مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «الحياة»‏
  • الحياة

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • الحياة
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
    مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
  • الحياة
    المباحثة من الاسفار المقدسة
  • يسوع المسيح
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • الروح
    بصيرة في الاسفار المقدسة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «الحياة»‏

الحياة

العَيش او حالة الكائن الحيّ؛‏ وجود الكائن او مدة وجوده.‏ وبالنسبة الى الكائنات المادية الحيَّة التي تعيش على الارض،‏ فهي تملك عموما القدرة على النمو،‏ الاستقلاب،‏ التفاعل مع العوامل الخارجية،‏ والتكاثر.‏ ان الكلمة العبرانية المستعملة في الكتاب المقدس مقابل حياة هي حايّيم،‏ اما الكلمة اليونانية فهي زوي.‏ كما تُستعمل الكلمة العبرانية نيفيش واليونانية پسيخي (‏معناهما كلتاهما «نفس»)‏ للاشارة الى الحياة،‏ ولكن ليس بالمعنى المجرد،‏ بل بمعنى شخص او حيوان حيّ.‏ (‏قارن بين كلمتَي «نفس» و «حياة» كما تردان في اي ١٠:‏١؛‏ مز ٦٦:‏٩؛‏ ام ٣:‏٢٢‏.‏)‏ صحيح ان النباتات تُعتبر كائنات حيَّة،‏ لكنَّها ليست نفسا.‏ وفي حالة البشر،‏ فالحياة بالمعنى الاكمل هي الحياة الكاملة التي سيستعيدون حقهم فيها حين يردها اللّٰه اليهم.‏

يهوه اللّٰه ينبوع الحياة:‏ لطالما وُجدت الحياة،‏ لأن يهوه اللّٰه هو الاله الحي،‏ ينبوع الحياة،‏ ولا بداية لوجوده او نهاية.‏ (‏ار ١٠:‏١٠؛‏ دا ٦:‏٢٠،‏ ٢٦؛‏ يو ٦:‏٥٧؛‏ ٢ كو ٣:‏٣؛‏ ٦:‏١٦؛‏ ١ تس ١:‏٩؛‏ ١ تي ١:‏١٧؛‏ مز ٣٦:‏٩؛‏ ار ١٧:‏١٣‏)‏.‏ وقد اعطى الحياة لأول مخلوقاته،‏ ابنه الوحيد الذي يُدعى في الكتاب المقدس «الكلمة».‏ (‏يو ١:‏١-‏٣؛‏ كو ١:‏١٥‏)‏ وبواسطة هذا الابن،‏ خُلق ابناء آخرون للّٰه:‏ الملائكة.‏ (‏اي ٣٨:‏٤-‏٧؛‏ كو ١:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ ولاحقا،‏ اتى الكون المادي الى الوجود.‏ (‏تك ١:‏١،‏ ٢‏)‏ وبعد ذلك،‏ في اليوم الثالث من ‹الايام› الخلقية التي جُهِّزت فيها الارض،‏ خُلقت اول الكائنات المادية:‏ الاعشاب والنباتات والاشجار المثمرة.‏ ثم صنع اللّٰه ‹النفوس الحية›:‏ في اليوم الخامس الحيوانات البحرية والطيور،‏ وفي اليوم السادس الحيوانات البرية،‏ وآخر الكل الانسان.‏ —‏ تك ١:‏١١-‏١٣،‏ ٢٠-‏٢٣،‏ ٢٤-‏٣١؛‏ اع ١٧:‏٢٥‏؛‏ انظر «الخلق،‏ الخليقة»؛‏ «اليوم».‏

اذًا،‏ لم توجد الحياة على الارض بالصدفة نتيجة اتِّحاد مواد كيميائية في ظروف ملائمة.‏ ففي الواقع،‏ هذا امر مستحيل،‏ وحتى الآن لم يرَ احد شيئا كهذا يحدث.‏ لكنَّ الحياة على الارض اتت لأن يهوه اللّٰه،‏ ينبوع الحياة،‏ امر بذلك،‏ ولأن ابنه نفَّذ امره.‏ فالحياة لا تنتج إلا من الحياة.‏ ورواية الكتاب المقدس تخبرنا ان كلًّا من المخلوقات كان يتكاثر «بحسب جنسه» او «على شبهه».‏ (‏تك ١:‏١٢،‏ ٢١،‏ ٢٥؛‏ ٥:‏٣‏)‏ وقد وجد العلماء ان هنالك فجوات كبيرة بين مختلف ‹الاجناس›.‏ وهذه المسألة هي ثاني اكبر عائق في طريق اثبات نظرية التطور بعد مسألة اصل الحياة.‏ —‏ انظر «الجنس».‏

قوة الحياة والنسمة:‏ لدى المخلوقات الارضية (‏«الانفس»)‏ قوة الحياة (‏«الروح»)‏ التي تجعلهم احياء،‏ وكذلك النسمة (‏اي النفَس)‏ التي تدعم قوة الحياة هذه.‏ وبما ان اللّٰه هو مَن اعطى قوة الحياة والنسمة،‏ فبإمكانه انهاء الحياة بأخذ ايٍّ منهما.‏ (‏مز ١٠٤:‏٢٩؛‏ اش ٤٢:‏٥‏)‏ مثلا،‏ حين غرق البشر والحيوانات في مياه الطوفان،‏ انقطعت «نسمتهم» فزالت قوة حياتهم.‏ وهكذا،‏ «كل ما في انفه نسمة قوة الحياة،‏ كل ما كان على اليابسة،‏ مات».‏ —‏ تك ٧:‏٢٢‏؛‏ انظر «‏الروح‏».‏

الجسم:‏ كل الكائنات التي فيها حياة،‏ سواء كانت ارضية او سماوية،‏ لها جسم،‏ او هيئة جسمانية.‏ فالحياة بحد ذاتها ليست لها شخصية او طبيعة مادية.‏ وفي سياق الحديث عن نوع الجسد الذي سيُقام به الاموات،‏ يوضح الرسول بولس ان جسم الكائن الحي يختلف باختلاف البيئة التي خُلق ليعيش فيها.‏ فهو يقول عن المخلوقات الارضية:‏ «ما كل جسد هو الجسد نفسه،‏ بل للانسان جسد،‏ وللماشية جسد آخر،‏ وللطيور جسد آخر،‏ وللسمك آخر».‏ ويتابع:‏ «هناك اجسام سماوية وأجسام ارضية،‏ لكنَّ مجد الاجسام السماوية نوع،‏ ومجد الارضية نوع آخر».‏ —‏ ١ كو ١٥:‏٣٩،‏ ٤٠‏.‏

وعن الفرق في نوعية الاجسام بين مختلف الكائنات الارضية،‏ تقول دائرة المعارف البريطانية (‏١٩٤٢،‏ المجلد ١٤،‏ ص ٤٢)‏:‏ «العامل الآخر هو التفرُّد الكيميائي الظاهر اينما كان.‏ فكما يبدو،‏ كل نوع من الاجسام له بروتين يميِّزه عن غيره،‏ وله ايضا معدَّل سرعة استقلاب خاص به.‏ لذلك هناك ثلاثة عوامل تضمن الاستمرارية رغم الاستقلاب المستمر:‏ (‏١)‏ تشكُّل البروتينات الذي يعوِّض عن تفكُّكها،‏ (‏٢)‏ تبعثُر جزيئات البروتينات التي تفكَّكت و (‏٣)‏ اختلافها من نوع الى آخر».‏ —‏ إبراز الخط مضاف.‏

نقل قوة الحياة:‏ بعدما اعطى يهوه قوة الحياة لأوائل المخلوقات من كل جنس (‏مثلا لأول زوجَين بشريَّين)‏،‏ صار ممكنا نقلها بواسطة عملية التناسل.‏ وفي الثدييات،‏ تزوِّد الام بعد الإخصاب الاكسجين والتغذية للجنين حتى ولادته.‏ بعدئذ يبدأ المولود بالتنفس من انفه،‏ بالرضاعة،‏ وبعد فترة بالاكل.‏

عندما خلق اللّٰه آدم،‏ صنع له جسما.‏ ولكن كي يعيش هذا الجسم المخلوق حديثا ويستمر في الحياة،‏ كان يلزمه الروح (‏قوة الحياة)‏ والتنفس.‏ تقول التكوين ٢:‏٧ ان اللّٰه «نفخ في انفه نسمة [صيغة من نِشاماه‏] الحياة،‏ فصار الانسان نفسا حية».‏ ولا بد ان «نسمة الحياة» لم تكن مجرد النفَس او الهواء الذي يجري في الرئتين.‏ فمن الواضح ان اللّٰه اعطى آدم الروح (‏اي شرارة الحياة)‏،‏ والنسمة (‏اي النفَس)‏ اللازمة لتبقيه حيًّا.‏ عندئذ صار آدم شخصا حيًّا،‏ لديه شخصية بصفات تميِّزه.‏ وصار بإمكانه ان يُظهِر بكلامه وأعماله انه اسمى من الحيوانات،‏ انه ‹ابن للّٰه› مخلوق على صورته وشبهه.‏ —‏ تك ١:‏٢٧؛‏ لو ٣:‏٣٨‏.‏

تعتمد حياة الانسان والحيوان على قوة الحياة التي وضعها اللّٰه في البداية في اوائل المخلوقات من كل جنس وعلى «النسمة» التي تدعم قوة الحياة هذه.‏ ويؤكد علم الاحياء هذه الحقيقة.‏ فبعض الخبراء يصنِّفون الموت كالتالي:‏ الموت السريري،‏ وهو توقُّف الجهاز التنفسي وجهاز الدورة الدموية عن اداء وظائفهما؛‏ الموت الدماغي،‏ وهو توقُّف الدماغ بشكل كلِّي ونهائي؛‏ الموت الجسدي،‏ وهو توقُّف الوظائف الحيوية تدريجيا لكل اعضاء وأنسجة الجسم.‏ وهذا يُظهِر انه حتى بعد توقُّف التنفُّس،‏ القلب،‏ والدماغ تبقى قوة الحياة فترة من الوقت في انسجة الجسم.‏

الشيخوخة والموت:‏ ان كل اشكال الحياة النباتية والحيوانية هي من طبيعة زائلة.‏ لكنَّ السؤال الذي طالما حيَّر العلماء هو:‏ لماذا يشيخ الانسان ويموت؟‏

يطرح بعض العلماء النظرية ان كل خلية لها مدى حياة محدَّد في تركيبها الوراثي.‏ ولدعم نظريتهم،‏ يشيرون الى نتائج اختبارات تم فيها استنبات خلايا في بيئة اصطناعية.‏ فقد وجدوا ان الخلايا توقفت عن الانقسام بعد ٥٠ مرة تقريبا.‏ إلا ان علماء آخرين لا يرون ان اختبارات كهذه توضح لماذا يشيخ الكائن ككل.‏ وقد قدَّم البعض تفسيرات اخرى،‏ بما في ذلك النظرية القائلة ان الدماغ يفرز هرمونات هي المسؤولة الى حد كبير عن عملية الشيخوخة والموت.‏ ولكن لا يجب تفضيل نظرية على اخرى.‏ فالطبيب روي ل.‏ ولفورد يقول:‏ «ليس مقلِقا او حتى مستغرَبا ان يتبرهن ان نظرية هايفليك [النظرية القائلة ان الشيخوخة مبرمجة في التركيب الوراثي للخلايا] هي خاطئة تماما،‏ او ان تحل محلها نظرية افضل لكن ليثبت بعد فترة انها خاطئة هي الاخرى.‏ فكل شيء هو صحيح في زمنه».‏ —‏ الحد الاقصى للعمر،‏ ١٩٨٣،‏ ص ٧٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

والجدير بالملاحظة ان معظم العلماء في اكتشافاتهم واستنتاجاتهم لا يعترفون ان هناك خالقا اوجد الحياة.‏ ويأملون ان يكتشفوا بجهدهم الخاص سر الشيخوخة والموت لكي يطيلوا عمر الانسان الى ما لا نهاية.‏ وهم يتجاهلون الواقع ان الخالق نفسه حكم بالموت على اول رجل وامرأة،‏ ونفَّذ هذا الحكم بطريقة لا يفهمها الانسان كاملا.‏ كما انه وعد الذين يمارسون الايمان بابنه ان يعطيهم جائزة الحياة الابدية.‏ —‏ تك ٢:‏١٦،‏ ١٧؛‏ ٣:‏١٦-‏١٩؛‏ يو ٣:‏١٦‏.‏

آدم خسَّر نفسه والمتحدرين منه الحياة:‏ عندما خلق اللّٰه آدم،‏ وضع في جنة عدن «شجرة الحياة».‏ (‏تك ٢:‏٩‏)‏ لكن من الواضح ان ثمر هذه الشجرة لم يكن له مفعول قادر على إعطاء الحياة للانسان؛‏ فالشجرة مثَّلت الضمانة من اللّٰه ان يعطي حياة «الى الابد» لمَن يسمح له بالاكل من ثمرها.‏ وبما ان اللّٰه قصد ان يضع هذه الشجرة في الجنة،‏ فلا شك انه كان سيسمح لآدم ان يأكل منها بعد ان يُثبت امانته الى حدٍّ يعتبره اللّٰه مقبولا وكافيا.‏ ولكن عندما اخطأ آدم،‏ حرمه من امكانية الاكل منها.‏ فقد قال:‏ «والآن لكيلا يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ايضا ويأكل ويحيا الى الدهر .‏.‏.‏».‏ وفورا،‏ اتَّخذ اجراء بطرده اذ انه لم يكن ليسمح لشخص غير جدير بالحياة ان يبقى في الجنة التي اعدّها للصالحين وأن يأكل من شجرة الحياة.‏ —‏ تك ٣:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

وبعدما كان آدم يتمتع بحياة كاملة شرط ان يبقى طائعا ليهوه (‏تك ٢:‏١٧؛‏ تث ٣٢:‏٤‏)‏،‏ ابتدأ الآن يعاني تأثيرات الخطية ونتيجتها:‏ الموت.‏ إلا ان الطاقة في جسده كانت قوية لدرجة انه عاش ٩٣٠ سنة رغم حالته المزرية بعيدا عن اللّٰه وإرشاده الروحي.‏ ولم يستطع ان ينقل الحياة الكاملة الى المتحدرين منه.‏ لكنَّ ما نقله لهم سمح بأن يعيش كثيرون منهم من ٧٠٠ الى ٩٠٠ سنة.‏ (‏تك ٥:‏٣-‏٣٢‏)‏ ويصف يعقوب اخو يسوع من امه ما حصل مع آدم قائلا:‏ «كل واحد يُمتحن اذا اجتذبته وأغرته شهوته.‏ ثم الشهوة متى خصبت تلد خطية،‏ والخطية متى تمَّت تنتج موتا».‏ —‏ يع ١:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

ما يحتاجه الانسان كي يعيش:‏ ان معظم الباحثين لا يتغاضون فقط عن سبب موت كل البشر،‏ بل يتجاهلون ايضا مطلبا اساسيا ليعيش الانسان حياة ابدية.‏ ففي حين ان الجسم البشري يحتاج باستمرار ان يتغذى ويجدِّد قواه عن طريق التنفس والشرب والاكل،‏ هناك امر اهم بكثير لاستمرار الحياة.‏ وهذا الامر كشفه يهوه حين قال:‏ «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان،‏ بل بكل قول يخرج من فم يهوه يحيا الانسان».‏ (‏تث ٨:‏٣‏)‏ وقد كرَّر يسوع المسيح هذا المبدأ.‏ وقال ايضا:‏ «طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني وأنهي عمله».‏ (‏يو ٤:‏٣٤؛‏ مت ٤:‏٤‏)‏ كما انه ذكر في مناسبة اخرى:‏ «كما ارسلني الآب الحي وأنا احيا بالآب،‏ فمن يأكلني يحيا هو ايضا بي».‏ —‏ يو ٦:‏٥٧‏.‏

عندما خلق اللّٰه الانسان،‏ صنعه على صورته كشبهه.‏ (‏تك ١:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وهذا طبعا لا يعني انه كان يشبهه في الشكل والمظهر؛‏ فاللّٰه روح،‏ اما الانسان فمن لحم ودم.‏ (‏تك ٦:‏٣؛‏ يو ٤:‏٢٤‏)‏ بل عنى ان الانسان تمتع بمقدرات تفكيرية بخلاف «الحيوانات غير العاقلة» (‏٢ بط ٢:‏١٢‏)‏؛‏ كما انه امتلك صفات كصفات اللّٰه مثل المحبة والحكمة والقدرة والاحساس بالعدل.‏ (‏قارن كو ٣:‏١‏.‏)‏ وكان لديه ايضا القدرة على فهم سبب وجوده وقصد الخالق له.‏ فقد خُلق الانسان بقدرة على استيعاب الامور الروحية بعكس الحيوانات.‏ فكان بإمكانه ان يقدِّر خالقه ويعبده.‏ وهذه القدرة ولَّدت في آدم الحاجة الى طعام روحي،‏ وليس فقط الى الطعام الحرفي.‏ وإشباع هذه الحاجة كان لخيره الجسدي والعقلي.‏

لذلك،‏ لا توجد استمرارية للحياة الى الابد بعيدا عن يهوه اللّٰه وتدابيره الروحية.‏ قال يسوع:‏ «هذا يعني الحياة الابدية:‏ ان يستمروا في نيل المعرفة عنك،‏ انت الاله الحق الوحيد،‏ وعن الذي ارسلته،‏ يسوع المسيح».‏ —‏ يو ١٧:‏٣‏.‏

تجديد الحياة:‏ اعطى يهوه الحق،‏ اي «كلمة الحياة»،‏ للبشر بهدف إعادة الكمال الجسدي ورجاء الحياة الابدية اليهم.‏ (‏يو ١٧:‏١٧؛‏ في ٢:‏١٦‏)‏ والتعرُّف على الحق يؤدي الى معرفة التدبير الذي زوَّده اللّٰه:‏ يسوع المسيح الذي «بذل نفسه فدية عن كثيرين».‏ (‏مت ٢٠:‏٢٨‏)‏ فمن خلال هذه الوسيلة فقط يمكن للانسان ان يسترد كماله الجسدي وعلاقته باللّٰه.‏ —‏ اع ٤:‏١٢؛‏ ١ كو ١:‏٣٠؛‏ ١٥:‏٢٣-‏٢٦؛‏ ٢ كو ٥:‏٢١‏؛‏ انظر «الفدية».‏

اذًا،‏ تجديد الحياة لا يتم إلا بواسطة يسوع المسيح.‏ فعنه يقول الكتاب المقدس:‏ «صار آدم الاخير روحا مُحيِيا».‏ (‏١ كو ١٥:‏٤٥‏)‏ كما تدعوه نبوة اشعيا «ابا ابديا» (‏اش ٩:‏٦‏)‏،‏ وتذكر انه «سكب للموت نفسه» وجعلها «قربان ذنب».‏ وعلى هذا الاساس هو «اب» قادر ان يجدِّد حياة البشر،‏ اذ يعطي الحياة لمَن يؤمنون انه بذل نفسه عنهم ويطيعونه.‏ —‏ اش ٥٣:‏١٠-‏١٢‏.‏

رجاء الامناء في الازمنة القديمة:‏ امتلك الامناء في الازمنة القديمة رجاء الحياة.‏ وهذا ما اشار اليه الرسول بولس عندما قال:‏ «كنت مرة حيًّا بمعزل عن الشريعة.‏ ولكن عندما جاءت الوصية،‏ عاشت الخطية ومتُّ انا.‏ والوصية التي هي للحياة،‏ وجدتُ انها للموت».‏ (‏رو ٧:‏٩،‏ ١٠‏)‏ بما ان بولس عبراني،‏ تحدث هنا عن نفسه كما لو انه كان عائشا ايام المتحدرين من ابراهيم قبلما أُعطيت الشريعة،‏ وذلك بمعنى انه كان في صلب جدوده.‏ (‏قارن عب ٧:‏٩،‏ ١٠‏.‏)‏ فرجال مثل هابيل وأخنوخ ونوح وإبراهيم كان لهم رجاء في اللّٰه.‏ فقد آمنوا ‹بالنسل› الذي سيسحق رأس الحية وينقذ البشر.‏ (‏تك ٣:‏١٥؛‏ ٢٢:‏١٦-‏١٨‏)‏ وكانوا ينتظرون مملكة اللّٰه،‏ «المدينة التي لها اساسات حقيقية».‏ كما آمنوا بقيامة الاموات الى الحياة.‏ —‏ عب ١١:‏١٠،‏ ١٦،‏ ٣٥‏.‏

عندما اعطى يهوه الشريعة للاسرائيليين،‏ قال:‏ «تحفظون سُنني وأحكامي،‏ التي اذا فعلها الانسان يحيا بها».‏ (‏لا ١٨:‏٥‏)‏ ولا شك ان هؤلاء الاسرائيليين فرحوا بها كثيرا لأنهم ظنوا انها ستمنحهم الحياة.‏ فهي «مقدسة وبارّة»،‏ والذي يستطيع ان يبلغ مقاييسها كاملا يُعتبر مستقيما بكل معنى الكلمة.‏ (‏رو ٧:‏١٢‏)‏ لكنَّ الشريعة لم تعطهم الحياة،‏ بل اظهرت ان كل امة اسرائيل،‏ والبشر عموما،‏ هم ناقصون وخطاة.‏ كما حكمت بالموت على اليهود.‏ (‏غل ٣:‏١٩؛‏ ١ تي ١:‏٨-‏١٠‏)‏ فتماما كما قال بولس:‏ «عندما جاءت الوصية،‏ عاشت الخطية ومتُّ انا».‏ اذًا،‏ لم يكن املهم بالحياة سيتحقق من خلال الشريعة.‏

يقول الرسول بولس:‏ «لو أُعطيَت شريعة قادرة ان تحيي،‏ لكان البر حقا بالشريعة».‏ (‏غل ٣:‏٢١‏)‏ فالشريعة ادانت اليهود اذ اظهرت انهم خطاة بسبب تحدُّرهم من آدم،‏ وأيضا جعلتهم تحت لعنة لأنهم كسروها.‏ لذلك مات المسيح على خشبة آلام.‏ يقول بولس:‏ «المسيح بشرائنا حرَّرنا من لعنة الشريعة،‏ اذ صار لعنة عوضا عنا،‏ لأنه مكتوب:‏ ‹ملعون كل معلَّق على خشبة›».‏ (‏غل ٣:‏١٣‏)‏ فعندما ازال يسوع المسيح هذا العائق،‏ اي اللعنة التي صار اليهود تحتها نتيجة كسر الشريعة،‏ فتح لهم الطريق لينالوا الحياة.‏ لكنهم لم يستفيدوا وحدهم من الفدية،‏ بل استفاد غيرهم ايضا.‏

الحياة الابدية مكافأة من اللّٰه:‏ يتَّضح من كامل الكتاب المقدس ان خدام يهوه لديهم الامل انه سيعطيهم الحياة الابدية.‏ وهذا الامل هو ما يساعدهم ان يبقوا امناء.‏ لكنَّ هذا لا يعني انهم يعبدون اللّٰه بدافع اناني.‏ كتب الرسول بولس:‏ «بدون ايمان يستحيل ارضاؤه،‏ لأنه يجب على الذي يقترب الى اللّٰه ان يؤمن بأنه كائن وبأنه يكافئ الذين يجدُّون في طلبه».‏ (‏عب ١١:‏٦‏)‏ فيهوه إله يكافئ خدامه،‏ وهذا احد الاسباب التي تجعله يستحق تعبدَّهم الكامل.‏

الخلود،‏ عدم الفساد،‏ والطبيعة الالهية:‏ يقول الكتاب المقدس ان يهوه خالد ولا يمكن ان يفسد.‏ (‏١ تي ١:‏١٧‏)‏ وقد وهب الخلود وعدم امكانية الفساد اولا لابنه.‏ وعندما كتب الرسول بولس الى تيموثاوس،‏ كان المسيح الوحيد الذي نال الخلود.‏ (‏١ تي ٦:‏١٦‏)‏ لكنَّ اخوة المسيح الروحيين موعودون ايضا ان ينالوه.‏ (‏رو ٢:‏٧؛‏ ١ كو ١٥:‏٥٣،‏ ٥٤‏)‏ كما انهم يصيرون شركاء في «الطبيعة الالهية»،‏ اذ يشتركون مع المسيح في مجده.‏ (‏٢ بط ١:‏٤‏)‏ وصحيح ان الملائكة مخلوقات روحانية،‏ لكنهم ليسوا خالدين؛‏ فالملائكة الذين تحوَّلوا الى شياطين سيهلكون.‏ —‏ مت ٢٥:‏٤١؛‏ لو ٤:‏٣٣،‏ ٣٤؛‏ رؤ ٢٠:‏١٠،‏ ١٤‏؛‏ انظر «‏الخلود‏»؛‏ «‏الفساد (‏عدم الفساد)‏‏».‏

الحياة على الارض دون فساد:‏ ماذا عن باقي البشر الذين لا ينالون الحياة في السماء؟‏ يكتب الرسول يوحنا نقلا عن لسان يسوع:‏ «ان اللّٰه احب العالم كثيرا حتى انه بذل الابن،‏ مولوده الوحيد،‏ لكيلا يهلك كل من يمارس الايمان به،‏ بل تكون له حياة ابدية».‏ (‏يو ٣:‏١٦‏)‏ وفي مثَل الخراف والجداء،‏ يقول يسوع ان الذين يفرزهم باعتبارهم خرافا ويضعهم عن يمينه سينالون «حياة ابدية».‏ (‏مت ٢٥:‏٤٦‏)‏ وبعدما يتحدث بولس عن «ابناء اللّٰه» و «شركاء المسيح في الميراث»،‏ يقول ان «الخليقة تنتظر بترقب شديد الكشف عن ابناء اللّٰه».‏ ثم يتابع:‏ «على رجاء ان تُحرَّر الخليقة نفسها ايضا من الاستعباد للفساد وتنال الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه».‏ (‏رو ٨:‏١٤-‏٢٣‏)‏ عندما خُلق آدم انسانا كاملا،‏ كان ‹ابنا للّٰه›.‏ (‏لو ٣:‏٣٨‏)‏ والنبوة في الرؤيا ٢١:‏١-‏٤ تتحدث عن «سماء جديدة» و ‹ارض جديدة›،‏ وتعِد ان «الموت لا يكون في ما بعد،‏ ولا يكون نَوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد».‏ وبما ان هذا الوعد أُعطي ‹للناس› وليس للمخلوقات الروحانية،‏ فهو يضمن ان مجتمعا بشريا جديدا سيعيشون على الارض تحت حكم ‹السماء الجديدة› ويتمتعون بصحة جسدية وعقلية كاملة وحياة ابدية ‹كأولاد للّٰه›.‏

ان الوصية التي اعطاها اللّٰه لآدم دلَّت ضمنا انه لن يموت اذا كان طائعا.‏ (‏تك ٢:‏١٧‏)‏ اذًا،‏ عندما يُباد الموت الذي هو آخر عدو للانسان،‏ لن يكون هناك بعد خطية عاملة في اجساد البشر الطائعين تسبِّب لهم الموت.‏ لذلك سيعيشون الى ما لا نهاية ولن يختبروا الموت.‏ (‏١ كو ١٥:‏٢٦‏)‏ وإبادة،‏ او إبطال،‏ الموت ستحدث في نهاية حكم المسيح الذي يُظهِر سفر الرؤيا ان طوله ٠٠٠‏,١ سنة.‏ فهو يقول عن الذين يصيرون ملوكا وكهنة مع المسيح انهم «عادوا الى الحياة وملكوا مع المسيح ألف سنة».‏ ثم يذكر ان «باقي الاموات» لن «يعودوا الى الحياة حتى تنتهي الالف سنة».‏ فمن هم هؤلاء؟‏ لا بد انهم مَن يكونون احياء عند نهاية الالف سنة ولكن قبل ان يُطلَق الشيطان من المهواة ليمتحن البشر امتحانا اخيرا.‏ وبحلول نهاية الالف سنة،‏ سيكون الناس على الارض قد بلغوا الكمال البشري،‏ اي مثلما كان آدم وحواء قبلما اخطآ.‏ فآ‌نذاك ستكون لديهم حياة كاملة.‏ والذين يجتازون الامتحان بعد إطلاق الشيطان فترة قصيرة من المهواة سيتمتعون بالحياة الكاملة الى الابد.‏ —‏ رؤ ٢٠:‏٤-‏١٠‏.‏

طريق الحياة:‏ كشف لنا يهوه،‏ ينبوع الحياة،‏ عن طريق الحياة بواسطة كلمته.‏ والرب يسوع المسيح «انار الحياة وعدم الفساد بواسطة البشارة».‏ (‏٢ تي ١:‏١٠‏)‏ وقال لتلاميذه:‏ «الروح هو الذي يحيي؛‏ الجسد لا ينفع شيئا البتة.‏ الكلام الذي كلمتكم به هو روح وهو حياة».‏ ثم سأل رسله هل سيتركونه مثلما تركه غيرهم.‏ فأجابه بطرس:‏ «يا رب،‏ الى مَن نذهب؟‏ عندك كلام الحياة الابدية».‏ (‏يو ٦:‏٦٣،‏ ٦٦-‏٦٨‏)‏ كما ان الرسول يوحنا دعا يسوع «كلمة الحياة» وقال عنه:‏ «ما وُجد به كان حياة».‏ —‏ ١ يو ١:‏١،‏ ٢؛‏ يو ١:‏٣،‏ ٤‏.‏

يتَّضح من كلمات يسوع ان جهود البشر لإطالة الحياة الى ما لا نهاية او نظرياتهم ان بعض الحميات او الانظمة الغذائية تجلب الحياة للبشر هي بلا جدوى.‏ فليس بإمكانها ان تحسِّن الصحة إلا مؤقتا فقط.‏ وطريق الحياة الوحيد هو إطاعة البشارة،‏ «كلمة الحياة».‏ (‏في ٢:‏١٦‏)‏ فمَن يريد ان ينال الحياة،‏ يجب ان يبقي عقله مركَّزا «في ما هو فوق،‏ لا في ما هو على الارض».‏ (‏كو ٣:‏١،‏ ٢‏)‏ قال يسوع لسامعيه:‏ «مَن يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني له حياة ابدية،‏ ولا يأتي الى دينونة،‏ بل قد انتقل من الموت الى الحياة».‏ (‏يو ٥:‏٢٤؛‏ ٦:‏٤٠‏)‏ فشخص كهذا لم يعد مُدانا كخاطئ يسير في طريق الموت.‏ كتب الرسول بولس:‏ «اذًا لا حكم على الذين في اتحاد بالمسيح يسوع.‏ لأن شريعة الروح الذي يعطي الحياة في اتحاد بالمسيح يسوع قد حرَّرتكم من شريعة الخطية والموت».‏ (‏رو ٨:‏١،‏ ٢‏)‏ كما قال يوحنا ان المسيحي الذي يحب اخوته يعرف انه ‹انتقل من الموت الى الحياة›.‏ —‏ ١ يو ٣:‏١٤‏.‏

ومَن يسعى الى نيل الحياة يجب ان يتبع المسيح.‏ فالكتاب المقدس يقول:‏ «ليس اسم آخر تحت السماء أُعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص».‏ (‏اع ٤:‏١٢‏)‏ وقد اظهر يسوع انه يلزم ان يدرك الشخص حاجته الروحية؛‏ فعليه ان يكون جائعا وعطشانا الى البر.‏ (‏مت ٥:‏٣،‏ ٦‏)‏ فلا يجب ان يسمع البشارة فقط،‏ بل ان يمارس ايضا الايمان بيسوع المسيح ويدعو باسم يهوه بواسطته.‏ (‏رو ١٠:‏١٣-‏١٥‏)‏ ويلزم ان يعتمد في الماء تمثلا بيسوع.‏ (‏مت ٣:‏١٣-‏١٥؛‏ اف ٤:‏٥‏)‏ وبعدئذ يجب ان يضع دائما مملكة يهوه ووصاياه اولا في حياته.‏ —‏ مت ٦:‏٣٣‏.‏

صون القلب:‏ ان الشخص الذي يصير تلميذا ليسوع المسيح يجب ان يستمر في السير في طريق الحياة.‏ فالكتاب المقدس يحذِّر:‏ «مَن يظن انه قائم فليحترز لئلا يسقط».‏ (‏١ كو ١٠:‏١٢‏)‏ لذلك يلزم ان يطبِّق النصيحة:‏ «صُن قلبك اكثر من كل شيء تصونه،‏ لأن منه منابع الحياة».‏ (‏ام ٤:‏٢٣‏)‏ فيسوع اظهر انه من القلب تخرج الافكار الشريرة والزنى والقتل وغيرها.‏ وهذه الامور تؤدي الى الموت.‏ (‏مت ١٥:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ويحمي الشخص نفسه من افكار القلب هذه عندما يغذي قلبه بالطعام الروحي الذي يعطي الحياة،‏ اي الحق من ينبوع الحياة النقي.‏ وهكذا يحمي قلبه من الخطإ،‏ فلا ينجرُّ وراءه ويبتعد عن طريق الحياة.‏ —‏ رو ٨:‏٦‏؛‏ انظر «القلب».‏

وليحمي الشخص قلبه ويحفظ بالتالي حياته،‏ من الضروري ان يضبط لسانه.‏ يقول سفر الامثال:‏ «الموت والحياة في يد اللسان،‏ ومن يحبه يأكل ثمره».‏ (‏ام ١٨:‏٢١‏)‏ وقد اوضح يسوع السبب قائلا:‏ «اما ما يخرج من الفم فمن القلب يخرج،‏ وهو ما يدنِّس الانسان».‏ (‏مت ١٥:‏١٨؛‏ يع ٣:‏٥-‏١٠‏)‏ بالمقابل،‏ اذا استعمل الشخص لسانه لتسبيح اللّٰه والتكلم بأمور صائبة،‏ يستمر في السير في طريق الحياة.‏ —‏ مز ٣٤:‏١٢-‏١٤؛‏ ٦٣:‏٣؛‏ ام ١٥:‏٤‏.‏

الحياة الحاضرة:‏ بعدما حصل الملك سليمان على كل شيء تمنَّاه في هذه الحياة من غنى وبيوت وحدائق ومُتَع من كل نوع،‏ توصَّل الى هذا الاستنتاج:‏ «كرهتُ الحياة؛‏ لأن العمل الذي عُمل تحت الشمس مضنٍ في نظري،‏ اذ كل شيء باطل وسعي وراء الريح».‏ (‏جا ٢:‏١٧‏)‏ لم يكره سليمان الحياة بحدِّ ذاتها؛‏ فالحياة ‹عطية صالحة وموهبة كاملة من فوق›.‏ (‏يع ١:‏١٧‏)‏ بل كره الحياة الفارغة الملآنة شقاء التي يعيشها الشخص في هذا العالم الذي صار خاضعا لهذا النوع من الحياة.‏ (‏رو ٨:‏٢٠‏)‏ وفي نهاية سفره،‏ اعطى النصيحة:‏ «خَف اللّٰه واحفظ وصاياه».‏ فهذه هي الطريق الى الحياة الحقيقية.‏ (‏جا ١٢:‏١٣،‏ ١٤؛‏ ١ تي ٦:‏١٩‏)‏ كذلك الامر،‏ تحدَّث الرسول بولس عن نفسه وعن اخوته المسيحيين الذين بذلوا كل جهدهم في البشارة والشهادة عن المسيح والقيامة رغم الاضطهاد وقال:‏ «إن كان لنا رجاء في المسيح في هذه الحياة فقط،‏ فنحن اكثر الناس اجمعين اثارة للشفقة».‏ لماذا؟‏ لأن املهم سيكون مجرد وهم.‏ لكنَّ بولس تابع:‏ «اما الآن فالمسيح أُقيم من الاموات».‏ ثم اختتم قائلا:‏ «اذًا،‏ يا اخوتي الاحباء،‏ كونوا راسخين،‏ غير متزعزعين،‏ مشغولين جدا بعمل الرب كل حين،‏ عالمين ان كدَّكم ليس عبثا في الرب».‏ —‏ ١ كو ١٥:‏١٩،‏ ٢٠،‏ ٥٨‏.‏

اشجار الحياة:‏ إضافة الى شجرة الحياة في عدن (‏تك ٢:‏٩‏)‏ التي تحدثنا عنها آنفا،‏ نجد عبارة «شجرة [اشجار] الحياة» عدة مرات في الاسفار المقدسة.‏ وهي ترد دائما بمعنى مجازي،‏ او رمزي.‏ مثلا،‏ تُدعى الحكمة في سفر الامثال «شجرة حياة لممسكيها».‏ فهي تزوِّدهم بما يحتاجون اليه ليتمتعوا بحياتهم الحاضرة ولينالوا ايضا الحياة الابدية:‏ معرفة اللّٰه والبصيرة والفهم ليحفظوا وصاياه.‏ —‏ ام ٣:‏١٨؛‏ ١٦:‏٢٢‏.‏

يقول سفر الامثال ايضا:‏ «ثمر البار شجرة حياة،‏ ورابح النفوس حكيم».‏ (‏ام ١١:‏٣٠‏)‏ فالشخص المستقيم يربح النفوس،‏ اي يساعد الآخرين ان يفعلوا الصواب،‏ بكلامه ومثاله.‏ وهذا يعني ان مَن يستمع اليه يتغذَّى روحيا،‏ يصير خادما للّٰه،‏ وبالتالي ينال الحياة التي وعد بها اللّٰه.‏ كذلك،‏ يذكر سفر الامثال ان «سكينة اللسان شجرة حياة،‏ واعوجاجه سحق في الروح».‏ (‏ام ١٥:‏٤‏)‏ فالكلام اللطيف والهادئ الذي يتفوَّه به الشخص الحكيم يساعد وينعش الذين يسمعونه،‏ اذ ينمِّي فيهم الصفات الجيدة ويساعدهم ان يسيروا في طريق الحياة.‏ اما اعوجاج اللسان،‏ اي الكلام المخادع،‏ فهو كالثمر الفاسد لأنه يسبِّب الاضطراب واليأس لمَن يسمعه،‏ وبالتالي يحطِّمه.‏

ايضا،‏ تذكر الامثال ١٣:‏١٢‏:‏ «الامل المماطَل يُمرِض القلب،‏ والرغبة المحقَّقة شجرة حياة».‏ فعندما تتحقَّق رغبة طال انتظارها،‏ يتقوَّى الشخص وينتعش فيتجدَّد نشاطه.‏

يعِد يسوع المسيح المُمجَّد:‏ «مَن يغلب فسأعطيه ان يأكل من شجرة الحياة التي في فردوس اللّٰه».‏ (‏رؤ ٢:‏٧‏)‏ ونقرأ في اواخر سفر الرؤيا:‏ «إن حذف احد شيئا من كلمات دَرج هذه النبوة،‏ يحذف اللّٰه نصيبه من اشجار الحياة ومن المدينة المقدسة،‏ المكتوب عنهما في هذا الدَّرج».‏ (‏رؤ ٢٢:‏١٩‏)‏ في سياق هاتَين الآيتَين،‏ يتحدث المسيح يسوع مع المسيحيين الغالبين الذين ‹لا يضرُّهم الموت الثاني› (‏رؤ ٢:‏١١‏)‏،‏ ويُعطَون «سلطة على الامم» (‏رؤ ٢:‏٢٦‏)‏،‏ ويُجعلون ‹عمودا في هيكل إلهه› (‏رؤ٣:‏١٢)‏،‏ ويجلسون معه على عرشه السماوي.‏ (‏رؤ ٣:‏٢١‏)‏ اذًا،‏ لا يمكن ان تكون شجرة او اشجار الحياة حرفية.‏ فالغالبون الذين يأكلون منها هم مَن لهم نصيب من الدعوة السماوية (‏عب ٣:‏١‏)‏ ولديهم اماكن في السماء محفوظة لهم.‏ (‏يو ١٤:‏٢،‏ ٣؛‏ ٢ بط ١:‏٣،‏ ٤‏)‏ بل ترمز الى تدبير اللّٰه لمنح الحياة،‏ وفي هذه الحالة الحياة السماوية الخالدة التي ينالها الامناء بصفتهم غالبين مع المسيح.‏

تتحدث الرؤيا ٢٢:‏١،‏ ٢ عن «اشجار حياة» ولكن في سياق مختلف.‏ فهنا تأكل الامم من اوراق الاشجار من اجل الشفاء.‏ والاشجار هي على جانبَي النهر الذي يخرج من عرش اللّٰه.‏ وهذا المشهد يظهر بعد مشهد تأسيس السماء الجديدة والارض الجديدة وسماع الصوت الذي يقول:‏ «ها خيمة اللّٰه مع الناس».‏ (‏رؤ ٢١:‏١-‏٣،‏ ٢٢،‏ ٢٤‏)‏ اذًا،‏ ترمز هذه الاشجار الى تدابير اللّٰه لشفاء البشر ومنحهم حياة ابدية.‏ ومصدر هذه التدابير هو عرش اللّٰه والخروف يسوع المسيح.‏

يشير الكتاب المقدس عدة مرات الى «دَرج الحياة» او «كتاب» اللّٰه.‏ وكما يتضح،‏ يتضمن هذا الكتاب اسماء كل الذين سينالون بفضل ايمانهم هبة الحياة الابدية،‏ إما في السماء او على الارض.‏ ففيه مكتوب اسماء خدام اللّٰه «منذ تأسيس العالم»،‏ اي البشر الذين يستحقون الفداء.‏ لذا،‏ من الواضح ان اسم هابيل الذي كان يفعل الصواب هو اول اسم مكتوب فيه.‏ —‏ رؤ ١٧:‏٨؛‏ مت ٢٣:‏٣٥؛‏ لو ١١:‏٥٠،‏ ٥١‏.‏

ماذا تعني كتابة اسم الشخص في «كتاب» اللّٰه او «دَرج الحياة»؟‏

انها لا تعني انه مقدَّر له ان ينال الحياة الابدية.‏ فبقاء اسمه مكتوبا في «كتاب الحياة» يعتمد على طاعته.‏ عندما ترجَّى موسى يهوه من اجل الاسرائيليين،‏ قال له:‏ «الآن إن عفوت عن خطيتهم .‏.‏.‏ وإلا فامحني من كتابك الذي كتبته».‏ عندئذ،‏ اجابه يهوه:‏ «الذي اخطأ إليَّ امحوه من كتابي».‏ (‏خر ٣٢:‏٣٢،‏ ٣٣‏)‏ وهذا يدل ان لائحة الاسماء في ‹الكتاب› تتغير لأن بعض الاشخاص يصيرون غير طائعين،‏ ‹فتُمحى› اسماؤهم منه.‏ —‏ رؤ ٣:‏٥‏.‏

تصوِّر الرؤيا ٢٠:‏١١-‏١٥ مشهد الدينونة وتخبر انه خلال حكم المسيح الالفي سيُفتح «دَرج الحياة» لتُكتَب فيه اسماء اضافية،‏ وستُفتَح كتب اخرى تتضمن ارشادات اللّٰه.‏ وهذا يعطي الفرصة ‹للاثمة›،‏ اي الاشرار،‏ الذين سيقومون من الموت ان تُكتب اسماؤهم في «دَرج الحياة» شرط ان يطيعوا الارشادات المكتوبة في الكتب.‏ (‏اع ٢٤:‏١٥‏)‏ ولا شك ان خدام اللّٰه ‹الابرار›،‏ اي الصالحين،‏ الذين سيقومون ستكون اسماؤهم قد كُتبت من قبل في «‹دَرج الحياة».‏ وكي يُبقوا اسماءهم مكتوبة فيه يجب ان يطيعوا ارشادات اللّٰه بولاء.‏

وكيف يحفظ الشخص اسمه بشكل دائم في «دَرج الحياة»؟‏ بالنسبة الى الذين لديهم رجاء ان يعيشوا في السماء،‏ عليهم ان ‹يغلبوا› هذا العالم بإيمانهم،‏ اذ يبقون ‹امناء حتى الموت›.‏ (‏رؤ ٢:‏١٠؛‏ ٣:‏٥‏)‏ اما بالنسبة الى الذين رجاؤهم ان يعيشوا على الارض فيجب ان يبقوا اولياء ليهوه خلال امتحان حاسم وأخير في نهاية حكم المسيح الالفي.‏ (‏رؤ ٢٠:‏٧،‏ ٨‏)‏ والذين يحافظون على استقامتهم خلال هذا الامتحان الاخير سيكتب يهوه اسماءهم بشكل دائم في «كتاب الحياة»،‏ ما يعني انه يعتبرهم مستقيمين وبلا لوم بكل معنى الكلمة ومستحقين ان يعيشوا حياة ابدية على الارض.‏ —‏ رو ٨:‏٣٣‏.‏

‏«دَرج الحمل»:‏ ان «دَرج الحياة،‏ دَرج الحمل»،‏ او «دَرج الحياة الذي للحمل»،‏ مختلف عن «دَرج الحياة» المذكور سابقا؛‏ فهو كما يتَّضح لا يتضمن سوى اسماء الذين يشاركون الخروف يسوع المسيح الحكم في مملكته،‏ بمن فيهم الذين رجاؤهم سماوي ولا يزالون على الارض.‏ (‏رؤ ١٣:‏٨؛‏ ٢١:‏٢٧‏؛‏ قارن رؤ ١٤:‏١،‏ ٤‏.‏)‏ ويوصف هؤلاء المكتوبون في «دَرج الحمل» انهم يدخلون المدينة المقدسة،‏ اورشليم الجديدة،‏ ما يعني انهم يصيرون جزءا من مملكة المسيا السماوية.‏ (‏رؤ ٢١:‏٢،‏ ٢٢-‏٢٧‏)‏ لكنَّ اسماءهم ليست مكتوبة فقط في «دَرج الحمل»،‏ بل ايضا في الكتاب الآخر:‏ «كتاب الحياة».‏ —‏ في ٤:‏٣؛‏ رؤ ٣:‏٥‏.‏

نهر ماء الحياة:‏ في سفر الرؤيا،‏ يروي يوحنا انه شاهد في احدى الرؤى «نهر ماء حياة صافيا كالبلور،‏ خارجا من عرش اللّٰه والحمل» وجاريا في وسط الشارع الرئيسي للمدينة المقدسة،‏ اورشليم الجديدة.‏ (‏رؤ ٢٢:‏١،‏ ٢؛‏ ٢١:‏٢‏)‏ ابتدأت هذه الرؤيا تتم خلال «يوم الرب»،‏ مباشرة بعد تأسيس مملكة اللّٰه.‏ (‏رؤ ١:‏١٠‏)‏ وفي هذه الفترة،‏ يقدِّم افراد صف العروس الذين لا يزالون على الارض الدعوة لكل «مَن يعطش» ان يشرب من ماء الحياة مجانا.‏ (‏رؤ ٢٢:‏١٧‏)‏ بعد دمار نظام الاشياء هذا،‏ سيستمر هذا النهر في التدفق في العالم الجديد وسيزداد حجمه.‏ شاهد يوحنا ايضا في الرؤيا اشجارا على جانبَي النهر تنتج ثمارا،‏ وأوراقها لشفاء الامم.‏ فماذا يمثِّل ‹نهر ماء الحياة› هذا؟‏ ان الماء الحرفي عنصر لا غنى عنه للحياة.‏ لذلك لا بد ان مياه النهر التي تعطي الحياة تمثِّل التدابير التي اعدها يهوه بواسطة الخروف،‏ يسوع المسيح،‏ ليمنح البشر حياة ابدية على الارض.‏

‏‹رطوبة الحياة›:‏ يتحدث داود في المزمور ٣٢:‏١-‏٥ عن السعادة التي يشعر بها الشخص عندما يغفر اللّٰه خطيته.‏ لكنه يكشف ايضا الحزن الذي يتملكه قبل الاعتراف بخطيته ليهوه ونيل غفرانه.‏ فعندما حاول داود اخفاء خطيته ولم يعترف بها،‏ صار ضميره يعذِّبه.‏ يقول:‏ «جفَّت رطوبة حياتي كما في قيظ الصيف».‏ فقد اتعبه تجاهل صوت ضميره،‏ وخسَّره العذاب النفسي طاقته تماما كما قد تخسر الشجرة رطوبتها خلال الجفاف او حر الصيف الشديد.‏ ويتَّضح من كلماته انه عانى نفسيا وجسديا،‏ او على الاقل خسر فرحه،‏ لأنه لم يعترف ليهوه بخطيته.‏ فلن يشعر بالراحة ولن يسامحه يهوه إلا اذا اعترف له بخطيته.‏ —‏ ام ٢٨:‏١٣‏.‏

‏«صرَّة الحياة»:‏ عندما توسلت ابيجايل الى داود ان يتراجع عن قراره بالانتقام من نابال وجنَّبته سفك الدم،‏ قالت له:‏ ‏«اذا قام رجل ليطاردك ويطلب نفسك،‏ تكون نفس سيدي مصرورة في صرَّة الحياة لدى يهوه إلهك.‏ اما نفس اعدائك فيَقذف بها كما يُقذف الحجر من وسط كفة المقلاع».‏ (‏١ صم ٢٥:‏٢٩-‏٣٣‏)‏ فمثلما يغلِّف الشخص شيئا ثمينا ليحميه ويحفظه،‏ كانت حياة داود بين يدي اللّٰه ليحميها من اعدائه،‏ ولكن شرط ان ينتظر داود يهوه بدل ان يحاول انقاذ نفسه بنفسه.‏ بالمقابل،‏ كان اللّٰه ‹سيقذف› نفس اعداء داود.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة