-
عندما يصيب العنف البيتاستيقظ! ١٩٩٣ | شباط (فبراير) ٨
-
-
عندما يصيب العنف البيت
«العنف البشري — سواء كان لطما او دفعا عنيفا، طعنا او اطلاق رصاص — يحدث تكرارا داخل الدائرة العائلية اكثر من ايّ مكان آخر في مجتمعنا.» — خلف الابواب المغلَقة.
سيروا في ايّ شارع في اميركا. ففي بيت من كل اثنين، سيحدث شكل من العنف المنزلي مرة على الاقل هذه السنة. وفي ١ من ٤ بيوت، سيحدث مرارا. وما يدعو الى السخرية هو ان كثيرين ممن يخافون ان يسيروا في الشوارع ليلا هم في خطر اكبر في البيت.
لكنَّ العنف المنزلي ليس ظاهرة اميركية فقط. فهو يحدث في كل انحاء العالم. على سبيل المثال، ان ٢ من ٣ جرائم قتل في الدنمارك تحدثان داخل العائلة. ويُظهر البحث في افريقيا ان ٢٢ الى ٦٣ في المئة من كل جرائم القتل تحدث داخل العائلة، اذ يتوقف ذلك على البلد. وفي اميركا اللاتينية يحقِّر، يضرب بشدة، او يقتل الرجال المفتخرون بنعرة الرجولة اناسا كثيرين، وخصوصا النساء.
وفي كندا تموت نحو مئة امرأة كل سنة على ايدي ازواجهنَّ او رفقاء زواجهنَّ العُرفي. وفي الولايات المتحدة، التي هي اكثر من كندا بنحو عشر مرات في عدد السكان، تُقتل ٠٠٠,٤ امرأة تقريبا كل سنة على ايدي ازواجهنَّ او اصدقائهنَّ المسيئين. وبالاضافة الى ذلك، يُقتل نحو ٠٠٠,٢ ولد كل سنة على ايدي والديهم، والعدد نفسه من الوالدين يُقتلون على ايدي اولادهم.
وهكذا، في كل العالم، يضرب الازواج الزوجات بشدة، تضرب الزوجات الازواج، يضرب الوالدون الاولاد، يهاجم الاولاد الوالدين، ويتصف الاولاد بالعنف واحدهم نحو الآخر. «ان اكثر ما يختبره الراشدون في حياتهم من غضب وعنف هو من او نحو قريب دموي،» يؤكد كتاب عندما تتشاجر العائلات، «وهذا الغضب هو اشدّ من ذاك الذي يجري اختباره في اية علاقة اخرى.»
العائلة في حرب
الاساءة الى رفقاء الزواج: في اغلب الاحيان، يعتبر الازواج الترخيص في الزواج ترخيصا في ضرب زوجاتهم بشدة. وفي حين ان النساء يضربن الرجال، لا يكون الأذى عادة كبيرا كذاك الذي يُحدثه الرجال عندما يضربون بشدة رفيقات زواجهم. تُخبر مجلة الوالدون: «ان اكثر من ٩٥ في المئة من حالات الاساءة [الخطيرة] الى رفقاء الزواج التي يُخبَر عنها يشمل رجلا يضرب امرأة بشدة.»
وتذكر مدَّعية عامة لمنطقة نيويورك: «العنف ضد النساء موجود بنسب وبائية في المجتمع الاميركي. وقد قدَّر مكتب المباحث الاتحادي FBI ان . . . ما يبلغ ٦ ملايين امرأة يُضربن بشدة كل سنة.» وفي حين ان عدد الحوادث يختلف من بلد الى بلد، تُظهر التقارير ان ضرب الذكور الشديد للإناث وبائي في بلدان كثيرة، إن لم يكن في معظمها.
وفي الولايات المتحدة، يقدَّر ان «امرأة من كل ١٠ سوف يعتدي عليها (يلطمها، يركلها، يعضّها او اسوأ من ذلك) زوجها على نحو خطير في وقت ما خلال مجرى زواجها.» وعندما تُشمل الحالات الاقل خطورة، تذكر مجلة العلاقات العائلية، «سوف تختبر امرأة من اثنتين في الولايات المتحدة عنفا منزليا.»
وفي الواقع، تقول مدَّعية عامة لمنطقة نيويورك انه جرى التحديد ان «ضرب الزوجات يسبب اصابات للنساء تتطلب الاستشفاء اكثر من كل حوادث الاغتصاب، السلب وحوادث السيارات مجتمعةً.»
تذكر الدكتورة لُويس ج. ليڤيزي: «من الواضح أن العنف ضد النساء والعنف داخل العائلات امر شائع، وأن مرتكبي ذلك . . . اناس عاديون. . . . انه مشكلة خطيرة بين كل طبقات وعروق السكان.»
يلوم الضحايا انفسَهم احيانا على الاساءة، مما يؤدّي الى اعتبار قليل للذات. توضح مجلة الوالدون: «ان المرأة التي تعوزها الثقة بالنفس والتي لها اعتبار قليل للذات تجعل نفسها هدفا للاساءة. . . . فالمرأة النموذجية المساء اليها تخاف ان تخطط وأن تعمل من اجل مصلحتها الخاصة.»
والعنف الزوجي له ايضا تأثير مؤذ في الاولاد. فهم يتعلَّمون ان العنف يمكن ان يُستعمل في التعامل مع الآخرين. حتى ان بعض الامهات يُخبرن بأن اولادهنَّ يستعملون التهديدات ضدهنَّ، مثل، «سأجعل ابي يضربك،» لكي يحصلوا على ما يريدون.
الاساءة الى الاولاد: يواجه ملايين الاولاد كل سنة معاملة جسدية بالغة القسوة يمكن ان تسبب لهم اصابات خطيرة، تشوِّههم، او تقتلهم. ويقدَّر انه مقابل كل حالة اساءة يُخبر بها، فإن ٢٠٠ حالة لا يُخبر بها. «بالنسبة الى الاولاد، كثيرا ما يكون البيت اخطر مكان يوجدون فيه،» يدَّعي كتاب علم اجتماع الزواج والعائلة.
يقول الپروفسور الجامعي جون إ. بِيْتس ان الاساءة هي العامل البيتي الاقوى الذي يؤثر في كيفية تصرف الولد لاحقا في الحياة. وتقول الدكتورة سوزَن فوروَرد: «وجدت انه ما من حادث آخر في الحياة يترك ندوبا الى هذا الحد في اعتبار الناس للذات او يعرِّضهم لمشاكل عاطفية شديدة في سن الرشد.» وعلامات العدوان في الحالات الصعبة يمكن ان تُلاحَظ حتى في الاولاد من اربع الى خمس سنوات من العمر. واذ يكبرون، تكون لمثل هؤلاء الاولاد معدلات اعلى من اساءة استعمال المخدِّرات، اساءة استعمال الكحول، التصرف الاجرامي، الاضطرابات الذُّهانية psychotic disturbances، والنمو المعاق.
وعلى نحو مفهوم، يُضمر كثيرون من الاولاد الذين تُساء معاملتهم الغضبَ نحو الوالد المسيء اليهم، لكنهم غالبا ما يكونون ايضا غِضابا على الوالد غير المسيء لسبب سماحه بأن يستمر العنف. ففي رأي الولد، يمكن ان يُعتبر الشاهد الصامت شريكا في الاساءة.
الاساءة الى المسنين: ان ما يقدَّر بـ ١٥ في المئة من المسنين في كندا يعانون الاساءة الجسدية والنفسية على ايدي اولادهم الراشدين. وتكهَّن احد الدكاترة بأن «الحالة لا يمكن إلا ان تصير اسوأ فيما يصير المزيد من السكان كبارا في السن، والاعباء المالية والعاطفية على اولادهم تزداد.» وثمة مخاوف مماثلة يجري الشعور بها في كل العالم.
في احيان كثيرة، يتردَّد الكبار السن في الإخبار عن الاساءة. فربما يكونون معتمدين على المسيء وهكذا يختارون ان يستمروا في العيش في الظروف المروِّعة. «في المرة التالية» هو الجواب الذي كانت تعطيه دائما امرأة مسنة عندما تُسأل متى ستسلِّم ابنها وكنَّتها الى السلطات. فقد ضرباها بعنف شديد بحيث أُدخلت المستشفى لمدة شهر.
الاساءة الى الاشقاء: هذا هو شكل سائد من العنف المنزلي. والبعض يقلِّلون من اهميته قائلين، «الولدُ ولدٌ.» لكنَّ اكثر من نصف الاشقاء في احد الاستطلاعات كانوا قد قاموا بأعمال هي خطيرة على نحو كاف لمحاكمة جنائية لو وُجِّهت هذه الاعمال ضد احد خارج العائلة.
ويعتقد كثيرون ان الاساءة الى الاشقاء تعلِّم نمطا ينتقل الى سن الرشد. وفي البعض يمكن ان يكون ذلك عاملا في الاساءة الزوجية اللاحقة اعظم من رؤيتهم العنف بين والديهم.
ساحة قتال خَطِرة
قدَّر باحث قانوني مرة ان الشرطة تُستدعى لمعالجة النزاعات العائلية اكثر بكثير من كل الحوادث الاجرامية الاخرى مجتمعةً. وادَّعى ايضا انه يُقتل رجال شرطة عند الاستجابة لاستدعاءات الاضطراب العائلي اكثر مما عند الاستجابة لأيّ نوع فردي آخر من الاستدعاء. «على الاقل تكون مستعدّا في حادثة السلب،» قال احد رجال الشرطة. «ولكن عند دخول بيت شخص ما . . . لا تعرف ماذا سيحدث.»
بعد دراسة شاملة للعنف المنزلي، استنتج فريق ابحاث في اميركا ان العائلة، باستثناء القوات المسلحة في وقت الحرب، هي اعنف وحدة اجتماعية موجودة.
فماذا يسبِّب العنف العائلي؟ هل سينتهي يوما ما؟ هل يُبرَّر يوما ما؟ ان المقالة التالية ستسبر غور هذه الاسئلة.
[النبذة في الصفحة ٤]
«العنف ضد النساء موجود بنسب وبائية في المجتمع الاميركي.» — مدَّعية عامة لمنطقة
[النبذة في الصفحة ٥]
«بالنسبة الى الاولاد، كثيرا ما يكون البيت اخطر مكان يوجدون فيه.» — علم اجتماع الزواج والعائلة
-
-
ماذا يسبِّب العنف المنزلي؟استيقظ! ١٩٩٣ | شباط (فبراير) ٨
-
-
ماذا يسبِّب العنف المنزلي؟
«عوض ان تكون ملجأ من الاجهاد، التوترات، وعدم تعقُّل المجتمع في الخارج، كثيرا ما يبدو ان العائلة تنقل او حتى تزيد من حدَّة هذه التوترات.» — المحيط الحميم — سبر غور الزواج والعائلة.
ان البحث في موضوع العنف العائلي هو نسبيا مسعى جديد. فقد أُجريت استطلاعات شاملة خلال العقود الاخيرة فقط. ونتائج تحقيقات كهذه ربما لا تكون دائما متماثلة، لكنَّ بعض العوامل الاساسية التي تساهم في العنف المنزلي قد اكتُشف. فلنتأمل في بعض منها.
ايّ دور تلعبه خلفية العائلة؟
قال عدد من الباحثين عن نتائج بحثهم: «كلما كان الزوجان اللذان نجري مقابلة معهما اعنف كان اولادهما اعنف واحدهم نحو الآخر ونحو والديهم.»
فمجرد كون الولد شاهد عيان لعنف العائلة له تأثير كبير فيه. «ان الولد الذي يشاهد امه تُضرب بشدة مساوٍ للولد الذي يُضرب بشدة،» يذكر الاختصاصي في المعالجة جون برادشو. وثمة حدث اسمه إد كان يكره رؤية ابيه يضرب امه. ولكن، رغم انه ربما لم يدرك ذلك، كان ينطبع في ذهنه الاعتقاد أن الرجال يجب ان يتحكَّموا في النساء وأنه من اجل ذلك، يجب على الرجال ان يخيفوا النساء، يؤذوهنَّ، ويحطّوا من قدرهنَّ. وعندما صار راشدا، استعمل إد هذه الوسائل المسيئة والعنيفة في زوجته.
وبعض الوالدين يمنعون اولادهم بحذر من مشاهدة العنف على التلفزيون، وذلك امر جيد. لكنَّ الوالدين يجب ان يكونوا ايضا اكثر حذرا عندما يتعلق الامر بمراقبة تصرفهم كونهم امثلة يُحتذى بها لاولادهم السريعي التأثر.
ايّ دور يلعبه الاجهاد؟
ان الحَبَل، البطالة، موت والد، تغيير مكان الاقامة، المرض، والمشاكل المالية تسبِّب الاجهاد، كما تسبِّبه امور اخرى. وكثيرون من الناس يعالجون الاجهاد دون اللجوء الى العنف. ولكن، بالنسبة الى البعض، يمكن ان يكون الاجهاد تمهيدا للعنف، وخصوصا عندما تُضاف اليه عوامل اخرى. مثلا، ان الاعتناء بوالد مسنّ — وخصوصا عندما يكون الوالد مريضا — كثيرا ما يؤدّي الى الاساءة عندما يكون الشخص الذي يتولّى الاعتناء مُثقلا بمسؤوليات عائلية اخرى.
وتربية الاولاد تُنتج الاجهاد. ونتيجة لذلك، قد يزيد احتمال الاساءة الى الاولاد بازدياد حجم العائلة. وقد يسبِّب الاولاد زيادة في الاساءة الى رفيق الزواج ايضا، لأن «النزاع حول الاولاد هو الذي يؤدّي على الارجح برفيقي الزواج الى البدء بالقتال،» يذكر خلف الابواب المغلَقة.
نظرة غير لائقة الى الجنسين
يقول دان بادجورِك، الذي يدير فريقا استشاريا في كندا، ان الرجال المسيئين لديهم نظرة خاطئة الى النساء: «مهما كان المجتمع الذي يأتون منه، فانهم تربَّوا على الاعتقاد ان الرجال هم في المرتبة الاولى.» ويقول هاميش سينكلِير، الذي يرأس برنامجا علاجيا للرجال المسيئين، ان الرجال يتدرَّبون على الاعتقاد انهم اسمى من النساء وأنه يحق لهم ان «يعاقبوهنَّ، يؤدِّبوهنَّ او يُرهِبوهنَّ.»
وفي بلدان كثيرة يُعتبر ان الرجل له الحق في معاملة زوجته كمجرد اداة، جزء آخر من ممتلكاته. والتحكُّم في زوجته والتسلُّط عليها يُعتبران مقياسا لرجولته وكرامته. وغالبا ما تُضرب الزوجات ويُساء اليهنَّ بطريقة اخرى بشكل رهيب، والانظمة الشرعية قلَّما تفعل شيئا حيال ذلك لأن هذا هو القانون في بلدان كهذه. الرجل هو الاسمى، والمرأة هي الادنى؛ فيجب ان تقدم له الطاعة الكلية مهما كان غير جدير بالاكرام، عنيفا، منحرفا، او انانيا.
اخبر مورلي سِيْفر مذيع للانباء في محطة التلفزيون CBS عن بلد في اميركا الجنوبية: «ما من مكان في اميركا اللاتينية يكون فيه الافتخار بالرجولة ظاهرا اكثر . . . انه منتشر في كل المجتمع، بما في ذلك قاعة المحكمة اذ يمكن للرجل دفاعا عن كرامته ان يفعل ما يريد دون خوف من العقاب، وخصوصا اذا كانت الضحية امرأته.» وأكَّد انه «لا يوجد مكان في الارض يحط من قدر النساء» كما يفعل ذلك البلد. لكنَّ تسلُّط الذكر والحطّ من قدر النساء هما واسعا الانتشار. ولا يقتصر ذلك على بلد واحد، مهما كان شديدا فيه.
ذكرت مينا شولمَن، مديرة وكالة العنف المنزلي وتنفيذ القانون في نيويورك، ان العنف وسيلة يستعملها الرجال للحفاظ على التحكُّم ولاظهار القوة والسلطة على المرأة. وأضافت: «اننا نعتبر العنف المنزلي اساءة لاستعمال القوة والتحكُّم.»
يعاني بعض ضاربي الزوجات من اعتبار قليل للذات، الصفة نفسها التي يحدثونها في ضحاياهم. واذا استطاعوا فعل ذلك، فعندئذ يجري اشباع الأنا عندهم، ويشعرون بمقدار من التفوق والسيطرة على انسان آخر. وهم يعتقدون انهم يبرهنون على رجوليتهم بهذه الطريقة. ولكن، هل الامر كذلك؟ وبما انهم يرتكبون عنفهم في النساء الاضعف جسديا، هل يبرهن ذلك انهم حقا رجال قوة، ام يبرهن، عوض ذلك، انهم غير منطقيين؟ هل هو رجولي حقا لذَكَر اقوى ان يُشبع ضربا انثى اضعف وأقل قدرة على الدفاع عن نفسها؟ ان الرجل الذي يتصف بمزية ادبية قوية يظهر الاعتبار والرأفة للاشخاص الاضعف والاقل قدرة على الدفاع عن انفسهم، ولا يستغلّهم.
والاعراب الآخر عن التفكير غير المنطقي للمسيء هو واقع انه غالبا ما يلوم زوجته على اثارة الضرب. فقد يلمِّح الى امور، او حتى يقول لها امورا، مثل: ‹لم تفعلي ذلك بالطريقة الصحيحة. لهذا السبب اضربك.› او: ‹كان العشاء متأخرا، لذلك تنالين ما تستحقينه.› ففي اعتقاد المسيء، ان ذلك ذنبها. لكنَّ ايّ تقصير لرفيق الزواج لا يبرِّر الضرب الشديد؟
هل يصنع الكحول فرقا؟
بما ان الكحول يقلِّل من ضبط الذات ويزيد من امكانية التصرف دون تفكير، ليس مدهشا ان يعتقد البعض انه يمكن ان يثير الاساءة. ففي اغلب الاحيان يكون الشخص قادرا ان يحافظ على ضبط الانفعالات العنيفة عندما يكون صاحيا، ولكن بعد جرعات قليلة، يصير مسيئا. فالكحول يُضعف مقدراته العقلية ويقلِّل من قدرته على ضبط غضبه.
لكنَّ آخرين يدَّعون ان المشكلة تتأصل في الاجهاد اكثر منه في الكحول عينه. ويقولون ان الشخص الذي يستعمل الكحول للتغلب على الاجهاد هو نوع الشخص نفسه الذي قد يستعمل العنف لهذا القصد. وهذا يعني ان الشرِّيب يمكن ان يكون مسيئا عندما يكون صاحيا تماما كما عندما يكون سكرانا. ولكن، مهما كانت الحجج من هذا القبيل، فليس الكحول بالتأكيد مساعدا على ضبط المرء انفعالاته انما يفعل العكس في اغلب الاحيان.
كيف تؤثر وسائل الاعلام في التصرفات
يدَّعي البعض ان التلفزيون، بالاضافة الى السينما، يشجع على فكرة افتخار الذكور بالرجولة ويعلِّم ان العنف هو طريقة شرعية لمعالجة النزاع والغضب. «فتنني تجاوبي الشديد مع الفيلم السينمائي رامبو،» يعترف مشير لاحدى العائلات. «ففي حين ان انساني الراشد [الداخلي] المسالم تروِّعه اعمال القتل الجماعي لـ رامبو، فإن انساني الطفولي [الداخلي] يشجعه على ذلك.»
وبما ان كثيرين من الاولاد معرَّضون لآلاف الساعات من التلفزيون بعدد لا يُحصى من اعمال العنف، الاغتصاب، والحط من قدر اناس آخرين، وخصوصا النساء، فلا عجب ان كثيرين يكبرون ليطبِّقوا هذه الصفات غير الاجتماعية في الآخرين. وليس الاولاد فقط هم الذين يتأثرون بل الراشدون ايضا.
علاوة على ذلك، وخصوصا في السنوات الاخيرة، ازداد بشكل ملحوظ مقدار تصوير العنف، الفساد الادبي، وتحقير النساء كما يُعرض في التلفزيون وفي الافلام. وهذا لا يمكن إلا ان يجعل مشهد العنف العائلي اسوأ. وكما وجد فريق تحقيق، هنالك «ارتباط واضح . . . بين مشاهدة العنف والتصرف العدواني.»
تأثير الاعتزال
بالنسبة الى كثيرين اليوم، تتصف الحياة بعدم المشاركة في المشاعر الانسانية وبالوحشة. فالاسواق المركزية ومخازن حسم الاسعار حلَّت محل الدكاكين المجاورة الودّية. والتجديد في المدن، المشاكل الاقتصادية، والبطالة تجبر العائلات على الصيرورة عابرة سبيل. والمعدل العالي للعنف المنزلي يوجد بين العائلات التي ليست لها اتصالات اجتماعية قوية.
ان جيمس سي. كولمن، في كتابه العلاقات الحميمة، الزواج، والعائلة، يوضح لماذا يعتقد ان الحال هي هكذا. فهو يشعر بأن كون المسيء يحبّ الانفراد امر يقلِّل من المحادثات ذات المغزى ويجعل من الصعب عليه ان يرى حالته بموضوعية وأن يطلب المساعدة من صديق موثوق به. وعدم حيازة الاصدقاء والاقرباء الاحماء الذين يمكن ان يعملوا كقوة ملطِّفة يجعل الشخص قادرا على التعبير عن انانيته بأكثر سهولة، لأن تفكيره الخاطئ لا يقاومه الآخرون القريبون منه يوميا. والامر هو كما تقول الامثال ١٨:١: «المعتزل يطلب شهوته. بكل مشورة يغتاظ.»
المساعدة للعائلة المتصفة بالعنف
ناقشنا مجرد جزء من الايضاحات المقدَّمة عن العنف المنزلي. فهنالك ايضاحات اخرى. واذ حدَّدنا هوية بعض الاسباب، نحتاج الآن الى البحث في الحلول. فاذا كان الشخص في عائلة تتصف بالعنف، فكيف يمكن ايقاف نمط الاساءة؟ ما هي نظرة الكتاب المقدس؟ هل سينتهي العنف المنزلي يوما ما؟ ان المقالة في الصفحة ١٠ ستعالج هذه الاسئلة.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٩]
العنف العاطفي الضرب القاسي بالكلام
في الاساءة الجسدية يكون الاعتداء بقَبَضات اليد؛ وفي الاساءة العاطفية يكون الهجوم بالكلام. فالاختلاف الوحيد هو اختيار الاسلحة. والامر هو كما تقول الامثال ١٢:١٨: «يوجد من يهذر مثل طعن السيف. أما لسان الحكماء فشفاء.»
فإلى ايّ حد خَطِر هو العنف العاطفي، بما في ذلك «طعن السيف» هذا؟ تكتب الدكتورة سوزن فوروَرد: «النتيجة هي نفسها [كما في الاساءة الجسدية]. فأنتم تخافون الخوف نفسه، تشعرون بالعجز نفسه، وتكونون في حالة الألم الكبير نفسه،» من الناحية العاطفية.
العنف العاطفي نحو رفيق الزواج: «العنف الزوجي ليس جسديا فقط. فجزء كبير منه، وربما الاكبر ايضا، شفهي وعاطفي،» قالت ضحية لزمن طويل. فالاساءة يمكن ان تشمل التسمية بأسماء قبيحة، الصراخ، الانتقاد المستمر، الاهانات المحقِّرة، والتهديدات بالعنف الجسدي.
والتعليقات الماكرة التي تصغِّر، تذلّ، او تهوِّل يمكن ان تؤذي اذًى مميتا. وكتقطُّر الماء على صخرة، يمكن ان تبدو التلميحات المحقِّرة غير مؤذية في بادئ الامر. ولكن سرعان ما يتأكل اعتبار الذات. «لو كان عليَّ ان اختار بين الاساءة الجسدية والشفهية لفضَّلت الضرب في ايّ وقت،» قالت احدى النساء. «يمكنكم ان تروا الندوب،» اوضحت، «فيشعر الناس على الاقل بالاسف عليكم. أما الاساءة الشفهية فتجعلكم مستائين جدا. فالجروح غير منظورة. ولا احد يهتم.»
العنف العاطفي نحو الولد: يمكن ان يشمل ذلك التكلم المستمر بانتقاد وازدراء عن مظهر الولد، ذكائه، كفاءته، او قيمته كشخص. والسخرية مؤذية بشكل خصوصي. فالاولاد غالبا ما يفهمون الملاحظات المتسمة بالسخرية بمعناها الظاهر، غير مميِّزين بين ما يُقال جدِّيا وما يُقال على سبيل «المزاح.» يذكر شون هوڠَن-داوني الاختصاصي بمعالجة العائلات: «يشعر الولد بالأذية، لكنَّ كل واحد يضحك، ولذلك يتعلَّم ان لا يثق بمشاعره.»
وهكذا، في معظم الحالات، هنالك صحة في ما قاله ذات مرة المؤرخ وكاتب المقالات الاسكتلندي توماس كارلايل: «ارى الآن ان السخرية، عموما، هي لغة ابليس؛ لهذا السبب نبذتها فعليا منذ وقت طويل.»
تقول جوي بايِرز، خبيرة بالاساءة الى الاولاد: «ان الاساءة الجسدية يمكن ان تقتل الولد، ولكن يمكنكم ايضا ان تقتلوا الروح، وهذا ما يمكن ان يفعله النمط المستمر للتعليقات الابوية السلبية.» وتعلِّق مجلة FLEducator: «بخلاف الكدمة التي يمكن ان تحدَّد هويتها وتزول، تسبب الاساءة العاطفية تغييرات غير منظورة في عقل الولد وشخصيته تبدِّل دائما واقعه وتفاعله مع الآخرين.»
[الصورة في الصفحة ٧]
التعرُّض للعنف له تأثير قوي في التصرف اللاحق للولد
-
-
نهاية للعنف المنزلياستيقظ! ١٩٩٣ | شباط (فبراير) ٨
-
-
نهاية للعنف المنزلي
«ان منع العنف في البيت وخفض العنف العائلي يشملان تغييرات بنيوية رئيسية للمجتمع والعائلة على السواء.» — خلف الابواب المغلَقة.
ان اول جريمة في التاريخ البشري شملت اخوين. (تكوين ٤:٨) وطوال آلاف السنين منذ ذلك الحين، تصيب الانسان كل اشكال العنف المنزلي. ويجري اقتراح العديد من الحلول، لكنَّ الكثير منها له عوائق.
على سبيل المثال، ان اعادة التأهيل تفيد فقط المسيئين الذين يعترفون بمشكلتهم. رثى احد المسيئين الى الزوجات المتعافي: «مقابل كل واحد منا [الذين يُعاد تأهيلهم]، هنالك ثلاثة رجال يقولون، ‹يجب ان تُبقوا الزوجة تحت السيطرة.›» لذلك يلزم ان يتعلَّم المسيء معالجة حالته. فلماذا صار مسيئا؟ وبنيل المساعدة على اصلاح اخطائه، يمكن ان يوضع في طريق الشفاء.
لكنَّ البرامج الاجتماعية ينقصها اعضاء عاملون. مثلا، يقدَّر انه في ٩٠ في المئة من قضايا قتل الاولاد في الولايات المتحدة، كان قد أُخبر عن حالات عائلية خَطِرة قبل القتل. لذلك لا يمكن ان تفعل البرامج الاجتماعية وهيئات الشرطة سوى القليل جدا. فيلزم على نحو حيوي شيء آخر.
«الشخصية الجديدة»
«ما يلزم ليس اقل من اعادة بناء العلاقات بين اعضاء العائلة،» يقول فريق ابحاث. فالعنف المنزلي ليس مجرد مشكلة اساءة جسدية؛ انه في المقام الاول مشكلة في العقل. انه متأصِّل في الطريقة التي بها ينظر اعضاء العائلة — رفيق الزواج، الولد، الوالد، الشقيق — واحدهم الى الآخر. واعادة بناء هذه العلاقات تعني لبس ما يدعوه الكتاب المقدس «الشخصية الجديدة.» — افسس ٤:٢٢-٢٤، عج؛ كولوسي ٣:٨-١٠، عج.
فلنفحص بعض مبادئ الكتاب المقدس المتعلقة بالعائلة التي تساعدنا على لبس الشخصية الجديدة الشبيهة بالمسيح التي يمكن ان تؤدّي الى احراز علاقة افضل بين اعضاء العائلة. — انظروا متى ١١:٢٨-٣٠.
النظرة الى الاولاد: ان كون المرء والدا يشمل اكثر من انجاب طفل. ولكن، من المحزن ان كثيرين اليوم ينظرون الى اولادهم كعبء ولذلك ينقصهم ان يلتزموا بدورهم الابوي. وهؤلاء هم مسيئون محتمَلون.
يدعو الكتاب المقدس الاولاد ‹ميراثا من عند الرب› و«اجرة.» (مزمور ١٢٧:٣) والوالدون مسؤولون امام الخالق عن الاعتناء بهذا الميراث. فأولئك الذين ينظرون الى اولادهم كحِمْل يلزم ان ينموا الشخصية الجديدة من هذا القبيل.a
توقعات واقعية من الاولاد: كشفت احدى الدراسات ان الكثير من الامهات المسيئات يتوقعن من اطفالهنَّ ان يعرفوا الصواب من الخطإ بحلول الوقت الذي يصير فيه الولد بعمر سنة. وثلث اللواتي جرى استطلاعهنَّ حدَّدن ستة اشهر.
يظهر الكتاب المقدس ان كل شخص يولد في حال النقص. (مزمور ٥١:٥؛ رومية ٥:١٢) ولا يدَّعي بأن التمييز يُكتسب عند الولادة. وبالاحرى، يقول انه «بسبب التمرُّن» تصير قوى ادراك الشخص «مدرَّبة على التمييز بين الخير والشر.» (عبرانيين ٥:١٤) وبالاضافة الى ذلك، يتحدث الكتاب المقدس عن «سمات الطفل،» «جهالة» الصِّبا، و‹بطلان› المراهقة. (١ كورنثوس ١٣:١١، عج؛ امثال ٢٢:١٥؛ جامعة ١١:١٠) فيجب ان يفهم الوالدون هذه الحدود، غير متوقعين اكثر مما هو ملائم لعمر ومقدرة الولد.
منح التأديب للاولاد: ان الكلمة اليونانية في الكتاب المقدس المنقولة الى «يؤدِّب» تعني «يعلِّم.» ولذلك يكون هدف التأديب في المقام الاول لا ان يسبِّب الالم بل ان يدرِّب. والكثير من ذلك يمكن ان يُنجَز دون صفع، مع ان ذلك قد يكون ضروريا احيانا. (امثال ١٣:٢٤) يقول الكتاب المقدس: «(أَصغوا الى التأديب) وكونوا حكماء.» (امثال ٨:٣٣) وكتب بولس ايضا ان المرء يجب ان يكون «صبورا على المشقات،» مانحا التوبيخ «بأناة.» (٢ تيموثاوس ٢:٢٤؛ ٤:٢) وهذا يمنع انفجارات الغضب والقوة المفرطة حتى عندما يكون الصفع لازما.
بالنظر الى مبادئ الكتاب المقدس هذه، اسألوا نفسكم: ‹هل يعلِّم تأديبي، ام يضبط فقط بإحداث الاذى؟ هل يغرس تأديبي المبادئ الصائبة ام مجرد الخوف؟›
حدود التصرف للراشدين: ادَّعى احد المسيئين انه «فقد السيطرة» وضرب زوجته. فسأل المشير الرجل عما اذا كان قد طعن زوجته يوما ما. «انا لا افعل ذلك ابدا!» اجاب الرجل. فجرت مساعدة الرجل على الرؤية انه كان يتصرف ضمن مجموعة من الحدود، لكنَّ المشكلة هي انها لم تكن الحدود الصحيحة.
اين تضعون حدودكم؟ هل تتوقفون قبل ان يتطور الخلاف الى شيء مسيء؟ ام هل تثور ثائرتكم وينتهي بكم الامر الى الصراخ، الاهانة، الدفع، رمي الاشياء، او الضرب الشديد؟
ان الشخصية الجديدة لها حد صارم، موضوع ادنى بكثير من السماح بالاساءة العقلية او العنف الجسدي. «لا تخرج كلمة ردية من افواهكم،» تقول افسس ٤:٢٩. ويضيف العدد ٣١: «ليُرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث.» ان الكلمة اليونانية التي تقابل «غضب» تشير الى «طبيعة اندفاعية.» وعلى نحو مثير للاهتمام، يذكر كتاب والدون هدَّامون ان المزية المشتركة بين المسيئين الى الاولاد هي «النقص الهائل في ضبط الاندفاع.» فالشخصية الجديدة تضع حدودا ثابتة لحالات الاندفاع، الجسدية والشفهية على السواء.
وطبعا، تنطبق الشخصية الجديدة على الزوجة بالاضافة الى الزوج. فيجب ان تعمل على عدم اثارة غضب رفيق زواجها، مظهرة التقدير لجهوده في الاعتناء بالعائلة ومتعاونة معه. وكلاهما يجب ان لا يطلبا احدهما من الآخر ما لا يمكن ابدا لأيّ منهما اظهاره — الكمال. وعوضا عن ذلك، يجب ان يطبِّقا كلاهما ١ بطرس ٤:٨: «ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لان المحبة تستر كثرة من الخطايا.»
الاحترام للمسنين: «أَظهِر الاحترام للكبار السن وأَكرِمهم،» تقول لاويين ١٩:٣٢. (الترجمة الانكليزية الحديثة) قد يكون ذلك تحديا عندما يكون الوالد المسن مريضا وربما متطلِّبا. وتتحدث تيموثاوس الاولى ٥:٣، ٤ عن تقديم ‹الاكرام› و«المكافأة» للوالدين. ويمكن ان يشمل ذلك التدابير المالية بالاضافة الى الاحترام. فنظرا الى كل ما فعله والدونا من اجلنا عندما كنا اطفالا عاجزين، يجب ان نقدِّم لهم الاعتبار المماثل عندما يكون ذلك لازما.
التغلب على تنافس الاشقاء: قبل ان ادَّت عداوة قايين الى قتل اخيه هابيل، جرى نصحه: «عند الباب خطيئة تنتظرك، تتشوَّق ان تتسلَّط عليك، لكن يجب ان تتحكم فيها.» (تكوين ٤:٧، ترجمة تفسيرية) ان المشاعر يمكن ضبطها. فتعلَّموا ان تكونوا صُبُرا احدكم على الآخر، «محتملين بعضكم بعضا في المحبة.» — افسس ٤:٢.
تعلُّم الوثوق
كثيرون من ضحايا العنف المنزلي هم متألِّمون صامتون. لكنَّ الدكتور جون رايت يحث: «يجب ان تلتمس النساء اللواتي يُضربن بشدة الحماية العاطفية والجسدية من طرف ثالث مقتدر.» ويصح الامر نفسه مع ايّ عضو مُساء اليه في العائلة.
احيانا تجد الضحية انه من الصعب ان تثق بفرد آخر. وعلى ايّ حال، فإن الثقة داخل الوحدة الاجتماعية الاحمّ — العائلة — قد ادَّت الى الالم. ولكن، «يوجد (صديق) ألزق من الاخ،» تقول امثال ١٨:٢٤. والعثور على هذا الصديق وتعلُّم الوثوق بتحفُّظ خطوة قيِّمة في الحصول على المساعدة اللازمة. وطبعا، يحتاج المسيء الى المساعدة ايضا.
كل سنة يصير مئات الآلاف من الناس شهودا ليهوه. وهؤلاء يقبلون تحدّي لبس الشخصية الجديدة. وبينهم مرتكبون سابقون للعنف المنزلي. ولابطال ايّ ميل الى الانتكاس، لا بد ان يسمحوا للكتاب المقدس باستمرار بأن يكون ‹نافعا للتعليم والتوبيخ والتقويم.› — ٢ تيموثاوس ٣:١٦.
ولهؤلاء الشهود الجدد، يكون لبس الشخصية الجديدة عملية مستمرة، لان كولوسي ٣:١٠، عج، تقول انها «تتجدَّد.» ولذلك يكون الجهد المستمر لازما. وما يدعو الى الشكر هو ان شهود يهوه لديهم دعم عدد كبير من «اخوة وأخوات وأمهات وأولاد» روحيين. — مرقس ١٠:٢٩، ٣٠؛ انظروا ايضا عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥.
وهنالك ايضا في كل من الـ ٠٠٠,٧٠ جماعة تقريبا لشهود يهوه حول العالم، نظار محبّون هم مثل «ملجإ من الريح ومخبإ من العواصف.» و‹عيونهم وآذانهم ستنفتح لحاجات الشعب.› (اشعياء ٣٢:٢، ٣، تاح) وهكذا فإن شهود يهوه الاحدث، بالاضافة الى الاكثر خبرة، لديهم مخزون رائع من المساعدة المتوافرة في الجماعة المسيحية فيما يعملون على لبس الشخصية الجديدة.
نظار يتَّصفون بالرأفة
عندما يأتي الاشخاص الى النظار المسيحيين في جماعات شهود يهوه من اجل المشورة، يكون هؤلاء النظار مدرَّبين على الاصغاء الى الجميع بعدم محاباة. ويجري تشجيعهم ان يظهروا لكل شخص، وخصوصا ضحايا الاساءة الشديدة، الرأفة والتفهم الكبيرين. — كولوسي ٣:١٢؛ ١ تسالونيكي ٥:١٤.
على سبيل المثال، ان الزوجة التي تُضرَب بشدة ربما تأذَّت بوحشية. وفي بلدان كثيرة اليوم، اذا مورس هذا الضرب الشديد نفسه في شخص خارج العائلة، فقد ينتهي الامر بالمسيء الى السجن. ولذلك تحتاج الضحية الى ان تُعامَل بلطف فائق، مثل ضحايا كل انواع الاساءة الاخرى، كالاساءة الجنسية.
وعلاوة على ذلك، فإن مرتكبي الجرائم ضد شرائع اللّٰه تلزم محاسبتهم. وبهذه الطريقة تبقى الجماعة نظيفة، وتجري حماية الاشخاص الابرياء الآخرين. والمهم جدا ان تدفُّق روح اللّٰه لا يُعاق. — ١ كورنثوس ٥:١-٧؛ غلاطية ٥:٩.
نظرة اللّٰه الى الزواج
عندما يصير الاشخاص من شهود يهوه، يوافقون على اتِّباع مبادئ العيش المسيحي الموجودة في كلمة اللّٰه. فهم يتعلَّمون ان الرجل معيَّن رأسا للعائلة، لتوجيهها في العبادة الحقيقية. (افسس ٥:٢٢) إلا ان الرئاسة لا تجيز ابدا معاملة الزوجة بوحشية، سحق شخصيتها، او تجاهل رغباتها.
وعلى الضد من ذلك، توضح كلمة اللّٰه ان الازواج يجب ان ‹يحبوا نساءهم كما احب المسيح ايضا الكنيسة وأسلم نفسه لاجلها . . . يجب على الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض احد جسده قط بل يقوته ويربيه.› (افسس ٥:٢٥، ٢٨، ٢٩) حقا، تقول كلمة اللّٰه بوضوح انه يجب ان تُعطى الزوجات «كرامة.» — ١ بطرس ٣:٧؛ انظروا ايضا رومية ١٢:٣، ١٠؛ فيلبي ٢:٣، ٤.
بالتأكيد لا يمكن ان يدَّعي ايّ زوج مسيحي بصدق انه يحبّ حقا زوجته او يكرمها اذا اساء اليها شفهيا او جسديا. فذلك يكون رياء، لان كلمة اللّٰه تذكر: «ايها الرجال احبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهن.» (كولوسي ٣:١٩) وقريبا، عندما تأتي دينونة اللّٰه على هذا النظام الشرير في هرمجدون، سيعاني المراؤون المصير نفسه لمقاومي حكم اللّٰه. — متى ٢٤:٥١.
ان الزوج الذي يخاف اللّٰه يجب ان يحبّ زوجته كجسده. فهل يضرب جسده، يلطم نفسه، او يشدّ شعره بعنف؟ هل يحط من قدر نفسه بازدراء وسخرية امام الآخرين؟ ان الشخص الذي يفعل امورا كهذه يُعتبَر غير متزن عقليا، وهذا اقل ما يقال.
اذا ضرب رجل مسيحي زوجته بشدة، يجعل ذلك كل اعماله المسيحية الاخرى عديمة القيمة في نظر اللّٰه. واذكروا ان ‹الضرّاب› لا يكون مؤهلا لامتيازات في الجماعة المسيحية. (١ تيموثاوس ٣:٣؛ ١ كورنثوس ١٣:١-٣) طبعا، ان الزوجة التي تعامل زوجها بطريقة مماثلة تنتهك ايضا شريعة اللّٰه.
تصنِّف غلاطية ٥:١٩-٢١ ‹العداوة، الخصام، . . . السخط› بين الاعمال التي يدينها اللّٰه وتذكر ان «الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت اللّٰه.» وهكذا فإن ضرب رفيق الزواج او الاولاد بشدة غير مبرَّر ابدا. وهو عادةً ضد قانون البلد وبالتأكيد ضد شريعة اللّٰه.
زوَّدت برج المراقبة، مجلة يصدرها شهود يهوه، وجهة نظر مؤسسة على الاسفار المقدسة حول القضية، اذ قالت عن اولئك الذين يدَّعون انهم مسيحيون إلا انهم ضرَّابون: «ايّ شخص يدَّعي انه مسيحي ويستسلم تكرارا ودون توبة للسخط العنيف يمكن فصله،» عزله. — ١ ايار ١٩٧٥، الصفحة ٢٨٧ بالانكليزية؛ قارنوا ٢ يوحنا ٩، ١٠.
ما تسمح به شريعة اللّٰه
سيدين اللّٰه اخيرا اولئك الذين ينتهكون شرائعه. ولكن في هذه الاثناء، ايّ تدبير تصنعه كلمته لرفقاء الزواج المسيحيين هؤلاء الذين يُضربون بشدة حين لا يتغير المرتكب انما يستمر في ضربه الشديد؟ هل الضحايا الابرياء ملزمون بالاستمرار في تعريض صحتهم الجسدية، العقلية، والروحية، وربما حياتهم ايضا للخطر؟
تذكر برج المراقبة، اذ تعلق على العنف في البيت، ما تسمح به كلمة اللّٰه. تقول: «ينصح الرسول بولس: ‹ان لا تفارق المرأة رجلها. وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة او لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته.›» وتقول المقالة ايضا: «اذا اصبح الايذاء لا يطاق او تعرضت الحياة نفسها للخطر فحينئذ قد يختار الرفيق المؤمن ان ‹يفارق.› ولكنَّ المسعى يجب ان يكون ‹ليصالح› في الوقت المناسب. (١ كورنثوس ٧:١٠-١٦) إلا ان ‹المفارقة› لا تزوِّد بحد ذاتها اسبابا مؤسسة على الاسفار المقدسة للطلاق والزواج ثانية. ومع ذلك، قد يزوِّد الطلاق الشرعي او الانفصال الشرعي بعض الحماية من ايذاء اضافي.» — ١ تشرين الثاني ١٩٨٣، «أَكرموا الزواج الالهي؛» انظروا ايضا عدد ١ تشرين الثاني ١٩٨٨، الصفحتين ٢٢-٢٣.
ان ما تختار الضحية فعله في هذه الظروف لا بد ان يكون قرارا شخصيا. «كل واحد سيحمل حمل نفسه [او نفسها].» (غلاطية ٦:٥) فلا يمكن ان يتخذ ايّ شخص آخر القرار عنها. ولا احد يجب ان يحاول الضغط عليها لكي تعود الى الزوج المسيء حيث يجري تهديد صحتها، حياتها، وروحياتها. فلا بد ان يكون ذلك اختيارها الخاص، من ارادتها الحرة، وليس لأن الآخرين يحاولون ان يفرضوا ارادتهم عليها. — انظروا فليمون ١٤.
نهاية للعنف المنزلي
تعلَّم شهود يهوه ان العنف المنزلي هو نموذج لما انبأ به الكتاب المقدس مسبقا عن هذه الايام الاخيرة، التي فيها يكون كثيرون «مسيئين،» دون «مودَّة طبيعية،» و«شرسين.» (٢ تيموثاوس ٣:٢، ٣؛ الكتاب المقدس الانكليزي الجديد) ويعد اللّٰه انه بعد الايام الاخيرة هذه، سيُدخل عالما جديدا سلميا فيه «يسكن [الناس] آمنين ولا مخيف.» — حزقيال ٣٤:٢٨.
وفي هذا العالم الجديد الرائع، سيولِّي العنف المنزلي الى الابد. «الودعاء . . . يرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة.» — مزمور ٣٧:١١.
نحثكم على تعلُّم المزيد عن وعود الكتاب المقدس للمستقبل. حقا، يمكنكم ان تحصدوا الفوائد الآن ايضا بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس في محيطكم العائلي.
[الحاشية]
a ثمة نصيحة جيدة تتعلق بالتربية الفعالة للاولاد موجودة في كتاب جعل حياتكم العائلية سعيدة، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك، الفصول ٧ الى ٩، «حيازة الاولاد — مسؤولية ومكافأة،» «دوركم كآباء،» و«تدريب الاولاد منذ الطفولية.»
[الصور في الصفحة ١٠]
مبادئ الكتاب المقدس تساعد على حل النزاعات العائلية
[الصورة في الصفحة ١٣]
الضحايا يحتاجون الى الوثوق بصديق مقتدر
-