يهوه — ابونا الرقيق في رأفته
«يهوه رقيق في المودة جدا ورؤوف.» — يعقوب ٥:١١، حاشية عج.
١ لماذا ينجذب المتَّضعون الى يهوه اللّٰه؟
الكون فسيح جدا حتى ان علماء الفلك لا يستطيعون ان يعدّوا كل مجرّاته. ومجرّتنا، درب التبانة، فسيحة جدا حتى ان الانسان لا يستطيع ان يعدّ كل نجومها. وبعض النجوم، مثل قلب العقرب، اكبر وأسطع من شمسنا بآلاف المرات. فكم هو قدير دون شك الخالقُ العظيم لكل النجوم في الكون! فعلا، انه «الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء.» (اشعياء ٤٠:٢٦) ومع ذلك، فإن هذا الاله الموحي بالرهبة عينه هو ايضا «رقيق في المودة جدا ورؤوف.» فكم هي منعشة معرفة كهذه لخدام يهوه المتواضعين، وخصوصا لاولئك الذين يعانون الاضطهاد، المرض، الاكتئاب، او مشقات اخرى!
٢ كيف ينظر اناس هذا العالم غالبا الى العواطف الرقيقة؟
٢ يعتبر كثيرون العواطف الارقّ، مثل «المودة الرقيقة والرأفة» التي للمسيح، ضعفات. (فيلبي ٢:١، عج) وبسبب تأثُّرهم بفلسفة التطور، يشجِّعون الناس على وضع انفسهم اولا حتى ولو عنى ذلك الدوس على مشاعر الآخرين. فعدد من نجوم التسلية والرياضة هم معتدّون لا يذرفون الدموع او يظهرون المودة الرقيقة. ويتصرف بعض الحكام السياسيين بطريقة مماثلة. فقد شدَّد الفيلسوف الرواقي سنيكا، الذي علَّم الامبراطور القاسي نيرون، ان «الشفقة هي ضعف.» وتذكر دائرة معارف مكلنتوك وسترونڠ: «ان تأثير الرواقية . . . لا يزال موجودا في اذهان الناس حتى في الوقت الحاضر.»
٣ كيف وصف يهوه نفسه لموسى؟
٣ وبالتباين مع ذلك، فإن شخصية خالق الجنس البشري تبهج القلب. فقد وصف نفسه لموسى بهذه الكلمات: «الرب اله رؤوف رحيم، بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء . . . اغفر الاثم والمعصية والخطيئة. ولكني لا اعفي المذنب من العقاب.» (خروج ٣٤:٦، ٧، ترجمة تفسيرية) صحيح ان يهوه اختتم هذا الوصف لنفسه بإبراز عدله. فهو لن يعفي الخطاة المتعمِّدين من العقاب المستحَق. ومع ذلك، يصف نفسه اولا بأنه اله رحيم.
٤ ما هو المعنى الذي يبهج القلب للكلمة العبرانية المترجمة غالبا «رحمة»؟
٤ يجري التفكير احيانا في الكلمة «رحمة» بمعناها القضائي الخالي من الشعور للامتناع عن العقاب. ولكنَّ مقارنة ترجمات الكتاب المقدس تُظهر المعنى الغني للنعت العبراني المشتق من الفعل رَحَم. فاستنادا الى بعض العلماء، يعني جذره «ان يكون طريا.» والفعل «رَحَم،» يوضح كتاب مرادفات العهد القديم، «يعبِّر عن شعور الرأفة العميق والرقيق، كالذي تثيره رؤية الضعف او الالم عند اعزائنا او المحتاجين الى مساعدتنا.» ويمكن ايجاد تعريفات اخرى تبهج القلب لهذه الصفة المرغوب فيها في بصيرة في الاسفار المقدسة، المجلد ٢، الصفحات ٣٧٥-٣٧٩، بالانكليزية.
٥ كيف ظهرت الرحمة في الناموس الموسوي؟
٥ تَظهر مودة اللّٰه الرقيقة بوضوح في الناموس الذي اعطاه لأمة اسرائيل. فالمحرومون، كالارامل، اليتامى، والفقراء، كان يجب معاملتهم برأفة. (خروج ٢٢:٢٢-٢٧؛ لاويين ١٩:٩، ١٠؛ تثنية ١٥:٧-١١) والجميع، بمن فيهم العبيد والحيوانات، كان يجب ان يستفيدوا من سبت الراحة الاسبوعي. (خروج ٢٠:١٠) وبالاضافة الى ذلك، كان اللّٰه يلاحظ الافراد الذين يعاملون الفقراء برقة. تذكر الامثال ١٩:١٧: «مَنْ يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفه يجازيه.»
حدود الرأفة الالهية
٦ لماذا ارسل يهوه انبياء ورسلا الى شعبه؟
٦ كان الاسرائيليون يحملون اسم اللّٰه ويقدِّمون العبادة في الهيكل في اورشليم، الذي كان «بيتا لاسم (يهوه).» (٢ أخبار الايام ٢:٤؛ ٦:٣٣) ولكن، بمرور الوقت، ابتدأوا يبيحون الفساد الادبي، الصنمية، والقتل، جالبين تعييرا عظيما على اسم يهوه. وانسجاما مع شخصيته الرؤوفة، حاول اللّٰه بصبر ان يقوِّم هذا الوضع السيِّئ دون جلب الكارثة على كامل الامة. «ارسل . . . عن يد رسله مبكرا ومرسلا لأنه (ترأف) على شعبه وعلى مسكنه. فكانوا يهزأون برسل اللّٰه ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه حتى ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء.» — ٢ أخبار الايام ٣٦:١٥، ١٦.
٧ عندما بلغت رأفة يهوه حدّها الاقصى، ماذا حدث لمملكة يهوذا؟
٧ ومع ان يهوه رؤوف وبطيء الغضب، فهو يعرب عن الغضب البار عندما يكون ذلك ضروريا. وقديما، بلغت الرأفة الالهية حدّها الاقصى. نقرأ عن العواقب: «فأصعد [يهوه] عليهم ملك الكلدانيين فقتل مختاريهم بالسيف في بيت مقدسهم. ولم (يترأف) على فتى او عذراء ولا على شيخ او اشيب بل دفع الجميع ليده.» (٢ أخبار الايام ٣٦:١٧) وهكذا دُمِّرت اورشليم وهيكلها، وأُخذت الامة الى الاسر في بابل.
الرأفة على اسمه
٨، ٩ (أ) لماذا اعلن يهوه انه سيترأف على اسمه؟ (ب) كيف أُسكت اعداء يهوه؟
٨ ابتهجت الامم المجاورة بهذه الكارثة. وبسخرية قالوا: «هؤلاء شعب (يهوه) وقد خرجوا من ارضه.» وإذ تأثَّر يهوه كثيرا من هذا التعيير، اعلن: «(سأترأف) على اسمي القدوس . . . فأقدس اسمي العظيم . . . فتعلم الامم اني انا (يهوه).» — حزقيال ٣٦:٢٠-٢٣.
٩ بعد ان ظلت امته في الاسر ٧٠ سنة، حرَّرهم يهوه، الاله الرؤوف، وسمح لهم بالعودة وإعادة بناء الهيكل في اورشليم. وقد أسكت ذلك الامم المحيطة التي كانت تراقب بدهشة. (حزقيال ٣٦:٣٥، ٣٦) ولكن، من المحزن ان امة اسرائيل عادت الى الممارسات الرديئة. وقد ساعد نحميا، احد اليهود الامناء، على تقويم الوضع. ففي صلاة علنية، راجع تعاملات اللّٰه الرؤوفة مع الامة، قائلا:
١٠ كيف أبرز نحميا رأفة يهوه؟
١٠ «في وقت ضيقهم صرخوا اليك وأنت من السماء سمعت وحسب مراحمك الكثيرة اعطيتهم مخلِّصين خلَّصوهم من يد مضايقيهم. ولكن لما استراحوا رجعوا الى عمل الشر قدامك فتركتهم بيد اعدائهم فتسلطوا عليهم ثم رجعوا وصرخوا اليك وأنت من السماء سمعت وأنقذتهم حسب مراحمك الكثيرة احيانا كثيرة. . . . احتملتهم سنين كثيرة.» — نحميا ٩:٢٦-٣٠؛ انظروا ايضا اشعياء ٦٣:٩، ١٠.
١١ ايّ تباين هنالك بين يهوه وآلهة البشر؟
١١ وأخيرا، بعدما رفضت الامة اليهودية ابن اللّٰه الحبيب بقساوة، خسرت حظوتها الى الابد. فقد دام ارتباط اللّٰه الوليّ بهم اكثر من ٥٠٠,١ سنة. وسيبقى ذلك شهادة ابدية على واقع ان يهوه هو فعلا اله رحمة. فيا له من تباين حادّ مع الآلهة القاسية والمعبودات العديمة الشعور التي اخترعها البشر الخطاة! — انظروا الصفحة ٨.
اعظم تعبير عن الرأفة
١٢ ماذا كان اعظم تعبير عن رأفة اللّٰه؟
١٢ ان اعظم تعبير عن رأفة اللّٰه كان ارساله ابنه الحبيب الى الارض. حقا، ان سيرة يسوع المستقيمة فرَّحت يهوه كثيرا، مما زوَّده جوابا كاملا عن تهم ابليس الباطلة. (امثال ٢٧:١١) ولكن، في الوقت عينه، لا شك ان رؤية ابنه الحبيب يموت ميتة قاسية ومخزية سبَّبت ليهوه الما اعظم من ايّ الم كان على ايّ والد بشري ان يتحمله على الاطلاق. لقد كان ذلك تضحية حبية جدا، مما فتح الطريق لخلاص الجنس البشري. (يوحنا ٣:١٦) وكما سبق وأنبأ زكريا، ابو يوحنا المعمدان، عظَّم ذلك «رأفة الهنا الرقيقة.» — لوقا ١:٧٧، ٧٨، عج.
١٣ بأية طريقة مهمة عكس يسوع شخصية ابيه؟
١٣ وإرسال ابن اللّٰه الى الارض اعطى ايضا الجنس البشري رؤية اوضح لشخصية يهوه. وكيف ذلك؟ لأن يسوع عكس كاملا شخصية ابيه، وخصوصا بالرأفة الرقيقة التي عامل بها المتضعين! (يوحنا ١:١٤؛ ١٤:٩) وفي هذا الخصوص، يستعمل كتبة الاناجيل الثلاثة متى، مرقس، ولوقا الفعل اليوناني سپلاجخنيزوماي، الذي يأتي من الكلمة اليونانية المقابلة لِـ «احشاء.» و «من اشتقاقه،» يوضح عالِم الكتاب المقدس وليم باركلي، «يمكن ان يُرى انه لا يصف شفقة او رأفة عادية، بل عاطفة تحرِّك الشخص الى اعماق كيانه. انه اقوى كلمة في اليونانية للتعبير عن شعور الرأفة.» ويُترجم بأشكال مختلفة «اشفق» او «تحنن.» — مرقس ٦:٣٤؛ ٨:٢.
عندما اشفق يسوع
١٤، ١٥ كيف يتحنن يسوع في مدينة في الجليل، وماذا يوضح ذلك؟
١٤ مسرح الاحداث هو مدينة في الجليل. يقترب رجل «مملوء برصا» من يسوع دون اعطاء التحذير المعتاد. (لوقا ٥:١٢) فهل يوبِّخه يسوع بفظاظة على عدم صراخه «نجس نجس،» كما هو مطلوب في ناموس اللّٰه؟ (لاويين ١٣:٤٥) لا. وعوضا عن ذلك، يصغي يسوع الى التماس الرجل اليائس: «إنْ اردتَ تقدر ان تطهرني.» وإذ ‹يتحنن› عليه، يمد يسوع يده ويلمس الابرص، قائلا: «اريد فاطهر.» فيستعيد الرجل صحته على الفور. وهكذا لا يظهر يسوع القوى العجائبية المعطاة من اللّٰه فحسب بل ايضا المشاعر الرقيقة التي تدفعه الى استخدام قوى كهذه. — مرقس ١:٤٠-٤٢.
١٥ وهل كان يلزم الاقتراب الى يسوع حتى يظهر مشاعر الرأفة؟ لا. ففي وقت لاحق، يلتقي موكبا جنائزيا خارجا من مدينة نايين. لا شك ان يسوع شهد قبلا مآتم عديدة، لكنَّ هذا المأتم مأساوي بشكل خصوصي. فالميت هو الابن الوحيد لأرملة. وإذ ‹يتحنن› يسوع عليها، يقترب منها ويقول: «لا تبكي.» ثم يصنع العجيبة البارزة لإقامة ابنها الى الحياة. — لوقا ٧:١١-١٥.
١٦ لماذا يشفق يسوع على الجمع الكبير الذي يتبعه؟
١٦ ان الدرس اللافت للنظر الذي يجري تعلُّمه من الحادثتين الآنفتَي الذكر هو انه عندما ‹يتحنن› يسوع، يقوم بشيء ايجابي للمساعدة. وفي مناسبة اخرى، يتفقَّد يسوع الجموع الكبيرة التي تتبعه. ويخبر متّى انه «تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها.» (متى ٩:٣٦) والفريسيون قلما يفعلون شيئا ليشبعوا الجوع الروحي لعامة الشعب. وبدلا من ذلك، يُثقلون المتواضعين بقواعد كثيرة غير ضرورية. (متى ١٢:١، ٢؛ ١٥:١-٩؛ ٢٣:٤، ٢٣) ونظرتهم الى عامة الشعب انكشفت عندما قالوا لاولئك الذين اصغوا الى يسوع: «هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون.» — يوحنا ٧:٤٩.
١٧ كيف تؤثر شفقة يسوع على الجموع فيه، وأيّ توجيه بعيد المدى يزوِّده هناك؟
١٧ بالتباين مع ذلك، يتأثَّر يسوع عميقا بحالة الجموع الروحية السيئة. ولكن هنالك اشخاص مهتمون اكثر من ان يعتني بهم افراديا. لذلك يقول لتلاميذه ان يصلّوا من اجل مزيد من الفعلة. (متى ٩:٣٥-٣٨) وانسجاما مع صلوات كهذه، يرسل يسوع رسله بهذه الرسالة: «قد اقترب ملكوت السموات.» وقد خدمت الارشادات المعطاة في هذه المناسبة كتوجيه قيِّم للمسيحيين حتى الوقت الحاضر. ودون شك، فإن مشاعر الرأفة عند يسوع تدفعه الى اشباع الجوع الروحي للجنس البشري. — متى ١٠:٥-٧.
١٨ كيف يتجاوب يسوع عندما تتطفل الجموع على خلوته، وأيّ درس نتعلَّمه من ذلك؟
١٨ وفي مناسبة اخرى، يهتم يسوع مرة اخرى بالحاجات الروحية للجموع. وهذه المرة، يكون يسوع ورسله متعبين بعد جولة كرازية نشيطة، فيطلبون مكانا ليرتاحوا. ولكن سرعان ما يجدهم الناس. وبدلا من ان يغضب يسوع بسبب هذا التطفل على خلوتهم، يسجِّل مرقس انه «تحنن عليهم.» وماذا كان سبب مشاعر يسوع العميقة؟ «كانوا كخراف لا راعي لها.» ومجددا، يعبِّر يسوع عن مشاعره بالعمل ويبتدئ يعلِّم الجموع «عن ملكوت اللّٰه.» نعم، لقد تأثَّر بعمق بجوعهم الروحي حتى انه ضحى بحاجته الى الراحة ليعلِّمهم. — مرقس ٦:٣٤؛ لوقا ٩:١١.
١٩ كيف امتدّ اهتمام يسوع بالجموع حتى الى ابعد من حاجاتهم الروحية؟
١٩ في حين انه كان مهتما بشكل رئيسي بحاجات الناس الروحية، لم يتغاضَ يسوع قط عن حاجاتهم الجسدية الاساسية. ففي هذه المناسبة عينها، ‹شفى ايضا المحتاجين الى الشفاء.› (لوقا ٩:١١) وفي مناسبة اخرى، كانت الجموع معه لفترة طويلة، وكانوا بعيدين عن بيتهم. وإذ شعر بحاجتهم الجسدية، قال يسوع لتلاميذه: «اني اشفق على الجمع لأن الآن لهم ثلاثة ايام معي وليس لهم ما يأكلون. ولست اريد ان اصرفهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق.» (متى ١٥:٣٢) والآن يفعل يسوع شيئا ليتجنب الالم المحتمَل. فيزوِّد عجائبيا آلاف الرجال، النساء، والاولاد بوجبة ناتجة من سبعة ارغفة خبز وقليل من صغار السمك.
٢٠ ماذا نتعلم من آخر حادثة مسجَّلة عن تحنن يسوع؟
٢٠ ان آخر حادثة مسجَّلة عن تحنن يسوع هي في رحلته الاخيرة الى اورشليم. فجموع كبيرة مسافرة معه للاحتفال بالفصح. وفي الطريق قرب اريحا، يصرخ متسولان اعميان: «ارحمنا يا سيد.» فتحاول الجموع اسكاتهما، لكنَّ يسوع يدعوهما ويسألهما ماذا يريدان ان يفعل. فيلتمسان: «يا سيد ان تنفتح اعيننا.» وإذ ‹يتحنن› عليهما، يلمس اعينهما، فيبصران. (متى ٢٠:٢٩-٣٤) فيا له من درس مهم نتعلَّمه من ذلك! ان يسوع على وشك دخول الاسبوع الاخير من خدمته الارضية. ولديه الكثير من العمل لإنجازه قبل ان يموت ميتة قاسية على ايدي عملاء الشيطان. ومع ذلك، فهو لا يسمح للضغط في هذا الوقت الحرج بأن يمنعه من اظهار مشاعر الرأفة الرقيقة التي لديه تجاه الحاجات البشرية الاقل اهمية.
ايضاحات تبرز الرأفة
٢١ ماذا يوضح تركُ السيد الدَّينَ الكبير لعبده؟
٢١ ان الفعل اليوناني سپلاجخنيزوماي، المستعمَل في هذه الروايات عن حياة يسوع، يُستعمل ايضا في ثلاثة من ايضاحات يسوع. ففي احدى القصص، يتوسل عبد طلبا للوقت ليوفي دينا كبيرا. وإذ ‹يتحنن› سيده عليه، يترك له الدَّين. وهذا يوضح ان يهوه اللّٰه قد اظهر رأفة عظيمة في ترك دَين كبير من الخطايا لكل فرد مسيحي يمارس الايمان بذبيحة يسوع الفدائية. — متى ١٨:٢٧؛ ٢٠:٢٨.
٢٢ ماذا يوضح مثل الابن الضال؟
٢٢ ثم هنالك قصة الابن الضال. تذكَّروا ماذا يحدث عندما يعود الابن العاصي الى البيت. «وإذ كان لم يزل بعيدا رآه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبَّله.» (لوقا ١٥:٢٠) وهذا يظهر انه عندما يظهر مسيحي صار عاصيا توبة اصيلة، سيشفق يهوه على الشخص ويقبله برقة. وهكذا، بهذين الايضاحين يظهر يسوع ان ابانا يهوه «رقيق في المودة جدا ورؤوف.» — يعقوب ٥:١١، حاشية عج.
٢٣ ايّ درس نتعلَّمه من ايضاح يسوع عن السامري الودّي؟
٢٣ والاستعمال الايضاحي الثالث للفعل سپلاجخنيزوماي يتعلق بالسامري الرؤوف الذي «تحنن» عند رؤية الحالة السيئة ليهودي سُرق وتُرك بين حي وميت. (لوقا ١٠:٣٣) وإذ عبَّر السامري عن مشاعره بالعمل، قام بكل ما في وسعه لمساعدة الغريب. وهذا يظهر ان يهوه ويسوع يتوقَّعان من المسيحيين الحقيقيين ان يتَّبعوا مثالَيهما في إظهار الرقة والرأفة. وستُناقَش بعض الطرائق التي يمكننا بها ذلك في المقالة التالية.
اسئلة للمراجعة
◻ ماذا يعني ان يكون الشخص رحيما؟
◻ كيف ترأف يهوه على اسمه؟
◻ ما هو اعظم تعبير عن الرأفة؟
◻ بأية طريقة بارزة يعكس يسوع شخصية ابيه؟
◻ ماذا نتعلَّم من اعمال رأفة يسوع ومن ايضاحاته؟
[الاطار في الصفحتين ١٢، ١٣]
تعبير تصويري عن «العناية الحبية الرقيقة»
صرخ النبي ارميا: «احشائي احشائي.» فهل كان يشكو اعتلالا معويا ناجما عن اكله شيئا فاسدا؟ لا. فقد كان ارميا يستعمل استعارة بالعبرانية ليصف اهتمامه العميق بالكارثة التي ستحل بمملكة يهوذا. — ارميا ٤:١٩.
بما ان يهوه اللّٰه لديه مشاعر عميقة، تُستعمل ايضا الكلمة العبرانية التي تقابل «احشاء،» او «امعاء» (مِعيم)، لوصف عواطفه الرقيقة. مثلا، قبل عقود من ايام ارميا، اخذ ملك اشور مملكة اسرائيل ذات العشرة اسباط الى الاسر. وسمح يهوه بذلك عقابا على خيانتهم. ولكن هل نسيهم اللّٰه في السبي؟ لا. فقد كان لا يزال متعلقا بشدة بهم كجزء من شعب عهده. وإذ اشار اليهم باسم السبط البارز افرايم، سأل يهوه: «هل افرايم ابن عزيز لديّ او ولد مسرّ. لأني كلما تكلمت به اذكره بعد ذكرا. من اجل ذلك حنَّت احشائي اليه. رحمة ارحمه يقول الرب.» — ارميا ٣١:٢٠.
وبقوله «حنَّت احشائي اليه،» استعمل يهوه صورة بلاغية لوصف مشاعر مودته العميقة لشعبه المسبي. كتب عالِم الكتاب المقدس في القرن الـ ١٩ إ. هندرسون في تعليقه على هذا العدد: «لا شيء يمكن ان يفوق الإعراب المؤثِّر عن الشعور الابوي الرقيق نحو ضالٍّ عائد، الشعور الذي اظهره يهوه هنا. . . . على الرغم من انه تكلم هكذا على [الافرايميين الصنميين] وعاقبهم . . .، لم ينسَهم قط، بل على العكس، سُرَّ بتوقع شفائهم الاخير.»
وتُستعمل الكلمة اليونانية التي تقابل «امعاء،» او «احشاء،» بطريقة مماثلة في الاسفار اليونانية المسيحية. وعندما لا تُستعمل حرفيا، كما في الاعمال ١:١٨، تشير الى العواطف الرقيقة للمودة او الرأفة. (فليمون ١٢، عج) وأحيانا تُضم الكلمة الى الكلمة اليونانية التي تعني «جيد» او «حسن.» وقد استعمل الرسولان بولس وبطرس العبارة المركَّبة عند تشجيع المسيحيين ان ‹يتصفوا بالرقة في رأفتهم،› مما يعني حرفيا ان يكونوا «ميّالين جيدا الى الشفقة.» (افسس ٤:٣٢، عج؛ ١ بطرس ٣:٨، عج) ويمكن ان تُضم ايضا الكلمة اليونانية التي تقابل «امعاء» الى الكلمة اليونانية پولي. ويعني التركيب حرفيا «امتلاك امعاء كثيرة.» وتُستعمل هذه العبارة اليونانية النادرة جدا مرة واحدة فقط في الكتاب المقدس، وهي تشير الى يهوه اللّٰه. وتنقلها ترجمة العالم الجديد على هذا النحو: «يهوه رقيق في المودة جدا.» — يعقوب ٥:١١.
فكم ينبغي ان نكون شاكرين ان الاقوى في الكون، يهوه اللّٰه، يختلف عن الآلهة القاسية التي اخترعها البشر العديمو الرأفة! وإذ يتمثلون بإلههم «الرقيق في رأفته،» يندفع المسيحيون الحقيقيون الى التصرف بشكل مماثل في تعاملاتهم بعضهم مع بعض. — افسس ٥:١.
[الصورة في الصفحة ١٠]
عندما بلغت الرأفة الالهية حدّها الاقصى، سمح يهوه للبابليين بأن يُخضعوا شعبه العصاة
[الصورة في الصفحة ١١]
لا بد ان رؤية ابنه الحبيب يموت سبَّبت ليهوه اللّٰه اعظم الم كان على ايّ شخص ان يعانيه على الاطلاق
[الصورة في الصفحة ١٥]
عكس يسوع كاملا شخصية ابيه الرؤوفة