مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «هِيرُودُس» رقم ١ ف ١-‏رقم ٦ ف ٢
  • هِيرُودُس

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • هِيرُودُس
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • ‏«في ايام هيرودس الملك»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٩
  • هِيرُودِيّا
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • جريمة قتل خلال حفل عيد ميلاد
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
  • أنْتِيباس
    بصيرة في الاسفار المقدسة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «هِيرُودُس» رقم ١ ف ١-‏رقم ٦ ف ٢

هِيرُودُس

اسم عائلي أُطلق على سياسيين حكموا على اليهود.‏ وهؤلاء الحكام هم ادوميون؛‏ وقد كانوا يهودا بالاسم فقط،‏ اذ ان الحاكم المكابي يوحنا هيركانوس الاول فرض على الادوميين الختان حوالي سنة ١٢٥ ق‌م،‏ على حد قول يوسيفوس.‏

عدا القليل الذي يذكره الكتاب المقدس عن الهيرودسيين،‏ فإن معظم المعلومات عنهم موجود في السجل التاريخي الذي دونه يوسيفوس.‏ كان انتيباتر (‏انتيباس)‏ الاول،‏ الذي نصّبه الملك الحشموني (‏المكابي)‏ الكسندر جانيوس حاكما على ادوميا،‏ سلف الهيرودسيين.‏ وابن انتيباتر،‏ الذي يُدعى ايضا انتيباتر او انتيباس،‏ هو ابو هيرودس الكبير.‏ ويورد يوسيفوس ما يقوله المؤرخ نيقولاوس الدمشقي عن ان انتيباتر (‏الثاني)‏ متحدر من اليهود الاصليين الذين عادوا من بابل الى ارض يهوذا.‏ لكنه يذكر ان جزم نيقولاوس بهذا الامر لم يكن إلا ارضاء لهيرودس،‏ الذي كان في الواقع ادوميا من جهة ابيه وأمه كليهما.‏

كان انتيباتر الثاني الواسع الثراء متورطا في الشؤون السياسية وتدبير المكائد،‏ وكانت لديه طموحات كبيرة من اجل ابنائه.‏ فقد اصطف الى جانب يوحنا هيركانوس الثاني،‏ ابن الكسندر جانيوس وسالومة ألكسندرا،‏ الذي كان يتنافس مع ارستوبولوس اخيه على الصيرورة ملك اليهود ورئيس كهنتهم.‏ غير ان انتيباتر كان يعمل في الواقع من اجل تحقيق طموحاته،‏ وقد منحه يوليوس قيصر في النهاية المواطنية الرومانية وجعله الحاكم على اليهودية.‏ فعيّن انتيباتر ابنه الاول فسائيل حاكما على اورشليم،‏ وابنا آخر له هو هيرودس حاكما على الجليل.‏ وقد مات مقتولا اذ دس له احدهم السم.‏

١-‏ هيرودس الكبير،‏ ثاني ابناء انتيباتر (‏انتيباس)‏ الثاني من زوجته كيبروس.‏ والتاريخ يثنّي على صحة ما يذكره الكتاب المقدس بإيجاز عن شخصية هذا الرجل الذي يصوّر بأنه مجرد من المبادئ الاخلاقية،‏ ماكر وظنون وفاسد ادبيا،‏ فضلا عن كونه قاسيا وسفاك دماء.‏ كما كان كأبيه شخصا بارعا كدبلوماسي وانتهازي.‏ ولكن لا بد من القول انه اعرب عن براعة في التنظيم والقيادة العسكرية.‏ ويصفه يوسيفوس بأنه رجل تمتع بقوة جسدية كبيرة وبمهارة في ركوب الخيل واستعمال المزراق والقوس.‏ (‏الحرب اليهودية،‏ ١:‏٤٢٩،‏ ٤٣٠ [٢١:‏١٣])‏ ويُرجح ان ابرز ميزة مفيدة تحلى بها هي اقتداره في البناء.‏

كحاكم على الجليل،‏ اكتسب هيرودس شهرة في البداية حين خلّص منطقته من عصابات اللصوص.‏ غير ان بعض اليهود تملكهم الحسد؛‏ فقاموا،‏ هم وأمهات اللصوص الذين قُتلوا،‏ بتحريض هيركانوس الثاني (‏رئيس الكهنة آنذاك)‏ على استدعاء هيرودس للمثول امام السنهدريم بتهمة تجاوز هذا المجلس،‏ لأنه قتل اللصوص على الفور عوض احضارهم اولا للمحاكمة.‏ فلبى هيرودس هذا الاستدعاء،‏ لكنه مثل امام المجلس بكل جرأة ووقاحة برفقة حارس خاص،‏ مع انه كان عليه كشخص يدّعي التهود الخضوع لهذه المحكمة.‏ وإهانته هذه للمحكمة اليهودية العليا اثارت غضب القضاة.‏ ووفقا ليوسيفوس،‏ ثمة قاضٍ يُدعى ساماياس (‏سمعان)‏ كان جريئا كفاية ليقف ويقول انه في حال افلت هيرودس من العقاب،‏ فإنه سيقتل في النهاية جميع الجالسين لمقاضاته.‏ لكن هيركانوس كان شخصا ضعيف الارادة يعجز عن اتخاذ المواقف.‏ فاستسلم تحت تأثير تهويلات هيرودس،‏ فضلا عن تسلمه رسالة من سكستوس قيصر (‏نسيب ليوليوس قيصر وحاكم سورية آنذاك)‏ تتضمن تهديدا له اذا لم يصرف النظر عن التهم.‏ —‏ العاديات اليهودية‏،‏ ١٤:‏١٦٨-‏١٧٦ (‏٩:‏٤)‏.‏

ملك اليهودية:‏ خلف هيرودس اباه،‏ ونحو سنة ٣٩ ق‌م عينه مجلس الشيوخ الروماني ملكا على اليهودية الكبرى.‏ غير انه لم يستطع ان يثبّت نفسه فعليا كملك إلا بعد ثلاث سنوات،‏ وذلك حين اخذ اورشليم وأطاح بآ‌نتيڠونوس ابن ارستوبولوس.‏ وبعد احرازه هذا الانتصار،‏ اتخذ خطوات للمحافظة على مركزه.‏ فأقنع ماركوس انطونيوس الروماني بقتل آنتيڠونوس وسعى الى العثور على الاعضاء الرئيسيين في حزبه البالغ مجموعهم ٤٥ رجلا،‏ ثم ارداهم قتلى.‏ ومن بين الفريسيين البارزين لم يُبقِ إلا على حياة ساماياس وپوليو،‏ اذ انه اقدم ايضا على قتل يوحنا هيركانوس الثاني بعد بضع سنوات.‏ وبقتله اولئك الذين اجتمعوا في السابق لمحاكمته،‏ تمم ما توقعه ساماياس.‏

ادرك هيرودس السياسي المحنك ان مصلحته هي في دعم روما.‏ ولكن كان عليه التحلي بقدر كبير من الدبلوماسية،‏ مغيّرا موقفه مرات كثيرة كي يجاري الاحوال المتقلبة للحكام الرومانيين.‏ فبكونه صديقا حميما لسكستوس،‏ دعم في البداية يوليوس قيصر ثم اصطف الى جانب كاسيوس قاتل قيصر.‏ كما تمكن من الحوز على رضى ماركوس انطونيوس،‏ عدو كاسيوس والآخذ بثأر قيصر،‏ مستخدما عدة وسائل من بينها تقديم رُشى ضخمة.‏ وفي وقت لاحق،‏ حين اوقع اوكتافيوس (‏اوغسطس قيصر)‏ الهزيمة بأنطونيوس في معركة أكتيوم،‏ تمكن هيرودس بحذاقة من جعل اوغسطس يغفر له تأييده لأنطونيوس وحافظ بعد ذلك على اواصر الصداقة معه.‏ وبسبب دعم هيرودس لروما ووهبه القياصرة اموالا جزيلة،‏ الى جانب كلامه المعسول،‏ كان يخرج منتصرا على الدوام حين كان اليهود او آخرون،‏ اشخاص من اهل بيته احيانا،‏ يبلغون روما بالتهم والشكاوى ضده.‏

حكم هيرودس في البداية على الجليل.‏ وجعله كاسيوس حاكما على سورية الجوفاء.‏ وفي وقت لاحق،‏ نصبه مجلس الشيوخ الروماني ملكا على اليهودية بتوصية من انطونيوس.‏ وقد اعطاه الامبراطور اوغسطس اضافة الى اليهودية كلا من السامرة وجدارة وغزة ويافا،‏ ثم المناطق التي تضم تراخونيتس وباتانيا وأورانيتيس وپيريا،‏ وهي مناطق شرق نهر الاردن تناظر جلعاد تقريبا.‏ كما كانت ادوميا ضمن منطقة نفوذه.‏

الهيكل وأعمال البناء الاخرى:‏ في ما يتعلق بأعمال البناء التي قام بها هيرودس،‏ كان عمل اعادة بناء هيكل زربابل في اورشليم هو الابرز،‏ وخصوصا من وجهة نظر الكتاب المقدس.‏ وقد شُيد بكلفة باهظة ووصفه يوسيفوس بأنه رائع للغاية.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٥:‏٣٩٥،‏ ٣٩٦ [١١:‏٣])‏ ولأن اليهود كانوا يبغضون هيرودس ويرتابون به،‏ لم يسمحوا له بتقويض الهيكل القائم والشروع في اي عملية هدم إلا بعد تجهيز المواد وإحضارها الى موقع البناء.‏ وقد أُعيد بناء مقدس الهيكل خلال ١٨ شهرا،‏ على حد تعبير يوسيفوس.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٥:‏٤٢١ [١١:‏٦])‏ اما المباني الرئيسية الاخرى فشُيدت في غضون ثماني سنوات.‏ ولكن سنة ٣٠ ب‌م،‏ ذكر اليهود ان بناء الهيكل استغرق ٤٦ سنة.‏ وقد قيلت هذه الكلمات خلال محادثة مع يسوع المسيح جرت قرابة الاحتفال بأول فصح بعد معموديته.‏ (‏يو ٢:‏​١٣-‏٢٠‏)‏ واستنادا الى يوسيفوس (‏العاديات اليهودية،‏ ١٥:‏٣٨٠ [١١:‏١])‏،‏ ابتدأ هذا العمل في السنة الـ‍ ١٨ من حكم هيرودس.‏ وإذا جرى الحساب وفقا للطريقة التي يحصي بها اليهود سنوات حكم ملوكهم،‏ يعني ذلك ان العمل ابتدأ في ١٨/‏١٧ ق‌م.‏ وفي الواقع،‏ استمر العمل في الهيكل بتوسيعه شيئا فشيئا،‏ بالاضافة الى القيام بأعمال اخرى،‏ ولم ينتهِ إلا قبل ست سنوات من دماره سنة ٧٠ ب‌م.‏

يُنسب الى هيرودس ايضا بناء المسارح والمدرجات وميادين السباق،‏ فضلا عن القلاع والحصون والقصور والحدائق.‏ كما اقام معابد تكريما لقيصر وشيد قنوات ماء وأنصابا تذكارية.‏ حتى انه بنى مدنا وسمّاها باسمه وبأسماء اقاربه،‏ او دعاها بأسماء اباطرة روما.‏ علاوة على ذلك،‏ بنى ميناء اصطناعيا في قيصرية ضاهى ميناء صور البحري.‏ وعلى حد قول يوسيفوس،‏ وُضعت حجارة ضخمة في الماء على عمق ٢٠ قامة (‏٣٦ م؛‏ ١٢٠ قدما)‏ لإنشاء حاجز امواج عرضه نحو ٦٠ م (‏٢٠٠ قدم)‏.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٥:‏٣٣٤،‏ ٣٣٥ [٩:‏٦])‏ كما اعاد هيرودس بناء قلعة انطونيا وقلعة مَسعَدة التي جعلها اكثر القلاع روعة.‏ وقد اتسعت انجازاته في البناء بحيث بلغت مدنا بعيدة مثل انطاكية في سورية ورودس (‏الواقعة على جزيرة تحمل الاسم نفسه)‏.‏

انفق هيرودس بإسراف على تسليته،‏ وكان يجزل الهدايا خصوصا على اعيان روما.‏ وإحدى الشكاوى الرئيسية التي وجهها اليه اليهود كانت بناءه للمدرجات،‏ كالمدرج في قيصرية الذي كان يقيم فيه ألعابا يونانية ورومانية تضمنت سباق المركبات،‏ المجالدة،‏ المصارعة مع الوحوش،‏ وغيرها من الاحتفالات الوثنية.‏ وقد اهتم كثيرا بالمحافظة على دوام الالعاب الاولمبية حتى انه كان احد المقاتلين خلال وجوده في اليونان وهو في طريقه الى روما.‏ كما تبرع لاحقا بمبلغ ضخم من المال ليخلد الالعاب،‏ وبشكل عرضي اسمه ايضا.‏ وإذ كان يهوديا بالاسم،‏ دعا اليهود «ابناء بلدي»،‏ ودعا الذين عادوا من بابل لبناء هيكل زربابل «آبائي».‏ إلا ان مسلك حياته دحض تماما ادعاءه بأنه خادم ليهوه اللّٰه.‏

مشاكل في العائلة:‏ تألفت عائلة الهيرودسيين بغالبيتها العظمى من افراد طموحين،‏ ظنونين،‏ فاسدين ادبيا بشكل فاضح،‏ ومسببين للمشاكل.‏ وقد واجه هيرودس في عائلته اصعب المشاكل وأكبر الاحزان.‏ وكانت امه كيبروس وأخته سالومة تساهمان في احتدام الاوضاع على الدوام.‏ كان هيرودس متزوجا من مريامنة (‏الاولى)‏،‏ حفيدة هيركانوس الثاني وابنة الكسندر ابن ارستوبولوس،‏ وهي امرأة تمتعت بقدر كبير من الجمال.‏ وقد احبها هيرودس حبا جما،‏ غير ان الكراهية دبّت بينها وبين امه وأخته.‏ وكانت لدى هيرودس نزعة دائمة الى الحسد وشك في ان اعضاء عائلته،‏ وخصوصا ابناءه،‏ يحيكون مؤامرات ضده؛‏ وقد كانت ظنونه في محلها احيانا.‏ وبسبب تعطشه للسلطة وشكوكه هذه،‏ تسبب بقتل زوجته مريامنة وثلاثة من ابنائه،‏ بالاضافة الى اخي زوجته وجدّها (‏هيركانوس)‏ والعديد ممن كانوا اصدقاءه الاحماء،‏ وكثيرين آخرين ايضا.‏ كما كان يلجأ الى التعذيب لينتزع اعترافات من اي شخص يشك في امتلاكه معلومات تؤكد ظنونه.‏

علاقته باليهود:‏ حاول هيرودس ان يطيّب خاطر اليهود بإعادة بناء الهيكل وتزويدهم بالحاجات الضرورية في اوقات المجاعة.‏ وأحيانا كان يخفف من وطأة الضرائب المفروضة على بعض رعاياه.‏ حتى انه تمكن من جعل اوغسطس يمنح اليهود امتيازات في انحاء كثيرة من العالم.‏ إلا ان كل هذه الامور لم تكن شيئا بالمقارنة مع طغيانه ووحشيته،‏ وكانت لديه مشاكل مع اليهود معظم فترة حكمه.‏

مرضه وموته:‏ من المحتمل جدا انه بسبب الحياة الفاسقة التي عاشها هيرودس،‏ ابتُلي في آخر الامر بمرض كريه صحبته الحمى وأيضا،‏ على حد قول يوسيفوس،‏ «حكاكا لا يُحتمل في كامل الجسم،‏ آلاما متواصلة في الامعاء،‏ اوراما في القدمين كما في داء الاستسقاء،‏ التهابا في البطن وتعفنا في الاعضاء التناسلية مما ولّد الديدان.‏ بالاضافة الى معاناته الربو مع صعوبة كبيرة في التنفس،‏ وكذلك اختلاجات في كل الاطراف».‏ —‏ الحرب اليهودية،‏ ١:‏٦٥٦ (‏٣٣:‏٥)‏.‏

خلال اصابته بهذا المرض المميت،‏ امر هيرودس بقتل ابنه المتآ‌مر انتيباتر.‏ ولأنه كان يعرف ان موته شخصيا سيُفرح اليهود،‏ امر بجمع وجهاء الامة اليهودية في ميدان السباق في اريحا وحبسهم هناك.‏ ثم امر القريبين منه ألا يذيعوا خبر موته حين تدركه المنية إلا بعد قتل هؤلاء القادة اليهود.‏ وهكذا كان لا بد لكل عائلة في اليهودية ان تبكي في جنازته،‏ على حد تعبيره.‏ غير ان هذا الامر لم ينفَّذ قط.‏ فأخته سالومة وزوجها ألكسس أطلقا سراح هؤلاء الرجال وأرسلاهم الى بيوتهم.‏

مات هيرودس في الـ‍ ٧٠ من عمره تقريبا.‏ وكان قد كتب وصية عيّن فيها ابنه انتيباس خلفا له،‏ ولكن قُبيل موته اضاف ملحقا عدّل فيه هذه الوصية،‏ او كتب وصية جديدة معيّنا ارخيلاوس في هذا المنصب.‏ وقد كان الشعب والجيش يعترفون بأرخيلاوس ملكا (‏يقول الكتاب المقدس ان يوسف ابا يسوع بالتبني سمع ان «ارخيلاوس يملك على اليهودية عوضا عن ابيه هيرودس»؛‏ مت ٢:‏٢٢‏)‏.‏ غير ان انتيباس اعترض على تصرف ابيه.‏ وبعد الاستماع الى الامر في روما،‏ ايّد اوغسطس قيصر ارخيلاوس.‏ إلا انه عيّن ارخيلاوس اتنارخا وقسم المنطقة التي كان يحكمها هيرودس،‏ معطيا نصفها لأرخيلاوس ومانحا اثنين من ابناء هيرودس،‏ انتيباس وفيلبس،‏ حصة في النصف الآخر.‏

مذبحة الاطفال:‏ ان رواية الكتاب المقدس عن ذبح هيرودس جميع الصبيان من ابن سنتين فما دون في بيت لحم ونواحيها تنسجم مع الروايات التاريخية الاخرى عن هيرودس وميوله الشريرة.‏ وهذه الحادثة جرت قبل فترة قصيرة من موت هيرودس،‏ لأن يسوع نجا من الموت حين نزل به والداه الى مصر،‏ لكنهم عادوا واستقروا في الجليل بعد موت هيرودس.‏ وقد انبأ يهوه بهاتين الواقعتين بفم نبييه ارميا وهوشع.‏—‏ مت ٢:‏​١-‏٢٣؛‏ ار ٣١:‏١٥؛‏ هو ١١:‏١‏.‏

تاريخ موته:‏ هنالك مشكلة متعلقة بوقت موت هيرودس.‏ فبعض علماء التأريخ يعتقدون انه مات في السنة ٥ او ٤ ق‌م.‏ وهم يؤسسون تأريخهم هذا الى حد بعيد على السجل التاريخي الذي دونه يوسيفوس.‏ فلتحديد تاريخ تعيين هيرودس ملكا من قبل روما،‏ يستخدم يوسيفوس «تأريخا قنصليا»،‏ اي انه يحدد زمن الحدث بربطه بالقنصل الروماني الحاكم.‏ ووفقا لهذا التأريخ،‏ يكون هيرودس قد عُين ملكا في ٤٠ ق‌م؛‏ لكن المعلومات التي يزودها مؤرخ آخر يُدعى أپيانُس تجعل تاريخ هذا الحدث سنة ٣٩ ق‌م.‏ وباستخدام نفس الطريقة،‏ يحدد يوسيفوس تاريخ استيلاء هيرودس على اورشليم في ٣٧ ق‌م،‏ لكنه يقول ايضا ان ذلك حدث بعد ٢٧ سنة من استيلاء پومپي على المدينة (‏حدث ذلك في ٦٣ ق‌م)‏.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٤:‏٤٨٧،‏ ٤٨٨ [١٦:‏٤])‏ وإشارته الى هذه الواقعة تجعل من السنة ٣٦ ق‌م سنة استيلاء هيرودس على اورشليم.‏ بعد ذلك،‏ يقول يوسيفوس ان هيرودس مات بعد ٣٧ سنة من تعيينه ملكا من قبل الرومان،‏ وبعد ٣٤ سنة من اخذه اورشليم.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٧:‏١٩٠،‏ ١٩١ [٨:‏١])‏ وهذا يشير الى انه مات في ٢ او ربما ١ ق‌م.‏

من المحتمل ان المؤرخ اليهودي يوسيفوس احصى سنوات حكم ملوك اليهودية وفقا لطريقة حساب سنة اعتلاء العرش،‏ التي اتُبعت في احصاء سنوات حكم الملوك المتحدرين من داود.‏ وإذا كانت روما قد عينت هيرودس ملكا في ٤٠ ق‌م،‏ تكون سنة ملكه الاولى قد امتدت من نيسان القمري ٣٩ الى نيسان القمري ٣٨ ق‌م.‏ على نحو مماثل،‏ اذا اعتُمدت السنة التي اخذ فيها هيرودس اورشليم في ٣٧ (‏او ٣٦)‏ ق‌م،‏ تكون سنة ملكه الاولى قد ابتدأت في نيسان القمري ٣٦ (‏او ٣٥)‏ ق‌م.‏ وهكذا اذا كان هيرودس قد مات،‏ على حد قول يوسيفوس،‏ بعد ٣٧ سنة من تعيين روما اياه ملكا،‏ وكذلك بعد ٣٤ سنة من استيلائه على اورشليم،‏ وفي حال حُسبت السنوات في كلتا الحالتين وفقا لسنة المُلك،‏ يكون هيرودس قد مات في ١ ق‌م.‏ ويقدّم و.‏ إ.‏ فيلمر حجة تدعم ذلك،‏ اذ يقول في مجلة الدراسات اللاهوتية ان الادلة من التقليد اليهودي تشير الى ان هيرودس مات في ٢ شباط القمري (‏الشهر الموافق لكانون الثاني-‏شباط بحسب تقويمنا)‏.‏ —‏ تحرير ه‍.‏ تشادويك وه‍.‏ سباركس،‏ اوكسفورد،‏ ١٩٦٦،‏ المجلد ١٧،‏ ص ٢٨٤.‏

وفقا ليوسيفوس،‏ مات هيرودس بُعيد حدوث خسوف للقمر وقبل احد الاحتفالات بالفصح.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٧:‏١٦٧ [٦:‏٤]؛‏ ٢١٣ [٩:‏٣])‏ وبما ان خسوفا للقمر حدث في ١١ آذار سنة ٤ ق‌م (‏١٣ آذار وفقا للتقويم اليوليوسي)‏،‏ استنتج البعض انه الخسوف الذي اشار اليه يوسيفوس.‏

من ناحية اخرى،‏ حدث خسوف كلي للقمر في ١ ق‌م قبل الفصح بحوالي ثلاثة اشهر،‏ في حين ان الخسوف الذي حدث في ٤ ق‌م لم يكن سوى خسوف جزئي.‏ والخسوف الكلي في ١ ق‌م حدث في ٨ كانون الثاني (‏١٠ كانون الثاني وفقا للتقويم اليوليوسي)‏،‏ اي قبل ١٨ يوما من ٢ شباط القمري،‏ اليوم الذي مات فيه هيرودس بحسب التقليد.‏ وقد حدث خسوف (‏جزئي)‏ آخر في ٢٧ كانون الاول سنة ١ ق‌م (‏٢٩ كانون الاول وفقا للتقويم اليوليوسي)‏.‏ —‏ انظر «‏التأريخ‏» (‏خسوف القمر‏)‏.‏

ثمة طريقة حسابية اخرى تتمحور حول عمر هيرودس حين مات.‏ فيوسيفوس يقول انه مات وهو في الـ‍ ٧٠ من عمره تقريبا.‏ ويذكر ايضا ان هيرودس تسلّم تعيينه كحاكم على الجليل (‏المؤرخ عموما في ٤٧ ق‌م)‏ وهو بعمر ١٥ سنة؛‏ لكن العلماء اجمعوا على ان هنالك خطأ،‏ وأن المقصود كما يتضح هو انه كان بعمر ٢٥ سنة.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٧:‏١٤٨ [٦:‏١]؛‏ ١٤:‏١٥٨ [٩:‏٢])‏ انسجاما مع ذلك،‏ يكون هيرودس قد مات في ٢ او ١ ق‌م.‏ ولكن يجب ان نبقي في ذهننا ان ثمة تضاربات كثيرة في تواريخ الاحداث كما يضعها يوسيفوس،‏ وبالتالي فهو ليس اكثر المصادر جدارة بالثقة.‏ ومن اجل الحصول على ادلة موثوق بها تماما،‏ لا بد من الرجوع الى الكتاب المقدس.‏

ان الادلة المتوفرة تشير الى ان هيرودس مات على الارجح سنة ١ ق‌م.‏ يخبرنا مؤرخ الكتاب المقدس لوقا ان يوحنا جاء ليعمّد في السنة الـ‍ ١٥ من ملك طيباريوس قيصر.‏ (‏لو ٣:‏​١-‏٣‏)‏ وطيباريوس عُين امبراطورا من قبل مجلس الشيوخ الروماني في ١٥ ايلول سنة ١٤ ب‌م،‏ وذلك بعد موت اوغسطس في ١٧ آب من السنة عينها.‏ وبما ان الرومان لم يستخدموا طريقة حساب سنة اعتلاء العرش،‏ فإن السنة الـ‍ ١٥ امتدت من الجزء الاخير من ٢٨ ب‌م الى الجزء الاخير من ٢٩ ب‌م.‏ وقد كان يوحنا يكبر يسوع بستة اشهر،‏ وبدأ خدمته (‏في الربيع كما يتضح)‏ قبل يسوع بصفته الشخص الذي كان سيسبقه ويهيئ له الطريق.‏ (‏لو ١:‏​٣٥،‏ ٣٦‏)‏ ويسوع،‏ الذي يُظهر الكتاب المقدس انه وُلد في خريف السنة،‏ كان في الـ‍ ٣٠ من عمره تقريبا حين جاء ليعتمد من يوحنا.‏ (‏لو ٣:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ لذلك اعتمد يسوع على الارجح في الخريف،‏ نحو تشرين الاول ٢٩ ب‌م.‏ وإذا حسبنا ٣٠ سنة رجوعا،‏ نصل الى ان خريف ٢ ق‌م هو وقت ولادة ابن اللّٰه كإنسان.‏ (‏قارن لو ٣:‏​١،‏ ٢٣ بنبوة دانيال عن «السبعين اسبوعا» في دا ٩:‏​٢٤-‏٢٧‏.‏)‏ —‏ انظر «‏السبعون اسبوعا‏».‏

المنجمون الذين زاروا يسوع:‏ يخبرنا الرسول متى انه بعد ولادة يسوع في بيت لحم ‏«في ايام هيرودس الملك»،‏ اتى الى اورشليم منجمون من المشارق قائلين انهم رأوا نجمه وهم في المشرق.‏ فثارت مخاوف وشكوك هيرودس على الفور.‏ وبعد ان تأكد من كبار الكهنة والكتبة ان المسيح سيولد في بيت لحم،‏ استدعى المنجمين وتحقق منهم زمان ظهور النجم.‏ —‏ مت ٢:‏​١-‏٧‏.‏

نلاحظ ان هذا الامر جرى في وقت ما بعد ولادة يسوع،‏ لأنه لم يكن في المذود آنذاك بل في بيت مع والديه.‏ (‏مت ٢:‏١١‏؛‏ قارن لو ٢:‏​٤-‏٧‏.‏)‏ وحين لم يرجع المنجمون الى هيرودس ليخبروه بمكان وجود الصغير،‏ امر هذا الملك بقتل جميع الصبيان في كل انحاء بيت لحم ونواحيها من ابن سنتين فما دون.‏ اما يسوع فأخذه والداه الى مصر في تلك الاثناء بعد ان أُعطيا تحذيرا الهيا.‏ (‏مت ٢:‏​١٢-‏١٨‏)‏ ولا يمكن ان يكون هيرودس قد مات قبل ١ ق‌م،‏ لأنه في هذه الحالة يكون عمر يسوع (‏الذي وُلد نحو ١ تشرين الاول سنة ٢ ق‌م)‏ اقل من ثلاثة اشهر.‏

من جهة اخرى،‏ ليس بالضرورة ان يكون يسوع قد بلغ السنتين حين جرى قتل الصبيان.‏ وربما كان عمره اقل من سنة ايضا،‏ لأن هيرودس حسب الفترة من وقت ظهور النجم للمنجمين وهم بعد في المشرق.‏ (‏مت ٢:‏​١،‏ ٢،‏ ٧-‏٩‏)‏ وعلى الارجح امتدت تلك الفترة بضعة اشهر،‏ لأنه اذا كان المنجمون قد اتوا من المركز القديم للتنجيم —‏ بابل او بلاد ما بين النهرين —‏ وهو الامر المرجح،‏ فلا بد ان رحلتهم كانت طويلة جدا.‏ فقيام الاسرائيليين بهذه الرحلة عند عودتهم من الاسر في بابل سنة ٥٣٧ ق‌م استغرق اربعة اشهر على الاقل.‏ وكما يتضح،‏ استنتج هيرودس انه بقتله كل الاطفال حتى عمر سنتين،‏ سيكون قد ضمن قتل هذا الطفل الذي وُلد ‹ملكا لليهود›.‏ (‏مت ٢:‏٢‏)‏ وما يشير الى ان هيرودس مات بُعيد هذه الاحداث هو عدم بقاء يسوع على ما يبدو فترة طويلة في مصر.‏ —‏ مت ٢:‏​١٩-‏٢١‏.‏

بناء على ذلك،‏ بإمكاننا الاستنتاج ان جدول تواريخ الكتاب المقدس والمعطيات الفلكية والسجلات التاريخية المتوفرة تحدد كما يبدو وقت موت هيرودس في ١ ق‌م،‏ او ربما ايضا في اوائل ١ ب‌م.‏

٢-‏ هيرودس انتيباس،‏ ابن هيرودس الكبير من زوجته ملثاس السامرية.‏ نشأ انتيباس في روما مع اخيه ارخيلاوس.‏ وكان ابوه هيرودس قد عيّنه في وصيته ليكون الملك من بعده،‏ غير انه غيّر وصيته في آخر الامر مسندا هذا المنصب الى ارخيلاوس.‏ فطعن انتيباس في الوصية امام اوغسطس قيصر الذي ايّد حق ارخيلاوس في الملك،‏ لكنه قسم المملكة مانحا انتيباس تترارخية الجليل وپيريا.‏ والتعبير «تترارخ» الذي يعني ‹رئيس الربع›،‏ اي رئيسا على ربع اقليم،‏ أُطلق على حاكم مقاطعة محدودة او على امير منطقة.‏ إلا انه من المحتمل ان انتيباس كان يُعرف عموما بالملك على غرار ارخيلاوس.‏ —‏ مت ١٤:‏٩؛‏ مر ٦:‏​١٤،‏ ٢٢،‏ ٢٥-‏٢٧‏.‏

تزوج انتيباس ابنة الحارث،‏ ملك في بلاد العرب كانت عاصمته البتراء.‏ ولكن في احدى رحلاته الى روما،‏ زار انتيباس اخاه غير الشقيق هيرودس فيلبس،‏ ابن هيرودس الكبير من زوجته مريامنة الثانية (‏غير فيلبس رئيس الربع)‏.‏ وخلال الزيارة،‏ فُتن انتيباس بهيروديا زوجة فيلبس التي كانت تطمح الى الحصول على مركز.‏ فأخذها معه الى الجليل وتزوجها،‏ مطلِّقا ابنة الحارث ومعيدا اياها الى موطنها.‏ ونتيجة هذا التصرف المهين،‏ اشتعل فتيل الحرب.‏ فاجتاح الحارث منطقة نفوذ انتيباس وكبده خسائر جسيمة،‏ حتى انه كاد يطيح به.‏ لكن انتيباس نجا حين استغاث بروما،‏ مما ادى الى صدور امر من الامبراطور بالقبض على الحارث او قتله.‏

نال انتيباس حظوة كبيرة عند طيباريوس قيصر خلف اوغسطس.‏ وقد قام بمشاريع بناء على غرار ابيه،‏ انما على نطاق اصغر بكثير،‏ فبنى مدينة على بحيرة جنيسارت (‏بحر الجليل،‏ او طبرية)‏ وسمّاها طبرية تيمنا بالامبراطور.‏ (‏يو ٦:‏​١،‏ ٢٣‏)‏ كما بنى مدينة اخرى ودعاها جولياس،‏ باسم جوليا (‏اسمها الاكثر شيوعا هو ليڤيا)‏ زوجة اوغسطس.‏ علاوة على ذلك،‏ شيد انتيباس قلاعا وقصورا ومسارح.‏

يقتل يوحنا المعمِّد:‏ ان علاقة الزنا بين هيرودس انتيباس وهيروديا هي التي دفعت يوحنا المعمِّد الى توبيخه.‏ وكان يوحنا محقا في تقويمه حول هذه المسألة لأن انتيباس كان يهوديا اسميا ويدّعي انه تحت الشريعة.‏ وقد اودع انتيباس يوحنا السجن راغبا في قتله.‏ غير انه خاف من الشعب الذين اعتبروا يوحنا نبيا.‏ ولكن اثناء الاحتفال بيوم ميلاده،‏ سرّته ابنة هيروديا كثيرا جدا حتى انه اقسم ان يعطيها مهما طلبت.‏ فقالت هيروديا لابنتها ان تطلب رأس يوحنا.‏ وقد رضخ هيرودس بجبن للامر،‏ رغم انه لم يكن مسرورا بذلك،‏ حفاظا على ماء وجهه امام الحاضرين في الاحتفال وبسبب القسم الذي صنعه.‏ (‏ولكنه وفقا للشريعة،‏ لم يكن مُلزما بقسم يجعله يقوم بعمل غير شرعي كالقتل.‏)‏ —‏ مت ١٤:‏​٣-‏١٢؛‏ مر ٦:‏​١٧-‏٢٩‏.‏

في ما بعد،‏ وحين سمع انتيباس بخدمة يسوع التي شملت الكرازة والشفاء وإخراج الشياطين،‏ ارتعب خشية ان يكون يسوع هو يوحنا القائم من الاموات.‏ ثم رغب بشدة ان يرى يسوع،‏ لا ليسمع كرازته كما يبدو،‏ بل لأنه لم يكن على يقين من استنتاجه هذا.‏ —‏ مت ١٤:‏​١،‏ ٢؛‏ مر ٦:‏​١٤-‏١٦؛‏ لو ٩:‏​٧-‏٩‏.‏

يُرجح انه فيما كان يسوع مارا بپيريا في طريقه الى اورشليم،‏ قال له الفريسيون:‏ «اخرج واذهب من هنا،‏ لأن هيرودس يريد ان يقتلك».‏ ويُحتمل ان هيرودس نشر هذه الاشاعة راجيا ان يرتاع يسوع ويهرب من منطقته،‏ اذ ربما خاف ان يتجرأ ويقتل نبيا آخر للّٰه.‏ وفي معرض جواب يسوع للفريسيين دعا هيرودس «الثعلب»،‏ اشارة الى مكره كما يتضح.‏ —‏ لو ١٣:‏​٣١-‏٣٣‏.‏

‏«خمير هيرودس»:‏ اثناء حكم هيرودس انتيباس،‏ حذّر يسوع اتباعه قائلا:‏ «ابقوا عيونكم مفتوحة،‏ واحذروا خمير الفريسيين وخمير هيرودس».‏ (‏مر ٨:‏١٥‏)‏ فهاتان البدعتان كلتاهما،‏ الفريسيون والهيرودسيون (‏او اعضاء حزب هيرودس)‏،‏ قاومتا يسوع المسيح وتعاليمه؛‏ ورغم وجود عداوة بينهما،‏ اعتبرتا المسيح عدوا مشتركا واتحدتا ضده.‏ كان الهيرودسيون فرقة سياسية اكثر منها دينية؛‏ ويُقال انهم ادعوا اتباع الشريعة،‏ لكنهم تمسكوا برأي مفاده انه يحق لليهود الاعتراف بأمير دخيل (‏لأن الهيرودسيين لم يكونوا يهودا حقيقيين بل ادوميين)‏.‏ كما كانوا قوميين جدا،‏ فهم لم يؤيدوا فكرة حكم ثيوقراطي يترأسه ملوك يهود ولم يؤيدوا كذلك الحكم الروماني،‏ بل ارادوا احياء مملكة ذات طابع قومي تحت حكم احد ابناء هيرودس.‏

وأحد الامثلة الذي كشف «خمير» الهيرودسيين من ناحية القومية هو السؤال المضلل الذي طرحوه هم والفريسيون على يسوع في محاولة للإيقاع به.‏ فقد سألوه:‏ «أيحل دفع ضريبة الرأس لقيصر ام لا؟‏ أندفع ام لا ندفع؟‏».‏ (‏مر ١٢:‏​١٣-‏١٥‏)‏ فدعاهم يسوع ‹بالمرائين› وأظهر انه كان متيقظا ليأخذ حذره من ‹خميرهم›،‏ اذ ان جوابه افحمهم وأحبط محاولتهم الرامية الى اتهامه بالفتنة او جعل الشعب يثورون عليه.‏ —‏ مت ٢٢:‏​١٥-‏٢٢‏.‏

يهزأ بيسوع:‏ في اليوم الاخير من حياة يسوع الارضية،‏ أُحضر للمثول امام بنطيوس بيلاطس.‏ ولما سمع هذا الاخير ان يسوع جليلي،‏ ارسله الى هيرودس انتيباس حاكم مقاطعة (‏تترارخ)‏ الجليل (‏الذي كان في اورشليم آنذاك)‏،‏ اذ سبق لبيلاطس ان واجه مشاكل مع الجليليين.‏ (‏لو ١٣:‏١؛‏ ٢٣:‏​١-‏٧‏)‏ ففرح هيرودس لدى رؤيته يسوع،‏ لا لأنه كان مهتما بخيره او لأنه اراد ان يتحقق فعليا من صحة او كذب الاتهامات التي وجهها اليه الكهنة والكتبة،‏ بل لأنه كان راغبا في رؤيته يصنع آية.‏ لكن يسوع رفض القيام بذلك،‏ كما انه لم يجب بشيء حين سأله هيرودس «بكلام كثير».‏ فقد ادرك ان مثوله امام هيرودس فُرض عليه لمجرد السخرية.‏ ولما خاب امل هيرودس في يسوع،‏ ازدراه وهزأ به اذ كساه ثوبا متألقا،‏ ثم ارجعه الى بيلاطس الذي كان يمثّل السلطة العليا بالنسبة الى روما.‏ وقد كان بيلاطس وهيرودس عدوين في السابق،‏ ربما بسبب اتهامات معينة وجهها هيرودس الى بيلاطس.‏ لكن ما قام به بيلاطس سرّ هيرودس فصارا صديقين.‏ —‏ لو ٢٣:‏​٨-‏١٢‏.‏

بعد اطلاق سراح بطرس ويوحنا من الحبس بُعيد يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ صلّى التلاميذ الى اللّٰه قائلين:‏ «قد اجتمع بالحقيقة في هذه المدينة هيرودس [انتيباس] وبنطيوس بيلاطس مع اناس من الامم ومع شعوب اسرائيل على خادمك القدوس يسوع .‏ .‏ .‏ والآن يا يهوه،‏ التفت إلى تهديداتهم،‏ وأعط عبيدك ان يواظبوا على التكلم بكلمتك بكل جرأة».‏ —‏ اع ٤:‏​٢٣،‏ ٢٧-‏٢٩‏.‏

يُذكر في الاعمال ١٣:‏١ ان مناين،‏ وهو رجل مسيحي،‏ تثقف مع هيرودس حاكم المقاطعة.‏ وبما ان انتيباس نشأ في روما مع مواطن عادي،‏ فقد تدل عبارة الكتاب المقدس على ان مناين تثقف في روما.‏

يُنفى الى بلاد الغال:‏ حين عيّن غايس قيصر (‏كاليغولا)‏ اغريباس الاول ملكا على تترارخية فيلبس،‏ عيّرت هيروديا زوجها انتيباس قائلة ان كسله هو السبب وراء عدم حصوله على الملك.‏ وأخبرته ان عليه الذهاب الى روما ومطالبة قيصر بمنحه لقب ملك،‏ وذلك لأنه كان تترارخا آنذاك في حين ان اغريباس لم يكن يشغل قبلا اي منصب.‏ فرضخ انتيباس اخيرا امام إلحاح زوجته المتواصل.‏ غير ان كاليغولا غضب من طلب انتيباس الذي نم عن طموحه.‏ وإذ امال اذنه الى اتهامات اغريباس،‏ نفى انتيباس الى بلاد الغال (‏مدينة ليون،‏ فرنسا)‏.‏ ومات انتيباس في آخر الامر في اسبانيا.‏ اما هيروديا،‏ التي كان بإمكانها الافلات من العقاب لأنها اخت اغريباس،‏ فبقيت مع زوجها بسبب غرورها على الارجح.‏ وقد آلت الى اغريباس الاول تترارخية انتيباس،‏ وكذلك ماله بعد ان نُفي،‏ فضلا عن ممتلكات هيروديا.‏ وهكذا،‏ كانت هيروديا مسؤولة عن مصيبتين كبيرتين ألمتا بأنتيباس،‏ الاولى هي الهزيمة التي كادت تحل به على يد الملك الحارث والثانية هي نفيه.‏

٣-‏ هيرودس اغريباس الاول حفيد هيرودس الكبير.‏ وهو احد ابناء ارستوبولوس،‏ ابن هيرودس الكبير من زوجته مريامنة الاولى التي كانت حفيدة رئيس الكهنة هيركانوس الثاني.‏ وقد قُتل ارستوبولوس على يد هيرودس الكبير.‏ وكان اغريباس آخر فرد من الهيرودسيين يصبح ملكا على كل فلسطين كما كان جده.‏

حياته الباكرة:‏ حظي اغريباس بمركزه،‏ اي بصفته «هيرودس الملك»،‏ من خلال عدد من المناورات وكذلك بمساعدة اصدقائه في روما.‏ (‏اع ١٢:‏١‏)‏ فقد تثقف في تلك المدينة مع دروسوس ابن الامبراطور طيباريوس ومع كلوديوس ابن اخي الامبراطور،‏ لذلك اصبح شخصا معروفا في الاوساط المهمة هناك.‏ لكن اغريباس كان مبذّرا وطائشا الى حد بعيد.‏ وقد غرق في الديون الى حد انه كان يدين بالمال للخزينة الرومانية.‏ لذلك ترك روما وهرب الى ادوميا.‏ وفي آخر الامر،‏ وبمساعدة اخته هيروديا وزوجته كيبروس (‏هي ابنة ابن اخي هيرودس الكبير،‏ وأبوها كان متزوجا من ابنة هيرودس)‏،‏ تمكن من الاقامة فترة من الوقت في طبرية.‏ إلا ان خلافا دب بينه وبين انتيباس دفعه الى مغادرة المكان.‏ فرجع اخيرا الى روما ونال حظوة لدى طيباريوس قيصر.‏

غير ان عبارة طائشة اوقعته في مشكلة مع الامبراطور طيباريوس.‏ ففي لحظة غفلة عبّر لغايس (‏كاليغولا)‏،‏ الذي كان قد نمّى معه علاقة صداقة،‏ عن تمنيه له ان يصبح الامبراطور عما قريب.‏ وبسماع خادم اغريباس ما قاله سيده،‏ وصلت هذه الكلمات الى طيباريوس الذي اودع اغريباس السجن.‏ ولعدة اشهر ظلت حياة اغريباس مهددة.‏ لكن طيباريوس مات بعد بضعة اشهر وأصبح كاليغولا امبراطورا.‏ فأخلى سبيل اغريباس ورفّعه منصّبا اياه ملكا على المناطق التي كانت لعمه الراحل فيلبس.‏

ذو حظوة لدى الاباطرة الرومان:‏ حسدت هيروديا اخاها على تبوئه مركز الملك؛‏ فحثت زوجها هيرودس انتيباس،‏ الذي كان تترارخا فقط،‏ ان يلتمس من الامبراطور الجديد في روما تتويجه ملكا.‏ إلا ان اغريباس فاق انتيباس دهاء في هذه المسألة.‏ فقد اتهمه امام غايس (‏كاليغولا)‏ بالتحالف مع سيجانوس المتآ‌مر على طيباريوس ومع الفرثيين،‏ اتهام لم يكن بمقدور انتيباس ان يدحضه.‏ وقد أدى ذلك الى نفيه.‏ وأُضيفت منطقتا الجليل وپيريا اللتان كانتا لأنتيباس الى مملكة اغريباس.‏ ويقول يوسيفوس في احد المقاطع ان كاليغولا هو من اعطى هذه الاراضي لأغريباس،‏ في حين يذكر في مقطعين آخرين ان كلوديوس هو من فعل ذلك.‏ ويُرجح ان كاليغولا هو من قطع الوعد،‏ اما كلوديوس فوضعه موضع التنفيذ.‏

كان اغريباس في روما عندما اغتيل كاليغولا في ٤١ ب‌م بحسب تأريخ العلماء.‏ واستطاع ان يكون صلة وصل،‏ او مفاوضا،‏ بين مجلس الشيوخ وصديقه كلوديوس الذي اصبح الامبراطور.‏ وقد عبّر كلوديوس عن تقديره لأغريباس بمنحه منطقتي اليهودية والسامرة بالاضافة الى مملكة ليسانيوس.‏ فأصبح اغريباس يحكم تقريبا المناطق ذاتها التي كانت تحت سيطرة جده هيرودس الكبير.‏ وفي تلك الفترة،‏ طلب اغريباس من كلوديوس مملكة خلقيس لأخيه هيرودس (‏لا يذكر التاريخ شيئا عن هيرودس هذا سوى انه ملك خلقيس،‏ منطقة صغيرة على المنحدر الغربي لسلسلة جبال لبنان الشرقية)‏،‏ وقد اعطاه الامبراطور ما يريد.‏

ينال استحسان اليهود ويضطهد المسيحيين:‏ نال اغريباس استحسان اليهود بادعائه انه نصير مخلص للديانة اليهودية.‏ فحين قرر كاليغولا ان ينصب لنفسه تمثالا في الهيكل بأورشليم مدعيا انه اله،‏ اقنعه اغريباس ببراعة بالعدول عن ذلك.‏ كما بدأ اغريباس لاحقا ببناء سور جهة الضاحية الشمالية لأورشليم.‏ ولما رأى كلوديوس ان بناء السور يمكن ان يحصّن المدينة ضد اي هجوم قد يقوم به الرومان في المستقبل،‏ امر اغريباس بالتوقف عن البناء.‏ وقد ناقض اغريباس ادعاءه بأنه عابد للّٰه من خلال دعمه وتنظيمه مباريات المجالدة وعروضا وثنية اخرى في المسرح.‏

حظي اغريباس بقبول اليهود بسبب اصله الحشموني من جهة جدته مريامنة.‏ وفيما ناصر اليهود في قضيتهم المتعلقة برزوحهم تحت النير الروماني،‏ صنع ايضا لنفسه سجلا لا يُحسد عليه بسبب اضطهاده المسيحيين الذين كانوا مبغضين عموما من قبل اليهود غير المؤمنين.‏ فقد «قضى على يعقوب اخي يوحنا بالسيف».‏ (‏اع ١٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ وحين رأى ان ذلك ارضى اليهود،‏ قبض على بطرس وسجنه.‏ وتدخُّل الملاك،‏ الذي نجم عنه اطلاق سراح بطرس،‏ سبب اضطرابا كبيرا بين جنود اغريباس وأدى الى معاقبة حراس بطرس.‏ —‏ اع ١٢:‏​٣-‏١٩‏.‏

يقتله ملاك اللّٰه:‏ انتهى حكم اغريباس بشكل مفاجئ.‏ فخلال احتفال أٌقيم تكريما لقيصر في قيصرية،‏ لبس اغريباس ثوبا ملكيا فخما وجعل يخطب في حشد آت من صور وصيدون لكي يلتمس السلام معه.‏ فأخذ الجمهور يصيحون:‏ «انه صوت اله لا صوت انسان!‏».‏ ويسجل الكتاب المقدس الميتة السريعة لهذا المرائي المدان بالقول:‏ «ففي الحال ضربه ملاك يهوه لأنه لم يعط المجد للّٰه،‏ فصار الدود يأكله كله ومات».‏ —‏ اع ١٢:‏​٢٠-‏٢٣‏.‏

يقول علماء التأريخ ان الملك هيرودس اغريباس الاول مات في ٤٤ ب‌م،‏ عن عمر ٥٤ سنة وبعد حكم دام ثلاث سنوات على كل اليهودية.‏ وقد ترك وراءه ابنه هيرودس اغريباس الثاني وبناته برنيكي (‏اع ٢٥:‏١٣‏)‏،‏ دروسلا زوجة الحاكم فيلكس،‏ ومريامنة الثالثة.‏ —‏ اع ٢٤:‏٢٤‏.‏

٤-‏ هيرودس اغريباس الثاني ابن حفيد هيرودس الكبير.‏ وهو ابن هيرودس اغريباس الاول من زوجته كيبروس.‏ كان اغريباس الثاني آخر امير في عائلة الهيرودسيين،‏ وفقا لما يقوله المؤرخون.‏ وكانت لديه ثلاث اخوات هن برنيكي ودروسلا ومريامنة الثالثة.‏ (‏اع ٢٥:‏١٣؛‏ ٢٤:‏٢٤‏)‏ تربى اغريباس الثاني في البيت الامبراطوري في روما.‏ وحين كان في الـ‍ ١٧ من عمره فقط،‏ مات ابوه.‏ فرأى مشيرو الامبراطور كلوديوس انه اصغر من ان يتولى حكم الاراضي الواقعة تحت سيطرة ابيه.‏ لذلك عيّن كلوديوس حكاما على تلك المناطق.‏ وبعد ان مكث اغريباس الثاني فترة من الوقت في روما،‏ عُين ملكا على خلقيس التي كانت امارة صغيرة على المنحدر الغربي لسلسلة جبال لبنان الشرقية،‏ وذلك بعد موت عمه (‏هيرودس ملك خلقيس)‏.‏

ولم يمضِ وقت طويل حتى عينه كلوديوس ملكا على التترارخيات التي كانت في السابق لفيلبس وليسانيوس.‏ (‏لو ٣:‏١‏)‏ كما أُوكلت اليه مهمة الاشراف على هيكل اورشليم،‏ ومُنح سلطة لتعيين رؤساء الكهنة اليهود.‏ وقد توسعت دائرة نفوذه اكثر حين منحه نيرون خلف كلوديوس طبرية وتاريخايا في الجليل،‏ وكذلك جولياس في پيريا مع البلدات التابعة لها.‏

في وقت لاحق،‏ حوّل اغريباس اهتمامه الى اضافة قسم الى القصر الذي سبق ان شيّده الملوك الحشمونيون في اورشليم.‏ وإذ اصبح بإمكانه من هذا القسم الجديد ان يراقب ما يدور في فناء الهيكل،‏ بنى اليهود حائطا يحجب الرؤية عنه وأيضا عن الحراس الرومان من احد مواقعهم المشرفة.‏ فأثار ذلك استياء كل من هيرودس وفستوس.‏ ولكن حين رفع اليهود الامر الى نيرون،‏ سمح هذا الامبراطور ببقاء الحائط.‏ وقد جمّل اغريباس ايضا قيصرية فيلبي (‏مغيّرا اسمها الى نيرونياس تكريما لنيرون)‏.‏ وإذ سار على خطى ابيه،‏ بنى مسرحا في بيريت في فينيقية منفقا مبالغ ضخمة على العروض هناك.‏

سرت اشاعة بين عدد كبير من الناس ان اغريباس كان يمارس سفاح القربى مع اخته برنيكي التي تركت زوجها ملك كيليكية.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ بقلم ف.‏ يوسيفوس،‏ ٢٠:‏١٤٥،‏ ١٤٦ [٧:‏٣])‏ ولا يذكر يوسيفوس مطلقا هل كان اغريباس متزوجا او لا.‏

عندما اصبح واضحا ان ثورة اليهود على الاستعباد الروماني (‏٦٦-‏٧٠ ب م)‏ لن تؤدي إلا الى حدوث كارثة قومية،‏ حاول اغريباس اقناع اليهود ان يتصرفوا بأكثر عقلانية.‏ ولما باءت محاولاته بالفشل،‏ تخلى عنهم وانضم الى الجيش الروماني.‏ وقد أُصيب بحجر مقلاع خلال المعركة التي نشبت.‏

دفاع بولس امامه:‏ تتحدث الاسفار المقدسة للمرة الاولى عن الملك هيرودس اغريباس الثاني وأخته برنيكي حين ذهبا ليسلّما على الحاكم فستوس نحو سنة ٥٨ ب‌م.‏ (‏اع ٢٥:‏١٣‏)‏ وفستوس هو خلف الحاكم فيلكس الذي وجه اليهود خلال حكمه اتهامات الى بولس.‏ لكن فيلكس لدى اخلائه منصبه رغب ان يلقى حظوة عند اليهود،‏ فترك بولس مقيدا.‏ (‏اع ٢٤:‏٢٧‏)‏ وفيلكس هو صهر اغريباس،‏ اذ كان متزوجا من اخته دروسلا.‏ (‏اع ٢٤:‏٢٤‏)‏ وبينما كان بولس في انتظار ان يجدّ شيء حول رفع دعواه الى قيصر (‏اع ٢٥:‏​٨-‏١٢‏)‏،‏ عبّر الملك اغريباس للحاكم فستوس عن رغبته في سماع بولس.‏ (‏اع ٢٥:‏٢٢‏)‏ وقد سرّ بولس ان يقوم بدفاعه امام اغريباس،‏ مشيرا اليه بأنه «خبير بكل العوائد والمجادلات التي بين اليهود».‏ (‏اع ٢٦:‏​١-‏٣‏)‏ ومحاجة بولس القوية دفعت اغريباس الى القول:‏ «انك بوقت قليل تقنعني ان اصير مسيحيا».‏ فأجابه بولس:‏ «اطلب الى اللّٰه انه بوقت قليل او كثير،‏ ليس فقط انت بل ايضا جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما انا،‏ ما عدا هذه القيود».‏ (‏اع ٢٦:‏​٤-‏٢٩‏)‏ وقد توصل اغريباس وفستوس الى ان بولس بريء؛‏ ولكن بما انه رفع دعواه الى قيصر،‏ كان يتوجب ارساله الى روما لمحاكمته.‏ —‏ اع ٢٦:‏​٣٠-‏٣٢‏.‏

اثر دمار اورشليم سنة ٧٠ ب‌م،‏ انتقل هيرودس اغريباس مع اخته برنيكي الى روما حيث مُنح منصب مقدَّم.‏ وقد مات اغريباس نحو ١٠٠ ب‌م من غير بنين.‏

٥-‏ هيرودس فيلبس.‏ وهو ابن هيرودس الكبير من زوجته مريامنة الثانية،‏ ابنة سمعان رئيس الكهنة.‏ كان فيلبس الزوج الاول لهيروديا التي طلّقته لتتزوج بأخيه غير الشقيق هيرودس انتيباس.‏ ويأتي الكتاب المقدس على ذكره بشكل عرضي في متى ١٤:‏٣؛‏ مرقس ٦:‏​١٧،‏ ١٨‏؛‏ و لوقا ٣:‏١٩‏.‏

أُطلق على هيرودس فيلبس هذا الاسم ليجري التمييز بينه وبين فيلبس رئيس الربع الذي كان ايضا،‏ على حد تعبير يوسيفوس،‏ احد ابناء هيرودس الكبير من زوجة اخرى هي كليوباترا من اورشليم.‏

كما يبدو،‏ كان متوقعا ان يكون فيلبس خلف ابيه على العرش،‏ اذ كان اكبر ابناء ابيه بعد اخوته غير الاشقاء انتيباتر وألكسندر وأرستوبولوس الذين أُعدموا كلهم بأمر من ابيهم.‏ وقد ادرج هيرودس اسمه في وصيته الاولى بعد انتيباس.‏ ولكن جرى تجاهله في الوصية الاخيرة،‏ وآلت المملكة الى ارخيلاوس.‏ ويقول يوسيفوس ان هيرودس شطب اسم فيلبس من وصيته لأن مريامنة الثانية،‏ ام فيلبس،‏ كانت على علم بمؤامرة انتيباتر ضد هيرودس ولكنها لم تبح بالامر.‏

كان لفيلبس ابنة من هيروديا تُدعى سالومة.‏ وهي التي رقصت كما يتضح امام هيرودس انتيباس وطلبت رأس يوحنا المعمِّد بتوجيه من امها.‏ —‏ مت ١٤:‏​١-‏١٣؛‏ مر ٦:‏​١٧-‏٢٩‏.‏

٦-‏ فيلبس رئيس الربع.‏ وهو ابن هيرودس الكبير من زوجته كليوباترا التي من اورشليم.‏ نشأ فيلبس في روما،‏ وتزوج من سالومة ابنة هيرودس فيلبس وهيروديا.‏ وحين مات ابوه قسم اوغسطس قيصر المملكة،‏ مانحا فيلبس تترارخية إيطورية وتراخونيتس ومقاطعات اخرى مجاورة بلغ ايرادها السنوي ١٠٠ وزنة.‏ (‏ربما أُضيفت إيطورية لاحقا،‏ لذلك اغفلها يوسيفوس)‏ وقد دام حكم فيلبس اكثر من ٣٠ سنة.‏ ويقول يوسيفوس انه «كان شخصا هادئا ومعتدلا في حكمه.‏ وكان يمضي كل وقته داخل الاراضي الخاضعة له».‏ ويضيف يوسيفوس ان فيلبس كان يجلس للقضاء في اي مكان يتواجد فيه،‏ ويسمع الشكاوى دونما تأخير.‏ مات فيلبس في جولياس ودُفن في موكب عظيم.‏ وبما انه لم يترك بنين من بعده،‏ اضاف الامبراطور طيباريوس تترارخيته الى اقليم سورية.‏ —‏ العاديات اليهودية،‏ ١٨:‏١٠٦-‏١٠٨ (‏٤:‏٦)‏.‏

يُذكر اسم فيلبس مرة واحدة في الكتاب المقدس عند الحديث عن تاريخ خدمة يوحنا المعمِّد.‏ (‏لو ٣:‏١‏)‏ وتُظهر هذه الآية،‏ بالاضافة الى المعلومات التاريخية عن حكم اوغسطس وطيباريوس،‏ ان يوحنا بدأ خدمته في ٢٩ ب‌م.‏

‏[الرسم]‏

سلسلة نسب جزئية لأسرة الهيرودسيين

(‏اسماء الذكور مكتوبة بحرف اسود ثخين)‏

انتيباتر الاول

انتيباتر الثاني وكيبروس (‏زوجته)‏

فسائيل

هيرودس الكبير (‏مت ٢:‏​١-‏٢٢؛‏ لو ١:‏٥‏)‏

يوسف

فيروراس

سالومة

زوجات هيرودس الكبير

دوريس

انتيباتر

مريامنة الاولى

الكسندر

ارستوبولوس

هيرودس ملك خلقيس

اغريباس الاول ملك فلسطين (‏اع ١٢:‏​١-‏٦،‏ ١٨-‏٢٣‏)‏

اغريباس الثاني ملك خلقيس؛‏ أُعطي لاحقا مقاطعة كانت في السابق للتترارخ فيلبس،‏ فضلا عن مناطق اخرى (‏اع ٢٥:‏​١٣،‏ ٢٢-‏٢٧؛‏ ٢٦:‏​١،‏ ٢،‏ ١٩-‏٣٢‏)‏

مريامنة الثالثة

دروسلا زوجة فيلكس (‏اع ٢٤:‏٢٤‏)‏

برنيكي (‏اع ٢٥:‏​١٣،‏ ٢٣؛‏ ٢٦:‏٣٠‏)‏

هيروديا ام سالومة (‏مت ١٤:‏​٣،‏ ٤،‏ ٦-‏٨‏)‏

سلامپسيو

كيبروس

مريامنة الثانية

هيرودس فيلبس الزوج الاول لهيروديا (‏مت ١٤:‏٣‏)‏

سالومة

كليوباترا من اورشليم

فيلبس تترارخ إيطورية وتراخونيتس والمقاطعات المجاورة (‏لو ٣:‏١‏)‏

ملثاس

ارخيلاوس ملك اليهودية؛‏ وإتنارخ لاحقا (‏مت ٢:‏٢٢‏)‏

انتيباس تترارخ الجليل وپيريا؛‏ يُشار اليه عموما بـ‍ «الملك»؛‏ الزوج الثاني لهيروديا (‏مت ١٤:‏​١-‏١٢؛‏ مر ٦:‏​١٤-‏٢٩؛‏ لو ٣:‏​١،‏ ١٩،‏ ٢٠؛‏ ١٣:‏​٣١،‏ ٣٢؛‏ ٢٣:‏​٦-‏١٥؛‏ اع ٤:‏٢٧؛‏ ١٣:‏١‏)‏

‏(‏كان لهيرودس الكبير خمس زوجات اخريات،‏ ومجموع اولاده ١٥)‏

‏[الصورة]‏

خرائب قصر مؤلف من عدة طبقات بناه هيرودس الكبير في اعلى مَسعَدة

‏[الصورة]‏

قطعة نقدية من البرونز عليها صورة رأس دوميتيان،‏ وعلى الجانب الآخر اسم الملك اغريباس (‏الثاني‏)‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة