مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الازواج والزوجات —‏ هل يتكلمون حقا بشكل مختلف؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • الازواج والزوجات —‏ هل يتكلمون حقا بشكل مختلف؟‏

      لنتصوَّر ان سميرًا دخل مكتب نبيل متثاقل الخطى،‏ وكان من الواضح ان همومه تثقل كاهله.‏ فنظر نبيل الى صديقه نظرة رقيقة وانتظره ليتكلم.‏ فتنهَّد سمير قائلا:‏ «لا اعرف ما اذا كان بإمكاني عقد تلك الصفقة.‏ فهنالك عقبات كثيرة غير متوقعة،‏ والمركز الرئيسي يضغط عليَّ فعلا.‏» فسأله نبيل بثقة:‏ «وما الذي يقلقك يا سمير؟‏ فأنت تعرف انك الافضل لهذا العمل.‏ وهم يعرفون ذلك ايضا.‏ لا تستعجل الامور.‏ وهل تعتقد ان هذه مشكلة؟‏ ففي الشهر الماضي .‏ .‏ .‏» وأخذ نبيل يسرد التفاصيل المضحكة عن فشله الذريع في محاولة صغيرة قام بها،‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى غادر صديقه المكتب ضاحكا ومرتاحا.‏ وكان نبيل سعيدا لتقديم المساعدة.‏

      ولنتصوَّر ايضا انه عندما وصل الى البيت بعد ظهر ذلك اليوم،‏ لاحظ نبيل بسرعة ان زوجته هدى مستاءة ايضا.‏ فحيَّاها بطريقة مرحة استثنائية ثم انتظرها لتقول ما يجول في خاطرها.‏ وبعد سكوت بارد يثير التوتر،‏ اندفعت قائلة:‏ «لا يمكنني ان اتحمَّل ذلك اكثر!‏ فربُّ العمل الجديد هذا مستبد!‏» فأجلسها نبيل،‏ وضع ذراعه حولها،‏ وقال:‏ «لا تستائي الى هذا الحد يا حبيبتي.‏ انه مجرد عمل.‏ وأرباب العمل هم هكذا.‏ ليتكِ سمعتِ كيف استمر رب عملي في تعنيفي اليوم.‏ ولكن،‏ اذا كان ذلك كثيرا عليك،‏ فاتركي العمل.‏»‏

      فردَّت هدى بسرعة:‏ «حتى انك لا تهتم بما اشعر به!‏ انت لا تصغي اليَّ ابدا!‏ لا يمكنني ان اترك العمل!‏ فأنت لا تكسب ما يكفي من المال!‏» وأسرعت الى غرفة النوم مفرطة في البكاء.‏ فوقف نبيل مصدوما خلف الباب المغلق،‏ متسائلا عما حدث.‏ فلماذا كان ردَّا الفعل على كلمات نبيل المعزية متناقضَين هكذا؟‏

      فجوة بين الجنسين؟‏

      يعزو البعض الاختلاف في هذين الايضاحين الى واقع بسيط واحد:‏ سمير رجل؛‏ وهدى امرأة.‏ ويعتقد باحثون لغويون ان صعوبات الاتصال في الزواج سببها غالبا الجنس المختلف.‏ وتعزِّز كتب مثل انت لا تفهمني والرجال هم من المريخ،‏ والنساء هن من الزُّهرة النظريةَ القائلة ان الرجال والنساء،‏ مع انهم يتكلمون اللغة نفسها،‏ لديهم اساليب اتصال مختلفة بشكل واضح.‏

      مما لا شك فيه انه عندما خلق يهوه المرأة من الرجل،‏ لم تكن مجرد نسخة معدَّلة تعديلا طفيفا.‏ فقد صُمِّم الرجل والمرأة بعناية واهتمام بالغ ليكمِّل واحدهما الآخر —‏ جسديا،‏ عاطفيا،‏ عقليا،‏ روحيا،‏ وما الى ذلك.‏ أَضيفوا الى تلك الاختلافات الفطرية تعقيدات التربية الفردية واختبار الحياة وتكييف الناس في قالب الثقافة،‏ البيئة،‏ ونظرة المجتمع الى ما هو دليل على الرجولة او الانوثة.‏ وبسبب هذه التأثيرات،‏ قد يكون ممكنا ان نفرز انماطا معيَّنة في طريقة الاتصال عند الذكور وعند الاناث.‏ لكنَّ «الرجل النموذجي» او «المرأة النموذجية» اللذين يصعب تحديدهما قد لا يوجدان إلا في صفحات كتب علم النفس.‏

      من المعروف ان النساء يتميَّزن بحساسيتهن،‏ إلا ان رجالا كثيرين يتمتعون برقَّة رائعة في تعاملاتهم مع الناس.‏ وقد يُنسب التفكير المنطقي الى الرجال اكثر،‏ مع ان النساء غالبا ما يملكن بصيرة حادة وتحليلية.‏ لذلك،‏ في حين يستحيل تصنيف اية سمة بأنها من سمات الرجولة مطلقا او الانوثة حصرا،‏ ثمة امر واحد اكيد:‏ ان بصيرة في وجهة نظر الشخص الآخر يمكن ان تصنع فرقا بين التعايش السلمي والحرب المفتوحة،‏ وخصوصا في الزواج.‏

      ان تحدي الاتصال اليومي بين الذكر والانثى في الزواج هائل حقا.‏ فبإمكان ازواج فُطن كثيرين ان يشهدوا على ان السؤال «ما رأيكَ في تسريحة شعري الجديدة؟‏» الذي يبدو بسيطا ظاهريا يمكن ان يكون محفوفا بالمخاطر.‏ وتتعلم نساء لبقات كثيرات الامتناع عن طرح السؤال «لماذا لا تسأل احدا عن الاتجاه؟‏» مرارا وتكرارا عندما يُضيع ازواجهن طريقهم عند السفر.‏ وبدلا من الاستخفاف بالصفات الظاهرية التي تميِّز رفيق الزواج وتشبث المرء بعناد بصفاته الخاصة لأن «طبيعتي هكذا،‏» ينظر شريكا الزواج المحبَّان الى العمق.‏ وليس ذلك تفحُّصا باردا لاسلوب الاتصال عند الآخر ولكنه تحديق دافئ في قلب الآخر وفكره.‏

      وكما ان كل شخص فريد،‏ كذلك ايضا كل اتحاد لفردين في الزواج.‏ وليس الاتفاق الحقيقي لعقلين وقلبين مصادفة بل يتطلب جهدا شاقا بسبب طبيعتنا البشرية الناقصة.‏ على سبيل المثال،‏ من السهل جدا الافتراض ان الآخرين ينظرون الى الامور كما ننظر اليها نحن.‏ وغالبا ما نسدّ حاجات الآخرين بالطريقة التي بها نريد ان تُسدَّ حاجاتنا،‏ ربما محاولين اتِّباع القاعدة الذهبية،‏ «فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم.‏» (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ لكنَّ يسوع لم يقصد ان ما تريدونه انتم يجب ان يرضي بالضرورة الآخرين،‏ بل انكم ترغبون في ان يعطيكم الآخرون ما تريدونه انتم او تحتاجون اليه.‏ لذلك يجب ان تعطوا ما يحتاجون هم اليه.‏ وهذا الامر ضروري خصوصا في الزواج،‏ لأن كلًّا من الطرفين اخذ على نفسه عهدا بإشباع حاجات رفيق زواجه على اكمل وجه ممكن.‏

      لقد اخذت هدى ونبيل على انفسهما عهدا كهذا.‏ وكان اتحاد زواجهما طوال سنتين سعيدا.‏ ولكن،‏ مع انهما يشعران بأنهما يعرفان واحدهما الآخر خير معرفة،‏ تتفاقم الامور فجأة احيانا وتكشف عن فجوة اتصال واسعة لا يمكن للنوايا الحسنة وحدها ان تسدّها.‏ تقول الامثال ١٦:‏٢٣‏،‏ ع‌ج:‏ «قلب الحكيم يجعل فمه يظهر بصيرة.‏» نعم،‏ ان البصيرة في الاتصال هي المفتاح الضروري.‏ فلنرَ اية ابواب تفتحها امام نبيل وهدى.‏

      نظرة رجل

      يشقّ نبيل طريقه في عالم تنافسي حيث يجب على كل رجل ان يتولى دوره في ظل نظام اجتماعي،‏ إما كمرؤوس او كرئيس في وضع معيَّن.‏ ويخدم الاتصال قصد توطيد مركزه،‏ كفاءته،‏ خبرته،‏ او جدارته.‏ واستقلاله عزيز في عينيه.‏ لذلك عندما يعطيه احدٌ اوامر بطريقة متطلِّبة،‏ يجد نبيل نفسه معارضا.‏ وتجعله الفكرة الضمنية «انت لا تقوم بواجبك» ينتفض،‏ حتى ولو كان الامر المطلوب منطقيا.‏

      وأساس محادثة نبيل انما هو تبادل المعلومات.‏ فهو يحب التكلم عن الوقائع،‏ الافكار،‏ والامور الجديدة التي تعلَّمها.‏

      عندما يصغي نبيل،‏ نادرا ما يقاطع المتكلم،‏ حتى باستجابات صغيرة مثل «ايه،‏» لأنه يستوعب المعلومات.‏ أما اذا خالفه في الرأي فقد لا يتردد في قول ذلك،‏ وخصوصا مع صديق.‏ فذلك يظهر انه مهتم بما لدى صديقه ليقوله،‏ دارسا كل الاحتمالات.‏

      وإذا وقع نبيل في مشكلة،‏ يفضل ايجاد حل لها هو بنفسه.‏ لذلك قد يبتعد عن ايّ شخص وعن ايّ امر آخر.‏ او قد يحاول الاسترخاء فيشترك في نشاط مسلٍّ لينسى المشكلة وقتيا.‏ ولن يناقش الامر إلا اذا كان يطلب نصيحة.‏

      وإذا جاء الى نبيل رجل واقع في مشكلة كما فعل سمير،‏ يدرك نبيل ان من واجبه ان يساعد،‏ ويتأكد ان لا يجعل صديقه يشعر بأنه غير مؤهَّل.‏ وهو عادة يضيف الى النصيحة شيئا من متاعبه الخاصة حتى لا يشعر صديقه بأنه وحده.‏

      يحب نبيل ان يقوم بنشاطات مع الاصدقاء.‏ فالرفقة بالنسبة اليه تعني المشاركة في فعل الامور.‏

      والبيت بالنسبة اليه ملجأ من المعترك في الخارج،‏ مكان لا يضطر فيه الى التكلم ليثبت وجوده،‏ مكان يكون فيه مقبولا،‏ موثوقا به،‏ محبوبا،‏ ومقدَّرا.‏ ومع ذلك،‏ يجد نبيل احيانا انه بحاجة الى الوحدة.‏ وقد لا تكون لذلك علاقة بهدى او بأي شيء فعلته.‏ فكل ما يحتاج اليه هو وقت يقضيه وحده.‏ ويجد نبيل انه من الصعب ان يكشف لزوجته مخاوفه،‏ آلامه،‏ والامور التي تزعجه.‏ فهو لا يريد ان تقلق.‏ فمهمته هي الاهتمام بها وحمايتها،‏ وهو يحتاج الى ان تثق هدى بأنه يفعل ذلك.‏ وفيما يريد نبيل الدعم،‏ لا يريد الشفقة.‏ فذلك يجعله يشعر بأنه غير مؤهَّل او غير نافع.‏

      وجهة نظر امرأة

      ترى هدى نفسها فردا في عالم من الصلات الاجتماعية بالآخرين.‏ ومن المهم بالنسبة اليها توطيد وتقوية رُبُط هذه العلاقات.‏ والتحدث طريقة مهمة لإحداث التقارب وتعزيزه.‏

      ان الاعتماد على الغير امر طبيعي عند هدى.‏ فهي تشعر بأنها محبوبة عندما يعرف نبيل آراءها قبل اتخاذ قرار ما،‏ مع انها تريد ان يأخذ هو القيادة.‏ وعندما يكون عليها ان تتخذ قرارا،‏ تحب ان تستشير زوجها،‏ ليس بالضرورة لكي يقول لها ماذا تفعل،‏ بل لتظهر اقترابها منه واتكالها عليه.‏

      يصعب على هدى كثيرا ان تقول بطريقة مباشرة انها بحاجة الى شيء.‏ فهي لا تريد ان «تنقّ على» نبيل او تجعله يشعر بأنها غير سعيدة.‏ لكنها بدلا من ذلك تنتظر حتى يُلاحَظ ذلك او انها تلمِّح اليه.‏

      وعندما تتحدث هدى،‏ تثير اهتمامها التفاصيل الدقيقة وتطرح اسئلة كثيرة.‏ وهذا امر طبيعي بسبب حساسيتها واهتمامها الشديد بالناس وبإقامة علاقات.‏

      وعندما تصغي هدى،‏ تقاطع كلمات المتكلم بأصوات انفعالية،‏ بهزِّ الرأس،‏ او بتساؤلات لتظهر انها تتابع ما يقوله المتكلم وأنها مهتمة بما لديه ليقوله.‏

      وتبذل جهدا لتعرف بالحدس ما يحتاج اليه الناس.‏ فتقديم المساعدة دون ان تُطلب طريقة رائعة لإظهار المحبة.‏ وما تريده خصوصا هو مساعدة زوجها ليَبرز ويتقدَّم.‏

      عندما تقع هدى في مشكلة،‏ قد تشعر بالانسحاق.‏ فلا بد لها ان تتكلم،‏ ليس لتطلب حلا،‏ بل لتعبِّر عن مشاعرها.‏ وهي بحاجة الى ان تعرف ان شخصا ما يفهم ويهتم.‏ وعندما تُثار انفعالاتها،‏ تقول جُزافا امورا مفاجئة.‏ فعندما تقول:‏ «انتَ لا تصغي ابدا!‏»‏ لا تعني ذلك حرفيا.‏

      ولم تكن صديقة الطفولة الفضلى عند هدى تلك التي كانت تتشارك معها في فعل الامور بل التي كانت تتكلم معها عن كل شيء.‏ ولذلك فهي لا تهتم تقريبا في الزواج بالنشاطات الخارجية بقدر ما تهتم بوجود شخص مصغٍ لديه التقمص العاطفي يمكن ان تشاركه في مشاعرها.‏

      البيت مكان يمكن لهدى ان تتكلم فيه دون ان تُدان.‏ وهي لا تتردد في كشف مخاوفها ومتاعبها لنبيل.‏ وإذا ما احتاجت الى مساعدة،‏ لا تخجل من الاعتراف بذلك،‏ لأنها على ثقة بأن زوجها متوافر لمساعدتها ولديه من الاهتمام ما يكفي لجعله يصغي.‏

      تشعر هدى عادة بأنها محبوبة وآمنة في زواجها.‏ لكنها تبدأ احيانا،‏ وبدون ايّ سبب ظاهري،‏ تشعر بعدم الامان والمحبة،‏ فتصير بحاجة الى رفقة وطمأنة من جديد.‏

      نعم،‏ نبيل وهدى،‏ اللذان يكمِّل واحدهما الآخر،‏ مختلفان الى حد بعيد.‏ والاختلافات بينهما تخلق مجالا لحالات خطيرة من سوء التفاهم،‏ مع انهما يملكان اصدق النوايا ليكونا محبَّين وداعمَين.‏ ولو كان بإمكاننا سماع وجهة نظر كل واحد منهما حول الموضوع المذكور اعلاه،‏ فماذا كانا سيقولان؟‏

      ما رأياه من خلال عيونهما

      كان نبيل سيقول:‏ «من لحظة دخولي البيت استطعت ان الاحظ ان هدى مستاءة.‏ فافترضتُ انها ستقول لي سبب استيائها عندما تصبح جاهزة.‏ ولم تبدُ لي المشكلة مهمة الى هذا الحد.‏ واعتقدت انه اذا ساعدتُها لترى انه لا داعي للاستياء الى هذا الحد وأن الحل سهل،‏ فستشعر بالتحسُّن.‏ كان امرا مؤلما حقا ان تقول،‏ بعد ان اصغيت اليها،‏ ‹انت لا تصغي اليَّ ابدا!‏› لقد شعرتُ كما لو انها تلومني على شعورها بالاحباط!‏»‏

      وكانت هدى ستقول:‏ «كان يومي كله سيئا.‏ كنت اعلم ان الذنب ليس ذنب نبيل.‏ ولكن عندما دخل البيت بمزاج مرح،‏ شعرتُ كما لو انه يتجاهل استيائي.‏ لماذا لم يسألني ماذا جرى؟‏ وعندما اخبرته بالمشكلة،‏ كان معنى ما قاله انني سخيفة،‏ ان المسألة برمَّتها تافهة.‏ وبدلا من ان يقول انه يفهم ما اشعر به،‏ قال لي نبيل،‏ حلّال المشاكل،‏ كيف احل المشكلة.‏ انا لم أُرد حلولا،‏ انما اردت تعاطفا!‏»‏

      رغم المظاهر الخارجية لهذا التصدُّع الوقتي في العلاقة،‏ يحب نبيل وهدى واحدهما الآخر حبا جمًّا.‏ فأية بصائر تساعدهما على التعبير عن هذا الحب تعبيرا اوضح؟‏

      رؤية الامور من خلال عيني الآخر

      شعر نبيل بأنه يتطفل اذا سأل هدى ماذا جرى،‏ فعاملها بحكم طبيعته كما يريد ان يعامله الآخرون.‏ وانتظرها حتى تظهر مكنونات نفسها.‏ وهكذا لم تعد هدى مستاءة فقط بسبب المشكلة بل لأن نبيلا بدا وكأنه يتجاهل التماسها دعمه.‏ فلم ترَ في صمته اشارة الى احترام رقيق —‏ رأت في ذلك عدم اهتمام.‏ وعندما تكلمت هدى اخيرا،‏ اصغى نبيل دون ان يقاطع.‏ لكنها شعرت بأنه لم يكن يستمع حقا الى مشاعرها.‏ ثم عرض حلا،‏ لا تقمصا عاطفيا.‏ وعنى ذلك بالنسبة اليها:‏ ‹مشاعركِ لا اساس لها من الصحة؛‏ انتِ تبالغين في رد فعلك.‏ أَترَين الى ايّ حد سهل هو حل هذه المشكلة الصغيرة؟‏›‏

      كم كانت ستختلف الامور لو تمكن كل واحد منهما ان يرى الامور من وجهة نظر الآخر!‏ فكان من الممكن ان يحدث هذا:‏

      يأتي نبيل الى البيت ويجد هدى مستاءة.‏ فيسألها برقَّة:‏ «ماذا يجري يا عزيزتي؟‏» فتبدأ الدموع تفيض من عينيها والكلمات تتدفق من فمها.‏ ولا تقول هدى:‏ «الذنب كله ذنبك!‏» او توحي بأن ما يقوم به نبيل ليس كافيا.‏ فيضمها نبيل اليه ويصغي بصبر.‏ وعندما تنتهي يقول:‏ «يؤسفني انك تشعرين بالحزن.‏ يمكنني ان افهم سبب استيائك الى هذا الحد.‏» فتجيب هدى:‏ «شكرا جزيلا لأنك اصغيت.‏ اشعر بأنني احسن حالا لأنك تتفهَّم الامر.‏»‏

      من المؤسف انه بدلا من حلِّ الخلافات بينهم،‏ يختار ازواج وزوجات كثيرون إنهاء زواجهم بالطلاق.‏ فالاتصال المفقود هو المسؤول عن تخريب بيوت كثيرة.‏ والخلافات تنفجر مما يزعزع اسس الزواج.‏ فكيف يحصل ذلك؟‏ تخبرنا المقالة التالية كيف يحصل ذلك وكيف يمكن تجنُّبه.‏

  • تحليل الخلاف
    استيقظ!‏ ١٩٩٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • تحليل الخلاف

      هي بحاجة الى إبداء مشاعرها.‏ وهو يريد تقديم الحلول.‏ ربما كانت لملايين الخلافات الزوجية على مرِّ الزمن نغمات مختلفة كثيرة،‏ لكنها غالبا ما تكون اشكالا متنوعة لالحان رئيسية قليلة.‏ وفهْم وجهة نظر رفيق زواجكم المختلفة او اسلوب اتصاله المختلف يمكن ان يساعد على تحويل حرائق الغابات المتأجِّجة هذه الى فحم متوهِّج في موقد بيت سعيد.‏

      ‏«لا تديري حياتي!‏»‏

      قد يكون نموذج الزوجة المستبدة و«النقَّاقة» صحيحا في حالة ازواج كثيرين يجدون ان النصائح،‏ المطالب،‏ والانتقادات تضيِّق الخناق عليهم من كل حدب وصوب.‏ ويسلِّم الكتاب المقدس بصحة مشاعر كهذه،‏ قائلا:‏ «مخاصمات الزوجة كالوكف المتتابع.‏» (‏امثال ١٩:‏١٣‏)‏ فقد تطلب الزوجة امرا،‏ فيمانع زوجها بصمت لأسباب تجهلها.‏ وإذ تظن انه لم يسمعها،‏ تقول له هذه المرة ما يجب فعله.‏ فتشتد ممانعته.‏ فهل هما زوجة «نقَّاقة» وزوج تسيطر عليه زوجته؟‏ ام شخصان مشكلتهما فقط عدم وضوح الاتصال بينهما؟‏

      من وجهة نظر الزوجة،‏ ان افضل طريقة تعبِّر بها عن حبها لزوجها هي بتقديم نصيحة مساعِدة.‏ وفي نظر زوجها،‏ هي تتأمَّر عليه وتشير ضمنا الى انه غير مؤهَّل.‏ وعبارة «لا تنسَ حقيبتك» هي بالنسبة اليها قول ينمُّ عن اهتمام،‏ متأكدة انه يحمل ما هو بحاجة اليه.‏ لكنَّ العبارة تذكِّره بأمه وهي تناديه من امام الباب:‏ «هل اخذتَ قفازيك؟‏»‏

      وقد تقول بلطف زوجة مرهَقة:‏ «هل تريد ان نأكل في الخارج هذا المساء؟‏» وما تعنيه حقا هو:‏ «ألن تأخذني لنتعشى خارجا؟‏ فأنا متعَبة ولا يمكنني ان اطبخ.‏» لكنَّ زوجها المخلص قد ينتهز الفرصة ليمدحها على طبخها ويؤكد انه يفضِّل طبخها على ايّ طبخ آخر.‏ او قد يشعر بأنها ‹تحاول ان تديرني!‏› وفي اثناء ذلك،‏ قد تقول الزوجة لنفسها باستياء:‏ ‹لماذا اسأل؟‏›‏

      ‏«انتَ لا تحبني!‏»‏

      فيصرخ الزوج الحائر والمثبَّط العزم:‏ «كيف يمكن ان تفكِّر هكذا؟‏ فأنا اعمل وأسدِّد الفواتير،‏ حتى انني اجلب لها الازهار احيانا!‏»‏

      في حين يحتاج جميع البشر الى الشعور بأنهم محبوبون،‏ لدى المرأة حاجة خصوصية الى ان يُؤكَّد لها ذلك مرارا وتكرارا.‏ وقد لا تقول ذلك بصوت عال،‏ لكنها قد تشعر في الداخل وكأنها حمْل غير مرغوب فيه،‏ وخصوصا اذا جعلتها دورتها الشهرية تشعر بالكآ‌بة وقتيا.‏ وفي مناسبات كهذه قد ينسحب زوجها،‏ معتقدا انها تريد بعض الوقت لنفسها.‏ وقد تفسِّر هي عدم الاقتراب من جهته بأنه تأكيد لأسوإ مخاوفها —‏ لم يعد يحبها.‏ وقد تكلمه بغضب،‏ محاولة ان تجبره على حبها ودعمها.‏

      ‏«ماذا يجري يا عزيزي؟‏»‏

      قد تكون طريقة الرجل في معالجة مشكلة مجهِدة البحثَ عن مكان هادئ للتأمل فيها.‏ وقد تحسُّ المرأة بحدسها ببعض التوتر،‏ وقد يكون رد فعلها الغريزي ان تحاول اخراجه من قوقعته.‏ ومهما عبَّرت هذه الجهود عن حسن نية،‏ فقد يجد فيها الزوج تطفُّلا وإذلالا.‏ وإذ يبتعد ليتأمل في مشكلته،‏ يلقي نظرة عاجلة من فوق كتفه ليرى زوجته الوليَّة تلاحقه،‏ دائما وراءه.‏ ويسمع صوتها المحب الملحاح:‏ «هل انتَ بخير يا عزيزي؟‏ ماذا يجري؟‏ دعنا نتكلم عن ذلك.‏»‏

      وإذا لم يردَّ عليها،‏ فقد يجرح ذلك شعور الزوجة.‏ فعندما تقع هي في مشكلة،‏ ترغب في حلِّها بالتحدث المباشر اليه.‏ لكنَّ الرجل الذي تحبه لا يرغب في مشاركتها في مشاعره.‏ وقد تستنتج:‏ «لا بد انه لم يعد يحبني.‏» لذلك عندما يخرج الرجل غير المرتاب بشيء من عالمه الداخلي،‏ راضيا بالحل الذي وجده،‏ يجد ايضا،‏ لا الزوجة المحبة المهتمة التي تركها خلفه،‏ بل زوجة غضبانة مستعدة لتحديه لأنه تركها وحدها.‏

      ‏«انتَ لا تصغي اليَّ ابدا!‏»‏

      قد تبدو التهمة مضحكة.‏ فبالنسبة اليه يبدو ان كل ما يفعله هو الاصغاء.‏ ولكن اذ تكلِّمه زوجته،‏ ينتابها شعور متميِّز بأن كلماتها يغربلها ويحلِّلها جهاز كمپيوتر يحل مسألة في الرياضيات.‏ وتتأكد لها شكوكها عندما يقول في منتصف جملة:‏ «حسنا،‏ لماذا لا .‏ .‏ .‏؟‏»‏

      عندما تأتي زوجة واقعة في مشكلة الى زوجها،‏ تكون في اكثر الاحيان غير لائمة له ولا طالبة منه حلا.‏ فأكثر ما تريده هو اذن متعاطفة لا تسمع فقط الوقائع الباردة بل ايضا مشاعرها حيال ذلك.‏ وهي لا تريد بعد ذلك نصيحة،‏ بل تصديقا على مشاعرها.‏ لهذا السبب يُشعل ازواج كثيرون حِسان النية فتيلَ القنبلة عندما يكون كل ما يقولونه:‏ «لا يجب ان تشعري هكذا يا عزيزتي.‏ فالامر ليس خطيرا الى هذا الحد.‏»‏

      غالبا ما يتوقع الناس من رفقاء زواجهم ان يقرأوا افكارهم.‏ قال احد الرجال:‏ «نحن متزوجان منذ ٢٥ سنة.‏ وإذا كانت لا تعرف حتى الآن ما اريده،‏ فلا بد انها لا تهتم او لا تعير الامر انتباهها.‏» ويذكر مؤلِّف في كتابه حول العلاقة الزوجية:‏ «عندما لا يخبر الشريكان واحدهما الآخر بما يريدانه بل ينقد واحدهما الآخر باستمرار بسبب تفويت فرصة التصرف المناسب،‏ لا عجب ان تختفي روح الحب والتعاون.‏ فيحل محلها .‏ .‏ .‏ صراع القوى الذي فيه يحاول كل شريك زواج ان يجبر الآخر على سد حاجاته.‏»‏

      ‏«انتَ لا تشعر بالمسؤولية مطلقا!‏»‏

      قد لا تقول الزوجة ذلك بهذه الصراحة لزوجها،‏ لكنها قد توحي بذلك بشكل واضح في نبرة صوتها.‏ فعبارة «لماذا تأخرتَ كثيرا؟‏» يمكن ان يُرى فيها طلب للمعلومات.‏ ولكن من المحتمل اكثر ان تعني لزوجها نظرة الاتهام واليد على الجنب:‏ «ايها الولد الصغير الذي لا يشعر بالمسؤولية،‏ لقد شغلت بالي.‏ لماذا لم تتصل؟‏ انت لا تراعي المشاعر!‏ ها قد فسد العشاء!‏»‏

      هي على حق طبعا بشأن العشاء.‏ ولكن اذا انفجر خلاف،‏ فهل تكون علاقتهما في خطر ايضا؟‏ يلاحظ الدكتور جون ڠراي:‏ «يحدث معظم الخلافات ليس لأن الشخصين يختلفان في الرأي بل لأنه إما ان الرجل يشعر بأن المرأة لا توافق على وجهة نظره او ان المرأة لا توافق على الطريقة التي يكلِّمها بها.‏»‏

      والبعض هم من اصحاب الرأي القائل انه يجب على المرء ان يكون حرا ليقول ما يشاء في بيته دون رادع.‏ لكنَّ المتصِل الجيد يسعى الى تحقيق الانسجام واحراز السلام،‏ آخذا بعين الاعتبار مشاعر المصغي.‏ ويمكننا تقريبا تشبيه محادثة من هذا النوع بتقديم كوب من الماء المثلَّج لرفيق الزواج بالمقارنة مع رميه في وجهه.‏ لذلك يمكننا القول ان الفرق هو في طريقة المخاطبة.‏

      ان تطبيق كلمات كولوسي ٣:‏١٢-‏١٤‏،‏ ع‌ج‏،‏ يبدِّد الخلافات ويُنتج بيتا سعيدا:‏ «البسوا مودة الحنان الرقيقة واللطف والاتضاع العقلي والوداعة وطول الاناة.‏ استمروا محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا بسخاء ان كان لأحد سبب للشكوى على آخر.‏ كما سامحكم يهوه بسخاء هكذا افعلوا انتم ايضا.‏ وفضلا عن كل هذه الامور تسربلوا بالمحبة فهي رباط كامل للوحدة.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      هو يؤيد الوقائع،‏ وهي تؤيد المشاعر

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة