مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الضحايا الابرياء للاساءة الى الاولاد
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • الضحايا الابرياء للاساءة الى الاولاد

      ‏«انني اقارب الآن الـ‍ ٤٠ من عمري،‏» تقول آيلين.‏a «وعلى الرغم من ان مشكلتي هي منذ اكثر من ٣٠ سنة،‏ فلا تزال تلازمني كالشبح.‏ وبسببها اعاني الغضب،‏ الذنب،‏ المشاكل في زواجي!‏ يحاول الناس ان يتعاطفوا،‏ ولكنهم لا يستطيعون.‏» فما هي مشكلة آيلين؟‏ انها ضحية الاساءة الجنسية الى الاطفال،‏ وبالنسبة اليها برهنت التأثيرات انها طويلة الامد.‏

      وآيلين ليست وحدها بالتأكيد.‏ فالدراسات تشير ان عددا هائلا من النساء —‏ والرجال —‏ عانوا سوء معاملة كهذه.‏b وعوضا عن كونها عملا نادرا للسلوك المنحرف،‏ فإن الاساءة الجنسية الى الاولاد بلية منتشرة،‏ بلية تخترق كل الحدود الاجتماعية،‏ الاقتصادية،‏ الدينية،‏ والعرقية.‏

      ولحسن التوفيق،‏ فإن الغالبية العظمى من الرجال والنساء لا يفكرون ابدا ايضا في اساءة معاملة الولد بهذه الطريقة.‏ ولكنّ اقلية خطرة لديهم هذا الميل المريض.‏ وبخلاف المعتقدات السائدة،‏ فإن قليلين من المسيئين الى الاولاد هم اشخاص مهوَّسون ذوو ميول اجرامية يترصدون حول ملاعب الاطفال.‏ والغالبية هم اشخاص نمّوا مظهرا خداعا للحالة الطبيعية.‏ فهم يشبعون شهواتهم الجنسية المنحرفة باتخاذ الاولاد البسطاء،‏ الآمنين،‏ الذين هم بلا دفاع هدفا —‏ عادة بناتهم.‏c وعلانية،‏ قد يعاملونهم بلطف وبرقة.‏ وسرا،‏ يخضعونهم للتهديدات،‏ العنف،‏ واشكال الاعتداء الجنسي المخزية والمنحطة.‏

      من المعترف به انه من الصعب الادراك ان مثل هذه الفظائع يمكن ان تحدث في الكثير جدا من البيوت التي تبدو محترمة.‏ ولكن في ازمنة الكتاب المقدس ايضا جرى استخدام الاولاد «للارضاء الفوري الذي .‏ .‏ .‏ للولع الشهواني.‏» (‏التعليق النقدي الاممي؛‏ قارنوا يوئيل ٣:‏٣‏.‏)‏ وانبأ الكتاب المقدس:‏ «ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة.‏ لان الناس يكونون محبين لانفسهم .‏ .‏ .‏ (‏بلا مودّة طبيعية .‏ .‏ .‏ بلا ضبط نفس)‏ شرسين غير محبين للصلاح.‏» لذلك،‏ لا يجب ان يدهشنا ان الاساءة الى الاولاد تحدث على نطاق كبير اليوم.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١،‏ ٣،‏ ١٣‏.‏

      والتحرش بالاطفال ربما لا يترك ندوبا جسدية.‏ وليس كل الراشدين الذين وقعوا ضحية كأولاد هم حزانى على نحو ظاهر.‏ بل كما علّق مثل قديم:‏ «ايضا في الضحك يكتئب القلب.‏» (‏امثال ١٤:‏١٣‏)‏ نعم،‏ ثمة ضحايا كثيرون لديهم ندوب عاطفية عميقة —‏ جروح مخفية تتقيح في الداخل.‏ ولكن،‏ لماذا يسبب التحرش بالاطفال مثل هذه الاذية في البعض؟‏ ولماذا مرور الوقت وحده لا يشفي دائما جروحه؟‏ ان اهمية هذه المشكلة المحزنة تتطلب ان نوجه انتباهنا اليها.‏ صحيح ان بعض ما يلي قد يكون غير سار لقراءته —‏ والامر كذلك خصوصا اذا كنتم ضحية الاساءة الى الاطفال.‏ ولكن تأكدوا ان هنالك رجاء،‏ ان بامكانكم ان تُشفوا.‏

  • الجروح المخفية للاساءة الى الاولاد
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • الجروح المخفية للاساءة الى الاولاد

      ‏«انا اكره نفسي.‏ استمر في التفكير ان هنالك امرا كان يجب ان اقوم به،‏ كان يجب ان اقوله لايقاف ذلك.‏ اشعر بقذارة شديدة.‏» —‏ آن.‏

      ‏«اشعر بأنني منعزلة عن الناس.‏ وغالبا ما اعالج مشاعر اليأس والقنوط.‏ واحيانا اريد ان اموت.‏» —‏ جيل.‏

      ‏«الاساءة الجنسية الى الاطفال هي .‏ .‏ .‏ اعتداء ساحق،‏ مؤذ،‏ ومُذِلّ على عقل،‏ روح،‏ وجسم الولد .‏ .‏ .‏ الاساءة تنتهك كل وجه من وجود المرء.‏» هكذا يقول الحق في البراءة،‏ بواسطة بڤرلي إنجِل.‏

