لخالقكم، لان «توبيخات الادب طريق الحياة.» — أمثال ١٩:١٨، ٣:١٢، ٦:٢٣.