مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «مِصْر،‏ مصري»‏
  • مِصْر،‏ مصري

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • مِصْر،‏ مصري
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • الخُرُوج
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • الجزء ٣:‏ ١٩٤٢-‏١٥١٣ ق‌م —‏ مصر ساحة معركة الآلهة
    استيقظ!‏ ١٩٨٩
  • كتاب يستحق ثقتك
    استيقظ!‏ ٢٠١١
  • مصر القديمة
    بصيرة في الاسفار المقدسة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «مِصْر،‏ مصري»‏

مِصْر،‏ مصري

يؤتى على ذكر مصر وسكانها اكثر من ٧٠٠ مرة في الكتاب المقدس.‏ وفي الاسفار العبرانية،‏ يشار الى مصر عادةً باسم مصرايم (‏ميصراييم‏)‏ (‏قارن تك ٥٠:‏١١‏)‏،‏ مما يدل كما يَظهر على بروز او هيمنة المتحدرين من ابن حام هذا في تلك المنطقة.‏ (‏تك ١٠:‏٦‏)‏ وتدعى مصر في بعض المزامير «ارض حام».‏ —‏ مز ١٠٥:‏٢٣،‏ ٢٧؛‏ ١٠٦:‏٢١،‏ ٢٢‏.‏

حدودها وجغرافيتها:‏ (‏الخريطة في المجلد x،‏ ص xxx)‏ كانت مصر ولا تزال تدين بوجودها لنهر النيل وواديه الخصيب الذي يمتد كشريط اخضر طويل وضيق عبر المناطق الصحراوية القاحلة في شمال شرق افريقيا.‏ وكانت «مصر السفلى» تضم منطقة الدلتا العريضة حيث تتفرع مياه النيل ثم تصب في البحر الابيض المتوسط.‏ وفيما بلغ عدد فروع الدلتا في الماضي خمسة على الاقل،‏ لا يوجد اليوم سوى اثنَين.‏ كما ان المسافة من نقطة تفرع مياه النيل (‏في جوار القاهرة اليوم)‏ وحتى ساحل البحر تبلغ ١٦٠ كلم (‏١٠٠ ميل)‏ تقريبا.‏ وعلى مقربة من شمال القاهرة نجد موقع هليوبوليس (‏اون في الكتاب المقدس)‏،‏ في حين تقع ممفيس (‏المسماة نوف عادةً في الكتاب المقدس)‏ جنوب القاهرة،‏ على بعد كيلومترات قليلة.‏ (‏تك ٤٦:‏٢٠؛‏ ار ٤٦:‏١٩؛‏ هو ٩:‏٦‏)‏ تبدأ الى الجنوب من ممفيس منطقة «مصر العليا» الممتدة على طول الوادي وصولا الى الشلال الاول للنيل في اسوان،‏ مسافة ٩٦٠ كلم (‏٦٠٠ ميل)‏ تقريبا.‏ لكنَّ علماء كثيرين يرون انه من المنطقي اكثر اطلاق تسمية «مصر الوسطى» على الجزء الشمالي من هذه المنطقة.‏ وفي كامل هذا الحيز (‏مصر العليا والوسطى)‏،‏ نادرا ما يتجاوز عرض وادي النيل المنبسط ٢٠ كلم (‏١٢ ميلا)‏.‏ وهو محاط من كلا الجانبَين بجروف تشكل طرف الصحراء وتتكون من الحجر الكلسي والحجر الرملي.‏

خلف الشلال الاول تقع الحبشة القديمة،‏ لذا قيل عن مصر انها تمتد «من مجدل [موقع في شمال شرق مصر كما يظهر] الى اسوان وإلى تخم الحبشة».‏ (‏حز ٢٩:‏١٠‏)‏ وفي حين تُستعمل الكلمة العبرانية ميصراييم بشكل متكرر للاشارة الى كل ارض مصر،‏ يرى علماء كثيرون انها تمثِّل في بعض الحالات مصر السفلى،‏ وربما مصر الوسطى ايضا،‏ فيما يشار الى مصر العليا بكلمة «فتروس».‏ والاشارة الى ‹مصر [مصرايم] وفتروس وكوش› في اشعيا ١١:‏١١ يناظرها تسلسل جغرافي مشابه في كتابة للملك الاشوري اسرحدون.‏ فقد ذكر ان امبراطوريته تشمل مناطق ‹موصور وفاتوريسي وكوسو›.‏ —‏ نصوص الشرق الادنى القديمة،‏ تحرير ج.‏ بريتشارد،‏ ١٩٧٤،‏ ص ٢٩٠.‏

شكَّل البحر الابيض المتوسط الحدود الشمالية لمصر،‏ فيما شكَّل الشلال الاول للنيل ومنطقة النوبة-‏الحبشة حدودها الجنوبية.‏ وقد طوقتها من الغرب الصحراء الليبية (‏جزء من الصحراء الكبرى)‏ ومن الشرق صحراء البحر الاحمر.‏ وهذا ما جعل معظم اراضي مصر معزولة عن التأثيرات الخارجية ومحمية من الغزو.‏ اما برزخ سيناء في الشمال الشرقي فقد كان معبرا ارضيا يربط مصر بالقارة الآسيوية (‏١ صم ١٥:‏٧؛‏ ٢٧:‏٨‏)‏،‏ ومنه كان يدخل الى مصر المهاجرون والقوافل (‏تك ٣٧:‏٢٥‏)‏،‏ ولاحقا الجيوش الغازية.‏ ويتبين ان «وادي مصر»،‏ الذي يُعتبر اليوم عموما وادي العريش في شبه جزيرة سيناء،‏ شكَّل الحدود الشمالية الشرقية لنطاق سيادة مصر.‏ (‏٢ مل ٢٤:‏٧‏)‏ وبعد هذا الوادي تقع ارض كنعان.‏ (‏يش ١٥:‏٤‏)‏ اما في الصحراء الواقعة غرب النيل،‏ فقد كانت هناك على الاقل خمس واحات شكَّلت جزءا من المملكة المصرية.‏ وكانت واحة الفيوم الكبيرة،‏ التي تبعد نحو ٧٢ كلم (‏٤٥ ميلا)‏ جنوب غرب ممفيس القديمة،‏ تستمد مياهها من النيل بواسطة قناة.‏

اعتماد الاقتصاد على النيل:‏ في حين تكاد لا تنمو اليوم في المناطق الصحراوية الممتدة على طول وادي النيل نباتات تكفي لدعم الحياة الحيوانية،‏ تُظهر الادلة ان الاودية ضمت في الماضي حيوانات كثيرة كان المصريون يصطادونها.‏ إلا ان الامطار كانت قليلة كما يتبين،‏ وهي اليوم ضئيلة جدا (‏يتساقط على القاهرة نحو ٥ سم [انشَين] سنويا)‏.‏ لذا اعتمدت الحياة في مصر على مياه النيل.‏

ينبع النيل من جبال اثيوبيا والبلدان المجاورة.‏ وقد كان معدل سقوط الامطار الموسمي فيها كافيا ليفيض النهر ويغمر ضفافه في ارض مصر كل سنة من تموز الى ايلول.‏ (‏قارن عا ٨:‏٨؛‏ ٩:‏٥‏.‏)‏ وبالاضافة الى تغذية قنوات وأحواض الري بالمياه،‏ كان هذا الفيضان يخلِّف رواسب من الطمي الخصب الذي يغذي التربة.‏ وكان وادي ودلتا النيل خصيبَين جدا حتى ان منطقة سدوم وعمورة الغنية بالمياه التي رآها لوط اعتُبرت «كجنة يهوه،‏ كأرض مصر».‏ (‏تك ١٣:‏١٠‏)‏ لكنَّ منسوب مياه الفيضان لم يكن ثابتا،‏ وعندما لا يرتفع كثيرا ينخفض الانتاج وتحل المجاعة.‏ (‏تك ٤١:‏٢٩-‏٣١‏)‏ وقد عنى عدم فيضان النيل اطلاقا كارثة هائلة تحوِّل البلد الى ارض قاحلة.‏ —‏ اش ١٩:‏٥-‏٧؛‏ حز ٢٩:‏١٠-‏١٢‏.‏

المنتجات:‏ كانت ارض مصر الغنية زراعيا تنتج بشكل رئيسي الشعير والقمح والقمح المكتسي والكتان (‏الذي كان يُصنع منه قماش جيد يصدَّر الى بلاد عديدة)‏.‏ (‏خر ٩:‏٣١،‏ ٣٢؛‏ ام ٧:‏١٦‏)‏ كما نمت هناك الكروم وأشجار النخيل والتين والرمان.‏ وزُرعت البساتين بأنواع كثيرة،‏ منها الخيار والبطيخ والكراث والبصل والثوم.‏ (‏تك ٤٠:‏٩-‏١١؛‏ عد ١١:‏٥؛‏ ٢٠:‏٥‏)‏ ويرى بعض العلماء ان عبارة ‹سقي الارض بالرِّجل› (‏تث ١١:‏١٠‏)‏ تشير الى استعمال النواعير التي تحرَّك بالارجل،‏ علما بأنها قد تشير ايضا الى استعمال الرِّجل لفتح وسد القنوات التي تجري فيها مياه الري.‏

عندما كانت المجاعة تضرب البلدان المجاورة،‏ غالبا ما كان الناس يقصدون مصر الخصبة كما فعل ابراهيم في اوائل الالف الثاني ق‌م.‏ (‏تك ١٢:‏١٠‏)‏ ومع الوقت صارت مصر مصدر الحبوب بالنسبة الى بلدان كثيرة حول البحر المتوسط.‏ فالسفينة التي كانت آتية من الاسكندرية في مصر،‏ والتي ركبها الرسول بولس في ميرة في القرن الاول ب‌م،‏ كانت تنقل حبوبا الى ايطاليا.‏ —‏ اع ٢٧:‏٥،‏ ٦،‏ ٣٨‏.‏

كما اشتهرت مصر بتصدير البردي،‏ نبات يشبه القصب ينمو في مستنقعات الدلتا الكثيرة (‏خر ٢:‏٣‏؛‏ قارن اي ٨:‏١١‏)‏ ويُصنع منه ورق للكتابة.‏ ولكن نظرا الى عدم وجود غابات في مصر،‏ كان لا بد من استيراد الخشب من فينيقية،‏ وخصوصا الارز من مرافئ المدن الساحلية كمدينة صور حيث كان للكتان المصري الملوَّن قيمة كبيرة.‏ (‏حز ٢٧:‏٧‏)‏ وبُنيت المعابد والانصاب المصرية من الغرانيت ومن صخور اقل صلابة كالحجر الكلسي،‏ وقد وُجد الكثير منها في التلال المحيطة بوادي النيل.‏ كما كانت البيوت العادية وأيضا القصور تُبنى من القرميد (‏او اللِّبن الذي يُستعمَل عموما في البناء)‏.‏ وكان الذهب والنحاس يُستخرجان من المناجم المصرية في التلال على طول البحر الاحمر (‏اضافة الى المناجم في شبه جزيرة سيناء)‏.‏ ومن هذا النحاس ابتُكرت مصنوعات برونزية تُصدَّر هي ايضا الى الخارج.‏ —‏ تك ١٣:‏١،‏ ٢؛‏ مز ٦٨:‏٣١‏.‏

لعبت تربية المواشي دورا هاما في الاقتصاد المصري.‏ وقد اقتنى ابراهيم حين كان هناك غنما وبقرا،‏ بالاضافة الى حيوانات لنقل الاحمال كالحمير والجِمال.‏ (‏تك ١٢:‏١٦؛‏ خر ٩:‏٣‏)‏ كما يأتي الكتاب المقدس على ذكر الخيول حين كان يوسف يشغل مركزا اداريا في مصر (‏١٧٣٧-‏١٦٥٧ ق‌م)‏،‏ ويُظن عموما انها جُلبت من آسيا.‏ (‏تك ٤٧:‏١٧؛‏ ٥٠:‏٩‏)‏ وربما حصل المصريون عليها في البداية عن طريق التجارة او جمع الغنائم خلال الغزوات المصرية على الارض الواقعة في شمالها الشرقي.‏ وفي ايام سليمان،‏ كانت الخيول المصرية قد صارت كثيرة العدد وبالغة القيمة بحيث اعتُبرت من السلع الهامة (‏مع المركبات المصرية)‏ في السوق العالمية.‏ —‏ ١ مل ١٠:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