      لا يتجاوب كل الاولاد مع الاساءة بالطريقة نفسها.‏a فالاولاد لديهم شخصيات،‏ مهارات لمعالجة المشاكل،‏ وامكانيات عاطفية مختلفة.‏ والكثير ايضا يعتمد على علاقة الولد بالمسيء،‏ خطورة الاساءة،‏ مقدار دوام الاساءة،‏ عمر الولد،‏ وعوامل اخرى.‏ وعلاوة على ذلك،‏ اذا كُشفت الاساءة ونال الولد دعم الراشدين الحبي،‏ يمكن ان تخف الاذية.‏ ومع ذلك،‏ يعاني ضحايا كثيرون جروحا عاطفية عميقة.‏

      لماذا ذلك يدمِّر

      يقدم الكتاب المقدس بصيرة في سبب حدوث مثل هذه الاذية.‏ تعلق الجامعة ٧:‏٧‏:‏ «الظلم يحمِّق الحكيم.‏» واذا صحَّ ذلك في الراشد،‏ فتخيَّلوا تأثير الظلم الوحشي في الولد الصغير —‏ وخصوصا اذا كان المسيء والدا موثوقا به.‏ ويجب التذكر ان السنوات القليلة الاولى من الحياة هي حرجة لنمو الولد العاطفي والروحي.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٥‏)‏ فخلال تلك السنوات الحساسة يبدأ الصغير بتطوير الحدود الادبية والاحساس بالقيمة الشخصية.‏ وبالالتصاق بوالديه،‏ يتعلم الولد ايضا معنى المحبة والثقة.‏ —‏ مزمور ٢٢:‏٩‏.‏

      ‏«مع الاولاد المساء اليهم،‏» يوضح الدكتور ج.‏ پاتريك ڠانون،‏ «تُعاق عملية بناء الثقة هذه.‏» فالمسيء يخون ثقة الولد؛‏ يسلبه كل شكل من الامان،‏ العزلة،‏ او احترام الذات ويستخدمه كمجرد اداة لارضائه الذاتي.‏b والاولاد الصغار لا يفهمون معنى الاعمال الفاسدة ادبيا التي تُفرض عليهم،‏ ولكنهم بوجه عام تقريبا يجدون الاختبار مزعجا،‏ مرعبا،‏ مُذِلاّ.‏

      لذلك دُعيت الاساءة الى الاطفال «اسوأ خيانة ممكنة.‏» ويجري تذكيرنا بسؤال يسوع:‏ «اي انسان منكم اذا سأله ابنه خبزا يعطيه حجرا.‏» (‏متى ٧:‏٩‏)‏ ولكنّ المسيء يعطي الولد،‏ لا المحبة والعاطفة،‏ بل اقسى «حجر» على الاطلاق —‏ الاعتداء الجنسي.‏

      لماذا تدوم الجروح

      تقول الامثال ٢٢:‏٦‏:‏ «ربّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه.‏» من الواضح ان التأثير الابوي يمكن ان يدوم مدى الحياة.‏ ولكن،‏ ماذا اذا دُرِّب الولد على الاعتقاد انه عاجز عن منع التعدي الجنسي؟‏ اذا دُرِّب على القيام بالانحرافات الجنسية لقاء «المحبة»؟‏ اذا دُرِّب على النظر الى نفسه انه عديم القيمة وقذر؟‏ ألا يمكن ان يقود ذلك الى مدى حياة من السلوك المدمِّر؟‏ ليس ان الاساءة الى الاطفال تبرِّر سلوك الراشدين غير الملائم اللاحق،‏ ولكن يمكن ان تساعد على ايضاح السبب الذي من اجله قد يميل ضحايا الاساءة الى العمل او الشعور بطريقة معيَّنة.‏

      يعاني الكثير من ضحايا الاساءة عددا كبيرا من الاعراض،‏ بما في ذلك الكآ‌بة.‏ والبعض ايضا تجيش في نفسهم مشاعر دائمة بالذنب،‏ الخجل،‏ والغيظ واحيانا ساحقة.‏ وضحايا آخرون يمكن ان يعانوا الانقطاع العاطفي،‏ عدم القدرة على التعبير عن العاطفة او حتى الشعور بها.‏ والاحترام الضئيل للذات ومشاعر العجز يصيبان ايضا كثيرين.‏ سالي،‏ التي اساء اليها عمّها،‏ تذكر:‏ «كلما تحرش بي كنت اشعر بأنني عاجزة،‏ متجمدة،‏ فاقدة الحس،‏ متيبِّسة،‏ مشوَّشة.‏ فلماذا كانت تحدث هذه الاساءة؟‏» تخبر العالمة النفسانية سينثيا تاور:‏ «تظهر الدراسات ان الناس الذين جرت الاساءة اليهم كأولاد غالبا ما يحملون خلال الحياة شعورا بأنهم ضحية.‏» وقد يتزوجون رجلا مسيئا،‏ يظهرون سيماء عدم الحصانة،‏ او يشعرون بأنهم عاجزون عن حماية انفسهم عندما يُهددون.‏

      وطبيعيا،‏ لدى الاولاد ١٢ سنة او نحو ذلك ليستعدوا للعواطف التي تستيقظ خلال سن البلوغ.‏ ولكن عندما تُفرض الاعمال الفاسدة على الولد الصغير،‏ قد تسحقه المشاعر المُثارة.‏ وكما اظهرت احدى الدراسات،‏ قد يعوق ذلك لاحقا قدرَتَه على التمتع بالعلاقات الجنسية الزوجية.‏ تعترف ضحية اسمها ليندا:‏ «اجد الوجه الجنسي للزواج اصعب امر في حياتي.‏ يستولي عليَّ الاحساس المخيف اكثر بأن ابي هناك،‏ ويستولي عليَّ الذعر.‏» وقد يتجاوب الضحايا الآخرون بطريقة معاكسة تماما وينمّون رغبات قسرية فاسدة ادبيا.‏ «عشت حياة الاختلاط الجنسي وانتهى بي الامر الى الحصول على علاقات جنسية مع اشخاص غرباء تماما،‏» تعترف جيل.‏

      وقد تكون ايضا لدى ضحايا الاساءة صعوبة في المحافظة على علاقات سليمة.‏ فالبعض يجدون من المستحيل ان تكون لهم صلة بالرجال او بشخصيات ذوي سلطة.‏ والبعض يدمِّرون عمدا الصداقات والزيجات بالصيرورة مسيئين او مسيطرين.‏ ويميل آخرون ايضا الى تجنب العلاقات الحميمة كاملا.‏

      وهنالك ايضا ضحايا يوجهون مشاعرهم الهدّامة نحو انفسهم.‏ «اكره جسدي لانه تجاوب مع اثارة الاساءة،‏» تعترف ريبا.‏ ومن المحزن ان اضطرابات الاكل،‏c الرغبة القسرية في العمل،‏ اساءة استعمال الكحول والمخدرات،‏ هي شائعة بين ضحايا الاساءة —‏ محاولات يائسة لدفن مشاعرهم.‏ وقد يعبِّر البعض ايضا عن كرههم للذات بطرائق مباشرة اكثر.‏ «لقد جرحت نفسي،‏ غرزت اظفاري في ذراعيّ،‏ حرقت نفسي،‏» تضيف ريبا.‏ «شعرت بأنني استحق ان يُساء اليّ.‏»‏

      ولكن لا تسرعوا في الاستنتاج ان كل من يشعر او يعمل بطرائق كهذه قد اسيئ اليه بالضرورة جنسيا.‏ فعوامل جسدية او عاطفية اخرى قد تكون ذات علاقة.‏ مثلا،‏ يقول الخبراء ان اعراضا مماثلة شائعةٌ بين الراشدين الذين تربوا في عائلات باختلال وظيفي —‏ حيث ضربهم والدوهم،‏ استحقروهم وأذلوهم،‏ تجاهلوا حاجاتهم الجسدية،‏ او حيث كان الوالدون مدمنين على المخدرات او الكحول.‏

      الاذية الروحية

      ان التأثير الاكثر خداعا على الاطلاق الذي يمكن ان تحدثه الاساءة الى الاولاد هو الاذية الروحية الممكنة.‏ والتحرش هو ‹دنس للجسد والروح.‏› (‏٢ كورنثوس ٧:‏١‏)‏ وبانجاز اعمال منحرفة في الولد،‏ بانتهاك حدوده الجسدية والادبية،‏ بخيانة ثقته،‏ يُفسد المسيء روح الولد،‏ او ميله العقلي السائد.‏ ويمكن ان يعيق ذلك لاحقا النمو الادبي والروحي للضحية.‏

      وكتاب Facing Codependence‏،‏ بواسطة پييا مِلودي،‏ يذكر ايضا:‏ «اية اساءة خطيرة .‏ .‏ .‏ هي ايضا اساءة روحية،‏ لانها تلوِّث ثقة الولد بالسلطة الاسمى.‏» مثلا،‏ تسأل امرأة مسيحية اسمها إلين:‏ «كيف يمكنني ان افكر في يهوه كأب في الوقت الذي فيه لديَّ فكرة الرجل المتوحش العنيف هذه عن الاب الارضي؟‏» وتقول ضحية اخرى اسمها تِري:‏ «لم اتصل قط بيهوه بصفته ابا.‏ بصفته اللّٰه،‏ الرب،‏ المتسلط،‏ الخالق،‏ نعم!‏ ولكن بصفته ابا،‏ لا!‏»‏

      وافراد كهؤلاء ليسوا بالضرورة ضعفاء روحيا او ينقصهم الايمان.‏ وعلى الضد من ذلك،‏ فإن جهودهم المتواصلة لاتِّباع مبادئ الكتاب المقدس تعطي دليلا على القوة الروحية!‏ ولكن تخيَّلوا كيف يمكن ان يشعر البعض عندما يقرأون آية كالمزمور ١٠٣:‏١٣‏،‏ التي تقول:‏ «كما يترأف الاب على البنين يترأف الرب على خائفيه.‏» فقد يفهم البعض هذه من الناحية العقلية.‏ ولكن دون فكرة سليمة عما هو عليه الاب،‏ قد يكون من الصعب عليهم ان يتجاوبوا مع هذه الآية عاطفيا!‏

      وقد يجد البعض ايضا انه من الصعب ان يكونوا «مثل ولد» امام اللّٰه —‏ واثق،‏ متواضع،‏ غير حصين.‏ فقد يكبتون مشاعرهم الحقيقية عن اللّٰه عندما يصلّون.‏ (‏مرقس ١٠:‏١٥‏)‏ وقد يتردَّدون في تطبيق كلمات داود على انفسهم في المزمور ٦٢:‏٧،‏ ٨‏:‏ «على اللّٰه خلاصي ومجدي صخرة قوتي محتماي في اللّٰه.‏ توكَّلوا عليه في كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم.‏ اللّٰه ملجأ لنا.‏» ومشاعر الذنب وعدم الاستحقاق يمكن ايضا ان تضعف ايمانهم.‏ قالت احدى الضحايا:‏ «انا اؤمن بملكوت اللّٰه كثيرا.‏ ولكنني لا اشعر بأنني صالحة كفاية لاكون هناك.‏»‏

      طبعا،‏ لا يتأثر كل الضحايا بالطريقة نفسها.‏ فالبعض ينجذبون الى يهوه كأب محب ولا يشعرون على الاطلاق بعائق في الاتصال به.‏ ومهما كانت الحال،‏ اذا كنتم ضحية الاساءة الجنسية الى الاطفال،‏ فقد تجدونه ذا قيمة عظيمة ان تميِّزوا كيف اثّر ذلك في حياتكم.‏ وقد يكتفي البعض بقبول الوضع كما هو.‏ ولكن اذا بدا لكم ان الاذية مهمة،‏ فتشجعوا.‏ ان جروحكم يمكن ان تُشفى.‏

      a تركز مناقشتنا على ما يدعوه الكتاب المقدس بورنيا،‏ او العهارة.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏٩‏؛‏ قارنوا لاويين ١٨:‏٦-‏٢٢‏.‏)‏ ويشمل ذلك كل اشكال الاتصال الجنسي الفاسد ادبيا.‏ واعمال الاساءة الاخرى،‏ كالاستعرائية،‏ اختلاس النظر الشبقي،‏ والتعرض للفن الاباحي،‏ فيما لا تكون بورنيا،‏ يمكن ان تؤذي ايضا الولد عاطفيا.‏

      b بما ان الاولاد يميلون الى الثقة بالراشدين،‏ فإن الاساءة من قبل عضو عائلة موثوق به،‏ شقيق اكبر،‏ صديق للعائلة،‏ او حتى من قبل غريب تشكل ايضا خيانة مدمِّرة للثقة.‏

      c انظروا استيقظ!‏ عدد ٢٢ كانون الاول ١٩٩٠.‏

  • ‏«للشفاء وقت»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • ‏«للشفاء وقت»‏

      كانت آن شخصا يصغي بتعاطف الى مشاكل الناس الآخرين؛‏ منقذا لكل فرد لديه مشكلة.‏ واذ كانت متزنة وبدون عيب في المظهر،‏ لم تبدِ اي تلميح ان لديها جروحا عاطفية مخفية،‏ الى ان ابتدأت ذات يوم تتذكر.‏ «كنت في العمل،‏» تذكر آن،‏ «وابتدأت اتألم واشعر بالخجل على نحو شديد.‏ ولم اتمكن من الوقوف!‏ تعذَّبت طوال ايام.‏ وبعد ذلك تذكرت زوج امي يتحرش بي —‏ حقا،‏ كان ذلك اغتصابا،‏ ولم تكن المرة الوحيدة.‏»‏

      يوجد «للشفاء وقت.‏» (‏جامعة ٣:‏٣‏)‏ وبالنسبة الى كثيرين من ضحايا الاساءة الى الاطفال —‏ مثل آن —‏ يكون استحضار الذكريات المدفونة لزمن طويل جزءا مهما في عملية الشفاء.‏

      ولكن كيف يمكن للشخص ان ينسى امرا جارحا كالاعتداء الجنسي؟‏ تأملوا كم يكون الولد عاجزا قبالة اقترابات اب او راشد قوي آخر.‏ فلا يمكنه ان يهرب.‏ ولا يجرؤ على الصراخ.‏ ولا يجرؤ على إخبار —‏ اي شخص!‏ وعلاوة على ذلك،‏ ربما يكون مضطرا ان يواجه المسيء كل يوم ويتصرف كما لو انه لم يحدث شيء.‏ وأن يحافظ على ادِّعاء كهذا يكون صعبا على الراشد؛‏ وهو مستحيل تقريبا بالنسبة الى الولد.‏ لذلك يستعمل الخيال الهائل الموهوب للاولاد ويهرب عقليا!‏ ويدَّعي بأن الاساءة لم تحدث،‏ اذ يمحيها او يميت احاسيسه بها.‏

      وفي الواقع،‏ من وقت الى آخر،‏ نحجب جميعنا امورا لا نريد ان نراها او نسمعها.‏ (‏قارنوا ارميا ٥:‏٢١‏.‏)‏ ولكنّ ضحايا الاساءة يستعملون هذه المقدرة كوسيلة للنجاة.‏ يخبر بعض الضحايا:‏ «ادَّعيت بأن ذلك حدث لشخص آخر وانني كنت مجرد مشاهد.‏» «ادَّعيت بأنني كنت نائمة.‏» «صنعت مسائلي الرياضية عقليا.‏» —‏ قوي في الاماكن المكسورة،‏ بواسطة ليندا ت.‏ سانفورد.‏

      ليس مدهشا،‏ اذًا،‏ ان يؤكد كتاب النجاة من الاساءة الجنسية الى الاولاد:‏ «يقدَّر انه حتى ٥٠ في المئة من الناجين من الاساءة الجنسية الى الاولاد هم غير مدركين لهذه الاختبارات.‏» ومع ذلك قد يتذكر البعض الاساءة نفسها ولكنهم يحجبون المشاعر المرتبطة بها —‏ الالم،‏ الغيظ،‏ الخجل.‏

      الكبت —‏ صراع في العقل

      أليس من الافضل،‏ اذًا،‏ ان تبقى هذه الامور مدفونة —‏ ان يصرف الضحايا النظر عنها؟‏ قد يختار البعض حقا فعل ذلك.‏ ولكنّ آخرين لا يستطيعون.‏ والامر يكون كما تقول ايوب ٩:‏٢٧‏:‏ «إن قلت:‏ أنسى ضيقتي،‏ وأُطلق أساريري،‏ وأبتسم وأُبدي بِشْرا،‏ فإني اظل اخشى أوجاعي.‏» (‏ترجمة تفسيرية)‏ فكبت الذكريات المرعبة جهد عقلي منهك،‏ لعبة صراع شديد يمكن ايضا ان تكون لها عواقب صحية خطيرة.‏

      واذ تكبر الضحية،‏ غالبا ما تُضعِف ضغوط الحياة مقدرتها على كبت الماضي.‏ وقد يثير اثر رائحةِ عطر،‏ وجه مألوف للنظر،‏ صوت مروِّع،‏ او حتى فحص من قبل احد الاطباء او طبيب اسنان هجوما مرعبا للذكريات والمشاعر.‏a ألا يجب ان تحاول جاهدة لتنسى؟‏ عند هذه النقطة يجد ضحايا كثيرون الراحة في محاولة التذكر!‏ تقول امرأة اسمها جيل:‏ ‏‹ما ان تظهر الذكريات حتى تفقد قوتها.‏ فإبقاؤها في الداخل مؤلم وخطير اكثر من التخلص منها.‏›‏

      قيمة الاعتراف

      ولماذا الامر كذلك؟‏ السبب الاول هو ان التذكُّر يسمح للضحية بأن تحزن.‏ والحزن هو رد فعل طبيعي للجرح؛‏ انه يساعدنا على وضع الحوادث المزعجة وراءنا.‏ (‏جامعة ٣:‏٤؛‏ ٧:‏١-‏٣‏)‏ ولكنّ ضحية الاساءة تُحرم فرصة التعبير عن حزنها،‏ تُجبر على انكار اختبارها المروِّع،‏ تُجبر على قمع ألمها.‏ وكبت كهذا يمكن ان يؤدي الى ما يدعوه الاطباء اضطراب الاجهاد بعد الجرح —‏ حالة خَدِرة مجرَّدة فعليا من العاطفة.‏ —‏ قارنوا مزمور ١٤٣:‏٣،‏ ٤‏.‏

      وعندما تبدأ الذكريات بالعودة،‏ قد تحيي الضحيةُ فعليا الاساءةَ من جديد.‏ حتى ان بعض الضحايا يرجعون مؤقتا الى حالة الطفولة.‏ «عندما يجري تصوُّر الحادث الماضي،‏» تذكر جيل،‏ «غالبا ما اعاني اعراضا جسدية.‏ واحيانا تكون الذكريات شديدة الوطأة،‏ اشعر بأنني أُدفع الى الجنون.‏» وغيظ الطفولة المكبوت لزمن طويل يمكن الآن ان يظهر فجأة.‏ «التذكر غمرني بالكآ‌بة والغضب،‏» تقول شيلا.‏ ولكن في هذه الظروف الاستثنائية يكون الغضب ملائما.‏ فأنتم تحزنون،‏ تعبِّرون عن الغيظ البار المكتوم!‏ ولكم الحق ان تكرهوا الاعمال الشريرة المرتكبة ضدكم.‏ —‏ رومية ١٢:‏٩‏.‏

      تقول احدى ضحايا الاساءة:‏ «عندما تمكَّنت من التذكر فعلا،‏ احسست بالراحة كثيرا .‏ .‏ .‏ على الاقل عرفت الآن ما اعالجه.‏ وبقدر ما كان صعبا عليّ ان اتذكر،‏ اعاد ذلك لي جزءا من حياتي التي صارت مروِّعة لانها كانت مجهولة وغامضة جدا.‏» —‏ الحق في البراءة.‏

      والتذكُّر يمكن ان يساعد الضحية ايضا على الوصول الى جذر بعض مشاكلها.‏ «كنت اعرف دائما ان لديَّ كرها للذات وغضبا عميقين ولكنني لم اكن اعرف السبب،‏» تقول احدى ضحايا سفاح القربى.‏ والتذكُّر يساعد الكثيرين على الادراك ان ما حدث ليس غلطتهم؛‏ انهم وقعوا ضحية.‏

      طبعا،‏ لا يتذكر الجميع الاساءة اليهم على نحو مأساوي وواضح كالآخرين.‏ ويوافق مشيرون كثيرون انه ليس من الضروري تذكُّر كل تفاصيل الاساءة الى الفرد لكي يُشفى من تأثيراتها.‏ فمجرد الاعتراف بأن الاساءة حدثت يمكن ان يكون خطوة كبيرة نحو الشفاء.‏ —‏ انظروا الاطار في الصفحة ٩.‏

      نيل الدعم

      اذا كنتم ضحية الاساءة الجنسية الى الاطفال،‏ فلا تتحملوا اعادة الذكريات وحدكم.‏ ويكون مساعدا ان تتحدثوا كاملا عن مشاعركم.‏ (‏قارنوا ايوب ١٠:‏١؛‏ ٣٢:‏٢٠‏.‏)‏ وبعض المنزعجين على نحو شديد قد يقرِّرون ان يطلبوا المساعدة من طبيب ذي اهلية،‏ مشير،‏ او اختصاصي في الصحة العقلية.‏ وعلى اي حال،‏ فإن الصديق الموثوق به،‏ رفيق الزواج،‏ اعضاء العائلة،‏ او الشيوخ المسيحيين الذين يصغون بتعاطف واحترام يمكن ايضا ان يكونوا داعمين ذوي قيمة كبيرة.‏b «مساعدي الاكبر كان صديقتي الفضلى،‏ جولي،‏» تقول جانيت.‏ «لقد سمحت لي بأن اتكلم مرارا وتكرارا عن الذكرى.‏ سمحت لي بأن اشعر بالعواطف التي تنتج.‏ لقد اصغت وتجاوبت بتفهُّم.‏»‏

      الثقة عمل محفوف بالمخاطر،‏ وقد تشعرون بعدم استحقاق نيل مساعدة احد —‏ او تكونون خجولين اكثر من ان تتكلموا عن الاساءة اليكم.‏ ولكنّ الصديق الحقيقي ‹يولد للشدة› وقد يمنح مساعدة ذات قيمة اذا منحتموه او منحتموها فرصة.‏ (‏امثال ١٧:‏١٧‏)‏ ومع ذلك،‏ كونوا انتقائيين بشأن مَن تثقون به.‏ تعلَّموا ان تظهروا همومكم تدريجيا.‏ واذا اثبت الصديق انه متعاطف وكتوم،‏ فعندئذ قد تحاولون البوح بمعلومات اكثر.‏

      ويكون مساعدا ايضا ان تعتنوا جيدا بأنفسكم جسديا.‏ احصلوا على ما يكفي من الراحة.‏ قوموا بالتمارين على نحو معتدل.‏ حافظوا على غذاء صحي.‏ واذا كان ممكنا،‏ فبسِّطوا حياتكم.‏ اشعروا بالحرية في البكاء.‏ وقد يبدو ان الالم لن ينتهي ابدا،‏ ولكنه بعد مدة سيهدأ.‏ وتذكروا:‏ انكم اجتزتم الاساءة كولد عاجز —‏ ونجوتم!‏ وكراشد لديكم الامكانيات والمقدرات التي لم تكن لديكم في ذلك الحين.‏ (‏قارنوا ١ كورنثوس ١٣:‏١١‏.‏)‏ لذلك واجهوا ذكرياتكم المؤلمة وسكِّنوها.‏ واتكلوا على اللّٰه من اجل القوة.‏ قال صاحب المزمور:‏ «عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي.‏» —‏ مزمور ٩٤:‏١٩‏.‏

      التخلُّص من الذنب والخجل

      ان انهاء لوم الذات هو عمل مهم آخر للشفاء.‏ «حتى الآن من الصعب عليّ ان افكر انني كنت بريئة،‏» تقول ضحية اسمها ريبا.‏ «اتساءل،‏ لماذا لم اوقفه؟‏»‏

      ولكن اذكروا ان المسيئين يستعملون الوسائل الاكثر خبثا للارغام:‏ السلطة (‏‹انا ابوكِ!‏›)‏،‏ التهديدات (‏‹سأقتلكِ اذا اخبرتِ احدا!‏›)‏،‏ القوة الجسدية الوحشية وايضا الذنب (‏‹اذا اخبرتِ احدا،‏ فسيذهب ابوكِ الى السجن.‏›)‏.‏ وعلى الضد من ذلك،‏ يستعمل البعض الاقناع اللطيف او الهدايا والرُشى.‏ والبعض يسيئون تمثيل النشاطات الجنسية بصفتها لعبة او عاطفة ابوية.‏ «قال ان هذا ما يفعله الناس عندما يحبون واحدهم الآخر،‏» تذكر احدى الضحايا.‏ فكيف يمكن للولد الصغير ان يقاوم مثل هذا الابتزاز والخداع العاطفي؟‏ (‏قارنوا افسس ٤:‏١٤‏.‏)‏ نعم،‏ يستغل المسيء بعدم اكتراث واقع كون الاولاد عاجزين،‏ بلا دفاع،‏ «اولادا في الشر.‏» —‏ ١ كورنثوس ١٤:‏٢٠‏.‏

      وبعد ذلك،‏ ربما تحتاجون الى تذكير انفسكم كيف كنتم بلا دفاع وعاجزين كولد.‏ ويمكن ان تحاولوا صرف الوقت مع بعض الاولاد الصغار او النظر الى صور طفولتكم.‏ والاصدقاء الداعمون يمكن ان يساعدوا ايضا بتذكيركم دائما ان الاساءة لم تكن غلطتكم.‏

      ومع ذلك،‏ تقول احدى النساء:‏ «اشمئز عندما اتذكر المشاعر التي اثارها ابي فيّ.‏» ويذكر بعض الضحايا (‏٥٨ في المئة في دراسة واحدة)‏ اختبار الاثارة الجنسية خلال التحرش.‏ وعلى نحو مفهوم،‏ يسبب ذلك لهم الكثير من الخجل.‏ ولكنّ كتاب النجاة من الاساءة الجنسية الى الاولاد يذكرنا ان:‏ «الاثارة الجسدية [هي] ببساطة [استجابة] الجسم التلقائية للمسه او اثارته بطرائق معينة» وان الولد «ليست لديه سيطرة على هذه الاثارة.‏» فالمسيء وحده يتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث.‏ لم تكن غلطتكم!‏

      وتعزّوا ايضا بالمعرفة ان اللّٰه يعتبركم «بلا لوم و (‏ابرياء)‏» في القضية.‏ (‏فيلبي ٢:‏١٥‏)‏ وعلى مر الوقت فإن اي حث على الانهماك في السلوك المدمِّر للذات قد يضعف،‏ ويمكن ان تتعلّموا ان تُعِزّوا جسدكم.‏ —‏ قارنوا افسس ٥:‏٢٩‏.‏

      التراضي مع والديكم

      قد يتبيَّن ان ذلك هو احد المهمات الاصعب للشفاء.‏ فالبعض لا يزالون مملوئين بالغضب،‏ بأوهام الثأر —‏ او الذنب.‏ قالت احدى ضحايا الاساءة:‏ «انا مكتئبة لانني اعتقد ان يهوه يتوقع مني ان اسامح الذي تحرش بي،‏ وانا لا استطيع ذلك.‏» ومن ناحية اخرى،‏ قد تعيشون في خوف رهيب من المسيء اليكم.‏ او قد تملكون مشاعر عدائية نحو امكم اذا تجاهلت الاساءة او تجاوبت برفض او غضب عندما كُشفت الاساءة.‏ «قالت لي امي انه يجب ان اتعامل بتسامح مع [ابي]،‏» تذكر احدى النساء بمرارة.‏

      من الطبيعي تماما ان يشعر المرء بالغضب عندما يعاني الاساءة.‏ ومع ذلك،‏ فإن الروابط التي تجعل العائلات ملتصقة يمكن ان تكون قوية،‏ وربما لا تريدون ان تقطعوا كل اتصال بوالديكم.‏ وربما تكونون ايضا على استعداد ان تتأملوا في المصالحة.‏ ولكنّ الكثير يعتمد على الظروف.‏ فالضحايا احيانا يميلون الى مسامحة والديهم فورا —‏ غير مبرِّرين الاساءة،‏ بل رافضين ان يملأهم الاستياء او يسيطر عليهم الخوف.‏ واذ يفضِّلون تجنب مواجهة عاطفية،‏ يكتفي البعض بأن ‹يتكلموا في قلوبهم› وينسوا القضية.‏ —‏ مزمور ٤:‏٤‏.‏

      ولكن قد تشعرون بأن القضايا يمكن ان تُحلّ فقط بمواجهة والديكم بالاساءة —‏ شخصيا،‏ بواسطة الهاتف،‏ او بواسطة رسالة.‏ (‏قارنوا متى ١٨:‏١٥‏.‏)‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فتأكدوا من انكم شُفيتم على نحو كاف —‏ او على الاقل تملكون ما يكفي من الدعم —‏ للصمود امام العاصفة العاطفية التي يمكن ان تهبّ.‏ وبما ان القليل يمكن انجازه بمباراة الصراخ،‏ حاولوا ان تكونوا ثابتين ولكن هادئين.‏ (‏امثال ٢٩:‏١١‏)‏ ويمكن ان تبدأوا بذكر (‏١)‏ ما حدث،‏ (‏٢)‏ كيف اثر ذلك فيكم،‏ (‏٣)‏ وما تتوقعون منهم الآن (‏كالاعتذار،‏ دفع فواتير الطبيب،‏ او تغييرات في السلوك)‏.‏ وعلى الاقل،‏ فإن عرض المشكلة يمكن ان يساعد على تبديد اية مشاعر طويلة الامد بأنكم عاجزون.‏ ويمكن ان يفسح مجالا لعلاقة جديدة مع والديكم.‏

      مثلا،‏ قد يعترف والدكم بالاساءة،‏ معبِّرا عن الندم العميق.‏ ويمكن ان يكون قد قام ايضا بجهود مخلصة للتغيير،‏ ربما بالحصول على علاج من اجل ادمان الكحول او بطلب درس في الكتاب المقدس.‏ وقد تلتمس امكم على نحو مماثل مسامحتكم على فشلها في حمايتكم.‏ واحيانا قد تنتج مصالحة تامة.‏ ومع ذلك،‏ لا تندهشوا اذا كنتم لا تزالون تشعرون بردود فعل متضادة تجاه والديكم وتفضلون ان لا تندفعوا الى علاقة حميمة بهم.‏ ولكنكم على الاقل،‏ قد تتمكنون من استعادة العلاقات العائلية المعتدلة.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ قد تثير المواجهة سيلا من الانكار والاساءة الشفهية من المتحرش واعضاء العائلة الآخرين.‏ والاسوأ،‏ قد تكتشفون انه لا يزال يشكل تهديدا لكم.‏ عندئذ قد تكون المسامحة غير ملائمة،‏ والعلاقة الحميمة غير ممكنة.‏ —‏ قارنوا مزمور ١٣٩:‏٢١‏.‏

      ومهما حدث،‏ قد يتطلب الامر وقتا كبيرا قبل ان تهدأ مشاعركم المجروحة.‏ وقد تحتاجون الى تذكير انفسكم تكرارا بأن العدل الاخير هو للّٰه.‏ (‏رومية ١٢:‏١٩‏)‏ ومناقشة الامور مع مصغٍ داعم او حتى التعبير عن مشاعركم بالكتابة قد يساعدكم بطريقة مماثلة على التخلص من غضبكم.‏ وبمساعدة اللّٰه يمكنكم ان تتغلبوا على غضبكم.‏ ومع مرور الوقت،‏ لا تعود المشاعر المجروحة تسيطر على تفكيركم.‏ —‏ قارنوا مزمور ١١٩:‏١٣٣‏.‏

      الشفاء الروحي

      لا يسمح لنا المجال بأن نناقش كل القضايا العاطفية،‏ السلوكية،‏ والروحية ذات العلاقة.‏ ويكفي القول انه يمكنكم فعل الكثير لتسهِّلوا شفاءكم «بتجديد اذهانكم» بمساعدة كلمة اللّٰه.‏ (‏رومية ١٢:‏٢‏)‏ و ‹امتدّوا الى ما هو قدّام،‏› مالئين حياتكم بالافكار الروحية والنشاط الروحي.‏ —‏ فيلبي ٣:‏١٣؛‏ ٤:‏٨،‏ ٩‏.‏

      مثلا،‏ يجد كثيرون من ضحايا الاساءة تعزية كبيرة بمجرد قراءة المزامير.‏ ومع ذلك،‏ تأتي فوائد اعظم ايضا بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس باجتهاد.‏ وعلى مر الوقت يمكن ان يخف الضغط المتعلق بالزواج.‏ (‏افسس ٥:‏٢١-‏٣٣‏)‏ والسلوك المدمِّر يمكن ان يتوقف.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏٩-‏١١‏)‏ والمشاعر الجنسية غير السليمة يمكن ان تُشفى.‏ (‏امثال ٥:‏١٥-‏٢٠؛‏ ١ كورنثوس ٧:‏١-‏٥‏)‏ ويمكنكم ايضا ان تتعلَّموا الاتزان في علاقاتكم الشخصية وتبنوا حدودا ادبية ثابتة.‏ —‏ فيلبي ٢:‏٤؛‏ ١ تسالونيكي ٤:‏١١‏.‏

      يمكنكم التأكد ان:‏ الشفاء يتطلب تصميما حقيقيا وجهدا فائقا!‏ ومع ذلك،‏ فالمزمور ١٢٦:‏٥ يؤكد لنا:‏ «الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج.‏» وتذكروا ايضا ان الاله الحقيقي،‏ يهوه،‏ مهتم بخيركم.‏ فهو «قريب .‏ .‏ .‏ من المنكسري القلوب ويخلِّص المنسحقي الروح.‏» (‏مزمور ٣٤:‏١٨‏)‏ تقول احدى ضحايا الاساءة:‏ «عندما ادركت اخيرا ان يهوه يدري بكل شعور لديَّ وانه يهتم —‏ يهتم حقا —‏ حينئذ شعرت اخيرا بالسلام في الداخل.‏»‏

      وإلهنا المحب،‏ يهوه،‏ يقدم ايضا اكثر من سلام العقل.‏ انه يعد بعالم جديد من البر،‏ حيث سيمحو كل ذكرى لالم الطفولة.‏ (‏رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏؛‏ انظروا ايضا اشعياء ٦٥:‏١٧‏.‏)‏ وهذا الرجاء يمكن ان يدعمكم ويقوّيكم فيما تتقدمون نحو الشفاء الكامل.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة