مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • خا الفصل ٩ ص ١٤٤-‏١٦٤
  • معلّم عظيم يوضِح لنا المزيد عن الخالق

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • معلّم عظيم يوضِح لنا المزيد عن الخالق
  • هل يوجد خالق يهتم بامركم؟‏
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • امرأة سامرية
  • وجهة نظر صياد سمك
  • لماذا مات يسوع؟‏
  • تلميذ قدَّر المحبة
  • يسوع المقام —‏ مفتاح الى حياة ذات معنى
  • مَن هو يسوع المسيح؟‏
    ماذا يعلِّمنا الكتاب المقدس؟‏
  • من هو يسوع المسيح؟‏
    ماذا يعلّم الكتاب المقدس حقا؟‏
  • المسيحية —‏ هل كان يسوع الطريق الى اللّٰه؟‏
    بحث الجنس البشري عن اللّٰه
  • الاجابة عن اسئلتنا حول يسوع المسيح
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٢
المزيد
هل يوجد خالق يهتم بامركم؟‏
خا الفصل ٩ ص ١٤٤-‏١٦٤

الفصل التاسع

معلّم عظيم يوضِح لنا المزيد عن الخالق

كان الشعب في فلسطين في القرن الاول «ينتظر».‏ ينتظر مَن؟‏ «المسيح» او «المسيَّا» الذي تنبأ عنه انبياء اللّٰه قبل قرون.‏ وكان الشعب على ثقة بأن الكتاب المقدس كُتب بتوجيه من اللّٰه ويحتوي على لمحات الى امور مستقبلية.‏ وقد اشارت احداها،‏ في سفر دانيال،‏ الى مجيء المسيح في وقت باكر من القرن الذي يعيشون فيه.‏ —‏ لوقا ٣:‏١٥؛‏ دانيال ٩:‏​٢٤-‏٢٦‏.‏

ولكن كان يلزم ان يحذروا من قيام اشخاص يجعلون انفسهم المسيَّا.‏ (‏متى ٢٤:‏٥‏)‏ ويذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس بعضا منهم:‏ ثوداس،‏ الذي قاد أتباعه الى نهر الاردن وادّعى ان مياهه ستنفلق؛‏ رجل من مصر قاد اناسا الى جبل الزيتون،‏ مؤكدا ان سور اورشليم سينهار بأمر منه؛‏ ودجّال في زمن الوالي فستوس وعد بالراحة من المشاكل.‏ —‏ قارنوا اعمال ٥:‏٣٦؛‏ ٢١:‏٣٨‏.‏

وبالتباين مع هؤلاء الأتباع المخدوعين،‏ فإن مجموعة صارت تُعرف باسم «مسيحيين» رأت في يسوع الناصري معلّما عظيما واعتبرته المسيَّا الحقيقي.‏ (‏اعمال ١١:‏٢٦؛‏ مرقس ١٠:‏٤٧‏)‏ ولم يكن يسوع مسيّا دجّالا؛‏ فقد كانت اوراق اعتماده صحيحة،‏ كما تُسهِب في تأكيده الاسفار التاريخية الاربعة المدعوّة «الاناجيل».‏a مثلا،‏ كان اليهود يعرفون ان المسيَّا سيولَد في بيت لحم،‏ وأنه سيكون من سلالة داود،‏ وأنه سيصنع عجائب.‏ ويسوع تمَّمها كلها،‏ كما يشهد على ذلك حتى المقاومون.‏ نعم،‏ وفى يسوع بمؤهلات مسيَّا الكتاب المقدس.‏ —‏ متى ٢:‏​٣-‏٦؛‏ ٢٢:‏​٤١-‏٤٥؛‏ يوحنا ٧:‏​٣١،‏ ٤٢‏.‏

ان الجموع التي التقت يسوع ورأت اعماله الخارقة،‏ وسمعت كلمات الحكمة الفريدة التي نطق بها،‏ وأدركت بُعد نظره،‏ اقتنعت بأنه هو المسيَّا.‏ وخلال خدمته (‏٢٩-‏٣٣ ب‌م)‏،‏ اخذت تتزايد البراهين التي تدعم كونه المسيَّا.‏ وفي الواقع،‏ تبيَّن انه اكثر من المسيَّا.‏ فقد استنتج تلميذ مطلّع على الوقائع ان «يسوع هو المسيح ابن اللّٰه».‏b —‏ يوحنا ٢٠:‏٣١‏.‏

ونظرا الى هذه العلاقة الحميمة بين اللّٰه ويسوع،‏ كان بإمكانه ان يوضح ويكشف صفات خالقنا.‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٢؛‏ يوحنا ١:‏١٨‏)‏ وشهد يسوع ان علاقته الحميمة بأبيه بدأت في السماء،‏ حيث كان يعمل عند اللّٰه في جلب كل الاشياء الاخرى،‏ الحية والجامدة،‏ الى الوجود.‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٣؛‏ ٦:‏٣٨؛‏ ٨:‏​٢٣،‏ ٤٢؛‏ ١٣:‏٣؛‏ كولوسي ١:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏

ويخبر الكتاب المقدس ان الابن نُقل من الحيِّز الروحي وصار ‏«في شبه الناس».‏ (‏فيلبي ٢:‏​٥-‏٨‏)‏ هذا الامر ليس عاديا،‏ ولكن هل هو ممكن؟‏ يؤكد العلماء ان عنصرا طبيعيا،‏ كاليورانيوم،‏ يمكن ان يتحوَّل الى آخر؛‏ حتى انهم يحسبون النتائج حين تتحوَّل الكتلة الى طاقة (‏طا=ك‌سر٢ )‏‏.‏ فلماذا نشك حين يقول الكتاب المقدس ان مخلوقا روحانيا تحوَّل لكي يعيش كبشر؟‏!‏

لإيضاح الامر بطريقة اخرى،‏ فكّروا في ما يفعله بعض الاطباء عند الإخصاب في الانبوب.‏ فالحياة التي تبدأ في «انبوبة اختبار» تُنقل الى رحم امرأة،‏ وبعد ذلك يولد الطفل.‏ وفي حالة يسوع،‏ يؤكد لنا الكتاب المقدس ان حياته نُقلت بواسطة «قوة العلي» الى رحم عذراء تدعى مريم كانت من سلالة داود.‏ وهذا ما مكّن يسوع من ان يكون الوارث الدائم للملكوت المسيَّاني الذي وُعد به داود.‏ —‏ لوقا ١:‏​٢٦-‏٣٨؛‏ ٣:‏​٢٣-‏٣٨؛‏ متى ١:‏٢٣‏.‏

وعلى اساس علاقته الحميمة بالخالق وشبهه له،‏ قال يسوع:‏ «الذي رآني فقد رأى الآب».‏ (‏يوحنا ١٤:‏٩‏)‏ وقال ايضا:‏ «ليس احد يعرف .‏ .‏ .‏ مَن هو الآب إلا الابن ومَن اراد الابن ان يعلِن له».‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٢‏)‏ لذلك كلما تعلّمنا عما علّمه يسوع وفعله على الارض،‏ تجلّت لنا شخصية الخالق بأكثر وضوح.‏ فلنتأمل في هذه المسألة،‏ متناولين تجارب رجال ونساء تعاملوا مع يسوع.‏

امرأة سامرية

‏«ألعل هذا هو المسيح».‏ هذا ما سألته امرأة سامرية بعد تحدُّثها الى يسوع لبعض الوقت.‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٩‏)‏ حتى انها حثّت الآخرين من مدينة سوخار المجاورة على مقابلة يسوع.‏ فماذا دفعها الى الاعتراف بيسوع بصفته المسيَّا؟‏

التقت هذه المرأة يسوع فيما كان يستريح من السير طوال الصباح في الطرقات المغبَّرة في تلال السامرة.‏ ومع ان يسوع كان تعبا،‏ تحدَّث اليها.‏ ولما لاحظ اهتمامها الروحي الشديد،‏ اخبرها بالحقائق العميقة التي ترتكز على ضرورة ‹السجود للآب بالروح والحق›.‏ وفي النهاية كشف انه هو المسيح،‏ وهذا امر لم يكن قد صرَّح به علنا من قبل.‏ —‏ يوحنا ٤:‏​٣-‏٢٦‏.‏

حمل اللقاء بين المرأة السامرية ويسوع معاني عميقة لها.‏ فقد كانت نشاطاتها الدينية السابقة تركّز على العبادة في جبل جِرِزِّيم وتعتمد فقط على الاسفار الخمسة الاولى من الكتاب المقدس.‏ وكان اليهود يتجنَّبون السامريين الذين كان كثيرون منهم متحدِّرين من مصاهرة اسباط اسرائيل العشرة شعوبا اخرى.‏ ولكن كم كان يسوع مختلفا!‏ فقد كان راغبا في تعليم هذه السامرية،‏ مع ان تفويضه كان الذهاب الى «خراف بيت اسرائيل الضالة».‏ (‏متى ١٥:‏٢٤‏)‏ هنا عكس يسوع رغبة يهوه في قبول الاشخاص المخلصين من جميع الامم.‏ (‏١ ملوك ٨:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ نعم،‏ يترفّع يهوه ويسوع كلاهما عن العداوة الدينية التعصُّبية التي تتفشى بالعالم اليوم.‏ ومعرفتنا ذلك ينبغي ان تقرِّبنا الى الخالق وإلى ابنه.‏

وهنالك عبرة اخرى نستمدها من رغبة يسوع في تعليم هذه المرأة.‏ فقد كانت تعيش مع رجل ليس زوجها.‏ (‏يوحنا ٤:‏​١٦-‏١٩‏)‏ لكنَّ يسوع لم يدع ذلك يمنعه من التحدُّث اليها.‏ يمكنكم ان تتخيَّلوا كم قدَّرت دون شك معاملته لها بكرامة.‏ ولم تكن تجربتها فريدة.‏ فعندما انتقد بعض القادة اليهود (‏الفريسيون)‏ على يسوع تناوله العشاء مع خطاة تائبين،‏ قال:‏ «لا يحتاج الاصحّاء الى طبيب بل المرضى.‏ فاذهبوا وتعلّموا ما هو.‏ اني اريد رحمة لا ذبيحة.‏ لأني لم آتِ لأدعو ابرارا بل خطاة الى التوبة».‏ (‏متى ٩:‏​١٠-‏١٣‏)‏ لقد مدَّ يسوع يد المساعدة الى اشخاص يرزحون تحت ثقل خطاياهم —‏ انتهاكاتهم لشرائع اللّٰه او مقاييسه.‏ فكم يبتهج قلبنا حين نعرف ان اللّٰه وابنه يساعدان الذين يعانون المشاكل الناجمة عن مسلكهم الماضي!‏ —‏ متى ١١:‏​٢٨-‏٣٠‏.‏c

ولا ننسَ ان يسوع،‏ في هذه المناسبة في السامرة،‏ كان يتحدَّث بلطف وتفهُّم الى امرأة.‏ وما العجيب في ذلك؟‏ في ذلك الوقت كان الرجال اليهود يُعلَّمون ضرورة تجنُّب التحدُّث الى النساء في الشارع،‏ حتى الى زوجاتهم.‏ ولم يكن الربَّانيون اليهود يعتبرون النساء قادرات على استيعاب الارشاد الروحي العميق،‏ بل قالوا عنهن انهن «خفيفات العقل».‏ قال البعض:‏ «ان حرق كلمات الشريعة خير من تلاوتها على النساء».‏ وقد ترعرع تلاميذ يسوع في جوّ كهذا؛‏ لذلك عندما عادوا،‏ بدأوا «يتعجبون انه يتكلم مع امرأة».‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٧‏)‏ لكنَّ هذه الرواية —‏ هي والكثير غيرها —‏ تُظهر ان يسوع كان في صورة ابيه الذي خلق الذكر والانثى وأولاهما كليهما الحق في الكرامة.‏ —‏ تكوين ٢:‏١٨‏.‏

وبعد ذلك اقنعت المرأة السامرية سكان مدينتها بالاستماع الى يسوع.‏ وفحص كثيرون الوقائع وآمنوا قائلين:‏ «نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم».‏ (‏يوحنا ٤:‏​٣٩-‏٤٢‏)‏ وبما اننا جزء من «عالم» الجنس البشري هذا،‏ يلعب يسوع دورا حيويا بالنسبة الى مستقبلنا نحن ايضا.‏

وجهة نظر صياد سمك

لنلقِ الآن نظرة على يسوع من خلال عيون اثنين من عشرائه الاحماء:‏ اولا بطرس ثم يوحنا.‏ كان هذان الصيادان العاديان بين أتباعه الاولين.‏ (‏متى ٤:‏​١٣-‏٢٢؛‏ يوحنا ١:‏​٣٥-‏٤٢‏)‏ واعتبرهما الفريسيون ‹انسانَين عديمَي العلم وعاميَّين›،‏ من شعب الارض (‏عَم ها أَرِص‏)‏ الذين كان يُنظر اليهم نظرة احتقار لأنهم لم يتعلموا كالربَّانيين.‏ (‏اعمال ٤:‏١٣؛‏ يوحنا ٧:‏٤٩‏)‏ وكثيرون من هذا الشعب،‏ الذين كانوا ‹متعَبين وثقيلي الاحمال› من نير المتمسكين بالتقاليد الدينية،‏ كانوا يتوقون الى الاستنارة الروحية.‏ وعلّق الپروفسور شارل ڠينْيوبير من السُّوربون على ذلك بالقول ان «قلوبهم كانت كلها ليهوِه [يهوَه]».‏ ولم يدر يسوع ظهره لهؤلاء المتواضعين لكسب ودّ اصحاب المال والنفوذ،‏ بل كشف لهم عن الآب من خلال تعاليمه وتعاملاته.‏ —‏ متى ١١:‏​٢٥-‏٢٨‏.‏

ولمس بطرس تعاطف يسوع بطريقة مباشرة.‏ فبُعيد انضمامه الى يسوع في الخدمة،‏ أُصيبت حماة بطرس بحمى.‏ وعندما اتى يسوع الى بيت بطرس وأمسك بيدها،‏ تركتها الحمى!‏ لا نعلم بالتحديد العملية التي انتجت هذا الشفاء،‏ كما ان الاطباء اليوم لا يستطيعون ان يشرحوا كاملا كيف تحدث عملية الشفاء من بعض الامراض،‏ لكنَّ الحمى تركت هذه المرأة.‏ والاهم من معرفة الطريقة التي استخدمها يسوع في الشفاء هو الادراك ان شفاء يسوع للمرضى دليل على انه يتحنن عليهم.‏ فهو يرغب من صميم قلبه في مساعدة الناس،‏ وهذا ما يرغب فيه ابوه ايضا.‏ ‏(‏مرقس ١:‏​٢٩-‏٣١،‏ ٤٠-‏٤٣؛‏ ٦:‏٣٤‏)‏ وكان بإمكان بطرس ان يرى،‏ من خلال تجربته مع يسوع،‏ ان الخالق ينظر الى كل واحد كشخص جدير بالعناية والاهتمام.‏ —‏ ١ بطرس ٥:‏٧‏.‏

وفي وقت لاحق،‏ كان يسوع في دار النساء في هيكل اورشليم.‏ ولاحظ الناس يلقون تبرُّعاتهم في صناديق الخزانة.‏ وكان الاغنياء يلقون فلوسا كثيرة.‏ لكنَّ يسوع ركّز انتباهه على ارملة فقيرة ألقت فلسين قيمتهما ضئيلة جدا.‏ فقال يسوع لبطرس ويوحنا والآخرين:‏ «الحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة قد ألقت اكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة.‏ لأن الجميع من فضلتهم ألقوا.‏ وأما هذه فمن اعوازها ألقت كل ما عندها».‏ —‏ مرقس ١٢:‏​٤١-‏٤٤‏.‏

ترون من ذلك ان يسوع كان يبحث عن الصفات الجيدة في الناس،‏ وكان يقدِّر جهود كل شخص.‏ وماذا كان تأثير ذلك في بطرس والرسل الآخرين في رأيكم؟‏ تعرَّف بطرس بصفات يهوه من مثال يسوع،‏ لذلك اقتبس لاحقا من احد المزامير هذه الكلمات:‏ «لأن عيني الرب على الابرار وأذنيه الى طلبتهم».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٢؛‏ مزمور ٣٤:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ أفلا تنجذبون الى خالق وابنه يريدان ان يجدا الصفات الجيدة فيكم ويصغيا الى تضرعاتكم؟‏

بعد نحو سنتين من معاشرة يسوع،‏ كان بطرس متأكدا ان يسوع هو المسيَّا.‏ ففي احدى المرات سأل يسوع تلاميذه:‏ «مَن يقول الناس اني انا»،‏ وتلقى اجوبة مختلفة.‏ ثم سألهم:‏ «وأنتم مَن تقولون اني انا».‏ فأجاب بطرس بثقة:‏ «انت المسيح».‏ وقد تستغربون ما فعله يسوع بعد ذلك.‏ فقد «انتهرهم كي لا يقولوا لأحد» عن ذلك.‏ (‏مرقس ٨:‏​٢٧-‏٣٠؛‏ ٩:‏٣٠؛‏ متى ١٢:‏١٦‏)‏ فلماذا قال هذا؟‏ كان يسوع حاضرا في وسطهم،‏ لذلك لم يرد ان يتوصل الناس الى استنتاجات عنه على اساس ما يسمعونه من اقاويل.‏ وهذا منطقي،‏ أليس كذلك؟‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٢٤-‏٢٦‏)‏ الفكرة هنا هي ان خالقنا ايضا يريد منا ان نعرف عنه من خلال تحرِّينا عن ادلة متينة.‏ فهو يتوقع ان تكون اقتناعاتنا مؤسسة على وقائع.‏ —‏ اعمال ١٧:‏٢٧‏.‏

وكما تخيَّلتم على الارجح،‏ لم يعترف بيسوع بعض ابناء بلده،‏ رغم وجود ادلة وافرة على دعم الخالق له.‏ ولم يكن هذا المسيَّا الصادق والمتواضع يروق كثيرين ممَّن كان مركزهم الاجتماعي او اهدافهم السياسية شغلهم الشاغل.‏ وعندما كانت خدمة يسوع تشرف على نهايتها،‏ قال:‏ «يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسَلين اليها كم مرة اردتُ ان اجمع اولادك .‏ .‏ .‏ ولم تريدوا.‏ هوذا بيتكم يُترك لكم خرابا».‏ (‏متى ٢٣:‏٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وشكّل هذا التغيير في وضع تلك الامة خطوة كبيرة في تحقيق قصد اللّٰه لمباركة جميع الامم.‏

وبُعيد ذلك سمع بطرس وثلاثة رسل آخرون يسوعَ يتفوَّه بنبوة مفصلة عن «انقضاء الدهر».‏d وكان لِما انبأ يسوع به اتمام اولي خلال الهجوم الروماني على اورشليم وتدميرها في السنوات ٦٦-‏٧٠ ب‌م.‏ ويؤكد التاريخ ان ما تنبأ به يسوع حدث فعلا.‏ وشهد بطرس امورا كثيرة انبأ بها يسوع،‏ وينعكس ذلك في ١ و ٢ بطرس،‏ وهما سفران كتبهما بطرس.‏ —‏ ١ بطرس ١:‏١٣؛‏ ٤:‏٧؛‏ ٥:‏​٧،‏ ٨؛‏ ٢ بطرس ٣:‏​١-‏٣،‏ ١١،‏ ١٢‏.‏

كان يسوع،‏ خلال خدمته،‏ يُعرب بصبر عن اللطف نحو اليهود حوله.‏ لكنه لم يتردَّد في ادانة الشر.‏ وقد ساعد ذلك بطرس،‏ كما ينبغي ان يساعدنا نحن ايضا،‏ على معرفة خالقنا بشكل اكمل.‏ فعندما رأى بطرس امورا اخرى تتمِّم نبوة يسوع،‏ كتب انه ينبغي للمسيحيين ان يطلبوا «سرعة مجيء يوم الرب».‏ وقال بطرس ايضا:‏ «لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يُقبل الجميع الى التوبة».‏ ثم ذكر بطرس كلمات تشجيع عن ‹سموات جديدة وأرض جديدة يسكن فيها البر›.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏​٣-‏١٣‏)‏ فهل نقدِّر،‏ كما قدَّر بطرس،‏ صفات اللّٰه المنعكسة في يسوع،‏ وهل نثق بمواعيده بشأن المستقبل؟‏

لماذا مات يسوع؟‏

في الليلة الاخيرة مع الرسل،‏ اشترك يسوع في وجبة خصوصية معهم.‏ وفي وجبات كهذه،‏ كان المضيف اليهودي يُظهر ضيافته بغسل ارجل الضيوف الذين ربما ساروا في طرقات مغبَّرة لابسين صنادل.‏ لكنَّ احدا لم يعرض على يسوع فعل ذلك.‏ فقام بتواضع وأخذ منشفة ومغسلا،‏ وابتدأ يغسل ارجل الرسل.‏ وعندما حان دور بطرس،‏ خجل من قبول هذه الخدمة من يسوع.‏ قال بطرس:‏ «لن تغسل رِجليَّ ابدا».‏ فأجاب يسوع:‏ «إن كنت لا اغسلك فليس لك معي نصيب».‏ وكان يسوع يعرف انه سيموت قريبا،‏ لذلك اضاف:‏ «إن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فأنتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض.‏ لأني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا».‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​٥-‏١٧‏.‏

وبعد عقود حثَّ بطرس المسيحيين على التمثُّل بيسوع،‏ ليس بالقيام برتبة غسل ارجل طقسية،‏ بل بخدمة الآخرين بتواضع دون ان ‹يسودوا› عليهم.‏ وأدرك بطرس ايضا ان مثال يسوع يثبت ان «اللّٰه يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة».‏ فما اروع هذا الدرس عن الخالق!‏ (‏١ بطرس ٥:‏​١-‏٥؛‏ مزمور ١٨:‏٣٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ لكنَّ بطرس تعلّم المزيد.‏

فبعد تلك الوجبة الاخيرة،‏ قاد يهوذا الاسخريوطي،‏ وهو واحد من الرسل لكنه صار سارقا،‏ فرقة مسلّحة لاعتقال يسوع.‏ وفيما كانوا يقبضون عليه،‏ تدخَّل بطرس.‏ فقد استلّ سيفه وجرح شخصا منهم.‏ فقوَّم يسوع بطرس وقال:‏ «ردَّ سيفك الى مكانه.‏ لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون».‏ ثم لمس يسوع الرجل،‏ فيما كان بطرس ينظر،‏ وشفاه.‏ (‏متى ٢٦:‏​٤٧-‏٥٢؛‏ لوقا ٢٢:‏​٤٩-‏٥١‏)‏ فمن الواضح ان يسوع كان يعيش وفق ما علّمه حين ذكر:‏ «احبوا اعداءكم»،‏ وذلك تمثّلا بأبيه الذي «يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين».‏ —‏ متى ٥:‏٤٤،‏ ٤٥‏.‏

وخلال تلك الليلة العصيبة،‏ استمعت المحكمة اليهودية العليا على عجلة الى قضية يسوع.‏ واتُّهم زورا بالتجديف،‏ وأُخذ الى الوالي الروماني،‏ ثم سُلِّم ظلما ليُعدَم.‏ واستهزأ به اليهود والرومان.‏ وعومل معاملة وحشية وفي النهاية عُلِّق.‏ ان الكثير من المعاملة السيئة تمَّم نبوات كُتبت قبل قرون.‏ وحتى الجند الذين كانوا يراقبون يسوع على خشبة الآلام اعترفوا قائلين:‏ «حقا كان هذا ابن اللّٰه».‏ —‏ متى ٢٦:‏٥٧–‏٢٧:‏٥٤؛‏ يوحنا ١٨:‏١٢–‏١٩:‏٣٧‏.‏

لا بد ان هذه التطوُّرات دفعت بطرس وغيره الى السؤال:‏ ‹لماذا كان يلزم ان يموت المسيح؟‏›.‏ لكنهم لم يفهموا إلا لاحقا.‏ فهذه الحوادث تمَّمت النبوة في اشعياء الاصحاح ٥٣ التي اظهرت ان المسيح لن يزوِّد فرصة التحرُّر لليهود فحسب بل لكل الجنس البشري ايضا.‏ كتب بطرس:‏ «حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر.‏ الذي بجَلدته شُفيتم».‏ (‏١ بطرس ٢:‏​٢١-‏٢٥‏)‏ لقد لمس بطرس حقيقة ما ذكره يسوع سابقا:‏ «ابن الانسان لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين».‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ نعم،‏ كان على يسوع ان يضحّي بحقه في الحياة كإنسان كامل لكي يشتري من جديد الجنس البشري من الحالة الخاطئة الموروثة عن آدم.‏ وهذا احد تعاليم الكتاب المقدس الرئيسية:‏ الفدية.‏

وعلامَ تشتمل الفدية؟‏ فكروا في الامر بهذه الطريقة:‏ لنفترض انكم تملكون جهاز كمپيوتر،‏ لكنَّ احد ملفاته files الالكترونية أُفسد بسبب خطإ (‏او ڤيروس)‏ كان شخص قد زرعه في برنامج سليم.‏ يفسِّر ذلك تأثير ما فعله آدم حين تمرَّد على اللّٰه بمحض ارادته،‏ او اخطأ.‏ لنتابع المثل.‏ مهما يكن عدد النسخ التي تصنعونها عن هذا الملف الالكتروني الفاسد،‏ فكلها ستحتوي على الخطإ.‏ لكنَّ هذا لا يعني انه يلزم محو كل شيء.‏ فبواسطة برنامج خاص،‏ بإمكانكم اكتشاف وإزالة الخطإ المعطِّل من ملفاتكم وجهازكم.‏ وبشكل مماثل،‏ اخذ الجنس البشري «ڤيروسًا»،‏ هو الخطية،‏ من آدم وحواء،‏ ونحتاج الى مساعدة خارجية لإزالته.‏ (‏رومية ٥:‏١٢‏)‏ ووفقا للكتاب المقدس،‏ زوَّد اللّٰه هذا التطهير بواسطة موت يسوع.‏ انه لَتدبير حبي يمكننا ان نستفيد منه.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٢‏.‏

والتقدير لما فعله يسوع دفع بطرس الى عدم عيش «الزمان الباقي في الجسد لشهوات الناس بل لإرادة اللّٰه».‏ وكان ذلك يعني،‏ بالنسبة الى بطرس وإلينا ايضا،‏ تجنُّب العادات الفاسدة وأنماط الحياة اللاأخلاقية.‏ وقد يحاول الآخرون تسبيب المشاكل للشخص الذي يجاهد لفعل «ارادة اللّٰه».‏ لكنه سيجد ان حياته تصير اغنى وذات معنى اكبر.‏ (‏١ بطرس ٤:‏​١-‏٣،‏ ٧-‏١٠،‏ ١٥،‏ ١٦‏)‏ هذا ما حصل لبطرس،‏ ويمكن ان يحصل لنا نحن حين ‹نستودع انفسنا،‏ او حياتنا،‏ لخالق امين في عمل الخير›.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏١٩‏.‏

تلميذ قدَّر المحبة

كان الرسول يوحنا تلميذا آخر عاشر يسوع معاشرة لصيقة،‏ لذلك يمكنه ان يساعدنا على معرفة الخالق بشكل اكمل.‏ كتب يوحنا انجيلا وثلاث رسائل ‏(‏١،‏ ٢،‏ و ٣ يوحنا)‏.‏ وفي احدى رسائله،‏ اوضح لنا هذا الامر:‏ «نعلم ان ابن اللّٰه قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف [الخالق] الحق.‏ ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح.‏ هذا هو الاله الحق والحياة الابدية».‏ —‏ ١ يوحنا ٥:‏٢٠‏.‏

ان معرفة يوحنا ‹للخالق الحق› شملت استخدام «بصيرة».‏ فماذا تبيَّن ليوحنا عن صفات الخالق؟‏ كتب:‏ «اللّٰه محبة ومَن يثبت في المحبة يثبت في اللّٰه».‏ وماذا جعل يوحنا يذكر ذلك وله ملء الثقة؟‏ «في هذا هي المحبة ليس اننا نحن احببنا اللّٰه بل انه هو احبنا وأرسل ابنه» ليقدِّم لأجلنا ذبيحة فدائية.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏​١٠،‏ ١٦‏)‏ فكما تأثر بطرس،‏ تأثر يوحنا ايضا بمحبة اللّٰه المعرَب عنها بإرسال ابنه ليموت لأجلنا.‏

وبما ان يوحنا كان مقرَّبا جدا الى يسوع،‏ كان بإمكانه ان يعرف مشاعره.‏ وثمة حادثة في بيت عنيا،‏ قرب اورشليم،‏ تركت انطباعا عميقا في يوحنا.‏ كان يسوع قد تلقى خبرا مفاده ان صديقه لعازر مريض جدا.‏ فقصد يسوع بيت عنيا.‏ وعندما وصل هو والرسل الى هناك،‏ كان لعازر قد مات قبل اربعة ايام على الاقل.‏ كان يوحنا يعرف ان الخالق،‏ ينبوع الحياة البشرية،‏ يدعم يسوع.‏ فهل كان بإمكان يسوع ان يقيم لعازر؟‏ (‏لوقا ٧:‏​١١-‏١٧؛‏ ٨:‏​٤١،‏ ٤٢،‏ ٤٩-‏٥٦‏)‏ قال يسوع لمرثا اخت لعازر:‏ «سيقوم اخوك».‏ —‏ يوحنا ١١:‏​١-‏٢٣‏.‏

ثم رأى يوحنا مريم،‏ اخت لعازر الاخرى،‏ تأتي للقاء يسوع.‏ فماذا كان رد فعل يسوع؟‏ «انزعج بالروح واضطرب».‏ لكي يصف يوحنا رد فعل يسوع،‏ استخدم كلمة يونانية (‏تُرجمت الى «انزعج» بالعربية)‏ تحمل معنى التعبير عن الانفعالات العميقة الناجمة عن تعصُّر القلب حزنا.‏ وكان بإمكان يوحنا ان يرى يسوع ‹يضطرب›،‏ او تجيش نفسه من الحزن الشديد.‏ لم يكن يسوع باردا او غير مبالٍ.‏ فقد «بكى».‏ (‏يوحنا ١١:‏​٣٠-‏٣٧‏)‏ فمن الواضح ان يسوع كان يكنّ مشاعر عميقة ورقيقة،‏ وهذا ما ساعد يوحنا على ادراك مشاعر الخالق،‏ وينبغي ان يساعدنا نحن ايضا.‏

وعرف يوحنا ان مشاعر يسوع ترتبط بأعمال ايجابية،‏ لأنه سمع يسوع يصرخ:‏ «لعازر هلم خارجا».‏ وهذا ما حدث.‏ فقد عاد لعازر الى الحياة وخرج من القبر.‏ ويا للفرح الذي غمر دون شك اختيه والمتفرِّجين الآخرين!‏ وآمن كثيرون بيسوع.‏ ولم يكن بإمكان اعدائه ان ينكروا إقامته لعازر،‏ ولكن عندما انتشر الخبر،‏ ‹تشاوروا ليقتلوا لعازر› ويسوع ايضا.‏ —‏ يوحنا ١١:‏٤٣؛‏ ١٢:‏​٩-‏١١‏.‏

يصف الكتاب المقدس يسوع بأنه «رسم جوهر» الخالق.‏ (‏عبرانيين ١:‏٣‏)‏ وهكذا زوَّدت خدمته دليلا وافرا على رغبته ورغبة ابيه الشديدتَين في إبطال ويلات المرض والموت.‏ ولا يتوقف ذلك عند القيامات القليلة المسجلة في الكتاب المقدس.‏ فقد كان يوحنا حاضرا عندما سمع يسوع يقول:‏ ‹تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور [«التذكارية»،‏ ع‌ج‏] صوته فيخرجون›.‏ (‏يوحنا ٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ لاحظوا انه بدلا من استعمال الكلمة المألوفة التي تقابل «قبر»،‏ استخدم يوحنا كلمة تُنقل الى ‹قبور تذكارية›.‏ ولماذا؟‏

يتعلق الامر بذاكرة اللّٰه.‏ فخالق الكون الرحب قادر طبعا ان يتذكر كل التفاصيل عن كل شخص من احبائنا الموتى،‏ بما في ذلك ميزاته الفطرية والمكتسبة.‏ (‏قارنوا اشعياء ٤٠:‏٢٦‏.‏)‏ والامر يتعدى كونه قادرا على التذكر.‏ فهو وابنه على السواء يريدان التذكر.‏ قال ايوب الامين عن اللّٰه في ما يتعلق برجاء القيامة الرائع:‏ «إن مات رجل أفيحيا.‏ .‏ .‏ .‏ تدعو [يا يهوه] فأنا اجيبك.‏ تشتاق الى عمل يدك».‏ (‏ايوب ١٤:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ مرقس ١:‏​٤٠-‏٤٢‏)‏ فما اروع خالقنا؛‏ انه فعلا يستحق عبادتنا!‏

يسوع المقام —‏ مفتاح الى حياة ذات معنى

كان يوحنا،‏ التلميذ الحبيب،‏ يراقب يسوع عن قرب حتى موته.‏ والاكثر من ذلك،‏ سجّل يوحنا اعظم قيامة حصلت على الاطلاق،‏ حادثة وضعت اساسا متينا لتمتُّعنا بحياة مديدة وذات معنى.‏

تسبَّب اعداء يسوع بإعدامه،‏ اذ سُمِّر على خشبة كأيّ مجرم.‏ وهزأ به المتفرِّجون —‏ بمَن فيهم القادة الدينيون —‏ وهو يتألم طوال ساعات.‏ ومع ان يسوع كان يتعذب على الخشبة،‏ رأى امه وقال لها عن يوحنا:‏ «يا امرأة هوذا ابنك».‏ لا بد ان مريم كانت عندئذ ارملة،‏ ولم يكن اولادها الآخرون قد صاروا تلاميذ بعد.‏e لذلك ائتمن يسوع تلميذه يوحنا على الاعتناء بأمه التي تقدَّمت بها السن.‏ يعكس ذلك ايضا تفكير الخالق الذي شجّع على الاعتناء بالارامل واليتامى.‏ —‏ يوحنا ٧:‏٥؛‏ ١٩:‏​١٢-‏٣٠؛‏ مرقس ١٥:‏​١٦-‏٣٩؛‏ يعقوب ١:‏٢٧‏.‏

ولكن عندما مات يسوع،‏ كيف كان سيتمكن من اتمام دوره ‹كنسل تتبارك فيه جميع امم الارض›؟‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨‏)‏ ان يسوع،‏ بموته بعد ظهر ذلك اليوم من شهر نيسان سنة ٣٣ ب‌م،‏ ضحى بحياته كأساس للفدية.‏ ولا بد ان اباه المرهف الاحساس تألم عندما رأى العذاب الذي عاناه ابنه البريء.‏ ولكن بهذه الطريقة،‏ تَوفَّر ثمن الفدية الضروري لتحرير الجنس البشري من عبودية الخطية والموت.‏ (‏يوحنا ٣:‏١٦؛‏ ١ يوحنا ١:‏٧‏)‏ وقد مهَّد ذلك الطريق لنتيجة حاسمة.‏

بما ان يسوع المسيح يلعب دورا رئيسيا في تحقيق مقاصد اللّٰه،‏ كان لا بد ان يعود الى الحياة.‏ وهذا ما حدث،‏ وكان يوحنا شاهدا على ذلك.‏ ففي وقت باكر من اليوم الثالث بعد موت يسوع ودفنه،‏ ذهب بعض التلاميذ الى القبر.‏ فكان فارغا.‏ وبقوا متحيِّرين من ذلك الى ان ظهر يسوع لأشخاص مختلفين.‏ فقد اخبرت مريم المجدلية «انها رأت الرب»،‏ لكنَّ التلاميذ لم يصدِّقوا شهادتها.‏ وبعد ذلك اجتمع التلاميذ في غرفة مغلقة وظهر يسوع ثانية،‏ حتى انه تحدَّث اليهم.‏ وبعد ايام،‏ صار اكثر من ٥٠٠ رجل وامرأة شهود عيان على ان يسوع حيّ فعلا.‏ وكان بإمكان المتشككين في ذلك الوقت ان يقابلوا هؤلاء الشهودَ العدْلَ ويتحققوا من شهادتهم.‏ وكان المسيحيون متأكدين ان يسوع أُقيم،‏ وأنه حيّ ككائن روحاني مثلما هو الخالق.‏ وكانت الادلة على ذلك وافرة وموثوقا بها حتى ان كثيرين واجهوا الموت ولم ينكروا قيامة يسوع.‏ —‏ يوحنا ٢٠:‏​١-‏٢٩؛‏ لوقا ٢٤:‏​٤٦-‏٤٨؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏​٣-‏٨‏.‏f

وعانى الرسول يوحنا ايضا الاضطهاد من اجل الشهادة بقيامة يسوع.‏ (‏رؤيا ١:‏٩‏)‏ ولكن عندما كان في منفاه الجزائي،‏ تلقى مكافأة غير عادية.‏ فقد اعطاه يسوع سلسلة من الرؤى تعرِّفنا بالخالق بشكل اكثر وضوحا وتكشف عما سيجلبه المستقبل.‏ وستجدون ذلك في سفر الرؤيا،‏ الذي يستعمل رموزا كثيرة.‏ ويُصوَّر يسوع المسيح هنا كملك منتصر سيكمل قريبا غلبته على اعدائه.‏ ويشمل هؤلاء الاعداء الموت (‏عدو لنا جميعا)‏ والمخلوق الروحاني الفاسد الذي يدعى الشيطان.‏ —‏ رؤيا ٦:‏​١،‏ ٢؛‏ ١٢:‏​٧-‏٩؛‏ ١٩:‏١٩–‏٢٠:‏​٣،‏ ١٣،‏ ١٤‏.‏

ونحو نهاية رسالته الرؤيوية،‏ نال يوحنا رؤيا عن زمن تصير فيه الارض فردوسا.‏ ووصف صوتٌ الاحوال التي ستسود آنذاك:‏ «اللّٰه نفسه يكون مع [الناس] الها لهم.‏ وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت».‏ (‏رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤‏)‏ وتحقيقا لقصد اللّٰه،‏ سيتمّ وعد اللّٰه لإبراهيم.‏ —‏ تكوين ١٢:‏٣؛‏ ١٨:‏١٨‏.‏

عندئذ ستكون الحياة ‹حياة حقيقية›،‏ مثلما كانت عندما خُلق آدم.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولن يتلمّس الجنس البشري ثانية طريقه ليجد خالقه وليفهم علاقته به.‏ ولكن قد تسألون:‏ ‹متى سيحدث ذلك؟‏ ولماذا يسمح خالقنا المهتم بوجود الشر والالم حتى هذا الوقت؟‏›.‏ لنتأمل في هذين السؤالين في الفصل التالي.‏

‏[الحواشي]‏

a كان متى،‏ مرقس،‏ و يوحنا شهود عيان.‏ أما لوقا فقام بدراسة علمية للوثائق والشهادات المستقاة من مصادرها مباشرة.‏ وتحتوي الاناجيل على سمات الوثائق الصحيحة والدقيقة والجديرة بالثقة.‏ —‏ انظروا كتاب لكل الناس،‏ الصفحتين ١٦-‏١٧‏،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

b يقول القرآن:‏ «اسمُه المسيح عيسى ابنُ مريم وجيهًا في الدُّنيا والآخِرة».‏ (‏سورة آل عمران [٣]:‏٤٥)‏ فكإنسان،‏ كان عيسى (‏يسوع)‏ ابن مريم.‏ ولكن ماذا عن الأب؟‏ يذكر القرآن:‏ «إن مَثَل عيسى عند اللّٰه كمَثَل آدم».‏ (‏سورة آل عمران [٣]:‏٥٩)‏ وتقول الاسفار المقدسة ان آدم هو «ابن اللّٰه».‏ (‏لوقا ٣:‏​٢٣،‏ ٣٨‏)‏ فلم يكن لآدم او عيسى اب بشري،‏ ولا اتيا نتيجة علاقات جنسية بامرأة.‏ لذلك كما كان آدم ابن اللّٰه،‏ كذلك كان عيسى.‏

c ان موقف يسوع مماثل لموقف يهوه،‏ كما هو موصوف في المزمور ١٠٣ وفي اشعياء ١:‏​١٨-‏٢٠‏.‏

d بإمكاننا قراءة هذه النبوة في متى الاصحاح ٢٤،‏ مرقس الاصحاح ١٣،‏ ولوقا الاصحاح ٢١‏.‏

e اثنان منهم على الاقل صارا لاحقا تلميذَين وكتبا رسالتَي تشجيع موجودتَين في الكتاب المقدس،‏ وهما يعقوب و يهوذا.‏

f سمع مسؤول روماني عالي الرتبة شهادة بطرس الذي كان شاهد عيان:‏ «انتم تعلمون الامر الذي صار في كل اليهودية .‏ .‏ .‏ هذا اقامه اللّٰه في اليوم الثالث وأعطى ان يصير ظاهرا .‏ .‏ .‏ وأوصانا ان نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعيَّن من اللّٰه ديانا للاحياء والاموات».‏ —‏ اعمال ٢:‏٣٢؛‏ ٣:‏١٥؛‏ ١٠:‏​٣٤-‏٤٢‏.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٥٠]‏

قد يسرُّكم ان تقارنوا بين الروايات المتناظرة عن شفاء يسوع لحماة بطرس.‏ (‏متى ٨:‏​١٤-‏١٧؛‏ مرقس ١:‏​٢٩-‏٣١؛‏ لوقا ٤:‏​٣٨،‏ ٣٩‏)‏ فقد ادرج الطبيب لوقا نقطة طبية تفصيلية وقال انها تعاني «حمى شديدة».‏ وماذا مكّن يسوع من شفائها وشفاء غيرها؟‏ اعترف لوقا بأنه «كانت قوة الرب [عليه] لشفائهم».‏ —‏ لوقا ٥:‏١٧؛‏ ٦:‏١٩؛‏ ٩:‏٤٣‏.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٥٢]‏

اعظم موعظة على الاطلاق

يُقتبس من الزعيم الهندوسي موهانداس غاندي قوله انه باتِّباع تعاليمها «نحلّ مشاكل .‏ .‏ .‏ العالم بأسره».‏ وكتب عالم الانسان الشهير آشلي مونتاڠو ان الاكتشافات الحديثة حول اهمية المحبة من الناحية النفسية هي «تصديق على صحة» هذه الموعظة.‏

كان هذان الرجلان يشيران الى موعظة يسوع على الجبل.‏ وقال غاندي ايضا ان «تعليم الموعظة هو لكل واحد منا».‏ وذكر الپروفسور هانس دايْتر بَتْس مؤخرا:‏ «ان تأثيرات الموعظة على الجبل تخطّت عموما حدود اليهودية والمسيحية،‏ او حتى الحضارة الغربية».‏ وأضاف ان هذه الموعظة لها «جاذبية عالمية خاصة».‏

فلمَ لا تقرأون هذه المحاضرة الرائعة والقصيرة نسبيا؟‏ تجدونها في متى الاصحاحات ٥ الى ٧ وفي لوقا ٦:‏​٢٠-‏٤٩‏.‏ وإليكم بعض النقاط البارزة من هذه الموعظة العظمى:‏

كيف تكونون سعداء —‏ متى ٥:‏​٣-‏١٢؛‏ لوقا ٦:‏​٢٠-‏٢٣‏.‏

كيف تحافظون على احترام الذات —‏ متى ٥:‏​١٤-‏١٦،‏ ٣٧؛‏ ٦:‏​٢-‏٤،‏ ١٦-‏١٨؛‏ لوقا ٦:‏​٤٣-‏٤٥‏.‏

كيف تحسّنون علاقتكم بالآخرين —‏ متى ٥:‏​٢٢-‏٢٦،‏ ٣٨-‏٤٨؛‏ ٧:‏​١-‏٥،‏ ١٢؛‏ لوقا ٦:‏​٢٧-‏٣٨،‏ ٤١،‏ ٤٢‏.‏

كيف تقلّلون المشاكل الزوجية —‏ متى ٥:‏​٢٧-‏٣٢‏.‏

كيف تواجهون القلق —‏ متى ٦:‏​٢٥-‏٣٤‏.‏

كيف تكشفون الخداع الديني —‏ متى ٦:‏​٥-‏٨،‏ ١٦-‏١٨؛‏ ٧:‏​١٥-‏٢٣‏.‏

كيف تجدون معنى الحياة —‏ متى ٦:‏​٩-‏١٣،‏ ١٩-‏٢٤،‏ ٣٣؛‏ ٧:‏​٧-‏١١،‏ ١٣،‏ ١٤،‏ ٢٤-‏٢٧؛‏ لوقا ٦:‏​٤٦-‏٤٩‏.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٥٩]‏

صاحب همّة عالية

لم يكن يسوع المسيح يعيش حياة زُهد خالية من النشاطات،‏ بل كان صاحب همّة عالية لا يعرف التردُّد.‏ فقد ‹طاف القرى وهو يعلّم›،‏ مساعدا الناس الذين كانوا «منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها».‏ (‏مرقس ٦:‏٦؛‏ متى ٩:‏٣٦؛‏ لوقا ٨:‏١‏)‏ وبخلاف كثيرين من القادة الدينيين الاغنياء اليوم،‏ لم يجمع يسوع ثروة؛‏ فلم يكن له «اين يسند رأسه».‏ —‏ متى ٨:‏٢٠‏.‏

وفيما كان يسوع يركّز جهوده على الشفاء والطعام الروحيَّين،‏ لم يتجاهل حاجات الناس المادية.‏ فقد شفى المرضى والمعاقين ومَن فيهم شياطين.‏ (‏مرقس ١:‏​٣٢-‏٣٤‏)‏ وفي مناسبتَين اطعم آلاف الاشخاص الذين كانوا متعطشين الى الاستماع له لأنه اشفق عليهم.‏ (‏مرقس ٦:‏​٣٥-‏٤٤؛‏ ٨:‏​١-‏٨‏)‏ وكان يصنع العجائب لأنه يهتمّ بأمر الناس.‏ —‏ مرقس ١:‏​٤٠-‏٤٢‏.‏

ولم يتردَّد يسوع حين اخرج التجار الجشعين من الهيكل.‏ والذين كانوا يراقبون ما يجري تذكروا كلمات صاحب المزمور:‏ «غيرة بيتك اكلتني».‏ (‏يوحنا ٢:‏​١٤-‏١٧‏)‏ ولم يُحجِم عن الكلام القاسي حين دان القادة الدينيين المرائين.‏ (‏متى ٢٣:‏​١-‏٣٩‏)‏ ولم يستسلم للضغط الذي مارسته الشخصيات البارزة سياسيا.‏ —‏ متى ٢٦:‏​٥٩-‏٦٤؛‏ يوحنا ١٨:‏​٣٣-‏٣٧‏.‏

ستشعرون بالاثارة حين تقرأون عن خدمة يسوع النشيطة.‏ وكثيرون ممَّن يقرأون عنها لأول مرة يبدأون برواية مرقس القصيرة،‏ لكن المفعمة بالحيوية،‏ عن هذا الرجل صاحب الهمّة العالية.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٦٤]‏

يسوع دفعهم الى العمل

نجد في سفر الاعمال سجلا تاريخيا يروي كيف شهد بطرس ويوحنا وغيرهما على قيامة يسوع.‏ ويسرد جزء كبير من السفر احداثا تتعلق بأحد التلاميذ المتمرِّسين بالناموس ويدعى شاول،‏ او بولس،‏ الذي كان يقاوم المسيحية بعنف.‏ فظهر له يسوع المقام.‏ (‏اعمال ٩:‏​١-‏١٦‏)‏ وبوجود دليل لا جدال فيه على ان يسوع حيّ في السماء،‏ اخذ بولس يشهد بغيرة على ذلك لليهود وغير اليهود،‏ بمَن فيهم فلاسفة وحكام.‏ ومن المثير ان نقرأ ما قاله لأشخاص مثقَّفين ولأصحاب نفوذ كهؤلاء.‏ —‏ اعمال ١٧:‏​١-‏٣،‏ ١٦-‏٣٤؛‏ ٢٦:‏​١-‏٢٩‏.‏

وطوال بضعة عقود كتب بولس اسفارا كثيرة مما يدعى «العهد الجديد»،‏ او «الاسفار اليونانية المسيحية».‏ يتضمن معظم الكتب المقدسة قائمة محتويات،‏ او جدول اسفار.‏ وقد كتب بولس ١٤ سفرا منها،‏ من رومية الى العبرانيين.‏ وزوَّدت هذه الاسفار حقائق عميقة وإرشادا حكيما للمسيحيين في ذلك الوقت.‏ ولها قيمة اكبر بالنسبة الينا،‏ لأننا لا نستطيع الاتصال بالرسل وبأيّ شهود عيان آخرين على تعاليم يسوع وأعماله وقيامته.‏ وستجدون ان كتابات بولس قادرة ان تساعدكم في حياتكم العائلية،‏ في تعاملاتكم مع زملائكم في العمل وجيرانكم،‏ وفي توجيه حياتكم بحيث تصبح ذات معنى وتجلب لكم السرور.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٤٦]‏

يقوم العلماء بالإخصاب في الانبوب.‏ ونقل الخالق حياة ابنه ليصير انسانا

‏[الصورة في الصفحة ١٤٨]‏

كثيرون ممَّن سمعوا يسوع ورأوا كيف يتعامل مع البشر صاروا يعرفون اباه بشكل افضل

‏[الصورة في الصفحة ١٥٤]‏

غسل يسوع ارجل الرسل،‏ راسما مثالا في التواضع الذي يقدِّره الخالق

‏[الصورة في الصفحة ١٥٧]‏

ان الخطأ (‏او الڤيروس)‏ في الكمپيوتر يمكن ازالته من النظام؛‏ ويحتاج الجنس البشري الى فدية يسوع ليتخلص من حالة النقص الموروثة

‏[الصورة في الصفحة ١٦٣]‏

رأى شهود عيان يسوع وهو يوضع في قبر (‏مثل هذا)‏،‏ ويُقام الى الحياة في اليوم الثالث

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة