مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • عقول معذَّبة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • عقول معذَّبة

      كانت نيكول،‏ من سن الـ‍ ١٤،‏ تمرّ بفترات يتغير فيها مزاجها ويصير حزينا.‏ ولكن في سن الـ‍ ١٦،‏ بدأ شيء آخر يحصل لها.‏ فقد اصبحت تمرّ بحالة غريبة من المرح وفرط النشاط.‏ وصارت الافكار تتزاحم في ذهنها وتنطق بكلام غير مترابط وقلّ نومها،‏ وتَرافق ذلك مع شكوك لا اساس لها من الصحة ان اصدقاءها يستغلونها.‏ بعد ذلك ادَّعت نيكول انها قادرة على تغيير لون الاشياء كيفما شاءت.‏ عند ذاك،‏ ادركت والدة نيكول ان ابنتها بحاجة الى مساعدة طبية،‏ فأخذتها الى المستشفى.‏ وبعد مراقبة تقلبات مزاجها عن كثب،‏ تمكّن الاطباء اخيرا من تشخيص مرضها.‏ فقد كانت نيكول مصابة بالاضطراب الثنائي القطب bipolar disorder.‏a

      مثل نيكول،‏ يعاني ملايين الاشخاص حول العالم اضطرابا في المزاج،‏ سواء كان هذا الاضطراب ثنائيَّ القطب او نوعا آخر من انواع الكآ‌بة الشديدة التي يُستعمل لها المصطلح «الكآ‌بة السريرية clinical depression».‏ ولهذه الامراض تأثيرات ساحقة.‏ قال ستيڤن المصاب بالاضطراب الثنائي القطب:‏ «مرت سنون عديدة وأنا أتألم.‏ فقد كنت امرّ بفترات كآ‌بة شديدة تليها فترات فرح ونشاط عارمَين.‏ صحيح ان العلاج النفسي والادوية ساعدتني،‏ ولكن بقي الامر صعبا».‏

      فماذا يسبب اضطرابات المزاج؟‏ كيف يشعر المصابون بالكآ‌بة او الاضطراب الثنائي القطب؟‏ وكيف يمكن توفير الدعم الضروري لهم،‏ وكذلك للاشخاص الذين يرعونهم؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a يُدعى هذا المرض ايضا الاضطراب الهَوَسي الاكتئابي manic-depressive disorder،‏ وتُستعمل كلمة «هَوَس» في هذه المقالات للاشارة الى حالة الاثارة المتسمة بفرط النشاط والمرح.‏ يُرجى الملاحظة ان بعض هذه الاعراض قد تكون دلائل الى الفُصام schizophrenia،‏ اساءة استعمال المخدِّرات،‏ او مجرد تغيّرات طبيعية يمرّ بها المراهقون.‏ ولا ينبغي تبنّي ايّ تشخيص إلا بعد اجراء فحص شامل على يد اختصاصي مؤهل.‏

  • العيش مع اضطراب في المزاج
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • العيش مع اضطراب في المزاج

      اضطرابات المزاج شائعة الى حد يثير القلق.‏ فيقدَّر مثلا ان اكثر من ٣٣٠ مليون شخص حول العالم يعانون كآ‌بة خطيرة تتميَّز بحزن ساحق وعدم التمتع بممارسة النشاطات اليومية.‏ ويُتوقّع ان تصير الكآ‌بة بعد ٢٠ سنة اكثر الامراض انتشارا بعد امراض القلب.‏ ولا عجب ان يقول البعض ان الكآ‌بة شائعة بين الامراض النفسية شيوع الزكام بين الامراض الاخرى.‏

      في السنوات الاخيرة حظي الاضطراب الثنائي القطب باهتمام اكبر لدى الناس.‏ وتشمل اعراض هذا المرض تقلبات حادة في المزاج تتراوح بين الكآ‌بة والهَوَس.‏ ذكر كتاب حديث اصدرته الجمعية الطبية الاميركية:‏ «خلال مرحلة الكآ‌بة،‏ قد تنتابك افكار انتحارية.‏ وخلال مرحلة الهَوَس من مرضك،‏ قد يتلاشى عندك حسن التمييز ولا تعود قادرا على رؤية الضرر في افعالك».‏

      يقدَّر ان ٢ في المئة من سكان الولايات المتحدة يعانون مرض الاضطراب الثنائي القطب،‏ وهذا يعني ان ملايين الاشخاص مصابون به في ذلك البلد فقط.‏ لكنَّ الارقام وحدها لا تصف العذاب الذي يعانيه مَن يعيشون مع اضطراب في المزاج.‏

      الكآ‌بة:‏ حزن ساحق

      يعرف معظمنا معنى الإحساس الوقتي بالحزن الشديد.‏ ولكن بعد فترة قد تدوم ساعات او اياما قليلة،‏ يخمد هذا الشعور.‏ أما الكآ‌بة السريرية فهي اخطر من ذلك بكثير.‏ كيف؟‏ اوضح الدكتور ميتش ڠولانت:‏ «نحن غير المكتئبين نعرف ان التبدل في انفعالاتنا لن يستمر الى ما لا نهاية.‏ لكنَّ المكتئب يعاني تقلبات في مزاجه وتغيرات في احاسيسه تجعله اشبه بشخص جالس في قطار يسير بدون سائق،‏ فلا يعرف كيف او متى سيترجَّل منه،‏ او هل سيتمكن من الترجُّل منه».‏

      للكآ‌بة السريرية اشكال عديدة.‏ فبعض الناس يعانون مثلا ما يسمى بالاضطراب الوجداني الموسمي seasonal affective disorder الذي يَظهر في فترة معينة من السنة،‏ وهي عادةً الشتاء.‏ ذكر كتاب صادر عن الجمعية الطبية الشعبية:‏ «لوحظ ان كآ‌بة الاشخاص المصابين بالاضطراب الوجداني الموسمي ساءت كلما بعُد مكان عيشهم شمالا وكلما صار الطقس غائما.‏ وفي حين يترافق هذا الاضطراب عموما مع ايام الشتاء المعتمة،‏ وُجد انه يرتبط في حالات اخرى بأماكن العمل المعتمة داخل الابنية وتلبُّد السماء بالغيوم في غير اوانه من السنة،‏ بالاضافة الى المشاكل في البصر».‏

      ماذا يسبب الكآ‌بةَ السريرية؟‏ ليس الجواب واضحا.‏ وفي حين يبدو في بعض الحالات ان السبب وراثي،‏ يَظهر في معظم الحالات ان تجارب الحياة تلعب دورا هاما في الاصابة بها.‏ كما لوحظ ان عدد النساء اللواتي شُخِّص المرض لديهن يعادل ضعف عدد الرجال.‏a لكنَّ ذلك لا يعني ان الرجال لا يتأثرون كثيرا.‏ فقد وُجد بحسب احد التقديرات ان ما يتراوح بين ٥ و ١٢ في المئة من الرجال سيصابون بالكآ‌بة السريرية في مرحلة ما من حياتهم.‏

      هذا النوع من الكآ‌بة يتغلغل في كيان المرء المصاب به ويؤثر في كل اوجه حياته تقريبا.‏ قالت شيلا عن الكآ‌بة التي تعانيها:‏ «انها تضعضعك في الصميم،‏ وتزعزع ثقتك واحترامك لنفسك وتقوّض قدرتك على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات.‏ وبعدما تتملَّكك الكآ‌بة،‏ تضغط على صدرك بقوة لترى ما اذا كنت قادرا بعد على التحمل».‏

      في بعض الاحيان،‏ قد يرتاح المريض كثيرا اذا عبَّر عن مشاعره امام شخص متعاطف يستمع اليه.‏ (‏ايوب ١٠:‏١‏)‏ ومع ذلك،‏ يجب ألا ننسى ان الكآ‌بة لا يمكن ان تزول بامتلاك نظرة ايجابية اذا كانت ناجمة عن عوامل كيميائية حيوية.‏ ففي هذه الحالة،‏ لا يستطيع المصاب بهذا المرض التحكم في مزاجه الحزين،‏ وخصوصا اذا كان المريض (‏وكذلك اعضاء العائلة والاصدقاء)‏ لا يستوعب ماذا يحدث.‏

      تأمل في حالة پولا،‏b امرأة مسيحية أشلَّت حياتها فترات من الحزن الشديد قبل ان تُشَخَّص الكآ‌بة لديها.‏ قالت:‏ «في بعض الاحيان كنت اهرع الى سيارتي بعد الاجتماعات المسيحية وأبكي،‏ بدون ايّ سبب.‏ فقد كان يغمرني شعور بالوحدة والحزن.‏ ومع ان كل الادلة تُظهر انه عندي اصدقاء كثيرون يهتمون بأمري،‏ لم اكن أرى ذلك».‏

      حدث امر مماثل لإيلين التي اقتضت كآ‌بتها إدخالها الى المستشفى.‏ قالت:‏ «عندي ابنان وكنَّتان لطيفتان وزوج يحبّونني كثيرا،‏ وأنا واثقة من محبتهم».‏ لذلك كان من المنطقي ان ترى إيلين انها تعيش حياة سعيدة وأنها عزيزة في اعين عائلتها.‏ ولكن عندما تحتدم المعركة مع الكآ‌بة،‏ يمكن ان تنتاب المصاب افكار سوداء حتى لو كانت غير منطقية البتة.‏

      ولا ننسَ الاثر البالغ الذي يمكن ان تتركه الكآ‌بة في عائلة المصاب.‏ كتب الدكتور ڠولانت:‏ «عندما يصاب شخص تحبه بالكآ‌بة،‏ قد تعيش في حالة ضياع مستمر لأنك لا تعلم متى يخرج ذلك الشخص من مرحلة كآ‌بة او يدخل في مرحلة اخرى.‏ وقد تشعر بفراغ كبير وحزن وغضب لأن حياتك ما عادت كما كانت،‏ ولأن الوضع قد يبقى على حاله الى الابد».‏

      وغالبا ما يتمكن الاولاد من ملاحظة الكآ‌بة عند ابيهم او امهم.‏ كتب الدكتور ڠولانت:‏ «يصير ولد الامّ المكتئبة حساسا جدا للحالات النفسية التي تمر بها امه،‏ ويلاحظ بدقة ايّ تغيير او اختلاف بسيط في مشاعرها».‏ وذكرت الدكتورة كارول واتكنز ان هنالك «احتمالا اكبر ان يعاني» اولاد الامّ المكتئبة (‏او الاب المكتئب)‏ «مشاكل في السلوك والتعلم،‏ بالاضافة الى مشاكل مع رفقائهم.‏ وهنالك احتمال اكبر ان يصابوا هم انفسهم بالكآ‌بة».‏

      الاضطراب الثنائي القطب:‏ الثابت فيه عدم ثباته

      الكآ‌بة السريرية بحد ذاتها مشكلة صعبة جدا.‏ وعندما يدخل الهَوَس على الخط،‏ تكون النتيجة الاضطراب الثنائي القطب.‏c ذكرت مريضة تدعى لوسيا:‏ «الشيء الوحيد الثابت في الاضطراب الثنائي القطب هو عدم ثباته».‏ فخلال مرحلة الهَوَس،‏ كما ذكرت رسالة هارڤرد للصحة العقلية (‏بالانكليزية)‏،‏ يمكن ان يصير المصابون بالاضطراب الثنائي القطب «متطفلين ومستبدين بشكل لا يطاق،‏ وقد يتحول فجأة مرحهم ونشاطهم المتواصل والمتهور الى غضب او طبع حادّ».‏

      تتذكر لينور حين كانت تمر بمرحلة الهَوَس وما يرافقها من شعور بالابتهاج بالقول:‏ «كنت افيض حيوية،‏ وكثيرون اطلقوا عليّ لقب المرأة الخارقة.‏ وكان الناس يقولون:‏ ‹ليتني كنتُ مثلك›.‏ غالبا ما شعرت بأني املك قوة عظيمة،‏ وأني قادرة على فعل ايّ شيء.‏ كنت اقوم بالتمارين الرياضية بجنون،‏ وأمارس نشاطاتي اليومية رغم نومي ساعتَين او ثلاث ساعات فقط كل ليلة.‏ ورغم قلة نومي،‏ كنت أستيقظ بنفس الدرجة العالية من النشاط».‏

      ولكن،‏ بدأ لاحقا شعور باليأس يخيّم على لينور.‏ ذكرت:‏ «في ذروة مرحي ونشاطي،‏ كنت أشعر باضطراب في اعماقي،‏ بشيء اشبه بمحرِّك دائر لا يمكن اطفاؤه.‏ وفجأة كان مزاجي الرائق يتحول الى مزاج عدائي وعنيف،‏ فأتهجم بكلامي على احد افراد العائلة دون سبب واضح.‏ كما كنت اشعر بالغضب والكراهية،‏ وأفقد السيطرة كليا على نفسي.‏ بعد هذا التحول المخيف،‏ كنت اشعر فجأة بالارهاق والميل الى البكاء،‏ وتسحقني الكآ‌بة الشديدة.‏ وكنت احس بأني شريرة وعديمة القيمة.‏ ولكن من الممكن ان اعود الى ابتهاجي الغريب،‏ كما لو ان شيئا لم يكن».‏

      هذه الغرابة التي يتميز بها الاضطراب الثنائي القطب تُوقِع افراد العائلة في الضياع.‏ ذكرت ميري،‏ التي يعاني زوجها هذا الاضطراب:‏ «أشعر بالضياع حين ارى زوجي سعيدا وكثير الكلام ثم يتحول فجأة الى انسان يائس ومنعزل.‏ ومن الصعب جدا تقبُّل فكرة عدم تمكّنه من التحكم في ذلك».‏

      لا يقتصر هذا الاحساس بالقلق على عائلة المصاب بالاضطراب الثنائي القطب،‏ بل ينتاب ايضا المريض نفسه الذي قد يشعر بآ‌ثاره اكثر.‏ قالت مريضة تُدعى ڠلوريا:‏ «أحسد الناس الذين ينعمون بالاتزان والاستقرار في حياتهم.‏ فالاستقرار مكان يقصده المريض كزائر فقط،‏ ولكن لا احد منا يسكن في ذلك المكان».‏

      وماذا يسبب الاضطرابَ الثنائي القطب؟‏ يوجد عامل وراثي اقوى من العامل الذي يسبب الكآ‌بة.‏ فقد ذكرت الجمعية الطبية الاميركية انه «اعتمادا على بعض الدراسات العلمية،‏ وُجد ان احتمال اصابة افراد عائلة المصاب الاقربين —‏ والديه او اخوته او اولاده —‏ بهذا المرض هو اعلى بـ‍ ٨ الى ١٨ مرة مقارنةً بأفراد عائلة غير المصاب الاقربين.‏ كما ان وجود شخص في العائلة مصاب بالكآ‌بة الثنائية القطب قد يجعل اعضاء العائلة اكثر عرضة لكآ‌بة شديدة».‏

      بالتباين مع الكآ‌بة،‏ يبدو ان الاضطراب الثنائي القطب يصيب النساء بقدر ما يصيب الرجال.‏ وفي اغلب الاحيان يبدأ في اوائل مرحلة الرشد،‏ ولكن ثمة حالات شُخِّص فيها الاضطراب الثنائي القطب لدى مراهقين وأولاد ايضا!‏ وليس من السهل ابدا،‏ حتى على الخبير الطبي،‏ تحليل الاعراض والتوصل الى الاستنتاج الصحيح.‏ كتب الدكتور فرانسيس مارك مونديمور،‏ من كلية الطب في جامعة جونز هوپكنز:‏ «بين الاضطرابات النفسية،‏ الاضطراب الثنائي القطب هو كالحرباء،‏ اذ يغيِّر اعراضه من مريض الى آخر،‏ ومن مرحلة الى اخرى حتى عند نفس المريض.‏ انه شبح يتسلل الى ضحيته متشحا بثوب الكآ‌بة السوداء،‏ ثم يتوارى سنين عديدة في بعض الاحيان.‏ وفجأة يعود بثوب الهَوَس البهيّ وإنما الموشّى بالانفعالات الحادة».‏

      من الواضح ان اضطرابات المزاج صعبة التشخيص،‏ والاصعب هو العيش معها.‏ ولكن يوجد امل للمصابين بها.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a قد يكون مردّ ذلك الى قابلية تعرُّضهن لكآ‌بة ما بعد الولادة وللتغييرات الهرمونية عند بلوغهن سن اليأس.‏ كما ان النساء لا يترددن عادةً كالرجال في الذهاب الى الطبيب،‏ وهذا ما يتيح تشخيص المرض.‏

      b جرى تغيير بعض الاسماء الواردة في هذه السلسلة.‏

      c يذكر الاطباء ان المرحلة الواحدة تستمر عدة شهور في الاغلب.‏ لكنهم يقولون ان التأرجح بين الكآ‌بة والهَوَس هو اسرع عند البعض،‏ اذ يمكن ان يحصل عدة مرات في السنة.‏ وتوجد حالات نادرة ينقلب فيها مزاج المريض من هَوَسي الى اكتئابي (‏او العكس)‏ في غضون ٢٤ ساعة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦]‏

      ‏«الاستقرار مكان يقصده المريض كزائر فقط،‏ ولكن لا احد منا يسكن في ذلك المكان».‏ —‏ ڠلوريا

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٥]‏

      اعراض الكآ‌بة الشديدةd

      ● مزاج كئيب معظم اليوم،‏ كل يوم تقريبا،‏ وطوال اسبوعَين على الاقل

      ● انعدام الاهتمام بالنشاطات التي كانت ممتعة

      ● نقص كبير او زيادة كبيرة في الوزن

      ● النوم كثيرا او العكس:‏ الأرق

      ● سرعة او بطء غير طبيعيين في المهارات الحركية (‏كالكتابة والعزف والقيادة)‏

      ● تعب شديد لا سبب واضحا له

      ● شعور المرء بأنه عديم القيمة و/‏او لوم النفس دون مبرر

      ● نقص في القدرة على التركيز

      ● فكرة الانتحار تراود الذهن مرارا

      قد يشير بعض هذه الاعراض الى ان المرء يعاني اعياءً عقليا dysthymia،‏ وهو نوع خفيف من الكآ‌بة وإنما يدوم وقتا اطول

      ‏[الحاشية]‏

      d الهدف من هذه القائمة هو تزويد فكرة عامة ولا يجب ان يعتمد المرء عليها ليشخِّص مرضه.‏ كما ان بعض الاعراض قد تكون اعراض مشاكل اخرى غير الكآ‌بة.‏

  • امل للمصابين
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • امل للمصابين

      كان الناس في الماضي يتجنبون الاشخاص الذين يعانون اضطرابات المزاج.‏ وبسبب ذلك صار كثيرون من المرضى منبوذين اجتماعيا.‏ كما وقع البعض ضحية التمييز في التوظيف،‏ وآخرون ابتعد عنهم افراد عائلتهم.‏ وغالبا ما ادى ذلك الى تفاقم المشكلة وحالَ دون حصول المرضى على المساعدة.‏

      ولكن أُحرز في السنوات الاخيرة تقدُّم كبير في مجال فهم الكآ‌بة السريرية والاضطراب الثنائي القطب.‏ وصار معروفا اليوم انه يمكن معالجة هذين المرضَين.‏ لكنَّ الحصول على المساعدة ليس دائما بالامر السهل.‏ لماذا؟‏

      صعوبة التشخيص

      لا يمكن تشخيص اضطراب المزاج بمجرد اجراء فحص دم او صورة بالاشعة السينية،‏ بل يجب مراقبة سلوك المرء وتفكيره وحكمه في الامور طوال فترة من الوقت.‏ ويجب ان يَظهر عدد من الاعراض قبل تشخيص المرض.‏ والمشكلة هي ان افراد العائلة والاصدقاء لا يدركون احيانا ان ما يرونه يمكن اتخاذه دليلا الى وجود اضطراب في المزاج.‏ كتب الدكتور دايڤيد ج.‏ ميكلويتس:‏ «حتى عندما يُجمع الناس على القول ان سلوك الشخص لم يعد طبيعيا،‏ يمكن ان تختلف آراؤهم كثيرا بشأن الاسباب التي تجعل هذا الشخص يتصرف هكذا».‏

      حتى عندما يشعر افراد العائلة ان الوضع خطير،‏ قد يصعب عليهم إقناع المريض انه يحتاج الى رعاية طبية.‏ كما ان المريض نفسه قد لا يرغب في نيل المساعدة.‏ كتب الدكتور مارك س.‏ ڠولد:‏ «ربما انت مقتنع بالافكار التي تمرّ في رأسك عندما تكون كئيبا،‏ اي انه لا فائدة مرجوّة منك،‏ وأنه لا نفع من طلب المساعدة ما دام الامل مقطوعا من شفائك.‏ وربما تريد ان تستشير طبيبا،‏ ولكنك تظن ان الكآ‌بة شيء مخجل،‏ وأن الذنب ذنبك.‏ .‏ .‏ .‏ وربما انت لا تعرف ان ما تشعر به هو اعراض الكآ‌بة».‏ ولكن لا غنى عن الرعاية الطبية في حالة الاشخاص الذين يعانون كآ‌بة شديدة.‏

      طبعا،‏ يشعر الجميع باليأس من حين الى آخر،‏ ولا يعني ذلك بالضرورة اضطرابا في المزاج.‏ ولكن ماذا لو بدت هذه الانفعالات اقوى مما يشعر به المرء عادةً حين يمرّ بفترة عادية تنحطّ فيها معنوياته؟‏ وماذا لو استمرت وقتا اطول من المعتاد،‏ ربما اسبوعَين او اكثر؟‏ ولنفترض ان مزاجك الكئيب يمنعك من تأدية مهامك المعهودة،‏ سواء في العمل او المدرسة او ضمن حياتك الاجتماعية.‏ في هذه الحالة،‏ من الحكمة ان تستشير اختصاصيا عنده الاهلية ليشخِّص الاضطرابات الاكتئابية ويعالجها.‏

      عندما يتعلق الامر باختلال في التوازن الكيميائي الحيوي،‏ قد يصف الطبيب بعض الادوية.‏ وفي حالات اخرى،‏ قد يوصي بمتابعة برنامج توجيهي لمساعدة المريض على تعلُّم كيفية مواجهة مرضه.‏ وفي بعض الاحيان،‏ ادى اعتماد النوعَين من العلاج الى نتائج جيدة.‏a المهم هو اخذ المبادرة وطلب المساعدة.‏ قالت لينور،‏ المصابة بالاضطراب الثنائي القطب والمذكورة في المقالة السابقة:‏ «مرارا كثيرة ينتاب المرضى الخوف ويعتبرون مرضهم عيبا.‏ لكنَّ العيب الحقيقي هو ان يشك المرء في وجود مشكلة ولا يطلب المساعدة التي هو بأمس الحاجة اليها».‏

      وتحدثت لينور عن تجربتها قائلة:‏ «بقيت طريحة الفراش طوال سنة.‏ وذات يوم،‏ حين شعرت بأنني افضل حالا بعض الشيء،‏ قررت ان اتصل بطبيب وأحصل على موعد».‏ وشُخِّص المرض عند لينور انه الاضطراب الثنائي القطب،‏ ووُصفت لها الادوية.‏ فتغيَّرت حياتها من ذلك الحين.‏ ذكرت:‏ «اشعر اني في حال جيد عندما اتناول ادويتي.‏ ولكن يجب ان اذكّر نفسي دائما انه اذا توقفتُ عن تناولها،‏ فستعود كل الاعراض السابقة الى الظهور».‏

      الامر مشابه مع براندون الذي يعاني حالة كآ‌بة.‏ قال:‏ «من فرط ما كنت اشعر بأني عديم القيمة خلال سني مراهقتي،‏ كثيرا ما فكرتُ في الانتحار.‏ ولم استشر طبيبا إلا عندما بلغت ثلاثيناتي».‏ ومثل لينور،‏ يتناول براندون ادوية تساعده على مواجهة مرضه.‏ لكنه لا يعتمد على الادوية فقط،‏ اذ يقول:‏ «بدافع الحرص على صحتي العامة،‏ أُولي عقلي وجسمي اهتماما جيدا.‏ فآ‌خذ قسطا وافيا من الراحة وأنتبه لما آكل.‏ كما اني املأ عقلي وقلبي بالافكار الايجابية من الكتاب المقدس».‏

      لكنَّ براندون يوضح ان الكآ‌بة السريرية هي مشكلة طبية لا روحية.‏ ولا بد ان يدرك المرء ذلك اذا اراد الشفاء.‏ ذكر براندون:‏ «في احد الايام قال لي رفيق مسيحي،‏ بنيَّة طيبة،‏ انه ما دامت غلاطية ٥:‏٢٢،‏ ٢٣ تقول ان الفرح هو ثمرة من ثمر روح اللّٰه القدس،‏ فلا بد اني مصاب بالكآ‌بة لأني فعلتُ شيئا اعاق هذا الروح.‏ هذا الكلام زاد من شعوري بالذنب والكآ‌بة.‏ ولكن بعدما بادرت الى طلب المساعدة،‏ بدأت السحابة السوداء فوق رأسي تبتعد.‏ وصرت اشعر بأني افضل حالا بكثير.‏ وكم اتمنى لو طلبت المساعدة من قبل!‏».‏

      الفوز في المعركة

      حتى بعد تشخيص المرض والبدء بالعلاج،‏ يُحتمل ان تبقى امام المريض بعض الصعوبات لمواجهتها.‏ كيلي،‏ التي تعاني كآ‌بة شديدة،‏ هي شاكرة للاختصاصيين على معالجة النواحي الطبية من مرضها،‏ لكنها وجدت ايضا ان تشجيع الآخرين لها مهم جدا.‏ في البداية،‏ كانت كيلي مترددة في طلب العون من الغير لأنها لم ترد ان تكون عبئا عليهم.‏ قالت:‏ «تعلمتُ ان اطلب المساعدة وأن اتقبَّلها ايضا.‏ ولم يتوقف ازدياد كآ‌بتي إلا عندما بدأت اعبّر عن مشاعري».‏

      كيلي واحدة من شهود يهوه،‏ وهي تحضر الاجتماعات مع رفقائها المؤمنين في قاعة الملكوت.‏ ولكنها تلاقي احيانا بعض الصعوبات حتى في هذه المناسبات السعيدة.‏ ذكرت:‏ «غالبا ما اشعر بأني لا اتحمل الاضواء والاصوات وتحرُّك الاشخاص ذهابا وإيابا.‏ ثم اشعر بالذنب،‏ وتزداد كآ‌بتي لأني اشعر بأن مرضي هو انعكاس للنقص في روحياتي».‏ وكيف تواجه كيلي هذا الوضع؟‏ تقول:‏ «تعلمتُ ان اعتبر الكآ‌بة مرضا يلزم عدم الاستسلام له.‏ وهو ليس انعكاسا لمدى محبتي للّٰه او لرفقائي المسيحيين.‏ وليس صحيحا ان الكآ‌بة هي انعكاس لروحياتي».‏

      ولوسيا،‏ المذكورة سابقا في سلسلة المقالات هذه،‏ شاكرة ايضا على العناية الطبية الممتازة التي تتلقاها.‏ تقول:‏ «تلعب استشارة اختصاصي في الصحة العقلية دورا هاما في تعلّمي كيفية تحمل ومواجهة تقلبات المزاج التي ترافق هذا المرض».‏ كما تعلّق لوسيا اهمية كبرى على الراحة.‏ تقول:‏ «النوم ضروري جدا لمواجهة الهَوَس.‏ فكلما قلَّ نومي،‏ اشتدت وطأة الاعراض.‏ حتى عندما اعجز عن النوم،‏ عوَّدت نفسي ألا انهض من فراشي بل ابقى فيه وأرتاح».‏

      وجدت شيلا،‏ المذكورة سابقا ايضا،‏ ان تدوين مشاعرها يوميا في دفتر مذكرات يفيدها.‏ وهي تلاحظ ان نظرتها الى الامور قد تحسنت فعلا.‏ ولكن تبقى هنالك بعض الصعوبات.‏ فهي تقول:‏ «لسبب ما،‏ يسمح التعب للافكار السلبية بأن تتسلل الى دماغي.‏ لكني تعلمت ان أُسكتها او على الاقل ان أخفض صوتها».‏

      تعزية من كلمة اللّٰه

      الكتاب المقدس خير معين لكثيرين ممَّن تنتابهم الهموم والافكار المزعجة.‏ (‏مزمور ٩٤:‏١٧-‏١٩،‏ ٢٢‏)‏ مثلا،‏ وجدت شيري ان كلمات المزمور ٧٢:‏١٢،‏ ١٣ مشجِّعة لها خصوصا.‏ فهناك،‏ يذكر صاحب المزمور عن ملك اللّٰه المعيَّن،‏ يسوع المسيح:‏ «ينجِّي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له.‏ يشفق على المسكين والبائس ويخلّص انفس الفقراء».‏ كما كانت شيري تتشجع بكلمات الرسول بولس المسجلة في روما ٨:‏٣٨،‏ ٣٩‏:‏ «لأني مقتنع انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا حكومات ولا اشياء حاضرة ولا اشياء آتية ولا قوات ولا علو ولا عمق ولا ايّ خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة اللّٰه لنا».‏

      وتجد إيلاين،‏ التي تعاني الاضطراب الثنائي القطب،‏ ان علاقتها باللّٰه هي مرساة لنفسها.‏ وتتعزى كثيرا بكلمات صاحب المزمور:‏ «القلب المنكسر والمنسحق يا اللّٰه لا تحتقره».‏ (‏مزمور ٥١:‏١٧‏)‏ تقول:‏ «يتعزى المرء كثيرا حين يعرف ان ابانا السماوي المحب يهوه يتفهم وضعنا.‏ وقد قوَّاني الاقتراب اليه في الصلاة،‏ وخصوصا حين اشعر بقلق وأسى كبيرَين».‏

      يُرى من كل ذلك ان العيش مع اضطراب في المزاج يفرض تحدّيات فريدة.‏ لكنَّ شيري وإيلاين وجدتا ان الاتكال على اللّٰه بروح الصلاة واتّباع العلاج المناسب ساعداهما على تحسين حياتهما.‏ ولكن كيف يستطيع افراد العائلة والاصدقاء مساعدة المصابين بالاضطراب الثنائي القطب او الكآ‌بة؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a لا توصي استيقظ!‏ بأيّ علاج معيَّن.‏ وينبغي ان يتأكد المسيحيون ان العلاج الذي يتلقونه لا يتعارض مع مبادئ الكتاب المقدس.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠]‏

      ‏«بعدما بادرت الى طلب المساعدة،‏ بدأت السحابة السوداء فوق رأسي تبتعد.‏ وصرت اشعر بأني افضل حالا بكثير!‏» —‏ براندون

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      ملاحظات زوج

      «قبل اصابة لوسيا بالمرض،‏ كانت تمسّ حياة كثيرين بفضل ما تتمتع به من بصيرة نافذة.‏ حتى اليوم،‏ يعجب الناس الذين يزورونها بدفئها عندما تكون هادئة.‏ لكنَّ معظمهم لا يعرفون ان مزاج لوسيا يتقلب بين الكآ‌بة والهَوَس الشديدَين.‏ فهي مصابة بالاضطراب الثنائي القطب،‏ مرض تتحمله منذ اربع سنوات.‏

      «خلال مرحلة الهَوَس،‏ تبقى لوسيا عادةً سهرانة حتى الساعة الواحدة او الثانية او الثالثة بعد منتصف الليل،‏ لأن رأسها يبقى مليئا بالافكار الإبداعية.‏ كما انها تتفجر نشاطا.‏ لكنها تبالغ في ردّ فعلها لأتفه التفاصيل وتنفق المال بغير حساب.‏ وتورّط نفسها في اوضاع خطيرة جدا،‏ وتشعر بأنها لا تُقهر وأنه لا يوجد خطر،‏ سواء من الناحية الاخلاقية او الجسدية او غير ذلك.‏ وهذا التهور يرافقه خطر الانتحار.‏ ما إن تنتهي مرحلة الهَوَس حتى تعقبها مباشرةً مرحلة الكآ‌بة،‏ وعادةً تضاهي الكآ‌بة هَوَسها السابق حدةً.‏

      «لقد تغيَّرت حياتي كثيرا.‏ صحيح ان لوسيا تتلقى العلاج الآن،‏ لكن ما نستطيع فعله اليوم ربما يختلف عمَّا كنا نستطيع فعله في الماضي او سنتمكن من فعله في المستقبل.‏ فالامر رهن تغيُّرات ظروفنا.‏ وقد صرتُ مجبرا على التكيف مع الوضع الى حد لم اتخيله قط».‏ —‏ ماريو.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١]‏

      حين تُوصَف الادوية

      يشعر البعض ان تناول الادوية علامة ضعف.‏ ولكن فكِّر في الامر على هذا النحو:‏ يجب على المصاب بالداء السكري ان يتبع برنامجا علاجيا قد يشتمل على حُقَن الإنسولين.‏ فهل هذا دليل على انه فاشل؟‏ طبعا لا!‏ فالإنسولين وسيلة للموازنة بين المواد المغذِّية في الجسم كي يبقى المريض بصحة جيدة.‏

      لا يختلف الامر عن تناول الادوية لمعالجة الاضطرابَين الاكتئابي والثنائي القطب.‏ فمع ان كثيرين استفادوا من البرنامج التوجيهي الذي يساعدهم على فهم مرضهم،‏ لا بد من توخي الحذر.‏ فعندما تكون للمشكلة علاقة بانعدام التوازن الكيميائي،‏ لا يمكن محاربة المرض بالمنطق.‏ ذكر ستيڤن المصاب بالاضطراب الثنائي القطب:‏ «اوضحت الاختصاصية التي تعالجني المسألة على هذا النحو:‏ صحيح انه بإمكانك ان تعلّم الشخص كل ما في العالم من دروس في قيادة السيارة،‏ ولكن اذا اعطيته سيارة بدون مقود او مكابح،‏ فلن تنفعه تلك الدروس بشيء.‏ وهكذا ايضا،‏ قد لا تتحقق النتائج المرجوة اذا أُعطي المكتئب توجيها ذهنيا فحسب.‏ فالخطوة الاولى الهامة هي تحقيق التوازن في العمليات الكيميائية الجارية في الدماغ».‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      الكتاب المقدس خير معين لكثيرين ممَّن تنتابهم الافكار السلبية

  • كيف يمكن للآخرين ان يساعدوا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • كيف يمكن للآخرين ان يساعدوا

      ربما تعرف شخصا يعاني الكآ‌بة او الاضطراب الثنائي القطب.‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فكيف يمكنك مساعدته؟‏ يقدّم د.‏ ج.‏ جافي من الاتحاد الوطني للمرضى عقليا هذه النصيحة السديدة:‏ «لا تخلط بين المرض والمريض.‏ ابغض المرض ولكن أحبّ الشخص».‏

      هذا ما فعلته امرأة تدعى سوزانا بفضل صبرها ومحبتها.‏ فإحدى صديقاتها تعاني الاضطراب الثنائي القطب.‏ قالت سوزانا:‏ «في بعض الاحيان لم تكن تتحمل وجودي قربها».‏ ولكن بدلا من التخلي عن صديقتها،‏ قامت سوزانا ببعض الابحاث لتحصل على معلومات عن الاضطراب الثنائي القطب.‏ ذكرت:‏ «صرت ادرك الآن كم يؤثر مرض صديقتي في تصرفاتها».‏ وترى سوزانا ان بذل الجهود لتفهُّم وضع المريض إنما يُجزي خيرا،‏ اذ تقول:‏ «يمكن ان يساعدك ذلك على زيادة محبتك للمريض وتقديرك لصفاته الجميلة رغم المرض الذي يعانيه».‏

      ان تقديم الدعم القلبي الكامل عندما يكون المريض احد افراد العائلة لَأمر فائق الاهمية.‏ وهذا ما تعلمه من البداية ماريو،‏ المذكور سابقا في هذه السلسلة.‏ فزوجته لوسيا،‏ المذكورة سابقا ايضا،‏ مصابة بالاضطراب الثنائي القطب.‏ قال ماريو:‏ «ما ساعدني في البداية هو انني كنت اذهب مع زوجتي الى طبيبها وأقرأ عن هذا المرض الغريب.‏ وبهذه الطريقة صرت اعرف جيدا ما نواجهه.‏ كما كنت اناقش الامر مع لوسيا مرارا كثيرة،‏ واستمررنا نواجه معا مختلف الحالات التي تنشأ على مر الوقت».‏

      الدعم من الجماعة المسيحية

      يناشد الكتاب المقدس جميع المسيحيين ان ‹يعزّوا النفوس المكتئبة› و ‹يتحلّوا بطول الاناة نحو الجميع›.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏١٤‏)‏ فكيف يمكنك فعل ذلك؟‏ في البداية،‏ من المهم ان تفهم الفرق بين المرض العقلي والمرض الروحي.‏ مثلا ذكر يعقوب،‏ احد كتبة الكتاب المقدس،‏ ان الصلاة يمكن ان تجعل المتوعك روحيا يتعافى.‏ (‏يعقوب ٥:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ لكنَّ يسوع اعترف بأن المرضى جسديا يحتاجون الى طبيب.‏ (‏متى ٩:‏١٢‏)‏ طبعا،‏ من المستحسن والمفيد دائما ان نصلي الى يهوه بشأن ايّ امر يقلقنا،‏ بما في ذلك صحتنا.‏ (‏مزمور ٥٥:‏٢٢؛‏ فيلبي ٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ لكنَّ الكتاب المقدس لا يقول ان زيادة النشاط الروحي بحد ذاتها تشفي المرء من المشاكل الطبية الحالية.‏

      لذلك يحسن بالمسيحيين الحسني التمييز ان يتجنبوا الايحاء ان المكتئبين مسؤولون عمَّا يصيبهم.‏ فهذه الملاحظات لن تساعدهم،‏ كما كانت الحال مع معزِّي ايوب الزائفين.‏ (‏ايوب ٨:‏١-‏٦‏)‏ والحقيقة هي ان حالات كثيرة من الكآ‌بة لا يمكن ان تعالَج إلا طبيا.‏ ويصحّ الامر خصوصا حين يعاني المريض كآ‌بة شديدة،‏ كآ‌بة ربما تحثه على الانتحار.‏ ففي هذه الحالات،‏ لا بد من الاستعانة بخدمات اختصاصي.‏

      مع ذلك،‏ يمكن ان يُظهر الرفقاء المسيحيون دعمهم بطرائق كثيرة.‏ وأهمها طبعا هو التحلي بالصبر.‏ مثلا،‏ قد يجد المصابون باضطراب في المزاج ان بعض اوجه النشاط المسيحي تخيفهم اكثر من غيرها.‏ ذكرت دايان المصابة بالاضطراب الثنائي القطب:‏ «ليس سهلا عليَّ الاشتراك في الخدمة.‏ فمن الصعب ان اخبر الآخرين ببشارة الكتاب المقدس السعيدة وأنا لا اشعر بالسعادة في داخلي».‏

      كُن خير معين لهؤلاء الاشخاص بالاعراب عن روح التعاطف.‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏٢٤؛‏ فيلبي ٢:‏٤‏)‏ حاول ان ترى الامور كما يرونها هم لا كما تراها انت.‏ ولا تثقل كاهلهم بتوقعات غير منطقية.‏ قال كارل الذي يعاني مشكلة الكآ‌بة:‏ «عندما يقبلني الآخرون كما انا حاليا،‏ اشعر بأني استعيد تدريجيا حسّ الانتماء.‏ وبفضل مساعدة وصبر بعض الاصدقاء الاكبر سنا،‏ تمكّنتُ من بناء علاقة حميمة باللّٰه ووجدتُ فرحا جزيلا في مساعدة الآخرين على فعل الامر نفسه».‏

      يمكن ان يجد المرضى راحة كبيرة من مشكلتهم اذا مُنحوا الدعم.‏ تأمل في حالة امرأة مسيحية تدعى براندا مصابة هي ايضا بالاضطراب الثنائي القطب.‏ تقول:‏ «كان اصدقائي في الجماعة داعمين ومتفهمين جدا خلال فترات كآ‌بتي،‏ ولم يعتبروني قط ضعيفة روحيا.‏ وفي بعض الاحيان فسحوا لي المجال ان ارافقهم في الخدمة وأستمع فقط،‏ وفي احيان اخرى حجزوا لي مقعدا في قاعة الملكوت لكي أنضمّ اليهم بعدما يكون الجميع قد جلسوا».‏

      كما ان شيري،‏ المصابة بالكآ‌بة والمذكورة في المقالة السابقة،‏ استفادت كثيرا من مساعدة شيوخ الجماعة المحبِّين والمتعاطفين.‏ تقول:‏ «عندما يؤكد لي الشيوخ ان يهوه يحبني،‏ ويقرأون عليَّ آيات من كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ ويتحدثون عن قصد يهوه بشأن إحلال فردوس يعمه السلام والخير،‏ ويصلّون معي —‏ ولو على الهاتف —‏ اشعر بالحمل يُرفع عن كاهلي.‏ انا اعرف ان يهوه وإخوتي لا يتركونني،‏ وهذا ما يمنحني القوة».‏

      لا شك ان افراد العائلة والاصدقاء يلعبون دورا هاما في تعزيز خير المريض حين يقدّمون دعما عمليا.‏ قالت لوسيا:‏ «أظن اني قادرة الآن على التحكم جيدا في حياتي.‏ ونبذل انا وزوجي كل ما في وسعنا لنتخطى هذه الحالة سويا،‏ والوضع اليوم بالنسبة الينا افضل مما كان عليه».‏

      كثيرون ممَّن يواجهون انواعا مختلفة من الامراض العقلية يدركون ان الحرب التي يشنونها على هذه الامراض المستعصية إنما هي طويلة.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يعد بأنه في عالم اللّٰه الجديد،‏ ‹لن يقول ساكن انه مريض›.‏ (‏اشعياء ٣٣:‏٢٤‏)‏ فستزول الامراض والعلل المؤلمة التي تصيب كثيرين اليوم.‏ وكم يفرح المرء حين يفكّر ان اللّٰه يعد بعالم جديد تزول فيه كل الامراض،‏ حتى اضطرابات المزاج،‏ الى الابد!‏ ففي ذلك الوقت،‏ كما يقول الكتاب المقدس،‏ لن يكون هنالك نوح ولا صراخ ولا وجع.‏ —‏ كشف ٢١:‏٤‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢]‏

      اعترف يسوع بأن المرضى جسديا يحتاجون الى طبيب.‏ —‏ متى ٩:‏١٢

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣]‏

      يعد الكتاب المقدس بأنه في عالم اللّٰه الجديد،‏ ‹لن يقول ساكن انه مريض›.‏ —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة