-
١- لمَ نحتاج ان نصلي؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
١- لمَ نحتاج ان نصلي؟
الصلاة هي من اكثر مواضيع الكتاب المقدس اثارة للاهتمام والفضول. وتتناول المقالات التالية سبعة اسئلة غالبا ما تُطرح في هذا المجال. فتعال نتأمل في اجوبة الكتاب المقدس عنها. ان هذه السلسلة معدَّة لمساعدتك ان تزيد من فعالية صلواتك، او تبدأ بالصلاة اذا كنت لا تصلي.
في كل ارجاء العالم، يرفع الناس الصلوات أيًّا كانت حضارتهم وديانتهم. وهم يؤدون الصلاة افراديا او جماعيا. كما يصلون في الكنيسة، المعبد، المسجد، الكنيس، او احد المزارات. وقد يستخدمون السجادات، المسابح، دواليب الصلاة، الايقونات، كتب الصلاة، او يستعينون بصلوات مكتوبة على لويحات خشبية تُعلَّق في المزارات.
ان الصلاة تميز البشر عن سائر الكائنات على الارض. طبعا، هنالك قواسم مشتركة بيننا وبين الحيوانات. فكلانا يحتاج الى الطعام والهواء والماء. وكلانا يولد ويحيا ويموت. (جامعة ٣:١٩) غير ان الصلاة ميزة ينفرد بها البشر. لماذا؟
لعلَّ ابسط جواب هو اننا بحاجة الى الصلاة. فهي تُعتبَر عموما وسيلة للاتصال بالحيز الروحي او بما يُعدّ مقدسا وأبديا. والكتاب المقدس يؤكد ان البشر لديهم توق فطري الى مثل هذه الامور. (جامعة ٣:١١) كما ان يسوع المسيح قال: «سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية». — متى ٥:٣.
اجل، لا شيء سوى ‹الحاجة الروحية› يُعلّل وجود كل هذه الصروح والادوات الدينية ويبرِّر قضاء ساعات لا تُحصى في الصلاة. صحيح ان البعض يعوّلون على انفسهم او على رفقائهم البشر لإشباع حاجاتهم الروحية، ولكن ألا ترى ان للبشر قدرة محدودة جدا على تقديم المساعدة اللازمة؟ فنحن عاجزون وقليلو الايام وقصيرو النظر الى اقصى حد. ولا يستطيع سدَّ حاجتنا الا مَن يفوقنا اشواطا في الحكمة والقدرة والديمومة. ولكن ما هي بالتحديد تلك الحاجات الروحية التي تدفعنا الى الصلاة؟
تأمل في ما يلي: هل تمنيت يوما الحصول على التوجيه او الحكمة او تقت الى اجوبة عن اسئلة يبدو انها تتخطى معرفة البشر؟ هل شعرت يوما انك بحاجة الى التعزية اثر معاناتك خسارة مريعة، او الى الارشاد وأنت تواجه قرارا صعبا، او الى الغفران بعد ان سحقك الشعور بالذنب؟
ان كل هذه الحاجات هي اسباب وجيهة للصلاة، بحسب الكتاب المقدس. فهو الكتاب الاجدر بالثقة في هذا المجال ويحتوي على صلوات العديد من الرجال والنساء الامناء. فقد صلى هؤلاء ملتمسين التعزية والارشاد والغفران، وطالبين اجوبة عن اصعب الاسئلة. — مزمور ٢٣:٣؛ ٧١:٢١؛ دانيال ٩:٤، ٥، ١٩؛ حبقوق ١:٣.
هذه الصلوات، على اختلافها، يجمع بينها عامل مشترك. فكل الذين صلوا امتلكوا مفتاحا يفتح باب الصلاة، وهو عنصر لا غنى عنه ينساه او يتجاهله كثيرون في عالمنا اليوم. فقد عرفوا حق المعرفة الى مَن يجب ان يصلوا.
-
-
٢- الى مَن يجب ان نصلي؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٢- الى مَن يجب ان نصلي؟
هل تُسمع جميع الصلوات أيًّا كان الاله الذي يتضرع اليه الناس؟ هذا ما تعتقده غالبية الناس اليوم. فهذا المفهوم يروق كثيرين ممَّن يؤيدون حركات الايمان الخليط ويحبِّذون الفكرة ان جميع الديانات مقبولة رغم ما بينها من اختلافات. ولكن هل يمكن ان تكون هذه الفكرة على خطإ؟
يعلِّم الكتاب المقدس ان عددا كبيرا من الناس يوجِّهون صلواتهم الى الوجهة الخاطئة. فعندما كُتبت كلمة اللّٰه في الماضي، كان الناس يصلون الى التماثيل المنحوتة. غير ان اللّٰه حذّر مرارا من هذه الممارسة. على سبيل المثال، يقول المزمور ١١٥:٤-٦ عن الاصنام: «لها آذان ولا تسمع». ان مغزى هذه الآية واضح: ما نفع الصلاة الى إله لن يسمعك ابدا؟!
تلقي رواية مثيرة في الكتاب المقدس المزيد من الضوء على هذه الفكرة. لقد تحدى النبي الحقيقي ايليا انبياء البعل ودعاهم ان يصلوا الى إلههم، وبعد ذلك يصلي هو الى إلهه. وقال ان الإله الحقيقي، بخلاف الإله الباطل، هو الذي يستجيب الصلوات. فقبل انبياء البعل التحدي، وراحوا يطيلون صلواتهم ويجدّون فيها داعين بأعلى صوتهم، ولكن دون جدوى. تخبر الرواية: «لم يكن . . . مجيب ولا اصغاء». (١ ملوك ١٨:٢٩) ولكن ماذا جرى عندما صلى ايليا؟
استجاب له إلهه على الفور مرسلا نارا من السماء التهمت الذبيحة التي اعدّها. فما كان الفرق بين الحالتين؟ تكشف صلاة ايليا عينها المسجلة في ١ ملوك ١٨:٣٦، ٣٧ عاملا على جانب كبير من الاهمية. فمع انها صلاة وجيزة جدا تتألف من حوالي ٣٠ كلمة في النص العبراني الاصلي، خاطب فيها ايليا اللّٰه باسمه الشخصي يهوه ثلاث مرات.
كان بعل — ومعناه «مالك» او «سيد» — إله الكنعانيين، وقد تعددت صور عبادته اذ كان لكل موضع بعله الخاص. أما يهوه فهو اسم فريد لا يُطلق إلا على شخصية واحدة في الكون كله. وهو الإله الذي قال لشعبه: «انا يهوه، هذا اسمي. ومجدي لا اعطيه لآخر». — اشعيا ٤٢:٨.
تُظهر نتيجة ما حدث ان صلاة ايليا استُجيبت لأنها بلغت مسامع الإله الحقيقي، اما صلوات انبياء البعل فلم تلقَ أذنا صاغية لأنها وُجِّهت الى إله باطل. وشتان ما بين هذين الإلهين! فقد أوصلت عبادة البعل الناس الى الانحطاط بسبب ممارسة البغاء كشعيرة دينية وتقديم الذبائح البشرية ايضا. اما عبادة يهوه فرفّعت شعبه اسرائيل وحررتهم من هذه الممارسات المنحطة. فكِّر في المسألة على ضوء المثل التالي: اذا اردت ان تبعث رسالة الى صديق تكنّ له احتراما عميقا، فهل تعنونها باسم شخص آخر تتنافى سمعته الرديئة مع كافة المبادئ التي يمثلها صديقك؟ طبعا لا.
ان الصلاة الى يهوه تعني انك تصلي الى الخالق، ابي البشرية.a هذا ما ذكره النبي اشعيا في صلاته: «انت يا يهوه ابونا». (اشعيا ٦٣:١٦) وهو بالتالي الإله عينه الذي تحدث عنه يسوع المسيح عندما قال لأتباعه: «اني صاعد الى ابي وأبيكم وإلى الهي وإلهكم». (يوحنا ٢٠:١٧) فيهوه هو ابو وإله يسوع، وإليه صلى وعلَّم أتباعه ان يصلوا ايضا. — متى ٦:٩.
وهل يعلّمنا الكتاب المقدس ان نصلي الى يسوع، مريم، القديسين، او الملائكة؟ كلا. فصلاتنا يجب ان تُرفع الى يهوه دون سواه، وذلك لسببين. اولا، ان الصلاة شكل من اشكال العبادة، والكتاب المقدس يقول ان العبادة المطلقة يجب ان تُقدَّم ليهوه. (خروج ٢٠:٥) ثانيا، يذكر الكتاب المقدس ان يهوه هو «سامع الصلاة». (مزمور ٦٥:٢) فمع انه يُسند الى غيره الكثير من المسؤوليات، لم يكلّف احدا بمهمة سماع الصلاة. فهو الإله الذي يعدنا بسماع صلواتنا شخصيا.
لذلك اذا اردت ان يسمع اللّٰه صلواتك، فتذكَّر حض الاسفار المقدسة: «ان كل من يدعو باسم يهوه يخلص». (اعمال ٢:٢١) ولكن هل يسمع يهوه جميع الصلوات بلا قيد او شرط؟ ام ان هنالك ما نحتاج الى معرفته كي يسمع يهوه صلواتنا؟
a تزعم بعض التقاليد الدينية ان من الخطإ التلفظ باسم اللّٰه الشخصي حتى في الصلاة. لكن اللافت هو ان هذا الاسم يرد في نصوص الكتاب المقدس الاصلية حوالي ٠٠٠,٧ مرة، عدد كبير منها ضمن صلوات خدام يهوه الامناء والمزامير التي نظموها.
-
-
٣- كيف ينبغي ان نصلي؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٣- كيف ينبغي ان نصلي؟
يشدد الكثير من التقاليد الدينية على الاوجه الشكلية للصلاة، كوضعية الجسم والكلمات المقولة والطقوس الواجب اتباعها. غير ان الكتاب المقدس يساعدنا ان نتجاوز هذه المسائل ونركز على اوجه اكثر اهمية يشملها السؤال: «كيف ينبغي ان نصلي؟».
يخبرنا الكتاب المقدس ان خدام اللّٰه الامناء صلوا في ظروف ووضعيات عديدة. فهناك مَن صلوا بصمت وآخرون بصوت عالٍ حسبما اقتضى الوضع. ومنهم مَن رفعوا نظرهم الى السماء ومنهم مَن خرّوا ساجدين. وبدل ان يستعينوا بالتماثيل والصور، والمسابح، وكتب الصلاة، صلوا الى اللّٰه بكلماتهم الخاصة النابعة من القلب. فما الذي جعل صلواتهم تُستجاب؟
كما ذُكر في المقالة السابقة، لقد رفع هؤلاء صلواتهم الى يهوه اللّٰه وحده. ولكن ثمة عامل آخر يلعب دورا مهمًّا تأتي على ذكره ١ يوحنا ٥:١٤: «هذه هي الثقة التي لنا من نحوه، انه مهما طلبنا بحسب مشيئته، فهو يسمعنا». فيلزم ان نصلي بانسجام مع مشيئة اللّٰه. وماذا يعني ذلك؟
ينبغي ان نعرف ما هي مشيئة اللّٰه لكي تكون صلواتنا منسجمة معها. لذا يشكل درس كلمة اللّٰه عنصرا لا غنى عنه لاستجابة صلاتنا. هل يعني ذلك ان اللّٰه يأبى سماعنا ما لم نكن متضلِّعين من الكتاب المقدس؟ كلا، لكنه يتوقع منا ان نتعلم عن مشيئته بغية فهمها والعمل بموجبها. (متى ٧:٢١-٢٣) فيجب ان نصلي انسجاما مع ما نتعلمه.
الصلوات التي تُستجاب تنسجم مع مشيئة اللّٰه، تقدَّم بإيمان، وتُرفَع باسم يسوع
وفيما نتعلم عن يهوه ومشيئته ننمو في الايمان، وهو عامل آخر بالغ الاهمية في الصلاة. فكما ذكر يسوع: «كل ما تطلبونه في الصلاة بإيمان، تنالونه». (متى ٢١:٢٢) ان الايمان لا يعني السذاجة، بل هو الإيقان بأمر تثبته ادلة دامغة رغم انه غير منظور. (عبرانيين ١١:١) والكتاب المقدس يزخر ببراهين تؤكد ان يهوه حقيقي مع اننا لا نراه، وأنه جدير بالثقة ويريد ان يستجيب صلوات الذين يؤمنون به. علاوة على ذلك، يمكننا دائما ان نطلب من يهوه ان يزيدنا ايمانا، وهو يسرّ بتزويدنا ما نحتاج اليه. — لوقا ١٧:٥؛ يعقوب ١:١٧.
اليك ايضا جانبا آخر مهما للغاية في طريقة الصلاة. ذكر يسوع: «لا يأتي احد الى الآب الا بي». (يوحنا ١٤:٦) فيسوع هو الوسيلة التي نقترب بها من ابينا يهوه. لذلك اوصى أتباعه ان يصلوا باسمه. (يوحنا ١٤:١٣؛ ١٥:١٦) لكنه لم يقصد بذلك ان نصلي اليه. فحين نصلي باسم يسوع، نبقي في بالنا اننا لولاه لما استطعنا الاقتراب الى ابينا الكامل والقدوس.
في احدى المناسبات، التمس أتباع يسوع الاحماء منه: «يا رب، علِّمنا ان نصلي». (لوقا ١١:١) ومن الواضح انهم ما كانوا يستعلمون عن الاوجه الاساسية التي ناقشناها للتو، بل عن مضمون الصلاة، وكأنهم سألوه: «بشأن ماذا يمكن ان نصلي؟».
-
-
٤- بشأن ماذا يمكن ان نصلي؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٤- بشأن ماذا يمكن ان نصلي؟
يقال انها اكثر الصلوات تكرارا بين جميع الصلوات المسيحية. وسواء كان ذلك صحيحا ام لا، يسيء كثيرون فهم صلاة يسوع النموذجية هذه التي تُدعى احيانا الصلاة الربانية او الأبانا. فالملايين من الناس يتلون كلماتها ببغائيًّا كل يوم، وربما عدة مرات في اليوم. الا ان يسوع لم يقصد مطلقا ان تُردَّد هذه الصلاة على هذا النحو. كيف نعرف ذلك؟
قبيل ذكر يسوع تلك الصلاة، قال: «عندما تصلون لا تكرروا الامور نفسها». (متى ٦:٧) فهل يُعقل ان يناقض نفسه بعدئذ بوضع كلمات محددة تُحفظ عن ظهر قلب وتُردَّد آليًّا؟ قطعا لا! فقد كان يعلّمنا الامور التي يمكن ان نصلي بشأنها ووضع لنا مجموعة واضحة من الاولويات لا يجب ان تغيب عن بالنا عندما نصلي. فلنتفحص ما قاله يسوع في هذه الصلاة المدونة في متى ٦:٩-١٣.
«ابانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك».
بهذه الكلمات ذكّر يسوع أتباعه ان جميع الصلوات يجب ان تُرفع الى أبيه يهوه. ولكن هل تعلم لمَ اسم اللّٰه في غاية الاهمية ولمَ ينبغي تقديسه؟
منذ فجر التاريخ، يُفترى على اسم اللّٰه القدوس كذبا. فخصم اللّٰه الشيطان دعا يهوه حاكما كاذبا انانيا لا يملك الحق الشرعي في الحكم على خلائقه. (تكوين ٣:١-٦) ويتخذ عديدون موقفهم الى جانب الشيطان فيعلّمون ان اللّٰه غير مبالٍ، قاسٍ، ومحب للانتقام، او ينكرون كليا وجود خالق. كما شنّ آخرون هجوما على اسم يهوه بالذات، اذ ازالوا الاسم من ترجمات الكتاب المقدس وحرّموا استعماله.
لكنّ الكتاب المقدس يظهر ان اللّٰه سيضع حدًّا لهذه الانتهاكات. (حزقيال ٣٩:٧) وهكذا سيسدّ كل حاجاتك ويعالج جميع مشاكلك. كيف؟ ان الكلمات التالية في صلاة يسوع تزودنا بالجواب.
«ليأتِ ملكوتك».
يحوم حول ملكوت اللّٰه لغط كبير بين المعلمين الدينيين اليوم. لكنّ مستمعي يسوع ادركوا ان انبياء اللّٰه تنبأوا منذ زمن بعيد ان المسيَّا، المخلِّص الذي اختاره اللّٰه، سيحكم مملكة تغير وجه العالم. (اشعيا ٩:٦، ٧؛ دانيال ٢:٤٤) وهذه المملكة، او الملكوت، ستقدّس اسم اللّٰه بكشف النقاب عن اكاذيب الشيطان ثم الاطاحة به وإحباط جميع اعماله. كما ان هذا الملكوت سيضع حدًّا للحروب والامراض والمجاعات، مزيلا الموت ايضا. (مزمور ٤٦:٩؛ ٧٢:١٢-١٦؛ اشعيا ٢٥:٨؛ ٣٣:٢٤) اذًا، عندما تصلي من اجل اتيان ملكوت اللّٰه، فأنت تطلب ان تتحقق كل هذه الوعود.
«لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض».
تشير كلمات يسوع ان مشيئة اللّٰه ستتم حتما على الارض كما هي في السماء، مكان سكنى اللّٰه. فما من شيء حال دون اتمام مشيئة اللّٰه في السماء حيث شنّ ابن اللّٰه حربا على الشيطان وأعوانه طارحا اياهم الى الارض. (رؤيا ١٢:٩-١٢) ان هذا الطلب الثالث في الصلاة النموذجية على غرار الطلبين السابقين يساعدنا ان نبقي نصب اعيننا الامور الاكثر اهمية، مركزين لا على مشيئتنا الخاصة بل على مشيئة اللّٰه. فهي دائما تجلب اعظم فائدة للخليقة جمعاء. ولهذا السبب عينه، حتى الانسان الكامل يسوع قال لأبيه: «لتكن لا مشيئتي، بل مشيئتك». — لوقا ٢٢:٤٢.
«أعطنا اليوم خبز يومنا».
اظهر يسوع بعد ذلك ان صلواتنا يمكن ان تشمل طلبات خاصة. فما من خطإ اذا صلينا الى اللّٰه من اجل حاجاتنا الحياتية اليومية. وفي الواقع، يذكّرنا ذلك ان يهوه هو الذي «يعطي الجميع حياة ونسمة وكل شيء». (اعمال ١٧:٢٥) فالكتاب المقدس يكشف انه أب محب يسرّه ان يزود اولاده بما يحتاجونه. ولكنه كأب صالح لا يوافق على اي طلب يتضارب مع مصلحتهم.
«اغفر لنا ديوننا».
هل انت حقا مدين للّٰه؟ وهل انت بحاجة الى غفرانه؟ كثيرون اليوم ما عادوا يدركون ماهية الخطية ومدى خطورتها. غير ان الكتاب المقدس يعلّم ان الخطية هي اصل بلايانا، لأنها السبب الرئيسي لموت البشر. فبما اننا مولودون بالخطية، نخطئ جميعنا مرارا وتكرارا، ويتوقف رجاؤنا الوحيد بمستقبل دائم على غفران اللّٰه. (روما ٣:٢٣؛ ٥:١٢؛ ٦:٢٣) فكم تطمئننا كلمات الكتاب المقدس: «انت يا يهوه صالح وغفور»! — مزمور ٨٦:٥.
«نجِّنا من الشرير».
هل تدرك حاجتك الماسة الى حماية اللّٰه؟ لا يؤمن كثيرون بوجود «الشرير»، الشيطان. لكن يسوع علّم ان الشيطان حقيقي، حتى انه دعاه «حاكم هذا العالم». (يوحنا ١٢:٣١؛ ١٦:١١) لقد أفسد الشيطان هذا العالم الخاضع لنفوذه، وهو يتوق الى افسادك انت ايضا ومنعك من تنمية علاقة وثيقة بأبيك يهوه. (١ بطرس ٥:٨) لكن يهوه يفوق الشيطان قوة ويسرّ بحماية مَن يحبونه.
ان هذه الخلاصة الوجيزة للنقاط الرئيسية في صلاة يسوع النموذجية لا تتضمن كل المسائل التي يليق ان نصلي بشأنها. فلا تنسَ ما تخبرنا به ١ يوحنا ٥:١٤ عن اللّٰه: «مهما طلبنا بحسب مشيئته، فهو يسمعنا». فلا تقلق ان بدت مشاكلك أتفه من ان تعرضها عليه. — ١ بطرس ٥:٧.
ولكن ماذا عن زمان ومكان الصلاة؟ هل هما حقا مهمان؟
-
-
٥- هل يهم اين ومتى نصلي؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٥- هل يهم اين ومتى نصلي؟
لا يخفى عليك طبعا ان معظم الاديان المنظمة تعلق اهمية كبيرة على دُور الصلاة الفخمة وتفرض مواعيد محددة لإقامة الصلوات. فهل يَقصُر الكتاب المقدس الصلوات على اماكن وأوقات معينة؟
يذكر الكتاب المقدس مناسبات تليق فيها الصلاة. على سبيل المثال، شكر يسوع اللّٰه في الصلاة قبل تناول الطعام مع أتباعه. (لوقا ٢٢:١٧) كما ان تلاميذه صلوا معا كلما اجتمعوا للعبادة. وهكذا أبقوا على عادة طالما اتُّبعت في المجامع اليهودية وفي هيكل اورشليم. فاللّٰه اراد ان يكون الهيكل «بيت صلاة لجميع الامم». — مرقس ١١:١٧.
عندما يجتمع خدام اللّٰه ويصلون معا، يمكن لتضرعاتهم ان تكون مجدية. فاللّٰه يسر حين تتحد الجماعة بروح واحد في صلاة تعكس مبادئ الاسفار المقدسة. حتى ان الصلاة قد تدفعه الى فعل ما لم يكن ليفعله لولاها. (عبرانيين ١٣:١٨، ١٩) لذا يصلي شهود يهوه بانتظام في كل اجتماعاتهم. ونحن ندعوك بحرارة الى زيارة قاعة ملكوت بالقرب منك لكي تسمع انت بنفسك هذه الصلوات.
لكن الكتاب المقدس لا يَقصُر الصلاة على زمان ومكان معينين. بل نقرأ في صفحاته ان عباد اللّٰه صلوا في مختلف الاوقات والاماكن. قال يسوع: «متى صليت فادخل مخدعك وأغلق بابك، وصلِّ الى ابيك الذي في الخفاء. وأبوك الذي ينظر في الخفاء يجازيك». — متى ٦:٦.
يمكننا ان نصلي في اي زمان ومكان
يا لها من دعوة مشجعة! فبإمكانك حقا الاقتراب من المتسلط الكوني ساعة تشاء، وعلى انفراد، متأكدا انك سوف تسترعي انتباهه. فلا عجب اذًا ان طلب يسوع مرارا الاختلاء بنفسه ليصلي. فذات مرة، بقي كل الليل يصلي الى اللّٰه ملتمسا دون شك الارشاد بغية اتخاذ قرار بالغ الاهمية. — لوقا ٦:١٢، ١٣.
يأتي الكتاب المقدس ايضا على ذكر رجال ونساء آخرين صلوا لدى مواجهتهم قرارات خطيرة وتحديات هائلة. وقد صلوا تارة بصوت عالٍ وطورا بصمت، كما أدَّوا صلواتهم إما جماعيا او إفراديا. لكنّ المهم هو انهم صلوا. علاوة على ذلك، يحث اللّٰه خدامه: «صلوا بلا انقطاع». (١ تسالونيكي ٥:١٧) فهو مستعد على الدوام ان يسمع تضرعات مَن يفعلون مشيئته. ألا تعكس هذه الدعوة محبة اللّٰه لنا؟!
طبعا، يتساءل كثيرون في عالمنا الشكَّاك اليوم عن القيمة العملية للصلاة. لذا قد تسأل: ‹هل تفيدني الصلاة حقا؟›.
-
-
٦- هل تفيدنا الصلاة؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٦- هل تفيدنا الصلاة؟
تُرى هل من فائدة نجنيها من الصلاة؟ نعم، يؤكد الكتاب المقدس ان صلوات خدام اللّٰه الامناء تنجم عنها فوائد جمة. (لوقا ٢٢:٤٠؛ يعقوب ٥:١٣) وفي الواقع، تعود علينا الصلاة بخير جزيل من الناحية الروحية والعاطفية والجسدية ايضا. كيف ذلك؟
لنفرض مثلا ان ولدك تلقى هدية ما. فهل تعلّمه ان مجرد الشعور بالامتنان كافٍ، ام تعلّمه التعبير عن شكره لمقدِّم الهدية؟ فالتعبير عن مشاعرنا تجاه مسائل مهمة يعمِّق هذه المشاعر ويزيد تركيزنا عليها. وهل يصح الامر عينه عندما نتكلم الى اللّٰه؟ نعم، بالتأكيد. اليك بعض الامثلة.
صلوات الشكر. عندما نشكر ابانا السماوي على كل الخيرات التي ننعم بها، يتركز انتباهنا على ما لدينا من بركات. فيزداد شعورنا بالسعادة والامتنان وتصير نظرتنا اكثر ايجابية. — فيلبي ٤:٦.
مثال: عبَّر يسوع عن شكره لأبيه لأنه سمع له. — يوحنا ١١:٤١.
الصلوات طلبا للغفران. عندما نسأل اللّٰه الغفران، يصير ضميرنا مرهفا، نتوب توبة صادقة، ويزداد ادراكنا لمدى خطورة الخطية. كما اننا نرتاح من مشاعر الذنب.
مثال: صلى داود تعبيرا عن توبته وأسفه. — مزمور ٥١.
الصلوات طلبا للارشاد والحكمة. إن سألنا يهوه الارشاد او الحكمة اللازمة لاتخاذ قرارات صائبة، يساعدنا ذلك على الاتصاف بتواضع حقيقي. فهو يذكّرنا بحدودنا ويزيد اتكالنا على ابينا السماوي. — امثال ٣:٥، ٦.
مثال: طلب سليمان بتواضع الارشاد والحكمة ليحكم اسرائيل. — ١ ملوك ٣:٥-١٢.
الصلوات وقت الشدة. اذا كنا متضايقين وسكبنا قلبنا امام اللّٰه، نشعر بارتياح ولا نتكل على انفسنا بل على يهوه. — مزمور ٦٢:٨.
مثال: صلى الملك آسا عندما واجه عدوا مهولا. — ٢ اخبار الايام ١٤:١١.
الصلوات من اجل خير الآخرين. تساعدنا هذه الصلوات على محاربة الانانية، والاعراب عن الرأفة والتعاطف.
مثال: صلى يسوع من اجل أتباعه. — يوحنا ١٧:٩-١٧.
صلوات التسبيح. عندما نسبح يهوه على اعماله وصفاته الرائعة، يزداد احترامنا وتقديرنا له. كما تساعدنا هذه الصلوات على الاقتراب اكثر من إلهنا وأبينا.
مثال: سبّح داود يهوه اللّٰه من كل القلب على خليقته. — مزمور ٨.
هنالك ايضا بركة اخرى ترافق الصلاة، ألا وهي «سلام اللّٰه الذي يفوق كل فكر». (فيلبي ٤:٧) فإيجاد السكينة في هذا العالم المضطرب هو حقا بركة نادرة، وله ايضا فوائد جسدية. (امثال ١٤:٣٠) ولكن هل يأتي نتيجة جهودنا فقط؟ ام ان له علاقة بأمر اكثر اهمية؟
للصلاة فوائد جمة، منها الجسدية والعاطفية، وأهمها الروحية
-
-
٧- هل يسمع اللّٰه ويستجيب الصلاة؟برج المراقبة ٢٠١٠ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
٧- هل يسمع اللّٰه ويستجيب الصلاة؟
انه لسؤال مشوِّق يثير فضول كثيرين. والكتاب المقدس يظهر ان يهوه يسمع حقا الصلوات في ايامنا. لكنَّ سماع اللّٰه صلواتنا او عدمه يعتمد علينا الى حد كبير.
لقد شهَّر يسوع القادة الدينيين في ايامه بريائهم في الصلاة. فكان كل همهم ان يتظاهروا بالتقوى امام الناس. وقال عن امثالهم انهم ‹يستوفون مكافأتهم›، اي ان جل ما ينالونه هو ما يصبون اليه — ان يكونوا محط انظار الناس — وليس ما هم فعلا بحاجة اليه، وهو ان يسمع اللّٰه صلواتهم. (متى ٦:٥) على نحو مماثل، يصلي كثيرون اليوم كما يشاؤون وليس انسجاما مع مشيئة اللّٰه. غير انهم بتجاهل مبادئ الكتاب المقدس التي ناقشناها سابقا، لا يلاقون عند اللّٰه اذنا صاغية.
ولكن ماذا عنك؟ هل يسمع اللّٰه ويستجيب صلواتك؟ لا يعتمد الجواب على عرقك، قوميتك، او مقامك الاجتماعي. فالكتاب المقدس يؤكد لنا: «اللّٰه ليس محابيا، بل في كل امة، مَن يخافه ويعمل البر يكون مقبولا عنده». (اعمال ١٠:٣٤، ٣٥) فهل ينطبق هذا الوصف عليك؟ ان مخافة اللّٰه هي ان تجلّه وتخشى عدم ارضائه. ويعني عمل البر ان تسعى الى فعل الصواب في عيني اللّٰه، لا مشيئتك الخاصة او ما يريده رفقاؤك البشر. فهل تريد حقا ان يسمع اللّٰه صلواتك؟ ان الكتاب المقدس يرشدك الى تحقيق مبتغاك.a
طبعا، يود كثيرون لو يستجيب اللّٰه صلواتهم بعجيبة ما. ولكن، حتى في ازمنة الكتاب المقدس، نادرا ما اجترح اللّٰه معجزات كهذه. فقد مرت احيانا قرون بين عجيبة وأخرى من العجائب المدونة في كلمة اللّٰه. علاوة على ذلك، يشير الكتاب المقدس ان زمن العجائب ولّى بعد ايام الرسل. (١ كورنثوس ١٣:٨-١٠) فهل يعني ذلك ان اللّٰه لا يستجيب الصلوات اليوم؟ قطعا لا. وفي ما يلي امثلة عن الصلوات التي يستجيبها.
اللّٰه يهب الحكمة. يهوه هو المصدر الاسمى لكل حكمة حقيقية. وهو يعطي الحكمة بكرم، منعما بها على مَن يطلبون ارشاده ويسعون الى العيش بموجبه. — يعقوب ١:٥.
اللّٰه يمنح روحه القدس وكل ما يتأتى عنه من بركات. ان الروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة. وما من قوة تضاهيه. فهو يساعدنا على احتمال التجارب والمحن، ويملأ قلوبنا سلاما عندما نعاني الضيق. كما انه يساعدنا على تنمية صفات اخرى جميلة وجذابة. (غلاطية ٥:٢٢، ٢٣) وقد أكد يسوع لأتباعه ان اللّٰه يعطي هذه الهبة بسخاء. — لوقا ١١:١٣.
اللّٰه ينوِّر كل مَن يجدّون في طلبه. (اعمال ١٧:٢٦، ٢٧) يبحث كثيرون حول العالم عن الحق بإخلاص. فهم ينشدون معرفة اللّٰه: ما اسمه، ما قصده للارض والبشر، وكيف يقتربون اليه. (يعقوب ٤:٨) وغالبا ما يلتقي شهود يهوه امثال هؤلاء. ويسرّهم ان يبيِّنوا لهم اجوبة الكتاب المقدس عن هذه الاسئلة.
فهل هذا سبب حصولك على هذه المجلة؟ هل تبتغي معرفة اللّٰه؟ لعلّ هذه هي الطريقة التي يستجيب بها اللّٰه صلاتك.
-