الحياة
العَيش او حالة الكائن الحيّ؛ وجود الكائن او مدة وجوده. وبالنسبة الى الكائنات المادية الحيَّة التي تعيش على الارض، فهي تملك عموما القدرة على النمو، الاستقلاب، التفاعل مع العوامل الخارجية، والتكاثر. ان الكلمة العبرانية المستعملة في الكتاب المقدس مقابل حياة هي حايّيم، اما الكلمة اليونانية فهي زوي. كما تُستعمل الكلمة العبرانية نيفيش واليونانية پسيخي (معناهما كلتاهما «نفس») للاشارة الى الحياة، ولكن ليس بالمعنى المجرد، بل بمعنى شخص او حيوان حيّ. (قارن بين كلمتَي «نفس» و «حياة» كما تردان في اي ١٠:١؛ مز ٦٦:٩؛ ام ٣:٢٢.) صحيح ان النباتات تُعتبر كائنات حيَّة، لكنَّها ليست نفسا. وفي حالة البشر، فالحياة بالمعنى الاكمل هي الحياة الكاملة التي سيستعيدون حقهم فيها حين يردها اللّٰه اليهم.
يهوه اللّٰه ينبوع الحياة: لطالما وُجدت الحياة، لأن يهوه اللّٰه هو الاله الحي، ينبوع الحياة، ولا بداية لوجوده او نهاية. (ار ١٠:١٠؛ دا ٦:٢٠، ٢٦؛ يو ٦:٥٧؛ ٢ كو ٣:٣؛ ٦:١٦؛ ١ تس ١:٩؛ ١ تي ١:١٧؛ مز ٣٦:٩؛ ار ١٧:١٣). وقد اعطى الحياة لأول مخلوقاته، ابنه الوحيد الذي يُدعى في الكتاب المقدس «الكلمة». (يو ١:١-٣؛ كو ١:١٥) وبواسطة هذا الابن، خُلق ابناء آخرون للّٰه: الملائكة. (اي ٣٨:٤-٧؛ كو ١:١٦، ١٧) ولاحقا، اتى الكون المادي الى الوجود. (تك ١:١، ٢) وبعد ذلك، في اليوم الثالث من ‹الايام› الخلقية التي جُهِّزت فيها الارض، خُلقت اول الكائنات المادية: الاعشاب والنباتات والاشجار المثمرة. ثم صنع اللّٰه ‹النفوس الحية›: في اليوم الخامس الحيوانات البحرية والطيور، وفي اليوم السادس الحيوانات البرية، وآخر الكل الانسان. — تك ١:١١-١٣، ٢٠-٢٣، ٢٤-٣١؛ اع ١٧:٢٥؛ انظر «الخلق، الخليقة»؛ «اليوم».
اذًا، لم توجد الحياة على الارض بالصدفة نتيجة اتِّحاد مواد كيميائية في ظروف ملائمة. ففي الواقع، هذا امر مستحيل، وحتى الآن لم يرَ احد شيئا كهذا يحدث. لكنَّ الحياة على الارض اتت لأن يهوه اللّٰه، ينبوع الحياة، امر بذلك، ولأن ابنه نفَّذ امره. فالحياة لا تنتج إلا من الحياة. ورواية الكتاب المقدس تخبرنا ان كلًّا من المخلوقات كان يتكاثر «بحسب جنسه» او «على شبهه». (تك ١:١٢، ٢١، ٢٥؛ ٥:٣) وقد وجد العلماء ان هنالك فجوات كبيرة بين مختلف ‹الاجناس›. وهذه المسألة هي ثاني اكبر عائق في طريق اثبات نظرية التطور بعد مسألة اصل الحياة. — انظر «الجنس».
قوة الحياة والنسمة: لدى المخلوقات الارضية («الانفس») قوة الحياة («الروح») التي تجعلهم احياء، وكذلك النسمة (اي النفَس) التي تدعم قوة الحياة هذه. وبما ان اللّٰه هو مَن اعطى قوة الحياة والنسمة، فبإمكانه انهاء الحياة بأخذ ايٍّ منهما. (مز ١٠٤:٢٩؛ اش ٤٢:٥) مثلا، حين غرق البشر والحيوانات في مياه الطوفان، انقطعت «نسمتهم» فزالت قوة حياتهم. وهكذا، «كل ما في انفه نسمة قوة الحياة، كل ما كان على اليابسة، مات». — تك ٧:٢٢؛ انظر «الروح».
الجسم: كل الكائنات التي فيها حياة، سواء كانت ارضية او سماوية، لها جسم، او هيئة جسمانية. فالحياة بحد ذاتها ليست لها شخصية او طبيعة مادية. وفي سياق الحديث عن نوع الجسد الذي سيُقام به الاموات، يوضح الرسول بولس ان جسم الكائن الحي يختلف باختلاف البيئة التي خُلق ليعيش فيها. فهو يقول عن المخلوقات الارضية: «ما كل جسد هو الجسد نفسه، بل للانسان جسد، وللماشية جسد آخر، وللطيور جسد آخر، وللسمك آخر». ويتابع: «هناك اجسام سماوية وأجسام ارضية، لكنَّ مجد الاجسام السماوية نوع، ومجد الارضية نوع آخر». — ١ كو ١٥:٣٩، ٤٠.
وعن الفرق في نوعية الاجسام بين مختلف الكائنات الارضية، تقول دائرة المعارف البريطانية (١٩٤٢، المجلد ١٤، ص ٤٢): «العامل الآخر هو التفرُّد الكيميائي الظاهر اينما كان. فكما يبدو، كل نوع من الاجسام له بروتين يميِّزه عن غيره، وله ايضا معدَّل سرعة استقلاب خاص به. لذلك هناك ثلاثة عوامل تضمن الاستمرارية رغم الاستقلاب المستمر: (١) تشكُّل البروتينات الذي يعوِّض عن تفكُّكها، (٢) تبعثُر جزيئات البروتينات التي تفكَّكت و (٣) اختلافها من نوع الى آخر». — إبراز الخط مضاف.
نقل قوة الحياة: بعدما اعطى يهوه قوة الحياة لأوائل المخلوقات من كل جنس (مثلا لأول زوجَين بشريَّين)، صار ممكنا نقلها بواسطة عملية التناسل. وفي الثدييات، تزوِّد الام بعد الإخصاب الاكسجين والتغذية للجنين حتى ولادته. بعدئذ يبدأ المولود بالتنفس من انفه، بالرضاعة، وبعد فترة بالاكل.
عندما خلق اللّٰه آدم، صنع له جسما. ولكن كي يعيش هذا الجسم المخلوق حديثا ويستمر في الحياة، كان يلزمه الروح (قوة الحياة) والتنفس. تقول التكوين ٢:٧ ان اللّٰه «نفخ في انفه نسمة [صيغة من نِشاماه] الحياة، فصار الانسان نفسا حية». ولا بد ان «نسمة الحياة» لم تكن مجرد النفَس او الهواء الذي يجري في الرئتين. فمن الواضح ان اللّٰه اعطى آدم الروح (اي شرارة الحياة)، والنسمة (اي النفَس) اللازمة لتبقيه حيًّا. عندئذ صار آدم شخصا حيًّا، لديه شخصية بصفات تميِّزه. وصار بإمكانه ان يُظهِر بكلامه وأعماله انه اسمى من الحيوانات، انه ‹ابن للّٰه› مخلوق على صورته وشبهه. — تك ١:٢٧؛ لو ٣:٣٨.
تعتمد حياة الانسان والحيوان على قوة الحياة التي وضعها اللّٰه في البداية في اوائل المخلوقات من كل جنس وعلى «النسمة» التي تدعم قوة الحياة هذه. ويؤكد علم الاحياء هذه الحقيقة. فبعض الخبراء يصنِّفون الموت كالتالي: الموت السريري، وهو توقُّف الجهاز التنفسي وجهاز الدورة الدموية عن اداء وظائفهما؛ الموت الدماغي، وهو توقُّف الدماغ بشكل كلِّي ونهائي؛ الموت الجسدي، وهو توقُّف الوظائف الحيوية تدريجيا لكل اعضاء وأنسجة الجسم. وهذا يُظهِر انه حتى بعد توقُّف التنفُّس، القلب، والدماغ تبقى قوة الحياة فترة من الوقت في انسجة الجسم.
الشيخوخة والموت: ان كل اشكال الحياة النباتية والحيوانية هي من طبيعة زائلة. لكنَّ السؤال الذي طالما حيَّر العلماء هو: لماذا يشيخ الانسان ويموت؟
يطرح بعض العلماء النظرية ان كل خلية لها مدى حياة محدَّد في تركيبها الوراثي. ولدعم نظريتهم، يشيرون الى نتائج اختبارات تم فيها استنبات خلايا في بيئة اصطناعية. فقد وجدوا ان الخلايا توقفت عن الانقسام بعد ٥٠ مرة تقريبا. إلا ان علماء آخرين لا يرون ان اختبارات كهذه توضح لماذا يشيخ الكائن ككل. وقد قدَّم البعض تفسيرات اخرى، بما في ذلك النظرية القائلة ان الدماغ يفرز هرمونات هي المسؤولة الى حد كبير عن عملية الشيخوخة والموت. ولكن لا يجب تفضيل نظرية على اخرى. فالطبيب روي ل. ولفورد يقول: «ليس مقلِقا او حتى مستغرَبا ان يتبرهن ان نظرية هايفليك [النظرية القائلة ان الشيخوخة مبرمجة في التركيب الوراثي للخلايا] هي خاطئة تماما، او ان تحل محلها نظرية افضل لكن ليثبت بعد فترة انها خاطئة هي الاخرى. فكل شيء هو صحيح في زمنه». — الحد الاقصى للعمر، ١٩٨٣، ص ٧٥ (بالانكليزية).
والجدير بالملاحظة ان معظم العلماء في اكتشافاتهم واستنتاجاتهم لا يعترفون ان هناك خالقا اوجد الحياة. ويأملون ان يكتشفوا بجهدهم الخاص سر الشيخوخة والموت لكي يطيلوا عمر الانسان الى ما لا نهاية. وهم يتجاهلون الواقع ان الخالق نفسه حكم بالموت على اول رجل وامرأة، ونفَّذ هذا الحكم بطريقة لا يفهمها الانسان كاملا. كما انه وعد الذين يمارسون الايمان بابنه ان يعطيهم جائزة الحياة الابدية. — تك ٢:١٦، ١٧؛ ٣:١٦-١٩؛ يو ٣:١٦.
آدم خسَّر نفسه والمتحدرين منه الحياة: عندما خلق اللّٰه آدم، وضع في جنة عدن «شجرة الحياة». (تك ٢:٩) لكن من الواضح ان ثمر هذه الشجرة لم يكن له مفعول قادر على إعطاء الحياة للانسان؛ فالشجرة مثَّلت الضمانة من اللّٰه ان يعطي حياة «الى الابد» لمَن يسمح له بالاكل من ثمرها. وبما ان اللّٰه قصد ان يضع هذه الشجرة في الجنة، فلا شك انه كان سيسمح لآدم ان يأكل منها بعد ان يُثبت امانته الى حدٍّ يعتبره اللّٰه مقبولا وكافيا. ولكن عندما اخطأ آدم، حرمه من امكانية الاكل منها. فقد قال: «والآن لكيلا يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ايضا ويأكل ويحيا الى الدهر ...». وفورا، اتَّخذ اجراء بطرده اذ انه لم يكن ليسمح لشخص غير جدير بالحياة ان يبقى في الجنة التي اعدّها للصالحين وأن يأكل من شجرة الحياة. — تك ٣:٢٢، ٢٣.
وبعدما كان آدم يتمتع بحياة كاملة شرط ان يبقى طائعا ليهوه (تك ٢:١٧؛ تث ٣٢:٤)، ابتدأ الآن يعاني تأثيرات الخطية ونتيجتها: الموت. إلا ان الطاقة في جسده كانت قوية لدرجة انه عاش ٩٣٠ سنة رغم حالته المزرية بعيدا عن اللّٰه وإرشاده الروحي. ولم يستطع ان ينقل الحياة الكاملة الى المتحدرين منه. لكنَّ ما نقله لهم سمح بأن يعيش كثيرون منهم من ٧٠٠ الى ٩٠٠ سنة. (تك ٥:٣-٣٢) ويصف يعقوب اخو يسوع من امه ما حصل مع آدم قائلا: «كل واحد يُمتحن اذا اجتذبته وأغرته شهوته. ثم الشهوة متى خصبت تلد خطية، والخطية متى تمَّت تنتج موتا». — يع ١:١٤، ١٥.
ما يحتاجه الانسان كي يعيش: ان معظم الباحثين لا يتغاضون فقط عن سبب موت كل البشر، بل يتجاهلون ايضا مطلبا اساسيا ليعيش الانسان حياة ابدية. ففي حين ان الجسم البشري يحتاج باستمرار ان يتغذى ويجدِّد قواه عن طريق التنفس والشرب والاكل، هناك امر اهم بكثير لاستمرار الحياة. وهذا الامر كشفه يهوه حين قال: «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، بل بكل قول يخرج من فم يهوه يحيا الانسان». (تث ٨:٣) وقد كرَّر يسوع المسيح هذا المبدأ. وقال ايضا: «طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني وأنهي عمله». (يو ٤:٣٤؛ مت ٤:٤) كما انه ذكر في مناسبة اخرى: «كما ارسلني الآب الحي وأنا احيا بالآب، فمن يأكلني يحيا هو ايضا بي». — يو ٦:٥٧.
عندما خلق اللّٰه الانسان، صنعه على صورته كشبهه. (تك ١:٢٦، ٢٧) وهذا طبعا لا يعني انه كان يشبهه في الشكل والمظهر؛ فاللّٰه روح، اما الانسان فمن لحم ودم. (تك ٦:٣؛ يو ٤:٢٤) بل عنى ان الانسان تمتع بمقدرات تفكيرية بخلاف «الحيوانات غير العاقلة» (٢ بط ٢:١٢)؛ كما انه امتلك صفات كصفات اللّٰه مثل المحبة والحكمة والقدرة والاحساس بالعدل. (قارن كو ٣:١.) وكان لديه ايضا القدرة على فهم سبب وجوده وقصد الخالق له. فقد خُلق الانسان بقدرة على استيعاب الامور الروحية بعكس الحيوانات. فكان بإمكانه ان يقدِّر خالقه ويعبده. وهذه القدرة ولَّدت في آدم الحاجة الى طعام روحي، وليس فقط الى الطعام الحرفي. وإشباع هذه الحاجة كان لخيره الجسدي والعقلي.
لذلك، لا توجد استمرارية للحياة الى الابد بعيدا عن يهوه اللّٰه وتدابيره الروحية. قال يسوع: «هذا يعني الحياة الابدية: ان يستمروا في نيل المعرفة عنك، انت الاله الحق الوحيد، وعن الذي ارسلته، يسوع المسيح». — يو ١٧:٣.
تجديد الحياة: اعطى يهوه الحق، اي «كلمة الحياة»، للبشر بهدف إعادة الكمال الجسدي ورجاء الحياة الابدية اليهم. (يو ١٧:١٧؛ في ٢:١٦) والتعرُّف على الحق يؤدي الى معرفة التدبير الذي زوَّده اللّٰه: يسوع المسيح الذي «بذل نفسه فدية عن كثيرين». (مت ٢٠:٢٨) فمن خلال هذه الوسيلة فقط يمكن للانسان ان يسترد كماله الجسدي وعلاقته باللّٰه. — اع ٤:١٢؛ ١ كو ١:٣٠؛ ١٥:٢٣-٢٦؛ ٢ كو ٥:٢١؛ انظر «الفدية».
اذًا، تجديد الحياة لا يتم إلا بواسطة يسوع المسيح. فعنه يقول الكتاب المقدس: «صار آدم الاخير روحا مُحيِيا». (١ كو ١٥:٤٥) كما تدعوه نبوة اشعيا «ابا ابديا» (اش ٩:٦)، وتذكر انه «سكب للموت نفسه» وجعلها «قربان ذنب». وعلى هذا الاساس هو «اب» قادر ان يجدِّد حياة البشر، اذ يعطي الحياة لمَن يؤمنون انه بذل نفسه عنهم ويطيعونه. — اش ٥٣:١٠-١٢.
رجاء الامناء في الازمنة القديمة: امتلك الامناء في الازمنة القديمة رجاء الحياة. وهذا ما اشار اليه الرسول بولس عندما قال: «كنت مرة حيًّا بمعزل عن الشريعة. ولكن عندما جاءت الوصية، عاشت الخطية ومتُّ انا. والوصية التي هي للحياة، وجدتُ انها للموت». (رو ٧:٩، ١٠) بما ان بولس عبراني، تحدث هنا عن نفسه كما لو انه كان عائشا ايام المتحدرين من ابراهيم قبلما أُعطيت الشريعة، وذلك بمعنى انه كان في صلب جدوده. (قارن عب ٧:٩، ١٠.) فرجال مثل هابيل وأخنوخ ونوح وإبراهيم كان لهم رجاء في اللّٰه. فقد آمنوا ‹بالنسل› الذي سيسحق رأس الحية وينقذ البشر. (تك ٣:١٥؛ ٢٢:١٦-١٨) وكانوا ينتظرون مملكة اللّٰه، «المدينة التي لها اساسات حقيقية». كما آمنوا بقيامة الاموات الى الحياة. — عب ١١:١٠، ١٦، ٣٥.
عندما اعطى يهوه الشريعة للاسرائيليين، قال: «تحفظون سُنني وأحكامي، التي اذا فعلها الانسان يحيا بها». (لا ١٨:٥) ولا شك ان هؤلاء الاسرائيليين فرحوا بها كثيرا لأنهم ظنوا انها ستمنحهم الحياة. فهي «مقدسة وبارّة»، والذي يستطيع ان يبلغ مقاييسها كاملا يُعتبر مستقيما بكل معنى الكلمة. (رو ٧:١٢) لكنَّ الشريعة لم تعطهم الحياة، بل اظهرت ان كل امة اسرائيل، والبشر عموما، هم ناقصون وخطاة. كما حكمت بالموت على اليهود. (غل ٣:١٩؛ ١ تي ١:٨-١٠) فتماما كما قال بولس: «عندما جاءت الوصية، عاشت الخطية ومتُّ انا». اذًا، لم يكن املهم بالحياة سيتحقق من خلال الشريعة.
يقول الرسول بولس: «لو أُعطيَت شريعة قادرة ان تحيي، لكان البر حقا بالشريعة». (غل ٣:٢١) فالشريعة ادانت اليهود اذ اظهرت انهم خطاة بسبب تحدُّرهم من آدم، وأيضا جعلتهم تحت لعنة لأنهم كسروها. لذلك مات المسيح على خشبة آلام. يقول بولس: «المسيح بشرائنا حرَّرنا من لعنة الشريعة، اذ صار لعنة عوضا عنا، لأنه مكتوب: ‹ملعون كل معلَّق على خشبة›». (غل ٣:١٣) فعندما ازال يسوع المسيح هذا العائق، اي اللعنة التي صار اليهود تحتها نتيجة كسر الشريعة، فتح لهم الطريق لينالوا الحياة. لكنهم لم يستفيدوا وحدهم من الفدية، بل استفاد غيرهم ايضا.
الحياة الابدية مكافأة من اللّٰه: يتَّضح من كامل الكتاب المقدس ان خدام يهوه لديهم الامل انه سيعطيهم الحياة الابدية. وهذا الامل هو ما يساعدهم ان يبقوا امناء. لكنَّ هذا لا يعني انهم يعبدون اللّٰه بدافع اناني. كتب الرسول بولس: «بدون ايمان يستحيل ارضاؤه، لأنه يجب على الذي يقترب الى اللّٰه ان يؤمن بأنه كائن وبأنه يكافئ الذين يجدُّون في طلبه». (عب ١١:٦) فيهوه إله يكافئ خدامه، وهذا احد الاسباب التي تجعله يستحق تعبدَّهم الكامل.
الخلود، عدم الفساد، والطبيعة الالهية: يقول الكتاب المقدس ان يهوه خالد ولا يمكن ان يفسد. (١ تي ١:١٧) وقد وهب الخلود وعدم امكانية الفساد اولا لابنه. وعندما كتب الرسول بولس الى تيموثاوس، كان المسيح الوحيد الذي نال الخلود. (١ تي ٦:١٦) لكنَّ اخوة المسيح الروحيين موعودون ايضا ان ينالوه. (رو ٢:٧؛ ١ كو ١٥:٥٣، ٥٤) كما انهم يصيرون شركاء في «الطبيعة الالهية»، اذ يشتركون مع المسيح في مجده. (٢ بط ١:٤) وصحيح ان الملائكة مخلوقات روحانية، لكنهم ليسوا خالدين؛ فالملائكة الذين تحوَّلوا الى شياطين سيهلكون. — مت ٢٥:٤١؛ لو ٤:٣٣، ٣٤؛ رؤ ٢٠:١٠، ١٤؛ انظر «الخلود»؛ «الفساد (عدم الفساد)».
الحياة على الارض دون فساد: ماذا عن باقي البشر الذين لا ينالون الحياة في السماء؟ يكتب الرسول يوحنا نقلا عن لسان يسوع: «ان اللّٰه احب العالم كثيرا حتى انه بذل الابن، مولوده الوحيد، لكيلا يهلك كل من يمارس الايمان به، بل تكون له حياة ابدية». (يو ٣:١٦) وفي مثَل الخراف والجداء، يقول يسوع ان الذين يفرزهم باعتبارهم خرافا ويضعهم عن يمينه سينالون «حياة ابدية». (مت ٢٥:٤٦) وبعدما يتحدث بولس عن «ابناء اللّٰه» و «شركاء المسيح في الميراث»، يقول ان «الخليقة تنتظر بترقب شديد الكشف عن ابناء اللّٰه». ثم يتابع: «على رجاء ان تُحرَّر الخليقة نفسها ايضا من الاستعباد للفساد وتنال الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه». (رو ٨:١٤-٢٣) عندما خُلق آدم انسانا كاملا، كان ‹ابنا للّٰه›. (لو ٣:٣٨) والنبوة في الرؤيا ٢١:١-٤ تتحدث عن «سماء جديدة» و ‹ارض جديدة›، وتعِد ان «الموت لا يكون في ما بعد، ولا يكون نَوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد». وبما ان هذا الوعد أُعطي ‹للناس› وليس للمخلوقات الروحانية، فهو يضمن ان مجتمعا بشريا جديدا سيعيشون على الارض تحت حكم ‹السماء الجديدة› ويتمتعون بصحة جسدية وعقلية كاملة وحياة ابدية ‹كأولاد للّٰه›.
ان الوصية التي اعطاها اللّٰه لآدم دلَّت ضمنا انه لن يموت اذا كان طائعا. (تك ٢:١٧) اذًا، عندما يُباد الموت الذي هو آخر عدو للانسان، لن يكون هناك بعد خطية عاملة في اجساد البشر الطائعين تسبِّب لهم الموت. لذلك سيعيشون الى ما لا نهاية ولن يختبروا الموت. (١ كو ١٥:٢٦) وإبادة، او إبطال، الموت ستحدث في نهاية حكم المسيح الذي يُظهِر سفر الرؤيا ان طوله ٠٠٠,١ سنة. فهو يقول عن الذين يصيرون ملوكا وكهنة مع المسيح انهم «عادوا الى الحياة وملكوا مع المسيح ألف سنة». ثم يذكر ان «باقي الاموات» لن «يعودوا الى الحياة حتى تنتهي الالف سنة». فمن هم هؤلاء؟ لا بد انهم مَن يكونون احياء عند نهاية الالف سنة ولكن قبل ان يُطلَق الشيطان من المهواة ليمتحن البشر امتحانا اخيرا. وبحلول نهاية الالف سنة، سيكون الناس على الارض قد بلغوا الكمال البشري، اي مثلما كان آدم وحواء قبلما اخطآ. فآنذاك ستكون لديهم حياة كاملة. والذين يجتازون الامتحان بعد إطلاق الشيطان فترة قصيرة من المهواة سيتمتعون بالحياة الكاملة الى الابد. — رؤ ٢٠:٤-١٠.
طريق الحياة: كشف لنا يهوه، ينبوع الحياة، عن طريق الحياة بواسطة كلمته. والرب يسوع المسيح «انار الحياة وعدم الفساد بواسطة البشارة». (٢ تي ١:١٠) وقال لتلاميذه: «الروح هو الذي يحيي؛ الجسد لا ينفع شيئا البتة. الكلام الذي كلمتكم به هو روح وهو حياة». ثم سأل رسله هل سيتركونه مثلما تركه غيرهم. فأجابه بطرس: «يا رب، الى مَن نذهب؟ عندك كلام الحياة الابدية». (يو ٦:٦٣، ٦٦-٦٨) كما ان الرسول يوحنا دعا يسوع «كلمة الحياة» وقال عنه: «ما وُجد به كان حياة». — ١ يو ١:١، ٢؛ يو ١:٣، ٤.
يتَّضح من كلمات يسوع ان جهود البشر لإطالة الحياة الى ما لا نهاية او نظرياتهم ان بعض الحميات او الانظمة الغذائية تجلب الحياة للبشر هي بلا جدوى. فليس بإمكانها ان تحسِّن الصحة إلا مؤقتا فقط. وطريق الحياة الوحيد هو إطاعة البشارة، «كلمة الحياة». (في ٢:١٦) فمَن يريد ان ينال الحياة، يجب ان يبقي عقله مركَّزا «في ما هو فوق، لا في ما هو على الارض». (كو ٣:١، ٢) قال يسوع لسامعيه: «مَن يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني له حياة ابدية، ولا يأتي الى دينونة، بل قد انتقل من الموت الى الحياة». (يو ٥:٢٤؛ ٦:٤٠) فشخص كهذا لم يعد مُدانا كخاطئ يسير في طريق الموت. كتب الرسول بولس: «اذًا لا حكم على الذين في اتحاد بالمسيح يسوع. لأن شريعة الروح الذي يعطي الحياة في اتحاد بالمسيح يسوع قد حرَّرتكم من شريعة الخطية والموت». (رو ٨:١، ٢) كما قال يوحنا ان المسيحي الذي يحب اخوته يعرف انه ‹انتقل من الموت الى الحياة›. — ١ يو ٣:١٤.
ومَن يسعى الى نيل الحياة يجب ان يتبع المسيح. فالكتاب المقدس يقول: «ليس اسم آخر تحت السماء أُعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص». (اع ٤:١٢) وقد اظهر يسوع انه يلزم ان يدرك الشخص حاجته الروحية؛ فعليه ان يكون جائعا وعطشانا الى البر. (مت ٥:٣، ٦) فلا يجب ان يسمع البشارة فقط، بل ان يمارس ايضا الايمان بيسوع المسيح ويدعو باسم يهوه بواسطته. (رو ١٠:١٣-١٥) ويلزم ان يعتمد في الماء تمثلا بيسوع. (مت ٣:١٣-١٥؛ اف ٤:٥) وبعدئذ يجب ان يضع دائما مملكة يهوه ووصاياه اولا في حياته. — مت ٦:٣٣.
صون القلب: ان الشخص الذي يصير تلميذا ليسوع المسيح يجب ان يستمر في السير في طريق الحياة. فالكتاب المقدس يحذِّر: «مَن يظن انه قائم فليحترز لئلا يسقط». (١ كو ١٠:١٢) لذلك يلزم ان يطبِّق النصيحة: «صُن قلبك اكثر من كل شيء تصونه، لأن منه منابع الحياة». (ام ٤:٢٣) فيسوع اظهر انه من القلب تخرج الافكار الشريرة والزنى والقتل وغيرها. وهذه الامور تؤدي الى الموت. (مت ١٥:١٩، ٢٠) ويحمي الشخص نفسه من افكار القلب هذه عندما يغذي قلبه بالطعام الروحي الذي يعطي الحياة، اي الحق من ينبوع الحياة النقي. وهكذا يحمي قلبه من الخطإ، فلا ينجرُّ وراءه ويبتعد عن طريق الحياة. — رو ٨:٦؛ انظر «القلب».
وليحمي الشخص قلبه ويحفظ بالتالي حياته، من الضروري ان يضبط لسانه. يقول سفر الامثال: «الموت والحياة في يد اللسان، ومن يحبه يأكل ثمره». (ام ١٨:٢١) وقد اوضح يسوع السبب قائلا: «اما ما يخرج من الفم فمن القلب يخرج، وهو ما يدنِّس الانسان». (مت ١٥:١٨؛ يع ٣:٥-١٠) بالمقابل، اذا استعمل الشخص لسانه لتسبيح اللّٰه والتكلم بأمور صائبة، يستمر في السير في طريق الحياة. — مز ٣٤:١٢-١٤؛ ٦٣:٣؛ ام ١٥:٤.
الحياة الحاضرة: بعدما حصل الملك سليمان على كل شيء تمنَّاه في هذه الحياة من غنى وبيوت وحدائق ومُتَع من كل نوع، توصَّل الى هذا الاستنتاج: «كرهتُ الحياة؛ لأن العمل الذي عُمل تحت الشمس مضنٍ في نظري، اذ كل شيء باطل وسعي وراء الريح». (جا ٢:١٧) لم يكره سليمان الحياة بحدِّ ذاتها؛ فالحياة ‹عطية صالحة وموهبة كاملة من فوق›. (يع ١:١٧) بل كره الحياة الفارغة الملآنة شقاء التي يعيشها الشخص في هذا العالم الذي صار خاضعا لهذا النوع من الحياة. (رو ٨:٢٠) وفي نهاية سفره، اعطى النصيحة: «خَف اللّٰه واحفظ وصاياه». فهذه هي الطريق الى الحياة الحقيقية. (جا ١٢:١٣، ١٤؛ ١ تي ٦:١٩) كذلك الامر، تحدَّث الرسول بولس عن نفسه وعن اخوته المسيحيين الذين بذلوا كل جهدهم في البشارة والشهادة عن المسيح والقيامة رغم الاضطهاد وقال: «إن كان لنا رجاء في المسيح في هذه الحياة فقط، فنحن اكثر الناس اجمعين اثارة للشفقة». لماذا؟ لأن املهم سيكون مجرد وهم. لكنَّ بولس تابع: «اما الآن فالمسيح أُقيم من الاموات». ثم اختتم قائلا: «اذًا، يا اخوتي الاحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مشغولين جدا بعمل الرب كل حين، عالمين ان كدَّكم ليس عبثا في الرب». — ١ كو ١٥:١٩، ٢٠، ٥٨.
اشجار الحياة: إضافة الى شجرة الحياة في عدن (تك ٢:٩) التي تحدثنا عنها آنفا، نجد عبارة «شجرة [اشجار] الحياة» عدة مرات في الاسفار المقدسة. وهي ترد دائما بمعنى مجازي، او رمزي. مثلا، تُدعى الحكمة في سفر الامثال «شجرة حياة لممسكيها». فهي تزوِّدهم بما يحتاجون اليه ليتمتعوا بحياتهم الحاضرة ولينالوا ايضا الحياة الابدية: معرفة اللّٰه والبصيرة والفهم ليحفظوا وصاياه. — ام ٣:١٨؛ ١٦:٢٢.
يقول سفر الامثال ايضا: «ثمر البار شجرة حياة، ورابح النفوس حكيم». (ام ١١:٣٠) فالشخص المستقيم يربح النفوس، اي يساعد الآخرين ان يفعلوا الصواب، بكلامه ومثاله. وهذا يعني ان مَن يستمع اليه يتغذَّى روحيا، يصير خادما للّٰه، وبالتالي ينال الحياة التي وعد بها اللّٰه. كذلك، يذكر سفر الامثال ان «سكينة اللسان شجرة حياة، واعوجاجه سحق في الروح». (ام ١٥:٤) فالكلام اللطيف والهادئ الذي يتفوَّه به الشخص الحكيم يساعد وينعش الذين يسمعونه، اذ ينمِّي فيهم الصفات الجيدة ويساعدهم ان يسيروا في طريق الحياة. اما اعوجاج اللسان، اي الكلام المخادع، فهو كالثمر الفاسد لأنه يسبِّب الاضطراب واليأس لمَن يسمعه، وبالتالي يحطِّمه.
ايضا، تذكر الامثال ١٣:١٢: «الامل المماطَل يُمرِض القلب، والرغبة المحقَّقة شجرة حياة». فعندما تتحقَّق رغبة طال انتظارها، يتقوَّى الشخص وينتعش فيتجدَّد نشاطه.
يعِد يسوع المسيح المُمجَّد: «مَن يغلب فسأعطيه ان يأكل من شجرة الحياة التي في فردوس اللّٰه». (رؤ ٢:٧) ونقرأ في اواخر سفر الرؤيا: «إن حذف احد شيئا من كلمات دَرج هذه النبوة، يحذف اللّٰه نصيبه من اشجار الحياة ومن المدينة المقدسة، المكتوب عنهما في هذا الدَّرج». (رؤ ٢٢:١٩) في سياق هاتَين الآيتَين، يتحدث المسيح يسوع مع المسيحيين الغالبين الذين ‹لا يضرُّهم الموت الثاني› (رؤ ٢:١١)، ويُعطَون «سلطة على الامم» (رؤ ٢:٢٦)، ويُجعلون ‹عمودا في هيكل إلهه› (رؤ٣:١٢)، ويجلسون معه على عرشه السماوي. (رؤ ٣:٢١) اذًا، لا يمكن ان تكون شجرة او اشجار الحياة حرفية. فالغالبون الذين يأكلون منها هم مَن لهم نصيب من الدعوة السماوية (عب ٣:١) ولديهم اماكن في السماء محفوظة لهم. (يو ١٤:٢، ٣؛ ٢ بط ١:٣، ٤) بل ترمز الى تدبير اللّٰه لمنح الحياة، وفي هذه الحالة الحياة السماوية الخالدة التي ينالها الامناء بصفتهم غالبين مع المسيح.
تتحدث الرؤيا ٢٢:١، ٢ عن «اشجار حياة» ولكن في سياق مختلف. فهنا تأكل الامم من اوراق الاشجار من اجل الشفاء. والاشجار هي على جانبَي النهر الذي يخرج من عرش اللّٰه. وهذا المشهد يظهر بعد مشهد تأسيس السماء الجديدة والارض الجديدة وسماع الصوت الذي يقول: «ها خيمة اللّٰه مع الناس». (رؤ ٢١:١-٣، ٢٢، ٢٤) اذًا، ترمز هذه الاشجار الى تدابير اللّٰه لشفاء البشر ومنحهم حياة ابدية. ومصدر هذه التدابير هو عرش اللّٰه والخروف يسوع المسيح.
يشير الكتاب المقدس عدة مرات الى «دَرج الحياة» او «كتاب» اللّٰه. وكما يتضح، يتضمن هذا الكتاب اسماء كل الذين سينالون بفضل ايمانهم هبة الحياة الابدية، إما في السماء او على الارض. ففيه مكتوب اسماء خدام اللّٰه «منذ تأسيس العالم»، اي البشر الذين يستحقون الفداء. لذا، من الواضح ان اسم هابيل الذي كان يفعل الصواب هو اول اسم مكتوب فيه. — رؤ ١٧:٨؛ مت ٢٣:٣٥؛ لو ١١:٥٠، ٥١.
ماذا تعني كتابة اسم الشخص في «كتاب» اللّٰه او «دَرج الحياة»؟
انها لا تعني انه مقدَّر له ان ينال الحياة الابدية. فبقاء اسمه مكتوبا في «كتاب الحياة» يعتمد على طاعته. عندما ترجَّى موسى يهوه من اجل الاسرائيليين، قال له: «الآن إن عفوت عن خطيتهم ... وإلا فامحني من كتابك الذي كتبته». عندئذ، اجابه يهوه: «الذي اخطأ إليَّ امحوه من كتابي». (خر ٣٢:٣٢، ٣٣) وهذا يدل ان لائحة الاسماء في ‹الكتاب› تتغير لأن بعض الاشخاص يصيرون غير طائعين، ‹فتُمحى› اسماؤهم منه. — رؤ ٣:٥.
تصوِّر الرؤيا ٢٠:١١-١٥ مشهد الدينونة وتخبر انه خلال حكم المسيح الالفي سيُفتح «دَرج الحياة» لتُكتَب فيه اسماء اضافية، وستُفتَح كتب اخرى تتضمن ارشادات اللّٰه. وهذا يعطي الفرصة ‹للاثمة›، اي الاشرار، الذين سيقومون من الموت ان تُكتب اسماؤهم في «دَرج الحياة» شرط ان يطيعوا الارشادات المكتوبة في الكتب. (اع ٢٤:١٥) ولا شك ان خدام اللّٰه ‹الابرار›، اي الصالحين، الذين سيقومون ستكون اسماؤهم قد كُتبت من قبل في «‹دَرج الحياة». وكي يُبقوا اسماءهم مكتوبة فيه يجب ان يطيعوا ارشادات اللّٰه بولاء.
وكيف يحفظ الشخص اسمه بشكل دائم في «دَرج الحياة»؟ بالنسبة الى الذين لديهم رجاء ان يعيشوا في السماء، عليهم ان ‹يغلبوا› هذا العالم بإيمانهم، اذ يبقون ‹امناء حتى الموت›. (رؤ ٢:١٠؛ ٣:٥) اما بالنسبة الى الذين رجاؤهم ان يعيشوا على الارض فيجب ان يبقوا اولياء ليهوه خلال امتحان حاسم وأخير في نهاية حكم المسيح الالفي. (رؤ ٢٠:٧، ٨) والذين يحافظون على استقامتهم خلال هذا الامتحان الاخير سيكتب يهوه اسماءهم بشكل دائم في «كتاب الحياة»، ما يعني انه يعتبرهم مستقيمين وبلا لوم بكل معنى الكلمة ومستحقين ان يعيشوا حياة ابدية على الارض. — رو ٨:٣٣.
«دَرج الحمل»: ان «دَرج الحياة، دَرج الحمل»، او «دَرج الحياة الذي للحمل»، مختلف عن «دَرج الحياة» المذكور سابقا؛ فهو كما يتَّضح لا يتضمن سوى اسماء الذين يشاركون الخروف يسوع المسيح الحكم في مملكته، بمن فيهم الذين رجاؤهم سماوي ولا يزالون على الارض. (رؤ ١٣:٨؛ ٢١:٢٧؛ قارن رؤ ١٤:١، ٤.) ويوصف هؤلاء المكتوبون في «دَرج الحمل» انهم يدخلون المدينة المقدسة، اورشليم الجديدة، ما يعني انهم يصيرون جزءا من مملكة المسيا السماوية. (رؤ ٢١:٢، ٢٢-٢٧) لكنَّ اسماءهم ليست مكتوبة فقط في «دَرج الحمل»، بل ايضا في الكتاب الآخر: «كتاب الحياة». — في ٤:٣؛ رؤ ٣:٥.
نهر ماء الحياة: في سفر الرؤيا، يروي يوحنا انه شاهد في احدى الرؤى «نهر ماء حياة صافيا كالبلور، خارجا من عرش اللّٰه والحمل» وجاريا في وسط الشارع الرئيسي للمدينة المقدسة، اورشليم الجديدة. (رؤ ٢٢:١، ٢؛ ٢١:٢) ابتدأت هذه الرؤيا تتم خلال «يوم الرب»، مباشرة بعد تأسيس مملكة اللّٰه. (رؤ ١:١٠) وفي هذه الفترة، يقدِّم افراد صف العروس الذين لا يزالون على الارض الدعوة لكل «مَن يعطش» ان يشرب من ماء الحياة مجانا. (رؤ ٢٢:١٧) بعد دمار نظام الاشياء هذا، سيستمر هذا النهر في التدفق في العالم الجديد وسيزداد حجمه. شاهد يوحنا ايضا في الرؤيا اشجارا على جانبَي النهر تنتج ثمارا، وأوراقها لشفاء الامم. فماذا يمثِّل ‹نهر ماء الحياة› هذا؟ ان الماء الحرفي عنصر لا غنى عنه للحياة. لذلك لا بد ان مياه النهر التي تعطي الحياة تمثِّل التدابير التي اعدها يهوه بواسطة الخروف، يسوع المسيح، ليمنح البشر حياة ابدية على الارض.
‹رطوبة الحياة›: يتحدث داود في المزمور ٣٢:١-٥ عن السعادة التي يشعر بها الشخص عندما يغفر اللّٰه خطيته. لكنه يكشف ايضا الحزن الذي يتملكه قبل الاعتراف بخطيته ليهوه ونيل غفرانه. فعندما حاول داود اخفاء خطيته ولم يعترف بها، صار ضميره يعذِّبه. يقول: «جفَّت رطوبة حياتي كما في قيظ الصيف». فقد اتعبه تجاهل صوت ضميره، وخسَّره العذاب النفسي طاقته تماما كما قد تخسر الشجرة رطوبتها خلال الجفاف او حر الصيف الشديد. ويتَّضح من كلماته انه عانى نفسيا وجسديا، او على الاقل خسر فرحه، لأنه لم يعترف ليهوه بخطيته. فلن يشعر بالراحة ولن يسامحه يهوه إلا اذا اعترف له بخطيته. — ام ٢٨:١٣.
«صرَّة الحياة»: عندما توسلت ابيجايل الى داود ان يتراجع عن قراره بالانتقام من نابال وجنَّبته سفك الدم، قالت له: «اذا قام رجل ليطاردك ويطلب نفسك، تكون نفس سيدي مصرورة في صرَّة الحياة لدى يهوه إلهك. اما نفس اعدائك فيَقذف بها كما يُقذف الحجر من وسط كفة المقلاع». (١ صم ٢٥:٢٩-٣٣) فمثلما يغلِّف الشخص شيئا ثمينا ليحميه ويحفظه، كانت حياة داود بين يدي اللّٰه ليحميها من اعدائه، ولكن شرط ان ينتظر داود يهوه بدل ان يحاول انقاذ نفسه بنفسه. بالمقابل، كان اللّٰه ‹سيقذف› نفس اعداء داود.