وكثرت هناك الطيور المفترسة والطيور التي تقتات بالجيف كالنسر والحِدأة والعقاب والصقر،‏ اضافة الى الطيور المائية كأبي منجل والكركي.‏ وعجَّت مياه النيل بالاسماك (‏اش ١٩:‏٨‏)‏،‏ كما كثرت فيه افراس النهر والتماسيح.‏ (‏قارن الاسلوب الرمزي في حز ٢٩:‏٢-‏٥‏.‏)‏ وفي المناطق الصحراوية سكنت بنات آوى والذئاب والضباع والاسود،‏ وكذلك انواع مختلفة من الثعابين والزواحف الاخرى.‏

الشعب:‏ كان شعب مصر من اصل حامي،‏ ويتبين انهم تحدروا بشكل رئيسي من مصرايم بن حام.‏ (‏تك ١٠:‏٦‏)‏ فبعد ان تفرَّق الناس من بابل (‏تك ١١:‏٨،‏ ٩‏)‏،‏ ربما هاجر الى شمال افريقيا كثيرون من المتحدرين من مصرايم،‏ مثل اللوديين والعناميين واللهابيين والنفتوحيين والفتروسيين.‏ (‏تك ١٠:‏٦،‏ ١٣،‏ ١٤‏)‏ وكما ذُكر سابقا،‏ يرتبط اسم فتروس (‏مفرد فتروسيم)‏ بمصر العليا،‏ وهناك ما يدل على ان النفتوحيين سكنوا منطقة الدلتا في مصر.‏

والدليل على ان السكان كانوا يتألفون من عدة قبائل عشائرية يُرى من تقسيم البلاد،‏ منذ العصور القديمة،‏ الى عدة اقسام صارت لاحقا ولايات ادارية.‏ وقد ظلت هذه الاقسام موجودة وشكلت جزءا من البنية الحكومية بعد توحيد البلاد تحت رئاسة حاكم واحد وحتى نهاية الامبراطورية.‏ كانت هناك ٤٢ ولاية ادارية معروفة:‏ ٢٠ في مصر السفلى و ٢٢ في مصر العليا.‏ واستمرار التمييز بين مصر السفلى والعليا طوال تاريخ مصر قد يدل ايضا على وجود انقسام قبائلي في الاصل،‏ مع ان ذلك قد يكون مرده الى الاختلافات الجغرافية.‏ وعند ضعف الحكومة المركزية،‏ كانت البلاد تنقسم الى هذَين القسمَين الرئيسيَّين او حتى تتجزأ الى ممالك صغيرة عديدة في مختلف الولايات.‏

على اساس الرسوم القديمة والمومياءات المحنطة،‏ يوصف المصريون القدماء بأنهم عموما قصيرو القامة،‏ نحفاء،‏ ذوو بشرة دكناء وإنما ليسوا زنوجا.‏ لكن من خلال الرسوم والتماثيل القديمة يظهر انه وُجد تنوع كبير.‏

اللغة:‏ يميل العلماء العصريون الى تصنيف اللغة المصرية بتعابير مثل «ساميَّة-‏حاميَّة».‏ فهم يزعمون انه رغم اعتبار اللغة المصرية حاميَّة اساسا،‏ توجد تشابهات كثيرة في قواعد اللغة بينها وبين اللغات الساميَّة،‏ اضافة الى بعض التشابهات في المفردات.‏ ولكن رغم هذه النقاط المشتركة الظاهرية،‏ من المتعارف عليه ان «اختلاف اللغة المصرية عن كل اللغات الساميَّة يفوق اختلاف اي من هذه اللغات الساميَّة عن الاخرى.‏ وإلى ان تتضح على الاقل علاقتها باللغات الافريقية،‏ لا بد من تصنيف اللغة المصرية خارج مجموعة اللغات الساميَّة».‏ (‏قواعد اللغة المصرية،‏ تحرير أ.‏ غاردنر،‏ لندن،‏ ١٩٥٧،‏ ص ٣)‏ ومن الجدير بالذكر انه عندما كان يوسف يخفي هويته عن اخوته،‏ تحدث اليهم من خلال مترجم مصري.‏ —‏ تك ٤٢:‏٢٣‏.‏

على اية حال،‏ يوجد عدد من العوامل التي تصعِّب التوصل الى استنتاجات حاسمة بشأن اقدم اشكال اللغة في مصر.‏ احد هذه العوامل هو نظام الكتابة المصري.‏ فقد كانت تُستعمل في الكتابات القديمة علامات كتابة تصويرية (‏اشكال لحيوانات او طيور او نباتات او اشياء اخرى)‏،‏ اضافة الى بعض الاشكال الهندسية.‏ ودعا اليونانيون نظام الكتابة هذا الهيروغليفية.‏ وفي حين صارت بعض العلامات تمثِّل مقاطع لفظية،‏ لم تُستخدم لتحل محل العلامات الهيروغليفية بل كانت تُضاف اليها.‏ كما انه لا يُعرف اليوم كيف كانت هذه المقاطع تُلفظ تماما.‏ إلا ان بعض الكتابات المسمارية التي تعود الى اواسط الالف الثاني ق‌م وتتحدث عن مصر ساعدت في هذا المجال الى حد ما.‏ كما ان طريقة الكتابة اليونانية لأسماء وكلمات مصرية على اساس لفظها (‏من القرن السادس ب‌م تقريبا)‏،‏ اضافة الى طريقة الكتابة الارامية لها (‏بدءا من القرن التالي تقريبا)‏،‏ اعطت فكرة عن تهجية الكلمات المصرية المنقولة الى هاتَين اللغتَين.‏ لكنَّ اعادة بناء النظام الصوتي للغة المصرية القديمة لا تزال تعتمد بشكل رئيسي على القبطية،‏ وهي شكل من اشكال اللغة المصرية ابتُدئ بالتكلم به في القرن الثالث ب‌م.‏ لذا لا يُعرف بالتحديد كيف كان التركيب الاصلي للمفردات القديمة بأبكر اشكالها،‏ وخصوصا قبل فترة اقامة اسرائيل في مصر.‏ كمثال لذلك،‏ انظر «‏نُو،‏ نُو آمُون‏».‏

علاوة على ذلك،‏ لا يُعرف اليوم الكثير عن اللغات الحاميَّة القديمة الاخرى في افريقيا،‏ وهذا ما يصعِّب تحديد علاقتها باللغة المصرية.‏ فليست هناك كتابات معروفة للغات افريقية،‏ غير المصرية،‏ تعود الى ما قبل بداية العصر الميلادي.‏ لذا فإن الوقائع تدعم رواية الكتاب المقدس عن بلبلة اللغة.‏ ويبدو واضحا ان المصريين القدماء،‏ الذين تحدَّروا من حام عبر مصرايم،‏ تكلموا بلغة مختلفة ومتميزة عن اللغات الساميَّة.‏

استُخدمت الهيروغليفية خصوصا للكتابة على الانصاب التذكارية والرسوم الجدارية،‏ وكانت العلامات تُرسم بتفصيل دقيق.‏ وبقيت هذه الكتابة تُستعمل حتى بداية العصر الميلادي،‏ وخصوصا في النصوص الدينية.‏ لكنَّ الكتبة الذين يكتبون على الجلد والبردي بالحبر طوَّروا في تاريخ باكر نظام كتابة جاريا (‏حروفه متصلة)‏،‏ استخدموا فيه علامات اقل تعقيدا.‏ وهذه الكتابة التي عُرفت باسم الهيراطيقية تبعتها كتابة جارية اكثر دُعيت الديموطيقية،‏ وخصوصا من «السلالة السادسة والعشرين» (‏القرنَين السابع والسادس ق‌م)‏ فصاعدا.‏ غير انه لم يتم فك رموز النصوص المصرية إلا بعد اكتشاف «حجر رشيد» سنة ١٧٩٩.‏ والكتابة على هذا الحجر،‏ الموجود اليوم في المتحف البريطاني،‏ تتناول قرارا يكرَّم فيه بطليموس الخامس (‏ابيفانوس)‏ ويعود تاريخها الى سنة ١٩٦ ق‌م،‏ وهي بالهيروغليفية المصرية والديموطيقية واليونانية.‏ وقد استُعين بالنص اليوناني لفك رموز النص المصري.‏

الدين:‏ كانت مصر ارضا متدينة جدا تتميز بتعدد الآلهة.‏ وكان لكل مدينة وبلدة إلهها المحلي الذي يحمل اسم «رب المدينة».‏ وقد وُجدت في قبر تحوتمس الثالث لائحة بأسماء نحو ٧٤٠ إلها.‏ (‏خر ١٢:‏١٢‏)‏ وفي حالات كثيرة كان الإله يصوَّر على انه متزوج من إلاهة انجبت له ابنا،‏ «وبهذه الطريقة يتشكل ثالوث إلهي لا يكون فيه الاب دائما الإله الابرز،‏ بل يكتفي احيانا بدور زوج الملكة الحاكمة،‏ اذ تبقى الإلاهة المعبود الرئيسي في المكان».‏ (‏دائرة معارف لاروس الجديدة لعلم الاساطير،‏ ١٩٦٨،‏ ص ١٠)‏ وقد كان كل من الآلهة الرئيسية يسكن في هيكل لا يُفتح امام العموم.‏ فكان الكهنة الذين يعبدونه يوقظونه كل صباح بترتيلة ويغسلونه ويُلبسونه و «يُطعمونه» ويقدمون له خدمات اخرى.‏ (‏لاحظ الفرق في مز ١٢١:‏٣،‏ ٤؛‏ اش ٤٠:‏٢٨‏.‏)‏ وكما يَظهر كان الكهنة يفعلون ذلك باعتبارهم ممثِّلين للفرعون الذي اعتُقد انه هو نفسه إله حي،‏ ابن الإله رع.‏ وهذا يدل على الشجاعة التي اعرب عنها موسى وهارون بذهابهما الى فرعون ونقلهما اليه ما امر به الإله الحق.‏ كما انه يعطي معنى اكبر لكلمات فرعون حين قال بازدراء:‏ «مَن هو يهوه حتى اطيع قوله؟‏».‏ —‏ خر ٥:‏٢‏.‏

رغم الكمية الهائلة من الآثار المنقب عنها في مصر،‏ مثل الهياكل والتماثيل والرسوم الدينية والكتابات،‏ يكاد لا يُعرف سوى القليل نسبيا عن المعتقدات الدينية الفعلية لدى المصريين.‏ فالنصوص الدينية لا تعطي سوى صورة ناقصة ومجزَّأة جدا،‏ اذ تحذف عموما تفاصيل بقدر ما تذكر،‏ او اكثر.‏ والكثير مما يُعرف عن طبيعة آلهتهم وممارساتهم يعتمد على الاستنتاج او على معلومات ذكرها كتَّاب يونانيون مثل هيرودوتس وبلوتارك.‏

ويلاحَظ ايضا ان المعتقدات لم تكن موحَّدة،‏ لأن التقسيمات المناطقية استمرت طوال التاريخ المصري،‏ وأنشأت متاهة من الخرافات والاساطير التي غالبا ما كانت متناقضة.‏ مثلا،‏ كان الإله رع يُعرف بـ‍ ٧٥ اسما وشكلا مختلفا.‏ ومن بين الآلهة التي تُعد بالمئات،‏ يبدو ان القليل نسبيا فقط عبده الشعب ككل.‏ وأشهر هذه الآلهة هو ثالوث اوزيريس وإيزيس (‏زوجته)‏ وحورس (‏ابنه)‏.‏ كما وُجدت آلهة «كونية» يتزعمها رع إله الشمس،‏ وتشمل آلهة القمر والسماء والهواء والارض ونهر النيل وغيرها.‏ وكان الإله آمون هو الابرز في طيبة (‏نو في الكتاب المقدس)‏،‏ وقد أُطلق عليه لاحقا لقب «ملك الآلهة» تحت اسم آمون-‏رع.‏ (‏ار ٤٦:‏٢٥‏)‏ وفي اوقات الاحتفالات (‏ار ٤٦:‏١٧‏)‏،‏ كانت الآلهة تُعرض في مواكب تجول في شوارع المدن.‏ مثلا،‏ خلال الموكب الديني الذي كان فيه كهنة رع يحملون صنمه،‏ كان الناس يحرصون على الحضور بهدف نيل استحسانه.‏ فقد اعتبر المصريون ان مجرد حضورهم هو تتميم لواجباتهم الدينية،‏ لذا كان رع ملزما في رأيهم بالاستمرار في مباركتهم.‏ وكانوا يتطلعون اليه فقط ليمنحهم الازدهار والبركات المادية،‏ دون ان يطلبوا منه اي شيء روحي.‏ وهناك العديد من التشابهات بين الآلهة الرئيسية في مصر وتلك التي في بابل،‏ والادلة تعزز الفكرة القائلة ان بابل كانت منشأ الآلهة وأن مصر تبنتها او خلدتها.‏ —‏ انظر «‏الآلهة والإلاهات‏».‏

لم يكن لعبادة الآلهة المتعددة تأثير بنَّاء او مفيد في المصريين.‏ ذكرت دائرة المعارف البريطانية (‏١٩٥٩،‏ المجلد ٨،‏ ص ٥٣)‏:‏ «ان مخيلة الكتَّاب الكلاسيكيين والعصريين هي التي نسبت اليهم [المصريين] اسرارا عجيبة تخفي في ثناياها حقائق عميقة.‏ صحيح انه كانت لديهم اسرارهم،‏ شأنهم في ذلك شأن [القبيلتَين الافريقيتَين] الآشانتي والإيبو،‏ ولكن من الخطإ الاعتقاد ان هذه الاسرار كان فيها شيء من الحقيقة،‏ وأنه تخلَّلها ‹ايمان› خفي».‏ وفي الواقع،‏ تُظهر الادلة المتوفرة ان السحر والخرافات البدائية كانت من العناصر الاساسية في عبادة المصريين.‏ (‏تك ٤١:‏٨‏)‏ فقد استُخدم السحر في الدين للوقاية من الامراض،‏ وانتشرت الارواحية بوجود كثيرين من «الرقاة» و «الوسطاء الارواحيين» و «المتكهنين».‏ (‏اش ١٩:‏٣‏)‏ وكان المصريون يضعون تمائم لجلب الحظ وتعاويذ،‏ فيما كانت الرقى تُكتب على قصاصات من ورق البردي وتُربط حول العنق.‏ (‏قارن تث ١٨:‏١٠،‏ ١١‏.‏)‏ وعندما صنع موسى وهارون عجائب بقدرة إلهية،‏ تباهى المشعوذون والكهنة الذين يتعاطون السحر في بلاط فرعون بتقليدها بواسطة فنونهم السحرية،‏ إلا انهم في النهاية أُجبروا على الاعتراف بفشلهم.‏ —‏ خر ٧:‏١١،‏ ٢٢؛‏ ٨:‏٧،‏ ١٨،‏ ١٩‏.‏

عبادة الحيوانات:‏ هذا الايمان بالخرافات جعل المصريين يمارسون عبادة منحطة جدا اشتملت على عبادة الحيوانات.‏ (‏قارن رو ١:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏)‏ فالكثير من الآلهة الرئيسية كان يصوَّر بجسم انسان ورأس حيوان او طائر.‏ مثلا،‏ كان للإله حورس رأس صقر،‏ وتحوت (‏توت)‏ رأس ابي منجل او قرد.‏ وفي بعض الحالات كان الإله يُعتبر متجسدا فعليا في جسم الحيوان،‏ كما في حالة ثور ابيس.‏ فقد اعتُبر ثور ابيس الحي تجسيدا للإله اوزيريس،‏ وكان يوضع في هيكل ويقام له عند موته مأتم ودفن مهيب.‏ وبسبب الايمان بأن بعض الحيوانات،‏ كالهررة وقرود البابون والتماسيح وبنات آوى وطيور مختلفة،‏ مقدسة بسبب ارتباطها بآ‌لهة معينة،‏ اخذ المصريون يحنطون مئات الآلاف منها ويدفنونها في مقابر خصوصية.‏

لماذا اكد موسى ان ذبائح اسرائيل هي «مكرهة عند المصريين»؟‏

بما ان حيوانات كثيرة كانت تكرَّم في انحاء متفرقة من مصر،‏ فلا شك ان ذلك كان حجة مقنعة اعتمدها موسى ليصر على فرعون ان يسمح لإسرائيل بالذهاب الى البرية ليقدموا الذبائح.‏ فقد قال:‏ «إن ذبحنا ما هو مكرهة عند المصريين امام عيونهم،‏ أفلا يرجموننا؟‏».‏ (‏خر ٨:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وفي الواقع،‏ فإن معظم الذبائح التي قدمها الاسرائيليون لاحقا كانت ستسيء جدا الى المصريين.‏ (‏في مصر كان إله الشمس رع يمثَّل احيانا بعجل ولدته البقرة السماوية.‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ كما يرد تحت «‏الآلهة والإلاهات‏»،‏ نفَّذ يهوه بواسطة الضربات العشر على مصر احكاما «بكل آلهة مصر».‏ فقد اذلَّها اذلالا عظيما وعرَّف باسمه في كل الارض.‏ —‏ خر ١٢:‏١٢‏.‏

لم تَسلَم امة اسرائيل كليا من التلوث بالعبادة المزيَّفة خلال اقامتها طوال مئتَي سنة في مصر.‏ (‏يش ٢٤:‏١٤‏)‏ ولا بد ان ذلك ساهم الى حد بعيد في المواقف الخاطئة التي اظهروها في بداية رحلة الخروج.‏ فمع ان يهوه امر الاسرائيليين ان يتخلَّصوا من «اصنام مصر القذرة»،‏ لم يفعلوا ذلك.‏ (‏حز ٢٠:‏٧،‏ ٨؛‏ ٢٣:‏٣،‏ ٤،‏ ٨‏)‏ والمرجح ان الاسرائيليين صنعوا في البرية تمثالا من ذهب على شكل عجل بهدف العبادة لأن بعضهم تأثر بعبادة الحيوانات في مصر.‏ (‏خر ٣٢:‏١-‏٨؛‏ اع ٧:‏٣٩-‏٤١‏)‏ وقبل ان يدخل اسرائيل ارض الموعد بوقت قصير،‏ كرر يهوه تحذيره الواضح من ادخال اشكال حيوانية او اجرام «كونية» في عبادتهم له.‏ (‏تث ٤:‏١٥-‏٢٠‏)‏ ولكن بعد مئات السنين،‏ عندما رجع يربعام من مصر وجلس على عرش مملكة اسرائيل الشمالية،‏ برزت عبادة الحيوانات من جديد حين صنع عجلَين ذهبيَّين ليعبدهما الشعب.‏ (‏١ مل ١٢:‏٢،‏ ٢٨،‏ ٢٩‏)‏ والجدير بالملاحظة ان الاسفار الموحى بها التي سجلها موسى لم تفسدها اطلاقا صنمية المصريين وإيمانهم بالخرافات.‏

الصفات الروحية والأخلاقية مفقودة:‏ يظن بعض العلماء ان التأثير الساميّ ادَّى بالنتيجة الى مفهوم للخطية ظهر في بعض النصوص الدينية المصرية.‏ لكنَّ الاعتراف بالخطية كان دائما بإنكار ارتكابها.‏ توضح دائرة المعارف البريطانية (‏١٩٥٩،‏ المجلد ٨،‏ ص ٥٦)‏:‏ «عندما كان [المصري] يعترف،‏ لم يكن يقول:‏ ‹انا مذنب› بل ‹انا غير مذنب›.‏ فاعترافه كان انكارا بحيث يلقي عبء البرهان على مَن يحاكمونه.‏ وبحسب اوراق البردي الجنائزية،‏ كان القضاة يصدرون دائما حكما لصالحه،‏ او على الاقل كان يأمل ويتوقع ان يفعلوا ذلك».‏ (‏لاحظ الفرق في مز ٥١:‏١-‏٥‏.‏)‏ ويبدو ان الدين المصري كان يقوم بشكل رئيسي على شعائر ورقى يمارسها العباد ليحقق لهم واحد او اكثر من آلهتهم العديدة ما يرغبون فيه.‏

يُزعم ان شكلا من التوحيد وُجد خلال حكم الفرعونَين امنحوتب الثالث وأمنحوتب الرابع (‏أخناتون)‏،‏ حين صارت العبادة شبه محصورة بإله الشمس آتون؛‏ لكنَّ ذلك لم يكن توحيدا حقيقيا.‏ فقد بقي الفرعون يُعبد بصفته إلها.‏ حتى في هذه الفترة خلت النصوص الدينية المصرية من اية خصائص اخلاقية.‏ ولم تكن الاناشيد الموجهة الى إله الشمس آتون سوى كلمات تسبيح له على منحه الحرارة التي تعطي الحياة،‏ وقد بقيت خالية من تعابير التسبيح او التقدير على اية صفات روحية او اخلاقية.‏ لذا لا اساس اطلاقا للافتراض ان التوحيد في كتابات موسى نشأ من التأثير المصري.‏

المعتقدات عن الموتى:‏ ابرز ما في الدين المصري هو اهتمامه بالموتى وحرصه على ضمان خير الشخص وسعادته بعد حصول «التغيير»،‏ اي الموت.‏ وكانت عقيدة التقمص او تناسخ الارواح تتخلل كل شيء.‏ صحيح ان المصريين اعتقدوا ان النفس خالدة،‏ لكنهم اعتقدوا ايضا انه يجب حفظ جسم الانسان لكي تعود النفس وتستخدمه من حين الى آخر.‏ لذا قاموا بتحنيط موتاهم.‏ واعتبروا القبر الذي توضع فيه الجثة المحنطة «بيت» الميت.‏ وهكذا شكَّلت الاهرام مساكن ضخمة للملوك الموتى.‏ وكانوا يضعون في القبور ضروريات الحياة ورفاهياتها،‏ كالجواهر والملابس والاثاث والاطعمة،‏ ليستعملها الميت في المستقبل،‏ ومعها وضعوا رقى وتمائم (‏مثل «كتاب الاموات»)‏ لحمايته من الارواح الشريرة.‏ (‏الصورة في المجلد x‏،‏ ص xx‏)‏ لكنَّ هذه الرقى لم تتمكن من حماية الموتى حتى من ناهبي القبور البشر الذين سرقوا كل قبر مهم تقريبا.‏

صحيح انه جرى تحنيط جثتَي يعقوب ويوسف،‏ لكنَّ الهدف في حالة يعقوب كان دون شك حفظ جسده لكي يُنقل الى مدفن في ارض الموعد.‏ وفي حالة يوسف خصوصا،‏ ربما قام المصريون بتحنيطه تعبيرا عن الاحترام والإكرام.‏ —‏ تك ٤٧:‏٢٩-‏٣١؛‏ ٥٠:‏٢-‏١٤،‏ ٢٤-‏٢٦‏.‏

الحياة والحضارة المصريتان:‏ لطالما صوَّر العلماء مصر بأنها ‹اقدم حضارة› ومنشأ العديد من اختراعات الانسان القديمة ونقطة البداية لمراحل تقدمه.‏ لكنَّ الادلة التي جُمعت مؤخرا اشارت الى ان بلاد ما بين النهرين هي ما يدعى مهد الحضارة.‏ فبعض الاساليب المعمارية المصرية،‏ واستخدام العجلة،‏ وربما المبادئ الاساسية في كتابتهم التصويرية،‏ وخصوصا الخصائص الرئيسية في الديانة المصرية كلها يرجع اصلها كما يُعتقد الى بلاد ما بين النهرين.‏ وهذا يتفق طبعا مع سجل الكتاب المقدس عن تفرُّق الشعوب بعد الطوفان.‏

احد اشهر الانجازات في الهندسة المعمارية المصرية هو الاهرام التي بناها في الجيزة الفراعنة خوفو وخفرع ومنقرع المنتمون الى ما يدعى «السلالة الرابعة».‏ وهرم خوفو هو اكبرها،‏ فله قاعدة تغطي مساحة ٣‏,٥ هكتارات (‏١٣ اكرا)‏ تقريبا وقمة ترتفع نحو ١٣٧ م (‏٤٥٠ قدما)‏ (‏ما يعادل بناءً حديثا من ٤٠ طابقا)‏.‏ ويُظن انه استُعمل في بنائه ٠٠٠‏,٣٠٠‏,٢ حجر يصل معدل وزن كل واحد الى ٣‏,٢ طن متري،‏ وتتطابق احجامها بفارق مليمترات قليلة فقط.‏ كما بُنيت هياكل ضخمة؛‏ والهيكل في الكرنك في طيبة (‏نو بحسب الكتاب المقدس؛‏ ار ٤٦:‏٢٥؛‏ حز ٣٠:‏١٤-‏١٦‏)‏ كان اكبر بناء ذي اعمدة شيَّده انسان.‏

كان المصريون يمارسون عادة الختان من اقدم العصور،‏ ويأتي الكتاب المقدس على ذكرهم مع شعوب اخرى تتبع عادة الختان.‏ —‏ ار ٩:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

يبدو ان التعليم كان يرتبط بشكل رئيسي بمدارس الكتبة التي يديرها الكهنة.‏ وكان الكتبة الملكيون ماهرين في الكتابة المصرية،‏ كما كانت الكتابة المسمارية الارامية معروفة جدا عندهم.‏ لذا كانت المراسلات في اواسط الالف الثاني ق‌م،‏ بين الحكام المرؤوسين في سوريا وفلسطين وبين العاصمة المصرية،‏ تُكتب دائما بالارامية.‏ كما ان الرياضيات المصرية كانت متقدمة الى حد يسمح بإنجاز اعمال البناء المذهلة المذكورة سابقا،‏ ومن الواضح انهم كانوا على دراية ببعض مبادئ الجبر والهندسة.‏ وجدير بالملاحظة ان موسى تلقى «الارشاد في حكمة المصريين كلها».‏ (‏اع ٧:‏٢٢‏)‏ وفي حين كان هناك الكثير من الحكمة المزيَّفة في مصر،‏ فقد توفرت فيها بعض المعرفة التي لها قيمة عملية.‏

كان الحكم والقانون متمحورَين حول الملك او الفرعون المعتبَر إلها في شكل انسان.‏ وكان يحكم البلاد من خلال وزراء تابعين له وزعماء اقطاعيين ضاهى نفوذهم نفوذ الملك في اوقات ضعفه.‏ وربما كان هؤلاء الزعماء يُعتبرون فعلا ملوكا في نظر رعاياهم،‏ مما يفسر تحدث الكتاب المقدس عن «ملوك [بصيغة الجمع] مصر» عند الاشارة الى فترات محددة.‏ (‏٢ مل ٧:‏٦؛‏ ار ٤٦:‏٢٥‏)‏ وبعد الغزو المصري لبلاد النوبة-‏الحبشة في الجنوب،‏ تولى الحكم على تلك المنطقة نائب ملك دُعي «ابن الملك في كوش».‏ وهناك ايضا ادلة على وجود نائب ملك مصري في فينيقية.‏

لم تصلنا من مصر مجموعة قوانين فعلية.‏ صحيح انه وُجدت قوانين،‏ ولكن من الواضح انها كانت مجرد مراسيم ملكية،‏ مثل مرسومَي فرعون بشأن تسخير الاسرائيليين في صنع احجار البناء وإغراق كل اطفالهم الذكور المولودين حديثا.‏ (‏خر ١:‏٨-‏٢٢؛‏ ٥:‏٦-‏١٨‏؛‏ قارن تك ٤١:‏٤٤‏.‏)‏ كما فُرضت ضرائب على كل محاصيل اصحاب الاراضي،‏ ويبدو ان ذلك بدأ في ايام يوسف،‏ حين صارت كل الاراضي باستثناء اراضي الكهنة ملكا لفرعون.‏ (‏تك ٤٧:‏٢٠-‏٢٦‏)‏ ولم تقتصر الضرائب على اخذ حصص من الغلال او الماشية،‏ بل شملت ايضا تسخير الشعب في مشاريع حكومية وفرض الخدمة العسكرية.‏ واشتملت عقوبات الجرائم على جدع الانف،‏ النفي للعمل في المناجم،‏ الضرب بالعصي،‏ السجن،‏ والموت (‏بقطع الرأس في اغلب الاحيان)‏.‏ —‏ تك ٣٩:‏٢٠؛‏ ٤٠:‏١-‏٣،‏ ١٦-‏٢٢‏.‏

كانت عادات الزواج تسمح بتعدد الزوجات وأن يتزوج الاخ بأخته،‏ وهذه العادة الاخيرة بقيت متبعة في بعض الاماكن بمصر حتى القرن الثاني ب‌م.‏ والمعروف ان بعض الفراعنة تزوجوا اخواتهم،‏ والسبب كما يبدو هو انه لم تُعتبر اية امرأة اخرى مقدسة كفاية لتتزوج من هذا «الاله الحي».‏ اما الشريعة التي اعطيت لإسرائيل بعد خروجهم من مصر،‏ فقد حرَّمت سفاح القربى في الزواج وذكرت:‏ «مثل عمل ارض مصر .‏.‏.‏ لا تعملوا،‏ و [لا] مثل عمل ارض كنعان».‏ —‏ لا ١٨:‏٣،‏ ٦-‏١٦‏.‏

غالبا ما صُوِّرت معرفة المصريين القدماء في الطب بأنها علمية ومتقدمة الى حد بعيد.‏ صحيح انهم امتلكوا بعض المعرفة في علم التشريح وأنهم طوروا وسائل جراحية بسيطة وفهرسوها،‏ ولكن يُرى جهلهم في امور كثيرة.‏ مثلا،‏ في حين يذكر نص مصري مكتوب على ورق البردي ان القلب موصول بكل اعضاء الجسم بواسطة الاوعية،‏ يذكر هذا النص ان تلك الاوعية تنقل،‏ لا الدم،‏ بل الهواء والماء والمني والمخاط.‏ وإضافة الى انهم لم يفهموا جيدا وظائف جسم الانسان،‏ نجد النصوص الطبية حافلة بالسحر والخرافات،‏ وكانت الرقى والتعاويذ السحرية جزءا كبيرا من المعلومات فيها.‏ ولم تشتمل العلاجات فقط على الاعشاب والنباتات المفيدة،‏ بل كان الاطباء يصفون اشياء مثل دم الفئران او البول او غائط الذباب.‏ وهذه الامور،‏ اضافة الى الرقى،‏ كان يُقصد بها «اثارة اشمئزاز الروح الشرير الذي يسكن جسم الانسان وحمله على الخروج منه».‏ (‏تاريخ البشرية،‏ بقلم ج.‏ هوكس والسير ليونارد وولي،‏ ١٩٦٣،‏ المجلد ١،‏ ص ٦٩٥)‏ ولعل هذا الجهل ساهم في تفشي ‹امراض مصر المفزعة›،‏ والتي شملت على الارجح داء الفيل،‏ الزُّحار،‏ الجُدَريّ،‏ الطاعون الدبلي،‏ الرَّمَد،‏ وأمراضا اخرى.‏ ولكن كان بإمكان الاسرائيليين ان يحموا انفسهم منها اذا اظهروا الطاعة والامانة.‏ (‏تث ٧:‏١٥‏؛‏ قارن تث ٢٨:‏٢٧،‏ ٥٨-‏٦٠؛‏ عا ٤:‏١٠‏.‏)‏ فالاجراءات الصحية التي فُرضت عليهم بعد خروجهم من مصر تختلف بشكل كبير عن الكثير من الممارسات الموصوفة في النصوص المصرية.‏ —‏ لا ١١:‏٣٢-‏٤٠‏؛‏ انظر «العلل والمعالجة».‏

اما الحِرَف المصرية فقد شملت ما اعتاد الناس القيام به،‏ مثل صناعة الفخار،‏ النسج،‏ صنع الادوات المعدنية،‏ صناعة الحلي والتمائم الدينية،‏ والكثير غيرها.‏ (‏اش ١٩:‏١،‏ ٩،‏ ١٠‏)‏ وبحلول منتصف الالف الثاني ق‌م تقريبا،‏ اصبحت مصر مركزا لصناعة الزجاج.‏ —‏ قارن اي ٢٨:‏١٧‏.‏

اعتمدت وسائل النقل داخل ارجاء البلاد على نهر النيل.‏ فالرياح السائدة التي تهب من الشمال ساعدت المراكب على السير بعكس التيار،‏ فيما جرت المراكب الآتية من الجنوب مع التيار.‏ وبالاضافة الى هذه «الطريق الرئيسية»،‏ وُجدت قنوات وطرقات قليلة كالتي تؤدي مثلا الى كنعان.‏

اما العلاقات التجارية الدولية مع بلدان افريقية اخرى فكانت تتم بواسطة القوافل وأيضا السفن في البحر الاحمر،‏ في حين كانت السفن المصرية الكبيرة تحمل البضائع والركاب الى موانئ عديدة في شرقي البحر المتوسط.‏

كان اللباس المصري بسيطا.‏ فقد ارتدى الرجال خلال مرحلة كبيرة من التاريخ القديم ما يشبه المريول المثني من الامام على شكل طيات.‏ وفي وقت لاحق كان الرجال في الطبقات الوضيعة هم وحدهم مَن يُبقون صدورهم عارية.‏ اما النساء فارتدين لباسا طويلا غير فضفاض يُشد بأشرطة عند الكتفين،‏ وغالبا ما كان يُصنع من الكتان الجيد.‏ كما جرت العادة ان يسير المصريون حفاة،‏ ولعل هذا احد العوامل التي ساهمت في انتشار بعض الامراض.‏

في الرسوم المصرية،‏ يُصوَّر الرجال بشعر قصير او محلوق وبدون لحية.‏ (‏تك ٤١:‏١٤‏)‏ وكان استعمال مستحضرات التجميل شائعا بين النساء.‏

تفاوتت بيوت المصريين بين اكواخ الفقراء البسيطة ومنازل الاغنياء الواسعة مع ما يحيط بها من حدائق وبساتين وبرك.‏ وبما ان فوطيفار كان موظفا في قصر فرعون،‏ فمن المرجح ان منزله كان فخما وكبيرا.‏ (‏تك ٣٩:‏١،‏ ٤-‏٦‏)‏ اما الاثاث فقد اختلف بين المقاعد البسيطة التي لا ظهر لها ولا ذراعَين وبين الكراسي والارائك.‏ والبيوت الكبيرة الى حد ما بُنيت حول ساحات مفتوحة.‏ (‏قارن خر ٨:‏٣،‏ ١٣‏.‏)‏ وغالبا ما كان العجن والطبخ يجري في ساحة البيت.‏ اما طعام معظم المصريين فقد تألف على الارجح من الخضار والسمك (‏الرخيصَين والمتوفرَين بكثرة؛‏ عد ١١:‏٥‏)‏ وخبز الشعير،‏ اضافة الى البيرة التي كانت مشروبا شائعا.‏ وكانوا يأكلون ايضا انواعا مختلفة من اللحم اذا سمحت ظروفهم بذلك.‏ —‏ خر ١٦:‏٣‏.‏

استعمل الجنود المصريون الاسلحة المعروفة في ذلك الوقت،‏ مثل القوس والنشاب،‏ الرمح،‏ المقمعة،‏ الفأس،‏ والخنجر.‏ ولعبت العربات التي تجرها الاحصنة دورا كبيرا في حروبهم.‏ ومع ان الدروع لم تكن تُستعمل كثيرا في الفترات القديمة،‏ انتشر استعمالها لاحقا هي والخوذ التي غالبا ما زُينت بريش.‏ لذلك فإن نبوة ارميا (‏٤٦:‏٢-‏٤‏)‏ تصف بشكل دقيق الجيش المصري في القرن السابع ق‌م.‏ ويبدو ان معظم الجيش تألَّف من رجال من الشعب فُرض عليهم التجنيد الاجباري.‏ ولاحقا صار يشمل جنودا مرتزقة من امم اخرى.‏ —‏ ار ٤٦:‏٧-‏٩‏.‏

تاريخها:‏ لا يمكن الاعتماد كثيرا على المصادر الدنيوية للتاريخ المصري،‏ وخصوصا في ما يتعلق بالفترات الباكرة.‏ —‏ انظر «‏التأريخ‏» (‏التأريخ المصري)‏.‏

ذهاب ابراهيم اليها:‏ في وقت ما بعد الطوفان (‏٢٣٧٠-‏٢٣٦٩ ق‌م)‏،‏ وبعد ان تفرَّقت الشعوب من بابل،‏ سكن الحاميُّون في مصر.‏ وبحلول الوقت (‏بين ١٩٤٣ ق‌م و ١٩٣٢ ق‌م)‏ الذي اجبرت فيه المجاعة ابراهيم (‏ابرام)‏ على مغادرة كنعان والنزول الى مصر،‏ كانت توجد هناك مملكة يحكمها فرعون (‏لا يذكر الكتاب المقدس اسمه)‏.‏ —‏ تك ١٢:‏٤،‏ ١٤،‏ ١٥؛‏ ١٦:‏١٦‏.‏

يبدو ان مصر كانت تفتح ابوابها امام الغرباء،‏ ولم تُبدِ اي عداوة كما يظهر تجاه ابراهيم الذي كان يرتحل من مكان الى آخر ويسكن الخيم.‏ ولكن لا بد انه كان هناك سبب وجيه ليخاف ابراهيم من ان يُقتل بسبب زوجته الجميلة.‏ وخوفه كان ايضا دليلا على تدني مستوى الاخلاق في مصر.‏ (‏تك ١٢:‏١١-‏١٣‏)‏ والضربات التي حلت بفرعون نتيجة اخذه سارة الى بيته فعلت فعلها.‏ فقد أُمر ابراهيم بمغادرة البلاد.‏ وعندما رحل لم يأخذ معه زوجته فقط بل ايضا ممتلكات اضافية.‏ (‏تك ١٢:‏١٥-‏٢٠؛‏ ١٣:‏١،‏ ٢‏)‏ وربما حصلت سارة على جاريتها هاجر خلال اقامتها هي وإبراهيم في مصر.‏ (‏تك ١٦:‏١‏)‏ لاحقا،‏ ولدت هاجر اسماعيل،‏ ابن ابراهيم (‏١٩٣٢ ق‌م)‏.‏ وعندما كبر اسماعيل تزوج امرأة من مصر موطن امه.‏ (‏تك ١٦:‏٣،‏ ٤،‏ ١٥،‏ ١٦؛‏ ٢١:‏٢١‏)‏ وهكذا كان الاسماعيليون كعرق من اصل مصري في الغالب،‏ وكانت مواقع تخييمهم قريبة احيانا من حدود مصر.‏ —‏ تك ٢٥:‏١٣-‏١٨‏.‏

حلت مجاعة ثانية جعلت من مصر مقصدا من جديد.‏ ولكن هذه المرة (‏في وقت ما بعد سنة ١٨٤٣ ق‌م،‏ السنة التي مات فيها ابراهيم)‏ امر يهوه اسحاق بألا يفكر في الانتقال الى هناك.‏ —‏ تك ٢٦:‏١،‏ ٢‏.‏

يوسف في مصر:‏ بعد مرور مئتَي سنة تقريبا على ذهاب ابراهيم الى مصر،‏ باع ابناء يعقوب اخاهم الاصغر يوسف لقافلة مديانية-‏اسماعيلية،‏ ثم باعته القافلة من جديد في مصر لموظف في قصر فرعون (‏١٧٥٠ ق‌م)‏.‏ (‏تك ٣٧:‏٢٥-‏٢٨،‏ ٣٦‏)‏ وكما اوضح يوسف لإخوته لاحقا،‏ سمح اللّٰه بذلك لتبقى عائلة يعقوب حية خلال فترة المجاعة الشديدة.‏ (‏تك ٤٥:‏٥-‏٨‏)‏ وسجل الاحداث البارزة في حياة يوسف يكوِّن صورة دقيقة جدا عن مصر.‏ (‏انظر «‏يُوسُف‏» رقم ١.‏)‏ فألقاب الموظفين والعادات واللباس واستخدام السحر والعديد من التفاصيل الاخرى تُثبت صحتَها المعلوماتُ التي جُمعت من الانصاب والرسوم والكتابات المصرية.‏ مثلا،‏ ان تنصيب يوسف نائب ملك مصر (‏تك ٤١:‏٤٢‏)‏ يطابق الاجراء الموصوف في كتابات ورسوم جدارية مصرية.‏ —‏ تك ٤٥-‏٤٧‏.‏

كان اكل الطعام مع العبرانيين كريها عند المصريين،‏ كما يتبيَّن من وجبة الطعام التي قدمها يوسف لإخوته.‏ وربما سبب ذلك هو الكبرياء والتحامل الدينيان او العرقيان،‏ او ربما لأن المصريين كانوا يكرهون الرعاة.‏ (‏تك ٤٣:‏٣١،‏ ٣٢؛‏ ٤٦:‏٣١-‏٣٤‏)‏ وقد يكون سبب هذا الموقف الاخير نظام الطبقات المصري،‏ اذ يبدو ان طبقة الرعاة كانت تقريبا في اسفله.‏ او ربما صار هناك كره شديد للاشخاص الذين يبحثون عن مرعى لقطعانهم نظرا الى قلة الاراضي المتوفرة للزراعة.‏

‏«عصر الهكسوس»:‏ كثيرون من المعلقين يعتبرون ان يوسف دخل مصر،‏ وكذلك والده وعائلته،‏ خلال ما يُعرف عموما بـ‍ «عصر الهكسوس».‏ ولكن يذكر ميريل انغر (‏علم الآثار والعهد القديم،‏ ١٩٦٤،‏ ص ١٣٤)‏:‏ «المؤسف ان [هذا العصر] غامض جدا في تاريخ مصر،‏ وغزو الهكسوس غير مفهوم الى حد بعيد».‏

بعض العلماء يربطون الهكسوس «بالسلالات الثالثة عشرة الى السابعة عشرة»،‏ فترة حكم دامت ٢٠٠ سنة،‏ فيما يحصرهم آخرون «بالسلالتَين الخامسة عشرة والسادسة عشرة» اللتَين امتدتا قرنا ونصفا او قرنا واحدا فقط.‏ ومعنى الاسم هكسوس في رأي البعض هو «الملوك الرعاة»،‏ وفي رأي البعض الآخر هو «حكام البلاد الاجنبية».‏ وقد تباينت الآراء بشأن عرقهم او قوميتهم،‏ اذ تراوحت بين القول انهم هنود اوروبيون من القوقاز او حتى من آسيا الوسطى،‏ او حثيون او حكام اراميون-‏فلسطينيون (‏كنعانيون او اموريون)‏ او قبائل عربية.‏

يصف بعض علماء الآثار «غزو الهكسوس» لمصر بأنه اجتياح عشائر من الشمال لفلسطين ومصر بمركبات حربية سريعة.‏ ويقول آخرون ان الغزو كان تدريجيا،‏ اي ان رُحَّلا او شبه رُحَّل تغلغلوا شيئا فشيئا في البلاد واستولوا على الحكم او نفَّذوا انقلابا على الحكومة القائمة ونصَّبوا انفسهم على رأسها.‏ وفي كتاب عالم الماضي (‏الجزء ٥،‏ ١٩٦٣،‏ ص ٤٤٤)‏،‏ ذكرت عالمة الآثار جاكيتا هوكس:‏ «لم يعد يُعتقد ان الحكام الهكسوس .‏.‏.‏ يمثِّلون عشائر آسيوية غازية.‏ فيبدو ان الاسم يعني ‹حكام المرتفعات›،‏ وقد كانوا مجموعات ساميَّة مترحلة سبق ان اتت الى مصر قبل وقت طويل للتجارة ولأهداف سلمية اخرى».‏ ومع ان ذلك قد يمثل الرأي الشائع حاليا،‏ فهو لا يفسر المعضلة:‏ كيف تمكَّنت ‹مجموعات مترحلة› من السيطرة على ارض مصر،‏ وخصوصا ان «السلالة الثانية عشرة» التي تسبق هذه الفترة تُعتبر السلالة التي اوصلت البلاد الى اوج نفوذها.‏

تذكر دائرة المعارف الاميركية (‏١٩٥٦،‏ المجلد ١٤،‏ ص ٥٩٥)‏:‏ «الرواية المفصَّلة الوحيدة عن هؤلاء [الهكسوس]،‏ من بين كل ما اورده الكتَّاب القدماء،‏ موجودة عند يوسيفوس في رده على أبيون نقلا عن نص غير جدير بالثقة في عمل ضائع للمؤرخ مانيثون».‏ والاقوال التي نسبها يوسيفوس الى مانيثون هي مصدر الاسم «هكسوس».‏ والمثير للاهتمام ان يوسيفوس،‏ الذي ادعى انه يقتبس كلام مانيثون حرفيا،‏ يعرض رواية مانيثون على انها تربط الهكسوس مباشرة بالاسرائيليين.‏ ويبدو ان يوسيفوس يقبل بهذا الربط ولكنه يعترض بقوة على تفاصيل كثيرة في الرواية.‏ فهو يفضِّل كما يَظهر ترجمة الاسم «هكسوس» الى «الرعاة الاسرى» لا «الملوك الرعاة».‏ ويقول مانيثون،‏ على حد زعم يوسيفوس،‏ ان الهكسوس غزوا مصر بدون معركة،‏ دمَّروا المدن و «هياكل الآلهة»،‏ وقتلوا السكان ونشروا الفوضى.‏ ويمضي قائلا انهم استقروا في منطقة الدلتا.‏ وفي النهاية انتفض المصريون كما يُزعم،‏ وشنُّوا حربا طويلة ورهيبة بـ‍ ٠٠٠‏,٤٨٠ رجل،‏ وحاصروا الهكسوس في مدينتهم الرئيسية أفاريس.‏ والغريب في الامر انهم بعد ذلك توصلوا الى اتفاق يسمح للهكسوس بمغادرة البلاد سالمين مع عائلاتهم وممتلكاتهم.‏ فذهبوا الى اليهودية وبنوا اورشليم.‏ —‏ ضد أبيون،‏ ١،‏ ٧٣-‏١٠٥ (‏١٤-‏١٦)‏؛‏ ٢٢٣-‏٢٣٢ (‏٢٥،‏ ٢٦)‏.‏

في الكتابات المعاصرة تسبق اسماء هؤلاء الحكام ألقاب مثل «الإله الصالح» او «ابن رع» او هيك خوسويت اي «حاكم الاراضي الاجنبية».‏ ومن الواضح ان كلمة «هكسوس» مشتقة من هذا اللقب الاخير.‏ كما ان الوثائق المصرية التي تعود الى ما بعد فترة حكمهم مباشرة تدعوهم آسيويين.‏ وبشأن هذه الفترة من التاريخ المصري،‏ ذكر ك.‏ ا.‏ ديفريس:‏ «سعى بعض العلماء الى التوفيق بين التاريخ الدنيوي والمعلومات الواردة في الكتاب المقدس،‏ لذا حاولوا ان يساووا بين طرد الهكسوس من مصر وخروج امة اسرائيل.‏ لكنَّ هذا مستحيل على اساس السجلات التاريخية،‏ اضافة الى عوامل اخرى تجعل هذه النظرية ضعيفة.‏ .‏.‏.‏ ان اصل الهكسوس غير معروف بشكل اكيد.‏ فقد اتوا من مكان ما في آسيا وكانت لهم عموما اسماء ساميَّة».‏ —‏ دائرة معارف الكتاب المقدس القانونية الاممية،‏ تحرير ج.‏ بروميلي،‏ ١٩٨٢،‏ المجلد ٢،‏ ص ٧٨٧.‏

بما ان تولي يوسف السلطة والفوائد التي حصدتها اسرائيل من ذلك كانت بفضل العناية الالهية،‏ فلا حاجة للبحث عن تفسير آخر،‏ مثل القول ان «الملوك الرعاة» كانوا متعاطفين.‏ (‏تك ٤٥:‏٧-‏٩‏)‏ ولكن من الممكن ان رواية مانيثون،‏ التي هي اساس فكرة «الهكسوس»،‏ تعكس تقليدا مشوَّها نشأ من محاولات المصريين قديما تبرير ما حصل في ارضهم خلال اقامة اسرائيل في مصر.‏ فقد كان لوصول يوسف الى مركز نائب الحاكم تأثير هائل في البلد.‏ (‏تك ٤١:‏٣٩-‏٤٦؛‏ ٤٥:‏٢٦‏)‏ والتغيير الجذري الذي احدثته ادارته ادى الى بيع المصريين ارضهم وأنفسهم ايضا لفرعون (‏تك ٤٧:‏١٣-‏٢٠‏)‏،‏ اضافة الى ضريبة الـ‍ ٢٠ في المئة التي صاروا يدفعونها لاحقا من غلالهم.‏ (‏تك ٤٧:‏٢١-‏٢٦‏)‏ كما ان الاسرائيليين قضوا ٢١٥ سنة في جاسان وتكاثروا حتى فاقوا سكان البلد عددا وقوة بحسب قول فرعون.‏ (‏خر ١:‏٧-‏١٠،‏ ١٢،‏ ٢٠‏)‏ وهناك ايضا الضربات العشر والاذى الذي ألحقته ليس فقط بالاقتصاد المصري بل ايضا بمعتقدات المصريين الدينية وبهيبة كهنتهم.‏ (‏خر ١٠:‏٧؛‏ ١١:‏١-‏٣؛‏ ١٢:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ اضف الى ذلك خروج اسرائيل بعد موت كل ابكار المصريين وهلاك نخبة الجيش المصري في البحر الاحمر.‏ (‏خر ١٢:‏٢-‏٣٨؛‏ ١٤:‏١-‏٢٨‏)‏ كل هذه الامور استلزمت دون شك تبريرا من جهة النظام المصري الرسمي.‏

لا ننسَ ابدا ان تسجيل التاريخ في مصر،‏ كما في العديد من بلاد الشرق الاوسط،‏ كان مرتبطا بالكهنة الذين تدرب الكتبة على ايديهم.‏ لذا سيكون من المستغرب جدا ألا يُخترع ويُنشَر تبرير يفسِّر لماذا فشلت الآلهة المصرية ان تمنع حصول الكوارث التي انزلها يهوه اللّٰه بمصر وشعبها.‏ ويسجِّل التاريخ،‏ حتى التاريخ الحديث،‏ حوادث كثيرة حرَّفت فيها الدعايةُ الوقائعَ وشوَّهتها بحيث صار المضطهَدون مضطهِدين والضحايا الابرياء معتدين خطرين ومتوحشين.‏ ان رواية مانيثون (‏بعد اكثر من ألف سنة من الخروج)‏،‏ اذا كان يوسيفوس قد نقلها بمقدار من الدقة،‏ ربما تعرض التقاليد المحرَّفة التي تناقلتها اجيال المصريين المتعاقبة،‏ والتي هدفت الى تفسير الاحداث البارزة في الرواية الحقيقية عن اسرائيل في مصر كما ترد في الكتاب المقدس.‏ —‏ انظر «‏الخُرُوج‏» (‏صحة رواية الخروج)‏.‏

استعباد اسرائيل:‏ بما ان الكتاب المقدس لا يذكر اسم الفرعون الذي بدأ باضطهاد الاسرائيليين (‏خر ١:‏٨-‏٢٢‏)‏،‏ ولا اسم الفرعون الذي مثَل موسى وهارون امامه والذي حدث الخروج في ايامه (‏خر ٢:‏٢٣؛‏ ٥:‏١‏)‏،‏ وبما ان ذكر هذه الاحداث أُهمل عمدا في السجلات المصرية او ان هذه السجلات أُتلفت،‏ فمن غير الممكن تحديد تاريخ وقوع هذه الاحداث ضمن فترة حكم اية سلالة او اي فرعون في التاريخ الدنيوي.‏ يقترح كثيرون ان الفرعون المضطهِد هو رعْمَسيس الثاني (‏من «السلالة التاسعة عشرة»)‏،‏ وذلك لأن السجل يقول ان العمال الاسرائيليين هم مَن بنوا مدينتَي فيثوم ورعَمْسيس (‏خر ١:‏١١‏)‏ اللتين يُظن انهما بُنيتا خلال حكم رعْمَسيس الثاني.‏ لكنَّ ميريل أنغر يذكر في علم الآثار والعهد القديم (‏ص ١٤٩)‏:‏ «بما انه كان من عادة رعمسيس الثاني ان ينسب الى نفسه انجازات قام بها الحكام الذين سبقوه،‏ فمن المؤكد انه قام بإعادة بناء او توسيع هذَين المكانَين لا اكثر».‏ وفي الواقع،‏ يبدو ان الاسم «رعْمَسيس» كان يُستعمل للاشارة الى منطقة بكاملها في ايام يوسف.‏ —‏ تك ٤٧:‏١١‏.‏

من خلال الانقاذ الالهي بواسطة موسى،‏ تحررت امة اسرائيل من «بيت العبودية» و «كور الحديد»،‏ تعبيران استمر كتبة الكتاب المقدس يطلقونهما على مصر.‏ (‏خر ١٣:‏٣؛‏ تث ٤:‏٢٠؛‏ ار ١١:‏٤؛‏ مي ٦:‏٤‏)‏ وبعد اربعين سنة،‏ ابتدأ الاسرائيليون يحتلون كنعان.‏ وقد حاول البعض ربط هذا الحدث الوارد في الكتاب المقدس بحالة يرد ذكرها في ما يدعى ألواح تل العمارنة التي عُثر عليها في تل العمارنة على النيل،‏ على مسافة ٢٧٠ كلم (‏١٧٠ ميلا)‏ تقريبا جنوب القاهرة.‏ هذه الالواح الـ‍ ٣٧٩ هي رسائل من عدة حكام كنعانيين وأراميين (‏بمن فيهم حكام حبرون وأورشليم ولخيش)‏.‏ ويتضمن العديد منها شكاوى الى الفرعون الحاكم (‏عموما اخناتون)‏ من عمليات الغزو والنهب التي يقوم بها «الهابيرو» (‏عابيرو‏)‏.‏ وقد حاول بعض العلماء ربط «الهابيرو» بالعبرانيين،‏ او الاسرائيليين،‏ لكنَّ مضمون هذه الرسائل نفسها لا يجيز هذا الافتراض.‏ فهي تُظهر ان الهابيرو كانوا يُغِيرون لمجرد النهب،‏ وقد تحالفوا احيانا مع بعض الحكام الكنعانيين في صراعات بين المدن ضمن نفس المنطقة.‏ وكانت بيبلوس،‏ ناحية شمال لبنان،‏ من الاماكن التي هددها الهابيرو.‏ وهذه المدينة بعيدة جدا عن نطاق هجمات الاسرائيليين.‏ كما ان الصورة التي تكوِّنها هذه الرسائل لا تماثل المعارك والانتصارات الكبيرة التي حققها الاسرائيليون عند إخضاعهم كنعان بعد الخروج.‏ —‏ انظر «‏العِبْرانيّ‏» (‏«الهابيرو»)‏.‏

تركت اقامة اسرائيل في مصر اثرا لا يُمحى في ذاكرة الشعب،‏ ولطالما تذكروا تحريرهم العجائبي كبرهان اكيد على ألوهية يهوه.‏ (‏خر ١٩:‏٤؛‏ لا ٢٢:‏٣٢،‏ ٣٣؛‏ تث ٤:‏٣٢-‏٣٦؛‏ ٢ مل ١٧:‏٣٦؛‏ عب ١١:‏٢٣-‏٢٩‏)‏ ومن هنا عبارة «انا يهوه إلهك منذ كنتَ في ارض مصر».‏ (‏هو ١٣:‏٤‏؛‏ قارن لا ١١:‏٤٥‏.‏)‏ هذا التحرير بقي اعظم حدث دون منازع الى ان أُطلق سراح الاسرائيليين من بابل،‏ فكان ذلك دليلا اضافيا يثبت قدرة يهوه على الانقاذ.‏ (‏ار ١٦:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ لقد كُتبت تجربتهم في مصر في الشريعة التي أعطيت لهم (‏خر ٢٠:‏٢،‏ ٣؛‏ تث ٥:‏١٢-‏١٥‏)‏،‏ وكانت اساس عيد الفصح (‏خر ١٢:‏١-‏٢٧؛‏ تث ١٦:‏١-‏٣‏)‏،‏ ووجَّهت تعاملاتهم مع الاجانب الساكنين بينهم (‏خر ٢٢:‏٢١؛‏ لا ١٩:‏٣٣،‏ ٣٤‏)‏ والفقراء الذين باعوا انفسهم كعبيد (‏لا ٢٥:‏٣٩-‏٤٣،‏ ٥٥؛‏ تث ١٥:‏١٢-‏١٥‏)‏،‏ كما شكلت اساسا قانونيا لاختيار سبط لاوي وتقديسه للخدمة في المكان المقدس.‏ (‏عد ٣:‏١١-‏١٣‏)‏ ولأن الاسرائيليين عاشوا كأجانب في مصر،‏ صار بإمكان المصريين الذين يستوفون بعض الشروط ان ينضمُّوا الى جماعة اسرائيل.‏ (‏تث ٢٣:‏٧،‏ ٨‏)‏ وبسبب الاخبار التي سمعتها ممالك كنعان وشعوب الاراضي المجاورة عن القوة التي اظهرها اللّٰه ضد مصر،‏ وقع الخوف والرهبة عليهم مما مهد السبيل للفتوحات الاسرائيلية.‏ (‏خر ١٨:‏١،‏ ١٠،‏ ١١؛‏ تث ٧:‏١٧-‏٢٠؛‏ يش ٢:‏١٠،‏ ١١؛‏ ٩:‏٩‏)‏ وقد بقيت هذه التجربة عالقة في الاذهان طوال قرون.‏ (‏١ صم ٤:‏٧،‏ ٨‏)‏ وظلت كل امة اسرائيل،‏ على مر تاريخها،‏ تذكر هذه الاحداث في ترانيمها.‏ —‏ مز ٧٨:‏٤٣-‏٥١؛‏ مز ١٠٥ و ١٠٦؛‏ ١٣٦:‏١٠-‏١٥‏.‏

بعد استيلاء اسرائيل على كنعان:‏ اول ذكر مباشر لإسرائيل في السجلات المصرية يعود الى فترة حكم الفرعون مرنبتاح،‏ ابن رعمسيس الثاني (‏في اواخر «السلالة التاسعة عشرة»)‏.‏ وهو في الحقيقة الذكر المباشر الوحيد للاسرائيليين كشعب في السجلات المصرية القديمة التي وُجدت حتى الآن.‏ فقد تفاخر مرنبتاح،‏ في لوحة تذكارية لانتصاره،‏ بأنه هزم عدة مدن في كنعان،‏ ثم يقول:‏ «فني اسرائيل ولم يعد له نسل».‏ من الواضح ان ذلك لم يكن سوى تفاخر فارغ،‏ لكنه يمكن ان يشكل دليلا على ان شعب اسرائيل كان مستقرا آنذاك في كنعان.‏

لا يؤتى على ذكر اي احتكاك مع مصر خلال فترة القضاة او خلال حكم شاول وداود،‏ باستثناء الحديث عن قتال بين احد محاربي داود وبين مصري «مارد».‏ (‏٢ صم ٢٣:‏٢١‏)‏ وبحلول فترة حكم سليمان (‏١٠٣٧-‏٩٩٨ ق‌م)‏،‏ كانت العلاقات بين الشعبَين قد صارت جيدة بحيث صاهر سليمان فرعون،‏ اذ اخذ ابنته زوجة له.‏ (‏١ مل ٣:‏١‏)‏ وقد اعطى هذا الفرعون،‏ الذي لم يُذكر بالاسم،‏ جازر هدية وداع او دوطة لابنته،‏ مع انه لا يُعرف متى صارت هذه المدينة في يده.‏ (‏١ مل ٩:‏١٦‏)‏ كما كانت تربط سليمان بمصر علاقات تجارية،‏ اذ كان يشتري منها الخيل والمركبات المصرية الصنع.‏ —‏ ٢ اخ ١:‏١٦،‏ ١٧‏.‏

لكنَّ مصر كانت ملجأ لبعض اعداء ملوك اورشليم.‏ فقد هرب هدد الادومي الى مصر بعدما ضرب داود ادوم.‏ وكرَّمه فرعون،‏ مع انه ساميّ،‏ فأعطاه بيتا وطعاما وأرضا.‏ وقد تزوج هدد امرأة من العائلة المالكة،‏ وعومل ابنه جنوبث كابن لفرعون.‏ (‏١ مل ١١:‏١٤-‏٢٢‏)‏ وفي وقت لاحق،‏ خلال حكم شيشق،‏ لجأ ايضا يربعام،‏ الذي صار ملك مملكة اسرائيل الشمالية بعد موت سليمان،‏ الى مصر لبعض الوقت.‏ —‏ ١ مل ١١:‏٤٠‏.‏

كان شيشق (‏المعروف باسم شيشنق الاول بحسب السجلات المصرية)‏ قد اسس سلالة الفراعنة الليبية (‏«السلالة الثانية والعشرين»)‏ التي اتخذت من بوباسطس شرق منطقة الدلتا عاصمة لها.‏ وفي السنة الخامسة لحكم رحبعام بن سليمان (‏٩٩٣ ق‌م)‏،‏ اجتاح شيشق يهوذا بجيش قوي ضمَّ مركبات وفرسانا وجنودا مشاة منهم ليبيون وحبشيون.‏ فاستولى على مدن عديدة وهدَّد اورشليم.‏ وبفضل رحمة يهوه لم تُدمَّر المدينة،‏ لكنَّ كنوزها الكثيرة سُلِّمت الى شيشق.‏ (‏١ مل ١٤:‏٢٥،‏ ٢٦؛‏ ٢ اخ ١٢:‏٢-‏٩‏)‏ وثمة نقش ناتئ على احد جدران معبد الكرنك يصوِّر حملة شيشق ويعدِّد الكثير من مدن اسرائيل ويهوذا باعتبارها مدنا جرى احتلالها.‏

كذلك شن زارح الحبشي حملة عسكرية بمليون حبشي وليبي ضد آسا ملك يهوذا (‏٩٦٧ ق‌م)‏.‏ وعلى الارجح انه بدأ زحفه من مصر.‏ وقد تجمعت قواته في وادي صفاتة جنوب غرب اورشليم،‏ لكنها هُزمت هزيمة كبيرة.‏ —‏ ٢ اخ ١٤:‏٩-‏١٣؛‏ ١٦:‏٨‏.‏

نعمت يهوذا وإسرائيل بفترة راحة من الاعتداءات المصرية طوال القرنَين التاليَين.‏ ويبدو ان مصر مرت في تلك الفترة باضطرابات داخلية،‏ اذ كانت بعض السلالات تحكم في نفس الوقت.‏ في هذه الاثناء،‏ برزت اشور كدولة عالمية.‏ وصار هوشِع،‏ آخر ملوك مملكة اسرائيل ذات العشرة اسباط (‏نحو ٧٥٨-‏٧٤٠ ق‌م)‏،‏ خاضعا لسلطة اشور.‏ ثم حاول ان يتخلَّص من السيطرة الاشورية بالتآ‌مر مع سوا ملك مصر.‏ لكنَّ محاولته فشلت،‏ وسقطت مملكة اسرائيل الشمالية امام اشور.‏ —‏ ٢ مل ١٧:‏٤‏.‏

يبدو انه كانت لعناصر نوبية-‏حبشية سيطرة لا بأس بها على مصر في ذلك الزمان.‏ فاعتُبرت «السلالة الخامسة والعشرين» سلالة حبشية.‏ وقد تكلم الربشاقى،‏ احد موظفي الملك الاشوري سنحاريب،‏ بصوت عالٍ امام سكان مدينة اورشليم قائلا ان الاستناد على مساعدة مصر هو كالاستناد على ‹قصبة مرضوضة›.‏ (‏٢ مل ١٨:‏١٩-‏٢١،‏ ٢٤‏)‏ ويُعتبر عموما ان ترهاقة ملك الحبشة،‏ الذي زحف على كنعان في ذلك الوقت (‏٧٣٢ ق‌م)‏ وحوَّل وقتيا انتباه اشور وجيشه،‏ هو حاكم مصر الحبشي الفرعون تهرقا.‏ (‏٢ مل ١٩:‏٨-‏١٠‏)‏ ويبدو ان ذلك اتمام لنبوة اشعيا السابقة (‏اش ٧:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ بأن يهوه سوف «يصفر للذباب الذي في اقصى قنوات نيل مصر،‏ وللنحل الذي في ارض اشور»،‏ مما سيؤدي الى صدام بين الدولتَين في ارض يهوذا ويعرِّض تلك الارض لضغط مزدوج.‏ وكما ذكر فرانز ديليتش:‏ «يتناسب الرمزان مع طبيعة البلدَين:‏ الذباب مع مصر [حيث المستنقعات] وأسراب الحشرات .‏.‏.‏ والنحل مع اشور التي تتميز بوجود الجبال والغابات».‏ —‏ التعليق على العهد القديم،‏ ١٩٧٣،‏ المجلد ٧،‏ اشعيا،‏ ص ٢٢٣.‏

يبدو ان اشعيا،‏ في الاعلان الذي نقله من اللّٰه ضد مصر (‏اش ١٩‏)‏،‏ ينبئ بحالة الاضطراب التي شهدتها مصر خلال النصف الثاني من القرن الثامن ق‌م والنصف الاول من القرن السابع ق‌م.‏ فهو يصف حربا اهلية وتفكك بلاد مصر،‏ فيما تحارب «مدينة مدينة،‏ ومملكة مملكة».‏ (‏اش ١٩:‏٢،‏ ١٣،‏ ١٤‏)‏ ويجد المؤرخون اليوم ادلة على انه في تلك الفترة،‏ كانت سلالات مختلفة تحكم انحاء مختلفة من البلد في نفس الوقت.‏ وتبجُّح مصر ‹بحكمتها› المزعومة،‏ اضافة الى ‹رقاتها وآلهتها العديمة النفع›،‏ لم يحمِها من ان تسلَّم الى «يد سيد قاسٍ».‏ —‏ اش ١٩:‏٣،‏ ٤‏.‏

الغزو الاشوري:‏ اجتاح الملك الاشوري اسرحدون (‏المعاصر لمنسى ملك يهوذا [٧١٦-‏٦٦٢ ق‌م])‏ مصر فاحتل ممفيس في مصر السفلى وأسر كثيرين.‏ ويتبين ان تهرقا (‏ترهاقة)‏ كان لا يزال الفرعون الحاكم في ذلك الوقت.‏

وشنَّ آشوربانيبال هجوما آخر ونهب مدينة طيبة (‏نو آمون في الكتاب المقدس)‏ في مصر العليا حيث وُجدت اعظم كنوز هياكل مصر.‏ ويورد الكتاب المقدس هنا ايضا تدخُّل عناصر حبشية وليبية وإفريقية اخرى.‏ —‏ نا ٣:‏٨-‏١٠‏.‏

في وقت لاحق سُحبت الحاميات الاشورية من مصر،‏ وبدأ البلد يسترد بعضا من ازدهاره ونفوذه السابقَين.‏ وفي وقت سقوط اشور امام الماديين والبابليين،‏ كانت مصر قد استعادت ما يكفي من القوة (‏بدعم الجنود المرتزقة)‏ لمساعدة الملك الاشوري.‏ وفيما كانت القوات المصرية،‏ بقيادة الفرعون نخو (‏الثاني)‏،‏ في طريقها الى هناك،‏ اعترضها جيش يوشيا ملك يهوذا في مجدو.‏ فأُجبر نخو ان يحارب يهوذا،‏ مع انه لم يكن يريد ذلك،‏ وهزمهم في المعركة التي ادت الى موت يوشيا.‏ (‏٢ مل ٢٣:‏٢٩؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢٠-‏٢٤‏)‏ بعد ثلاثة اشهر (‏في سنة ٦٢٨ ق‌م)‏ عزل نخو يهوآحاز،‏ ابن يوشيا وخليفته،‏ عن عرش يهوذا ووضع مكانه اخاه ألياقيم (‏الذي غيَّر اسمه الى يهوياقيم)‏ وأخذ يهوآحاز اسيرا الى مصر.‏ (‏٢ مل ٢٣:‏٣١-‏٣٥؛‏ ٢ اخ ٣٦:‏١-‏٤‏؛‏ قارن حز ١٩:‏١-‏٤‏.‏)‏ فصارت يهوذا تدفع جزية لمصر،‏ وبلغت قيمة اول ما دفعته نحو ٠٠٠‏,٠٤٦‏,١ دولار.‏ وفي تلك الفترة هرب النبي يوريا الى مصر لينجو بحياته،‏ ولكن دون جدوى.‏ —‏ ار ٢٦:‏٢١-‏٢٣‏.‏

نبوخذنصر يهزمها:‏ لم تدم طويلا محاولة مصر إحكام سيطرتها من جديد على سوريا وفلسطين.‏ فقد حُكم على مصر ان تشرب كأس الهزيمة المُرة بحسب نبوة يهوه على لسان ارميا (‏٢٥:‏١٧-‏١٩‏)‏.‏ وبدأ سقوط مصر بهزيمتها الكبيرة سنة ٦٢٥ ق‌م في كركميش على نهر الفرات امام البابليين بقيادة ولي العهد نبوخذنصر.‏ وقد وُصف هذا الحدث في ارميا ٤٦:‏٢-‏١٠ وكذلك في احد سجلات التواريخ البابلية.‏

بعد ذلك استولى نبوخذنصر،‏ الذي صار ملك بابل،‏ على سوريا وفلسطين،‏ وأصبحت يهوذا دولة تابعة لبابل.‏ (‏٢ مل ٢٤:‏١‏)‏ وقامت مصر بمحاولة اخيرة لتبقى دولة ذات نفوذ في آسيا.‏ فخرج جيش فرعون (‏لا يُذكر اسمه في الكتاب المقدس)‏ من مصر عندما طلب منه الملك صدقيا ان يدعمه عسكريا في ثورته على بابل في ٦٠٩-‏٦٠٧ ق‌م.‏ وقد تسبب ذلك برفع الحصار البابلي وقتيا،‏ إلا ان القوات المصرية أُجبرت لاحقا على الانسحاب وتُركت اورشليم لتُدمَّر.‏ —‏ ار ٣٧:‏٥-‏٧؛‏ حز ١٧:‏١٥-‏١٨‏.‏

رغم التحذير الشديد الذي اطلقه ارميا (‏ار ٤٢:‏٧-‏٢٢‏)‏،‏ هربت البقية من سكان يهوذا الى مصر للاحتماء فيها،‏ وقد انضموا كما يَظهر الى اليهود الموجودين في تلك الارض.‏ (‏ار ٢٤:‏١،‏ ٨-‏١٠‏)‏ والاماكن التي يُذكر انهم سكنوا فيها هي:‏ تَحفَنحيس التي يبدو انها كانت مدينة حصينة في منطقة الدلتا (‏ار ٤٣:‏٧-‏٩‏)‏،‏ مِجدُل،‏ ونوف التي يُعتقَد انها ممفيس،‏ وهي عاصمة قديمة في مصر السفلى (‏ار ٤٤:‏١؛‏ حز ٣٠:‏١٣‏)‏.‏ وهكذا صار هؤلاء اللاجئون ينطقون «بلغة كنعان» (‏العبرانية كما يَظهر)‏ في مصر.‏ (‏اش ١٩:‏١٨‏)‏ وقد تصرفوا بحماقة حين استأنفوا في مصر الممارسات الوثنية نفسها التي جلبت دينونة يهوه على يهوذا.‏ (‏ار ٤٤:‏٢-‏٢٥‏)‏ لكنَّ نبوات يهوه تمت هناك ايضا في اللاجئين الاسرائيليين حين زحف نبوخذنصر على مصر وأخضعها.‏ —‏ ار ٤٣:‏٨-‏١٣؛‏ ٤٦:‏١٣-‏٢٦‏.‏

وُجد نص بابلي،‏ يعود تاريخه الى السنة الـ‍ ٣٧ من حكم نبوخذنصر (‏٥٨٨ ق‌م)‏،‏ يأتي على ذكر حملة على مصر.‏ ولا يُعرف ما اذا كانت هذه اشارة الى الاجتياح الاصلي او الى مجرد حملة عسكرية جرت لاحقا.‏ على اية حال،‏ حصل نبوخذنصر على ثروة مصر كأجرة للخدمة العسكرية التي قدَّمها حين نفَّذ دينونة يهوه في صور المقاوِمة لشعب اللّٰه.‏ —‏ حز ٢٩:‏١٨-‏٢٠؛‏ ٣٠:‏١٠-‏١٢‏.‏

تنبئ حزقيال ٢٩:‏١-‏١٦ بأن مصر ستصير خربة مدة ٤٠ سنة.‏ وربما حدث ذلك بعد اجتياح نبوخذنصر لها.‏ وفي حين يقول بعض المعلقين عن حكم اماسيس (‏أحمس)‏ الثاني،‏ خليفة حفرع،‏ بأنه تميز بازدهار كبير طوال اكثر من ٤٠ سنة،‏ فإنهم يعتمدون بذلك على شهادة هيرودوتس الذي زار مصر بعد اكثر من مئة سنة.‏ لكنَّ دائرة المعارف البريطانية (‏١٩٥٩،‏ المجلد ٨،‏ ص ٦٢)‏ تقول عن التاريخ الذي سجَّله هيرودوتس حول تلك الفترة (‏المسماة «الحقبة السائيَّة»)‏:‏ «يبدو انه لا يمكن الاعتماد كليا على اقواله حين تقارَن بالادلة القليلة جدا الموجودة في البلد».‏ ويذكر ف.‏ ت.‏ كوك في التعليق على الكتاب المقدس،‏ بعد قوله ان هيرودوتس لا يأتي حتى على ذكر هجوم نبوخذنصر على مصر:‏ «من المعروف ان هيرودوتس،‏ الذي سجَّل بأمانة كل ما سمعه ورآه في مصر،‏ كان يستمد معلوماته التاريخية من الكهنة المصريين،‏ وقد تبنى قصصهم بسذاجة عمياء.‏ .‏.‏.‏ والقصة [التي رواها هيرودوتس] عن أبرياس [حفرع] وأماسيس فيها الكثير من التناقضات والاساطير،‏ حتى اننا نتردد جدا في اعتبارها تاريخا صحيحا.‏ وليس غريبا ان يحاول الكهنة إخفاء العار الذي لحق بلادهم نتيجة خضوعهم لنير دولة اجنبية».‏ (‏التعليق،‏ الملاحظة ب،‏ ص ١٣٢)‏ لذلك حتى لو كان التاريخ الدنيوي لا يزود ادلة واضحة على اتمام هذه النبوة،‏ يمكننا الوثوق بدقة سجل الكتاب المقدس.‏

تحت الحكم الفارسي:‏ بعد ذلك ساندت مصر بابل ضد الدولة العالمية الناشئة مادي وفارس.‏ ولكن بحلول سنة ٥٢٥ ق‌م،‏ كانت البلاد قد وقعت في يد قمبيز الثاني (‏ابن كورش الكبير)‏،‏ وهكذا صارت خاضعة لحكم الامبراطورية الفارسية.‏ (‏اش ٤٣:‏٣‏)‏ وفي حين غادر يهود كثيرون مصر دون شك ليعودوا الى ارضهم (‏اش ١١:‏١١-‏١٦؛‏ هو ١١:‏١١؛‏ زك ١٠:‏١٠،‏ ١١‏)‏،‏ بقي آخرون هناك.‏ لذلك وُجدت مستعمرة يهودية في إليفانتين (‏ييب باللغة المصرية)‏،‏ وهي جزيرة في النيل قرب اسوان على بعد ٦٩٠ كلم (‏٤٣٠ ميلا)‏ تقريبا جنوب القاهرة.‏ وقد عُثر هناك على اوراق برديّ قيِّمة تعطي فكرة عن الظروف التي كانت سائدة هناك في القرن الخامس ق‌م،‏ اي في فترة نشاط عزرا ونحميا في اورشليم.‏ وتضمنت هذه الوثائق الارامية اسم سنبلط السامري (‏نح ٤:‏١،‏ ٢‏)‏ ويوحانان رئيس الكهنة.‏ (‏نح ١٢:‏٢٢‏)‏ واللافت فيها هو امر رسمي صادر خلال حكم داريوس الثاني (‏٤٢٣-‏٤٠٥ ق‌م)‏ بأن تحتفل المستعمرة ‹بعيد الفطير›.‏ (‏خر ١٢:‏١٧؛‏ ١٣:‏٣،‏ ٦،‏ ٧‏)‏ ويبرز ايضا تكرار استعمال الاسم ياهو،‏ احدى صيغ الاسم يهوَه (‏او يهوِه؛‏ قارن اش ١٩:‏١٨‏)‏،‏ مع انه توجد ادلة وافرة على تغلغل اكيد للعبادة الوثنية.‏

تحت حكم اليونان وروما:‏ بقيت مصر خاضعة للحكم الفارسي الى ان اجتاحها الاسكندر الكبير سنة ٣٣٢ ق‌م.‏ ومع ان ذلك حررها من النير الفارسي،‏ إلا انه وضع حدا نهائيا لحكم الفراعنة المحليين.‏ لقد اصبحت مصر العظيمة فعلا «مملكة وضيعة».‏ —‏ حز ٢٩:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

تأسست مدينة الاسكندرية خلال حكم الاسكندر،‏ وبعد موته حكم البطالسة البلاد.‏ وفي سنة ٣١٢ ق‌م احتل بطليموس الاول اورشليم،‏ وبقيت يهوذا احدى مقاطعات مصر الخاضعة للبطالسة حتى سنة ١٩٨ ق‌م.‏ وأثناء الصراع الطويل مع الامبراطورية السلوقية في سوريا،‏ خسرت مصر اخيرا سيطرتها على فلسطين حين تمكن الملك السوري انطيوخوس الثالث من هزم جيش بطليموس الخامس.‏ ثم اخذت مصر تقع تدريجيا تحت نفوذ روما.‏ وفي سنة ٣١ ق‌م،‏ في معركة اكتيوم الحاسمة،‏ هجرت كليوباترا اسطول عشيقها الروماني ماركوس انطونيوس الذي هزمه اوكتافيوس حفيد اخت يوليوس قيصر.‏ وشرع اوكتافيوس في اجتياح مصر سنة ٣٠ ق‌م،‏ فأصبحت مصر اقليما رومانيا.‏ وهذا الاقليم الروماني هو الذي لجأ اليه يوسف ومريم مع الطفل يسوع ليفلتوا من قرار قتل الصغار الذي اصدره هيرودس.‏ وقد عادوا من هناك بعد موت هيرودس لكي تتم كلمات هوشع:‏ «من مصر دعوتُ ابني».‏ —‏ مت ٢:‏١٣-‏١٥؛‏ هو ١١:‏١‏؛‏ قارن خر ٤:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

ربما كان «المصري» المثير للفتنة،‏ الذي خلط قائد الجند في اورشليم بينه وبين بولس،‏ هو نفسه الذي يأتي يوسيفوس على ذكره.‏ (‏الحرب اليهودية،‏ ٢:‏٢٥٤-‏٢٦٣ [١٣:‏٣-‏٥])‏ فهو يقول ان عصيانه حدث خلال حكم نيرون وعندما كان فيلكس الحاكم الروماني (‏بروكيوراتور)‏ في اليهودية،‏ وهذا يطابق الرواية في الاعمال ٢١:‏٣٧-‏٣٩؛‏ ٢٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

كان الدمار الثاني لأورشليم،‏ على يد الرومان سنة ٧٠ ب‌م،‏ اتماما اضافيا للتثنية ٢٨:‏٦٨‏،‏ اذ ان كثيرين من اليهود الذين بقوا احياء أُرسلوا الى مصر كعبيد.‏ —‏ الحرب اليهودية،‏ ٦:‏٤١٨ (‏٩:‏٢)‏.‏

اشارات نبوية ورمزية اخرى:‏ نجد عددا كبيرا من الاشارات الى مصر في اعلانات الدينونة المصوغة بأسلوب رمزي.‏ (‏حز ٢٩:‏١-‏٧؛‏ ٣٢:‏١-‏٣٢‏)‏ لقد مثَّلت مصر بالنسبة الى الاسرائيليين القوة العسكرية والنفوذ الناجم عن التحالفات السياسية،‏ لذا صار الاعتماد على مصر رمزا الى الاعتماد على قوة بشرية بدلا من الاتكال على يهوه.‏ (‏اش ٣١:‏١-‏٣‏)‏ لكنَّ يهوه اظهر في اشعيا ٣٠:‏١-‏٧ ان قوة مصر كانت شكلية لا حقيقية،‏ وذلك حين دعاها «رهب الخاملة [«رهب التي لا تعمل شيئا»،‏ ت‌ع‌م‏]».‏ (‏قارن مز ٨٧:‏٤؛‏ اش ٥١:‏٩،‏ ١٠‏.‏)‏ وإضافة الى الكثير من عبارات الادانة التي قالها يهوه،‏ وعد بأن كثيرين من «مصر» سيعرفونه،‏ حتى انه سيقول:‏ «مبارَك شعبي مصر».‏ —‏ اش ١٩:‏١٩-‏٢٥؛‏ ٤٥:‏١٤‏.‏

تُذكر مصر كجزء من منطقة نفوذ «ملك الجنوب» الرمزي.‏ (‏دا ١١:‏٥،‏ ٨،‏ ٤٢،‏ ٤٣‏)‏ وفي الرؤيا ١١:‏٨ يُقال عن اورشليم غير الامينة،‏ حيث عُلِّق الرب يسوع المسيح،‏ انها تدعى «بطريقة روحية» مصر.‏ وهذا الوصف ملائم نظرا الى ان اورشليم غير الامينة اضطهدت واستعبدت اليهود دينيا.‏ كما انه في مصر قُدِّمت اولى ذبائح عيد الفصح،‏ وكذلك في اورشليم قُتل يسوع المسيح،‏ خروف الفصح المرموز اليه.‏ —‏ يو ١:‏٢٩،‏ ٣٦؛‏ ١ كو ٥:‏٧؛‏ ١ بط ١:‏١٩‏.‏

اكتشاف اوراق بردي قيِّمة:‏ بفضل تربة مصر المتميزة بجفافها الاستثنائي،‏ حُفظت مخطوطات البردي من التلف الذي كان يمكن ان تسببه الرطوبة.‏ ومنذ اواخر القرن الـ‍ ١٩ اكتُشفت هناك عدة اوراق بردي،‏ بما فيها عدد كبير من اوراق بردي الكتاب المقدس مثل مجموعة تشيستر بيتي.‏ وهذه الاوراق هي حلقات هامة بين الكتابات الاصلية للاسفار المقدسة ونسخ مخطوطات الفيلوم اللاحقة.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة