مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • عندما يصيب العنف البيت
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • عندما يصيب العنف البيت

      ‏«العنف البشري —‏ سواء كان لطما او دفعا عنيفا،‏ طعنا او اطلاق رصاص —‏ يحدث تكرارا داخل الدائرة العائلية اكثر من ايّ مكان آخر في مجتمعنا.‏» —‏ خلف الابواب المغلَقة.‏

      سيروا في ايّ شارع في اميركا.‏ ففي بيت من كل اثنين،‏ سيحدث شكل من العنف المنزلي مرة على الاقل هذه السنة.‏ وفي ١ من ٤ بيوت،‏ سيحدث مرارا.‏ وما يدعو الى السخرية هو ان كثيرين ممن يخافون ان يسيروا في الشوارع ليلا هم في خطر اكبر في البيت.‏

      لكنَّ العنف المنزلي ليس ظاهرة اميركية فقط.‏ فهو يحدث في كل انحاء العالم.‏ على سبيل المثال،‏ ان ٢ من ٣ جرائم قتل في الدنمارك تحدثان داخل العائلة.‏ ويُظهر البحث في افريقيا ان ٢٢ الى ٦٣ في المئة من كل جرائم القتل تحدث داخل العائلة،‏ اذ يتوقف ذلك على البلد.‏ وفي اميركا اللاتينية يحقِّر،‏ يضرب بشدة،‏ او يقتل الرجال المفتخرون بنعرة الرجولة اناسا كثيرين،‏ وخصوصا النساء.‏

      وفي كندا تموت نحو مئة امرأة كل سنة على ايدي ازواجهنَّ او رفقاء زواجهنَّ العُرفي.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ التي هي اكثر من كندا بنحو عشر مرات في عدد السكان،‏ تُقتل ٠٠٠‏,٤ امرأة تقريبا كل سنة على ايدي ازواجهنَّ او اصدقائهنَّ المسيئين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يُقتل نحو ٠٠٠‏,٢ ولد كل سنة على ايدي والديهم،‏ والعدد نفسه من الوالدين يُقتلون على ايدي اولادهم.‏

      وهكذا،‏ في كل العالم،‏ يضرب الازواج الزوجات بشدة،‏ تضرب الزوجات الازواج،‏ يضرب الوالدون الاولاد،‏ يهاجم الاولاد الوالدين،‏ ويتصف الاولاد بالعنف واحدهم نحو الآخر.‏ «ان اكثر ما يختبره الراشدون في حياتهم من غضب وعنف هو من او نحو قريب دموي،‏» يؤكد كتاب عندما تتشاجر العائلات،‏ «وهذا الغضب هو اشدّ من ذاك الذي يجري اختباره في اية علاقة اخرى.‏»‏

      العائلة في حرب

      الاساءة الى رفقاء الزواج:‏ في اغلب الاحيان،‏ يعتبر الازواج الترخيص في الزواج ترخيصا في ضرب زوجاتهم بشدة.‏ وفي حين ان النساء يضربن الرجال،‏ لا يكون الأذى عادة كبيرا كذاك الذي يُحدثه الرجال عندما يضربون بشدة رفيقات زواجهم.‏ تُخبر مجلة الوالدون:‏ «ان اكثر من ٩٥ في المئة من حالات الاساءة [الخطيرة] الى رفقاء الزواج التي يُخبَر عنها يشمل رجلا يضرب امرأة بشدة.‏»‏

      وتذكر مدَّعية عامة لمنطقة نيويورك:‏ «العنف ضد النساء موجود بنسب وبائية في المجتمع الاميركي.‏ وقد قدَّر مكتب المباحث الاتحادي FBI ان .‏ .‏ .‏ ما يبلغ ٦ ملايين امرأة يُضربن بشدة كل سنة.‏» وفي حين ان عدد الحوادث يختلف من بلد الى بلد،‏ تُظهر التقارير ان ضرب الذكور الشديد للإناث وبائي في بلدان كثيرة،‏ إن لم يكن في معظمها.‏

      وفي الولايات المتحدة،‏ يقدَّر ان «امرأة من كل ١٠ سوف يعتدي عليها (‏يلطمها،‏ يركلها،‏ يعضّها او اسوأ من ذلك)‏ زوجها على نحو خطير في وقت ما خلال مجرى زواجها.‏» وعندما تُشمل الحالات الاقل خطورة،‏ تذكر مجلة العلاقات العائلية،‏ «سوف تختبر امرأة من اثنتين في الولايات المتحدة عنفا منزليا.‏»‏

      وفي الواقع،‏ تقول مدَّعية عامة لمنطقة نيويورك انه جرى التحديد ان «ضرب الزوجات يسبب اصابات للنساء تتطلب الاستشفاء اكثر من كل حوادث الاغتصاب،‏ السلب وحوادث السيارات مجتمعةً.‏»‏

      تذكر الدكتورة لُويس ج.‏ ليڤيزي:‏ «من الواضح أن العنف ضد النساء والعنف داخل العائلات امر شائع،‏ وأن مرتكبي ذلك .‏ .‏ .‏ اناس عاديون.‏ .‏ .‏ .‏ انه مشكلة خطيرة بين كل طبقات وعروق السكان.‏»‏

      يلوم الضحايا انفسَهم احيانا على الاساءة،‏ مما يؤدّي الى اعتبار قليل للذات.‏ توضح مجلة الوالدون:‏ «ان المرأة التي تعوزها الثقة بالنفس والتي لها اعتبار قليل للذات تجعل نفسها هدفا للاساءة.‏ .‏ .‏ .‏ فالمرأة النموذجية المساء اليها تخاف ان تخطط وأن تعمل من اجل مصلحتها الخاصة.‏»‏

      والعنف الزوجي له ايضا تأثير مؤذ في الاولاد.‏ فهم يتعلَّمون ان العنف يمكن ان يُستعمل في التعامل مع الآخرين.‏ حتى ان بعض الامهات يُخبرن بأن اولادهنَّ يستعملون التهديدات ضدهنَّ،‏ مثل،‏ «سأجعل ابي يضربك،‏» لكي يحصلوا على ما يريدون.‏

      الاساءة الى الاولاد:‏ يواجه ملايين الاولاد كل سنة معاملة جسدية بالغة القسوة يمكن ان تسبب لهم اصابات خطيرة،‏ تشوِّههم،‏ او تقتلهم.‏ ويقدَّر انه مقابل كل حالة اساءة يُخبر بها،‏ فإن ٢٠٠ حالة لا يُخبر بها.‏ «بالنسبة الى الاولاد،‏ كثيرا ما يكون البيت اخطر مكان يوجدون فيه،‏» يدَّعي كتاب علم اجتماع الزواج والعائلة.‏

      يقول الپروفسور الجامعي جون إ.‏ بِيْتس ان الاساءة هي العامل البيتي الاقوى الذي يؤثر في كيفية تصرف الولد لاحقا في الحياة.‏ وتقول الدكتورة سوزَن فوروَرد:‏ «وجدت انه ما من حادث آخر في الحياة يترك ندوبا الى هذا الحد في اعتبار الناس للذات او يعرِّضهم لمشاكل عاطفية شديدة في سن الرشد.‏» وعلامات العدوان في الحالات الصعبة يمكن ان تُلاحَظ حتى في الاولاد من اربع الى خمس سنوات من العمر.‏ واذ يكبرون،‏ تكون لمثل هؤلاء الاولاد معدلات اعلى من اساءة استعمال المخدِّرات،‏ اساءة استعمال الكحول،‏ التصرف الاجرامي،‏ الاضطرابات الذُّهانية psychotic disturbances،‏ والنمو المعاق.‏

      وعلى نحو مفهوم،‏ يُضمر كثيرون من الاولاد الذين تُساء معاملتهم الغضبَ نحو الوالد المسيء اليهم،‏ لكنهم غالبا ما يكونون ايضا غِضابا على الوالد غير المسيء لسبب سماحه بأن يستمر العنف.‏ ففي رأي الولد،‏ يمكن ان يُعتبر الشاهد الصامت شريكا في الاساءة.‏

      الاساءة الى المسنين:‏ ان ما يقدَّر بـ‍ ١٥ في المئة من المسنين في كندا يعانون الاساءة الجسدية والنفسية على ايدي اولادهم الراشدين.‏ وتكهَّن احد الدكاترة بأن «الحالة لا يمكن إلا ان تصير اسوأ فيما يصير المزيد من السكان كبارا في السن،‏ والاعباء المالية والعاطفية على اولادهم تزداد.‏» وثمة مخاوف مماثلة يجري الشعور بها في كل العالم.‏

      في احيان كثيرة،‏ يتردَّد الكبار السن في الإخبار عن الاساءة.‏ فربما يكونون معتمدين على المسيء وهكذا يختارون ان يستمروا في العيش في الظروف المروِّعة.‏ «في المرة التالية» هو الجواب الذي كانت تعطيه دائما امرأة مسنة عندما تُسأل متى ستسلِّم ابنها وكنَّتها الى السلطات.‏ فقد ضرباها بعنف شديد بحيث أُدخلت المستشفى لمدة شهر.‏

      الاساءة الى الاشقاء:‏ هذا هو شكل سائد من العنف المنزلي.‏ والبعض يقلِّلون من اهميته قائلين،‏ «الولدُ ولدٌ.‏» لكنَّ اكثر من نصف الاشقاء في احد الاستطلاعات كانوا قد قاموا بأعمال هي خطيرة على نحو كاف لمحاكمة جنائية لو وُجِّهت هذه الاعمال ضد احد خارج العائلة.‏

      ويعتقد كثيرون ان الاساءة الى الاشقاء تعلِّم نمطا ينتقل الى سن الرشد.‏ وفي البعض يمكن ان يكون ذلك عاملا في الاساءة الزوجية اللاحقة اعظم من رؤيتهم العنف بين والديهم.‏

      ساحة قتال خَطِرة

      قدَّر باحث قانوني مرة ان الشرطة تُستدعى لمعالجة النزاعات العائلية اكثر بكثير من كل الحوادث الاجرامية الاخرى مجتمعةً.‏ وادَّعى ايضا انه يُقتل رجال شرطة عند الاستجابة لاستدعاءات الاضطراب العائلي اكثر مما عند الاستجابة لأيّ نوع فردي آخر من الاستدعاء.‏ «على الاقل تكون مستعدّا في حادثة السلب،‏» قال احد رجال الشرطة.‏ «ولكن عند دخول بيت شخص ما .‏ .‏ .‏ لا تعرف ماذا سيحدث.‏»‏

      بعد دراسة شاملة للعنف المنزلي،‏ استنتج فريق ابحاث في اميركا ان العائلة،‏ باستثناء القوات المسلحة في وقت الحرب،‏ هي اعنف وحدة اجتماعية موجودة.‏

      فماذا يسبِّب العنف العائلي؟‏ هل سينتهي يوما ما؟‏ هل يُبرَّر يوما ما؟‏ ان المقالة التالية ستسبر غور هذه الاسئلة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤]‏

      ‏«العنف ضد النساء موجود بنسب وبائية في المجتمع الاميركي.‏» —‏ مدَّعية عامة لمنطقة

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      ‏«بالنسبة الى الاولاد،‏ كثيرا ما يكون البيت اخطر مكان يوجدون فيه.‏» —‏ علم اجتماع الزواج والعائلة

  • ماذا يسبِّب العنف المنزلي؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • ماذا يسبِّب العنف المنزلي؟‏

      ‏«عوض ان تكون ملجأ من الاجهاد،‏ التوترات،‏ وعدم تعقُّل المجتمع في الخارج،‏ كثيرا ما يبدو ان العائلة تنقل او حتى تزيد من حدَّة هذه التوترات.‏» ‏—‏ المحيط الحميم —‏ سبر غور الزواج والعائلة.‏

      ان البحث في موضوع العنف العائلي هو نسبيا مسعى جديد.‏ فقد أُجريت استطلاعات شاملة خلال العقود الاخيرة فقط.‏ ونتائج تحقيقات كهذه ربما لا تكون دائما متماثلة،‏ لكنَّ بعض العوامل الاساسية التي تساهم في العنف المنزلي قد اكتُشف.‏ فلنتأمل في بعض منها.‏

      ايّ دور تلعبه خلفية العائلة؟‏

      قال عدد من الباحثين عن نتائج بحثهم:‏ «كلما كان الزوجان اللذان نجري مقابلة معهما اعنف كان اولادهما اعنف واحدهم نحو الآخر ونحو والديهم.‏»‏

      فمجرد كون الولد شاهد عيان لعنف العائلة له تأثير كبير فيه.‏ «ان الولد الذي يشاهد امه تُضرب بشدة مساوٍ للولد الذي يُضرب بشدة،‏» يذكر الاختصاصي في المعالجة جون برادشو.‏ وثمة حدث اسمه إد كان يكره رؤية ابيه يضرب امه.‏ ولكن،‏ رغم انه ربما لم يدرك ذلك،‏ كان ينطبع في ذهنه الاعتقاد أن الرجال يجب ان يتحكَّموا في النساء وأنه من اجل ذلك،‏ يجب على الرجال ان يخيفوا النساء،‏ يؤذوهنَّ،‏ ويحطّوا من قدرهنَّ.‏ وعندما صار راشدا،‏ استعمل إد هذه الوسائل المسيئة والعنيفة في زوجته.‏

      وبعض الوالدين يمنعون اولادهم بحذر من مشاهدة العنف على التلفزيون،‏ وذلك امر جيد.‏ لكنَّ الوالدين يجب ان يكونوا ايضا اكثر حذرا عندما يتعلق الامر بمراقبة تصرفهم كونهم امثلة يُحتذى بها لاولادهم السريعي التأثر.‏

      ايّ دور يلعبه الاجهاد؟‏

      ان الحَبَل،‏ البطالة،‏ موت والد،‏ تغيير مكان الاقامة،‏ المرض،‏ والمشاكل المالية تسبِّب الاجهاد،‏ كما تسبِّبه امور اخرى.‏ وكثيرون من الناس يعالجون الاجهاد دون اللجوء الى العنف.‏ ولكن،‏ بالنسبة الى البعض،‏ يمكن ان يكون الاجهاد تمهيدا للعنف،‏ وخصوصا عندما تُضاف اليه عوامل اخرى.‏ مثلا،‏ ان الاعتناء بوالد مسنّ —‏ وخصوصا عندما يكون الوالد مريضا —‏ كثيرا ما يؤدّي الى الاساءة عندما يكون الشخص الذي يتولّى الاعتناء مُثقلا بمسؤوليات عائلية اخرى.‏

      وتربية الاولاد تُنتج الاجهاد.‏ ونتيجة لذلك،‏ قد يزيد احتمال الاساءة الى الاولاد بازدياد حجم العائلة.‏ وقد يسبِّب الاولاد زيادة في الاساءة الى رفيق الزواج ايضا،‏ لأن «النزاع حول الاولاد هو الذي يؤدّي على الارجح برفيقي الزواج الى البدء بالقتال،‏» يذكر خلف الابواب المغلَقة.‏

      نظرة غير لائقة الى الجنسين

      يقول دان بادجورِك،‏ الذي يدير فريقا استشاريا في كندا،‏ ان الرجال المسيئين لديهم نظرة خاطئة الى النساء:‏ «مهما كان المجتمع الذي يأتون منه،‏ فانهم تربَّوا على الاعتقاد ان الرجال هم في المرتبة الاولى.‏» ويقول هاميش سينكلِير،‏ الذي يرأس برنامجا علاجيا للرجال المسيئين،‏ ان الرجال يتدرَّبون على الاعتقاد انهم اسمى من النساء وأنه يحق لهم ان «يعاقبوهنَّ،‏ يؤدِّبوهنَّ او يُرهِبوهنَّ.‏»‏

      وفي بلدان كثيرة يُعتبر ان الرجل له الحق في معاملة زوجته كمجرد اداة،‏ جزء آخر من ممتلكاته.‏ والتحكُّم في زوجته والتسلُّط عليها يُعتبران مقياسا لرجولته وكرامته.‏ وغالبا ما تُضرب الزوجات ويُساء اليهنَّ بطريقة اخرى بشكل رهيب،‏ والانظمة الشرعية قلَّما تفعل شيئا حيال ذلك لأن هذا هو القانون في بلدان كهذه.‏ الرجل هو الاسمى،‏ والمرأة هي الادنى؛‏ فيجب ان تقدم له الطاعة الكلية مهما كان غير جدير بالاكرام،‏ عنيفا،‏ منحرفا،‏ او انانيا.‏

      اخبر مورلي سِيْفر مذيع للانباء في محطة التلفزيون CBS عن بلد في اميركا الجنوبية:‏ «ما من مكان في اميركا اللاتينية يكون فيه الافتخار بالرجولة ظاهرا اكثر .‏ .‏ .‏ انه منتشر في كل المجتمع،‏ بما في ذلك قاعة المحكمة اذ يمكن للرجل دفاعا عن كرامته ان يفعل ما يريد دون خوف من العقاب،‏ وخصوصا اذا كانت الضحية امرأته.‏» وأكَّد انه «لا يوجد مكان في الارض يحط من قدر النساء» كما يفعل ذلك البلد.‏ لكنَّ تسلُّط الذكر والحطّ من قدر النساء هما واسعا الانتشار.‏ ولا يقتصر ذلك على بلد واحد،‏ مهما كان شديدا فيه.‏

      ذكرت مينا شولمَن،‏ مديرة وكالة العنف المنزلي وتنفيذ القانون في نيويورك،‏ ان العنف وسيلة يستعملها الرجال للحفاظ على التحكُّم ولاظهار القوة والسلطة على المرأة.‏ وأضافت:‏ «اننا نعتبر العنف المنزلي اساءة لاستعمال القوة والتحكُّم.‏»‏

      يعاني بعض ضاربي الزوجات من اعتبار قليل للذات،‏ الصفة نفسها التي يحدثونها في ضحاياهم.‏ واذا استطاعوا فعل ذلك،‏ فعندئذ يجري اشباع الأنا عندهم،‏ ويشعرون بمقدار من التفوق والسيطرة على انسان آخر.‏ وهم يعتقدون انهم يبرهنون على رجوليتهم بهذه الطريقة.‏ ولكن،‏ هل الامر كذلك؟‏ وبما انهم يرتكبون عنفهم في النساء الاضعف جسديا،‏ هل يبرهن ذلك انهم حقا رجال قوة،‏ ام يبرهن،‏ عوض ذلك،‏ انهم غير منطقيين؟‏ هل هو رجولي حقا لذَكَر اقوى ان يُشبع ضربا انثى اضعف وأقل قدرة على الدفاع عن نفسها؟‏ ان الرجل الذي يتصف بمزية ادبية قوية يظهر الاعتبار والرأفة للاشخاص الاضعف والاقل قدرة على الدفاع عن انفسهم،‏ ولا يستغلّهم.‏

      والاعراب الآخر عن التفكير غير المنطقي للمسيء هو واقع انه غالبا ما يلوم زوجته على اثارة الضرب.‏ فقد يلمِّح الى امور،‏ او حتى يقول لها امورا،‏ مثل:‏ ‹لم تفعلي ذلك بالطريقة الصحيحة.‏ لهذا السبب اضربك.‏› او:‏ ‹كان العشاء متأخرا،‏ لذلك تنالين ما تستحقينه.‏› ففي اعتقاد المسيء،‏ ان ذلك ذنبها.‏ لكنَّ ايّ تقصير لرفيق الزواج لا يبرِّر الضرب الشديد؟‏

      هل يصنع الكحول فرقا؟‏

      بما ان الكحول يقلِّل من ضبط الذات ويزيد من امكانية التصرف دون تفكير،‏ ليس مدهشا ان يعتقد البعض انه يمكن ان يثير الاساءة.‏ ففي اغلب الاحيان يكون الشخص قادرا ان يحافظ على ضبط الانفعالات العنيفة عندما يكون صاحيا،‏ ولكن بعد جرعات قليلة،‏ يصير مسيئا.‏ فالكحول يُضعف مقدراته العقلية ويقلِّل من قدرته على ضبط غضبه.‏

      لكنَّ آخرين يدَّعون ان المشكلة تتأصل في الاجهاد اكثر منه في الكحول عينه.‏ ويقولون ان الشخص الذي يستعمل الكحول للتغلب على الاجهاد هو نوع الشخص نفسه الذي قد يستعمل العنف لهذا القصد.‏ وهذا يعني ان الشرِّيب يمكن ان يكون مسيئا عندما يكون صاحيا تماما كما عندما يكون سكرانا.‏ ولكن،‏ مهما كانت الحجج من هذا القبيل،‏ فليس الكحول بالتأكيد مساعدا على ضبط المرء انفعالاته انما يفعل العكس في اغلب الاحيان.‏

      كيف تؤثر وسائل الاعلام في التصرفات

      يدَّعي البعض ان التلفزيون،‏ بالاضافة الى السينما،‏ يشجع على فكرة افتخار الذكور بالرجولة ويعلِّم ان العنف هو طريقة شرعية لمعالجة النزاع والغضب.‏ «فتنني تجاوبي الشديد مع الفيلم السينمائي رامبو،‏»‏ يعترف مشير لاحدى العائلات.‏ «ففي حين ان انساني الراشد [الداخلي] المسالم تروِّعه اعمال القتل الجماعي لـ‍ رامبو،‏ فإن انساني الطفولي [الداخلي] يشجعه على ذلك.‏»‏

      وبما ان كثيرين من الاولاد معرَّضون لآلاف الساعات من التلفزيون بعدد لا يُحصى من اعمال العنف،‏ الاغتصاب،‏ والحط من قدر اناس آخرين،‏ وخصوصا النساء،‏ فلا عجب ان كثيرين يكبرون ليطبِّقوا هذه الصفات غير الاجتماعية في الآخرين.‏ وليس الاولاد فقط هم الذين يتأثرون بل الراشدون ايضا.‏

      علاوة على ذلك،‏ وخصوصا في السنوات الاخيرة،‏ ازداد بشكل ملحوظ مقدار تصوير العنف،‏ الفساد الادبي،‏ وتحقير النساء كما يُعرض في التلفزيون وفي الافلام.‏ وهذا لا يمكن إلا ان يجعل مشهد العنف العائلي اسوأ.‏ وكما وجد فريق تحقيق،‏ هنالك «ارتباط واضح .‏ .‏ .‏ بين مشاهدة العنف والتصرف العدواني.‏»‏

      تأثير الاعتزال

      بالنسبة الى كثيرين اليوم،‏ تتصف الحياة بعدم المشاركة في المشاعر الانسانية وبالوحشة.‏ فالاسواق المركزية ومخازن حسم الاسعار حلَّت محل الدكاكين المجاورة الودّية.‏ والتجديد في المدن،‏ المشاكل الاقتصادية،‏ والبطالة تجبر العائلات على الصيرورة عابرة سبيل.‏ والمعدل العالي للعنف المنزلي يوجد بين العائلات التي ليست لها اتصالات اجتماعية قوية.‏

      ان جيمس سي.‏ كولمن،‏ في كتابه العلاقات الحميمة،‏ الزواج،‏ والعائلة،‏ يوضح لماذا يعتقد ان الحال هي هكذا.‏ فهو يشعر بأن كون المسيء يحبّ الانفراد امر يقلِّل من المحادثات ذات المغزى ويجعل من الصعب عليه ان يرى حالته بموضوعية وأن يطلب المساعدة من صديق موثوق به.‏ وعدم حيازة الاصدقاء والاقرباء الاحماء الذين يمكن ان يعملوا كقوة ملطِّفة يجعل الشخص قادرا على التعبير عن انانيته بأكثر سهولة،‏ لأن تفكيره الخاطئ لا يقاومه الآخرون القريبون منه يوميا.‏ والامر هو كما تقول الامثال ١٨:‏١‏:‏ «المعتزل يطلب شهوته.‏ بكل مشورة يغتاظ.‏»‏

      المساعدة للعائلة المتصفة بالعنف

      ناقشنا مجرد جزء من الايضاحات المقدَّمة عن العنف المنزلي.‏ فهنالك ايضاحات اخرى.‏ واذ حدَّدنا هوية بعض الاسباب،‏ نحتاج الآن الى البحث في الحلول.‏ فاذا كان الشخص في عائلة تتصف بالعنف،‏ فكيف يمكن ايقاف نمط الاساءة؟‏ ما هي نظرة الكتاب المقدس؟‏ هل سينتهي العنف المنزلي يوما ما؟‏ ان المقالة في الصفحة ١٠ ستعالج هذه الاسئلة.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩]‏

      العنف العاطفي الضرب القاسي بالكلام

      في الاساءة الجسدية يكون الاعتداء بقَبَضات اليد؛‏ وفي الاساءة العاطفية يكون الهجوم بالكلام.‏ فالاختلاف الوحيد هو اختيار الاسلحة.‏ والامر هو كما تقول الامثال ١٢:‏١٨‏:‏ «يوجد من يهذر مثل طعن السيف.‏ أما لسان الحكماء فشفاء.‏»‏

      فإلى ايّ حد خَطِر هو العنف العاطفي،‏ بما في ذلك «طعن السيف» هذا؟‏ تكتب الدكتورة سوزن فوروَرد:‏ «النتيجة هي نفسها [كما في الاساءة الجسدية].‏ فأنتم تخافون الخوف نفسه،‏ تشعرون بالعجز نفسه،‏ وتكونون في حالة الألم الكبير نفسه،‏» من الناحية العاطفية.‏

      العنف العاطفي نحو رفيق الزواج:‏ «العنف الزوجي ليس جسديا فقط‍.‏ فجزء كبير منه،‏ وربما الاكبر ايضا،‏ شفهي وعاطفي،‏» قالت ضحية لزمن طويل.‏ فالاساءة يمكن ان تشمل التسمية بأسماء قبيحة،‏ الصراخ،‏ الانتقاد المستمر،‏ الاهانات المحقِّرة،‏ والتهديدات بالعنف الجسدي.‏

      والتعليقات الماكرة التي تصغِّر،‏ تذلّ،‏ او تهوِّل يمكن ان تؤذي اذًى مميتا.‏ وكتقطُّر الماء على صخرة،‏ يمكن ان تبدو التلميحات المحقِّرة غير مؤذية في بادئ الامر.‏ ولكن سرعان ما يتأكل اعتبار الذات.‏ «لو كان عليَّ ان اختار بين الاساءة الجسدية والشفهية لفضَّلت الضرب في ايّ وقت،‏» قالت احدى النساء.‏ «يمكنكم ان تروا الندوب،‏» اوضحت،‏ «فيشعر الناس على الاقل بالاسف عليكم.‏ أما الاساءة الشفهية فتجعلكم مستائين جدا.‏ فالجروح غير منظورة.‏ ولا احد يهتم.‏»‏

      العنف العاطفي نحو الولد:‏ يمكن ان يشمل ذلك التكلم المستمر بانتقاد وازدراء عن مظهر الولد،‏ ذكائه،‏ كفاءته،‏ او قيمته كشخص.‏ والسخرية مؤذية بشكل خصوصي.‏ فالاولاد غالبا ما يفهمون الملاحظات المتسمة بالسخرية بمعناها الظاهر،‏ غير مميِّزين بين ما يُقال جدِّيا وما يُقال على سبيل «المزاح.‏» يذكر شون هوڠَن-‏داوني الاختصاصي بمعالجة العائلات:‏ «يشعر الولد بالأذية،‏ لكنَّ كل واحد يضحك،‏ ولذلك يتعلَّم ان لا يثق بمشاعره.‏»‏

      وهكذا،‏ في معظم الحالات،‏ هنالك صحة في ما قاله ذات مرة المؤرخ وكاتب المقالات الاسكتلندي توماس كارلايل:‏ «ارى الآن ان السخرية،‏ عموما،‏ هي لغة ابليس؛‏ لهذا السبب نبذتها فعليا منذ وقت طويل.‏»‏

      تقول جوي بايِرز،‏ خبيرة بالاساءة الى الاولاد:‏ «ان الاساءة الجسدية يمكن ان تقتل الولد،‏ ولكن يمكنكم ايضا ان تقتلوا الروح،‏ وهذا ما يمكن ان يفعله النمط المستمر للتعليقات الابوية السلبية.‏» وتعلِّق مجلة FLEducator:‏ «بخلاف الكدمة التي يمكن ان تحدَّد هويتها وتزول،‏ تسبب الاساءة العاطفية تغييرات غير منظورة في عقل الولد وشخصيته تبدِّل دائما واقعه وتفاعله مع الآخرين.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      التعرُّض للعنف له تأثير قوي في التصرف اللاحق للولد

  • نهاية للعنف المنزلي
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • نهاية للعنف المنزلي

      ‏«ان منع العنف في البيت وخفض العنف العائلي يشملان تغييرات بنيوية رئيسية للمجتمع والعائلة على السواء.‏» ‏—‏ خلف الابواب المغلَقة.‏

      ان اول جريمة في التاريخ البشري شملت اخوين.‏ (‏تكوين ٤:‏٨‏)‏ وطوال آلاف السنين منذ ذلك الحين،‏ تصيب الانسان كل اشكال العنف المنزلي.‏ ويجري اقتراح العديد من الحلول،‏ لكنَّ الكثير منها له عوائق.‏

      على سبيل المثال،‏ ان اعادة التأهيل تفيد فقط المسيئين الذين يعترفون بمشكلتهم.‏ رثى احد المسيئين الى الزوجات المتعافي:‏ «مقابل كل واحد منا [الذين يُعاد تأهيلهم]،‏ هنالك ثلاثة رجال يقولون،‏ ‹يجب ان تُبقوا الزوجة تحت السيطرة.‏›» لذلك يلزم ان يتعلَّم المسيء معالجة حالته.‏ فلماذا صار مسيئا؟‏ وبنيل المساعدة على اصلاح اخطائه،‏ يمكن ان يوضع في طريق الشفاء.‏

      لكنَّ البرامج الاجتماعية ينقصها اعضاء عاملون.‏ مثلا،‏ يقدَّر انه في ٩٠ في المئة من قضايا قتل الاولاد في الولايات المتحدة،‏ كان قد أُخبر عن حالات عائلية خَطِرة قبل القتل.‏ لذلك لا يمكن ان تفعل البرامج الاجتماعية وهيئات الشرطة سوى القليل جدا.‏ فيلزم على نحو حيوي شيء آخر.‏

      ‏«الشخصية الجديدة»‏

      ‏«ما يلزم ليس اقل من اعادة بناء العلاقات بين اعضاء العائلة،‏» يقول فريق ابحاث.‏ فالعنف المنزلي ليس مجرد مشكلة اساءة جسدية؛‏ انه في المقام الاول مشكلة في العقل.‏ انه متأصِّل في الطريقة التي بها ينظر اعضاء العائلة —‏ رفيق الزواج،‏ الولد،‏ الوالد،‏ الشقيق —‏ واحدهم الى الآخر.‏ واعادة بناء هذه العلاقات تعني لبس ما يدعوه الكتاب المقدس «الشخصية الجديدة.‏» —‏ افسس ٤:‏٢٢-‏٢٤‏،‏ ع‌ج؛‏ كولوسي ٣:‏٨-‏١٠‏،‏ ع‌ج.‏

      فلنفحص بعض مبادئ الكتاب المقدس المتعلقة بالعائلة التي تساعدنا على لبس الشخصية الجديدة الشبيهة بالمسيح التي يمكن ان تؤدّي الى احراز علاقة افضل بين اعضاء العائلة.‏ —‏ انظروا متى ١١:‏٢٨-‏٣٠‏.‏

      النظرة الى الاولاد:‏ ان كون المرء والدا يشمل اكثر من انجاب طفل.‏ ولكن،‏ من المحزن ان كثيرين اليوم ينظرون الى اولادهم كعبء ولذلك ينقصهم ان يلتزموا بدورهم الابوي.‏ وهؤلاء هم مسيئون محتمَلون.‏

      يدعو الكتاب المقدس الاولاد ‹ميراثا من عند الرب› و«اجرة.‏» (‏مزمور ١٢٧:‏٣‏)‏ والوالدون مسؤولون امام الخالق عن الاعتناء بهذا الميراث.‏ فأولئك الذين ينظرون الى اولادهم كحِمْل يلزم ان ينموا الشخصية الجديدة من هذا القبيل.‏a

      توقعات واقعية من الاولاد:‏ كشفت احدى الدراسات ان الكثير من الامهات المسيئات يتوقعن من اطفالهنَّ ان يعرفوا الصواب من الخطإ بحلول الوقت الذي يصير فيه الولد بعمر سنة.‏ وثلث اللواتي جرى استطلاعهنَّ حدَّدن ستة اشهر.‏

      يظهر الكتاب المقدس ان كل شخص يولد في حال النقص.‏ (‏مزمور ٥١:‏٥؛‏ رومية ٥:‏١٢‏)‏ ولا يدَّعي بأن التمييز يُكتسب عند الولادة.‏ وبالاحرى،‏ يقول انه «بسبب التمرُّن» تصير قوى ادراك الشخص ‏«مدرَّبة على التمييز بين الخير والشر.‏» (‏عبرانيين ٥:‏١٤‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يتحدث الكتاب المقدس عن «سمات الطفل،‏» «جهالة» الصِّبا،‏ و‹بطلان› المراهقة.‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏١١‏،‏ ع‌ج‏؛‏ امثال ٢٢:‏١٥؛‏ جامعة ١١:‏١٠‏)‏ فيجب ان يفهم الوالدون هذه الحدود،‏ غير متوقعين اكثر مما هو ملائم لعمر ومقدرة الولد.‏

      منح التأديب للاولاد:‏ ان الكلمة اليونانية في الكتاب المقدس المنقولة الى «يؤدِّب» تعني «يعلِّم.‏» ولذلك يكون هدف التأديب في المقام الاول لا ان يسبِّب الالم بل ان يدرِّب.‏ والكثير من ذلك يمكن ان يُنجَز دون صفع،‏ مع ان ذلك قد يكون ضروريا احيانا.‏ (‏امثال ١٣:‏٢٤‏)‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «(‏أَصغوا الى التأديب)‏ وكونوا حكماء.‏» (‏امثال ٨:‏٣٣‏)‏ وكتب بولس ايضا ان المرء يجب ان يكون «صبورا على المشقات،‏» مانحا التوبيخ «بأناة.‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٢٤؛‏ ٤:‏٢‏)‏ وهذا يمنع انفجارات الغضب والقوة المفرطة حتى عندما يكون الصفع لازما.‏

      بالنظر الى مبادئ الكتاب المقدس هذه،‏ اسألوا نفسكم:‏ ‹هل يعلِّم تأديبي،‏ ام يضبط فقط بإحداث الاذى؟‏ هل يغرس تأديبي المبادئ الصائبة ام مجرد الخوف؟‏›‏

      حدود التصرف للراشدين:‏ ادَّعى احد المسيئين انه «فقد السيطرة» وضرب زوجته.‏ فسأل المشير الرجل عما اذا كان قد طعن زوجته يوما ما.‏ «انا لا افعل ذلك ابدا!‏»‏ اجاب الرجل.‏ فجرت مساعدة الرجل على الرؤية انه كان يتصرف ضمن مجموعة من الحدود،‏ لكنَّ المشكلة هي انها لم تكن الحدود الصحيحة.‏

      اين تضعون حدودكم؟‏ هل تتوقفون قبل ان يتطور الخلاف الى شيء مسيء؟‏ ام هل تثور ثائرتكم وينتهي بكم الامر الى الصراخ،‏ الاهانة،‏ الدفع،‏ رمي الاشياء،‏ او الضرب الشديد؟‏

      ان الشخصية الجديدة لها حد صارم،‏ موضوع ادنى بكثير من السماح بالاساءة العقلية او العنف الجسدي.‏ «لا تخرج كلمة ردية من افواهكم،‏» تقول افسس ٤:‏٢٩‏.‏ ويضيف العدد ٣١‏:‏ «ليُرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث.‏» ان الكلمة اليونانية التي تقابل «غضب» تشير الى «طبيعة اندفاعية.‏» وعلى نحو مثير للاهتمام،‏ يذكر كتاب والدون هدَّامون ان المزية المشتركة بين المسيئين الى الاولاد هي «النقص الهائل في ضبط الاندفاع.‏» فالشخصية الجديدة تضع حدودا ثابتة لحالات الاندفاع،‏ الجسدية والشفهية على السواء.‏

      وطبعا،‏ تنطبق الشخصية الجديدة على الزوجة بالاضافة الى الزوج.‏ فيجب ان تعمل على عدم اثارة غضب رفيق زواجها،‏ مظهرة التقدير لجهوده في الاعتناء بالعائلة ومتعاونة معه.‏ وكلاهما يجب ان لا يطلبا احدهما من الآخر ما لا يمكن ابدا لأيّ منهما اظهاره —‏ الكمال.‏ وعوضا عن ذلك،‏ يجب ان يطبِّقا كلاهما ١ بطرس ٤:‏٨‏:‏ «ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لان المحبة تستر كثرة من الخطايا.‏»‏

      الاحترام للمسنين:‏ «أَظهِر الاحترام للكبار السن وأَكرِمهم،‏» تقول لاويين ١٩:‏٣٢‏.‏ (‏الترجمة الانكليزية الحديثة‏)‏ قد يكون ذلك تحديا عندما يكون الوالد المسن مريضا وربما متطلِّبا.‏ وتتحدث تيموثاوس الاولى ٥:‏٣،‏ ٤ عن تقديم ‹الاكرام› و«المكافأة» للوالدين.‏ ويمكن ان يشمل ذلك التدابير المالية بالاضافة الى الاحترام.‏ فنظرا الى كل ما فعله والدونا من اجلنا عندما كنا اطفالا عاجزين،‏ يجب ان نقدِّم لهم الاعتبار المماثل عندما يكون ذلك لازما.‏

      التغلب على تنافس الاشقاء:‏ قبل ان ادَّت عداوة قايين الى قتل اخيه هابيل،‏ جرى نصحه:‏ «عند الباب خطيئة تنتظرك،‏ تتشوَّق ان تتسلَّط عليك،‏ لكن يجب ان تتحكم فيها.‏» (‏تكوين ٤:‏٧‏،‏ ترجمة تفسيرية)‏ ان المشاعر يمكن ضبطها.‏ فتعلَّموا ان تكونوا صُبُرا احدكم على الآخر،‏ «محتملين بعضكم بعضا في المحبة.‏» —‏ افسس ٤:‏٢‏.‏

      تعلُّم الوثوق

      كثيرون من ضحايا العنف المنزلي هم متألِّمون صامتون.‏ لكنَّ الدكتور جون رايت يحث:‏ «يجب ان تلتمس النساء اللواتي يُضربن بشدة الحماية العاطفية والجسدية من طرف ثالث مقتدر.‏» ويصح الامر نفسه مع ايّ عضو مُساء اليه في العائلة.‏

      احيانا تجد الضحية انه من الصعب ان تثق بفرد آخر.‏ وعلى ايّ حال،‏ فإن الثقة داخل الوحدة الاجتماعية الاحمّ —‏ العائلة —‏ قد ادَّت الى الالم.‏ ولكن،‏ «يوجد (‏صديق)‏ ألزق من الاخ،‏» تقول امثال ١٨:‏٢٤‏.‏ والعثور على هذا الصديق وتعلُّم الوثوق بتحفُّظ خطوة قيِّمة في الحصول على المساعدة اللازمة.‏ وطبعا،‏ يحتاج المسيء الى المساعدة ايضا.‏

      كل سنة يصير مئات الآلاف من الناس شهودا ليهوه.‏ وهؤلاء يقبلون تحدّي لبس الشخصية الجديدة.‏ وبينهم مرتكبون سابقون للعنف المنزلي.‏ ولابطال ايّ ميل الى الانتكاس،‏ لا بد ان يسمحوا للكتاب المقدس باستمرار بأن يكون ‹نافعا للتعليم والتوبيخ والتقويم.‏› —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏.‏

      ولهؤلاء الشهود الجدد،‏ يكون لبس الشخصية الجديدة عملية مستمرة،‏ لان كولوسي ٣:‏١٠‏،‏ ع‌ج،‏ تقول انها ‏«تتجدَّد.‏»‏ ولذلك يكون الجهد المستمر لازما.‏ وما يدعو الى الشكر هو ان شهود يهوه لديهم دعم عدد كبير من «اخوة وأخوات وأمهات وأولاد» روحيين.‏ —‏ مرقس ١٠:‏٢٩،‏ ٣٠‏؛‏ انظروا ايضا عبرانيين ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      وهنالك ايضا في كل من الـ‍ ٠٠٠‏,٧٠ جماعة تقريبا لشهود يهوه حول العالم،‏ نظار محبّون هم مثل «ملجإ من الريح ومخبإ من العواصف.‏» و‹عيونهم وآذانهم ستنفتح لحاجات الشعب.‏› (‏اشعياء ٣٢:‏٢،‏ ٣‏،‏ ت‌اح‏)‏ وهكذا فإن شهود يهوه الاحدث،‏ بالاضافة الى الاكثر خبرة،‏ لديهم مخزون رائع من المساعدة المتوافرة في الجماعة المسيحية فيما يعملون على لبس الشخصية الجديدة.‏

      نظار يتَّصفون بالرأفة

      عندما يأتي الاشخاص الى النظار المسيحيين في جماعات شهود يهوه من اجل المشورة،‏ يكون هؤلاء النظار مدرَّبين على الاصغاء الى الجميع بعدم محاباة.‏ ويجري تشجيعهم ان يظهروا لكل شخص،‏ وخصوصا ضحايا الاساءة الشديدة،‏ الرأفة والتفهم الكبيرين.‏ —‏ كولوسي ٣:‏١٢؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١٤‏.‏

      على سبيل المثال،‏ ان الزوجة التي تُضرَب بشدة ربما تأذَّت بوحشية.‏ وفي بلدان كثيرة اليوم،‏ اذا مورس هذا الضرب الشديد نفسه في شخص خارج العائلة،‏ فقد ينتهي الامر بالمسيء الى السجن.‏ ولذلك تحتاج الضحية الى ان تُعامَل بلطف فائق،‏ مثل ضحايا كل انواع الاساءة الاخرى،‏ كالاساءة الجنسية.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ فإن مرتكبي الجرائم ضد شرائع اللّٰه تلزم محاسبتهم.‏ وبهذه الطريقة تبقى الجماعة نظيفة،‏ وتجري حماية الاشخاص الابرياء الآخرين.‏ والمهم جدا ان تدفُّق روح اللّٰه لا يُعاق.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏١-‏٧؛‏ غلاطية ٥:‏٩‏.‏

      نظرة اللّٰه الى الزواج

      عندما يصير الاشخاص من شهود يهوه،‏ يوافقون على اتِّباع مبادئ العيش المسيحي الموجودة في كلمة اللّٰه.‏ فهم يتعلَّمون ان الرجل معيَّن رأسا للعائلة،‏ لتوجيهها في العبادة الحقيقية.‏ (‏افسس ٥:‏٢٢‏)‏ إلا ان الرئاسة لا تجيز ابدا معاملة الزوجة بوحشية،‏ سحق شخصيتها،‏ او تجاهل رغباتها.‏

      وعلى الضد من ذلك،‏ توضح كلمة اللّٰه ان الازواج يجب ان ‹يحبوا نساءهم كما احب المسيح ايضا الكنيسة وأسلم نفسه لاجلها .‏ .‏ .‏ يجب على الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم.‏ من يحب امرأته يحب نفسه.‏ فإنه لم يبغض احد جسده قط بل يقوته ويربيه.‏› (‏افسس ٥:‏٢٥،‏ ٢٨،‏ ٢٩‏)‏ حقا،‏ تقول كلمة اللّٰه بوضوح انه يجب ان تُعطى الزوجات «كرامة.‏» —‏ ١ بطرس ٣:‏٧‏؛‏ انظروا ايضا رومية ١٢:‏٣،‏ ١٠؛‏ فيلبي ٢:‏٣،‏ ٤‏.‏

      بالتأكيد لا يمكن ان يدَّعي ايّ زوج مسيحي بصدق انه يحبّ حقا زوجته او يكرمها اذا اساء اليها شفهيا او جسديا.‏ فذلك يكون رياء،‏ لان كلمة اللّٰه تذكر:‏ «ايها الرجال احبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهن.‏» (‏كولوسي ٣:‏١٩‏)‏ وقريبا،‏ عندما تأتي دينونة اللّٰه على هذا النظام الشرير في هرمجدون،‏ سيعاني المراؤون المصير نفسه لمقاومي حكم اللّٰه.‏ —‏ متى ٢٤:‏٥١‏.‏

      ان الزوج الذي يخاف اللّٰه يجب ان يحبّ زوجته كجسده.‏ فهل يضرب جسده،‏ يلطم نفسه،‏ او يشدّ شعره بعنف؟‏ هل يحط من قدر نفسه بازدراء وسخرية امام الآخرين؟‏ ان الشخص الذي يفعل امورا كهذه يُعتبَر غير متزن عقليا،‏ وهذا اقل ما يقال.‏

      اذا ضرب رجل مسيحي زوجته بشدة،‏ يجعل ذلك كل اعماله المسيحية الاخرى عديمة القيمة في نظر اللّٰه.‏ واذكروا ان ‹الضرّاب› لا يكون مؤهلا لامتيازات في الجماعة المسيحية.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏٣؛‏ ١ كورنثوس ١٣:‏١-‏٣‏)‏ طبعا،‏ ان الزوجة التي تعامل زوجها بطريقة مماثلة تنتهك ايضا شريعة اللّٰه.‏

      تصنِّف غلاطية ٥:‏١٩-‏٢١ ‹العداوة،‏ الخصام،‏ .‏ .‏ .‏ السخط› بين الاعمال التي يدينها اللّٰه وتذكر ان «الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت اللّٰه.‏» وهكذا فإن ضرب رفيق الزواج او الاولاد بشدة غير مبرَّر ابدا.‏ وهو عادةً ضد قانون البلد وبالتأكيد ضد شريعة اللّٰه.‏

      زوَّدت برج المراقبة،‏ مجلة يصدرها شهود يهوه،‏ وجهة نظر مؤسسة على الاسفار المقدسة حول القضية،‏ اذ قالت عن اولئك الذين يدَّعون انهم مسيحيون إلا انهم ضرَّابون:‏ «ايّ شخص يدَّعي انه مسيحي ويستسلم تكرارا ودون توبة للسخط العنيف يمكن فصله،‏» عزله.‏ —‏ ١ ايار ١٩٧٥،‏ الصفحة ٢٨٧ بالانكليزية؛‏ قارنوا ٢ يوحنا ٩،‏ ١٠‏.‏

      ما تسمح به شريعة اللّٰه

      سيدين اللّٰه اخيرا اولئك الذين ينتهكون شرائعه.‏ ولكن في هذه الاثناء،‏ ايّ تدبير تصنعه كلمته لرفقاء الزواج المسيحيين هؤلاء الذين يُضربون بشدة حين لا يتغير المرتكب انما يستمر في ضربه الشديد؟‏ هل الضحايا الابرياء ملزمون بالاستمرار في تعريض صحتهم الجسدية،‏ العقلية،‏ والروحية،‏ وربما حياتهم ايضا للخطر؟‏

      تذكر برج المراقبة،‏ اذ تعلق على العنف في البيت،‏ ما تسمح به كلمة اللّٰه.‏ تقول:‏ «ينصح الرسول بولس:‏ ‹ان لا تفارق المرأة رجلها.‏ وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة او لتصالح رجلها.‏ ولا يترك الرجل امرأته.‏›» وتقول المقالة ايضا:‏ «اذا اصبح الايذاء لا يطاق او تعرضت الحياة نفسها للخطر فحينئذ قد يختار الرفيق المؤمن ان ‹يفارق.‏› ولكنَّ المسعى يجب ان يكون ‹ليصالح› في الوقت المناسب.‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏١٠-‏١٦‏)‏ إلا ان ‹المفارقة› لا تزوِّد بحد ذاتها اسبابا مؤسسة على الاسفار المقدسة للطلاق والزواج ثانية.‏ ومع ذلك،‏ قد يزوِّد الطلاق الشرعي او الانفصال الشرعي بعض الحماية من ايذاء اضافي.‏» —‏ ١ تشرين الثاني ١٩٨٣،‏ «أَكرموا الزواج الالهي؛‏» انظروا ايضا عدد ١ تشرين الثاني ١٩٨٨،‏ الصفحتين ٢٢-‏٢٣.‏

      ان ما تختار الضحية فعله في هذه الظروف لا بد ان يكون قرارا شخصيا.‏ «كل واحد سيحمل حمل نفسه [او نفسها].‏» (‏غلاطية ٦:‏٥‏)‏ فلا يمكن ان يتخذ ايّ شخص آخر القرار عنها.‏ ولا احد يجب ان يحاول الضغط عليها لكي تعود الى الزوج المسيء حيث يجري تهديد صحتها،‏ حياتها،‏ وروحياتها.‏ فلا بد ان يكون ذلك اختيارها الخاص،‏ من ارادتها الحرة،‏ وليس لأن الآخرين يحاولون ان يفرضوا ارادتهم عليها.‏ —‏ انظروا فليمون ١٤‏.‏

      نهاية للعنف المنزلي

      تعلَّم شهود يهوه ان العنف المنزلي هو نموذج لما انبأ به الكتاب المقدس مسبقا عن هذه الايام الاخيرة،‏ التي فيها يكون كثيرون «مسيئين،‏» دون «مودَّة طبيعية،‏» و«شرسين.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٣‏؛‏ الكتاب المقدس الانكليزي الجديد‏)‏ ويعد اللّٰه انه بعد الايام الاخيرة هذه،‏ سيُدخل عالما جديدا سلميا فيه «يسكن [الناس] آمنين ولا مخيف.‏» —‏ حزقيال ٣٤:‏٢٨‏.‏

      وفي هذا العالم الجديد الرائع،‏ سيولِّي العنف المنزلي الى الابد.‏ «الودعاء .‏ .‏ .‏ يرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة.‏» —‏ مزمور ٣٧:‏١١‏.‏

      نحثكم على تعلُّم المزيد عن وعود الكتاب المقدس للمستقبل.‏ حقا،‏ يمكنكم ان تحصدوا الفوائد الآن ايضا بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس في محيطكم العائلي.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ثمة نصيحة جيدة تتعلق بالتربية الفعالة للاولاد موجودة في كتاب جعل حياتكم العائلية سعيدة،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك،‏ الفصول ٧ الى ٩،‏ «حيازة الاولاد —‏ مسؤولية ومكافأة،‏» «دوركم كآ‌باء،‏» و«تدريب الاولاد منذ الطفولية.‏»‏

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      مبادئ الكتاب المقدس تساعد على حل النزاعات العائلية

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣]‏

      الضحايا يحتاجون الى الوثوق بصديق مقتدر

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة