-
«تشجَّع جدا!»اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
-
-
وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَصَلَ وَفْدٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ حَنَانِيَّا رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ وَخَطِيبٍ يُدْعَى تَرْتُلُّسَ وَعَدَدٍ مِنَ ٱلشُّيُوخِ. بِدَايَةً، مَدَحَ تَرْتُلُّسُ فِيلِكْسَ مُنَوِّهًا بِصَنَائِعِهِ مِنْ أَجْلِ ٱلْيَهُودِ. وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هَدَفَهُ كَانَ تَمَلُّقَ ٱلْحَاكِمِ وَٱسْتِرْضَاءَهُ.b ثُمَّ تَطَرَّقَ إِلَى ٱلْمَسْأَلَةِ ٱلْمَطْرُوحَةِ عَلَى طَاوِلَةِ ٱلْبَحْثِ. فَأَشَارَ إِلَى بُولُسَ بِصِفَتِهِ «وَبَاءً وَمُثِيرَ فِتَنٍ بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَسْكُونَةِ وَزَعِيمًا لِبِدْعَةِ ٱلنَّاصِرِيِّينَ». وَٱتَّهَمَهُ أَيْضًا أَنَّهُ حَاوَلَ «أَنْ يَنْتَهِكَ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ». «عِنْدَئِذٍ ٱشْتَرَكَ ٱلْيَهُودُ [ٱلْآخَرُونَ] أَيْضًا فِي ٱلتَّهَجُّمِ عَلَيْهِ، مُؤَكِّدِينَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ هِيَ هٰكَذَا». (اع ٢٤:٥، ٦، ٩) كَخُلَاصَةٍ إِذًا، ٱتُّهِمَ بُولُسُ بِإِثَارَةِ ٱلْفِتَنِ، تَزَعُّمِ بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ، وَٱنْتِهَاكِ حُرْمَةِ ٱلْهَيْكَلِ. وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُهَمٌ ثَقِيلَةٌ قَدْ تُوصِلُ إِلَى ٱلْإِعْدَامِ. فَكَيْفَ دَافَعَ ٱلرَّسُولُ عَنْ نَفْسِهِ؟
١١، ١٢ كَيْفَ دَحَضَ بُولُسُ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ؟
١١ عِنْدَمَا حَانَ دَوْرُ بُولُسَ فِي ٱلْكَلَامِ، قَالَ: «أُدَافِعُ عَمَّا فِي أُمُورِي عَنْ طِيبِ نَفْسٍ». ثُمَّ أَنْكَرَ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا. فَهُوَ لَمْ يَنْتَهِكْ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ وَلَا حَاوَلَ أَنْ يُثِيرَ ٱلْفِتَنَ. وَأَشَارَ أَنَّهُ غَابَ عَنْ أُورُشَلِيمَ «سِنِينَ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ» وَعَادَ حَامِلًا «صَدَقَاتٍ»، أَيْ تَبَرُّعَاتٍ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا ٱفْتَقَرُوا جَرَّاءَ ٱلْمَجَاعَةِ وَٱلِٱضْطِهَادِ. وَشَدَّدَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ كَانَ «مُتَطَهِّرًا بِحَسَبِ ٱلطُّقُوسِ» قَبْلَ دُخُولِهِ ٱلْهَيْكَلَ، وَأَنَّهُ سَعَى بِضَمِيرٍ حَيٍّ أَنْ يَبْقَى «غَيْرَ مُلَطَّخٍ بِٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ». — اع ٢٤:١٠-١٣، ١٦-١٨.
١٢ بِٱلْمُقَابِلِ، ٱعْتَرَفَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ يُؤَدِّي خِدْمَةً مُقَدَّسَةً لِإِلٰهِ آبَائِهِ «بِحَسَبِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَدْعُونَهُ ‹بِدْعَةً›». لٰكِنَّهُ أَكَّدَ عَلَى إِيمَانِهِ «بِكُلِّ مَا جَاءَ فِي ٱلشَّرِيعَةِ وَكُتِبَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ». وَمَثَلُهُ مَثَلُ مُتَّهِمِيهِ، تَمَسَّكَ بِٱلرَّجَاءِ «أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَٱلْأَثَمَةِ». ثُمَّ تَحَدَّاهُمْ قَائِلًا: «فَلْيَقُلِ ٱلْحَاضِرُونَ هُنَا أَنْفُسُهُمْ أَيَّ سُوءٍ وَجَدُوا فِيَّ حِينَ وَقَفْتُ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ، إِلَّا مِنْ جِهَةِ هٰذَا ٱلْقَوْلِ ٱلَّذِي صَرَخْتُ بِهِ وَأَنَا وَاقِفٌ بَيْنَهُمْ: ‹عَلَى قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ ٱلْيَوْمَ أَمَامَكُمْ!›». — اع ٢٤:١٤، ١٥، ٢٠، ٢١.
١٣-١٥ لِمَ يُعْتَبَرُ بُولُسُ مِثَالًا جَيِّدًا فِي تَقْدِيمِ شَهَادَةٍ جَرِيئَةٍ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ؟
١٣ تَرَكَ بُولُسُ نَمُوذَجًا نَتَّبِعُهُ فِي حَالِ ٱسْتُدْعِينَا يَوْمًا لِلْمُثُولِ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ بِسَبَبِ عِبَادَتِنَا، وَٱتُّهِمْنَا زُورًا بِإِثَارَةِ ٱلْعُنْفِ أَوِ ٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ أَوِ ٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى «بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ». فَٱلرَّسُولُ لَمْ يَتَمَلَّقِ ٱلْحَاكِمَ مُمْطِرًا إِيَّاهُ بِعِبَارَاتِ إِطْرَاءٍ وَمَدِيحٍ مِثْلَمَا فَعَلَ تَرْتُلُّسُ. بَلْ حَافَظَ عَلَى رَصَانَتِهِ وَكَلَّمَهُ بِكُلِّ ٱحْتِرَامٍ، مُقَدِّمًا شَهَادَةً لَبِقَةً، صَادِقَةً، وَصَرِيحَةً. وَأَشَارَ أَنَّ «ٱلْيَهُودَ مِنْ إِقْلِيمِ آسِيَا» ٱلَّذِينَ ٱتَّهَمُوهُ بِتَدْنِيسِ ٱلْهَيْكَلِ غَائِبُونَ عَنِ ٱلْجَلْسَةِ، فِي حِينِ أَنَّ ٱلْقَانُونَ يَحْفَظُ لَهُ ٱلْحَقَّ فِي مُوَاجَهَتِهِمْ وَسَمَاعِ ٱتِّهَامَاتِهِمْ. — اع ٢٤:١٨، ١٩.
١٤ وَلَعَلَّ أَكْثَرَ مَا يَسْتَرْعِي ٱلِٱنْتِبَاهَ فِي كَلَامِ بُولُسَ أَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي ٱلشَّهَادَةِ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِ. فَقَدْ أَكَّدَ بِشَجَاعَةٍ إِيمَانَهُ بِرَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ ٱلَّذِي كَانَ أَسَاسًا سَبَبَ ٱلْبَلْبَلَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ فِي ٱلسَّنْهَدْرِيمِ. (اع ٢٣:٦-١٠) فَلِمَ شَدَّدَ ٱلرَّسُولُ عَلَى رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ فِي مُرَافَعَتِهِ؟ اَلسَّبَبُ يَكْمُنُ فِي رَغْبَتِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ شَهَادَةً عَنْ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ، وَاقِعَةٍ رَفَضَهَا هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمُونَ رَفْضًا قَاطِعًا. (اع ٢٦:٦-٨، ٢٢، ٢٣) بِٱخْتِصَارٍ إِذًا، دَارَ ٱلْجِدَالُ حَوْلَ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ عُمُومًا وَٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ خُصُوصًا.
١٥ أُسْوَةً بِبُولُسَ، يُمْكِنُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُقَدِّمَ شَهَادَةً جَرِيئَةً وَنَسْتَمِدَّ ٱلشَّجَاعَةَ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ إِلَى تَلَامِيذِهِ. فَبَعْدَمَا قَالَ لَهُمْ: «تَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي»، وَعَدَ: «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ هُوَ يَخْلُصُ». وَلَا دَاعِيَ حِينَذَاكَ إِلَى ٱلْقَلَقِ بِشَأْنِ مَا نَقُولُ. فَيَسُوعُ طَمْأَنَ جَمِيعَ تَلَامِيذِهِ، ذَاكِرًا: «عِنْدَمَا يَسُوقُونَكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، لَا تَحْمِلُوا هَمًّا مِنْ قَبْلُ بِمَ تَتَكَلَّمُونَ، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ فَبِذٰلِكَ تَكَلَّمُوا، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ، بَلِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ». — مر ١٣:٩-١٣.
«اِرْتَاعَ فِيلِكْسُ» (اعمال ٢٤:٢٢-٢٧)
١٦، ١٧ (أ) أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ فِيلِكْسُ فِي مُحَاكَمَةِ بُولُسَ؟ (ب) لِمَ ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، وَلٰكِنْ مَاذَا دَفَعَهُ إِلَى مُقَابَلَةِ بُولُسَ مُجَدَّدًا؟
١٦ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَسْمَعُ فِيهَا ٱلْحَاكِمُ فِيلِكْسُ عَنِ ٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ: «أَمَّا فِيلِكْسُ، فَإِذْ كَانَ يَعْرِفُ بِدِقَّةٍ تَامَّةٍ أُمُورَ هٰذَا ‹ٱلطَّرِيقِ› [تَعْبِيرٌ ٱسْتُخْدِمَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ]، أَخَذَ يُمَاطِلُهُمْ وَقَالَ: ‹حِينَ يَنْزِلُ لِيسِيَاسُ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ أُقَرِّرُ فِي أُمُورِكُمْ›. وَأَمَرَ ٱلضَّابِطَ أَنْ يُحْفَظَ ٱلرَّجُلُ تَحْتَ ٱلْحِرَاسَةِ، وَيُخَفَّفَ عَنْهُ ٱلْحَجْزُ، وَأَلَّا يَنْهَى أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ». — اع ٢٤:٢٢، ٢٣.
١٧ وَبَعْدَ أَيَّامٍ، ٱسْتَدْعَى فِيلِكْسُ، مَعَ زَوْجَتِهِ ٱلْيَهُودِيَّةِ دُرُوسِلَّا، ٱلرَّسُولَ بُولُسَ «وَسَمِعَ مِنْهُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ». (اع ٢٤:٢٤) وَلٰكِنْ حِينَ تَكَلَّمَ ٱلرَّسُولُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ، ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ»، رُبَّمَا لِأَنَّ ضَمِيرَهُ أَنَّبَهُ بِسَبَبِ مَسْلَكِهِ ٱلرَّدِيءِ. لِذٰلِكَ صَرَفَ بُولُسَ قَائِلًا: «اِذْهَبِ ٱلْآنَ، وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى فُرْصَةٍ أَسْتَدْعِيكَ ثَانِيَةً». وَبِٱلْفِعْلِ، قَابَلَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بُولُسَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لَاحِقًا إِنَّمَا لَيْسَ بِهَدَفِ ٱلتَّعَلُّمِ عَنِ ٱلْحَقِّ، بَلْ طَمَعًا بِٱلْحُصُولِ عَلَى رَشْوَةٍ. — اع ٢٤:٢٥، ٢٦.
١٨ لِمَ تَحَدَّثَ ٱلرَّسُولُ مَعَ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتِهِ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟
١٨ وَلٰكِنْ لِمَ كَلَّمَ بُولُسُ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتَهُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟ لَا نَنْسَ أَنَّهُمَا رَغِبَا فِي مَعْرِفَةِ مَا يَشْمُلُهُ «ٱلْإِيمَانُ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ». فَجَاءَ جَوَابُ بُولُسَ ٱلْمُطَّلِعِ عَلَى تَارِيخِهِمَا ٱلْفَاسِدِ وَٱلْقَاسِي وَٱلظَّالِمِ لِيُوضِحَ مَا يَتَطَلَّبُهُ ٱتِّبَاعُ يَسُوعَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ. وَكَلِمَاتُ ٱلرَّسُولِ أَظْهَرَتِ ٱلتَّبَايُنَ ٱلصَّارِخَ بَيْنَ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ وَنَمَطِ حَيَاةِ هٰذَيْنِ ٱلزَّوْجَيْنِ. وَعَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ يَتَنَبَّهَا إِلَى نُقْطَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ. أَوَّلًا، ٱلْبَشَرُ جَمِيعًا مَسْؤُولُونَ عَنْ أَفْكَارِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَمَامَ ٱللّٰهِ. وَثَانِيًا، إِنَّ ٱلْحُكْمَ ٱلَّذِي سَيُصْدِرُهُ فِيلِكْسُ عَلَى بُولُسَ لَا يُذْكَرُ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ حُكْمِ ٱللّٰهِ عَلَيْهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ. فَلَا عَجَبَ أَنِ ٱرْتَاعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ ٱلْفَاسِدُ.
١٩، ٢٠ (أ) كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نُعَامِلَ مَنْ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ يَسْعَوْنَ وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ؟ (ب) مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ فِيلِكْسَ لَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ بُولُسَ؟
١٩ فِي خِدْمَتِنَا، قَدْ نَجِدُ أَشْخَاصًا مِثْلَ فِيلِكْسَ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ، لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ لَا يَسْعَوْنَ إِلَّا وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ. فَكَيْفَ نَتَعَاطَى مَعَهُمْ؟ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَأْخُذَ حَذَرَنَا مِنْ أَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ. إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ نُخْبِرُهُمْ بِلَبَاقَةٍ عَنْ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ، تَشَبُّهًا بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ، لَعَلَّ ٱلْحَقَّ يَمَسُّ قُلُوبَهُمْ. أَمَّا إِذَا ظَهَرَ بِوُضُوحٍ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَسْلَكَهُمُ ٱلْخَاطِئَ، نَدَعُهُمْ وَشَأْنَهُمْ وَنَبْحَثُ عَمَّنْ يَبْحَثُونَ بِصِدْقٍ عَنِ ٱلْحَقِّ.
٢٠ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ، ٱنْكَشَفَتْ دَوَافِعُهُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ. نَقْرَأُ: «لَمَّا ٱنْقَضَتْ سَنَتَانِ، خَلَفَ بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ فِيلِكْسَ. وَإِذْ رَغِبَ فِيلِكْسُ أَنْ يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ، تَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّدًا». (اع ٢٤:٢٧) مِنْ هُنَا، لَمْ يَكُنْ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بِٱلْفِعْلِ فِي صَفِّ بُولُسَ. فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَتْبَاعَ «ٱلطَّرِيقِ» لَا يُحَرِّضُونَ لَا عَلَى ٱلْفِتْنَةِ وَلَا عَلَى ٱلثَّوْرَةِ. (اع ١٩:٢٣) وَأَدْرَكَ أَيْضًا أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَخْرِقْ أَيَّ قَانُونٍ رُومَانِيٍّ. مَعَ ذٰلِكَ، أَبْقَاهُ قَيْدَ ٱلِٱعْتِقَالِ كَيْ «يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ».
٢١ مَاذَا حَلَّ بِبُولُسَ بَعْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ، وَبِمَ تَشَجَّعَ دُونَ شَكٍّ؟
٢١ لَقَدْ رَأَيْنَا فِي ٱلْعَدَدِ ٱلْخِتَامِيِّ مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ٢٤ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ أَنَّ بُولُسَ كَانَ مَسْجُونًا عِنْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ مَكَانَ فِيلِكْسَ. مُذَّاكَ ٱبْتَدَأَتْ سِلْسِلَةٌ مِنْ جَلَسَاتِ ٱلِٱسْتِمَاعِ وَأُحِيلَ ٱلرَّسُولُ ٱلشُّجَاعُ مِنْ مَسْؤُولٍ إِلَى آخَرَ. فَتَمَّتْ فِيهِ كَلِمَاتُ ٱلْمَسِيحِ: «تُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَحُكَّامٍ». (لو ٢١:١٢) وَكَمَا نَرَى لَاحِقًا، يُؤَدِّي ٱلرَّسُولُ شَهَادَةً لِأَعْظَمِ حَاكِمٍ فِي تِلْكَ ٱلْحِقْبَةِ. وَلٰكِنْ خِلَالَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْمَحَطَّاتِ، ظَلَّ إِيمَانُهُ رَاسِخًا لَا يَتَزَعْزَعُ. فَلَا شَكَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَدَّ ٱلشَّجَاعَةَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ: «تَشَجَّعْ جِدًّا!».
-
-
«تشجَّع جدا!»اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
-
-
b شَكَرَ تَرْتُلُّسُ فِيلِكْسَ عَلَى ‹ٱلسَّلَامِ ٱلْعَظِيمِ› ٱلَّذِي نَعِمَتْ بِهِ ٱلْأُمَّةُ فِي ظِلِّ حُكْمِهِ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْيَهُودِيَّةَ فِي ٱلْوَاقِعِ تَعَرَّضَتْ لِخَضَّاتٍ خِلَالَ حُكْمِ فِيلِكْسَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ حُكْمٍ آخَرَ شَهِدَتْهُ قَبْلَ ٱنْدِلَاعِ ٱلثَّوْرَةِ عَلَى رُومَا. وَمِنِ ٱدِّعَاءَاتِهِ ٱلْكَاذِبَةِ أَيْضًا أَنَّ ٱلْيَهُودَ يَقْبَلُونَ إِصْلَاحَاتِهِ «بِكُلِّ شُكْرٍ». أَمَّا ٱلْحَقِيقَةُ فَهِيَ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْيَهُودِ ٱحْتَقَرُوهُ لِأَنَّهُ نَغَّصَ عَيْشَهُمْ وَقَمَعَ ثَوْرَاتِهِمْ بِكُلِّ وَحْشِيَّةٍ. — اع ٢٤:٢، ٣.
-