مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ابراهيم —‏ مثال للايمان
    برج المراقبة ٢٠٠١ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • ابراهيم —‏ مثال للايمان

      ‏«[كان ابراهيم] أبًا لجميع الذين يؤمنون».‏ —‏ روما ٤:‏١١‏.‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ ايّ امر يتذكره اليوم المسيحيون الحقيقيون عن ابراهيم؟‏ (‏ب)‏ لماذا يُدعى ابراهيم «ابًا لجميع الذين يؤمنون»؟‏

      كان ابًا لأمة عظيمة،‏ نبيا،‏ رجل اعمال،‏ وقائدا.‏ لكنَّ اكثر ما يتذكّره عنه المسيحيون اليوم هو الامر الذي دفع يهوه اللّٰه الى اعتباره صديقه:‏ ايمانه الذي لا يتزعزع.‏ (‏اشعياء ٤١:‏٨؛‏ يعقوب ٢:‏٢٣‏)‏ واسم هذا الرجل هو ابراهيم،‏ ويدعوه الكتاب المقدس «ابًا لجميع الذين يؤمنون».‏ —‏ روما ٤:‏١١‏.‏

      ٢ ولكن ألم يُظهر الايمانَ اشخاص قبله مثل:‏ هابيل وأخنوخ ونوح؟‏ بلى.‏ إلا ان العهد لمباركة جميع امم الارض قُطع مع ابراهيم.‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨‏)‏ وبذلك صار بشكل مجازي ابًا لكل الذين كانوا سيؤمنون بالنسل الموعود به.‏ (‏غلاطية ٣:‏٨،‏ ٩‏)‏ وهكذا،‏ يمكن اعتباره ابًا لنا،‏ لأن ايمانه يخدم كمثال يُقتدى به.‏ ويمكن اعتبار حياته بأكملها إعرابا عن الايمان،‏ لأنه واجه فيها امتحانات وتجارب عديدة.‏ فقبل وقت طويل من مواجهته ما يُعتبَر اعظم امتحان للايمان —‏ الامر بتقديم ابنه اسحاق ذبيحة —‏ برهن عن ايمانه في تجارب عديدة اقل شأنا.‏ (‏تكوين ٢٢:‏١،‏ ٢‏)‏ فلنستعرض الآن بعض امتحانات الايمان هذه ونرَ اية دروس نتعلمها منها اليوم.‏

      الامر بترك اور

      ٣ ماذا يخبرنا الكتاب المقدس عن خلفية ابرام؟‏

      ٣ يأتي الكتاب المقدس على ذكر ابرام (‏الذي عُرف لاحقا بإبراهيم)‏ لأول مرة في التكوين ١١:‏٢٦ التي تقول:‏ «عاش تارح سبعين سنة وولد ابرام وناحور وهاران».‏ كان ابرام متحدرا من سام الخائف اللّٰه.‏ (‏تكوين ١١:‏١٠-‏٢٤‏)‏ وتقول التكوين ١١:‏٣١ ان ابرام كان يسكن مع عائلته في «اور الكلدانيين» المزدهرة،‏ مدينة كانت تقع شرقي نهر الفرات.‏a فلم يترعرع ابرام كرحّالة يسكن الخيام بل كحَضَريّ يسكن مدينة فيها كل اسباب الراحة.‏ فقد كانت اسواق اور زاخرة بالبضائع المستوردة.‏ وعلى جانبَي شوارع المدينة،‏ كانت هنالك بيوت مؤلفة من ١٤ غرفة مبيَّضة مزوَّدة بتجهيزات صحية.‏

      ٤ (‏أ)‏ ايّ تحدٍّ شكَّلته اور لعبّاد الاله الحقيقي؟‏ (‏ب)‏ كيف صار ابرام يؤمن بيهوه؟‏

      ٤ رغم الفوائد المادية المتوفرة في اور،‏ فقد شكّلت هذه المدينة تحديا كبيرا لكل مَن اراد عبادة الاله الحقيقي.‏ فقد كانت مدينة منغمسة في الصنمية والخرافات.‏ وكان البناء البارز فيها الزقورة الشاهقة التي شيِّدت تكريما لإله القمر نانا.‏ ولا شك ان ابرام كان تحت ضغط كبير،‏ ربما من بعض الاقرباء،‏ للمشاركة في هذه العبادة البغيضة.‏ وتقول بعض التقاليد اليهودية ان اباه،‏ تارح،‏ كان هو نفسه صانع اصنام.‏ (‏يشوع ٢٤:‏٢،‏ ١٤،‏ ١٥‏)‏ على اية حال،‏ لم يمارس ابرام هذه العبادة الباطلة المخزية.‏ فسام،‏ احد اسلافه،‏ كان لا يزال حيًّا ولا شك انه اخبره بما يعرفه عن الاله الحقيقي.‏ وهكذا آمن ابرام بيهوه،‏ وليس بالاله نانا.‏ —‏ غلاطية ٣:‏٦‏.‏

      امتحان للايمان

      ٥ ماذا امر اللّٰه ابرام وبماذا وعده عندما كان لا يزال في اور؟‏

      ٥ كان ايمان ابرام سيُمتحَن.‏ فقد ظهر له اللّٰه وأمره:‏ «اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك.‏ فأجعلك امة عظيمة وأباركك وأعظّم اسمك.‏ وتكون بركة.‏ وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه.‏ وتتبارك فيك جميع قبائل الارض».‏ —‏ تكوين ١٢:‏١-‏٣؛‏ اعمال ٧:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ٦ لماذا كان ترْك ابرام اور يتطلب ايمانا حقيقيا؟‏

      ٦ كان ابرام كبيرا في السن ولم ينجب الاولاد.‏ فكيف كان يمكن ان يصير «امة عظيمة»؟‏ وأين كانت تلك الارض التي أُمر ان يذهب اليها؟‏ لم يقل له اللّٰه شيئا آنذاك.‏ لذلك كان ترْك اور المزدهرة وكل رفاهيتها يتطلب الايمان الحقيقي.‏ يقول كتاب العائلة،‏ المحبة،‏ والكتاب المقدس (‏بالانكليزية)‏ عن الازمنة القديمة:‏ «كان اشدّ عقاب يمكن انزاله بفرد من العائلة ارتكب جريمة خطيرة هو طرده،‏ حرمانه من ‹عضوية› العائلة.‏ .‏ .‏ .‏ لذلك عندما لبى ابراهيم دعوة اللّٰه وترك بلده،‏ حتى انسباءه،‏ كان ذلك إعرابا استثنائيا عن طاعته المطلقة للّٰه وثقته به».‏

      ٧ كيف يمكن ان يواجه المسيحيون اليوم امتحانات لإيمانهم كتلك التي واجهها ابرام؟‏

      ٧ قد يواجه المسيحيون اليوم امتحانات مماثلة.‏ فقد نشعر كأبرام بضغط لوضع المصالح المادية قبل الاهتمامات الثيوقراطية.‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٦‏)‏ او قد نواجه المقاومة من اعضاء العائلة غير المؤمنين،‏ بمن فيهم الاقرباء المفصولون الذين ربما يحاولون ايقاعنا في شرك المعاشرات المؤذية.‏ (‏متى ١٠:‏٣٤-‏٣٦؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏١١-‏١٣؛‏ ١٥:‏٣٣‏)‏ وفي هذا المجال،‏ رسم ابرام مثالا رائعا لنا عندما وضع صداقة يهوه قبل ايّ شيء آخر،‏ حتى قبل الروابط العائلية.‏ ورغم انه لم يكن يعلم بالضبط كيف او متى او اين ستتم وعود يهوه اللّٰه،‏ كان على استعداد ليبني حياته على أساس هذه الوعود.‏ فكم يشجعنا ذلك على وضع الملكوت اولا في حياتنا اليوم!‏ —‏ متى ٦:‏٣٣‏.‏

      ٨ ايّ تأثير كان لإيمان ابرام في اعضاء عائلته الاقربين،‏ وماذا يمكن ان يتعلم المسيحيون من ذلك؟‏

      ٨ وماذا عن اعضاء عائلة ابرام الاقربين؟‏ من المرجح انه كان لإيمانه واقتناعه تأثير عميق فيهم.‏ فزوجته ساراي وابن اخيه اليتيم لوط اندفعا الى إطاعة وصية اللّٰه وترك اور.‏ ولاحقا،‏ ترك ايضا اخوه ناحور وبعض المتحدرين منه مدينة اور وأقاموا في حاران،‏ حيث عبدوا يهوه.‏ (‏تكوين ٢٤:‏١-‏٤،‏ ١٠،‏ ٣١؛‏ ٢٧:‏٤٣؛‏ ٢٩:‏٤،‏ ٥‏)‏ حتى ابوه،‏ تارح،‏ وافق على الرحيل معه!‏ لذلك يعزو الكتاب المقدس اليه،‏ بصفته رأس العائلة،‏ اتِّخاذ الخطوة للذهاب الى كنعان.‏ (‏تكوين ١١:‏٣١‏)‏ فهل نحصد نحن ايضا مقدارا من النجاح اذا شهدنا بلباقة لأقربائنا؟‏

      ٩ اية استعدادات قام بها ابرام للقيام برحلته،‏ ولماذا ربما تطلب ذلك التضحيات؟‏

      ٩ كان لدى ابرام الكثير ليفعله قبل الشروع في رحلته.‏ فقد كان عليه بيع الاملاك والبضائع وشراء الخيام،‏ الجِمال،‏ الطعام،‏ والمعدات اللازمة.‏ ولربما عانى خسائر مادية بسبب السرعة في الاستعداد للرحيل،‏ ولكنه كان بالتأكيد مسرورا بإطاعة يهوه.‏ فكم كان يوما مهما اليوم الذي انتهى فيه من الاستعداد ووقفت قافلته خارج اسوار اور على أُهبة السفر!‏ وإذ تبعت القافلة انعطاف نهر الفرات،‏ سارت في الاتجاه الشمالي الغربي.‏ وبعد عدة اسابيع من السفر،‏ كانت قد قطعت نحو ٠٠٠‏,١ كيلومتر ووصلت الى مدينة حاران التي كانت نقطة توقف رئيسية للقوافل في شمال بلاد ما بين النهرين.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ لماذا بقي ابرام على الارجح في حاران فترة من الوقت؟‏ (‏ب)‏ ايّ تشجيع يمكن ان يستمده المسيحيون الذين يعتنون بوالديهم المسنين؟‏

      ١٠ استقر ابرام في حاران،‏ على الارجح،‏ مراعاة لأبيه المسنّ تارح.‏ (‏لاويين ١٩:‏٣٢‏)‏ وعلى نحو مماثل اليوم،‏ تُلقى على عاتق مسيحيين كثيرين مسؤولية الاعتناء بوالديهم المسنين او المرضى،‏ حتى ان البعض يضطرون الى القيام بالتعديلات لهذا الغرض.‏ وبإمكان هؤلاء ان يتأكدوا ان تضحياتهم الحبية ‹مقبولة عند اللّٰه›.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٤‏.‏

      ١١ مرّ الوقت وصار عمر «تارح مئتين وخمس سنين.‏ ومات تارح في حاران».‏ لا شك ان هذه الخسارة احزنت ابرام كثيرا.‏ ولكن عندما انتهت فترة النوح،‏ غادر المكان فورا.‏ «وكان ابرام ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران.‏ فأخذ ابرام ساراي امرأته ولوطًا ابن اخيه وكل مقتنياتهما التي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران.‏ وخرجوا ليذهبوا الى ارض كنعان».‏ —‏ تكوين ١١:‏٣٢؛‏ ١٢:‏٤،‏ ٥‏.‏

      ١٢ ماذا فعل ابرام وهو ساكن في حاران؟‏

      ١٢ من المثير للاهتمام ان ابرام ‹اقتنى مقتنيات› وهو في حاران.‏ فرغم انه تخلى عن امور مادية ليرحل من اور،‏ فقد صار غنيا عندما ترك حاران.‏ ومن الواضح ان ذلك كان نتيجة بركة اللّٰه.‏ (‏جامعة ٥:‏١٩‏)‏ وفي حين ان اللّٰه اليوم لا يعد كل شعبه بالغنى،‏ فهو يتمم وعده ان يزوِّد الذين ‹يتركون بيوتا او اخوة او اخوات› لأجل الملكوت بحاجاتهم.‏ (‏مرقس ١٠:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وقد ‹اقتنى› ابرام ايضا ‹نفوسا›،‏ اي خداما كثيرين.‏ يقول ترجوم اورشليم وإعادة الصياغة الكلدانية ان ابرام ‹هدى اشخاصا›.‏ (‏تكوين ١٨:‏١٩‏)‏ فهل يدفعكم ايمانكم ان تتحدثوا مع جيرانكم،‏ زملائكم في العمل،‏ او رفقائكم في المدرسة؟‏ فبدلا من ان يستقر ابرام في حاران وينسى ما امره به اللّٰه،‏ استفاد من وقته.‏ لكنَّ وقت اقامته هناك قد انتهى.‏ «فذهب ابرام كما قال له الرب».‏ —‏ تكوين ١٢:‏٤‏.‏

      عبْر الفرات

      ١٣ متى عبَر ابرام نهر الفرات،‏ وما هو مغزى هذا العبور؟‏

      ١٣ مرة اخرى،‏ اضطر ابرام الى السفر.‏ فترك حاران وتوجَّهت قافلته غربا،‏ قاطعة نحو ٩٠ كيلومترا.‏ ولربما توقف في منطقة على الفرات مقابل المركز التجاري القديم كركميش.‏ وكانت هذه نقطة عبور مهمة للقوافل.‏b ومتى عبرت قوافل ابرام النهر؟‏ يشير الكتاب المقدس ان ذلك كان قبل ٤٣٠ سنة من خروج اليهود من مصر في ١٤ نيسان القمري سنة ١٥١٣ ق‌م.‏ تقول الخروج ١٢:‏٤١‏:‏ «كان عند نهاية اربع مئة وثلاثين سنة في ذلك اليوم عينه ان جميع اجناد الرب خرجت من ارض مصر».‏ فمن الواضح ان العهد الابراهيمي صار ساري المفعول في ١٤ نيسان القمري سنة ١٩٤٣ ق‌م،‏ عندما اطاع ابرام امر اللّٰه وعبَر نهر الفرات.‏

      ١٤ (‏أ)‏ ماذا تمكَّن ابرام من رؤيته بعين الايمان؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى يكون شعب اللّٰه اليوم مباركين اكثر من ابرام؟‏

      ١٤ كان ابرام قد ترك مدينة مزدهرة.‏ لكنه تمكن من تخيل «المدينة التي لها اساسات حقيقية»،‏ حكومة بارة تحكم الجنس البشري.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٠‏)‏ نعم،‏ لم يفهم ابرام سوى بعض الاوجه الاساسية لقصد اللّٰه ان يفدي الجنس البشري المائت.‏ أما اليوم فنحن مباركون بفهم اعمق بكثير لمقاصد اللّٰه.‏ (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ فـ‍ «المدينة»،‏ او حكومة الملكوت،‏ التي كان ابرام يرجوها هي الآن حقيقة،‏ مؤسسة في السموات منذ سنة ١٩١٤.‏ أفلا ينبغي اذًا ان نندفع الى القيام بأعمال تعكس ايماننا وثقتنا بيهوه؟‏

      ابتداء الاقامة الموقَّتة في ارض الموعد

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ لماذا كان بناء ابرام مذبحا ليهوه يتطلب الشجاعة؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان يكون المسيحيون اليوم جريئين كأبرام؟‏

      ١٥ تخبرنا التكوين ١٢:‏٥،‏ ٦‏:‏ «فأتوا الى ارض كنعان.‏ واجتاز ابرام في الارض الى مكان شكيم الى بلوطة مورة».‏ كانت شكيم تقع على بُعد ٥٠ كيلومترا شمالي اورشليم في وادٍ خصيب وُصف انه «فردوس الارض المقدسة».‏ و «كان الكنعانيون حينئذ في الارض».‏ وبما انهم كانوا فاسدين ادبيا،‏ كان على ابرام ان يتَّخذ الاحتياطات لحماية عائلته من تأثيرهم المفسد.‏ —‏ خروج ٣٤:‏١١-‏١٦‏.‏

      ١٦ للمرة الثانية،‏ «ظهر الرب لأبرام وقال لنسلك اعطي هذه الارض».‏ فما اروع ذلك!‏ ولا شك ان الايمان كان لازما ليفرح ابرام بشيء لن يتمتع به هو بل الذين كانوا سيتحدرون منه.‏ رغم ذلك،‏ ما كان من ابرام إلا ان «بنى هناك مذبحا للرب الذي ظهر له».‏ (‏تكوين ١٢:‏٧‏)‏ يذكر احد علماء الكتاب المقدس:‏ «ان بناء مذبح في الارض كان نوعا من تملّكها على اساس حق اكتسبه نتيجة ممارسة ايمانه».‏ كما ان بناء المذبح كان عملا شجاعا.‏ فلا شك ان هذا المذبح كان من النوع الذي حدَّده عهد الشريعة لاحقا والمصنوع من حجارة طبيعية (‏غير منحوتة)‏.‏ (‏خروج ٢٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وقد كان مختلفا كثيرا في مظهره عن مذابح الكنعانيين.‏ وهكذا،‏ اتَّخذ ابرام موقفا علنيا جريئا كعابد للاله الحقيقي يهوه،‏ معرِّضا نفسه للعداء والخطر المحتمَل.‏ وماذا عنا نحن اليوم؟‏ هل يخفي البعض منا —‏ وخصوصا الاحداث —‏ عن الجيران او الرفقاء في المدرسة اننا عبّاد ليهوه؟‏ فليشجِّعنا مثال ابرام الجريء على الفخر اننا خدام ليهوه!‏

      ١٧ كيف برهن ابرام انه كارز باسم اللّٰه،‏ وبماذا يذكِّر ذلك المسيحيين اليوم؟‏

      ١٧ كانت عبادة يهوه تحتل المرتبة الاولى في حياة ابرام اينما ذهب.‏ «ثم نقل من هناك الى الجبل شرقي بيت ايل ونصب خيمته.‏ وله بيت ايل من المغرب وعاي من المشرق.‏ فبنى هناك مذبحا للرب ودعا باسم الرب».‏ (‏تكوين ١٢:‏٨‏)‏ ان العبارة العبرانية «دعا باسم» تعني ايضا «اعلن الاسم (‏كرز بالاسم)‏».‏ فلا شك ان ابرام اعلن بجرأة اسم يهوه بين الكنعانيين المحيطين به.‏ (‏تكوين ١٤:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ وهذا ما يذكِّرنا بواجبنا ان نشترك قدر الامكان اليوم في «اعلان اسمه جهرا».‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏١٥؛‏ روما ١٠:‏١٠‏.‏

      ١٨ كيف كانت علاقة ابرام بسكان كنعان؟‏

      ١٨ لم يُقِم ابرام في ايِّ من هذه الاماكن طويلا جدا.‏ «ثم ارتحل ابرام ارتحالا متواليا نحو الجنوب [«صحراء النَّقَب»،‏ الترجمة العربية الجديدة‏]»،‏ المنطقة شبه القاحلة جنوب جبال يهوذا.‏ (‏تكوين ١٢:‏٩‏)‏ فبانتقاله الدائم والبرهان انه عابد ليهوه في كل موقع جديد،‏ قام هو وعائلته ‹بالإعلان جهرا انهم غرباء ونزلاء في تلك الارض›.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٣‏)‏ وكانوا دائما يتجنبون ان يكونوا وديين اكثر من اللازم مع الوثنيين المحيطين بهم.‏ وعلى نحو مماثل،‏ يجب ان يحافظ المسيحيون اليوم على موقفهم ألا يكونوا «جزءا من العالم».‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦‏)‏ ففي حين اننا لطفاء ومهذبون مع جيراننا وزملائنا في العمل،‏ نحرص ألا ننغمس في مسلك يعكس روح العالم البعيد عن اللّٰه.‏ —‏ افسس ٢:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ١٩ (‏أ)‏ لماذا كانت حياة الترحال صعبة على ابرام وساراي؟‏ (‏ب)‏ اية تحديات اضافية كانت تكمن امام ابرام؟‏

      ١٩ فلا ننسَ ان التكيف مع مشقات حياة الترحال لم يكن سهلا على ابرام او ساراي.‏ فقد اكلا من نتاج قطعانهما وليس مما كان يمكن شراؤه من اسواق اور الملآنة بالطعام؛‏ وعاشا في خيام بدلا من العيش في بيوت متقنة الصنع.‏ (‏عبرانيين ١١:‏٩‏)‏ وكانت حياة ابرام حياة ناشطة؛‏ فقد كان لديه عمل كثير ليقوم به في الاعتناء بقطيعه وخدمه.‏ ولا شك ان ساراي قامت بالمهمات التي كانت تقوم بها النساء عادة في تلك الحضارة:‏ عجن الدقيق،‏ الخَبْز،‏ غزل الصوف،‏ خياطة الثياب.‏ (‏تكوين ١٨:‏٦،‏ ٧؛‏ ٢ ملوك ٢٣:‏٧؛‏ امثال ٣١:‏١٩؛‏ حزقيال ١٣:‏١٨‏)‏ رغم ذلك،‏ كانت لا تزال هنالك تجارب تكمن امامهما.‏ فكان ابرام وعائلته سيواجهون وضعا يعرِّض حياتهم للخطر!‏ فهل سيكون ايمان ابرام سيكون قويا كفاية لمواجهة التحدي؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a رغم ان نهر الفرات يجري حاليا على بُعد نحو ستة عشر كيلومترا شرق الموقع السابق لأور،‏ تشير الادلة ان النهر كان يجري قديما غرب المدينة.‏ لذلك كان يمكن الاشارة في وقت لاحق الى ان ابرام أتى من «عبر النهر [الفرات]».‏ —‏ يشوع ٢٤:‏٣‏.‏

      b بعد قرون،‏ استخدم الملك الاشوري اشورناصِربال الثاني الاطواف لعبور نهر الفرات قرب كركميش.‏ ولا يذكر الكتاب المقدس هل اضطر ابرام ان يصنع الاطواف ليعبر ام انه خاض النهر هو وقافلته.‏

  • ليكن لكم ايمان كإيمان ابراهيم!‏
    برج المراقبة ٢٠٠١ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • ليكن لكم ايمان كإيمان ابراهيم!‏

      ‏«الذين يتمسكون بالايمان هم ابناء ابراهيم».‏ —‏ غلاطية ٣:‏٧‏.‏

      ١ كيف احتمل ابرام التجربة الجديدة في كنعان؟‏

      كان ابرام قد ترك حياة الرفاهية في اور إطاعة لأمر يهوه.‏ والمشقات التي عاناها في السنوات اللاحقة لم تكن سوى مقدِّمة لامتحان الايمان الذي واجهه في مصر.‏ تقول رواية الكتاب المقدس:‏ «حدث جوع في الارض».‏ فكم كان من السهل ان يغضب ابرام بسبب وضعه!‏ لكنه اتَّخذ خطوات عملية لإعالة عائلته.‏ «فانحدر ابرام الى مصر ليتغرب هناك.‏ لأن الجوع في الارض كان شديدا».‏ ولا شك ان عائلته الكبيرة كانت ستُلاحَظ في مصر.‏ فهل كان يهوه سيتمم وعده بحماية ابرام من الاذى؟‏ —‏ تكوين ١٢:‏١٠؛‏ خروج ١٦:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ٢،‏ ٣ (‏أ)‏ لماذا اخفى ابرام هوية زوجته؟‏ (‏ب)‏ كيف تعامل ابرام مع زوجته لحلّ المشكلة؟‏

      ٢ نقرأ في التكوين ١٢:‏١١-‏١٣‏:‏ «حدث لما قرُب ان يدخل مصر انه قال لساراي امرأته اني قد علمت انك امرأة حسنة المنظر.‏ فيكون اذا رآك المصريون انهم يقولون هذه امرأته.‏ فيقتلونني ويستبْقونك.‏ قولي انك اختي.‏ ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من اجلك».‏ فرغم ان ساراي كانت قد تخطّت الـ‍ ٦٥ من عمرها،‏ كانت لا تزال رائعة الجمال.‏ وهذا ما شكَّل خطرا على حياة ابرام.‏a (‏تكوين ١٢:‏٤،‏ ٥؛‏ ١٧:‏١٧‏)‏ والاهم هو ان هذه القضية كانت تشمل امورا تتعلق بقصد يهوه،‏ لأنه كان قد قال انه بواسطة نسل ابرام ستتبارك جميع امم الارض.‏ (‏تكوين ١٢:‏٢،‏ ٣،‏ ٧‏)‏ وبما ان ابرام لم يكن قد انجب اولادا بعد،‏ كان من المهم ان يبقى حيًّا.‏

      ٣ تحدّث ابرام مع زوجته عن استخدام خطة سبق ان وافقا عليها:‏ ان يقولا انها اخته.‏ ولكن لاحِظوا انه لم يسئ استخدام السلطة التي يعطيه اياها مركزه كرأس للعائلة،‏ بل التمس منها التعاون والدعم.‏ (‏تكوين ١٢:‏١١-‏١٣؛‏ ٢٠:‏١٣‏)‏ وفي هذا المجال،‏ رسم ابرام مثالا رائعا للازواج في ممارسة رئاسة حبية.‏ ورسمت ساراي مثالا للزوجات اليوم في الاعراب عن الخضوع.‏ —‏ افسس ٥:‏٢٣-‏٢٨؛‏ كولوسي ٤:‏٦‏.‏

      ٤ كيف ينبغي ان يتصرف خدام اللّٰه الامناء اليوم عندما تكون حياة اخوتهم في خطر؟‏

      ٤ لقد تمكنت ساراي من القول انها اخت ابرام لأنها كانت بالفعل اخته من ابيه.‏ (‏تكوين ٢٠:‏١٢‏)‏ وعلاوة على ذلك،‏ لم يكن ابرام ملزَما بإفشاء معلومات لأشخاص ليسوا مخوَّلين معرفتها.‏ (‏متى ٧:‏٦‏)‏ ان خدام اللّٰه الامناء في الازمنة العصرية يصغون الى وصية الكتاب المقدس ان يكونوا مستقيمين.‏ (‏عبرانيين ١٣:‏١٨‏)‏ مثلا،‏ انهم لن يكذبوا ابدا بعد اداء القسم في محاكمة.‏ أما عندما تكون حياة او روحيات اخوتهم في خطر في اوقات الاضطهاد او النزاعات الاهلية،‏ فهم يصغون الى مشورة يسوع ان يكونوا «حذرين كالحيات،‏ وأبرياء كالحمام».‏ —‏ متى ١٠:‏١٦‏؛‏ انظروا برج المراقبة،‏ عدد ١ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٦،‏ الصفحة ١٨،‏ الفقرة ١٩‏.‏

      ٥ لماذا كانت ساراي على استعداد لتلبية طلب ابرام؟‏

      ٥ وكيف تجاوبت ساراي مع طلب ابرام؟‏ يصف الرسول بطرس نساء مثلها انهن ‹يلقين رجاءهن على اللّٰه›.‏ فقد كانت ساراي تدرك القضايا الروحية المرتبطة بالوضع.‏ اضافة الى ذلك،‏ كانت تحب زوجها وتحترمه.‏ لذلك اختارت ان ‹تخضع لزوجها› وتخفي امر زواجهما.‏ (‏١ بطرس ٣:‏٥‏)‏ ولا شك ان ما فعلته عرَّضها للخطر.‏ «حدث لما دخل ابرام الى مصر ان المصريين رأوا المرأة انها حسنة جدا.‏ ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون.‏ فأُخذت المرأة الى بيت فرعون».‏ —‏ تكوين ١٢:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

      إنقاذ يهوه

      ٦،‏ ٧ اية فترة عصيبة اجتازها ابرام وساراي،‏ وكيف انقذ يهوه ساراي؟‏

      ٦ كم كانت عصيبة دون شك هذه الفترة التي اجتازها ابرام وساراي!‏ فكان يبدو وكأن ساراي سيُعتدى عليها.‏ وعلاوة على ذلك،‏ فإن فرعون،‏ الذي لم يعرف انها متزوجة،‏ اغدق الهدايا على ابرام،‏ فصار «له غنم وبقر وحمير وعبيد وإماء وأُتُن وجِمال».‏b (‏تكوين ١٢:‏١٦‏)‏ فكم اشمأز ابرام دون شك من هذه الهدايا!‏ ورغم ان الوضع بدا سيئا،‏ فإن يهوه لم يتخلَّ عن ابرام.‏

      ٧ «فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة ابرام».‏ (‏تكوين ١٢:‏١٧‏)‏ وبطريقة غير معروفة،‏ كُشف لفرعون السبب الحقيقي ‹للضربات›.‏ فما كان منه إلا ان دعا «ابرام وقال ما هذا الذي صنعت بي.‏ لماذا لم تخبرني انها امرأتك.‏ لماذا قلت هي اختي حتى اخذتها لي لتكون زوجتي.‏ والآن هوذا امرأتك.‏ خذها واذهب.‏ فأوصى عليه فرعون رجالا فشيّعوه وامرأته وكل ما كان له».‏ —‏ تكوين ١٢:‏١٨-‏٢٠؛‏ مزمور ١٠٥:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

      ٨ ايّ نوع من الحماية يعد به يهوه المسيحيين اليوم؟‏

      ٨ لا يضمن يهوه لنا اليوم الحماية من الموت،‏ الجريمة،‏ المجاعة،‏ او الكوارث الطبيعية.‏ الا انه يعِدنا بأنه سيحمينا دائما ممّا يمكن ان يهدِّد روحياتنا.‏ (‏مزمور ٩١:‏١-‏٤‏)‏ وهذا ما يفعله بشكل رئيسي بتزويدنا تحذيرات في حينها بواسطة كلمته و «العبد الامين الفطين».‏ (‏متى ٢٤:‏٤٥‏)‏ ولكن ماذا عن خطر الموت نتيجة الاضطهاد؟‏ في حين ان اللّٰه يسمح بموت بعض الافراد،‏ فهو لن يسمح ابدا بإبادة شعبه ككل.‏ (‏مزمور ١١٦:‏١٥‏)‏ ولكن إذا مات بعض الامناء،‏ يمكن ان نثق انهم سيُقامون.‏ —‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      التضحية من اجل المحافظة على السلام

      ٩ ماذا يُظهِر ان ابرام لم يستقر في كنعان؟‏

      ٩ اذ انتهت على ما يبدو المجاعة في كنعان،‏ «صعد ابرام من مصر هو وامرأته وكل ما كان له ولوط معه الى الجنوب [«صحراء النَّقَب»،‏ الترجمة العربية الجديدة‏] (‏المنطقة شبه القاحلة جنوبي جبال يهوذا)‏.‏ وكان ابرام غنيا جدا في المواشي والفضة والذهب».‏ (‏تكوين ١٣:‏١،‏ ٢‏)‏ لذلك اعتبره السكان المحليون رجل سلطة ونفوذ،‏ رئيسا قويا.‏ (‏تكوين ٢٣:‏٦‏)‏ لكنه لم يكن يرغب في الاستقرار والتورط في شؤون كنعان السياسية.‏ بدلا من ذلك،‏ «سار في رحلاته من الجنوب الى بيت ايل.‏ الى المكان الذي كانت خيمته فيه في البداءة بين بيت ايل وعاي».‏ فكالعادة،‏ اعطى ابرام الاولوية لعبادة يهوه اينما ذهب.‏ —‏ تكوين ١٣:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ١٠ اية مشكلة نشأت بين رعاة ابرام ورعاة لوط،‏ ولماذا كان من المهم ان تُحَلّ بسرعة؟‏

      ١٠ «ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام.‏ ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا.‏ اذ كانت املاكهما كثيرة.‏ فلم يقدرا ان يسكنا معا.‏ فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط.‏ وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض».‏ (‏تكوين ١٣:‏٥-‏٧‏)‏ فلم يكن في الارض ما يكفي من ماء ومرعى لقطعان ابرام وقطعان لوط.‏ فحدثت مشادّة بين الرعاة.‏ وكانت هذه المشاحنة غير لائقة بين عبّاد الاله الحقيقي.‏ وإذا استمر الشجار،‏ كان يمكن ان تنقطع العلاقات تماما.‏ فكيف كان ابرام سيعالج هذا الوضع؟‏ بعد موت والد لوط،‏ تبناه ابرام،‏ ربما مربيّا اياه وكأنه ابنه.‏ وبما انه كان الاكبر في السن،‏ أفلم يكن من حقه ان يختار هو الافضل؟‏

      ١١،‏ ١٢ ايّ عرض سخي قدَّمه ابرام للوط،‏ ولماذا لم يكن قرار لوط حكيما؟‏

      ١١ لكنَّ ابرام قال للوط:‏ «لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك.‏ لأننا نحن اخوان.‏ أليست كل الارض امامك.‏ اعتزل عني.‏ إن ذهبتَ شمالا فأنا يمينا وإن يمينا فأنا شمالا».‏ وكان هنالك قرب بيت ايل ما دُعي «احد اروع المناظر في فلسطين».‏ وربما من هناك «رفع لوط عينيه ورأى كل دائرة الاردن ان جميعها سَقْي قبلما اخرب الرب سدوم وعمورة كجنة الرب كأرض مصر.‏ حينما تجيء الى صوغر».‏ —‏ تكوين ١٣:‏٨-‏١٠‏.‏

      ١٢ صحيح ان الكتاب المقدس يقول عن لوط انه «بار»،‏ لكنه لسبب ما لم ينزل عند رغبة ابرام في هذه المسألة،‏ ويبدو انه لم يطلب مشورته كشخص اكبر سنًّا.‏ (‏٢ بطرس ٢:‏٧‏)‏ «فاختار لوط لنفسه كل دائرة الاردن وارتحل لوط شرقا.‏ فاعتزل الواحد عن الآخر.‏ ابرام سكن في ارض كنعان ولوط سكن في مدن الدائرة ونقل خيامه الى سدوم».‏ (‏تكوين ١٣:‏١١،‏ ١٢‏)‏ كانت سدوم مدينة مزدهرة حيث يمكن جني الكثير من الفوائد المادية.‏ (‏حزقيال ١٦:‏٤٩،‏ ٥٠‏)‏ وفي حين ان اختيار لوط بدا حكيما من الناحية المادية،‏ فهو لم يكن كذلك من الناحية الروحية.‏ ولماذا؟‏ لأن التكوين ١٣:‏١٣ تقول:‏ «كان اهل سدوم اشرارا وخطاة لدى الرب جدا».‏ فكان قرار لوط ان ينتقل الى هناك سيجلب حزنا كبيرا لعائلته.‏

      ١٣ كيف يفيد مثال ابرام المسيحيين الذين قد يتورطون في خلاف حول قضايا مالية؟‏

      ١٣ لكنَّ ابرام اعرب عن الثقة بوعد يهوه ان نسله سيرث اخيرا تلك المنطقة بكاملها؛‏ لذلك لم يجادل بشأن قسم صغير منها.‏ فقد كان كريما انسجاما مع المبدإ المذكور لاحقا في ١ كورنثوس ١٠:‏٢٤‏:‏ «لا يعكف احد على طلب منفعة نفسه،‏ بل منفعة غيره».‏ وهذا مذكِّر جيد للذين قد يتورطون في خلاف مع احد الرفقاء المؤمنين حول قضايا مالية.‏ فقد رفع البعض دعوى على اخوتهم بدلا من اتِّباع المشورة في متى ١٨:‏١٥-‏١٧‏.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏١،‏ ٧‏)‏ ويُظهِر مثال ابرام ان معاناة الخسارة المالية افضل من جلب التعيير على اسم يهوه او تعكير سلام الجماعة المسيحية.‏ —‏ يعقوب ٣:‏١٨‏.‏

      ١٤ كيف كان ابرام سيُكافأ على كرمه؟‏

      ١٤ وكان ابرام سيُكافأ على كرمه.‏ قال اللّٰه:‏ «اجعل نسلك كتراب الارض.‏ حتى اذا استطاع احد ان يَعُدَّ تراب الارض فنسلك ايضا يُعَدّ».‏ فكم كان هذا مشجِّعا لأبرام الذي لم ينجب الاولاد!‏ ثم امره اللّٰه:‏ «قم امشِ في الارض طولها وعرضها.‏ لأني لك اعطيها».‏ (‏تكوين ١٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ فلم يكن ليُسمَح له بالاستقرار في مدينة تؤمِّن كل اسباب الراحة.‏ وكان يجب ان يبقى منفصلا عن الكنعانيين.‏ وعلى نحو مماثل،‏ يجب ان يبقى المسيحيون اليوم منفصلين عن العالم.‏ فهم لا يعتبرون انفسهم اسمى من الآخرين،‏ ولكنهم لا يعاشرون معاشرة لصيقة مَن قد يحاول جعلهم ينغمسون في سلوك لا ينسجم مع الاسفار المقدسة.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ١٥ (‏أ)‏ ماذا عنى تنقل ابرام؟‏ (‏ب)‏ ايّ مثال رسمه ابرام للعائلات المسيحية اليوم؟‏

      ١٥ في ازمنة الكتاب المقدس،‏ كان يحق للشخص ان يتفحص الارض قبل ان يتملّكها.‏ وهكذا،‏ ربما خدم التنقل كمذكِّر دائم ان هذه الارض ستصبح يوما ما لنسل ابرام.‏ فأطاع ابرام وظل يسكن في «خيامه وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون.‏ بنى هناك مذبحا للرب».‏ (‏تكوين ١٣:‏١٨‏)‏ مرة اخرى،‏ برهن ابرام ان العبادة تحتل المرتبة الاولى في حياته.‏ فهل يحتل الدرس العائلي،‏ الصلاة العائلية،‏ وحضور الاجتماعات المرتبة الاولى في عائلتكم؟‏

      هجوم الاعداء

      ١٦ (‏أ)‏ لماذا تشير الكلمات الافتتاحية للتكوين ١٤:‏١ الى وضع خطر؟‏ (‏ب)‏ لماذا شنّ الملوك الشرقيون الاربعة هجومهم؟‏

      ١٦ «حدث في ايام امرافل ملك شنعار وأريوك ملك ألّاسار وكدرلعومر ملك عيلامc وتدعال ملك جوييم ان هؤلاء صنعوا حربا».‏ في العبرانية الاصلية تعبِّر الكلمات الافتتاحية (‏«في ايام .‏ .‏ .‏»)‏ عن وضع خطر،‏ مشيرة الى «فترة من المحنة تنتهي الى بركة».‏ (‏تكوين ١٤:‏١،‏ ٢‏،‏ حاشية ع‌ج [بالانكليزية])‏ وقد ابتدأت هذه المحنة عندما شنّ هؤلاء الملوك الشرقيون الاربعة مع جنودهم هجوما ساحقا على كنعان.‏ وماذا كان هدفهم؟‏ قمع ثورة المدن الخمس:‏ سدوم،‏ عمورة،‏ ادمة،‏ صبوييم،‏ وبالع.‏ وبعد القضاء على المقاومة،‏ «اجتمعوا متعاهدين الى عمق السديم الذي هو بحر الملح».‏ وكان لوط وعائلته ساكنين في الجوار.‏ —‏ تكوين ١٤:‏٣-‏٧‏.‏

      ١٧ لماذا كان أسْر لوط امتحانا لإيمان ابرام؟‏

      ١٧ قاوم الملوك الكنعانيون الجنود الغزاة بشراسة،‏ لكنهم هُزموا هزيمة نكراء.‏ «فأخذوا [المنتصرون] جميع املاك سدوم وعمورة وجميع اطعمتهم ومضوا.‏ وأخذوا لوطًا ابن اخي ابرام وأملاكه ومضوا.‏ اذ كان ساكنا في سدوم».‏ وسرعان ما وصلت هذه الاخبار المروِّعة الى مسامع ابرام.‏ فقد «اتى مَن نجا وأخبر ابرام العبراني.‏ وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول وأخي عانر.‏ وكانوا اصحاب عهد مع ابرام.‏ .‏ .‏ .‏ سمع ابرام ان اخاه سُبي».‏ (‏تكوين ١٤:‏٨-‏١٤‏)‏ فيا له من امتحان للايمان!‏ فهل كان ابرام سيُضمِر الضغينة لابن اخيه لأنه اخذ افضل قسم من الارض؟‏ تذكروا ايضا ان هؤلاء الغزاة اتوا من موطنه،‏ شنعار.‏ فمحاربتهم كانت ستعني القضاء على اية امكانية للرجوع الى موطنه.‏ اضافة الى ذلك،‏ ماذا كان بإمكانه ان يفعل في وجه جيش لم تتمكن قوات كنعان المتحالفة ان تهزمه؟‏!‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ كيف تمكن ابرام من انقاذ لوط؟‏ (‏ب)‏ بفضل مَن حدث هذا النصر؟‏

      ١٨ مجددا،‏ وثق ابرام ثقة مطلقة بيهوه.‏ «جرّ غلمانه المتمرنين وِلدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان.‏ وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسَّرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق.‏ واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطًا اخاه ايضا وأملاكه والنساء ايضا والشعب».‏ (‏تكوين ١٤:‏١٤-‏١٦‏)‏ فقد اعرب ابرام عن ثقة كبيرة بيهوه وقاد غلمانه الذين كانوا اقل عددا بكثير من جنود الاعداء.‏ فانتصر وأنقذ لوطا وعائلته.‏ ثم قابل ابرام ملكيصادق،‏ ملك وكاهن شاليم.‏ «وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزا وخمرا.‏ وكان كاهنا للّٰه العلي وباركه وقال مبارك ابرام من اللّٰه العلي مالك السموات والارض ومبارك اللّٰه العلي الذي اسلم اعداءك في يدك.‏ فأعطاه عُشرا من كل شيء».‏ —‏ تكوين ١٤:‏١٨-‏٢٠‏.‏

      ١٩ نعم،‏ لقد انتصر ابرام بفضل يهوه.‏ وإيمانه هو الذي جعل يهوه ينقذه مرة اخرى.‏ ان شعب اللّٰه اليوم لا يشتركون في حرب حرفية،‏ لكنهم يواجهون امتحانات وصعوبات كثيرة.‏ وستُظهِر مقالتنا التالية كيف يمكن ان يساعدنا مثال ابرام على مواجهتها بنجاح.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a يقول بصيرة في الاسفار المقدسة (‏إصدار شهود يهوه [بالانكليزية])‏:‏ «تخبر بَرْديّة قديمة ان احد الفراعنة فوَّض الى رجال مسلَّحين الامساك بامرأة جذابة وقتل زوجها».‏ لذلك لم تكن مخاوف ابرام مضخَّمة.‏

      b ربما كانت هاجر،‏ التي صارت لاحقا سُرِّيَّة ابرام،‏ بين الإماء اللواتي مُنحن له آنذاك.‏ —‏ تكوين ١٦:‏١‏.‏

      c ادّعى النقّاد في ما مضى انه لم يكن لعيلام ايّ تأثير في شنعار وأن الرواية عن هجوم كدرلعومر هي من نسج الخيال.‏ من اجل مناقشة للادلة الاثرية التي تدعم رواية الكتاب المقدس،‏ انظروا برج المراقبة،‏ عدد ١ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٨٩،‏ الصفحات ٤-‏٧‏.‏

  • لا يفتر عزمكم في فعل ما هو حسن
    برج المراقبة ٢٠٠١ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • لا يفتر عزمكم في فعل ما هو حسن

      ‏«لا يفتر عزمنا في فعل ما هو حسن،‏ لأننا سنحصد في وقته إنْ كنا لا نعيي».‏ —‏ غلاطية ٦:‏٩‏.‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ لماذا الاحتمال لازم لخدمة اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ كيف اظهر ابراهيم الاحتمال،‏ وماذا ساعده على ذلك؟‏

      يسرنا،‏ نحن شهود يهوه،‏ ان نفعل مشيئة اللّٰه.‏ وحملُنا «نير» المسيح كتلاميذ له يجلب لنا الانتعاش.‏ (‏متى ١١:‏٢٩‏)‏ لكنَّ خدمة يهوه والمسيح ليست سهلة دائما.‏ وهذا ما اوضحه الرسول بولس عندما حثّ الرفقاء المسيحيين:‏ «تحتاجون الى الاحتمال لكي تنالوا إتمام الوعد بعد ان تكونوا قد فعلتم مشيئة اللّٰه».‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٣٦‏)‏ فالاحتمال لازم لأن خدمة اللّٰه قد تكون صعبة.‏

      ٢ ولا شك ان حياة ابراهيم هي اكبر دليل على ذلك.‏ فكثيرا ما واجه اختيارات صعبة وظروفا عصيبة.‏ فالأمر بترك حياة الرفاهية في اور لم يكن سوى البداية.‏ وسرعان ما عانى المجاعة،‏ العداء من المحيطين به،‏ حالة فيها كاد يخسر زوجته،‏ العداء من بعض انسبائه،‏ والحرب الوحشية.‏ وكان سيواجه تجارب اعظم ايضا.‏ لكنَّ عزمه لم يفتر قط في فعل ما هو حسن.‏ وهذا لافت للنظر عندما تأخذون في الاعتبار انه لم يكن يملك مثلنا الكتاب المقدس بكامله.‏ إلا انه كان يعرف دون شك النبوة الاولى التي تفوه بها اللّٰه:‏ «اضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها».‏ (‏تكوين ٣:‏١٥‏)‏ ولأنه الشخص الذي بواسطته كان سيأتي النسل،‏ فمن الطبيعي ان يكون هدف عداء الشيطان.‏ ولا شك ان إدراك ذلك ساعده على احتمال محنه بفرح.‏

      ٣ (‏أ)‏ لماذا ينبغي ان يتوقع شعب يهوه مواجهة الضيقات؟‏ (‏ب)‏ ايّ تشجيع تزوِّدنا اياه غلاطية ٦:‏٩‏؟‏

      ٣ اليوم ايضا،‏ ينبغي ان يتوقع شعب يهوه مواجهة الضيقات.‏ (‏١ بطرس ١:‏٦،‏ ٧‏)‏ فالكشف ١٢:‏١٧ تحذِّرنا ان الشيطان «يشنّ حربا» على البقية الممسوحة.‏ وهو يصبّ جام غضبه ايضا على ‹الخراف الاخر› لأنهم عشراء لصيقون للممسوحين.‏ (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ وبالاضافة الى المقاومة التي قد يواجهها المسيحيون في خدمتهم العلنية،‏ قد يواجهون ايضا ضغوطا شديدة في حياتهم الشخصية.‏ يحضنا بولس:‏ «لا يفتر عزمنا في فعل ما هو حسن،‏ لأننا سنحصد في وقته إنْ كنا لا نعيي».‏ (‏غلاطية ٦:‏٩‏)‏ نعم،‏ رغم ان الشيطان مصمِّم على تقويض ايماننا،‏ يجب ان نقاومه راسخين في الايمان.‏ (‏١ بطرس ٥:‏٨،‏ ٩‏)‏ وماذا يمكن ان ينتج من مسلكنا الامين؟‏ توضح يعقوب ١:‏٢،‏ ٣‏:‏ «اعتبروه كل فرح يا اخوتي عندما تواجهون محنا متنوعة،‏ عالمين ان نوعية ايمانكم الممتحنة هذه تنشئ احتمالا».‏

      الهجوم المباشر

      ٤ كيف يستخدم الشيطان الهجوم المباشر في محاولة لكسر استقامة شعب اللّٰه؟‏

      ٤ تُظهِر حياة ابراهيم ‹المحن المتنوعة› التي قد يواجهها المسيحي اليوم.‏ مثلا،‏ اضطر الى الردّ على هجوم شنّه الغزاة من شنعار.‏ (‏تكوين ١٤:‏١١-‏١٦‏)‏ لذلك لا نستغرب اذا استمر الشيطان في استخدام الاضطهاد كهجوم مباشر.‏ فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ فرضت عشرات البلدان حظرا حكوميا على عمل شهود يهوه التعليمي المسيحي.‏ يخبر الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠١ عن العنف الذي اضطر المسيحيون في أنڠولا ان يحتملوه على ايدي اعدائهم.‏ وقد اتَّكل اخوتنا في بلدان كهذه على يهوه ورفضوا الاستسلام رفضا باتًّا!‏ ولم يلجأوا الى العنف او التمرد كردّ فعل،‏ بل ثابروا بحذر على عمل الكرازة.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ٥ كيف يمكن ان يقع الاحداث المسيحيون ضحية الاضطهاد في المدرسة؟‏

      ٥ لكنَّ الاضطهاد لا يشمل بالضرورة العنف.‏ فبعدما بورك ابراهيم بابنين،‏ اسماعيل وإسحاق،‏ تخبرنا التكوين ٢١:‏٨-‏١٢‏،‏ حسب الترجمة التفسيرية،‏ ان اسماعيل كان ذات مرة «يسخر» من اسحاق.‏ ويُظهِر بولس في رسالته الى اهل غلاطية ان هذه السخرية لم تكن مجرد لهو صبياني،‏ لأنه قال ان اسماعيل كان يضطهد اسحاق.‏ (‏غلاطية ٤:‏٢٩‏)‏ لذلك فإن استهزاء الرفقاء في المدرسة وتهجُّم المقاومين الشفهي يمكن بالصواب دعوتهما اضطهادا.‏ يتذكر حدث مسيحي اسمه راين العذاب الذي عاناه على ايدي رفقاء صفه:‏ «كانت الـ‍ ١٥ دقيقة التي اقضيها في الباص في الذهاب الى المدرسة والرجوع منها تبدو وكأنها ساعات لأنني كنت اواجه التهجم الشفهي.‏ وقد احرقوني بمشابك الورق التي كانوا قد سخَّنوها بقدَّاحات».‏ وماذا كان سبب هذه المعاملة القاسية؟‏ «ان التدريب الثيوقراطي الذي نلته جعلني مختلفا عن باقي الاحداث في المدرسة».‏ لكنَّ راين تمكن من الاحتمال بأمانة بدعم والدَيه.‏ فيا ايها الاحداث هل تثبطتم من جراء سخرية نظرائكم؟‏ لا تستسلموا!‏ فبالاحتمال بأمانة،‏ تلمسون صحة كلمات يسوع:‏ «سعداء انتم متى عيّروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم شتى الشرور من اجلي كاذبين».‏ —‏ متى ٥:‏١١‏.‏

      الهموم العادية

      ٦ اية امور يمكن ان توتر العلاقات بين الرفقاء المسيحيين اليوم؟‏

      ٦ يشمل معظم المحن التي نواجهها اليوم هموما عادية.‏ فقد اضطر ابراهيم الى تسوية خلاف نشأ بين رعاته ورعاة ابن اخيه لوط.‏ (‏تكوين ١٣:‏٥-‏٧‏)‏ وبشكل مماثل اليوم،‏ يمكن للاختلافات في الشخصية والغيرة بسبب امور تافهة ان توتر العلاقات،‏ حتى انها تهدِّد سلام الجماعة.‏ «حيث تكون الغيرة والنزعة الى الخصام،‏ هناك التشويش وكل رذيلة».‏ (‏يعقوب ٣:‏١٦‏)‏ فكم هو مهم ان نقتدي بإبراهيم بأن لا يفتر عزمنا ونسمح للكبرياء بتعكير السلام بل ان نطلب مصالح الآخرين!‏ —‏ ١ كورنثوس ١٣:‏٥؛‏ يعقوب ٣:‏١٧‏.‏

      ٧ (‏أ)‏ ماذا ينبغي ان يفعل الشخص اذا جرح احد الرفقاء المسيحيين مشاعره؟‏ (‏ب)‏ كيف رسم ابراهيم مثالا رائعا للمحافظة على علاقات جيدة بالآخرين؟‏

      ٧ يمكن ان تكون المحافظة على السلام صعبة عندما نشعر ان احد الرفقاء المؤمنين لم يعاملنا بإنصاف.‏ تقول الامثال ١٢:‏١٨‏:‏ «يوجد مَن يهذر [«يتكلم دون تفكير»،‏ ع‌ج‏] مثل طعن السيف».‏ فالكلام دون تفكير،‏ حتى لو كان بحسن نية،‏ يمكن ان يجرح المشاعر جرحا عميقا.‏ ويكون الجرح اعمق بكثير اذا احسسنا انه افتُري علينا او وقعنا ضحية الثرثرة المؤذية.‏ (‏مزمور ٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ لكنَّ المسيحي لا يمكن ان يدع عزمه يفتر نتيجة المشاعر المجروحة.‏ فإذا كنتم في وضع كهذا،‏ فخذوا المبادرة لتسوية الامور بالتكلم بلطف مع الذي اساء اليكم.‏ (‏متى ٥:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ افسس ٤:‏٢٦‏)‏ أظهروا روح المسامحة.‏ (‏كولوسي ٣:‏١٣‏)‏ فبعدم إضمار الضغينة،‏ يمكننا بلسمة جراحنا وإنقاذ علاقتنا بأخينا.‏ فإبراهيم لم يضمر اي استياء ربما شعر به تجاه لوط.‏ فقد هب الى نجدته هو وعائلته.‏ —‏ تكوين ١٤:‏١٢-‏١٦‏.‏

      المحن التي يجلبها المرء على نفسه

      ٨ (‏أ)‏ كيف قد ‹يطعن المسيحيون انفسهم طعنا بأوجاع كثيرة›؟‏ (‏ب)‏ كيف تمكن ابراهيم من حيازة نظرة متَّزنة الى الامور المادية؟‏

      ٨ من المعترف به ان بعض المحن يجلبها المرء على نفسه.‏ مثلا،‏ اوصى يسوع أتباعه:‏ «لا تدَّخروا بعد لأنفسكم كنوزا على الارض،‏ حيث يفسد عث وصدأ،‏ وحيث يقتحم سارقون ويسرقون».‏ (‏متى ٦:‏١٩‏)‏ رغم ذلك،‏ فإن بعض الاخوة ‹يطعنون انفسهم طعنا بأوجاع كثيرة› عندما يضعون المصالح المادية قبل مصالح الملكوت.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فقد كان ابراهيم على استعداد للتضحية بوسائل الراحة المادية لإرضاء اللّٰه.‏ «بالايمان تغرب في ارض الموعد كما في ارض غريبة،‏ وسكن في خيام مع اسحاق ويعقوب،‏ الوارثَين معه للوعد عينه.‏ لأنه كان ينتظر المدينة التي لها اساسات حقيقية،‏ التي اللّٰه بانيها وصانعها».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فإيمان ابراهيم ‹بمدينة› مقبلة،‏ او حكومة الهية،‏ ساعده ألا يتَّكل على الغنى.‏ أفليس من الحكمة ان نقتدي به؟‏

      ٩،‏ ١٠ (‏أ)‏ كيف يمكن للرغبة في الشهرة ان تنتج محنة؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان يتصرف الاخ اليوم «كأصغر»؟‏

      ٩ تأملوا في وجه آخر.‏ يعطي الكتاب المقدس هذا التحذير القوي:‏ «إنْ ظنّ احد انه شيء وهو لا شيء،‏ فهو يخدع عقله».‏ (‏غلاطية ٦:‏٣‏)‏ كما انه يحثنا ألا نفعل «شيئا عن نزعة الى الخصام او عن عُجُب،‏ بل باتضاع عقلي».‏ (‏فيلبي ٢:‏٣‏)‏ فالبعض يجلبون المحن على انفسهم بعدم تطبيق هذه المشورة.‏ فإذ تدفعهم الرغبة في الشهرة بدلا من اشتهاء ‹عمل حسن›،‏ يتثبطون ويستاؤون عندما لا ينالون امتيازات في الجماعة.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٣:‏١‏.‏

      ١٠ وقد رسم ابراهيم مثالا رائعا لأنه «لم يفكر عن نفسه اكثر مما ينبغي».‏ (‏روما ١٢:‏٣‏)‏ فعندما قابل ملكيصادق،‏ لم يتصرف وكأن حظوته عند اللّٰه وضعته في مركز اسمى.‏ بل دفع له العُشْر،‏ معترفا بذلك بأن مركز ملكيصادق ككاهن اسمى من مركزه.‏ (‏عبرانيين ٧:‏٤-‏٧‏)‏ وعلى نحو مماثل،‏ ينبغي ان يكون المسيحيون اليوم على استعداد للتصرف «كأصغر» وألا يهتموا بتسليط الاضواء عليهم.‏ ‏(‏لوقا ٩:‏٤٨‏)‏ وإذا بدا ان الذين يأخذون القيادة في الجماعة يمتنعون عن منحكم بعض الامتيازات،‏ فافحصوا نفسكم فحصا مستقيما لتحدِّدوا اين يمكن ان تحسِّنوا في شخصيتكم او طريقة معالجتكم الامور.‏ وبدلا من التحسر على الامتيازات التي لم تحصلوا عليها،‏ استفيدوا من الامتياز الذي لديكم:‏ مساعدة الآخرين على التعرف بيهوه.‏ نعم،‏ «تواضعوا .‏ .‏ .‏ تحت يد اللّٰه القديرة،‏ ليرفعكم في حينه».‏ —‏ ١ بطرس ٥:‏٦‏.‏

      الايمان بأمور لا تُرى

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ لماذا قد يخسر البعض في الجماعة الشعور بالالحاح؟‏ (‏ب)‏ كيف رسم ابراهيم مثالا امينا في جعل حياته تتمحور حول الايمان بوعود اللّٰه؟‏

      ١١ ان احدى المحن الاخرى هي التأخر الظاهري لنهاية نظام الاشياء الشرير هذا.‏ تقول ٢ بطرس ٣:‏١٢ ان المسيحيين يجب ان يكونوا «منتظرين ومبقين حضور يوم يهوه قريبا في الذهن».‏ لكنَّ كثيرين ينتظرون هذا ‹اليوم› منذ سنوات،‏ والبعض منذ عقود.‏ لذلك قد يتثبط البعض ويخسرون الشعور بالالحاح.‏

      ١٢ مرة اخرى،‏ تأملوا في مثال ابراهيم.‏ فقد جعل حياته كلها متمحورة حول الايمان بوعود يهوه،‏ رغم انه كان من المستحيل ان تتمّ كلها في مدى حياته.‏ صحيح انه عاش ليرى ابنه اسحاق يكبر،‏ ولكن كانت ستمرّ قرون قبل ان يصير نسله «كنجوم السماء» او «كالرمل الذي على شاطئ البحر».‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٧‏)‏ إلا ان ابراهيم لم يغتظ او يتثبط.‏ لذلك قال الرسول بولس عن ابراهيم وآباء اجلاء آخرين:‏ «في الايمان مات هؤلاء اجمعون،‏ ولم ينالوا إتمام الوعود،‏ بل من بعيد رأوها ورحبوا بها وأعلنوا جهرا انهم غرباء ونزلاء في تلك الارض».‏ —‏ عبرانيين ١١:‏١٣‏.‏

      ١٣ (‏أ)‏ كيف يكون المسيحيون اليوم «نزلاء»؟‏ (‏ب)‏ لماذا سيجلب يهوه نهاية لنظام الاشياء هذا؟‏

      ١٣ اذا تمكن ابراهيم من جعل حياته تتمحور حول وعود كان إتمامها ‹بعيدا›،‏ فكم بالاحرى ينبغي ان نفعل ذلك نحن اليوم،‏ حين يكون إتمام هذه الوعود قريبا جدا!‏ فكإبراهيم يجب ان نعتبر انفسنا «نزلاء» في نظام الشيطان،‏ ونرفض الاستقرار مجازيا في نمط حياة منغمس في الملذات.‏ من الطبيعي ان نفضِّل ان تأتي فورا «نهاية كل شيء» لا ان تكون قريبة فقط.‏ (‏١ بطرس ٤:‏٧‏)‏ فلربما نعاني مشاكل صحية خطيرة.‏ او قد تثقل الضغوط الاقتصادية كاهلنا.‏ ولكن يجب ان نتذكر ان يهوه يجلب النهاية،‏ ليس لإنقاذنا من الظروف العصيبة فحسب،‏ بل ايضا لتقديس اسمه.‏ (‏حزقيال ٣٦:‏٢٣؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فالنهاية ستأتي،‏ ليس بالضرورة في وقت مناسب لنا،‏ بل في افضل وقت لإتمام مقاصد يهوه.‏

      ١٤ كيف يفيد صبر اللّٰه المسيحيين اليوم؟‏

      ١٤ تذكروا ايضا انه «لا يتباطأ يهوه عن وعده،‏ كما يعتبر بعض الناس التباطؤ،‏ ولكنه يصبر عليكم لأنه لا يرغب ان يهلك احد،‏ بل ان يبلغ الجميع الى التوبة».‏ (‏٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ لاحظوا ان اللّٰه «يصبر عليكم»،‏ اي على افراد الجماعة المسيحية.‏ فعلى الارجح،‏ يحتاج البعض منا الى وقت اكثر للقيام بالتغييرات والتعديلات لكي ‹يوجدوا اخيرا عنده بلا وصمة ولا شائبة في سلام›.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏١٤‏)‏ أفلا ينبغي ان نكون شاكرين لأن اللّٰه يُظهِر الصبر الى هذا الحدّ؟‏

      ايجاد الفرح رغم العقبات

      ١٥ كيف تمكن يسوع من المحافظة على فرحه في وجه المحن،‏ وكيف يستفيد المسيحيون اليوم من الاقتداء به؟‏

      ١٥ يتعلَّم المسيحيون اليوم دروسا عديدة من حياة ابراهيم.‏ فهو لم يُظهِر الايمان فحسب،‏ بل ايضا الصبر والفطنة والشجاعة والمحبة غير الانانية.‏ وقد اعطى عبادة يهوه الاولوية في حياته.‏ ولكن ينبغي ان نتذكر ان اسمى مثال للاقتداء به هو مثال يسوع المسيح.‏ فقد واجه هو ايضا محنا وامتحانات عديدة،‏ ولكنه اجتازها دون ان يخسر فرحه.‏ ولماذا؟‏ لأنه ابقى ذهنه مركزا على الرجاء الموضوع امامه.‏ (‏عبرانيين ١٢:‏٢،‏ ٣‏)‏ لذلك صلّى بولس:‏ «ليعطكم اللّٰه الذي يزوِّد الاحتمال والتعزية ان يكون لكم في ما بينكم الموقف العقلي عينه الذي كان عند المسيح يسوع».‏ (‏روما ١٥:‏٥‏)‏ فحيازة الموقف العقلي الصائب تمكِّننا من ايجاد الفرح رغم العقبات التي قد يضعها الشيطان في طريقنا.‏

      ١٦ ماذا يمكن ان نفعل عندما يبدو وكأن المشاكل تغمرنا؟‏

      ١٦ عندما يبدو وكأن المشاكل تغمركم،‏ تذكروا ان يهوه يحبكم كما احب ابراهيم.‏ وهو يريد ان تُفلحوا.‏ (‏فيلبي ١:‏٦‏)‏ فثقوا بيهوه كاملا،‏ متأكدين انه «لن يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون تحمله،‏ بل سيجعل ايضا مع التجربة المنفذ لتستطيعوا احتمالها».‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏١٣‏)‏ نمّوا عادة قراءة كلمة اللّٰه يوميا.‏ (‏مزمور ١:‏٢‏)‏ واظبوا على الصلاة،‏ طالبين من يهوه ان يساعدكم على الاحتمال.‏ (‏فيلبي ٤:‏٦‏)‏ وهو سوف «يعطي روحا قدسا للذين يسألونه».‏ (‏لوقا ١١:‏١٣‏)‏ استفيدوا من التدابير التي يزوِّدها لدعمكم روحيا،‏ مثل المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ اطلبوا ايضا دعم معشر الإخْوَة.‏ (‏١ بطرس ٢:‏١٧‏)‏ احضروا قانونيا الاجتماعات المسيحية،‏ لأنكم ستنالون هناك التشجيع الذي تحتاجون اليه لتحتملوا.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وابتهجوا بالاقتناع ان احتمالكم يجعل اللّٰه يرضى عنكم وأن امانتكم تفرح قلبه.‏ —‏ امثال ٢٧:‏١١؛‏ روما ٥:‏٣-‏٥‏.‏

      ١٧ لماذا لا يفتر عزم المسيحيين وييأسوا؟‏

      ١٧ لقد احب اللّٰه ابراهيم واعتبره ‹صديقا› له.‏ (‏يعقوب ٢:‏٢٣‏)‏ رغم ذلك،‏ كانت حياة ابراهيم سلسلة من المحن والضيقات الشديدة.‏ لذلك ينبغي ان يتوقع المسيحيون الامر نفسه في هذه «الايام الاخيرة» الشريرة.‏ فالكتاب المقدس يحذِّرنا ان «الناس الاشرار .‏ .‏ .‏ سيتقدمون من سيِّئ الى اسوأ».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١،‏ ١٣‏)‏ فبدلا من ان يفتر عزمكم وتيأسوا،‏ اعرفوا ان الضغوط التي نواجهها تدل اننا على شفير نهاية نظام الشيطان الشرير.‏ لكنَّ يسوع يذكِّرنا ان «الذي يحتمل الى النهاية هو يخلص».‏ (‏متى ٢٤:‏١٣‏)‏ لذلك ‹لا يفتر عزمكم في فعل ما هو حسن›!‏ اقتدوا بإبراهيم وكونوا بين الذين «بالايمان والصبر يرثون الوعود».‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١٢‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة