مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«اذهبوا وتلمذوا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • مَحَطَّاتٌ بَارِزَةٌ فِي ٱنْتِشَارِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ خِلَالَ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمِيلَادِيِّ

      1. ٣٣

        قِيَامَةُ يَسُوعَ

        يَسُوعُ يُفَوِّضُ أَتْبَاعَهُ عَمَلَ ٱلتَّلْمَذَةِ

        سَكْبُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ

        تَأْسِيسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ

      2. نَحْوَ ٣٣-‏٣٤

        اِسْتِشْهَادُ إِسْتِفَانُوسَ

        مَعْمُودِيَّةُ ٱلْخَصِيِّ ٱلْحَبَشِيِّ

      3. نَحْوَ ٣٤

        اِهْتِدَاءُ شَاوُلَ ٱلطَّرْسُوسِيِّ

      4. نَحْوَ ٣٤-‏٣٦

        كِرَازَةُ شَاوُلَ فِي دِمَشْقَ

      5. نَحْوَ ٣٦

        بُولُسُ يَزُورُ أُورُشَلِيمَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَعْدَ ٱهْتِدَائِهِ

        بُولُسُ يَزُورُ بُطْرُسَ فِي أُورُشَلِيمَ (‏غل ١:‏١٨‏)‏

      6. ٣٦

        كَرْنِيلِيُوسُ يَعْتَنِقُ ٱلْمَسِيحِيَّةَ

        اِهْتِدَاءُ أَوَائِلِ ٱلْأُمَمِيِّينَ

      7. نَحْوَ ٤١

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ إِنْجِيلِ مَتَّى

        رُؤْيَا بُولُسَ عَنِ «ٱلسَّمَاءِ ٱلثَّالِثَةِ» (‏٢ كو ١٢:‏٢‏)‏

      8. نَحْوَ ٤٤

        أَغَابُوسُ يَتَنَبَّأُ بِمَجَاعَةٍ عَظِيمَةٍ

        اِسْتِشْهَادُ يَعْقُوبَ بْنِ زَبَدِي

        سَجْنُ بُطْرُسَ ثُمَّ تَحْرِيرُهُ عَجَائِبِيًّا

      9. ٤٤

        مَوْتُ هِيرُودُسَ أَغْرِيبَاسَ ٱلْأَوَّلِ

      10. نَحْوَ ٤٦

        حُدُوثُ ٱلْمَجَاعَةِ ٱلْمُنْبَإِ بِهَا

        بُولُسُ يَجْلُبُ إِعَانَةً إِلَى ٱلْإِخْوَةِ فِي أُورُشَلِيمَ

      11. نَحْوَ ٤٧-‏٤٨

        رِحْلَةُ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةُ ٱلْأُولَى

      12. نَحْوَ ٤٩

        نُشُوءُ قَضِيَّةِ ٱلْخِتَانِ فِي أَنْطَاكِيَةَ

        اِجْتِمَاعُ ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ

        بُولُسُ يُوَبِّخُ بُطْرُسَ (‏غل ٢:‏١١-‏١٤‏)‏

      13. نَحْوَ ٤٩-‏٥٢

        رِحْلَةُ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةُ ٱلثَّانِيَةُ

        كِرَازَةُ بَرْنَابَا وَمَرْقُسَ فِي قُبْرُصَ

      14. نَحْوَ ٤٩-‏٥٠

        كُلُودِيُوسُ يُرَحِّلُ ٱلْيَهُودَ عَنْ رُومَا

      15. نَحْوَ ٥٠

        لُوقَا يَنْضَمُّ إِلَى بُولُسَ فِي تَرُوَاسَ

        رُؤْيَا بُولُسَ عَنْ رَجُلٍ مَقْدُونِيٍّ

        زِيَارَةُ بُولُسَ إِلَى فِيلِبِّي

        تَأْسِيسُ جَمَاعَةِ فِيلِبِّي

        تَأْسِيسُ جَمَاعَةِ تَسَالُونِيكِي

        زِيَارَةُ بُولُسَ إِلَى أَثِينَا

      16. نَحْوَ ٥٠-‏٥٢

        زِيَارَةُ بُولُسَ إِلَى كُورِنْثُوسَ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ تَسَالُونِيكِي ٱلْأُولَى

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ غَلَاطِيَةَ

      17. نَحْوَ ٥١

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ تَسَالُونِيكِي ٱلثَّانِيَةِ

      18. نَحْوَ ٥٢-‏٥٦

        رِحْلَةُ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةُ ٱلثَّالِثَةُ

      19. نَحْوَ ٥٢-‏٥٥

        زِيَارَةُ بُولُسَ إِلَى أَفَسُسَ

      20. نَحْوَ ٥٥

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ كُورِنْثُوسَ ٱلْأُولَى

        إِرْسَالُ تِيطُسَ إِلَى كُورِنْثُوسَ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ كُورِنْثُوسَ ٱلثَّانِيَةِ

      21. نَحْوَ ٥٦

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى رُومَا

        بُولُسُ يُقِيمُ أَفْتِيخُوسَ فِي تَرُوَاسَ

        بُولُسُ وَلُوقَا يَمْكُثَانِ عِنْدَ فِيلِبُّسَ فِي قَيْصَرِيَّةَ

        اِعْتِقَالُ بُولُسَ فِي أُورُشَلِيمَ

      22. نَحْوَ ٥٦-‏٥٨

        اِحْتِجَازُ بُولُسَ فِي قَيْصَرِيَّةَ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ إِنْجِيلِ لُوقَا

      23. نَحْوَ ٥٨

        فِسْتُوسُ يَخْلُفُ فِيلِكْسَ

      24. ٥٨

        بُولُسُ يَمْثُلُ أَمَامَ هِيرُودُسَ أَغْرِيبَاسَ ٱلثَّانِي

      25. نَحْوَ ٥٩-‏٦١

        سَجْنُ بُولُسَ ٱلْأَوَّلُ فِي رُومَا

      26. نَحْوَ ٦٠-‏٦١

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى كُولُوسِّي

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى أَفَسُسَ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى فِلِيمُونَ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى فِيلِبِّي

      27. نَحْوَ ٦٠-‏٦٥

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ إِنْجِيلِ مَرْقُسَ

      28. نَحْوَ ٦١

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلْأَعْمَالِ

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ

      29. نَحْوَ ٦١-‏٦٤

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ تِيمُوثَاوُسَ ٱلْأُولَى

        بُولُسُ يَتْرُكُ تِيطُسَ فِي كِرِيتَ (‏تي ١:‏٥‏)‏

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى تِيطُسَ

      30. قَبْلَ ٦٢

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ إِلَى يَعْقُوبَ

      31. نَحْوَ ٦٢-‏٦٤

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ بُطْرُسَ ٱلْأُولَى

      32. نَحْوَ ٦٤

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ بُطْرُسَ ٱلثَّانِيَةِ

      33. نَحْوَ ٦٥

        سَجْنُ بُولُسَ ٱلثَّانِي فِي رُومَا

        إِكْمَالُ كِتَابَةِ تِيمُوثَاوُسَ ٱلثَّانِيَةِ

        ذَهَابُ تِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَةَ (‏٢ تي ٤:‏١٠‏)‏

        إِعْدَامُ بُولُسَ

  • ‏«تكونون لي شهودا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢

      ‏«تَكُونُونَ لِي شُهُودًا»‏

      يَسُوعُ يُهَيِّئُ رُسُلَهُ لِيَتَوَلَّوُا ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١:‏١-‏٢٦

      ١-‏٣ كَيْفَ يُفَارِقُ يَسُوعُ رُسُلَهُ،‏ وَأَيُّ أَسْئِلَةٍ تَنْشَأُ؟‏

      كَمْ يَتَمَنَّى ٱلرُّسُلُ لَوْ تَدُومُ هٰذِهِ ٱللَّحَظَاتُ ٱلْغَالِيَةُ دَهْرًا!‏ فَٱلْأَسَابِيعُ ٱلْقَلِيلَةُ ٱلْمَاضِيَةُ حَمَلَتْ لَهُمْ سَعَادَةً مَا بَعْدَهَا سَعَادَةٌ.‏ وَهَلْ مِنْ عَجَبٍ؟‏ فَمُعَلِّمُهُمْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ!‏ وَقِيَامَتُهُ ٱنْتَشَلَتْهُمْ مِنَ ٱلْحَضِيضِ وَرَفَعَتْ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ إِلَى ٱلْقِمَّةِ.‏ وَطَوَالَ ٤٠ يَوْمًا ظَهَرَ لَهُمْ مِرَارًا مُقَدِّمًا ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلشُّرُوحَاتِ وَٱلتَّشْجِيعِ.‏ وَلٰكِنْ هَا هُوَ ٱلْيَوْمَ يَتَرَاءَى لَهُمْ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ .‏ .‏ .‏

      ٢ فَيَقِفُ ٱلرُّسُلُ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ مُصْغِينَ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱلْمَسِيحِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْوَقْتَ يَمُرُّ فِي لَمْحِ ٱلْبَصَرِ.‏ وَفِي نِهَايَةِ حَدِيثِهِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُبَارِكُهُمْ،‏ ثُمَّ يَرْتَفِعُ تَدْرِيجِيًّا عَنْهُمْ فِيمَا هُمْ يُحَدِّقُونَ إِلَيْهِ.‏ وَمَعَ أَنَّ سَحَابَةً تَحْجُبُهُ أَخِيرًا عَنْ أَنْظَارِهِمْ،‏ تَبْقَى عُيُونُهُمْ مُسَمَّرَةً نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ.‏ —‏ لو ٢٤:‏٥٠؛‏ اع ١:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      ٣ يُشَكِّلُ هٰذَا ٱلْمَشْهَدُ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي حَيَاةِ ٱلرُّسُلِ.‏ فَهَا هُوَ سَيِّدُهُمْ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ يَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.‏ فَمَا عَسَاهُمْ يَفْعَلُونَ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّهُ هَيَّأَهُمْ لِمُتَابَعَةِ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي وَضَعَ هُوَ حَجَرَ أَسَاسِهِ.‏ فَكَيْفَ أَعَدَّهُمْ لِهٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ ٱلصَّعْبَةِ؟‏ هَلْ تَجَاوَبُوا مَعَهُ؟‏ وَكَيْفَ يَنْعَكِسُ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟‏ يُقَدِّمُ ٱلْإِصْحَاحُ ٱلْأَوَّلُ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ أَجْوِبَةً مُشَجِّعَةً عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ.‏

      يسوع يصعد الی السماء امام عيون تلاميذه

      ‏«بَرَاهِينُ قَاطِعَةٌ» (‏اعمال ١:‏١-‏٥‏)‏

      ٤ كَيْفَ يَسْتَهِلُّ لُوقَا ٱلرِّوَايَةَ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ؟‏

      ٤ يَسْتَهِلُّ لُوقَا رِوَايَتَهُ مُخَاطِبًا ثَاوُفِيلُسَ،‏ ٱلرَّجُلَ نَفْسَهُ ٱلَّذِي وَجَّهَ إِلَيْهِ إِنْجِيلَهُ سَابِقًا.‏a فَيَبْدَأُ ٱلْحَدِيثَ بِمُلَخَّصٍ عَنِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُسَجَّلَةِ فِي خَاتِمَةِ إِنْجِيلِهِ مُسْتَعْمِلًا كَلِمَاتٍ مُخْتَلِفَةً وَمُقَدِّمًا تَفَاصِيلَ إِضَافِيَّةً.‏ وَبِذٰلِكَ يُظْهِرُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةَ تَكْمِلَةٌ لِسَابِقَتِهَا.‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ مَاذَا أَبْقَى إِيمَانَ أَتْبَاعِ يَسُوعَ قَوِيًّا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ إِيمَانَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ قَائِمٌ عَلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ»؟‏

      ٥ فِي ٱلْأَعْمَال ١:‏٣ يُخْبِرُنَا ٱلْكَاتِبُ مَاذَا سَيُبْقِي إِيمَانَ أَتْبَاعِ يَسُوعَ قَوِيًّا فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْقَادِمَةِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «أَظْهَرَ [يَسُوعُ] نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ إِنَّ لُوقَا،‏ «ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ»،‏ هُوَ ٱلْوَحِيدُ بَيْنَ كَتَبَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي يَسْتَعْمِلُ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ (‏كو ٤:‏١٤‏)‏ وَهِيَ مُصْطَلَحٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي ٱلْكِتَابَاتِ ٱلطِّبِّيَّةِ ٱلْقَدِيمَةِ يُشِيرُ إِلَى أَدِلَّةٍ دَامِغَةٍ مَوْثُوقٍ بِهَا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ يَسُوعَ قَدَّمَ أَدِلَّةً كَهٰذِهِ حِينَ تَرَاءَى لِأَتْبَاعِهِ مَرَّاتٍ عِدَّةً،‏ تَارَةً لِشَخْصٍ أَوِ ٱثْنَيْنِ وَطَوْرًا لِجَمِيعِ ٱلرُّسُلِ.‏ حَتَّى إِنَّهُ ظَهَرَ فِي إِحْدَى ٱلْمُنَاسَبَاتِ لِأَكْثَرَ مِنْ ٥٠٠ مُؤْمِنٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً.‏ (‏١ كو ١٥:‏٣-‏٦‏)‏ فَيَا لَهَا مِنْ بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ!‏

      ٦ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ إِنَّ إِيمَانَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ مَبْنِيٌّ عَلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ فَبَيْنَ أَيْدِينَا أَدِلَّةٌ تُبَرْهِنُ أَنَّ يَسُوعَ عَاشَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَمَاتَ عَنْ خَطَايَانَا،‏ ثُمَّ أُقِيمَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ.‏ مَثَلًا،‏ إِنَّ ٱلشَّهَادَاتِ ٱلْجَدِيرَةَ بِٱلثِّقَةِ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُلْهَمَةِ ٱلَّتِي أَدْلَى بِهَا شُهُودُ عِيَانٍ حَوْلَ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثِ تُشَكِّلُ دَلِيلًا لَا يَقْبَلُ ٱلشَّكَّ.‏ وَدَرْسُهَا بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ يُقَوِّي إِيمَانَنَا إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ.‏ وَلْنَتَذَكَّرْ:‏ اَلْأَدِلَّةُ ٱلْحَاسِمَةُ هِيَ مَا يَرْسُمُ ٱلْخَطَّ ٱلْفَاصِلَ بَيْنَ ٱلْإِيمَانِ ٱلْأَعْمَى وَٱلْإِيمَانِ ٱلْأَصِيلِ ٱلضَّرُورِيِّ لِنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.‏ —‏ يو ٣:‏١٦‏.‏

      ٧ أَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ يَسُوعُ أَمَامَ أَتْبَاعِهِ فِي ٱلتَّعْلِيمِ وَٱلْكِرَازَةِ؟‏

      ٧ يُخْبِرُ ٱلْعَدَدُ ٱلثَّالِثُ أَيْضًا أَنَّ يَسُوعَ «تَكَلَّمَ عَمَّا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» مَعَ رُسُلِهِ.‏ فَشَرَحَ مَثَلًا ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تُظْهِرُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا لَا بُدَّ أَنْ يُعَانِيَ وَيَمُوتَ.‏ (‏لو ٢٤:‏١٣-‏٣٢،‏ ٤٦،‏ ٤٧‏)‏ وَحِينَ أَوْضَحَ دَوْرَهُ ٱلْمَسِيَّانِيَّ هٰذَا،‏ شَدَّدَ فِي حَدِيثِهِ عَلَى ٱلْمَلَكُوتِ لِكَوْنِهِ هُوَ مَلِكَهُ ٱلْمُنْتَظَرَ.‏ وَمَلَكُوتُ ٱللّٰهِ كَانَ عَلَى ٱلدَّوَامِ مِحْوَرَ كِرَازَةِ يَسُوعَ.‏ وَلَا يَزَالُ أَتْبَاعُهُ ٱلْيَوْمَ يَسِيرُونَ عَلَى خُطَاهُ فِي بِشَارَتِهِمْ.‏ —‏ مت ٢٤:‏١٤؛‏ لو ٤:‏٤٣‏.‏

      ‏«إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ» (‏اعمال ١:‏٦-‏١٢‏)‏

      ٨،‏ ٩ (‏أ)‏ أَيُّ فِكْرَتَيْنِ مَغْلُوطَتَيْنِ كَانَتَا تُرَاوِدَانِ رُسُلَ يَسُوعَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ صَحَّحَ يَسُوعُ أَفْكَارَ رُسُلِهِ،‏ وَأَيُّ دَرْسٍ نَسْتَمِدُّهُ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٨ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ،‏ ٱجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ بِيَسُوعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَسَأَلُوهُ بِلَهْفَةٍ:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَفِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ تَرُدُّ ٱلْمَمْلَكَةَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟‏».‏ (‏اع ١:‏٦‏)‏ كَشَفَ سُؤَالُهُمْ هٰذَا عَنْ فِكْرَتَيْنِ مَغْلُوطَتَيْنِ كَانَتَا تُرَاوِدَانِ ٱلرُّسُلَ.‏ أَوَّلًا،‏ ٱفْتَرَضُوا أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ سَيُرَدُّ إِلَى إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيِّ.‏ ثَانِيًا،‏ أَظْهَرَتْ كَلِمَاتُهُمْ:‏ «فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ» عَنْ تَوَقُّعِهِمْ أَنْ يُبَاشِرَ ٱلْمَلَكُوتُ ٱلْمَوْعُودُ بِهِ حُكْمَهُ عَلَى ٱلْفَوْرِ.‏ فَكَيْفَ سَاعَدَهُمْ يَسُوعُ عَلَى تَصْحِيحِ أَفْكَارِهِمْ؟‏

      ٩ عَرَفَ ٱلْمَسِيحُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّ ٱلْفِكْرَةَ ٱلْأُولَى سَتُصَحَّحُ بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ.‏ فَقَدْ أَوْشَكَ أَتْبَاعُهُ أَنْ يَشْهَدُوا وِلَادَةَ أُمَّةٍ جَدِيدَةٍ،‏ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيِّ،‏ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ.‏ وَتَعَامُلَاتُ ٱللّٰهِ مَعَ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيِّ دَنَتْ مِنْ نِهَايَتِهَا.‏ أَمَّا فِي مَا يَخْتَصُّ بِٱلْفِكْرَةِ ٱلثَّانِيَةِ فَذَكَّرَهُمْ يَسُوعُ بِلُطْفٍ بِمَا يَلِي:‏ «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلْأَزْمِنَةَ وَٱلْأَوْقَاتَ ٱلَّتِي حَدَّدَهَا ٱلْآبُ بِمَا لَدَيْهِ مِنْ سُلْطَانٍ».‏ (‏اع ١:‏٧‏)‏ فَيَهْوَهُ ٱللّٰهُ هُوَ أَعْظَمُ مَنْ وَضَعَ ٱلْمَوَاعِيدَ وَٱلْتَزَمَ بِهَا.‏ وَيَسُوعُ بِذَاتِهِ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ إِنَّ ٱلِٱبْنَ نَفْسَهُ لَمْ يَعْرِفْ آنَذَاكَ ‹ٱلْيَوْمَ وَٱلسَّاعَةَ› حِينَ تَأْتِي ٱلنِّهَايَةُ؛‏ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا أَحَدٌ «إِلَّا ٱلْآبُ وَحْدَهُ».‏ (‏مت ٢٤:‏٣٦‏)‏ وَكَلِمَاتُ يَسُوعَ لِتَلَامِيذِهِ تَصِحُّ فِي أَيَّامِنَا أَيْضًا.‏ فَإِذَا ٱهْتَمَمْنَا فَوْقَ ٱلْحَدِّ بِمَوْعِدِ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ،‏ فَنَحْنُ فِي ٱلْوَاقِعِ نَحْمِلُ هَمًّا لَيْسَ لَنَا.‏

      ١٠ أَيُّ مَوْقِفٍ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُنْمِيَهُ،‏ وَلِمَ؟‏

      ١٠ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَحْذَرَ ٱلِٱسْتِخْفَافَ بِرُسُلِ يَسُوعَ ٱلَّذِينَ تَحَلَّوْا بِإِيمَانٍ كَبِيرٍ.‏ فَقَدْ قَبِلُوا ٱلتَّقْوِيمَ بِتَوَاضُعٍ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ سُؤَالَهُمْ نَمَّ عَنْ طَرِيقَةِ تَفْكِيرٍ خَاطِئَةٍ،‏ إِلَّا أَنَّهُ كَشَفَ عَنْ حُسْنِ نِيَّتِهِمْ أَيْضًا.‏ فَقَدْ حَثَّ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ مِرَارًا:‏ «دَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ».‏ (‏مت ٢٤:‏٤٢؛‏ ٢٥:‏١٣؛‏ ٢٦:‏٤١‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ كَانَ ٱلرُّسُلُ يَقِظِينَ رُوحِيًّا وَمُتَنَبِّهِينَ لِأَيِّ أَدِلَّةٍ تُشِيرُ أَنَّ يَهْوَهَ عَلَى وَشْكِ ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ مُعَيَّنٍ.‏ وَنَحْنُ أَيْضًا مِنَ ٱلْمُلِحِّ أَنْ نُنْمِيَ مَوْقِفًا شَبِيهًا بِمَوْقِفِهِمْ هٰذَا،‏ وَلَا سِيَّمَا فِي هٰذِهِ «ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ» ٱلْبَالِغَةِ ٱلْخُطُورَةِ.‏ —‏ ٢ تي ٣:‏١-‏٥‏.‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ أَيُّ تَفْوِيضٍ أَوْكَلَهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يَأْتِيَ يَسُوعُ عَلَى ذِكْرِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ تَفْوِيضِ ٱلْكِرَازَةِ؟‏

      ١١ ذَكَّرَ يَسُوعُ رُسُلَهُ بَأَهَمِّ عَمَلٍ فِي حَيَاتِهِمْ،‏ قَائِلًا:‏ «سَتَنَالُونَ قُدْرَةً مَتَى أَتَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ،‏ وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ».‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ وَعَلَيْهِ،‏ فَإِنَّ خَبَرَ قِيَامَةِ يَسُوعَ سَيُذَاعُ أَوَّلًا فِي أُورُشَلِيمَ حَيْثُ أُعْدِمَ،‏ ثُمَّ تَنْتَشِرُ ٱلرِّسَالَةُ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَفِي ٱلسَّامِرَةِ وُصُولًا إِلَى ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْأَبْعَدِ.‏

      ١٢ لَاحِظْ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَذْكُرْ تَفْوِيضَ ٱلْكِرَازَةِ إِلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ وَعْدِهِ لَهُمْ بِمَنْحِهِمِ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ مُعِينًا.‏ وَفِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ تَرِدُ عِبَارَةُ «ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» بِصِيَغِهَا ٱلْمُخْتَلِفَةِ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ مَرَّةً.‏ فَهٰذَا ٱلسِّفْرُ ٱلْمُؤَثِّرُ يُبَيِّنُ بِوُضُوحٍ ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى أَنَّنَا عَاجِزُونَ عَنْ فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ دُونَ مَعُونَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَيْهِ.‏ فَلْنُدَاوِمْ إِذًا عَلَى ٱلصَّلَاةِ طَلَبًا لِهٰذَا ٱلْمُعِينِ.‏ —‏ لو ١١:‏١٣‏.‏

      ١٣ مَا نِطَاقُ تَفْوِيضِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْمُوكَلِ إِلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ،‏ وَلِمَ يَجِبُ أَنْ نَنْهَمِكَ فِيهِ؟‏

      ١٣ كَمْ تَغَيَّرَ مُذَّاكَ مَدْلُولُ ٱلْعِبَارَةِ «إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ»!‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ قَبِلَ شُهُودُ يَهْوَهَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ هٰذَا ٱلتَّعْيِينَ كَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ عَالِمِينَ أَنَّ ٱللّٰهَ يَشَاءُ أَنْ يَسْمَعَ شَتَّى ٱلنَّاسِ ٱلْبِشَارَةَ عَنْ مَلَكُوتِهِ.‏ (‏١ تي ٢:‏٣،‏ ٤‏)‏ فَهَلْ أَنْتَ مُنْهَمِكٌ فِي عَمَلِ ٱلْإِنْقَاذِ هٰذَا؟‏ أَيْنَمَا بَحَثْتَ فَلَنْ تَجِدَ عَمَلًا يَمْنَحُكَ هٰذَا ٱلْقَدْرَ مِنَ ٱلِٱكْتِفَاءِ وَٱلسَّعَادَةِ،‏ عَمَلًا يُمَكِّنُكَ يَهْوَهُ مِنْ إِتْمَامِهِ.‏ وَسِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ يَكْشِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلْأَسَالِيبِ وَٱلْمَوَاقِفِ ٱللَّازِمَةِ لِإِتْمَامِهِ بِفَعَّالِيَّةٍ.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ ٱلْمَلَاكَانِ عَنْ عَوْدَةِ ٱلْمَسِيحِ،‏ وَمَاذَا قَصَدَا؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ أَيْضًا.‏)‏ (‏ب)‏ كَيْفَ عَادَ يَسُوعُ «بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا» كَمَا غَادَرَ؟‏

      ١٤ وَرَدَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ أَنَّ يَسُوعَ ٱرْتَفَعَ عَنْ رُسُلِهِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ وَتَوَارَى عَنْ أَبْصَارِهِمْ.‏ لٰكِنَّهُمْ ظَلُّوا وَاقِفِينَ يُحَدِّقُونَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.‏ بَعْدَئِذٍ ظَهَرَ مَلَاكَانِ وَلَفَتَا ٱنْتِبَاهَهُمْ،‏ قَائِلَيْنِ:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْجَلِيلِيُّونَ،‏ لِمَاذَا تَقِفُونَ نَاظِرِينَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟‏ فَيَسُوعُ هٰذَا ٱلَّذِي رُفِعَ عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هٰكَذَا بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ ذَاهِبًا إِلَى ٱلسَّمَاءِ».‏ (‏اع ١:‏١١‏)‏ فَهَلْ قَصَدَا أَنَّ يَسُوعَ سَيَعُودُ بِٱلْجِسْمِ نَفْسِهِ كَمَا تُعَلِّمُ بَعْضُ ٱلْأَدْيَانِ؟‏ كَلَّا.‏ وَمَا ٱلدَّلِيلُ؟‏

      ١٥ لَمْ يَقُلِ ٱلْمَلَاكَانِ إِنَّ يَسُوعَ سَيَعُودُ بِٱلشَّكْلِ نَفْسِهِ،‏ بَلْ «بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا».‏b فَبِأَيِّ طَرِيقَةٍ رَحَلَ عَنْهُمْ؟‏ كَانَ يَسُوعُ قَدِ ٱخْتَفَى عَنِ ٱلْأَنْظَارِ حِينَ تَكَلَّمَ ٱلْمَلَاكَانِ.‏ وَحْدَهُمُ ٱلرُّسُلُ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ أَدْرَكُوا أَنَّهُ غَادَرَ جِوَارَ ٱلْأَرْضِ مُتَّجِهًا إِلَى أَبِيهِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ فَهَلْ عَادَ بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا؟‏ نَعَمْ.‏ فَلَا أَحَدَ فِي يَوْمِنَا هٰذَا يُدْرِكُ أَنَّ يَسُوعَ حَاضِرٌ بِٱلسُّلْطَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ إِلَّا ٱلَّذِينَ يَتَّصِفُونَ بِٱلتَّمْيِيزِ ٱلرُّوحِيِّ.‏ (‏لو ١٧:‏٢٠‏)‏ لِذَا مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ نُمَيِّزَ ٱلْأَدِلَّةَ عَلَى حُضُورِهِ وَنُطْلِعَ ٱلْآخَرِينَ عَلَيْهَا كَيْ يُدْرِكُوا هُمْ أَيْضًا إِلْحَاحَ ٱلْأَزْمِنَةِ.‏

      ‏«أَظْهِرْ .‏ .‏ .‏ أَيَّ هٰذَيْنِ ٱلِٱثْنَيْنِ قَدِ ٱخْتَرْتَ» (‏اعمال ١:‏١٣-‏٢٦‏)‏

      ١٦-‏١٨ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلْأَعْمَال ١:‏١٣،‏ ١٤ عَنِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مِثَالٍ تَرَكَتْهُ لَنَا مَرْيَمُ أُمُّ يَسُوعَ؟‏ (‏ج)‏ لِمَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ضَرُورِيَّةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٦ لَا عَجَبَ أَنَّ ٱلرُّسُلَ «عَادُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ».‏ (‏لو ٢٤:‏٥٢‏)‏ وَلٰكِنْ هَلْ تَجَاوَبُوا مَعَ تَوْجِيهَاتِ ٱلْمَسِيحِ وَإِرْشَادَاتِهِ؟‏ تُخْبِرُنَا ٱلْأَعْمَال ١:‏١٣،‏ ١٤ أَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِي «عُلِّيَّةٍ» وَتَكْشِفُ لَنَا تَفَاصِيلَ مُثِيرَةً عَنِ ٱجْتِمَاعَاتٍ كَهٰذِهِ.‏ فَفِي فِلَسْطِينَ قَدِيمًا،‏ غَالِبًا مَا ضَمَّتِ ٱلْبُيُوتُ غُرْفَةً فِي ٱلطَّبَقَةِ ٱلْعُلْيَا يُصْعَدُ إِلَيْهَا عَلَى سُلَّمٍ خَارِجِيٍّ.‏ وَرُبَّمَا كَانُوا آنَذَاكَ مُجْتَمِعِينَ فِي بَيْتِ وَالِدَةِ مَرْقُسَ ٱلْمَذْكُورِ فِي ٱلْأَعْمَال ١٢:‏١٢‏.‏ عَلَى أَيِّ حَالٍ،‏ كَانَتِ «ٱلْعُلِّيَّةُ» عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَكَانًا بَسِيطًا مُلَائِمًا لِٱجْتِمَاعِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ.‏ فَمَنْ حَضَرَ ٱلِٱجْتِمَاعَ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ،‏ وَمَاذَا حَصَلَ خِلَالَهُ؟‏

      ١٧ لَاحِظْ أَنَّ ٱلِٱجْتِمَاعَ لَمْ يَقْتَصِرْ لَا عَلَى ٱلرُّسُلِ وَلَا عَلَى ٱلرِّجَالِ فَحَسْبُ.‏ فَقَدْ ضَمَّ ٱلْحُضُورُ «بَعْضَ ٱلنِّسَاءِ»،‏ بِمَنْ فِيهِمْ مَرْيَمُ أُمُّ يَسُوعَ.‏ وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْمَرَّةُ ٱلْأَخِيرَةُ ٱلَّتِي يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ فِيهَا عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ بِٱلِٱسْمِ.‏ وَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي ذِهْنِنَا هٰذِهِ ٱلصُّورَةَ عَنْ مَرْيَمَ:‏ صُورَةَ ٱمْرَأَةٍ لَمْ تَطْلُبِ ٱلْمَجْدَ وَٱلْبُرُوزَ،‏ بَلِ ٱجْتَمَعَتْ بِتَوَاضُعٍ بِإِخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا ٱلرُّوحِيِّينَ لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهَا سُرَّتْ بِوُجُودِ أَبْنَائِهَا ٱلْأَرْبَعَةِ ٱلْآخَرِينَ إِلَى جَانِبِهَا ٱلْآنَ،‏ هُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِيَسُوعَ خِلَالَ حَيَاتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ.‏ (‏مت ١٣:‏٥٥؛‏ يو ٧:‏٥‏)‏ فَمُنْذُ مَوْتِ أَخِيهِمْ غَيْرِ ٱلشَّقِيقِ وَقِيَامَتِهِ فَتَحَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ صَفْحَةً جَدِيدَةً.‏ —‏ ١ كو ١٥:‏٧‏.‏

      ١٨ مِنَ ٱلْمُثِيرِ لِلِٱهْتِمَامِ أَيْضًا سَبَبُ ٱجْتِمَاعِ هٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذِ.‏ تَقُولُ ٱلْأَعْمَال ١:‏١٤‏:‏ «هٰؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُدَاوِمُونَ مَعًا عَلَى ٱلصَّلَاةِ».‏ فَٱلِٱجْتِمَاعَاتُ كَانَتْ وَلَا تَزَالُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَنَحْنُ نَجْتَمِعُ مَعًا لِنَتَبَادَلَ ٱلتَّشْجِيعَ وَنَنَالَ ٱلْإِرْشَادَ وَٱلْمَشُورَةَ،‏ وَٱلْأَهَمُّ لِنُقَدِّمَ ٱلْعِبَادَةَ مَعًا لِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ.‏ وَحِينَ نُصَلِّي لِيَهْوَهَ وَنُرَنِّمُ تَسَابِيحَ لَهُ،‏ نَقُومُ بِعَمَلٍ مَرْضِيٍّ أَمَامَهُ وَضَرُورِيٍّ جِدًّا لَنَا.‏ فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَلَّا نَتْرُكَ هٰذِهِ ٱلتَّجَمُّعَاتِ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَٱلْبَنَّاءَةَ.‏ —‏ عب ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      ١٩-‏٢١ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ دَوْرِ بُطْرُسَ ٱلْفَعَّالِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى بَدِيلٍ عَنْ يَهُوذَا،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ طَرِيقَةِ مُعَالَجَةِ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ؟‏

      ١٩ وَاجَهَتْ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ مَسْأَلَةٌ تَنْظِيمِيَّةٌ مُهِمَّةٌ تَوَلَّى ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ ٱلْقِيَادَةَ فِي مُعَالَجَتِهَا.‏ (‏الاعداد ١٥-‏٢٦‏)‏ أَوَلَا نَتَعَزَّى حِينَ نَعْرِفُ كَمْ تَغَيَّرَ بُطْرُسُ فِي ٱلْأَسَابِيعِ ٱلْقَلِيلَةِ ٱلْمَاضِيَةِ مُنْذُ أَنْكَرَ سَيِّدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟‏!‏ (‏مر ١٤:‏٧٢‏)‏ فَنَحْنُ جَمِيعًا مُعَرَّضُونَ لِٱرْتِكَابِ ٱلْخَطَايَا وَبِحَاجَةٍ إِلَى ٱلتَّذَكُّرِ أَنَّ يَهْوَهَ «صَالِحٌ وَغَفُورٌ» يُسَامِحُ مَنْ يَتُوبُ إِلَيْهِ تَوْبَةً صَادِقَةً.‏ —‏ مز ٨٦:‏٥‏.‏

      ٢٠ أَدْرَكَ بُطْرُسُ ضَرُورَةَ ٱخْتِيَارِ بَدِيلٍ عَنِ ٱلرَّسُولِ ٱلْخَائِنِ يَهُوذَا،‏ وَلٰكِنْ مَنْ؟‏ لَقَدْ أَشَارَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ ٱلْجَدِيدَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَبِعُوا يَسُوعَ طِيلَةَ خِدْمَتِهِ وَشَهِدُوا قِيَامَتَهُ.‏ (‏اع ١:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وَكَلِمَاتُهُ هٰذِهِ ٱنْسَجَمَتْ مَعَ وَعْدِ يَسُوعَ ٱلتَّالِي:‏ «تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،‏ يَا مَنْ تَبِعْتُمُونِي،‏ عَلَى ٱثْنَيْ عَشَرَ عَرْشًا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ».‏ (‏مت ١٩:‏٢٨‏)‏ فَكَمَا يَظْهَرُ،‏ قَصَدَ يَهْوَهُ لِٱثْنَيْ عَشَرَ رَسُولًا مِمَّنْ تَبِعُوا يَسُوعَ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ أَنْ يُشَكِّلُوا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ ‹ٱثْنَيْ عَشَرَ حَجَرَ أَسَاسٍ› لِأُورُشَلِيمَ ٱلْجَدِيدَةِ.‏ (‏رؤ ٢١:‏٢،‏ ١٤‏)‏ لِذٰلِكَ أَتَاحَ ٱللّٰهُ لِبُطْرُسَ أَنْ يَرَى أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ ٱلْقَائِلَةَ «لِيَأْخُذْ مَهَامَّ إِشْرَافِهِ آخَرُ» تَنْطَبِقُ عَلَى يَهُوذَا.‏ —‏ مز ١٠٩:‏٨‏.‏

      ٢١ وَكَيْفَ ٱخْتِيرَ ٱلرَّسُولُ ٱلْجَدِيدُ؟‏ بِٱسْتِخْدَامِ وَسِيلَةٍ شَائِعَةٍ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ أَلَا وَهِيَ إِلْقَاءُ قُرْعَةٍ.‏ (‏ام ١٦:‏٣٣‏)‏ وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْمَرَّةُ ٱلْأَخِيرَةُ ٱلَّتِي تُخْبِرُ فِيهَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَنِ ٱللُّجُوءِ إِلَى ٱلْقُرْعَةِ لِٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ.‏ فَحَسْبَمَا يَظْهَرُ،‏ بَطَلَتْ هٰذِهِ ٱلْمُمَارَسَةُ عِنْدَ سَكْبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لَاحِقًا.‏ وَلٰكِنْ لَاحِظْ سَبَبَ ٱسْتِعْمَالِهَا آنَذَاكَ.‏ صَلَّى ٱلرُّسُلُ قَائِلِينَ:‏ «يَا يَهْوَهُ،‏ ٱلْعَارِفُ قُلُوبَ ٱلْجَمِيعِ،‏ أَظْهِرْ أَنْتَ أَيَّ هٰذَيْنِ ٱلِٱثْنَيْنِ قَدِ ٱخْتَرْتَ».‏ (‏اع ١:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ فَقَدْ أَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِيَ يَهْوَهُ بِنَفْسِهِ ٱلشَّخْصَ ٱلْمُنَاسِبَ.‏ فَٱخْتَارَ مَتِّيَاسَ ٱلَّذِي كَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ وَاحِدًا مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلسَّبْعِينَ ٱلَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ لِلْكِرَازَةِ.‏ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ مَتِّيَاسُ وَاحِدًا مِنَ ‹ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ›.‏c —‏ اع ٦:‏٢‏.‏

      ٢٢،‏ ٢٣ لِمَ عَلَيْنَا أَنْ نُطِيعَ مَنْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ وَنُذْعِنَ لَهُمْ؟‏

      ٢٢ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ بِأَهَمِّيَّةِ ٱلتَّنْظِيمِ بَيْنَ شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏ وَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ يُخْتَارُ رِجَالٌ جَدِيرُونَ بِٱلثِّقَةِ لِلْإِشْرَافِ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏ كَيْفَ؟‏ يَتَأَمَّلُ ٱلشُّيُوخُ مَلِيًّا فِي ٱلْمُؤَهِّلَاتِ ٱلْوَاجِبِ عَلَى هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ بُلُوغُهَا بِحَسَبِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَيُصَلُّونَ طَلَبًا لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ تَعْتَبِرُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلنُّظَّارَ مُعَيَّنِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ.‏ وَنَحْنُ بِدَوْرِنَا نُذْعِنُ لَهُمْ وَنُطِيعُ قِيَادَتَهُمْ مُرَوِّجِينَ بِٱلتَّالِي رُوحَ ٱلتَّعَاوُنِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ —‏ عب ١٣:‏١٧‏.‏

      اجتماع شيوخ

      نحن نطيع النظار المعينيين ونذعن لهم

      ٢٣ كَخُلَاصَةٍ،‏ تَقَوَّى ٱلتَّلَامِيذُ بِرُؤْيَةِ يَسُوعَ ٱلْمُقَامِ وَتَشَجَّعُوا بِٱلتَّحْسِينَاتِ ٱلتَّنْظِيمِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ.‏ فَبَاتُوا ٱلْآنَ مُهَيَّئِينَ كَامِلًا لِلْحَدَثِ ٱلتَّارِيخِيِّ ٱلْكَامِنِ أَمَامَهُمْ.‏ وَهٰذَا مَا يُنَاقِشُهُ ٱلْفَصْلُ ٱلتَّالِي.‏

      a يُخَاطِبُ لُوقَا هٰذَا ٱلرَّجُلَ فِي إِنْجِيلِهِ بِٱلْكَلِمَاتِ:‏ «يَا صَاحِبَ ٱلسُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسُ».‏ لِذَا يُرَجِّحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ،‏ إِنَّمَا لَيْسَ بَعْدُ مُؤْمِنًا.‏ أَمَّا فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ فَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ بِبَسَاطَةٍ،‏ قَائِلًا:‏ «يَا ثَاوُفِيلُسُ».‏ وَهٰذَا مَا حَدَا بِبَعْضِ ٱلْعُلَمَاءِ إِلَى ٱلِٱسْتِنْتَاجِ أَنَّهُ أَصْبَحَ مُؤْمِنًا بَعْدَ قِرَاءَةِ إِنْجِيلِ لُوقَا.‏ فَٱلْكَاتِبُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ أَيَّةَ أَلْقَابٍ تَبْجِيلِيَّةٍ،‏ بَلْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِٱعْتِبَارِهِ أَحَدَ إِخْوَتِهِ ٱلرُّوحِيِّينَ.‏

      b يَسْتَعْمِلُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُنَا ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ تروپوس ٱلَّتِي تَعْنِي «ٱلطَّرِيقَةَ» وَلَيْسَ مورفِه ٱلَّتِي تَدُلُّ عَلَى «ٱلْهَيْئَةِ».‏

      c عُيِّنَ بُولُسُ لَاحِقًا ‹رَسُولًا لِلْأُمَمِ› لٰكِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ قَطُّ مِنَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.‏ (‏رو ١١:‏١٣؛‏ ١ كو ١٥:‏٤-‏٨‏)‏ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ يَسُوعَ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ،‏ فَلَمْ يَسْتَوْفِ ٱلشُّرُوطَ ٱللَّازِمَةَ لِنَيْلِ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ.‏

  • ‏«امتلأ الجميع روحا قدسا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٣

      ‏«اِمْتَلَأَ ٱلْجَمِيعُ رُوحًا قُدُسًا»‏

      اَلنَّتَائِجُ ٱلنَّاجِمَةُ عَنْ سَكْبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢:‏١-‏٤٧

      ١ صِفُوا أَجْوَاءَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ.‏

      تَعِجُّ شَوَارِعُ أُورُشَلِيمَ بِٱلنَّشَاطِ وَٱلْحَرَكَةِ.‏a اَللَّاوِيُّونَ يُرَنِّمُونَ مَزَامِيرَ ٱلْهَلِّلِ (‏اَلْمَزَامِيرُ ١١٣ إِلَى ١١٨‏)‏ فِيمَا ٱلدُّخَانُ يَتَصَاعَدُ مِنَ ٱلْمَذْبَحِ فِي ٱلْهَيْكَلِ.‏ أَمَّا ٱلزُّوَّارُ فَقَدِمُوا مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ.‏ فَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَ مِنْ عِيلَامَ وَبِلَادِ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ،‏ وَمِنْهُمْ مَنْ أَتَى مِنْ كَبَّدُوكِيَةَ وَبُنْطُسَ وَمِصْرَ وَرُومَا.‏b فَلِمَ أَتَوْا؟‏ لِلِٱحْتِفَالِ بِيَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ ٱلْمَدْعُوِّ أَيْضًا «يَوْمَ ٱلْبَوَاكِيرِ».‏ (‏عد ٢٨:‏٢٦‏)‏ وَهٰذَا ٱلِٱحْتِفَالُ ٱلسَّنَوِيُّ ٱلْمُبْهِجُ وَسَمَ نِهَايَةَ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ وَبِدَايَةَ حَصَادِ ٱلْحِنْطَةِ.‏

      خريطة تظهر من اين اتی الناس ليحتفلوا بيوم الخمسين في اورشليم

      أُورُشَلِيمُ:‏ مَرْكَزُ ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ

      شَهِدَتْ مَدِينَةُ أُورُشَلِيمَ ٱلْقَدِيمَةُ مُعْظَمَ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٱلْأُولَى مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ تَقَعُ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ عَلَى إِحْدَى تِلَالِ ٱلسِّلْسِلَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْوُسْطَى فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ عَلَى بُعْدِ ٥٥ كلم تَقْرِيبًا شَرْقِيَّ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ فَفِي عَامِ ١٠٧٠ ق‌م،‏ ٱسْتَوْلَى ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ عَلَى ٱلْحِصْنِ ٱلْقَائِمِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ (‏فِي ٱلسِّلْسِلَةِ ٱلْوُسْطَى)‏.‏ وَٱلْمَدِينَةُ ٱلَّتِي تَوَسَّعَتْ هُنَاكَ أَصْبَحَتْ أَخِيرًا عَاصِمَةَ إِسْرَائِيلَ ٱلْقَدِيمَةِ.‏

      بِٱلْقُرْبِ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ يَقَعُ جَبَلُ ٱلْمُرِيَّا.‏ وَبِحَسَبِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلْيَهُودِيِّ،‏ أَوْشَكَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يُقَدِّمَ إِسْحَاقَ ٱبْنَهُ ذَبِيحَةً عَلَى هٰذَا ٱلْجَبَلِ قَبْلَ زَمَنِ ٱلرُّسُلِ بِنَحْوِ ٩٠٠‏,١ سَنَةٍ.‏ وَقَدْ أَصْبَحَ جُزْءًا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ حِينَ بَنَى عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ أَوَّلَ هَيْكَلٍ لِيَهْوَهَ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ صَارَ هٰذَا ٱلْبِنَاءُ ٱلْمَهِيبُ مَرْكَزَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْعَامَّةِ وَٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      وَفِي هَيْكَلِ يَهْوَهَ،‏ ٱجْتَمَعَ بِٱنْتِظَامٍ كُلُّ ٱلْيَهُودِ ٱلْمُتَدَيِّنِينَ قَادِمِينَ مِنْ شَتَّى أَنْحَاءِ ٱلْمَعْمُورَةِ لِتَقْدِيمِ ٱلذَّبَائِحِ وَٱلْعِبَادَةِ وَلِلِٱحْتِفَالِ بِٱلْأَعْيَادِ ٱلْمَوْسِمِيَّةِ.‏ فَقَدْ أَمَرَ ٱللّٰهُ:‏ «ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ٱلسَّنَةِ يَظْهَرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ يَهْوَهَ إِلٰهِكَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ».‏ (‏تث ١٦:‏١٦‏)‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ كَانَتْ أُورُشَلِيمُ مَقَرَّ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلْأَعْلَى،‏ وَهُوَ ٱلْمَحْكَمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْعُلْيَا وَٱلْمَجْلِسُ ٱلْإِدَارِيُّ ٱلْمَرْكَزِيُّ.‏

      ٢ مَاذَا حَصَلَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م؟‏

      ٢ نَحْوَ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ صَبَاحًا مِنْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلرَّبِيعِيِّ عَامَ ٣٣ ب‌م،‏ يَقَعُ حَدَثٌ بَارِزٌ سَيُذْهِلُ ٱلنَّاسَ لِقُرونٍ عِدَّةٍ.‏ فَبِدُونِ سَابِقِ إِنْذَارٍ،‏ يَصِيرُ «دَوِيٌّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ».‏ (‏اع ٢:‏٢‏)‏ فَيَمْلَأُ ٱلصَّوْتُ ٱلْقَوِيُّ بَيْتًا يَجْتَمِعُ فِيهِ حَوَالَيْ ١٢٠ تِلْمِيذًا مِنْ تَلَامِيذِ يَسُوعَ.‏ ثُمَّ يَشْهَدُ ٱلْحَاضِرُونَ ظَاهِرَةً عَجِيبَةً إِذْ تَظْهَرُ أَلْسِنَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَيَسْتَقِرُّ وَاحِدٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ.‏c ‹فَيَمْتَلِئُ ٱلْجَمِيعُ رُوحًا قُدُسًا› وَيَبْتَدِئُونَ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ.‏ وَعِنْدَ مُغَادَرَتِهِمِ ٱلْبَيْتَ،‏ يَنْدَهِشُ ٱلزُّوَّارُ ٱلْأَجَانِبُ ٱلَّذِينَ يُصَادِفُونَهُمْ فِي طُرُقَاتِ أُورُشَلِيمَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ مَعَهُمْ.‏ نَقْرَأُ:‏ «كُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ».‏ —‏ اع ٢:‏١-‏٦‏.‏

      ٣ (‏أ)‏ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م شَكَّلَ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي تَارِيخِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱرْتَبَطَ خِطَابُ بُطْرُسَ بِٱسْتِعْمَالِ «مَفَاتِيحِ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ»؟‏

      ٣ يُشَكِّلُ يَوْمُ ٱلْخَمْسِينَ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي تَارِيخِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ،‏ إِذْ يَشْهَدُ عَلَى تَأْسِيسِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْمَمْسُوحَةِ،‏ أَيْ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيِّ.‏ (‏غل ٦:‏١٦‏)‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ بُطْرُسَ أَلْقَى خِطَابًا حِينَذَاكَ أَمَامَ ٱلْجَمْعِ ٱلْمُحْتَشِدِ،‏ مُسْتَعْمِلًا أَوَّلَ «مَفَاتِيحِ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ» ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّتِي تَفْتَحُ ٱلْبَابَ أَمَامَ مَجْمُوعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِنَيْلِ ٱمْتِيَازَاتٍ خُصُوصِيَّةٍ.‏ (‏مت ١٦:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ فَٱلْمِفْتَاحُ ٱلْأَوَّلُ أَفْسَحَ ٱلْمَجَالَ لِلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَd لِيَقْبَلُوا ٱلْبِشَارَةَ وَيُمْسَحُوا بِرُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ،‏ فَيُصْبِحُونَ جُزْءًا مِنْ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيِّ وَيَحْصُلُونَ عَلَى رَجَاءِ ٱلْحُكْمِ مُلُوكًا وَكَهَنَةً فِي ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَسِيَّانِيِّ.‏ (‏رؤ ٥:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ كَانَ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازُ سَيُمْنَحُ لِلسَّامِرِيِّينَ ثُمَّ لِلْأُمَمِيِّينَ أَيْضًا.‏ فَمَاذَا يَتَعَلَّمُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُثِيرَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م؟‏

      ‏«كَانُوا كُلُّهُمْ مَعًا فِي ٱلْمَكَانِ نَفْسِهِ» (‏اعمال ٢:‏١-‏٤‏)‏

      ٤ كَيْفَ تَكُونُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْعَصْرِيَّةُ ٱمْتِدَادًا لِلْجَمَاعَةِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ سَنَةَ ٣٣ ب‌م؟‏

      ٤ تَأَلَّفَتْ نَوَاةُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ مِنْ ١٢٠ تِلْمِيذًا تَقْرِيبًا ٱجْتَمَعُوا «كُلُّهُمْ مَعًا فِي ٱلْمَكَانِ نَفْسِهِ» فِي عُلِّيَّةٍ حَيْثُ مُسِحُوا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ (‏اع ٢:‏١‏)‏ وَلٰكِنْ مَعَ نِهَايَةِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ،‏ بَاتَتِ ٱلْجَمَاعَةُ تَضُمُّ آلَافَ ٱلْأَعْضَاءِ ٱلْمُعْتَمِدِينَ.‏ وَلَمْ تَكُنْ هٰذِهِ ٱلزِّيَادَةُ سِوَى ٱنْطِلَاقَةِ هَيْئَةٍ مُنَظَّمَةٍ لَا تَزَالُ آخِذَةً فِي ٱلتَّوَسُّعِ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا.‏ فَٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْيَوْمَ ٱلْمُؤَلَّفَةُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ أَتْقِيَاءَ هِيَ ٱلْوَسِيلَةُ ٱلْمُسْتَخْدَمَةُ لِلْكِرَازَةِ «بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ .‏ .‏ .‏ فِي كُلِّ ٱلْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ» قَبْلَ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ —‏ مت ٢٤:‏١٤‏.‏

      ٥ مَا هِيَ إِحْدَى بَرَكَاتِ ٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ سَوَاءٌ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ أَوِ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٥ وَلَطَالَمَا كَانَتِ ٱلْجَمَاعَةُ مَصْدَرَ دَعْمٍ رُوحِيٍّ لِأَعْضَائِهَا،‏ ٱلْمَمْسُوحِينَ أَوَّلًا ثُمَّ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›.‏ (‏يو ١٠:‏١٦‏)‏ وَقَدْ عَبَّرَ بُولُسُ عَنْ تَقْدِيرِهِ لِلدَّعْمِ ٱلْمُتَبَادَلِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ حِينَ كَتَبَ لِلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا:‏ «إِنِّي مُشْتَاقٌ أَنْ أَرَاكُمْ لِأَمْنَحَكُمْ عَطِيَّةً رُوحِيَّةً لِتَثْبِيتِكُمْ،‏ أَوْ بِٱلْحَرِيِّ لِنَتَبَادَلَ ٱلتَّشْجِيعَ عِنْدَكُمْ،‏ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِيمَانِ ٱلْآخَرِ،‏ إِيمَانِكُمْ وَإِيمَانِي».‏ —‏ رو ١:‏١١،‏ ١٢‏.‏

      رُومَا:‏ عَاصِمَةُ إِمْبَرَاطُورِيَّةٍ عَرِيقَةٍ

      رُومَا هِيَ كُبْرَى مُدُنِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَعْرُوفِ أَيَّامَ ٱلرُّسُلِ وَأَهَمُّهَا سِيَاسِيًّا.‏ كَانَتْ عَاصِمَةَ إِمْبَرَاطُورِيَّةٍ ٱمْتَدَّتْ فِي أَوْجِهَا مِنْ بَرِيطَانِيَا حَتَّى إِفْرِيقْيَا ٱلشَّمَالِيَّةِ،‏ وَمِنَ ٱلْمُحِيطِ ٱلْأَطْلَسِيِّ حَتَّى ٱلْخَلِيجِ ٱلْعَرَبِيِّ.‏

      وَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ بُوْتَقَةً ٱنْصَهَرَتْ فِيهَا حَضَارَاتٌ وَعُرُوقٌ وَلُغَاتٌ وَمُعْتَقَدَاتٌ خُرَافِيَّةٌ شَتَّى.‏ فَقَدْ حَمَلَتْ إِلَيْهَا شَبَكَةُ طُرُقَاتٍ مُتْقَنَةٌ مُسَافِرِينَ وَبَضَائِعَ مِنْ جَمِيعِ أَصْقَاعِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ.‏ وَفِي مَرْفَإِ أُوسْتِيَا ٱلْمُجَاوِرِ،‏ أَفْرَغَتِ ٱلسُّفُنُ ٱلتِّجَارِيَّةُ حُمُولَتَهَا مِنَ ٱلْمَوَادِّ ٱلْغِذَائِيَّةِ وَٱلسِّلَعِ ٱلْفَاخِرَةِ ٱلْمُسْتَوْرَدَةِ.‏

      وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ تَخَطَّى عَدَدُ سُكَّانِ رُومَا عَتَبَةَ ٱلْمَلْيُونِ بِأَشْوَاطٍ،‏ نِصْفُهُمْ تَقْرِيبًا عَبِيدٌ.‏ وَكَانَ هٰؤُلَاءِ ٱلْعَبِيدُ إِمَّا مُجْرِمِينَ مُدَانِينَ،‏ أَوْ سُجَنَاءَ أُسِرُوا فِي حَمَلَاتِ ٱلْفَيَالِقِ ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ أَوْ أَوْلَادًا بَاعَهُمْ وَالِدُوهُمْ أَوْ تَخَلَّوْا عَنْهُمْ.‏ وَمِنْ جُمْلَةِ هٰؤُلَاءِ كَانَ يَهُودٌ أُتِيَ بِهِمْ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَمَا غَزَا ٱلْقَائِدُ ٱلرُّومَانِيُّ بُومْبِي ٱلْمَدِينَةَ سَنَةَ ٦٣ ق‌م.‏

      مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ كَانَ ٱلْأَحْرَارُ فِي مُعْظَمِهِمْ فُقَرَاءَ مُعْدِمِينَ يَسْكُنُونَ بُيُوتًا مُكْتَظَّةً مُتَعَدِّدَةَ ٱلطَّبَقَاتِ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى ٱلْإِعَانَاتِ ٱلْحُكُومِيَّةِ.‏ أَمَّا ٱلْأَبَاطِرَةُ فَزَيَّنُوا عَاصِمَتَهُمْ وَجَمَّلُوهَا،‏ مُشَيِّدِينَ فِيهَا أَرْوَعَ ٱلْمَبَانِي ٱلْعَامَّةِ فِي ٱلتَّارِيخِ.‏ مِثَالٌ عَلَى ذٰلِكَ ٱلْمَسَارِحُ وَٱلْمُدَرَّجَاتُ ٱلضَّخْمَةُ ٱلَّتِي قَدَّمَتْ مَجَّانًا ٱلْعُرُوضَ ٱلْفَنِّيَّةَ وَمُبَارَيَاتِ ٱلْمُجَالِدِينَ وَسِبَاقَاتِ ٱلْمَرْكَبَاتِ وَإِلَى مَا هُنَالِكَ؛‏ كُلُّ ذٰلِكَ بِهَدَفِ تَسْلِيَةِ سُكَّانِ رُومَا.‏

      ٦،‏ ٧ كَيْفَ تُتَمِّمُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْعَصْرِيَّةُ تَفْوِيضَ يَسُوعَ بِٱلْكِرَازَةِ لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ؟‏

      ٦ وَلَا تَزَالُ أَهْدَافُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْيَوْمَ هِيَ هِيَ كَمَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ فَقَدْ عَيَّنَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ عَمَلًا رَائِعًا،‏ لٰكِنَّهُ مَلِيءٌ بِٱلتَّحَدِّيَاتِ.‏ قَالَ:‏ «اِذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ،‏ وَعَمِّدُوهُمْ بِٱسْمِ ٱلْآبِ وَٱلِٱبْنِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ،‏ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ».‏ —‏ مت ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ٧ وَجَمَاعَةُ شُهُودِ يَهْوَهَ ٱلْمَسِيحِيَّةُ هِيَ ٱلْهَيْئَةُ ٱلَّتِي تُتَمِّمُ هٰذَا ٱلْعَمَلَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلرَّاهِنِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ بُلُوغَ أُنَاسٍ مِنْ شَتَّى ٱللُّغَاتِ لَيْسَ عَمَلًا هَيِّنًا،‏ لٰكِنَّ ٱلشُّهُودَ يُصْدِرُونَ مَوَادَّ مُؤَسَّسَةً عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِأَكْثَرَ مِنْ ٥٠٠ لُغَةٍ.‏ وَيَا لَسَعَادَتِكَ إِذَا كُنْتَ جُزْءًا مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ وَتُسَاهِمُ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّلْمَذَةِ!‏ فَأَنْتَ تُعَدُّ مِنَ ٱلْقَلَائِلِ نِسْبِيًّا ٱلَّذِينَ يَنْعَمُونَ بِٱمْتِيَازِ ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا عَنِ ٱسْمِ ٱللّٰهِ.‏

      ٨ كَيْفَ يَتَبَارَكُ كُلُّ عُضْوٍ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏

      ٨ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ يُزَوِّدُنَا يَهْوَهُ ٱللّٰهُ بِمَعْشَرِ إِخْوَةٍ عَالَمِيٍّ لِمُسَاعَدَةِ كُلٍّ مِنَّا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ بِفَرَحٍ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْحَرِجَةِ.‏ كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ عِبْرَانِيٍّ:‏ «لِنُرَاعِ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ،‏ غَيْرَ تَارِكِينَ ٱجْتِمَاعَنَا،‏ كَمَا هُوَ مِنْ عَادَةِ ٱلْبَعْضِ،‏ بَلْ مُشَجِّعِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا،‏ وَبِٱلْأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ ٱلْيَوْمَ يَقْتَرِبُ».‏ (‏عب ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ حَقًّا إِنَّ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ هِبَةٌ مِنْ يَهْوَهَ تُمَكِّنُنَا مِنْ نَيْلِ ٱلتَّشْجِيعِ وَتَقْدِيمِهِ لِلْآخَرِينَ.‏ فَٱبْقَ قَرِيبًا مِنْ إِخْوَتِكَ وَأَخَوَاتِكَ ٱلرُّوحِيِّينَ وَلَا تَتْرُكْ أَبَدًا ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏

      ‏«كُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ» (‏اعمال ٢:‏٥-‏١٣‏)‏

      يوم الخمسين،‏ بدأ التلاميذ يتكلمون مع الزوار كل واحد بلغته

      ‏«نسمعهم يتكلمون بألسنتنا عن عظائم اللّٰه».‏ —‏ اعمال ٢:‏١١

      ٩،‏ ١٠ كَيْفَ يُخَصِّصُ ٱلْبَعْضُ ٱلْوَقْتَ وَٱلْجُهْدَ لِبُلُوغِ مَنْ يَتَكَلَّمُ لُغَةً أَجْنَبِيَّةً؟‏

      ٩ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْحَمَاسَةَ دَبَّتْ فِي ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ عَلَى ٱلسَّوَاءِ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م.‏ صَحِيحٌ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْحَاضِرِينَ تَكَلَّمُوا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لُغَةً مُشْتَرَكَةً،‏ كَٱلْيُونَانِيَّةِ أَوِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ،‏ وَلٰكِنْ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ «كُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُ [ٱلتَّلَامِيذَ] يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ».‏ (‏اع ٢:‏٦‏)‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ تَأَثَّرُوا بِسَمَاعِ ٱلْبِشَارَةِ بِلُغَتِهِمِ ٱلْأُمِّ.‏ أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَلَا يُوهَبُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ قُدْرَةً عَجَائِبِيَّةً عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِأَلْسِنَةٍ،‏ إِلَّا أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ يُخَصِّصُونَ ٱلْوَقْتَ وَٱلْجُهْدَ لِإِيصَالِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ كُلِّ ٱلْجِنْسِيَّاتِ.‏ مَثَلًا،‏ يَتَعَلَّمُ ٱلْبَعْضُ لُغَةً جَدِيدَةً كَي يَخْدُمُوا فِي جَمَاعَةٍ قَرِيبَةٍ نَاطِقَةٍ بِلُغَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ يَنْتَقِلُوا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ.‏ وَغَالِبًا مَا تَتْرُكُ جُهُودُهُمْ أَثَرًا بَالِغًا فِي سَامِعِيهِمْ.‏

      ١٠ إِلَيْكَ مَثَالَ كْرِيسْتِينَ ٱلَّتِي دَرَسَتْ هِيَ وَسَبْعَةُ إِخْوَةٍ آخَرِينَ مُقَرَّرًا فِي ٱللُّغَةِ ٱلْغُوجَرَاتِيَّةِ.‏ فَفِي إِحْدَى ٱلْمَرَّاتِ،‏ أَلْقَتِ ٱلتَّحِيَّةَ بِٱلْغُوجَرَاتِيَّةِ عَلَى زَمِيلَةٍ لَهَا فِي ٱلْعَمَلِ تَتَكَلَّمُ هٰذِهِ ٱللُّغَةَ.‏ فَتَأَثَّرَتِ ٱلشَّابَّةُ وَأَرَادَتْ أَنْ تَعْرِفَ لِمَ بَذَلَتِ ٱلْأُخْتُ جُهْدًا لِتَعَلُّمِ لُغَةٍ جَدِيدَةٍ.‏ فَقَدَّمَتْ لَهَا كْرِيسْتِين شَهَادَةً رَائِعَةً دَفَعَتْهَا إِلَى ٱلْقَوْلِ:‏ «هَلْ مِنْ دِينٍ يُشَجِّعُ أَعْضَاءَهُ عَلَى تَعَلُّمِ لُغَةٍ صَعْبَةٍ كَهٰذِهِ؟‏!‏ لَا بُدَّ أَنَّ رِسَالَتَكُمْ فِي غَايَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ».‏

      ١١ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلْكُرَّاسِ بِشَارَةٌ لِلنَّاسِ مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ؟‏

      ١١ طَبْعًا،‏ لَا نَسْتَطِيعُ جَمِيعًا تَعَلُّمَ لُغَةٍ جَدِيدَةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَجَهَّزَ لِنُوصِلَ ٱلْبِشَارَةَ بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ.‏ وَإِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ هِيَ بِٱسْتِعْمَالِ ٱلْكُرَّاسِ بِشَارَةٌ لِلنَّاسِ مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ.‏ فَهُوَ يَتَضَمَّنُ رِسَالَةً مُوجَزَةً بِلُغَاتٍ عَدِيدَةٍ.‏ لَاحِظْ مَثَلًا كَيْفَ ٱسْتَعَانَتْ بِهِ عَائِلَةٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ بُعَيْدَ إِصْدَارِهِ.‏ فَقَدْ زَارَ أَفْرَادُهَا ثَلَاثَ حَدَائِقَ وَطَنِيَّةٍ ٱلْتَقَوْا فِيهَا أَشْخَاصًا مِنَ ٱلْبَاكِسْتَانِ وَٱلْفِيلِيبِّينِ وَٱلْهِنْدِ وَهُولَنْدَا.‏ ذَكَرَ ٱلزَّوْجُ:‏ «مَعَ أَنَّ كُلَّ هٰؤُلَاءِ يَعْرِفُونَ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةَ نَوْعًا مَا،‏ تَأَثَّرُوا عِنْدَمَا قَرَأُوا ٱلرِّسَالَةَ بِلُغَتِهِمِ ٱلْأُمِّ،‏ خُصُوصًا أَنَّ آلَافَ ٱلْكِيلُومِتْرَاتِ تَفْصِلُهُمْ عَنْ بُلْدَانِهِمْ.‏ فَقَدْ بَانَ لَهُمْ بِكُلِّ وُضُوحٍ أَنَّ عَمَلَنَا هُوَ عَالَمِيُّ ٱلنِّطَاقِ وَأَنَّنَا شَعْبٌ مُوَحَّدٌ».‏

      يَهُودُ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ وَمِصْرَ

      يَذْكُرُ ٱلْمُؤَلَّفُ ٱلْإِنْكِلِيزِيُّ تَارِيخُ ٱلشَّعْبِ ٱلْيَهُودِيِّ فِي عَصْرِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ (‏١٧٥ ق‌م –‏ ١٣٥ ب‌م)‏:‏ «عَاشَ مُتَحَدِّرُونَ مِنْ مَمْلَكَتَيِ ٱلْعَشَرَةِ أَسْبَاطٍ وَيَهُوذَا فِي مَادِي وَمَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ وَبِلَادِ بَابِلَ بَعْدَمَا رَحَّلَهُمُ ٱلْأَشُّورِيُّونَ وَٱلْبَابِلِيُّونَ إِلَى هُنَاكَ».‏ فَبِحَسَبِ عَزْرَا ٢:‏٦٤‏،‏ لَمْ يَعُدْ إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ ٱلسَّبْيِ ٱلْبَابِلِيِّ سِوَى ٣٦٠‏,٤٢ إِسْرَائِيلِيًّا مَعَ زَوْجَاتِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ.‏ وَكَانَ ذٰلِكَ عَامَ ٥٣٧ ق‌م.‏ كَمَا ذَكَرَ فِلَافِيُوس يُوسِيفُوس أَنَّ عَشَرَاتِ آلَافِ ٱلْيَهُودِ كَانُوا «يَسْكُنُونَ بِلَادَ بَابِلَ» بِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ.‏ وَبَيْنَ ٱلْقَرْنَيْنِ ٱلثَّالِثِ وَٱلْخَامِسِ بَعْدَ ٱلْمِيلَادِ،‏ عَمِلَ هٰؤُلَاءِ عَلَى إِنْتَاجِ مَا يُدْعَى ٱلتَّلْمُودَ ٱلْبَابِلِيَّ.‏

      فِي سِيَاقٍ مُتَّصِلٍ،‏ ثَمَّةَ وَثَائِقُ تُؤَكِّدُ وُجُودَ يَهُودٍ فِي مِصْرَ أَقَلُّهُ مُنْذُ ٱلْقَرْنِ ٱلسَّادِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ.‏ وَفِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ أَيْضًا،‏ وَجَّهَ إِرْمِيَا رِسَالَةً إِلَى ٱلْيَهُودِ ٱلْعَائِشِينَ فِي عِدَّةِ مَنَاطِقَ مِصْرِيَّةٍ،‏ كَنُوفَ ٱلَّتِي تُدْعَى أَيْضًا مَمْفِيسَ.‏ (‏ار ٤٤:‏١‏)‏ وَمِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ أَعْدَادًا غَفِيرَةً هَاجَرَتْ إِلَى مِصْرَ خِلَالَ ٱلْحِقْبَةِ ٱلْهِلِّينِسْتِيَّةِ.‏ حَتَّى إِنَّ يُوسِيفُوس يَقُولُ إِنَّ ٱلْيَهُودَ هُمْ أَوَّلُ مَنِ ٱسْتَوْطَنَ ٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةَ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ خُصِّصَ لَهُمْ قِسْمٌ بِأَكْمَلِهِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمِيلَادِيِّ،‏ أَكَّدَ ٱلْكَاتِبُ ٱلْيَهُودِيُّ فِيلُون أَنَّ مَلْيُونَ يَهُودِيٍّ يَعِيشُونَ فِي مُخْتَلِفِ أَنْحَاءِ مِصْرَ،‏ «مِنْ نَوَاحِي لِيبِيَا حَتَّى ٱلْحُدُودِ مَعَ ٱلْحَبَشَةِ».‏

      ‏‹وَقَفَ بُطْرُسُ وَقَالَ .‏ .‏ .‏› (‏اعمال ٢:‏١٤-‏٣٧‏)‏

      ١٢ (‏أ)‏ أَيُّ إِشَارَةٍ نَجِدُهَا فِي سِفْرِ يُوئِيلَ فِي مَا يَخْتَصُّ بِٱلْعَجِيبَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م؟‏ (‏ب)‏ لِمَ كَانَ إِتْمَامُ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ مُتَوَقَّعًا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏

      ١٢ ‹وَقَفَ بُطْرُسُ› لِيَخْطُبَ فِي ٱلْحُضُورِ ٱلْآتِي مِنْ مُخْتَلِفِ ٱلْمَنَاطِقِ.‏ (‏اع ٢:‏١٤‏)‏ فَأَوْضَحَ لِكُلِّ ٱلرَّاغِبِينَ فِي ٱلْإِصْغَاءِ أَنَّ ٱلْقُدْرَةَ ٱلْعَجَائِبِيَّةَ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِلُغَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَهَبَهَا ٱللّٰهُ إِتْمَامًا لِنُبُوَّةِ يُوئِيلَ:‏ «أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى شَتَّى ٱلْبَشَرِ».‏ (‏يوء ٢:‏٢٨‏)‏ وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ.‏ فَيَسُوعُ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ قَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ:‏ «سَأَطْلُبُ مِنَ ٱلْآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعِينًا آخَرَ»،‏ ثُمَّ حَدَّدَ هُوِيَّةَ هٰذَا ٱلْمُعِينِ بِوَصْفِهِ «رُوحَ ٱلْحَقِّ».‏ —‏ يو ١٤:‏١٦،‏ ١٧‏.‏

      ١٣،‏ ١٤ كَيْفَ سَعَى بُطْرُسُ إِلَى بُلُوغِ قُلُوبِ سَامِعِيهِ،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِ؟‏

      ١٣ خَتَمَ بُطْرُسُ خِطَابَهُ بِحَزْمٍ،‏ قَائِلًا:‏ «فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ٱللّٰهَ جَعَلَ يَسُوعَ هٰذَا ٱلَّذِي عَلَّقْتُمُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ رَبًّا وَمَسِيحًا».‏ (‏اع ٢:‏٣٦‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ مُعْظَمَ سَامِعِيهِ لَمْ يَشْهَدُوا إِعْدَامَ يَسُوعَ عَلَى خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ،‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْأُمَّةَ كَكُلٍّ حَمَلَتْ مَسْؤُولِيَّةَ هٰذِهِ ٱلْجَرِيمَةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ نَاشَدَ بُطْرُسُ إِخْوَتَهُ ٱلْيَهُودَ بِٱحْتِرَامٍ وَبِأُسْلُوبٍ يَمَسُّ قُلُوبَهُمْ.‏ فَهَدَفُهُ كَانَ حَمْلَهُمْ عَلَى ٱلتَّوْبَةِ لَا إِدَانَتَهُمْ.‏ وَمَاذَا عَنْهُمْ؟‏ هَلِ ٱسْتَاءُوا مِنْ كَلِمَاتِهِ؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏ فَقَدْ «طُعِنُوا فِي قُلُوبِهِمْ» وَسَأَلُوا قَائِلِينَ:‏ «مَاذَا نَصْنَعُ؟‏».‏ وَعَلَيْهِ،‏ سَاهَمَ أُسْلُوبُ بُطْرُسَ ٱللَّبِقُ كَمَا يَبْدُو فِي بُلُوغِ قُلُوبِ كَثِيرِينَ وَتَشْجِيعِهِمْ عَلَى ٱلتَّوْبَةِ.‏ —‏ اع ٢:‏٣٧‏.‏

      ١٤ وَعَلَى غِرَارِ بُطْرُسَ،‏ بِإِمْكَانِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِأُسْلُوبٍ يَمَسُّ ٱلْقُلُوبَ.‏ فَلَا حَاجَةَ لَنَا عِنْدَ ٱلشَّهَادَةِ لِلنَّاسِ أَنْ نَتَوَقَّفَ عِنْدَ كُلِّ مُعْتَقَدٍ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ عِوَضَ ذٰلِكَ،‏ يُسْتَحْسَنُ أَنْ نَنْطَلِقَ مِنْ نِقَاطٍ مُشْتَرَكَةٍ ثُمَّ نُنَاقِشَ سَامِعِينَا بِلَبَاقَةٍ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ فَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ يَتَجَاوَبُ ٱلْمُسْتَقِيمُو ٱلْقُلُوبِ عِنْدَمَا تُنْقَلُ إِلَيْهِمْ حَقَائِقُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِهٰذَا ٱلْأُسْلُوبِ ٱلْإِيجَابِيِّ.‏

      اَلْمَسِيحِيَّةُ فِي بُنْطُسَ

      اِسْتَمَعَ إِلَى خِطَابِ بُطْرُسَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م يَهُودٌ مِنْ إِقْلِيمِ بُنْطُسَ شَمَالِيَّ آسِيَا ٱلصُّغْرَى.‏ (‏اع ٢:‏٩‏)‏ وَكَمَا يَبْدُو،‏ حَمَلَ بَعْضُهُمُ ٱلْبِشَارَةَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ إِلَى مَوْطِنِهِمْ.‏ فَحِينَ وَجَّهَ بُطْرُسُ رِسَالَتَهُ ٱلْأُوْلَى إِلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ «ٱلْمُشَتَّتِينَ» أَتَى عَلَى ذِكْرِ مَسِيحِيِّي بُنْطُسَ.‏g (‏١ بط ١:‏١‏)‏ وَتَكْشِفُ رِسَالَتُهُ أَنَّ هٰؤُلَاءِ «حَزِنُوا .‏ .‏ .‏ بِسَبَبِ مِحَنٍ مُتَنَوِّعَةٍ» ٱخْتَبَرُوهَا نَتِيجَةَ إِيمَانِهِمْ.‏ (‏١ بط ١:‏٦‏)‏ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ شَمَلَتْ هٰذِهِ ٱلْمِحَنُ ٱلْمُقَاوَمَةَ وَٱلِٱضْطِهَادَ.‏

      وَقَدْ وَاجَهَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي بُنْطُسَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْمِحَنِ كَمَا نَسْتَنْتِجُ مِنَ ٱلْمُرَاسَلَاتِ بَيْنَ بِلِينْيُوسَ ٱلْأَصْغَرِ،‏ حَاكِمِ وِلَايَةِ بِيثِينِيَةَ وَبُنْطُسَ ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ وَٱلْإِمْبَرَاطُورِ تْرَاجَان.‏ فَفِي رِسَالَةٍ كَتَبَهَا فِي بُنْطُسَ نَحْوَ ٱلْعَامِ ١١٢ ب‌م،‏ قَالَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ إِنَّ «عَدْوَى» ٱلْمَسِيحِيَّةِ تُهَدِّدُ ٱلْجَمِيعَ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ جِنْسِهِمْ أَوْ عُمْرِهِمْ أَوْ مَرْكَزِهِمْ.‏ وَقَدْ قَدَّمَ لِلْمُتَّهَمِينَ بِٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْفُرْصَةَ لِيُنْكِرُوا إِيْمَانَهُمْ.‏ فَمَنْ يَلْعَنُ ٱلْمَسِيحَ أَوْ يَرْفَعُ ٱلصَّلَاةَ إِلَى ٱلْآلِهَةِ أَوْ تِمْثَالِ تْرَاجَان،‏ يُطْلَقُ سَرَاحُهُ.‏ أَمَّا مَنْ يَرْفُضُ هٰذَا ٱلْعَرْضَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِٱلْمَوْتِ.‏ فَبِلِينْيُوس عَرَفَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ «لَا يُمْكِنُ إِجْبَارُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ عَلَى فِعْلِهَا».‏

      g تَحْمِلُ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلْمَنْقُولَةُ إِلَى «مُشَتَّتِينَ» مَدْلُولًا يَهُودِيًّا يُشِيرُ أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ أَوَائِلِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ كَانُوا مِنَ «ٱلدَّيَاسْبُورَا»،‏ أَيِ ٱلشَّتَاتِ ٱلْيَهُودِيِّ.‏

      ‏«لِيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ» (‏اعمال ٢:‏٣٨-‏٤٧‏)‏

      ١٥ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ بُطْرُسُ،‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ ٱلْحُضُورُ مَعَهُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ كَانَ ٱلْآلَافُ مِمَّنْ سَمِعُوا ٱلْبِشَارَةَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ مُؤَهَّلِينَ لِلْمَعْمُودِيَّةِ فِي ٱلْيَوْمِ نَفْسِهِ؟‏

      ١٥ قَالَ بُطْرُسُ لِلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ ٱلَّذِينَ تَجَاوَبُوا مَعَهُ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م:‏ «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ».‏ (‏اع ٢:‏٣٨‏)‏ وَٱلنَّتِيجَةُ؟‏ اِعْتَمَدَ ٠٠٠‏,٣ تَقْرِيبًا،‏ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي بِرَكٍ دَاخِلَ أُورُشَلِيمَ وَجِوَارَهَا.‏e فَهَلْ كَانَتْ مَعْمُودِيَّتُهُمْ وَلِيدَةَ سَاعَتِهَا؟‏ وَهَلْ تُشَكِّلُ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ سَابِقَةً تُجِيزُ لِتَلَامِيذِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَأَوْلَادِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَتَسَرَّعُوا فِي ٱلْمَعْمُودِيَّةِ؟‏ قَطْعًا لَا!‏ فَٱلْيَهُودُ وَٱلْمُتَهَوِّدُونَ ٱلَّذِينَ ٱعْتَمَدُوا ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ كَانُوا تَلَامِيذَ مُجْتَهِدِينَ لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَأَعْضَاءً فِي أُمَّةٍ مُنْتَذِرَةٍ.‏ كَمَا أَعْرَبُوا عَنِ ٱلْغَيْرَةِ لِلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ.‏ فَبَعْضُهُمْ مَثَلًا قَطَعُوا مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً لِحُضُورِ هٰذَا ٱلْعِيدِ ٱلسَّنَوِيِّ.‏ وَبَعْدَمَا سَلَّمُوا أَوَّلًا بِٱلْحَقَائِقِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ عَنْ دَوْرِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِي إِتْمَامِ ٱلْقَصْدِ ٱلْإِلٰهِيِّ،‏ بَاتُوا مُسْتَعِدِّينَ أَنْ يُتَابِعُوا خِدْمَةَ ٱللّٰهِ،‏ وَلٰكِنْ بِصِفَتِهِمْ أَتْبَاعًا مُعْتَمِدِينَ لِلْمَسِيحِ.‏

      مَنْ كَانَ ٱلْمُتَهَوِّدُونَ؟‏

      أَصْغَى ‹يَهُودٌ وَمُتَهَوِّدُونَ› عَلَى ٱلسَّوَاءِ إِلَى بُطْرُسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م.‏ —‏ اع ٢:‏١٠‏.‏

      وَكَانَ ‹مُتَهَوِّدٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ› يُدْعَى نِيقُولَاوُسَ مِنْ بَيْنِ ٱلرِّجَالِ ٱلْمُقْتَدِرِينَ ٱلَّذِينَ أُقِيمُوا عَلَى «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ» ٱلْمُتَعَلِّقِ بِتَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ ٱلْيَوْمِيِّ.‏ (‏اع ٦:‏٣-‏٥‏)‏ فَمَنْ هُمُ ٱلْمُتَهَوِّدُونَ؟‏ اَلْمُتَهَوِّدُونَ أَشْخَاصٌ أُمَمِيُّونَ،‏ أَيْ لَيْسُوا يَهُودًا،‏ ٱعْتَنَقُوا ٱلدِّيَانَةَ ٱلْيَهُودِيَّةَ.‏ وَقَدِ ٱعْتُبِرُوا يَهُودًا بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ إِذْ إِنَّهُمْ آمَنُوا بِإِلٰهِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَتَبَنَّوْا شَرِيعَتَهُمْ،‏ فَرَفَضُوا سَائِرَ ٱلْآلِهَةِ وَٱخْتَتَنَ ٱلذُّكُورُ بَيْنَهُمْ وَٱنْضَمُّوا إِلَى أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ.‏

      بَعْدَ إِطْلَاقِ ٱلْيَهُودِ مِنَ ٱلسَّبِي ٱلْبَابِلِيِّ عَامَ ٥٣٧ ق‌م،‏ ٱسْتَقَرَّ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ بَعِيدًا عَنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ،‏ لٰكِنَّهُمْ بَقُوا عَلَى دِينِهِمِ ٱلْيَهُودِيِّ.‏ وَهٰكَذَا،‏ بَاتَتْ هٰذِهِ ٱلدِّيَانَةُ مَعْرُوفَةً لِأَشْخَاصٍ مِنْ مُخْتَلِفِ أَنْحَاءِ ٱلشَّرْقِ ٱلْأَدْنَى قَدِيمًا وَمِنْ مَنَاطِقَ أَبْعَدَ.‏ وَيَشْهَدُ كُتَّابٌ قُدَمَاءُ أَمْثَالُ هُورَاس وَسِنِيكَا أَنَّ أَعْدَادًا كَبِيرَةً مِنْ شَتَّى ٱلْبُلْدَانِ ٱنْجَذَبُوا إِلَى ٱلْيَهُودِ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ،‏ فَٱنْضَمُّوا إِلَيْهِمْ وَصَارُوا مُتَهَوِّدِينَ.‏

      ١٦ كَيْفَ أَظْهَرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ رُوحَ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ؟‏

      ١٦ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ يَهْوَهَ بَارَكَ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْجُدُدَ.‏ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «جَمِيعُ ٱلَّذِينَ صَارُوا مُؤْمِنِينَ كَانُوا مَعًا وَكَانَ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا،‏ وَٱبْتَدَأُوا يَبِيعُونَ أَمْلَاكَهُمْ وَمُقْتَنَيَاتِهِمْ وَيُوَزِّعُونَ عَلَى ٱلْجَمِيعِ،‏ بِحَسَبِ حَاجَةِ كُلِّ وَاحِدٍ».‏f (‏اع ٢:‏٤٤،‏ ٤٥‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ جَمِيعًا يَرْغَبُونَ فِي ٱلِٱقْتِدَاءِ بِمَحَبَّتِهِمْ هٰذِهِ وَتَضْحِيَتِهِمْ بِٱلذَّاتِ.‏

      ١٧ أَيَّةُ خُطُوَاتٍ يَجِبُ ٱتِّخَاذُهَا بُغْيَةَ ٱلتَّأَهُّلِ لِلْمَعْمُودِيَّةِ؟‏

      ١٧ بِحَسَبِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ يَتَطَلَّبُ ٱنْتِذَارُ وَمَعْمُودِيَّةُ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱتِّخَاذَ عِدَّةِ خُطُوَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ.‏ فَعَلَيْهِ أَوَّلًا أَنْ يَنَالَ ٱلْمَعْرِفَةَ عَنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ (‏يو ١٧:‏٣‏)‏ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمِنَ وَيَتُوبَ عَنْ مَسْلَكِهِ ٱلسَّابِقِ مُعْرِبًا عَنْ نَدَمٍ حَقِيقِيٍّ.‏ (‏اع ٣:‏١٩‏)‏ بَعْدَئِذٍ يَرْجِعُ ٱلْمَرْءُ،‏ أَوْ يَهْتَدِي،‏ فَيُبَاشِرُ مَسْلَكًا يَنْسَجِمُ مَعَ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ.‏ (‏رو ١٢:‏٢؛‏ اف ٤:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ وَيَلِي ذٰلِكَ ٱلِٱنْتِذَارُ لِلّٰهِ فِي ٱلصَّلَاةِ وَمِنْ ثُمَّ ٱلْمَعْمُودِيَّةُ.‏ —‏ مت ١٦:‏٢٤؛‏ ١ بط ٣:‏٢١‏.‏

      ١٨ أَيُّ ٱمْتِيَازٍ مُتَاحٌ لِتَلَامِيذِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْمُعْتَمِدِينَ؟‏

      ١٨ يَا لَلِٱمْتِيازِ ٱلَّذِي نَحْظَى بِهِ كَتَلَامِيذَ مُنْتَذِرِينَ وَمُعْتَمِدِينَ لِلْمَسِيحِ!‏ فَعَلَى غِرَارِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْمَمْلُوئِينَ رُوحًا قُدُسًا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ فِي وِسْعِنَا أَنْ نَلْعَبَ دَوْرًا كَبِيرًا فِي ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا وَفِعْلِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏أُورُشَلِيمُ:‏ مَرْكَزُ ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ‏».‏

      b اُنْظُرِ ٱلْأُطُرَ «‏رُومَا:‏ عَاصِمَةُ إِمْبَرَاطُورِيَّةٍ عَرِيقَةٍ‏»؛‏ «‏يَهُودُ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ وَمِصْرَ‏»؛‏ وَ«‏اَلْمَسِيحِيَّةُ فِي بُنْطُسَ‏».‏

      c لَمْ تَكُنِ ‹ٱلْأَلْسِنَةُ› مِنْ نَارٍ حَرْفِيَّةٍ،‏ بَلْ ‏«كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ».‏ وَهٰذَا يُشِيرُ كَمَا يَبْدُو أَنَّ مَا ظَهَرَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ كَانَ شَبِيهًا بِٱلنَّارِ فِي ٱلشَّكْلِ وَٱلْوَهَجِ.‏

      d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏مَنْ كَانَ ٱلْمُتَهَوِّدُونَ؟‏‏».‏

      e عَلَى سَبِيلِ ٱلْمُقَارَنَةِ،‏ ٱعْتَمَدَ ٤٠٢‏,٧ شَخْصَانِ فِي سِتِّ بِرَكٍ فِي ٧ آبَ (‏أُغُسْطُس)‏ ١٩٩٣ خِلَالَ مَحْفِلٍ أُمَمِيٍّ فِي كِييَف بِأُوكْرَانِيَا.‏ وَٱسْتَغْرَقَتْ مَعْمُودِيَّتُهُمْ سَاعَتَيْنِ وَخَمْسَ عَشْرَةَ دَقِيقَةً.‏

      f لَبَّى هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ ٱلْوَقْتِيُّ حَاجَةً ٱسْتَجَدَّتْ حِينَ مَكَثَ ٱلزُّوَّارُ فِي أُورُشَلِيمَ لِتَعَلُّمِ ٱلْمَزِيدِ عَنْ إِيمَانِهِمِ ٱلْجَدِيدِ.‏ وَمَا قَامَ بِهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ كَانَ عَمَلًا طَوْعِيًّا،‏ وَلَا يُعَدُّ شَكْلًا مِنْ أَشْكَالِ ٱلشُّيُوعِيَّةِ.‏ —‏ اع ٥:‏١-‏٤‏.‏

  • ‏«انسانان غير متعلمَين وعاميان»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٤

      ‏«إِنْسَانَانِ غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَعَامِّيَّانِ»‏

      اَلرُّسُلُ يَتَصَرَّفُونَ بِجُرْأَةٍ وَيَهْوَهُ يُبَارِكُهُمْ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٣:‏١–‏٥:‏١١

      ١،‏ ٢ أَيُّ عَجِيبَةٍ صَنَعَهَا بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا قُرْبَ بَابِ ٱلْهَيْكَلِ؟‏

      تَمِيلُ ٱلشَّمْسُ ٱلْوَهَّاجَةُ عَنْ كَبِدِ ٱلسَّمَاءِ مُعْلِنَةً دُنُوَّ «سَاعَةِ ٱلصَّلَاةِ».‏a (‏اع ٢:‏٤٦؛‏ ٣:‏١‏)‏ فَيَتَقَاطَرُ ٱلْيَهُودُ ٱلْمُتَدَيِّنُونَ وَتَلَامِيذُ يَسُوعَ إِلَى حَرَمِ ٱلْهَيْكَلِ.‏ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ يَشُقُّ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا طَرِيقَهُمَا بَيْنَ ٱلْجُمُوعِ نَحْوَ بَابِ ٱلْهَيْكَلِ ٱلَّذِي يُدْعَى «ٱلْجَمِيلَ»،‏ بَابٍ ضَخْمٍ بِمِصْرَاعَيْنِ هَائِلَيْنِ مُغَشَّيَيْنِ بِٱلْبُرُونْزِ ٱلْكُورِنْثِيِّ ٱلْوَهَّاجِ.‏ وَبَيْنَمَا تَعْلُو جَلَبَةُ ٱلْمُتَجَمْهِرِينَ وَيُسْمَعُ جَلِيًّا وَقْعُ أَقْدَامِهِمْ،‏ يَصْرُخُ رَجُلٌ أَرْبَعِينِيٌّ مُقْعَدٌ مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ مُسْتَجْدِيًا ٱلنَّاسَ.‏ —‏ اع ٣:‏٢؛‏ ٤:‏٢٢‏.‏

      ٢ مَا إِنْ يَقْتَرِبُ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مِنَ ٱلْمُتَسَوِّلِ حَتَّى يُمْطِرَهُمَا بِتَوَسُّلَاتِهِ ٱلْمُعْتَادَةِ.‏ وَعِنْدَمَا يَتَوَقَّفُ ٱلرَّسُولَانِ،‏ يُرَكِّزُ ٱلرَّجُلُ نَظَرَهُ عَلَيْهِمَا آمِلًا مِنْهُمَا ٱلْعَوْنَ.‏ فَيُخَاطِبُهُ بُطْرُسُ:‏ «لَسْتُ أَمْلِكُ فِضَّةً وَلَا ذَهَبًا،‏ وَلٰكِنِ ٱلَّذِي عِنْدِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ:‏ بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلنَّاصِرِيِّ ٱمْشِ!‏».‏ هَلْ تَتَصَوَّرُ دَهْشَةَ ٱلْجَمْعِ حِينَ أَمْسَكَ بُطْرُسُ بِيَدِ ٱلْكَسِيحِ فَٱنْتَصَبَ وَاقِفًا لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى فِي حَيَاتِهِ؟‏ (‏اع ٣:‏٦،‏ ٧‏)‏ وَهَلْ تَتَخَيَّلُ ٱلرَّجُلَ يَخْطُو بِحَذَرٍ خُطُوَاتِهِ ٱلْأُولَى وَيُحَمْلِقُ فِي رِجْلَيْهِ بَعْدَمَا شُفِيَتَا؟‏ لَا عَجَبَ أَنَّهُ رَاحَ يَثِبُ وَيُسَبِّحُ ٱللّٰهَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ.‏

      ٣ أَيُّ هِبَةٍ فَائِقَةِ ٱلْقِيمَةِ أُتِيحَ لِلْجَمْعِ وَٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي شُفِيَ ٱلْحُصُولُ عَلَيْهَا؟‏

      ٣ حِينَئِذٍ يَتَرَاكَضُ ٱلْجَمْعُ مَذْهُولًا إِلَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا ٱلْوَاقِفَيْنِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ.‏ وَهُنَاكَ،‏ فِي ٱلْمَكَانِ نَفْسِهِ حَيْثُ وَقَفَ يَسُوعُ ذَاتَ مَرَّةٍ وَعَلَّمَ،‏ يُطْلِعُهُمْ بُطْرُسُ عَلَى ٱلْمَغْزَى ٱلْحَقِيقِيِّ لِمَا جَرَى.‏ (‏يو ١٠:‏٢٣‏)‏ فَيُقَدِّمُ لَهُمْ وَلِلْمُتَسَوِّلِ هِبَةً تَفُوقُ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ قِيمَةً،‏ هِبَةً تَتَعَدَّى إِبْرَاءَ ٱلْعِلَلِ وَٱلْعَاهَاتِ.‏ فَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ فُرْصَةَ أَنْ يَتُوبُوا وَتُمْحَى خَطَايَاهُمْ وَيَصِيرُوا مِنْ أَتْبَاعِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي عَيَّنَهُ يَهْوَهُ ‹وَكِيلًا رَئِيسِيًّا لِلْحَيَاةِ›.‏ —‏ اع ٣:‏١٥‏.‏

      ٤ (‏أ)‏ لِأَيِّ مُوَاجَهَةٍ أَدَّى ٱلشِّفَاءُ ٱلْعَجَائِبِيُّ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّ سُؤَالَيْنِ سَنُنَاقِشُ؟‏

      ٤ حَقًّا إِنَّهُ لَيَوْمٌ ٱسْتِثْنَائِيٌّ!‏ فَهَا ٱلرَّجُلُ ٱلْكَسِيحُ يُشْفَى مِنْ عَاهَتِهِ وَيَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْمَشْيِ.‏ وَهَا ٱلْفُرْصَةُ سَانِحَةٌ أَمَامَ ٱلْآلَافِ لِيَخْتَبِرُوا ٱلشِّفَاءَ ٱلرُّوحِيَّ فَيَسِيرُوا كَمَا يَحِقُّ لِلّٰهِ.‏ (‏كو ١:‏٩،‏ ١٠‏)‏ إِلَّا أَنَّ هٰذَا ٱلْيَوْمَ شَهِدَ أَيْضًا أَحْدَاثًا أَطْلَقَتِ ٱلشَّرَارَةَ لِمُوَاجَهَةٍ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوْلِيَاءِ وَأَصْحَابِ ٱلنُّفُوذِ ٱلَّذِينَ سَيُحَاوِلُونَ مَنْعَهُمْ مِنْ إِتْمَامِ وَصِيَّةِ يَسُوعَ بِٱلْكِرَازَةِ.‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أُسْلُوبِ وَمَوْقِفِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا ‹غَيْرِ ٱلْمُتَعَلِّمَيْنِ وَٱلْعَامِّيَّيْنِ› فِيمَا قَدَّمَا ٱلْبِشَارَةَ لِلْجَمْعِ؟‏b (‏اع ٤:‏١٣‏)‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِمَا وَبِسَائِرِ ٱلتَّلَامِيذِ عِنْدَ مُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ؟‏

      لَيْسَ «بِقُوَّتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ» (‏اعمال ٣:‏١١-‏٢٦‏)‏

      ٥ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أُسْلُوبِ بُطْرُسَ فِي مُخَاطَبَةِ ٱلْجَمْعِ؟‏

      ٥ وَقَفَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا أَمَامَ ٱلْجَمْعِ عَالِمَيْنِ أَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا صَرَخُوا مُؤَخَّرًا طَالِبِينَ تَعْلِيقَ يَسُوعَ عَلَى خَشَبَةٍ.‏ (‏مر ١٥:‏٨-‏١٥؛‏ اع ٣:‏١٣-‏١٥‏)‏ فَكِّرْ فِي شَجَاعَةِ بُطْرُسَ آنَذَاكَ.‏ فَهُوَ أَعْلَنَ بِكُلِّ جُرْأَةٍ أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلْمُقْعَدَ شُفِيَ بِٱسْمِ يَسُوعَ.‏ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُلَطِّفِ ٱلْحَقِيقَةَ،‏ إِذْ أَدَانَ صَرَاحَةً تَوَاطُؤَ ٱلْجَمْعِ فِي قَتْلِ ٱلْمَسِيحِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يُضْمِرْ أَيَّ عِدَاءٍ تِجَاهَهُمْ لِأَنَّ فَعْلَتَهُمْ هٰذِهِ كَانَتْ «عَنْ جَهْلٍ».‏ (‏اع ٣:‏١٧‏)‏ لِذَا نَاشَدَهُمْ كَإِخْوَةٍ وَرَكَّزَ عَلَى ٱلنَّوَاحِي ٱلْإِيجَابِيَّةِ مِنْ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَإِذَا تَابُوا وَآمَنُوا بِٱلْمَسِيحِ،‏ تَأْتِي «أَوْقَاتُ ٱلِٱنْتِعَاشِ» مِنْ حَضْرَةِ يَهْوَهَ.‏ (‏اع ٣:‏١٩‏)‏ نَحْنُ أَيْضًا عَلَيْنَا أَنْ نَتَّصِفَ بِٱلْجُرْأَةِ وَٱلصَّرَاحَةِ عِنْدَ إِعْلَانِ دَيْنُونَةِ ٱللّٰهِ ٱلْقَادِمَةِ.‏ وَلٰكِنْ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ لِنَتَجَنَّبِ ٱلْقَسْوَةَ وَٱلتَّصَلُّبَ وَٱلتَّسَرُّعَ فِي ٱلْحُكْمِ عَلَى ٱلنَّاسِ.‏ فَلَا نَسْتَبْعِدْ أَنْ يَصِيرَ سَامِعُونَا إِخْوَةً لَنَا.‏ وَعَلَى غِرَارِ بُطْرُسَ،‏ لِنُرَكِّزْ عَلَى ٱلنَّوَاحِي ٱلْإِيجَابِيَّةِ مِنْ رِسَالَتِنَا.‏

      ٦ كَيْفَ أَعْرَبَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلِٱحْتِشَامِ؟‏

      ٦ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَنْسُبِ ٱلرَّسُولَانِ ٱلْفَضْلَ إِلَى أَنْفُسِهِمَا فِي ٱلْعَجِيبَةِ ٱلَّتِي صَنَعَاهَا لِأَنَّهُمَا تَحَلَّيَا بِٱلِٱحْتِشَامِ.‏ قَالَ بُطْرُسُ لِلْجَمْعِ:‏ «لِمَ تُحَدِّقُونَ إِلَيْنَا كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ أَوْ تَعَبُّدِنَا لِلّٰهِ قَدْ جَعَلْنَاهُ يَمْشِي؟‏».‏ (‏اع ٣:‏١٢‏)‏ فَقَدْ أَدْرَكَ بُطْرُسُ وَٱلرُّسُلُ أَنَّ أَيَّ إِنْجَازٍ يُحَقِّقُونَهُ فِي ٱلْخِدْمَةِ مَرَدُّهُ إِلَى قُوَّةِ ٱللّٰهِ لَا قُوَّتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ أَرْجَعُوا بِٱحْتِشَامٍ كُلَّ ٱلْفَضْلِ إِلَى يَهْوَهَ وَيَسُوعَ.‏

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ أَيُّ هِبَةٍ فِي وِسْعِنَا تَقْدِيمُهَا لِلنَّاسِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يَتِمُّ ٱلْوَعْدُ ‹بِرَدِّ كُلِّ ٱلْأَشْيَاءِ› فِي أَيَّامِنَا؟‏

      ٧ يَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلِٱحْتِشَامِ فِيمَا نَنْهَمِكُ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ لَا شَكَّ أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَا يُمَكِّنُنَا ٱلْيَوْمَ مِنْ شِفَاءِ ٱلنَّاسِ عَجَائِبِيًّا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ فِي وِسْعِنَا مُسَاعَدَتُهُمْ أَنْ يُنَمُّوا ٱلْإِيمَانَ بِٱللّٰهِ وَٱلْمَسِيحِ وَيَنَالُوا ٱلْهِبَةَ نَفْسَهَا ٱلَّتِي قَدَّمَهَا بُطْرُسُ لِسَامِعِيهِ،‏ أَيِ ٱلْفُرْصَةَ أَنْ تُمْحَى خَطَايَاهُمْ وَيَنَالُوا ٱلِٱنْتِعَاشَ مِنْ حَضْرَةِ يَهْوَهَ.‏ وَكُلَّ سَنَةٍ،‏ يَغْتَنِمُ مِئَاتُ ٱلْآلَافِ هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ،‏ فَيَعْتَمِدُونَ وَيُصْبِحُونَ تَلَامِيذَ لِلْمَسِيحِ.‏

      ٨ وَٱلْيَوْمَ،‏ نَحْنُ نَعِيشُ فِي زَمَنِ «رَدِّ كُلِّ ٱلْأَشْيَاءِ» ٱلَّذِي تَحَدَّثَ عَنْهُ بُطْرُسُ.‏ فَإِتْمَامًا لِلْأُمُورِ «ٱلَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا ٱللّٰهُ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ ٱلْقُدُّوسِينَ فِي ٱلزَّمَنِ ٱلْقَدِيمِ»،‏ تَأَسَّسَ ٱلْمَلَكُوتُ فِي ٱلسَّمَاءِ عَامَ ١٩١٤.‏ (‏اع ٣:‏٢١؛‏ مز ١١٠:‏١-‏٣؛‏ دا ٤:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ وَبُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ تَوَلَّى يَسُوعُ ٱلْإِشْرَافَ عَلَى رَدِّ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ إِلَى ٱلْأَرْضِ.‏ وَعَلَى ٱلْأَثَرِ،‏ يُضَمُّ ٱلْمَلَايِينُ إِلَى ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلرُّوحِيِّ وَيُصْبِحُونَ مِنْ رَعَايَا ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَيَخْلَعُونَ ٱلشَّخْصِيَّةَ ٱلْقَدِيمَةَ ٱلْفَاسِدَةَ وَيَلْبَسُونَ «ٱلشَّخْصِيَّةَ ٱلْجَدِيدَةَ ٱلَّتِي خُلِقَتْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ».‏ (‏اف ٤:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ وَكَشِفَاءِ ٱلْمُتَسَوِّلِ ٱلْكَسِيحِ،‏ يُنْجَزُ هٰذَا ٱلْعَمَلُ ٱلْجَبَّارُ لَا بِجُهُودِ بَشَرٍ بَلْ بِرُوحِ ٱللّٰهِ.‏ فَلْنَقْتَدِ بِبُطْرُسَ إِذًا وَلْنَسْتَخْدِمْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِجُرْأَةٍ وَفَعَّالِيَّةٍ لِتَعْلِيمِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَلْنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ أَيَّ نَجَاحٍ نُحَقِّقُهُ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ أَنْ يَصِيرُوا مِنْ تَلَامِيذِ ٱلْمَسِيحِ مَرَدُّهُ إِلَى قُوَّةِ ٱللّٰهِ،‏ لَا قُوَّتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏

      ‏«لَا نَقْدِرُ أَنْ نَكُفَّ عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ» (‏اعمال ٤:‏١-‏٢٢‏)‏

      ٩-‏١١ (‏أ)‏ مَا رَدَّةُ فِعْلِ ٱلْقَادَةِ ٱلْيَهُودِ حِيَالَ بِشَارَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا؟‏ (‏ب)‏ عَلَامَ عَزَمَ ٱلرَّسُولَانِ؟‏

      ٩ إِنَّ خِطَابَ بُطْرُسَ وَتَصَرُّفَاتِ ٱلْكَسِيحِ ٱلَّذِي رَاحَ يَثِبُ وَيُهَلِّلُ بَعْدَ شِفَائِهِ أَحْدَثَتْ جَلَبَةً بَيْنَ ٱلْحُضُورِ.‏ فَهَرَعَ قَائِدُ حَرَسِ ٱلْهَيْكَلِ،‏ ٱلْمُكَلَّفُ ٱلْإِشْرَافَ عَلَى أَمْنِ مِنْطَقَةِ ٱلْهَيْكَلِ،‏ يُرَافِقُهُ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ لِيَسْتَطْلِعُوا ٱلْوَضْعَ.‏ وَقَدِ ٱنْتَمَى هٰؤُلَاءِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ إِلَى بِدْعَةِ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ،‏ وَهِيَ فِئَةٌ عُرِفَتْ بِغِنَاهَا وَنُفُوذِهَا ٱلسِّيَاسِيِّ وَسَعَى أَعْضَاؤُهَا إِلَى إِقَامَةِ عَلَاقَاتٍ سِلْمِيَّةٍ مَعَ ٱلرُّومَانِ.‏ كَمَا رَفَضُوا ٱلشَّرِيعَةَ ٱلشَّفَهِيَّةَ ٱلَّتِي أَجَلَّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱزْدَرَوْا بِعَقِيدَةِ ٱلْقِيَامَةِ.‏c فَلَا غَرَابَةَ إِذًا أَنْ يَغْتَاظُوا حِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مَوْجُودَانِ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَيُعَلِّمَانِ بِجُرْأَةٍ عَنْ قِيَامَةِ يَسُوعَ.‏

      ١٠ أَلْقَى ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْغَاضِبُونَ ٱلرَّسُولَيْنِ فِي ٱلسِّجْنِ وَأَرْغَمُوهُمَا عَلَى ٱلْمُثُولِ أَمَامَ ٱلْمَحْكَمَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ ٱلْعُلْيَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي.‏ فَمِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ هٰؤُلَاءِ ٱلْحُكَّامِ ٱلْمُتَشَامِخِينَ،‏ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَقِّ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا ‹غَيْرِ ٱلْمُتَعَلِّمَيْنِ وَٱلْعَامِّيَّيْنِ› أَنْ يُعَلِّمَا فِي ٱلْهَيْكَلِ.‏ فَهُمَا لَمْ يَتَخَرَّجَا مِنْ أَيِّ مَدْرَسَةٍ دِينِيَّةٍ مُعْتَمَدَةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَحَيَّرَ أَعْضَاءُ ٱلْمَحْكَمَةِ مِنْ مُجَاهَرَتِهِمَا وَٱقْتِنَاعِهِمَا بِمَا يَقُولَانِ.‏ فَمَا سِرُّ مَهَارَتِهِمَا؟‏ أَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ هُوَ أَنَّهُمَا «كَانَا مَعَ يَسُوعَ» ٱلَّذِي عَلَّمَ كَمَنْ لَهُ سُلْطَةٌ،‏ لَا كَٱلْكَتَبَةِ.‏ —‏ اع ٤:‏١٣؛‏ مت ٧:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      ١١ إِلَّا أَنَّ ٱلْمَحْكَمَةَ قَضَتْ بِأَنْ يَكُفَّ ٱلرَّسُولَانِ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ وَقَدْ كَانَ لِأَحْكَامِهَا وَزْنٌ كَبِيرٌ فِي ذٰلِكَ ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ فَمُنْذُ أَسَابِيعَ قَلِيلَةٍ وَجَدَتْ هٰذِهِ ٱلْمَرْجِعِيَّةُ بِٱلذَّاتِ أَنَّ يَسُوعَ «مُسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتِ».‏ (‏مت ٢٦:‏٥٩-‏٦٦‏)‏ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَشْعُرْ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا بِٱلْخَوْفِ.‏ فَفِي حَضْرَةِ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلْأَغْنِيَاءِ وَٱلْمُتَعَلِّمِينَ وَٱلنَّافِذِينَ،‏ قَالَا بِشَجَاعَةٍ وَلٰكِنْ بِٱحْتِرَامٍ:‏ «إِنْ كَانَ بِرًّا عِنْدَ ٱللّٰهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ وَلَيْسَ لِلّٰهِ،‏ فَٱحْكُمُوا أَنْتُمْ.‏ أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَقْدِرُ أَنْ نَكُفَّ عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا».‏ —‏ اع ٤:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَرَئِيسُهُمْ

      مَثَّلَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ شَعْبَهُ أَمَامَ ٱللّٰهِ.‏ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ تَرَأَّسَ ٱلسَّنْهَدْرِيمَ أَيْضًا.‏ وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْا كَذٰلِكَ مَرَاكِزَ قِيَادِيَّةً.‏ وَهٰؤُلَاءِ شَمَلُوا رُؤَسَاءَ ٱلْكَهَنَةِ ٱلسَّابِقِينَ كَحَنَّانَ وَرِجَالًا آخَرِينَ مُنْتَمِينَ إِلَى ٱلْعَائِلَاتِ ٱلَّتِي يُخْتَارُ مِنْهَا رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ.‏ وَلَمْ يَكُنْ عَدَدُ هٰذِهِ ٱلْأُسَرِ يَتَجَاوَزُ أَصَابِعَ ٱلْيَدِ ٱلْوَاحِدَةِ.‏ يَقُولُ ٱلْعَالِمُ إِمِيل شُورِر:‏ «لَا بُدَّ أَنَّ مُجَرَّدَ ٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى إِحْدَى [هٰذِهِ] ٱلْعَائِلَاتِ ٱلْمَرْمُوقَةِ ٱقْتَرَنَ بِٱلْحُظْوَةِ وَٱلْإِكْرَامِ».‏

      وَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَكْشِفُ أَنَّ رُؤَسَاءَ ٱلْكَهَنَةِ شَغَلُوا هٰذَا ٱلْمَرْكَزَ مَدَى ٱلْحَيَاةِ.‏ (‏عد ٣٥:‏٢٥‏)‏ وَلٰكِنْ فِي ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي يُغَطِّيهَا سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ ٱعْتَادَ ٱلْحُكَّامُ ٱلرُّومَانُ وَٱلْمُلُوكُ ٱلْخَاضِعُونَ لَهُمْ تَعْيِينَ وَعَزْلَ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ كَيْفَمَا شَاءُوا.‏ مَعَ ذٰلِكَ يَبْدُو أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْوَثَنِيِّينَ عَيَّنُوا فَقَطْ أَشْخَاصًا مُتَحَدِّرِينَ مِنْ هَارُونَ لِيَشْغَلُوا هٰذَا ٱلْمَنْصِبَ.‏

      ١٢ مَاذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱتِّصَافِ بِٱلشَّجَاعَةِ وَٱلِٱقْتِنَاعِ؟‏

      ١٢ فَمَا ٱلْقَوْلُ فِيكَ؟‏ هَلْ تَتَّصِفُ بِشَجَاعَةٍ مُمَاثِلَةٍ؟‏ كَيْفَ تَشْعُرُ حِينَ تَسْنَحُ لَكَ ٱلْفُرْصَةُ أَنْ تَكْرِزَ لِلْأَغْنِيَاءِ أَوِ ٱلْمُتَعَلِّمِينَ أَوِ ٱلنَّافِذِينَ فِي مُجْتَمَعِكَ؟‏ وَمَاذَا لَوْ سَخِرَ مِنْكَ أَقْرِبَاؤُكَ أَوْ زُمَلَاؤُكَ فِي ٱلْعَمَلِ أَوِ ٱلْمَدْرَسَةِ بِسَبَبِ مُعْتَقَدَاتِكَ؟‏ هَلْ تَخَافُ؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ يُمْكِنُكَ أَنْ تَتَغَلَّبَ عَلَى مَخَاوِفِكَ.‏ فَخِلَالَ حَيَاةِ يَسُوعَ ٱلْأَرْضِيَّةِ عَلَّمَ رُسُلَهُ كَيْفَ يُدَافِعُونَ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ بِثِقَةٍ وَٱحْتِرَامٍ.‏ (‏مت ١٠:‏١١-‏١٨‏)‏ وَبَعْدَ قِيَامَتِهِ وَعَدَ تَلَامِيذَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ «كُلَّ ٱلْأَيَّامِ إِلَى ٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ».‏ (‏مت ٢٨:‏٢٠‏)‏ وَتَحْتَ إِشْرَافِهِ هُوَ،‏ يُعَلِّمُنَا «ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ» كَيْفَ نُدَافِعُ عَنْ مُعْتَقَدَاتِنَا.‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥-‏٤٧؛‏ ١ بط ٣:‏١٥‏)‏ فَنَحْنُ نَتَلَقَّى ٱلْإِرْشَادَاتِ خِلَالَ ٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ كَمَدْرَسَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ مَثَلًا،‏ وَعَبْرَ ٱلْمَطْبُوعَاتِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَكِتَابِ اَلْمُبَاحَثَةُ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ فَهَلْ تَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَٱلْمَطْبُوعَاتِ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمُسَاعِدَاتِ تُعَزِّزُ شَجَاعَتَكَ وَٱقْتِنَاعَكَ.‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱلرُّسُلِ،‏ لَا تَسْمَحْ لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْ يَمْنَعَكَ مِنَ ٱلتَّكَلُّم عَنِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلرَّائِعَةِ ٱلَّتِي رَأَيْتَهَا وَسَمِعْتَهَا.‏

      اخت تبشر زميلتها في العمل

      لا تسمح لأي شيء ان يمنعك من التكلم عن الحقائق الروحية الرائعة التي تتعلمها

      ‏«رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ مَعًا إِلَى ٱللّٰهِ» (‏اعمال ٤:‏٢٣-‏٣١‏)‏

      ١٣،‏ ١٤ مَاذَا عَلَيْنَا فِعْلُهُ حِينَ نُوَاجِهُ ٱلْمُقَاوَمَةَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ١٣ اِلْتَقَى بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا بَاقِيَ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ حَالَمَا أُطْلِقَ سَرَاحُهُمَا.‏ عِنْدَئِذٍ،‏ «رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ مَعًا إِلَى ٱللّٰهِ» وَصَلَّوْا طَلَبًا لِلشَّجَاعَةِ كَيْ يُوَاصِلُوا ٱلْمُنَادَاةَ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ (‏اع ٤:‏٢٤‏)‏ لَقَدْ عَرَفَ بُطْرُسُ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ حَمَاقَةَ ٱلِٱتِّكَالِ عَلَى ٱلْقُوَّةِ ٱلشَّخْصِيَّةِ عِنْدَ ٱلسَّعْيِ إِلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ.‏ فَمُنْذُ أَسَابِيعَ قَلِيلَةٍ ٱعْتَدَّ بِنَفْسِهِ وَقَالَ لِيَسُوعَ:‏ «وَإِنْ عَثَرَ ٱلْآخَرُونَ جَمِيعًا،‏ فَلَنْ أَعْثُرَ أَنَا أَبَدًا!‏».‏ لٰكِنَّهُ سُرْعَانَ مَا ٱسْتَسْلَمَ لِخَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ وَأَنْكَرَ صَدِيقَهُ وَمُعَلِّمَهُ،‏ تَمَامًا كَمَا أَنْبَأَ يَسُوعُ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱتَّعَظَ بُطْرُسُ بِمَا مَرَّ مَعَهُ.‏ —‏ مت ٢٦:‏٣٣،‏ ٣٤،‏ ٦٩-‏٧٥‏.‏

      ١٤ وَمَاذَا عَنْكَ؟‏ إِنَّ ٱلتَّصْمِيمَ عَلَى إِتْمَامِ تَفْوِيضِنَا بِٱلْكِرَازَةِ عَنْ يَسُوعَ لَيْسَ كَافِيًا وَحْدَهُ.‏ لِذَا حِينَ يُحَاوِلُ ٱلْمُقَاوِمُونَ تَقْوِيضَ إِيمَانِكَ أَوْ مَنْعَكَ مِنَ ٱلْكِرَازَةِ،‏ ٱتَّبِعْ مِثَالَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا.‏ فَصَلِّ إِلَى يَهْوَهَ طَالِبًا ٱلْقُوَّةَ وَٱلْجَأْ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏ أَخْبِرِ ٱلشُّيُوخَ وَبَاقِيَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلنَّاضِجِينَ عَنِ ٱلْمَصَاعِبِ ٱلَّتِي تَعْتَرِضُ سَبِيلَكَ،‏ فَصَلَوَاتُ ٱلْآخَرِينَ قَادِرَةٌ أَنْ تَمُدَّكَ بِٱلْقُوَّةِ وَٱلدَّعْمِ.‏ —‏ اف ٦:‏١٨؛‏ يع ٥:‏١٦‏.‏

      ١٥ لِمَ لَا يَجِبُ أَنْ يَتَثَبَّطَ مَنْ تَوَقَّفَ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ فِي ٱلسَّابِقِ؟‏

      ١٥ أَمَّا إِذَا ٱسْتَسْلَمْتَ فِي ٱلْمَاضِي لِلضَّغْطِ وَتَوَقَّفْتَ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ،‏ فَلَا تَتَثَبَّطْ.‏ تَذَكَّرْ أَنَّ جَمِيعَ ٱلرُّسُلِ كَفُّوا عَنِ ٱلْكِرَازَةِ مُدَّةً مِنَ ٱلزَّمَنِ بَعْدَ مَوْتِ يَسُوعَ،‏ لٰكِنَّهُمْ سُرْعَانَ مَا ٱسْتَأْنَفُوا نَشَاطَهُمْ.‏ (‏مت ٢٦:‏٥٦؛‏ ٢٨:‏١٠،‏ ١٦-‏٢٠‏)‏ لِذٰلِكَ لَا تَدَعْ أَخْطَاءَكَ ٱلسَّابِقَةَ تُضْعِفُ مَعْنَوِيَّاتِكَ،‏ بَلِ ٱسْتَخْلِصِ ٱلْعِبَرَ مِمَّا مَرَرْتَ بِهِ وَٱسْتَفِدْ مِنْهَا لِتُقَوِّيَ ٱلْآخَرِينَ.‏

      ١٦،‏ ١٧ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلصَّلَاةِ ٱلَّتِي رَفَعَهَا أَتْبَاعُ يَسُوعَ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏

      ١٦ وَقَدْ يَخْطُرُ عَلَى بَالِنَا ٱلسُّؤَالُ ٱلتَّالِي:‏ ‹مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَطْلُبَ فِي ٱلصَّلَاةِ حِينَ تُقَاوِمُنَا ٱلسُّلُطَاتُ؟‏›.‏ لَاحِظْ مِنْ فَضْلِكَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَسْأَلُوا ٱللّٰهَ أَنْ يُعْفِيَهُمْ مِنْ مُوَاجَهَةِ ٱلْمِحَنِ.‏ فَقَدْ تَذَكَّرُوا كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ أَيْضًا».‏ (‏يو ١٥:‏٢٠‏)‏ عِوَضًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ طَلَبُوا مِنْ يَهْوَهَ أَنْ ‹يَلْتَفِتَ إِلَى› تَهْدِيدَاتِ ٱلْمُقَاوِمِينَ.‏ (‏اع ٤:‏٢٩‏)‏ فَقَدْ فَهِمُوا جَلِيًّا أَنَّ ٱلِٱضْطِهَادَ ٱلَّذِي يُوَاجِهُونَهُ مُنْبَأٌ بِهِ.‏ وَأَدْرَكُوا أَنَّ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ سَتَتِمُّ «عَلَى ٱلْأَرْضِ»،‏ تَمَامًا كَمَا طَلَبَ مِنْهُمْ يَسُوعُ أَنْ يُصَلُّوا،‏ بِصَرْفِ ٱلنَّظَرِ عَنْ مَوْقِفِ ٱلْحُكَّامِ ٱلْبَشَرِ ٱلضُّعَفَاءِ.‏ —‏ مت ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      ١٧ وَلِيَتَمَكَّنَ ٱلتَّلَامِيذُ مِنْ فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ،‏ صَلَّوْا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:‏ «أَعْطِ عَبِيدَكَ أَنْ يُوَاظِبُوا عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكَلِمَتِكَ بِكُلِّ جُرْأَةٍ».‏ فَكَيْفَ تَجَاوَبَ يَهْوَهُ؟‏ فِي ٱلْحَالِ «تَزَعْزَعَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ،‏ وَٱمْتَلَأُوا جَمِيعُهُمْ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ،‏ وَأَخَذُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ بِجُرْأَةٍ».‏ (‏اع ٤:‏٢٩-‏٣١‏)‏ فَلَا شَيْءَ يَحُولُ دُونَ إِتْمَامِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ.‏ (‏اش ٥٥:‏١١‏)‏ لِذَا مَهْمَا عَاكَسَتْنَا ٱلظُّرُوفُ أَوْ قَوِيَ خَصْمُنَا،‏ بِإِمْكَانِنَا ٱلْوُثُوقُ أَنَّ يَهْوَهَ يَمْنَحُنَا ٱلْقُوَّةَ لِنُوَاصِلَ ٱلتَّكَلُّمَ بِكَلِمَتِهِ بِجُرْأَةٍ إِنْ نَحْنُ لَجَأْنَا إِلَيْهِ بِٱلصَّلَاةِ.‏

      ‏«لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ،‏ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ» (‏اعمال ٤:‏٣٢–‏٥:‏١١‏)‏

      ١٨ مَاذَا فَعَلَ أَعْضَاءُ جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ وَاحِدُهُمْ لِلْآخَرِ؟‏

      ١٨ سُرْعَانَ مَا نَمَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْفَتِيَّةُ فِي أُورُشَلِيمَ لِتَضُمَّ أَكْثَرَ مِنْ ٠٠٠‏,٥ عُضْوٍ.‏d وَرَغْمَ خَلْفِيَّاتِهِمِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ،‏ كَانَ لِهٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذِ «قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ».‏ فَقَدْ كَانُوا مُتَّحِدِينَ فِي ٱلْفِكْرِ نَفْسِهِ وَٱلرَّأْيِ عَيْنِهِ.‏ (‏اع ٤:‏٣٢؛‏ ١ كو ١:‏١٠‏)‏ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِٱلصَّلَاةِ إِلَى يَهْوَهَ لِيُبَارِكَ جُهُودَهُمْ،‏ بَلْ دَعَمُوا وَاحِدُهُمُ ٱلْآخَرَ رُوحِيًّا،‏ وَعِنْدَ ٱلضَّرُورَةِ مَادِّيًّا.‏ (‏١ يو ٣:‏١٦-‏١٨‏)‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ بَاعَ ٱلتِّلْمِيذُ يُوسُفُ ٱلَّذِي لَقَّبَهُ ٱلرُّسُلُ بَرْنَابَا قِطْعَةَ أَرْضٍ كَانَ يَمْلِكُهَا وَتَبَرَّعَ بِكَامِلِ ٱلْمَبْلَغِ.‏ فَسَاهَمَ بِذٰلِكَ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلْقَادِمِينَ مِنْ مَنَاطِقَ بَعِيدَةٍ عَلَى تَمْدِيدِ إِقَامَتِهِمْ فِي أُورُشَلِيمَ لِتَعَلُّمِ ٱلْمَزِيدِ عَنْ إِيمَانِهِمِ ٱلْجَدِيدِ.‏

      ١٩ لِمَ أَمَاتَ يَهْوَهُ حَنَانِيَّا وَسَفِّيرَةَ؟‏

      ١٩ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ أَيْضًا بَاعَ ٱلزَّوْجَانِ حَنَانِيَّا وَسَفِّيرَةَ مِلْكًا وَقَدَّمَا تَبَرُّعًا.‏ وَتَظَاهَرَا بِتَقْدِيمِ ٱلْمَبْلَغِ كَامِلًا،‏ إِلَّا أَنَّهُمَا ‹ٱحْتَفَظَا سِرًّا بِبَعْضِ ٱلثَّمَنِ›.‏ (‏اع ٥:‏٢‏)‏ فَأَمَاتَهُمَا يَهْوَهُ،‏ لَا لِأَنَّ تَبَرُّعَهُمَا زَهِيدٌ،‏ بَلْ لِأَنَّهُمَا تَصَرَّفَا بِخِدَاعٍ وَبِنِيَّةٍ خَبِيثَةٍ.‏ قَالَ بُطْرُسُ لِحَنَانِيَّا:‏ «أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ،‏ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ».‏ (‏اع ٥:‏٣،‏ ٤‏)‏ فَعَلَى غِرَارِ ٱلْمُرَائِينَ ٱلَّذِينَ أَدَانَهُمْ يَسُوعُ،‏ ٱهْتَمَّ هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ بِطَلَبِ مَجْدِ ٱلنَّاسِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِطَلَبِ رِضَى ٱللّٰهِ.‏ —‏ مت ٦:‏١-‏٣‏.‏

      ٢٠ مَاذَا نَتَعَلَّمُ بِشَأْنِ تَقْدِمَاتِنَا لِيَهْوَهَ؟‏

      ٢٠ وَفِي أَيَّامِنَا يَتَحَلَّى مَلَايِينُ ٱلشُّهُودِ بِٱلسَّخَاءِ وَيُقَدِّمُونَ تَبَرُّعَاتٍ طَوْعِيَّةً لِدَعْمِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْعَالَمِيِّ،‏ تَمَامًا كَٱلتَّلَامِيذِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي أُورُشَلِيمَ قَدِيمًا.‏ لَا أَحَدَ يُجْبَرُ عَلَى ٱلْعَطَاءِ مِنْ وَقْتِهِ أَوْ مَالِهِ.‏ فَيَهْوَهُ لَا يَرْغَبُ أَنْ نَخْدُمَهُ غَصْبًا عَنَّا أَوْ مُرْغَمِينَ.‏ (‏٢ كو ٩:‏٧‏)‏ وَهُوَ لَا يَهْتَمُّ بِحَجْمِ تَبَرُّعَاتِنَا بَلْ بِٱلدَّافِعِ وَرَاءَهَا.‏ (‏مر ١٢:‏٤١-‏٤٤‏)‏ فَلْنَتَجَنَّبْ إِذًا ٱلتَّشَبُّهَ بِحَنَانِيَّا وَسَفِّيرَةَ ٱللَّذَيْنِ خَدَمَا ٱللّٰهَ بِدَافِعٍ أَنَانِيٍّ وَطَلَبًا لِلْمَجْدِ.‏ وَلْنَتَمَثَّلْ بِبُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَبَرْنَابَا،‏ فَنَخْدُمَ يَهْوَهَ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَصِيلَةِ لَهُ وَلِأَخِينَا ٱلْإِنْسَانِ.‏ —‏ مت ٢٢:‏٣٧-‏٤٠‏.‏

      a رُفِعَتِ ٱلصَّلَوَاتُ فِي ٱلْهَيْكَلِ بِٱلتَّزَامُنِ مَعَ ذَبَائِحِ ٱلصَّبَاحِ وَٱلْمَسَاءِ.‏ وَذَبَائِحُ ٱلْمَسَاءِ قُرِّبَتْ عِنْدَ «ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ»،‏ أَيْ قُرَابَةَ ٱلثَّالِثَةِ بَعْدَ ٱلظُّهْرِ.‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَيْنِ «‏بُطْرُسُ:‏ مِنْ صَيَّادِ سَمَكٍ إِلَى رَسُولٍ غَيُورٍ‏»؛‏ وَ«‏يُوحَنَّا:‏ اَلتِّلْمِيذُ ٱلَّذِي أَحَبَّهُ يَسُوعُ‏».‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَرَئِيسُهُمْ‏».‏

      d يُقَدَّرُ أَنَّ عَدَدَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ فِي أُورُشَلِيمَ عَامَ ٣٣ ب‌م بَلَغَ نَحْوَ ٠٠٠‏,٦ فَقَطْ،‏ أَمَّا ٱلصَّدُّوقِيُّونَ فَكَانُوا أَقَلَّ عَدَدًا.‏ وَرُبَّمَا يُشَكِّلُ هٰذَا ٱلْوَاقِعُ سَبَبًا إِضَافِيًّا يُفَسِّرُ خَوْفَ كِلَا ٱلْفَرِيقَيْنِ ٱلْمُتَزَايِدَ مِنْ تَعَالِيمِ يَسُوعَ.‏

      بُطْرُسُ:‏ مِنْ صَيَّادِ سَمَكٍ إِلَى رَسُولٍ غَيُورٍ

      يُعْرَفُ بُطْرُسُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بِخَمْسَةِ أَسْمَاءٍ هِيَ:‏ اَلِٱسْمُ ٱلْعِبْرَانِيُّ شِمْعُونُ وَمَا يُقَابِلُهُ فِي ٱلْيُونَانِيَّةِ سِمْعَانُ؛‏ اَلِٱسْمُ ٱلْأَرَامِيُّ صَفَا وَمَا يُرَادِفُهُ فِي ٱلْيُونَانِيَّةِ بُطْرُسُ؛‏ وَٱلِٱسْمُ ٱلْمُرَكَّبُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ.‏ —‏ مت ١٠:‏٢؛‏ يو ١:‏٤٢؛‏ اع ١٥:‏١٤‏.‏

      بطرس

      كَانَ بُطْرُسُ مُتَزَوِّجًا يَسْكُنُ مَعَ حَمَاتِهِ وَأَخِيهِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَعْمَلُ فِي صَيْدِ ٱلسَّمَكِ.‏ (‏مر ١:‏٢٩-‏٣١‏)‏ وَهُوَ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ بَيْتَ صَيْدَا،‏ مَدِينَةٍ عَلَى ٱلضِّفَّةِ ٱلشَّمَالِيَّةِ لِبَحْرِ ٱلْجَلِيلِ.‏ (‏يو ١:‏٤٤‏)‏ إِلَّا أَنَّهُ عَاشَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ فِي مَدِينَةِ كَفَرْنَاحُومَ ٱلْمُجَاوِرَةِ.‏ (‏لو ٤:‏٣١،‏ ٣٨‏)‏ وَمِنْ عَلَى مَرْكَبِهِ،‏ خَاطَبَ يَسُوعُ جَمْعًا عَلَى شَاطِئِ ٱلْجَلِيلِ.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ مُبَاشَرَةً،‏ جَذَبَ بُطْرُسُ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱلْمَسِيحِ صَيْدًا وَافِرًا مِنَ ٱلسَّمَكِ.‏ فَخَرَّ خَوْفًا إِثْرَ هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةِ،‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ:‏ «كَفَاكَ خَوْفٌ.‏ مِنَ ٱلْآنَ تَصْطَادُ ٱلنَّاسَ أَحْيَاءً».‏ (‏لو ٥:‏١-‏١١‏)‏ وَقَدْ مَارَسَ بُطْرُسُ مِهْنَةَ ٱلصَّيْدِ مَعَ أَخِيهِ أَنْدَرَاوُسَ،‏ إِضَافَةً إِلَى يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.‏ لٰكِنَّهُمْ جَمِيعًا تَخَلَّوْا عَنْهَا عِنْدَمَا قَبِلُوا دَعْوَةَ يَسُوعَ إِلَى ٱتِّبَاعِهِ.‏ (‏مت ٤:‏١٨-‏٢٢؛‏ مر ١:‏١٦-‏١٨‏)‏ وَبَعْدَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا،‏ كَانَ بُطْرُسُ بَيْنَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ ٱلَّذِينَ ٱخْتَارَهُمُ ٱلْمَسِيحُ «رُسُلًا».‏ —‏ مر ٣:‏١٣-‏١٦‏.‏

      وَفِي مُنَاسَبَاتٍ خُصُوصِيَّةٍ،‏ طَلَبَ يَسُوعُ مِنْ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا فَقَطْ مُرَافَقَتَهُ.‏ فَشَهِدُوا حَادِثَةَ ٱلتَّجَلِّي وَرَأَوْهُ يُقِيمُ ٱبْنَةَ يَايِرُسَ وَشَاطَرُوهُ حُزْنَهُ فِي بُسْتَانِ جَتْسِيمَانِي.‏ (‏مت ١٧:‏١،‏ ٢؛‏ ٢٦:‏٣٦-‏٤٦؛‏ مر ٥:‏٢٢-‏٢٤،‏ ٣٥-‏٤٢؛‏ لو ٢٢:‏٣٩-‏٤٦‏)‏ وَهٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةُ إِضَافَةً إِلَى أَنْدَرَاوُسَ هُمْ مَنْ سَأَلُوهُ عَنْ عَلَامَةِ حُضُورِهِ.‏ —‏ مر ١٣:‏١-‏٤‏.‏

      كَانَ بُطْرُسُ صَرِيحًا وَمُنْدَفِعًا،‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ مُتَسَرِّعًا.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ غَالِبًا مَا عَبَّرَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ قَبْلَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَتُسَجِّلُ ٱلْأَنَاجِيلُ أَقْوَالَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَقْوَالِ ٱلرُّسُلِ ٱلْـ‍ ١١ مُجْتَمِعَةً.‏ وَفِي مُنَاسَبَاتٍ عِدَّةٍ،‏ ٱسْتَفْسَرَ عَنْ شَتَّى ٱلْمَسَائِلِ فِي حِينِ لَزِمَ ٱلْآخَرُونَ ٱلصَّمْتَ.‏ (‏مت ١٥:‏١٥؛‏ ١٨:‏٢١؛‏ ١٩:‏٢٧-‏٢٩؛‏ لو ١٢:‏٤١؛‏ يو ١٣:‏٣٦-‏٣٨‏)‏ وَهُوَ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي عَارَضَ أَنْ يَغْسِلَ يَسُوعُ قَدَمَيْهِ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ مَا لَبِثَ أَنْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَغْسِلَ لَهُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ أَيْضًا بَعْدَمَا وَبَّخَهُ.‏ —‏ يو ١٣:‏٥-‏١٠‏.‏

      أَكَنَّ هٰذَا ٱلرَّسُولُ مَحَبَّةً شَدِيدَةً لِمُعَلِّمِهِ،‏ فَحَاوَلَ إِقْنَاعَهُ أَنَّهُ لَنْ يُضْطَرَّ أَنْ يُعَانِيَ وَيُقْتَلَ.‏ فَقَوَّمَهُ يَسُوعُ بِحَزْمٍ لِأَنَّهُ ٱفْتَقَرَ فِي تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ إِلَى ٱلْحُكْمِ ٱلسَّلِيمِ.‏ (‏مت ١٦:‏٢١-‏٢٣‏)‏ وَفِي ٱللَّيْلَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاةِ يَسُوعَ ٱلْأَرْضِيَّةِ،‏ قَالَ بُطْرُسُ إِنَّهُ لَنْ يَتْرُكَ مُعَلِّمَهُ أَبَدًا وَلَوْ تَخَلَّى عَنْهُ كُلُّ ٱلرُّسُلِ.‏ وَحِينَ أَلْقَى أَعْدَاءُ ٱلْمَسِيحِ ٱلْقَبْضَ عَلَيْهِ،‏ دَفَعَتِ ٱلشَّجَاعَةُ بُطْرُسَ أَنْ يُحَامِيَ عَنْ سَيِّدِهِ بِٱلسَّيْفِ،‏ ثُمَّ يَلْحَقَ بِهِ إِلَى فِنَاءِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ.‏ وَلٰكِنْ لَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى أَنْكَرَ سَيِّدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ،‏ فَبَكَى بِمَرَارَةٍ حِينَ أَدْرَكَ فَدَاحَةَ فَعْلَتِهِ.‏ —‏ مت ٢٦:‏٣١-‏٣٥،‏ ٥١،‏ ٥٢،‏ ٦٩-‏٧٥‏.‏

      قُبَيْلَ ظُهُورِ يَسُوعَ ٱلْمُقَامِ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى لِرُسُلِهِ فِي ٱلْجَلِيلِ،‏ قَالَ بُطْرُسُ إِنَّهُ ذَاهِبٌ لِلصَّيْدِ،‏ فَٱنْضَمَّ إِلَيْهِ بَعْضُ ٱلرُّسُلِ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ أَدْرَكَ أَنَّ مُعَلِّمَهُ وَاقِفٌ عَلَى ٱلشَّطِّ،‏ رَمَى بِنَفْسِهِ تِلْقَائِيًّا فِي ٱلْمَاءِ وَسَبَحَ إِلَيْهِ.‏ وَبَعْدَمَا تَنَاوَلُوا ٱلْفُطُورَ ٱلَّذِي أَعَدَّهُ ٱلْمَسِيحُ لَهُمْ،‏ سَأَلَ يَسُوعُ بُطْرُسَ هَلْ يُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْ «هٰؤُلَاءِ»،‏ أَيْ مِنَ ٱلسَّمَكِ ٱلَّذِي ٱصْطَادُوهُ.‏ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَحُثَّهُ عَلَى ٱتِّبَاعِهِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ،‏ عِوَضَ أَنْ يَسْعَى وَرَاءَ مِهْنَةٍ كَمِهْنَةِ صَيْدِ ٱلسَّمَكِ.‏ —‏ يو ٢١:‏١-‏٢٢‏.‏

      بَيْنَ عَامَيْ ٦٢–‏٦٤ ب‌م تَقْرِيبًا،‏ نَادَى بُطْرُسُ بِٱلْبِشَارَةِ فِي بَابِلَ (‏فِي ٱلْعِرَاقِ ٱلْيَوْمَ)‏ حَيْثُ سَكَنَتْ جَالِيَةٌ يَهُودِيَّةٌ كَبِيرَةٌ.‏ (‏١ بط ٥:‏١٣‏)‏ وَهُنَاكَ كَتَبَ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْمُلْهَمَةَ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي تَحْمِلُ ٱسْمَهُ،‏ وَرُبَّمَا ٱلثَّانِيَةَ أَيْضًا.‏ لَقَدْ نَالَ بُطْرُسُ مِنْ يَسُوعَ «ٱلصَّلَاحِيَّةَ ٱللَّازِمَةَ لِكَيْ يَكُونَ رَسُولًا لِلْمَخْتُونِينَ».‏ (‏غل ٢:‏٨،‏ ٩‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ تَمَّمَ هٰذَا ٱلتَّفْوِيضَ بِرَأْفَةٍ وَبِغَيْرَةٍ أَيْضًا.‏

      يُوحَنَّا:‏ اَلتِّلْمِيذُ ٱلَّذِي أَحَبَّهُ يَسُوعُ

      هُوَ ٱبْنُ زَبَدِي وَأَخُو ٱلرَّسُولِ يَعْقُوبَ.‏ أُمُّهُ عَلَى مَا يَبْدُو هِيَ سَالُومَةُ ٱلَّتِي رُبَّمَا كَانَتْ أُخْتَ مَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ.‏ (‏مت ١٠:‏٢؛‏ ٢٧:‏٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ١٥:‏٤٠؛‏ لو ٥:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَعَلَيْهِ،‏ قَدْ يَكُونُ يُوحَنَّا مِنْ أَقْرِبَاءِ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَهُوَ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ عَائِلَةٍ مَيْسُورَةٍ،‏ إِذْ إِنَّ وَالِدَهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى تَوْظِيفِ أُجَرَاءَ يُعَاوِنُونَهُ فِي صَيْدِ ٱلسَّمَكِ.‏ (‏مر ١:‏٢٠‏)‏ وَقَدْ رَافَقَتْ أُمُّهُ يَسُوعَ وَخَدَمَتْهُ خِلَالَ وُجُودِهِ فِي ٱلْجَلِيلِ،‏ وَبَعْدَ مَوْتِهِ أَحْضَرَتْ أَطْيَابًا لِتَهْيِئَةِ جَسَدِهِ لِلدَّفْنِ.‏ (‏مر ١٦:‏١؛‏ يو ١٩:‏٤٠‏)‏ وَكَمَا يَظْهَرُ ٱمْتَلَكَ هٰذَا ٱلرَّسُولُ بَيْتًا خَاصًّا.‏ —‏ يو ١٩:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      يوحنا

      نَقْرَأُ أَنَّ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدَ كَانَ وَاقِفًا مِعَ ٱثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ حِينَ نَظَرَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ:‏ «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ!‏».‏ اَلتِّلْمِيذُ ٱلْأَوَّلُ هُوَ أَنْدَرَاوُسُ،‏ أَمَّا ٱلثَّانِي فَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ يُوحَنَّا.‏ (‏يو ١:‏٣٥،‏ ٣٦،‏ ٤٠‏)‏ بَعْدَئِذٍ رَافَقَ يُوحَنَّا كَمَا يَبْدُو يَسُوعَ إِلَى قَانَا حَيْثُ رَأَى بِأُمِّ عَيْنَيْهِ أُولَى عَجَائِبِ ٱلْمَسِيَّا.‏ (‏يو ٢:‏١-‏١١‏)‏ وَبِمَا أَنَّهُ يَرْسُمُ فِي إِنْجِيلِهِ صُورَةً حَيَّةً وَمُفَصَّلَةً لِنَشَاطَاتِ يَسُوعَ ٱللَّاحِقَةِ فِي أُورُشَلِيمَ وَٱلسَّامِرَةِ وَٱلْجَلِيلِ،‏ نَسْتَنْتِجُ أَنَّهُ شَهِدَ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثَ أَيْضًا.‏ هٰذَا وَقَدْ أَعْرَبَ يُوحَنَّا،‏ إِضَافَةً إِلَى يَعْقُوبَ وَبُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ،‏ عَنْ إِيمَانٍ بَارِزٍ.‏ فَلَمْ يَتَرَدَّدْ أَيٌّ مِنْهُمْ لَحْظَةً أَنْ يَتَخَلَّى عَنْ شِبَاكِهِ وَمَرْكَبِهِ وَمَوْرِدِ رِزْقِهِ حِينَ دَعَاهُ يَسُوعُ إِلَى ٱتِّبَاعِهِ.‏ —‏ مت ٤:‏١٨-‏٢٢‏.‏

      صَحِيحٌ أَنَّ يُوحَنَّا لَا يَبْرُزُ فِي رِوَايَاتِ ٱلْأَنَاجِيلِ كَمَا هِيَ ٱلْحَالُ مَعَ بُطْرُسَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ ٱتَّصَفَ مِثْلَهُ بِشَخْصِيَّةٍ قَوِيَّةٍ كَمَا يَدُلُّ ٱللَّقَبُ ٱلَّذِي أَطْلَقَهُ يَسُوعُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَخِيهِ يَعْقُوبَ:‏ بُوَانَرْجِسُ،‏ ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱبْنَيِ ٱلرَّعْدِ».‏ (‏مر ٣:‏١٧‏)‏ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ طَمَحَ يُوحَنَّا إِلَى ٱلْبُرُوزِ لِدَرَجَةِ أَنَّهُ وَأَخَاهُ دَفَعَا أُمَّهُمَا إِلَى ٱلطَّلَبِ مِنْ يَسُوعَ أَنْ يُسْنِدَ إِلَيْهِمَا مَرْكَزًا بَارِزًا فِي مَلَكُوتِهِ.‏ مِنْ جِهَةٍ،‏ كَانَتْ رَغْبَتُهُمَا هٰذِهِ أَنَانِيَّةً.‏ لٰكِنَّهَا دَلَّتْ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ عَلَى إِيمَانِهِمَا بِأَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ حَقِيقَةٌ حَتْمِيَّةٌ.‏ وَطُمُوحُهُمَا هٰذَا أَتَاحَ لِيَسُوعَ ٱلْفُرْصَةَ أَنْ يُنَبِّهَ جَمِيعَ ٱلرُّسُلِ إِلَى ضَرُورَةِ ٱلِٱتِّصَافِ بِٱلتَّوَاضُعِ.‏ —‏ مت ٢٠:‏٢٠-‏٢٨‏.‏

      بَرَزَتْ أَيْضًا شَخْصِيَّةُ يُوحَنَّا ٱلْقَوِيَّةُ حِينَ حَاوَلَ مَنْعَ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَتْبَاعِ يَسُوعَ عَنْ إِخْرَاجِ ٱلشَّيَاطِينِ بِٱسْمِهِ.‏ وَفِي حَادِثَةٍ أُخْرَى،‏ أَرَادَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتُهْلِكَ سُكَّانَ قَرْيَةٍ سَامِرِيَّةٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَجَاوَبُوا مَعَ مَنْ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ لِيُهَيِّئُوا لَهُ.‏ فَمَا كَانَ مِنْ يَسُوعَ إِلَّا أَنِ ٱنْتَهَرَهُ.‏ وَبِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّسُولَ نَمَّى صِفَتَيِ ٱلِٱتِّزَانِ وَٱلرَّحْمَةِ ٱللَّتَيْنِ كَانَتَا تَنْقُصَانِهِ.‏ (‏لو ٩:‏٤٩-‏٥٦‏)‏ وَلٰكِنْ رَغْمَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلتَّقْصِيرَاتِ،‏ وُصِفَ يُوحَنَّا بِأَنَّهُ «ٱلتِّلْمِيذُ ٱلَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ».‏ لِذٰلِكَ حِينَ أَوْشَكَ ٱلْمَسِيحُ أَنْ يَمُوتَ ٱئْتَمَنَهُ عَلَى رِعَايَةِ أُمِّهِ مَرْيَمَ.‏ —‏ يو ١٩:‏٢٦،‏ ٢٧؛‏ ٢١:‏٧،‏ ٢٠،‏ ٢٤‏.‏

      عَاشَ يُوحَنَّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلرُّسُلِ،‏ تَمَامًا كَمَا أَنْبَأَ يَسُوعُ.‏ (‏يو ٢١:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ وَخَدَمَ يَهْوَهَ بِأَمَانَةٍ مَا يُنَاهِزُ ٱلسَّبْعِينَ عَامًا.‏ وَفِي شَيْخُوخَتِهِ،‏ نُفِيَ خِلَالَ حُكْمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ ٱلرُّومَانِيِّ دُومِيتْيَان إِلَى جَزِيرَةِ بَطْمُسَ ‹لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَنِ ٱللّٰهِ وَشَهِدَ لِيَسُوعَ›.‏ وَهُنَاكَ شَاهَدَ نَحْوَ ٱلسَّنَةِ ٩٦ ب‌م ٱلرُّؤَى ٱلَّتِي دَوَّنَهَا فِي سِفْرِ ٱلرُّؤْيَا.‏ (‏رؤ ١:‏١،‏ ٢،‏ ٩‏)‏ وَبِحَسَبِ ٱلتَّقْلِيدِ،‏ سَافَرَ ٱلرَّسُولُ بَعْدَ إِطْلَاقِ سَرَاحِهِ إِلَى أَفَسُسَ حَيْثُ كَتَبَ ٱلْإِنْجِيلَ ٱلَّذِي يَحْمِلُ ٱسْمَهُ وَرَسَائِلَهُ ٱلثَّلَاثَ،‏ ثُمَّ فَارَقَ ٱلْحَيَاةَ نَحْوَ ٱلْعَامِ ١٠٠ ب‌م.‏

  • ‏«ينبغي ان يطاع الله حاكما»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٥

      ‏«يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ حَاكِمًا»‏

      اَلرُّسُلُ يَثْبُتُونَ عَلَى مَوْقِفِهِمْ تَارِكِينَ قُدْوَةً لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ جَمِيعًا

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٥:‏١٢–‏٦:‏٧

      ١-‏٣ (‏أ)‏ لِمَ مَثَلَ ٱلرُّسُلُ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ وَأَيَّ قَضِيَّةٍ وَاجَهُوا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يَهُمُّنَا مَوْقِفُ ٱلرُّسُلِ؟‏

      يَتَحَرَّقُ قُضَاةُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ غَيْظًا فِيمَا يَمْثُلُ رُسُلُ يَسُوعَ أَمَامَهُمْ لِلْمُحَاكَمَةِ.‏ يُوَجِّهُ يُوسُفُ قَيَافَا،‏ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَرَأْسُ ٱلْمَحْكَمَةِ ٱلْعُلْيَا،‏ أَصَابِعَ ٱلِٱتِّهَامِ نَحْوَهُمْ قَائِلًا بِلَهْجَةٍ حَادَّةٍ:‏ «أَمَرْنَاكُمْ أَمْرًا أَلَّا تُعَلِّمُوا بِهٰذَا ٱلِٱسْمِ بَعْدُ».‏ لَا يُطِيقُ قَيَافَا حَتَّى ٱلنُّطْقَ بِٱسْمِ يَسُوعَ!‏ يُتَابِعُ وَٱلدَّمُ يَغْلِي فِي عُرُوقِهِ:‏ «هَا إِنَّكُمْ قَدْ مَلَأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ،‏ وَمُصَمِّمُونَ أَنْ تَجْلُبُوا عَلَيْنَا دَمَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ».‏ (‏اع ٥:‏٢٨‏)‏ اَلرِّسَالَةُ وَاضِحَةٌ وُضُوحَ ٱلشَّمْسِ:‏ كُفُّوا عَنِ ٱلْكِرَازَةِ،‏ وَإِلَّا .‏ .‏ .‏

      ٢ فَأَيُّ وَقْعٍ كَانَ لِكَلِمَاتِهِ عَلَى ٱلرُّسُلِ؟‏ لَا نَنْسَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ مَنْ فَوَّضَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ إِلَيْهِمْ،‏ وَسُلْطَةُ ٱلْمَسِيحِ مَصْدَرُهَا ٱللّٰهُ.‏ (‏مت ٢٨:‏١٨-‏٢٠‏)‏ فَهَلْ يَسْتَسْلِمُونَ لِخَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ وَيَرْضَوْنَ ٱلسُّكُوتَ،‏ أَمْ يَكُونُونَ رِجَالًا شُجْعَانًا وَيُوَاصِلُونَ عَمَلَهُمْ؟‏ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى:‏ هَلْ يُطِيعُونَ ٱللّٰهَ أَمِ ٱلنَّاسَ؟‏ بِلِسَانِ ٱلرُّسُلِ جَمِيعًا،‏ يُجِيبُ بُطْرُسُ بِجُرْأَةٍ وَدُونَ تَرَدُّدٍ وَاضِعًا ٱلنِّقَاطَ عَلَى ٱلْحُرُوفِ.‏

      ٣ مِنْ جِهَتِنَا،‏ نَحْنُ مُهْتَمُّونَ كَثِيرًا بِرَدَّةِ فِعْلِ ٱلرُّسُلِ تِجَاهَ تَهْدِيدَاتِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ فَٱلتَّفْوِيضُ بِٱلْبِشَارَةِ مُوكَلٌ إِلَى جَمِيعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ وَفِيمَا نُتَمِّمُ هٰذَا ٱلتَّعْيِينَ ٱلْإِلٰهِيَّ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ أَنْ نُوَاجِهَ ٱلْمُقَاوَمَةَ نَحْنُ أَيْضًا.‏ (‏مت ١٠:‏٢٢‏)‏ فَقَدْ يُحَاوِلُ ٱلْمُقَاوِمُونَ تَقْيِيدَ عَمَلِنَا أَوْ حَظْرَهُ.‏ فَكَيْفَ نَتَصَرَّفُ؟‏ مِنَ ٱلْمُفِيدِ لَنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي مَوْقِفِ ٱلرُّسُلِ وَٱلظُّرُوفِ ٱلَّتِي أَدَّتْ إِلَى مُحَاكَمَتِهِمْ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏a

      اَلسَّنْهَدْرِيمُ:‏ اَلْمَحْكَمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْعُلْيَا

      رَغْمَ أَنَّ ٱلْيَهُودِيَّةَ كَانَتْ خَاضِعَةً لِسُلْطَةِ حَاكِمٍ رُومَانِيٍّ،‏ سَمَحَ ٱلرُّومَانُ لِلْيَهُودِ أَنْ يَعْمَلُوا بِتَقَالِيدِهِمِ ٱلْخَاصَّةِ وَمَنَحُوهُمْ عُمُومًا حُكْمًا ذَاتِيًّا.‏ فَنَظَرَتِ ٱلْمَحَاكِمُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ فِي ٱلْجَرَائِمِ ٱلصَّغِيرَةِ وَٱلْقَضَايَا ٱلْمَدَنِيَّةِ.‏ وَحِينَ تَعَدَّتِ ٱلدَّعَاوَى صَلَاحِيَّتَهَا أَوْ عَجِزَتْ عَنِ ٱلْبَتِّ فِيهَا،‏ كَانَتْ تُحِيلُهَا إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلْأَعْلَى فِي أُورُشَلِيمَ.‏ وَٱلسَّنْهَدْرِيمُ هُوَ مَحْكَمَةُ ٱلْيَهُودِ ٱلْعُلْيَا وَٱلْمَجْلِسُ ٱلْإِدَارِيُّ ٱلْمَرْكَزِيُّ وَصَاحِبُ ٱلْكَلِمَةِ ٱلْفَصْلِ فِي تَفْسِيرِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ وَقَدِ ٱعْتَرَفَ ٱلْيَهُودُ أَيْنَمَا كَانُوا بِسُلْطَتِهِ.‏

      اِلْتَأَمَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ فِي قَاعَةٍ خَاصَّةٍ يُعْتَقَدُ أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي حَرَمِ ٱلْهَيْكَلِ أَوْ جِوَارِهِ.‏ وَتَأَلَّفَ مَجْلِسُهُ مِنْ ٧١ عُضْوًا شَمَلُوا:‏ رَئِيسَ ٱلْكَهَنَةِ ٱلَّذِي تَوَلَّى رِئَاسَتَهُ،‏ أَرِسْتُقْرَاطِيِّينَ عَلْمَانِيِّينَ،‏ كَتَبَةً مُثَقَّفِينَ،‏ وَكَهَنَةً بَارِزِينَ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلصَّدُّوقِيُّونَ.‏ أَمَّا ٱلْقَرَارَاتُ ٱلصَّادِرَةُ عَنْهُ فَكَانَتْ نِهَائِيَّةً.‏

      ‏«مَلَاكُ يَهْوَهَ .‏ .‏ .‏ فَتَحَ أَبْوَابَ ٱلسِّجْنِ» (‏اعمال ٥:‏١٢-‏٢١أ‏)‏

      ٤،‏ ٥ لِمَ ٱمْتَلَأَ قَيَافَا وَبَاقِي ٱلصَّدُّوقِيِّينَ غَيْرَةً؟‏

      ٤ هَلْ تَذْكُرُ جَوَابَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا عِنْدَمَا أُمِرَا بِٱلتَّوَقُّفِ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ سَابِقًا؟‏ قَالَا:‏ «لَا نَقْدِرُ أَنْ نَكُفَّ عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا».‏ (‏اع ٤:‏٢٠‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ بَعْدَ تِلْكَ ٱلْمُوَاجَهَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ وَاصَلَا ٱلْبِشَارَةَ فِي ٱلْهَيْكَلِ مَعَ بَاقِي ٱلرُّسُلِ.‏ كَمَا صَنَعُوا آيَاتٍ عَظِيمَةً «فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ» كَشِفَاءِ ٱلْمَرْضَى وَإِخْرَاجِ ٱلشَّيَاطِينِ.‏b تَخَيَّلْ،‏ حَتَّى ظِلُّ بُطْرُسَ أَبْرَأَ ٱلْمَرْضَى عَلَى مَا يَبْدُو!‏ وَكَثِيرُونَ مِمَّنِ ٱخْتَبَرُوا ٱلشِّفَاءَ ٱلْجَسَدِيَّ تَجَاوَبُوا مَعَ تَعَالِيمَ أَتَاحَتْ لَهُمُ ٱلشِّفَاءَ رُوحِيًّا.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ «ظَلَّ يَنْضَمُّ مُؤْمِنُونَ بِٱلرَّبِّ،‏ جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ».‏ —‏ اع ٥:‏١٢-‏١٥‏.‏

      ٥ إِلَّا أَنَّ قَيَافَا وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلْآخَرِينَ «ٱمْتَلَأُوا غَيْرَةً» وَأَمَرُوا بِسَجْنِ ٱلرُّسُلِ.‏ (‏اع ٥:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ فَلِمَ ٱغْتَاظَ أَعْضَاءُ هٰذِهِ ٱلْبِدْعَةِ ٱلدِّينِيَّةِ؟‏ كَانَ ٱلرُّسُلُ يُعَلِّمُونَ عَنْ قِيَامَةِ ٱلْمَسِيحِ.‏ أَمَّا ٱلصَّدُّوقِيُّونَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا أَسَاسًا بِتَعْلِيمِ ٱلْقِيَامَةِ.‏ وَقَالَ ٱلرُّسُلُ أَيْضًا إِنَّ ٱلْإِيمَانَ بِيَسُوعَ هُوَ ٱلسَّبِيلُ ٱلْأَوْحَدُ لِلْخَلَاصِ.‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ خَشِيَ ٱلصَّدُّوقِيُّونَ ٱنْتِقَامَ ٱلرُّومَانِ فِي حَالِ ٱعْتَبَرَ ٱلشَّعْبُ يَسُوعَ قَائِدَهُمْ.‏ (‏يو ١١:‏٤٨‏)‏ لَا عَجَبَ إِذًا أَنَّهُمْ صَمَّمُوا عَلَى إِسْكَاتِ ٱلرُّسُلِ.‏

      ٦ مَنْ هُمُ ٱلْمُحَرِّضُونَ ٱلْأَسَاسِيُّونَ عَلَى ٱضْطِهَادِ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ،‏ وَلِمَ لَا نَسْتَغْرِبُ ذٰلِكَ؟‏

      ٦ أَلَا نَخْتَبِرُ ٱلْيَوْمَ وَضْعًا مُشَابِهًا؟‏ فَٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ هُمُ ٱلْمُحَرِّضُونَ ٱلْأَسَاسِيُّونَ عَلَى ٱضْطِهَادِ خُدَّامِ يَهْوَهَ.‏ وَغَالِبًا مَا يَسْتَغِلُّونَ نُفُوذَهُمْ لِيَضْغَطُوا عَلَى ٱلسُّلُطَاتِ ٱلْحُكُومِيَّةِ وَوَسَائِلِ ٱلْإِعْلَامِ وَيُسْكِتُونَا عَنِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ وَهٰذَا أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ.‏ فَرِسَالَتُنَا تَفْضَحُ ٱلدِّينَ ٱلْبَاطِلَ.‏ وَعِنْدَمَا يَقْبَلُ ٱلْمُسْتَقِيمُو ٱلْقُلُوبِ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ يَتَحَرَّرُونَ مِنَ ٱلْمُعْتَقَدَاتِ وَٱلْمُمَارَسَاتِ غَيْرِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَيْهِ.‏ (‏يو ٨:‏٣٢‏)‏ لَا غَرَابَةَ إِذًا أَنَّ رِسَالَتَنَا غَالِبًا مَا تَمْلَأُ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ غَيْرَةً وَكَرَاهِيَةً.‏

      ٧،‏ ٨ كَيْفَ أَثَّرَ طَلَبُ ٱلْمَلَاكِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي ٱلرُّسُلِ،‏ وَمَاذَا يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ؟‏

      ٧ لَعَلَّ ٱلرُّسُلَ ٱلْمَسْجُونِينَ بِٱنْتِظَارِ مُحَاكَمَتِهِمْ رَاحُوا يَتَسَاءَلُونَ:‏ ‹هَلْ نَقْضِي شُهَدَاءَ عَلَى يَدِ أَعْدَائِنَا؟‏›.‏ (‏مت ٢٤:‏٩‏)‏ وَلٰكِنْ خِلَالَ ٱللَّيْلِ حَدَثَتْ أُعْجُوبَةٌ.‏ تُخْبِرُنَا ٱلْأَعْمَال ٥:‏١٩ أَنَّ «مَلَاكَ يَهْوَهَ .‏ .‏ .‏ فَتَحَ أَبْوَابَ ٱلسِّجْنِ».‏c ثُمَّ أَعْطَاهُمْ تَوْجِيهًا مُحَدَّدًا،‏ قَائِلًا:‏ «قِفُوا فِي ٱلْهَيْكَلِ وَدَاوِمُوا عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ».‏ (‏اع ٥:‏٢٠‏)‏ لَا شَكَّ أَنَّ طَلَبَهُ هٰذَا طَمْأَنَ ٱلرُّسُلَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْلُكُونَ حَسَنًا.‏ وَلَرُبَّمَا قَوَّتْ كَلِمَاتُهُ هٰذِهِ إِيمَانَهُمْ وَشَدَّدَتْ عَزْمَهُمْ عَلَى ٱلْبَقَاءِ ثَابِتِينَ مَهْمَا حَصَلَ.‏ فَمَا كَانَ مِنَ ٱلرُّسُلِ ٱلشُّجْعَانِ إِلَّا أَنْ «دَخَلُوا إِلَى ٱلْهَيْكَلِ عِنْدَ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ وَطَفِقُوا يُعَلِّمُونَ».‏ —‏ اع ٥:‏٢١‏.‏

      ٨ يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ:‏ ‹هَلْ أُعْرِبُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلشَّجَاعَةِ ٱللَّازِمَيْنِ لِأُوَاصِلَ ٱلْكِرَازَةَ فِي حَالِ وَاجَهْتُ ظُرُوفًا مُشَابِهَةً؟‏›.‏ وَكَمْ نَتَشَجَّعُ حِينَ نَذْكُرُ أَنَّ عَمَلَ ‹ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ› يَحْظَى بِدَعْمِ ٱلْمَلَائِكَةِ وَتَوْجِيهِهِمْ!‏ —‏ اع ٢٨:‏٢٣؛‏ رؤ ١٤:‏٦،‏ ٧‏.‏

      ‏«يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ حَاكِمًا لَا ٱلنَّاسُ» (‏اعمال ٥:‏٢١ب-‏٣٣‏)‏

      الرسل يقفون امام قيافا

      ‏«لما احضروهم اوقفوهم في قاعة السنهدريم».‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٧

      ٩-‏١١ مَاذَا فَعَلَ ٱلرُّسُلُ حِينَ أَمَرَهُمُ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ بِٱلتَّوَقُّفِ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ،‏ وَكَيْفَ يَتَشَبَّهُ بِهِمِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ؟‏

      ٩ عِنْدَمَا أَصْبَحَ قَيَافَا وَسَائِرُ قُضَاةِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ مُسْتَعِدِّينَ لِلنَّظَرِ فِي قَضِيَّةِ ٱلرُّسُلِ،‏ أَرْسَلُوا ٱلشُّرَطَ لِيُحْضِرُوهُمْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِمَا جَرَى فِي ٱلسِّجْنِ.‏ تَخَيَّلْ دَهْشَةَ ٱلشُّرَطِ حِينَ ٱكْتَشَفُوا ٱخْتِفَاءَ ٱلسُّجَنَاءِ رَغْمَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا ٱلْحَبْسَ «مُقْفَلًا بِكُلِّ إِحْكَامٍ وَٱلْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ»!‏ (‏اع ٥:‏٢٣‏)‏ وَسُرْعَانَ مَا أُبْلِغَ قَائِدُ حَرَسِ ٱلْهَيْكَلِ أَيْضًا أَنَّ ٱلرُّسُلَ رَجَعُوا إِلَى ٱلْهَيْكَلِ لِيَشْهَدُوا عَنْ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ،‏ مُسْتَأْنِفِينَ ٱلْعَمَلَ ذَاتَهُ ٱلَّذِي سُجِنُوا مِنْ أَجْلِهِ!‏ فَأَسْرَعَ حِينَئِذٍ هُوَ وَٱلشُّرَطُ وَأَمْسَكُوا بِٱلرُّسُلِ وَٱصْطَحَبُوهُمْ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏

      ١٠ كَمَا رَأَيْنَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ،‏ أَمَرَ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلْحَانِقُونَ ٱلرُّسُلَ بِوُضُوحٍ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عَنِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَهَلِ ٱنْصَاعُوا لِأَوَامِرِهِمْ؟‏ بِلِسَانِ ٱلرُّسُلِ جَمِيعًا،‏ رَدَّ بُطْرُسُ بِكُلِّ جُرْأَةٍ قَائِلًا:‏ «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ حَاكِمًا لَا ٱلنَّاسُ».‏ (‏اع ٥:‏٢٩‏)‏ وَبِذٰلِكَ رَسَمَ ٱلرُّسُلُ مِثَالًا يَحْتَذِي بِهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ عَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ.‏ فَٱلْحُكَّامُ ٱلْبَشَرُ يَفْقِدُونَ حَقَّهُمْ فِي ٱلطَّاعَةِ فِي ٱلْمَسَائِلِ ٱلَّتِي يَحْظُرُونَ فِيهَا مَا طَلَبَهُ ٱللّٰهُ أَوْ يَطْلُبُونَ مَا حَظَرَهُ هُوَ.‏ لِذٰلِكَ فِي حَالِ مَنَعَتِ ‹ٱلسُّلُطَاتُ ٱلْفَائِقَةُ› عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ،‏ فَلَا نَقْدِرُ أَنْ نَكُفَّ عَنْ إِتْمَامِ هٰذَا ٱلتَّعْيِينِ ٱلْإِلٰهِيِّ.‏ (‏رو ١٣:‏١‏)‏ عِوَضَ ذٰلِكَ،‏ نُفَتِّشُ عَنْ أَسَالِيبَ حَكِيمَةٍ لِنُوَاصِلَ ٱلشَّهَادَةَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.‏

      ١١ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلرُّسُلِ،‏ فَإِنَّ جَوَابَهُمُ ٱلْجَرِيءَ أَضْرَمَ ٱلنَّارَ فِي قُلُوبِ ٱلْقُضَاةِ.‏ فَٱسْتَشْرَسُوا وَعَقَدُوا ٱلنِّيَّةَ «أَنْ يَقْضُوا عَلَيْهِمْ».‏ (‏اع ٥:‏٣٣‏)‏ فَبَدَا جَلِيًّا أَنَّ ٱلرُّسُلَ سَيُسْتَشْهَدُونَ لَا مَحَالَةَ.‏ لٰكِنَّ ٱلنَّجْدَةَ كَانَتْ سَتَأْتِيهِمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ.‏

      ‏«لَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تَنْقُضُوهُ» (‏اعمال ٥:‏٣٤-‏٤٢‏)‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ أَيُّ نَصِيحَةٍ أَسْدَاهَا غَمَالَائِيلُ لِزُمَلَائِهِ،‏ وَمَاذَا فَعَلُوا؟‏ (‏ب)‏ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ قَدْ يَتَدَخَّلُ يَهْوَهُ لِمَصْلَحَةِ شَعْبِهِ،‏ وَمِمَّ يُمْكِنُنَا ٱلتَّيَقُّنُ فِي حَالِ سَمَحَ بِأَنْ ‹نَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ٱلْبِرِّ›؟‏

      ١٢ وَقَفَ غَمَالَائِيلُ،‏ «مُعَلِّمٌ لِلشَّرِيعَةِ يُجِلُّهُ كُلُّ ٱلشَّعْبِ»،‏ لِيُخَاطِبَ ٱلْحَاضِرِينَ.‏d وَلَا بُدَّ أَنَّ رَجُلَ ٱلْقَانُونِ هٰذَا تَمَتَّعَ بِٱحْتِرَامِ زُمَلَائِهِ.‏ فَقَدْ تَوَلَّى دَفَّةَ ٱلْحَدِيثِ،‏ حَتَّى إِنَّهُ «أَمَرَ بِإِخْرَاجِ [ٱلرُّسُلِ] قَلِيلًا».‏ (‏اع ٥:‏٣٤‏)‏ فَذَكَرَ أَوَّلًا مِثَالَيْنِ عَلَى ثَوْرَاتٍ خَبَتْ بِسُرْعَةٍ بَعْدَ مَوْتِ قَادَتِهَا.‏ ثُمَّ حَثَّ أَعْضَاءَ ٱلْمَحْكَمَةِ أَنْ يَتَحَلَّوْا بِٱلصَّبْرِ وَٱللِّينِ فِي ٱلتَّعَامُلِ مَعَ ٱلرُّسُلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَمْضِ عَلَى مَوْتِ قَائِدِهِمْ يَسُوعَ إِلَّا وَقْتٌ قَصِيرٌ.‏ بَعْدَئِذٍ وَاصَلَ تَحْلِيلَهُ ٱلْمَنْطِقِيَّ وَخَتَمَ أَقْوَالَهُ بِخُلَاصَةٍ مُقْنِعَةٍ.‏ ذَكَرَ:‏ «لَا تَتَعَرَّضُوا لِهٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسِ،‏ بَلْ دَعُوهُمْ وَشَأْنَهُمْ (‏لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ هٰذَا ٱلْمُخَطَّطُ أَوْ هٰذَا ٱلْعَمَلُ مِنَ ٱلنَّاسِ،‏ فَسَوْفَ يُنْقَضُ.‏ وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ مِنَ ٱللّٰهِ،‏ فَلَنْ تَقْدِرُوا أَنْ تَنْقُضُوهُ)‏،‏ لِئَلَّا تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ لِلّٰهِ».‏ (‏اع ٥:‏٣٨،‏ ٣٩‏)‏ فَعَمِلَ ٱلْقُضَاةُ بِنَصِيحَتِهِ،‏ غَيْرَ أَنَّهُمْ جَلَدُوا ٱلرُسُلَ وَأَمَرُوهُمْ «أَنْ يَكُفُّوا عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ بِٱسْمِ يَسُوعَ».‏ —‏ اع ٥:‏٤٠‏.‏

      ١٣ وَٱلْيَوْمَ،‏ كَمَا فِي ٱلْمَاضِي،‏ قَدْ يُقِيمُ يَهْوَهُ رِجَالًا بَارِزِينَ مِثْلَ غَمَالَائِيلَ يَعْمَلُونَ لِفَائِدَةِ شَعْبِهِ.‏ (‏ام ٢١:‏١‏)‏ فَهُوَ قَادِرٌ أَنْ يَسْتَخْدِمَ رُوحَهُ لِحَمْلِ أَصْحَابِ ٱلنُّفُوذِ مِنْ حُكَّامٍ وَقُضَاةٍ وَمُشْتَرِعِينَ عَلَى ٱلْعَمَلِ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَشِيئَتِهِ.‏ (‏نح ٢:‏٤-‏٨‏)‏ وَلٰكِنْ فِي حَالِ سَمَحَ بِأَنْ ‹نَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ٱلْبِرِّ›،‏ فَبِإِمْكَانِنَا ٱلتَّيَقُّنُ مِنْ أَمْرَيْنِ ٱثْنَيْنِ.‏ (‏١ بط ٣:‏١٤‏)‏ أَوَّلًا،‏ ٱللّٰهُ يُمِدُّنَا بِٱلْقُوَّةِ ٱللَّازِمَةِ لِنَحْتَمِلَ.‏ (‏١ كو ١٠:‏١٣‏)‏ ثَانِيًا،‏ ٱلْمُقَاوِمُونَ ‹لَنْ يَقْدِرُوا أَنْ يَنْقُضُوا› عَمَلَهُ.‏ —‏ اش ٥٤:‏١٧‏.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلرُّسُلِ عِنْدَمَا جُلِدُوا،‏ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ اُذْكُرُوا ٱخْتِبَارًا يُظْهِرُ أَنَّ شَعْبَ يَهْوَهَ يَحْتَمِلُ بِفَرَحٍ.‏

      ١٤ وَهَلْ أَضْعَفَ ٱلْجَلْدُ مَعْنَوِيَّاتِ ٱلرُّسُلِ أَوْ ثَبَّطَ عَزِيمَتَهُمْ؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَقَدْ «ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ فَرِحِينَ».‏ (‏اع ٥:‏٤١‏)‏ وَمَا ٱلدَّاعِي إِلَى ٱلْفَرَحِ؟‏ مِنَ ٱلْبَدِيهِيِّ أَنَّهُمْ لَمْ يُسَرُّوا بِٱلْأَوْجَاعِ ٱلَّتِي عَانَوْهَا مِنَ ٱلْجَلْدِ،‏ لٰكِنَّهُمْ فَرِحُوا إِذْ عَرَفُوا أَنَّ ٱلِٱضْطِهَادَ نَاجِمٌ عَنْ بَقَائِهِمْ أُمَنَاءَ لِيَهْوَهَ وَسَيْرِهِمْ عَلَى خُطَى مِثَالِهِمِ ٱلْأَعْلَى يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ مت ٥:‏١١،‏ ١٢‏.‏

      ١٥ وَمَا رَدَّةُ فِعْلِنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ حِينَ نَتَأَلَّمُ فِي سَبِيلِ ٱلْبِشَارَةِ؟‏ نَتَمَثَّلُ بِإِخْوَتِنَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَنَحْتَمِلُ فَرِحِينَ.‏ (‏١ بط ٤:‏١٢-‏١٤‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَلْتَذُّ أَلْبَتَّةَ حِينَ نُهَدَّدُ أَوْ نُضْطَهَدُ أَوْ نُسْجَنُ،‏ لٰكِنَّنَا نَشْعُرُ بِٱكْتِفَاءٍ عَمِيقٍ عِنْدَمَا نُحَافِظُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا.‏ تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي مَا حَصَلَ مَعَ هَنْرِيك دُورْنِيكَ ٱلَّذِي ٱحْتَمَلَ سَنَوَاتٍ مِنَ ٱلْمُعَامَلَةِ ٱلْقَاسِيَةِ تَحْتَ حُكْمِ نِظَامَيْنِ ٱسْتِبْدَادِيَّيْنِ.‏ فَحِينَ قَرَّرَتِ ٱلسُّلُطَاتُ فِي آبَ (‏أُغُسْطُس)‏ ١٩٤٤ إِرْسَالَهُ مَعَ أَخِيهِ إِلَى مُعَسْكَرِ ٱعْتِقَالٍ،‏ قَالَ ٱلْمُقَاوِمُونَ عَنْهُمَا:‏ «يَسْتَحِيلُ إِقْنَاعُهُمَا بِأَيِّ شَيْءٍ.‏ فَهُمَا يَفْرَحَانِ بِٱلْعَذَابِ ٱلْأَلِيمِ ٱلَّذِي يُقَاسِيَانِهِ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمَا».‏ وَيُعَلِّقُ ٱلْأَخُ دُورْنِيك:‏ «لَمْ أَرْغَبْ أَنْ أُقَاسِيَ ٱلْعَذَابَ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلتَّأَلُّمَ بِشَجَاعَةٍ وَكَرَامَةٍ لِأُحَافِظَ عَلَى وَلَائِي لِيَهْوَهَ جَلَبَ لِي فَرَحًا عَظِيمًا».‏ —‏ يع ١:‏٢-‏٤‏.‏

      زوجان يبشران رجلا في الطريق

      تمثلا بالرسل نكرز «من بيت الى بيت»‏

      ١٦ كَيْفَ أَظْهَرَ ٱلرُّسُلُ تَصْمِيمَهُمْ عَلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ،‏ وَكَيْفَ نَتْبَعُ ٱلنَّهْجَ عَيْنَهُ؟‏

      ١٦ لَمْ يَتَوَانَ ٱلرُّسُلُ لَحْظَةً عَنْ مُوَاصَلَةِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَكَانُوا «كُلَّ يَوْمٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ .‏ .‏ .‏ يُبَشِّرُونَ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ» مُلْقِينَ ٱلْخَوْفَ خَارِجًا.‏e (‏اع ٥:‏٤٢‏)‏ حَقًّا لَقَدْ أَعْرَبَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُبَشِّرُونَ ٱلْغَيُورُونَ عَنْ تَصْمِيمٍ رَاسِخٍ عَلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ.‏ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ هَلْ لَاحَظْتَ أَنَّهُمْ حَمَلُوا رِسَالَتَهُمْ إِلَى بُيُوتِ ٱلنَّاسِ تَمَامًا كَمَا طَلَبَ مِنْهُمْ يَسُوعُ؟‏ (‏مت ١٠:‏٧،‏ ١١-‏١٤‏)‏ لَا رَيْبَ أَنَّ هٰذَا ٱلْأُسْلُوبَ هُوَ مَا مَكَّنَهُمْ مِنْ مَلْءِ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِهِمْ.‏ وَٱلْيَوْمَ يُعْرَفُ شُهُودُ يَهْوَهَ بِتَبَنِّي ٱلنَّهْجِ عَيْنِهِ ٱلَّذِي ٱتَّبَعَهُ ٱلرُّسُلُ فِي ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَبِزِيَارَةِ كُلِّ ٱلْبُيُوتِ فِي مُقَاطَعَاتِنَا،‏ نُظْهِرُ جَلِيًّا رَغْبَتَنَا فِي إِتْمَامِ ٱلْعَمَلِ كَامِلًا مُتِيحِينَ لِلْجَمِيعِ فُرْصَةَ سَمَاعِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ وَهَلْ بَارَكَ يَهْوَهُ حَتَّى ٱلْآنَ خِدْمَتَنَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ؟‏ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ.‏ فَٱلْمَلَايِينُ تَجَاوَبُوا مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ فِي وَقْتِ ٱلنِّهَايَةِ هٰذَا،‏ وَكَثِيرُونَ مِنْهُمْ سَمِعُوا ٱلْبِشَارَةَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى حِينَ قَرَعَ ٱلشُّهُودُ بَابَهُمْ.‏

      اَلْكِرَازَةُ «مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ»‏

      رَغْمَ ٱلْحَظْرِ ٱلَّذِي فَرَضَهُ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ عَلَى ٱلْبِشَارَةِ،‏ وَاصَلَ ٱلتَّلَامِيذُ ٱلْكِرَازَةَ وَٱلتَّعْلِيمَ «كُلَّ يَوْمٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ».‏ (‏اع ٥:‏٤٢‏)‏ فَمَا ٱلْمَقْصُودُ تَحْدِيدًا بِٱلْكَلِمَاتِ «مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ»؟‏

      إِنَّ ٱلْعِبَارَةَ كات أُيكون ٱلْوَارِدَةَ فِي ٱلنَّصِّ ٱلْيُونَانِيِّ ٱلْأَصْلِيِّ تُتَرْجَمُ حَرْفِيًّا:‏ «بِحَسَبِ ٱلْبَيْتِ».‏ وَوَفْقًا لِعَدَدٍ مِنَ ٱلْمُتَرْجِمِينَ،‏ تُشِيرُ طَرِيقَةُ ٱسْتِعْمَالِ ٱلْكَلِمَةِ كاتا أَنَّ ٱلتَّلَامِيذَ بَشَّرُوا مُتَنَقِّلِينَ مِنْ بَيْتٍ إِلَى آخَرَ.‏ وَتَحْمِلُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْمَعْنَى نَفْسَهُ فِي لُوقَا ٨:‏١ حَيْثُ يُذْكَرُ أَنَّ يَسُوعَ كَرَزَ «مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ وَمِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ».‏

      وَفِي ٱلْأَعْمَال ٢٠:‏٢٠ تَرِدُ ٱلْعِبَارَةُ ٱلْآنِفَةُ ٱلذِّكْرِ بِصِيغَةِ ٱلْجَمْعِ كات أُيكوس.‏ فَفِيهَا خَاطَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلنُّظَّارَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ،‏ قَائِلًا:‏ «لَمْ أُمْسِكْ عَنْ .‏ .‏ .‏ تَعْلِيمِكُمْ عَلَانِيَةً وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ».‏ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ يَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلتَّعْلِيمِ فِي بُيُوتِ ٱلشُّيُوخِ كَمَا يَزْعَمُ ٱلْبَعْضُ،‏ إِذْ إِنَّهُ تَابَعَ:‏ «إِنَّمَا شَهِدْتُ كَامِلًا لِلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ بِٱلتَّوْبَةِ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱلْإِيمَانِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ».‏ (‏اع ٢٠:‏٢١‏)‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرُّفَقَاءَ ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبَقَ أَنْ تَابُوا وَآمَنُوا بِيَسُوعَ،‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ ٱرْتَبَطَ بِتَقْدِيمِ ٱلشَّهَادَةِ لِغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏

      إِقَامَةُ رِجَالٍ أَكْفَاءٍ عَلَى «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ» (‏اعمال ٦:‏١-‏٦‏)‏

      ١٧-‏١٩ أَيُّ مَسْأَلَةٍ نَشَأَتْ هَدَّدَتْ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ وَكَيْفَ رَتَّبَ ٱلرُّسُلُ لِحَلِّهَا؟‏

      ١٧ تَرَبَّصَ بِٱلْجَمَاعَةِ ٱلْحَدِيثَةِ آنَذَاكَ خَطَرٌ خَفِيٌّ تَهَدَّدَهَا مِنَ ٱلدَّاخِلِ.‏ فَكَانَ قِسْمٌ كَبِيرٌ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْمُعْتَمِدِينَ زُوَّارًا فِي أُورُشَلِيمَ،‏ وَقَدْ رَغِبُوا فِي تَعَلُّمِ ٱلْمَزِيدِ قَبْلَ ٱلْعَوْدَةِ إِلَى دِيَارِهِمْ.‏ فَبَادَرَ ٱلتَّلَامِيذُ ٱلْمَحَلِّيُّونَ إِلَى ٱلتَّبَرُّعِ بِٱلْمَالِ لِسَدِّ حَاجَاتِ إِخْوَتِهِمْ إِلَى ٱلطَّعَامِ وَٱلضَّرُورِيَّاتِ ٱلْأُخْرَى.‏ (‏اع ٢:‏٤٤-‏٤٦؛‏ ٤:‏٣٤-‏٣٧‏)‏ لٰكِنَّ قَضِيَّةً حَسَّاسَةً نَشَأَتْ.‏ فَقَدْ «كَانَ يُتَغَاضَى عَنِ» ٱلْأَرَامِلِ ٱللَّوَاتِي يَتَكَلَّمْنَ ٱلْيُونَانِيَّةَ «فِي ٱلتَّوْزِيعِ ٱلْيَوْمِيِّ».‏ (‏اع ٦:‏١‏)‏ بِٱلْمُقَابِلِ لَمْ تُعَانِ ٱلْأَرَامِلُ ٱللَّوَاتِي يَتَكَلَّمْنَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ ٱلْوَضْعَ نَفْسَهُ.‏ فَٱلْمَسْأَلَةُ إِذًا ٱنْطَوَتْ كَمَا يَبْدُو عَلَى ٱلتَّمْيِيزِ وَٱلتَّحَيُّزِ.‏ وَهٰذِهِ ٱلْآفَةُ قَدْ تَفْتِكُ بِوَحْدَةِ ٱلْجَمَاعَةِ إِذَا مَا أَلَمَّتْ بِهَا.‏

      ١٨ أَدْرَكَ ٱلرُّسُلُ ٱلَّذِينَ أَلَّفُوا ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ أَنَّ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَلَّا ‹يَتْرُكُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ لِيُوَزِّعُوا ٱلطَّعَامَ›.‏ (‏اع ٦:‏٢‏)‏ وَلِبَتِّ ٱلْمَسْأَلَةِ طَلَبُوا مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْبَحْثَ عَنْ سَبْعَةِ رِجَالٍ «مُمْتَلِئِينَ رُوحًا وَحِكْمَةً» لِإِقَامَتِهِمْ عَلَى «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ» فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْآخِذَةِ فِي ٱلنُّمُوِّ.‏ (‏اع ٦:‏٣‏)‏ لَقَدِ ٱسْتَلْزَمَ هٰذَا ٱلْعَمَلُ رِجَالًا أَكْفَاءً.‏ فَمِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى تَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ فَحَسْبُ،‏ بَلِ ٱشْتَمَلَ أَيْضًا عَلَى ضَبْطِ ٱلْحِسَابَاتِ وَشِرَاءِ ٱلْمَوَادِّ ٱللَّازِمَةِ وَحِفْظِ سِجِلَّاتٍ دَقِيقَةٍ.‏ وَمِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلْمُوصَى بِهِمْ حَمَلُوا كُلُّهُمْ أَسْمَاءً يُونَانِيَّةً،‏ مِمَّا قَدْ يُقَرِّبُهُمْ مِنَ ٱلْأَرَامِلِ ٱلْمُسْتَاءَاتِ.‏ وَبَعْدَ دَرْسِ ٱلتَّوْصِيَاتِ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ،‏ عَيَّنَ ٱلرُّسُلُ هٰؤُلَاءِ ٱلسَّبْعَةَ لِلِٱهْتِمَامِ بِهٰذَا «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ».‏f

      ١٩ وَهَلْ عَنَى هٰذَا ٱلتَّعْيِينُ أَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلسَّبْعَةَ أُعْفُوا مِنْ مَسْؤُولِيَّةِ ٱلْمُنَادَاةِ بِٱلْبِشَارَةِ؟‏ قَطْعًا لَا!‏ فَإِسْتِفَانُوسُ مَثَلًا بَرْهَنَ لَاحِقًا أَنَّهُ شَاهِدٌ جَرِيءٌ وَمُقْتَدِرٌ.‏ (‏اع ٦:‏٨-‏١٠‏)‏ وَلَا نَنْسَ فِيلِبُّسَ ٱلَّذِي كَانَ أَيْضًا وَاحِدًا مِنَ ٱلسَّبْعَةِ وَأُطْلِقُ عَلَيْهِ لَقَبُ «ٱلْمُبَشِّرِ».‏ (‏اع ٢١:‏٨‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّهُمْ دَاوَمُوا عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِغَيْرَةٍ.‏

      ٢٠ كَيْفَ يَسِيرُ شَعْبُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ عَلَى خُطَى ٱلرُّسُلِ؟‏

      ٢٠ يَسِيرُ شَعْبُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ عَلَى خُطَى ٱلرُّسُلِ.‏ فَٱلرِّجَالُ ٱلْمُوصَى بِهِمْ لِحَمْلِ مَسْؤُولِيَّاتٍ فِي ٱلْجَمَاعَةِ،‏ يُعْرِبُونَ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ وَيُظْهِرُونَ بِوُضُوحٍ أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يَعْمَلُ فِيهِمْ.‏ وَتَحْتَ إِشْرَافِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ،‏ يُعَيَّنُ ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ يَبْلُغُونَ ٱلْمُؤَهِّلَاتِ ٱلْمَذْكُورَةَ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ شُيُوخًا أَوْ خُدَّامًا مُسَاعِدِينَ.‏g (‏١ تي ٣:‏١-‏٩،‏ ١٢،‏ ١٣‏)‏ وَهٰكَذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلْإِخْوَةَ ٱلْمُؤَهَّلِينَ مُعَيَّنُونَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَهٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلْمُجْتَهِدُونَ يُنْجِزُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ‹ٱلْأَعْمَالِ ٱلضَّرُورِيَّةِ›.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ قَدْ يُرَتِّبُ ٱلشُّيُوخُ لِتَزْوِيدِ ٱلْمُسَاعَدَةِ ٱلْعَمَلِيَّةِ لِبَعْضِ ٱلْمُسِنِّينَ ٱلْأُمَنَاءِ ٱلَّذِينَ هُمْ بِأَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَيْهَا.‏ (‏يع ١:‏٢٧‏)‏ وَمِنْهُمْ أَيْضًا مَنْ يُسَاهِمُ فِي بِنَاءِ قَاعَاتِ ٱلْمَلَكُوتِ وَتَنْظِيمِ ٱلْمَحَافِلِ،‏ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ فِي لِجَانِ ٱلِٱتِّصَالِ بِٱلْمُسْتَشْفَيَاتِ.‏ وَٱلْخُدَّامُ ٱلْمُسَاعِدُونَ كَذٰلِكَ يُتَمِّمُونَ وَاجِبَاتٍ كَثِيرَةً لَا تَرْتَبِطُ مُبَاشَرَةً بِٱلرِّعَايَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ.‏ وَهٰؤُلَاءِ جَمِيعًا يُوَازِنُونَ بَيْنَ مَسْؤُولِيَّاتِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةِ،‏ سَوَاءٌ فِي جَمَاعَاتِهِمْ أَوْ خَارِجَهَا،‏ وَٱلتَّعْيِينِ ٱلْإِلٰهِيِّ بِٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ —‏ ١ كو ٩:‏١٦‏.‏

      ‏«بَقِيَتْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ تَنْمُو» (‏اعمال ٦:‏٧‏)‏

      ٢١،‏ ٢٢ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ بَارَكَ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْجَدِيدَةَ؟‏

      ٢١ تَغَلَّبَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْجَدِيدَةُ بِدَعْمِ يَهْوَهَ عَلَى ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي شُنَّ مِنَ ٱلْخَارِجِ وَٱلْمُشْكِلَةِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ ٱلَّتِي هَدَّدَتْ وَحْدَتَهَا.‏ وَكَانَتْ بَرَكَةُ يَهْوَهَ جَلِيَّةً إِذْ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ:‏ «بَقِيَتْ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ تَنْمُو،‏ وَعَدَدُ ٱلتَّلَامِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ.‏ وَأَخَذَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ ٱلْإِيمَانَ».‏ (‏اع ٦:‏٧‏)‏ وَيُورِدُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ تَكْرَارًا أَخْبَارًا مُشَجِّعَةً كَهٰذِهِ.‏ (‏اع ٩:‏٣١؛‏ ١٢:‏٢٤؛‏ ١٦:‏٥؛‏ ١٩:‏٢٠؛‏ ٢٨:‏٣١‏)‏ أَفَلَا نَتَشَدَّدُ نَحْنُ بِدَوْرِنَا حِينَ نَسْمَعُ تَقَارِيرَ عَنْ تَقَدُّمِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ فِي مُخْتَلِفِ أَنْحَاءِ ٱلْعَالَمِ؟‏!‏

      ٢٢ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ كَانَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ عَلَى وَشْكِ أَنْ تُوَاجِهَ مَوْجَةَ ٱضْطِهَادٍ عَنِيفٍ.‏ فَٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلسَّاخِطُونَ مَا كَانُوا لِيَرْفَعُوا ٱلرَّايَةَ ٱلْبَيْضَاءَ.‏ وَٱلْفَصْلُ ٱلتَّالِي يُخْبِرُنَا كَيْفَ صَبَّ ٱلْمُضْطَهِدُونَ جَامَ غَضَبِهِمْ عَلَى إِسْتِفَانُوسَ خُصُوصًا.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلسَّنْهَدْرِيمُ:‏ اَلْمَحْكَمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْعُلْيَا‏».‏

      b رِوَاقُ سُلَيْمَانَ بَهْوٌ مَسْقُوفٌ لَهُ أَعْمِدَةٌ يَقَعُ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلشَّرْقِيِّ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ ٱعْتَادَ يَهُودٌ كُثُرٌ ٱلتَّجَمُّعَ فِيهِ.‏

      c هُنَاكَ نَحْوُ ٢٠ إِشَارَةً صَرِيحَةً إِلَى ٱلْمَلَائِكَةِ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ،‏ وَهٰذِهِ أَوَّلُهَا.‏ فَفِي ٱلْأَعْمَال ١:‏١٠ يُشَارُ ضِمْنًا إِلَى ٱثْنَيْنِ مِنْهُمْ بِوَصْفِهِمَا ‹رَجُلَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ›.‏

      d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏غَمَالَائِيلُ:‏ رَابِّيٌ مُكَرَّمٌ‏».‏

      e اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلْكِرَازَةُ ‹مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ›‏‏».‏

      f رُبَّمَا بَلَغَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ مُؤَهِّلَاتِ ٱلشُّيُوخِ لِأَنَّ ٱلْقِيَامَ بِهٰذَا «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ» كَانَ مُهِمَّةً ثَقِيلَةً.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ لَا تَكْشِفُ مَتَى ٱبْتَدَأَ بِٱلتَّحْدِيدِ تَعْيِينُ ٱلرِّجَالِ شُيُوخًا أَوْ نُظَّارًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏

      g صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ أَوْصَتْ بِٱلرِّجَالِ ٱلسَّبْعَةِ ٱلْمَشْهُودِ لَهُمْ،‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلرُّسُلَ هُمْ مَنْ عَيَّنُوهُمْ.‏

      غَمَالَائِيلُ:‏ رَابِّيٌ مُكَرَّمٌ

      يُعْتَقَدُ عُمُومًا أَنَّ غَمَالَائِيلَ ٱلْمَذْكُورَ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ هُوَ نَفْسُهُ غَمَالَائِيلُ ٱلْأَكْبَرُ حَفِيدُ هِلِّلَ مُؤَسِّسِ ٱلْمَدْرَسَةِ ٱلْأَكْثَرِ تَحَرُّرًا بَيْنَ ٱلْمَدْرَسَتَيْنِ ٱلْفَرِّيسِيَّتَيْنِ.‏ وَقَدْ تَبَوَّأَ هٰذَا ٱلرَّابِّيُ مَرْكَزًا مَرْمُوقًا فِي ٱلسَّنْهَدْرِيمِ وَحَظِيَ بِٱلتَّقْدِيرِ وَٱلْإِجْلَالِ،‏ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ ٱللَّقَبُ ٱلتَّكْرِيمِيُّ «رَبَّانُ».‏ تَذْكُرُ ٱلْمِشْنَا:‏ «عِنْدَمَا مَاتَ ٱلرَّبَّانُ غَمَالَائِيلُ ٱلْأَكْبَرُ زَالَ مَجْدُ ٱلتَّوْرَاةِ،‏ وَتَلَاشَتِ ٱلطَّهَارَةُ وَٱلْقَدَاسَةُ».‏ وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ سَنُّ تَشْرِيعَاتٍ إِنْسَانِيَّةٍ عَدِيدَةٍ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ تَقُولُ دَائِرَةُ ٱلْمَعَارِفِ ٱلْيَهُودِيَّةُ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏:‏ «مِنْ جُمْلَةِ إِنْجَازَاتِهِ ٱلْمُهِمَّةِ قَرَارُهُ ٱلسَّمَاحَ لِلْمَرْأَةِ بِٱلتَّزَوُّجِ ثَانِيَةً إِذَا تَوَفَّرَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى وَفَاةِ زَوْجِهَا».‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ يُقَالُ إِنَّهُ سَنَّ قَوَانِينَ تَحْمِي ٱلزَّوْجَاتِ مِنَ ٱلْأَزْوَاجِ ٱلرَّدِيئِينَ وَٱلْأَرَامِلَ مِنَ ٱلْأَبْنَاءِ ٱلْفَاسِدِينَ،‏ وَطَالَبَ بِحَقِّ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْفُقَرَاءِ فِي ٱللُّقَاطِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ ٱلْيَهُودِ ٱلْفُقَرَاءِ.‏

  • استفانوس:‏ رجل ‹ممتلئ نعمة وقدرة›‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٦

      إِسْتِفَانُوسُ:‏ رَجُلٌ ‹مُمْتَلِئٌ نِعْمَةً وَقُدْرَةً›‏

      دُرُوسٌ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ شَهَادَةِ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْجَرِيئَةِ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٦:‏٨–‏٨:‏٣

      ١-‏٣ أَيُّ مَوْقِفٍ مُرْعِبٍ وَاجَهَهُ إِسْتِفَانُوسُ،‏ وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّ أَسْئِلَةٍ يُنَاقِشُ هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟‏

      اَلْمَكَانُ:‏ قَاعَةُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلْمَهِيبَةُ ٱلْوَاقِعَةُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ قُرْبَ هَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ.‏ اَلْمُجْتَمِعُونَ:‏ ٧١ قَاضِيًا نَافِذًا وَمُتَسَلِّطًا لَا يَأْبَهُ مُعْظَمُهُمْ لِلْمُتَّهَمِ ٱلْمَاثِلِ أَمَامَهُمْ.‏ اَلدَّاعِي إِلَى ٱلْجَلْسَةِ:‏ قَيَافَا،‏ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ نَفْسُهُ ٱلَّذِي رَأَسَ ٱلْجَلْسَةَ ٱلْقَضَائِيَّةَ حِينَ حُكِمَ عَلَى يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِٱلْإِعْدَامِ قَبْلَ أَشْهُرٍ قَلِيلَةٍ.‏ اَلْمُتَّهَمُ:‏ إِسْتِفَانُوسُ،‏ أَحَدُ تَلَامِيذِ يَسُوعَ.‏

      ٢ فِي هٰذَا ٱلظَّرْفِ ٱلْعَصِيبِ،‏ أَيَّةُ مَشَاعِرَ خَالَجَتْ إِسْتِفَانُوسَ؟‏ هَلِ ٱسْتَأْثَرَ ٱلْخَوْفُ بِقَلْبِهِ؟‏ إِطْلَاقًا!‏ بَلِ ٱرْتَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهِ أَمَارَاتٌ حَيَّرَتِ ٱلنَّاظِرِينَ.‏ وَإِذْ حَدَّقَ إِلَيْهِ ٱلْقُضَاةُ مِنْ مَقَاعِدِهِمِ ٱلْمَصْفُوفَةِ فِي شَكْلٍ نِصْفِ دَائِرِيٍّ،‏ رَأَوْا وَجْهَهُ «كَوَجْهِ مَلَاكٍ».‏ (‏اع ٦:‏١٥‏)‏ فَكَمَا يَتَّصِفُ ٱلْمَلَائِكَةُ بِٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْهُدُوءِ لِأَنَّهُمْ يَنْقُلُونَ رَسَائِلَ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ،‏ كَذٰلِكَ هِيَ ٱلْحَالُ مَعَ إِسْتِفَانُوسَ.‏ حَتَّى ٱلْقُضَاةُ ٱلْحَاقِدُونَ لَاحَظُوا ذٰلِكَ.‏ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ هٰذِهِ ٱلسَّكِينَةُ؟‏

      ٣ تَحْمِلُ لَنَا ٱلْإِجَابَةُ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلدُّرُوسِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَوَّلًا أَنْ نَعْرِفَ مَاذَا أَوْصَلَ إِسْتِفَانُوسَ إِلَى ٱلْمَحْكَمَةِ وَكَيْفَ دَافَعَ عَنْ إِيمَانِهِ سَابِقًا.‏ ثُمَّ نُنَاقِشُ كَيْفَ عَسَانَا نَحْنُ أَنْ نَقْتَدِي بِهِ.‏

      ‏«أَثَارُوا ٱلشَّعْبَ» (‏اعمال ٦:‏٨-‏١٥‏)‏

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ أَيُّ دَوْرٍ فَاعِلٍ لَعِبَهُ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً»؟‏

      ٤ عَرَفْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ عُضْوٌ فَعَّالٌ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلنَّاشِئَةِ.‏ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ ٱخْتِيرَ بَيْنَ ٱلرِّجَالِ ٱلسَّبْعَةِ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ ٱلَّذِينَ هَبُّوا لِتَقْدِيمِ ٱلْمُسَاعَدَةِ حِينَ أَتَاحَ لَهُمُ ٱلرُّسُلُ ٱلْفُرْصَةَ.‏ وَيَزْدَادُ إِعْجَابُنَا بِتَوَاضُعِهِ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي ٱلْمَوَاهِبِ ٱلَّتِي تَمَتَّعَ بِهَا.‏ فَٱلْأَعْمَال ٦:‏٨ تُخْبِرُنَا عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى صُنْعِ «عَلَامَاتٍ عَجِيبَةٍ وَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ» تَمَامًا كَبَعْضِ ٱلرُّسُلِ.‏ كَمَا تَتَحَدَّثُ عَنْهُ بِوَصْفِهِ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً».‏ فَمَا ٱلْمَقْصُودُ بِهٰذِهِ ٱلْعِبَارَةِ؟‏

      ٥ اِتَّصَفَ إِسْتِفَانُوسُ عَلَى مَا يَبْدُو بِٱلرِّقَّةِ وَٱللُّطْفِ،‏ فَكَانَ شَخْصًا مَحْبُوبًا.‏ هٰذَا وَقَدْ سَعَى بِجِدٍّ إِلَى إِقْنَاعِ سَامِعِيهِ،‏ فَأَحَسُّوا بِصِدْقِ نَوَايَاهُ وَفَوَائِدِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلَّتِي نَادَى بِهَا.‏ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ ٱمْتَلَأَ قُدْرَةً مِنْ رُوحِ يَهْوَهَ إِذْ خَضَعَ بِتَوَاضُعٍ لِتَوْجِيهِهِ.‏ وَبَدَلَ أَنْ تَحْمِلَهُ مَوَاهِبُهُ وَقُدُرَاتُهُ عَلَى ٱلتَّكَبُّرِ،‏ وَجَّهَ كُلَّ ٱلتَّسْبِيحِ إِلَى يَهْوَهَ وَأَعْرَبَ عَنِ ٱهْتِمَامٍ حُبِّيٍّ بِٱلنَّاسِ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ مُقَاوِمِيهِ حَسَبُوا لَهُ أَلْفَ حِسَابٍ.‏

      ٦-‏٨ (‏أ)‏ أَيُّ تُهْمَةٍ مُزْدَوِجَةٍ وَجَّهَهَا ٱلْمُقَاوِمُونَ إِلَى إِسْتِفَانُوسَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يَسْتَفِيدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي مِثَالِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏

      ٦ ذَاتَ مَرَّةٍ،‏ قَامَ عَدَدٌ مِنَ ٱلرِّجَالِ يُجَادِلُونَ إِسْتِفَانُوسَ،‏ لٰكِنَّهُمْ «لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا ٱلْحِكْمَةَ وَٱلرُّوحَ ٱللَّذَيْنِ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِمَا».‏a فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لَا حِيلَةَ لَهُمْ،‏ حَمِيَ غَضَبُهُمْ وَ «ٱسْتَمَالُوا سِرًّا» رِجَالًا لِيُلَفِّقُوا لَهُ تُهْمَةً.‏ وَقَدْ «أَثَارُوا ٱلشَّعْبَ» وَٱلشُّيُوخَ وَٱلْكَتَبَةَ،‏ فَأَخَذُوهُ بِٱلْقُوَّةِ وَسَاقُوهُ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ (‏اع ٦:‏٩-‏١٢‏)‏ إِذَّاكَ وَجَّهَ إِلَيْهِ ٱلْمُقَاوِمُونَ تُهْمَةً مُزْدَوِجَةً:‏ اَلتَّجْدِيفَ عَلَى ٱللّٰهِ وَعَلَى مُوسَى.‏ كَيْفَ؟‏

      ٧ لَقَدِ ٱدَّعَوْا زُورًا أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ جَدَّفَ عَلَى ٱللّٰهِ بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ «ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ»،‏ أَيْ هَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ،‏ وَعَلَى مُوسَى بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ ٱلشَّرِيعَةِ سَاعِيًا إِلَى تَغْيِيرِ ٱلْعَوَائِدِ ٱلَّتِي نَقَلَهَا إِلَيْهِمْ هٰذَا ٱلنَّبِيُّ.‏ (‏اع ٦:‏١٣‏)‏ وَكَانَتِ ٱلتُّهْمَةُ فِي غَايَةِ ٱلْخُطُورَةِ لِأَنَّ ٱلْيَهُودَ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ عَلَّقُوا أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً عَلَى ٱلْهَيْكَلِ،‏ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ بِأَدَقِّ تَفَاصِيلِهَا،‏ وَٱلتَّقَالِيدِ ٱلشَّفَهِيَّةِ ٱلْعَدِيدَةِ ٱلْمُضَافَةِ إِلَيْهَا.‏ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ عَنَتِ ٱلتُّهْمَةُ أَنَّهُ رَجُلٌ خَطِيرٌ يَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ!‏

      ٨ وَمَعَ ٱلْأَسَفِ،‏ لَيْسَ غَرِيبًا عَنْ رِجَالِ ٱلدِّينِ أَنْ يَلْجَأُوا إِلَى وَسَائِلَ كَهٰذِهِ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى خُدَّامِ ٱللّٰهِ.‏ فَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ يُثِيرُ ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ أَحْيَانًا أَصْحَابَ ٱلنُّفُوذِ لِٱضْطِهَادِ شُهُودِ يَهْوَهَ.‏ فَكَيْفَ نُجِيبُ عَنِ ٱلِٱتِّهَامَاتِ ٱلزَّائِفَةِ وَأَنْصَافِ ٱلْحَقَائِقِ؟‏ إِنَّ ٱلْمُرَافَعَةَ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا إِسْتِفَانُوسُ تُفِيدُنَا كَثِيرًا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ.‏

      شَهِدَ بِجُرْأَةٍ عَنْ «إِلٰهِ ٱلْمَجْدِ» (‏اعمال ٧:‏١-‏٥٣‏)‏

      ٩،‏ ١٠ مَاذَا يَزْعَمُ ٱلنُّقَّادُ بِشَأْنِ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا؟‏

      ٩ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْمَشْهَدِ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ،‏ بَدَتْ مَلَامِحُ إِسْتِفَانُوسَ هَادِئَةً وَمَلَائِكِيَّةً فِيمَا ٱسْتَمَعَ إِلَى ٱلتُّهْمَةِ ٱلْمُوَجَّهَةِ إِلَيْهِ.‏ وَبَعْدَ تِلَاوَةِ ٱلتُّهْمَةِ،‏ ٱلْتَفَتَ إِلَيْهِ قَيَافَا وَسَأَلَهُ:‏ «هَلْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ هٰكَذَا؟‏».‏ (‏اع ٧:‏١‏)‏ فَحَانَ عِنْدَئِذٍ دَوْرُ إِسْتِفَانُوسَ فِي ٱلْكَلَامِ.‏

      ١٠ يَنْتَقِدُ بَعْضُ ٱلْمُعَلِّقِينَ مُرَافَعَةَ إِسْتِفَانُوسَ زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَى مَا وُجِّهَ إِلَيْهِ رَغْمَ طُولِ جَوَابِهِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ فِي ٱلْوَاقِعِ رَسَمَ مِثَالًا رَائِعًا نَحْتَذِي بِهِ فِي ‹ٱلدِّفَاعِ› عَنِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ (‏١ بط ٣:‏١٥‏)‏ لِنُبْقِ فِي بَالِنَا فِيمَا نَسْتَعْرِضُ جَوَابَهُ أَنَّهُ ٱتُّهِمَ بِٱلتَّجْدِيفِ عَلَى ٱللّٰهِ بِٱحْتِقَارِ ٱلْهَيْكَلِ،‏ وَعَلَى مُوسَى بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ فَتَنَاوَلَ رَدُّهُ تَارِيخَ إِسْرَائِيلَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَجْزَائِهِ،‏ مُسَلِّطًا ٱلضَّوْءَ بِعِنَايَةٍ عَلَى نِقَاطٍ مُحَدَّدَةٍ.‏ فَلْنَتَأَمَّلْ فِي مَا يَلِي فِي كُلِّ جُزْءٍ عَلَى حِدَةٍ.‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ لِمَ كَانَ ذِكْرُ مِثَالِ إِبْرَاهِيمَ فِي مَحَلِّهِ؟‏ (‏ب)‏ إِلَامَ رَمَى إِسْتِفَانُوسُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ يُوسُفَ؟‏

      ١١ زَمَنُ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ.‏ (‏اع ٧:‏١-‏١٦‏)‏ بِدَايَةً،‏ تَكَلَّمَ إِسْتِفَانُوسُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي ٱكْتَسَبَ بِإِيمَانِهِ ٱحْتِرَامَ ٱلْيَهُودِ.‏ فَٱنْطَلَقَ مِنْ هٰذِهِ ٱلنُّقْطَةِ ٱلْمُشْتَرَكَةِ ٱلْمُهِمَّةِ لِيُشَدِّدَ أَنَّ يَهْوَهَ،‏ «إِلٰهَ ٱلْمَجْدِ»،‏ أَظْهَرَ نَفْسَهُ أَوَّلًا لِإِبْرَاهِيمَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ.‏ (‏اع ٧:‏٢‏)‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ كَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ مُتَغَرِّبًا فِي أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ،‏ وَلَمْ يَكُنْ لَا ٱلْهَيْكَلُ وَلَا ٱلشَّرِيعَةُ مَوْجُودَيْنِ أَسَاسًا فِي أَيَّامِهِ.‏ فَهَلْ يَجْرُؤُ أَحَدٌ بَعْدُ عَلَى ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْأَمَانَةَ لِلّٰهِ مَوْقُوفَةٌ حَصْرًا عَلَى هٰذَيْنِ ٱلتَّرْتِيبَيْنِ؟‏!‏

      ١٢ بَعْدَئِذٍ ٱنْتَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنْ شَخْصِيَّةٍ أُخْرَى يُجِلُّهَا مُسْتَمِعُوهُ،‏ وَهُوَ يُوسُفُ.‏ لٰكِنَّهُ ذَكَّرَهُمْ أَنَّ آبَاءَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ٱضْطَهَدُوا أَخَاهُمُ ٱلْبَارَّ يُوسُفَ وَبَاعُوهُ لِلْعُبُودِيَّةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱسْتَخْدَمَهُ ٱللّٰهُ لِإِنْقَاذِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنَ ٱلْمَجَاعَةِ.‏ لَقَدْ أَدْرَكَ إِسْتِفَانُوسُ دُونَ شَكٍّ أَوْجُهَ ٱلشَّبَهِ بَيْنَ يُوسُفَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ،‏ إِلَّا أَنَّهُ تَكَتَّمَ عَلَيْهَا لِيَشُدَّ ٱنْتِبَاهَ سَامِعِيهِ أَطْوَلَ مُدَّةٍ مُمْكِنَةٍ.‏

      ١٣ لِمَ ٱسْتَفَاضَ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى،‏ وَأَيُّ مِحْوَرٍ بَرَزَ عِنْدَئِذٍ؟‏

      ١٣ زَمَنُ مُوسَى.‏ (‏اع ٧:‏١٧-‏٤٣‏)‏ اِسْتَفَاضَ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى.‏ وَهٰذِهِ خُطْوَةٌ ذَكِيَّةٌ لِأَنَّ قِسْمًا كَبِيرًا مِنَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱنْتَمَوْا إِلَى ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ رَفَضُوا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ بِرُمَّتِهَا،‏ عَدَا تِلْكَ ٱلْمُدَوَّنَةَ بِيَدِ مُوسَى.‏ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّهُ ٱتُّهِمَ بِٱلتَّجْدِيفِ عَلَى هٰذَا ٱلنَّبِيِّ.‏ فَرَدَّتْ كَلِمَاتُهُ مُبَاشَرَةً عَلَى ٱلتُّهْمَةِ،‏ إِذْ بَيَّنَتْ كَمْ يَحْتَرِمُ مُوسَى وَٱلشَّرِيعَةَ.‏ (‏اع ٧:‏٣٨‏)‏ بَعْدَئِذٍ لَفَتَ نَظَرَ سَامِعِيهِ أَنَّ مُوسَى نَفْسَهُ لَاقَى ٱلرَّفْضَ مِمَّنْ حَاوَلَ مُسَاعَدَتَهُمْ.‏ فَهُمْ رَفَضُوهُ أَوَّلًا حِينَ كَانَ فِي ٱلْأَرْبَعِينَ مِنَ ٱلْعُمْرِ.‏ ثُمَّ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ رَاحُوا يَتَحَدَّوْنَ سُلْطَتَهُ ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى.‏b وَهٰكَذَا يَبْرُزُ ٱلْمِحْوَرُ ٱلْأَسَاسِيُّ مِنْ خُطْبَةِ إِسْتِفَانُوسَ:‏ رَفْضُ شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْمُتَكَرِّرُ ٱلْقَادَةَ ٱلْمُعَيَّنِينَ مِنْ يَهْوَهَ.‏

      ١٤ كَيْفَ دَعَمَ مِثَالُ مُوسَى نُقْطَتَيْنِ رَئِيسِيَّتَيْنِ مِنْ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏

      ١٤ وَفِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ مُوسَى،‏ ذَكَّرَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْحُضُورَ أَنَّ هٰذَا ٱلنَّبِيَّ أَخْبَرَ عَنْ قِيَامِ نَبِيٍّ مِثْلِهِ فِي إِسْرَائِيلَ.‏ فَمَنْ هُوَ؟‏ وَكَيْفَ يُعَامَلُ عِنْدَ مَجِيئِهِ؟‏ تَرَكَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْإِجَابَةَ مُعَلَّقَةً إِلَى خَاتِمَةِ حَدِيثِهِ.‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ أَبْرَزَ كَلَامُهُ ٱلنُّقْطَةَ ٱلتَّالِيَةَ:‏ لَقَدْ أَدْرَكَ مُوسَى أَنَّ يَهْوَهَ قَادِرٌ عَلَى تَقْدِيسِ أَيِّ مَكَانٍ مِثْلَمَا قَدَّسَ ٱلْأَرْضَ عِنْدَ ٱلْعُلَّيْقَةِ ٱلْمُتَّقِدَةِ حَيْثُ كَلَّمَهُ.‏ أَفَيُعْقَلُ إِذًا أَنْ تُحَدَّ عِبَادَةُ يَهْوَهَ وَتُحْصَرَ فِي بِنَاءٍ وَاحِدٍ كَهَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ؟‏!‏ هٰذَا مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِسْتِفَانُوسُ فِي مَا يَلِي.‏

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ لِمَ أَضَافَ ذِكْرُ ٱلْمَسْكَنِ قُوَّةً إِلَى حُجَّةِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏ (‏ب)‏ بِمَ ٱخْتَتَمَ إِسْتِفُانُوسُ حَدِيثَهُ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ؟‏

      ١٥ اَلْمَسْكَنُ وَٱلْهَيْكَلُ.‏ (‏اع ٧:‏٤٤-‏٥٠‏)‏ أَشَارَ إِسْتِفَانُوسُ إِلَى حَقِيقَةٍ يَعْرِفُهَا سَامِعُوهُ.‏ فَقَبْلَ بِنَاءِ ٱلْهَيْكَلِ فِي أُورُشَلِيمَ أَمَرَ ٱللّٰهُ مُوسَى بِصُنْعِ ٱلْمَسْكَنِ،‏ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ خَيْمَةٍ نَقَّالَةٍ مُخَصَّصَةٍ لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ.‏ فَمَنْ يَجْرُؤُ ٱلْآنَ عَلَى ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْمَكَانَ حَيْثُ قَدَّمَ مُوسَى نَفْسُهُ ٱلْعِبَادَةَ أَدْنَى شَأْنًا مِنَ ٱلْهَيْكَلِ؟‏!‏

      ١٦ وَلَاحِقًا عِنْدَمَا بَنَى سُلَيْمَانُ ٱلْهَيْكَلَ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ رَفَعَ إِلَى ٱللّٰهِ صَلَاةً مُلْهَمَةً تُعَلِّمُنَا دَرْسًا مُهِمًّا.‏ نَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ فَحْوَاهَا قَائِلًا:‏ «اَلْعَلِيُّ لَا يَسْكُنُ فِي بُيُوتٍ مَصْنُوعَةٍ بِأَيْدٍ».‏ (‏اع ٧:‏٤٨؛‏ ٢ اخ ٦:‏١٨‏)‏ فَحِينَ يَخْتَارُ يَهْوَهُ ٱسْتِعْمَالَ هَيْكَلٍ لِإِتْمَامِ مَقَاصِدِهِ،‏ فَإِنَّ مَكَانًا كَهٰذَا لَا يَحُدُّهُ.‏ فَلَا دَاعِيَ إِذًا أَنْ يَشْعُرَ ٱلْمُؤْمِنُونَ أَنَّ ٱلْعِبَادَةَ ٱلْحَقَّةَ تَعْتَمِدُ عَلَى بِنَاءٍ صَنَعَتْهُ أَيْدِي ٱلْبَشَرِ.‏ وَأَخِيرًا،‏ ٱخْتَتَمَ حُجَّتَهُ بِٱقْتِبَاسٍ مُفْحِمٍ مِنْ سِفْرِ إِشَعْيَا:‏ «اَلسَّمَاءُ عَرْشِي،‏ وَٱلْأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ.‏ أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟‏ يَقُولُ يَهْوَهُ.‏ أَمْ أَيُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ لِرَاحَتِي؟‏ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ كُلَّ هٰذِهِ؟‏».‏ —‏ اع ٧:‏٤٩،‏ ٥٠؛‏ اش ٦٦:‏١،‏ ٢‏.‏

      ١٧ (‏أ)‏ كَيْفَ كَشَفَتْ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ مَوَاقِفَ سَامِعِيهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ دَافَعَ إِسْتِفَانُوسُ عَنْ نَفْسِهِ؟‏

      ١٧ أَلَا تُوَافِقُ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ كَشَفَ بِبَرَاعَةٍ حَتَّى ٱلْآنَ مَوَاقِفَ مُتَّهِمِيهِ ٱلْخَاطِئَةَ؟‏ فَقَدْ أَظْهَرَ أَنَّ يَهْوَهَ لَيْسَ إِلٰهًا جَامِدًا تُقَيِّدُهُ ٱلتَّقَالِيدُ،‏ بَلْ إِلٰهٌ يَتَّصِفُ بِٱلْمُرُونَةِ وَيَصْنَعُ ٱلتَّعْدِيلَاتِ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ بُغْيَةَ تَحْقِيقِ قَصْدِهِ.‏ أَمَّا أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُكَبِّلُهُمْ تَوْقِيرُهُمُ ٱلْهَيْكَلَ وَٱلتَّقَالِيدَ وَٱلْعَادَاتِ ٱلْمَزِيدَةَ إِلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ فَلَمْ يَسْتَوْعِبُوا ٱلْقَصْدَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ وَمِنْ هَيْكَلِهِمِ ٱلْعَظِيمِ.‏ فَكَانَ كَمَنْ يَسْأَلُ:‏ أَلَيْسَتْ طَاعَةُ يَهْوَهَ هِيَ ٱلْوَسِيلَةُ ٱلْفُضْلَى لِإِكْرَامِ ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْهَيْكَلِ؟‏!‏ عَلَى ضَوْءِ مَا تَقَدَّمَ،‏ شَكَّلَتْ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ أَفْضَلَ دِفَاعٍ عَنْ نَفْسِهِ،‏ هُوَ ٱلَّذِي لَمْ يَدَّخِرْ جُهْدًا فِي إِطَاعَةِ يَهْوَهَ.‏

      ١٨ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ نَقْتَدِي بِإِسْتِفَانُوسَ؟‏

      ١٨ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏ كَانَ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ وَاسِعَ ٱلِٱطِّلَاعِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ وَنَتَمَثَّلُ بِهِ ٱلْيَوْمَ حِينَ نَدْرُسُ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِدَأَبٍ وَٱجْتِهَادٍ لِنَسْتَعْمِلَ «كَلِمَةَ ٱلْحَقِّ بِطَرِيقَةٍ صَائِبَةٍ».‏ (‏٢ تي ٢:‏١٥‏)‏ كَمَا نَتَعَلَّمُ مِنْ لِيَاقَتِهِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهِ.‏ فَرَغْمَ عُدْوَانِيَّةِ مُسْتَمِعِيهِ،‏ أَبْقَى ٱلْحَدِيثَ دَائِرًا قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ حَوْلَ نِقَاطٍ مُشْتَرَكَةٍ بِٱلتَّرْكِيزِ عَلَى أُمُورٍ يُكِنُّونَ لَهَا تَقْدِيرًا عَمِيقًا.‏ هٰذَا وَقَدْ خَاطَبَهُمْ بِٱحْتِرَامٍ دَاعِيًا ٱلشُّيُوخَ «آبَاءً».‏ (‏اع ٧:‏٢‏)‏ وَٱقْتِدَاءً بِهِ،‏ نَحْرِصُ نَحْنُ أَيْضًا عَلَى نَقْلِ حَقَائِقِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ «بِوَدَاعَةٍ وَٱحْتِرَامٍ عَمِيقٍ».‏ —‏ ١ بط ٣:‏١٥‏.‏

      ١٩ كَيْفَ نَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ رِسَالَةَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ؟‏

      ١٩ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ نَحْنُ لَا نُحْجِمُ عَنِ ٱلْمُنَادَاةِ بِحَقَائِقِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ خَوْفًا مِنْ جَرْحِ مَشَاعِرِ ٱلنَّاسِ وَلَا نُلَطِّفُ رَسَائِلَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ.‏ وَإِسْتِفَانُوسُ خَيْرُ مِثَالٍ فِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ.‏ فَهُوَ عَرَفَ دُونَ شَكٍّ أَنَّ أَيًّا مِنَ ٱلْبَرَاهِينِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا لَمْ يُؤَثِّرْ أَلْبَتَّةَ فِي ٱلْقُضَاةِ ٱلْمُتَحَجِّرِينَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱنْدَفَعَ بِٱلرُّوحِ فِي نِهَايَةِ حَدِيثِهِ إِلَى ٱلْإِشَارَةِ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ أَنَّ قَادَةَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ يُشْبِهُونَ آبَاءَهُمُ ٱلَّذِينَ رَفَضُوا يُوسُفَ وَمُوسَى وَسَائِرَ ٱلْأَنْبِيَاءِ.‏ (‏اع ٧:‏٥١-‏٥٣‏)‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ هٰؤُلَاءِ ٱلْقُضَاةُ أَنْفُسُهُمْ هُمْ مَنْ قَتَلُوا ٱلْمَسِيَّا ٱلَّذِي أَخْبَرَ بِمَجِيئِهِ مُوسَى وَبَاقِي ٱلْأَنْبِيَاءِ.‏ فَهَلْ مِنِ ٱنْتِهَاكٍ أَفْظَعُ مِنْ هٰذَا لِلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ؟‏!‏

      ‏«أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ،‏ ٱقْبَلْ رُوحِي» (‏اعمال ٧:‏٥٤‏–‏٨:‏٣‏)‏

      استفانوس يقف امام السنهدريم

      ‏«لما سمعوا هذا شعروا بالغيظ يحزُّ في قلوبهم وصرُّوا بأسنانهم عليه».‏ —‏ اعمال ٧:‏٥٤

      ٢٠،‏ ٢١ مَاذَا فَعَلَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ عِنْدَ سَمَاعِ كَلِمَاتِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ وَكَيْفَ قَوَّاهُ يَهْوَهُ؟‏

      ٢٠ ثَارَتْ ثَائِرَةُ ٱلْقُضَاةِ عِنْدَ سَمَاعِ كَلِمَاتِ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْمُحِقَّةِ.‏ فَفَقَدُوا أَعْصَابَهُمْ وَأَخَذُوا يَصِرُّونَ بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ أَدْرَكَ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَرْحَمَهُ،‏ تَمَامًا كَمَا حَدَثَ مَعَ سَيِّدِهِ يَسُوعَ.‏

      ٢١ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ آنَذَاكَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ٱلشَّجَاعَةِ لِمُوَاجَهَةِ مَا يَنْتَظِرُهُ.‏ فَأَعْطَاهُ إِلٰهُهُ ٱلْمُحِبُّ يَهْوَهُ رُؤْيَا جَدَّدَتْ قِوَاهُ دُونَ شَكٍّ.‏ فَأَبْصَرَ مَجْدَ ٱللّٰهِ وَيَسُوعَ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ.‏ وَفِيمَا رَاحَ يَصِفُ مَا يَرَاهُ،‏ وَضَعَ ٱلْقُضَاةُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى آذَانِهِمْ.‏ لِمَاذَا؟‏ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ،‏ أَعْلَنَ يَسُوعُ أَمَامَ ٱلْمَحْكَمَةِ نَفْسِهَا أَنَّهُ ٱلْمَسِيَّا،‏ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ سَيَجْلِسُ قَرِيبًا عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ.‏ (‏مر ١٤:‏٦٢‏)‏ وَقَدْ أَثْبَتَتْ رُؤْيَا إِسْتِفَانُوسَ صِحَّةَ أَقْوَالِ يَسُوعَ،‏ مُدِينَةً ٱلسَّنْهَدْرِيمَ بِخِيَانَةِ ٱلْمَسِيَّا وَقَتْلِهِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنِ ٱنْقَضُّوا عَلَيْهِ جَمِيعًا طَالِبِينَ رَجْمَهُ.‏c

      ٢٢،‏ ٢٣ مَا أَوْجُهُ ٱلشَّبَهِ بَيْنَ مَوْتِ إِسْتِفَانُوسَ وَمَوْتِ سَيِّدِهِ،‏ وَلِمَ يُمْكِنُ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلثِّقَةِ مِثْلَهُ؟‏

      ٢٢ فَارَقَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْحَيَاةَ هَادِئَ ٱلْقَلْبِ،‏ وَاثِقًا بِيَهْوَهَ،‏ مُسَامِحًا قَاتِلِيهِ تَمَامًا مِثْلَ سَيِّدِهِ.‏ قَالَ وَهُوَ يُرْجَمُ:‏ «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ،‏ ٱقْبَلْ رُوحِي».‏ فَلَرُبَّمَا كَانَ لَا يَزَالُ يَرَى ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ وَأَبَاهُ فِي ٱلرُّؤْيَا.‏ لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهُ عَرَفَ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْمُعَزِّيَةَ:‏ «أَنَا ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ».‏ (‏يو ١١:‏٢٥‏)‏ ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ إِلَى ٱللّٰهِ فِي ٱلصَّلَاةِ،‏ قَائِلًا:‏ «يَا يَهْوَهُ،‏ لَا تَحْسُبْ عَلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ».‏ وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ.‏ —‏ اع ٧:‏٥٩،‏ ٦٠‏.‏

      ٢٣ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ إِسْتِفَانُوسُ أَوَّلَ شَهِيدٍ مَسِيحِيٍّ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏إِسْتِفَانُوسُ:‏ شَهِيدٌ أَمْ شَاهِدٌ؟‏‏».‏)‏ لٰكِنَّهُ مَعَ ٱلْأَسَفِ لَيْسَ آخِرَ ٱلشُّهَدَاءِ.‏ فَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا يُقْتَلُ بَعْضُ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْأُمَنَاءِ عَلَى يَدِ مُتَعَصِّبِينَ دِينِيِّينَ وَمُتَطَرِّفِينَ سِيَاسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلشَّرِسِينَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَدَيْنَا أَسْبَابٌ وَجِيهَةٌ تَدْفَعُنَا إِلَى ٱلثِّقَةِ بِوَعْدِ يَسُوعَ بِٱلْقِيَامَةِ تَمَامًا كَإِسْتِفَانُوسَ.‏ فَٱلْمَسِيحُ يَحْكُمُ ٱلْآنَ مَلِكًا وَيَتَمَتَّعُ بِسُلْطَةٍ هَائِلَةٍ مِنْ يَهْوَهَ.‏ وَمَا مِنْ عَائِقٍ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ إِقَامَةِ أَتْبَاعِهِ ٱلْأُمَنَاءِ مِنَ ٱلْمَوْتِ.‏ —‏ يو ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      إِسْتِفَانُوسُ:‏ شَهِيدٌ أَمْ شَاهِدٌ؟‏

      يَتَحَدَّثُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ إِسْتِفَانُوسَ بِوَصْفِهِ ‹شَاهِدًا›،‏ مُسْتَخْدِمًا ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ مارتيس.‏ تُشِيرُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةُ إِلَى شَخْصٍ شَاهَدَ حَدَثًا أَوْ عَمَلًا مُعَيَّنًا.‏ غَيْرَ أَنَّ مَدْلُولَهَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى هٰذَا فَحَسْبُ.‏ فَوَفْقًا لِمُعْجَمٍ يُونَانِيٍّ،‏ تَصِفُ مارتيس فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ شَخْصًا فَاعِلًا «يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا عَايَنَ وَسَمِعَ وَيُبَيِّنَ مَا عَلِمَهُ».‏ وَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ جَمِيعًا مُلْزَمُونَ بِتَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ عَمَّا تَعَلَّمُوهُ عَنْ يَهْوَهَ وَمَقَاصِدِهِ.‏ (‏لو ٢٤:‏٤٨؛‏ اع ١:‏٨‏)‏ لِذٰلِكَ تَدْعُو ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ إِسْتِفُانُوسَ ‹شَاهِدًا› (‏مارتيس‏)‏ بِمَعْنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَنْ يَسُوعَ.‏ —‏ اع ٢٢:‏٢٠‏.‏

      وَلٰكِنْ غَالِبًا مَا تَقْتَرِنُ ٱلشَّهَادَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ بِمُعَانَاةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ وَٱلسَّجْنِ وَٱلضَّرْبِ،‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ ٱلْمَوْتِ.‏ لِذَا بَاتَتْ مارتيس،‏ ٱبْتِدَاءً مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلثَّانِي لِلْمِيلَادِ،‏ تَعْنِي أَيْضًا مَنْ يُفَضِّلُ مُقَاسَاةَ هٰذِهِ ٱلْعَوَاقِبِ عَلَى إِنْكَارِ إِيمَانِهِ.‏ وَبِهٰذَا ٱلْمَعْنَى يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ أَيْضًا إِنَّ إِسْتِفَانُوسَ أَوَّلُ شَهِيدٍ مَسِيحِيٍّ،‏ رَغْمَ أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ مارتيس ٱلَّتِي أُطْلِقَتْ عَلَيْهِ تَعْنِي مِنْ حَيْثُ ٱلْأَسَاسُ شَخْصًا يُؤَدِّي شَهَادَةً لَا شَخْصًا يُسْتَشْهَدُ.‏d

      ٢٤ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ شَاوُلُ فِي قَتْلِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ وَأَيُّ صَدًى تَرَكَهُ مَوْتُ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ؟‏

      ٢٤ وَقَعَتْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ عَلَى مَرْأًى مِنْ شَابٍّ يُدْعَى شَاوُلَ.‏ وَكَانَ رَاضِيًا بِقَتْلِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ حَتَّى إِنَّهُ حَرَسَ أَرْدِيَةَ رَاجِمِيهِ.‏ بُعَيْدَ ذٰلِكَ تَزَعَّمَ مَوْجَةَ ٱضْطِهَادٍ وَحْشِيٍّ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ غَيْرَ أَنَّ مَوْتَ إِسْتِفَانُوسَ تَرَكَ صَدًى وَاسِعًا.‏ فَقَدْ قَوَّى مِثَالُهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ عَلَى ٱلْبَقَاءِ أُمَنَاءَ وَإِحْرَازِ ٱلنَّصْرِ مِثْلَهُ.‏ أَمَّا شَاوُلُ ٱلَّذِي عُرِفَ لَاحِقًا بِٱلِٱسْمِ بُولُسَ،‏ فَكَانَ سَيَنْدَمُ نَدَمًا شَدِيدًا عَلَى دَوْرِهِ فِي هٰذِهِ ٱلْجَرِيمَةِ.‏ (‏اع ٢٢:‏٢٠‏)‏ فَعِنْدَمَا ٱسْتَذْكَرَ مَاضِيَهُ،‏ قَالَ:‏ «كُنْتُ سَابِقًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَوَقِحًا».‏ (‏١ تي ١:‏١٣‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ وَمُرَافَعَتَهُ لَمْ يَغِيبَا عَنْ ذِهْنِ بُولُسَ.‏ حَتَّى إِنَّهُ تَطَرَّقَ فِي بَعْضِ خِطَابَاتِهِ وَكِتَابَاتِهِ إِلَى مَوَاضِيعَ جَاءَتْ فِي خُطْبَةِ إِسْتِفَانُوسَ.‏ (‏اع ٧:‏٤٨؛‏ ١٧:‏٢٤؛‏ عب ٩:‏٢٤‏)‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ تَعَلَّمَ ٱلِٱقْتِدَاءَ كَامِلًا بِإِيمَانِ وَشَجَاعَةِ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ‹ٱلْمُمْتَلِئِ نِعْمَةً وَقُدْرَةً›.‏ وَلٰكِنْ يَبْقَى ٱلسُّؤَالُ مُعَلَّقًا:‏ هَلْ نَقْتَدِي نَحْنُ بِمِثَالِهِ؟‏

      a اِنْتَمَى بَعْضُ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمِينَ إِلَى «مَجْمَعَ ٱلْمُحَرَّرِينَ».‏ وَهُمْ عَلَى مَا يُظَنُّ إِمَّا يَهُودٌ تَحَرَّرُوا مِنَ ٱلْأَسْرِ ٱلرُّومَانِيِّ أَوْ عَبِيدٌ مُحَرَّرُونَ ٱعْتَنَقُوا ٱلدِّيَانَةَ ٱلْيَهُودِيَّةَ.‏ بَعْضُهُمْ كَانَ مِنْ كِيلِيكِيَةَ،‏ ٱلْمِنْطَقَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي أَتَى مِنْهَا شَاوُلُ ٱلطَّرْسُوسِيُّ.‏ لٰكِنَّ ٱلسِّجِلَّ لَا يَكْشِفُ هَلْ كَانَ شَاوُلُ وَاحِدًا مِنْ أَبْنَاءِ كِيلِيكِيَةَ ٱلَّذِينَ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا إِسْتِفَانُوسَ.‏

      b تَنْفَرِدُ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ بِذِكْرِ مَعْلُومَاتٍ لَا نَجِدُهَا فِي أَيِّ مَكَانٍ آخَرَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَيُخْبِرُنَا مَثَلًا أَنَّ مُوسَى تَثَقَّفَ فِي مِصْرَ،‏ وَيُطْلِعُنَا عَلَى عُمْرِهِ حِينَ هَرَبَ إِلَى مِدْيَانَ وَمُدَّةِ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ.‏

      c عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ لَمْ يُعْطِ ٱلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ ٱلسَّنْهَدْرِيمَ ٱلْحَقَّ بِإِصْدَارِ أَحْكَامِ ٱلْإِعْدَامِ.‏ (‏يو ١٨:‏٣١‏)‏ مَهْمَا يَكُنْ،‏ لَمْ يَلْقَ إِسْتِفَانُوسُ مَصْرَعَهُ كَمَا يَبْدُو بِمُوجَبِ قَرَارٍ قَضَائِيٍّ،‏ بَلْ عَلَى أَيْدِي رَعَاعٍ غَاضِبِينَ.‏

      d مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْعَرَبِيَّةَ «شَهِيدًا» عَنَتْ فِي ٱلْأَصْلِ «شَاهِدًا» مَثَلُهَا مَثَلُ ٱلْكَلِمَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ.‏

  • ‏«كرز لهم بالمسيح»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٧

      ‏«كَرَزَ لَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ»‏

      فِيلِبُّسُ ٱلْمُبَشِّرُ يَرْسُمُ مِثَالًا جَدِيرًا بِٱلِٱقْتِدَاءِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٨:‏٤-‏٤٠

      ١،‏ ٢ أَيَّةُ نَتَائِجَ عَكْسِيَّةٍ أَسْفَرَتْ عَنْهَا ٱلْمَسَاعِي ٱلْهَادِفَةُ إِلَى إِسْكَاتِ ٱلْمُبَشِّرِينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏

      تُوَاجِهُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ مَوْجَةَ ٱضْطِهَادٍ شَرِسٍ فِيمَا شَاوُلُ «يَسْطُو» عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ.‏ فَيَفِرُّ هٰؤُلَاءِ هَارِبِينَ مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلْعَنِيفَةِ.‏ (‏اع ٨:‏٣‏)‏ قَدْ يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى أَنَّ شَاوُلَ قَابَ قَوْسَيْنِ مِنْ تَحْقِيقِ غَايَتِهِ وَٱقْتِلَاعِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ مِنْ جُذُورِهَا.‏ لٰكِنَّ ذٰلِكَ مَا كَانَ لِيَحْصُلَ إِطْلَاقًا.‏ فَٱلْأَحْدَاثُ تَأْخُذُ مَنْحًى مُفَاجِئًا.‏

      ٢ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ أَنَّ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلَّذِينَ تَبَدَّدُوا ٱجْتَازُوا «مُبَشِّرِينَ بِٱلْكَلِمَةِ» حَيْثُمَا ٱسْتَقَرُّوا.‏ (‏اع ٨:‏٤‏)‏ تَخَيَّلْ:‏ لَمْ يَعْجَزِ ٱلِٱضْطِهَادُ عَنْ إِسْكَاتِ ٱلْمُبَشِّرِينَ فَحَسْبُ،‏ بَلْ سَاعَدَ فِي نَشْرِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ أَيْضًا!‏ فَعِنْدَمَا بَدَّدَ ٱلْمُضْطَهِدُونَ ٱلتَّلَامِيذَ،‏ سَاهَمُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرُونَ فِي وُصُولِ ٱلْبِشَارَةِ إِلَى مَنَاطِقَ بَعِيدَةٍ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ،‏ نَسْتَعْرِضُ أَحْدَاثًا مُمَاثِلَةً مِنْ أَزْمِنَتِنَا ٱلْعَصْرِيَّةِ.‏

      ‏«اَلَّذِينَ تَبَدَّدُوا ٱجْتَازُوا مُبَشِّرِينَ بِٱلْكَلِمَةِ» (‏اعمال ٨:‏٤-‏٨‏)‏

      ٣ (‏أ)‏ مَنْ هُوَ فِيلِبُّسُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ لَمْ تَبْلُغِ ٱلْبِشَارَةُ بَعْدُ مُعْظَمَ سُكَّانِ ٱلسَّامِرَةِ،‏ وَلٰكِنْ بِمَ أَنْبَأَ يَسُوعُ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ؟‏

      ٣ كَانَ فِيلِبُّسُ وَاحِدًا مِنَ «ٱلَّذِينَ تَبَدَّدُوا».‏a (‏اع ٨:‏٤‏؛‏ اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏فِيلِبُّسُ ‹ٱلْمُبَشِّرُ›‏‏».‏)‏ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةِ ٱلسَّامِرَةِ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ سِوَى قِلَّةٍ مِنَ ٱلسُّكَّانِ.‏ فَيَسُوعُ أَوْصَى تَلَامِيذَهُ فِي ٱلسَّابِقِ،‏ قَائِلًا:‏ «إِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لَا تَدْخُلُوا،‏ بَلِ ٱذْهَبُوا بِٱلْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ ٱلضَّائِعَةِ».‏ (‏مت ١٠:‏٥،‏ ٦‏)‏ لٰكِنَّ ٱلْمَسِيحَ كَانَ يُدْرِكُ أَنَّ تَلَامِيذَهُ سَيُؤَدُّونَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ شَهَادَةً كَامِلَةً هُنَاكَ.‏ فَقَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ قَالَ لَهُمْ:‏ «تَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ».‏ —‏ اع ١:‏٨‏.‏

      ٤ هَلْ تَجَاوَبَ ٱلسَّامِرِيُّونَ مَعَ كِرَازَةِ فِيلِبُّسَ،‏ وَمَاذَا رُبَّمَا أَسْهَمَ فِي ذٰلِكَ؟‏

      ٤ وَجَدَ فِيلِبُّسُ أَنَّ ٱلسَّامِرَةَ «ٱبْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ».‏ (‏يو ٤:‏٣٥‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ أَنْعَشَتْ رِسَالَتُهُ قُلُوبَ ٱلسَّامِرِيِّينَ وَأَثْلَجَتْ صُدُورَهُمْ.‏ فَٱلْعَلَاقَاتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْيَهُودِ كَانَتْ مَقْطُوعَةً تَمَامًا،‏ حَتَّى إِنَّ مُعْظَمَ ٱلْيَهُودِ ٱحْتَقَرُوهُمْ.‏ وَلٰكِنْ هَا هُمْ يَرَوْنَ أَنَّ ٱلْبِشَارَةَ لَا تُمَيِّزُ أَلْبَتَّةَ بَيْنَ فِئَةٍ وَأُخْرَى عَلَى عَكْسِ تَفْكِيرِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمَحْدُودِ.‏ فَحِينَ كَرَزَ فِيلِبُّسُ بِغَيْرَةٍ وَدُونَ تَمْيِيزٍ لِلسَّامِرِيِّينَ بَيَّنَ أَنَّ نَظْرَتَهُ بَعِيدَةٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلتَّحَيُّزِ.‏ فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ جُمُوعًا مِنَ ٱلسَّامِرِيِّينَ ‹ٱنْتَبَهُوا مَعًا› لِمَا يَقُولُ.‏ —‏ اع ٨:‏٦‏.‏

      ٥-‏٧ اُذْكُرُوا أَمْثِلَةً تُبَيِّنُ كَيْفَ يُسَاعِدُ تَبْدِيدُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ عَلَى نَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ.‏

      ٥ وَمَاذَا عَنْ أَيَّامِنَا؟‏ هَلْ يَنْجَحُ ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي إِسْكَاتِنَا؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَمَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لَا يُؤَدِّي تَرْحِيلُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَوْ سَجْنُهُمْ إِلَّا إِلَى نَشْرِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ فِي مُقَاطَعَاتٍ جَدِيدَةٍ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ تَمَكَّنَ شُهُودُ يَهْوَهَ خِلَالَ ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ مِنْ تَقْدِيمِ شَهَادَةٍ رَائِعَةٍ فِي مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٱلنَّازِيَّةِ.‏ يَرْوِي شَخْصٌ يَهُودِيٌّ ٱلْتَقَى ٱلشُّهُودَ هُنَاكَ:‏ «إِنَّ ثَبَاتَ ٱلسُّجَنَاءِ ٱلشُّهُودِ أَقْنَعَنِي أَنَّ إِيمَانَهُمْ مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ فَصِرْتُ أَنَا نَفْسِي شَاهِدًا».‏

      ٦ وَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ وَصَلَتِ ٱلْبِشَارَةُ إِلَى ٱلْمُقَاوِمِينَ أَنْفُسِهِمْ وَتَجَاوَبُوا مَعَهَا.‏ مَثَلًا عِنْدَمَا نُقِلَ شَاهِدٌ يُدْعَى فْرَانْتِس دِيش إِلَى مُعَسْكَرِ ٱلِٱعْتِقَالِ فِي جُوزَن بِٱلنَّمْسَا،‏ تَمَكَّنَ مِنْ دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَعَ ضَابِطٍ فِي وَحَدَاتِ ٱلْحِمَايَةِ.‏ تَخَيَّلْ فَرْحَتَهُمَا بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ حِينَ ٱلْتَقَيَا مُجَدَّدًا فِي مَحْفِلٍ وَكَانَ كِلَاهُمَا فِي صُفُوفِ ٱلْمُبَشِّرِينَ!‏

      ٧ وَتَكَرَّرَ ٱلسِّينَارِيُو نَفْسُهُ عِنْدَمَا هَجَّرَ ٱلِٱضْطِهَادُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ.‏ إِلَيْكَ مَا حَدَثَ فِي سَبْعِينَاتِ ٱلْقَرْنِ ٱلْمَاضِي عِنْدَمَا رُحِّلَ شُهُودٌ مِنْ مَلَاوِي إِلَى مُوزَمْبِيق.‏ فَقَدْ أَدَّوْا شَهَادَةً مُؤَثِّرَةً وَلَمْ يَتَوَانَوْا حَتَّى بَعْدَمَا وَاجَهُوا ٱلْمُقَاوَمَةَ لَاحِقًا فِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَدِ.‏ يَذْكُرُ فْرَنْسِيسْكُو كُوَانَا:‏ «اُعْتُقِلَ بَعْضُنَا مَرَّاتٍ عَدِيدَةً بِسَبَبِ نَشَاطِنَا ٱلْكِرَازِيِّ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ تَجَاوَبَ كَثِيرُونَ مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ،‏ تَأَكَّدْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ يُسَاعِدُنَا تَمَامًا كَمَا سَاعَدَ مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ».‏

      ٨ كَيْفَ تُؤَثِّرُ ٱلتَّغَيُّرَاتُ ٱلسِّيَاسِيَّةُ وَٱلِٱقْتِصَادِيَّةُ عَلَى عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ؟‏

      ٨ طَبْعًا،‏ ٱلِٱضْطِهَادُ لَيْسَ ٱلسَّبَبَ ٱلْوَحِيدَ وَرَاءَ تَوَسُّعِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ فِي ٱلْمُقَاطَعَاتِ ٱلْأَجْنَبِيَّةِ.‏ فَفِي ٱلْعُقُودِ ٱلْمَاضِيَةِ مَثَلًا،‏ مَهَّدَتِ ٱلتَّغَيُّرَاتُ ٱلسِّيَاسِيَّةُ وَٱلِٱقْتِصَادِيَّةُ ٱلسَّبِيلَ لِإِيصَالِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَى أَشْخَاصٍ مِنْ شَتَّى ٱللُّغَاتِ وَٱلْجِنْسِيَّاتِ.‏ فَقَدْ هَاجَرَ ٱلْبَعْضُ مِنْ مَنَاطِقَ تَشْهَدُ حُرُوبًا وَضِيقَاتٍ ٱقْتِصَادِيَّةً إِلَى مَنَاطِقَ أَكْثَرَ ٱسْتِقْرَارًا حَيْثُ بَاشَرُوا دَرْسَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ وَتَدَفُّقُ ٱللَّاجِئِينَ هٰذَا أَدَّى إِلَى تَشْكِيلِ مُقَاطَعَاتٍ عَدِيدَةٍ بِلُغَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ.‏ خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ مَدِينَةَ سَان دِيِيغُو بِوِلَايَةِ كَالِيفُورْنْيَا ٱلْأَمِيرْكِيَّةِ.‏ فَهُنَاكَ يَنْطِقُ ٱلسُّكَّانُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ لُغَةٍ.‏ وَقَدْ تَأَسَّسَتْ فِيهَا جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ بِلُغَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ.‏ فَمَاذَا عَنْكَ؟‏ هَلْ تَبْذُلُ قُصَارَى جُهْدِكَ لِتَشْهَدَ لِأُنَاسٍ «مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلْأَلْسِنَةِ» فِي مُقَاطَعَتِكَ؟‏ —‏ رؤ ٧:‏٩‏.‏

      ‏«أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةَ» (‏اعمال ٨:‏٩-‏٢٥‏)‏

      بطرس يضع يده علی تلميذ جديد،‏ وسيمون الساحر يحمل كيسا من المال»‏

      ‏«لما رأى سيمون انه بوضع ايدي الرسل يُعطى الروح،‏ قدم لهما مالا».‏ —‏ اعمال ٨:‏١٨

      ٩ مَنْ هُوَ سِيمُونُ،‏ وَمَاذَا أَثَارَ إِعْجَابَهُ فِي فِيلِبُّسَ؟‏

      ٩ صَنَعَ فِيلِبُّسُ آيَاتٍ كَثِيرَةً فِي ٱلسَّامِرَةِ كَشِفَاءِ ٱلْمُعَوَّقِينَ وَإِخْرَاجِ ٱلْأَرْوَاحِ ٱلشِّرِّيرَةِ.‏ (‏اع ٨:‏٦-‏٨‏)‏ فَأَبْهَرَتْ مَوَاهِبُهُ ٱلْعَجَائِبِيَّةُ ٱلسُّكَّانَ وَعَلَى وَجْهِ ٱلْخُصُوصِ سَاحِرًا يُدْعَى سِيمُونَ رَفَّعَهُ ٱلنَّاسُ لِدَرَجَةِ أَنْ قَالُوا:‏ «هٰذَا هُوَ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ».‏ وَلٰكِنْ بَعْدَمَا شَهِدَ سِيمُونُ بِعَيْنَيْهِ قُدْرَةَ ٱللّٰهِ ٱلْحَقِيقِيَّةَ ٱلَّتِي تَجَلَّتْ فِي عَجَائِبِ فِيلِبُّسَ،‏ ٱنْضَمَّ هُوَ نَفْسُهُ إِلَى صُفُوفِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ (‏اع ٨:‏٩-‏١٣‏)‏ غَيْرَ أَنَّ دَوَافِعَهُ سُرْعَانَ مَا وُضِعَتْ عَلَى ٱلْمِحَكِّ.‏ كَيْفَ؟‏

      ١٠ (‏أ)‏ مَاذَا فَعَلَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا فِي ٱلسَّامِرَةِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا طَلَبَ سِيمُونُ لَمَّا رَأَى ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْجُدُدَ يَنَالُونَ رُوحًا قُدُسًا حِينَ يَضَعُ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا أَيْدِيَهُمَا عَلَيْهِمْ؟‏

      ١٠ حِينَ عَلِمَ ٱلرُّسُلُ بِٱزْدِيَادِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي ٱلسَّامِرَةِ،‏ أَرْسَلُوا بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا إِلَى هُنَاكَ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏بُطْرُسُ يَسْتَخْدِمُ ‹مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ›‏‏».‏)‏ وَعِنْدَ وُصُولِهِمَا،‏ وَضَعَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْجُدُدِ فَنَالُوا رُوحًا قُدُسًا.‏b وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ ذٰلِكَ بُهِتَ وَطَلَبَ مِنْهُمَا قَائِلًا:‏ «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةَ،‏ حَتَّى يَنَالَ رُوحًا قُدُسًا أَيُّ مَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ يَدَيَّ».‏ ثُمَّ قَدَّمَ لَهُمَا مَالًا آمِلًا فِي شِرَاءِ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ —‏ اع ٨:‏١٤-‏١٩‏.‏

      ١١ عَلَامَ حَثَّ بُطْرُسُ سِيمُونَ،‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏

      ١١ رَدَّ بُطْرُسُ عَلَى سِيمُونَ بِكَلِمَاتٍ حَازِمَةٍ:‏ «لِتَهْلِكْ فِضَّتُكَ مَعَكَ،‏ لِأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ هِبَةَ ٱللّٰهِ بِمَالٍ!‏ لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلَا قُرْعَةٌ فِي هٰذَا ٱلْأَمْرِ،‏ لِأَنَّ قَلْبَكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عِنْدَ ٱللّٰهِ».‏ ثُمَّ حَثَّهُ عَلَى ٱلتَّوْبَةِ وَٱلصَّلَاةِ طَلَبًا لِلْغُفْرَانِ،‏ قَائِلًا:‏ «تَضَرَّعْ إِلَى يَهْوَهَ،‏ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ مَا دَبَّرَ قَلْبُكَ».‏ فَكَمَا يَظْهَرُ،‏ لَمْ يَكُنْ سِيمُونُ رَجُلًا شِرِّيرًا.‏ فَهُوَ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلصَّوَابَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ ضَلَّ ٱلسَّبِيلَ آنَذَاكَ.‏ لِذَا ٱلْتَمَسَ مِنَ ٱلرُّسُلِ:‏ «تَضَرَّعَا أَنْتُمَا إِلَى يَهْوَهَ مِنْ أَجْلِي لِكَيْلَا يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا قُلْتُمَا».‏ —‏ اع ٨:‏٢٠-‏٢٤‏.‏

      ١٢ مَا هِيَ «ٱلسِّيمُونِيَّةُ»،‏ وَكَيْفَ وَقَعَ ٱلْعَالَمُ ٱلْمَسِيحِيُّ فِي شَرَكِهَا؟‏

      ١٢ لَقَدْ أَنَّبَ بُطْرُسُ سِيمُونَ،‏ وَفِي هٰذَا عِبْرَةٌ لَنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْعَصْرِيِّينَ.‏ حَتَّى إِنَّ بَعْضَ ٱلْمَعَاجِمِ ٱلْعَرَبِيَّةِ أَدْخَلَتِ ٱلتَّعْبِيرَ «ٱلسِّيمُونِيَّةَ» نِسْبَةً إِلَى «سِيمُونَ ٱلسَّاحِرِ».‏ يُعَرِّفُ أَحَدُهَا هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةَ عَلَى أَنَّهَا «ٱلِٱرْتِقَاءُ إِلَى ٱلْمَرَاتِبِ ٱلرُّوحِيَّةِ بِٱلْمَالِ».‏ وَعَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ،‏ ٱسْتَشْرَتِ ٱلسِّيمُونِيَّةُ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلْمُرْتَدِّ.‏ تَأْكِيدًا عَلَى ذٰلِكَ،‏ وَرَدَ فِي دَائِرَةُ ٱلْمَعَارِفِ ٱلْبَرِيطَانِيَّةُ فِي طَبْعَتِهَا ٱلتَّاسِعَةِ (‏١٨٧٨)‏ مَا يَلِي:‏ «إِنَّ ٱلتَّمَعُّنَ فِي مَجَامِعِ ٱلْكَرَادِلَةِ ٱلْمُغْلَقَةِ ٱلْمُنْعَقِدَةِ حَتَّى يَوْمِنَا لَا يَتْرُكُ مَجَالًا لِلشَّكِّ أَنَّ ٱلسِّيمُونِيَّةَ لَطَّخَتِ ٱلِٱنْتِخَابَاتِ ٱلْبَابَوِيَّةَ كُلَّهَا دُونَ أَيِّ ٱسْتِثْنَاءٍ.‏ وَفِي مُعْظَمِ ٱلْحَالَاتِ،‏ مُورِسَتْ فِي هٰذِهِ ٱلْمَجَامِعِ أَشْنَعُ أَنْوَاعِ ٱلسِّيمُونِيَّةِ وَأَكْثَرُهَا عَلَنِيَّةً».‏

      ١٣ كَيْفَ يَتَجَنَّبُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلسِّيمُونِيَّةَ؟‏

      ١٣ كَمْ ضَرُورِيٌّ إِذًا أَنْ نَحْذَرَ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ خَطِيَّةِ ٱلسِّيمُونِيَّةِ!‏ فَمِنْ جِهَةٍ،‏ لَا نَلْجَأُ إِلَى ٱلتَّمَلُّقِ أَوِ ٱلْهَدَايَا ٱلْبَاهِظَةِ بِهَدَفِ نَيْلِ مُعَامَلَةٍ مُمَيَّزَةٍ أَوِ ٱمْتِيَازَاتٍ فِي ٱلْجَمَاعَةِ مِمَّنْ يَبْدُو أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى مَنْحِهَا.‏ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ يَحْذَرُ ٱلنُّظَّارُ أَنْفُسُهُمْ مِنَ ٱلتَّحَيُّزِ لِلْأَثْرِيَاءِ.‏ فَكِلْتَا ٱلْحَالَتَيْنِ وَجْهَانِ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ:‏ اَلسِّيمُونِيَّةِ!‏ عِوَضَ ذٰلِكَ،‏ يَسْعَى خُدَّامُ ٱللّٰهِ جَمِيعًا أَنْ يَتَصَرَّفُوا «كَأَصْغَرَ» مُنْتَظِرِينَ رُوحَ يَهْوَهَ لِيُوَجِّهَ ٱلتَّعْيِينَاتِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ (‏لو ٩:‏٤٨‏)‏ فَلَا مَكَانَ فِي هَيْئَةِ يَهْوَهَ لِمَنْ يَطْلُبُونَ «مَجْدَ أَنْفُسِهِمْ»!‏ —‏ ام ٢٥:‏٢٧‏.‏

      بُطْرُسُ يَسْتَخْدِمُ «مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ»‏

      قَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ:‏ «سَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ».‏ (‏مت ١٦:‏١٩‏)‏ فَمَاذَا قَصَدَ؟‏ دَلَّتْ هٰذِهِ ‹ٱلْمَفَاتِيحُ› أَنَّ بُطْرُسَ سَيَفْتَحُ ٱلْبَابَ أَمَامَ فِئَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِحِيَازَةِ ٱلْمَعْرِفَةِ وَنَيْلِ فُرْصَةِ دُخُولِ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَسِيَّانِيِّ.‏ فَمَتَى ٱسْتَخْدَمَ بُطْرُسُ هٰذِهِ ٱلْمَفَاتِيحَ؟‏

      • اِسْتَعْمَلَ ٱلرَّسُولُ ٱلْمِفْتَاحَ ٱلْأَوَّلَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م عِنْدَمَا حَثَّ ٱلْيَهُودَ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ عَلَى ٱلتَّوْبَةِ وَٱلْمَعْمُودِيَّةِ.‏ فَٱغْتَنَمَ ٠٠٠‏,٣ تَقْرِيبًا هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ وَأَصْبَحُوا وَرَثَةً مُحْتَمَلِينَ لِلْمَلَكُوتِ.‏ —‏ اع ٢:‏١-‏٤١‏.‏

      • اِسْتُخْدِمُ ٱلْمِفْتَاحُ ٱلثَّانِي بُعَيْدَ ٱسْتِشْهَادِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ حِينَ وَضَعَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا أَيْدِيَهُمَا عَلَى ٱلسَّامِرِيِّينَ ٱلْمُعْتَمِدِينَ حَدِيثًا فَنَالُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ.‏ —‏ اع ٨:‏١٤-‏١٧‏.‏

      • سَنَةَ ٣٦ ب‌م،‏ ٱسْتَعْمَلَ بُطْرُسُ ٱلْمِفْتَاحَ ٱلثَّالِثَ فَاتِحًا ٱلْبَابَ أَمَامَ ٱلْأُمَمِيِّينَ غَيْرِ ٱلْمَخْتُونِينَ لِيَنَالُوا رَجَاءَ ٱلْمِيرَاثِ ٱلسَّمَاوِيِّ.‏ فَقَدْ شَهِدَ آنَذَاكَ لِكَرْنِيلِيُوسَ،‏ أَوَّلِ أُمَمِيٍّ غَيْرِ مَخْتُونٍ يَعْتَنِقُ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏ —‏ اع ١٠:‏١-‏٤٨‏.‏

      ‏«أَتَعْرِفُ حَقًّا مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟‏» (‏اعمال ٨:‏٢٦-‏٤٠‏)‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ مَنْ هُوَ ٱلْخَصِيُّ ٱلْحَبَشِيُّ،‏ وَكَيْفَ صَادَفَهُ فِيلِبُّسُ؟‏ (‏ب)‏ هَلْ تَجَاوَبَ ٱلرَّجُلُ ٱلْحَبَشِيُّ مَعَ رِسَالَةِ فِيلِبُّسَ،‏ وَهَلْ كَانَتْ مَعْمُودِيَّتُهُ خُطْوَةً مُتَسَرِّعَةً؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ١٤ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلرِّوَايَةِ،‏ وَجَّهَ مَلَاكُ يَهْوَهَ فِيلِبُّسَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي تَرْبِطُ أُورُشَلِيمَ بِغَزَّةَ.‏ وَسُرْعَانَ مَا أَدْرَكَ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ ٱلسَّبَبَ حِينَ صَادَفَ خَصِيًّا حَبَشِيًّا جَالِسًا فِي مَرْكَبَتِهِ «يَقْرَأُ ٱلنَّبِيَّ إِشَعْيَا بِصَوْتٍ عَالٍ».‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏مَا ٱلْمَقْصُودُ بِكَلِمَةِ ‹خَصِيٍّ›؟‏‏».‏)‏ إِذَّاكَ دَفَعَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فِيلِبُّسَ إِلَى ٱلِٱقْتِرَابِ مِنَ ٱلْمَرْكَبَةِ.‏ فَرَكَضَ بِمُحَاذَاتِهَا وَسَأَلَ ٱلْخَصِيَّ:‏ «أَتَعْرِفُ حَقًّا مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟‏».‏ فَأَجَابَهُ:‏ «كَيْفَ يُمْكِنُنِي ذٰلِكَ إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟‏».‏ —‏ اع ٨:‏٢٦-‏٣١‏.‏

      ١٥ بَعْدَئِذٍ دَعَا ٱلْحَبَشِيُّ فِيلِبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى ٱلْمَرْكَبَةِ.‏ حَاوِلْ أَنْ تَتَخَيَّلَ ٱلْحَدِيثَ ٱلَّذِي دَارَ بَيْنَهُمَا.‏ فَلَطَالَمَا كَانَتْ هُوِيَّةُ ‹ٱلشَّاةِ› أَوِ ‹ٱلْخَادِمِ› فِي نُبُوَّةِ إِشَعْيَا لُغْزًا.‏ (‏اش ٥٣:‏١-‏١٢‏)‏ وَلٰكِنْ فِيمَا وَاصَلَا ٱلطَّرِيقَ شَرَحَ فِيلِبُّسُ لِلْخَصِيِّ أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ تَمَّتْ فِي يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱلْمُعْتَمِدِينَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ أَدْرَكَ هٰذَا ٱلْمُتَهَوِّدُ عَلَى ٱلْفَوْرِ مَا عَلَيْهِ فِعْلُهُ.‏ قَالَ:‏ «هُوَذَا مَاءٌ.‏ فَمَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟‏».‏ فَعَمَّدَهُ فِيلِبُّسُ دُونَمَا تَأْخِيرٍ.‏c (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اِعْتَمَدَ فِي ‹مُجْتَمَعِ مَاءٍ›‏‏».‏)‏ وَمِنْ ثَمَّ ٱقْتِيدَ فِيلِبُّسُ إِلَى تَعْيِينٍ جَدِيدٍ فِي أَشْدُودَ حَيْثُ تَابَعَ ٱلْبِشَارَةَ.‏ —‏ اع ٨:‏٣٢-‏٤٠‏.‏

      مَا ٱلْمَقْصُودُ بِكَلِمَةِ «خَصِيٍّ»؟‏

      إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ إِفنُوخوس ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «خَصِيٍّ» لَا تَعْنِي بِٱلضَّرُورَةِ رَجُلًا فَقَدَ ذُكُورَتَهُ،‏ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ تُشِيرَ أَيْضًا إِلَى رَسْمِيٍّ رَفِيعِ ٱلْمُسْتَوَى فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ.‏ عُمُومًا،‏ كَانَ ٱلْمُشْرِفُونَ عَلَى حَرِيمِ ٱلْمَلِكِ خِصْيَانًا جَسَدِيًّا.‏ إِلَّا أَنَّ مُوَظَّفِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْآخَرِينَ كَسَاقِي ٱلْمَلِكِ وَٱلْقَيِّمِ عَلَى ٱلْخَزِينَةِ لَمْ يَكُونُوا كَذٰلِكَ حُكْمًا.‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْخَصِيَّ ٱلْحَبَشِيَّ ٱلَّذِي عَمَّدَهُ فِيلِبُّسُ كَانَ رَسْمِيًّا رَفِيعَ ٱلْمُسْتَوَى لِأَنَّهُ أَشْرَفَ عَلَى ٱلْخَزِينَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ،‏ فَتَوَلَّى مَنْصِبَ وَزِيرِ ٱلْمَالِيَّةِ إِنْ جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ.‏

      مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ كَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ مُتَهَوِّدًا،‏ أَيْ شَخْصًا أُمَمِيًّا ٱعْتَنَقَ عِبَادَةَ يَهْوَهَ.‏ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ عَائِدًا لِتَوِّهِ مِنْ أُورُشَلِيمَ حَيْثُ قَدَّمَ ٱلْعِبَادَةَ.‏ (‏اع ٨:‏٢٧‏)‏ لِذَا مِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ ٱلِٱسْتِنْتَاجُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصِيًّا مِنَ ٱلنَّاحِيَةِ ٱلْجَسَدِيَّةِ لِأَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ حَرَّمَتِ ٱنْضِمَامَ أَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ إِلَى جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ.‏ —‏ تث ٢٣:‏١‏.‏

      اِعْتَمَدَ فِي «مُجْتَمَعِ مَاءٍ»‏

      كَيْفَ تَتِمُّ ٱلْمَعْمُودِيَّةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ؟‏ فِي رَأْيِ ٱلْبَعْضِ،‏ يَكْفِي أَنْ يُسْكَبَ ٱلْمَاءُ أَوْ يُرَشَّ عَلَى ٱلرَّأْسِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْخَصِيَّ ٱلْحَبَشِيَّ ٱعْتَمَدَ فِي «مُجْتَمَعِ مَاءٍ».‏ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ ‏«نَزَلَا كِلَاهُمَا فِي ٱلْمَاءِ،‏ فِيلِبُّسُ وَٱلْخَصِيُّ».‏ (‏اع ٨:‏٣٦،‏ ٣٨‏)‏ فَلَوْ كَانَ سَكْبُ ٱلْمَاءِ أَوْ رَشُّهُ كَافِيًا،‏ لَمَا دَعَتِ ٱلْحَاجَةُ أَنْ يُوقِفَ ٱلْخَصِيُّ مَرْكَبَتَهُ عِنْدَ مُجْتَمَعِ مَاءٍ،‏ وَلَكَانَ قَلِيلٌ مِنَ ٱلْمَاءِ،‏ سَعَةُ قِرْبَةٍ مَثَلًا،‏ كَافِيًا لِيَعْتَمِدَ.‏ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ حَمَلَ ٱلْخَصِيُّ قِرْبَةً كَهٰذِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا فِي «طَرِيقٍ مُقْفِرَةٍ».‏ —‏ اع ٨:‏٢٦‏.‏

      يَذْكُرُ مُعْجَمٌ يُونَانِيٌّ –‏ إِنْكِلِيزِيٌّ لِوَاضِعَيْهِ لِيدِل وَسْكُوت أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ باپتيزو تَعْنِي «يَغْمُرُ أَوْ يُغَطِّسُ».‏ وَٱلْإِشَارَاتُ ٱلْأُخْرَى فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ إِلَى ٱلْمَعْمُودِيَّةِ تَنْسَجِمُ مَعَ هٰذَا ٱلتَّعْرِيفِ.‏ فَيُوحَنَّا ٣:‏٢٣ تُخْبِرُنَا أَنَّ يُوحَنَّا كَانَ «يُعَمِّدُ فِي عَيْنَ نُونَ بِقُرْبِ سَالِيمَ،‏ لِأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ كَمِّيَّةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ ٱلْمَاءِ».‏ وَٱلرِّوَايَةُ عَنْ مَعْمُودِيَّةِ يَسُوعَ تُثَنِّي عَلَى هٰذِهِ ٱلْفِكْرَةِ،‏ إِذْ تَقُولُ:‏ «عِنْدَ صُعُودِهِ مِنَ ٱلْمَاءِ رَأَى ٱلسَّمٰوَاتِ تَنْشَقُّ».‏ (‏مر ١:‏٩،‏ ١٠‏)‏ لِذٰلِكَ يَتْبَعُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ ٱلطَّرِيقَةَ ٱلصَّحِيحَةَ،‏ فَيُغَطِّسُونَ ٱلْمَرْءَ كَامِلًا فِي ٱلْمَاءِ عِنْدَ مَعْمُودِيَّتِهِ.‏

      ١٦،‏ ١٧ أَيُّ دَوْرٍ يَلْعَبُهُ ٱلْمَلَائِكَةُ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٦ وَٱلْيَوْمَ يَحْظَى ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِٱمْتِيَازِ ٱلْمُشَارَكَةِ فِي عَمَلٍ شَبِيهٍ بِعَمَلِ فِيلِبُّسَ.‏ فَغَالِبًا مَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَقْدِيمِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ عَبْرَ ٱلشَّهَادَةِ غَيْرِ ٱلرَّسْمِيَّةِ كَمَا فِي ٱلسَّفَرِ مَثَلًا.‏ وَفِي حَالَاتٍ كَثِيرَةٍ يَظْهَرُ جَلِيًّا أَنَّ لِقَاءَهُمُ ٱلْأَشْخَاصَ ٱلْمُهْتَمِّينَ لَيْسَ وَلِيدَ ٱلصُّدْفَةِ.‏ وَذٰلِكَ طَبِيعِيٌّ لِأَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَذْكُرُ بِكُلِّ وُضُوحٍ أَنَّ ٱلْمَلَائِكَةَ يُوَجِّهُونَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ بِحَيْثُ تَصِلُ ٱلرِّسَالَةُ إِلَى «كُلِّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ».‏ (‏رؤ ١٤:‏٦‏)‏ وَهٰذَا تَمَامًا مَا أَنْبَأَ بِهِ يَسُوعُ.‏ فَفِي مَثَلِهِ عَنِ ٱلْحِنْطَةِ وَٱلزِّوَانِ،‏ قَالَ إِنَّ ٱلْحَصَادَ هُوَ ٱخْتِتَامُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ‹وَٱلْحَصَّادِينَ هُمُ ٱلْمَلَائِكَةُ›.‏ وَأَضَافَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ «يَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ ٱلْمَعَاثِرِ وَٱلْمُتَعَدِّينَ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ».‏ (‏مت ١٣:‏٣٧-‏٤١‏)‏ لٰكِنَّهُمْ يَجْمَعُونَ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ وَرَثَةَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوِيِّ ثُمَّ ‹جَمْعًا كَثِيرًا› مِنَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ› ٱلَّذِينَ يُرِيدُ يَهْوَهُ ٱجْتِذَابَهُمْ إِلَى هَيْئَتِهِ.‏ —‏ رؤ ٧:‏٩؛‏ يو ٦:‏٤٤،‏ ٦٥؛‏ ١٠:‏١٦‏.‏

      ١٧ وَلَا شَكَّ أَنَّنَا نَشْهَدُ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ.‏ فَبَعْضُ مَنْ نَلْتَقِيهِمْ فِي خِدْمَتِنَا يُخْبِرُونَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ طَالِبِينَ مُسَاعَدَةَ ٱللّٰهِ.‏ إِلَيْكَ ٱخْتِبَارَ نَاشِرَتَيْنِ كَانَتَا تَخْدُمَانِ مَعَ وَلَدٍ صَغِيرٍ.‏ فَعِنْدَ ٱلظَّهِيرَةِ أَوْشَكَتَا أَنْ تَتَوَقَّفَا عَنِ ٱلْخِدْمَةِ.‏ لٰكِنَّ ٱلْوَلَدَ كَانَ مُتَحَمِّسًا بِشِدَّةٍ لِزِيَارَةِ ٱلْبَيْتِ ٱلتَّالِي،‏ حَتَّى إِنَّهُ ذَهَبَ بِمُفْرَدِهِ وَقَرَعَ ٱلْبَابَ.‏ وَحِينَ فَتَحَتْ لَهُ شَابَّةٌ ٱقْتَرَبَتِ ٱلْأُخْتَانِ مِنْهَا.‏ وَكَمْ تَفَاجَأَتَا حِينَ أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي لِلتَّوِّ طَالِبَةً أَنْ يَزُورَهَا شَخْصٌ يُسَاعِدُهَا عَلَى فَهْمِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ!‏ وَبِٱلْفِعْلِ بُوشِرَ مَعَهَا بِدَرْسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏

      زوجان يبشران من بيت الی بيت ويقرعان باب علی امرأة تصلي

      ‏«يا اللّٰه،‏ كائنا من كنت،‏ ساعدني ارجوك!‏»‏

      ١٨ لِمَ يَحْسُنُ بِنَا أَلَّا نَسْتَهِينَ أَبَدًا بِٱمْتِيَازِ ٱلْكِرَازَةِ؟‏

      ١٨ بِصِفَتِكَ عُضْوًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ،‏ أَنْتَ تَنْعَمُ بِٱمْتِيَازِ ٱلْعَمَلِ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ ٱلْمَلَائِكَةِ فِيمَا يَبْلُغُ عَمَلُ ٱلْكِرَازَةِ نِطَاقًا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ.‏ فَلَا تَسْتَهِنْ أَبَدًا بِهٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ،‏ بَلِ ٱبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِكَ مُوَاظِبًا عَلَى ‹ٱلتَّبْشِيرِ بِيَسُوعَ› لِتُحْرِزَ فَرَحًا جَزِيلًا!‏ —‏ اع ٨:‏٣٥‏.‏

      a لَا نَتَحَدَّثُ هُنَا عَنْ فِيلِبُّسَ ٱلرَّسُولِ،‏ بَلْ عَنْ أَحَدِ ‹ٱلرِّجَالِ ٱلسَّبْعَةِ ٱلْمَشْهُودِ لَهُمُ› ٱلَّذِينَ أُقِيمُوا عَلَى «ٱلْعَمَلِ ٱلضَّرُورِيِّ».‏ وَكَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلْخَامِسِ،‏ أُوكِلَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُنَظِّمُوا تَوْزِيعَ ٱلطَّعَامِ يَوْمِيًّا عَلَى ٱلْأَرَامِلِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ سَوَاءٌ ٱللَّوَاتِي يَتَكَلَّمْنَ ٱلْيُونَانِيَّةَ أَوِ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ.‏ —‏ اع ٦:‏١-‏٦‏.‏

      b مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْمُهْتَدِينَ حَدِيثًا فِي تِلْكَ ٱلْمَرْحَلَةِ نَالُوا عَادَةً ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ،‏ أَيْ مُسِحُوا بِهِ،‏ عِنْدَ مَعْمُودِيَّتِهِمْ.‏ وَهٰذَا مَا مَنَحَهُمْ رَجَاءَ ٱلْحُكْمِ مُلُوكًا وَكَهَنَةً مَعَ يَسُوعَ فِي ٱلسَّمَاءِ.‏ (‏٢ كو ١:‏٢١،‏ ٢٢؛‏ رؤ ٥:‏٩،‏ ١٠؛‏ ٢٠:‏٦‏)‏ أَمَّا فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ بِٱلذَّاتِ فَبِخِلَافِ ٱلْعَادَةِ لَمْ يُمْسَحِ ٱلتَّلَامِيذُ ٱلْجُدُدُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عِنْدَ مَعْمُودِيَّتِهِمْ.‏ فَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمُعْتَمِدُونَ حَدِيثًا لَمْ يَنَالُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ،‏ وَبِٱلتَّالِي ٱلْمَوَاهِبَ ٱلْعَجَائِبِيَّةَ،‏ إِلَّا بَعْدَمَا وَضَعَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا أَيْدِيَهُمَا عَلَيْهِمْ.‏

      c لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ خُطْوَةً مُتَسَرِّعَةً.‏ فَبِمَا أَنَّ ٱلْحَبَشِيَّ مُتَهَوِّدٌ،‏ فَكَانَ مُلِمًّا بِٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ٱلنُّبُوَّاتُ ٱلْمَسِيَّانِيَّةُ.‏ وَٱلْآنَ،‏ بَعْدَمَا تَعَلَّمَ عَنْ دَوْرِ يَسُوعَ فِي قَصْدِ ٱللّٰهِ،‏ بَاتَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَعْتَمِدَ.‏

      فِيلِبُّسُ «ٱلْمُبَشِّرُ»‏

      عِنْدَمَا بَدَّدَ ٱلِٱضْطِهَادُ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ،‏ ذَهَبَ فِيلِبُّسُ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ.‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ تَعَاوَنَ تَعَاوُنًا لَصِيقًا مَعَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ فَٱلرِّوَايَةُ تُخْبِرُنَا:‏ «لَمَّا سَمِعَ ٱلرُّسُلُ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ ٱلسَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ،‏ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا».‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ نَالَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْجُدُدُ هِبَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ —‏ اع ٨:‏١٤-‏١٧‏.‏

      فيلبس في مركبة مع الخصي الحبشي

      يُنْهِي ٱلْأَعْمَالُ ٱلْإِصْحَاحُ ٨ ٱلْحَدِيثَ عَنْ فِيلِبُّسَ،‏ وَلَا يَرِدُ ذِكْرُهُ مُجَدَّدًا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي ٱلْأَعْمَال ٢١‏.‏ فَبَعْدَ نَحْوِ ٢٠ سَنَةً عَلَى كِرَازَتِهِ فِي ٱلسَّامِرَةِ،‏ نَقْرَأُ أَنَّ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ نَزَلُوا فِي بَتُولِمَايِسَ فِيمَا كَانُوا مُتَّجِهِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي نِهَايَةِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّالِثَةِ.‏ ثُمَّ يَرْوِي لُوقَا مَا حَصَلَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ قَائِلًا:‏ «اِنْطَلَقْنَا وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ،‏ وَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلِبُّسَ ٱلْمُبَشِّرِ،‏ ٱلَّذِي كَانَ وَاحِدًا مِنَ ٱلسَّبْعَةِ،‏ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُ.‏ وَكَانَ لِهٰذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى يَتَنَبَّأْنَ».‏ —‏ اع ٢١:‏٨،‏ ٩‏.‏

      نَسْتَنْتِجُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْآيَةِ أَنَّ فِيلِبُّسَ ٱسْتَقَرَّ فِي ٱلْمُقَاطَعَةِ ٱلَّتِي عُيِّنَ لِلْكِرَازَةِ فِيهَا وَأَنَّهُ كَانَ رَبَّ عَائِلَةٍ.‏ وَيَجْدُرُ بِنَا ٱلتَّوَقُّفُ عِنْدَ لَقَبِ «ٱلْمُبَشِّرِ» ٱلَّذِي يَذْكُرُهُ لُوقَا.‏ فَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَسْتَخْدِمُ هٰذَا ٱلتَّعْبِيرَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَشْخَاصٍ يَتْرُكُونَ مَوْطِنَهُمْ بُغْيَةَ ٱلْكِرَازَةِ فِي مَنَاطِقَ لَمْ تَصِلْهَا ٱلْبِشَارَةُ بَعْدُ.‏ وَعَلَيْهِ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ غَيْرَةَ فِيلِبُّسَ ظَلَّتْ مُتَّقِدَةً.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَرَسَ فِي عَائِلَتِهِ مَحَبَّةَ يَهْوَهَ وَٱلرَّغْبَةَ فِي خِدْمَتِهِ،‏ إِذْ إِنَّ بَنَاتِهِ ٱلْأَرْبَعَ كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ.‏

  • الجماعة «نعمت بفترة سلام»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٨

      اَلْجَمَاعَةُ «نَعِمَتْ بِفَتْرَةِ سَلَامٍ»‏

      اَلْمُقَاوِمُ ٱلشَّرِسُ شَاوُلُ يُصْبِحُ مُبَشِّرًا غَيُورًا

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٩:‏١-‏٤٣

      ١،‏ ٢ مَاذَا نَوَى شَاوُلُ أَنْ يَفْعَلَ فِي دِمَشْقَ؟‏

      يَدْنُو ٱلرِّجَالُ مِنْ دِمَشْقَ وَٱلشَّرَرُ يَتَطَايَرُ مِنْ عُيُونِهِمْ.‏ فِي رَأْسِهِمْ خُطَّةٌ شِرِّيرَةٌ:‏ ‹سَنُجَرْجِرُ تَلَامِيذَ يَسُوعَ ٱلْبَغِيضِينَ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَنُقَيِّدُهُمْ وَنُهِينُهُمْ،‏ ثُمَّ نَسُوقُهُمْ مَذْلُولِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ يُوَاجِهُونَ سُخْطَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ›!‏

      ٢ قَائِدُ هٰؤُلَاءِ ٱلرَّعَاعِ هُوَ شَاوُلُ،‏ رَجُلٌ يَدَاهُ مُلَطَّخَتَانِ بِٱلدِّمَاءِ.‏a فَهَلْ نَسِينَا كَيْفَ رَاقَبَ مُؤَخَّرًا بِعَيْنِ ٱلرِّضَى رُفَقَاءَهُ ٱلْمُتَعَصِّبِينَ يَرْجُمُونَ تِلْمِيذَ يَسُوعَ ٱلْمُخْلِصَ إِسْتِفَانُوسَ؟‏!‏ (‏اع ٧:‏٥٧–‏٨:‏١‏)‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلتَّنْكِيلَ بِأَتْبَاعِ يَسُوعَ فِي أُورُشَلِيمَ لَمْ يَشْفِ غَلِيلَهُ.‏ فَتَحَوَّلَ شَاوُلُ شُعْلَةً تُؤَجِّجُ نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ وَعَقَدَ ٱلْعَزْمَ عَلَى إِبَادَةِ أَتْبَاعِ «ٱلطَّرِيقِ» عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ.‏ —‏ اع ٩:‏١،‏ ٢‏؛‏ اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏سُلْطَةُ شَاوُلَ فِي دِمَشْقَ‏».‏

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ مَعَ شَاوُلَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ أَسْئِلَةٍ يَتَنَاوَلُهَا هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟‏

      ٣ وَلٰكِنْ فِيمَا يَقْتَرِبُ شَاوُلُ مِنْ دِمَشْقَ،‏ يُبْرِقُ حَوْلَهُ فَجْأَةً نُورٌ سَاطِعٌ.‏ يَرَى مُرَافِقُوهُ ٱلنُّورَ لٰكِنَّ ٱلصَّدْمَةَ تَعْقِدُ لِسَانَهُمْ.‏ أَمَّا هُوَ فَيَفْقِدُ بَصَرَهُ وَيَسْقُطُ أَرْضًا.‏ ثُمَّ يَسْمَعُ صَوْتًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ يُنَادِيهِ:‏ «شَاوُلُ،‏ شَاوُلُ،‏ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟‏».‏ فَيَسْأَلُ مَذْهُولًا:‏ «مَنْ أَنْتَ يَا رَبُّ؟‏».‏ فَيَأْتِي ٱلْجَوَابُ صَادِمًا:‏ «أَنَا يَسُوعُ ٱلَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ»!‏ —‏ اع ٩:‏٣-‏٥؛‏ ٢٢:‏٩‏.‏

      ٤ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ هٰذِهِ؟‏ كَيْفَ يُفِيدُنَا ٱلتَّمَعُّنُ فِي ٱهْتِدَاءِ شَاوُلَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏ وَأَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ نَشَاطِ ٱلْجَمَاعَةِ حِينَ نَعِمَتْ بِفَتْرَةِ سَلَامٍ بَعْدَ ٱعْتِنَاقِ شَاوُلَ ٱلْحَقَّ؟‏

      سُلْطَةُ شَاوُلَ فِي دِمَشْقَ

      مِنْ أَيْنَ لِشَاوُلَ ٱلسُّلْطَةُ أَنْ يَعْتَقِلَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي مَدِينَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ؟‏ تَمَتَّعَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ وَرَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ بِسُلْطَةِ إِصْدَارِ ٱلْأَحْكَامِ ٱلشَّرْعِيَّةِ لِلْيَهُودِ أَيْنَمَا كَانُوا.‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ ٱشْتَمَلَتْ صَلَاحِيَّاتُ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ أَيْضًا عَلَى ٱلْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ ٱلْمُجْرِمِينَ.‏ لِذَا فَإِنَّ ٱلرَّسَائِلَ ٱلَّتِي حَمَلَهَا شَاوُلُ مِنْهُ ضَمَنَتْ تَعَاوُنَ شُيُوخِ ٱلْمَجَامِعِ فِي دِمَشْقَ.‏ —‏ اع ٩:‏١،‏ ٢‏.‏

      إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ مَنَحَ ٱلرُّومَانُ ٱلْيَهُودَ ٱلْحَقَّ فِي إِدَارَةِ شُؤُونِهِمِ ٱلْقَضَائِيَّةِ.‏ مِنْ هُنَا،‏ تَمَكَّنَ ٱلْيَهُودُ مَثَلًا مِنْ مُعَاقَبَةِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ خَمْسَ مَرَّاتٍ بِجَلْدِهِ «أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلَّا وَاحِدَةً».‏ (‏٢ كو ١١:‏٢٤‏)‏ وَيَأْتِي أَيْضًا سِفْرُ ٱلْمَكَابِيِّينَ ٱلْأَوَّلُ عَلَى ذِكْرِ رِسَالَةٍ وَجَّهَهَا قُنْصُلٌ رُومَانِيٌّ إِلَى بَطْلِيمُوسَ ٱلثَّامِنِ مَلِكِ مِصْرَ عَامَ ١٣٨ ق‌م،‏ جَاءَ فِيهَا:‏ «اَلْآنَ،‏ إِذَا لَجَأَ إِلَيْكُمْ مِنْ بِلَادِهِمِ [ٱلْيَهُودِيَّةَ] رِجَالٌ أَشْرَارٌ،‏ فَسَلِّمُوهُمْ إِلَى سِمْعَانَ ٱلْكَاهِنِ ٱلْأَعْظَمِ لِيُعَاقِبَهُمْ بِحَسَبِ أَحْكَامِ شَرِيعَتِهِمْ».‏ (‏١ مك ١٥:‏٢١،‏ الترجمة العربية الجديدة‏)‏ وَفِي ٱلْعَامِ ٤٧ ق‌م،‏ ثَبَّتَ يُولِيُوس قَيْصَرُ ٱمْتِيَازَاتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ ٱلسَّابِقَةَ وَحَقَّهُ فِي بَتِّ ٱلْقَضَايَا ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلتَّقَالِيدِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      ‏«لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟‏» (‏اعمال ٩:‏١-‏٥‏)‏

      ٥،‏ ٦ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ إِلَى شَاوُلَ؟‏

      ٥ لَمَّا أَوْقَفَ يَسُوعُ شَاوُلَ فِي ٱلطَّرِيقِ إِلَى دِمَشْقَ لَمْ يَسْأَلْ:‏ «لِمَاذَا تَضْطَهِدُ تَلَامِيذِي؟‏»،‏ بَلْ «لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟‏».‏ (‏اع ٩:‏٤‏)‏ اَلدَّرْسُ:‏ يَتَأَثَّرُ يَسُوعُ شَخْصِيًّا عِنْدَمَا يُعَانِي أَتْبَاعُهُ ٱلْمِحَنَ.‏ —‏ مت ٢٥:‏٣٤-‏٤٠،‏ ٤٥‏.‏

      ٦ فَهَلْ تُوَاجِهُ ٱلْمُقَاوَمَةَ بِسَبَبِ إِيمَانِكَ ٱلْمَسِيحِيِّ؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ تَأَكَّدْ أَنَّ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ كِلَيْهِمَا يَشْعُرَانِ بِمَا تَمُرُّ بِهِ.‏ (‏مت ١٠:‏٢٢،‏ ٢٨-‏٣١‏)‏ إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ قَدْ لَا يُنْهِي ٱلْمِحْنَةَ عَلَى ٱلْفَوْرِ.‏ فَلَا تَنْسَ أَنَّ يَسُوعَ شَاهَدَ مَا فَعَلَهُ شَاوُلُ عِنْدَ مَوْتِ إِسْتِفَانُوسَ وَرَآهُ يَجُرُّ تَلَامِيذَهُ ٱلْأُمَنَاءَ مِنْ بُيُوتِهِمْ فِي أُورُشَلِيمَ؛‏ وَلَمْ يَتَّخِذْ أَيَّ إِجْرَاءٍ.‏ (‏اع ٨:‏٣‏)‏ غَيْرَ أَنَّهُ أَمَدَّ إِسْتِفَانُوسَ وَسَائِرَ ٱلتَّلَامِيذِ بِٱلدَّعْمِ ٱلْإِلٰهِيِّ لِيُحَافِظُوا عَلَى أَمَانَتِهِمْ.‏

      ٧ كَيْفَ نَحْتَمِلُ ٱلِٱضْطِهَادَ؟‏

      ٧ بِإِمْكَانِكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَحْتَمِلَ ٱلِٱضْطِهَادَ بِٱتِّخَاذِ ٱلْخُطُوَاتِ ٱلْأَرْبَعِ ٱلتَّالِيَةِ:‏ (‏١)‏ صَمِّمْ عَلَى ٱلْبَقَاءِ وَلِيًّا أَيًّا كَانَتِ ٱلظُّرُوفُ.‏ (‏٢)‏ اِلْتَمِسْ مُسَاعَدَةَ يَهْوَهَ.‏ (‏في ٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ (‏٣)‏ اُتْرُكِ ٱلِٱنْتِقَامَ لَهُ.‏ (‏رو ١٢:‏١٧-‏٢١‏)‏ (‏٤)‏ تَيَقَّنْ أَنَّهُ يَمُدُّكَ بِٱلْقُوَّةِ لِٱحْتِمَالِ ٱلْمِحَنِ حَتَّى يَسْتَنْسِبَ إِنْهَاءَهَا.‏ —‏ في ٤:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      ‏«أَيُّهَا ٱلْأَخُ شَاوُلُ،‏ إِنَّ ٱلرَّبَّ .‏ .‏ .‏ أَرْسَلَنِي» (‏اعمال ٩:‏٦-‏١٧‏)‏

      ٨،‏ ٩ أَيَّةُ مَشَاعِرَ ٱنْتَابَتْ حَنَانِيَّا كَمَا يَبْدُو حِينَ أَوْكَلَ إِلَيْهِ يَسُوعُ تَعْيِينًا مُمَيَّزًا؟‏

      ٨ بَعْدَمَا عَرَّفَ يَسُوعُ شَاوُلَ بِنَفْسِهِ،‏ أَوْصَاهُ قَائِلًا:‏ «قُمْ وَٱدْخُلْ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ،‏ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَجِبُ أَنْ تَفْعَلَ».‏ (‏اع ٩:‏٦‏)‏ فَٱقْتِيدَ شَاوُلُ ٱلْأَعْمَى إِلَى مَكَانِ إِقَامَتِهِ فِي دِمَشْقَ حَيْثُ صَامَ وَصَلَّى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.‏ وَفِي غُضُونِ ذٰلِكَ،‏ تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْهُ إِلَى تِلْمِيذٍ مَحَلِّيٍّ ٱسْمُهُ حَنَانِيَّا كَانَ «مَشْهُودًا لَهُ مِنْ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ» ٱلسَّاكِنِينَ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ —‏ اع ٢٢:‏١٢‏.‏

      ٩ تَخَيَّلِ ٱلْمَشَاعِرَ ٱلْمُتَضَارِبَةَ ٱلَّتِي ٱنْتَابَتْ حَنَانِيَّا دُونَ شَكٍّ.‏ فَهَا هُوَ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ يَسُوعُ ٱلْمُقَامُ يُكَلِّمُهُ شَخْصِيًّا وَيَخُصُّهُ بِتَعْيِينٍ مُمَيَّزٍ!‏ فَيَا لَهٰذَا ٱلشَّرَفِ!‏ لٰكِنَّ ٱلْمُهِمَّةَ صَعْبَةٌ لِلْغَايَةِ.‏ فَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَذْهَبَ وَيُكَلِّمَ شَاوُلَ.‏ أَجَابَ حَنَانِيَّا:‏ «يَا رَبُّ،‏ قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هٰذَا ٱلرَّجُلِ،‏ كَمْ فَعَلَ مِنْ أُمُورٍ مُؤْذِيَةٍ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ.‏ وَهٰهُنَا لَهُ سُلْطَةٌ مِنْ كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَيِّدَ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِٱسْمِكَ».‏ —‏ اع ٩:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

      ١٠ مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنْ يَسُوعَ مِنْ طَرِيقَةِ تَعَامُلِهِ مَعَ حَنَانِيَّا؟‏

      ١٠ لَمْ يُؤَنِّبْ يَسُوعُ حَنَانِيَّا لِأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ مَخَاوِفِهِ،‏ بَلْ زَوَّدَهُ بِتَوْجِيهَاتٍ وَاضِحَةٍ.‏ وَقَدْ أَكْرَمَهُ بِإِطْلَاعِهِ عَلَى ٱلسَّبَبِ وَرَاءَ تَكْلِيفِهِ بِهٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ ٱلْغَرِيبَةِ.‏ قَالَ يَسُوعُ عَنْ شَاوُلَ:‏ «هٰذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ ٱسْمِي إِلَى ٱلْأُمَمِ وَٱلْمُلُوكِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.‏ فَسَأُرِيهِ كَمْ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي».‏ (‏اع ٩:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ إِذَّاكَ لَمْ يَتَوَانَ حَنَانِيَّا لَحْظَةً فِي إِطَاعَةِ أَمْرِ يَسُوعَ.‏ وَحِينَ وَجَدَ ٱلْمُضْطَهِدَ شَاوُلَ،‏ قَالَ لَهُ:‏ «أَيُّهَا ٱلْأَخُ شَاوُلُ،‏ إِنَّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ،‏ ٱلَّذِي تَرَاءَى لَكَ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي جِئْتَ فِيهِ،‏ قَدْ أَرْسَلَنِي لِكَيْ تَسْتَرِدَّ بَصَرَكَ وَتَمْتَلِئَ رُوحًا قُدُسًا».‏ —‏ اع ٩:‏١٧‏.‏

      ١١،‏ ١٢ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا حَدَثَ بَيْنَ يَسُوعَ وَحَنَانِيَّا وَشَاوُلَ؟‏

      ١١ نَسْتَخْلِصُ ٱلْكَثِيرَ مِنْ شَخْصِيَّاتِ ٱلرِّوَايَةِ ٱلثَّلَاثِ:‏ يَسُوعَ وَحَنَانِيَّا وَشَاوُلَ.‏ مَثَلًا،‏ نَتَعَرَّفُ إِلَى دَوْرِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفَاعِلِ فِي تَوْجِيهِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ إِتْمَامًا لِوَعْدِهِ.‏ (‏مت ٢٨:‏٢٠‏)‏ وَهُوَ ٱلْيَوْمَ يُوَجِّهُ ٱلْعَمَلَ بِوَاسِطَةِ ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ ٱلَّذِي أَقَامَهُ عَلَى خَدَمِ بَيْتِهِ،‏ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مَعَنَا مُبَاشَرَةً.‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥-‏٤٧‏)‏ فَتَحْتَ إِرْشَادِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ،‏ يُرْسَلُ ٱلنَّاشِرُونَ وَٱلْفَاتِحُونَ وَٱلْمُرْسَلُونَ لِلْبَحْثِ عَمَّنْ يَرْغَبُ فِي ٱلتَّعَلُّمِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَكَمَا ذَكَرْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ يُخْبِرُ كَثِيرُونَ مِنْ هٰؤُلَاءِ أَنَّهُمُ ٱلْتَقَوُا ٱلشُّهُودَ بَعْدَمَا صَلَّوْا طَالِبِينَ ٱلْإِرْشَادَ.‏ —‏ اع ٩:‏١١‏.‏

      ١٢ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ أَطَاعَ حَنَانِيَّا يَسُوعَ وَقَبِلَ ٱلتَّعْيِينَ،‏ فَبُورِكَ.‏ فَهَلْ تُطِيعُ أَنْتَ ٱلأَمْرَ بِٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا وَلَوْ أَخَافَكَ هٰذَا ٱلتَّعْيِينُ نَوْعًا مَا؟‏ فَٱلْخِدْمَةُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ وَمُقَابَلَةُ ٱلْغُرَبَاءِ تُثِيرَانِ قَلَقَ ٱلْبَعْضِ.‏ أَمَّا آخَرُونَ فَيَسْتَصْعِبُونَ ٱلْكِرَازَةَ فِي أَمَاكِنِ ٱلْعَمَلِ أَوْ فِي ٱلشَّارِعِ أَوْ عَبْرَ ٱلْهَاتِفِ.‏ قَدِيمًا،‏ تَغَلَّبَ حَنَانِيَّا عَلَى خَوْفِهِ وَحَظِيَ بِٱمْتِيَازِ مُسَاعَدَةِ شَاوُلَ عَلَى نَيْلِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏b وَقَدْ حَالَفَهُ ٱلتَّوْفِيقُ لِأَنَّهُ وَثِقَ بِيَسُوعَ وَٱعْتَبَرَ شَاوُلَ أَخَاهُ.‏ عَلَى غِرَارِهِ،‏ بِإِمْكَانِنَا ٱلتَّغَلُّبُ عَلَى مَخَاوِفِنَا إِذَا وَثِقْنَا أَنَّ يَسُوعَ يُوَجِّهُ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ وَتَعَاطَفْنَا مَعَ ٱلنَّاسِ وَلَمْ نَسْتَبْعِدْ أَنْ يَصِيرَ حَتَّى أَشْرَسُ ٱلْمُقَاوِمِينَ إِخْوَةً لَنَا.‏ —‏ مت ٩:‏٣٦‏.‏

      ‏«اِبْتَدَأَ حَالًا يَكْرِزُ .‏ .‏ .‏ بِيَسُوعَ» (‏اعمال ٩:‏١٨-‏٣٠‏)‏

      ١٣،‏ ١٤ كَيْفَ تَسْتَفِيدُ مِنْ مِثَالِ شَاوُلَ إِذَا كُنْتَ تَدْرُسُ ٱلْحَقَّ لٰكِنَّكَ لَمْ تَعْتَمِدْ بَعْدُ؟‏

      ١٣ وَضَعَ شَاوُلُ بِسُرْعَةٍ مَا تَعَلَّمَهُ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ.‏ فَٱعْتَمَدَ بَعْدَمَا ٱسْتَرَدَّ بَصَرَهُ وَأَخَذَ يُعَاشِرُ ٱلتَّلَامِيذَ فِي دِمَشْقَ.‏ وَهُوَ لَمْ يَكْتَفِ بِذٰلِكَ،‏ إِذِ «ٱبْتَدَأَ حَالًا يَكْرِزُ فِي ٱلْمَجَامِعِ بِيَسُوعَ،‏ أَنَّ هٰذَا هُوَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ».‏ —‏ اع ٩:‏٢٠‏.‏

      ١٤ فَإِذَا كُنْتَ تَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لٰكِنَّكَ لَمْ تَعْتَمِدْ بَعْدُ،‏ فَهَلْ تَتَمَثَّلُ بِشَاوُلَ وَتَحْسِمُ أَمْرَكَ وَتَعْتَمِدُ؟‏ صَحِيحٌ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ شَهِدَ عَجِيبَةً لِيَسُوعَ حَثَّتْهُ عَلَى ٱلْعَمَلِ،‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَايَنَ عَجَائِبَ كَهٰذِهِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ رَأَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ يَسُوعَ يَشْفِي رَجُلًا يَدُهُ يَابِسَةٌ.‏ كَمَا عَرَفَ يَهُودٌ كَثِيرُونَ أَنَّهُ أَقَامَ لِعَازَرَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱنْقَسَمَتِ ٱلْغَالِبِيَّةُ ٱلْعُظْمَى مِنْهُمْ بَيْنَ لَامُبَالِينَ وَمُعَادِينَ لِلْمَسِيحِ.‏ (‏مر ٣:‏١-‏٦؛‏ يو ١٢:‏٩،‏ ١٠‏)‏ أَمَّا شَاوُلُ فَفَتَحَ صَفْحَةً جَدِيدَةً.‏ فَلِمَ تَجَاوَبَ بِخِلَافِ ٱلْكَثِيرِينَ؟‏ لِأَنَّ خَوْفَ ٱللّٰهِ فِي نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَى خَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ،‏ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَ رَحْمَةَ ٱلْمَسِيحِ تِجَاهَهُ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ.‏ (‏في ٣:‏٨‏)‏ وَإِذَا تَجَاوَبْتَ أَنْتَ أَيْضًا فَلَنْ تَسْمَحَ لِأَيِّ عَائِقٍ بِأَنْ يَمْنَعَكَ مِنَ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلْمَعْمُودِيَّةِ.‏

      ١٥،‏ ١٦ مَاذَا فَعَلَ شَاوُلُ فِي ٱلْمَجَامِعِ،‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ ٱلْيَهُودُ فِي دِمَشْقَ مَعَهُ؟‏

      ١٥ هَلْ تَتَخَيَّلُ مَشَاعِرَ ٱلصَّدْمَةِ وَٱلْغَضَبِ تَكْتَنِفُ ٱلْجُمُوعَ عِنْدَمَا بَدَأَ شَاوُلُ يَكْرِزُ عَنْ يَسُوعَ فِي ٱلْمَجَامِعِ؟‏ تَسَاءَلُوا:‏ «أَلَيْسَ هٰذَا هُوَ ٱلَّذِي بَطَشَ فِي أُورُشَلِيمَ بِٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِهٰذَا ٱلِٱسْمِ؟‏».‏ (‏اع ٩:‏٢١‏)‏ فَأَوْضَحَ شَاوُلُ لِمَ تَغَيَّرَتْ نَظْرَتُهُ إِلَى يَسُوعَ «مُبَرْهِنًا مَنْطِقِيًّا أَنَّ هٰذَا هُوَ ٱلْمَسِيحُ».‏ (‏اع ٩:‏٢٢‏)‏ لٰكِنَّ ٱلْمَنْطِقَ لَيْسَ مِفْتَاحًا سِحْرِيًّا.‏ فَهُوَ لَا يُحَرِّرُ جَمِيعَ ٱلْعُقُولِ ٱلَّتِي تُكَبِّلُهَا ٱلتَّقَالِيدُ وَٱلْقُلُوبِ ٱلَّتِي تُقَيِّدُهَا ٱلْكِبْرِيَاءُ.‏ مَعَ ذٰلِكَ لَمْ يَسْتَسْلِمْ شَاوُلُ قَطُّ.‏

      ١٦ وَبَعْدَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ،‏ كَانَ ٱلْيَهُودُ فِي دِمَشْقَ لَا يَزَالُونَ يُقَاوِمُونَ شَاوُلَ،‏ حَتَّى إِنَّهُمْ حَاوَلُوا قَتْلَهُ فِي ٱلنِّهَايَةِ.‏ (‏اع ٩:‏٢٣؛‏ ٢ كو ١١:‏٣٢،‏ ٣٣؛‏ غل ١:‏١٣-‏١٨‏)‏ وَعِنْدَمَا عَلِمَ بِخُطَّتِهِمْ هٰذِهِ،‏ ٱخْتَارَ أَنْ يَلْتَزِمَ جَانِبَ ٱلْحَذَرِ وَيُغَادِرَ ٱلْمَدِينَةَ.‏ يَرْوِي لُوقَا:‏ «أَخَذَهُ تَلَامِيذُهُ وَدَلَّوْهُ لَيْلًا مِنْ فُتْحَةٍ فِي ٱلسُّورِ،‏ إِذْ أَنْزَلُوهُ فِي سَلٍّ».‏ (‏اع ٩:‏٢٥‏)‏ لَاحِظْ أَنَّ شَاوُلَ كَانَ لَهُ «تَلَامِيذُ»،‏ مِمَّا يَدُلُّ أَنَّ بَعْضًا عَلَى ٱلْأَقَلِّ مِمَّنْ سَمِعُوهُ فِي دِمَشْقَ تَجَاوَبُوا مَعَ بِشَارَتِهِ وَأَصْبَحُوا أَتْبَاعًا لِلْمَسِيحِ.‏

      ١٧ (‏أ)‏ أَيُّ رَدَّةِ فِعْلٍ تَلْقَاهَا ٱلْبِشَارَةُ عَادَةً؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا عَلَيْنَا أَنْ نُوَاصِلَ فِعْلَهُ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ١٧ وَمَاذَا عَنْكَ؟‏ عِنْدَمَا بَدَأْتَ تُخْبِرُ عَائِلَتَكَ وَأَصْدِقَاءَكَ وَغَيْرَهُمْ عَمَّا تَتَعَلَّمُهُ،‏ لَرُبَّمَا تَوَقَّعْتَ أَنْ يَتَقَبَّلَ ٱلْجَمِيعُ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْمَنْطِقِيَّةَ.‏ وَلَعَلَّكَ لَقِيتَ تَجَاوُبًا مِنَ ٱلْبَعْضِ،‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْغَالِبِيَّةَ رَفَضُوا ٱلْحَقَّ.‏ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ بَيْتِكَ رُبَّمَا تَحَوَّلُوا إِلَى أَعْدَاءٍ.‏ (‏مت ١٠:‏٣٢-‏٣٨‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ لَا تَسْتَسْلِمْ.‏ فَإِذَا وَاصَلْتَ تَنْمِيَةَ مَهَارَتِكَ فِي ٱلْمُنَاقَشَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَحَافَظْتَ عَلَى سُلُوكٍ مَسِيحِيٍّ،‏ فَقَدْ تَلْقَى فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ تَجَاوُبًا حَتَّى مِنْ مُقَاوِمِيكَ.‏ —‏ اع ١٧:‏٢؛‏ ١ بط ٢:‏١٢؛‏ ٣:‏١،‏ ٢،‏ ٧‏.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ عِنْدَمَا شَهِدَ بَرْنَابَا لِصَالِحِ شَاوُلَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِبَرْنَابَا وَشَاوُلَ؟‏

      ١٨ عِنْدَمَا دَخَلَ شَاوُلُ أُورُشَلِيمَ،‏ شَكَّكَ ٱلتَّلَامِيذُ بِدَايَةً فِي ٱدِّعَائِهِ ٱعْتِنَاقَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَرَدَّةُ فِعْلِهِمْ هٰذِهِ طَبِيعِيَّةٌ.‏ غَيْرَ أَنَّ بَرْنَابَا تَدَخَّلَ وَشَهِدَ لِصَالِحِهِ.‏ فَقَبِلَهُ ٱلرُّسُلُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ وَلَازَمَهُمْ فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ.‏ (‏اع ٩:‏٢٦-‏٢٨‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِحَذَرٍ هُنَاكَ،‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَخْجَلْ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ (‏رو ١:‏١٦‏)‏ فَقَدْ بَشَّرَ بِجُرْأَةٍ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ ٱلْمَدِينَةِ نَفْسِهَا حَيْثُ شَنَّ فِي ٱلسَّابِقِ ٱضْطِهَادًا شَرِسًا عَلَى تَلَامِيذِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَيَا لَصَدْمَةِ ٱلْيَهُودِ فِي أُورُشَلِيمَ حِينَ أَدْرَكُوا أَنَّ رَأْسَ ٱلْحَرْبَةِ فِي حَمْلَتِهِمِ ٱنْقَلَبَ عَلَيْهِمْ!‏ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ سَعَوْا لِقَتْلِهِ.‏ «فَلَمَّا عَلِمَ ٱلْإِخْوَةُ بِذٰلِكَ،‏ أَنْزَلُوهُ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَرْسَلُوهُ إِلَى طَرْسُوسَ».‏ (‏اع ٩:‏٣٠‏)‏ وَبِذٰلِكَ يَكُونُ شَاوُلُ قَدْ خَضَعَ لِتَوْجِيهِ ٱلْمَسِيحِ عَبْرَ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ مِمَّا عَادَ عَلَيْهِ وَعَلَى ٱلْإِخْوَةِ بِٱلْفَائِدَةِ.‏

      ١٩ هَلْ لَاحَظْتَ أَنَّ بَرْنَابَا بَادَرَ مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ إِلَى مُسَاعَدَةِ شَاوُلَ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْبَادِرَةَ ٱللَّطِيفَةَ مَهَّدَتْ لِصَدَاقَةٍ حَمِيمَةٍ جَمَعَتْ بَيْنَ خَادِمَيْنِ غَيُورَيْنِ.‏ فَهَلْ تَتَطَوَّعُ مِثْلَ بَرْنَابَا وَتَدْعَمُ ٱلْجُدُدَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ،‏ فَتُرَافِقُهُمْ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ وَتُسَاعِدُهُمْ عَلَى ٱلتَّقَدُّمِ رُوحِيًّا؟‏ إِنَّ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي تَحْصُدُهَا نَتِيجَةَ ذٰلِكَ وَافِرَةٌ حَقًّا.‏ أَمَّا إِذَا كُنْتَ نَاشِرًا جَدِيدًا،‏ فَهَلْ تَقْبَلُ مِثْلَ شَاوُلَ أَنْ تُمَدَّ لَكَ يَدُ ٱلْمُسَاعَدَةِ؟‏ إِنَّ ٱلْعَمَلَ مَعَ نَاشِرِينَ أَكْثَرَ خِبْرَةً يُحَسِّنُ مَهَارَتَكَ فِي ٱلْخِدْمَةِ وَيُضَاعِفُ فَرَحَكَ وَيُكْسِبُكَ صَدَاقَاتٍ تَدُومُ مَدَى ٱلْحَيَاةِ.‏

      ‏«آمَنَ كَثِيرُونَ» (‏اعمال ٩:‏٣١-‏٤٣‏)‏

      ٢٠،‏ ٢١ كَيْفَ ٱسْتَغَلَّ خُدَّامُ ٱللّٰهِ قَدِيمًا وَٱلْيَوْمَ ‹فَتَرَاتِ ٱلسَّلَامِ› إِلَى أَقْصَى حَدٍّ؟‏

      ٢٠ بَعْدَ ٱهْتِدَاءِ شَاوُلَ وَرَحِيلِهِ سَالِمًا ‹نَعِمَتِ ٱلْجَمَاعَةُ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلْجَلِيلِ وَٱلسَّامِرَةِ بِفَتْرَةِ سَلَامٍ›.‏ (‏اع ٩:‏٣١‏)‏ فَمَاذَا فَعَلَ ٱلتَّلَامِيذُ فِي «وَقْتٍ مُؤَاتٍ» كَهٰذَا؟‏ (‏٢ تي ٤:‏٢‏)‏ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ «كَانَتْ تُبْنَى».‏ فَقَدْ قَوَّى ٱلرُّسُلُ وَٱلْإِخْوَةُ ٱلْمَسْؤُولُونَ ٱلْآخَرُونَ إِيمَانَ ٱلتَّلَامِيذِ وَتَوَلَّوْا زِمَامَ ٱلْقِيَادَةِ،‏ فِيمَا سَارَتِ ٱلْجَمَاعَةُ «فِي خَوْفِ يَهْوَهَ وَتَعْزِيَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ».‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ ٱسْتَغَلَّ بُطْرُسُ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةَ لِتَقْوِيَةِ ٱلتَّلَامِيذِ فِي مَدِينَةِ لِدَّةَ فِي سَهْلِ شَارُونَ.‏ وَنَتِيجَةَ جُهُودِهِ،‏ رَجَعَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنْ سُكَّانِ ٱلْمِنْطَقَةِ وَٱلْجِوَارِ «إِلَى ٱلرَّبِّ».‏ (‏اع ٩:‏٣٢-‏٣٥‏)‏ إِذًا بَذَلَ ٱلتَّلَامِيذُ قُصَارَى جُهْدِهِمْ فِي ٱلِٱعْتِنَاءِ وَاحِدِهِمْ بِٱلْآخَرِ وَٱلْمُنَادَاةِ بِٱلْبِشَارَةِ،‏ عِوَضَ أَنْ يَتَلَهَّوْا بِمَسَاعٍ أُخْرَى.‏ وَعَمَلُهُمْ هٰذَا تَرَكَ أَثَرًا إِيجَابِيًّا فِي ٱلْجَمَاعَةِ إِذْ «بَقِيَتْ تَتَكَاثَرُ».‏

      ٢١ وَفِي أَوَاخِرِ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ،‏ نَعِمَتْ جَمَاعَاتُ شُهُودِ يَهْوَهَ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ «بِفَتْرَةِ سَلَامٍ» مُمَاثِلَةٍ.‏ فَعِنْدَمَا زَالَتْ فَجْأَةً أَنْظِمَةٌ ٱضْطَهَدَتْ شَعْبَ ٱللّٰهِ طَوَالَ عُقُودٍ،‏ خُفِّفَتِ ٱلْقُيُودُ عَلَى عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ أَوْ رُفِعَ ٱلْحَظْرُ كُلِّيًّا.‏ فَٱغْتَنَمَ عَشَرَاتُ آلَافِ ٱلشُّهُودِ ٱلْفُرْصَةَ لِلْكِرَازَةِ عَلَنًا وَأَتَتْ جُهُودُهُمْ بِنَتَائِجَ رَائِعَةٍ.‏ فَفِي رُوسِيَا مَثَلًا،‏ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ ٠٠٠‏,١٦ عَامَ ١٩٩١ عِنْدَمَا ٱعْتُرِفَ بِهِمْ رَسْمِيًّا.‏ وَلٰكِنْ بَعْدَ ١٦ سَنَةً فَقَطْ عَامَ ٢٠٠٧،‏ تَخَطَّى عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ ٠٠٠‏,١٥٠ مُنَادٍ غَيُورٍ بِٱلْبِشَارَةِ!‏

      ٢٢ كَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَسْتَغِلَّ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلَّتِي تَنْعَمُ بِهَا؟‏

      ٢٢ فَهَلْ تَسْتَغِلُّ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلَّتِي تَنْعَمُ بِهَا أَحْسَنَ ٱسْتِغْلَالٍ؟‏ إِذَا كُنْتَ تَعِيشُ فِي بَلَدٍ يَكْفَلُ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلدِّينِيَّةَ،‏ فَٱلشَّيْطَانُ يُرِيدُ بِشِدَّةٍ أَنْ يَسْتَمِيلَكَ إِلَى ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْغِنَى ٱلْمَادِّيِّ،‏ لَا مَصَالِحِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ (‏مت ١٣:‏٢٢‏)‏ فَلَا تَنْشَغِلْ بِٱلْمَسَاعِي ٱلدُّنْيَوِيَّةِ،‏ وَٱسْتَفِدْ مِنْ فَتَرَاتِ ٱلسَّلَامِ ٱلنِّسْبِيِّ ٱلَّتِي تَنْعَمُ بِهَا.‏ اِعْتَبِرْهَا فُرَصًا لِتَشْهَدَ بِٱلْبِشَارَةِ وَتَبْنِيَ ٱلْجَمَاعَةَ.‏ وَلَا تَنْسَ أَنَّ ظُرُوفَنَا قَدْ تَتَبَدَّلُ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحَاهَا.‏

      ٢٣،‏ ٢٤ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رِوَايَةِ طَابِيثَا؟‏ (‏ب)‏ عَلَامَ يَنْبَغِي أَنْ نُصَمِّمَ؟‏

      ٢٣ إِلَيْكَ مَا حَدَثَ مَعَ تِلْمِيذَةٍ ٱسْمُهَا طَابِيثَا أَوْ دُورْكَاسُ عَاشَتْ فِي مَدِينَةِ يَافَا ٱلْقَرِيبَةِ مِنْ لِدَّةَ.‏ فَقَدْ أَحْسَنَتْ هٰذِهِ ٱلْأُخْتُ ٱلْأَمِينَةُ ٱسْتِخْدَامَ وَقْتِهَا وَمَوَارِدِهَا،‏ فَٱنْهَمَكَتْ فِي «ٱلْأَعْمَالِ ٱلصَّالِحَةِ وَٱلصَّدَقَاتِ».‏ غَيْرَ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ فَجْأَةً.‏c فَأَحْزَنَتْ وَفَاتُهَا ٱلتَّلَامِيذَ فِي يَافَا وَبِٱلْأَخَصِّ ٱلْأَرَامِلَ ٱللَّوَاتِي شَمَلَتْهُنَّ بِعَطْفِهَا.‏ فَلَمَّا وَصَلَ بُطْرُسُ إِلَى ٱلْبَيْتِ حَيْثُ يُهَيَّأُ جُثْمَانُهَا لِلدَّفْنِ،‏ صَنَعَ عَجِيبَةً لَمْ يَسْبِقْ لِأَيٍّ مِنْ رُسُلِ ٱلْمَسِيحِ أَنْ صَنَعَهَا.‏ فَبَعْدَمَا صَلَّى أَقَامَ طَابِيثَا مِنَ ٱلْمَوْتِ!‏ هَلْ تَتَخَيَّلُ ٱلْفَرَحَ ٱلَّذِي غَمَرَ ٱلْأَرَامِلَ وَٱلتَّلَامِيذَ ٱلْآخَرِينَ عِنْدَمَا دَعَاهُمْ بُطْرُسُ إِلَى ٱلْغُرْفَةِ وَقَدَّمَهَا إِلَيْهِمْ حَيَّةً؟‏ لَا بُدَّ أَنَّ مَا حَصَل شَدَّدَ عَزْمَهُمْ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمِحَنِ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُهُمْ.‏ وَقَدْ «صَارَ ذٰلِكَ مَعْرُوفًا فِي يَافَا كُلِّهَا،‏ فَآ‌مَنَ كَثِيرُونَ بِٱلرَّبِّ».‏ —‏ اع ٩:‏٣٦-‏٤٢‏.‏

      اخت شابة تقدم ازهارا لأخت اكبر سنا

      كيف تقتدي بدوركاس؟‏

      ٢٤ تَحْمِلُ لَنَا رِوَايَةُ طَابِيثَا ٱلْمُشَجِّعَةُ دَرْسَيْنِ مُهِمَّيْنِ.‏ (‏١)‏ مِشْوَارُ ٱلْحَيَاةِ قَصِيرٌ قَدْ يَنْتَهِي فِي أَيِّ لَحْظَةٍ.‏ فَكَمْ مُهِمٌّ أَنْ نَصْنَعَ صِيتًا حَسَنًا عِنْدَ ٱللّٰهِ مَا دَامَ ذٰلِكَ فِي طَاقَةِ يَدِنَا!‏ (‏جا ٧:‏١‏)‏ (‏٢)‏ رَجَاءُ ٱلْقِيَامَةِ أَكِيدٌ.‏ فَمِثْلَمَا لَاحَظَ يَهْوَهُ مُبَادَرَاتِ طَابِيثَا ٱللَّطِيفَةَ وَكَافَأَهَا،‏ سَيَذْكُرُ ٱجْتِهَادَنَا نَحْنُ وَيُقِيمُنَا إِنْ مُتْنَا قَبْلَ هَرْمَجِدُّونَ.‏ (‏عب ٦:‏١٠‏)‏ فَلْنُوَاظِبْ إِذًا عَلَى ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا عَنِ ٱلْمَسِيحِ سَوَاءٌ كُنَّا نَعِيشُ «فِي وَقْتٍ مَحْفُوفٍ بِٱلْمَتَاعِبِ» أَوْ نَنْعَمُ «بِفَتْرَةِ سَلَامٍ».‏ —‏ ٢ تي ٤:‏٢‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏شَاوُلُ ٱلْفَرِّيسِيُّ‏».‏

      b عُمُومًا مُنِحَتْ مَوَاهِبُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّسُلِ.‏ وَلٰكِنْ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ،‏ خَوَّلَ يَسُوعُ كَمَا يَبْدُو حَنَانِيَّا نَقْلَ مَوَاهِبِ ٱلرُّوحِ إِلَى ‹إِنَائِهِ ٱلْمُخْتَارِ› شَاوُلَ.‏ فَبَعْدَ ٱهْتِدَائِهِ ظَلَّ شَاوُلُ بَعِيدًا فَتْرَةً طَوِيلَةً عَنِ ٱلرُّسُلِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ نَاشِطًا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ.‏ لِذٰلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ يَسُوعَ حَرِصَ أَنْ يَنَالَ شَاوُلُ ٱلْقُوَّةَ ٱللَّازِمَةَ لِإِتْمَامِ تَعْيِينِهِ ٱلْكِرَازِيِّ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏دُورْكَاسُ:‏ تِلْمِيذَةٌ ‹مُمْتَلِئَةٌ بِٱلْأَعْمَالِ ٱلصَّالِحَةِ›‏‏».‏

      شَاوُلُ ٱلْفَرِّيسِيُّ

      يُطِلُّ «شَابٌّ يُدْعَى شَاوُلَ» لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ عِنْدَ رَجْمِ إِسْتِفَانُوسَ.‏ وَهُوَ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ طَرْسُوسَ،‏ مَدِينَةٍ ضَمَّتْ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً كَبِيرَةً وَكَانَتْ عَاصِمَةَ وِلَايَةِ كِيلِيكِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ جَنُوبِيَّ تُرْكِيَا ٱلْيَوْمَ.‏ (‏اع ٧:‏٥٨‏)‏ عَرَّفَ شَاوُلُ بِنَفْسِهِ كَمَا يَلِي:‏ «مَخْتُونٌ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ،‏ مِنْ سُلَالَةِ إِسْرَائِيلَ،‏ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ،‏ عِبْرَانِيٌّ مِنَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ؛‏ مِنْ جِهَةِ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ أَنَا فَرِّيسِيٌّ».‏ وَعَلَيْهِ،‏ ٱعْتُبِرَ هٰذَا ٱلشَّابُّ يَهُودِيًّا مِنَ ٱلطِّرَازِ ٱلْأَوَّلِ.‏ —‏ في ٣:‏٥‏.‏

      شاول

      وَكَانَتْ طَرْسُوسُ مَدِينَةً تِجَارِيَّةً كَبِيرَةً وَمُزْدَهِرَةً شَكَّلَتْ مَرْكَزًا لِلْحَضَارَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ.‏ وَبِمَا أَنَّ شَاوُلَ نَشَأَ هُنَاكَ،‏ فَقَدْ عَرَفَ ٱللُّغَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ.‏ وَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ تَلَقَّى تَعْلِيمَهُ ٱلْأَسَاسِيَّ فِي مَدْرَسَةٍ يَهُودِيَّةٍ،‏ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ تَدَرَّبَ عَلَى صِنَاعَةِ ٱلْخِيَمِ.‏ وَفِي أَغْلَبِ ٱلظَّنِّ،‏ عَلَّمَهُ وَالِدُهُ مُنْذُ صِغَرِهِ هٰذِهِ ٱلْحِرْفَةَ ٱلطَّرْسُوسِيَّةَ.‏ —‏ اع ١٨:‏٢،‏ ٣‏.‏

      يَكْشِفُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ أَيْضًا أَنَّ شَاوُلَ حَمَلَ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ.‏ (‏اع ٢٢:‏٢٥-‏٢٨‏)‏ لِذَا لَا بُدَّ أَنَّ أَحَدَ أَسْلَافِهِ ٱكْتَسَبَ هٰذِهِ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلْمُمَيَّزَةَ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى،‏ فَٱعْتُبِرَتِ ٱلْعَائِلَةُ بِسَبَبِهَا مِنَ ٱلنُّخْبَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةِ فِي كِيلِيكِيَةَ.‏ بِنَاءً عَلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ،‏ أَحَاطَ هٰذَا ٱلشَّابُّ بِفَضْلِ تَعْلِيمِهِ وَخَلْفِيَّتِهِ بِثَلَاثِ حَضَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:‏ اَلْيَهُودِيَّةِ وَٱلْيُونَانِيَّةِ وَٱلرُّومَانِيَّةِ.‏

      وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ ٱنْتَقَلَ شَاوُلُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ ٱلثَّالِثَةَ عَشْرَةَ إِلَى أُورُشَلِيمَ ٱلْوَاقِعَةِ عَلَى بُعْدِ ٨٤٠ كلم لِيُكْمِلَ تَعْلِيمَهُ.‏ وَهُنَاكَ تَتَلْمَذَ عِنْدَ قَدَمَيْ غَمَالَائِيلَ،‏ عَلَّامَةٍ فِي ٱلتَّقْلِيدِ ٱلْفَرِّيسِيِّ.‏ —‏ اع ٢٢:‏٣‏.‏

      فِي هٰذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ،‏ حَصَّلَ شَاوُلُ تَعْلِيمًا يُضَاهِي ٱلتَّعْلِيمَ ٱلْجَامِعِيَّ ٱلْيَوْمَ تَأَلَّفَ مِنْ دَرْسِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلشَّرِيعَةِ ٱلشَّفَهِيَّةِ وَحِفْظِهَا.‏ وَبِٱلْإِجْمَالِ،‏ فَإِنَّ أَيَّ تِلْمِيذٍ مُجْتَهِدٍ تَلَقَّى عُلُومَهُ عَلَى يَدِ غَمَالَائِيلَ كَانَ يَنْتَظِرُهُ مُسْتَقْبَلٌ وَاعِدٌ.‏ وَعَلَى مَا يَظْهَرُ تَمَيَّزَ شَاوُلُ فِي دِرَاسَتِهِ.‏ كَتَبَ لَاحِقًا:‏ «كُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنَ ٱلَّذِينَ فِي سِنِّي مِنْ بَنِي جِنْسِي،‏ إِذْ كُنْتُ أَكْثَرَ غَيْرَةً عَلَى تَقَالِيدِ آبَائِي».‏ (‏غل ١:‏١٤‏)‏ وَغَيْرَةُ شَاوُلَ هٰذِهِ دَفَعَتْهُ إِلَى شَنِّ ٱضْطِهَادٍ شَرِسٍ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلنَّاشِئَةِ.‏

      دُورْكَاسُ:‏ تِلْمِيذَةٌ «مُمْتَلِئَةٌ بِٱلْأَعْمَالِ ٱلصَّالِحَةِ»‏

      دوركاس

      كَانَتْ دُورْكَاسُ أُخْتًا مَسِيحِيَّةً مِنْ جَمَاعَةِ يَافَا،‏ مَدِينَةٍ ضَمَّتْ مِينَاءً بَحْرِيًّا.‏ وَقَدْ أَحَبَّهَا رُفَقَاؤُهَا ٱلْمُؤْمِنُونَ لِأَنَّهَا «كَانَتْ مُمْتَلِئَةً بِٱلْأَعْمَالِ ٱلصَّالِحَةِ وَٱلصَّدَقَاتِ».‏ (‏اع ٩:‏٣٦‏)‏ وَعَلَى غِرَارِ يَهُودٍ كَثِيرِينَ عَاشُوا فِي مَنَاطِقَ مُخْتَلِطَةٍ يَسْكُنُهَا يَهُودٌ وَأُمَمِيُّونَ،‏ حَمَلَتْ دُورْكَاسُ ٱسْمَيْنِ،‏ ٱلْوَاحِدُ عِبْرَانِيٌّ أَوْ أَرَامِيٌّ وَٱلْآخَرُ يُونَانِيٌّ أَوْ لَاتِينِيٌّ.‏ فَكَانَتْ تُدْعَى بِٱلْيُونَانِيَّةِ دُورْكَاسَ وَبِٱلْأَرَامِيَّةِ طَابِيثَا،‏ وَٱلِٱسْمَانِ كِلَاهُمَا يَعْنِيَانِ «غَزَالَةً».‏

      وَلٰكِنْ حَدَثَ أَنَّ دُورْكَاسَ مَرِضَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَجْأَةً عَلَى مَا يَبْدُو.‏ وَجَرْيًا عَلَى ٱلْعَادَةِ،‏ غُسِلَ جُثْمَانُهَا تَحْضِيرًا لِلدَّفْنِ وَوُضِعَ فِي عُلِّيَّةٍ،‏ رُبَّمَا عُلِّيَّةِ بَيْتِهَا هِيَ.‏ وَقَدِ ٱقْتَضَى ٱلطَّقْسُ ٱلْحَارُّ فِي ٱلشَّرْقِ ٱلْأَوْسَطِ دَفْنَ ٱلْمَوْتَى يَوْمَ مَمَاتِهِمْ أَوْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي.‏ وَكَانَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي يَافَا قَدْ سَمِعُوا أَنَّ ٱلرَّسُولَ بُطْرُسَ مَوْجُودٌ فِي مَدِينَةِ لِدَّةَ ٱلْمُجَاوِرَةِ.‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلْمَسَافَةَ بَيْنَ ٱلْمَدِينَتَيْنِ تَبْلُغُ ١٨ كلم فَقَطْ،‏ أَيْ مَسِيرَةَ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ تَقْرِيبًا،‏ فَكَانَ فِي مَقْدُورِ بُطْرُسَ أَنْ يَصِلَ إِلَى يَافَا قَبْلَ دَفْنِ دُورْكَاسَ.‏ لِذَا أَرْسَلَتِ ٱلْجَمَاعَةُ رَجُلَيْنِ لِٱسْتِدْعَائِهِ دُونَمَا تَأْخِيرٍ.‏ (‏اع ٩:‏٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ يُعَلِّقُ أَحَدُ ٱلْعُلَمَاءِ:‏ «اِعْتَادَ ٱلْيَهُودُ قَدِيمًا إِرْسَالَ مَبْعُوثَيْنِ.‏ وَأَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ هُوَ لِيُصَادِقَ ٱلْوَاحِدُ عَلَى شَهَادَةِ ٱلْآخَرِ».‏

      فَمَاذَا حَصَلَ عِنْدَ وُصُولِ بُطْرُسَ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «صَعِدُوا بِهِ إِلَى ٱلْعُلِّيَّةِ،‏ فَحَضَرَتْ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلْأَرَامِلِ،‏ يَبْكِينَ وَيَعْرِضْنَ أَقْمِصَةً وَأَرْدِيَةً كَثِيرَةً كَانَتْ دُورْكَاسُ تَصْنَعُهَا وَهِيَ مَعَهُنَّ».‏ (‏اع ٩:‏٣٩‏)‏ إِنَّ أَحَدَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي حَبَّبَتْ دُورْكَاسَ إِلَى أَعْضَاءِ جَمَاعَتِهَا كَانَ عَادَتَهَا أَنْ تَخِيطَ لَهُمُ ٱلثِّيَابَ.‏ فَقَدْ صَنَعَتْ لَهُمْ أَرْدِيَةً وَأَقْمِصَةً تُلْبَسُ تَحْتَهَا.‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَعْرِفُ إِنْ تَكَفَّلَتْ دُورْكَاسُ أَيْضًا بِثَمَنِ ٱلْأَقْمِشَةِ وَٱللَّوَازِمِ ٱلْأُخْرَى،‏ لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهَا كَسَبَتْ مَحَبَّةَ ٱلْآخَرِينَ بِفَضْلِ تَحَلِّيهَا بِٱللُّطْفِ وَتَأْدِيَتِهَا «ٱلصَّدَقَاتِ».‏

      مَا شَهِدَهُ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ ٱلْعُلِّيَّةِ حَرَّكَ مَشَاعِرَهُ دُونَ شَكٍّ.‏ فَقَدْ حَزَّ فِي ٱلْقُلُوبِ حُزْنٌ صَادِقٌ وَعَمِيقٌ لِفِقْدَانِ دُورْكَاسَ.‏ يَقُولُ ٱلْعَالِمُ رِيتْشَارْد لَنِسْكِي:‏ «شَتَّانَ مَا بَيْنَ هٰذَا ٱلتَّفَجُّعِ وَٱلتَّفَجُّعِ ٱلْمَوْصُوفِ فِي بَيْتِ يَايِرُسَ حَيْثُ نَاحَتِ ٱلنَّادِبَاتُ ٱلْمَأْجُورَاتُ وَنُفِخَ فِي ٱلْمِزْمَارِ.‏ فَمَظَاهِرُ ٱلْحُزْنِ هُنَا لَمْ تَكُنْ مُصْطَنَعَةً كَتِلْكَ ٱلَّتِي فِي بَيْتِ يَايِرُسَ».‏ (‏مت ٩:‏٢٣‏)‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرِّوَايَةَ لَا تَأْتِي عَلَى ذِكْرِ زَوْجٍ لَهَا،‏ يَسْتَنْتِجُ كَثِيرُونَ أَنَّهَا كَانَتْ عَزْبَاءَ.‏

      فِي وَقْتٍ سَابِقٍ،‏ حِينَ أَوْكَلَ يَسُوعُ عَمَلَ ٱلْبِشَارَةِ إِلَى رُسُلِهِ خَوَّلَهُمْ أَنْ ‹يُقِيمُوا ٱلْأَمْوَاتَ›.‏ (‏مت ١٠:‏٨‏)‏ وَقَدْ شَاهَدَ بُطْرُسُ قَبْلًا يَسُوعَ يُقِيمُ أَمْوَاتًا،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱبْنَةُ يَايِرُسَ.‏ وَلٰكِنْ مَا مِنْ دَلِيلٍ فِي ٱلسِّجِلِّ يُشِيرُ أَنَّ أَحَدَ ٱلرُّسُلِ صَنَعَ عَجِيبَةً كَهٰذِهِ مِنْ قَبْلُ.‏ (‏مر ٥:‏٢١-‏٢٤،‏ ٣٥-‏٤٣‏)‏ إِلَّا أَنَّ بُطْرُسَ أَخْرَجَ ٱلْحَاضِرِينَ مِنَ ٱلْعُلِّيَّةِ وَصَلَّى بِحَرَارَةٍ،‏ فَفَتَحَتْ طَابِيثَا عَيْنَيْهَا وَجَلَسَتْ.‏ وَيَا لَلْفَرَحِ ٱلَّذِي غَمَرَ ٱلْجَمَاعَةَ فِي يَافَا حِينَ قَدَّمَهَا بُطْرُسُ إِلَى ٱلْقِدِّيسِينَ وَٱلْأَرَامِلِ حَيَّةً تُرْزَقُ!‏ —‏ اع ٩:‏٤٠-‏٤٢‏.‏

  • ‏«اللّٰه ليس محابيا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٩

      ‏«اَللّٰهُ لَيْسَ مُحَابِيًا»‏

      اَلْبِشَارَةُ تَبْلُغُ ٱلْأُمَمِيِّينَ غَيْرَ ٱلْمَخْتُونِينَ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٠:‏١–‏١١:‏٣٠

      ١-‏٣ مَاذَا شَاهَدَ بُطْرُسُ فِي رُؤْيَا،‏ وَمَا أَهَمِّيَّةُ أَنْ نَفْهَمَ مَغْزَاهَا؟‏

      لِنَعُدْ بِٱلزَّمَنِ إِلَى ٱلْوَرَاءِ إِلَى خَرِيفِ ٱلْعَامِ ٣٦ ب‌م فَنَجِدَ بُطْرُسَ يُصَلِّي عَلَى سَطْحِ بَيْتٍ فِي يَافَا.‏ فِي هٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلْوَاقِعِ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ يَحِلُّ ٱلرَّسُولُ ضَيْفًا مُنْذُ أَيَّامٍ عَلَى رَجُلٍ ٱسْمُهُ سِمْعَانُ.‏ وَلٰكِنْ رُوَيْدًا!‏ فَسِمْعَانُ هٰذَا يَعْمَلُ دَبَّاغًا.‏ وَقَلَّمَا قَبِلَ ٱلْيَهُودُ ضِيَافَةَ رِجَالٍ كَهٰؤُلَاءِ.‏a لَا بُدَّ إِذًا أَنَّ بُطْرُسَ تَرَفَّعَ عَنْ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةِ ٱلْمُتَحَيِّزَةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَ أَمَامَهُ ٱلْمَزِيدُ بَعْدُ لِيَعْرِفَهُ عَنْ نَظْرَةِ يَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي لَا يُحَابِي ٱلْوُجُوهَ.‏ فَلْنَرَ سَوِيًّا أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ تَعَلَّمَهُ.‏

      ٢ يَقَعُ بُطْرُسُ فِي غَيْبَةٍ فِيمَا هُوَ يُصَلِّي.‏ وَيُشَاهِدُ فِي رُؤْيَا مَنْظَرًا يَخْدِشُ مَشَاعِرَ أَيِّ يَهُودِيٍّ:‏ إِنَاءً نَازِلًا مِثْلَ مُلَاءَةِ كَتَّانٍ فِيهَا حَيَوَانَاتٌ نَجِسَةٌ طَقْسِيًّا.‏ وَإِذْ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَذْبَحَ وَيَأْكُلَ،‏ يُجِيبُ:‏ «لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا».‏ فَيُؤْمَرُ عِنْدَئِذٍ لَا مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ بَلْ ثَلَاثًا:‏ «مَا طَهَّرَهُ ٱللّٰهُ،‏ كُفَّ عَنْ أَنْ تَدْعُوَهُ أَنْتَ دَنِسًا».‏ (‏اع ١٠:‏١٤-‏١٦‏)‏ إِذَّاكَ يَقَعُ بُطْرُسُ فِي حَيْرَةٍ،‏ لٰكِنَّ حَيْرَتَهُ مَا كَانَتْ لِتَدُومَ طَوِيلًا.‏

      ٣ فَمَا مَغْزَى هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا؟‏ لَا بُدَّ لَنَا أَنْ نَجِدَ ٱلْإِجَابَةَ عَنِ ٱلسُّؤَالِ لِأَنَّ رُؤْيَا بُطْرُسَ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا حَقِيقَةً جَوْهَرِيَّةً تَتَعَلَّقُ بِنَظْرَةِ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْبَشَرِ.‏ وَكَمَسِيحِيِّينَ حَقِيقِيِّينَ،‏ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَشْهَدَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ إِنْ لَمْ نَتَبَنَّ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلنَّاسِ.‏ فَلْنَتَأَمَّلْ إِذًا فِي مُجْرَيَاتِ ٱلْأَحْدَاثِ فَيَزُولَ ٱلْغُمُوضُ ٱلَّذِي يَكْتَنِفُ ٱلرُّؤْيَا.‏

      ‏«يُوَاظِبُ عَلَى ٱلتَّضَرُّعِ إِلَى ٱللّٰهِ» (‏اعمال ١٠:‏١-‏٨‏)‏

      ٤،‏ ٥ مَنْ هُوَ كَرْنِيلِيُوسُ،‏ وَمَاذَا حَدَثَ فِيمَا كَانَ يُصَلِّي؟‏

      ٤ فِي مَدِينَةِ قَيْصَرِيَّةَ عَلَى بُعْدِ ٥٠ كلم تَقْرِيبًا شَمَالِيَّ يَافَا،‏ وَقَعَ حَدَثٌ مُهِمٌّ ٱرْتَبَطَ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِرُؤْيَا بُطْرُسَ.‏ فَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِقِ،‏ رَأَى هُنَاكَ رَجُلٌ يُدْعَى كَرْنِيلِيُوسَ رُؤْيَا إِلٰهِيَّةً.‏ وَمَنْ هُوَ كَرْنِيلِيُوسُ؟‏ إِنَّهُ قَائِدُ مِئَةٍ فِي ٱلْجَيْشِ ٱلرُّومَانِيِّ وَرَجُلٌ «مُتَعَبِّدٌ».‏b وَنَسْتَنْتِجُ أَيْضًا أَنَّهُ رَبُّ عَائِلَةٍ مِثَالِيٌّ إِذْ كَانَ «يَخَافُ ٱللّٰهَ مَعَ جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ».‏ وَمَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَهَوِّدًا بَلْ أُمَمِيًّا غَيْرَ مَخْتُونٍ،‏ تَحَنَّنَ عَلَى ٱلْيَهُودِ ٱلْمُعْوِزِينَ وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ.‏ وَكَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْأَمِينُ «يُوَاظِبُ عَلَى ٱلتَّضَرُّعِ إِلَى ٱللّٰهِ».‏ —‏ اع ١٠:‏٢‏.‏

      ٥ بَيْنَمَا كَانَ كَرْنِيلِيُوسُ يُصَلِّي قُرَابَةَ ٱلثَّالِثَةِ بَعْدَ ٱلظُّهْرِ،‏ ظَهَرَ لَهُ مَلَاكٌ فِي رُؤْيَا وَقَالَ:‏ «إِنَّ صَلَوَاتِكَ وَصَدَقَاتِكَ قَدْ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ ٱللّٰهِ».‏ (‏اع ١٠:‏٤‏)‏ وَنُزُولًا عِنْدَ طَلَبِ ٱلْمَلَاكِ،‏ أَوْفَدَ كَرْنِيلِيُوسُ رِجَالًا لِٱسْتِدْعَاءِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ.‏ فَبَعْدَ قَلِيلٍ،‏ سَيَسْمَعُ هٰذَا ٱلْأُمَمِيُّ ٱلْأَغْلَفُ رِسَالَةَ ٱلْخَلَاصِ،‏ فَيُفْتَحُ أَمَامَهُ بَابٌ طَالَمَا كَانَ مُوْصَدًا فِي وَجْهِهِ.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ اُرْوُوا ٱخْتِبَارًا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ يَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِ ٱلرَّاغِبِينَ بِصِدْقٍ فِي مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِيقَةِ عَنْهُ.‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنِ ٱخْتِبَارَاتٍ كَهٰذِهِ؟‏

      ٦ وَهَلْ يَسْتَجِيبُ ٱللّٰهُ صَلَوَاتِ ٱلرَّاغِبِينَ بِصِدْقٍ فِي مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِيقَةِ عَنْهُ؟‏ تَأَمَّلْ فِي ٱلِٱخْتِبَارِ ٱلتَّالِي.‏ بَعْدَمَا قَبِلَتِ ٱمْرَأَةٌ فِي أَلْبَانْيَا نُسْخَةً مِنْ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ تَتَنَاوَلُ فِي إِحْدَى مَقَالَاتِهَا مَوْضُوعَ تَرْبِيَةِ ٱلْأَوْلَادِ،‏c قَالَتْ لِلشَّاهِدَةِ ٱلَّتِي زَارَتْهَا:‏ «هَلْ تُصَدِّقِينَ إِنْ أَخْبَرْتُكِ أَنِّي صَلَّيْتُ لِلتَّوِّ طَالِبَةً ٱلْمُسَاعَدَةَ فِي تَرْبِيَةِ ٱبْنَتَيَّ؟‏ لَا بُدَّ أَنَّ ٱللّٰهَ أَرْسَلَكِ أَنْتِ!‏ فَكَلَامُكِ ضَرَبَ عَلَى ٱلْوَتَرِ ٱلْحَسَّاسِ».‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ بَاشَرَتْ هِيَ وَٱبْنَتَاهَا دَرْسَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ ثُمَّ ٱنْضَمَّ إِلَيْهِنَّ زَوْجُهَا فِي مَا بَعْدُ.‏

      ٧ أَلَعَلَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ فَرِيدَةٌ مِنْ نَوْعِهَا؟‏ إِطْلَاقًا!‏ فَٱخْتِبَارَاتٌ كَهٰذِهِ تَتَكَرَّرُ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ بِنِسْبَةٍ لَا تَتْرُكُ مَجَالًا لِلِٱعْتِقَادِ أَنَّهَا وَلِيدَةُ ٱلصُّدْفَةِ.‏ اَلْخُلَاصَةُ؟‏ أَوَّلًا،‏ يَسْتَجِيبُ يَهْوَهُ لِمَنْ يُصَلُّونَ بِإِخْلَاصٍ طَالِبِينَ مَعْرِفَتَهُ.‏ (‏١ مل ٨:‏٤١-‏٤٣؛‏ مز ٦٥:‏٢‏)‏ وَثَانِيًا،‏ يَدْعَمُ ٱلْمَلَائِكَةُ عَمَلَنَا ٱلْكِرَازِيَّ.‏ —‏ رؤ ١٤:‏٦،‏ ٧‏.‏

      ‏«كَانَ بُطْرُسُ مُتَحَيِّرًا جِدًّا» (‏اعمال ١٠:‏٩-‏٢٣أ‏)‏

      ٨،‏ ٩ مَاذَا كَشَفَ ٱلرُّوحُ لِبُطْرُسَ،‏ وَكَيْفَ تَجَاوَبَ؟‏

      ٨ فِيمَا أَوْشَكَ رُسُلُ كَرْنِيلِيُوسَ أَنْ يَبْلُغُوا بَيْتَ سِمْعَانَ،‏ «كَانَ بُطْرُسُ مُتَحَيِّرًا جِدًّا» فِي مَا تَعْنِيهِ ٱلرُّؤْيَا.‏ (‏اع ١٠:‏١٧‏)‏ فَهَلْ يَقْبَلُ أَنْ يُرَافِقَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ وَيَدْخُلَ بَيْتَ أُمَمِيٍّ،‏ هُوَ ٱلَّذِي رَفَضَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَنَاوُلَ أَطْعِمَةٍ حَرَّمَتْهَا ٱلشَّرِيعَةُ؟‏ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى،‏ كَشَفَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ لِبُطْرُسَ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ فِي هٰذَا ٱلصَّدَدِ.‏ قِيلَ لَهُ:‏ «هُوَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ.‏ فَقُمِ ٱنْزِلْ وَٱذْهَبْ مَعَهُمْ دُونَ أَنْ تَشُكَّ فِي شَيْءٍ أَبَدًا،‏ لِأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ».‏ (‏اع ١٠:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي نَالَهَا سَابِقًا أَعَدَّتْهُ لِلْخُضُوعِ لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏

      ٩ لِذَا حَالَمَا عَلِمَ بُطْرُسُ أَنَّ ٱللّٰهَ وَجَّهَ كَرْنِيلِيُوسَ لِٱسْتِدْعَائِهِ،‏ دَعَا هٰؤُلَاءِ ٱلرُّسُلَ ٱلْأُمَمِيِّينَ إِلَى ٱلدَّاخِلِ «وَأَضَافَهُمْ».‏ (‏اع ١٠:‏٢٣أ‏)‏ فَهٰذَا ٱلرَّسُولُ ٱلْمُذْعِنُ أَخَذَ يَسْتَوْعِبُ ٱلْكُشُوفَاتِ ٱلْجَدِيدَةَ عَنِ ٱلْمَشِيئَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ وَيَضَعُهَا مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ.‏

      ١٠ كَيْفَ يُوَجِّهُ يَهْوَهُ شَعْبَهُ،‏ وَمَاذَا يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا؟‏

      ١٠ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ يُوَجِّهُ يَهْوَهُ شَعْبَهُ بِكَشْفِ مَشِيئَتِهِ تَدْرِيجِيًّا.‏ (‏ام ٤:‏١٨‏)‏ وَهُوَ يُرْشِدُ «ٱلْعَبْدَ ٱلْأَمِينَ ٱلْفَطِينَ» بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ.‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥‏)‏ لِذٰلِكَ نَقْرَأُ أَحْيَانًا مَعْلُومَاتٍ تُوضِحُ فَهْمَنَا لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ أَوْ نَتَلَقَّى إِرْشَادَاتٍ عَنْ تَعْدِيلَاتٍ تَنْظِيمِيَّةٍ.‏ إِذَّاكَ يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ:‏ ‹مَا رَدَّةُ فِعْلِي تِجَاهَ تَحْسِينَاتٍ كَهٰذِهِ؟‏ هَلْ أُذْعِنُ لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟‏›.‏

      ‏«أَمَرَهُمْ أَنْ يَعْتَمِدُوا» (‏اعمال ١٠:‏٢٣ب-‏٤٨‏)‏

      ١١،‏ ١٢ مَاذَا فَعَلَ بُطْرُسُ فَوْرَ وُصُولِهِ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ،‏ وَأَيَّةُ أُمُورٍ كَانَ قَدِ ٱسْتَوْعَبَهَا؟‏

      ١١ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ تَوَجَّهَ بُطْرُسُ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ يُرَافِقُهُ رُسُلُ كَرْنِيلِيُوسَ ٱلثَّلَاثَةُ ‹وَسِتَّةُ إِخْوَةٍ› مِنْ يَافَا أَصْلُهُمْ يَهُودِيٌّ.‏ (‏اع ١١:‏١٢‏)‏ وَإِذْ كَانَ كَرْنِيلِيُوسُ يَتَرَقَّبُ بُطْرُسَ،‏ جَمَعَ «أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ ٱلْأَحِمَّاءَ» ٱلَّذِينَ كَانُوا جَمِيعًا مِنَ ٱلْأُمَمِ عَلَى مَا يَبْدُو.‏ (‏اع ١٠:‏٢٤‏)‏ وَفَوْرَ وُصُولِهِ،‏ أَقْدَمَ بُطْرُسُ عَلَى خُطْوَةٍ لَمْ يَحْسَبْ نَفْسَهُ قَطُّ قَادِرًا عَلَى ٱتِّخَاذِهَا:‏ دُخُولِ بَيْتِ أُمَمِيٍّ أَغْلَفَ!‏ أَوْضَحَ مَوْقِفَهُ قَائِلًا:‏ «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ جَيِّدًا كَيْفَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْيَهُودِيِّ أَنْ يُخَالِطَ رَجُلًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ يَقْتَرِبَ إِلَيْهِ،‏ إِلَّا أَنَّ ٱللّٰهَ أَرَانِي أَلَّا أَدْعُوَ إِنْسَانًا مَا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا».‏ (‏اع ١٠:‏٢٨‏)‏ إِذًا أَدْرَكَ بُطْرُسُ أَنَّ ٱلرُّؤْيَا لَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلسَّمَاحِ بِتَنَاوُلِ أَطْعِمَةٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي ٱلسَّابِقِ.‏ لَاحِظْ أَنَّهُ قَالَ:‏ «اَللّٰهُ أَرَانِي أَلَّا أَدْعُوَ إِنْسَانًا مَا [وَلَا حَتَّى أُمَمِيًّا] دَنِسًا أَوْ نَجِسًا».‏

      بطرس وبعض المسيحيين يدخلون بيت كرنيليوس

      ‏«اما كرنيليوس فكان يترقبهم،‏ وقد جمع انسباءه وأصدقاءه الاحماء».‏ —‏ اعمال ١٠:‏٢٤

      ١٢ لَقَدْ وَجَدَ ٱلرَّسُولُ بِٱنْتِظَارِهِ حُضُورًا مُتَعَطِّشًا إِلَى سَمَاعِهِ.‏ قَالَ لَهْ كَرْنِيلِيُوسُ:‏ «نَحْنُ كُلُّنَا حَاضِرُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ يَهْوَهُ أَنْ تَقُولَهُ».‏ (‏اع ١٠:‏٣٣‏)‏ وَيَا لَلْأَثَرِ ٱلَّذِي تَتْرُكُهُ كَلِمَاتٌ كَهٰذِهِ فِي عُبَّادِ يَهْوَهَ!‏ عِنْدَئِذٍ ٱسْتَهَلَّ بُطْرُسُ حَدِيثَهُ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُؤَثِّرَةِ:‏ «أَنَا أَجِدُ بِٱلتَّأْكِيدِ أَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ مُحَابِيًا،‏ بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ،‏ مَنْ يَخَافُهُ وَيَعْمَلُ ٱلْبِرَّ يَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَهُ».‏ (‏اع ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏)‏ إِذًا ٱسْتَوْعَبَ هٰذَا ٱلرَّسُولُ أَنَّ نَظْرَةَ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْبَشَرِ لَا تَصُوغُهَا عَوَامِلُ كَٱلْعِرْقِ أَوِ ٱلْجِنْسِيَّةِ،‏ فَٱنْتَقَلَ ٱلْآنَ إِلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ عَنْ خِدْمَةِ يَسُوعَ وَمَوْتِهِ وَقِيَامَتِهِ.‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ مَاذَا مَيَّزَ ٱهْتِدَاءَ كَرْنِيلِيُوسَ وَٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْآخَرِينَ سَنَةَ ٣٦ ب‌م؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يَنْبَغِي أَلَّا نَحْكُمَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَفْقًا لِمَظْهَرِهِمْ؟‏

      ١٣ عِنْدَئِذٍ وَقَعَ حَدَثٌ غَيْرُ مَسْبُوقٍ.‏ نَقْرَأُ:‏ «إِذْ كَانَ بُطْرُسُ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ،‏ حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ».‏ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى لَقَدْ سُكِبَتْ هِبَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى «أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ».‏ (‏اع ١٠:‏٤٤،‏ ٤٥‏)‏ وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَادِثَةُ ٱلْوَحِيدَةُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلَّتِي يُسْكَبُ فِيهَا ٱلرُّوحُ عَلَى أَشْخَاصٍ قَبْلَ مَعْمُودِيَّتِهِمْ.‏ إِذَّاكَ أَدْرَكَ بُطْرُسُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْعَلَامَةَ دَلَالَةٌ عَلَى رِضَى ٱللّٰهِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ «أَمَرَ [هٰؤُلَاءِ ٱلْأُمَمِيِّينَ] أَنْ يَعْتَمِدُوا».‏ (‏اع ١٠:‏٤٨‏)‏ فَوَسَمَ ٱهْتِدَاؤُهُمْ عَامَ ٣٦ ب‌م نِهَايَةَ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلَّتِي نَعِمَ فِيهَا ٱلْيَهُودُ بِمَكَانَةٍ خُصُوصِيَّةٍ.‏ (‏دا ٩:‏٢٤-‏٢٧‏)‏ وَإِذْ تَوَلَّى بُطْرُسُ زِمَامَ ٱلْحَدِيثِ ٱسْتَعْمَلَ مِفْتَاحَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلثَّالِثَ وَٱلْأَخِيرَ.‏ (‏مت ١٦:‏١٩‏)‏ فَفَتَحَ ٱلْبَابَ أَمَامَ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفِ لِيُصْبِحُوا مَسِيحِيِّينَ مَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ.‏

      ١٤ وَٱلْيَوْمَ نُدْرِكُ نَحْنُ ٱلْمُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلْحَقِيقَةَ ٱلتَّالِيَةَ:‏ «لَيْسَ عِنْدَ ٱللّٰهِ مُحَابَاةٌ».‏ (‏رو ٢:‏١١‏)‏ فَهُوَ يَشَاءُ أَنْ «يَخْلُصَ شَتَّى ٱلنَّاسِ».‏ (‏١ تي ٢:‏٤‏)‏ لِذَا حَذَارِ أَنْ نَحْكُمَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَفْقًا لِمَظْهَرِهِمْ!‏ وَلَا نَنْسَ أَنَّ تَفْوِيضَنَا،‏ ٱلشَّهَادَةَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ،‏ يَشْمُلُ ٱلْكِرَازَةَ لِلْجَمِيعِ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ عِرْقِهِمْ،‏ جِنْسِيَّتِهِمْ،‏ شَكْلِهِمْ،‏ أَوْ دِينِهِمْ.‏

      ‏«رَضَخُوا وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ» (‏اعمال ١١:‏١-‏١٨‏)‏

      ١٥،‏ ١٦ لِمَ خَاصَمَ بَعْضُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ بُطْرُسَ،‏ وَكَيْفَ بَرَّرَ مَوْقِفَهُ؟‏

      ١٥ تَوَجَّهَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُتَلَهِّفًا دُونَ شَكٍّ إِلَى تَقْدِيمِ تَقْرِيرٍ عَنْ آخِرِ ٱلْمُسْتَجِدَّاتِ.‏ وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّ ٱلْأَنْبَاءَ سَبَقَتْهُ.‏ فَعَرَفَ ٱلْإِخْوَةُ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ أَنَّ ٱلْأُمَمِيِّينَ «قَبِلُوا أَيْضًا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ».‏ وَلَمَّا وَصَلَ «ٱبْتَدَأَ ٱلَّذِينَ يُؤَيِّدُونَ ٱلْخِتَانَ يُخَاصِمُونَهُ».‏ فَقَدِ ٱغْتَاظُوا لِأَنَّهُ «دَخَلَ بَيْتَ رِجَالٍ غُلْفٍ وَأَكَلَ مَعَهُمْ».‏ (‏اع ١١:‏١-‏٣‏)‏ وَلَمْ تَكُنِ ٱلْمَسْأَلَةُ ٱلْمَطْرُوحَةُ آنَذَاكَ هَلْ يُمْكِنُ لِلْأُمَمِيِّينَ أَنْ يَصِيرُوا أَتْبَاعًا لِلْمَسِيحِ.‏ فَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ أَصَرُّوا عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ أَنْ يَحْفَظُوا ٱلشَّرِيعَةَ،‏ بِمَا فِيهَا مَطْلَبُ ٱلْخِتَانِ،‏ بُغْيَةَ تَقْدِيمِ عِبَادَةٍ مَقْبُولَةٍ لِيَهْوَهَ.‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ بَعْضَهُمُ ٱسْتَصْعَبَ طَيَّ صَفْحَةِ ٱلشَّرِيعَةِ.‏

      ١٦ فَكَيْفَ بَرَّرَ بُطْرُسُ مَوْقِفَهُ؟‏ بِحَسَبِ ٱلْأَعْمَال ١١:‏٤-‏١٦‏،‏ قَصَّ ٱلرَّسُولُ عَلَى سَامِعِيهِ أَرْبَعَ حَوَادِثَ تُزَوِّدُ ٱلدَّلِيلَ عَلَى تَوْجِيهِ يَهْوَهَ:‏ (‏١)‏ اَلرُّؤْيَا ٱلْإِلٰهِيَّةَ ٱلَّتِي ظَهَرَتْ لَهُ (‏الاعداد ٤-‏١٠‏)‏؛‏ (‏٢)‏ إِرْشَادَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ (‏العددان ١١،‏ ١٢‏)‏؛‏ (‏٣)‏ ظُهُورَ ٱلْمَلَاكِ لِكَرْنِيلِيُوسَ (‏العددان ١٣،‏ ١٤‏)‏؛‏ (‏٤)‏ سَكْبَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ (‏العددان ١٥،‏ ١٦‏)‏.‏ ثُمَّ خَتَمَ بِسُؤَالٍ حَاسِمٍ:‏ «إِنْ كَانَ ٱللّٰهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ [ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ] ٱلْهِبَةَ نَفْسَهَا [ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ] كَمَا لَنَا نَحْنُ [ٱلْيَهُودَ] ٱلَّذِينَ آمَنَّا بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ،‏ فَمَنْ أَنَا حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أُعِيقَ ٱللّٰهَ؟‏».‏ —‏ اع ١١:‏١٧‏.‏

      ١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ أَيُّ ٱمْتِحَانٍ وَاجَهَهُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يُشَكِّلُ صَوْنُ وَحْدَةِ ٱلْجَمَاعَةِ تَحَدِّيًا،‏ وَأَيُّ سُؤَالَيْنِ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَطْرَحَهُمَا عَلَى أَنْفُسِنَا؟‏

      ١٧ وَقَفَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي مُفْتَرَقِ طُرُقٍ بَعْدَ سَمَاعِ شَهَادَةِ بُطْرُسَ.‏ فَهَلْ يُنَقُّونَ نُفُوسَهُمْ كَامِلًا مِنَ ٱلتَّحَيُّزِ وَيَقْبَلُونَ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْمُعْتَمِدِينَ حَدِيثًا إِخْوَةً لَهُمْ؟‏ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «لَمَّا سَمِعُوا ذٰلِكَ،‏ رَضَخُوا وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ قَائِلِينَ:‏ ‹إِذًا قَدْ أَعْطَى ٱللّٰهُ ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ أَيْضًا ٱلتَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ›».‏ (‏اع ١١:‏١٨‏)‏ وَمَوْقِفُهُمُ ٱلْإِيجَابِيُّ هٰذَا صَانَ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏

      ١٨ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يُشَكِّلُ صَوْنُ ٱلْوَحْدَةِ تَحَدِّيًا لِأَنَّ ٱلْعُبَّادَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ يَأْتُونَ «مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلْأَلْسِنَةِ».‏ (‏رؤ ٧:‏٩‏)‏ فَتَمْتَازُ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ بِتَنَوُّعٍ مِنَ ٱلْعُرُوقِ وَٱلْحَضَارَاتِ وَٱلْخَلْفِيَّاتِ.‏ لِذَا يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ:‏ ‹هَلِ ٱسْتَأْصَلْتُ ٱلتَّحَيُّزَ كَامِلًا مِنْ قَلْبِي؟‏ وَهَلْ أَنَا مُصَمِّمٌ أَلَّا أَسْمَحَ لِلْعَصَبِيَّاتِ ٱلسَّائِدَةِ فِي ٱلْعَالَمِ،‏ قَوْمِيَّةً كَانَتْ أَمْ قَبَلِيَّةً أَمْ حَضَارِيَّةً أَمْ عِرْقِيَّةً،‏ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي عَلَاقَتِي بِإِخْوَتِي ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟‏›.‏ تَذَكَّرْ مَا حَصَلَ مَعَ بُطْرُسَ (‏صَفَا)‏ بَعْدَ مُرُورِ سَنَوَاتٍ قَلِيلَةٍ مِنِ ٱهْتِدَاءِ أَوَائِلِ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ فَقَدِ ٱسْتَسْلَمَ لِلتَّحَيُّزِ ٱلسَّائِدِ حَوْلَهُ وَ «رَاحَ يَتَنَحَّى وَيَفْرِزُ نَفْسَهُ» عَنِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ حَتَّى ٱسْتَحَقَّ أَنْ يُقَوِّمَهُ بُولُسُ.‏ (‏غل ٢:‏١١-‏١٤‏)‏ فَلْنَحْتَرِسْ إِذًا عَلَى ٱلدَّوَامِ مِنْ شَرَكِ ٱلتَّحَيُّزِ.‏

      ‏«آمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ» (‏اعمال ١١:‏١٩-‏٢٦أ‏)‏

      ١٩ لِمَنْ كَرَزَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ فِي أَنْطَاكِيَةَ،‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏

      ١٩ هَلْ بَاشَرَ أَتْبَاعُ يَسُوعَ ٱلْكِرَازَةَ لِلْأُمَمِيِّينَ غَيْرِ ٱلْمَخْتُونِينَ؟‏ لَاحِظْ مَا حَصَلَ لَاحِقًا فِي أَنْطَاكِيَةَ سُورِيَّةَ.‏d فَقَدْ سَكَنَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ جَالِيَةٌ يَهُودِيَّةٌ كَبِيرَةٌ عَاشَتْ فِي وِفَاقٍ نَوْعًا مَا مَعَ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ لِذَا شَكَّلَتْ أَنْطَاكِيَةُ بِيئَةً مُلَائِمَةً لِإِيصَالِ ٱلْبِشَارَةِ إِلَيْهِمْ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ ٱبْتَدَأَ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ مِنْ أُصُولٍ يَهُودِيَّةٍ يُبَشِّرُونَ «ٱلَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ ٱلْيُونَانِيَّةَ».‏ (‏اع ١١:‏٢٠‏)‏ وَلَمْ تَشْمُلْ كِرَازَتُهُمْ هٰذِهِ ٱلْيَهُودَ ٱلنَّاطِقِينَ بِٱلْيُونَانِيَّةِ فَحَسْبُ،‏ بَلِ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفَ أَيْضًا.‏ وَٱلنَّتِيجَةُ؟‏ بَارَكَ يَهْوَهُ عَمَلَهُمْ «فَآ‌مَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ».‏ —‏ اع ١١:‏٢١‏.‏

      أَنْطَاكِيَةُ سُورِيَّةَ

      بُنِيَتْ أَنْطَاكِيَةُ سُورِيَّةَ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرِ ٱلْعَاصِي.‏ وَكَانَتْ تَبْعُدُ ٢٠ كلم تَقْرِيبًا عَنْ مَرْفَإِ سَلُوقِيَةَ ٱلْوَاقِعِ عَلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْمُتَوَسِّطِ،‏ وَ ٥٥٠ كلم عَنْ أُورُشَلِيمَ جَنُوبًا.‏ (‏اع ١٣:‏٤‏)‏ أَسَّسَ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ سَلُوقُسُ ٱلْأَوَّلُ نِيكَاتُور،‏ أَوَّلُ حُكَّامِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلسَّلُوقِيَّةِ فِي ٱلْعَامِ ٣٠٠ ق‌م.‏ وَسُرْعَانَ مَا ٱكْتَسَبَتْ عَاصِمَتُهُ ٱلْجَدِيدَةُ هٰذِهِ أَهَمِّيَّةً كُبْرَى.‏ ثُمَّ حِينَ أَخْضَعَ ٱلْقَائِدُ ٱلرُّومَانِيُّ بُومْبِي سُورِيَّةَ عَامَ ٦٤ ق‌م،‏ جَعَلَ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ عَاصِمَةَ هٰذِهِ ٱلْوِلَايَةِ.‏ وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْمُهِمَّةُ هِيَ ٱلثَّالِثَةَ بَيْنَ مُدُنِ ٱلِإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ مِنْ حَيْثُ ٱلْغِنَى وَعَدَدُ ٱلسُّكَّانِ بَعْدَ رُومَا وَٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ.‏

      تَبَوَّأَتْ أَنْطَاكِيَةُ مَكَانَةً سِيَاسِيَّةً بَارِزَةً.‏ وَٱكْتَسَبَتْ أَيْضًا أَهَمِّيَّةً تِجَارِيَّةً إِذْ شَكَّلَتْ مَحَطَّةَ عُبُورٍ لِلْبَضَائِعِ ٱلسُّورِيَّةِ قَبْلَ تَصْدِيرِهَا إِلَى مُخْتَلِفِ مَنَاطِقِ حَوْضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ ذَكَرَ أَحَدُ ٱلْعُلَمَاءِ:‏ «تَمَيَّزَتْ [أَنْطَاكِيَةُ] بِتَنَوُّعٍ حَضَارِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ مُعْظَمِ ٱلْمُدُنِ ٱلْهِلِّينِسْتِيَّةِ بِحُكْمِ قُرْبِهَا مِنَ ٱلْحُدُودِ ٱلْفَاصِلَةِ بَيْنَ ٱلْمَنَاطِقِ ٱلرُّومَانِيَّةِ وَٱلْيُونَانِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ،‏ وَٱلْجُزْءِ ٱلشَّرْقِيِّ مِنَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ».‏ وَقَدْ ضَمَّتِ ٱلْمَدِينَةُ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً كَبِيرَةً،‏ مَا أَدَّى إِلَى تَهَوُّدِ أَعْدَادٍ ضَخْمَةٍ مِنْ سُكَّانِهَا ٱلْيُونَانِيِّينَ،‏ وَفْقًا لِلْمُؤَرِّخِ ٱلْيَهُودِيِّ فِلَافِيُوس يُوسِيفُوس.‏

      ٢٠،‏ ٢١ كَيْفَ أَعْرَبَ بَرْنَابَا عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ،‏ وَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِهِ فِيمَا نُتَمِّمُ خِدْمَتَنَا؟‏

      ٢٠ عَلَى ٱلْأَثَرِ،‏ أَوْفَدَتِ ٱلْجَمَاعَةُ فِي أُورُشَلِيمَ بَرْنَابَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ لِتَغْطِيَةِ هٰذَا ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي ٱبْيَضَّ لِلْحَصَادِ.‏ لٰكِنَّهُ عَجِزَ كَمَا يَظْهَرُ عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ وَحْدَهُ بِأَعْدَادِ ٱلْمُهْتَمِّينَ ٱلْمُتَزَايِدَةِ.‏ وَمَنْ أَفْضَلُ مِنْ شَاوُلَ لِيَمُدَّ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ،‏ هُوَ ٱلَّذِي سَيُصْبِحُ عَمَّا قَرِيبٍ رَسُولًا لِلْأُمَمِ؟‏!‏ (‏اع ٩:‏١٥؛‏ رو ١:‏٥‏)‏ فَهَلْ رَأَى بَرْنَابَا فِي شَاوُلَ مُنَافِسًا لَهُ؟‏ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ بَلْ تَحَلَّى هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ بِٱلِٱحْتِشَامِ،‏ فَأَخَذَ ٱلْمُبَادَرَةَ وَسَافَرَ إِلَى طَرْسُوسَ لِيَبْحَثَ عَنْ شَاوُلَ وَيَأْتِيَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ.‏ وَهُنَاكَ أَمْضَيَا سَنَةً جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ يُشَدِّدَانِ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ —‏ اع ١١:‏٢٢-‏٢٦أ‏.‏

      ٢١ فَكَيْفَ نُعْرِبُ نَحْنُ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ فِيمَا نُتَمِّمُ خِدْمَتَنَا؟‏ تَشْمُلُ هٰذِهِ ٱلصِّفَةُ أَنْ نَعْرِفَ حُدُودَنَا.‏ فَنَحْنُ نَخْتَلِفُ وَاحِدُنَا عَنِ ٱلْآخَرِ مِنْ حَيْثُ مَقْدِرَاتُنَا وَمَهَارَاتُنَا.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ يَبْرَعُ ٱلْبَعْضُ فِي تَوْزِيعِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ لٰكِنَّهُمْ يَسْتَصْعِبُونَ عَقْدَ ٱلزِّيَارَاتِ ٱلْمُكَرَّرَةِ أَوِ ٱلِٱبْتِدَاءَ بِدُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَلِمَ لَا تَطْلُبُ ٱلْمُسَاعَدَةَ فِي حَالِ أَرَدْتَ أَنْ تُحْرِزَ تَقَدُّمًا فِي أَحَدِ أَوْجُهِ ٱلْخِدْمَةِ؟‏ فَبِذٰلِكَ تَزْدَادُ فَعَّالِيَّةً وَفَرَحًا فِيمَا تُتَمِّمُ تَفْوِيضَكَ.‏ —‏ ١ كو ٩:‏٢٦‏.‏

      ‏«إِرْسَالُ إِعَانَةٍ إِلَى ٱلْإِخْوَةِ» (‏اعمال ١١:‏٢٦ب-‏٣٠‏)‏

      ٢٢،‏ ٢٣ كَيْفَ عَبَّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي أَنْطَاكِيَةَ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَخَوِيَّةِ،‏ وَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِهِمْ؟‏

      ٢٢ كَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا أَنَّ «ٱلتَّلَامِيذَ دُعُوا بِعِنَايَةٍ إِلٰهِيَّةٍ مَسِيحِيِّينَ».‏ (‏اع ١١:‏٢٦ب‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلتَّسْمِيَةُ ٱلْمَقْبُولَةُ إِلٰهِيًّا تُشِيرُ إِلَى أَشْخَاصٍ يَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِ ٱلْمَسِيحِ.‏ فَمَاذَا حَصَلَ عِنْدَمَا ٱعْتَنَقَ أُمَمِيُّونَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ؟‏ هَلْ جَمَعَ رِبَاطُ ٱلْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ؟‏ تَأَمَّلْ فِي مَا حَصَلَ عِنْدَمَا ضَرَبَتْ مَجَاعَةٌ عَظِيمَةٌ نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٦ ب‌م.‏e فَٱلْمَجَاعَاتُ قَدِيمًا أَلْحَقَتْ ضَرَرًا بَالِغًا بِٱلْمُعْوِزِينَ ٱلَّذِينَ ٱفْتَقَرُوا إِلَى مَالٍ مُدَّخَرٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَزَّنٍ تَحَسُّبًا لِلطَّوَارِئِ.‏ وَكَانَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْعَائِشُونَ آنَذَاكَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ضَرُورِيَّاتِ ٱلْحَيَاةِ،‏ لَا سِيَّمَا أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ كَانُوا فُقَرَاءَ عَلَى مَا يَبْدُو.‏ وَعِنْدَمَا عَرَفَ بِهٰذِهِ ٱلضَّائِقَةِ ٱلْإِخْوَةُ فَي أَنْطَاكِيَةَ،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأُمَمِيُّونَ،‏ بَادَرُوا إِلَى إِرْسَالِ «إِعَانَةٍ» إِلَى ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ (‏اع ١١:‏٢٩‏)‏ فَيَا لَهٰذَا ٱلتَّعْبِيرِ ٱلصَّادِقِ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَخَوِيَّةِ!‏

      ٢٣ وَلَا يَزَالُ شَعْبُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ يَتَحَلَّى بِٱلرُّوحِ نَفْسِهَا.‏ فَحِينَ نَعْلَمُ أَنَّ إِخْوَتَنَا أَيْنَمَا كَانُوا حَوْلَ ٱلْعَالَمِ يَمُرُّونَ بِضَائِقَةٍ مَا،‏ نُبَادِرُ فَوْرًا إِلَى نَجْدَتِهِمْ.‏ فَلِجَانُ ٱلْفُرُوعِ تُرَتِّبُ بِسُرْعَةٍ لِتَأْلِيفِ لِجَانِ إِغَاثَةٍ تَهْتَمُّ بِإِخْوَتِنَا ٱلْمُتَضَرِّرِينَ جَرَّاءَ ٱلْكَوَارِثِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ،‏ كَٱلْأَعَاصِيرِ وَٱلزَّلَازِلِ وَمَوْجَاتِ ٱلتُّسُونَامِي.‏ وَأَعْمَالُ ٱلْإِغَاثَةِ عَلَى أَشْكَالِهَا بُرْهَانٌ عَلَى أُخُوَّتِنَا ٱلْأَصِيلَةِ.‏ —‏ يو ١٣:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ ١ يو ٣:‏١٧‏.‏

      ٢٤ كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نَحْمِلُ رُؤْيَا بُطْرُسَ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ؟‏

      ٢٤ يَحْمِلُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي رَآهَا بُطْرُسُ فِي يَافَا قَبْلَ مَا يَزِيدُ عَلَى ٩٠٠‏,١ سَنَةٍ.‏ فَإِلٰهُنَا لَا يُحَابِي.‏ وَهُوَ يَشَاءُ أَنْ نَشْهَدَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِهِ بِٱلْكِرَازَةِ لِلْجَمِيعِ،‏ بِصَرْفِ ٱلنَّظَرِ عَنْ عِرْقِهِمْ أَوْ جِنْسِيَّتِهِمْ أَوْ مَكَانَتِهِمِ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةِ.‏ فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَنْ نَمْنَحَ جَمِيعَ سَامِعِينَا فُرْصَةَ قُبُولِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ —‏ رو ١٠:‏١١-‏١٣‏.‏

      اخوة يصلحون سقفا

      حين يمر اخوتنا بضائقة ما،‏ نبادر فورا الى نجدتهم

      a اِحْتَقَرَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱلدَّبَّاغِينَ لِأَنَّهُمُ ٱحْتَكُّوا بِجُلُودِ ٱلْحَيَوَانَاتِ وَجُثَثِهَا وَلَامَسُوا مَوَادَّ مُنَفِّرَةً بِحُكْمِ عَمَلِهِمْ.‏ وَقَدِ ٱعْتُبِرُوا غَيْرَ جَدِيرِينَ بِدُخُولِ ٱلْهَيْكَلِ وَأُجْبِرُوا أَنْ يَكُونَ مَشْغَلُهُمْ بَعِيدًا ٥٠ ذِرَاعًا (‏٢٢ م)‏ عَلَى ٱلْأَقَلِّ عَنِ ٱلْبَلَدَاتِ.‏ وَلَعَلَّ هٰذَا هُوَ أَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي حَدَتْ بِسِمْعَانَ إِلَى ٱلْعَيْشِ «عِنْدَ ٱلْبَحْرِ».‏ —‏ اع ١٠:‏٦‏.‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلْجَيْشُ ٱلرُّومَانِيُّ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ‏».‏

      c اَلْمَقَالَةُ بِعُنْوَانِ:‏ «‏نَصَائِحُ سَدِيدَةٌ لِتَرْبِيَةِ ٱلْأَوْلَادِ»،‏ وَقَدْ صَدَرَتْ فِي عَدَدِ ١ تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (‏نُوفَمْبِر)‏ ٢٠٠٦،‏ ٱلصَّفَحَاتِ ٤-‏٧.‏

      d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏أَنْطَاكِيَةُ سُورِيَّةَ‏».‏

      e يَأْتِي ٱلْمُؤَرِّخُ ٱلْيَهُودِيُّ يُوسِيفُوس عَلَى ذِكْرِ هٰذِهِ ‹ٱلْمَجَاعَةِ ٱلْعَظِيمَةِ› ٱلَّتِي ضَرَبَتْ خِلَالَ حُكْمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ كُلُودِيُوس (‏٤١-‏٥٤ ب‌م)‏.‏

      اَلْجَيْشُ ٱلرُّومَانِيُّ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ

      اِتَّخَذَ ٱلرُّومَانُ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ مَقَرًّا إِدَارِيًّا وَعَسْكَرِيًّا لِلْإِشْرَافِ عَلَى وِلَايَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ وَتَأَلَّفَتِ ٱلْقُوَّاتُ ٱلْعَسْكَرِيَّةُ ٱلْخَاضِعَةُ لِإِمْرَةِ ٱلْحَاكِمِ مِنْ خَيَّالَةٍ يَتَرَاوَحُ عَدَدُهُمْ بَيْنَ ٥٠٠ وَ ٠٠٠‏,١ وَمِنْ خَمْسِ كَتَائِبِ مُشَاةٍ يَضُمُّ كُلٌّ مِنْهَا مَا بَيْنَ ٥٠٠ وَ ٠٠٠‏,١ جُنْدِيٍّ.‏ وَغَالِبًا مَا جُنِّدَ سُكَّانُ ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْخَاضِعَةِ لِلنُّفُوذِ ٱلرُّومَانِيِّ عِوَضَ ٱلْمُوَاطِنِينَ ٱلرُّومَانِ.‏ وَخَدَمَ مُعْظَمُ هٰؤُلَاءِ ٱلْجُنُودِ فِي قَيْصَرِيَّةَ،‏ فِيمَا أُقِيمَتْ حَامِيَاتٌ صَغِيرَةٌ فِي مُخْتَلِفِ أَرْجَاءِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ كَمَا تَمَرْكَزَتْ كَتِيبَةٌ فِي بُرْجِ أَنْطُونِيَا فِي أُورُشَلِيمَ بِهَدَفِ حِفْظِ أَمْنِ ٱلْمَدِينَةِ وَجَبَلِ ٱلْهَيْكَلِ.‏ وَجَرَتِ ٱلْعَادَةُ أَنْ تُعَزَّزَ ٱلْقُوَّاتُ ٱلرُّومَانِيَّةُ هُنَاكَ خِلَالَ ٱلْأَعْيَادِ ٱلْيَهُودِيَّةِ تَحَسُّبًا لِأَيِّ ٱضْطِرَابَاتٍ.‏

      قُسِّمَتْ كُلُّ كَتِيبَةٍ إِلَى سِتِّ مَجْمُوعَاتٍ مِئَوِيَّةٍ خَدَمَ فِي كُلٍّ مِنْهَا مِئَةُ جُنْدِيٍّ مِنْ حَيْثُ ٱلْمَبْدَأُ،‏ وَعَلَى رَأْسِهِمْ قَائِدُ مِئَةٍ.‏ وَٱلنَّصُّ ٱلْأَصْلِيُّ لِلْأَعْمَال ١٠:‏١ يُخْبِرُنَا أَنَّ كَرْنِيلِيُوسَ كَانَ قَائِدَ مِئَةٍ فِي ٱلْفِرْقَةِ ٱلْإِيطَالِيَّةِ.‏ وَقَدْ تَمَرْكَزَتْ فِرْقَتُهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي قَيْصَرِيَّةَ.‏ وَلَعَلَّهَا هِيَ نَفْسُهَا اَلْكَتِيبَةُ ٱلْإِيطَالِيَّةُ ٱلثَّانِيَةُ مِنَ ٱلْمُتَطَوِّعِينَ ٱلرُّومَانِ.‏f وَيُعْرَفُ أَيْضًا أَنَّ قُوَّادَ ٱلْمِئَةِ نَعِمُوا بِمَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ ٱجْتِمَاعِيًّا وَعَسْكَرِيًّا وَعَاشُوا فِي بُحْبُوحَةٍ،‏ إِذْ رُبَّمَا بَلَغَ رَاتِبُهُمْ ١٦ ضِعْفَ رَاتِبِ ٱلْجُنُودِ ٱلْعَادِيِّينَ.‏

      f ثَمَّةَ شَوَاهِدُ تُؤَكِّدُ وُجُودَ هٰذِهِ ٱلْكَتِيبَةِ (‏بِٱللَّاتِينِيَّةِ Romanorum civium voluntariorum Italica II Cohors‏)‏ فِي سُورِيَّةَ عَامَ ٦٩ ب‌م.‏

  • ‏«كلمة يهوه .‏ .‏ .‏ ظلت تنمو»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٠

      ‏«كَلِمَةُ يَهْوَهَ .‏ .‏ .‏ ظَلَّتْ تَنْمُو»‏

      بُطْرُسُ يُحَرَّرُ وَٱلْمُضْطَهِدُونَ يَعْجَزُونَ عَنْ وَقْفِ ٱلْبِشَارَةِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٢:‏١-‏٢٥

      ١-‏٤ أَيَّةُ ظُرُوفٍ عَصِيبَةٍ وَاجَهَتْ بُطْرُسَ،‏ وَكَيْفَ تَشْعُرُ لَوْ كُنْتَ مَكَانَهُ؟‏

      يُسَاقُ بُطْرُسُ مُكَبَّلًا إِلَى زِنْزَانَتِهِ.‏ يَجُرُّهُ حَارِسَانِ رُومَانِيَّانِ،‏ ٱلْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ.‏ يَسْمَعُ ٱلرَّسُولُ صَوْتًا مُدَوِّيًا.‏ لَقَدْ أُغْلِقَ بَابُ ٱلْحَدِيدِ ٱلضَّخْمُ خَلْفَهُ سَالِبًا إِيَّاهُ حُرِّيَّتَهُ.‏ وَهَا هُوَ ٱلْآنَ قَابِعٌ خَلْفَ قُضْبَانِ ٱلسِّجْنِ يَعُدُّ ٱلسَّاعَاتِ ٱلطِّوَالَ أَوْ رُبَّمَا ٱلْأَيَّامَ مُنْتَظِرًا مَصِيرًا مَجْهُولًا.‏ يُجِيلُ نَظَرَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَا يَقَعُ بَصَرُهُ إِلَّا عَلَى جُدْرَانِ ٱلزِّنْزَانَةِ وَقُضْبَانِهَا وَٱلْقُيُودِ وَٱلْحُرَّاسِ .‏ .‏ .‏

      ٢ وَسُرْعَانَ مَا تَصِلُ أَنْبَاءٌ مُرَوِّعَةٌ:‏ هِيرُودُسُ ٱلْمَلِكُ عَازِمٌ عَلَى تَصْفِيَةِ بُطْرُسَ!‏a سَيُقَدِّمُهُ إِلَى ٱلشَّعْبِ مَيْتًا بَعْدَ ٱلْفِصْحِ طَمَعًا فِي كَسْبِ رِضَاهُمْ.‏ هَلْ هٰذَا مُجَرَّدُ كَلَامٍ فِي ٱلْهَوَاءِ؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَيَدَا هِيرُودُسَ لَا تَزَالَانِ مُلَطَّخَتَيْنِ بِدِمَاءِ ٱلرَّسُولِ يَعْقُوبَ.‏

      ٣ فِي ٱلْغَدِ سَيُعْدَمُ بُطْرُسُ.‏ تُرَى بِمَ يَفْتَكِرُ هٰذَا ٱلرَّسُولُ فِي عَتَمَةِ زِنْزَانَتِهِ؟‏ هَلْ يَتَذَكَّرُ مَا أَنْبَأَ بِهِ يَسُوعُ قَبْلَ سَنَوَاتٍ بِأَنَّهُ سَيُقَيَّدُ وَيُسَاقُ إِلَى مَوْتِهِ رُغْمًا عَنْهُ؟‏ (‏يو ٢١:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ لَعَلَّهُ يَتَسَاءَلُ هَلْ حَانَ وَقْتُ إِتْمَامِ ٱلنُّبُوَّةِ.‏

      ٤ أَيَّةُ مَشَاعِرَ تَنْتَابُكَ لَوْ كُنْتَ مَكَانَ بُطْرُسَ؟‏ فِي وَضْعٍ كَهٰذَا يَبْلُغُ كَثِيرُونَ حَافَّةَ ٱلْيَأْسِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ ٱلنِّهَايَةَ دَهَمَتْهُمْ.‏ وَلٰكِنْ هَلْ تَنْسَدُّ حَقًّا كُلُّ ٱلسُّبُلِ فِي وَجْهِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْمُخْلِصِينَ؟‏ وَمَاذَا تُعَلِّمُنَا رَدَّةُ فِعْلِ بُطْرُسَ وَرُفَقَائِهِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ تِجَاهَ ٱلِٱضْطِهَادِ؟‏ هٰذَا مَا نُنَاقِشُهُ فِي مَا يَلِي.‏

      ‏‹كَانُوا يُوَاظِبُونَ عَلَى ٱلصَّلَاةِ› (‏اعمال ١٢:‏١-‏٥‏)‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ كَيْفَ هَاجَمَ ٱلْمَلِكُ هِيرُودُسُ أَغْرِيبَاسُ ٱلْأَوَّلُ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ شَكَّلَ مَوْتُ يَعْقُوبَ ٱمْتِحَانًا لِلْجَمَاعَةِ؟‏

      ٥ رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ أَنَّ ٱهْتِدَاءَ ٱلْأُمَمِيِّ كَرْنِيلِيُوسَ وَعَائِلَتِهِ أَثَارَ حَمَاسَةَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ لٰكِنَّ ٱلْيَهُودَ صُدِمُوا دُونَ شَكٍّ عِنْدَمَا سَمِعُوا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ يُقَدِّمُونَ ٱلْعِبَادَةَ إِلَى جَانِبِ أُمَمِيِّينَ دُونَ أَيِّ رَادِعٍ.‏

      ٦ فَرَأَى هِيرُودُسُ ٱلسِّيَاسِيُّ ٱلْمُحَنَّكُ فِي هٰذِهِ ٱلتَّطَوُّرَاتِ فُرْصَةً ذَهَبِيَّةً لِٱسْتِرْضَاءِ ٱلْيَهُودِ،‏ وَرَاحَ عَلَى ٱلْأَثَرِ يُسِيءُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ «فَقَضَى عَلَى يَعْقُوبَ أَخِي يُوحَنَّا بِٱلسَّيْفِ»،‏ إِذْ سَمِعَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّهُ أَحَدُ ٱلْمُقَرَّبِينَ مِنْ يَسُوعَ.‏ (‏اع ١٢:‏٢‏)‏ فَيَا لَهٰذَا ٱلِٱمْتِحَانِ ٱلصَّعْبِ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ!‏ لَا نَنْسَ أَنَّ يَعْقُوبَ كَانَ وَاحِدًا مِنَ ٱلرُّسُلِ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّذِينَ خَصَّهُمْ يَسُوعُ بِرُؤْيَةِ ٱلتَّجَلِّي وَعَجَائِبَ أُخْرَى.‏ (‏مت ١٧:‏١،‏ ٢؛‏ مر ٥:‏٣٧-‏٤٢‏)‏ وَكَانَ ٱلْمَسِيحُ قَدْ لَقَّبَهُ وَأَخَاهُ يُوحَنَّا «ٱبْنَيِ ٱلرَّعْدِ» بِسَبَبِ حَمَاسَتِهِمَا ٱلْمُتَّقِدَةِ.‏ (‏مر ٣:‏١٧‏)‏ وَبِذٰلِكَ خَسِرَتِ ٱلْجَمَاعَةُ رَسُولًا مَحْبُوبًا وَشَاهِدًا شُجَاعًا وَأَمِينًا.‏

      ٧،‏ ٨ مَاذَا فَعَلَتِ ٱلْجَمَاعَةُ عِنْدَمَا قُبِضَ عَلَى بُطْرُسَ؟‏

      ٧ حَقَّقَ إِعْدَامُ يَعْقُوبَ ٱلنَّتِيجَةَ ٱلْمَرْجُوَّةَ وَأَرْضَى ٱلْيَهُودَ.‏ فَتَشَجَّعَ أَغْرِيبَاسُ عَلَى ٱلْمُضِيِّ فِي خُطَّتِهِ مُوَجِّهًا نَظَرَهُ ٱلْآنَ إِلَى بُطْرُسَ.‏ فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَزَجَّهُ فِي ٱلسِّجْنِ.‏ وَلٰكِنْ كَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلْخَامِسِ،‏ عَجِزَتْ قُضْبَانُ ٱلسِّجْنِ قَبْلًا عَنْ تَقْيِيدِ ٱلرُّسُلِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ هِيرُودُسَ ٱلْمَلِكَ عَرَفَ ذٰلِكَ.‏ لِذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُخَاطِرَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ.‏ فَأَمَرَ أَنْ يُقَيَّدَ ٱلرَّسُولُ بَيْنَ جُنْدِيَّيْنِ وَيَتَنَاوَبَ ١٦ رَجُلًا عَلَى حِرَاسَتِهِ لَيْلَ نَهَارَ.‏ وَفِي حَالِ تَمَكَّنَ مِنَ ٱلْهَرَبِ،‏ يَنَالُ هٰؤُلَاءِ ٱلْجُنُودُ عِقَابَهُ.‏ فَمَاذَا فَعَلَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي هٰذِهِ ٱلظُّرُوفِ ٱلْعَصِيبَةِ؟‏

      ٨ لَمْ يَتَحَيَّرِ ٱلْإِخْوَةُ فِي أَمْرِهِمْ.‏ تُخْبِرُنَا ٱلْأَعْمَال ١٢:‏٥‏:‏ «كَانَ بُطْرُسُ مُحْتَجَزًا فِي ٱلسِّجْنِ.‏ أَمَّا ٱلْجَمَاعَةُ فَكَانَتْ تُوَاظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ بِحَرَارَةٍ إِلَى ٱللّٰهِ مِنْ أَجْلِهِ».‏ لَقَدْ تَضَرَّعَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِحَرَارَةٍ وَبِصِدْقٍ مِنْ أَجْلِ أَخِيهِمِ ٱلْمَحْبُوبِ.‏ فَلَمْ تُظْلِمِ ٱلدُّنْيَا فِي وُجُوهِهِمْ بِسَبَبِ مَوْتِ يَعْقُوبَ وَلَا أَحَسُّوا أَنَّ صَلَوَاتِهِمْ عَقِيمَةٌ.‏ فَيَهْوَهُ يُعَلِّقُ أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً عَلَيْهَا،‏ وَهُوَ يَسْتَجِيبُهَا إِذَا كَانَتْ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ.‏ (‏عب ١٣:‏١٨،‏ ١٩؛‏ يع ٥:‏١٦‏)‏ وَلْيَكُنْ ذٰلِكَ دَرْسًا لَنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ.‏

      ٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ صَلَوَاتِ رُفَقَاءِ بُطْرُسَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟‏

      ٩ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ هَلْ سَمِعْتَ بِإِخْوَةٍ تَنْهَالُ عَلَيْهِمِ ٱلْمَصَائِبُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؟‏ فَرُبَّمَا يَتَأَلَّمُونَ بِسَبَبِ ٱضْطِهَادَاتٍ أَوْ حَظْرٍ حُكُومِيٍّ أَوْ كَوَارِثَ طَبِيعِيَّةٍ.‏ فَهَلْ تُصَلِّي بِحَرَارَةٍ مِنْ أَجْلِهِمْ؟‏ أَوْ لَعَلَّكَ تَعْرِفُ إِخْوَةً يُعَانُونَ مَصَاعِبَ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ لِلْعِيَانِ،‏ مُوَاجِهِينَ مَثَلًا مُشْكِلَةً عَائِلِيَّةً أَوْ حَالَةَ تَثَبُّطٍ أَوْ تَحَدِّيًا يَتَهَدَّدُ إِيمَانَهُمْ.‏ فَإِذَا أَمْعَنْتَ فِكْرَكَ قَلِيلًا قَبْلَ ٱلصَّلَاةِ،‏ فَقَدْ يَخْطُرُ فِي بَالِكَ أَشْخَاصٌ يُمْكِنُكَ أَنْ تَذْكُرَهُمْ بِٱلِٱسْمِ فِيمَا تَتَحَدَّثُ إِلَى يَهْوَهَ «سَامِعِ ٱلصَّلَاةِ».‏ (‏مز ٦٥:‏٢‏)‏ وَأَبْقِ فِي بَالِكَ أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا بِحَاجَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ إِخْوَتُكَ وَأَخَوَاتُكَ مِنْ أَجْلِكَ حِينَ تُلِمُّ بِكَ ٱلْمَشَاكِلُ.‏

      اخ يداه مقيدتان ويقوده حارس في السجن

      نصلي من اجل اخوتنا المسجونين من اجل ايمانهم

      ‏«اِتْبَعْنِي» (‏اعمال ١٢:‏٦-‏١١‏)‏

      ١٠،‏ ١١ صِفُوا كَيْفَ أَنْقَذَ مَلَاكُ يَهْوَهَ بُطْرُسَ مِنَ ٱلسِّجْنِ.‏

      ١٠ لَا نَعْرِفُ يَقِينًا هَلِ ٱضْطَرَبَ بُطْرُسُ حِينَ فَكَّرَ فِي ٱلْخَطَرِ ٱلْمُحْدِقِ بِهِ.‏ لٰكِنَّ ٱلسِّجِلَّ يُخْبِرُنَا أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا مِلْءَ جَفْنَيْهِ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ لَهُ فِي ٱلسِّجْنِ.‏ فَقَدْ عَرَفَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمُؤْمِنُ بِلَا شَكٍّ أَنَّهُ فِي أَمَانٍ مَعَ يَهْوَهَ مَهْمَا حَمَلَ لَهُ ٱلْغَدُ.‏ (‏رو ١٤:‏٧،‏ ٨‏)‏ عَلَى أَيِّ حَالٍ،‏ كَانَ بُطْرُسُ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَشْهَدَ أَحْدَاثًا مُذْهِلَةً تَفُوقُ تَوَقُّعَاتِهِ.‏ فَفَجْأَةً شَعَّ نُورٌ سَاطِعٌ فِي ٱلزِّنْزَانَةِ وَظَهَرَ مَلَاكٌ دُونَ أَنْ يَرَاهُ ٱلْحَارِسَانِ كَمَا يَبْدُو.‏ ثُمَّ أَيْقَظَ بُطْرُسَ مِنْ نَوْمِهِ بِلَجَاجَةٍ،‏ فَإِذَا بِٱلسِّلْسِلَتَيْنِ ٱلْعَصِيَّتَيْنِ تَسْقُطَانِ مِنْ يَدَيْهِ.‏

      ملاك يُخرج بطرس من السجن

      ‏«وصلا الى باب الحديد الذي يؤدي الى المدينة،‏ فانفتح لهما من ذاته».‏ —‏ اعمال ١٢:‏١٠

      ١١ أَعْطَى ٱلْمَلَاكُ بُطْرُسَ إِرْشَادَاتٍ مُقْتَضَبَةً،‏ قَائِلًا:‏ «قُمْ سَرِيعًا!‏ .‏ .‏ .‏ تَمَنْطَقْ وَشُدَّ نَعْلَيْكَ .‏ .‏ .‏ اِلْبَسْ رِدَاءَكَ وَٱتْبَعْنِي».‏ فَتَجَاوَبَ ٱلرَّسُولُ عَلَى ٱلْفَوْرِ مُمْتَثِلًا لِلتَّعْلِيمَاتِ.‏ فَخَرَجَا مِنَ ٱلزِّنْزَانَةِ وَٱجْتَازَا بِصَمْتٍ ٱلْمَحْرَسَ ٱلْأَوَّلَ وَٱلثَّانِيَ،‏ حَتَّى وَصَلَا إِلَى بَابِ ٱلْحَدِيدِ ٱلضَّخْمِ.‏ لَرُبَّمَا تَسَاءَلَ بُطْرُسُ آنَذَاكَ:‏ ‹وَٱلْآنَ،‏ مَا عَسَانَا نَفْعَلُ؟‏!‏›.‏ لٰكِنَّ حَيْرَتَهُ هٰذِهِ مَا كَانَتْ لِتَدُومَ طَوِيلًا.‏ فَمَا إِنِ ٱقْتَرَبَا مِنَ ٱلْبَابِ حَتَّى «ٱنْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ ذَاتِهِ».‏ فَعَبَرَاهُ وَوَصَلَا إِلَى ٱلشَّارِعِ،‏ وَفِي ٱلْحَالِ ٱخْتَفَى ٱلْمَلَاكُ.‏ إِذَّاكَ أَدْرَكَ بُطْرُسُ حَقِيقَةَ ٱلدَّقَائِقِ ٱلْأَخِيرَةِ:‏ مَا ٱخْتَبَرَهُ لَمْ يَكُنْ رُؤْيَا؛‏ لَقَدْ أَصْبَحَ بِٱلْفِعْلِ حُرًّا طَلِيقًا!‏ —‏ اع ١٢:‏٧-‏١١‏.‏

      ١٢ لِمَ نَتَعَزَّى حِينَ نَتَأَمَّلُ كَيْفَ أَنْقَذَ يَهْوَهُ بُطْرُسَ؟‏

      ١٢ أَلَا نَتَعَزَّى حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي قُدْرَةِ يَهْوَهَ ٱلْمُطْلَقَةِ عَلَى إِنْقَاذِ خُدَّامِهِ؟‏ فَبُطْرُسُ سُجِنَ بِأَمْرٍ مِنْ مَلِكٍ تَدْعَمُهُ أَقْوَى دَوْلَةٍ شَهِدَهَا ٱلْعَالَمُ حَتَّى ذٰلِكَ ٱلْحِينِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ خَرَجَ بِسُهُولَةٍ مِنْ زِنْزَانَتِهِ كَمَنْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ!‏ وَلٰكِنَّنَا نَعْرِفُ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَصْنَعُ عَجَائِبَ كَهٰذِهِ مِنْ أَجْلِ جَمِيعِ خُدَّامِهِ.‏ فَهُوَ مَثَلًا لَمْ يُخَلِّصْ يَعْقُوبَ قَبْلًا وَلَا خَلَّصَ بُطْرُسَ نَفْسَهُ حِينَ تَمَّتْ فِيهِ نُبُوَّةُ يَسُوعَ لَاحِقًا.‏ وَنَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ لَا نَتَوَقَّعُ إِنْقَاذًا عَجَائِبِيًّا،‏ إِلَّا أَنَّنَا نُبْقِي فِي بَالِنَا أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ.‏ (‏مل ٣:‏٦‏)‏ وَهُوَ يَعِدُ أَنْ يُحَرِّرَ عَمَّا قَرِيبٍ بِوَاسِطَةِ ٱبْنِهِ مَلَايِينَ ٱلْأَشْخَاصِ مِنْ أَمْنَعِ ٱلسُّجُونِ قَاطِبَةً:‏ ٱلْمَوْتِ.‏ (‏يو ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وَوُعُودٌ كَهٰذِهِ تَمُدُّنَا بِشَجَاعَةٍ هَائِلَةٍ فِي وَجْهِ ٱلْمِحَنِ.‏

      ‏«رَأَوْهُ فَدُهِشُوا» (‏اعمال ١٢:‏١٢-‏١٧‏)‏

      ١٣-‏١٥ (‏أ)‏ مَاذَا فَعَلَ أَعْضَاءُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمُجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ مَرْيَمَ عِنْدَ وُصُولِ بُطْرُسَ؟‏ (‏ب)‏ عَلَامَ يُرَكِّزُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْآنَ،‏ وَأَيُّ تَأْثِيرٍ كَانَ بُطْرُسُ يَتْرُكُهُ فِي إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ٱلرُّوحِيِّينَ؟‏

      ١٣ وَقَفَ بُطْرُسُ فِي ٱلشَّارِعِ ٱلْمُعْتِمِ يُفَكِّرُ فِي وُجْهَتِهِ ٱلتَّالِيَةِ.‏ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى بَيْتٍ مُجَاوِرٍ تَمْلِكُهُ ٱمْرَأَةٌ مَسِيحِيَّةٌ ٱسْمُهَا مَرْيَمُ،‏ وَهِيَ عَلَى مَا يَبْدُو أَرْمَلَةٌ مَيْسُورَةٌ إِذِ ٱمْتَلَكَتْ مَنْزِلًا يَسَعُ جَمَاعَةً بِأَكْمَلِهَا.‏ وَمَرْيَمُ هٰذِهِ هِيَ وَالِدَةُ يُوحَنَّا مَرْقُسَ ٱلَّذِي يَأْتِي سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ هُنَا عَلَى ذِكْرِهِ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى.‏ وَلَاحِقًا نَقْرَأُ أَنَّهُ أَصْبَحَ بِمَثَابَةِ ٱبْنٍ لِبُطْرُسَ.‏ (‏١ بط ٥:‏١٣‏)‏ فِي بَيْتِ مَرْيَمَ،‏ كَانَ ٱلْعَدِيدُ مِنْ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ مُجْتَمِعِينَ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ لِيَرْفَعُوا ٱلصَّلَوَاتِ وَٱلتَّضَرُّعَاتِ رَغْمَ ٱلسَّاعَةِ ٱلْمُتَأَخِّرَةِ.‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّ جُلَّ مَا طَلَبُوهُ هُوَ أَنْ يُطْلَقَ سَرَاحُ بُطْرُسَ.‏ وَلٰكِنْ مَا كَانُوا لِيَتَوَقَّعُوا مُطْلَقًا مَا يُخَبِّئُهُ يَهْوَهُ لَهُمْ.‏

      ١٤ فَفَجْأَةً قُرِعَ بَابُ ٱلْمَدْخَلِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى فِنَاءٍ فِي مُقَدَّمِ ٱلْبَيْتِ.‏ فَأَقْبَلَتْ لِتَرُدَّ جَارِيَةٌ تُدْعَى رُودَا،‏ ٱسْمٌ يُونَانِيٌّ شَائِعٌ مَعْنَاهُ «وَرْدَةٌ».‏ وَلٰكِنْ مَا سَمِعَتْهُ تَرَكَهَا مَصْعُوقَةً.‏ فَٱلصَّوْتُ صَوْتُ بُطْرُسَ!‏ وَمِنْ شِدَّةِ فَرَحِهَا لَمْ تَفْتَحْ لَهُ،‏ بَلْ تَرَكَتْهُ وَاقِفًا فِي ٱلشَّارِعِ وَرَكَضَتْ إِلَى ٱلدَّاخِلِ مُحَاوِلَةً إِقْنَاعَ ٱلْحَاضِرِينَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ عِنْدَ ٱلْبَابِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنِ ٱتَّهَمُوهَا بِٱلْجُنُونِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ ٱلْجَارِيَةُ مِمَّنْ يَسْتَسْلِمُونَ بِسُهُولَةٍ،‏ فَبَقِيَتْ مُصِرَّةً عَلَى مَوْقِفِهَا.‏ عِنْدَئِذٍ حَاوَلَ ٱلْبَعْضُ ٱلتَّوَصُّلَ إِلَى حَلٍّ وَسَطٍ مُقْتَرِحِينَ أَنَّهَا رُبَّمَا رَأَتْ مَلَاكًا يُمَثِّلُهُ.‏ (‏اع ١٢:‏١٢-‏١٥‏)‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ تَابَعَ ٱلرَّسُولُ قَرْعَ ٱلْبَابِ حَتَّى تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ أَخِيرًا وَفَتَحُوا لَهُ.‏

      ١٥ وَكَمْ «دُهِشَ» ٱلْإِخْوَةُ لِرُؤْيَةِ بُطْرُسَ وَاقِفًا عِنْدَ ٱلْبَابِ!‏ (‏اع ١٢:‏١٦‏)‏ حَتَّى إِنَّهُ ٱضْطُرَّ أَنْ يُهَدِّئَ حَمَاسَتَهُمْ لِيَقُصَّ عَلَيْهِمْ مَا جَرَى.‏ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَنْقُلُوا ٱلْخَبَرَ إِلَى ٱلتِّلْمِيذِ «يَعْقُوبَ وَٱلْإِخْوَةِ»،‏ وَغَادَرَ ٱلْمَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَجِدَهُ جُنُودُ هِيرُودُسَ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْمُجْتَمِعِينَ آنَذَاكَ كَانُوا فِي غَايَةِ ٱلسُّرُورِ.‏ وَمِنْ هُنَاكَ،‏ سَافَرَ لِيُتَابِعَ بِوَلَاءٍ خِدْمَتَهُ فِي مَكَانٍ أَكْثَرَ أَمْنًا.‏ وَلَا يَأْتِي سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ عَلَى ذِكْرِهِ مُجَدَّدًا إِلَّا فِي ٱلْإِصْحَاحِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ حِينَ سَاهَمَ فِي بَتِّ قَضِيَّةِ ٱلْخِتَانِ.‏ فَٱلسِّفْرُ ٱلْآنَ يَتَحَوَّلُ إِلَى أَعْمَالِ وَرِحْلَاتِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ إِلَّا أَنَّنَا مُتَأَكِّدُونَ تَمَامًا أَنَّ بُطْرُسَ شَدَّدَ إِيمَانَ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ أَيْنَمَا ذَهَبَ.‏

      ١٦ لِمَ نَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ أَنَّ ٱلْمُسْتَقْبَلَ يُخَبِّئُ لَنَا أَيَّامًا حُلْوَةً؟‏

      ١٦ أَحْيَانًا يُنْعِمُ يَهْوَهُ عَلَى خُدَّامِهِ بِعَطَايَا تَفُوقُ كُلَّ تَوَقُّعَاتِهِمْ،‏ مُدْخِلًا إِلَى قُلُوبِهِمْ أَفْرَاحًا لَا تُوصَفُ.‏ فِي ٱلْمَاضِي مَثَلًا،‏ شَعَرَ إِخْوَةُ وَأَخَوَاتُ بُطْرُسَ ٱلرُّوحِيُّونَ بِهٰذِهِ ٱلْفَرْحَةِ عِنْدَمَا رَأَوْهُ حُرًّا طَلِيقًا.‏ وَفِي ٱلْحَاضِرِ،‏ تَغْمُرُنَا هٰذِهِ ٱلسَّعَادَةُ حِينَ نَلْمُسُ بَرَكَةَ يَهْوَهَ ٱلسَّخِيَّةَ.‏ (‏ام ١٠:‏٢٢‏)‏ أَمَّا مُسْتَقْبَلًا فَسَنَشْهَدُ إِتْمَامَ جَمِيعِ وُعُودِهِ عَلَى نِطَاقٍ عَالَمِيٍّ.‏ عِنْدَئِذٍ سَنَعِيشُ حَيَاةً وَلَا فِي ٱلْخَيَالِ!‏ فَيَا لَلْأَيَّامِ ٱلْحُلْوَةِ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُ مَنْ يُحَافِظُونَ عَلَى أَمَانَتِهِمْ!‏

      ‏«ضَرَبَهُ مَلَاكُ يَهْوَهَ» (‏اعمال ١٢:‏١٨-‏٢٥‏)‏

      ١٧،‏ ١٨ لِمَ تَمَلَّقَ ٱلْحَشْدُ هِيرُودُسَ؟‏

      ١٧ هِيرُودُسُ بِدَوْرِهِ دُهِشَ حِينَ سَمِعَ بِنَبَإِ هُرُوبِ بُطْرُسَ؛‏ وَلٰكِنْ أَيُّ دَهْشَةٍ!‏ فَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ ٱلنَّبَأُ نُزُولَ ٱلصَّاعِقَةِ.‏ فَأَمَرَ مِنْ فَوْرِهِ بِإِجْرَاءِ بَحْثٍ شَامِلٍ عَنِ ٱلسَّجِينِ ٱلْفَارِّ وَٱسْتِجْوَابِ حُرَّاسِهِ.‏ ثُمَّ قَضَى بِأَنْ «يُسَاقُوا إِلَى ٱلْعِقَابِ»،‏ مِمَّا عَنَى عَلَى ٱلْأَغْلَبِ إِعْدَامَهُمْ.‏ (‏اع ١٢:‏١٩‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلرَّحْمَةَ وَٱلتَّعَاطُفَ لَيْسَا مِنْ مَآ‌ثِرِ هِيرُودُسَ أَغْرِيبَاسَ.‏ فَهَلْ حَصَدَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمُتَحَجِّرُ يَوْمًا عَوَاقِبَ مَا زَرَعَتْ يَدَاهُ؟‏

      ١٨ لَعَلَّ فَشَلَ أَغْرِيبَاسَ فِي إِعْدَامِ بُطْرُسَ شَكَّلَ صَفْعَةً لَهُ.‏ لٰكِنَّهُ وَجَدَ سَرِيعًا مَا يُدَغْدِغُ بِهِ كِبْرِيَاءَهُ.‏ فَقَدِ ٱضْطُرَّ بَعْضُ أَعْدَائِهِ إِلَى ٱلْتِمَاسِ ٱلسَّلَامِ فِي لِقَاءٍ دِبْلُومَاسِيٍّ جَمَعَهُمْ بِهِ.‏ وَمِنْ جِهَتِهِ،‏ كَانَ رَاغِبًا دُونَ شَكٍّ أَنْ يَخْطُبَ فِي حَشْدٍ كَبِيرٍ.‏ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلْمُعَيَّنِ،‏ «لَبِسَ هِيرُودُسُ ٱلْحُلَّةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ».‏ وَوَفْقًا لِلْمُؤَرِّخِ ٱلْيَهُودِيِّ يُوسِيفُوس،‏ كَانَتْ ثِيَابُ أَغْرِيبَاسَ مَنْسُوجَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ بِحَيْثُ تَأَلَّقَ ٱلْمَلِكُ بَهَاءً تَحْتَ أَشِعَّةِ ٱلشَّمْسِ.‏ ثُمَّ حِينَ أَلْقَى هٰذَا ٱلسِّيَاسِيُّ ٱلْمُتَكَبِّرُ خِطَابَهُ،‏ تَمَلَّقَهُ ٱلْحَشْدُ صَارِخِينَ:‏ «إِنَّهُ صَوْتُ إِلٰهٍ لَا صَوْتُ إِنْسَانٍ!‏».‏ —‏ اع ١٢:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ لِمَ عَاقَبَ يَهْوَهُ هِيرُودُسَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تُعَزِّينَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ مَوْتِ هِيرُودُسَ أَغْرِيبَاسَ ٱلْمُفَاجِئِ؟‏

      ١٩ رُفِّعَ هِيرُودُسُ إِلَى مَصَافِّ ٱلْآلِهَةِ عَلَى مَرْأًى مِنَ ٱللّٰهِ نَفْسِهِ!‏ كَانَتِ ٱلْفُرْصَةُ مُتَاحَةً أَمَامَهُ أَنْ يَتَفَادَى ٱلْكَارِثَةَ.‏ أَفَمَا كَانَ فِي وِسْعِهِ مَثَلًا أَنْ يُلْجِمَ ٱلْحَشْدَ أَوْ أَقَلُّهُ يُخَالِفَهُمُ ٱلرَّأْيَ؟‏!‏ وَلٰكِنْ أَيٌّ مِنْ ذٰلِكَ لَمْ يَحْدُثْ قَطُّ.‏ إِذَّاكَ صَحَّ فِي هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْمُتَغَطْرِسِ ٱلْمَثَلُ ٱلْقَائِلُ:‏ «قَبْلَ ٱلتَّحَطُّمِ ٱلْكِبْرِيَاءُ».‏ (‏ام ١٦:‏١٨‏)‏ «فَفِي ٱلْحَالِ ضَرَبَهُ مَلَاكُ يَهْوَهَ» وَمَاتَ شَرَّ مِيتَةٍ.‏ نَقْرَأُ:‏ «صَارَ ٱلدُّودُ يَأْكُلُهُ كُلَّهُ وَمَاتَ».‏ (‏اع ١٢:‏٢٣‏)‏ وَيُوسِيفُوس يُثَنِّي عَلَى هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ذَاكِرًا أَنَّ أَغْرِيبَاسَ ضُرِبَ فَجْأَةً.‏ وَوَفْقًا لِهٰذَا ٱلْمُؤَرِّخِ،‏ عَرَفَ ٱلْمَلِكُ أَنَّهُ يَمُوتُ جَزَاءَ قُبُولِهِ إِطْرَاءَ ٱلْحَشْدِ،‏ وَظَلَّ يُحْتَضَرُ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ ٱلْحَيَاةَ.‏b

      ٢٠ بَيْنَ ٱلْحِينِ وَٱلْحِينِ،‏ يُخَيَّلُ إِلَيْنَا نَحْنُ خُدَّامَ ٱللّٰهِ ٱلْأُمَنَاءَ أَنَّ ٱلْأَشْرَارَ يَنْجُونَ مِنَ ٱلْعِقَابِ.‏ وَهٰذَا لَا يُثِيرُ ٱسْتِغْرَابَنَا لِأَنَّ «ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ .‏ .‏ .‏ تَحْتَ سُلْطَةِ ٱلشِّرِّيرِ».‏ (‏١ يو ٥:‏١٩‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ نَتَضَايَقُ أَحْيَانًا حِينَ يُفْلِتُ ٱلْأَشْرَارُ مِنْ يَدِ ٱلْعَدَالَةِ.‏ أَفَلَا نَتَعَزَّى عِنْدَئِذٍ بِرِوَايَاتٍ كَهٰذِهِ؟‏ فَيَهْوَهُ تَدَخَّلَ آنَذَاكَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ ٱلْعَدْلَ.‏ (‏مز ٣٣:‏٥‏)‏ وَعَاجِلًا أَمْ آجِلًا سَتَأْخُذُ عَدَالَتُهُ مَجْرَاهَا.‏

      ٢١ عَلَامَ يُرَكِّزُ ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ‏،‏ وَكَيْفَ يُشَدِّدُنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٢١ تُخْتَتَمُ ٱلرِّوَايَةُ بِكَلِمَاتٍ مُشَجِّعَةٍ لِلْغَايَةِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «أَمَّا كَلِمَةُ يَهْوَهَ فَظَلَّتْ تَنْمُو وَتَنْتَشِرُ».‏ (‏اع ١٢:‏٢٤‏)‏ أَلَا يُذَكِّرُنَا هٰذَا ٱلتَّوَسُّعُ بِبَرَكَةِ يَهْوَهَ عَلَى عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ؟‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ فَحْوَى ٱلْإِصْحَاحِ ١٢ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ لَا يَدُورُ حَوْلَ مَوْتِ رَسُولٍ وَنَجَاةِ آخَرَ،‏ بَلْ يُرَكِّزُ عَلَى يَهْوَهَ وَإِحْبَاطِهِ مُحَاوَلَاتِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلْمُتَكَرِّرَةَ لِسَحْقِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْمُزْدَهِرِ.‏ وَمِثْلَمَا خَابَتْ جَمِيعُ مُحَاوَلَاتِهِ قَدِيمًا،‏ كَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ لَا بُدَّ أَنْ تَبُوءَ كُلُّ مَكَايِدِهِ بِٱلْفَشَلِ.‏ (‏اش ٥٤:‏١٧‏)‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ يُنْجِزُ مَنْ يُؤَيِّدُونَ جَانِبَ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مُهِمَّةً لَنْ تَفْشَلَ أَبَدًا.‏ أَفَلَا نَتَشَدَّدُ بِهٰذَا ٱلْوَاقِعِ؟‏!‏ فَلْنُعِزَّ إِذًا ٱمْتِيَازَنَا ٱلْفَرِيدَ فِي نَشْرِ «كَلِمَةِ يَهْوَهَ»!‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلْمَلِكُ هِيرُودُسُ أَغْرِيبَاسُ ٱلْأَوَّلُ‏».‏

      b رَجَّحَ كَاتِبٌ وَبْرُوفِسُّورٌ فِي ٱلْجِرَاحَةِ أَنْ تَكُونَ ٱلدِّيدَانُ ٱلْمُسْتَدِيرَةُ ٱلَّتِي تُسَبِّبُ ٱنْسِدَادًا مِعَوِيًّا مُمِيتًا وَرَاءَ ٱلْأَعْرَاضِ ٱلَّتِي يَصِفُهَا يُوسِيفُوس وَلُوقَا.‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ يَتَقَيَّأُ ٱلْمُصَابُ هٰذِهِ ٱلدِّيدَانَ أَوْ تَزْحَفُ مِنْ جِسْمِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ.‏ يَقُولُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ:‏ «إِنَّ دِقَّةَ لُوقَا ٱلطِّبِّيَّةَ تُسَلِّطُ ٱلضَّوْءَ عَلَى فَظَاعَةِ مِيتَةِ [هِيرُودُسَ]».‏

      اَلْمَلِكُ هِيرُودُسُ أَغْرِيبَاسُ ٱلْأَوَّلُ

      هِيرُودُسُ أَغْرِيبَاسُ ٱلْأَوَّلُ ٱلَّذِي أَعْدَمَ يَعْقُوبَ وَسَجَنَ بُطْرُسَ هُوَ حَفِيدُ هِيرُودُسَ ٱلْكَبِيرِ.‏ وَهُوَ يَنْتَمِي إِلَى ٱلْأُسْرَةِ ٱلْهِيرُودِيَّةِ،‏ سُلَالَةٍ أَدُومِيَّةٍ تَأَلَّفَتْ مِنْ سِيَاسِيِّينَ حَكَمُوا عَلَى ٱلْيَهُودِ.‏ وَٱلأَدُومِيُّونَ شَعْبٌ تَهَوَّدَ بِٱلِٱسْمِ فَقَطْ عِنْدَمَا فُرِضَ عَلَيْهِ ٱلْخِتَانُ نَحْوَ ٱلسَّنَةِ ١٢٥ ق‌م.‏

      وُلِدَ أَغْرِيبَاسُ عَامَ ١٠ ق‌م وَتَعَلَّمَ فِي رُومَا حَيْثُ صَادَقَ عَدَدًا مِنْ أَفْرَادِ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْمَالِكَةِ هُنَاكَ.‏ فَكَانَ أَحَدُ أَصْدِقَائِهِ مَثَلًا غَايُسَ ٱلْمَعْرُوفَ بِكَالِيغُولَا ٱلَّذِي ٱعْتَلَى ٱلْعَرْشَ عَامَ ٣٧ ب‌م.‏ وَبُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ نَصَّبَهُ هٰذَا ٱلْأَخِيرُ مَلِكًا عَلَى إِيطُورِيَةَ وَتَرَاخُونِيتِسَ وَأَبِيلِينَةَ،‏ ثُمَّ وَسَّعَ لَاحِقًا نِطَاقَ سُلْطَتِهِ لِيَشْمُلَ ٱلْجَلِيلَ وَبِيرْيَا أَيْضًا.‏

      عِنْدَمَا ٱغْتِيلَ كَالِيغُولَا عَامَ ٤١ ب‌م،‏ كَانَ أَغْرِيبَاسُ فِي رُومَا.‏ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَعِبَ دَوْرًا كَبِيرًا فِي ٱحْتِوَاءِ ٱلْأَزْمَةِ ٱلَّتِي نَشَأَتْ.‏ فَشَارَكَ فِي ٱلْمُفَاوَضَاتِ ٱلْمُتَعَثِّرَةِ بَيْنَ مَجْلِسِ ٱلشُّيُوخِ ٱلرُّومَانِيِّ وَصَدِيقٍ نَافِذٍ آخَرَ هُوَ كُلُودِيُوسُ.‏ بِٱلنَّتِيجَةِ،‏ أُعْلِنَ كُلُودِيُوسُ إِمْبَرَاطُورًا وَأُخْمِدَ فَتِيلُ ٱلْحَرْبِ ٱلْأَهْلِيَّةِ.‏ فَكَافَأَهُ ٱلْإِمْبَرَاطُورُ عَلَى مَسَاعِيهِ وَضَمَّ إِلَى مُلْكِهِ ٱلْيَهُودِيَّةَ وَٱلسَّامِرَةَ،‏ مِنْطَقَتَيْنِ أَشْرَفَ عَلَيْهِمَا حُكَّامٌ رُومَانِيُّونَ مُنْذُ ٱلسَّنَةِ ٦ ب‌م.‏ فَبَاتَ أَغْرِيبَاسُ يَحْكُمُ ٱلْمَنَاطِقَ نَفْسَهَا ٱلَّتِي خَضَعَتْ لِسُلْطَةِ جَدِّهِ هِيرُودُسَ ٱلْكَبِيرِ.‏

      اِتَّخَذَ أَغْرِيبَاسُ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَاصِمَةً لَهُ،‏ وَنَالَ ٱسْتِحْسَانَ قَادَتِهَا ٱلدِّينِيِّينَ.‏ وَيُحْكَى أَنَّهُ حَفِظَ ٱلشَّرِيعَةَ وَٱلتَّقَالِيدَ ٱلْيَهُودِيَّةَ بِأَدَقِّ تَفَاصِيلِهَا.‏ فَقَدَّمَ مَثَلًا ٱلذَّبَائِحَ فِي ٱلْهَيْكَلِ يَوْمِيًّا وَقَرَأَ ٱلشَّرِيعَةَ عَلَانِيَةً وَلَعِبَ «دَوْرَ حَامِي ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ».‏ غَيْرَ أَنَّهُ نَاقَضَ ٱدِّعَاءَهُ عِبَادَةَ ٱللّٰهِ حِينَ نَظَّمَ مُبَارَيَاتِ ٱلْمُجَالَدَةِ وَٱلْعُرُوضَ ٱلْوَثَنِيَّةَ فِي ٱلْمَسْرَحِ.‏ قِيلَ فِيهِ:‏ أَغْرِيبَاسُ رَجُلٌ «غَدَّارٌ،‏ سَطْحِيٌّ،‏ وَمُبَذِّرٌ».‏

  • ‏«التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١١

      ‏«اَلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا»‏

      مِثَالُ بُولُسَ فِي مُوَاجَهَةِ أَشْخَاصٍ عِدَائِيِّينَ يَرْفُضُونَ ٱلْبِشَارَةَ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٣:‏١-‏٥٢

      ١،‏ ٢ مَاذَا يُمَيِّزُ رِحْلَةَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلْأُولَى،‏ وَكَيْفَ يُسَاهِمُ عَمَلُهُمَا فِي إِتْمَامِ ٱلْأَعْمَال ١:‏٨‏؟‏

      تَشْهَدُ جَمَاعَةُ أَنْطَاكِيَةَ حَدَثًا مُمَيَّزًا.‏ فَمِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَٱلْمُعَلِّمِينَ فِيهَا،‏ يَقَعُ ٱخْتِيَارُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِيَحْمِلَا ٱلْبِشَارَةَ إِلَى أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ.‏a (‏اع ١٣:‏١،‏ ٢‏)‏ صَحِيحٌ أَنْ ثَمَّةَ رِجَالٌ أَكْفَاءٌ سَبَقُوهُمَا إِلَى ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ،‏ لٰكِنَّهُمْ سَافَرُوا إِلَى مَنَاطِقَ سَبَقَ أَنْ تَجَذَّرَتْ فِيهَا ٱلْمَسِيحِيَّةُ.‏ (‏اع ٨:‏١٤؛‏ ١١:‏٢٢‏)‏ أَمَّا بَرْنَابَا وَشَاوُلُ،‏ إِضَافَةً إِلَى يُوحَنَّا مَرْقُسَ ٱلَّذِي يُرَافِقُهُمَا خَادِمًا،‏ فَسَيُسَافِرُونَ إِلَى مَنَاطِقَ لَمْ يَسْمَعْ مُعْظَمُ سُكَّانِهَا رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ بَعْدُ.‏

      ٢ قَبْلَ نَحْوِ ١٤ سَنَةً قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ:‏ «تَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ».‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ وَتَعْيِينُ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ يُسَاهِمُ فِي إِتْمَامِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلنَّبَوِيَّةِ.‏b

      أُفْرِزَا «لِلْعَمَلِ» (‏اعمال ١٣:‏١-‏١٢‏)‏

      ٣ مَاذَا صَعَّبَ ٱلرِّحْلَاتِ ٱلطَّوِيلَةَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏

      ٣ فِي عَصْرِنَا ٱلْحَاضِرِ،‏ نَقْطَعُ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً بِوَقْتٍ قَصِيرٍ جِدًّا بِفَضْلِ ٱلِٱخْتِرَاعَاتِ ٱلْحَدِيثَةِ كَٱلسَّيَّارَةِ وَٱلطَّائِرَةِ.‏ وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ أَيَّامِنَا وَأَيَّامِ ٱلرُّسُلِ!‏ فَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ ٱعْتَادَ ٱلنَّاسُ ٱلسَّيْرَ عَلَى ٱلْأَقْدَامِ عِنْدَ ٱلتَّنَقُّلِ بَرًّا،‏ وَغَالِبًا مَا ٱجْتَازُوا طُرُقَاتٍ وَعِرَةً.‏ فَكَانَتْ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ،‏ أَيْ نَحْوَ ٣٠ كلم فَقَطْ،‏ تَهُدُّ قِوَى ٱلْمُسَافِرِينَ.‏c لِذَا رَغْمَ أَنَّ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ تَطَلَّعَا إِلَى تَعْيِينِهِمَا ٱلْجَدِيدِ،‏ أَدْرَكَا دُونَ رَيْبٍ أَنَّ إِتْمَامَهُ يَسْتَلْزِمُ جُهْدًا حَثِيثًا وَتَضْحِيَةً بِٱلذَّاتِ.‏ —‏ مت ١٦:‏٢٤‏.‏

      اَلسَّفَرُ بَرًّا

      مُقَارَنَةً مَعَ ٱلسَّفَرِ بَحْرًا،‏ ٱسْتَلْزَمَ ٱلسَّفَرُ بَرًّا فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ وَقْتًا أَطْوَلَ وَجُهْدًا أَكْبَرَ،‏ وَكَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَكْثَرَ كُلْفَةً.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَثِيرًا مَا ٱضْطُرَّ ٱلْمُسَافِرُونَ أَنْ يَسِيرُوا لِيَبْلُغُوا وُجْهَتَهُمْ.‏

      سَارَ ٱلنَّاسُ قَدِيمًا أَثْنَاءَ تَنَقُّلِهِمْ ٣٠ كلم تَقْرِيبًا فِي ٱلْيَوْمِ.‏ وَكَانُوا عُرْضَةً لِعَوَامِلِ ٱلطَّقْسِ،‏ مِنْ شَمْسٍ حَادَّةٍ وَمَطَرٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ،‏ فَضْلًا عَنْ خَطَرِ ٱلسَّلْبِ.‏ ذَكَرَ بُولُسُ:‏ «سَافَرْتُ أَسْفَارا عَدِيدَةً؛‏ وَوَاجَهَتْنِي أَخْطَارُ السُّيُولِ الْجَارِفَةِ،‏ وَأَخْطَارُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ».‏ —‏ ٢ كو ١١:‏٢٦‏،‏ كتاب الحياة —‏ ترجمة تفسيرية.‏

      رَبَطَتْ شَبَكَةُ طُرُقَاتٍ مَرْصُوفَةٍ مُخْتَلِفَ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ وَعَلَى طُولِ ٱلطُّرُقِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ بُنِيَتِ ٱلْفَنَادِقُ بِحَيْثُ يَبْعُدُ ٱلْوَاحِدُ عَنِ ٱلْآخَرِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ تَقْرِيبًا.‏ وَبَيْنَ ٱلْفُنْدُقِ وَٱلْفُنْدُقِ تَوَفَّرَتْ لِلْمُسَافِرِينَ خَانَاتٌ تَبِيعُ ٱلْحَاجِيَّاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمُؤَسَّسَاتُ؟‏ يَصِفُهَا كُتَّابُ ذٰلِكَ ٱلْعَصْرِ بِأَنَّهَا قَذِرَةٌ،‏ مُكْتَظَّةٌ،‏ شَدِيدَةُ ٱلرُّطُوبَةِ،‏ وَمَلِيئَةٌ بِٱلْبَرَاغِيثِ.‏ وَٱعْتُبِرَتْ هٰذِهِ ٱلْأَمَاكِنُ حَقِيرَةً إِذِ ٱرْتَادَتْهَا حُثَالَةُ ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْفَنَادِقِ غَالِبًا مَا سَرَقُوا ٱلْمُسَافِرِينَ وَرَوَّجُوا ٱلدَّعَارَةَ.‏

      لَا بُدَّ إِذًا أَنَّ ٱلْمُسَافِرِينَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ تَفَادَوْا أَمَاكِنَ كَهٰذِهِ قَدْرَ ٱلْمُسْتَطَاعِ.‏ أَمَّا فِي ٱلْمَنَاطِقِ حَيْثُ لَا يَقْطُنُ أَيٌّ مِنْ أَقَارِبِهِمْ أَوْ أَصْدِقَائِهِمْ فَقَدْ أُرْغِمُوا عَلَى ٱلْمَبِيتِ فِيهَا.‏

      ٤ (‏أ)‏ مَاذَا وَجَّهَ ٱخْتِيَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ،‏ وَكَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلرُّفَقَاءُ ٱلْمُؤْمِنُونَ مَعَ ٱلتَّعْيِينِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَدْعَمُ مَنْ يَنَالُونَ تَعْيِينَاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً؟‏

      ٤ وَلٰكِنْ لِمَ أَمَرَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَنْ يُفْرَزَ «لِلْعَمَلِ» بَرْنَابَا وَشَاوُلُ تَحْدِيدًا؟‏ (‏اع ١٣:‏٢‏)‏ لَا يُجِيبُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ،‏ لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ يَقِينًا أَنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ كَانَ وَرَاءَ ٱخْتِيَارِهِمَا.‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ ٱلْأَنْبِيَاءُ وَٱلْمُعَلِّمُونَ فِي أَنْطَاكِيَةَ مَعَ هٰذَا ٱلْقَرَارَ؟‏ لَا يُشِيرُ ٱلسِّجِلُّ بَتَاتًا أَنَّهُمُ ٱعْتَرَضُوا عَلَيْهِ،‏ بَلْ نَرَاهُمْ يَدْعَمُونَهُ كَامِلًا.‏ فَهَلْ تَتَخَيَّلُ مَشَاعِرَ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ حِينَ تَرَفَّعَ إِخْوَتُهُمَا ٱلرُّوحِيُّونَ عَنِ ٱلْغَيْرَةِ وَ «صَامُوا وَصَلَّوْا وَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِمَا وَأَطْلَقُوهُمَا»؟‏ (‏اع ١٣:‏٣‏)‏ فَلْنَتَمَثَّلْ بِهِمْ إِذًا وَلْنَدْعَمْ مَنْ يَنَالُونَ مَسْؤُولِيَّاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةً،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْمُعَيَّنُونَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ لَا نَغَرْ مِنْهُمْ،‏ بَلْ لِنَعْتَبِرْهُمْ «غَايَةَ ٱلِٱعْتِبَارِ فِي ٱلْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ».‏ —‏ ١ تس ٥:‏١٣‏.‏

      ٥ أَيُّ جُهْدٍ لَزِمَ أَنْ يَبْذُلَهُ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لِلْكِرَازَةِ فِي جَزِيرَةِ قُبْرُصَ؟‏

      ٥ سَارَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ أَوَّلًا إِلَى مِينَاءِ سَلُوقِيَةَ قُرْبَ أَنْطَاكِيَةَ،‏ ثُمَّ أَبْحَرَا إِلَى جَزِيرَةِ قُبْرُصَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ نَحْوَ ٢٠٠ كلم.‏d وَبِمَا أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ قُبْرُصِيُّ ٱلْأَصْلِ،‏ فَكَانَ مُتَشَوِّقًا دُونَ شَكٍّ إِلَى نَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ فِي بَلَدِهِ ٱلْأُمِّ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ لَمْ يُضَيِّعْ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ لَحْظَةً وَاحِدَةً.‏ فَفَوْرَ وُصُولِهِمَا إِلَى مَدِينَةِ سَلَامِيسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلشَّرْقِيِّ،‏ «أَخَذَا يُنَادِيَانِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ».‏e (‏اع ١٣:‏٥‏)‏ بَعْدَئِذٍ ٱجْتَازَا قُبْرُصَ مِنَ ٱلْجَانِبِ إِلَى ٱلْجَانِبِ سَيْرًا عَلَى ٱلْأَقْدَامِ وَكَرَزَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ خِلَالَ رِحْلَتِهِمَا.‏ وَلَرُبَّمَا وَصَلَتِ ٱلْمَسَافَةُ ٱلَّتِي قَطَعَاهَا إِلَى ٢٢٠ كلم وَفْقًا لِلْمَسَارِ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَاهُ.‏

      فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ

      إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ مُقَابِلَ «مَجْمَعٍ» تَعْنِي حَرْفِيًّا «تَجَمُّعًا».‏ وَكَانَتْ تُشِيرُ فِي ٱلْأَصْلِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ،‏ لٰكِنَّهَا مَعَ ٱلْوَقْتِ بَاتَتْ تَحْمِلُ مَعْنَى ٱلْمَكَانِ أَوِ ٱلْمَبْنَى ٱلْمُخَصَّصِ لِٱجْتِمَاعِهِمْ.‏

      نَشَأَتِ ٱلْمَجَامِعُ عَلَى مَا يُظَنُّ خِلَالَ ٱلسَّبْيِ ٱلْيَهُودِيِّ ٱلَّذِي دَامَ ٧٠ سَنَةً فِي بَابِلَ أَوْ بَعْدَهُ مُبَاشَرَةً.‏ وَخُصِّصَتْ هٰذِهِ ٱلْأَمَاكِنُ لِلْإِرْشَادِ وَٱلْعِبَادَةِ وَقِرَاءَةِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلْوَعْظِ.‏ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ ضَمَّتْ كُلُّ بَلْدَةٍ فِي فِلَسْطِينَ مَجْمَعًا.‏ أَمَّا ٱلْمُدُنُ ٱلْكُبْرَى فَلَمْ تَكْتَفِ بِمَجْمَعٍ وَاحِدٍ،‏ حَتَّى إِنَّ أُورُشَلِيمَ وَحْدَهَا ٱشْتَمَلَتْ عَلَى مَجَامِعَ كَثِيرَةٍ.‏

      وَلٰكِنْ عَقِبَ ٱلسَّبْيِ ٱلْبَابِلِيِّ لَمْ يَعُدْ كُلُّ ٱلْيَهُودِ إِلَى فِلَسْطِينَ،‏ بَلِ ٱنْتَقَلَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ إِلَى مَنَاطِقَ أُخْرَى لِدَوَاعٍ ٱقْتِصَادِيَّةٍ.‏ وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ،‏ كَانَتِ ٱلْجَالِيَاتُ ٱلْيَهُودِيَّةُ قَدِ ٱنْتَشَرَتْ فِي كُلِّ أَقَالِيمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ ٱلْبَالِغِ عَدَدُهَا ١٢٧.‏ (‏اس ١:‏١؛‏ ٣:‏٨‏)‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ ظَهَرَتْ أَحْيَاءٌ يَهُودِيَّةٌ فِي مُخْتَلِفِ مُدُنِ حَوْضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ وَعُرِفَ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودُ بِٱلدِّيَاسْبُورَا،‏ أَيِ ٱلشَّتَاتِ،‏ وَأَسَّسُوا هُمْ أَيْضًا ٱلْمَجَامِعَ حَيْثُمَا ٱسْتَقَرُّوا.‏

      وَفِي ٱلْمَجَامِعِ،‏ قُرِئَتِ ٱلشَّرِيعَةُ وَفُسِّرَتْ أَيَّامَ ٱلسَّبْتِ.‏ فَكَانَ ٱلْقَارِئُ يَرْتَقِي ٱلْمِنْبَرَ فِيمَا ٱلنَّاسُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ جَوَانِبَ.‏ وَقَدْ أُتِيحَ لِكُلِّ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ مُتَعَبِّدٍ أَنْ يُشَارِكَ فِي ٱلْقِرَاءَةِ وَٱلْوَعْظِ.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ مَنْ كَانَ سِرْجِيُوسُ بُولُسُ،‏ وَلِمَ حَاوَلَ بَارْيَشُوعُ إِقْنَاعَهُ أَلَّا يُصْغِيَ إِلَى ٱلْبِشَارَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَحْبَطَ شَاوُلُ مُقَاوَمَةَ بَارْيَشُوعَ؟‏

      ٦ كَانَتْ قُبْرُصُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ مُنْغَمِسَةً فِي ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَبَرَزَتْ هٰذِهِ ٱلنَّاحِيَةُ خُصُوصًا حِينَ بَلَغَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ بَافُوسَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْجَزِيرَةِ ٱلْغَرْبِيِّ.‏ فَفِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ،‏ ٱلْتَقَيَا «رَجُلًا سَاحِرًا،‏ نَبِيًّا دَجَّالًا،‏ يَهُودِيًّا ٱسْمُهُ بَارْيَشُوعُ،‏ كَانَ مَعَ ٱلْوَالِي سِرْجِيُوسَ بُولُسَ،‏ ٱلَّذِي كَانَ رَجُلًا ذَكِيًّا».‏f وَقَدْ عُرِفَ بَارْيَشُوعُ هٰذَا بِلَقَبٍ يَدُلُّ عَلَى مِهْنَتِهِ هُوَ «عَلِيمٌ» ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱلسَّاحِرَ».‏ آنَذَاكَ شَاعَ بَيْنَ ٱلرُّومَانِ ٱلْمُثَقَّفِينَ ٱللُّجُوءُ إِلَى سَاحِرٍ أَوْ مُنَجِّمٍ قَبْلَ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُهِمَّةٍ وَلَوْ كَانُوا ‹أَذْكِيَاءَ› كَسِرْجِيُوسَ بُولُسَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱهْتَمَّ هٰذَا ٱلْوَالِي بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ «وَطَلَبَ بِجِدٍّ أَنْ يَسْمَعَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ».‏ أَمَّا بَارْيَشُوعُ فَلَمْ يَرُقْ لَهُ ٱلْأَمْرُ.‏ —‏ اع ١٣:‏٦-‏٨‏.‏

      ٧ لِذٰلِكَ قَاوَمَ هٰذَا ٱلسَّاحِرُ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَلَا سَبِيلَ إِلَى حِمَايَةِ مَرْكَزِهِ كَمُسْتَشَارٍ لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ إِلَّا ‹بِإِبْعَادِ ٱلْوَالِي عَنِ ٱلْإِيمَانِ›.‏ (‏اع ١٣:‏٨‏)‏ لٰكِنَّ شَاوُلَ مَا كَانَ لِيَقِفَ مَكْتُوفَ ٱلْيَدَيْنِ فِيمَا يُخْمِدُ سَاحِرٌ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱهْتِمَامَ ٱلْوَالِي.‏ فَمَاذَا فَعَلَ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «أَمَّا شَاوُلُ ٱلَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا،‏ فَإِذْ صَارَ مُمْتَلِئًا رُوحًا قُدُسًا،‏ حَدَّقَ إِلَيْهِ وَقَالَ:‏ ‹أَيُّهَا ٱلْمُمْتَلِئُ مِنْ كُلِّ خِدَاعٍ وَرَذَالَةٍ،‏ يَا ٱبْنَ إِبْلِيسَ،‏ يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ،‏ أَلَا تَكُفُّ عَنْ تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ؟‏ فَٱلْآنَ هَا إِنَّ يَدَ يَهْوَهَ عَلَيْكَ،‏ فَتُصْبِحُ أَعْمَى لَا تُبْصِرُ نُورَ ٱلشَّمْسِ إِلَى حِينٍ›.‏ فَفِي ٱلْحَالِ سَقَطَتْ عَلَيْهِ غَشَاوَةٌ كَثِيفَةٌ وَظُلْمَةٌ،‏ وَرَاحَ يَدُورُ طَالِبًا مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ.‏ حِينَئِذٍ،‏ لَمَّا رَأَى ٱلْوَالِي مَا حَدَثَ،‏ آمَنَ مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِ يَهْوَهَ».‏g —‏ اع ١٣:‏٩-‏١٢‏.‏

      اخ يستخدم الكتاب المقدس ليدافع عن الحق في المحكمة

      تمثلا ببولس ندافع عن الحق بجرأة عند مواجهة المقاومة

      ٨ كَيْفَ نَقْتَدِي بِجُرْأَةِ بُولُسَ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٨ لَمْ يَخْشَ بُولُسُ بَارْيَشُوعَ.‏ وَتَمَثُّلًا بِهِ لَا يَسْتَحْوِذُ عَلَيْنَا ٱلْخَوْفُ حِينَ يُحَاوِلُ ٱلْمُقَاوِمُونَ تَقْوِيضَ إِيمَانِ ٱلْمُهْتَمِّينَ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَمِنْ جِهَةٍ،‏ نَحْرِصُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُنَا «كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ،‏ مُطَيَّبًا بِمِلْحٍ».‏ (‏كو ٤:‏٦‏)‏ إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ لَا نُجَازِفُ بِخَيْرِ ٱلْمُهْتَمِّينَ ٱلرُّوحِيِّ لِمُجَرَّدِ أَنْ نَتَجَنَّبَ ٱلتَّصَادُمَ مَعَ أَحَدٍ.‏ وَلَا يَرْدَعُنَا ٱلْخَوْفُ عَنْ فَضْحِ ٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ ٱلَّذِي يُمْعِنُ فِي «تَعْوِيجِ طُرُقِ يَهْوَهَ ٱلْقَوِيمَةِ» كَمَا فَعَلَ بَارْيَشُوُعُ.‏ (‏اع ١٣:‏١٠‏)‏ فَلْنُعْلِنِ ٱلْحَقَّ بِكُلِّ جُرْأَةٍ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَلْنَجْذِبِ ٱنْتِبَاهَ أَصْحَابِ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ دَعْمَ يَهْوَهَ قَدْ لَا يَظْهَرُ جَلِيًّا كَمَا فِي حَالَةِ بُولُسَ،‏ لٰكِنَّنَا مُتَأَكِّدُونَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ لِجَذْبِ ٱلْمُهْتَمِّينَ إِلَى ٱلْحَقِّ.‏ —‏ يو ٦:‏٤٤‏.‏

      ‏«كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ» (‏اعمال ١٣:‏١٣-‏٤٣‏)‏

      ٩ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا لِمَنْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٩ يَبْدُو أَنَّ تَغْيِيرًا طَرَأَ حِينَ تَرَكَ ٱلرِّجَالُ بَافُوسَ وَأَبْحَرُوا نَحْوَ مَدِينَةِ بَرْجَةَ ٱلسَّاحِلِيَّةِ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى عَلَى بُعْدِ ٢٥٠ كلم تَقْرِيبًا.‏ فَفِي ٱلْأَعْمَال ١٣:‏١٣ يُشَارُ إِلَى ٱلْمُسَافِرِينَ بِعِبَارَةِ «بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ».‏ وَتُوحِي طَرِيقَةُ ٱلتَّعْبِيرِ هٰذِهِ أَنَّ بُولُسَ تَوَلَّى تَوْجِيهَ نَشَاطَاتِهِمْ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ مَا مِنْ دَلِيلٍ أَنَّ بَرْنَابَا غَارَ مِنْهُ.‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ وَاصَلَ هٰذَانِ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْعَمَلَ كَتِفًا إِلَى كَتِفٍ لِإِتْمَامِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ،‏ رَاسِمَيْنِ مِثَالًا رَائِعًا لِلنُّظَّارِ ٱلْعَصْرِيِّينَ.‏ فَعِوَضَ ٱلتَّنَافُسِ طَمَعًا بِٱلْبُرُوزِ،‏ يُبْقِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي بَالِهِمْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «أَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ».‏ وَيَتَذَكَّرُونَ نَصِيحَتَهُ:‏ «مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ».‏ —‏ مت ٢٣:‏٨،‏ ١٢‏.‏

      ١٠ صِفُوا ٱلرِّحْلَةَ مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ.‏

      ١٠ لَمَّا وَصَلَ ٱلْمُسَافِرُونَ إِلَى بَرْجَةَ،‏ فَارَقَ يُوحَنَّا مَرْقُسُ فَجْأَةً بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَعَادَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِسَبَبٍ لَا نَعْرِفُهُ.‏ فَأَكْمَلَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلرِّحْلَةَ وَٱنْتَقَلَا مِنْ بَرْجَةَ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ،‏ إِحْدَى مُدُنِ وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ.‏ أَمَّا مَسَارُهُمَا فَلَمْ يَكُنْ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ،‏ إِذْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ ٱرْتَفَعَتْ ١٠٠‏,١ م تَقْرِيبًا عَنْ سَطْحِ ٱلْبَحْرِ.‏ وَفِي ٱلدُّرُوبِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْوَعْرَةِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا كَثُرَ قُطَّاعُ ٱلطُّرُقِ.‏ وَمَا زَادَ ٱلطِّينَ بِلَّةً هُوَ أَنَّ بُولُسَ عَانَى عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَشَاكِلَ صِحِّيَّةً فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ.‏h

      ١١،‏ ١٢ كَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ بُولُسُ ٱهْتِمَامَ سَامِعِيهِ عِنْدَمَا قَدَّمَ خِطَابًا فِي ٱلْمَجْمَعِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏

      ١١ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ.‏ يُخْبِرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «بَعْدَ ٱلْقِرَاءَةِ ٱلْعَلَنِيَّةِ لِلشَّرِيعَةِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ،‏ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا رُؤَسَاءُ ٱلْمَجْمَعِ قَائِلِينَ:‏ ‹أَيُّهَا ٱلرَّجُلَانِ ٱلْأَخَوَانِ،‏ إِنْ كَانَتْ عِنْدَكُمَا كَلِمَةُ تَشْجِيعٍ لِلشَّعْبِ،‏ فَقُولَا›».‏ (‏اع ١٣:‏١٥‏)‏ فَلَبَّى بُولُسُ طَلَبَهُمْ هٰذَا وَوَقَفَ لِيَتَكَلَّمَ.‏

      ١٢ خَاطَبَهُمْ قَائِلًا:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ،‏ وَيَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱللّٰهَ».‏ (‏اع ١٣:‏١٦‏)‏ لَقَدْ تَأَلَّفَ حُضُورُ بُولُسَ مِنْ يَهُودٍ وَمُتَهَوِّدِينَ.‏ فَكَيْفَ ٱسْتَقْطَبَ ٱهْتِمَامَهُمْ،‏ هُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِدَوْرِ يَسُوعَ فِي قَصْدِ ٱللّٰهِ؟‏ أَوَّلًا،‏ ٱسْتَعْرَضَ ٱلرَّسُولُ تَارِيخَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ فَأَوْضَحَ أَنَّ يَهْوَهَ «رَفَعَ ٱلشَّعْبَ فِي تَغَرُّبِهِمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ».‏ ثُمَّ بَعْدَ تَحْرِيرِهِمْ،‏ «تَحَمَّلَ طَرِيقَةَ تَصَرُّفِهِمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» أَرْبَعِينَ سَنَةً.‏ وَأَخْبَرَ أَيْضًا كَيْفَ ٱمْتَلَكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَرْضَ ٱلْمَوْعِدِ،‏ مُضِيفًا أَنَّ يَهْوَهَ «وَزَّعَ أَرْضَهَا بِٱلْقُرْعَةِ».‏ (‏اع ١٣:‏١٧-‏١٩‏)‏ وَيَقْتَرِحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ لَمَّحَ إِلَى مَقَاطِعَ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ قُرِئَتْ لِلتَّوِّ كَجُزْءٍ مِنْ عَادَاتِ يَوْمِ ٱلسَّبْتِ.‏ وَإِذَا صَحَّتْ تَقْدِيرَاتُهُمْ،‏ فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ تُقَدِّمُ دَلِيلًا إِضَافِيًّا يُظْهِرُ أَنَّ بُولُسَ عَرَفَ كَيْفَ يَصِيرُ «لِشَتَّى ٱلنَّاسِ كُلَّ شَيْءٍ».‏ —‏ ١ كو ٩:‏٢٢‏.‏

      ١٣ كَيْفَ نَبْلُغُ قُلُوبَ سَامِعِينَا؟‏

      ١٣ يَدْعُونَا ٱلْوَاجِبُ نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَجْذِبَ ٱنْتِبَاهَ ٱلنَّاسِ أَثْنَاءَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ تُسَاعِدُنَا مَعْرِفَةُ خَلْفِيَّةِ ٱلشَّخْصِ ٱلدِّينِيَّةِ عَلَى ٱخْتِيَارِ مَوَاضِيعَ تَهُمُّهُ خُصُوصًا.‏ وَيُمْكِنُنَا كَذٰلِكَ أَنْ نَقْتَبِسَ أَجْزَاءً مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَأْلُوفَةً لَهُ.‏ كَمَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ نَطْلُبَ مِنْهُ قِرَاءَةَ ٱلْآيَاتِ مِنْ نُسْخَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ.‏ بِبَسِيطِ ٱلْعِبَارَةِ،‏ لِنَبْحَثْ دَوْمًا عَنْ طَرَائِقَ لِبُلُوغِ قُلُوبِ سَامِعِينَا.‏

      ١٤ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱنْتَقَلَ بُولُسُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ،‏ وَأَيَّ تَحْذِيرٍ وَجَّهَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ تَجَاوُبٍ لَقِيَهُ خِطَابُ بُولُسَ؟‏

      ١٤ ثَانِيًا،‏ نَاقَشَ بُولُسُ كَيْفَ أَقَامَ ٱللّٰهُ مِنْ نَسْلِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ «مُخَلِّصًا .‏ .‏ .‏ هُوَ يَسُوعُ» كَانَ قَدْ هَيَّأَ لَهُ ٱلطَّرِيقَ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدُ.‏ وَوَصَفَ ٱلرَّسُولُ مَوْتَ يَسُوعَ وَقِيَامَتَهُ.‏ (‏اع ١٣:‏٢٠-‏٣٧‏)‏ ثُمَّ قَالَ:‏ «فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ،‏ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ،‏ أَنَّهُ بِهِ يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا،‏ وَأَنَّهُ بِهِ يَتَبَرَّأُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ».‏ بَعْدَئِذٍ وَجَّهَ إِلَى سَامِعِيهِ ٱلتَّحْذِيرَ ٱلتَّالِيَ:‏ «اُنْظُرُوا لِئَلَّا يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ مَا قِيلَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ:‏ ‹اُنْظُرُوا أَيُّهَا ٱلْمُزْدَرُونَ،‏ وَتَعَجَّبُوا وَٱضْمَحِلُّوا،‏ لِأَنَّنِي أَعْمَلُ عَمَلًا فِي أَيَّامِكُمْ،‏ عَمَلًا لَا تُصَدِّقُونَ أَبَدًا إِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِ أَحَدٌ›».‏ فَلَقِيَ خِطَابُ بُولُسَ تَجَاوُبًا رَائِعًا.‏ يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «اِلْتَمَسُوا مِنْهُمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي».‏ وَبَعْدَ أَنِ ٱنْحَلَّ ٱلْمَجْمَعُ،‏ «تَبِعَ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَمِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ ٱللّٰهَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا».‏ —‏ اع ١٣:‏٣٨-‏٤٣‏.‏

      ‏«هَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ» (‏اعمال ١٣:‏٤٤-‏٥٢‏)‏

      ١٥ مَاذَا حَصَلَ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي؟‏

      ١٥ فِي ٱلسَّبْتِ ٱلتَّالِي ٱجْتَمَعَتِ «ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا تَقْرِيبًا» لِتَسْمَعَ كَلَامَ بُولُسَ.‏ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ ٱسْتَاءُوا «وَشَرَعُوا يُنَاقِضُونَ أَقْوَالَ بُولُسَ مُجَدِّفِينَ».‏ فَقَالَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ وَرَفِيقُهُ بِجُرْأَةٍ:‏ «كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ لَكُمْ أَوَّلًا.‏ وَلٰكِنْ بِمَا أَنَّكُمْ تَدْفَعُونَهَا عَنْكُمْ وَتَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَكُمْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ،‏ فَهَا نَحْنُ نَتَحَوَّلُ إِلَى ٱلْأُمَمِ.‏ فَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَوْصَانَا يَهْوَهُ:‏ ‹قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلْأُمَمِ،‏ لِتَكُونَ خَلَاصًا إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ›».‏ —‏ اع ١٣:‏٤٤-‏٤٧؛‏ اش ٤٩:‏٦‏.‏

      بولس وبرنابا يُطردان من انطاكية بيسيدية

      ‏«حرضوا على اضطهاد بولس وبرنابا .‏.‏.‏ واستمر التلاميذ يمتلئون فرحا وروحا قدسا».‏ —‏ اعمال ١٣:‏٥٠-‏٥٢

      ١٦ مَاذَا فَعَلَ ٱلْيَهُودُ إِثْرَ سَمَاعِ أَقْوَالِ ٱلْمُرْسَلَيْنِ ٱلْقَوِيَّةِ؟‏

      ١٦ مِنْ نَاحِيَةٍ،‏ سُرَّ ٱلْأُمَمِيُّونَ بِمَا سَمِعُوا «وَآمَنَ كُلُّ ٱلَّذِينَ قُلُوبُهُمْ مُهَيَّأَةٌ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ».‏ (‏اع ١٣:‏٤٨‏)‏ فَٱنْتَشَرَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ سَرِيعًا فِي كُلِّ ٱلْكُورَةِ.‏ أَمَّا ٱلْيَهُودُ فَأَتَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِمْ مُخْتَلِفَةً تَمَامًا.‏ فَقَدْ قَالَ لَهُمُ ٱلْمُرْسَلَانِ مَا فَحْوَاهُ:‏ ‹إِنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُقَالَ لَكُمْ أَوَّلًا،‏ غَيْرَ أَنَّكُمُ ٱخْتَرْتُمْ رَفْضَ ٱلْمَسِيَّا وَٱسْتَحْقَقْتُمْ بِٱلتَّالِي دَيْنُونَةَ ٱللّٰهِ›.‏ فَأَثَارَ ٱلْيَهُودُ ٱلنِّسَاءَ ٱلشَّرِيفَاتِ وَأَعْيَانَ ٱلْمَدِينَةِ «وَحَرَّضُوا عَلَى ٱضْطِهَادِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَطَرَدُوهُمَا خَارِجَ تُخُومِهِمْ».‏ فَمَاذَا فَعَلَا حِينَئِذٍ؟‏ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا عَلَيْهِمْ وَذَهَبَا إِلَى إِيقُونِيَةَ».‏ فَهَلْ أُسْدِلَ ٱلسِّتَارُ عَلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏ إِطْلَاقًا!‏ نَقْرَأُ:‏ «اِسْتَمَرَّ ٱلتَّلَامِيذُ يَمْتَلِئُونَ فَرَحًا وَرُوحًا قُدُسًا».‏ —‏ اع ١٣:‏٥٠-‏٥٢‏.‏

      ١٧-‏١٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلرَّائِعِ،‏ وَكَيْفَ يُسَاهِمُ ذٰلِكَ فِي سَعَادَتِنَا؟‏

      ١٧ حَقًّا لَقَدْ تَرَكَ لَنَا أَخَوَانَا ٱلْأَمِينَانِ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا رَائِعًا فِي مُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ!‏ فَنَحْنُ لَا نَكُفُّ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ وَلَوْ حَاوَلَ أَصْحَابُ ٱلنُّفُوذِ إِسْكَاتَنَا.‏ لَاحِظْ أَيْضًا مَا فَعَلَاهُ عِنْدَمَا رَفَضَ سُكَّانُ أَنْطَاكِيَةَ رِسَالَتَهُمَا.‏ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا».‏ وَهُمَا لَمْ يَقْصِدَا بِهٰذِهِ ٱلْحَرَكَةِ ٱلتَّعْبِيرَ عَنِ ٱلْغَضَبِ،‏ بَلْ رَفْعَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا.‏ فَقَدْ أَدْرَكَا أَنَّهُمَا لَا يَتَحَكَّمَانِ فِي تَجَاوُبِ ٱلْآخَرِينَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا قَادِرَانِ أَنْ يُقَرِّرَا هَلْ يُوَاصِلَانِ ٱلْكِرَازَةَ.‏ وَهٰذَا مَا فَعَلَاهُ بِٱلضَّبْطِ بِٱنْتِقَالِهِمَا إِلَى إِيقُونِيَةَ.‏

      ١٨ وَمَاذَا عَنِ ٱلتَّلَامِيذِ فِي أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ؟‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِهِمْ كَانُوا عِدَائِيِّينَ،‏ إِلَّا أَنَّ سَعَادَتَهُمْ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى تَجَاوُبِ سَامِعِيهِمْ.‏ فَقَدْ عَزَمُوا أَنْ يُطَبِّقُوا كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «يَا لَسَعَادَةِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَحْفَظُونَهَا!‏».‏ —‏ لو ١١:‏٢٨‏.‏

      ١٩ وَتَمَثُّلًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ لِنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ فَوَحْدَهُمْ سَامِعُونَا يُقَرِّرُونَ هَلْ يَقْبَلُونَ رِسَالَتَنَا أَمْ يَرْفُضُونَهَا.‏ وَفِي حَالِ بَدَا أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِنَا غَيْرُ مُتَجَاوِبِينَ،‏ فَلْنَتَذَكَّرِ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ فَإِذَا كُنَّا نُقَدِّرُ ٱلْحَقَّ وَنَنْقَادُ بِٱلرُّوحِ،‏ يُمْكِنُنَا عَلَى غِرَارِهِمْ أَنْ نَفْرَحَ حَتَّى فِي وَجْهِ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ —‏ غل ٥:‏١٨،‏ ٢٢‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏بَرْنَابَا:‏ ‹اِبْنُ ٱلْعَزَاءِ›‏‏».‏

      b بِحُلُولِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ،‏ كَانَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ قَدِ ٱنْتَشَرَتِ ٱنْتِشَارًا لَا يُسْتَهَانُ بِهِ.‏ وَٱلدَّلِيلُ وُجُودُ جَمَاعَةٍ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ ٥٥٠ كلم تَقْرِيبًا شَمَالَ أُورُشَلِيمَ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلسَّفَرُ بَرًّا‏».‏

      d قَطَعَتِ ٱلسُّفُنُ أَيَّامَ ٱلرُّسُلِ مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْوَاحِدِ إِذَا كَانَتِ ٱلرِّيَاحُ مُؤَاتِيَةً.‏ أَمَّا فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلْمُعَاكِسَةِ فَٱسْتَغْرَقَتِ ٱلرِّحْلَاتُ وَقْتًا أَطْوَلَ بِكَثِيرٍ.‏

      e اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِ‏».‏

      f خَضَعَتْ قُبْرُصُ لِسُلْطَةِ مَجْلِسِ ٱلشُّيُوخِ ٱلرُّومَانِيِّ،‏ فَكَانَ حَاكِمُهَا بِرُتْبَةِ وَالٍ رُومَانِيٍّ (‏بْرُوكَنْسُل)‏.‏

      g اِبْتِدَاءً مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ يُشَارُ إِلَى شَاوُلَ بِٱلِٱسْمِ بُولُسَ.‏ وَيَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ تَبَنَّى هٰذَا ٱلِٱسْمَ ٱلرُّومَانِيَّ إِكْرَامًا لِسِرْجِيُوسَ بُولُسَ.‏ لٰكِنَّ ٱسْتِعْمَالَهُ ٱلِٱسْمَ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِ قُبْرُصَ يُرَجِّحُ كَفَّةَ تَفْسِيرٍ آخَرَ.‏ فَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّ بُولُسَ بِٱعْتِبَارِهِ ‹رَسُولًا لِلْأُمَمِ› قَرَّرَ مِنَ ٱلْآنَ فَصَاعِدًا ٱسْتِخْدَامَ ٱسْمِهِ ٱلرُّومَانِيِّ.‏ وَلَرُبَّمَا أَيْضًا ٱسْتَعْمَلَ هٰذَا ٱلِٱسْمَ لِأَنَّ تَلَفُّظَ ٱلْيُونَانِيِّينَ بِٱسْمِهِ ٱلْعِبْرَانِيِّ شَاوُلَ شَبِيهٌ جِدًّا بِلَفْظِ كَلِمَةٍ يُونَانِيَّةٍ لَهَا مَعْنًى مُبْتَذَلٌ.‏ —‏ رو ١١:‏١٣‏.‏

      h بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ،‏ كَتَبَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ غَلَاطِيَةَ:‏ «بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي جَسَدِي سَنَحَتْ لِي ٱلْفُرْصَةُ أَنْ أُبَشِّرَكُمْ فِي ٱلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى».‏ —‏ غل ٤:‏١٣‏.‏

      بَرْنَابَا:‏ «اِبْنُ ٱلْعَزَاءِ»‏

      هُوَ يُوسُفُ،‏ لَاوِيٌّ قُبْرُصِيُّ ٱلْأَصْلِ وَعُضْوٌ بَارِزٌ فِي جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ ٱلْبَاكِرَةِ.‏ لَقَّبَهُ ٱلرُّسُلُ بَرْنَابَا،‏ ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱبْنَ ٱلْعَزَاءِ»،‏ دَلَالَةً عَلَى شَخْصِيَّتِهِ.‏ (‏اع ٤:‏٣٦‏)‏ فَحِينَ لَاحَظَ أَنَّ رُفَقَاءَهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ يَمُرُّونَ بِضَائِقَةٍ،‏ بَادَرَ فَوْرًا إِلَى نَجْدَتِهِمْ.‏

      برنابا

      فَفِي يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ ٱعْتَمَدَ ٠٠٠‏,٣ تِلْمِيذٍ جَدِيدٍ.‏ وَيُرَجَّحُ أَنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنْهُمْ كَانُوا قَدْ أَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِلِٱحْتِفَالِ بِٱلْعِيدِ،‏ ثُمَّ مَدَّدُوا إِقَامَتَهُمْ فِيهَا دُونَ سَابِقِ تَخْطِيطٍ.‏ فَٱحْتَاجَتِ ٱلْجَمَاعَةُ إِلَى ٱلْمَالِ لِسَدِّ حَاجَاتِ هٰذَا ٱلْعَدَدِ ٱلْكَبِيرِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْ بَرْنَابَا إِلَّا أَنْ بَاعَ قِطْعَةَ أَرْضٍ وَأَعْطَى ٱلْمَالَ بِسَخَاءٍ لِلرُّسُلِ.‏ —‏ اع ٤:‏٣٢-‏٣٧‏.‏

      كَانَ بَرْنَابَا نَاظِرًا مَسِيحِيًّا نَاضِجًا يَرْغَبُ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ.‏ فَهُوَ مَنْ مَدَّ يَدَ ٱلْعَوْنِ إِلَى شَاوُلَ ٱلطَّرْسُوسِيِّ بُعَيْدَ ٱهْتِدَائِهِ،‏ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي خَافَ مِنْهُ سَائِرُ ٱلتَّلَامِيذِ إِذْ سَمِعُوا عَنِ ٱضْطِهَادِهِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ (‏اع ٩:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ إِلَى جَانِبِ ذٰلِكَ،‏ تَجَاوَبَ بِتَوَاضُعٍ عِنْدَمَا وَجَّهَ بُولُسُ إِلَيْهِ وَإِلَى بُطْرُسَ مَشُورَةً قَوِيَّةً بِشَأْنِ عَلَاقَةِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ وَأُمَمِيٍّ وَاحِدِهِمْ بِٱلْآخَرِ.‏ (‏غل ٢:‏٩،‏ ١١-‏١٤‏)‏ حَقًّا،‏ كَانَ بَرْنَابَا «ٱبْنَ ٱلْعَزَاءِ» بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ.‏

  • ‏«يتكلمان بجرأة بسلطة يهوه»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٢

      ‏«يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»‏

      بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُعْرِبَانِ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْجُرْأَةِ وَيُثَابِرَانِ فِي خِدْمَتِهِمَا

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٤:‏١-‏٢٨

      ١،‏ ٢ مَاذَا يَحْدُثُ أَثْنَاءَ وُجُودِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا فِي لِسْتَرَةَ؟‏

      حَدَثٌ أَقَامَ ٱلدُّنْيَا وَأَقْعَدَهَا فِي لِسْتَرَةَ:‏ رَجُلَانِ غَرِيبَانِ يَشْفِيَانِ مُقْعَدًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ!‏ هَا هُوَ ٱلْمُقْعَدُ يَثِبُ فَرَحًا فِيمَا ٱلنَّاسُ يَشْهَقُونَ وَيَصِيحُونَ:‏ «قَدْ تَشَبَّهَ ٱلْآلِهَةُ بِٱلنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا!‏».‏ (‏اع ١٤:‏١١‏)‏ يَأْتِي كَاهِنُ زَفْسٍ بِأَكَالِيلَ وَثِيرَانٍ لِتَقْدِيمِهَا ذَبِيحَةً.‏ لٰكِنَّ بُولُسَ وَبَرْنَابَا يَصْرُخَانِ!‏ يَسْتَنْكِرَانِ!‏ يُمَزِّقَانِ أَرْدِيَتَهُمَا!‏ وَيَنْدَفِعَانِ نَحْوَ ٱلْحَشْدِ رَاجِيَيْنِهِمْ أَلَّا يَعْبُدُوهُمَا.‏ وَبَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ تَرْتَدِعُ ٱلْجُمُوعُ.‏

      ٢ بَعْدَئِذٍ يَصِلُ يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَيَنْشُرُونَ ٱفْتِرَاءَاتٍ بَغِيضَةً فَيُسَمِّمُونَ عُقُولَ أَهْلِ لِسْتَرَةَ.‏ وَإِذَا بِٱلْحَشْدِ ٱلْمُتَعَبِّدِ يَنْقَلِبُ مِئَةً وَثَمَانِينَ دَرَجَةً!‏ فَيُطْبِقُونَ عَلَى بُولُسَ وَيَرْجُمُونَهُ بِٱلْحِجَارَةِ حَتَّى يَفْقِدَ ٱلْوَعْيَ.‏ وَبَعْدَ أَنْ يُبَرِّدُوا غَلِيلَهُمْ،‏ يَجُرُّونَ جَسَدَهُ ٱلْهَامِدَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ ظَانِّينَ أَنَّهُ فَارَقَ ٱلْحَيَاةَ.‏

      ٣ أَيُّ أَسْئِلَةٍ يُجِيبُ عَنْهَا هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟‏

      ٣ فَكَيْفَ آلَتِ ٱلْأُمُورُ إِلَى مَا آلَتْ إِلَيْهِ؟‏ مَاذَا يَتَعَلَّمُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْبِشَارَةِ ٱلْيَوْمَ مِمَّا حَصَلَ مَعَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ ٱلْمُتَقَلِّبِينَ؟‏ وَكَيْفَ يَقْتَدِي ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِمِثَالِ هٰذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْأَمِينَيْنِ ٱللَّذَيْنِ ثَابَرَا فِي خِدْمَتِهِمَا وَتَكَلَّمَا «بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ»؟‏ —‏ اع ١٤:‏٣‏.‏

      ‏«صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ .‏ .‏ .‏ مُؤْمِنِينَ» (‏اعمال ١٤:‏١-‏٧‏)‏

      ٤،‏ ٥ لِمَ سَافَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى إِيقُونِيَةَ وَمَاذَا حَصَلَ هُنَاكَ؟‏

      ٤ مُنْذُ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ،‏ طُرِدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مِنْ مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ فِي بِيسِيدِيَةَ بَعْدَ أَنْ أَلَّبَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱلنَّاسَ عَلَيْهِمْ.‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَسْلِمَا،‏ بَلْ «نَفَضَ هٰذَانِ غُبَارَ أَقْدَامِهِمَا» عَلَى سُكَّانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّافِضِينَ ٱلْبِشَارَةَ.‏ (‏اع ١٣:‏٥٠-‏٥٢؛‏ مت ١٠:‏١٤‏)‏ فَغَادَرَا بِهُدُوءٍ وَسَلَّمَا ٱلْأَمْرَ لِلّٰهِ.‏ (‏اع ١٨:‏٥،‏ ٦؛‏ ٢٠:‏٢٦‏)‏ ثُمَّ وَاصَلَا رِحْلَتَهُمَا ٱلتَّبْشِيرِيَّةَ بِٱلْفَرَحِ عَيْنِهِ.‏ فَقَطَعَا مَسَافَةَ ١٥٠ كلم تَقْرِيبًا صَوْبَ ٱلْجَنُوبِ ٱلشَّرْقِيِّ،‏ حَتَّى بَلَغَا هَضْبَةً خِصْبَةً بَيْنَ سِلْسِلَتَيْ جِبَالِ طُورُوس وَسُلْطَان.‏

      ٥ بِدَايَةً تَوَقَّفَ ٱلْمُرْسَلَانِ فِي إِيقُونِيَةَ،‏ إِحْدَى ٱلْمُدُنِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي إِقْلِيمِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيِّ.‏a وَقَدْ ضَمَّتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلطَّابِعِ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً نَافِذَةً وَعَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ.‏ وَكَعَادَتِهِمَا دَخَلَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمَجْمَعَ وَكَرَزَا فِيهِ.‏ (‏اع ١٣:‏٥،‏ ١٤‏)‏ «وَتَكَلَّمَا بِحَيْثُ صَارَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ مُؤْمِنِينَ».‏ —‏ اع ١٤:‏١‏.‏

      إِيقُونِيَةُ:‏ مَدِينَةُ ٱلْفَرِيجِيِّينَ

      بُنِيَتْ إِيقُونِيَةُ عَلَى هَضْبَةٍ عَالِيَةٍ،‏ أَرْضُهَا خِصْبَةٌ كَثِيرَةُ ٱلْمِيَاهِ.‏ وَقَدِ ٱحْتَلَّتْ مَوْقِعًا رَئِيسِيًّا عِنْدَ تَقَاطُعِ طُرُقٍ تِجَارِيَّةٍ رَبَطَتْ سُورِيَّةَ بِرُومَا وَٱلْيُونَانِ وَإِقْلِيمِ آسِيَا ٱلرُّومَانِيِّ.‏

      عَبَدَ أَهْلُ إِيقُونِيَةَ سِيبِيل إِلٰهَةَ ٱلْخِصْبِ عِنْدَ ٱلْفَرِيجِيِّينَ.‏ وَٱشْتَمَلَتْ دِيَانَتُهُمْ عَلَى أَوْجُهٍ مُتَبَنَّاةٍ مِنَ ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ خِلَالَ ٱلْحِقْبَةِ ٱلْهِلِّينِسْتِيَّةِ.‏ عَامَ ٦٥ ق‌م،‏ أَخْضَعَ ٱلرُّومَانُ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ.‏ وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ،‏ كَانَتْ مَرْكَزًا زِرَاعِيًّا وَتِجَارِيًّا مُهِمًّا وَمُزْدَهِرًا.‏ وَمَعَ أَنَّهَا ضَمَّتْ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً لَهَا ثِقَلُهَا،‏ ٱحْتَفَظَتْ إِيقُونِيَةُ بِطَابِعٍ هِلِّينِسْتِيٍّ.‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَتَحَدَّثُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ عَنْ سُكَّانِهَا مِنْ يَهُودٍ وَ «يُونَانِيِّينَ».‏ —‏ اع ١٤:‏١‏.‏

      بِسَبَبِ مَوْقِعِ إِيقُونِيَةَ عَلَى ٱلْحُدُودِ بَيْنَ مِنْطَقَتَيْ لِيكَأُونِيَةَ وَفَرِيجِيَةَ فِي غَلَاطِيَةَ،‏ نَسَبَهَا بَعْضُ ٱلْكُتَّابِ ٱلْقُدَمَاءِ أَمْثَالُ شَيْشَرُون وَسْتْرَابُو إِلَى لِيكَأُونِيَةَ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ ٱنْتَمَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ جُغْرَافِيًّا إِلَى تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ.‏ لٰكِنَّ سِفْرَ ٱلْأَعْمَالِ مَيَّزَهَا مِنْ لِيكَأُونِيَةَ حَيْثُ يُنْطَقُ «بِٱللُّغَةِ ٱللِّيكَأُونِيَّةِ».‏ (‏اع ١٤:‏١-‏٦،‏ ١١‏)‏ بِنَاءً عَلَيْهِ،‏ شَكَّكَ ٱلنُّقَّادُ فِي دِقَّةِ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ وَلٰكِنْ عَامَ ١٩١٠،‏ وَجَدَ عُلَمَاءُ ٱلْآثَارِ نَقْشَيْنِ فِيهَا يَدُلَّانِ أَنَّ ٱللُّغَةَ ٱلْفَرِيجِيَّةَ كَانَ يُنْطَقُ بِهَا هُنَاكَ عَلَى مَدَى قَرْنَيْنِ عَقِبَ زِيَارَةِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا.‏ وَهٰكَذَا أَصَابَ كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ حِينَ مَيَّزَ بَيْنَ إِيقُونِيَةَ وَمُدُنِ لِيكَأُونِيَةَ.‏

      ٦ مَا ٱلسِّرُّ فِي تَعْلِيمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهِمَا؟‏

      ٦ فَلِمَ لَاقَى تَعْلِيمُ بُولُسَ وَبَرْنَابَا هٰذَا ٱلنَّجَاحَ؟‏ كَانَ بُولُسُ مُتَبَحِّرًا فِي حِكْمَةِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ فَٱقْتَبَسَ مِنَ ٱلتَّارِيخِ وَٱلنُّبُوَّةِ وَٱلشَّرِيعَةِ وَرَبَطَ بِبَرَاعَةٍ فِي مَا بَيْنَهَا لِيُبَرْهِنَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ.‏ (‏اع ١٣:‏١٥-‏٣١؛‏ ٢٦:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ أَمَّا بَرْنَابَا فَبَدَا عَلَيْهِ جَلِيًّا ٱهْتِمَامُهُ بِٱلنَّاسِ.‏ (‏اع ٤:‏٣٦،‏ ٣٧؛‏ ٩:‏٢٧؛‏ ١١:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَتَّكِلْ أَيٌّ مِنْهُمَا عَلَى فَهْمِهِ ٱلْخَاصِّ،‏ بَلْ تَكَلَّمَا «بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ».‏ فَكَيْفَ تَسِيرُ أَنْتَ عَلَى خُطَاهُمَا؟‏ بِتَطْبِيقِ مَا يَلِي:‏ اُدْرُسْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِتَمَعُّنٍ؛‏ اِخْتَرِ ٱقْتِبَاسَاتٍ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ تَرُوقُ سَامِعِيكَ خُصُوصًا؛‏ فَكِّرْ فِي طَرَائِقَ عَمَلِيَّةٍ لِتَعْزِيَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِكَ؛‏ اِسْتَنِدْ دَائِمًا إِلَى سُلْطَةِ كَلِمَةِ يَهْوَهَ فِي ٱلتَّعْلِيمِ؛‏ وَلَا تَتَّكِلْ أَبَدًا عَلَى حِكْمَتِكَ ٱلْخَاصَّةِ.‏

      ٧ (‏أ)‏ كَيْفَ يَنْظُرُ ٱلنَّاسُ إِلَى بِشَارَتِنَا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ حَقِيقَةٍ يَحْسُنُ بِكَ تَذَكُّرُهَا فِي حَالِ كَانَتْ عَائِلَتُكَ مُنْقَسِمَةً نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ؟‏

      ٧ وَلٰكِنْ هَلْ سُرَّ جَمِيعُ سُكَّانِ إِيقُونِيَةَ بِرِسَالَةِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏ يَرْوِي لُوقَا:‏ «اَلْيَهُودُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا أَثَارُوا وَحَرَّضُوا نُفُوسَ أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ».‏ عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ ٱلْمُرْسَلَانِ ٱلْحَاجَةَ إِلَى ٱلْبَقَاءِ وَٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ «فَقَضَيَا وَقْتًا طَوِيلًا يَتَكَلَّمَانِ بِجُرْأَةٍ».‏ وَكَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ أَنَّ «جُمْهُورَ ٱلْمَدِينَةِ ٱنْقَسَمَ،‏ فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ ٱلْيَهُودِ،‏ وَبَعْضُهُمْ مَعَ ٱلرَّسُولَيْنِ».‏ (‏اع ١٤:‏٢-‏٤‏)‏ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تَتَبَايَنُ ٱلْآرَاءُ فِي بِشَارَتِنَا.‏ فَتَكُونُ لِلْبَعْضِ رِبَاطًا مُوَحِّدًا وَلِلْبَعْضِ ٱلْآخَرِ مَوْضُوعَ شِقَاقٍ.‏ (‏مت ١٠:‏٣٤-‏٣٦‏)‏ فَفِي حَالِ ٱنْقَسَمَتْ عَائِلَتُكَ نَتِيجَةَ إِطَاعَتِكَ ٱلْبِشَارَةَ،‏ تَذَكَّرْ أَنَّ ٱلْمُقَاوَمَةَ فِي ٱلْغَالِبِ نَاتِجَةٌ عَنْ شَائِعَاتٍ كَاذِبَةٍ أَوِ ٱفْتِرَاءَاتٍ سَافِرَةٍ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ يَكُونُ سُلُوكُكَ ٱلْحَسَنُ تِرْيَاقًا لِهٰذِهِ ٱلسُّمُومِ،‏ وَرُبَّمَا يُلَيِّنُ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ قُلُوبَ مُقَاوِمِيكَ.‏ —‏ ١ بط ٢:‏١٢؛‏ ٣:‏١،‏ ٢‏.‏

      ٨ لِمَ غَادَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِيقُونِيَةَ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا؟‏

      ٨ بَعْدَ فَتْرَةٍ حَاكَ ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي إِيقُونِيَةَ مُؤَامَرَةً لِرَجْمِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا.‏ وَلَمَّا بَلَغَ ٱلْخَبَرُ مَسَامِعَ ٱلْمُرْسَلَيْنِ،‏ فَضَّلَا ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى مُقَاطَعَةٍ أُخْرَى.‏ (‏اع ١٤:‏٥-‏٧‏)‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يَتَّصِفُ ٱلْمُنَادُونَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلْعَصْرِيُّونَ بِٱلْفِطْنَةِ.‏ فَحِينَ يُوَجَّهُ إِلَيْنَا كَلَامٌ قَبِيحٌ مُهِينٌ،‏ نُثَابِرُ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ.‏ (‏في ١:‏٧؛‏ ١ بط ٣:‏١٣-‏١٥‏)‏ أَمَّا عِنْدَمَا تَظْهَرُ بَوَادِرُ أَعْمَالِ عُنْفٍ فَلَا نَتَهَوَّرُ بِلَا لُزُومٍ مُجَازِفِينَ بِحَيَاتِنَا أَوْ بِحَيَاةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ —‏ ام ٢٢:‏٣‏.‏

      اِرْجِعُوا «إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» (‏اعمال ١٤:‏٨-‏١٩‏)‏

      ٩،‏ ١٠ أَيْنَ كَانَتْ تَقَعُ لِسْتَرَةُ،‏ وَمَاذَا نَعْرِفُ عَنْ أَهْلِهَا؟‏

      ٩ كَانَتْ لِسْتَرَةُ مَحَطَّةَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلتَّالِيَةَ.‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ مُسْتَعْمَرَةٌ رُومَانِيَّةٌ تَبْعُدُ ٣٠ كلم جَنُوبَ غَرْبِ إِيقُونِيَةَ.‏ كَانَتْ تَرْبُطُهَا عَلَاقَاتٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَةَ،‏ لٰكِنَّهَا بِخِلَافِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ لَمْ تَضُمَّ جَالِيَةً يَهُودِيَّةً قَوِيَّةً.‏ وَفِي حِينِ تَكَلَّمَ سُكَّانُهَا ٱلْيُونَانِيَّةَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ كَانَتْ لُغَتُهُمُ ٱلْأُمُّ ٱللِّيكَأُونِيَّةَ.‏ وَفِي لِسْتَرَةَ،‏ رَاحَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا يُبَشِّرَانِ فِي أَحَدِ ٱلْأَمَاكِنِ ٱلْعَامَّةِ،‏ رُبَّمَا لِعَدَمِ وُجُودِ مَجْمَعٍ.‏ بَعْدَئِذٍ شَفَى بُولُسُ رَجُلًا وُلِدَ مُقْعَدًا.‏ (‏اع ١٤:‏٨-‏١٠‏)‏ قَدْ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةُ بِبُطْرُسَ حِينَ شَفَى فِي أُورُشَلِيمَ رَجُلًا كَسِيحًا مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ.‏ آنَذَاكَ آمَنَ جَمْعٌ كَبِيرٌ بِٱلرَّبِّ.‏ (‏اع ٣:‏١-‏١٠‏)‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلنَّتِيجَةَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَتَتْ مُغَايِرَةً تَمَامًا.‏

      ١٠ فَكَمَا قَرَأْنَا فِي ٱلْفِقْرَةِ ٱلْأُولَى،‏ تَوَصَّلَ أَهْلُ لِسْتَرَةَ ٱلْوَثَنِيُّونَ إِلَى ٱسْتِنْتَاجٍ خَاطِئٍ حَالَمَا رَأَوُا ٱلرَّجُلَ يَثِبُ وَاقِفًا.‏ فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّ بَرْنَابَا هُوَ زَفْسٌ،‏ سَيِّدُ ٱلْآلِهَةِ عِنْدَ ٱلْيُونَانِيِّينَ،‏ وَبُولُسَ هُوَ هِرْمِسُ،‏ ٱبْنُ زَفْسٍ وَرَسُولُ ٱلْآلِهَةِ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏عِبَادَةُ زَفْسٍ وَهِرْمِسَ فِي لِسْتَرَةَ‏».‏)‏ إِلَّا أَنَّ بَرْنَابَا وَبُولُسَ صَمَّمَا أَنْ يُصَحِّحَا ٱللُّبْسَ وَيُفْهِمَا ٱلْجُمُوعَ أَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَصَرَّفَانِ لَا بِسُلْطَةِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْوَثَنِيَّةِ،‏ بَلْ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلْوَحِيدِ.‏ —‏ اع ١٤:‏١١-‏١٤‏.‏

      عِبَادَةُ زَفْسٍ وَهِرْمِسَ فِي لِسْتَرَةَ

      كَانَتْ لِسْتَرَةُ تَقَعُ فِي وَادٍ مُنْعَزِلٍ بَعِيدًا عَنِ ٱلطُّرُقَاتِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ.‏ وَقَدْ جَعَلَهَا أُوغُسْطُسُ قَيْصَرُ مُسْتَعْمَرَةً رُومَانِيَّةً وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ٱلِٱسْمَ يُولِيَا فِلِيكْس جِمِينَا لُوسْتْرا.‏ وَكَانَتِ ٱلْحَامِيَةُ ٱلْمَوْجُودَةُ فِيهَا مُوَكَّلَةً بِٱلدِّفَاعِ عَنْ وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ فِي وَجْهِ ٱلْقَبَائِلِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ.‏ لِذَا أُدِيرَتْ شُؤُونُهَا وَفْقَ ٱلتَّنْظِيمِ ٱلْمَدَنِيِّ ٱلرُّومَانِيِّ ٱلتَّقْلِيدِيِّ وَحَمَلَ ٱلْمَسْؤُولُونَ فِيهَا أَلْقَابًا لَاتِينِيَّةً.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمَدِينَةَ حَافَظَتْ إِجْمَالًا عَلَى مُمَيِّزَاتِهَا ٱلتَّقْلِيدِيَّةِ فَغَلَبَ عَلَيْهَا ٱلطَّابِعُ ٱللِّيكَأُونِيُّ لَا ٱلرُّومَانِيُّ.‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَذْكُرُ رِوَايَةُ ٱلْأَعْمَالِ أَنَّ ٱلْجُمُوعَ فِي لِسْتَرَةَ تَكَلَّمُوا بِٱللُّغَةِ ٱللِّيكَأُونِيَّةِ.‏

      وَفِي مِنْطَقَةِ لِسْتَرَةَ ٱلْقَدِيمَةِ،‏ ٱكْتَشَفَ عُلَمَاءُ ٱلْآثَارِ تِمْثَالًا لِلْإِلٰهِ هِرْمِسَ وَنُقُوشًا تَأْتِي عَلَى ذِكْرِ «كَهَنَةِ زَفْسٍ».‏ وَعُثِرَ أَيْضًا عَلَى مَذْبَحٍ مُكَرَّسٍ لِزَفْسٍ وَهِرْمِسَ.‏

      وَثَمَّةَ أُسْطُورَةٌ سَجَّلَهَا ٱلشَّاعِرُ ٱلرُّومَانِيُّ أُوفِيد (‏٤٣ ق‌م إِلَى ١٧ ب‌م)‏ تُلْقِي ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلضَّوْءِ عَلَى ٱلْحَادِثَةِ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ فَوَفْقًا لِهٰذَا ٱلشَّاعِرِ،‏ زَارَ ٱلْإِلٰهَانِ ٱلرُّومَانِيَّانِ جُوبِيتِر وَمُرْكْيُورِي (‏يُقَابِلَانِ زَفْسًا وَهِرْمِسَ ٱلْيُونَانِيَّيْنِ)‏ فَرِيجِيَةَ مُتَنَكِّرَيْنِ فِي جِسْمَيْنِ بَشَرِيَّيْنِ.‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلتِّلَالِ،‏ قَرَعَا أَبْوَابَ أَلْفِ بَيْتٍ طَلَبًا لِلضِّيَافَةِ.‏ لٰكِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْبَلْهُمَا سِوَى زَوْجَيْنِ مُسِنَّيْنِ يُدْعَيَانِ فِلِيمُون وَبُوسِيس.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ حَوَّلَ ٱلْإِلٰهَانِ كُوخَهُمَا ٱلْمُتَوَاضِعَ إِلَى هَيكَلٍ مِنْ رُخَامٍ وَذَهَبٍ وَجَعَلَاهُمَا كَاهِنَيْنِ فِيهِ.‏ ثُمَّ دَمَّرَا بُيُوتَ مَنْ رَفَضُوا ٱسْتِقْبَالَهُمَا.‏ يَقُولُ كِتَابُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ فِي إِطَارِهِ ٱلْإِغْرِيقِيِّ ٱلرُّومَانِيِّ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏:‏ «فِي حَالِ ٱسْتَذْكَرَ أَهْلُ لِسْتَرَةَ هٰذِهِ ٱلْأُسْطُورَةَ عِنْدَمَا شَفَى بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْمُقْعَدَ،‏ لَا عَجَبَ أَنْ يَنْدَفِعُوا إِلَى تَقْرِيبِ ٱلذَّبَائِحَ تَرْحِيبًا بِهِمَا».‏

      بولس وبرنابا لم يقبلا ان يمجدهما اهل لسترة

      ‏«نبشركم لكي ترجعوا عن هذه الاباطيل الى اللّٰه الحي،‏ الذي صنع السماء والارض».‏ —‏ اعمال ١٤:‏١٥

      ١١-‏١٣ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١١ رَغْمَ ٱلْمُسْتَجِدَّاتِ ٱلْمُتَسَارِعَةِ،‏ أَبَى ٱلْمُرْسَلَانِ أَنْ يَتَحَوَّلَا عَنْ مَسْعَاهُمَا ٱلْأَسَاسِيِّ وَحَاوَلَا بُلُوغَ قُلُوبِ سَامِعِيهِمَا بِأَفْضَلِ طَرِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلسِّيَاقِ،‏ يُخْبِرُنَا لُوقَا عَنِ ٱلْأُسْلُوبِ ٱلْفَعَّالِ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ بُولُسُ وَبَرْنَابَا فِي ٱلْكِرَازَةِ لِلْوَثَنِيِّينَ.‏ لَاحِظْ كَيْفَ خَاطَبَا حُضُورَهُمَا:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ،‏ لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هٰذَا؟‏ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ ضُعَفَاءُ مِثْلُكُمْ،‏ وَنُبَشِّرُكُمْ لِكَيْ تَرْجِعُوا عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَبَاطِيلِ إِلَى ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ،‏ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ وَٱلْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا.‏ لَقَدْ سَمَحَ لِلْأُمَمِ جَمِيعًا فِي ٱلْأَجْيَالِ ٱلْمَاضِيَةِ بِأَنْ تَذْهَبَ فِي طُرُقِهَا،‏ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلَا شَهَادَةٍ بِمَا فَعَلَ مِنْ صَلَاحٍ،‏ مُعْطِيًا إِيَّاكُمْ أَمْطَارًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَمَوَاسِمَ مُثْمِرَةً،‏ مُفْعِمًا قُلُوبَكُمْ طَعَامًا وَسُرُورًا».‏ —‏ اع ١٤:‏١٥-‏١٧‏.‏

      ١٢ أَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَمِيقَةِ؟‏ أَوَّلًا،‏ لَمْ يَنْظُرْ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى حُضُورِهِمَا نَظْرَةً دُونِيَّةً.‏ فَهُمَا لَمْ يَتَظَاهَرَا بِمَا لَيْسَ فِيهِمَا،‏ بَلْ أَقَرَّا بِتَوَاضُعٍ أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ بِمِثْلِ ضَعَفَاتِ سَامِعِيهِمَا ٱلْوَثَنِيِّينَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمَا مُسِحَا بِٱلرُّوحِ وَنَالَا رَجَاءَ ٱلْحُكْمِ مَعَ ٱلْمَسِيحِ وَتَحَرَّرَا مِنَ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ،‏ لٰكِنَّهُمَا أَدْرَكَا أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمَوَاهِبَ عَيْنَهَا مُتَاحَةٌ لِسُكَّانِ لِسْتَرَةَ أَيْضًا شَرْطَ أَنْ يُطِيعُوا يَسُوعَ.‏

      ١٣ فَمَا ٱلْقَوْلُ فِينَا؟‏ كَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا؟‏ هَلْ نُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ ٱلنِّدِّ لِلنِّدِّ؟‏ وَحِينَ نُعَلِّمُهُمْ حَقَائِقَ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ،‏ هَلْ نَتَجَنَّبُ طَلَبَ ٱلْمَجْدِ وَٱلْإِطْرَاءِ تَمَثُّلًا بَبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏ إِلَيْكَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ مِثَالًا رَائِعًا تَرَكَهُ تْشَارْلْز تَاز رَصِل،‏ مُعَلِّمٌ بَارِعٌ تَوَلَّى ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ أَوَاخِرَ ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعَ عَشَرَ وَأَوَائِلَ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ.‏ كَتَبَ قَائِلًا:‏ «لَا نَطْلُبُ ٱلْإِجْلَالَ وَٱلتَّوْقِيرَ؛‏ لَا لِأَنْفُسِنَا وَلَا لِكِتَابَاتِنَا.‏ وَلَا نَرْغَبُ أَنْ يُدْعَى أَيٌّ مِنَّا أَبًا أَوْ سَيِّدًا».‏ حَقًّا لَقَدْ عَكَسَ ٱلْأَخُ رَصِل مَوْقِفَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱلْمُتَوَاضِعَ.‏ وَعَلَى غِرَارِهِمْ،‏ لَا نَهْدِفُ مِنْ بِشَارَتِنَا إِلَى نَيْلِ ٱلْمَجْدِ مِنَ ٱلنَّاسِ،‏ بَلْ مُسَاعَدَتِهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى «ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ».‏

      ١٤-‏١٦ أَيُّ دَرْسَيْنِ إِضَافِيَّيْنِ نَتَعَلَّمُهُمَا مِنْ كَلَامِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا إِلَى أَهْلِ لِسْتَرَةَ؟‏

      ١٤ تَأَمَّلْ أَيْضًا فِي دَرْسٍ ثَانٍ نَسْتَخْلِصُهُ مِنْ هٰذَا ٱلْخِطَابِ.‏ فَقَدْ تَحَلَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا بِٱلْمُرُونَةِ فِي ٱلتَّعَامُلِ مَعَ سَامِعِيهِمَا.‏ فَعَلَى خِلَافِ ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ فِي إِيقُونِيَةَ،‏ لَمْ يَعْرِفْ سُكَّانُ لِسْتَرَةَ إِلَّا ٱلْقَلِيلَ عَنِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَتَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ،‏ هٰذَا إِذَا عَرَفُوا عَنْهَا شَيْئًا مِنَ ٱلْأَسَاسِ.‏ فَأَيَّ أُسْلُوبٍ ٱعْتَمَدَ ٱلْمُبَشِّرَانِ؟‏ لَقَدِ ٱسْتَغَلَّا نُقْطَةً مُشْتَرَكَةً لِإِثَارَةِ تَفْكِيرِ حُضُورِهِمَا.‏ فَقَدِ ٱنْتَمَى هٰؤُلَاءِ إِلَى مُجْتَمَعٍ زِرَاعِيٍّ،‏ إِذِ ٱمْتَازَتْ لِسْتَرَةُ بِطَقْسٍ مُعْتَدِلٍ وَأَرْضٍ خِصْبَةٍ.‏ فَتَوَفَّرَتْ لَهُمْ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى صِفَاتِ ٱلْخَالِقِ،‏ كَتِلْكَ ٱلظَّاهِرَةِ فِي ٱلْمَوَاسِمِ ٱلْمُثْمِرَةِ مَثَلًا.‏ —‏ رو ١:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ١٥ فَهَلْ نَتَحَلَّى بِٱلْمُرُونَةِ نَفْسِهَا؟‏ لِتَقْرِيبِ ٱلْمَعْنَى لِنَتَأَمَّلْ فِي ٱلْمُزَارِعِ.‏ فَقَدْ يَخْتَارُ أَحْيَانًا نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ لِعَدَدٍ مِنَ ٱلْحُقُولِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ عَلَيْهِ أَنْ يُنَوِّعَ ٱلْأَسَالِيبَ ٱلْمُسْتَخْدَمَةَ فِي تَجْهِيزِ ٱلتُّرْبَةِ.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ تَكُونُ ٱلتُّرْبَةُ لَيِّنَةً وَجَاهِزَةً لِلزِّرَاعَةِ،‏ أَمَّا فِي حَالَاتٍ أُخْرَى فَتَحْتَاجُ إِلَى عِنَايَةٍ مُسْبَقَةٍ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ نَزْرَعُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْبِذَارِ:‏ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَوْجُودَةَ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ لٰكِنَّنَا نُحَاوِلُ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا أَنْ نَسْتَشِفَّ ظُرُوفَ سَامِعِينَا وَخَلْفِيَّتَهُمُ ٱلدِّينِيَّةَ.‏ وَمِنْ ثَمَّ نُكَيِّفُ طَرِيقَةَ عَرْضِنَا ٱلْبِشَارَةَ وَفْقًا لِهٰذِهِ ٱلْمُعْطَيَاتِ.‏ —‏ لو ٨:‏١١،‏ ١٥‏.‏

      ١٦ تَحْمِلُ لَنَا ٱلرِّوَايَةُ عَنْ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَأَهْلِ لِسْتَرَةَ دَرْسًا ثَالِثًا.‏ فَرَغْمَ أَقْصَى جُهُودِنَا،‏ يُخْطَفُ أَحْيَانًا ٱلْبِذَارُ ٱلَّذِي نَزْرَعُهُ أَوْ يَقَعُ عَلَى تُرْبَةٍ صَخْرِيَّةٍ.‏ (‏مت ١٣:‏١٨-‏٢١‏)‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ لَا نَيْأَسْ!‏ فَقَدْ ذَكَّرَ بُولُسُ لَاحِقًا ٱلتَّلَامِيذَ فِي رُومَا أَنَّ «كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا [بِمَنْ فِيهِمْ مَنْ نُنَاقِشُ مَعَهُمْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ] سَيُؤَدِّي حِسَابًا عَنْ نَفْسِهِ لِلّٰهِ».‏ —‏ رو ١٤:‏١٢‏.‏

      ‏«اِسْتَوْدَعَاهُمْ يَهْوَهَ» (‏اعمال ١٤:‏٢٠-‏٢٨‏)‏

      ١٧ أَيْنَ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا بَعْدَ مُغَادَرَتِهِمَا دِرْبَةَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ١٧ يَجُرُّ ٱلْمُقَاوِمُونَ بُولُسَ خَارِجَ لِسْتَرَةَ ظَانِّينَ أَنَّهُ مَاتَ.‏ وَبَعْدَمَا يُحِيطُ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ،‏ يَقُومُ ثُمَّ يَبِيتُ لَيْلَتَهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ وَفِي ٱلْغَدِ،‏ يَنْطَلِقُ مَعَ بَرْنَابَا فِي رِحْلَةٍ طُولُهَا ١٠٠ كلم إِلَى دِرْبَةَ.‏ لَا بُدَّ أَنَّ بُولُسَ عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلشَّاقَّةِ.‏ فَلَمْ يَكُنْ قَدْ مَضَى عَلَى رَجْمِهِ سِوَى سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ثَابَرَ ٱلْمُرْسَلَانِ «وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ» عِنْدَ وُصُولِهِمَا إِلَى دِرْبَةَ.‏ بَعْدَئِذٍ،‏ لَمْ يَسْلُكَا طَرِيقًا مُخْتَصَرًا لِلْعَوْدَةِ إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ ٱلَّتِي ٱنْطَلَقَا مِنْهَا،‏ بَلْ «عَادَا إِلَى لِسْتَرَةَ فَإِيقُونِيَةَ فَأَنْطَاكِيَةِ [بِيسِيدِيَةَ]».‏ لِمَاذَا؟‏ لَقَدْ أَرَادَا أَنْ يُقَوِّيَا ‹نُفُوسَ ٱلتَّلَامِيذِ،‏ وَيُشَجِّعَاهُمْ أَنْ يَبْقَوْا فِي ٱلْإِيمَانِ›.‏ (‏اع ١٤:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ فَرَسَمَا بِٱلتَّالِي مِثَالًا رَائِعًا لَنَا إِذْ آثَرَا خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ أَوَلَا يَقْتَدِي بِهِمَا ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَٱلْمُرْسَلُونَ فِي أَيَّامِنَا؟‏!‏

      ١٨ عَلَامَ يَشْتَمِلُ تَعْيِينُ ٱلشُّيُوخِ؟‏

      ١٨ فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ،‏ قَوَّى بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلتَّلَامِيذَ بِأَقْوَالِهِمَا وَمِثَالِهِمَا وَعَيَّنَا لَهُمْ «شُيُوخًا فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ».‏ وَرَغْمَ أَنَّهُمَا مُرْسَلَانِ أَسَاسًا «مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلتَّبْشِيرِيَّةِ،‏ صَلَّيَا وَصَامَا ثُمَّ «ٱسْتَوْدَعَا [ٱلشُّيُوخَ] يَهْوَهَ».‏ (‏اع ١٣:‏١-‏٤؛‏ ١٤:‏٢٣‏)‏ وَفِي أَيَّامِنَا يُتَّبَعُ نَهْجٌ مُمَاثِلٌ.‏ فَقَبْلَ ٱلتَّوْصِيَةِ بِأَحَدِ ٱلْإِخْوَةِ لِنَيْلِ تَعْيِينٍ مَا،‏ تُرَاجِعُ هَيْئَةُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَحَلِّيَّةُ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ مُؤَهِّلَاتِهِ عَلَى ضَوْءِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ (‏١ تي ٣:‏١-‏١٠،‏ ١٢،‏ ١٣؛‏ تي ١:‏٥-‏٩‏)‏ وَلَيْسَ ٱلْعَامِلُ ٱلْحَاسِمُ هُوَ عَدَدَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي قَضَاهَا فِي ٱلْحَقِّ.‏ فَثَمَّةَ أُمُورٌ أُخْرَى تُظْهِرُ إِلَى أَيِّ مَدًى يَعْمَلُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فِي حَيَاتِهِ،‏ كَكَلَامِهِ وَسُلُوكِهِ وَصِيتِهِ.‏ وَبُلُوغُهُ مُتَطَلَّبَاتِ ٱلنُّظَّارِ كَمَا يُحَدِّدُهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُوَ مَا يُؤَهِّلُهُ لِعَمَلِ ٱلرِّعَايَةِ.‏ —‏ غل ٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

      ١٩ مَاذَا يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ،‏ وَكَيْفَ يَقْتَدُونَ بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١٩ يُدْرِكُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمُعَيَّنُونَ أَنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ عَنْ طَرِيقَةِ مُعَامَلَتِهِمِ ٱلْجَمَاعَةَ.‏ (‏عب ١٣:‏١٧؛‏ ١ بط ٥:‏١-‏٣‏)‏ وَتَشَبُّهًا بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَيُشَجِّعُونَ رُفَقَاءَهُمُ ٱلتَّلَامِيذَ بِكَلَامِهِمْ.‏ وَهُمْ يُؤْثِرُونَ خَيْرَ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى رَاحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ —‏ في ٢:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ٢٠ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ قِرَاءَةِ ٱلتَّقَارِيرِ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْأَمِينَةِ؟‏

      ٢٠ حِينَ عَادَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا أَخِيرًا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ،‏ أَخَذَا يَرْوِيَانِ «ٱلْأُمُورَ ٱلْكَثِيرَةَ ٱلَّتِي صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِوَاسِطَتِهِمَا،‏ وَأَنَّهُ فَتَحَ لِلْأُمَمِ بَابًا لِلْإِيمَانِ».‏ (‏اع ١٤:‏٢٧‏)‏ وَمِنْ جِهَتِنَا،‏ عِنْدَمَا نَقْرَأُ عَنْ خِدْمَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَمِينَةِ وَنَرَى كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ جُهُودَهُمْ نَتَشَجَّعُ عَلَى مُوَاصَلَةِ ‹ٱلتَّكَلُّمِ بِجُرْأَةٍ بِسُلْطَةِ يَهْوَهَ›.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏إِيقُونِيَةُ:‏ مَدِينَةُ ٱلْفَرِيجِيِّينَ‏».‏

  • ‏«خلاف وجدال ليس بقليل»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٣

      ‏«خِلَافٌ وَجِدَالٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ»‏

      قَضِيَّةُ ٱلْخِتَانِ تُعْرَضُ عَلَى ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٥:‏١-‏١٢

      ١-‏٣ (‏أ)‏ أَيُّ تَطَوُّرَاتٍ هَدَّدَتْ بِتَقْسِيمِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ دَرْسِ رِوَايَةِ ٱلْأَعْمَالِ؟‏

      تَنْتَهِي ٱلرِّحْلَةُ ٱلْإِرْسَالِيَّةُ ٱلْأُولَى فَيَعُودُ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ وَٱلدُّنْيَا تَكَادُ لَا تَسَعُهُمَا مِنَ ٱلْفَرَحِ.‏ فَيَهْوَهُ «فَتَحَ لِلْأُمَمِ بَابًا لِلْإِيمَانِ».‏ (‏اع ١٤:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وَفِي أَنْطَاكِيَةَ نَفْسِهَا كَانَ قَدِ ٱنْضَمَّ «عَدَدٌ كَثِيرٌ» مِنَ ٱلْأُمَمِيِّينَ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ،‏ فَبَاتَتِ ٱلْبِشَارَةُ هُنَاكَ حَدِيثَ ٱلسَّاعَةِ.‏ —‏ اع ١١:‏٢٠-‏٢٦‏.‏

      ٢ وَسُرْعَانَ مَا يَسْمَعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ عَنْ هٰذَا ٱلنُّمُوِّ ٱلْمُذْهِلِ.‏ وَلٰكِنْ عِوَضَ أَنْ يَفْرَحَ ٱلْجَمِيعُ،‏ تُوقِظُ هٰذِهِ ٱلْأَخْبَارُ نَارًا تَحْتَ ٱلرَّمَادِ وَتُذْكِي ٱلْجَدَلَ ٱلدَّائِرَ حَوْلَ ٱلْخِتَانِ.‏ فَمَا ٱلْعَلَاقَةُ ٱلْمُثْلَى بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ وَٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ؟‏ وَأَيُّ نَظْرَةٍ إِلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ يَنْبَغِي لِلْأُمَمِيِّينَ تَبَنِّيهَا؟‏ تُوقِعُ هٰذِهِ ٱلْقَضِيَّةُ خِلَافًا خَطِيرًا يُهَدِّدُ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَكَيْفَ تُبَتُّ؟‏

      ٣ لِنَتَمَعَّنْ فِي مَا يَلِي فِي رِوَايَةِ ٱلْأَعْمَالِ،‏ فَنَسْتَقِيَ دُرُوسًا قَيِّمَةً تُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلسُّلُوكِ بِحِكْمَةٍ فِي حَالِ نَشَأَتْ فِي أَيَّامِنَا قَضَايَا تُهَدِّدُ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏

      ‏«إِنْ لَمْ تَخْتَتِنُوا» (‏اعمال ١٥:‏١‏)‏

      ٤ أَيُّ نَظْرَةٍ خَاطِئَةٍ رَوَّجَ لَهَا بَعْضُ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ وَأَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ؟‏

      ٤ كَتَبَ ٱلتِّلْمِيذُ لُوقَا:‏ «نَزَلَ قَوْمٌ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ [إِلَى أَنْطَاكِيَةَ] وَٱبْتَدَأُوا يُعَلِّمُونَ ٱلْإِخْوَةَ،‏ قَائِلِينَ:‏ ‹إِنْ لَمْ تَخْتَتِنُوا بِحَسَبِ عَادَةِ مُوسَى،‏ فَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَخْلُصُوا›».‏ (‏اع ١٥:‏١‏)‏ لَا يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ هَلْ كَانَ هٰؤُلَاءِ ‹ٱلْقَوْمُ› فَرِّيسِيِّينَ قَبْلَ ٱهْتِدَائِهِمْ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ لٰكِنَّهُمْ عَلَى مَا يَبْدُو تَأَثَّرُوا بِهٰذِهِ ٱلْبِدْعَةِ مِنْ حَيْثُ تَمَسُّكُهَا بِحَرْفِيَّةِ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ وَرُبَّمَا ٱدَّعَوْا زُورًا أَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلِسَانِ ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ.‏ (‏اع ١٥:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ وَلٰكِنْ رُبَّ قَائِلٍ يَقُولُ:‏ ‹مَاذَا يَدْفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ إِلَى تَرْوِيجِ ٱلْخِتَانِ بَعْدَ مُرُورِ ١٣ سَنَةً تَقْرِيبًا عَلَى قُبُولِ بُطْرُسَ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱللّٰهِ؟‏›.‏a —‏ اع ١٠:‏٢٤-‏٢٩،‏ ٤٤-‏٤٨‏.‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ أَيَّةُ أَسْبَابٍ مُحْتَمَلَةٍ دَفَعَتْ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ إِلَى ٱلتَّمَسُّكِ بِٱلْخِتَانِ؟‏ (‏ب)‏ أَوْضِحُوا هَلْ كَانَ عَهْدُ ٱلْخِتَانِ جُزْءًا مِنَ ٱلْعَهْدِ ٱلْإِبْرَاهِيمِيِّ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ٥ قَدْ يُعْزَى تَصَرُّفُهُمْ إِلَى عِدَّةِ أَسْبَابٍ.‏ نَذْكُرُ مِنْهَا أَنَّ يَهْوَهَ نَفْسَهَ هُوَ مَنْ أَوْصَى بِخِتَانِ ٱلذُّكُورِ،‏ دَلَالَةً عَلَى حِيَازَةِ عَلَاقَةٍ مُمَيَّزَةٍ بِهِ.‏ وَٱلْخِتَانُ فِي ٱلْأَصْلِ سَبَقَ عَهْدَ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ فَإِبْرَاهِيمُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ كَانُوا أَوَّلَ مَنِ ٱخْتَتَنُوا.‏b ثُمَّ أَصْبَحَ هٰذَا ٱلْمَطْلَبُ جُزْءًا مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ (‏لا ١٢:‏٢،‏ ٣‏)‏ حَتَّى ٱلْغُرَبَاءُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطَبِّقُوهُ لِكَيْ يَتَمَتَّعُوا بِٱمْتِيَازَاتٍ مُعَيَّنَةٍ،‏ كَتَنَاوُلِ ٱلْفِصْحِ مَثَلًا.‏ (‏خر ١٢:‏٤٣،‏ ٤٤،‏ ٤٨،‏ ٤٩‏)‏ أَمَّا ٱلْغُلْفُ فَكَانُوا نَجِسِينَ وَمُحْتَقَرِينَ فِي نَظَرِ ٱلْيَهُودِ.‏ —‏ اش ٥٢:‏١‏.‏

      ٦ لَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ ٱلتَّكَيُّفَ مَعَ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْجَدِيدَةِ ٱسْتَلْزَمَ إِيمَانًا وَتَوَاضُعًا مِنْ جِهَةِ ٱلْيَهُودِ ٱلْمُهْتَدِينَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَقَدْ حَلَّ عَهْدٌ جَدِيدٌ مَحَلَّ عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ وَلَمْ يَعُدْ بِٱلتَّالِي ٱلْمَوْلُودُونَ فِي ٱلْأُمَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ يَنْتَمُونَ تِلْقَائِيًّا إِلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏ هٰذَا وَإِنَّ ٱلشَّجَاعَةَ كَانَتْ ضَرُورِيَّةً بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْعَائِشِينَ فِي مُحِيطٍ يَهُودِيٍّ،‏ كَمِنْطَقَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ مَثَلًا.‏ فَلَمْ يَكُنْ سَهْلًا عَلَيْهِمْ أَنْ يُعْلِنُوا إِيمَانَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ وَيَقْبَلُوا ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفَ رُفَقَاءَ فِي ٱلْإِيمَانِ.‏ —‏ ار ٣١:‏٣١-‏٣٣؛‏ لو ٢٢:‏٢٠‏.‏

      ٧ أَيُّ حَقِيقَةٍ لَمْ يَفْهَمْهَا «قَوْمٌ» مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ؟‏

      ٧ فَمَاذَا إِذًا،‏ هَلْ تَغَيَّرَتْ مَقَايِيسُ ٱللّٰهِ؟‏ طَبْعًا لَا،‏ بِدَلِيلِ أَنَّ ٱلْعَهْدَ ٱلْجَدِيدَ تَضَمَّنَ رُوحَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ (‏مت ٢٢:‏٣٦-‏٤٠‏)‏ فَعَنِ ٱلْخِتَانِ كَتَبَ بُولُسُ لَاحِقًا:‏ «اَلْيَهُودِيُّ هُوَ مَنْ كَانَ فِي ٱلْبَاطِنِ يَهُودِيًّا،‏ وَخِتَانُهُ هُوَ خِتَانُ ٱلْقَلْبِ بِٱلرُّوحِ،‏ لَا بِشَرِيعَةٍ مَكْتُوبَةٍ».‏ ‏(‏رو ٢:‏٢٩؛‏ تث ١٠:‏١٦‏)‏ غَيْرَ أَنَّ ‹ٱلْقَوْمَ› ٱلنَّازِلِينَ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ لَمْ يَفْهَمُوا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ،‏ بَلْ أَكَّدُوا أَنَّ ٱللّٰهَ لَمْ يُبْطِلْ قَطُّ شَرِيعَةَ ٱلْخِتَانِ.‏ فَهَلْ يُصْغُونَ إِلَى صَوْتِ ٱلْمَنْطِقِ؟‏

      تَعَالِيمُ «ٱلْإِخْوَةِ ٱلدَّجَّالِينَ»‏

      بَعْدَمَا بَتَّتِ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ قَضِيَّةَ ٱلْخِتَانِ،‏ أَبَى بَعْضُ ٱلْمُدَّعِينَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ بِعِنَادٍ إِنْهَاءَ ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ فَدَعَاهُمُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ‹إِخْوَةً دَجَّالِينَ›،‏ وَقَالَ عَنْهُمْ:‏ «يُرِيدُونَ تَحْرِيفَ ٱلْبِشَارَةِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ».‏ —‏ غل ١:‏٧؛‏ ٢:‏٤؛‏ تي ١:‏١٠‏.‏

      وَكَانَ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلدَّجَّالُونَ يُحَاوِلُونَ عَلَى مَا يَبْدُو أَنْ يَمْتَصُّوا غَضَبَ ٱلْيَهُودِ لِئَلَّا يُقَاوِمُوا ٱلْمَسِيحِيَّةَ بِشَرَاسَةٍ.‏ (‏غل ٦:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فَزَعَمُوا أَنَّ ٱلْمَرْءَ لَا يُدْرِكُ ٱلْبِرَّ إِلَّا بِحِفْظِ أَعْمَالِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ فِي مَسَائِلَ كَٱلطَّعَامِ وَٱلْخِتَانِ وَٱلْأَعْيَادِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ —‏ كو ٢:‏١٦‏.‏

      فَلَا عَجَبَ أَنَّ مَنْ تَبَنَّوْا هٰذِهِ ٱلْآرَاءَ لَمْ يَرْتَاحُوا فِي حَضْرَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ وَبِكُلِّ أَسَفٍ،‏ تَفَشَّى هٰذَا ٱلْمَوْقِفُ ٱلْخَاطِئُ بَيْنَ ٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُعْتَبَرِينَ ذَوِي ٱلْأُصُولِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ عِنْدَمَا زَارَ بَعْضُ أَعْضَاءِ جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ،‏ فَرَزُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ إِخْوَتِهِمِ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ حَتَّى إِنَّ بُطْرُسَ أَيْضًا أَخَذَ يَتَنَحَّى عَنْهُمْ وَمَا عَادَ يَأْكُلُ مَعَهُمْ،‏ هُوَ ٱلَّذِي ٱعْتَادَ مُعَاشَرَتَهُمْ سَابِقًا دُونَ أَيِّ تَحَفُّظٍ.‏ تَخَيَّلْ:‏ لَقَدْ خَالَفَ بُطْرُسُ ٱلْمَبَادِئَ ذَاتَهَا ٱلَّتِي دَافَعَ عَنْهَا فِي وَقْتٍ سَابِقٍ.‏ فَتَلَقَّى عَلَى ٱلْأَثَرِ مَشُورَةً قَوِيَّةً مِنَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ —‏ غل ٢:‏١١-‏١٤‏.‏

      ‏«خِلَافٌ وَجِدَالٌ» (‏اعمال ١٥:‏٢‏)‏

      ٨ لِمَ رُفِعَتْ مَسْأَلَةُ ٱلْخِتَانِ إِلَى ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏

      ٨ يُتَابِعُ لُوقَا:‏ «لَمَّا حَصَلَ لِبُولُسَ وَبَرْنَابَا خِلَافٌ وَجِدَالٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ مَعَهُمْ،‏ رَتَّبُوا [ٱلشُّيُوخُ] أَنْ يَصْعَدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَقَوْمٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ هٰذِهِ ٱلْمُجَادَلَةِ».‏c (‏اع ١٥:‏٢‏)‏ كَشَفَ وُقُوعُ «خِلَافٍ وَجِدَالٍ» عَنْ مَوَاقِفَ رَاسِخَةٍ وَٱقْتِنَاعَاتٍ لَا تَتَزَعْزَعُ عِنْدَ ٱلْفَرِيقَيْنِ.‏ وَلَمْ يَكُنْ فِي وِسْعِ جَمَاعَةِ أَنْطَاكِيَةَ ٱلْبَتُّ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ لِذٰلِكَ،‏ وَحِرْصًا مِنْهَا عَلَى ٱلسَّلَامِ وَٱلْوَحْدَةِ،‏ قَرَّرَتِ ٱلْجَمَاعَةُ بِحِكْمَةٍ أَنْ تُرْفَعَ ٱلْقَضِيَّةُ إِلَى «ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ» ٱلَّذِينَ أَلَّفُوا ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ.‏ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ شُيُوخِ أَنْطَاكِيَةَ؟‏

      بعض الاخوة من جماعة اورشليم في القرن الاول يتجادلون مع بولس وبرنابا

      أصرَّ البعض قائلين:‏ «يجب ان .‏.‏.‏ يوصى [الامميون] بحفظ شريعة موسى»‏

      ٩،‏ ١٠ كَيْفَ رَسَمَ ٱلْإِخْوَةُ فِي أَنْطَاكِيَةَ وَبُولُسُ وَبَرْنَابَا مِثَالًا حَسَنًا لَنَا؟‏

      ٩ إِنَّ أَحَدَ ٱلدُّرُوسِ ٱلْقَيِّمَةِ ٱلَّتِي نَسْتَقِيهَا هُوَ ضَرُورَةُ ٱلثِّقَةِ بِهَيْئَةِ ٱللّٰهِ.‏ تَأَمَّلْ فِي مَا يَلِي:‏ لَقَدْ عَرَفَ ٱلْإِخْوَةُ فِي أَنْطَاكِيَةَ أَنَّ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ مُؤَلَّفَةٌ بِٱلْكَامِلِ مِنْ يَهُودٍ ٱهْتَدَوْا إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يُخَامِرْهُمُ ٱلشَّكُّ فِي أَنَّ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ سَتَبُتُّ مَسْأَلَةَ ٱلْخِتَانِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ فَقَدْ كَانُوا مُتَيَقِّنِينَ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُوَجِّهُ ٱلْأُمُورَ بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ وَيَسُوعَ رَأْسِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ (‏مت ٢٨:‏١٨،‏ ٢٠؛‏ اف ١:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ فَلْنَقْتَدِ إِذًا بِمِثَالِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي أَنْطَاكِيَةَ حِينَ تَنْشَأُ قَضَايَا خَطِيرَةٌ وَاثِقِينَ بِهَيْئَةِ ٱللّٰهِ وَٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ ٱلْمُؤَلَّفَةِ مِنْ مَسِيحِيِّينَ مَمْسُوحِينَ.‏

      ١٠ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ تُرَسِّخُ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ فِي ذِهْنِنَا قِيمَةَ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلصَّبْرِ.‏ فَرَغْمَ أَنَّ تَعْيِينَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْأُمَمِ أَتَى مُبَاشَرَةً مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ،‏ لَمْ يَلْجَأَا إِلَى هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةِ لِحَسْمِ مَسْأَلَةِ ٱلْخِتَانِ فَوْرًا فِي أَنْطَاكِيَةَ.‏ (‏اع ١٣:‏٢،‏ ٣‏)‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ كَتَبَ بُولُسُ:‏ «صَعِدْتُ [إِلَى أُورُشَلِيمَ] نَتِيجَةَ كَشْفٍ»،‏ مِمَّا يُشِيرُ أَنَّهُ نَالَ إِرْشَادًا إِلٰهِيًّا فِي هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ (‏غل ٢:‏٢‏)‏ وَٱلْيَوْمَ يَسْعَى ٱلشُّيُوخُ إِلَى ٱلتَّحَلِّي بِهٰذَا ٱلْمَوْقِفِ ٱلْمُتَوَاضِعِ وَٱلصَّبُورِ حِينَ تَنْشَأُ مَسَائِلُ تُهَدِّدُ ٱلْوَحْدَةَ.‏ فَعِوَضَ أَنْ يَكُونُوا مُخَاصِمِينَ،‏ يَطْلُبُونَ تَوْجِيهَ يَهْوَهَ بِٱلرُّجُوعِ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَإِرْشَادِ ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ.‏ —‏ في ٢:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ١١،‏ ١٢ مَا أَهَمِّيَّةُ ٱنْتِظَارِ يَهْوَهَ؟‏

      ١١ وَفِي حَالَاتٍ أُخْرَى،‏ قَدْ نُضْطَرُّ إِلَى ٱنْتِظَارِ يَهْوَهَ لِيُوَضِّحَ مَسْأَلَةً مَا عَلَى غِرَارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَيَّامَ بُولُسَ.‏ تَذَكَّرْ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَبُتَّ قَضِيَّةَ ٱلْخِتَانِ حَتَّى ٱلْعَامِ ٤٩ ب‌م تَقْرِيبًا،‏ أَيْ بَعْدَ مُرُورِ نَحْوِ ١٣ سَنَةً مِنْ مَسْحِ كَرْنِيلِيُوسَ عَامَ ٣٦ ب‌م.‏ فَلِمَ تَرَكَ ٱلْمَسْأَلَةَ مُعَلَّقَةً كُلَّ هٰذِهِ ٱلْمُدَّةِ؟‏ رُبَّمَا رَغِبَ فِي إِعْطَاءِ ٱلْيَهُودِ ٱلْمُخْلِصِينَ مُهْلَةً كَافِيَةً لِيَتَأَقْلَمُوا مَعَ هٰذَا ٱلتَّغْيِيرِ ٱلْجَذْرِيِّ.‏ فَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ كَانَ عَهْدُ ٱلْخِتَانِ آنَذَاكَ عُمْرُهُ ٩٠٠‏,١ سَنَةٍ،‏ وَقَدْ قُطِعَ مَعَ سَلَفِهِمِ ٱلْمُكَرَّمِ إِبْرَاهِيمَ.‏ لِذَا لَمْ يَكُنْ إِنْهَاؤُهُ مَسْأَلَةً تَمُرُّ مُرُورَ ٱلْكِرَامِ.‏ —‏ يو ١٦:‏١٢‏.‏

      ١٢ حَقًّا إِنَّهُ لَٱمْتِيَازٌ لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ أَنْ يُعَلِّمَنَا وَيَصُوغَنَا أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ ٱلْمُحِبُّ وَٱلصَّبُورُ!‏ فَٱلنَّتَائِجُ دَائِمًا تَصُبُّ فِي مَصْلَحَتِنَا.‏ (‏اش ٤٨:‏١٧،‏ ١٨؛‏ ٦٤:‏٨‏)‏ فَلْنَمْتَنِعْ إِذًا عَنِ ٱلْإِصْرَارِ بِتَكَبُّرٍ عَلَى آرَائِنَا ٱلْخَاصَّةِ وَرَفْضِ ٱلتَّغْيِيرَاتِ ٱلتَّنْظِيمِيَّةِ أَوِ ٱلتَّعْدِيلَاتِ فِي فَهْمِ بَعْضِ ٱلْآيَاتِ.‏ (‏جا ٧:‏٨‏)‏ وَفِي حَالِ كَشَفْتَ فِي نَفْسِكَ مَيْلًا كَهٰذَا وَلَوْ كَانَ طَفِيفًا،‏ صَلِّ لِيَهْوَهَ وَتَأَمَّلْ فِي ٱلْمَبَادِئِ ٱلْفَعَّالَةِ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ٱلْأَعْمَالِ ٱلْإِصْحَاحِ ١٥‏.‏d

      ١٣ كَيْفَ نَعْكِسُ صَبْرَ يَهْوَهَ فِي خِدْمَتِنَا؟‏

      ١٣ وَمِنَ ٱلْمُهِمِّ أَيْضًا أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلصَّبْرِ عِنْدَمَا نَدْرُسُ مَعَ أَشْخَاصٍ يَسْتَصْعِبُونَ تَرْكَ مُعْتَقَدَاتٍ أَوْ عَادَاتٍ بَاطِلَةٍ طَالَمَا كَانَتْ عَزِيزَةً عَلَى قَلْبِهِمْ.‏ فَرُبَّمَا يَلْزَمُ عِنْدَئِذٍ أَنْ نَسْمَحَ بِمُرُورِ وَقْتٍ كَافٍ لِيَعْمَلَ رُوحُ ٱللّٰهِ فِي قُلُوبِهِمْ.‏ (‏١ كو ٣:‏٦،‏ ٧‏)‏ كَمَا يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُصَلِّيَ بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ.‏ وَٱللّٰهُ بِدَوْرِهِ يُسَاعِدُنَا بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِنَسْتَدِلَّ عَلَى ٱلتَّصَرُّفِ ٱلْحَكِيمِ.‏ —‏ ١ يو ٥:‏١٤‏.‏

      عَلَامَ يُؤَسِّسُ شُهُودُ يَهْوَهَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ؟‏

      لَطَالَمَا شَعَّ ٱلنُّورُ ٱلرُّوحِيُّ شَيْئًا فَشَيْئًا لِلْعُبَّادِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ وَٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْبَاكِرَةُ خَيْرُ مِثَالٍ فِي ذٰلِكَ.‏ (‏ام ٤:‏١٨؛‏ دا ١٢:‏٤،‏ ٩،‏ ١٠؛‏ اع ١٥:‏٧-‏٩‏)‏ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ يُكَيِّفُ شُهُودُ يَهْوَهَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ لِتُلَائِمَ ٱلنُّورَ ٱلْمُتَزَايِدَ وَلَا يُقَوْلِبُونَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ لِتُنَاسِبَ وُجْهَةَ نَظَرِهِمْ.‏ وَقَدْ لَاحَظَ عِدَّةُ مُرَاقِبِينَ مُحَايِدِينَ هٰذَا ٱلْوَاقِعَ.‏ أَحَدُ هٰؤُلَاءِ هُوَ جَايْسُون دَايْفِيد بَدُون،‏ أُسْتَاذٌ مُشَارِكٌ مُخْتَصٌّ بِٱلدِّرَاسَاتِ ٱلدِّينِيَّةِ فِي جَامِعَةِ آرِيزُونَا ٱلشَّمَالِيَّةِ فِي ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ.‏ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ اَلصِّدْقُ فِي ٱلتَّرْجَمَةِ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏ أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ يُقَارِبُونَ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ «بِتَجَرُّدٍ وَيُؤَسِّسُونَ مَجْمُوعَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ وَمُمَارَسَاتِهِمْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ،‏ لَا كَمَا يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونَ».‏

      رَوَوْا «بِٱلتَّفْصِيلِ» ٱخْتِبَارَاتٍ مُشَجِّعَةً (‏اعمال ١٥:‏٣-‏٥‏)‏

      ١٤،‏ ١٥ كَيْفَ أَكْرَمَتِ ٱلْجَمَاعَةُ فِي أَنْطَاكِيَةَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَٱلْمُسَافِرِينَ ٱلْآخَرِينَ،‏ وَكَيْفَ كَانَ ٱلْوَفْدُ بَرَكَةً لِإِخْوَانِهِمْ؟‏

      ١٤ تُكْمِلُ ٱلرِّوَايَةُ عَنْ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَسَائِرِ ٱلْمُسَافِرِينَ:‏ «هٰؤُلَاءِ،‏ بَعْدَ أَنْ شَيَّعَتْهُمُ ٱلْجَمَاعَةُ،‏ تَابَعُوا طَرِيقَهُمْ عَبْرَ فِينِيقِيَةَ وَٱلسَّامِرَةِ،‏ يَرْوُونَ بِٱلتَّفْصِيلِ ٱهْتِدَاءَ ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ،‏ فَكَانُوا يُسَبِّبُونَ فَرَحًا عَظِيمًا لِجَمِيعِ ٱلْإِخْوَةِ».‏ (‏اع ١٥:‏٣‏)‏ حِينَ خَرَجَ أَعْضَاءُ جَمَاعَةِ أَنْطَاكِيَةَ مَعَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْمُسَافِرِينَ لِيُوَدِّعُوهُمْ،‏ أَعْرَبُوا عَنِ ٱلْإِكْرَامِ وَٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ نَحْوَهُمْ وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ لَهُمْ بَرَكَةَ ٱللّٰهِ.‏ وَفِي هٰذَا مِثَالٌ آخَرُ رَسَمُوهُ لَنَا.‏ فَهَلْ نُكْرِمُ إِخْوَتَنَا وَأَخَوَاتِنَا ٱلرُّوحِيِّينَ «وَخُصُوصًا [ٱلشُّيُوخَ] ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِكَدٍّ فِي ٱلْكَلِمَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ»؟‏ —‏ ١ تي ٥:‏١٧‏.‏

      ١٥ عَلَى ٱلطَّرِيقِ،‏ كَانَ أَعْضَاءُ ٱلْوَفْدِ بَرَكَةً لِإِخْوَانِهِمْ فِي فِينِيقِيَةَ وَٱلسَّامِرَةِ،‏ إِذْ رَوَوْا لَهُمْ «بِٱلتَّفْصِيلِ» ٱخْتِبَارَاتٍ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ لِلْأُمَمِيِّينَ.‏ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ بَيْنِ سَامِعِيهِمْ مَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ هَرَبُوا إِلَى هُنَاكَ بَعْدَ ٱسْتِشْهَادِ إِسْتِفَانُوسَ.‏ أَوَلَا نَتَشَجَّعُ نَحْنُ أَيْضًا،‏ لَا سِيَّمَا مَنْ يُعَانُونَ ٱلْمِحَنَ بَيْنَنَا،‏ عِنْدَمَا نَسْمَعُ أَنْبَاءً عَنْ بَرَكَةِ يَهْوَهَ عَلَى عَمَلِ ٱلتَّلْمَذَةِ؟‏ فَلْنَسْتَفِدْ إِذًا بِٱلْكَامِلِ مِنْ هٰذِهِ ٱلتَّقَارِيرِ بِقِرَاءَةِ ٱلِٱخْتِبَارَاتِ وَقِصَصِ ٱلْحَيَاةِ ٱلصَّادِرَةِ فِي مَطْبُوعَاتِنَا وَبِحُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَٱلْمَحَافِلِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏

      ١٦ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ قَضِيَّةَ ٱلْخِتَانِ بَاتَتْ مَسْأَلَةً بَالِغَةَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ؟‏

      ١٦ بَعْدَمَا ٱجْتَازَ ٱلْوَفْدُ نَحْوَ ٥٥٠ كلم جَنُوبًا،‏ وَصَلُوا أَخِيرًا إِلَى وُجْهَتِهِمْ.‏ كَتَبَ لُوقَا:‏ «لَمَّا وَصَلُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ ٱسْتَقْبَلَتْهُمُ ٱلْجَمَاعَةُ وَٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ بِٱلتَّرْحَابِ،‏ فَقَصُّوا عَلَيْهِمِ ٱلْأُمُورَ ٱلْكَثِيرَةَ ٱلَّتِي صَنَعَهَا ٱللّٰهُ بِوَاسِطَتِهِمْ.‏ لٰكِنَّ قَوْمًا مِنْ بِدْعَةِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا،‏ قَامُوا وَقَالُوا:‏ ‹يَجِبُ أَنْ يُخْتَنُوا وَيُوصَوْا بِحِفْظِ شَرِيعَةِ مُوسَى›».‏ (‏اع ١٥:‏٤،‏ ٥‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ قَضِيَّةَ خِتَانِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ بَاتَتْ مَسْأَلَةً بَالِغَةَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ لَا تَحْتَمِلُ ٱلتَّأْجِيلَ.‏

      ‏«اِجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ» (‏اعمال ١٥:‏٦-‏١٢‏)‏

      ١٧ مَنْ أَلَّفُوا ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ وَلِمَ كَانَ «ٱلشُّيُوخُ» مِنْ بَيْنِ أَعْضَائِهَا؟‏

      ١٧ تَقُولُ ٱلْأَمْثَال ١٣:‏١٠‏:‏ «مَعَ ٱلْمُتَشَاوِرِينَ حِكْمَةٌ».‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ هٰذَا ٱلْمَبْدَإِ ٱلْحَكِيمِ،‏ «ٱجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ لِيَنْظُرُوا فِي هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ [ٱلْخِتَانِ]».‏ (‏اع ١٥:‏٦‏)‏ فَقَدْ مَثَّلَ «ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ» قَدِيمًا ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ بِرُمَّتِهَا،‏ تَمَامًا كَٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ.‏ وَلٰكِنْ لِمَ عَمِلَ ٱلرُّسُلُ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ «ٱلشُّيُوخِ»؟‏ لَا نَنْسَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ يَعْقُوبَ كَانَ قَدْ أُعْدِمَ،‏ وَٱلرَّسُولَ بُطْرُسَ سُجِنَ أَقَلُّهُ فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ.‏ وَمَنْ يَدْرِي هَلْ يَحُلُّ بِٱلرُّسُلِ ٱلْآخَرِينَ مَصِيرٌ مُشَابِهٌ؟‏ لَا شَكَّ إِذًا أَنَّ وُجُودَ رِجَالٍ مَمْسُوحِينَ أَكْفَاءَ مِثْلَهُمْ يُسَاعِدُ عَلَى تَأْمِينِ ٱلِٱسْتِمْرَارِيَّةِ فِي ٱلْإِشْرَافِ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏

      ١٨،‏ ١٩ أَيُّ كَلِمَاتٍ مُقْنِعَةٍ تَفَوَّهَ بِهَا بُطْرُسُ،‏ وَمَاذَا يُسْتَخْلَصُ مِنْهَا؟‏

      ١٨ يُطْلِعُنَا لُوقَا عَلَى مَا جَرَى تَالِيًا:‏ «لَمَّا حَصَلَ جِدَالٌ كَثِيرٌ،‏ قَامَ بُطْرُسُ وَقَالَ .‏ .‏ .‏:‏ ‹أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ،‏ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ جَيِّدًا أَنَّهُ مُنْذُ ٱلْأَيَّامِ ٱلْبَاكِرَةِ،‏ ٱخْتَارَنِي ٱللّٰهُ مِنْ بَيْنِكُمْ كَيْ يَسْمَعَ ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ بِفَمِي كَلِمَةَ ٱلْبِشَارَةِ وَيُؤْمِنُوا.‏ وَٱللّٰهُ ٱلْعَارِفُ ٱلْقُلُوبَ قَدْ شَهِدَ،‏ إِذْ أَعْطَى لَهُمُ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ،‏ كَمَا لَنَا أَيْضًا.‏ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ قَطُّ،‏ بَلْ نَقَّى قُلُوبَهُمْ بِٱلْإِيمَانِ›».‏ (‏اع ١٥:‏٧-‏٩‏)‏ مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «جِدَالٍ» فِي ٱلْعَدَدِ ٱلسَّابِعِ تُشِيرُ أَيْضًا بِحَسَبِ أَحَدِ ٱلْمَرَاجِعِ إِلَى «بَحْثٍ» أَوِ «ٱسْتِقْصَاءٍ».‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو كَانَ لِلْإِخْوَةِ آرَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ عَبَّرُوا عَنْهَا بِحُرِّيَّةٍ تَامَّةٍ وَبِٱقْتِنَاعٍ.‏

      ١٩ لَقَدْ ذَكَّرَتْ كَلِمَاتُ بُطْرُسَ ٱلْمُقْنِعَةُ جَمِيعَ سَامِعِيهِ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي بَيْتِ ٱلْأُمَمِيِّ كَرْنِيلِيُوسَ حِينَ مُسِحَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ بِٱلرُّوحِ عَامَ ٣٦ ب‌م.‏ فَإِذَا تَوَقَّفَ يَهْوَهُ نَفْسُهُ عَنِ ٱلتَّفْرِيقِ بَيْنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْأُمَمِ،‏ فَبِأَيِّ سُلْطَةٍ يَتَمَسَّكُ ٱلْبَشَرُ بِهٰذِهِ ٱلنَّظْرَةِ؟‏!‏ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْإِيمَانَ بِٱلْمَسِيحِ،‏ لَا حِفْظَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ،‏ هُوَ مَا يُنَقِّي قُلُوبَ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ —‏ غل ٢:‏١٦‏.‏

      ٢٠ كَيْفَ ‹ٱمْتَحَنَ› مُؤَيِّدُو ٱلْخِتَانِ ٱللّٰهَ؟‏

      ٢٠ خَتَمَ بُطْرُسُ حَدِيثَهُ مُسْتَنِدًا إِلَى ٱلشَّهَادَةِ ٱلْأَكِيدَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ وَكَلِمَةُ ٱللّٰهِ.‏ ذَكَرَ:‏ «اَلْآنَ لِمَاذَا تَمْتَحِنُونَ ٱللّٰهَ بِفَرْضِ نِيرٍ عَلَى عُنُقِ ٱلتَّلَامِيذِ لَمْ يَقْدِرْ آبَاؤُنَا وَلَا نَحْنُ أَنْ نَحْمِلَهُ؟‏ وَلٰكِنْ،‏ بِنِعْمَةِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ نَثِقُ بِأَنْ نَخْلُصَ نَحْنُ كَمَا أُولٰئِكَ أَيْضًا».‏ (‏اع ١٥:‏١٠،‏ ١١‏)‏ كَانَ مُؤَيِّدُو ٱلْخِتَانِ ‹يَمْتَحِنُونَ ٱللّٰهَ› أَوْ ‹يُحَاوِلُونَ أَنْ يُغْضِبُوهُ› كَمَا تَذْكُرُ إِحْدَى ٱلتَّرْجَمَاتِ.‏ فَقَدْ حَاوَلُوا أَنْ يَفْرِضُوا عَلَى ٱلْأُمَمِ شَرَائِعَ لَمْ يَتَمَكَّنِ ٱلْيَهُودُ أَنْفُسُهُمْ مِنَ ٱلِٱلْتِزَامِ بِهَا كَامِلًا فَحُكِمَ عَلَيْهِمْ بِٱلْمَوْتِ.‏ (‏غل ٣:‏١٠‏)‏ أَفَمَا كَانَ أَجْدَرَ لَهُمْ أَنْ يَشْكُرُوا ٱللّٰهَ عَلَى نِعْمَتِهِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ؟‏!‏

      ٢١ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ بَرْنَابَا وَبُولُسُ أَثْنَاءَ ٱلِٱجْتِمَاعِ؟‏

      ٢١ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ كَلِمَاتِ بُطْرُسَ أَصَابَتِ ٱلْحُضُورَ فِي ٱلصَّمِيمِ،‏ إِذْ نَقْرَأُ:‏ «سَكَتَ ٱلْجُمْهُورُ كُلُّهُ».‏ ثُمَّ رَاحَ بَرْنَابَا وَبُولُسُ يَرْوِيَانِ «ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْآيَاتِ وَٱلْعَلَامَاتِ ٱلْعَجِيبَةِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا ٱللّٰهُ عَلَى أَيْدِيهِمَا بَيْنَ ٱلْأُمَمِ».‏ (‏اع ١٥:‏١٢‏)‏ وَأَخِيرًا،‏ بَاتَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ قَادِرِينَ عَلَى تَقْيِيمِ جَمِيعِ ٱلْأَدِلَّةِ وَٱلتَّوَصُّلِ إِلَى قَرَارٍ يَعْكِسُ بِوُضُوحٍ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ فِي مَسْأَلَةِ ٱلْخِتَانِ.‏

      ٢٢-‏٢٤ (‏أ)‏ كَيْفَ تَقْتَدِي ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ نَظِيرَتِهَا ٱلْبَاكِرَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يُظْهِرُ ٱلشُّيُوخُ جَمِيعًا ٱلِٱحْتِرَامَ لِلتَّرْتِيبِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيِّ؟‏

      ٢٢ فِي أَيَّامِنَا أَيْضًا،‏ حِينَ يَجْتَمِعُ أَعْضَاءُ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ،‏ يَسْتَرْشِدُونَ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَيُصَلُّونَ بِحَرَارَةٍ طَالِبِينَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ.‏ (‏مز ١١٩:‏١٠٥؛‏ مت ٧:‏٧-‏١١‏)‏ وَلِٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ تَعْكِسُ بِوُضُوحٍ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ،‏ يَتَسَلَّمُ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُمْ مُسْبَقًا جَدْوَلَ أَعْمَالٍ فَيَتَسَنَّى لَهُ ٱلتَّفْكِيرُ فِي ٱلْمَوْضُوعَاتِ ٱلْمُرَادِ بَحْثُهَا وَٱلصَّلَاةُ بِشَأْنِهَا.‏ (‏ام ١٥:‏٢٨‏)‏ وَفِي ٱلِٱجْتِمَاعِ،‏ يُعَبِّرُ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلْمَمْسُوحُونَ عَنْ آرَائِهِمْ بِحُرِّيَّةٍ وَٱحْتِرَامٍ وَيَسْتَشِيرُونَ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مِرَارًا عَدِيدَةً.‏

      ٢٣ وَٱلشُّيُوخُ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ أَيْضًا يَقْتَدُونَ بِمِثَالِ إِخْوَتِهِمْ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ فَفِي حَالِ تَدَاوَلُوا مَسْأَلَةً خَطِيرَةً خِلَالَ ٱجْتِمَاعِ هَيْئَةِ ٱلشُّيُوخِ وَلَمْ يَتَوَصَّلُوا إِلَى نَتِيجَةٍ،‏ يَسْتَشِيرُونَ مَكْتَبَ ٱلْفَرْعِ ٱلْمَحَلِّيِّ أَوْ مُمَثِّلِيهِ ٱلْمُعَيَّنِينَ،‏ كَٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ.‏ وَإِذَا لَزِمَ ٱلْأَمْرُ،‏ يُرَاسِلُ ٱلْفَرْعُ بِدَوْرِهِ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ.‏

      ٢٤ حَقًّا يُبَارِكُ يَهْوَهُ مَنْ يَحْتَرِمُونَ ٱلتَّرْتِيبَ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّ وَيُعْرِبُونَ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْوَلَاءِ وَٱلصَّبْرِ.‏ وَكَمَا يُظْهِرُ ٱلْفَصْلُ ٱلتَّالِي،‏ يُكَافِئُهُمْ بِٱلسَّلَامِ ٱلْحَقِيقِيِّ وَٱلتَّقَدُّمِ ٱلرُّوحِيِّ وَٱلْوَحْدَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏تَعَالِيمُ ‹ٱلْإِخْوَةِ ٱلدَّجَّالِينَ›‏‏».‏

      b لَمْ يَكُنْ عَهْدُ ٱلْخِتَانِ جُزْءًا مِنَ ٱلْعَهْدِ ٱلْإِبْرَاهِيمِيِّ ٱلَّذِي لَا يَزَالُ سَارِيَ ٱلْمَفْعُولِ.‏ فَٱلْعَهْدُ ٱلْإِبْرَاهِيمِيُّ صَارَ نَافِذًا عَامَ ١٩٤٣ ق‌م عِنْدَمَا عَبَرَ إِبْرَاهِيمُ (‏أَبْرَامُ)‏ ٱلْفُرَاتَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى كَنْعَانَ.‏ وَكَانَ آنَذَاكَ فِي ٱلْخَامِسَةِ وَٱلسَّبْعِينَ مِنْ عُمْرِهِ.‏ أَمَّا عَهْدُ ٱلْخِتَانِ فَبَدَأَ لَاحِقًا عَامَ ١٩١٩ ق‌م حِينَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ فِي ٱلتَّاسِعَةِ وَٱلتِّسْعِينَ مِنَ ٱلْعُمْرِ.‏ —‏ تك ١٢:‏١-‏٨؛‏ ١٧:‏١،‏ ٩-‏١٤؛‏ غل ٣:‏١٧‏.‏

      c كَمَا يَبْدُو،‏ ضَمَّ ٱلْوَفْدُ مِنْ جُمْلَةِ أَعْضَائِهِ رَجُلًا يُدْعَى تِيطُسَ.‏ وَهُوَ مَسِيحِيٌّ يُونَانِيٌّ صَارَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ مِنْ رُفَقَاءِ بُولُسَ ٱلْمُؤْتَمَنِينَ وَأَحَدَ مَبْعُوثِيهِ.‏ (‏غل ٢:‏١؛‏ تي ١:‏٤‏)‏ وَقَدْ كَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْأَمِينُ مِثَالًا حَيًّا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُمْسَحُوا بِٱلرُّوحِ.‏ —‏ غل ٢:‏٣‏.‏

      d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏عَلَامَ يُؤَسِّسُ شُهُودُ يَهْوَهَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ؟‏‏».‏

  • ‏«اتفقنا بالاجماع»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٤

      ‏«اِتَّفَقْنَا بِٱلْإِجْمَاعِ»‏

      اَلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ تَبُتُّ قَضِيَّةَ ٱلْخِتَانِ وَقَرَارُهَا يُوَحِّدُ ٱلْجَمَاعَاتِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٥:‏١٣-‏٣٥

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ أَيُّ سُؤَالَيْنِ مُهِمَّيْنِ وَاجَهَتْهُمَا ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مُسَاعَدَةٍ نَالَهَا هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ بُغْيَةَ ٱلتَّوَصُّلِ إِلَى ٱلْقَرَارِ ٱلصَّائِبِ؟‏

      اَلْكُلُّ فِي تَرَقُّبٍ .‏ .‏ .‏ اَلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ مُجْتَمِعُونَ فِي أُورُشَلِيمَ يَتَبَادَلُونَ ٱلنَّظَرَاتِ عَالِمِينَ أَنَّ لَحْظَةَ ٱلْحَسْمِ قَدْ حَانَتْ!‏ عَلَامَاتُ ٱسْتِفْهَامٍ خَطِيرَةٌ رَسَمَتْهَا قَضِيَّةُ ٱلْخِتَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَتِّهَا فَوْرًا.‏ هَلِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ؟‏ وَهَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ وَأُولٰئِكَ ٱلْيَهُودِيِّي ٱلْأَصْلِ؟‏

      ٢ لَقَدْ نَظَرَ ٱلْإِخْوَةُ ٱلْمَسْؤُولُونَ فِي أَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ.‏ فَٱسْتَشَارُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ ٱلنَّبَوِيَّةَ وَٱسْتَعْرَضُوا شَهَادَاتٍ حَيَّةً تُظْهِرُ جَلِيًّا أَيُّ قَرَارٍ يُبَارِكُهُ يَهْوَهُ.‏ وَبَعْدَ أَخْذٍ وَرَدٍّ،‏ تَكَدَّسَتْ أَمَامَهُمْ أَدِلَّةٌ لَا تَتْرُكُ مَجَالًا لِلشَّكِّ فِي ٱلتَّوْجِيهِ ٱلْإِلٰهِيِّ.‏ وَٱلْآنَ،‏ بَاتَتِ ٱلْكُرَةُ فِي مَلْعَبِهِمْ .‏ .‏ .‏

      ٣ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلرِّوَايَةِ ٱلْمُسَجَّلَةِ فِي ٱلْأَعْمَالِ ٱلْإِصْحَاحِ ١٥‏؟‏

      ٣ إِلَّا أَنَّ قُبُولَ إِرْشَادَ ٱلرُّوحِ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بِٱلْأَمْرِ ٱلسَّهْلِ.‏ فَقَدْ تَطَلَّبَ مِنْهُمْ إِيمَانًا وَشَجَاعَةً حَقِيقِيَّيْنِ.‏ فَمِنْ جِهَةٍ،‏ يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَدَّ كُرْهُ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودِ لِلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ يُوَاجِهُونَ ٱلْمُقَاوَمَةَ مِنْ عَنَاصِرَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ مُصَمِّمَةٍ عَلَى إِعَادَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ إِلَى كَنَفِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ فَكَيْفَ عَالَجَتِ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ هٰذِهِ ٱلْقَضِيَّةَ؟‏ هٰذَا مَا نُنَاقِشُهُ فِي مَا يَلِي.‏ وَبَيْنَمَا نُرَاجِعُ ٱلرِّوَايَةَ،‏ نُلَاحِظُ عَنْ كَثَبٍ أَنَّ ٱلرُّسُلَ وَٱلشُّيُوخَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ تَرَكُوا نَمُوذَجًا تَتَّبِعُهُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْعَصْرِيَّةُ وَيَسْتَفِيدُ مِنْهُ شُهُودُ يَهْوَهَ جَمِيعًا حِينَ يُوَاجِهُونَ قَرَارَاتٍ وَتَحَدِّيَاتٍ فِي حَيَاتِهِمِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏

      ‏«هٰذَا تُوَافِقُهُ كَلِمَاتُ ٱلْأَنْبِيَاءِ» (‏اعمال ١٥:‏١٣-‏٢١‏)‏

      ٤،‏ ٥ مَاذَا ٱقْتَبَسَ يَعْقُوبُ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلنَّبَوِيَّةِ؟‏

      ٤ كَمَا يَظْهَرُ،‏ تَرَأَّسَ ٱلْجَلْسَةَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ أَخُو يَسُوعَ غَيْرُ ٱلشَّقِيقِ.‏a وَقَدْ جَاءَتْ كَلِمَاتُهُ لِتُبَلْوِرَ ٱلرَّأْيَ ٱلَّذِي أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ ٱلْهَيْئَةُ عَلَى مَا يَبْدُو.‏ خَاطَبَ ٱلْحُضُورَ قَائِلًا:‏ «قَدْ رَوَى شِمْعُونُ كَيْفَ ٱفْتَقَدَ ٱللّٰهُ ٱلْأُمَمَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْبًا لِٱسْمِهِ.‏ وَهٰذَا تُوَافِقُهُ كَلِمَاتُ ٱلْأَنْبِيَاءِ».‏ —‏ اع ١٥:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

      ٥ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ خِطَابَ شِمْعُونَ،‏ أَوْ سِمْعَانَ بُطْرُسَ،‏ وَٱلْأَدِلَّةَ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا بَرْنَابَا وَبُولُسُ ذَكَّرَتْ يَعْقُوبَ بِآ‌يَاتٍ مُهِمَّةٍ تُلْقِي ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلْمَوْضُوعِ قَيْدِ ٱلنَّظَرِ.‏ (‏يو ١٤:‏٢٦‏)‏ فَقَدْ حَوَّلَ ٱلِٱنْتِبَاهَ إِلَى «كَلِمَاتِ ٱلْأَنْبِيَاءِ» وَٱقْتَبَسَ مِنْ عَامُوس ٩:‏١١،‏ ١٢‏.‏ وَهٰذَا ٱلسِّفْرُ أُدْرِجَ فِي جُزْءٍ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ دُعِيَ عُمُومًا «ٱلْأَنْبِيَاءَ».‏ (‏مت ٢٢:‏٤٠؛‏ اع ١٥:‏١٦-‏١٨‏)‏ وَٱلْجَدِيرُ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ كَلِمَاتِ يَعْقُوبَ تَخْتَلِفُ إِلَى حَدٍّ مَا عَنِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي نَقْرَأُهَا ٱلْيَوْمَ فِي سِفْرِ عَامُوسَ.‏ وَمَرَدُّ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّ يَعْقُوبَ ٱقْتَبَسَ مِنْ اَلسَّبْعِينِيَّةُ،‏ تَرْجَمَةٍ يُونَانِيَّةٍ لِلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ.‏

      ٦ كَيْفَ أَلْقَتِ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلْقَضِيَّةِ قَيْدَ ٱلْبَحْثِ؟‏

      ٦ أَنْبَأَ يَهْوَهُ مِنْ خِلَالِ ٱلنَّبِيِّ عَامُوسَ أَنَّهُ عَيَّنَ وَقْتًا يُقِيمُ فِيهِ «مَظَلَّةَ دَاوُدَ»،‏ أَيِ ٱلسُّلَالَةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ ٱلْمُؤَدِّيَةَ إِلَى ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَسِيَّانِيِّ.‏ (‏حز ٢١:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وَعِنْدَئِذٍ،‏ لَنْ يَتَعَامَلَ ثَانِيَةً مَعَ أُمَّةِ ٱلْيَهُودِ ٱلطَّبِيعِيِّينَ حَصْرًا.‏ فَٱلنُّبُوَّةُ تُضِيفُ أَنَّ ‹أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ›‏ سَيُجْمَعُونَ أَيْضًا بِٱعْتِبَارِهِمْ ‹أُنَاسًا يُدْعَوْنَ بِٱسْمِ ٱللّٰهِ›.‏ تَذَكَّرْ أَنَّ بُطْرُسَ أَوْضَحَ لِتَوِّهِ أَنَّ ٱللّٰهَ «لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ [ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ] وَبَيْنَ [ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ] قَطُّ،‏ بَلْ نَقَّى قُلُوبَهُمْ بِٱلْإِيمَانِ».‏ (‏اع ١٥:‏٩‏)‏ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ يَشَاءُ ٱللّٰهُ أَنْ يُضَمَّ ٱلْيَهُودُ وَٱلْأُمَمِيُّونَ عَلَى ٱلسَّوَاءِ إِلَى ٱلْمَلَكُوتِ بِصِفَتِهِمْ وَرَثَةً.‏ (‏رو ٨:‏١٧؛‏ اف ٢:‏١٧-‏١٩‏)‏ وَٱلنُّبُوَّاتُ ٱلْمُلْهَمَةُ لَمْ تُشِرْ إِطْلَاقًا أَنَّ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ أَنْ يَخْتَتِنُوا أَوْ يَتَهَوَّدُوا لِكَيْ يُصْبِحُوا وَرَثَةً لِلْمَلَكُوتِ.‏

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ مَاذَا ٱقْتَرَحَ يَعْقُوبُ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا قَصَدَ يَعْقُوبُ حِينَ قَالَ:‏ «قَرَارِي هُوَ»؟‏

      ٧ بِنَاءً عَلَى هٰذِهِ ٱلْأَدِلَّةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْمُقْنِعَةِ ٱلَّتِي سَمِعَهَا يَعْقُوبُ،‏ تَابَعَ ٱلْحَدِيثَ مُقَدِّمًا ٱلتَّوْصِيَةَ ٱلتَّالِيَةَ:‏ «لِذٰلِكَ فَإِنَّ قَرَارِي هُوَ أَلَّا نُزْعِجَ ٱلرَّاجِعِينَ إِلَى ٱللّٰهِ مِنَ ٱلْأُمَمِ،‏ إِنَّمَا نَكْتُبُ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا عَنْ رَجَاسَاتِ ٱلْأَصْنَامِ وَعَنِ ٱلْعَهَارَةِ وَٱلْمَخْنُوقِ وَٱلدَّمِ.‏ فَإِنَّ مُوسَى،‏ مُنْذُ ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْقَدِيمَةِ،‏ لَهُ فِي مَدِينَةٍ بَعْدَ أُخْرَى مَنْ يَكْرِزُ بِهِ،‏ لِأَنَّهُ يُقْرَأُ بِصَوْتٍ عَالٍ فِي ٱلْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ».‏ —‏ اع ١٥:‏١٩-‏٢١‏.‏

      ٨ فَلِمَ تَحَدَّثَ يَعْقُوبُ عَنْ ‹قَرَارِهِ›؟‏ هَلْ كَانَ يَفْرِضُ سُلْطَتَهُ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ،‏ رُبَّمَا بِصِفَتِهِ ٱلْمُتَرَئِّسَ عَلَى ٱلْجَلْسَةِ،‏ فَيَتَّخِذُ قَرَارًا ٱعْتِبَاطِيًّا؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَٱلتَّعْبِيرُ ٱلْيُونَانِيُّ ٱلْمَنْقُولُ إِلَى «قَرَارِي هُوَ» يُمْكِنُ أَنْ يَعْنِيَ أَيْضًا «أَعْتَقِدُ» أَوْ «أَرْتَئِي».‏ فَهُوَ لَمْ يَكُنْ يَتَحَكَّمُ فِي أَفْرَادِ ٱلْهَيْئَةِ،‏ بَلْ يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ إِجْرَاءً يُمْكِنُهُمُ ٱتِّخَاذُهُ بِنَاءً عَلَى ٱلْأَدِلَّةِ وَكَلِمَاتِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏

      ٩ مَا فَوَائِدُ ٱقْتِرَاحِ يَعْقُوبَ؟‏

      ٩ فَهَلْ قَدَّمَ يَعْقُوبُ بِٱلْفِعْلِ ٱقْتِرَاحًا نَافِعًا؟‏ لَا شَكَّ فِي ذٰلِكَ.‏ فَٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ تَبَنَّوْا هٰذَا ٱلِٱقْتِرَاحَ لَاحِقًا.‏ وَبِأَيَّةِ فَوَائِدَ؟‏ مِنْ نَاحِيَةٍ،‏ لَنْ ‹يُزْعِجَ› هٰذَا ٱلْإِجْرَاءُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ أَوْ «يُثَقِّلَ» عَلَيْهِمْ بِفَرْضِ مُتَطَلَّبَاتِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ (‏اع ١٥:‏١٩‏؛‏ ترجمة فاندايك‏)‏ وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى،‏ يَحْتَرِمُ هٰذَا ٱلْقَرَارُ ضَمَائِرَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أُصُولٍ يَهُودِيَّةٍ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ «مُوسَى .‏ .‏ .‏ يُقْرَأُ بِصَوْتٍ عَالٍ فِي ٱلْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ».‏b (‏اع ١٥:‏٢١‏)‏ وَهٰكَذَا يُوَطِّدُ هٰذَا ٱلْخَطُّ ٱلْعَلَاقَةَ بَيْنَ كِلَا ٱلْفَرِيقَيْنِ.‏ وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهُ يُرْضِي يَهْوَهَ ٱللّٰهَ إِذْ يَنْسَجِمُ مَعَ قَصْدِهِ ٱلتَّقَدُّمِيِّ.‏ فَيَا لَهَا مِنْ طَرِيقَةٍ رَائِعَةٍ لِبَتِّ قَضِيَّةٍ هَدَّدَتْ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَخَيْرَهَا!‏ وَيَا لَلْقُدْوَةِ ٱلَّتِي تُرِكَتْ لِجَمَاعَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ!‏

      ألبرت شرودر خطيبا في محفل اممي عام ١٩٩٨

      ألبرت شرودر خطيبا في محفل اممي عام ١٩٩٨

      ١٠ كَيْفَ تَتْبَعُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْعَصْرِيَّةُ ٱلنَّمُوذَجَ ٱلَّذِي وَضَعَتْهُ مَثِيلَتُهَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏

      ١٠ أَشَرْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ أَنَّ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ ٱلْعَصْرِيَّةَ تَلْجَأُ إِلَى يَهْوَهَ ٱلْمُتَسَلِّطِ ٱلْكَوْنِيِّ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَأْسِ ٱلْجَمَاعَةِ طَلَبًا لِلْإِرْشَادِ فِي كَافَّةِ ٱلْمَسَائِلِ،‏ شَأْنُهَا فِي ذٰلِكَ شَأْنُ مَثِيلَتِهَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏c (‏١ كو ١١:‏٣‏)‏ وَفِي هٰذَا ٱلصَّدَدِ،‏ أَوْضَحَ ٱلْأَخُ أَلْبِرْت د.‏ شْرُودِرُ ٱلَّذِي خَدَمَ فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ مُنْذُ ٱلْعَامِ ١٩٧٤ حَتَّى نِهَايَةِ مَسْلَكِهِ ٱلْأَرْضِيِّ فِي آذَارَ (‏مَارِس)‏ ٢٠٠٦:‏ «تَجْتَمِعُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ كُلَّ أَرْبِعَاءَ،‏ وَتَفْتَتِحُ ٱلِٱجْتِمَاعَ بِٱلصَّلَاةِ طَلَبًا لِإِرْشَادِ رُوحِ يَهْوَهَ.‏ وَهِيَ تَحْرِصُ أَشَدَّ ٱلْحِرْصِ أَنْ تَحُلَّ ٱلْقَضَايَا وَتَتَّخِذَ ٱلْقَرَارَاتِ كُلَّهَا بِمُقْتَضَى كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ».‏ وَٱلْأَخُ مِلْتُون ج.‏ هِنْشِلُ ٱلَّذِي خَدَمَ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ وَأَنْهَى مَسْلَكَهُ ٱلْأَرْضِيَّ فِي آذَار (‏مَارِس)‏ ٢٠٠٣ طَرَحَ سُؤَالًا جَوْهَرِيًّا عَلَى خِرِّيجِي ٱلصَّفِّ ٱلْـ‍ ١٠١ مِنْ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ سَأَلَ:‏ «هَلْ مِنْ هَيْئَةٍ أَوْ مُؤَسَّسَةٍ أُخْرَى يَرْتَكِنُ مَسْؤُولُوهَا إِلَى كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ قَبْلَ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُهِمَّةٍ؟‏».‏ فَمَا رَأْيُكَ،‏ هَلْ يَخْتَلِفُ ٱثْنَانِ عَلَى ٱلْجَوَابِ؟‏!‏

      إِرْسَالُ «رَجُلَيْنِ مُخْتَارَيْنِ» (‏اعمال ١٥:‏٢٢-‏٢٩‏)‏

      ١١ كَيْفَ تَبَلَّغَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ قَرَارَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ؟‏

      ١١ لَقَدْ تَوَصَّلَتِ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى قَرَارٍ بِٱلْإِجْمَاعِ حَوْلَ قَضِيَّةِ ٱلْخِتَانِ،‏ وَحَانَتِ ٱلْآنَ ٱلْخُطْوَةُ ٱلتَّالِيَةُ.‏ فَلَمْ يَكُنْ بِإِمْكَانِ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْعَمَلُ بِٱتِّحَادٍ مَا لَمْ يُبَلَّغُوا ٱلْقَرَارَ بِأُسْلُوبٍ وَاضِحٍ وَإِيجَابِيٍّ وَمُشَجِّعٍ.‏ وَمَا ٱلسَّبِيلُ إِلَى ذٰلِكَ؟‏ «اِسْتَحْسَنَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ مَعَ ٱلْجَمَاعَةِ كُلِّهَا أَنْ يُرْسِلُوا مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ مُخْتَارَيْنِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ مَعَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ وَهُمَا يَهُوذَا ٱلْمَدْعُوُّ بَرْسَابَا وَسِيلَا،‏ رَجُلَانِ مُتَقَدِّمَانِ بَيْنَ ٱلْإِخْوَةِ».‏ كَمَا أَعَدُّوا رِسَالَةً لِيَحْمِلَهَا هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ جَمَاعَاتِ أَنْطَاكِيَةَ وَسُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَةَ.‏ —‏ اع ١٥:‏٢٢-‏٢٦‏.‏

      ١٢،‏ ١٣ أَيَّةُ فَوَائِدَ نَجَمَتْ عَنْ إِرْسَالِ (‏أ)‏ يَهُوذَا وَسِيلَا؟‏ (‏ب)‏ رِسَالَةٍ مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ؟‏

      ١٢ كَانَ يَهُوذَا وَسِيلَا بِوَصْفِهِمَا ‹رَجُلَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ بَيْنَ ٱلْإِخْوَةِ› مُؤَهَّلَيْنِ كَامِلًا لِتَمْثِيلِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ وَقُدُومُ وَفْدٍ مُؤَلَّفٍ مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَظْهَرَ جَلِيًّا أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ لَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ رَدٍّ عَلَى ٱلِٱسْتِفْسَارِ ٱلْأَصْلِيِّ،‏ بَلْ إِرْشَادًا جَدِيدًا مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ كَمَا أَنَّ وُجُودَ ‹ٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْمُخْتَارَيْنِ› يَهُوذَا وَسِيلَا خَلَقَ رِبَاطًا مَتِينًا بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَهُودِيِّي ٱلْأَصْلِ فِي أُورُشَلِيمَ وَٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ فِي بَاقِي ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ حَقًّا نَمَّ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَحَبَّةِ إِذْ رَوَّجَ دُونَ شَكٍّ ٱلسَّلَامَ وَٱلِٱنْسِجَامَ بَيْنَ شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏

      ١٣ وَلَمْ تُقَدِّمِ ٱلرِّسَالَةُ إِرْشَادًا وَاضِحًا لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ فِي مَسْأَلَةِ ٱلْخِتَانِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ تَنَاوَلَتْ أَيْضًا مَا يَتَطَلَّبُهُ نَيْلُ رِضَى يَهْوَهَ وَبَرَكَتِهِ.‏ فَقَدْ جَاءَ فِي أَهَمِّ أَجْزَائِهَا:‏ «قَدِ ٱسْتَحْسَنَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ وَنَحْنُ أَلَّا نَزِيدَ عَلَيْكُمْ عِبْئًا أَكْثَرَ،‏ غَيْرَ هٰذِهِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا،‏ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَلَى ٱلدَّوَامِ عَمَّا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَعَنِ ٱلدَّمِ وَٱلْمَخْنُوقِ وَٱلْعَهَارَةِ.‏ إِذَا حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَسَتُفْلِحُونَ.‏ كُونُوا مُعَافَيْنَ!‏».‏ —‏ اع ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      كَيْفَ تُنَظَّمُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْيَوْمَ؟‏

      عَلَى غِرَارِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ تُوَجِّهُ شُهُودَ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ هَيْئَةٌ حَاكِمَةٌ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ رِجَالٍ مَمْسُوحِينَ غَيُورِينَ.‏ يَجْتَمِعُ أَعْضَاؤُهَا مَرَّةً كُلَّ أُسْبُوعٍ،‏ وَهُمْ مُوَزَّعُونَ عَلَى سِتِّ لِجَانٍ لِكُلٍّ مِنْهَا مَسْؤُولِيَّةٌ مُحَدَّدَةٌ.‏

      • لَجْنَةُ ٱلتَّعْلِيمِ.‏ تُشْرِفُ عَلَى إِعْدَادِ ٱلْمَوَادِّ ٱلْمُقَدَّمَةِ فِي ٱلْمَحَافِلِ وَٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ فَضْلًا عَنِ ٱلْبَرَامِجِ ٱلسَّمْعِيَّةِ وَٱلْبَصَرِيَّةِ.‏ وَهِيَ تَضَعُ ٱلْمَنَاهِجَ لِمَدْرَسَةِ جِلْعَادَ وَمَدْرَسَةِ خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا.‏ وَتُهَيِّئُ أَيْضًا ٱلْبَرَامِجَ ٱلرُّوحِيَّةَ لِأَعْضَاءِ مَكَاتِبِ ٱلْفُرُوعِ.‏

      • لَجْنَةُ ٱلْخِدْمَةِ.‏ تَهْتَمُّ بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلْمَسَائِلِ ٱلْمُخْتَصَّةِ بِشُيُوخِ ٱلْجَمَاعَاتِ وَٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ وَٱلْمُبَشِّرِينَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ.‏ كَمَا تُشْرِفُ عَلَى إِعْدَادِ خِدْمَتُنَا لِلْمَلَكُوتِ.‏ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ دَعْوَةِ ٱلتَّلَامِيذِ إِلَى عَدَدٍ مِنَ ٱلْمَدَارِسِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ وَتَعْيِينِهِمْ بَعْدَ تَخَرُّجِهِمْ.‏ تَشْمُلُ هٰذِهِ ٱلْمَدَارِسُ:‏ مَدْرَسَةَ جِلْعَادَ (‏لِتَدْرِيبِ ٱلْمُرْسَلِينَ)‏،‏ مَدْرَسَةَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِلْإِخْوَةِ ٱلْعُزَّابِ (‏لِتَعْلِيمِ ٱلشُّيُوخِ وَٱلْخُدَّامِ ٱلْمُسَاعِدِينَ ٱلْعُزَّابِ)‏،‏ وَمَدْرَسَةَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُتَزَوِّجِينَ (‏لِتَدْرِيبِ ٱلْأَزْوَاجِ عَلَى ٱلْخِدْمَةِ بِأَكْثَرِ فَعَّالِيَّةٍ)‏.‏

      • لَجْنَةُ ٱلْكِتَابَةِ.‏ تَهْتَمُّ بِإِعْدَادِ ٱلطَّعَامِ ٱلرُّوحِيِّ فِي شَكْلِهِ ٱلْمَكْتُوبِ لِفَائِدَةِ ٱلْجَمَاعَاتِ وَعُمُومِ ٱلنَّاسِ.‏ وَهِيَ تُجِيبُ عَنِ ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَتُشْرِفُ عَلَى عَمَلِ ٱلتَّرْجَمَةِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ وَتُوَافِقُ عَلَى مَوَادَّ مُتَنَوِّعَةٍ كَٱلْخِطَابَاتِ وَٱلنُّصُوصِ ٱلْمَسْرَحِيَّةِ.‏

      • لَجْنَةُ ٱلْمُسْتَخْدَمِينَ.‏ تُشْرِفُ عَلَى ٱلتَّدَابِيرِ ٱلْمُتَّخَذَةِ لِلِٱهْتِمَامِ رُوحِيًّا وَجَسَدِيًّا بِمَنْ يَخْدُمُونَ فِي مَكَاتِبِ ٱلْفُرُوعِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ وَتُعْنَى بِدَعْوَةِ ٱلْأَعْضَاءِ ٱلْجُدُدِ.‏

      • لَجْنَةُ ٱلْمُنَسِّقِينَ.‏ تَتَأَلَّفُ مِنْ مُنَسِّقِي ٱللِّجَانِ ٱلْأُخْرَى وَمِنْ سِكْرِتِيرٍ هُوَ أَيْضًا عُضْوٌ فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ وَهِيَ تَحْرِصُ أَنْ يَسِيرَ ٱلْعَمَلُ فِي كُلِّ ٱللِّجَانِ بِسَلَاسَةٍ وَفَعَّالِيَّةٍ.‏ كَمَا أَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى ٱلْمَسَائِلِ ٱلْقَانُونِيَّةِ وَتَتَوَاصَلُ مَعَ وَسَائِلِ ٱلْإِعْلَامِ عِنْدَ ٱلضَّرُورَةِ لِنَقْلِ صُورَةٍ دَقِيقَةٍ عَنْ مُعْتَقَدَاتِنَا.‏ وَتُعْنَى هٰذِهِ ٱللَّجْنَةُ أَيْضًا بِٱلْحَالَاتِ ٱلطَّارِئَةِ ٱلَّتِي تُلِمُّ بِشُهُودِ يَهْوَهَ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ،‏ كَٱلْكَوَارِثِ وَمَوْجَاتِ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏

      • لَجْنَةُ ٱلنَّشْرِ.‏ تُشْرِفُ عَلَى طَبْعِ وَنَشْرِ وَشَحْنِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ وَمِنْ مَسْؤُولِيَّاتِهَا ٱلِٱهْتِمَامُ بِمَا تَمْلُكُهُ وَتُدِيرُهُ ٱلْمُؤَسَّسَاتُ ٱلتَّابِعَةُ لِشُهُودِ يَهْوَهَ مِنْ مَطَابِعَ وَأَمْلَاكٍ أُخْرَى.‏ وَتُعْنَى أَيْضًا بِتَشْيِيدِ مَبَانِي ٱلْفُرُوعِ،‏ فَضْلًا عَنْ قَاعَاتِ ٱلْمَلَكُوتِ وَٱلْمَحَافِلِ فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلنَّامِيَةِ.‏ كَمَا تُشْرِفُ عَلَى إِدَارَةِ أَمْوَالِ ٱلتَّبَرُّعَاتِ لِدَعْمِ عَمَلِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏

      تَعْتَمِدُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ عَلَى تَوْجِيهِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَلَا يَعْتَبِرُ أَعْضَاؤُهَا أَنْفُسَهُمْ قَادَةَ شَعْبِ يَهْوَهَ.‏ بَلْ مَثَلُهُمْ مَثَلُ جَمِيعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ عَلَى ٱلْأَرْضِ «يَتْبَعُونَ ٱلْحَمَلَ [يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ] حَيْثُمَا يَذْهَبُ».‏ —‏ رؤ ١٤:‏٤‏.‏

      الهيئة الحاكمة سنة ٢٠٠٩:‏ الاخوة لوش،‏ سبلاين،‏ بار،‏ جارس،‏ لت،‏ موريس،‏ بيرس،‏ هيرد،‏ وجاكسون

      ١٤ مَا سِرُّ وَحْدَةِ شَعْبِ يَهْوَهَ وَسْطَ عَالَمٍ تَغْزُوهُ ٱلِٱنْقِسَامَاتُ؟‏

      ١٤ فِي زَمَنِنَا هٰذَا،‏ تَسُودُ ٱلْوَحْدَةُ فِي ٱلْمُعْتَقَدَاتِ وَٱلسُّلُوكِ بَيْنَ شُهُودِ يَهْوَهَ ٱلَّذِينَ يُقَارِبُ عَدَدُهُمْ ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٨ نَاشِرٍ مُوَزَّعِينَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ٠٠٠‏,١٠٠ جَمَاعَةٍ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ.‏ فَمَا سِرُّ هٰذِهِ ٱلْوَحْدَةِ وَسْطَ عَالَمٍ تَغْزُوهُ ٱلِٱضْطِرَابَاتُ وَٱلِٱنْقِسَامَاتُ؟‏ يَرْجِعُ ٱلْفَضْلُ بِٱلدَّرَجَةِ ٱلْأُولَى إِلَى ٱلْإِرْشَادِ ٱلْوَاضِحِ وَٱلْفَعَّالِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُهُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ مِنْ خِلَالِ «ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ ٱلْفَطِينِ».‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥-‏٤٧‏)‏ كَمَا تَنْجُمُ ٱلْوَحْدَةُ أَيْضًا عَنْ تَعَاوُنِ ٱلْإِخْوَةِ طَوْعًا أَيْنَمَا كَانُوا حَوْلَ ٱلْعَالَمِ مَعَ إِرْشَادِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏

      ‏«فَرِحُوا بِٱلتَّشْجِيعِ» (‏اعمال ١٥:‏٣٠-‏٣٥‏)‏

      ١٥،‏ ١٦ إِلَامَ آلَتْ قَضِيَّةُ ٱلْخِتَانِ،‏ وَمَاذَا أَدَّى إِلَى هٰذِهِ ٱلنِّهَايَةِ؟‏

      ١٥ حِينَ وَصَلَ وَفْدُ ٱلْإِخْوَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ،‏ «جَمَعُوا ٱلْجُمْهُورَ وَأَعْطَوْهُمُ ٱلرِّسَالَةَ».‏ وَهَلْ تَجَاوَبَ ٱلْإِخْوَةُ مَعَ إِرْشَادِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «لَمَّا قَرَأُوهَا [ٱلرِّسَالَةَ] فَرِحُوا بِٱلتَّشْجِيعِ».‏ (‏اع ١٥:‏٣٠،‏ ٣١‏)‏ وَتُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ أَيْضًا أَنَّ يَهُوذَا وَسِيلَا «شَجَّعَا ٱلْإِخْوَةَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ وَقَوَّيَاهُمْ».‏ وَهٰكَذَا،‏ كَانَا هُمَا أَيْضًا «نَبِيَّيْنِ» تَمَامًا كَبَرْنَابَا وَبُولُسَ وَغَيْرِهِمَا.‏ فَقَدْ أُطْلِقَ هٰذَا ٱللَّقَبُ عَلَى مَنْ أَعْلَنَ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ وَعَرَّفَ ٱلنَّاسَ بِهَا.‏ —‏ اع ١٣:‏١؛‏ ١٥:‏٣٢؛‏ خر ٧:‏١،‏ ٢‏.‏

      ١٦ لَقَدْ آلَتِ ٱلْأُمُورُ إِلَى نِهَايَةٍ سَعِيدَةٍ.‏ وَمَا مِفْتَاحُ هٰذَا ٱلنَّجَاحِ؟‏ إِنَّهُ بِلَا رَيْبٍ ٱلْإِرْشَادُ ٱلْوَاضِحُ ٱلَّذِي قَدَّمَتْهُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ بِنَاءً عَلَى كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ ٱلْأُسْلُوبَ ٱلْحُبِّيَّ ٱلَّذِي ٱعْتُمِدَ فِي إِبْلَاغِ ٱلْجَمَاعَاتِ بِٱلْقَرَارِ.‏ وَلَا شَكَّ أَيْضًا أَنَّ يَهْوَهَ بَارَكَ كُلَّ ٱلْجُهُودِ ٱلْمَبْذُولَةِ لِبَتِّ هٰذِهِ ٱلْقَضِيَّةِ.‏

      ١٧ مَا أَوْجُهُ ٱلشَّبَهِ بَيْنَ ٱلْعَمَلِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَخِدْمَةِ ٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٧ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ تَسِيرُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ عَلَى دَرْبِ مَثِيلَتِهَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ فَتُقَدِّمُ ٱلْإِرْشَادَ فِي حِينِهِ لِمَعْشَرِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْعَالَمِيِّ.‏ وَعِنْدَ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ،‏ تُبَلَّغُ ٱلْجَمَاعَاتُ بِأُسْلُوبٍ وَاضِحٍ وَمُبَاشِرٍ.‏ كَيْفَ؟‏ إِحْدَى ٱلْوَسَائِلِ هِيَ زِيَارَاتُ ٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ.‏ فَهٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلْمُتَفَانُونَ يَزُورُونَ ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْوَاحِدَةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى مُقَدِّمِينَ ٱلْإِرْشَادَ ٱلْوَاضِحَ وَٱلتَّشْجِيعَ ٱلْحُبِّيَّ.‏ وَعَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا،‏ يَقْضُونَ وَقْتًا طَوِيلًا ‹يُعَلِّمُونَ وَيُبَشِّرُونَ بِكَلِمَةِ يَهْوَهَ مَعَ آخَرِينَ كَثِيرِينَ›.‏ (‏اع ١٥:‏٣٥‏)‏ وَهُمْ يَتَمَثَّلُونَ بِيَهُوذَا وَسِيلَا أَيْضًا إِذْ ‹يُشَجِّعُونَ ٱلْإِخْوَةَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ وَيُقَوُّونَهُمْ›.‏

      ١٨ كَيْفَ لِشَعْبِ ٱللّٰهِ أَلَّا يَخْسَرَ بَرَكَتَهُ؟‏

      ١٨ وَمَاذَا عَنِ ٱلْجَمَاعَاتِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ؟‏ مَاذَا يَحْفَظُ ٱلسَّلَامَ وَٱلِٱنْسِجَامَ بَيْنَ أَعْضَائِهَا وَسْطَ عَالَمٍ يُرَوِّجُ ٱلِٱنْقِسَامَاتِ؟‏ تَذَكَّرْ أَنَّ ٱلتِّلْمِيذَ يَعْقُوبَ نَفْسَهُ كَتَبَ لَاحِقًا:‏ «أَمَّا ٱلْحِكْمَةُ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا عَفِيفَةٌ،‏ ثُمَّ مُسَالِمَةٌ،‏ مُتَعَقِّلَةٌ،‏ مُسْتَعِدَّةٌ لِلطَّاعَةِ .‏ .‏ .‏ وَثَمَرُ ٱلْبِرِّ يُزْرَعُ فِي ٱلسَّلَامِ لِصَانِعِي ٱلسَّلَامِ».‏ (‏يع ٣:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ تُرَى هَلْ كَتَبَ يَعْقُوبُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ وَفِي بَالِهِ ٱلِٱجْتِمَاعُ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏ لَا نَعْرِفُ ٱلْجَوَابَ عَلَى وَجْهِ ٱلْيَقِينِ.‏ لٰكِنَّ ٱلتَّأَمُّلَ فِي ٱلْأَعْمَالِ ٱلْإِصْحَاحِ ١٥ يُؤَكِّدُ لَنَا أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى نَيْلِ بَرَكَةِ يَهْوَهَ إِلَّا بِٱلْوَحْدَةِ وَٱلتَّعَاوُنِ.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ جَمَاعَةَ أَنْطَاكِيَةَ نَعِمَتْ بِٱلسَّلَامِ وَٱلْوَحْدَةِ؟‏ (‏ب)‏ لِأَيِّ عَمَلٍ تَفَرَّغَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا ٱلْآنَ؟‏

      ١٩ خِتَامًا،‏ نَعِمَتْ جَمَاعَةُ أَنْطَاكِيَةَ دُونَ شَكٍّ بِٱلسَّلَامِ وَٱلْوَحْدَةِ.‏ فَعِوَضَ مُجَادَلَةِ ٱلْوَفْدِ مِنْ أُورُشَلِيمَ،‏ أَعَزَّ ٱلْإِخْوَةُ هُنَاكَ زِيَارَةَ يَهُوذَا وَسِيلَا وَلَمْ يُطْلِقُوهُمَا إِلَّا «بَعْدَ أَنْ قَضَيَا زَمَانًا».‏d (‏اع ١٥:‏٣٣‏)‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ فِي أُورُشَلِيمَ فَرِحُوا هُمْ أَيْضًا حِينَ سَمِعُوا تَقْرِيرَهُمَا عَنِ ٱلرِّحْلَةِ.‏ فَبِفَضْلِ نِعْمَةِ يَهْوَهَ،‏ أَنْجَزَا مُهِمَّتَهُمَا بِنَجَاحٍ.‏

      ٢٠ وَٱلْآنَ بَاتَ بِإِمْكَانِ بُولُسَ وَبَرْنَابَا ٱللَّذَيْنِ مَكَثَا فِي أَنْطَاكِيَةَ أَنْ يُرَكِّزَا جُهُودَهُمَا عَلَى تَوَلِّي ٱلْقِيَادَةِ فِي عَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ مَرَّةً جَدِيدَةً،‏ أَلَا يُذَكِّرُنَا عَمَلُهُمَا بِزِيَارَاتِ ٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ لِلْجَمَاعَاتِ؟‏ حَقًّا،‏ إِنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةَ بَرَكَةٌ قَيِّمَةٌ لِشَعْبِ ٱللّٰهِ!‏ (‏اع ١٣:‏٢،‏ ٣‏)‏ وَفِي ٱلْفَصْلِ ٱلتَّالِي،‏ سَنَتَعَلَّمُ كَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ يَهْوَهُ تَالِيًا بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَبَارَكَهُمَا.‏

      اخوة يحضرون محفلا

      اخوة يستفيدون من التدابير الروحية التي تقدمها الهيئة الحاكمة وممثليها

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏يَعْقُوبُ ‹أَخُو ٱلرَّبِّ›‏‏».‏

      b أَشَارَ يَعْقُوبُ عَنْ حِكْمَةٍ إِلَى كِتَابَاتِ مُوسَى.‏ فَهٰذِهِ ٱلْكِتَابَاتُ لَمْ تَضُمَّ ٱلشَّرِيعَةَ فَحَسْبُ،‏ بَلْ رَوَتْ أَيْضًا عَنْ تَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ ٱلْبَشَرِ وَكَشَفَتْ عَنْ مَشِيئَتِهِ حَتَّى قَبْلَمَا كَانَتِ ٱلشَّرِيعَةُ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ إِنَّ نَظْرَةَ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلدَّمِ وَٱلزِّنَى وَٱلصَّنَمِيَّةِ وَاضِحَةٌ تَمَامَ ٱلْوُضُوحِ فِي سِفْرِ ٱلتَّكْوِينِ.‏ (‏تك ٩:‏٣،‏ ٤؛‏ ٢٠:‏٢-‏٩؛‏ ٣٥:‏٢،‏ ٤‏)‏ وَهٰكَذَا كَشَفَ يَهْوَهُ مَبَادِئَ تَسْرِي عَلَى ٱلْبَشَرِ جَمِيعًا،‏ يَهُودًا كَانُوا أَمْ أُمَمِيِّينَ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏كَيْفَ تُنَظَّمُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْيَوْمَ؟‏‏».‏

      d فِي ٱلْعَدَدِ ٣٤،‏ تُضِيفُ بَعْضُ تَرْجَمَاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَلِمَاتٍ مُفَادُهَا أَنَّ سِيلَا ٱخْتَارَ ٱلْبَقَاءَ فِي أَنْطَاكِيَةَ.‏ (‏اُنْظُرْ مَثَلًا تَرْجَمَةُ فَانْدَايْك وَ اَلتَّرْجَمَةُ ٱلْيَسُوعِيَّةُ.‏‏)‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ زِيدَتْ لَاحِقًا كَمَا يَظْهَرُ عَلَى ٱلنَّصِّ ٱلْأَصْلِيِّ.‏

      يَعْقُوبُ ‹أَخُو ٱلرَّبِّ›‏

      هُوَ ٱبْنُ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ.‏ يُدْرَجُ ٱسْمُهُ أَوَّلًا بَيْنَ إِخْوَةِ يَسُوعَ مِنْ أُمِّهِ،‏ لِذَا رُبَّمَا يَكُونُ ثَانِيَ أَبْنَاءِ مَرْيَمَ بَعْدَهُ.‏ (‏مت ١٣:‏٥٤،‏ ٥٥‏)‏ تَرَعْرَعَ مَعَ أَخِيهِ وَشَاهَدَهُ أَثْنَاءَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ.‏ وَكَانَ عَلَى ٱلْأَقَلِّ عَالِمًا ‹بِٱلْقُوَّاتِ› ٱلَّتِي صَنَعَهَا سَوَاءٌ رَآهَا بِأُمِّ عَيْنِهِ أَمْ لَا.‏ وَلٰكِنْ خِلَالَ خِدْمَةِ يَسُوعَ،‏ لَمْ يَكُنْ هُوَ وَإِخْوَتُهُ ٱلْأَصْغَرُ «يُمَارِسُونَ ٱلْإِيمَانَ بِهِ».‏ (‏يو ٧:‏٥‏)‏ وَلَعَلَّهُ وَافَقَ ذَوِيهِ ٱلَّذِينَ قَالُوا عَنْ يَسُوعَ:‏ «إِنَّهُ فَقَدَ عَقْلَهُ».‏ —‏ مر ٣:‏٢١‏.‏

      يعقوب

      غَيْرَ أَنَّ ٱلْوَضْعَ ٱنْقَلَبَ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ بَعْدَ مَوْتِ ٱلْمَسِيحِ وَقِيَامَتِهِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْيُونَانِيَّةَ تَأْتِي عَلَى ذِكْرِ رِجَالٍ آخَرِينَ يَحْمِلُونَ ٱلِٱسْمَ يَعْقُوبَ،‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ كَمَا يَبْدُو تَرَاءَى لِأَخِيهِ غَيْرِ ٱلشَّقِيقِ خِلَالَ ٱلْأَرْبَعِينَ يَوْمًا بَعْدَ قِيَامَتِهِ.‏ (‏١ كو ١٥:‏٧‏)‏ وَلَرُبَّمَا هٰذَا مَا حَمَلَهُ عَلَى ٱلْقُبُولِ بِهُوِيَّةِ أَخِيهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ.‏ عَلَى أَيِّ حَالٍ،‏ نَجِدُهُ مَعَ أُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ مُجْتَمِعِينَ مَعَ ٱلرُّسُلِ لِلصَّلَاةِ فِي عُلِّيَّةٍ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عَلَى صُعُودِ يَسُوعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.‏ —‏ اع ١:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

      وَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ أَصْبَحَ يَعْقُوبُ عُضْوًا لَهُ مَكَانَتُهُ فِي جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ،‏ إِذِ ٱعْتُبِرَ عَلَى مَا يَظْهَرُ رَسُولًا مِنْ تِلْكَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏ (‏غل ١:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ وَتَظْهَرُ مَكَانَتُهُ جَلِيًّا فِي كَلِمَاتِ بُطْرُسَ بَعْدَمَا حُرِّرَ عَجَائِبِيًّا مِنَ ٱلسِّجْنِ.‏ فَقَدْ أَوْصَى ٱلتَّلَامِيذَ قَائِلًا:‏ «أَخْبِرُوا يَعْقُوبَ وَٱلْإِخْوَةَ بِهٰذَا».‏ (‏اع ١٢:‏١٢،‏ ١٧‏)‏ وَعِنْدَمَا عُرِضَتْ قَضِيَّةُ ٱلْخِتَانِ عَلَى «ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ»،‏ رَأَسَ يَعْقُوبُ عَلَى مَا يَبْدُو ٱلْجَلْسَةَ.‏ (‏اع ١٥:‏٦-‏٢١‏)‏ كَمَا ذَكَرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ يَعْقُوبَ وَصَفَا (‏بُطْرُسَ)‏ وَٱلرَّسُولَ يُوحَنَّا ٱعْتُبِرُوا «أَعْمِدَةً» فِي جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ.‏ (‏غل ٢:‏٩‏)‏ حَتَّى بَعْدَ سَنَوَاتٍ،‏ قَصَّ بُولُسُ أَخْبَارَ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّالِثَةِ عَلَى «يَعْقُوبَ،‏ وَكَانَ ٱلشُّيُوخُ كُلُّهُمْ حَاضِرِينَ».‏ —‏ اع ٢١:‏١٧-‏١٩‏.‏

      وَعَلَى مَا يَبْدُو كَتَبَ يَعْقُوبُ،‏ أَوْ كَمَا يَدْعُوهُ بُولُسُ ‹أَخَا ٱلرَّبِّ›،‏ ٱلسِّفْرَ ٱلَّذِي يَحْمِلُ ٱسْمَهُ.‏ (‏غل ١:‏١٩‏)‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ،‏ يُعَرِّفُ يَعْقُوبُ بِتَوَاضُعٍ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ «عَبْدُ ٱللّٰهِ وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» وَلَيْسَ بِصِفَتِهِ رَسُولًا أَوْ أَخَا يَسُوعَ.‏ (‏يع ١:‏١‏)‏ وَتُبَيِّنُ رِسَالَتُهُ أَنَّهُ رَاقَبَ بِدِقَّةٍ ٱلطَّبِيعَةَ وَٱلْإِنْسَانَ تَمَامًا مِثْلَ أَخِيهِ.‏ فَقَدِ ٱسْتَعَانَ بِظَوَاهِرَ طَبِيعِيَّةٍ مَأْلُوفَةٍ لِإِيضَاحِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلرُّوحِيَّةِ.‏ فَأَشَارَ إِلَى مَوْجَاتِ ٱلْبَحْرِ ٱلَّتِي تَسُوقُهَا ٱلرِّيحُ،‏ وَإِلَى ٱلسَّمَاءِ ٱلْمُرَصَّعَةِ بِٱلنُّجُومِ وَٱلشَّمْسِ ٱلْمُحْرِقَةِ وَٱلْأَزْهَارِ ٱلرَّقِيقَةِ وَحَرَائِقِ ٱلْغَابَاتِ وَٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْمُرَوَّضَةِ.‏ (‏يع ١:‏٦،‏ ١١،‏ ١٧؛‏ ٣:‏٥،‏ ٧‏)‏ وَقَدْ وَهَبَهُ ٱللّٰهُ أَنْ يَفْهَمَ مَوَاقِفَ ٱلنَّاسِ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ.‏ فَٱسْتَطَاعَ أَنْ يُسْدِيَ نَصَائِحَ مُفِيدَةً فِي ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى عَلَاقَاتٍ سَلِيمَةٍ بِٱلْآخَرِينَ.‏ —‏ يع ١:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ ٣:‏٢،‏ ٨-‏١٨‏.‏

      وَمِنْ كَلِمَاتِ بُولُسَ فِي ١ كُورِنْثُوس ٩:‏٥ نَسْتَنْتِجُ أَنَّ يَعْقُوبَ كَانَ مُتَزَوِّجًا.‏ أَمَّا عَنْ تَارِيخِ وَظُرُوفِ مَوْتِهِ فَلَا نَقْرَأُ شَيْئًا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمُؤَرِّخَ ٱلْيَهُودِيَّ يُوسِيفُوس تَطَرَّقَ إِلَى هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ خِلَالَ حَدِيثِهِ عَنِ ٱلْفَتْرَةِ ٱلْفَاصِلَةِ بَيْنَ مَوْتِ ٱلْحَاكِمِ ٱلرُّومَانِيِّ بُورْكِيُوسَ فِسْتُوسَ حَوَالَيِ ٱلسَّنَةِ ٦٢ ب‌م وَتَوَلِّي خَلِيفَتِهِ أَلْبِينُسَ ٱلْمَنْصِبَ.‏ فَقَدْ قَالَ إِنَّ رَئِيسَ ٱلْكَهَنَةِ حَنَّانَ (‏حَنَانِيَّا)‏ «جَمَعَ قُضَاةَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ وَأَحْضَرَ أَمَامَهُمْ رَجُلًا يُدْعَى يَعْقُوبَ،‏ هُوَ أَخُو يَسُوعَ ٱلَّذِي كَانَ يُدْعَى ٱلْمَسِيحَ،‏ وَأَشْخَاصًا آخَرِينَ.‏ وَقَدِ ٱتَّهَمَهُمْ بِٱنْتِهَاكِ ٱلشَّرِيعَةِ وَسَلَّمَهُمْ لِكَيْ يُرْجَمُوا».‏

  • ‏«يقوِّي الجماعات»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٥

      ‏«يُقَوِّي ٱلْجَمَاعَاتِ»‏

      اَلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ يُسْهِمُونَ فِي تَشْدِيدِ ٱلْجَمَاعَاتِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٥:‏٣٦–‏١٦:‏٥

      ١-‏٣ (‏أ)‏ مَنْ هُوَ رَفِيقُ بُولُسَ ٱلْجَدِيدُ فِي ٱلسَّفَرِ،‏ وَمَا بَعْضُ صِفَاتِهِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

      فِيمَا يَشُقُّ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ طَرِيقَهُ بَيْنَ ٱلدُّرُوبِ ٱلْوَعِرَةِ،‏ يُقَلِّبُ أَفْكَارَهُ مُتَأَمِّلًا فِي ٱلشَّابِّ ٱلسَّائِرِ مَعَهُ.‏ إِنَّهُ تِيمُوثَاوُسُ،‏ شَابٌّ فِي عِزِّ نَشَاطِهِ لَعَلَّهُ لَمْ يُدْرِكِ ٱلْعِشْرِينَ بَعْدُ.‏ كُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا هٰذَا ٱلْمُبَشِّرُ ٱلْيَافِعُ تُبْعِدُهُ عَنْ مَوْطِنِهِ.‏ فَهَا لِسْتَرَةُ وَإِيقُونِيَةُ تَتَوَارَيَانِ خَلْفَهُ .‏ .‏ .‏ تُرَى،‏ مَاذَا وَرَاءَ ٱلْأُفُقِ ٱلْبَعِيدِ؟‏ بُولُسُ مِنْ جِهَتِهِ ذَاقَ طَعْمَ ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ.‏ فَهٰذِهِ هِيَ رِحْلَتُهُ ٱلثَّانِيَةُ.‏ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ مَخَاطِرَ وَمَشَاكِلَ جَمَّةً تَكْمُنُ أَمَامَهُمَا.‏ فَهَلْ يَكُونُ هٰذَا ٱلشَّابُّ عَلَى قَدِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ؟‏

      ٢ ثِقَةُ بُولُسَ بِتِيمُوثَاوُسَ كَبِيرَةٌ؛‏ رُبَّمَا أَكْبَرُ مِنْ ثِقَةِ ٱلشَّابِّ ٱلْمُتَوَاضِعِ بِنَفْسِهِ.‏ فَقَدْ عَلَّمَتْهُ ٱلتَّجَارِبُ مُؤَخَّرًا كَمْ مُهِمٌّ أَنْ يَخْتَارَ رَفِيقًا مُنَاسِبًا يُلَازِمُهُ خِلَالَ أَسْفَارِهِ.‏ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ٱلْعَمَلَ ٱلْجَائِلَ وَمَا يَشْمُلُهُ مِنْ زِيَارَةِ ٱلْجَمَاعَاتِ وَتَقْوِيَةِ ٱلْإِخْوَةِ يَتَطَلَّبُ وَحْدَةَ فِكْرٍ وَتَصْمِيمًا لَا يَنْثَلِمُ.‏ فَأَيُّ تَجْرِبَةٍ غَرَسَتْ فِيهِ هٰذَا ٱلِٱقْتِنَاعَ؟‏ لَعَلَّ ٱلْخِلَافَ ٱلَّذِي نَشَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَرْنَابَا وَأَدَّى إِلَى ٱنْفِصَالِهِمَا أَثَّرَ عَلَى تَفْكِيرِ بُولُسَ.‏

      ٣ وَفِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ نَتَعَلَّمُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلْمُثْلَى لِحَلِّ ٱلْخِلَافَاتِ.‏ وَنَتَعَرَّفُ أَيْضًا لِمَ ٱنْتَقَى بُولُسُ تِيمُوثَاوُسَ رَفِيقًا فِي ٱلسَّفَرِ.‏ وَنَتَأَمَّلُ أَخِيرًا فِي ٱلدَّوْرِ ٱلْبَالِغِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ ٱلَّذِي يُؤَدِّيهِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ ٱلْيَوْمَ.‏

      ‏«لِنَعُدْ فَنَزُورَ ٱلْإِخْوَةَ» (‏اعمال ١٥:‏٣٦‏)‏

      ٤ إِلَامَ هَدَفَ بُولُسُ مِنْ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ؟‏

      ٤ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ رَأَيْنَا كَيْفَ شَدَّدَ وَفْدٌ مِنْ أَرْبَعَةِ إِخْوَةٍ،‏ هُمْ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَيَهُوذَا وَسِيلَا،‏ ٱلْجَمَاعَةَ فِي أَنْطَاكِيَةَ بِإِبْلَاغِهِمْ قَرَارَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ فِي قَضِيَّةِ ٱلْخِتَانِ.‏ وَمَا خُطْوَةُ بُولُسَ ٱلتَّالِيَةُ؟‏ لَقَدْ عَرَضَ عَلَى بَرْنَابَا ٱلسَّفَرَ مُجَدَّدًا،‏ قَائِلًا:‏ «قَبْلَ أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ،‏ لِنَعُدْ فَنَزُورَ ٱلْإِخْوَةَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ نَادَيْنَا فِيهَا بِكَلِمَةِ يَهْوَهَ لِنَرَى كَيْفَ هُمْ».‏ (‏اع ١٥:‏٣٦‏)‏ وَلَمْ يَكُنْ بُولُسُ يَقْتَرِحُ مُجَرَّدَ ٱلْقِيَامِ بِزِيَارَاتٍ ٱجْتِمَاعِيَّةٍ لِهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْجُدُدِ.‏ فَسِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ يَكْشِفُ لَنَا إِلَامَ هَدَفَ ٱلرَّسُولُ مِنْ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ.‏ أَوَّلًا،‏ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ ٱلتَّبْلِيغَ بِقَرَارِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ (‏اع ١٦:‏٤‏)‏ ثَانِيًا،‏ كَانَ مُصَمِّمًا بِصِفَتِهِ نَاظِرًا جَائِلًا عَلَى تَقْوِيَةِ ٱلْجَمَاعَاتِ رُوحِيًّا لِتَثْبِيتِ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْإِيمَانِ.‏ (‏رو ١:‏١١،‏ ١٢‏)‏ فَكَيْفَ تَتَمَثَّلُ هَيْئَةُ شُهُودِ يَهْوَهَ ٱلْعَصْرِيَّةُ بِمِثَالِ ٱلرُّسُلِ قَدِيمًا؟‏

      ٥ كَيْفَ تَمْنَحُ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْعَصْرِيَّةُ ٱلتَّوْجِيهَ وَٱلتَّشْجِيعَ لِكُلِّ ٱلْجَمَاعَاتِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ؟‏

      ٥ فِي أَيَّامِنَا،‏ يَسْتَخْدِمُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ لِشُهُودِ يَهْوَهَ لِتَوْجِيهِ جَمَاعَتِهِ.‏ وَهٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلْمَمْسُوحُونَ ٱلْأُمَنَاءُ يَمْنَحُونَ ٱلْإِرْشَادَ وَٱلتَّشْجِيعَ لِكُلِّ ٱلْجَمَاعَاتِ مِنْ خِلَالِ ٱلرَّسَائِلِ وَٱلْمَطْبُوعَاتِ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْوَسَائِلِ.‏ لٰكِنَّ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ تَسْعَى أَيْضًا إِلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱتِّصَالٍ لَصِيقٍ بِكُلِّ جَمَاعَةٍ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ.‏ وَلِهٰذِهِ ٱلْغَايَةِ،‏ تَعْتَمِدُ تَرْتِيبًا يَقْضِي بِإِرْسَالِ نُظَّارٍ جَائِلِينَ إِلَى ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ فَتُعَيِّنُ مُبَاشَرَةً آلَافَ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمُؤَهَّلِينَ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْأَرْضِ لِيُؤَدُّوا هٰذَا ٱلنَّوْعَ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ.‏

      ٦،‏ ٧ مَا هِيَ بَعْضُ مَسْؤُولِيَّاتِ ٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ؟‏

      ٦ وَٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ بِدَوْرِهِمْ يُرَكِّزُونَ عَلَى مَنْحِ ٱلِٱهْتِمَامِ ٱلشَّخْصِيِّ وَٱلتَّشْجِيعِ ٱلرُّوحِيِّ لِجَمِيعِ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ كَيْفَ؟‏ بِٱتِّبَاعِ ٱلنَّمُوذَجِ ٱلَّذِي وَضَعَهُ مَسِيحِيُّونَ مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ كَٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ فَقَدْ حَثَّ رَفِيقًا لَهُ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ،‏ قَائِلًا:‏ «اِكْرِزْ بِٱلْكَلِمَةِ،‏ أَلِحَّ فِي ذٰلِكَ فِي وَقْتٍ مُؤَاتٍ وَفِي وَقْتٍ مَحْفُوفٍ بِٱلْمَتَاعِبِ،‏ وَبِّخْ،‏ أَنِّبْ،‏ عِظْ،‏ بِكُلِّ طُولِ أَنَاةٍ وَفَنِّ تَعْلِيمٍ .‏ .‏ .‏ اِعْمَلْ عَمَلَ ٱلْمُبَشِّرِ».‏ —‏ ٢ تي ٤:‏٢،‏ ٥‏.‏

      ٧ عَلَى ضَوْءِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ،‏ يَعْمَلُ ٱلنَّاظِرُ ٱلْجَائِلُ (‏وَزَوْجَتُهُ فِي حَالِ كَانَ مُتَزَوِّجًا)‏ مَعَ ٱلنَّاشِرِينَ ٱلْمَحَلِّيِّينَ فِي مُخْتَلِفِ أَوْجُهِ خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ.‏ وَيَتَّصِفُ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُبَشِّرُونَ ٱلْجَائِلُونَ بِٱلْغَيْرَةِ فِي ٱلْخِدْمَةِ وَٱلْمَهَارَةِ فِي ٱلتَّعْلِيمِ،‏ مِمَّا يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى ٱلرَّعِيَّةِ.‏ (‏رو ١٢:‏١١؛‏ ٢ تي ٢:‏١٥‏)‏ وَلَعَلَّ أَهَمَّ مَا يُمَيِّزُهُمْ هُوَ مَحَبَّةُ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ فَهُمْ يَجُودُونَ بِأَنْفُسِهِمْ طَوْعًا،‏ فَيَتَنَقَّلُونَ مِنْ جَمَاعَةٍ إِلَى أُخْرَى غَيْرَ آبِهِينَ بِرَدَاءَةِ ٱلطَّقْسِ أَوْ بِخُطُورَةِ ٱلْمَنَاطِقِ.‏ (‏في ٢:‏٣،‏ ٤‏)‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ كُلِّهِ،‏ يَمُدُّونَ ٱلْجَمَاعَاتِ بِٱلتَّشْجِيعِ وَٱلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّقْوِيمِ مِنْ خِلَالِ خِطَابَاتٍ مُؤَسَّسَةٍ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَكَمْ يَسْتَفِيدُ أَعْضَاءُ ٱلْجَمَاعَةِ حِينَ يَتَأَمَّلُونَ فِي مَسْلَكِهِمِ ٱلْأَمِينِ وَيَقْتَدُونَ بِإِيمَانِهِمْ!‏ —‏ عب ١٣:‏٧‏.‏

      ‏«فَوْرَةُ غَضَبٍ» (‏اعمال ١٥:‏٣٧-‏٤١‏)‏

      ٨ كَيْفَ قَابَلَ بَرْنَابَا ٱقْتِرَاحَ بُولُسَ؟‏

      ٨ رَحَّبَ بَرْنَابَا بِٱقْتِرَاحِ بُولُسَ أَنْ ‹يَزُورَا ٱلْإِخْوَةَ›.‏ فَهٰذَانِ ٱلْأَخَوَانِ سَبَقَ أَنْ نَجَحَا فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ،‏ وَكَانَا مُطَّلِعَيْنِ تَمَامًا عَلَى ٱلْمَنَاطِقِ وَٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي يُخَطِّطَانِ لِزِيَارَتِهَا.‏ (‏اع ١٣:‏٢–‏١٤:‏٢٨‏)‏ لِذَا رُبَّمَا بَدَا أَنَّ ٱلْعَمَلَ مَعًا فِي هٰذَا ٱلتَّعْيِينِ فِكْرَةٌ مَنْطِقِيَّةٌ وَعَمَلِيَّةٌ.‏ وَلٰكِنْ سُرْعَانَ مَا تَعَقَّدَ ٱلْمَوْقِفُ.‏ نَقْرَأُ:‏ «كَانَ بَرْنَابَا مُصَمِّمًا أَنْ يَأْخُذَا مَعَهُمَا أَيْضًا يُوحَنَّا،‏ ٱلَّذِي يُدْعَى مَرْقُسَ».‏ (‏اع ١٥:‏٣٧‏)‏ لَاحِظْ أَنَّ بَرْنَابَا لَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ مُجَرَّدَ ٱقْتِرَاحٍ،‏ بَلْ كَانَ «مُصَمِّمًا» عَلَى ٱصْطِحَابِ نَسِيبِهِ مَرْقُسَ فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ.‏

      ٩ لِمَ ٱخْتَلَفَ بُولُسُ مَعَ بَرْنَابَا؟‏

      ٩ «أَمَّا بُولُسُ فَلَمْ يَرَ مُنَاسِبًا أَنْ يَأْخُذَاهُ مَعَهُمَا،‏ إِذْ كَانَ قَدْ فَارَقَهُمَا فِي بَمْفِيلِيَةَ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمَا لِلْعَمَلِ».‏ (‏اع ١٥:‏٣٨‏)‏ فَفِي ٱلْجَوْلَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى،‏ سَافَرَ مَرْقُسُ مَعَ بَرْنَابَا وَبُولُسَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُلَازِمْهُمَا حَتَّى ٱلنِّهَايَةِ.‏ (‏اعمال ١٢:‏٢٥؛‏ ١٣:‏١٣‏)‏ فَفِي وَقْتٍ بَاكِرٍ مِنَ ٱلرِّحْلَةِ،‏ فِيمَا كَانُوا لَا يَزَالُونَ فِي بَمْفِيلِيَةَ،‏ تَرَكَ مَرْقُسُ تَعْيِينَهُ عَائِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَعْرِفُ سَبَبَ تَصَرُّفِهِ هٰذَا،‏ إِلَّا أَنَّ بُولُسَ عَلَى مَا يَبْدُو رَأَى فِي ذٰلِكَ ٱفْتِقَارًا إِلَى حِسِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ.‏ وَرُبَّمَا أَصْبَحَ يُشَكِّكُ هَلْ مَرْقُسُ مَحَلُّ ثِقَةٍ.‏

      ١٠ إِلَامَ آلَ ٱلْخِلَافُ بَيْنَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١٠ لٰكِنَّ بَرْنَابَا عَانَدَ وَأَبَى إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَرْقُسَ مَعَهُمَا.‏ أَمَّا بُولُسُ فَوَاجَهَ ٱلْعِنَادَ بِٱلْعِنَادِ.‏ «فَحَصَلَتْ بَيْنَهُمَا فَوْرَةُ غَضَبٍ حَتَّى ٱنْفَصَلَ أَحَدُهُمَا عَنِ ٱلْآخَرِ».‏ (‏اع ١٥:‏٣٩‏)‏ فَأَخَذَ بَرْنَابَا مَرْقُسَ وَأَبْحَرَ إِلَى بَلَدِهِ ٱلْأُمِّ قُبْرُصَ.‏ فِي حِينِ مَضَى بُولُسُ فِي خِطَّتِهِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «اِنْتَقَى بُولُسُ سِيلَا وَمَضَى بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهُ ٱلْإِخْوَةُ إِلَى نِعْمَةِ يَهْوَهَ».‏ (‏اع ١٥:‏٤٠‏)‏ فَٱجْتَازَ ٱلرَّسُولُ بِرِفْقَةِ سِيلَا ‹فِي سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَةَ يُقَوِّيَانِ ٱلْجَمَاعَاتِ›.‏ —‏ اع ١٥:‏٤١‏.‏

      ١١ أَيُّ صِفَاتٍ ضَرُورِيَّةٌ لِنَتَفَادَى نُشُوءَ هُوَّةٍ لَا تُرْدَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ يُسِيءُ إِلَيْنَا؟‏

      ١١ أَلَا تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ بِطَبِيعَتِنَا ٱلْبَشَرِيَّةِ ٱلنَّاقِصَةِ؟‏ تَخَيَّلْ:‏ كَانَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا مُمَثِّلَيْنِ خُصُوصِيَّيْنِ عَنِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ،‏ حَتَّى إِنَّ بُولُسَ كَانَ قَدْ أَصْبَحَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ عُضْوًا فِيهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ غَلَبَتْ عَلَيْهِمَا فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ ٱلْمُيُولُ ٱلْبَشَرِيَّةُ ٱلنَّاقِصَةُ.‏ وَلٰكِنْ هَلْ سَمَحَا لِلْوَضْعِ أَنْ يُحْدِثَ بَيْنَهُمَا هُوَّةً عَمِيقَةً لَا تُرْدَمُ؟‏ رَغْمَ نَقْصِهِمَا،‏ كَانَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا رَجُلَيْنِ مُتَوَاضِعَيْنِ يُعْرِبَانِ عَنْ فِكْرِ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا مَعَ ٱلْوَقْتِ أَظْهَرَا رُوحَ ٱلْغُفْرَانِ وَٱلْأُخُوَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ (‏اف ٤:‏١-‏٣‏)‏ حَتَّى إِنَّ بُولُسَ وَمَرْقُسَ أَنْفُسَهُمَا تَعَاوَنَا لَاحِقًا عَلَى إِنْجَازِ تَعْيِينَاتٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةٍ أُخْرَى.‏a —‏ كو ٤:‏١٠‏.‏

      ١٢ أَيُّ صِفَاتٍ يَسْعَى ٱلنُّظَّارُ ٱلْعَصْرِيُّونَ إِلَى ٱلتَّحَلِّي بِهَا ٱقْتِدَاءً بِبُولُسَ وَبَرْنَابَا؟‏

      ١٢ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ لَمْ تَكُنْ فَوْرَةُ ٱلْغَضَبِ هٰذِهِ لَا مِنْ شِيَمِ بَرْنَابَا وَلَا بُولُسَ.‏ فَٱلْأَوَّلُ تَحَلَّى بِٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْكَرَمِ إِلَى حَدِّ أَنَّ ٱلرُّسُلَ لَقَّبُوهُ بَرْنَابَا ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱبْنَ ٱلْعَزَاءِ»،‏ عِوَضَ مُنَادَاتِهِ بِٱسْمِهِ يُوسُفَ.‏ أَمَّا بُولُسُ فَعُرِفَ عَنْهُ ٱلرِّقَّةُ وَٱلرِّفْقُ.‏ (‏١ تس ٢:‏٧،‏ ٨‏)‏ وَٱقْتِدَاءً بِهِمَا،‏ يَسْعَى عَلَى ٱلدَّوَامِ جَمِيعُ ٱلشُّيُوخِ،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ،‏ إِلَى ٱلتَّحَلِّي بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلتَّعَامُلِ بِرِقَّةٍ مَعَ رُفَقَائِهِمِ ٱلنُّظَّارِ وَكَامِلِ ٱلرَّعِيَّةِ.‏ —‏ ١ بط ٥:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ‏«كَانَ مَشْهُودًا لَهُ» (‏اعمال ١٦:‏١-‏٣‏)‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ مَنْ كَانَ تِيمُوثَاوُسُ،‏ وَتَحْتَ أَيَّةِ ظُرُوفٍ رُبَّمَا ٱلْتَقَاهُ بُولُسُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ أَوْلَى بُولُسُ تِيمُوثَاوُسَ ٱهْتِمَامًا خُصُوصِيًّا؟‏ (‏ج)‏ أَيُّ تَعْيِينٍ نَالَهُ تِيمُوثَاوُسُ؟‏

      ١٣ حَمَلَتِ ٱلرِّحْلَةُ ٱلثَّانِيَةُ بُولُسَ إِلَى وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ حَيْثُ كَانَتْ قَدْ تَأَسَّسَتْ بَعْضُ ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ وَتُطْلِعُنَا ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ ٱلرَّسُولَ «وَصَلَ إِلَى دِرْبَةَ وَإِلَى لِسْتَرَةَ أَيْضًا.‏ وَإِذَا تِلْمِيذٌ كَانَ هُنَاكَ ٱسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ،‏ ٱبْنُ ٱمْرَأَةٍ يَهُودِيَّةٍ مُؤْمِنَةٍ،‏ لٰكِنَّ أَبَاهُ يُونَانِيٌّ».‏ —‏ اع ١٦:‏١‏.‏b

      ١٤ عَلَى مَا يَبْدُو،‏ ٱلْتَقَى بُولُسُ عَائِلَةَ تِيمُوثَاوُسَ عِنْدَمَا زَارَ ٱلْمِنْطَقَةَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٧ ب‌م.‏ وَٱلْآنَ،‏ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ،‏ أَوْلَى ٱلرَّسُولُ هٰذَا ٱلشَّابَّ ٱهْتِمَامًا خُصُوصِيًّا فِي رِحْلَتِهِ ٱلثَّانِيَةِ.‏ لِمَاذَا؟‏ لِأَنَّ تِيمُوثَاوُسَ كَانَ «مَشْهُودًا لَهُ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ».‏ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوبًا عِنْدَ ٱلْإِخْوَةِ فِي جَمَاعَتِهِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ إِنَّ سُمْعَتَهُ تَعَدَّتْ حُدُودَ مَدِينَتِهِ أَيْضًا.‏ فَبِحَسَبِ ٱلرِّوَايَةِ،‏ أَشَادَ بِذِكْرِهِ ٱلْإِخْوَةُ فِي لِسْتَرَةَ،‏ وَكَذٰلِكَ فِي إِيقُونِيَةَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ ٣٠ كلم تَقْرِيبًا.‏ (‏اع ١٦:‏٢‏)‏ وَمِنْ ثَمَّ ٱئْتَمَنَهُ ٱلشُّيُوخُ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى مَسْؤُولِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ:‏ اَلْعَمَلِ نَاظِرًا جَائِلًا بِرِفْقَةِ بُولُسَ وَسِيلَا.‏ —‏ اع ١٦:‏٣‏.‏

      ١٥،‏ ١٦ كَيْفَ ٱكْتَسَبَ تِيمُوثَاوُسُ صِيتًا حَسَنًا؟‏

      ١٥ فَكَيْفَ ٱكْتَسَبَ تِيمُوثَاوُسُ صِيتًا حَسَنًا كَهٰذَا وَهُوَ لَا يَزَالُ فِي مُقْتَبَلِ ٱلْعُمْرِ؟‏ هَلِ ٱلْفَضْلُ عَائِدٌ إِلَى ذَكَائِهِ،‏ شَكْلِهِ ٱلْخَارِجِيِّ،‏ أَوْ مَوَاهِبِهِ ٱلْفِطْرِيَّةِ؟‏ غَالِبًا مَا يُعْجَبُ ٱلْبَشَرُ بِصِفَاتٍ كَهٰذِهِ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلنَّبِيَّ صَمُوئِيلَ تَأَثَّرَ فَوْقَ ٱلْحَدِّ بِٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ.‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ ذَكَّرَهُ بِٱلْحَقِيقَةِ ٱلتَّالِيَةِ:‏ «اَللّٰهُ لَا يَرَى كَمَا يَرَى ٱلْإِنْسَانُ،‏ فَٱلْإِنْسَانُ يَرَى مَا يَظْهَرُ لِلْعَيْنَيْنِ،‏ أَمَّا يَهْوَهُ فَيَرَى ٱلْقَلْبَ».‏ (‏١ صم ١٦:‏٧‏)‏ فَمَا أَكْسَبَ تِيمُوثَاوُسَ ٱسْمًا حَسَنًا عِنْدَ رُفَقَائِهِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَمْ يَكُنْ مَزَايَاهُ ٱلطَّبِيعِيَّةَ،‏ بَلْ صِفَاتِهِ ٱلدَّاخِلِيَّةَ.‏

      ١٦ بَعْدَ سَنَوَاتٍ،‏ أَتَى ٱلرَّسُولُ بُولُسُ عَلَى ذِكْرِ صِفَاتٍ رُوحِيَّةٍ تَمَيَّزَ بِهَا تِيمُوثَاوُسُ.‏ فَوَصَفَ مَا يَتَحَلَّى بِهِ مِنْ مَيْلٍ مُؤَاتٍ وَدَأَبٍ فِي إِنْجَازِ ٱلتَّعْيِينَاتِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ وَمَحَبَّةٍ تَدْفَعُهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِذَاتِهِ.‏ (‏في ٢:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ عُرِفَ هٰذَا ٱلشَّابُّ أَيْضًا بِٱمْتِلَاكِهِ إِيمَانًا «عَدِيمَ ٱلرِّيَاءِ».‏ —‏ ٢ تي ١:‏٥‏.‏

      ١٧ كَيْفَ يَقْتَدِي شَبَابٌ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِتِيمُوثَاوُسَ؟‏

      ١٧ عَصْرِيًّا،‏ يُنَمِّي شَبَابٌ كَثِيرُونَ صِفَاتٍ تُرْضِي ٱللّٰهَ ٱقْتِدَاءً بِتِيمُوثَاوُسَ.‏ فَيَصْنَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ صِيتًا حَسَنًا عِنْدَ يَهْوَهَ وَشَعْبِهِ وَلَوْ كَانُوا صِغَارَ ٱلسِّنِّ.‏ (‏ام ٢٢:‏١؛‏ ١ تي ٤:‏١٥‏)‏ فَهُمْ يُعْرِبُونَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ ٱلْعَدِيمِ ٱلرِّيَاءِ إِذْ يَرْفُضُونَ ٱلْعَيْشَ حَيَاةً مُزْدَوِجَةً.‏ (‏مز ٢٦:‏٤‏)‏ وَنَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ يَتَمَكَّنُ شُبَّانٌ كَثِيرُونَ كَتِيمُوثَاوُسَ مِنْ لَعِبِ دَوْرٍ مُهِمٍّ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ وَكَمْ يَتَشَجَّعُ جَمِيعُ مُحِبِّي يَهْوَهَ حِينَ يَنْضَمُّ ٱلشَّبَابُ إِلَى صُفُوفِ ٱلنَّاشِرِينَ،‏ ثُمَّ يَنْتَذِرُونَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَيَعْتَمِدُونَ!‏

      ‏«اَلْجَمَاعَاتُ تَتَشَدَّدُ فِي ٱلْإِيمَانِ» (‏اعمال ١٦:‏٤،‏ ٥‏)‏

      ١٨ (‏أ)‏ أَيُّ ٱمْتِيَازَاتٍ حَظِيَ بِهَا تِيمُوثَاوُسُ وَبُولُسُ كَنَاظِرَيْنِ جَائِلَيْنِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ بُورِكَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ؟‏

      ١٨ عَمِلَ بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ مَعًا عَلَى مَدَى سَنَوَاتٍ.‏ فَأَنْجَزَ هٰذَانِ ٱلنَّاظِرَانِ ٱلْجَائِلَانِ مُهِمَّاتٍ مُتَنَوِّعَةً نِيَابَةً عَنِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «إِذْ كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي ٱلْمُدُنِ كَانُوا يُسَلِّمُونَهُمُ ٱلْأَحْكَامَ ٱلَّتِي قَرَّرَهَا ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ ٱلَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ لِكَيْ يَحْفَظُوهَا».‏ (‏اع ١٦:‏٤‏)‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ هُنَاكَ أَطَاعُوا بِٱلْفِعْلِ ٱلْإِرْشَادَ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ.‏ «فَكَانَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ تَتَشَدَّدُ فِي ٱلْإِيمَانِ وَتَزْدَادُ فِي ٱلْعَدَدِ يَوْمًا فَيَوْمًا».‏ —‏ اع ١٦:‏٥‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ لِمَ يَنْبَغِي لِلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يُطِيعُوا «ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ»؟‏

      ١٩ يُطِيعُ شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ «ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ» بَيْنَهُمْ وَيُذْعِنُونَ لِإِرْشَادِهِمْ فَيَنْعَمُونَ بِبَرَكَاتٍ جَزِيلَةٍ.‏ (‏عب ١٣:‏١٧‏)‏ وَبِمَا أَنَّ مَشْهَدَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ فِي تَغَيُّرٍ،‏ فَمِنَ ٱلْحَيَوِيِّ أَنْ يُطَبِّقَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فَوْرًا تَوْجِيهَاتِ «ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ ٱلْفَطِينِ» وَيُجَارُوا ٱلْإِرْشَادَاتِ ٱلْحَدِيثَةَ.‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥؛‏ ١ كو ٧:‏٢٩-‏٣١‏)‏ فَيَتَفَادَوْنَ بِٱلتَّالِي ٱلنَّكَبَاتِ ٱلرُّوحِيَّةَ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِمِ ٱلْبَقَاءُ بِلَا لَطْخَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ.‏ —‏ يع ١:‏٢٧‏.‏

      ٢٠ طَبْعًا،‏ إِنَّ ٱلنُّظَّارَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْعَصْرِيِّينَ بِمَنْ فِيهِمْ أَعْضَاءُ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ أَشْخَاصٌ نَاقِصُونَ،‏ تَمَامًا كَمَا كَانَ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَمْسُوحُونَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ أَمْثَالُ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَمَرْقُسَ.‏ (‏رو ٥:‏١٢؛‏ يع ٣:‏٢‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ فَإِنَّ ٱلْهَيْئَةَ ٱلْحَاكِمَةَ جَدِيرَةٌ بِٱلثِّقَةِ بِفَضْلِ ٱتِّبَاعِهَا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَنَهْجَ ٱلرُّسُلِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي يُقَوِّي ٱلْجَمَاعَاتِ وَيُشَدِّدُهَا فِي ٱلْإِيمَانِ.‏ —‏ ٢ تي ١:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏مَرْقُسُ يَحْظَى بِٱمْتِيَازَاتٍ عَدِيدَةٍ‏».‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏تِيمُوثَاوُسُ يَخْدُمُ عَبْدًا ‹فِي سَبِيلِ تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ›‏‏».‏

      مَرْقُسُ يَحْظَى بِٱمْتِيَازَاتٍ عَدِيدَةٍ

      يَرْوِي إِنْجِيلُ مَرْقُسَ أَنَّ مَنِ ٱعْتَقَلُوا يَسُوعَ حَاوَلُوا أَيْضًا ٱلْقَبْضَ عَلَى «شَابٍّ»،‏ لٰكِنَّهُ «فَرَّ عُرْيَانًا».‏ (‏مر ١٤:‏٥١،‏ ٥٢‏)‏ وَبِمَا أَنَّ مَرْقُسَ،‏ ٱلْمَعْرُوفَ أَيْضًا بِيُوحَنَّا مَرْقُسَ،‏ هُوَ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي يُدْرِجُ هٰذِهِ ٱلْوَاقِعَةَ،‏ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ نَفْسُهُ ٱلشَّابَّ ٱلْمَذْكُورَ آنِفًا.‏ وَإِذَا صَحَّ هٰذَا ٱلتَّحْلِيلُ،‏ يَكُونُ مَرْقُسُ قَدِ ٱحْتَكَّ بِيَسُوعَ أَقَلُّهُ بِشَكْلٍ مَحْدُودٍ.‏

      نرقس

      بَعْدَ ١١ سَنَةً تَقْرِيبًا عَلَى هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ،‏ فِي ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي شَنَّ فِيهَا هِيرُودُسُ أَغْرِيبَاسُ ٱضْطِهَادًا عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ،‏ كَانَ «كَثِيرُونَ» مِنْ جَمَاعَةِ أُورُشَلِيمَ مُجْتَمِعِينَ لِلصَّلَاةِ فِي بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ مَرْقُسَ.‏ وَإِلَى هٰذَا ٱلْبَيْتِ تَوَجَّهَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ بَعْدَ تَحْرِيرِهِ عَجَائِبِيًّا مِنَ ٱلسِّجْنِ.‏ (‏اع ١٢:‏١٢‏)‏ لِذَا رُبَّمَا تَرَعْرَعَ مَرْقُسُ فِي بَيْتٍ ٱسْتُخْدِمَ لَاحِقًا لِعَقْدِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهُ عَرَفَ تَلَامِيذَ يَسُوعَ ٱلْأَوَائِلَ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ وَأَنَّهُمْ تَرَكُوا فِي نَفْسِهِ ٱنْطِبَاعًا جَيِّدًا.‏

      خَدَمَ مَرْقُسُ إِلَى جَانِبِ عَدَدٍ مِنْ نُظَّارِ ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ.‏ أَمَّا أَوَّلُ ٱمْتِيَازٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ حَظِيَ بِهِ فَكَانَ عَلَى حَدِّ عِلْمِنَا ٱلْعَمَلَ مَعَ نَسِيبِهِ بَرْنَابَا وَٱلرَّسُولِ بُولُسَ فِي تَعْيِينِهِمَا فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ.‏ (‏اع ١٢:‏٢٥‏)‏ ثُمَّ حِينَ أَبْحَرَا فِي رِحْلَتِهِمَا ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى،‏ رَافَقَهُمَا إِلَى قُبْرُصَ فَآ‌سِيَا ٱلصُّغْرَى.‏ لٰكِنَّهُ إِذَّاكَ عَادَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِأَسْبَابٍ مَجْهُولَةٍ.‏ (‏اع ١٣:‏٤،‏ ١٣‏)‏ وَبَعْدَ مُدَّةٍ،‏ ٱخْتَلَفَ بَرْنَابَا وَبُولُسُ بِشَأْنِهِ حَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلْإِصْحَاحُ ١٥ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْ مَرْقُسَ وَنَسِيبِهِ إِلَّا أَنْ تَابَعَا خِدْمَتَهُمَا ٱلْإِرْسَالِيَّةَ فِي قُبْرُصَ.‏ —‏ اع ١٥:‏٣٦-‏٣٩‏.‏

      لَا بُدَّ أَنَّ ذٰلِكَ ٱلْخِلَافَ صَارَ طَيَّ ٱلنِّسْيَانِ بِحُلُولِ ٱلْعَامِ ٦٠ أَوْ ٦١ ب‌م حِينَ تَعَاوَنَ مَرْقُسُ مَعَ بُولُسَ ثَانِيَةً فِي رُومَا.‏ فَقَدْ رَاسَلَ بُولُسُ ٱلْمَسْجُونُ هُنَاكَ جَمَاعَةَ كُولُوسِّي قَائِلًا:‏ «يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ رَفِيقِي فِي ٱلْأَسْرِ،‏ وَمَرْقُسُ نَسِيبُ بَرْنَابَا (‏ٱلَّذِي تَسَلَّمْتُمْ فِي شَأْنِهِ وَصَايَا أَنْ تُرَحِّبُوا بِهِ إِذَا مَا جَاءَ إِلَيْكُمْ)‏».‏ (‏كو ٤:‏١٠‏)‏ إِذًا كَانَ بُولُسُ يُفَكِّرُ فِي إِرْسَالِ يُوحَنَّا مَرْقُسَ مِنْ رُومَا إِلَى كُولُوسِّي مُمَثِّلًا عَنْهُ.‏

      وَفِي وَقْتٍ مَا بَيْنَ ٱلْعَامَيْنِ ٦٢ وَ ٦٤ ب‌م،‏ عَمِلَ مَرْقُسُ مَعَ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ فِي بَابِلَ.‏ وَكَمَا سَبَقَ لَنَا ٱلْقَوْلُ فِي ٱلْفَصْلِ ١٠‏،‏ نَمَتْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةٌ لَصِيقَةٌ إِذْ أَشَارَ بُطْرُسُ إِلَيْهِ بِوَصْفِهِ «مَرْقُسَ ٱبْنِي».‏ —‏ ١ بط ٥:‏١٣‏.‏

      أَخِيرًا نَحْوَ ٱلسَّنَةِ ٦٥ ب‌م،‏ رَاسَلَ بُولُسُ ٱلْمَسْجُونُ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ فِي رُومَا تِيمُوثَاوُسَ ٱلْمَوْجُودَ فِي أَفَسُسَ،‏ قَائِلًا:‏ «خُذْ مَرْقُسَ وَأْتِ بِهِ مَعَكَ،‏ فَهُوَ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ».‏ (‏٢ تي ٤:‏١١‏)‏ وَدُونَ شَكٍّ،‏ تَجَاوَبَ مَرْقُسُ فَوْرًا مَعَ ٱلدَّعْوَةِ وَسَافَرَ مِنْ أَفَسُسَ إِلَى رُومَا.‏ فَلَا عَجَبَ أَنْ يَكُونَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ مَوْضِعَ تَقْدِيرِ بَرْنَابَا وَبُولُسَ وَبُطْرُسَ.‏

      وَلٰكِنْ يَبْقَى أَعْظَمُ ٱمْتِيَازٍ حَظِيَ بِهِ مَرْقُسُ كِتَابَةَ إِنْجِيلٍ بِوَحْيٍ إِلٰهِيٍّ.‏ وَبِحَسَبِ ٱلتَّقْلِيدِ،‏ ٱسْتَقَى هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ مُعْظَمَ مَعْلُومَاتِهِ مِنَ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ.‏ وَتَدْعَمُ ٱلْوَقَائِعُ هٰذِهِ ٱلْفِكْرَةَ إِذْ يَتَضَمَّنُ إِنْجِيلُهُ تَفَاصِيلَ بِإِمْكَانِ شَاهِدِ عِيَانٍ كَبُطْرُسَ مَعْرِفَتُهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَبْدُو أَنَّهُ كَتَبَ هٰذَا ٱلسِّفْرَ فِي رُومَا وَلَيْسَ فِي بَابِلَ حِينَ كَانَ مَعَ بُطْرُسَ.‏ فَقَدِ ٱسْتَعْمَلَ عِدَّةَ تَعَابِيرَ لَاتِينِيَّةٍ وَتَرْجَمَ عِبَارَاتٍ عِبْرَانِيَّةً مَا كَانَ بِإِمْكَانِ ٱلْقُرَّاءِ مِنْ غَيْرِ ٱلْيَهُودِ فَهْمُهَا.‏ لِذَا يَبْدُو أَنَّهُ وَجَّهَ ٱلْإِنْجِيلَ فِي ٱلْأَسَاسِ إِلَى ٱلْقُرَّاءِ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏

      تِيمُوثَاوُسُ يَخْدُمُ عَبْدًا «فِي سَبِيلِ تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ»‏

      كَانَ تِيمُوثَاوُسُ مُسَاعِدًا نَافِعًا جِدًّا لِلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ فَبَعْدَمَا خَدَمَ ٱلرَّجُلَانِ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ حَوَالَيْ ١١ سَنَةً،‏ أَمْكَنَ بُولُسَ ٱلْقَوْلُ بِشَأْنِهِ:‏ «لَيْسَ لِي أَحَدٌ غَيْرُهُ بِمِثْلِ مَيْلِهِ يَهْتَمُّ بِأُمُورِكُمُ ٱهْتِمَامًا أَصِيلًا.‏ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ جَدَارَةٍ،‏ أَنَّهُ كَوَلَدٍ مَعَ أَبٍ خَدَمَ مَعِي عَبْدًا فِي سَبِيلِ تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ».‏ (‏في ٢:‏٢٠،‏ ٢٢‏)‏ لَقَدْ بَذَلَ هٰذَا ٱلشَّابُّ نَفْسَهُ طَوْعًا فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ،‏ مِمَّا حَبَّبَهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ وَبِفِعْلِهِ هٰذَا،‏ تَرَكَ لَنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ مِثَالًا جَدِيرًا بِٱلِٱقْتِدَاءِ.‏

      تيموثاوس

      وُلِدَ تِيمُوثَاوُسُ لِأَبٍ يُونَانِيٍّ وَأُمٍّ يَهُودِيَّةٍ وَتَرَعْرَعَ عَلَى مَا يَبْدُو فِي لِسْتَرَةَ.‏ وَمُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَلَقَّنَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ مِنْ أُمِّهِ أَفْنِيكِي وَجَدَّتِهِ لُوئِيسَ.‏ (‏اع ١٦:‏١،‏ ٣؛‏ ٢ تي ١:‏٥؛‏ ٣:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ وَهٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ ٱعْتَنَقُوا ٱلْمَسِيحِيَّةَ خِلَالَ زِيَارَةِ بُولُسَ ٱلْأُولَى إِلَى مَسْقَطِ رَأْسِ تِيمُوثَاوُسَ.‏

      وَحِينَ عَادَ بُولُسُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ،‏ كَانَ هٰذَا ٱلشَّابُّ عَلَى مَا يُعْتَقَدُ فِي أَوَاخِرِ سِنِي مُرَاهَقَتِهِ أَوْ أَوَائِلِ عِشْرِينَاتِهِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَ «مَشْهُودًا لَهُ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ».‏ (‏اع ١٦:‏٢‏)‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ أَوْحَى ‹بِتَنَبُّؤَاتٍ› بِشَأْنِهِ،‏ أَوْصَى بُولُسُ وَٱلشُّيُوخُ ٱلْمَحَلِّيُّونَ بِتَعْيِينِهِ فِي نَوْعٍ خُصُوصِيٍّ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ.‏ (‏١ تي ١:‏١٨؛‏ ٤:‏١٤؛‏ ٢ تي ١:‏٦‏)‏ فَقَدْ طُلِبَ مِنْهُ مُرَافَقَةُ بُولُسَ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي تَطَلَّبَ أَنْ يَتْرُكَ عَائِلَتَهُ وَيَخْتَتِنَ تَفَادِيًا لِأَيِّ تَذَمُّرٍ مُحْتَمَلٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ سَيَزُورُهُمْ.‏ —‏ اع ١٦:‏٣‏.‏

      ذَهَبَ تِيمُوثَاوُسُ فِي أَسْفَارِهِ إِلَى مَنَاطِقَ كَثِيرَةٍ.‏ فَقَدْ كَرَزَ مَعَ بُولُسَ وَسِيلَا فِي فِيلِبِّي،‏ وَمَعَ سِيلَا فِي بِيرِيَةَ،‏ ثُمَّ مُنْفَرِدًا فِي تَسَالُونِيكِي.‏ وَحِينَ عَادَ وَٱلْتَقَى بُولُسَ فِي كُورِنْثُوسَ،‏ نَقَلَ إِلَيْهِ أَخْبَارًا سَارَّةً عَنْ أَمَانَةِ وَمَحَبَّةِ ٱلْإِخْوَةِ فِي تَسَالُونِيكِي رَغْمَ ٱلضِّيقَاتِ ٱلَّتِي يُعَانُونَهَا.‏ (‏اع ١٦:‏٦–‏١٧:‏١٤؛‏ ١ تس ٣:‏٢-‏٦‏)‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ حِينَ بَلَغَتْ مَسَامِعَ بُولُسَ فِي أَفَسُسَ أَخْبَارٌ مُقْلِقَةٌ عَنِ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ،‏ فَكَّرَ ٱلرَّسُولُ فِي إِيفَادِ تِيمُوثَاوُسَ إِلَيْهِمْ.‏ (‏١ كو ٤:‏١٧‏)‏ وَمِنْ أَفَسُسَ أَرْسَلَهُ لَاحِقًا مَعَ أَرَاسْتُسَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ رَاسَلَ بُولُسُ مَسِيحِيِّي رُومَا مِنْ كُورِنْثُوسَ،‏ كَانَ تِيمُوثَاوُسُ مَعَهُ.‏ (‏اع ١٩:‏٢٢؛‏ رو ١٦:‏٢١‏)‏ وَهٰذِهِ لَيْسَتْ سِوَى بَعْضِ ٱلرِّحْلَاتِ ٱلَّتِي قَامَ بِهَا هٰذَا ٱلشَّابُّ فِي سَبِيلِ تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ.‏

      أَمَّا مِنْ حَيْثُ شَخْصِيَّتُهُ فَنَسْتَشِفُّ مِنْ كَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ لَهُ أَنَّهُ تَرَدَّدَ نَوْعًا مَا فِي مُمَارَسَةِ سُلْطَتِهِ.‏ فَقَدْ حَضَّهُ قَائِلًا:‏ «لَا يَسْتَهِنَنَّ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ».‏ (‏١ تي ٤:‏١٢‏)‏ وَمَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ يَتَرَدَّدْ بُولُسُ فِي إِرْسَالِهِ إِلَى جَمَاعَةٍ تُعَانِي ٱلْمَشَاكِلَ وَتَفْوِيضِهِ بِمَا يَلِي:‏ «أُرِيدُكَ أَنْ تَأْمُرَ أُنَاسًا مُعَيَّنِينَ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عَنْ نَشْرِ عَقَائِدَ خَاطِئَةٍ».‏ (‏١ تي ١:‏٣‏،‏ الترجمة العربية المبسَّطة‏)‏ وَقَدْ مَنَحَهُ بُولُسُ أَيْضًا ٱلسُّلْطَةَ أَنْ يُعَيِّنَ نُظَّارًا وَخُدَّامًا مُسَاعِدِينَ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ —‏ ١ تي ٥:‏٢٢‏.‏

      إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ تَحَلَّى تِيمُوثَاوُسُ بِصِفَاتٍ رَائِعَةٍ حَبَّبَتْهُ إِلَى بُولُسَ.‏ فَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَكْشِفُ أَنَّهُ كَانَ رَفِيقًا لَصِيقًا وَأَمِينًا وَمُحِبًّا،‏ وَبِمَثَابَةِ ٱبْنٍ لِلرَّسُولِ.‏ كَتَبَ بُولُسُ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ دُمُوعَ تِيمُوثَاوُسَ وَيَشْتَاقُ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَيُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ.‏ وَكَأَبٍ مُحِبٍّ،‏ قَدَّمَ ٱلرَّسُولُ نَصِيحَةً لِتِيمُوثَاوُسَ عَنْ ‹حَالَاتِ ٱلْمَرَضِ ٱلَّتِي تُعَاوِدُهُ›،‏ وَهِيَ عَلَى مَا يَبْدُو مَشَاكِلُ فِي مَعِدَتِهِ.‏ —‏ ١ تي ٥:‏٢٣؛‏ ٢ تي ١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      كَانَ تِيمُوثَاوُسُ إِلَى جَانِبِ بُولُسَ أَثْنَاءَ سَجْنِهِ ٱلْأَوَّلِ فِي رُومَا.‏ كَمَا قَضَى هُوَ نَفْسُهُ أَقَلُّهُ فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ سَجِينًا.‏ (‏فل ١؛‏ عب ١٣:‏٢٣‏)‏ وَبِإِمْكَانِنَا أَنْ نَتَبَيَّنَ عُمْقَ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلَّتِي جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا مِمَّا حَدَثَ عِنْدَمَا أَدْرَكَ بُولُسُ أَنَّهُ أَشْرَفَ عَلَى ٱلْمَوْتِ.‏ فَقَدِ ٱسْتَدْعَى تِيمُوثَاوُسَ قَائِلًا:‏ «اُبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِكَ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ عَنْ قَرِيبٍ».‏ (‏٢ تي ٤:‏٦-‏٩‏)‏ وَلَا نَعْرِفُ هَلْ وَصَلَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِرُؤْيَةِ مُرْشِدِهِ ٱلْحَبِيبِ.‏

  • ‏«اُعبُر الى مقدونية»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٦

      ‏«اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ»‏

      اَلْبَرَكَاتُ ٱلنَّاجِمَةُ عَنْ قُبُولِ ٱلتَّعْيِينَاتِ وَٱحْتِمَالِ ٱلِٱضْطِهَادِ بِفَرَحٍ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٦:‏٦-‏٤٠

      ١-‏٣ (‏أ)‏ كَيْفَ لَمَسَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ تَوْجِيهَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نُرَاجِعُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

      تُغَادِرُ مَجْمُوعَةٌ مِنَ ٱلنِّسْوَةِ مَدِينَةَ فِيلِبِّي فِي مَقْدُونِيَةَ.‏ وَسُرْعَانَ مَا يَصِلْنَ إِلَى نَهْرٍ صَغِيرٍ هُوَ نَهْرُ جَانْجِيتِيس.‏ وَكَعَادَتِهِنَّ يَجْلِسْنَ عَلَى ضَفَّةِ ٱلنَّهْرِ يُصَلِّينَ إِلَى إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ؛‏ يُصَلِّينَ عَلَى مَرْأًى مِنَ يَهْوَهَ .‏ .‏ .‏ —‏ ٢ اخ ١٦:‏٩؛‏ مز ٦٥:‏٢‏.‏

      ٢ فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ وَعَلَى بُعْدِ أَكْثَرَ مِنْ ٨٠٠ كلم شَرْقِيَّ فِيلِبِّي،‏ يُغَادِرُ بُولُسُ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ مَدِينَةَ لِسْتَرَةَ جَنُوبَ غَلَاطِيَةَ.‏ وَإِذَا بِهِمْ بَعْدَ أَيَّامٍ أَمَامَ طَرِيقٍ رُومَانِيَّةٍ رَئِيسِيَّةٍ تَتَّجِهُ غَرْبًا نَحْوَ أَكْثَرِ ٱلْمَنَاطِقِ ٱكْتِظَاظًا فِي إِقْلِيمِ آسِيَا.‏ يَعُدُّ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلدَّقَائِقَ حَتَّى يَجْتَازُوا هٰذِهِ ٱلطَّرِيقَ ٱلْمُعَبَّدَةَ وَيُوصِلُوا ٱلْبِشَارَةَ عَنِ ٱلْمَسِيحِ إِلَى آلَافِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْقَاطِنِينَ فِي أَفَسُسَ وَمُدُنٍ أُخْرَى.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ ٱلْبَدْءِ بِرِحْلَتِهِمْ،‏ يُوقِفُهُمُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِطَرِيقَةٍ مَا وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا.‏ وَمَا ٱلسَّبَبُ؟‏ لَقَدْ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَقُودَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ عَبْرَ آسِيَا ٱلصُّغْرَى وَبَحْرِ إِيجَه إِلَى ضِفَّةِ ذَاكَ ٱلنَّهْرِ ٱلصَّغِيرِ ٱلْمَدْعُوِّ جَانْجِيتِيس،‏ فَٱسْتَخْدَمَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِهٰذَا ٱلْغَرَضِ.‏

      ٣ وَبِٱلْفِعْلِ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ وَٱلْأُسْلُوبُ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ يَسُوعُ فِي تَوْجِيهِهِمْ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ دُرُوسًا قَيِّمَةً لَنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ.‏ فَلْنَتَوَقَّفْ إِذًا عِنْدَ بَعْضِ ٱلْمَحَطَّاتِ فِي جَوْلَةِ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَهَلَّهَا نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٩ ب‌م.‏

      ‏«اَللّٰهُ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا» (‏اعمال ١٦:‏٦-‏١٥‏)‏

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ قُرْبَ بِيثِينِيَةَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلتَّلَامِيذُ،‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏

      ٤ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ بَعْدَمَا مُنِعُوا مِنَ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا؟‏ تَوَجَّهُوا شَمَالًا لِيُبَشِّرُوا مُدُنَ بِيثِينِيَةَ.‏ وَلِبُلُوغِ وُجْهَتِهِمْ رُبَّمَا مَشَوْا أَيَّامًا عَلَى طُرُقَاتٍ غَيْرِ مُعَبَّدَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَ مِنْطَقَتَيْ فَرِيجِيَةَ وَغَلَاطِيَةَ حَيْثُ ٱلْكَثَافَةُ ٱلسُّكَّانِيَّةُ مُنْخَفِضَةٌ.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا دَنَوْا مِنْ بِيثِينِيَةَ،‏ ٱسْتَخَدَمَ يَسُوعُ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِمَنْعِهِمْ مِنْ مُتَابَعَةِ سَيْرِهِمْ.‏ (‏اع ١٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ فَمَاذَا إِذًا؟‏!‏ لَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ وَقَعُوا فِي حَيْرَةٍ.‏ فَقَدْ عَرَفُوا بِمَ يَكْرِزُونَ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ،‏ لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا أَيْنَ يَكْرِزُونَ.‏ قَرَعُوا بَابَ آسِيَا،‏ وَإِذَا بِهِ مُوْصَدٌ فِي وَجْهِهِمْ.‏ قَرَعُوا بَابَ بِيثِينِيَةَ،‏ فَلَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ حَالًا.‏ فَهَلْ أَلْقَوُا ٱلسِّلَاحَ وَٱسْتَسْلَمُوا؟‏ إِطْلَاقًا!‏ فَٱلرَّسُولُ بُولُسُ كَانَ عَازِمًا أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى ٱلْقَرْعِ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ.‏ عِنْدَئِذٍ ٱتَّخَذُوا قَرَارًا يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى ٱعْتِبَاطِيًّا.‏ فَقَدْ مَشَوْا غَرْبًا نَحْوَ ٥٥٠ كلم مُتَجَاوِزِينَ ٱلْمَدِينَةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى حَتَّى بَلَغُوا مَرْفَأَ تَرُوَاسَ،‏ بَوَّابَةَ مَقْدُونِيَةَ ٱلطَّبِيعِيَّةَ.‏ (‏اع ١٦:‏٨‏)‏ وَهُنَاكَ قَرَعَ بُولُسُ بَابًا ثَالِثًا؛‏ فَإِذَا بِهِ يُفْتَحُ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ!‏

      ٥ يُطْلِعُنَا كَاتِبُ ٱلْإِنْجِيلِ لُوقَا ٱلَّذِي ٱنْضَمَّ إِلَى بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ فِي تَرُوَاسَ عَلَى تَفَاصِيلِ مَا جَرَى.‏ يَقُولُ:‏ «فِي ٱللَّيْلِ تَرَاءَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا:‏ رَجُلٌ مَقْدُونِيٌّ وَاقِفٌ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ:‏ ‹اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ وَأَعِنَّا›.‏ فَمَا إِنْ رَأَى ٱلرُّؤْيَا حَتَّى طَلَبْنَا أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ،‏ إِذِ ٱسْتَنْتَجْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ».‏a (‏اع ١٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَأَخِيرًا،‏ عَرَفَ بُولُسُ أَيْنَ يَكْرِزُ!‏ فَأَبْحَرَ ٱلرِّجَالُ ٱلْأَرْبَعَةُ مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ وَيَا لَلْفَرْحَةِ ٱلَّتِي غَمَرَتْ بُولُسَ إِذْ أَكْمَلَ ٱلْمَسِيرَةَ وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ!‏

      بولس وتيموثاوس في سفينة

      ‏«فأقلعنا من ترواس».‏ —‏ اعمال ١٦:‏١١

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا حَدَثَ خِلَالَ رِحْلَةِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ مُثَابَرَةِ بُولُسَ؟‏

      ٦ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟‏ لَاحِظْ مَا يَلِي:‏ لَمْ يَتَدَخَّلْ يَسُوعُ مِنْ خِلَالِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱنْطَلَقَ بُولُسُ فِي رِحْلَتِهِ؛‏ وَلَمْ يُوقِفْهُ عَنِ ٱلتَّقَدُّمِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱقْتَرَبَ مِنْ بِيثِينِيَةَ؛‏ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ إِلَّا بَعْدَمَا وَصَلَ إِلَى تَرُوْاسَ.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ قَدْ يَتَعَامَلُ مَعَنَا يَسُوعُ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ مُشَابِهَةٍ.‏ (‏كو ١:‏١٨‏)‏ فَلَعَلَّكَ تُفَكِّرُ مُنْذُ بَعْضِ ٱلْوَقْتِ فِي ٱلِٱنْهِمَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ أَوِ ٱلِٱنْتِقَالِ إِلَى مِنْطَقَةٍ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إِلَى نَاشِرِينَ لِلْمَلَكُوتِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَلَّا يُوَجِّهَكَ يَسُوعُ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا تَتَّخِذُ خُطُوَاتٍ مُحَدَّدَةً لِبُلُوغِ هَدَفِكَ.‏ فَهَلْ لِلسَّائِقِ أَنْ يُوَجِّهَ سَيَّارَتَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا إِذَا لَمْ تَكُنْ تَسِيرُ؟‏!‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ لَا يُرْشِدُنَا يَسُوعُ لِنُوَسِّعَ خِدْمَتَنَا فِي حَالِ لَمْ نَبْذُلْ جُهْدًا حَقِيقِيًّا لِبُلُوغِ هَدَفِنَا.‏

      ٧ وَلٰكِنْ مَاذَا لَوْ لَمْ تُثْمِرْ جُهُودُنَا عَلَى ٱلْفَوْرِ؟‏ هَلْ نَسْتَسْلِمُ ظَنًّا مِنَّا أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَا يُوَجِّهُنَا؟‏ لِنَتَذَكَّرْ أَنَّ بُولُسَ أَيْضًا وَاجَهَ ٱلْعَرَاقِيلَ،‏ إِلَّا أَنَّهُ ثَابَرَ عَلَى ٱلسَّعْيِ حَتَّى وَجَدَ بَابًا يُفْتَحُ لَهُ.‏ وَفِي حَالِ ثَابَرْنَا نَحْنُ أَيْضًا،‏ سَيُفْتَحُ أَمَامَنَا دُونَ شَكٍّ «بَابٌ كَبِيرٌ يُؤَدِّي إِلَى ٱلنَّشَاطِ».‏ —‏ ١ كو ١٦:‏٩‏.‏

      ٨ (‏أ)‏ صِفُوا مَدِينَةَ فِيلِبِّي.‏ (‏ب)‏ أَيُّ حَدَثٍ سَارٍّ نَجَمَ عَنْ كِرَازَةِ بُولُسَ فِي «مَكَانِ صَلَاةٍ»؟‏

      ٨ بَعْدَ ٱلْوُصُولِ إِلَى إِقْلِيمِ مَقْدُونِيَةَ،‏ سَافَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى فِيلِبِّي،‏ مَدِينَةٍ يَعْتَزُّ سُكَّانُهَا بِمُوَاطِنِيَّتِهِمِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ وَقَدْ أَقَامَ فِيهَا جُنُودٌ رُومَانٌ مُتَقَاعِدُونَ،‏ فَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمُسْتَعْمَرَةُ فِي نَظَرِهِمْ نُسْخَةً مُصَغَّرَةً عَنْ إِيطَالِيَا؛‏ بِمَثَابَةِ رُومَا صَغِيرَةٍ نَابِتَةٍ فِي أَحْضَانِ مَقْدُونِيَةَ.‏ وَخَارِجَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ صَغِيرٍ،‏ وَجَدَ ٱلْمُرْسَلُونَ مَوْضِعًا ظَنُّوا أَنَّهُ «مَكَانُ صَلَاةٍ».‏b فَنَزَلُوا فِي ٱلسَّبْتِ إِلَى هُنَاكَ وَوَجَدُوا عِدَّةَ نِسَاءٍ مُجْتَمِعَاتٍ لِعِبَادَةِ ٱللّٰهِ.‏ فَجَلَسُوا إِذَّاكَ وَٱبْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ مَعَهُنَّ.‏ «وَكَانَتْ تَسْمَعُ ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا لِيدِيَةُ .‏ .‏ .‏ فَفَتَحَ يَهْوَهُ قَلْبَهَا».‏ وَقَدْ تَأَثَّرَتْ جِدًّا بِمَا سَمِعَتْهُ لِدَرَجَةِ أَنَّهَا ٱعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا.‏ ثُمَّ «أَلْزَمَتْ» بُولُسَ وَرِفَاقَهُ أَنْ يَمْكُثُوا عِنْدَهَا.‏c —‏ اع ١٦:‏١٣-‏١٥‏.‏

      ٩ كَيْفَ يَقْتَدِي كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ،‏ وَأَيَّ بَرَكَاتٍ يَحْصُدُونَ؟‏

      ٩ تَخَيَّلِ ٱلسَّعَادَةَ ٱلَّتِي غَمَرَتِ ٱلْحَاضِرِينَ جَمِيعًا عِنْدَ مَعْمُودِيَّةِ لِيدِيَةَ.‏ فَكِّرْ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ.‏ كَمْ فَرِحَ دُونَ شَكٍّ لِأَنَّ يَهْوَهَ قَرَّرَ ٱسْتِخْدَامَهُ هُوَ وَرِفَاقِهِ لِٱسْتِجَابَةِ صَلَوَاتِ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمُتَعَبِّدَاتِ!‏ وَكَمْ سُرَّ لِأَنَّهُ قَبِلَ ٱلدَّعْوَةَ أَنْ ‹يَعْبُرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ›!‏ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَنْتَقِلُ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ كَثِيرُونَ —‏ صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا،‏ عُزَّابًا أَوْ مُتَزَوِّجِينَ —‏ إِلَى مَنَاطِقَ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ لٰكِنَّهَا تَبْدُو كَلَا شَيْءٍ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلِٱكْتِفَاءِ ٱلَّذِي يَلْمُسُونَهُ عِنْدَ إِيجَادِ أَشْخَاصٍ يَعْتَنِقُونَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَمَا فَعَلَتْ لِيدِيَةُ.‏ فَهَلْ فِي وِسْعِكَ أَنْ تُعَدِّلَ فِي حَيَاتِكَ بِحَيْثُ ‹تَعْبُرُ› إِلَى مُقَاطَعَةٍ ٱلْحَاجَةُ فِيهَا مَاسَّةٌ؟‏ تَأَكَّدْ أَنَّ بَرَكَاتٍ وَافِرَةً فِي ٱنْتِظَارِكَ.‏ وَثَمَّةَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذٰلِكَ.‏ تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي آرُون،‏ أَخٍ فِي عِشْرِينَاتِهِ ٱنْتَقَلَ إِلَى أَمِيرْكَا ٱلْوُسْطَى.‏ يُعَبِّرُ قَائِلًا:‏ «سَاعَدَتْنِي ٱلْخِدْمَةُ خَارِجَ بَلَدِي أَنْ أَنْمُوَ رُوحِيًّا وَأَقْتَرِبَ إِلَى يَهْوَهَ.‏ وَخِدْمَةُ ٱلْحَقْلِ هُنَا رَائِعَةٌ،‏ فَأَنَا أُدِيرُ ثَمَانِيَةَ دُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ!‏».‏

      اختان تبشران حيث الحاجة اعظم

      كيف ‹نعبر الى مقدونية› اليوم؟‏

      ‏«قَامَ ٱلْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا» (‏اعمال ١٦:‏١٦-‏٢٤‏)‏

      ١٠ كَيْفَ سَاهَمَتْ يَدٌ إِبْلِيسِيَّةٌ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ؟‏

      ١٠ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَشَاطَ غَضَبًا لِأَنَّ بِذَارَ ٱلْحَقِّ ٱنْغَرَسَ فِي مِنْطَقَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ حَيْثُ كَانَ هُوَ وَأَبَالِسَتُهُ يَعْمَلُونَ عَلَى كَيْفِهِمْ.‏ فَلَا نَسْتَغْرِبْ إِذًا أَنَّ يَدًا إِبْلِيسِيَّةً سَاهَمَتْ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ.‏ إِلَيْكَ مَا حَدَثَ:‏ بَيْنَمَا وَاصَلَ ٱلْمُبَشِّرُونَ زِيَارَةَ مَكَانِ ٱلصَّلَاةِ،‏ لَاقَتْهُمْ جَارِيَةٌ بِهَا رُوحٌ شَيْطَانِيَّةٌ كَانَتْ تُكْسِبُ أَرْبَابَهَا ٱلْمَالَ بِٱلتَّكَهُّنِ.‏ وَٱسْتَمَرَّتْ تَتْبَعُهُمْ وَتَصْرُخُ:‏ «هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسُ هُمْ عَبِيدُ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ،‏ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْخَلَاصِ».‏ لَرُبَّمَا جَعَلَهَا ٱلشَّيْطَانُ تُنَادِي بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِيُوهِمَ ٱلسَّامِعِينَ أَنَّ تَكَهُّنَاتِهَا وَتَعَالِيمَ بُولُسَ مِنَ ٱلْمَصْدَرِ نَفْسِهِ.‏ وَهٰكَذَا يُشَتِّتُ ٱنْتِبَاهَهُمْ عَنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ أَسْكَتَهَا بِإِخْرَاجِ ٱلشَّيْطَانِ مِنْهَا.‏ —‏ اع ١٦:‏١٦-‏١٨‏.‏

      ١١ مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَسِيلَا بَعْدَ طَرْدِ ٱلشَّيْطَانِ مِنَ ٱلْجَارِيَةِ؟‏

      ١١ حَالَمَا عَلِمَ أَرْبَابُ ٱلْجَارِيَةِ أَنَّ مَصْدَرَ رِبْحِهِمِ ٱلسَّرِيعِ قَدْ تَبَخَّرَ،‏ حَزَّ ٱلْغَيْظُ فِي قُلُوبِهِمْ.‏ فَجَرُّوا بُولُسَ وَسِيلَا إِلَى سَاحَةِ ٱلسُّوقِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُورُو ٱلْإِدَارَةِ (‏رَسْمِيُّونَ يُمَثِّلُونَ ٱلسُّلْطَةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ)‏ يَبُتُّونَ بِٱلدَّعَاوَى ٱلْقَضَائِيَّةِ.‏ ثُمَّ خَاطَبُوا رُوحَهُمُ ٱلْوَطَنِيَّةَ وَحَرَّكُوا ٱلنُّعَرَةَ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ لَدَيْهِمْ،‏ إِذْ قَالُوا مَا فَحْوَاهُ:‏ ‹هٰذَانِ ٱلْيَهُودِيَّانِ يُثِيرَانِ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ ٱلرُّومَانِيِّينَ قُبُولُهَا›.‏ وَكَانَ لِكَلِمَاتِهِمْ مَفْعُولٌ فَوْرِيٌّ.‏ «فَقَامَ ٱلْجَمْعُ [فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ] مَعًا عَلَيْهِمَا [بُولُسَ وَسِيلَا]» وَأَمَرَ ٱلْقُضَاةُ أَنْ «يُضْرَبَا بِٱلْعِصِيِّ».‏ بَعْدَئِذٍ ٱقْتِيدَ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْجَرِيحَانِ إِلَى ٱلْحَبْسِ،‏ فَأَلْقَاهُمَا ٱلسَّجَّانُ فِي ٱلسِّجْنِ ٱلدَّاخِلِيِّ وَثَبَّتَ أَرْجُلَهُمَا فِي ٱلْمِقْطَرَةِ.‏ (‏اع ١٦:‏١٩-‏٢٤‏)‏ وَحِينَ أَوْصَدَ ٱلْبَابَ خَلْفَهُمَا،‏ جَلَسَا فِي عَتَمَةِ ٱلزِّنْزَانَةِ بِٱلْكَادِ يَرَيَانِ وَاحِدُهُمَا ٱلْآخَرَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَ ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ!‏ —‏ مز ١٣٩:‏١٢‏.‏

      ١٢ (‏أ)‏ كَيْفَ نَظَرَ تَلَامِيذُ ٱلْمَسِيحِ إِلَى ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ أَسَالِيبَ لَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ وَعُمَلَاؤُهُ يَعْتَمِدُونَهَا فِي مُقَاوَمَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ؟‏

      ١٢ قَبْلَ سَنَوَاتٍ،‏ قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ بِكُلِّ صَرَاحَةٍ:‏ «سَيَضْطَهِدُونَكُمْ».‏ (‏يو ١٥:‏٢٠‏)‏ لِذٰلِكَ حِينَ عَبَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ كَانُوا مُهَيَّئِينَ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ وَحِينَ ٱضْطُهِدُوا لَمْ يَسْتَنْتِجُوا أَنَّ يَهْوَهَ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُمْ،‏ بَلِ ٱعْتَبَرُوا هٰذِهِ ٱلْمِحْنَةَ دَلَالَةً عَلَى غَضَبِ ٱلشَّيْطَانِ.‏ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ يَعْمِدُ عُمَلَاءُ إِبْلِيسَ إِلَى أَسَالِيبَ مُشَابِهَةٍ.‏ فَٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْمَاكِرُونَ يُشَوِّهُونَ صُورَتَنَا فِي ٱلْمَدَارِسِ وَأَمَاكِنِ ٱلْعَمَلِ مُؤَجِّجِينَ بِٱلتَّالِي نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ،‏ يَجُرُّنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ.‏ وَٱلتُّهْمَةُ فِي ٱلْحَقِيقَةِ هِيَ كَمَا يَلِي:‏ ‹هٰؤُلَاءِ ٱلشُّهُودُ يُثِيرُونَ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ «ٱلْمُحَافِظِينَ» قُبُولُهَا›.‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ،‏ يُضْرَبُ رُفَقَاؤُنَا ٱلْمُؤْمِنُونَ وَيُزَجُّونَ فِي ٱلسِّجْنِ.‏ وَلٰكِنْ لِنَتَذَكَّرْ،‏ ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ!‏ —‏ ١ بط ٣:‏١٢‏.‏

      ‏«اِعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» (‏اعمال ١٦:‏٢٥-‏٣٤‏)‏

      ١٣ مَاذَا دَفَعَ ٱلسَّجَّانَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ عَنِ ٱلسَّبِيلِ إِلَى ٱلْخَلَاصِ؟‏

      ١٣ لَا بُدَّ أَنَّ ٱسْتِيعَابَ أَحْدَاثِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلصَّعْبِ ٱسْتَلْزَمَ وَقْتًا،‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَعْصِ عَلَى بُولُسَ وَسِيلَا.‏ فَبِحُلُولِ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ نَجِدُهُمَا «يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ ٱللّٰهَ بِٱلتَّرْنِيمِ».‏ وَلٰكِنْ فَجْأَةً ضَرَبَ زِلْزَالٌ عَظِيمٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ ٱلْحَبْسِ.‏ فَٱسْتَيْقَظَ ٱلسَّجَّانُ وَإِذَا بَٱلْأَبْوَابِ مَفْتُوحَةٌ!‏ فَتَمَلَّكَهُ ٱلْخَوْفُ ظَانًّا أَنَّ ٱلسُّجَنَاءَ قَدْ هَرَبُوا.‏ عِنْدَئِذٍ «ٱسْتَلَّ سَيْفَهُ وَأَوْشَكَ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ»،‏ عَالِمًا أَنَّهُ سَيُعَاقَبُ عَلَى هُرُوبِهِمْ.‏ فَصَاحَ بُولُسُ قَائِلًا:‏ «لَا تُؤْذِ نَفْسَكَ،‏ لِأَنَّنَا جَمِيعًا هُنَا!‏».‏ فَسَأَلَ ٱلسَّجَّانُ مَذْعُورًا:‏ «يَا سَيِّدَيَّ،‏ مَاذَا عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟‏».‏ إِلَّا أَنَّ خَلَاصَهُ لَمْ يَكُنْ لَا بِيَدِ بُولُسَ وَلَا سِيلَا،‏ بَلْ بِيَدِ يَسُوعَ وَحْدَهُ.‏ فَأَجَابَا:‏ «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».‏ —‏ اع ١٦:‏٢٥-‏٣١‏.‏

      ١٤ (‏أ)‏ كَيْفَ سَاعَدَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلسَّجَّانَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ بُورِكَ بُولُسُ وَسِيلَا لِٱحْتِمَالِهِمَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ؟‏

      ١٤ فَهَلْ طَرَحَ ٱلسَّجَّانُ سُؤَالَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ؟‏ لَمْ يُشَكِّكْ بُولُسُ إِطْلَاقًا فِي صِدْقِهِ وَإِخْلَاصِهِ.‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرَّجُلَ كَانَ أُمَمِيًّا غَيْرَ مُطَّلِعٍ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ لَزِمَ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيَقْبَلَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ قَبْلَ ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏ فَخَصَّصَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْوَقْتَ لِيُكَلِّمَاهُ «بِكَلِمَةِ يَهْوَهَ».‏ وَلَعَلَّ ٱنْهِمَاكَهُمَا فِي تَعْلِيمِهِ أَلْهَاهُمَا عَنْ وَجَعِهِمَا نَتِيجَةَ ٱلضَّرْبِ ٱلْمُبَرِّحِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلسَّجَّانَ ٱنْتَبَهَ لِحَالَتِهِمَا،‏ فَأَخَذَهُمَا وَغَسَّلَ جِرَاحَاتِهِمَا.‏ ثُمَّ «ٱعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ.‏ فَيَا لَلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي حَصَدَهَا بُولُسُ وَسِيلَا إِذِ ٱحْتَمَلَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ!‏ —‏ اع ١٦:‏٣٢-‏٣٤‏.‏

      ١٥ (‏أ)‏ كَيْفَ يَتَّبِعُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ مِثَالَ بُولُسَ وَسِيلَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ عَلَيْنَا ٱلْمُوَاظَبَةُ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى؟‏

      ١٥ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَسِيلَا،‏ يَكْرِزُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ فِيمَا هُمْ مَسْجُونُونَ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ،‏ فَيَحْصُدُونَ نَتَائِجَ رَائِعَةً.‏ خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ بَلَدًا كَانَ عَمَلُنَا مَحْظُورًا فِيهِ.‏ فَفِي وَقْتٍ مِنَ ٱلْأَوْقَاتِ،‏ بَلَغَتْ نِسْبَةُ ٱلشُّهُودِ ٱلَّذِينَ تَعَرَّفُوا إِلَى ٱلْحَقِّ وَهُمْ فِي ٱلسِّجْنِ ٤٠ فِي ٱلْمِئَةِ مِنْ مَجْمُوعِ ٱلْإِخْوَةِ هُنَاكَ!‏ (‏اش ٥٤:‏١٧‏)‏ لَاحِظْ أَيْضًا أَنَّ ٱلسَّجَّانَ لَمْ يَطْلُبِ ٱلْمُسَاعَدَةَ إِلَّا بَعْدَمَا ضَرَبَ ٱلزِّلْزَالُ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ لَا يَتَجَاوَبُ ٱلْبَعْضُ ٱلْيَوْمَ مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَّا بَعْدَمَا يَهْتَزُّ عَالَمُهُمْ بِفِعْلِ كَارِثَةٍ مَا.‏ لِذَا لِنُوَاظِبْ بِأَمَانَةٍ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى،‏ فَنُوَفِّرَ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ حَالَمَا يَطْلُبُونَهَا.‏

      ‏«أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟‏» (‏اعمال ١٦:‏٣٥-‏٤٠‏)‏

      ١٦ كَيْفَ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي؟‏

      ١٦ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي،‏ قَرَّرَ مَأْمُورُو ٱلْمَدِينَةِ إِخْلَاءَ سَبِيلِ بُولُسَ وَسِيلَا.‏ إِلَّا أَنَّ بُولُسَ أَجَابَ:‏ «جَلَدُونَا عَلَانِيَةً غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْنَا،‏ وَنَحْنُ رَجُلَانِ رُومَانِيَّانِ،‏ وَأَلْقَوْنَا فِي ٱلسِّجْنِ.‏ أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟‏ كَلَّا!‏ بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا».‏ وَمَا إِنْ عَلِمَ ٱلْمَسْؤُولُونَ أَنَّ بُولُسَ وَسِيلَا مُوَاطِنَانِ رُومَانِيَّانِ حَتَّى «خَافُوا» كَثِيرًا لِأَنَّهُمُ ٱنْتَهَكُوا حُقُوقَهُمَا.‏d فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ!‏ فَبَعْدَ أَنْ ضُرِبَ ٱلتِّلْمِيذَانِ عَلَى ٱلْمَلَإِ،‏ وَجَبَ ٱلْآنَ عَلَى مَأْمُورِي ٱلْمَدِينَةِ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا لَهُمَا ٱعْتِذَارًا عَلَنِيًّا!‏ فَأَتَوْا وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِمَا طَالِبِينَ مِنْهُمَا ٱلِٱنْصِرَافَ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ أَمَّا ٱلتِّلْمِيذَانِ فَلَمْ يَرُدَّا طَلَبَهُمْ،‏ وَلٰكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا ٱلْقِيَامُ بِأَمْرٍ أَخِيرٍ.‏ فَقَدْ أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا وَيُشَجِّعَا ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْجُدُدَ أَوَّلًا وَمِنْ ثَمَّ يُغَادِرَا.‏

      ١٧ أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ أُتِيحَ لِلتَّلَامِيذِ ٱلْجُدُدِ تَعَلُّمُهُ بِفَضْلِ ٱحْتِمَالِ بُولُسَ وَسِيلَا؟‏

      ١٧ لَوْ لَمْ تُنْتَهَكْ حُقُوقُ بُولُسَ وَسِيلَا ٱلْقَانُونِيَّةُ،‏ لَتَمَكَّنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مِنْ تَفَادِي ٱلضَّرْبِ.‏ (‏اع ٢٢:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وَلٰكِنْ رُبَّمَا يُخَيَّلُ عِنْدَئِذٍ لِلتَّلَامِيذِ فِي فِيلِبِّي أَنَّهُمَا ٱسْتَغَلَّا وَضْعَهُمَا لِلْإِفْلَاتِ مِنَ ٱلْمُعَانَاةِ فِي سَبِيلِ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَأَيُّ أَثَرٍ سَيَتْرُكُهُ ذٰلِكَ فِي إِيمَانِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلَّذِينَ لَا يَحْمِلُونَ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ؟‏ فَهٰؤُلَاءِ لَمْ يُؤَمِّنْ لَهُمُ ٱلْقَانُونُ ٱلْحِمَايَةَ مِنَ ٱلْجَلْدِ.‏ لِذٰلِكَ حِينَ تَحَمَّلَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْعِقَابَ،‏ أَظْهَرَا لِلْمُؤْمِنِينَ ٱلْجُدُدِ بِمِثَالِهِمَا أَنَّ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ قَادِرُونَ عَلَى ٱلثَّبَاتِ فِي وَجْهِ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى،‏ حِينَ سَعَيَا إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى حُقُوقِهِمَا ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ أَجْبَرَا ٱلْمَأْمُورِينَ عَلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِخَرْقِ ٱلْقَانُونِ أَمَامَ ٱلرَّأْيِ ٱلْعَامِّ.‏ وَلَعَلَّ هٰذَا يَرْدَعُهُمْ مِنَ ٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَيُوَفِّرُ لِلْإِخْوَةِ مِقْدَارًا مِنَ ٱلْحِمَايَةِ ٱلْقَانُونِيَّةِ فِي وَجْهِ هَجَمَاتٍ مُمَاثِلَةٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏

      ١٨ (‏أ)‏ كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلنُّظَّارُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَعْمَلُ عَلَى «ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتِهَا قَانُونِيًّا» فِي أَيَّامِنَا؟‏

      ١٨ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَقُودُ ٱلنُّظَّارُ أَعْضَاءَ ٱلْجَمَاعَةِ بِرَسْمِ ٱلْمِثَالِ أَمَامَهُمْ.‏ فَهُمْ لَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أُمُورًا لَيْسُوا مُسْتَعِدِّينَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ لِلْقِيَامِ بِهَا.‏ وَفِي مَجَالٍ آخَرَ أَيْضًا نَتَمَثَّلُ جَمِيعُنَا بِبُولُسَ حِينَ نَدْرُسُ جَيِّدًا كَيْفَ وَمَتَى نَسْتَعْمِلُ حُقُوقَنَا ٱلْقَانُونِيَّةَ لِطَلَبِ ٱلْحِمَايَةِ.‏ فَعِنْدَ ٱلْحَاجَةِ،‏ نَرْفَعُ دَعْوَانَا إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْقَضَائِيَّةِ،‏ ٱلْمَحَلِّيَّةِ وَٱلْوَطَنِيَّةِ وَٱلدُّوَلِيَّةِ،‏ لِلْحُصُولِ عَلَى حِمَايَةٍ قَانُونِيَّةٍ تَكْفِلُ لَنَا حُرِّيَّةَ ٱلْعِبَادَةِ.‏ وَهَدَفُنَا مِنْ ذٰلِكَ لَيْسَ ٱلْإِصْلَاحَ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّ،‏ بَلِ «ٱلدِّفَاعُ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتُهَا قَانُونِيًّا»،‏ حَسْبَمَا كَتَبَ بُولُسُ إِلَى جَمَاعَةِ فِيلِبِّي بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا.‏ (‏في ١:‏٧‏)‏ وَمَهْمَا كَانَتْ نَتَائِجُ هٰذِهِ ٱلدَّعَاوَى،‏ فَنَحْنُ مُصَمِّمُونَ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَرُفَقَائِهِ أَنْ نُوَاصِلَ ‹ٱلْبِشَارَةَ› حَيْثُمَا يُوَجِّهُنَا رُوحُ يَهْوَهَ.‏ —‏ اع ١٦:‏١٠‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏لُوقَا:‏ كَاتِبُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ‏».‏

      b يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ مُنِعُوا مِنْ إِقَامَةِ مَجْمَعٍ فِي ٱلْمَدِينَةِ بِسَبَبِ طَابِعِهَا ٱلْعَسْكَرِيِّ.‏ أَوْ رُبَّمَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا عَشَرَةُ رِجَالٍ يَهُودٍ،‏ وَهُوَ ٱلْحَدُّ ٱلْأَدْنَى ٱلْمَطْلُوبُ لِتَأْسِيسِ مَجْمَعٍ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏لِيدِيَةُ:‏ بَائِعَةُ ٱلْأُرْجُوَانِ‏».‏

      d كَفِلَ ٱلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ حَقَّ ٱلْمُوَاطِنِينَ فِي ٱلْخُضُوعِ لِمُحَاكَمَةٍ بِحَسَبِ ٱلْأُصُولِ ٱلْمَرْعِيَّةِ،‏ وَمَنَعَ إِنْزَالَ أَيِّ عِقَابٍ عَلَنِيٍّ فِي مُتَّهَمٍ لَمْ تَثْبُتْ إِدَانَتُهُ.‏

      لُوقَا:‏ كَاتِبُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ

      يَسْتَعْمِلُ كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ صِيغَةَ ٱلْغَائِبِ مِنْ بِدَايَةِ ٱلسِّفْرِ وُصُولًا إِلَى ٱلْإِصْحَاحِ ١٦ ٱلْعَدَدِ ٩‏.‏ فَيَقْصِرُ دَوْرَهُ بِٱلتَّالِي عَلَى رِوَايَةِ أَقْوَالِ وَأَفْعَالِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَلٰكِنْ يَطْرَأُ تَغْيِيرٌ فِي ٱلْأُسْلُوبِ فِي ٱلْأَعْمَال ١٦:‏١٠،‏ ١١‏.‏ فَفِي ٱلْعَدَدِ ١١ مَثَلًا،‏ يُشْرِكُ ٱلْكَاتِبُ نَفْسَهُ فِي أَحْدَاثِ ٱلرِّوَايَةِ،‏ قَائِلًا:‏ ‏«أَقْلَعْنَا مِنْ تَرُوَاسَ وَسِرْنَا فِي ٱتِّجَاهٍ مُسْتَقِيمٍ إِلَى سَامُوتْرَاقِيَا».‏ وَلٰكِنْ رُبَّمَا نَتَسَاءَلُ:‏ ‹كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ لُوقَا هُوَ ٱلْكَاتِبُ مَعَ ٱلْعِلْمِ أَنَّ ٱسْمَهُ لَا يَرِدُ فِي ٱلسِّفْرِ بَتَاتًا؟‏›.‏

      لوقا

      نَسْتَدِلُّ عَلَى ٱلْجَوَابِ مِنْ مُقَدِّمَتَيْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ وَإِنْجِيلِ لُوقَا.‏ فَكِلْتَاهُمَا مُوَجَّهَتَانِ إِلَى ٱلْمَدْعُوِّ «ثَاوُفِيلُسَ».‏ (‏لو ١:‏١،‏ ٣؛‏ اع ١:‏١‏)‏ نَقْرَأُ فِي ٱلْكَلِمَاتِ ٱلِٱفْتِتَاحِيَّةِ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ:‏ «أَنْشَأْتُ ٱلرِّوَايَةَ ٱلْأُولَى،‏ يَا ثَاوُفِيلُسُ،‏ عَنْ جَمِيعِ مَا ٱبْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ».‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلْمَرَاجِعَ ٱلْقَدِيمَةَ تُجْمِعُ أَنَّ لُوقَا هُوَ مَنْ أَنْشَأَ «ٱلرِّوَايَةَ ٱلْأُولَى»،‏ أَيِ ٱلْإِنْجِيلَ،‏ فَلَا بُدَّ إِذًا أَنْ يَكُونَ هُوَ نَفْسُهُ كَاتِبَ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏

      فَمَنْ هُوَ لُوقَا؟‏ فِي ٱلْوَاقِعِ،‏ لَا نَعْرِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنْهُ.‏ فَٱسْمُهُ لَا يَرِدُ سِوَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ يَدْعُوهُ «ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ» وَأَحَدَ ‹ٱلْعَامِلِينَ مَعَهُ›.‏ (‏كو ٤:‏١٤؛‏ فل ٢٤‏)‏ أَمَّا ٱلْأَجْزَاءُ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمَكْتُوبَةُ بِصِيغَةِ ٱلْمُتَكَلِّمِ ٱلْجَمْعِ،‏ أَيْ تِلْكَ ٱلَّتِي يُشْرِكُ فِيهَا لُوقَا نَفْسَهُ فِي ٱلرِّوَايَةِ،‏ فَتُشِيرُ أَنَّهُ رَافَقَ بُولُسَ أَوَّلًا مِنْ تَرُوَاسَ إِلَى فِيلِبِّي نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا غَادَرَ ٱلرَّسُولُ ٱلْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ لُوقَا بِرِفْقَتِهِ.‏ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ عَادَا وَٱجْتَمَعَا فِي فِيلِبِّي قُرَابَةَ ٱلسَّنَةِ ٥٦ ب‌م وَسَافَرَا بِرِفْقَةِ سَبْعَةِ إِخْوَةٍ آخَرِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ ٱعْتُقِلَ بُولُسُ.‏ بَعْدَ سَنَتَيْنِ،‏ رَافَقَ لُوقَا ٱلرَّسُولَ ٱلَّذِي كَانَ لَا يَزَالُ رَهْنَ ٱلِٱعْتِقَالِ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى رُومَا.‏ (‏اع ١٦:‏١٠-‏١٧،‏ ٤٠؛‏ ٢٠:‏٥–‏٢١:‏١٧؛‏ ٢٤:‏٢٧؛‏ ٢٧:‏١–‏٢٨:‏١٦‏)‏ وَحِينَ أَدْرَكَ بُولُسُ فِي فَتْرَةِ سَجْنِهِ ٱلثَّانِيَةِ فِي رُومَا أَنَّ إِعْدَامَهُ وَشِيكٌ،‏ كَانَ «لُوقَا وَحْدَهُ» مَعَهُ.‏ (‏٢ تي ٤:‏٦،‏ ١١‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ هٰذَا ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ قَطَعَ مَسَافَاتٍ شَاسِعَةً وَٱحْتَمَلَ ٱلْمَشَقَّاتِ طَوْعًا فِي سَبِيلِ ٱلْبِشَارَةِ.‏

      لَمْ يَزْعَمْ لُوقَا أَنَّهُ شَهِدَ مَا كَتَبَهُ عَنْ يَسُوعَ.‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ ٱعْتَرَفَ أَنَّهُ أَخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ «تَأْلِيفَ رِوَايَةٍ عَنِ ٱلْوَقَائِعِ» بِنَاءً عَلَى إِفَادَاتِ «شُهُودِ عِيَانٍ».‏ كَمَا أَنَّهُ ‹تَتَبَّعَ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ مِنَ ٱلْأَوَّلِ بِدِقَّةٍ،‏ عَازِمًا أَنْ يَكْتُبَهَا بِٱلتَّرْتِيبِ›.‏ (‏لو ١:‏١-‏٣‏)‏ وَثَمَرَةُ أَعْمَالِهِ تُبَيِّنُ أَنَّهُ بَاحِثٌ دَقِيقٌ.‏ فَلَرُبَّمَا حَاوَرَ أَلِيصَابَاتَ وَمَرْيَمَ أُمَّ يَسُوعَ وَأَشْخَاصًا آخَرِينَ لِيَسْتَقِيَ مَعْلُومَاتِهِ.‏ وَتَجْدُرُ ٱلْإِشَارَةُ أَنَّ إِنْجِيلَهُ ٱنْفَرَدَ بِذِكْرِ أُمُورٍ لَا تَرِدُ فِي ٱلْأَنَاجِيلِ ٱلْأُخْرَى.‏ —‏ لو ١:‏٥-‏٨٠‏.‏

      وَيُخْبِرُنَا بُولُسُ أَنَّ لُوقَا كَانَ طَبِيبًا.‏ وَٱهْتِمَامُهُ بِٱلْمَرْضَى يَظْهَرُ جَلِيًّا فِي كِتَابَاتِهِ.‏ لَاحِظْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ لَا ٱلْحَصْرِ بَعْضَ ٱلتَّفَاصِيلِ ٱلَّتِي أَوْرَدَهَا:‏ حِينَ شَفَى يَسُوعُ رَجُلًا بِهِ شَيْطَانٌ،‏ «خَرَجَ مِنْهُ دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهُ»؛‏ كَانَتْ حَمَاةُ بُطْرُسَ تُعَانِي «حُمَّى شَدِيدَةً»؛‏ إِحْدَى ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي أَبْرَأَهُنَّ يَسُوعُ كَانَتِ «ٱمْرَأَةً بِهَا رُوحٌ أَمْرَضَهَا مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً،‏ وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْتَصِبَ أَلْبَتَّةَ».‏ —‏ لو ٤:‏٣٥،‏ ٣٨؛‏ ١٣:‏١١‏.‏

      غَنِيٌّ عَنِ ٱلْقَوْلِ إِنَّ «عَمَلَ ٱلرَّبِّ» كَانَ أَوَّلًا فِي حَيَاةِ لُوقَا.‏ (‏١ كو ١٥:‏٥٨‏)‏ فَهٰذَا ٱلطَّبِيبُ لَمْ يَسْعَ فِي مِهْنَتِهِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ وَلَمْ يَطْلُبِ ٱلْبُرُوزَ يَوْمًا.‏ بَلْ كَانَ كُلُّ هَمِّهِ أَنْ يُسَاعِدَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ وَخِدْمَتِهِ.‏

      لِيدِيَةُ:‏ بَائِعَةُ ٱلْأُرْجُوَانِ

      عَاشَتْ لِيدِيَةُ فِي فِيلِبِّي،‏ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي مَقْدُونِيَةَ.‏ أَصْلُهَا مِنْ مَدِينَةِ ثِيَاتِيرَا ٱلْوَاقِعَةِ فِي مِنْطَقَةِ لِيدِيَا غَرْبِيَّ آسِيَا ٱلصُّغْرَى.‏ غَيْرَ أَنَّهَا ٱنْتَقَلَتْ إِلَى ٱلْجَانِبِ ٱلْآخَرِ مِنْ بَحْرِ إِيجَه بِحُكْمِ عَمَلِهَا فِي بَيْعِ ٱلْأُرْجُوَانِ.‏ فَكَانَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ تُتَاجِرُ بِبَضَائِعَ أُرْجُوَانِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ،‏ مِنْ سَجَّادَاتٍ وَمُطَرَّزَاتٍ وَأَقْمِشَةٍ وَأَصْبَاغٍ.‏ وَيَشْهَدُ نَقْشٌ ٱكْتُشِفَ فِي فِيلِبِّي عَلَى وُجُودِ رَابِطَةٍ لِبَائِعِي ٱلْأُرْجُوَانِ هُنَاكَ.‏

      ليدية

      تُوصَفُ لِيدِيَةُ بِأَنَّهَا «عَابِدَةٌ لِلّٰهِ» مِمَّا يَعْنِي عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَهَوِّدَةً.‏ (‏اع ١٦:‏١٤‏)‏ وَلَرُبَّمَا تَعَرَّفَتْ إِلَى عِبَادَةِ يَهْوَهَ فِي مَدِينَتِهَا ٱلْأُمِّ.‏ فَبِعَكْسِ فِيلِبِّي،‏ ضَمَّتْ ثِيَاتِيرَا مَجْمَعًا يَهُودِيًّا.‏ وَيَعْتَقِدُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱسْمَهَا هُوَ فِي ٱلْحَقِيقَةِ مُجَرَّدُ لَقَبٍ أَطْلَقَهُ عَلَيْهَا أَهْلُ فِيلِبِّي وَمَعْنَاهُ «ٱمْرَأَةٌ مِنْ لِيدِيَا».‏ وَلٰكِنْ ثَمَّةَ وَثَائِقُ تُظْهِرُ أَنَّ «لِيدِيَةَ» ٱعْتُبِرَ أَيْضًا ٱسْمًا عَلَمًا.‏

      عُرِفَ أَهْلُ لِيدِيَا وَٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْمُجَاوِرَةِ بِبَرَاعَتِهِمْ فِي صِبَاغَةِ ٱلْأُرْجُوَانِ مُنْذُ أَيَّامِ هُومِيرُوس فِي ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعِ أَوِ ٱلثَّامِنِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ.‏ وَٱشْتَهَرَتْ مِيَاهُ ثِيَاتِيرَا بِأَنَّهَا تُنْتِجُ أَزْهَى دَرَجَاتِ ٱللَّوْنِ ٱلْأُرْجُوَانِيِّ وَأَكْثَرَهَا ثَبَاتًا.‏

      وَقَدْ كَانَتِ ٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلْأُرْجُوَانِيَّةُ مُقْتَنَيَاتٍ فَاخِرَةً فِي مُتَنَاوَلِ ٱلْأَثْرِيَاءِ فَقَطْ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلصِّبَاغَ ٱلْأُرْجُوَانِيَّ ٱسْتُخْرِجَ مِنْ مَصَادِرَ عِدَّةٍ،‏ إِلَّا أَنَّ أَفْضَلَ أَنْوَاعِهِ وَأَغْلَاهَا أَتَى مِنْ أَصْدَافٍ وُجِدَتْ عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ وَقَدِ ٱسْتُخْدِمَ فِي صِبَاغَةِ ٱلْكَتَّانِ ٱلْجَيِّدِ.‏ وَكَانَتْ كُلُّ صَدَفَةٍ تُنْتِجُ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَقَطْ مِنَ ٱلصِّبَاغِ.‏ لِذٰلِكَ ٱسْتَلْزَمَ إِنْتَاجُ مُجَرَّدِ غِرَامٍ وَاحِدٍ مِنْ هٰذَا ٱلسَّائِلِ ٱلنَّفِيسِ نَحْوَ ٠٠٠‏,٨ صَدَفَةٍ.‏ فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ ٱلْأَقْمِشَةَ ٱلْأُرْجُوَانِيَّةَ بِيعَتْ بِأَسْعَارٍ بَاهِظَةٍ.‏

      كَانَتْ لِيدِيَةُ عَلَى ٱلْأَغْلَبِ تَاجِرَةً نَاجِحَةً وَغَنِيَّةً.‏ فَقَدِ ٱشْتَغَلَتْ فِي تِجَارَةٍ تَطَلَّبَتْ رَأْسَ مَالٍ مُهِمًّا،‏ كَمَا ٱمْتَلَكَتْ مَنْزِلًا كَبِيرًا ٱتَّسَعَ لِٱسْتِضَافَةِ بُولُسَ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسَ وَلُوقَا دُفْعَةً وَاحِدَةً.‏ أَمَّا عِبَارَةُ «أَهْلِ بَيْتِهَا» فَرُبَّمَا عَنَتْ أَنَّ أَقَارِبَهَا سَكَنُوا مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ،‏ وَلَعَلَّهَا أَشَارَتْ أَيْضًا أَنَّهَا ٱمْتَلَكَتْ عَبِيدًا وَخَدَمًا.‏ (‏اع ١٦:‏١٥‏)‏ وَبِمَا أَنَّ بُولُسَ وَسِيلَا ٱلْتَقَيَا بَعْضَ ٱلْإِخْوَةِ عِنْدَ لِيدِيَةَ قَبْلَ مُغَادَرَةِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ نَسْتَنْتِجُ أَنَّهَا فَتَحَتْ مَنْزِلَهَا لِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ فِي فِيلِبِّي.‏ —‏ اع ١٦:‏٤٠‏.‏

      بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا،‏ حِينَ رَاسَلَ بُولُسُ جَمَاعَةَ فِيلِبِّي،‏ لَمْ يَأْتِ عَلَى ذِكْرِ لِيدِيَةَ.‏ لِذٰلِكَ فَإِنَّ ٱلْإِصْحَاحَ ١٦ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ هُوَ ٱلْمَصْدَرُ ٱلْوَحِيدُ لِمَعْلُومَاتِنَا عَنْهَا.‏

  • ‏«حاجَّهم منطقيا من الاسفار المقدسة»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٧

      ‏«حَاجَّهُمْ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ»‏

      أَسَاسُ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْفَعَّالِ وَمِثَالُ أَهْلِ بِيرِيَةَ ٱلْحَسَنُ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٧:‏١-‏١٥

      ١،‏ ٢ مَنْ يُسَافِرُ مِنْ فِيلِبِّي إِلَى تَسَالُونِيكِي،‏ وَأَيُّ تَسَاؤُلَاتٍ رُبَّمَا تَخْطُرُ عَلَى بَالِهِمْ؟‏

      يَخُوضُ ٱلرِّجَالُ ٱلثَّلَاثَةُ،‏ بُولُسُ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ،‏ غِمَارَ سَفْرَةٍ جَدِيدَةٍ.‏ يَسِيرُونَ عَلَى طَرِيقٍ رُومَانِيَّةٍ مُتْقَنَةٍ تَمْتَدُّ مَعَ ٱمْتِدَادِ ٱلْجِبَالِ ٱلْوَعِرَةِ.‏ تَتَنَاهَى إِلَى مَسَامِعِهِمْ أَصْوَاتُ ٱلدَّوَالِيبِ مُقَرْقِعَةً عَلَى ٱلْحِجَارَةِ ٱلْمُتَرَاصِفَةِ،‏ نَهِيقُ ٱلْحَمِيرِ تَنُوءُ بِأَثْقَالِهَا،‏ وَجَلَبَةُ ٱلْمُسَافِرِينَ عَلَى أَجْنَاسِهِمْ مِنْ جُنُودٍ وَتُجَّارٍ وَحِرَفِيِّينَ.‏ رِحْلَتُهُمْ طَوِيلَةٌ.‏ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ١٣٠ كلم تَفْصِلُ بَيْنَ فِيلِبِّي وَتَسَالُونِيكِي.‏ فَيَتَقَدَّمُونَ بِشِقِّ ٱلنَّفْسِ،‏ وَلَا سِيَّمَا بُولُسُ وَسِيلَا ٱللَّذَانِ ذَاقَا طَعْمَ عِصِيِّ فِيلِبِّي.‏ فَكَيْفَ لِلسَّفَرِ أَنْ يَهُونَ عَلَيْهِمَا وَجِرَاحَاتُهُمَا لَمْ تَلْتَئِمْ بَعْدُ؟‏!‏ —‏ اع ١٦:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

      ٢ لَا بُدَّ أَنَّ ٱلْأَحَادِيثَ ٱلْمُشَجِّعَةَ تَشْغَلُهُمَا عَنِ ٱلتَّفْكِيرِ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلطَّوِيلَةِ أَمَامَهُمَا.‏ فَهَلْ يُنْسَى ٱلسَّجَّانُ ٱلَّذِي ٱعْتَنَقَ ٱلْحَقَّ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي فِيلِبِّي؟‏!‏ لَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلذِّكْرَى لَا تَزَالُ حَيَّةً فِي أَذْهَانِ ٱلْمُسَافِرِينَ ٱلثَّلَاثَةِ،‏ فَتُشَدِّدُ عَزْمَهُمْ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ عَلَى ٱلْمُنَادَاةِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ وَلٰكِنْ إِذْ تَلُوحُ مَدِينَةُ تَسَالُونِيكِي ٱلسَّاحِلِيَّةُ فِي ٱلْأُفُقِ ٱلْبَعِيدِ،‏ لَعَلَّهُمْ يَتَسَاءَلُونَ فِي قُلُوبِهِمْ:‏ ‹تُرَى كَيْفَ يُعَامِلُنَا ٱلْيَهُودُ هُنَاكَ؟‏ هَلْ يُهَاجِمُونَنَا أَوْ يَضْرِبُونَنَا كَمَا أَهْلُ فِيلِبِّي؟‏›.‏

      ٣ كَيْفَ يُفِيدُنَا مِثَالُ بُولُسَ فِي ٱسْتِجْمَاعِ ٱلْجُرْأَةِ ٱللَّازِمَةِ لِلْكِرَازَةِ؟‏

      ٣ كَشَفَ لَنَا بُولُسُ عَنْ مَشَاعِرِهِ فِي رِسَالَةٍ كَتَبَهَا لَاحِقًا إِلَى مَسِيحِيِّي تَسَالُونِيكِي.‏ ذَكَرَ:‏ «بَعْدَمَا تَأَلَّمْنَا أَوَّلًا وَلَقِينَا ٱلْإِهَانَةَ وَٱلْإِسَاءَةَ فِي فِيلِبِّي (‏كَمَا تَعْرِفُونَ)‏،‏ ٱسْتَجْمَعْنَا ٱلْجُرْأَةَ بِإِلٰهِنَا لِنُكَلِّمَكُمْ بِبِشَارَةِ ٱللّٰهِ بِجِهَادٍ كَثِيرٍ».‏ (‏١ تس ٢:‏٢‏)‏ تَدُلُّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ أَنَّ ٱلرَّسُولَ كَانَ مُتَوَجِّسًا نَوْعًا مَا مِنْ دُخُولِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ لَا سِيَّمَا بَعْدَ مَا حَدَثَ فِي فِيلِبِّي.‏ فَهَلْ سَبَقَ أَنْ مَرَرْتَ بِحَالَةٍ مُمَاثِلَةٍ؟‏ هَلْ شَعَرْتَ أَحْيَانًا أَنَّكَ تُجَاهِدُ لِتُنَادِيَ بِٱلْبِشَارَةِ؟‏ بُولُسُ مِنْ جِهَتِهِ ٱتَّكَلَ عَلَى يَهْوَهَ لِيُقَوِّيَهُ وَيُسَاعِدَهُ عَلَى ٱسْتِجْمَاعِ ٱلْجُرْأَةِ.‏ وَإِذَا تَفَحَّصْتَ تَجْرِبَتَهُ،‏ يُمْكِنُكَ أَنْتَ أَيْضًا أَنْ تَحْذُوَ حَذْوَهُ فَتَخْتَبِرُ ٱلْمُسَاعَدَةَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ.‏ —‏ ١ كو ٤:‏١٦‏.‏

      ‏«حَاجَّهُمْ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ» (‏اعمال ١٧:‏١-‏٣‏)‏

      ٤ لِمَ يُرَجَّحُ أَنَّ إِقَامَةَ بُولُسَ فِي تَسَالُونِيكِي دَامَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ؟‏

      ٤ تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ بُولُسَ كَرَزَ فِي ٱلْمَجْمَعِ ثَلَاثَةَ سُبُوتٍ أَثْنَاءَ إِقَامَتِهِ فِي تَسَالُونِيكِي.‏ فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّ زِيَارَتَهُ دَامَتْ ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ فَقَطْ؟‏ لَيْسَ بِٱلضَّرُورَةِ.‏ فَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ كَمِ ٱنْقَضَى مِنَ ٱلْوَقْتِ بَيْنَ وُصُولِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَذَهَابِهِ إِلَى ٱلْمَجْمَعِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ رِسَالَتَيْهِ إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي تَكْشِفَانِ أَنَّهُ عَمِلَ هُوَ وَرَفِيقَاهُ لِإِعَالَةِ أَنْفُسِهِمْ أَثْنَاءَ إِقَامَتِهِمْ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ (‏١ تس ٢:‏٩؛‏ ٢ تس ٣:‏٧،‏ ٨‏)‏ وَفِي تِلْكَ ٱلْمُدَّةِ أَيْضًا،‏ ٱسْتَلَمَ بُولُسُ مَرَّتَيْنِ مَعُونَةً مِنَ ٱلْإِخْوَةِ فِي فِيلِبِّي.‏ (‏في ٤:‏١٦‏)‏ لِذَا مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّهُ مَكَثَ هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ.‏

      ٥ كَيْفَ سَعَى بُولُسُ إِلَى جَذْبِ ٱنْتِبَاهِ ٱلنَّاسِ؟‏

      ٥ بَعْدَمَا ٱسْتَجْمَعَ ٱلرَّسُولُ ٱلْجُرْأَةَ لِلْكِرَازَةِ،‏ تَحَدَّثَ إِلَى ٱلْحُضُورِ فِي ٱلْمَجْمَعِ.‏ وَحَسَبَ عَادَتِهِ،‏ «حَاجَّهُمْ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ .‏ .‏ .‏ شَارِحًا وَمُبَرْهِنًا بِشَوَاهِدَ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ وَيَقُومَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ،‏ وَقَائِلًا:‏ ‹هٰذَا هُوَ ٱلْمَسِيحُ،‏ إِنَّهُ يَسُوعُ ٱلَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ›».‏ (‏اع ١٧:‏٢،‏ ٣‏)‏ لَاحِظْ أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَهْدِفْ إِلَى تَهْيِيجِ مَشَاعِرِ سَامِعِيهِ،‏ بَلْ عَمَدَ إِلَى مُخَاطَبَةِ عُقُولِهِمْ.‏ فَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُمْ مُطَّلِعُونَ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَيُكِنُّونَ لَهَا ٱلِٱحْتِرَامَ،‏ لٰكِنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَهَا كَامِلًا.‏ لِذٰلِكَ حَاجَّهُمْ مَنْطِقِيًّا شَارِحًا وَمُبَرْهِنًا مِنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْفَارِ أَنَّ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيَّ هُوَ ٱلْمَسِيَّا أَوِ ٱلْمَسِيحُ ٱلْمَوْعُودُ بِهِ.‏

      ٦ كَيْفَ حَاجَّ يَسُوعُ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏

      ٦ اِتَّبَعَ بُولُسُ مِثَالَ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ أَسَاسًا لِتَعْلِيمِهِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ أَخْبَرَ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْعَلَنِيَّةِ أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ تُنْبِئُ بِمُعَانَاةِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ وَمَوْتِهِ وَقِيَامَتِهِ.‏ (‏مت ١٦:‏٢١‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُجَرَّدَ ظُهُورِهِ عَلَى تَلَامِيذِهِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ كَانَ كَافِيًا لِيُبَرْهِنَ صِدْقَ كَلِمَاتِهِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ هٰذَا ٱلْحَدِّ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُطْلِعُنَا أَنَّهُ ظَهَرَ لِٱثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ «وَفَسَّرَ لَهُمَا،‏ مُبْتَدِئًا مِنْ مُوسَى وَكُلِّ ٱلْأَنْبِيَاءِ،‏ مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ كُلِّهَا».‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ تَرَكَ أَبْلَغَ ٱلْأَثَرِ فِيهِمَا.‏ فَقَدْ قَالَا:‏ «أَلَمْ تَكُنْ قُلُوبُنَا مُتَّقِدَةً إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي ٱلطَّرِيقِ وَيَشْرَحُ لَنَا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ؟‏».‏ —‏ لو ٢٤:‏١٣،‏ ٢٧،‏ ٣٢‏.‏

      ٧ مَا أَهَمِّيَّةُ ٱلِٱسْتِنَادِ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ فِي تَعْلِيمِنَا؟‏

      ٧ تَحْمِلُ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ فِي طَيَّاتِهَا رِسَالَةً فَعَّالَةً.‏ (‏عب ٤:‏١٢‏)‏ لِذٰلِكَ نَبْنِي نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ تَعَالِيمَنَا عَلَيْهَا أُسْوَةً بِيَسُوعَ وَبُولُسَ وَبَاقِي ٱلرُّسُلِ.‏ فَنَحْنُ نُحَاجُّ ٱلنَّاسَ مَنْطِقِيًّا،‏ شَارِحِينَ لَهُمُ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَمُبَرْهِنِينَ تَعَالِيمَنَا بِقِرَاءَةِ ٱلْآيَاتِ مُبَاشَرَةً مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَفِي ٱلنِّهَايَةِ إِنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلَّتِي نَحْمِلُهَا لَيْسَتْ مِنَّا،‏ بَلْ مِنَ ٱللّٰهِ.‏ وَحِينَ نَفْتَحُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مِرَارًا،‏ نُسَاعِدُ سَامِعِينَا عَلَى ٱلتَّمْيِيزِ أَنَّنَا نُنَادِي بِتَعَالِيمَ إِلٰهِيَّةٍ،‏ لَا بِأَفْكَارِنَا ٱلْخَاصَّةِ.‏ وَلْنُبْقِ فِي بَالِنَا أَيْضًا أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلَّتِي نَكْرِزُ بِهَا جَدِيرَةٌ بِٱلثِّقَةِ مِئَةً فِي ٱلْمِئَةِ لِأَنَّ لَهَا أَسَاسًا مَتِينًا مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ وَهٰكَذَا نَتَشَجَّعُ عَلَى ٱلْمُنَادَاةِ بِٱلْبِشَارَةِ بِجُرْأَةٍ مِثْلَمَا فَعَلَ بُولُسُ.‏

      ‏«صَارَ بَعْضٌ مِنْهُمْ مُؤْمِنِينَ» (‏اعمال ١٧:‏٤-‏٩‏)‏

      ٨-‏١٠ (‏أ)‏ أَيُّ أَثَرٍ تَرَكَتْهُ ٱلْبِشَارَةُ فِي أَهْلِ تَسَالُونِيكِي؟‏ (‏ب)‏ لِمَ غَارَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ مِنْ بُولُسَ؟‏ (‏ج)‏ مَاذَا فَعَلَ ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْيَهُودُ؟‏

      ٨ سَبَقَ لِبُولُسَ أَنْ لَمَسَ صِحَّةَ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلتَّالِيَةِ:‏ «لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ.‏ إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ أَيْضًا،‏ وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلِمَتِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلِمَتَكُمْ أَيْضًا».‏ (‏يو ١٥:‏٢٠‏)‏ وَمَدِينَةُ تَسَالُونِيكِي لَا تَشِذُّ عَنْ هٰذِهِ ٱلْقَاعِدَةِ.‏ فَقَدِ ٱنْقَسَمَ مُسْتَمِعُو بُولُسَ إِلَى فَرِيقَيْنِ.‏ فَمِنْهُمْ مَنْ حَفِظُوا ٱلْكَلِمَةَ بِرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ؛‏ وَمِنْهُمْ مَنْ قَاوَمُوهَا.‏ يَصِفُ لُوقَا ٱلْفَرِيقَ ٱلْأَوَّلَ قَائِلًا:‏ «صَارَ بَعْضٌ مِنَ [ٱلْيَهُودِ] مُؤْمِنِينَ [مَسِيحِيِّينَ] وَٱنْضَمُّوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلَا،‏ وَكَذٰلِكَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ ٱلْعَابِدِينَ ٱللّٰهَ وَعَدَدٌ غَيْرُ قَلِيلٍ مِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱلْأَعْيَانِ».‏ (‏اع ١٧:‏٤‏)‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْجُدُدَ فَرِحُوا لِأَنَّهُمْ نَالُوا ٱلْمُسَاعَدَةَ عَلَى فَهْمِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏

      ٩ فِي ٱلْمَقْلَبِ ٱلْآخَرِ،‏ ٱغْتَاظَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ مِنْ بُولُسَ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ.‏ فَقَدْ غَارُوا مِنْهُ لِأَنَّهُ ٱسْتَمَالَ قُلُوبَ «جُمْهُورٍ كَثِيرٍ مِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ».‏ فَهُمْ كَانُوا يَصُبُّونَ جُهُودَهُمْ عَلَى تَهْوِيدِ ٱلْيُونَانِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ،‏ وَرَاحُوا يُعَلِّمُونَهُمُ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ.‏ فَبَاتُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ نَظْرَةً تَمَلُّكِيَّةً.‏ وَإِذَا بِبُولُسَ «يَسْرِقُ» مِنْهُمْ هٰؤُلَاءِ ٱلْيُونَانِيِّينَ وَفِي عُقْرِ دَارِهِمْ أَيْضًا!‏

      بولس وسيلا يهربان من حشد هائج الی ساحة لها بوابة

      ‏«طلبوا إحضارهما الى الحشد الهائج».‏ —‏ اعمال ١٧:‏٥

      ١٠ فَمَاذَا فَعَلَ ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْيَهُودُ؟‏ يَكْشِفُ لُوقَا رَدَّةَ فِعْلِهِمْ،‏ قَائِلًا:‏ «وَغَارَ ٱلْيَهُودُ،‏ فَٱتَّخَذُوا رِجَالًا أَشْرَارًا بَطَّالِينَ مِنْ سَاحَةِ ٱلسُّوقِ،‏ وَأَلَّفُوا جَمْعًا مِنَ ٱلرَّعَاعِ،‏ وَأَثَارُوا ٱلشَّغَبَ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ ثُمَّ هَجَمُوا عَلَى بَيْتِ يَاسُونَ وَطَلَبُوا إِحْضَارَهُمَا [بُولُسَ وَسِيلَا] إِلَى ٱلْحَشْدِ ٱلْهَائِجِ.‏ وَلَمَّا لَمْ يَجِدُوهُمَا جَرُّوا يَاسُونَ وَبَعْضَ ٱلْإِخْوَةِ إِلَى حُكَّامِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ صَارِخِينَ:‏ ‹إِنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلَّذِينَ قَلَبُوا ٱلْمَسْكُونَةَ هُمْ حَاضِرُونَ هُنَا أَيْضًا،‏ وَقَدْ أَضَافَهُمْ يَاسُونُ.‏ وَهٰؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَعْمَلُونَ ضِدَّ مَرَاسِيمِ قَيْصَرَ،‏ قَائِلِينَ إِنَّهُ يُوجَدُ مَلِكٌ آخَرُ هُوَ يَسُوعُ›».‏ (‏اع ١٧:‏٥-‏٧‏)‏ فَكَيْفَ أَثَّرَ جَمْعُ ٱلرَّعَاعِ هٰذَا فِي بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ؟‏

      ١١ بِمَ ٱتُّهِمَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ،‏ وَإِلَى أَيِّ مَرْسُومٍ رُبَّمَا لَمَّحَ ٱلْمُتَّهِمُونَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ١١ تَخَيَّلْ هُجُومَ ٱلرَّعَاعِ ٱلْبَشِعَ عَلَى بَيْتِ يَاسُونَ.‏ نَهْرٌ عَنِيفٌ هَائِجٌ يَجْتَاحُ كُلَّ مَا يَقِفُ فِي طَرِيقِهِ.‏ هٰكَذَا هُمُ ٱلرَّعَاعُ،‏ وَهٰكَذَا ٱخْتَارَ ٱلْيَهُودُ ٱلتَّخَلُّصَ مِنْ بُولُسَ وَسِيلَا!‏ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ «أَثَارُوا ٱلشَّغَبَ» فِي ٱلْمَدِينَةِ،‏ حَاوَلُوا إِقْنَاعَ ٱلْحُكَّامِ بِخُطُورَةِ جُرْمِ ٱلرَّسُولِ وَمَنْ مَعَهُ.‏ فَٱتَّهَمُوهُمْ أَوَّلًا بِأَنَّهُمْ «قَلَبُوا ٱلْمَسْكُونَةَ» مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَنْ أَغْرَقَ ٱلْمَدِينَةَ فِي ٱلْفَوْضَى.‏ أَمَّا ٱلتُّهْمَةُ ٱلثَّانِيَةُ فَكَانَتْ أَخْطَرَ بِكَثِيرٍ.‏ فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يُنَادُونَ بِمَلِكٍ آخَرَ هُوَ يَسُوعُ،‏ مُنْتَهِكِينَ بِذٰلِكَ مَرَاسِيمَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ.‏a

      ١٢ مَا مَدَى خُطُورَةِ وَضْعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي تَسَالُونِيكِي؟‏

      ١٢ تَذَكَّرْ أَنَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ وَجَّهُوا تُهْمَةً مُمَاثِلَةً إِلَى يَسُوعَ.‏ فَقَدْ قَالُوا لِلْحَاكِمِ بِيلَاطُسَ:‏ «وَجَدْنَا هٰذَا يُفْسِدُ أُمَّتَنَا .‏ .‏ .‏ وَيَقُولُ إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».‏ (‏لو ٢٣:‏٢‏)‏ فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِيلَاطُسُ بِٱلْمَوْتِ،‏ إِذْ رُبَّمَا خَافَ أَنْ يَظُنَّ ٱلْإِمْبَرَاطُورُ أَنَّهُ غَضَّ ٱلطَّرْفَ عَنْ خِيَانَةٍ عُظْمَى.‏ وَٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي تَسَالُونِيكِي لَمْ يَكُونُوا أَفْضَلَ حَالًا مِنْ مُعَلِّمِهِمْ.‏ يَذْكُرُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ:‏ «أَحْدَقَ بِهِمْ خَطَرٌ عَظِيمٌ جِدًّا.‏ ‹فَمُجَرَّدُ ٱلتَّلْمِيحِ إِلَى خِيَانَةِ ٱلْأَبَاطِرَةِ أَوْدَى فِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ بِحَيَاةِ ٱلْمُتَّهَمِينَ›».‏ فَهَلْ يُؤَدِّي هٰذَا ٱلْهُجُومُ ٱلضَّارِي ٱلْغَرَضَ مِنْهُ وَيَقْضِي عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ لِمَ فَشِلَ ٱلرَّعَاعُ فِي هُجُومِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَصَرَّفَ بُولُسُ بِحَذَرٍ عَمَلًا بِمَشُورَةِ ٱلْمَسِيحِ،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِ؟‏

      ١٣ فَشِلَ ٱلرَّعَاعُ فِي وَضْعِ حَدٍّ لِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ فِي تَسَالُونِيكِي.‏ لِمَاذَا؟‏ مِنْ جِهَةٍ،‏ لَمْ يَعْثُرُوا عَلَى بُولُسَ وَسِيلَا.‏ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ لَمْ يَقْتَنِعْ حُكَّامُ ٱلْمَدِينَةِ بِصِحَّةِ ٱلتُّهْمَتَيْنِ عَلَى مَا يَبْدُو.‏ لِذٰلِكَ طَلَبُوا «كَفَالَةً» ثُمَّ أَطْلَقُوا سَرَاحَ يَاسُونَ وَسَائِرِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ ٱقْتِيدُوا إِلَيْهِمْ.‏ (‏اع ١٧:‏٨،‏ ٩‏)‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ،‏ عَمِلَ ٱلرَّسُولُ بِمَشُورَةِ يَسُوعَ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ «حَذِرِينَ كَٱلْحَيَّاتِ،‏ وَأَبْرِيَاءَ كَٱلْحَمَامِ»،‏ فَتَفَادَى بِحِكْمَةٍ ٱلْخَطَرَ لِيُوَاصِلَ ٱلْبِشَارَةَ فِي مَنَاطِقَ أُخْرَى.‏ (‏مت ١٠:‏١٦‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّهُ رَسَمَ خَطًّا فَاصِلًا بَيْنَ ٱلْجُرْأَةِ وَٱلتَّهَوُّرِ.‏ فَكَيْفَ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِهِ؟‏

      ١٤ غَالِبًا مَا يُهَيِّجُ رِجَالُ دِينِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلرَّعَاعَ ضِدَّ شُهُودِ يَهْوَهَ.‏ وَهُمْ أَيْضًا يَلْعَبُونَ بِعُقُولِ ٱلْحُكَّامِ مُحَرِّضِينَهُمْ عَلَى ٱلشُّهُودِ بِتُهْمَةِ إِثَارَةِ ٱلْفِتَنِ وَٱلْخِيَانَةِ.‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱلْمُقَاوِمِينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ تَغْلِي ٱلْغَيْرَةُ فِي قُلُوبِهِمْ.‏ وَلٰكِنْ تَحْتَ أَيِّ ظَرْفٍ كَانَ،‏ لَا يُعَرِّضُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ أَنْفُسَهُمْ لِلْخَطَرِ عَمْدًا.‏ لِذٰلِكَ نَتَجَنَّبُ قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ مُوَاجَهَةَ مَنْ يَفْقِدُونَ أَعْصَابَهُمْ وَيَتَصَرَّفُونَ بِغَيْرِ عَقْلَانِيَّةٍ.‏ وَنَسْعَى إِلَى مُوَاصَلَةِ عَمَلِنَا بِسَلَامٍ،‏ فَنَخْتَارُ رُبَّمَا ٱلْعَوْدَةَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ حِينَ يَهْدَأُ ٱلْجَوُّ.‏

      اَلْقَيَاصِرَةُ فِي حِقْبَةِ أَعْمَالِ ٱلرُّسُلِ

      تَقَعُ أَحْدَاثُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ،‏ بَلِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ كُلِّهَا،‏ ضِمْنَ حُدُودِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ لِذَا مَثَّلَ ٱلْإِمْبَرَاطُورُ ٱلرُّومَانِيُّ فِي هٰذِهِ ٱلْكِتَابَاتِ أَعْلَى مَرْجِعِيَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ حِينَ تَحَدَّثَ يَهُودُ تَسَالُونِيكِي عَنْ «مَرَاسِيمِ قَيْصَرَ»،‏ كَانُوا يُشِيرُونَ إِلَى إِمْبَرَاطُورِ رُومَا.‏ (‏اع ١٧:‏٧‏)‏ وَقَدْ تَوَالَى أَرْبَعَةُ أَبَاطِرَةٍ عَلَى ٱلْعَرْشِ خِلَالَ ٱلْحِقْبَةِ ٱلَّتِي يُغَطِّيهَا سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ،‏ هُمْ:‏ طِيبَارِيُوسُ،‏ غَايُسُ،‏ كُلُودِيُوسُ ٱلْأَوَّلُ،‏ وَنَيْرُونُ.‏ إِلَيْكَ فِي مَا يَلِي نُبْذَةً عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ.‏

      • طِيبَارِيُوسُ.‏ (‏١٤-‏٣٧ ب‌م)‏ حَكَمَ إِمْبَرَاطُورًا طِيلَةَ خِدْمَةِ يَسُوعَ وَفِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱلْأُولَى بُعَيْدَ تَأْسِيسِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَإِلَيْهِ هُوَ أَشَارَ ٱلْيَهُودُ حِينَ صَرَخُوا إِلَى بِيلَاطُسَ فِي مُحَاكَمَةِ يَسُوعَ،‏ قَائِلِينَ:‏ «إِنْ أَطْلَقْتَ هٰذَا ٱلرَّجُلَ،‏ فَلَسْتَ صَدِيقًا لِقَيْصَرَ .‏ .‏ .‏ لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلَّا قَيْصَرُ».‏ —‏ يو ١٩:‏١٢،‏ ١٥‏.‏

      • غَايُسُ.‏ (‏٣٧-‏٤١ ب‌م)‏ يُعْرَفُ أَيْضًا بِٱلِٱسْمِ كَالِيغُولَا.‏ وَلَا تَأْتِي ٱلْأَسْفَارُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ عَلَى ذِكْرِهِ.‏

      • كُلُودِيُوسُ ٱلْأَوَّلُ.‏ (‏٤١-‏٥٤ ب‌م)‏ يَذْكُرُهُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ بِٱلِٱسْمِ مَرَّتَيْنِ.‏ فَٱلْإِصْحَاحُ ١١ ٱلْعَدَدُ ٢٨ يُخْبِرُ عَنْ «مَجَاعَةٍ عَظِيمَةٍ» أَتَتْ «عَلَى ٱلْمَسْكُونَةِ كُلِّهَا .‏ .‏ .‏ فِي زَمَنِ كُلُودِيُوسَ»،‏ إِتْمَامًا لِكَلِمَاتِ ٱلنَّبِيِّ ٱلْمَسِيحِيِّ أَغَابُوسَ.‏ كَمَا نَقْرَأُ فِي ٱلْأَعْمَال ١٨:‏١،‏ ٢ أَنَّ «كُلُودِيُوسَ كَانَ قَدْ أَمَرَ كُلَّ ٱلْيَهُودِ أَنْ يَرْحَلُوا عَنْ رُومَا» وَفْقًا لِمَرْسُومٍ أَصْدَرَهُ عَامَ ٤٩ أَوْ أَوَائِلَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ ٱنْتَقَلَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا إِلَى كُورِنْثُوسَ حَيْثُ ٱلْتَقَيَا ٱلرَّسُولَ بُولُسَ.‏

      • نَيْرُونُ.‏ (‏٥٤-‏٦٨ ب‌م)‏ هُوَ ٱلْقَيْصَرُ ٱلَّذِي رَفَعَ بُولُسُ دَعْوَاهُ إِلَيْهِ.‏ (‏اع ٢٥:‏١١‏)‏ يُقَالُ إِنَّهُ ٱتَّهَمَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ بِٱلْحَرِيقِ ٱلَّذِي دَمَّرَ جُزْءًا كَبِيرًا مِنْ رُومَا نَحْوَ ٱلْعَامِ ٦٤ ب‌م.‏ بُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ أَيْ قُرَابَةَ ٱلسَّنَةِ ٦٥،‏ سُجِنَ بُولُسُ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ فِي رُومَا ثُمَّ أُعْدِمَ.‏

      ‏«كَانَ هٰؤُلَاءِ أَشْرَفَ خُلُقًا» (‏اعمال ١٧:‏١٠-‏١٥‏)‏

      ١٥ كَيْفَ تَجَاوَبَ أَهْلُ بِيرِيَةَ مَعَ ٱلْبِشَارَةِ؟‏

      ١٥ حِرْصًا عَلَى سَلَامَةِ بُولُسَ وَسِيلَا،‏ أَرْسَلَهُمَا ٱلْإِخْوَةُ إِلَى بِيرِيَةَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ ٦٥ كلم تَقْرِيبًا.‏ وَعِنْدَ وُصُولِهِمَا،‏ ذَهَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَجْمَعِ وَخَاطَبَ ٱلْحَاضِرِينَ هُنَاكَ.‏ وَكَمْ سَرَّهُ دُونَ شَكٍّ أَنْ يَخْطُبَ فِي حُضُورٍ مُتَعَطِّشٍ لِلْحَقِّ!‏ فَقَدْ ذَكَرَ لُوقَا أَنَّ يَهُودَ بِيرِيَةَ كَانُوا «أَشْرَفَ خُلُقًا مِنَ ٱلَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي،‏ لِأَنَّهُمْ قَبِلُوا ٱلْكَلِمَةَ بِرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ،‏ فَاحِصِينَ بِٱعْتِنَاءٍ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ يَوْمِيًّا هَلْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ هٰكَذَا».‏ (‏اع ١٧:‏١٠،‏ ١١‏)‏ وَلٰكِنْ هَلْ تَحُطُّ كَلِمَاتُهُ هٰذِهِ مِنْ شَأْنِ يَهُودِ تَسَالُونِيكِي ٱلَّذِينَ ٱعْتَنَقُوا ٱلْحَقَّ؟‏ إِطْلَاقًا!‏ فَقَدْ رَاسَلَهُمْ بُولُسُ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ قَائِلًا:‏ «نَحْنُ أَيْضًا نَشْكُرُ ٱللّٰهَ بِلَا ٱنْقِطَاعٍ،‏ لِأَنَّكُمْ لَمَّا تَسَلَّمْتُمْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا،‏ قَبِلْتُمُوهَا لَا كَكَلِمَةِ أُنَاسٍ،‏ بَلْ كَمَا هِيَ حَقًّا كَكَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي تَعْمَلُ أَيْضًا فِيكُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُؤْمِنِينَ».‏ (‏١ تس ٢:‏١٣‏)‏ فَلِمَ ٱلْقَوْلُ إِذًا إِنَّ يَهُودَ بِيرِيَةَ كَانُوا «أَشْرَفَ خُلُقًا»؟‏

      ١٦ لِمَ ٱسْتَحَقَّ أَهْلُ بِيرِيَةَ ٱلْمَدْحَ مِنْ لُوقَا؟‏

      ١٦ رَغْمَ أَنَّ أَهْلَ بِيرِيَةَ كَانُوا يَسْمَعُونَ مَعْلُومَاتٍ جَدِيدَةً،‏ لَمْ يَرْتَابُوا فِيهَا وَلَا بَالَغُوا فِي ٱنْتِقَادِهَا.‏ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ لَمْ يُقَابِلُوهَا بِسَذَاجَةٍ.‏ فَقَدْ أَصْغَوْا أَوَّلًا بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى بُولُسَ،‏ ثُمَّ تَحَقَّقُوا مِمَّا تَعَلَّمُوهُ بِٱلرُّجُوعِ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلَّتِي شَرَحَهَا لَهُمْ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّهُمُ ٱجْتَهَدُوا فِي دَرْسِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ كُلَّ يَوْمٍ،‏ لَا يَوْمَ ٱلسَّبْتِ فَقَطْ.‏ وَقَدِ ٱتَّخَذُوا كُلَّ هٰذِهِ ٱلْخُطُوَاتِ «بِرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ» بَاذِلِينَ غَايَةَ جُهْدِهِمْ فِي ٱلتَّنْقِيبِ عَنِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْمُخَبَّأَةِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ عَلَى ضَوْءِ مَا تَعَلَّمُوهُ حَدِيثًا.‏ وَفَوْقَ هٰذَا كُلِّهِ تَحَلَّوْا بِٱلتَّوَاضُعِ ٱللَّازِمِ لِصُنْعِ ٱلتَّغْيِيرَاتِ،‏ «فَصَارَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ مُؤْمِنِينَ».‏ (‏اع ١٧:‏١٢‏)‏ فَهَلْ مِنْ عَجَبٍ أَنْ يُشِيدَ لُوقَا بِذِكْرِهِمْ؟‏!‏

      ١٧ لِمَ مِثَالُ أَهْلِ بِيرِيَةَ جَدِيرٌ بِٱلِٱقْتِدَاءِ،‏ وَكَيْفَ نُوَاصِلَ ٱلتَّمَثُّلَ بِهِمْ بِصَرْفِ ٱلنَّظَرِ عَنْ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ ٱلَّتِي قَضَيْنَاهَا فِي ٱلْحَقِّ؟‏

      ١٧ لَمْ يَعْرِفْ أَهْلُ بِيرِيَةَ أَنَّ تَجَاوُبَهُمْ مَعَ ٱلْبِشَارَةِ سَيُحْفَظُ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَيَتَرَدَّدُ صَدَاهُ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا.‏ غَيْرَ أَنَّهُمْ حَقَّقُوا آمَالَ بُولُسَ وَفَعَلُوا بِٱلضَّبْطِ مَا يَطْلُبُهُ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ.‏ وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ نُشَجِّعُ نَحْنُ أَيْضًا ٱلنَّاسَ عَلَى تَفَحُّصِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِدِقَّةٍ،‏ فَيُبْنَى إِيمَانُهُمْ بِشَكْلٍ مَتِينٍ عَلَيْهِ.‏ وَلٰكِنْ هَلِ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِأَهْلِ بِيرِيَةَ ضَرُورِيٌّ فَقَطْ لِمَنْ يَدْرُسُونَ ٱلْحَقَّ؟‏ قَطْعًا لَا!‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ تَتَضَاعَفُ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ حَاجَتُنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنْ يَهْوَهَ بِرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ وَنُطَبِّقَ مَا نَتَعَلَّمُهُ دُونَمَا تَأْخِيرٍ.‏ وَهٰكَذَا نُتِيحُ لِأَنْفُسِنَا ٱلْفُرْصَةَ أَنْ يَصُوغَنَا يَهْوَهُ وَيُدَرِّبَنَا وَفْقَ مَشِيئَتِهِ.‏ (‏اش ٦٤:‏٨‏)‏ فَنَظَلُّ نَافِعِينَ لِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ وَمَرْضِيِّينَ جِدًّا أَمَامَهُ.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ لِمَ غَادَرَ بُولُسُ بِيرِيَةَ،‏ وَكَيْفَ أَعْرَبَ عَنْ مُثَابَرَةٍ جَدِيرَةٍ بِٱلِٱقْتِدَاءِ؟‏ (‏ب)‏ أَيْنَ كَرَزَ بُولُسُ تَالِيًا،‏ وَمِمَّنْ تَأَلَّفَ حُضُورُهُ؟‏

      ١٨ لَمْ يُطِلْ بُولُسُ ٱلْمُكُوثَ فِي بِيرِيَةَ.‏ نَقْرَأُ:‏ «حِينَ عَلِمَ ٱلْيَهُودُ ٱلَّذِينَ مِنْ تَسَالُونِيكِي أَنَّ بُولُسَ يُنَادِي بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ فِي بِيرِيَةَ أَيْضًا،‏ جَاءُوا إِلَى هُنَاكَ لِيُحَرِّضُوا ٱلْحُشُودَ وَيُهِيجُوهُمْ.‏ حِينَئِذٍ أَرْسَلَ ٱلْإِخْوَةُ بُولُسَ حَالًا لِيَذْهَبَ إِلَى ٱلْبَحْرِ،‏ أَمَّا سِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ فَبَقِيَا هُنَاكَ.‏ وَٱلَّذِينَ رَافَقُوا بُولُسَ أَتَوْا بِهِ إِلَى أَثِينَا،‏ ثُمَّ رَحَلُوا بَعْدَمَا أَخَذُوا وَصِيَّةً إِلَى سِيلَا وَتِيمُوثَاوُسَ بِأَنْ يَأْتِيَا إِلَيْهِ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ».‏ (‏اع ١٧:‏١٣-‏١٥‏)‏ لَمْ يَكْتَفِ يَهُودُ تَسَالُونِيكِي بِطَرْدِ بُولُسَ مِنْ مَدِينَتِهِمْ،‏ بَلْ سَافَرُوا إِلَى بِيرِيَةَ وَحَاوَلُوا أَنْ يُعِيدُوا ٱلْكَرَّةَ هُنَاكَ أَيْضًا.‏ حَقًّا،‏ عِنَادٌ مَا بَعْدَهُ عِنَادٌ!‏ لٰكِنَّ جُهُودَهُمْ كُلَّهَا ذَهَبَتْ هَبَاءً.‏ فَقَدْ عَرَفَ بُولُسُ أَنَّ مُقَاطَعَتَهُ شَاسِعَةٌ،‏ فَٱنْتَقَلَ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ لِلْكِرَازَةِ فِي بُقْعَةٍ أُخْرَى.‏ وَفِي ذٰلِكَ مِثَالٌ لَنَا.‏ فَلْنَعْقِدِ ٱلْعَزْمَ عَلَى إِحْبَاطِ أَيِّ مَسْعًى يَهْدِفُ إِلَى إِيقَافِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ!‏

      ١٩ لَا شَكَّ أَنَّ بُولُسَ تَعَلَّمَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ أَهَمِّيَّةِ ٱلْكِرَازَةِ بِجُرْأَةٍ وَٱلْمُحَاجَّةِ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بَعْدَمَا أَدَّى شَهَادَةً كَامِلَةً لِيَهُودِ تَسَالُونِيكِي وَبِيرِيَةَ.‏ وَنَحْنُ بِدَوْرِنَا ٱسْتَقَيْنَا دُرُوسًا قَيِّمَةً مِنْ تَفَحُّصِ هٰذِهِ ٱلْحَوَادِثِ.‏ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ كَانَ سَيُوَاجِهُ فِي مُقَاطَعَتِهِ ٱلتَّالِيَةِ حُضُورًا مُخْتَلِفًا كُلِّيًّا،‏ أَلَا وَهُوَ أُمَمِيُّو أَثِينَا.‏ فَمَاذَا جَرَى فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ؟‏ هٰذَا مَا يُنَاقِشُهُ ٱلْفَصْلُ ٱلتَّالِي.‏

      a وَفْقًا لِأَحَدِ ٱلْعُلَمَاءِ،‏ كَانَ هُنَاكَ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ مَرْسُومٌ أَصْدَرَهُ قَيْصَرُ يَمْنَعُ ٱلتَّنَبُّؤَ «بِقِيَامِ مَمْلَكَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ مَلِكٍ جَدِيدٍ،‏ وَخُصُوصًا فِي حَالِ قِيلَ إِنَّ هٰذَا ٱلْمَلِكَ سَيُحَاسِبُ ٱلْإِمْبَرَاطُورَ ٱلْحَالِيَّ أَوْ يَحِلُّ مَحَلَّهُ».‏ وَمِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ أَعْدَاءَ بُولُسَ شَوَّهُوا رِسَالَتَهُ وَصَوَّرُوهَا عَلَى أَنَّهَا ٱنْتِهَاكٌ لِهٰذَا ٱلْمَرْسُومِ.‏ اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلْقَيَاصِرَةُ فِي حِقْبَةِ أَعْمَالِ ٱلرُّسُلِ‏».‏

  • ‏‹اطلبوا اللّٰه فتجدوه›‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٨

      ‏‹اُطْلُبُوا ٱللّٰهَ فَتَجِدُوهُ›‏

      بُولُسُ يَتَكَيَّفُ مَعَ سَامِعِيهِ وَيَبْنِي عَلَى نِقَاطٍ مُشْتَرَكَةٍ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٧:‏١٦-‏٣٤

      ١-‏٣ (‏أ)‏ لِمَ ٱضْطَرَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ فِي أَثِينَا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي مِثَالِ بُولُسَ؟‏

      يَغْلِي ٱلدَّمُ فِي عُرُوقِ بُولُسَ.‏ إِنَّهُ ٱلْآنَ فِي مَدِينَةِ أَثِينَا ٱلْيُونَانِيَّةِ،‏ عَاصِمَةِ ٱلثَّقَافَةِ حَيْثُ حَاضَرَ قَبْلَ قُرُونٍ سُقْرَاطُ وَأَفْلَاطُونُ وَأَرِسْطُو.‏ لٰكِنَّ أَهْلَ أَثِينَا ٱلْمُتَدَيِّنِينَ أَغْرَقُوا ٱلْمَدِينَةَ بِتَمَاثِيلَ لآِلِهَةٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.‏ أَصْنَامٌ عَلَى أَصْنَامٍ تَمْلَأُ ٱلْهَيَاكِلَ وَٱلسَّاحَاتِ وَٱلشَّوَارِعَ!‏ يَعْرِفُ هٰذَا ٱلرَّسُولُ ٱلْأَمِينُ رَأْيَ يَهْوَهَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ فِي ٱلصَّنَمِيَّةِ،‏ فَكَيْفَ لَهُ أَنْ يُطِيقَ رُؤْيَتَهَا؟‏!‏ —‏ خر ٢٠:‏٤،‏ ٥‏.‏

      ٢ وَفَوْرَ دُخُولِ بُولُسَ سَاحَةَ ٱلسُّوقِ ٱلْمَلْأَى بِٱلْمَزَارَاتِ،‏ يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى مَنْظَرٍ تَقْشَعِرُّ لَهُ ٱلْأَبْدَانُ:‏ عَدَدٍ هَائِلٍ مِنْ تَمَاثِيلِ ٱلْإِلٰهِ هِرْمِسَ ٱلَّتِي تُبْرِزُ أَعْضَاءَهُ ٱلتَّنَاسُلِيَّةَ تَشْغَلُ ٱلنَّاحِيَةَ ٱلشَّمَالِيَّةَ ٱلْغَرْبِيَّةَ قُرْبَ ٱلْمَدْخَلِ ٱلرَّئِيسِيِّ!‏ فَكَيْفَ سَيُنَادِي ٱلرَّسُولُ ٱلْغَيُورُ بِٱلْبِشَارَةِ فِي جَوٍّ مُشْبَعٍ بِٱلصَّنَمِيَّةِ؟‏ هَلْ يَتَمَالَكُ نَفْسَهُ وَيَجِدُ قَوَاسِمَ مُشْتَرَكَةً مَعَ حُضُورِهِ؟‏ وَهَلْ يُوَفَّقُ فِي مُسَاعَدَةِ أَيٍّ مِنْهُمْ عَلَى طَلَبِ وَإِيجَادِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ؟‏

      ٣ إِنَّ خِطَابَ بُولُسَ أَمَامَ رِجَالِ أَثِينَا ٱلْمُثَقَّفِينَ كَمَا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي ٱلْأَعْمَال ١٧:‏٢٢-‏٣١ لَمِثَالٌ فِي ٱللَّبَاقَةِ وَٱلْفَصَاحَةِ وَحُسْنِ ٱلتَّمْيِيزِ.‏ وَبِٱلتَّمَعُّنِ فِيهِ نَسْتَقِي ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلدُّرُوسِ عَنْ إِيجَادِ أَرْضِيَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ مَعَ سَامِعِينَا وَمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى ٱلتَّحْلِيلِ مَنْطِقِيًّا.‏

      يُعَلِّمُ «فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ» (‏اعمال ١٧:‏١٦-‏٢١‏)‏

      ٤،‏ ٥ أَيْنَ بَشَّرَ بُولُسُ فِي أَثِينَا،‏ وَمَنْ ضَمَّ حُضُورُهُ؟‏

      ٤ زَارَ بُولُسُ أَثِينَا نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م خِلَالَ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ.‏a وَفِيمَا كَانَ مُنْتَظِرًا وُصُولَ سِيلَا وَتِيمُوثَاوُسَ مِنْ بِيرِيَةَ،‏ أَخَذَ ٱلرَّسُولُ كَعَادَتِهِ «يُحَاجُّ مَنْطِقِيًّا ٱلْيَهُودَ» فِي ٱلْمَجْمَعِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ حَاوَلَ أَيْضًا بُلُوغَ سُكَّانِ أَثِينَا غَيْرِ ٱلْيَهُودِ،‏ فَقَصَدَ «سَاحَةَ ٱلسُّوقِ» أَوِ ٱلْأَغُورَا.‏ (‏اع ١٧:‏١٧‏)‏ كَانَتِ ٱلْأَغُورَا تَقَعُ شَمَالَ غَرْبِ ٱلْأَكْرُوبُول،‏ وَقَدْ بَلَغَتْ مِسَاحَتُهَا حَوَالَيْ خَمْسِينَ أَلْفَ مِتْرٍ مُرَبَّعٍ.‏ وَلَمْ تَكُنْ هٰذِهِ مُجَرَّدَ رُقْعَةٍ مِنَ ٱلْأَرْضِ مُخَصَّصَةٍ لِعَمَلِيَّاتِ ٱلْبَيْعِ وَٱلشِّرَاءِ.‏ فَقَدْ كَانَتِ ٱلسَّاحَةَ ٱلْعَامَّةَ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ يَصِفُهَا أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ بِأَنَّهَا «قَلْبُ ٱلْمَدِينَةِ ٱلِٱقْتِصَادِيُّ وَٱلسِّيَاسِيُّ وَٱلثَّقَافِيُّ».‏ وَقَدْ سُرَّ ٱلْأَثِينِيُّونَ بِٱلِٱلْتِقَاءِ هُنَاكَ لِيَخُوضُوا فِي نِقَاشَاتٍ فِكْرِيَّةٍ.‏

      ٥ وَفِي هٰذِهِ ٱلسَّاحَةِ،‏ وَاجَهَ بُولُسُ حُضُورًا صَعْبًا.‏ فَمِنْ جُمْلَةِ سَامِعِيهِ كَانَ هُنَاكَ ٱلْأَبِيقُورِيُّونَ وَٱلرِّوَاقِيُّونَ ٱلَّذِينَ ٱنْتَمَوْا إِلَى مَدْرَسَتَيْنِ فَلْسَفِيَّتَيْنِ مُتَنَافِسَتَيْنِ.‏b اِعْتَقَدَ ٱلْأَبِيقُورِيُّونَ مِنْ جِهَتِهِمْ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ وُجِدَتْ بِٱلصُّدْفَةِ.‏ وَعُصَارَةُ فِكْرِهِمْ تُلَخَّصُ بِٱلْآتِي:‏ «لَا خَوْفَ مِنَ ٱللّٰهِ؛‏ لَا عَذَابَ بَعْدَ ٱلْمَوْتِ؛‏ اَلْخَيْرُ يُمْكِنُ إِدْرَاكُهُ؛‏ اَلشَّرُّ يُمْكِنُ تَحَمُّلُهُ».‏ أَمَّا ٱلرِّوَاقِيُّونَ فَشَدَّدُوا عَلَى ٱلْعَقْلِ وَٱلْمَنْطِقِ وَلَمْ يُؤْمِنُوا أَنَّ ٱللّٰهَ كَائِنٌ لَهُ شَخْصِيَّةٌ.‏ وَلٰكِنْ لَا ٱلْأَبِيقُورِيُّونَ وَلَا ٱلرِّوَاقِيُّونَ آمَنُوا بِٱلْقِيَامَةِ كَمَا عَلَّمَهَا تَلَامِيذُ ٱلْمَسِيحِ.‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ مَفَاهِيمَهُمُ ٱلْفَلْسَفِيَّةَ لَمْ تَتَوَافَقْ مَعَ ٱلْحَقَائِقِ ٱلسَّامِيَةِ ٱلَّتِي حَمَلَتْهَا ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْحَقَّةُ وَنَادَى بِهَا ٱلرَّسُولُ بُولُسُ.‏

      أَثِينَا:‏ عَاصِمَةُ ٱلثَّقَافَةِ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ

      كَانَ أَكْرُوبُول أَثِينَا فِي ٱلْأَصْلِ قَلْعَةً حَصِينَةً قَبْلَ وَقْتٍ طَوِيلٍ مِنْ بِدَايَةِ تَسْجِيلِ تَارِيخِ ٱلْمَدِينَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلسَّابِعِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ.‏ وَقَدْ أَصْبَحَتْ أَثِينَا ٱلْمَدِينَةَ ٱلرَّئِيسِيَّةَ فِي إِقْلِيمِ أَتِيكَا،‏ فَهَيْمَنَتْ عَلَى مِسَاحَةٍ تُقَارِبُ ٥٠٠‏,٢ كِيلُومِتْرٍ مُرَبَّعٍ يُحِيطُ بِهَا ٱلْبَحْرُ وَٱلْجِبَالُ.‏ أَمَّا ٱسْمُهَا فَيَبْدُو مُرْتَبِطًا بِٱلْإِلَاهَةِ أَثِينَا،‏ حَامِيَةِ ٱلْمَدِينَةِ.‏

      فِي ٱلْقَرْنِ ٱلسَّادِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ،‏ أَدْخَلَ مُشْتَرِعٌ أَثْينَوِيٌّ يُدْعَى صُولُون إِصْلَاحَاتٍ ٱجْتِمَاعِيَّةً وَسِيَاسِيَّةً وَقَضَائِيَّةً وَٱقْتِصَادِيَّةً فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ فَحَسَّنَ مُسْتَوَى مَعِيشَةِ ٱلْفُقَرَاءِ وَأَرْسَى حَجَرَ ٱلْأَسَاسِ لِنِظَامِ حُكْمٍ دِيمُوقْرَاطِيٍّ.‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلدِّيمُوقْرَاطِيَّةَ لَمْ تَشْمُلْ سِوَى ٱلْأَحْرَارِ فَقَطْ،‏ فِيمَا رَزَحَ قِسْمٌ كَبِيرٌ مِنَ ٱلسُّكَّانِ تَحْتَ نِيرِ ٱلْعُبُودِيَّةِ.‏

      عَقِبَ ٱلِٱنْتِصَارَاتِ ٱلْيُونَانِيَّةِ عَلَى ٱلْفُرْسِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ،‏ بَاتَتْ أَثِينَا عَاصِمَةَ إِمْبَرَاطُورِيَّةٍ صَغِيرَةٍ ٱمْتَدَّتْ تِجَارَتُهَا ٱلْبَحْرِيَّةُ مِنْ إِيطَالِيَا وَصِقِلِّيَةَ غَرْبًا حَتَّى قُبْرُصَ وَسُورِيَّةَ شَرْقًا.‏ وَفِي عَصْرِهَا ٱلذَّهَبِيِّ،‏ كَانَتِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَاصِمَةَ ٱلثَّقَافِيَّةَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ وَلَمَعَ نَجْمُهَا فِي ٱلْفُنُونِ وَٱلْمَسْرَحِ وَٱلْفَلْسَفَةِ وَٱلْخِطَابَةِ وَٱلْعُلُومِ وَٱلْكِتَابَةِ.‏ كَمَا زُيِّنَتْ بِٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلْهَيَاكِلِ وَٱلْمَبَانِي ٱلْعَامَّةِ.‏ أَمَّا أَوَّلُ مَا ٱسْتَأْثَرَ بِٱنْتِبَاهِ ٱلْقَادِمِينَ إِلَيْهَا فَكَانَ ٱلْأَكْرُوبُول،‏ تَلٌّ مَهِيبٌ ٱنْتَصَبُ فَوْقَهُ ٱلْبَارْثِينُونُ ٱلَّذِي ٱحْتَوَى تِمْثَالًا مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْعَاجِ لِلْإِلَاهَةِ أَثِينَا طُولُهُ ١٢ م.‏

      سَقَطَتْ أَثِينَا فِي يَدِ ٱلْإِسْبَارْطِيِّينَ ثُمَّ ٱلْمَقْدُونِيِّينَ وَأَخِيرًا ٱلرُّومَانِ ٱلَّذِينَ نَهَبُوا ثَرَوَاتِهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَتِ ٱلْمَدِينَةُ أَيَّامَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ لَا تَزَالُ تَتَمَتَّعُ بِمَكَانَةٍ خَاصَّةٍ بِفَضْلِ تَارِيخِهَا ٱلْعَرِيقِ.‏ حَتَّى إِنَّ رُومَا لَمْ تَضُمَّهَا قَطُّ إِلَى أَيٍّ مِنْ وِلَايَاتِهَا،‏ بَلْ أَعْفَتْهَا مِنَ ٱلضَّرَائِبِ وَأَعْطَتْهَا حَقَّ ٱلتَّشْرِيعِ.‏ وَمَعَ أَنَّ نَجْمَهَا كَانَ قَدْ خَبَا بِحُلُولِ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ،‏ ظَلَّتْ أَثِينَا مَدِينَةً جَامِعِيَّةً يَقْصِدُهَا أَبْنَاءُ ٱلْأَثْرِيَاءِ طَلَبًا لِلْعِلْمِ.‏

      ٦،‏ ٧ كَيْفَ قَابَلَ بَعْضُ ٱلْمُثَقَّفِينَ ٱلْيُونَانِيِّينَ تَعْلِيمَ بُولُسَ،‏ وَكَيْفَ نُوَاجِهُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ حَالَةً مُمَاثِلَةً؟‏

      ٦ فَكَيْفَ قَابَلَ ٱلْمُثَقَّفُونَ ٱلْيُونَانِيُّونَ تَعْلِيمَ بُولُسَ؟‏ لَقَدْ وَصَفَهُ ٱلْبَعْضُ بِأَنَّهُ «مِهْذَارٌ»،‏ مُسْتَعْمِلِينَ كَلِمَةً يُونَانِيَّةً تَعْنِي حَرْفِيًّا «مُلْتَقِطَ ٱلْحَبِّ».‏ (‏اع ١٧:‏١٨‏)‏ يُعَلِّقُ أَحَدُ ٱلْعُلَمَاءِ عَلَى هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةِ كَمَا يَلِي:‏ «قِيلَتْ مِنْ حَيْثُ ٱلْأَسَاسُ فِي وَصْفِ طَائِرٍ صَغِيرٍ يَتَنَقَّلُ مُلْتَقِطًا ٱلْحَبَّ.‏ ثُمَّ ٱسْتُخْدِمَتْ فِي وَصْفِ مَنْ يَلْتَقِطُونَ بَقَايَا ٱلطَّعَامِ وَٱلْفَضَلَاتِ مِنْ كُلِّ مَا هَبَّ وَدَبَّ فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ.‏ بَعْدَئِذٍ بَاتَتْ تُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى مَنْ يُجَمِّعُ ٱلْمَعْلُومَاتِ مِنْ هُنَا وَهُنَاكَ،‏ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ ٱلرَّبْطِ بَيْنَهَا مَنْطِقِيًّا».‏ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ زَعَمَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُثَقَّفُونَ أَنَّ بُولُسَ جَاهِلٌ مُتَّهِمِينَهُ بِسَرِقَةِ أَفْكَارِ ٱلْآخَرِينَ.‏ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ لَمْ يَأْبَهْ بِهٰذِهِ ٱلْإِهَانَاتِ كَمَا سَنَرَى تَالِيًا.‏

      ٧ أَلَا يُذَكِّرُنَا هٰذَا ٱلِٱخْتِبَارُ بِمَا يُوَاجِهُهُ شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ؟‏ فَغَالِبًا مَا يُقَالُ بِحَقِّنَا كَلَامٌ جَارِحٌ بِسَبَبِ مُعْتَقَدَاتِنَا ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ يُعَلِّمُ بَعْضُ ٱلْأَسَاتِذَةِ أَنَّ ٱلتَّطَوُّرَ وَاقِعٌ أَكِيدٌ.‏ فَيَفْرِضُونَ عَلَى كُلِّ «عَاقِلٍ» ٱلتَّسْلِيمَ بِهِ،‏ وَكَأَنَّهُمْ بِذٰلِكَ يَنْعَتُونَ بِٱلْجَهْلِ كُلَّ مَنْ يَرْفُضُ هٰذِهِ ٱلنَّظَرِيَّةَ.‏ وَيُحَاوِلُ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُثَقَّفُونَ أَنْ يَغْرِسُوا فِي عُقُولِ ٱلنَّاسِ أَنَّنَا ‹نَهْذِرُ› فِي كَلَامِنَا كُلَّمَا أَوْضَحْنَا مَاذَا يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ وَأَشَرْنَا إِلَى ٱلْأَدِلَّةِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ عَلَى وُجُودِ مُصَمِّمٍ.‏ أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَأْبَهُ بِذٰلِكَ أَلْبَتَّةَ!‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ نُدَافِعُ بِٱلْفَمِ ٱلْمَلْآنِ عَنْ إِيمَانِنَا بِأَنَّ ٱلْحَيَاةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ مِنْ تَصْمِيمِ خَالِقٍ ذَكِيٍّ،‏ هُوَ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ.‏ —‏ رؤ ٤:‏١١‏.‏

      ٨ (‏أ)‏ كَيْفَ نَظَرَ ٱلْبَعْضُ فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ إِلَى كِرَازَةِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا رُبَّمَا عَنَى ٱقْتِيَادُ بُولُسَ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ٨ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى بُولُسَ،‏ نَجِدُ ٱلْبَعْضَ ٱلْآخَرَ فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ يَنْظُرُونَ إِلَى كِرَازَتِهِ نَظْرَةً مُخْتَلِفَةً.‏ قَالُوا:‏ «يَبْدُو مُنَادِيًا بِمَعْبُودَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ».‏ (‏اع ١٧:‏١٨‏)‏ فَهَلْ نَادَى بُولُسُ حَقًّا لِلْأَثِينِيِّينَ بِآ‌لِهَةٍ جَدِيدَةٍ؟‏ مَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةُ لِتَمُرَّ مُرُورَ ٱلْكِرَامِ.‏ فَكَلِمَاتُهُمْ تُذَكِّرُ بِإِحْدَى ٱلتُّهَمِ ٱلَّتِي حُوكِمَ سُقْرَاط بِسَبَبِهَا قَبْلَ قُرُونٍ وَأُدِينَ بِٱلْمَوْتِ.‏ فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنِ ٱقْتِيدَ ٱلرَّسُولُ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَسِّرَ ٱلتَّعَالِيمَ ٱلْغَرِيبَةَ فِي نَظَرِ أَهْلِ أَثِينَا.‏c فَكَيْفَ سَيُدَافِعُ عَنْ رِسَالَتِهِ أَمَامَ أَشْخَاصٍ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ؟‏

      اَلْأَبِيقُورِيُّونَ وَٱلرِّوَاقِيُّونَ

      اِتَّبَعَ ٱلْأَبِيقُورِيُّونَ وَٱلرِّوَاقِيُّونَ مَدْرَسَتَيْنِ فَلْسَفِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا لَمْ يَكُونَا يُؤْمِنَانِ بِٱلْقِيَامَةِ.‏

      آمَنَ ٱلْأَبِيقُورِيُّونَ بِوُجُودِ آلِهَةٍ،‏ لٰكِنَّهُمُ ٱعْتَقَدُوا أَنَّهَا لَا تَحْفِلُ بِٱلْبَشَرِ؛‏ لَا تُكَافِئُهُمْ وَلَا تُعَاقِبُهُمْ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ لَمْ يَرَوْا دَاعِيًا إِلَى تَقْدِيمِ ٱلصَّلَوَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ.‏ وَقَدِ ٱعْتَقَدَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدْرَسَةُ أَنَّ ٱللَّذَّةَ هِيَ ٱلْخَيْرُ ٱلْأَسْمَى فِي ٱلْحَيَاةِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُمْ شَجَّعُوا عَلَى ٱلِٱعْتِدَالِ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ يُجَنِّبُ ٱلْمَرْءَ مَسَاوِئَ ٱلْإِسْرَافِ.‏ كَمَا أَنَّهُمْ طَلَبُوا ٱلْمَعْرِفَةَ عَلَى ٱعْتِبَارِ أَنَّهَا تُحَرِّرُ ٱلْإِنْسَانَ مِنَ ٱلْمُخَاوِفِ ٱلدِّينِيَّةِ وَٱلْخُرَافَاتِ.‏

      بِٱلْمُقَابِلِ،‏ آمَنَ ٱلرِّوَاقِيُّونَ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ جُزْءٌ مِنْ إِلٰهٍ مُجَرَّدٍ غَيْرِ مُجَسَّدٍ تَنْبَثِقُ مِنْهُ ٱلنَّفْسُ ٱلْبَشَرِيَّةُ.‏ وَٱعْتَقَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ٱلنَّفْسَ وَٱلْكَوْنَ يَنْحَلَّانِ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ.‏ أَمَّا ٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ فَظَنُّوا أَنَّ ٱلنَّفْسَ تَذُوبُ فِي ٱلذَّاتِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ.‏ وَوَفْقًا لِفَلَاسِفَتِهِمْ،‏ يُحَقِّقُ ٱلْبَشَرُ ٱلسَّعَادَةَ بِٱتِّبَاعِ ٱلطَّبِيعَةِ.‏

      ‏«يَا رِجَالَ أَثِينَا،‏ أَرَى أَنَّكُمْ .‏ .‏ .‏» (‏اعمال ١٧:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏

      ٩-‏١١ (‏أ)‏ كَيْفَ سَعَى بُولُسُ إِلَى إِيجَادِ قَوَاسِمَ مُشْتَرَكَةٍ مَعَ سَامِعِيهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَقْتَدِي بِبُولُسَ فِي كِرَازَتِنَا؟‏

      ٩ تَذَكَّرْ كَمِ ٱنْفَعَلَ بُولُسُ لِرُؤْيَةِ ٱلصَّنَمِيَّةِ ٱلْمُسْتَشْرِيَةِ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ لَمْ يَفْقِدْ أَعْصَابَهُ،‏ مُطْلِقًا حَمْلَةً شَعْوَاءَ عَلَى عِبَادَةِ ٱلْأَوْثَانِ،‏ بَلْ حَافَظَ عَلَى رِبَاطَةِ جَأْشِهِ.‏ فَحَاوَلَ بِمُنْتَهَى ٱللَّبَاقَةِ ٱسْتِمَالَةَ حُضُورِهِ بِإِيجَادِ قَوَاسِمَ مُشْتَرَكَةٍ تَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ.‏ فَٱسْتَهَلَّ خِطَابَهُ بِٱلْقَوْلِ:‏ «يَا رِجَالَ أَثِينَا،‏ أَرَى أَنَّكُمْ،‏ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ،‏ تَخَافُونَ ٱلْمَعْبُودَاتِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِكُمْ».‏ (‏اع ١٧:‏٢٢‏)‏ فَكَمَا لَوْ أَنَّهُ يَقُولُ:‏ ‹مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّكُمْ أَشْخَاصٌ مُتَدَيِّنُونَ›.‏ وَقَدْ أَصَابَ بُولُسُ فِي مَدْحِ سَامِعِيهِ عَلَى ٱهْتِمَامِهِمِ ٱلدِّينِيِّ.‏ فَهُوَ أَدْرَكَ أَنَّ بَعْضًا مِمَّنْ تُعْمِي ٱلْمُعْتَقَدَاتُ ٱلْبَاطِلَةُ بَصِيرَتَهُمْ يَمِيلُونَ فِي ٱلْوَاقِعِ إِلَى قُبُولِ ٱلْحَقِّ.‏ أَوَلَمْ يَكُنْ هُوَ نَفْسُهُ ذَاتَ يَوْمٍ «جَاهِلًا وَبِعَدَمِ إِيمَانٍ عَمِلَ»؟‏!‏ —‏ ١ تي ١:‏١٣‏.‏

      ١٠ وَلِيَبْنِيَ عَلَى أَرْضِيَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ،‏ قَالَ بُولُسُ إِنَّهُ شَاهَدَ دَلِيلًا مَلْمُوسًا عَلَى تَعَبُّدِ أَهْلِ أَثِينَا:‏ مَذْبَحًا مُكَرَّسًا «لِإِلٰهٍ مَجْهُولٍ».‏ بِحَسَبِ أَحَدِ ٱلْمَرَاجِعِ،‏ «كَانَ مِنْ عَادَةِ ٱلْيُونَانِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ تَكْرِيسُ مَذَابِحَ ‹لآِلِهَةٍ مَجْهُولَةٍ› خَشْيَةَ أَنْ يَغْفُلُوا عَنْ أَحَدِهَا،‏ فَيُثِيرُوا بِٱلتَّالِي غَضَبَهُ».‏ لِذٰلِكَ دَلَّ مَذْبَحٌ كَهٰذَا أَنَّ ٱلْأَثِينِيِّينَ يُقِرُّونَ بِوُجُودِ إِلٰهٍ يَجْهَلُونَهُ.‏ فَٱسْتَغَلَّ ٱلرَّسُولُ هٰذَا ٱلْمَذْبَحَ تَمْهِيدًا لِلْبِشَارَةِ ٱلَّتِي يَكْرِزُ بِهَا.‏ قَالَ:‏ «اَلَّذِي تَتَعَبَّدُونَ لَهُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَهُ،‏ هٰذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ».‏ (‏اع ١٧:‏٢٣‏)‏ لَقَدْ حَلَّلَ بُولُسُ ٱلْمَوْضُوعَ بِأُسْلُوبٍ دِبْلُومَاسِيٍّ مُقَدِّمًا فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ حُجَجًا مُقْنِعَةً.‏ فَهُوَ لَمْ يُنَادِ بِإِلٰهٍ جَدِيدٍ أَوْ غَرِيبٍ كَمَا زَعَمَ ٱلْبَعْضُ،‏ بَلْ كَشَفَ لَهُمْ عَنِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي لَا يَعْرِفُونَهُ.‏

      ١١ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِبُولُسَ فِي كِرَازَتِنَا؟‏ حِينَ نَكُونُ دَقِيقِي ٱلْمُلَاحَظَةِ،‏ قَدْ نَنْتَبِهُ إِلَى تَفَاصِيلَ مُعَيَّنَةٍ فِي هِنْدَامِ سَامِعِنَا أَوْ مَنْزِلِهِ تَكْشِفُ لَنَا أَنَّهُ مُتَدَيِّنٌ.‏ إِذَّاكَ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَسْتَهِلَّ ٱلْحَدِيثَ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةِ:‏ ‹مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّكَ شَخْصٌ مُتَدَيِّنٌ.‏ وَأَنَا أَرْغَبُ فِي ٱلتَّحَدُّثِ مَعَ أَشْخَاصٍ يَهْتَمُّونَ بِٱلدِّينِ مِثْلَكَ›.‏ فَعِنْدَمَا نَمْدَحُ سَامِعَنَا بِلَبَاقَةٍ عَلَى تَدَيُّنِهِ،‏ قَدْ نَجِدُ أَرْضِيَّةً مُشْتَرَكَةً يُمْكِنُنَا ٱلْبِنَاءُ عَلَيْهَا.‏ وَلٰكِنْ لِنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ هَدَفَنَا لَيْسَ ٱلْحُكْمَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِنَاءً عَلَى مُعْتَقَدَاتِهِمِ ٱلدِّينِيَّةِ.‏ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ آمَنُوا ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِمْ بِعَقَائِدَ دِينِيَّةٍ بَاطِلَةٍ،‏ لٰكِنَّهُمْ أَصْبَحُوا فِي مَا بَعْدُ إِخْوَةً لَنَا!‏

      شاب يدافع عن ايمانه بالخالق في الصف

      ابحث عن ارضية مشتركة وابنِ حديثك عليها

      اَللّٰهُ «لَيْسَ بَعِيدًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا» (‏اعمال ١٧:‏٢٤-‏٢٨‏)‏

      ١٢ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ كَيَّفَ بُولُسُ أُسْلُوبَهُ مِنْ أَجْلِ سَامِعِيهِ؟‏

      ١٢ وَجَدَ بُولُسُ قَاسِمًا مُشْتَرَكًا.‏ وَلٰكِنْ هَلْ يَنْجَحُ فِي إِبْقَاءِ ٱلْحَدِيثِ دَائِرًا فِي فَلَكِهِ؟‏ لَقَدْ أَدْرَكَ ٱلرَّسُولُ أَنَّ سَامِعِيهِ مُثَقَّفُونَ فِي ٱلْفَلْسَفَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ وَغَيْرُ مُطَّلِعِينَ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ فَكَيَّفَ أُسْلُوبَهُ عَلَى هٰذَا ٱلْأَسَاسِ.‏ أَوَّلًا،‏ قَدَّمَ حَقَائِقَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ دُونَ ٱلِٱقْتِبَاسِ مِنْهُ مُبَاشَرَةً.‏ ثَانِيًا،‏ ٱسْتَعْمَلَ ضَمِيرَ ٱلْمُتَكَلِّمِ ٱلْجَمْعَ لِلْإِيحَاءِ أَنَّهُ يَتَفَهَّمُ سَامِعِيهِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ.‏ ثَالِثًا،‏ ضَمَّنَ كَلَامَهُ ٱقْتِبَاسَاتٍ مِنَ ٱلْأَدَبِ ٱلْيُونَانِيِّ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ كِتَابَاتِهِمْ تَأْتِي عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ ٱلْأَفْكَارِ ٱلَّتِي يُنَادِي بِهَا.‏ فَلْنُفَنِّدْ فِي مَا يَلِي خِطَابَ بُولُسَ ٱلْمُقْنِعَ وَلْنَتَأَمَّلْ فِي مَا كَشَفَهُ مِنْ حَقَائِقَ مُهِمَّةٍ عَنِ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْهُ أَهْلُ أَثِينَا.‏

      ١٣ مَاذَا قَالَ بُولُسُ عَنْ نَشْأَةِ ٱلْكَوْنِ،‏ وَمَا فَحْوَى كَلِمَاتِهِ؟‏

      ١٣ اَللّٰهُ خَلَقَ ٱلْكَوْنَ.‏ قَالَ بُولُسُ:‏ «إِنَّ هٰذَا ٱلْإِلٰهَ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ،‏ إِذْ هُوَ رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ،‏ لَا يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مِنْ صُنْعِ ٱلْأَيْدِي».‏d (‏اع ١٧:‏٢٤‏)‏ فَٱلْكَوْنُ إِذًا لَيْسَ وَلِيدَ ٱلصُّدْفَةِ؛‏ اَلْإِلٰهُ ٱلْحَقُّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ (‏مز ١٤٦:‏٦‏)‏ وَخِلَافًا لِلْإِلَاهَةِ أَثِينَا وَسَائِرِ ٱلْمَعْبُودَاتِ ٱلَّتِي يَعْتَمِدُ مَجْدُهَا عَلَى ٱلْهَيَاكِلِ وَٱلْمَزَارَاتِ وَٱلْمَذَابِحِ،‏ فَإِنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْمُتَسَلِّطَ عَلَى ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ لَا تَسَعُهُ هَيَاكِلُ مِنْ صُنْعِ ٱلْبَشَرِ.‏ (‏١ مل ٨:‏٢٧‏)‏ وَعَلَيْهِ،‏ يَكُونُ فَحْوَى ٱلْكَلِمَاتِ وَاضِحًا لَا لُبْسَ فِيهِ:‏ اَلْإِلٰهُ ٱلْحَقُّ أَعْظَمُ مِنْ أَيَّةِ أَصْنَامٍ أَوْجَدَهَا ٱلْبَشَرُ وَأَسْكَنُوهَا هَيَاكِلَ مِنْ صُنْعِهِمْ.‏ —‏ اش ٤٠:‏١٨-‏٢٦‏.‏

      ١٤ كَيْفَ بَيَّنَ بُولُسُ أَنَّ ٱللّٰهَ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى ٱلْبَشَرِ؟‏

      ١٤ اَللّٰهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى ٱلْبَشَرِ.‏ اِعْتَادَ ٱلْوَثَنِيُّونَ أَنْ يُلْبِسُوا ٱلْأَصْنَامَ أَثْوَابًا غَالِيَةً أَوْ يُمْطِرُوهَا بِهَدَايَا نَفِيسَةٍ أَوْ يُقَدِّمُوا ٱلطَّعَامَ وَٱلشَّرَابَ إِلَيْهَا؛‏ كَمَا لَوْ أَنَّ أَوْثَانًا لَا حَيَاةَ فِيهَا بِحَاجَةٍ أَسَاسًا إِلَى عَطَايَا كَهٰذِهِ!‏ وَلٰكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ فِئَةً مِنَ ٱلْفَلَاسِفَةِ ٱلْيُونَانِيِّينَ بَيْنَ سَامِعِي بُولُسَ آمَنَتْ أَنَّ ٱلْآلِهَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ ٱلْبَشَرِ.‏ وَهٰؤُلَاءِ وَافَقُوا دُونَ شَكٍّ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ ٱللّٰهَ «لَا يُخْدَمُ بِأَيْدٍ بَشَرِيَّةٍ كَمَا لَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ».‏ فِعْلًا،‏ كَيْفَ لِلْبَشَرِ أَنْ يُقَدِّمُوا أَيَّ عَطِيَّةٍ مَادِّيَّةٍ لِخَالِقِ ٱلْكَوْنِ؟‏!‏ فَهُوَ مَنْ يَهَبُهُمْ كُلَّ حَاجَاتِهِمْ وَيُعْطِيهِمْ «حَيَاةً وَنَسَمَةً وَكُلَّ شَيْءٍ»،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْمَطَرُ وَٱلتُّرْبَةُ ٱلْخِصْبَةُ.‏ —‏ اع ١٧:‏٢٥؛‏ تك ٢:‏٧‏.‏

      ١٥ كَيْفَ قَارَبَ بُولُسُ ٱعْتِقَادَ ٱلْأَثِينِيِّينَ أَنَّهُمْ مُتَفَوِّقُونَ عَلَى غَيْرِ ٱلْيُونَانِيِّينَ،‏ وَأَيُّ دَرْسٍ قَيِّمٍ نَتَعَلَّمُهُ؟‏

      ١٥ اَللّٰهُ صَنَعَ ٱلْإِنْسَانَ.‏ اِعْتَقَدَ ٱلْأَثِينِيُّونَ أَنَّهُمْ مُتَفَوِّقُونَ عَلَى غَيْرِ ٱلْيُونَانِيِّينَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْعَصَبِيَّةَ ٱلْوَطَنِيَّةَ أَوِ ٱلْعِرْقِيَّةَ فِي وَادٍ وَحَقُّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي وَادٍ!‏ (‏تث ١٠:‏١٧‏)‏ لِذٰلِكَ قَارَبَ بُولُسُ هٰذِهِ ٱلنُّقْطَةَ ٱلْحَسَّاسَةَ بِلَبَاقَةٍ وَحَذَاقَةٍ.‏ فَقَالَ إِنَّ ٱللّٰهَ «صَنَعَ مِنْ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ ٱلنَّاسِ»،‏ مُشِيرًا إِلَى رِوَايَةِ ٱلتَّكْوِينِ عَنْ آدَمَ أَبِي ٱلْبَشَرِ.‏ (‏اع ١٧:‏٢٦؛‏ تك ١:‏٢٦-‏٢٨‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَلِمَاتِهِ حَمَلَتْ مُسْتَمِعِيهِ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ.‏ فَإِذَا كَانَ ٱلْبَشَرُ جَمِيعًا مُتَحَدِّرِينَ مِنْ سَلَفٍ وَاحِدٍ،‏ فَهَلْ يُعْقَلُ أَنْ تَتَفَوَّقَ عُرُوقٌ أَوْ جِنْسِيَّاتٌ عَلَى أُخْرَى؟‏!‏ كَانَ كَلَامُ بُولُسَ أَوْضَحَ مِنْ أَنْ يُوَضَّحَ.‏ وَفِي مِثَالِهِ دَرْسٌ قَيِّمٌ لَنَا.‏ فَنَحْنُ نَسْعَى أَنْ نَتَّصِفَ بِٱللَّبَاقَةِ أَثْنَاءَ كِرَازَتِنَا وَنُنَاقِشَ ٱلنَّاسَ مَنْطِقِيًّا،‏ لٰكِنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ لَا نُلَطِّفُ حَقَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ حَتَّى يَسْهُلَ عَلَيْهِمْ قُبُولُهُ.‏

      ١٦ مَا قَصْدُ ٱلْخَالِقِ لِلْبَشَرِ؟‏

      ١٦ اَللّٰهُ قَصَدَ أَنْ يَتَقَرَّبَ مِنْهُ ٱلْبَشَرُ.‏ لَطَالَمَا جَادَلَ ٱلْفَلَاسِفَةُ بَيْنَ حُضُورِ بُولُسَ حَوْلَ ٱلْهَدَفِ مِنَ ٱلْحَيَاةِ،‏ لٰكِنَّهُمْ بَقُوا عَاجِزِينَ عَنْ إِيجَادِ ٱلْجَوَابِ ٱلشَّافِي.‏ أَمَّا هُوَ فَكَشَفَ بِوُضُوحٍ قَصْدَ ٱلْخَالِقِ لِلْبَشَرِ،‏ قَائِلًا إِنَّهُمْ صُنِعُوا «لِكَيْ يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُونَهُ،‏ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بَعِيدًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا».‏ (‏اع ١٧:‏٢٧‏)‏ فَمَعْرِفَةُ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي يَجْهَلُهُ ٱلْأَثِينِيُّونَ لَيْسَتْ مُسْتَحِيلَةً.‏ فَهُوَ فِي ٱلْوَاقِعِ غَيْرُ بَعِيدٍ عَمَّنْ يَرْغَبُونَ حَقًّا فِي إِيجَادِهِ وَٱلتَّعَلُّمِ عَنْهُ.‏ (‏مز ١٤٥:‏١٨‏)‏ وَمِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ بُولُسَ ٱسْتَخْدَمَ ضَمِيرَ ٱلْمُتَكَلِّمِ ٱلْجَمْعَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ هُوَ أَيْضًا وَاحِدٌ مِمَّنْ عَلَيْهِمْ أَنْ «يَطْلُبُوا» ٱللّٰهَ ‹وَيَتَلَمَّسُوهُ›.‏

      ١٧،‏ ١٨ لِمَ مِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ يَنْجَذِبَ ٱلْبَشَرُ إِلَى ٱللّٰهِ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أُسْلُوبِ بُولُسَ فِي مُخَاطَبَةِ مُسْتَمِعِيهِ؟‏

      ١٧ مِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ يَنْجَذِبَ ٱلْبَشَرُ إِلَى ٱللّٰهِ.‏ ذَكَرَ بُولُسُ أَحَدَ ٱلْأَسْبَابِ لِذٰلِكَ،‏ قَائِلًا إِنَّنَا «نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» بِفَضْلِ ٱلْخَالِقِ.‏ وَوَفْقًا لِبَعْضِ ٱلْعُلَمَاءِ،‏ يَتَكَلَّمُ ٱلرَّسُولُ هُنَا تَلْمِيحًا عَنْ أَقْوَالِ إِبِيمِنِيدِيس،‏ شَاعِرٍ كِرِيتِيٍّ عَاشَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلسَّادِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ ٱعْتُبِرَ «شَخْصِيَّةً لَهَا مَكَانَتُهَا فِي ٱلتَّقْلِيدِ ٱلدِّينِيِّ ٱلْأَثِينَوِيِّ».‏ هٰذَا وَقَدْ أَوْرَدَ بُولُسُ سَبَبًا إِضَافِيًّا يَدْفَعُ ٱلْبَشَرَ إِلَى ٱلِٱقْتِرَابِ مِنَ ٱللّٰهِ.‏ ذَكَرَ:‏ «قَالَ بَعْضُ ٱلشُّعَرَاءِ بَيْنَكُمْ:‏ ‹لِأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ›».‏ (‏اع ١٧:‏٢٨‏)‏ عَلَى ضَوْءِ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ،‏ لَا عَجَبَ أَنْ نَشْعُرَ أَنَّنَا شَدِيدُو ٱلْقُرْبِ مِنَ ٱللّٰهِ.‏ فَهُوَ مَنْ خَلَقَ ٱلْإِنْسَانَ ٱلَّذِي تَتَحَدَّرُ مِنْهُ ٱلْبَشَرِيَّةُ جَمْعَاءُ.‏ وَمَرَّةً جَدِيدَةً،‏ ٱقْتَبَسَ ٱلرَّسُولُ كِتَابَاتٍ يُونَانِيَّةً لَا بُدَّ أَنَّ مُسْتَمِعِيهِ أَقَامُوا لَهَا وَزْنًا.‏e وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَتَشَبَّهُ بِبُولُسَ.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ نَقْتَبِسُ إِلَى ٱلْحَدِّ ٱلْمَعْقُولِ مِنَ ٱلتَّارِيخِ ٱلدُّنْيَوِيِّ وَٱلْمَوْسُوعَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْمَرَاجِعِ ٱلْمُحْتَرَمَةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ قَدْ يُسَاهِمُ ٱقْتِبَاسٌ مُنَاسِبٌ مِنْ مَرْجِعٍ مَقْبُولٍ فِي إِقْنَاعِ ٱلنَّاسِ بِأَصْلِ بَعْضِ ٱلْمُمَارَسَاتِ أَوِ ٱلِٱحْتِفَالَاتِ ٱلدِّينِيَّةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏

      ١٨ نَقَلَ بُولُسُ حَتَّى ٱلْآنَ حَقَائِقَ أَسَاسِيَّةً عَنِ ٱللّٰهِ،‏ مُكَيِّفًا كَلِمَاتِهِ بِمَهَارَةٍ لِتُلَائِمَ حُضُورَهُ.‏ وَلٰكِنْ مَا ٱلْمَطْلُوبُ مِنَ ٱلْأَثِينِيِّينَ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوا هٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلْمُهِمَّةَ؟‏ لِنَنْتَقِلْ إِلَى ٱلْجُزْءِ ٱلتَّالِي مِنَ ٱلْخِطَابِ وَنَكْتَشِفِ ٱلْجَوَابَ.‏

      ‏‹تُوبُوا جَمِيعًا› (‏اعمال ١٧:‏٢٩-‏٣١‏)‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كَيْفَ فَضَحَ بُولُسُ بِلَبَاقَةٍ حَمَاقَةَ تَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ لِأَوْثَانٍ مِنْ صُنْعِ ٱلْبَشَرِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ إِجْرَاءٍ وَجَبَ عَلَى ٱلْحَاضِرِينَ ٱتِّخَاذُهُ؟‏

      ١٩ حَانَ ٱلْوَقْتُ ٱلْآنَ لِيَحُثَّ بُولُسُ سَامِعِيهِ عَلَى ٱتِّخَاذِ مَوْقِفٍ مُحَدَّدٍ.‏ فَنَجِدُهُ يَبْنِي عَلَى مَا ٱقْتَبَسَهُ مِنَ ٱلْكِتَابَاتِ ٱلْيُونَانِيَّةِ وَيَقُولُ:‏ «فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ ٱللّٰهِ،‏ لَا يَجِبُ أَنْ نَظُنَّ أَنَّ ٱلذَّاتَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ شَبِيهَةٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرٍ،‏ بِمَنْحُوتَةٍ مِنْ فَنِّ ٱلْإِنْسَانِ وَٱخْتِرَاعِهِ».‏ (‏اع ١٧:‏٢٩‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ إِذَا كَانَ ٱلْبَشَرُ مِنْ صُنْعِ ٱللّٰهِ،‏ فَكَيْفَ يَتَّخِذُ ٱللّٰهُ شَكْلَ صَنَمٍ مِنْ صُنْعِ ٱلْبَشَرِ؟‏!‏ هٰكَذَا فَضَحَ بُولُسُ بِتَحْلِيلِهِ ٱلْمَنْطِقِيِّ وَٱللَّبِقِ حَمَاقَةَ تَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ لِأَوْثَانٍ صَنَعَتْهَا أَيْدٍ بَشَرِيَّةٌ.‏ (‏مز ١١٥:‏٤-‏٨؛‏ اش ٤٤:‏٩-‏٢٠‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ خَفَّفَ مِنْ وَطْأَةِ ٱنْتِقَادِهِ لَهُمْ حِينَ شَمَلَ نَفْسَهُ مَعَهُمْ بِٱلْقَوْلِ:‏ «لَا يَجِبُ أَنْ نَظُنَّ .‏ .‏ .‏».‏

      ٢٠ بَعْدَئِذٍ سَلَّطَ ٱلرَّسُولُ ٱلضَّوْءَ عَلَى ضَرُورَةِ ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ مُعَيَّنٍ.‏ شَرَحَ:‏ «قَدْ تَغَاضَى ٱللّٰهُ عَنْ أَزْمِنَةِ هٰذَا ٱلْجَهْلِ [اَلِٱعْتِقَادِ بِأَنَّ ٱللّٰهَ يَرْضَى عَمَّنْ يَعْبُدُونَ ٱلْأَصْنَامَ]،‏ لٰكِنَّهُ يَقُولُ ٱلْآنَ لِلنَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا جَمِيعًا».‏ (‏اع ١٧:‏٣٠‏)‏ لَرُبَّمَا نَزَلَ نِدَاءُ ٱلتَّوْبَةِ هٰذَا نُزُولَ ٱلصَّاعِقَةِ عَلَى بَعْضِ ٱلْحَاضِرِينَ.‏ غَيْرَ أَنَّ خِطَابَ بُولُسَ ٱلْمُفْحِمَ بَرْهَنَ أَنَّهُمْ يَدِينُونَ بِحَيَاتِهِمْ لِلّٰهِ،‏ وَهُمْ بِٱلتَّالِي مَسْؤُولُونَ أَمَامَهُ.‏ لِذٰلِكَ لَزِمَ أَنْ يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ،‏ يَتَعَلَّمُوا ٱلْحَقِيقَةَ عَنْهُ،‏ وَيُغَيِّرُوا حَيَاتَهُمْ بِرُمَّتِهَا وَفْقًا لَهَا.‏ وَبِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱلْأَثِينِيِّينَ،‏ عَنَى ذٰلِكَ أَنْ يُدْرِكُوا أَنَّ ٱلصَّنَمِيَّةَ مُمَارَسَةٌ خَاطِئَةٌ وَيَرْجِعُوا عَنْهَا.‏

      ٢١،‏ ٢٢ بِمَ خَتَمَ بُولُسُ خِطَابَهُ،‏ وَأَيَّ مَعَانٍ تَحْمِلُ كَلِمَاتُهُ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٢١ خَتَمَ بُولُسُ خِطَابَهُ بِكَلِمَاتٍ مُدَوِّيَةٍ:‏ «حَدَّدَ [ٱللّٰهُ] يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ ٱلْمَسْكُونَةَ بِٱلْبِرِّ بِرَجُلٍ قَدْ عَيَّنَهُ،‏ وَزَوَّدَ ضَمَانَةً لِلْجَمِيعِ إِذْ أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ».‏ (‏اع ١٧:‏٣١‏)‏ وَهَلْ مِنْ سَبَبٍ أَقْوَى مِنْ تَرَقُّبِ يَوْمٍ لِلدَّيْنُونَةِ حَتَّى يَنْدَفِعَ ٱلنَّاسُ إِلَى طَلَبِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ وَإِيجَادِهِ؟‏!‏ ثُمَّ إِنَّ بُولُسَ لَمْ يُسَمِّ ٱلدَّيَّانَ ٱلْمُعَيَّنَ،‏ بَلْ قَدَّمَ مَعْلُومَاتٍ تَدْعُو إِلَى ٱلْعَجَبِ:‏ إِنَّهُ رَجُلٌ عَاشَ وَمَاتَ ثُمَّ أَقَامَهُ ٱللّٰهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ!‏

      ٢٢ تَحْمِلُ لَنَا هٰذِهِ ٱلْخَاتِمَةُ ٱلْمُؤَثِّرَةُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَعَانِي.‏ فَنَحْنُ نَعْرِفُ أَنَّ ٱلدَّيَّانَ ٱلْمُعَيَّنَ مِنَ ٱللّٰهِ هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْمُقَامُ.‏ (‏يو ٥:‏٢٢‏)‏ كَمَا نُدْرِكُ أَنَّ يَوْمَ ٱلدَّيْنُونَةِ طُولُهُ أَلْفُ سَنَةٍ،‏ وَقَدْ بَاتَ قَرِيبًا عَلَى ٱلْأَبْوَابِ.‏ (‏رؤ ٢٠:‏٤،‏ ٦‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ نَحْنُ لَا نَخَافُهُ،‏ إِذْ نُدْرِكُ مَا يُخَبِّئُ مِنْ بَرَكَاتٍ جَزِيلَةٍ لِمَنْ يُدَانُونَ دَيْنُونَةً مُؤَاتِيَةً.‏ وَأَمَلُنَا بِهٰذَا ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلْمَجِيدِ مَدْعُومٌ بِضَمَانَةٍ.‏ أَيُّ ضَمَانَةٍ؟‏ إِنَّهَا أَعْظَمُ ٱلْعَجَائِبِ قَاطِبَةً:‏ قِيَامَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ!‏

      ‏«أُنَاسٌ .‏ .‏ .‏ صَارُوا مُؤْمِنِينَ» (‏اعمال ١٧:‏٣٢-‏٣٤‏)‏

      ٢٣ أَيُّ رُدُودِ فِعْلٍ مُتَفَاوِتَةٍ أَثَارَهَا خِطَابُ بُولُسَ؟‏

      ٢٣ أَثَارَ خِطَابُ بُولُسَ رُدُودَ فِعْلٍ مُتَفَاوِتَةً.‏ فَقَدِ «ٱبْتَدَأَ ٱلْبَعْضُ يَسْخَرُونَ» لَمَّا سَمِعُوا بِقِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ.‏ أَمَّا ٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ فَلَمْ يَتَصَرَّفُوا بِفَظَاظَةٍ،‏ وَلٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ لَمْ يُحَرِّكُوا سَاكِنًا،‏ إِذْ قَالُوا:‏ «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هٰذَا مَرَّةً أُخْرَى».‏ (‏اع ١٧:‏٣٢‏)‏ «غَيْرَ أَنَّ أُنَاسًا ٱنْضَمُّوا إِلَيْهِ وَصَارُوا مُؤْمِنِينَ،‏ وَمِنْهُمْ دِيُونِيسِيُوسُ،‏ قَاضٍ فِي مَحْكَمَةِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ،‏ وَٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا دَامَرِسُ،‏ وَآخَرُونَ مَعَهُمَا».‏ (‏اع ١٧:‏٣٤‏)‏ وَهٰذَا بِٱلضَّبْطِ مَا نُوَاجِهُهُ فِي كِرَازَتِنَا.‏ فَٱلْبَعْضُ يَهْزَأُونَ بِنَا،‏ فِيمَا يَتَبَنَّى ٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ مَوْقِفًا دِبْلُومَاسِيًّا.‏ وَلٰكِنْ كَمْ نُسَرُّ حِينَ يَقْبَلُ ٱلْبَعْضُ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ وَيَصِيرُونَ مُؤْمِنِينَ!‏

      ٢٤ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ خِطَابِ بُولُسَ ٱلَّذِي أَلْقَاهُ وَسَطَ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ؟‏

      ٢٤ يَزْخَرُ خِطَابُ بُولُسَ بِٱلدُّرُوسِ ٱلْقَيِّمَةِ.‏ فَهُوَ يُعَلِّمُنَا ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلتَّحْلِيلِ ٱلْمَنْطِقِيِّ وَٱلْمُنَاقَشَةِ ٱلْمُقْنِعَةِ وَٱلتَّكَيُّفِ مَعَ سَامِعِينَا.‏ وَيُسَاعِدُنَا أَيْضًا أَنْ نُدْرِكَ أَهَمِّيَّةَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ وَٱللَّبَاقَةِ مَعَ أَشْخَاصٍ تُعْمِي بَصِيرَتَهُمُ ٱلْمُعْتَقَدَاتُ ٱلدِّينِيَّةُ ٱلْبَاطِلَةُ.‏ كَمَا أَنَّهُ يُبْرِزُ دَرْسًا بَالِغَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ،‏ إِذْ يَحُثُّنَا أَلَّا نُلَطِّفَ أَبَدًا حَقَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِمُجَرَّدِ إِرْضَاءِ مُسْتَمِعِينَا.‏ وَحِينَ نَقْتَدِي بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ تَزْدَادُ فَعَّالِيَّتُنَا كَمُعَلِّمِينَ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ.‏ أَمَّا ٱلنُّظَّارُ فَيُصْبِحُونَ مُعَلِّمِينَ أَكْثَرَ كَفَاءَةً فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ بِٱلنَّتِيجَةِ،‏ نَصِيرُ جَمِيعُنَا مُجَهَّزِينَ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ لِنُسَاعِدَ ٱلْآخَرِينَ أَنْ ‹يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ فَيَجِدُوهُ›.‏ —‏ اع ١٧:‏٢٧‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏أَثِينَا:‏ عَاصِمَةُ ٱلثَّقَافَةِ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ‏».‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلْأَبِيقُورِيُّونَ وَٱلرِّوَاقِيُّونَ‏».‏

      c كَانَ أَرِيُوسُ بَاغُوسُ،‏ تَلٌّ وَاقِعٌ شَمَالَ غَرْبِ ٱلْأَكْرُوبُولَ،‏ ٱلْمُلْتَقَى ٱلتَّقْلِيدِيَّ لِلْمَجْلِسِ ٱلْأَعْلَى فِي أَثِينَا.‏ لٰكِنَّ عِبَارَةَ «أَرِيُوسَ بَاغُوسَ» كَانَتْ تُشِيرُ إِمَّا إِلَى ٱلْمَجْلِسِ أَوْ إِلَى ٱلتَّلِّ نَفْسِهِ.‏ لِذٰلِكَ يَعْتَقِدُ بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ أَنَّ بُولُسَ ٱقْتِيدَ إِلَى هٰذَا ٱلتَّلِّ أَوْ جِوَارِهِ،‏ فِيمَا يَظُنُّ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ سِيقَ إِلَى مَكَانِ ٱنْعِقَادِ ٱلْمَجْلِسِ فِي مَوْقِعٍ آخَرَ،‏ كَٱلْأَغُورَا مَثَلًا.‏

      d إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «عَالَمٍ» هِيَ كوسموس ٱلَّتِي ٱسْتَخْدَمَهَا ٱلْيُونَانُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى ٱلْكَوْنِ ٱلْمَادِّيِّ.‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ ٱسْتَعْمَلَهَا بِهٰذَا ٱلْمَعْنَى فِي مُحَاوَلَةٍ لِلتَّرْكِيزِ عَلَى ٱلنِّقَاطِ ٱلْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُضُورِهِ ٱلْيُونَانِيِّ.‏

      e اِقْتَبَسَ بُولُسُ مِنَ ٱلْقَصِيدَةِ ٱلْفَلَكِيَّةِ فِينُومِينَا لِلشَّاعِرِ ٱلرِّوَاقِيِّ أَرَاتُوس.‏ وَقَدْ وَرَدَتْ كَلِمَاتٌ مُشَابِهَةٌ فِي مُؤَلَّفَاتٍ يُونَانِيَّةٍ أُخْرَى مِثْلِ نَشِيدٌ لِزِيُوس لِلْكَاتِبِ ٱلرِّوَاقِيِّ كِلِيَانْتِيس.‏

  • ‏«واظب على التكلم ولا تسكت»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٩

      ‏«وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ»‏

      بُولُسُ يَعْمَلُ لِإِعَالَةِ نَفْسِهِ لٰكِنَّهُ يُعْطِي ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِخِدْمَتِهِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٨:‏١-‏٢٢

      ١-‏٣ لِمَ قَصَدَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مَدِينَةَ كُورِنْثُوسَ،‏ وَأَيَّ تَحَدِّيَيْنِ وَاجَهَ هُنَاكَ؟‏

      إِنَّهُ خَرِيفُ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م.‏ يَصِلُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ إِلَى كُورِنْثُوسَ،‏ مَدِينَةٍ تِجَارِيَّةٍ مُزْدَهِرَةٍ تُقِيمُ فِيهَا أَعْدَادٌ كَبِيرَةٌ مِنَ ٱلْيُونَانِ وَٱلرُّومَانِ وَٱلْيَهُودِ.‏a لٰكِنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا بَحْثًا عَنْ عَمَلٍ أَوْ سَعْيًا وَرَاءَ صَفْقَةٍ تِجَارِيَّةٍ.‏ فَهَدَفُ زِيَارَتِهِ أَسْمَى بِأَشْوَاطٍ:‏ تَأْدِيَةُ ٱلشَّهَادَةِ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ بِحَاجَةٍ إِلَى مَكَانٍ يَنْزِلُ فِيهِ،‏ وَهُوَ مُصَمِّمٌ أَلَّا يُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ وَيُعْطِيَ ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّهُ يَتَكَسَّبُ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.‏ فَمَا عَسَاهُ يَفْعَلُ؟‏

      ٢ كَانَ بُولُسُ مُتَمَرِّسًا بِصِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ.‏ حِرْفَتُهُ هٰذِهِ شَاقَّةٌ،‏ لٰكِنَّهُ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا كَيْ يُعِيلَ نَفْسَهُ.‏ فَهَلْ يَسْتَطِيعُ مُزَاوَلَةَ مِهْنَتِهِ فِي مَدِينَةِ كُورِنْثُوسَ ٱلْمُزْدَحِمَةِ؟‏ وَهَلْ يَهْتَدِي إِلَى مَكَانٍ مُلَائِمٍ لِلسَّكَنِ؟‏ حَتَّى فِي وَجْهِ تَحَدِّيَاتٍ كَهٰذِهِ،‏ لَا يُحَوِّلُ ٱلرَّسُولُ بَصَرَهُ عَنْ عَمَلِهِ ٱلْأَهَمِّ،‏ أَلَا وَهُوَ ٱلْمُنَادَاةُ بِٱلْبِشَارَةِ.‏

      ٣ بِٱلنَّتِيجَةِ،‏ يَبْقَى بُولُسُ فِي كُورِنْثُوسَ بَعْضَ ٱلْوَقْتِ وَيَجْنِي ثَمَرًا جَزِيلًا مِنْ خِدْمَتِهِ.‏ فَأَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَقِيهَا مِنْ نَشَاطَاتِ ٱلرَّسُولِ تُسَاعِدُنَا عَلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ فِي مُقَاطَعَتِنَا؟‏

      كُورِنْثُوسُ:‏ سَيِّدَةُ ٱلْبَحْرَيْنِ

      كَانَتْ مَدِينَةُ كُورِنْثُوسَ ٱلْقَدِيمَةُ تَقَعُ عَلَى بَرْزَخٍ يَصِلُ بَيْنَ ٱلْبَرِّ ٱلْيُونَانِيِّ ٱلرَّئِيسِيِّ وَشِبْهِ جَزِيرَةِ ٱلْبِيلُوبُونِيز إِلَى ٱلْجَنُوبِ.‏ وَبَلَغَ عَرْضُ ٱلْبَرْزَخِ عِنْدَ أَضْيَقِ نُقْطَةٍ ٦ كلم تَقْرِيبًا.‏ لِذٰلِكَ كَانَ لِكُورِنْثُوسَ مَرْفَآ‌نِ عَلَى جَانِبَيْهِ.‏ أَوَّلُهُمَا عَلَى خَلِيجِ كُورِنْثُوسَ وَهُوَ مَرْفَأُ لِيخِيُومَ ٱلَّذِي خَدَمَ ٱلْخُطُوطَ ٱلْبَحْرِيَّةَ ٱلْمُتَّجِهَةَ غَرْبًا نَحْوَ إِيطَالِيَا وَصِقِلِّيَةَ وَإِسْبَانِيَا؛‏ وَثَانِيهِمَا عَلَى خَلِيجِ سَارُونِيك وَيُدْعَى مَرْفَأَ كَنْخَرِيَا حَيْثُ تَوَقَّفَتِ ٱلسُّفُنُ ٱلْمُبْحِرَةُ مِنْ وَإِلَى مِنْطَقَةِ بَحْرِ إِيجَه وَآسِيَا ٱلصُّغْرَى وَسُورِيَّةَ وَمِصْرَ.‏

      كَانَ ٱلْإِبْحَارُ قُرْبَ ٱلرُّؤُوسِ عِنْدَ ٱلطَّرَفِ ٱلْجَنُوبِيِّ مِنْ شِبْهِ جَزِيرَةِ ٱلْبِيلُوبُونِيز خَطِرًا بِسَبَبِ سُوءِ ٱلْأَحْوَالِ ٱلْجَوِّيَّةِ هُنَاكَ.‏ لِذٰلِكَ غَالِبًا مَا ٱخْتَارَ ٱلْمَلَّاحُونَ إِرْسَاءَ ٱلسُّفُنِ فِي أَحَدِ مَرْفَأَيْ كُورِنْثُوسَ،‏ ثُمَّ نَقْلَ ٱلْحُمُولَةِ بَرًّا وَتَحْمِيلَهَا مُجَدَّدًا فِي ٱلْمَرْفَإِ ٱلْآخَرِ عَلَى ٱلْجِهَةِ ٱلْمُقَابِلَةِ.‏ أَمَّا ٱلسُّفُنُ ٱلصَّغِيرَةُ فَكَانَتْ تُوضَعُ عَلَى مِنَصَّةٍ بِدَوَالِيبَ وَتُجَرُّ عَبْرَ ٱلْبَرْزَخِ عَلَى سِكَّةٍ فَوْقَ طَرِيقٍ مَرْصُوفٍ.‏ وَهٰكَذَا هَيْمَنَتْ كُورِنْثُوسُ بِفَضْلِ مَوْقِعِهَا ٱلْإِسْتِرَاتِيجِيِّ عَلَى حَرَكَةِ ٱلتِّجَارَةِ بَيْنَ ٱلشَّرْقِ وَٱلْغَرْبِ بَحْرًا وَٱلشَّمَالِ وَٱلْجَنُوبِ بَرًّا.‏ بِٱلنَّتِيجَةِ،‏ تَمَتَّعَتِ ٱلْمَدِينَةُ بِغِنًى عَظِيمٍ.‏ لٰكِنَّ ٱلْحَرَكَةَ ٱلتِّجَارِيَّةَ ٱلنَّاشِطَةَ حَمَلَتْ إِلَيْهَا أَيْضًا ٱلْفَسَادَ ٱلْمُسْتَشْرِيَ عَادَةً فِي ٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلْمَرَافِئِ.‏

      كَانَتْ كُورِنْثُوسُ أَيَّامَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ عَاصِمَةَ وِلَايَةِ أَخَائِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ وَمَرْكَزًا إِدَارِيًّا مُهِمًّا.‏ وَقَدْ تَمَيَّزَتْ بِتَعَدُّدِيَّةٍ دِينِيَّةٍ يَشْهَدُ عَلَيْهَا وُجُودُ هَيْكَلٍ لِعِبَادَةِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ،‏ مَزَارَاتٍ وَهَيَاكِلَ مُكَرَّسَةٍ لآِلِهَةٍ يُونَانِيَّةٍ وَمِصْرِيَّةٍ عَدِيدَةٍ،‏ فَضْلًا عَنْ مَجْمَعٍ لِلْيَهُودِ.‏ —‏ اع ١٨:‏٤‏.‏

      وَعَلَى بَرْزَخِ كُورِنْثُوسَ أُقِيمَتْ كُلَّ سَنَتَيْنِ مُبَارَيَاتٌ رِيَاضِيَّةٌ كَانَتِ ٱلثَّانِيَةَ مِنْ حَيْثُ ٱلْأَهَمِّيَّةُ بَعْدَ ٱلْأَلْعَابِ ٱلْأُولَمْبِيَّةِ.‏ وَمِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ كَانَ مَوْجُودًا فِي ٱلْمَدِينَةِ خِلَالَ دَوْرَةِ ٱلْعَامِ ٥١ ب‌م.‏ لِذٰلِكَ يُعَلِّقُ أَحَدُ قَوَامِيسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ قَائِلًا:‏ «لَيْسَ مِنْ بَابِ ٱلصُّدْفَةِ أَنِ ٱسْتَخْدَمَ بُولُسُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى صُوَرًا بَيَانِيَّةً مُسْتَوْحَاةً مِنَ ٱلْأَلْعَابِ ٱلرِّيَاضِيَّةِ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ».‏ —‏ ١ كو ٩:‏٢٤-‏٢٧‏.‏

      ‏«كَانَا صَانِعَيْ خِيَامٍ» (‏اعمال ١٨:‏١-‏٤‏)‏

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ أَيْنَ مَكَثَ بُولُسُ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ،‏ وَأَيَّ عَمَلٍ دُنْيَوِيٍّ زَاوَلَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ تَعَلَّمَ بُولُسُ صُنْعَ ٱلْخِيَامِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ؟‏

      ٤ بَعْدَ وُصُولِ بُولُسَ إِلَى كُورِنْثُوسَ،‏ ٱلْتَقَى يَهُودِيًّا يُدْعَى أَكِيلَا وَزَوْجَتَهُ بِرِيسْكِلَّا،‏ أَوْ بِرِيسْكَا.‏ وَكَانَ هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْمِضْيَافَانِ قَدِ ٱسْتَقَرَّا فِي كُورِنْثُوسَ بِسَبَبِ مَرْسُومٍ أَصْدَرَهُ ٱلْإِمْبَرَاطُورُ كُلُودِيُوسُ أَمَرَ فِيهِ «كُلَّ ٱلْيَهُودِ أَنْ يَرْحَلُوا عَنْ رُومَا».‏ (‏اع ١٨:‏١،‏ ٢‏)‏ فَعَرَضَا عَلَى بُولُسَ ٱلْمُكُوثَ فِي بَيْتِهِمَا وَمُشَارَكَتَهُمَا ٱلْعَمَلَ أَيْضًا.‏ نَقْرَأُ:‏ «لِكَوْنِهِ مِنْ صَنْعَتِهِمَا مَكَثَ فِي بَيْتِهِمَا وَعَمِلَ مَعَهُمَا،‏ لِأَنَّهُمَا فِي صَنْعَتِهِمَا كَانَا صَانِعَيْ خِيَامٍ».‏ (‏اع ١٨:‏٣‏)‏ فَأَصْبَحَ مَنْزِلُهُمَا مَحَلَّ إِقَامَةِ ٱلرَّسُولِ طِيلَةَ فَتْرَةِ خِدْمَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ.‏ وَلَرُبَّمَا كَتَبَ وَهُوَ فِي ضِيَافَتِهِمَا بَعْضَ رَسَائِلِهِ ٱلَّتِي أُدْرِجَتْ فِي مَا بَعْدُ فِي قَانُونِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏b

      ٥ وَلٰكِنْ لَعَلَّكَ تَتَسَاءَلُ:‏ ‹كَيْفَ لِرَجُلٍ مِثْلِ بُولُسَ تَثَقَّفَ «عِنْدَ قَدَمَيْ غَمَالَائِيلَ» أَنْ يَكُونَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ صَانِعَ خِيَامٍ؟‏›.‏ (‏اع ٢٢:‏٣‏)‏ عَلَى مَا يَبْدُو،‏ لَمْ يَنْظُرْ يَهُودُ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ نَظْرَةً دُونِيَّةً إِلَى تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ صَنْعَةً مَا،‏ وَلَوْ حَصَّلَ بَنُوهُمْ تَعْلِيمًا عَالِيًا.‏ وَبُولُسُ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ مَدِينَةِ طَرْسُوسَ فِي كِيلِيكِيَةَ،‏ مِنْطَقَةٍ ٱشْتُهِرَتْ بِإِنْتَاجِ قُمَاشٍ ٱسْمُهُ كِيلِيكِيُومُ ٱسْتُخْدِمَ فِي صِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ.‏ لِذٰلِكَ يُرَجَّحُ أَنَّهُ تَعَلَّمَ هٰذِهِ ٱلصَّنْعَةَ فِي صِغَرِهِ.‏ وَعَلَامَ ٱشْتَمَلَتْ؟‏ كَانَ ٱلصَّانِعُ يَنْسِجُ ٱلْأَقْمِشَةَ أَوْ يُفَصِّلُ وَيَخِيطُ ٱلْأَنْسِجَةَ ٱلْخَشِنَةَ وَٱلْقَاسِيَةَ.‏ وَفِي مُطْلَقِ ٱلْأَحْوَالِ،‏ تَطَلَّبَتْ هٰذِهِ ٱلْمِهْنَةُ جُهْدًا وَعَنَاءً كَبِيرَيْنِ.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ كَيْفَ نَظَرَ بُولُسُ إِلَى صِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ،‏ وَمَاذَا يَدُلُّ أَنَّ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا شَاطَرَاهُ نَظْرَتَهُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ وَأَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا؟‏

      ٦ لَمْ يَعْتَبِرْ بُولُسُ صُنْعَ ٱلْخِيَامِ شُغْلَهُ ٱلشَّاغِلَ،‏ أَوْ عَمَلَهُ ٱلرَّئِيسِيَّ.‏ فَقَدِ ٱمْتَهَنَ هٰذِهِ ٱلْحِرْفَةَ لِمُجَرَّدِ إِعَالَةِ نَفْسِهِ فِيمَا يُنَادِي بِٱلْبِشَارَةِ «بِغَيْرِ كُلْفَةٍ».‏ (‏٢ كو ١١:‏٧‏)‏ وَمَاذَا عَنْ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا؟‏ كَيْفَ نَظَرَا إِلَى صَنْعَتِهِمَا؟‏ لَا رَيْبَ أَنَّ شَخْصَيْنِ مَسِيحِيَّيْنِ مِثْلَهُمَا شَاطَرَا بُولُسَ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلْعَمَلِ ٱلدُّنْيَوِيِّ.‏ فَحِينَ غَادَرَ ٱلرَّسُولُ كُورِنْثُوسَ عَامَ ٥٢ ب‌م،‏ وَضَّبَا أَمْتِعَتَهُمَا وَلَحِقَا بِهِ إِلَى أَفَسُسَ حَيْثُ عَقَدَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ فِي مَنْزِلِهِمَا.‏ (‏١ كو ١٦:‏١٩‏)‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ عَادَا إِلَى رُومَا ثُمَّ إِلَى أَفَسُسَ ثَانِيَةً.‏ حَقًّا لَقَدْ وَضَعَ هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْغَيُورَانِ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا وَبَذَلَا أَنْفُسَهُمَا طَوْعًا فِي خِدْمَةِ ٱلْآخَرِينَ،‏ فَٱسْتَحَقَّا ٱمْتِنَانَ «جَمِيعِ جَمَاعَاتِ ٱلْأُمَمِ».‏ —‏ رو ١٦:‏٣-‏٥؛‏ ٢ تي ٤:‏١٩‏.‏

      ٧ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ وَأَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا.‏ فَيَجْتَهِدُ ٱلْخُدَّامُ ٱلْغَيُورُونَ كَيْ لَا يَضَعُوا «عِبْئًا مُكَلِّفًا عَلَى أَحَدٍ».‏ (‏١ تس ٢:‏٩‏)‏ مَثَلًا،‏ إِنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلْمُبَشِّرِينَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ يَعْمَلُونَ إِمَّا بِدَوَامٍ جُزْئِيٍّ أَوْ شُهُورًا قَلِيلَةً فِي ٱلسَّنَةِ كَيْ يُعِيلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي عَمَلِهِمِ ٱلرَّئِيسِيِّ،‏ أَيِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ أَوَلَا يَسْتَحِقُّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلْمَدْحَ؟‏!‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ يَفْتَحُ مَسِيحِيُّونَ مِضْيَافُونَ كَثِيرُونَ بُيُوتَهُمْ لِلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ عَلَى غِرَارِ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا.‏ وَبِٱتِّبَاعِهِمْ «مَسْلَكَ ٱلضِّيَافَةِ»،‏ يَتَشَجَّعُونَ وَيَتَشَدَّدُونَ لِلْغَايَةِ.‏ —‏ رو ١٢:‏١٣‏.‏

      رَسَائِلُ مُلْهَمَةٌ تَمُدُّ ٱلْإِخْوَةَ بِٱلتَّشْجِيعِ

      خِلَالَ ٱلسَّنَةِ وَنِصْفِ ٱلسَّنَةِ ٱلَّتِي قَضَاهَا بُولُسُ فِي كُورِنْثُوسَ (‏نَحْوَ ٥٠-‏٥٢ ب‌م)‏،‏ كَتَبَ عَلَى ٱلْأَقَلِّ رِسَالَتَيْنِ أَصْبَحَتَا فِي مَا بَعْدُ جُزْءًا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ،‏ هُمَا ٱلرِّسَالَتَانِ ٱلْأُولَى وَٱلثَّانِيَةُ إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي.‏ وَيُعْتَقَدُ أَيْضًا أَنَّهُ كَتَبَ فِي ٱلْفَتْرَةِ نَفْسِهَا أَوْ بَعْدَ ذٰلِكَ بِوَقْتٍ قَصِيرٍ رِسَالَتَهُ إِلَى أَهْلِ غَلَاطِيَةَ.‏

      تَسَالُونِيكِي ٱلْأُولَى.‏ هِيَ أَوَّلُ رِسَالَةٍ مُلْهَمَةٍ يَخُطُّهَا بُولُسُ.‏ كَانَ ٱلرَّسُولُ قَدْ زَارَ مَدِينَةَ تَسَالُونِيكِي نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م خِلَالَ رِحْلَتِهِ ٱلتَّبْشِيرِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ.‏ وَلٰكِنْ سُرْعَانَ مَا ضَيَّقَ ٱلْمُقَاوِمُونَ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمُشَكَّلَةِ حَدِيثًا هُنَاكَ،‏ مِمَّا أَجْبَرَ بُولُسَ وَسِيلَا عَلَى مُغَادَرَةِ ٱلْمَدِينَةِ.‏ (‏اع ١٧:‏١-‏١٠،‏ ١٣‏)‏ وَحِرْصًا عَلَى خَيْرِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْفَتِيَّةِ،‏ حَاوَلَ ٱلرَّسُولُ مَرَّتَيْنِ ٱلْعَوْدَةَ إِلَيْهَا،‏ ‹لٰكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱعْتَرَضَ سَبِيلَهُ›.‏ عِنْدَئِذٍ أَوْفَدَ تِيمُوثَاوُسَ لِتَعْزِيَةِ ٱلْإِخْوَةِ وَتَقْوِيَتِهِمْ.‏ وَعَلَى ٱلْأَغْلَبِ،‏ ٱنْضَمَّ إِلَيْهِ هٰذَا ٱلشَّابُّ مُجَدَّدًا فِي كُورِنْثُوسَ أَوَاخِرَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م،‏ حَامِلًا أَنْبَاءً مُطَمْئِنَةً عَنْ أَهْلِ تَسَالُونِيكِي.‏ بُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ كَتَبَ بُولُسُ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْمُلْهَمَةَ.‏ —‏ ١ تس ٢:‏١٧–‏٣:‏٧‏.‏

      تَسَالُونِيكِي ٱلثَّانِيَةُ.‏ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ لَمْ يَفْصِلْ وَقْتٌ طَوِيلٌ بَيْنَ كِتَابَةِ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ وَسَابِقَتِهَا،‏ إِذْ رُبَّمَا دَوَّنَهَا ٱلرَّسُولُ عَامَ ٥١ ب‌م.‏ فَبُولُسُ يُرْفِقُ كِلْتَا ٱلرِّسَالَتَيْنِ بِتَحِيَّاتِهِ هُوَ وَتِيمُوثَاوُسَ وَسِلْوَانُسَ (‏ٱلْمَدْعُوِّ سِيلَا فِي ٱلْأَعْمَالِ)‏،‏ وَلَا مَعْلُومَاتِ لَدَيْنَا أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةَ ٱجْتَمَعُوا ثَانِيَةً بَعْدَمَا غَادَرَ بُولُسُ كُورِنْثُوسَ.‏ (‏اع ١٨:‏٥،‏ ١٨؛‏ ١ تس ١:‏١؛‏ ٢ تس ١:‏١‏)‏ وَمَاذَا دَفَعَ ٱلرَّسُولَ إِلَى كِتَابَةِ ٱلرِّسَالَةِ ٱلثَّانِيَةِ؟‏ عَلَى مَا يَبْدُو،‏ بَلَغَتْ مَسَامِعَهُ أَخْبَارٌ جَدِيدَةٌ عَنِ ٱلْجَمَاعَةِ،‏ رُبَّمَا عَنْ طَرِيقِ مَنْ أَوْصَلَ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْأُولَى.‏ فَرَاسَلَ عِنْدَئِذٍ ٱلْإِخْوَةَ مَادِحًا إِيَّاهُمْ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ وَٱحْتِمَالِهِمْ،‏ وَمُصَحِّحًا أَفْكَارَ بَعْضِهِمْ مِمَّنِ ٱعْتَقَدُوا أَنَّ حُضُورَ ٱلرَّبِّ كَانَ وَشِيكًا.‏ —‏ ٢ تس ١:‏٣-‏١٢؛‏ ٢:‏١،‏ ٢‏.‏

      غَلَاطِيَةُ.‏ تُشِيرُ ٱلرِّسَالَةُ إِلَى ٱلْغَلَاطِيِّينَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ زَارَهُمْ مَرَّتَيْنِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ قَبْلَ مُرَاسَلَتِهِمْ.‏ وَسِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ يُخْبِرُنَا أَنَّ بُولُسَ وَبَرْنَابَا زَارَا بَيْنَ ٱلْعَامَيْنِ ٤٧-‏٤٨ ب‌م عِدَّةَ مُدُنٍ فِي وِلَايَةِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ مِنْهَا أَنْطَاكِيَةُ بِيسِيدِيَةَ وَإِيقُونِيَةُ وَلِسْتَرَةُ وَدِرْبَةُ.‏ ثُمَّ عَادَ بُولُسُ وَزَارَهَا ثَانِيَةً بِرِفْقَةِ سِيلَا سَنَةَ ٤٩ ب‌م.‏ (‏اع ١٣:‏١–‏١٤:‏٢٣؛‏ ١٦:‏١-‏٦‏)‏ وَمَا ٱلْبَاعِثُ وَرَاءَ كِتَابَةِ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ؟‏ بَعْدَ مُغَادَرَةِ ٱلرَّسُولِ،‏ جَاءَ سَرِيعًا ‹إِخْوَةٌ دَجَّالُونَ› مُعَلِّمِينَ أَنَّ ٱلْخِتَانَ وَحِفْظَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ ضَرُورِيَّانِ لِلْمَسِيحِيِّينَ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ بُولُسَ رَاسَلَ ٱلْجَمَاعَةَ فَوْرَ سَمَاعِهِ بِهٰذَا ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْبَاطِلِ.‏ لِذَا يُحْتَمَلُ أَنَّ مَكَانَ ٱلْكِتَابَةِ هُوَ إِمَّا كُورِنْثُوسُ أَوْ أَفَسُسُ (‏خِلَالَ تَوَقُّفِهِ ٱلْقَصِيرِ هُنَاكَ فِيمَا كَانَ عَائِدًا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ)‏ أَوْ أَنْطَاكِيَةُ نَفْسُهَا.‏ —‏ اع ١٨:‏١٨-‏٢٣‏.‏

      ‏«كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ .‏ .‏ .‏ آمَنُوا» (‏اعمال ١٨:‏٥-‏٨‏)‏

      ٨،‏ ٩ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ حِينَ قُوبِلَتْ بِشَارَتُهُ ٱلْمُكَثَّفَةُ لِلْيَهُودِ بِٱلْمُقَاوَمَةِ،‏ وَأَيْنَ رَاحَ يَكْرِزُ؟‏

      ٨ حِينَ وَصَلَ سِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ مِنْ مَقْدُونِيَةَ حَامِلَيْنِ مُسَاعَدَاتٍ سَخِيَّةً،‏ لَمْ يَبْقَ مَجَالٌ لِلشَّكِّ أَنَّ بُولُسَ ٱعْتَبَرَ ٱلْعَمَلَ ٱلدُّنْيَوِيَّ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ،‏ لَا هَدَفًا بِحَدِّ ذَاتِهِ.‏ (‏٢ كو ١١:‏٩‏)‏ فَدُونَ إِبْطَاءٍ،‏ أَصْبَحَ «بُولُسُ أَكْثَرَ ٱنْشِغَالًا بِٱلْكَلِمَةِ [«تَفَرَّغَ بُولُسُ تَمَامًا لِلتَّبْشِيرِ»،‏ كِتَابُ ٱلْحَيَاةِ —‏ تَرْجَمَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ‏]».‏ (‏اع ١٨:‏٥‏)‏ غَيْرَ أَنَّ بِشَارَتَهُ ٱلْمُكَثَّفَةَ لِلْيَهُودِ قُوبِلَتْ بِمُقَاوَمَةٍ شَرِسَةٍ.‏ فَنَفَضَ ٱلرَّسُولُ عِنْدَئِذٍ ثِيَابَهُ،‏ رَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ مَسْؤُولِيَّةَ رَفْضِهِمْ بِشَارَةَ ٱلْخَلَاصِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏ وَقَالَ لِمُقَاوِمِيهِ ٱلْيَهُودِ:‏ «دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ!‏ أَنَا طَاهِرٌ مِنْهُ.‏ مِنَ ٱلْآنَ أَذْهَبُ إِلَى ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ».‏ —‏ اع ١٨:‏٦؛‏ حز ٣:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

      ٩ فَأَيْنَ لِبُولُسَ أَنْ يَكْرِزَ ٱلْآنَ؟‏ عِوَضًا عَنِ ٱلْمَجْمَعِ،‏ رَاحَ ٱلرَّسُولُ يُبَشِّرُ فِي مَنْزِلِ تِيطِيُوسَ يُوسْتُسَ،‏ وَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مُتَهَوِّدٌ كَانَ بَيْتُهُ مُلَاصِقًا لِلْمَجْمَعِ.‏ (‏اع ١٨:‏٧‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ بُولُسَ ظَلَّ سَاكِنًا مَعَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ ٱتَّخَذَ مِنْ بَيْتِ يُوسْتُسَ مَرْكَزًا لِبِشَارَتِهِ.‏

      ١٠ مَا ٱلْبُرْهَانُ أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَقْصُرْ كِرَازَتَهُ عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ فَقَطْ؟‏

      ١٠ وَلٰكِنْ هَلْ عَنَى قَوْلُ بُولُسَ:‏ «مِنَ ٱلْآنَ أَذْهَبُ إِلَى ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ» أَنَّهُ صَرَفَ ٱلنَّظَرَ كُلِّيًّا عَنْ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ،‏ حَتَّى ٱلْمُتَجَاوِبِينَ مِنْهُمْ؟‏ إِطْلَاقًا!‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ «آمَنَ كِرِيسْبُسُ رَئِيسُ ٱلْمَجْمَعِ بِٱلرَّبِّ،‏ وَكَذٰلِكَ كُلُّ أَهْلِ بَيْتِهِ».‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ ٱنْضَمَّ إِلَيْهِ أَيْضًا عَدَدٌ مِمَّنْ تَرَدَّدُوا عَلَى ٱلْمَجْمَعِ.‏ فَٱلسِّجِلُّ يَذْكُرُ:‏ «كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا آمَنُوا وَٱعْتَمَدُوا».‏ (‏اع ١٨:‏٨‏)‏ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ مَنْزِلُ تِيطِيُوسَ يُوسْتُسَ مُلْتَقَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ فِي كُورِنْثُوسَ.‏ وَفِي حَالِ كَانَ سِجِلُّ ٱلْأَعْمَالِ يَتَّبِعُ أُسْلُوبَ لُوقَا ٱلْمَعْهُودَ،‏ أَيْ تَرْتِيبَ ٱلْأَحْدَاثِ وَفْقًا لِلتَّسَلْسُلِ ٱلزَّمَنِيِّ،‏ يَكُونُ ٱهْتِدَاءُ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودِ أَوِ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ قَدْ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ ‹نَفَضَ بُولُسُ ثِيَابَهُ›.‏ وَإِذَا صَحَّ ذٰلِكَ،‏ فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ تُشَكِّلُ بُرْهَانًا سَاطِعًا عَلَى مُرُونَةِ ٱلرَّسُولِ.‏

      ١١ كَيْفَ يَقْتَدِي شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ فِي مُحَاوَلَتِهِمْ بُلُوغَ ٱلْمُنْتَمِينَ إِلَى ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ؟‏

      ١١ وَمَا ٱلْقَوْلُ فِي عَالَمِنَا ٱلْيَوْمَ؟‏ إِنَّ كَنَائِسَ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ مُتَجَذِّرَةٌ بِعُمْقٍ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ،‏ وَلَهَا سَطْوَةٌ عَلَى أَعْضَائِهَا.‏ هٰذَا وَقَدْ نَجَحَ مُرْسَلُوهَا فِي «هِدَايَةِ» أَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ فِي بَعْضِ ٱلْمَنَاطِقِ.‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱلْيَهُودِ فِي كُورِنْثُوسِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ غَالِبًا مَا يَتَشَبَّثُ مُدَّعُو ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِٱلتَّقَالِيدِ.‏ غَيْرَ أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ يُحَاوِلُونَ بِغَيْرَةٍ أَنْ يَبْلُغُوا هٰؤُلَاءِ ٱلْأَشْخَاصَ وَيُحَسِّنُوا فَهْمَهُمْ لِلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ تَمَثُّلًا بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ وَهُمْ لَا يَفْقِدُونَ ٱلْأَمَلَ وَلَوْ قَاوَمَهُمْ عُمُومُ ٱلنَّاسِ أَوِ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ.‏ فَمِنْ بَيْنِ مَنْ «لَهُمْ غَيْرَةٌ لِلّٰهِ،‏ وَلٰكِنْ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلدَّقِيقَةِ»،‏ هُنَاكَ حُلَمَاءُ مِنْ وَاجِبِنَا ٱلْبَحْثُ عَنْهُمْ وَإِيجَادُهُمْ.‏ —‏ رو ١٠:‏٢‏.‏

      ‏«إِنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ» (‏اعمال ١٨:‏٩-‏١٧‏)‏

      ١٢ أَيُّ تَأْكِيدٍ نَالَهُ بُولُسُ فِي رُؤْيَا؟‏

      ١٢ فِي حَالِ سَاوَرَتْ بُولُسَ أَيَّةُ شُكُوكٍ حَوْلَ مُوَاصَلَةِ ٱلْكِرَازَةِ فِي كُورِنْثُوسَ،‏ لَا بُدَّ أَنَّهَا ٱنْجَلَتْ لَيْلَةَ تَرَاءَى لَهُ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ فِي رُؤْيَا،‏ قَائِلًا:‏ «لَا تَخَفْ،‏ بَلْ وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ،‏ لِأَنِّي أَنَا مَعَكَ وَلَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ،‏ فَإِنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ».‏ (‏اع ١٨:‏٩،‏ ١٠‏)‏ يَا لَهٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا ٱلْمُشَجِّعَةِ!‏ فَٱلرَّبُّ نَفْسُهُ أَكَّدَ لِبُولُسَ أَنَّهُ يُصَانُ مِنَ ٱلْأَذَى وَأَنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلسُّكَّانِ يَسْتَحِقُّونَ سَمَاعَ ٱلْبِشَارَةِ.‏ فَكَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلرَّسُولُ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «مَكَثَ هُنَاكَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ يُعَلِّمُ بَيْنَهُمْ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ».‏ —‏ اع ١٨:‏١١‏.‏

      ١٣ مَاذَا رُبَّمَا خَطَرَ فِي بَالِ بُولُسَ فِيمَا دَنَا مِنْ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ،‏ وَلٰكِنْ لِمَ عَرَفَ أَنَّهُ لَنْ يَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ؟‏

      ١٣ بَعْدَ قَضَاءِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا فِي كُورِنْثُوسَ،‏ لَمَسَ ٱلرَّسُولُ بُرْهَانًا إِضَافِيًّا عَلَى دَعْمِ ٱلرَّبِّ.‏ فَقَدْ «قَامَ ٱلْيَهُودُ مَعًا عَلَى بُولُسَ وَسَاقُوهُ إِلَى كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ» ٱلْمَدْعُوِّ بِما.‏ (‏اع ١٨:‏١٢‏)‏ وَكُرْسِيُّ ٱلْقَضَاءِ فِي ٱعْتِقَادِ ٱلْبَعْضِ مِنَصَّةٌ مُرْتَفِعَةٌ مِنَ ٱلرُّخَامِ ٱلْأَزْرَقِ وَٱلْأَبْيَضِ مُزَخْرَفَةٌ بِٱلنُّقُوشِ ٱلْجَمِيلَةِ،‏ تَقَعُ كَمَا يَبْدُو بِٱلْقُرْبِ مِنْ وَسَطِ سَاحَةِ ٱلسُّوقِ فِي كُورِنْثُوسَ.‏ وَٱلْبَاحَةُ أَمَامَ ٱلْكُرْسِيِّ كَانَتْ كَافِيَةً لِتَسَعَ حَشْدًا كَبِيرًا.‏ وَتُشِيرُ ٱلِٱكْتِشَافَاتُ ٱلْأَثَرِيَّةُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمِنَصَّةَ لَمْ تَكُنْ تَبْعُدُ سِوَى بِضْعِ خُطُوَاتٍ عَنِ ٱلْمَجْمَعِ ٱلْمُلَاصِقِ لِبَيْتِ يُوسْتُسَ.‏ فَبِمَ كَانَ بُولُسُ يُفَكِّرُ فِيمَا دَنَا مِنْ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ؟‏ لَرُبَّمَا ٱسْتَذْكَرَ رَجْمَ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْمُشَارِ إِلَيْهِ عُمُومًا بِصِفَتِهِ أَوَّلَ شَهِيدٍ مَسِيحِيٍّ.‏ آنَذَاكَ،‏ كَانَ شَاوُلُ،‏ ٱلْمَعْرُوفُ ٱلْآنَ بِبُولُسَ،‏ «رَاضِيًا بِقَتْلِهِ».‏ (‏اع ٨:‏١‏)‏ فَهَلْ يَذُوقُ هُوَ ٱلْيَوْمَ ٱلْكَأْسَ نَفْسَهَا؟‏ كَلَّا،‏ فَيَسُوعُ وَعَدَهُ:‏ «لَنْ يُؤْذِيَكَ أَحَدٌ».‏ —‏ اع ١٨:‏١٠‏،‏ الترجمة العربية الجديدة.‏

      غاليون يُبعد مقاومي بولس

      ‏«أبعَدَهم عن كرسي القضاء».‏ —‏ اعمال ١٨:‏١٦

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ بِمَ ٱتَّهَمَ ٱلْيَهُودُ بُولُسَ،‏ وَلِمَ رَدَّ غَالِيُونُ ٱلدَّعْوَى؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا جَرَى لِسُوسْتَانِيسَ،‏ وَإِلَامَ رُبَّمَا آلَتِ ٱلْحَادِثَةُ؟‏

      ١٤ وَمَاذَا حَصَلَ عِنْدَمَا مَثَلَ بُولُسُ أَمَامَ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ؟‏ كَانَ ٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْكُرْسِيِّ هُوَ غَالِيُونَ وَالِيَ أَخَائِيَةَ وَٱلْأَخَ ٱلْأَكْبَرَ لِلْفَيْلَسُوفِ ٱلرُّومَانِيِّ سَنِيكَا.‏ هُنَاكَ وَجَّهَ ٱلْيَهُودُ إِلَى بُولُسَ ٱلِٱتِّهَامَ ٱلتَّالِيَ:‏ «إِنَّ هٰذَا يُقْنِعُ ٱلنَّاسَ أَنْ يَعْبُدُوا ٱللّٰهَ بِخِلَافِ ٱلشَّرِيعَةِ».‏ (‏اع ١٨:‏١٣‏)‏ فَلَمَّحُوا بِكَلِمَاتِهِمْ أَنَّهُ مُذْنِبٌ بِٱلْهِدَايَةِ غَيْرِ ٱلشَّرْعِيَّةِ.‏ غَيْرَ أَنَّ غَالِيُونَ رَأَى أَنَّ بُولُسَ بَرِيءٌ مِنْ أَيِّ «خَطَإٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَاحِشَةٍ».‏ (‏اع ١٨:‏١٤‏)‏ فَلَمْ يَكُنِ ٱلْوَالِي يَنْوِي ٱلتَّدَخُّلَ فِي مُجَادَلَاتِ ٱلْيَهُودِ.‏ حَتَّى إِنَّهُ رَدَّ ٱلدَّعْوَى نِهَائِيًّا قَبْلَ أَنْ يَتَفَوَّهَ بُولُسُ بِأَيِّ كَلِمَةٍ!‏ فَٱسْتَشَاطَ ٱلْمُتَّهِمُونَ غَيْظًا وَصَبُّوا جَامَ غَضَبِهِمْ عَلَى سُوسْتَانِيسَ،‏ رَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ ٱلَّذِي رُبَّمَا حَلَّ مَحَلَّ كِرِيسْبُسَ.‏ فَأَمْسَكُوا بِهِ «وَأَخَذُوا يَضْرِبُونَهُ أَمَامَ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ».‏ —‏ اع ١٨:‏١٧‏.‏

      ١٥ وَلٰكِنْ لِمَ لَمْ يَكُفَّ غَالِيُونُ ٱلْجَمْعَ عَنْ ضَرْبِ سُوسْتَانِيسَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا؟‏ لَرُبَّمَا ٱعْتَقَدَ ٱلْوَالِي أَنَّ سُوسْتَانِيسَ هُوَ مَنْ حَرَّضَ ٱلرَّعَاعَ عَلَى بُولُسَ،‏ فَٱسْتَحَقَّ بِٱلتَّالِي جَزَاءَ فَعْلَتِهِ.‏ فِي مُطْلَقِ ٱلْأَحْوَالِ،‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْحَادِثَةَ آلَتْ إِلَى نِهَايَةٍ سَعِيدَةٍ.‏ فَحِينَ رَاسَلَ بُولُسُ جَمَاعَةَ كُورِنْثُوسَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ،‏ ذَكَرَ بِٱلِٱسْمِ أَخًا يُدْعَى سُوسْتَانِيسَ.‏ (‏١ كو ١:‏١،‏ ٢‏)‏ فَهَلْ هٰذَا ٱلْأَخُ هُوَ نَفْسُهُ رَئِيسُ ٱلْمَجْمَعِ ٱلَّذِي ضُرِبَ فِي تِلْكَ ٱلْحَادِثَةِ؟‏ لَا نَعْرِفُ يَقِينًا.‏ وَلٰكِنْ إِذَا صَحَّ هٰذَا ٱلتَّخْمِينُ،‏ فَمِنَ ٱلْمَعْقُولِ أَنَّ ٱلِٱخْتِبَارَ ٱلْأَلِيمَ ٱلَّذِي مَرَّ بِهِ سَاهَمَ فِي ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏

      ١٦ كَيْفَ تُؤَثِّرُ كَلِمَاتُ ٱلرَّبِّ إِلَى بُولُسَ فِي خِدْمَتِنَا؟‏

      ١٦ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ؟‏ تَذَكَّرْ مَا قَالَهُ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ لِبُولُسَ بَعْدَمَا رَفَضَ ٱلْيَهُودُ كِرَازَتَهُ:‏ «لَا تَخَفْ،‏ بَلْ وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ،‏ لِأَنِّي أَنَا مَعَكَ».‏ (‏اع ١٨:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَيَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَنْ نُبْقِيَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ فِي بَالِنَا،‏ خُصُوصًا حِينَ تُرْفَضُ رِسَالَتُنَا.‏ وَلَا نَنْسَ أَيْضًا أَنَّ يَهْوَهَ يَرَى ٱلْقَلْبَ وَيَجْتَذِبُ أَصْحَابَ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ إِلَيْهِ.‏ (‏١ صم ١٦:‏٧؛‏ يو ٦:‏٤٤‏)‏ فَٱلْمِئَاتُ يَعْتَمِدُونَ كُلَّ يَوْمٍ،‏ وَمِئَاتُ ٱلْآلَافِ كُلَّ سَنَةٍ.‏ أَوَلَا يُشَجِّعُنَا ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُثَابَرَةِ فِي ٱلْخِدْمَةِ مِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ؟‏!‏ وَيَسُوعُ يُطَمْئِنُ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَتْبَعُونَ وَصِيَّتَهُ ‹مُتَلْمِذِينَ أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ›،‏ فَيَقُولُ:‏ «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ إِلَى ٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ».‏ —‏ مت ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ‏«إِنْ شَاءَ يَهْوَهُ» (‏اعمال ١٨:‏١٨-‏٢٢‏)‏

      ١٧،‏ ١٨ فِيمَ تَأَمَّلَ بُولُسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِلَى أَفَسُسَ؟‏

      ١٧ لَا يُمْكِنُنَا ٱلْجَزْمُ هَلْ أَسْفَرَ مَوْقِفُ غَالِيُونَ مِنْ مُتَّهِمِي بُولُسَ عَنْ فَتْرَةِ سَلَامٍ لِلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْفَتِيَّةِ فِي كُورِنْثُوسَ.‏ غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ «مَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً» قَبْلَمَا وَدَّعَ ٱلْإِخْوَةَ هُنَاكَ.‏ ثُمَّ فِي رَبِيعِ عَامِ ٥٢ ب‌م،‏ خَطَّطَ لِلْإِبْحَارِ إِلَى سُورِيَّةَ مِنْ مَرْفَإِ كَنْخَرِيَا عَلَى بُعْدِ ١١ كلم تَقْرِيبًا شَرْقِيَّ كُورِنْثُوسَ.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ مُغَادَرَةِ كَنْخَرِيَا،‏ «قَصَّ شَعْرَهُ قَصِيرًا .‏ .‏ .‏ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ».‏c (‏اع ١٨:‏١٨‏)‏ ثُمَّ ٱصْطَحَبَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا وَأَبْحَرَ عَبْرَ بَحْرِ إِيجَه إِلَى أَفَسُسَ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى.‏

      ١٨ وَفِيمَا تَوَارَى مَرْفَأُ كَنْخَرِيَا عَنِ ٱلْأَنْظَارِ،‏ ٱسْتَعْرَضَ ٱلرَّسُولُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَا ٱخْتَبَرَهُ فِي كُورِنْثُوسَ،‏ مُسْتَرْجِعًا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلذِّكْرَيَاتِ ٱلْحُلْوَةِ وَٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي تَبُثُّ فِيهِ ٱكْتِفَاءً عَمِيقًا.‏ فَٱلسَّنَةُ وَٱلنِّصْفُ ٱلَّتِي قَضَاهَا فِي كُورِنْثُوسَ أَثْمَرَتْ بِوَفْرَةٍ.‏ فَقَدْ تَأَسَّسَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْأُولَى فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ وَمِنْ جُمْلَةِ أَعْضَائِهَا ٱلَّذِينَ ٱجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ يُوسْتُسَ كَانَ كِرِيسْبُسُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ،‏ إِضَافَةً إِلَى كَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ بُولُسَ أَعَزَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْجُدُدَ ٱلَّذِينَ سَاعَدَهُمْ عَلَى ٱعْتِنَاقِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَقَدْ رَاسَلَهُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ وَاصِفًا إِيَّاهُمْ بِأَنَّهُمْ رِسَالَةُ تَوْصِيَةٍ،‏ مَكْتُوبَةً فِي قَلْبِهِ.‏ أَوَلَا نَشْعُرُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّ رِبَاطًا وَثِيقًا يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ نُسَاعِدُهُمْ عَلَى إِيجَادِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ؟‏!‏ فَكَمْ نَفْرَحُ لِرُؤْيَتِهِمْ،‏ هُمُ ٱلَّذِينَ يُعْتَبَرُونَ «رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ» حَيَّةً لَنَا!‏ —‏ ٢ كو ٣:‏١-‏٣‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ حَالَمَا وَصَلَ إِلَى أَفَسُسَ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ عَنِ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ أَهْدَافٍ رُوحِيَّةٍ؟‏

      ١٩ حَالَمَا وَصَلَ بُولُسُ إِلَى أَفَسُسَ،‏ بَاشَرَ عَمَلَهُ دُونَمَا تَأْخِيرٍ.‏ «فَدَخَلَ ٱلْمَجْمَعَ وَحَاجَّ ٱلْيَهُودَ مَنْطِقِيًّا».‏ (‏اع ١٨:‏١٩‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ،‏ لَمْ يُطِلِ ٱلْبَقَاءَ فِي أَفَسُسَ.‏ فَرَغْمَ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَبْقَى زَمَانًا أَطْوَلَ،‏ «لَمْ يُوَافِقْ» عَلَى طَلَبِهِمْ.‏ قَالَ لَهُمْ وَهُوَ يُوَدِّعُهُمْ:‏ «سَأَعُودُ إِلَيْكُمْ ثَانِيَةً،‏ إِنْ شَاءَ يَهْوَهُ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ فَقَدْ أَدْرَكَ دُونَ شَكٍّ أَنَّ هُنَاكَ بَعْدُ عَمَلًا كَثِيرًا يَجِبُ إِنْجَازُهُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ.‏ لِذٰلِكَ خَطَّطَ لِلْعَوْدَةِ إِلَيْهَا،‏ لٰكِنَّهُ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ تَرَكَ ٱلْأُمُورَ بَيْنَ يَدَيْ يَهْوَهَ.‏ وَفِي هٰذَا مِثَالٌ لَنَا.‏ فَمِنْ جِهَةٍ،‏ عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ ٱلْمُبَادَرَةَ فِي ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْأَهْدَافِ ٱلرُّوحِيَّةِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَنْ نَتَّكِلَ دَائِمًا عَلَى إِرْشَادِ يَهْوَهَ وَنَسْعَى لِلْعَمَلِ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَشِيئَتِهِ.‏ —‏ يع ٤:‏١٥‏.‏

      ٢٠ تَرَكَ بُولُسُ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا فِي أَفَسُسَ وَنَزَلَ بَحْرًا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ.‏ ثُمَّ «صَعِدَ» إِلَى أُورُشَلِيمَ عَلَى مَا يَبْدُو حَيْثُ سَلَّمَ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ هُنَاكَ.‏ (‏اع ١٨:‏٢٢‏؛‏ حاشية الكتاب المقدس —‏ ترجمة العالم الجديد،‏ بشواهد [بالانكليزية])‏ بَعْدَئِذٍ عَادَ ٱلرَّسُولُ إِلَى نُقْطَةِ ٱنْطِلَاقِهِ،‏ أَيْ أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ.‏ وَهٰكَذَا ٱخْتَتَمَ بِنَجَاحٍ رِحْلَتَهُ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلثَّانِيَةَ.‏ فَمَاذَا تُخَبِّئُ لَهُ رِحْلَتُهُ ٱلْأَخِيرَةُ يَا تُرَى؟‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏كُورِنْثُوسُ:‏ سَيِّدَةُ ٱلْبَحْرَيْنِ‏».‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏رَسَائِلُ مُلْهَمَةٌ تَمُدُّ ٱلْإِخْوَةَ بِٱلتَّشْجِيعِ‏».‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏نَذْرُ بُولُسَ‏».‏

      نَذْرُ بُولُسَ

      نَقْرَأُ فِي ٱلْأَعْمَال ١٨:‏١٨ أَنَّ بُولُسَ «قَصَّ شَعْرَهُ قَصِيرًا فِي كَنْخَرِيَا،‏ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ».‏ فَأَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلنُّذُورِ مَذْكُورٌ هُنَا؟‏

      اَلنَّذْرُ عُمُومًا عَهْدٌ رَسْمِيٌّ يَقْطَعُهُ ٱلْمَرْءُ طَوْعًا أَمَامَ ٱللّٰهِ يُوجِبُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ تَأْدِيَةَ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ وَهْبَ تَقْدِمَةٍ مَا أَوِ ٱلِٱلْتِزَامَ بِحَالَةٍ مُحَدَّدَةٍ.‏ وَيَظُنُّ ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ قَصَّ شَعْرَهُ لِيُتِمَّ نَذْرَ نَذِيرٍ.‏ لٰكِنَّ ٱلنَّذِيرَ بِحَسَبِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يَحْلِقُ رَأْسَهُ عِنْدَ تَمَامِ أَيَّامِ خِدْمَتِهِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ لِيَهْوَهَ «عِنْدَ مَدْخَلِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ».‏ لِذَا يَبْدُو أَنَّ مَطْلَبًا كَهٰذَا يُنَفَّذُ فَقَطْ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ لَا فِي كَنْخَرِيَا.‏ —‏ عد ٦:‏٥،‏ ١٨‏.‏

      وَمَتَى قَطَعَ بُولُسُ نَذْرَهُ؟‏ لَا مَعْلُومَاتِ لَدَيْنَا بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ.‏ لِذَا مِنَ ٱلْمُمْكِنِ أَنْ يَرْجِعَ نَذْرُهُ إِلَى مَا قَبْلَ ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏ وَٱلسِّفْرُ أَيْضًا لَا يُخْبِرُنَا هَلْ كَانَ بُولُسُ بِنَذْرِهِ يَلْتَمِسُ مِنَ ٱللّٰهِ طِلْبَةً مُحَدَّدَةً.‏ وَعَلَيْهِ،‏ يَقْتَرِحُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ أَنَّ ٱلرَّسُولَ قَصَّ شَعْرَهُ قَصِيرًا «لِيَشْكُرَ ٱللّٰهَ عَلَى حِمَايَتِهِ،‏ مِمَّا مَكَّنَهُ مِنْ إِتْمَامِ خِدْمَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ».‏

  • ‏«كلمة يهوه تنمو وتقوى» رغم المقاومة
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٠

      ‏«كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى» رَغْمَ ٱلْمُقَاوَمَةِ

      أَبُلُّوسُ وَبُولُسُ يُسَاهِمَانِ فِي تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٨:‏٢٣–‏١٩:‏٤١

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ أَيُّ خَطَرٍ وَاجَهَهُ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ فِي أَفَسُسَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نُنَاقِشُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

      أَفَسُسُ غَارِقَةٌ فِي ٱلْفَوْضَى .‏ .‏ .‏ أَفْوَاجٌ هَائِجَةٌ مِنَ ٱلْبَشَرِ يَتَدَافَعُونَ!‏ يَصِيحُونَ!‏ يَصْرُخُونَ!‏ يَخْبِطُونَ ٱلْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ!‏ مَوْجَةُ ٱلرَّعَاعِ تَجْرُفُ فِي طَرِيقِهَا ٱثْنَيْنِ مِنْ رُفَقَاءِ بُولُسَ وَتَحْمِلُهُمَا إِلَى مُدَرَّجِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلضَّخْمِ.‏ فَيَخْلُو ٱلشَّارِعُ ٱلْعَرِيضُ حَيْثُ ٱلْمَتَاجِرُ،‏ فِيمَا يَتَضَاعَفُ ٱلْجَمْعُ ٱلْمَسْعُورُ وَيَقْتَحِمُ ٱلْمُدَرَّجَ ٱلَّذِي يَسَعُ ٠٠٠‏,٢٥ شَخْصٍ.‏ اَلْجَمْعُ بِمُعْظَمِهِ يَجْهَلُ سَبَبَ ٱلشَّغَبِ.‏ لٰكِنَّهُمْ يَشْتَبِهُونَ أَنَّ هَيْكَلَهُمْ وَإِلَاهَتَهُمُ ٱلْحَبِيبَةَ أَرْطَامِيسَ فِي خَطَرٍ.‏ فَيَرُوحُونَ يُرَدِّدُونَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ!‏».‏ —‏ اع ١٩:‏٣٤‏.‏

      ٢ مَرَّةً جَدِيدَةً،‏ يَعْمِدُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَى عُنْفِ ٱلرَّعَاعِ لِلْحَدِّ مِنِ ٱنْتِشَارِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلتَّهْدِيدَ بِٱلْعُنْفِ لَيْسَ تَكْتِيكَهُ ٱلْوَحِيدَ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ،‏ نَسْتَعْرِضُ عَدَدًا مِنْ مَكَايِدِهِ ٱلَّتِي لَجَأَ إِلَيْهَا لِتَقْوِيضِ عَمَلِ وَوَحْدَةِ مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ لٰكِنَّنَا سَنَجِدُ أَنَّ تَكْتِيكَاتِهِ كُلَّهَا فَشِلَتْ فَشَلًا ذَرِيعًا.‏ فَقَدْ «كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى بِٱقْتِدَارٍ».‏ (‏اع ١٩:‏٢٠‏)‏ فَكَيْفَ ٱنْتَصَرَ أُولٰئِكَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي حَرْبِهِمْ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْفَضْلَ عَائِدٌ أَوَّلًا وَأَخِيرًا إِلَى يَهْوَهَ ٱللّٰهِ.‏ وَلٰكِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ هُمْ أَيْضًا أَنْ يَلْعَبُوا ٱلدَّوْرَ ٱلْمَنُوطَ بِهِمْ.‏ وَٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ يَصِحُّ فِينَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ.‏ فَبِمَعُونَةِ رُوحِ يَهْوَهَ،‏ عَلَيْنَا ٱكْتِسَابُ صِفَاتٍ تُسَاعِدُنَا أَنْ نُتَمِّمَ خِدْمَتَنَا بِنَجَاحٍ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ،‏ لِنَتَأَمَّلْ بِدَايَةً فِي مِثَالِ أَبُلُّوسَ.‏

      ‏«مُتَضَلِّعٌ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ» (‏اعمال ١٨:‏٢٤-‏٢٨‏)‏

      ٣،‏ ٤ أَيُّ نَقْصٍ تَبَيَّنَهُ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا عِنْدَ أَبُلُّوسَ،‏ وَكَيْفَ سَاعَدَاهُ؟‏

      ٣ فِيمَا كَانَ بُولُسُ مُتَوَجِّهًا إِلَى أَفَسُسَ خِلَالَ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّالِثَةِ،‏ وَصَلَ إِلَى هُنَاكَ يَهُودِيٌّ ٱسْمُهُ أَبُلُّوسُ.‏ وَأَبُلُّوسُ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ مَدِينَةٍ مِصْرِيَّةٍ عَرِيقَةٍ تُدْعَى ٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةَ.‏ وَقَدِ ٱمْتَازَ بِصِفَاتٍ ٱسْتِثْنَائِيَّةٍ؛‏ فَكَانَ فَصِيحَ ٱللِّسَانِ،‏ ‹مُتَضَلِّعًا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ›،‏ ‹وَمُتَّقِدًا بِٱلرُّوحِ›.‏ كَمَا نَقْرَأُ عَنْهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِجُرْأَةٍ وَحَمَاسَةٍ أَمَامَ ٱلْيَهُودِ فِي ٱلْمَجْمَعِ.‏ —‏ اع ١٨:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      ٤ وَفِي أَفَسُسَ،‏ سَمِعَ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْمَسِيحِيَّانِ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا أَبُلُّوسَ يَتَكَلَّمُ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُمَا سُرَّا بِسَمَاعِهِ يُعَلِّمُ «عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ مَا يَخْتَصُّ بِيَسُوعَ».‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا سُرْعَانَ مَا تَبَيَّنَا ثُغْرَةً بَارِزَةً فِي مَعْرِفَتِهِ.‏ فَهُوَ كَانَ «عَارِفًا مَعْمُودِيَّةَ يُوحَنَّا فَقَطْ».‏ فَهَلْ تَهَيَّبَ صَانِعَا ٱلْخِيَامِ ٱلْمُتَوَاضِعَانِ فَصَاحَةَ أَوْ تَعْلِيمَ أَبُلُّوسَ؟‏ كَلَّا.‏ بَلْ «أَخَذَاهُ إِلَيْهِمَا وَفَصَّلَا لَهُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ عَلَى وَجْهٍ أَصَحَّ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ أَبُلُّوسَ ٱلْخَطِيبِ ٱلْبَارِعِ وَٱلْمُثَقَّفِ؟‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ أَعْرَبَ عَنْ إِحْدَى أَهَمِّ ٱلصِّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ:‏ اَلتَّوَاضُعِ.‏

      ٥،‏ ٦ مَاذَا مَكَّنَ أَبُلُّوسَ مِنْ زِيَادَةِ كَفَاءَتِهِ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهِ؟‏

      ٥ وَبَعْدَمَا قَبِلَ مُسَاعَدَةَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا،‏ أَصْبَحَ أَبُلُّوسُ خَادِمًا أَكْثَرَ كَفَاءَةً.‏ فَسَافَرَ إِلَى أَخَائِيَةَ حَيْثُ «سَاعَدَ كَثِيرًا» ٱلَّذِينَ آمَنُوا.‏ كَمَا نَجَحَ فِي ٱلْكِرَازَةِ لِيَهُودِ تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلَّذِينَ أَصَرُّوا أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمُنْبَأَ بِهِ.‏ يَرْوِي لُوقَا:‏ «كَانَ بِٱشْتِدَادٍ يُفْحِمُ ٱلْيَهُودَ عَلَانِيَةً،‏ وَهُوَ يُبَيِّنُ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ أَبُلُّوسُ عُضْوًا فَعَّالًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَمِثْلَ بُولُسَ،‏ لَعِبَ دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَقْوِيَةِ «كَلِمَةِ يَهْوَهَ».‏ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهِ؟‏

      ٦ لَا غِنَى لِلْمَسِيحِيِّينَ عَنْ تَنْمِيَةِ ٱلتَّوَاضُعِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا نَنْعَمُ بِبَرَكَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ،‏ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَوَاهِبَ طَبِيعِيَّةً أَمْ خِبْرَةً أَمْ مَعْرِفَةً مُكْتَسَبَةً،‏ وَلٰكِنْ عَلَيْنَا دَوْمًا أَنْ نُرَجِّحَ كَفَّةَ ٱلتَّوَاضُعِ؛‏ وَإِلَّا تَتَحَوَّلُ ٱلنِّعْمَةُ إِلَى نَقْمَةٍ!‏ فَنُصْبِحُ عِنْدَئِذٍ تُرْبَةً خِصْبَةً لِزِوَانِ ٱلْكِبْرِيَاءِ.‏ (‏١ كو ٤:‏٧؛‏ يع ٤:‏٦‏)‏ أَمَّا إِذَا كُنَّا مُتَوَاضِعِينَ بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ،‏ فَسَنُصَمِّمُ عَلَى ٱعْتِبَارِ ٱلْآخَرِينَ يَفُوقُونَنَا.‏ (‏في ٢:‏٣‏)‏ فَلَا نَسْتَاءُ عِنْدَئِذٍ مِنَ ٱلتَّقْوِيمِ وَلَا نَرْفُضُ ٱلتَّعَلُّمَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَلَا نَتَشَبَّثُ بِآ‌رَائِنَا حِينَ نُدْرِكُ أَنَّهَا تَتَعَارَضُ مَعَ أَحْدَثِ مَا يَكْشِفُهُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ.‏ وَمَا دُمْنَا مُتَوَاضِعِينَ،‏ نَظَلُّ نَافِعِينَ لِيَهْوَهَ وَلِيَسُوعَ.‏ —‏ لو ١:‏٥١،‏ ٥٢‏.‏

      ٧ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ وَأَبُلُّوسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ؟‏

      ٧ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ يَنْزِعُ ٱلتَّوَاضُعُ فَتِيلَ ٱلْمُنَافَسَةِ.‏ تَخَيَّلْ كَمْ تَحَرَّقَ ٱلشَّيْطَانُ لِنَشْرِ بُذُورِ ٱلشِّقَاقِ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ.‏ وَكَمْ كَانَ سَيَفْرَحُ دُونَ شَكٍّ لَوِ ٱنْجَرَّ شَخْصَانِ نَشِيطَانِ كَأَبُلُّوسَ وَبُولُسَ إِلَى ٱلْمُنَافَسَةِ،‏ أَوْ رُبَّمَا ٱلتَّسَابُقِ عَنْ حَسَدٍ إِلَى مَرْكَزِ ٱلصَّدَارَةِ بَيْنَ ٱلْإِخْوَةِ!‏ كَانَ ٱلْوُقُوعُ فِي هٰذَا ٱلْفَخِّ مِنْ أَسْهَلِ مَا يَكُونُ.‏ فَفِي كُورِنْثُوسَ رَاحَ ٱلْبَعْضُ يَقُولُونَ:‏ «أَنَا لِبُولُسَ»،‏ وَٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ:‏ «أَنَا لِأَبُلُّوسَ».‏ فَهَلْ أَجَّجَ هٰذَانِ ٱلْمَسِيحِيَّانِ رُوحَ ٱلِٱنْقِسَامِ هٰذَا؟‏ مُطْلَقًا!‏ فَقَدِ ٱعْتَرَفَ بُولُسُ بِتَوَاضُعٍ بِمُسَاهَمَةِ أَبُلُّوسَ فِي ٱلْعَمَلِ،‏ مَانِحًا إِيَّاهُ ٱمْتِيَازَاتٍ إِضَافِيَّةً.‏ وَمِنْ نَاحِيَتِهِ،‏ ٱتَّبَعَ أَبُلُّوسُ تَوْجِيهَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ (‏١ كو ١:‏١٠-‏١٢؛‏ ٣:‏٦،‏ ٩؛‏ تي ٣:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فَيَا لَلْمِثَالِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذَي رَسَمَاهُ لَنَا!‏

      حَاجَّ «لِإِقْنَاعِهِمْ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» (‏اعمال ١٨:‏٢٣؛‏ ١٩:‏١-‏١٠‏)‏

      ٨ أَيُّ مَسَارٍ ٱتَّخَذَهُ بُولُسُ وَهُوَ عَائِدٌ إِلَى أَفَسُسَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

      ٨ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ،‏ وَعَدَ ٱلرَّسُولُ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى أَفَسُسَ.‏a وَبِٱلْفِعْلِ،‏ صَدَقَ بُولُسُ بِوَعْدِهِ.‏ (‏اع ١٨:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ وَلٰكِنْ لَاحِظْ كَيْفَ عَادَ إِلَيْهَا.‏ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ.‏ وَكُلُّ مَا تَوَجَّبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِلْوُصُولِ إِلَى أَفَسُسَ ٱجْتِيَازُ ٱلْمَسَافَةِ ٱلْقَصِيرَةِ إِلَى سَلُوقِيَةَ،‏ ثُمَّ رُكُوبُ إِحْدَى ٱلسُّفُنِ وَٱلْإِبْحَارُ مُبَاشَرَةً إِلَى وُجْهَتِهِ.‏ لٰكِنَّ ٱلسِّجِلَّ يُخْبِرُنَا أَنَّ بُولُسَ «ٱجْتَازَ فِي ٱلنَّوَاحِي ٱلدَّاخِلِيَّةِ».‏ وَبِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ،‏ نَاهَزَ طُولُ سَفْرَتِهِ كَمَا تَصِفُهَا ٱلْأَعْمَال ١٨:‏٢٣ وَ ١٩:‏١ مَسَافَةَ ٦٠٠‏,١ كلم.‏ فَلِمَ آثَرَ ٱلرَّسُولُ هٰذَا ٱلْمَسَارَ ٱلشَّاقَّ؟‏ لِأَنَّهُ جَعَلَ نُصْبَ عَيْنَيْهِ أَنْ «يُقَوِّيَ جَمِيعَ ٱلتَّلَامِيذِ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٣‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ رِحْلَتَهُ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلثَّالِثَةَ تَطَلَّبَتْ مِنْهُ ٱلْكَثِيرَ تَمَامًا كَٱلْأُولَى وَٱلثَّانِيَةِ،‏ إِلَّا أَنَّهَا ٱسْتَأْهَلَتْ فِي نَظَرِهِ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ فِيهَا.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ أَوَلَا يُعْرِبُ ٱلْخُدَّامُ ٱلْجَائِلُونَ وَزَوْجَاتُهُمْ مَشْكُورِينَ عَنْ رُوحٍ مُمَاثِلَةٍ؟‏!‏

      أَفَسُسُ:‏ عَاصِمَةُ آسِيَا

      كَانَتْ أَفَسُسُ كُبْرَى مُدُنِ غَرْبِ آسِيَا ٱلصُّغْرَى.‏ وَفِي أَيَّامِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ تَجَاوَزَ عَدَدُ سُكَّانِهَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ رُبْعَ مِلْيُونِ نَسَمَةٍ.‏ وَبِٱعْتِبَارِهَا عَاصِمَةَ وِلَايَةِ آسِيَا ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ حَمَلَتْ بِٱعْتِزَازٍ لَقَبَ «أُولَى وَعُظْمَى ٱلْمُدُنِ ٱلْكُبْرَى فِي آسِيَا».‏

      كَسَبَتْ أَفَسُسُ ثَرْوَةً هَائِلَةً مِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱلدِّينِ.‏ فَمِنْ نَاحِيَةٍ،‏ تَمَتَّعَ مِينَاؤُهَا بِمَوْقِعٍ إِسْتِرَاتِيجِيٍّ عِنْدَ تَقَاطُعِ طُرُقٍ تِجَارِيَّةٍ بِفَضْلِ قُرْبِهَا مِنْ مَصَبِّ نَهْرٍ صَالِحٍ لِلْمِلَاحَةِ.‏ وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى،‏ ٱحْتَوَتِ ٱلْمَدِينَةُ هَيْكَلَ أَرْطَامِيسَ ٱلْمَشْهُورَ،‏ إِضَافَةً إِلَى مَزَارَاتٍ وَهَيَاكِلَ لِعِدَّةِ مَعْبُودَاتٍ يُونَانِيَّةٍ –‏ رُومَانِيَّةٍ،‏ مِصْرِيَّةٍ،‏ وَأَنَاضُولِيَّةٍ.‏

      وَلٰكِنْ لَعَلَّ أَشْهَرَ مَبَانِي أَفَسُسَ هُوَ هَيْكَلُ أَرْطَامِيسَ ٱلْمُعْتَبَرُ إِحْدَى عَجَائِبِ ٱلْعَالَمِ ٱلْقَدِيمِ ٱلسَّبْعِ.‏ فَقَدْ نَاهَزَ طُولُهُ ١٠٥ م وَعَرْضُهُ ٥٠ م.‏ وَٱحْتَوَى عَلَى مَا يُقَارِبُ ١٠٠ عَمُودٍ رُخَامِيٍّ،‏ قُطْرُ كُلٍّ مِنْهَا مِتْرَانِ تَقْرِيبًا عِنْدَ ٱلْقَاعِدَةِ وَٱرْتِفَاعُهُ نَحْوَ ١٧ م.‏ وَٱعْتُبِرَ هٰذَا ٱلْمَعْبَدُ مِنْ أَقْدَسِ ٱلْمُقَدَّسَاتِ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ حَوْضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ قَدِيمًا.‏ كَمَا أُودِعَتْ فِيهِ أَمْوَالٌ طَائِلَةٌ،‏ فَأَصْبَحَ أَهَمَّ مَرْكَزٍ مَصْرِفِيٍّ فِي آسِيَا.‏

      عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ ضَمَّتِ ٱلْمَدِينَةُ مَلْعَبًا أُقِيمَتْ فِيهِ ٱلْمُبَارَيَاتُ ٱلرِّيَاضِيَّةُ وَرُبَّمَا مُصَارَعَاتُ ٱلْمُجَالِدِينَ.‏ وَمِنَ ٱلْمَبَانِي ٱلْمُهِمَّةِ أَيْضًا مَسْرَحٌ ضَخْمٌ،‏ صَفَّا أَعْمِدَةٍ يُشَكِّلَانِ وَاجِهَةً لِسِلْسِلَةِ مَحَالَّ تِجَارِيَّةٍ،‏ وَسَاحَتَانِ عَامَّتَانِ إِحْدَاهُمَا مُخَصَّصَةٌ لِلْأَعْمَالِ ٱلتِّجَارِيَّةِ وَٱلْأُخْرَى لِلشُّؤُونِ ٱلْإِدَارِيَّةِ.‏

      وَحَسْبَمَا يُخْبِرُ ٱلْجُغْرَافِيُّ ٱلْيُونَانِيُّ سْتْرَابُو،‏ كَانَتْ تَرَسُّبَاتٌ مِنَ ٱلطَّمْيِ تَجْتَاحُ مِينَاءَ أَفَسُسَ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ تَوَقَّفَ هٰذَا ٱلْمِينَاءُ عَنِ ٱلْعَمَلِ فَفَرَغَتِ ٱلْمَدِينَةُ مِنَ ٱلسُّكَّانِ.‏ وَحَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ لَمْ يُبْنَ عَلَى خَرَائِبِهَا أَيُّ مَدِينَةٍ حَدِيثَةٍ.‏ لِذَا يَتَمَتَّعُ ٱلزُّوَّارُ بِرُؤْيَةِ أَطْلَالِهَا ٱلشَّاسِعَةِ،‏ كَمَا لَوْ أَنَّهُمْ يَعُودُونَ بِٱلزَّمَنِ إِلَى ٱلْوَرَاءِ.‏

      ٩ لِمَ وَجَبَ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ أَنْ يَعْتَمِدُوا مُجَدَّدًا،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ؟‏

      ٩ فَوْرَ وُصُولِهِ إِلَى أَفَسُسَ،‏ وَجَدَ ٱلرَّسُولُ نَحْوَ ٱثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ تَلَامِيذِ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدِ.‏ وَعَرَفَ مِنْهُمْ أَنَّهُمُ ٱعْتَمَدُوا بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا ٱلَّتِي مَا عَادَتْ نَافِذَةً.‏ أَمَّا مَعْلُومَاتُهُمْ عَنِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فَكَانَتْ شِبْهَ مَعْدُومَةٍ.‏ فَأَطْلَعَهُمْ بُولُسُ عَلَى أَحْدَثِ ٱلْمَعْلُومَاتِ.‏ وَهُمْ بِدَوْرِهِمْ تَجَاوَبُوا بِتَوَاضُعٍ وَكَانُوا رَاغِبِينَ فِي ٱلتَّعَلُّمِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ أَبُلُّوسَ.‏ وَبَعْدَمَا ٱعْتَمَدُوا بِٱسْمِ يَسُوعَ،‏ نَالُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ وَبَعْضَ ٱلْمَوَاهِبِ ٱلْعَجَائِبِيَّةِ.‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ مُجَارَاةَ هَيْئَةِ يَهْوَهَ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ ٱلتَّقَدُّمِيَّةِ تَعُودُ عَلَى ٱلْمَرْءِ بِٱلْفَوَائِدِ.‏ —‏ اع ١٩:‏١-‏٧‏.‏

      ١٠ لِمَ ٱنْتَقَلَ بُولُسُ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ إِلَى قَاعَةِ مَدْرَسَةٍ،‏ وَكَيْفَ رَسَمَ لَنَا مِثَالًا فِي ذٰلِكَ؟‏

      ١٠ كَانَتْ مَدِينَةُ أَفَسُسَ بِٱنْتِظَارِ ٱلْمَزِيدِ بَعْدُ.‏ تَأَمَّلْ فِي مَا حَدَثَ.‏ لَقَدْ كَرَزَ بُولُسُ بِجُرْأَةٍ فِي ٱلْمَجْمَعِ عَلَى مَدَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.‏ لٰكِنَّ ٱلْبَعْضَ تَقَسَّوْا وَأَصْبَحُوا مُقَاوِمِينَ لِلْبِشَارَةِ مَعَ أَنَّهُ حَاجَّهُمْ «لِإِقْنَاعِهِمْ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».‏ إِذَّاكَ،‏ لَمْ يُضَيِّعْ بُولُسُ ٱلْوَقْتَ مَعَ هٰؤُلَاءِ ‹ٱلطَّاعِنِينَ فِي «ٱلطَّرِيقِ»›،‏ بَلْ رَتَّبَ لِيَخْطُبَ فِي قَاعَةِ مَدْرَسَةٍ.‏ (‏اع ١٩:‏٨،‏ ٩‏)‏ وَكُلُّ مَنْ رَغِبَ فِي إِحْرَازِ تَقَدُّمٍ رُوحِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ ٱلِٱنْتِقَالُ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ إِلَى ٱلْقَاعَةِ.‏ وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ نُنْهِي ٱلْمُنَاقَشَةَ بَعْضَ ٱلْأَحْيَانِ عِنْدَمَا نُلَاحِظُ أَنَّ صَاحِبَ ٱلْبَيْتِ غَيْرُ مُسْتَعِدٍّ لِلْإِصْغَاءِ إِلَيْنَا،‏ أَوْ أَنَّ جُلَّ مَا يُرِيدُ هُوَ ٱلْخَوْضُ فِي جَدَلٍ بِيزَنْطِيٍّ.‏ فَمَا زَالَ هُنَاكَ ٱلْكَثِيرُ بَعْدُ مِنَ ٱلْمُشَبَّهِينَ بِٱلْخِرَافِ ٱلرَّاغِبِينَ فِي سَمَاعِ رِسَالَتِنَا ٱلْمُشَجِّعَةِ.‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّحَلِّي بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يَسْعَى شُهُودُ يَهْوَهَ إِلَى ٱلِٱتِّصَافِ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ فِي خِدْمَتِهِمِ ٱلْعَلَنِيَّةِ؟‏

      ١١ يُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ تَكَلَّمَ فِي قَاعَةِ ٱلْمَدْرَسَةِ تِلْكَ يَوْمِيًّا مِنَ ٱلسَّاعَةِ ١١ ق‌ظ حَتَّى ٤ ب‌ظ.‏ (‏اع ١٩:‏٩‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلْفَتْرَةُ كَانَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَكْثَرَ سَاعَاتِ ٱلنَّهَارِ هُدُوءًا،‏ وَلٰكِنْ أَشَدَّهَا حَرًّا.‏ وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ تَوَقَّفُوا فِيهَا عَنِ ٱلْعَمَلِ لِيَأْكُلُوا وَيَرْتَاحُوا.‏ تَخَيَّلْ:‏ إِذَا دَاوَمَ بُولُسُ عَلَى هٰذَا ٱلْبَرْنَامَجِ ٱلْحَافِلِ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ،‏ يَتَخَطَّى مَجْمُوعُ ٱلسَّاعَاتِ ٱلَّتِي صَرَفَهَا فِي ٱلتَّعْلِيمِ ٠٠٠‏,٣ سَاعَةٍ!‏b وَهُنَا عَامِلٌ آخَرُ يُفَسِّرُ لمَ كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى.‏ فَقَدِ ٱتَّصَفَ ٱلرَّسُولُ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ،‏ مُكَيِّفًا بَرْنَامَجَ خِدْمَتِهِ لِكَيْ تُلَائِمَ حَاجَاتِ ٱلنَّاسِ فِي ذٰلِكَ ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏ «جَمِيعُ سُكَّانِ إِقْلِيمِ آسِيَا،‏ يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ،‏ سَمِعُوا كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ».‏ (‏اع ١٩:‏١٠‏)‏ فَهَلْ يَخْتَلِفُ ٱثْنَانِ فِي أَنَّ بُولُسَ أَدَّى بِٱلْفِعْلِ شَهَادَةً كَامِلَةً؟‏!‏

      اختان تبشران علی الهاتف

      نحن نسعى الى بلوغ الجميع أينما كانوا

      ١٢ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ نَتَحَلَّى نَحْنُ شُهُودَ يَهْوَهَ ٱلْعَصْرِيِّينَ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ،‏ فَنَسْعَى إِلَى بُلُوغِ ٱلْجَمِيعِ أَيْنَمَا كَانُوا وَوَقْتَمَا وُجِدُوا.‏ فَنُبَشِّرُ فِي ٱلشَّوَارِعِ وَٱلْأَسْوَاقِ وَمَوَاقِفِ ٱلسَّيَّارَاتِ.‏ وَنُرَاسِلُ ٱلنَّاسَ أَوْ نَتَّصِلُ بِهِمْ عَبْرَ ٱلْهَاتِفِ.‏ وَنُخَطِّطُ لِزِيَارَتِهِمْ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حِينَمَا يَتَوَاجَدُونَ عَادَةً فِي بُيُوتِهِمْ.‏

      ‏«تَنْمُو وَتَقْوَى» فِي وَجْهِ ٱلْأَرْوَاحِ ٱلشِّرِّيرَةِ (‏اعمال ١٩:‏١١-‏٢٢‏)‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ مَاذَا مَكَّنَ يَهْوَهُ بُولُسَ مِنْ فِعْلِهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَخْطَأَ أَبْنَاءُ سَكَاوَا،‏ وَكَيْفَ يَرْتَكِبُ كَثِيرُونَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلْيَوْمَ ٱلْخَطَأَ نَفْسَهُ؟‏

      ١٣ يُخْبِرُنَا لُوقَا أَنَّ ٱلْأَيَّامَ ٱلتَّالِيَةَ شَهِدَتْ أَحْدَاثًا مُمَيَّزَةً،‏ إِذْ مَكَّنَ يَهْوَهُ بُولُسَ أَنْ يَصْنَعَ «قُوَّاتٍ عَظِيمَةً».‏ تَصَوَّرْ:‏ حَتَّى مَنَادِيلُهُ وَمَآ‌زِرُهُ كَانَتْ تُؤْخَذُ إِلَى ٱلْمُتَأَلِّمِينَ،‏ فَتَتْرُكُهُمُ ٱلْعِلَلُ وَتَخْرُجُ مِنْهُمُ ٱلْأَرْوَاحُ ٱلشِّرِّيرَةُ!‏c (‏اع ١٩:‏١١،‏ ١٢‏)‏ وَقَدِ ٱسْتَقْطَبَتْ هٰذِهِ ٱلِٱنْتِصَارَاتُ ٱلْكَاسِحَةُ عَلَى قِوَى ٱلشَّيْطَانِ ٱهْتِمَامَ ٱلْكَثِيرِينَ.‏ لٰكِنَّ نَوَايَا بَعْضِهِمْ لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً.‏

      ١٤ فَقَدْ حَاوَلَ قَوْمٌ مِنَ «ٱلْيَهُودِ ٱلطَّوَّافِينَ،‏ ٱلَّذِينَ كَانُوا يُمَارِسُونَ إِخْرَاجَ ٱلشَّيَاطِينِ»،‏ أَنْ يُقَلِّدُوا عَجَائِبَ ٱلرَّسُولِ.‏ فَجَرَّبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَطْرُدُوا ٱلشَّيَاطِينَ بِٱسْمِ يَسُوعَ وَبُولُسَ.‏ وَهٰذَا مَا حَصَلَ مَثَلًا مَعَ سَبْعَةِ رِجَالٍ مِنْ عَائِلَةٍ كَهَنُوتِيَّةٍ،‏ أَبْنَاءِ رَجُلٍ يُدْعَى سَكَاوَا.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَالَ لَهُمْ:‏ «إِنِّي أَعْرِفُ يَسُوعَ وَأَعْلَمُ مَنْ هُوَ بُولُسُ،‏ أَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ تَكُونُونَ؟‏».‏ ثُمَّ ٱنْقَضَّ «ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي كَانَ فِيهِ ٱلرُّوحُ ٱلشِّرِّيرُ» عَلَى هٰؤُلَاءِ ٱلدَّجَّالِينَ،‏ وَاثِبًا كَوَحْشٍ ضَارٍ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ وَلَّوْا هَارِبِينَ،‏ عُرَاةً وَمُجَرَّحِينَ.‏ (‏اع ١٩:‏١٣-‏١٦‏)‏ فَيَا لَلِٱنْتِصَارِ ٱلْكَاسِحِ ٱلَّذِي حَقَّقَتْهُ «كَلِمَةُ يَهْوَهَ»!‏ يَكْفِي فَقَطْ أَنْ نُقَارِنَ بَيْنَ ٱلْقُدْرَةِ ٱلْهَائِلَةِ ٱلَّتِي مُنِحَتْ لِبُولُسَ وَٱلْعَجْزِ ٱلْمُطْبِقِ ٱلَّذِي ٱبْتُلِيَ بِهِ أَتْبَاعُ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَٱلْيَوْمَ يَفْتَرِضُ ٱلْمَلَايِينُ أَنَّ مُجَرَّدَ ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّهُمْ مَسِيحِيُّونَ أَوِ ٱلِٱسْتِعَانَةِ بِٱسْمِ يَسُوعَ كَافِيَانِ.‏ وَلٰكِنْ كَمَا عَلَّمَ يَسُوعُ نَفْسُهُ،‏ لَا رَجَاءَ حَقِيقِيًّا إِلَّا لِمَنْ يَعْمَلُونَ مَشِيئَةَ أَبِيهِ.‏ —‏ مت ٧:‏٢١-‏٢٣‏.‏

      ١٥ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلْأَرْوَاحِيَّةِ وَٱلْأَغْرَاضِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِهَا؟‏

      ١٥ بَعْدَمَا أُذِلَّ أَبْنَاءُ سَكَاوَا،‏ ٱنْتَشَرَ خَوْفُ ٱللّٰهِ بَيْنَ ٱلنَّاسِ،‏ مِمَّا دَفَعَ أَشْخَاصًا كَثِيرِينَ إِلَى ٱعْتِنَاقِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَتَرْكِ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ.‏ فَٱلْمُجْتَمَعُ ٱلْأَفَسُسِيُّ كَانَ مُنْغَمِسًا فِي ٱلْفُنُونِ ٱلسِّحْرِيَّةِ.‏ وَقَدَ شَاعَ ٱسْتِعْمَالُ ٱلرُّقَى وَٱلتَّمَائِمِ وَٱلتَّعَاوِيذِ ٱلَّتِي غَالِبًا مَا كَانَتْ تُكْتَبُ كِتَابَةً.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَٱنْدَفَعَ أَفَسُسِيُّونَ كُثُرٌ إِلَى إِحْضَارِ كُتُبِهِمْ عَنِ ٱلْفُنُونِ ٱلسِّحْرِيَّةِ وَإِحْرَاقِهَا عَلَنًا،‏ مَعَ أَنَّ قِيمَتَهَا تُسَاوِي فِي أَيَّامِنَا عَشَرَاتِ آلَافِ ٱلدُّولَارَاتِ.‏d «وَهٰكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى بِٱقْتِدَارٍ».‏ (‏اع ١٩:‏١٧-‏٢٠‏)‏ فَمِنْ جَدِيدٍ،‏ أَحْرَزَ ٱلْحَقُّ ٱنْتِصَارًا بَاهِرًا عَلَى ٱلشَّيْطَانِيَّةِ وَٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَيَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَيْضًا ٱلْعَائِشِينَ فِي عَالَمٍ غَارِقٍ فِي ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ أَنْ نَقْتَدِيَ بِأَهْلِ أَفَسُسَ ٱلْأُمَنَاءِ.‏ فَإِذَا عَرَفْنَا أَنَّ أَحَدَ أَغْرَاضِنَا مُرْتَبِطٌ بِهَا،‏ فَلْنُبَادِرْ فَوْرًا إِلَى ٱلتَّخَلُّصِ مِنْهُ.‏ وَلْنَتَحَاشَ تَمَامًا هٰذِهِ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْمَقِيتَةَ مَهْمَا كَانَ ٱلثَّمَنُ!‏

      ‏«حَدَثَ ٱضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ» (‏اعمال ١٩:‏٢٣-‏٤١‏)‏

      ديمتريوس يخاطب صنَّاعا في أفسس

      ‏«أيها الرجال،‏ انتم تعرفون جيدا ان رغد عيشنا هو من هذا العمل».‏ —‏ اعمال ١٩:‏٢٥

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ كَيْفَ أَثَارَ دِيمِتْرِيُوسُ ٱلشَّغَبَ فِي أَفَسُسَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَجَلَّتْ نُعَرَةُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ ٱلدِّينِيَّةُ؟‏

      ١٦ لِنَتَفَحَّصِ ٱلْآنَ تَكْتِيكًا شَيْطَانِيًّا آخَرَ تَطَرَّقَ إِلَيْهِ لُوقَا.‏ نَقْرَأُ:‏ «حَدَثَ ٱضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ بِشَأْنِ ‹ٱلطَّرِيقِ›».‏ وَكَلَامُ لُوقَا عَنِ «ٱضْطِرَابٍ لَيْسَ بِقَلِيلٍ» لَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ ٱلْمُبَالَغَةِ.‏e (‏اع ١٩:‏٢٣‏)‏ أَمَّا أَصْلُ ٱلْمُشْكِلَةِ فَهُوَ صَائِغُ فِضَّةٍ ٱسْمُهُ دِيمِتْرِيُوسُ.‏ فَكَيْفَ أَشْعَلَ فَتِيلَ ٱلشَّغَبِ؟‏ لَقَدِ ٱسْتَأْثَرَ دِيمِتْرِيُوسُ بِٱنْتِبَاهِ غَيْرِهِ مِنَ «ٱلصُّنَّاعِ» بِتَذْكِيرِهِمْ أَوَّلًا أَنَّ رَغْدَ عَيْشِهِمْ مَرَدُّهُ إِلَى بَيْعِ ٱلْأَصْنَامِ.‏ ثُمَّ لَمَّحَ أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلَّتِي كَرَزَ بِهَا بُولُسُ تَقْطَعُ رِزْقَهُمْ لِأَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَا يَعْبُدُونَ ٱلْأَوْثَانَ.‏ بَعْدَئِذٍ خَاطَبَ فِيهِمْ رُوحَهُمُ ٱلْقَوْمِيَّةَ وَعَصَبِيَّتَهُمْ لِمَدِينَتِهِمْ،‏ مُحَذِّرًا أَنَّ إِلَاهَتَهُمْ أَرْطَامِيسَ وَهَيْكَلَهُمُ ٱلْمَشْهُورَ عَالَمِيًّا يُوَاجِهَانِ خَطَرَ ‹ٱلِٱنْهِيَارِ›.‏ —‏ اع ١٩:‏٢٤-‏٢٧‏.‏

      ١٧ بَلَغَ دِيمِتْرِيُوسُ مَأْرَبَهُ.‏ فَقَدْ رَاحَ صَاغَةُ ٱلْفِضَّةِ يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ».‏ فَٱمْتَلَأَتِ ٱلْمَدِينَةُ بَلْبَلَةً وَتَشَكَّلَ جَمْعُ ٱلرَّعَاعِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ.‏f أَمَّا بُولُسُ فَهَمَّ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْمُدَرَّجِ لِمُخَاطَبَةِ ٱلْحَشْدِ،‏ مَدْفُوعًا بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلتَّلَامِيذَ أَصَرُّوا عَلَيْهِ أَنْ يَتَلَافَى ٱلْخَطَرَ.‏ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ وَقَفَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ ٱلْإِسْكَنْدَرُ أَمَامَ ٱلْجَمْعِ وَحَاوَلَ مُكَالَمَتَهُمْ.‏ فَبِمَا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ،‏ فَلَرُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّطَ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلْفَرْقِ بَيْنَ ٱلْيَهُودِ وَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْجَمْعَ ٱلْهَائِجَ مَا كَانَ لِيُعَلِّقَ أَيَّ أَهَمِّيَّةٍ عَلَى كَلَامِهِ.‏ فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ،‏ سَكَّتُوهُ مُرَدِّدِينَ نَحْوَ سَاعَتَيْنِ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ!‏».‏ وَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ تَبْقَى ٱلنُّعَرَةُ ٱلدِّينِيَّةُ آفَةً يَفْقِدُ مَنْ يُصَابُ بِهَا ٱلسَّيْطَرَةَ عَلَى نَفْسِهِ.‏ —‏ اع ١٩:‏٢٨-‏٣٤‏.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ كَيْفَ هَدَّأَ رَئِيسُ دِيوَانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَمْعَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَحْمِي ٱلسُّلُطَاتُ ٱلدُّنْيَوِيَّةُ أَحْيَانًا شَعْبَ يَهْوَهَ،‏ وَأَيُّ دَوْرٍ نَلْعَبُهُ نَحْنُ فِي نَيْلِ حِمَايَةٍ كَهٰذِهِ؟‏

      ١٨ أَخِيرًا،‏ هَدَّأَ رَئِيسُ دِيوَانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَمْعَ ٱلثَّائِرَ.‏ فَأَكَّدَ لَهُمْ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلرَّزِينُ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَا يُشَكِّلُونَ خَطَرًا لَا عَلَى هَيْكَلِ أَفَسُسَ وَلَا عَلَى إِلَاهَتِهَا،‏ وَأَنَّ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يُخْطِئُوا فِي حَقِّ هَيْكَلِ أَرْطَامِيسَ.‏ كَمَا ذَكَّرَهُمْ بِٱلْأُصُولِ ٱلْمَرْعِيَّةِ لِبَتِّ مَسَائِلَ كَهٰذِهِ.‏ وَلٰكِنْ لَعَلَّ أَكْثَرَ حُجَجِهِ تَأْثِيرًا إِشَارَتُهُ أَنَّهُمْ فِي خَطَرِ إِثَارَةِ غَضَبِ ٱلرُّومَانِ بِسَبَبِ تَجَمُّعِهِمْ غَيْرِ ٱلْمَشْرُوعِ.‏ وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هٰذَا صَرَفَ ٱلْحَشْدَ.‏ وَهٰكَذَا،‏ بِفَضْلِ كَلِمَاتِهِ ٱلْمَنْطِقِيَّةِ وَٱلْعَمَلِيَّةِ،‏ خَمَدَ غَضَبُ ٱلرَّعَاعِ بِٱلسُّرْعَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي ثَارَ بِهَا.‏ —‏ اع ١٩:‏٣٥-‏٤١‏.‏

      ١٩ لَيْسَتْ هٰذِهِ أَوَّلَ أَوْ آخِرَ مَرَّةٍ يَتَدَخَّلُ فِيهَا شَخْصٌ مُتَّزِنٌ فِي مَرْكَزِ مَسْؤُولِيَّةٍ لِيَحْمِيَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ رَأَى ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا فِي رُؤْيَا أَنَّ أَرْكَانَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلثَّابِتَةَ ٱلْمَرْمُوزَ إِلَيْهَا بِٱلْأَرْضِ تَبْتَلِعُ خِلَالَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ فَيْضًا مِنَ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلشَّيْطَانِيِّ عَلَى أَتْبَاعِ يَسُوعَ.‏ (‏رؤ ١٢:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ نَشْهَدُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ.‏ فَفِي حَالَاتٍ كَثِيرَةٍ،‏ يَنْدَفِعُ قُضَاةٌ عَادِلُونَ إِلَى ضَمَانِ حُرِّيَّةِ شُهُودِ يَهْوَهَ فِي ٱلِٱجْتِمَاعِ مَعًا لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ،‏ وَحِمَايَةِ حَقِّهِمْ فِي ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ،‏ قَدْ يَلْعَبُ سُلُوكُنَا دَوْرًا فِي ٱنْتِصَارَاتٍ مُمَاثِلَةٍ.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ كَسَبَ بُولُسُ بِفَضْلِ سُلُوكِهِ ٱحْتِرَامَ وَوِدَّ بَعْضِ ٱلْمَسْؤُولِينَ ٱلْحُكُومِيِّينَ فِي أَفَسُسَ،‏ فَحَرَصُوا عَلَى سَلَامَتِهِ.‏ (‏اع ١٩:‏٣١‏)‏ فَلْيَتْرُكْ سُلُوكُنَا ٱلْمُتَّصِفُ بِٱلنَّزَاهَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ ٱنْطِبَاعًا مُسْتَحَبًّا عِنْدَ ٱلْآخَرِينَ.‏ فَمَنْ يَدْرِي أَيَّ خَيْرٍ جَزِيلٍ قَدْ نَجْنِي بِفَضْلِهِ؟‏

      ٢٠ (‏أ)‏ مَا ٱنْطِبَاعَاتُكَ عَنْ نُمُوِّ كَلِمَةِ يَهْوَهَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَٱلْيَوْمَ؟‏ (‏ب)‏ إِلَامَ تَنْدَفِعُ حِينَ تَرَى ٱنْتِصَارَاتِ يَهْوَهَ فِي أَيَّامِنَا؟‏

      ٢٠ لَا شَكَّ أَنَّنَا تَشَجَّعْنَا كَثِيرًا بَعْدَمَا رَأَيْنَا كَيْفَ «كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى» فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ أَلَا نَتَشَجَّعُ حِينَ نَرَى ٱنْتِصَارَاتٍ مُشَابِهَةً تَتَحَقَّقُ بِفَضْلِ يَهْوَهَ؟‏ فَهَلْ تَرْغَبُ أَنْ تَحْظَى بِٱمْتِيَازِ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِيهَا وَلَوْ قَلِيلًا؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ تَعَلَّمْ مِنَ ٱلْأَمْثِلَةِ ٱلْوَارِدَةِ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ.‏ حَافِظْ عَلَى تَوَاضُعِكَ،‏ جَارِ هَيْئَةَ يَهْوَهَ ٱلتَّقَدُّمِيَّةَ،‏ ٱجْتَهِدْ عَلَى ٱلدَّوَامِ،‏ ٱهْرُبْ مِنَ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ،‏ وَٱبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِكَ لِتُقَدِّمَ شَهَادَةً حَسَنَةً مِنْ خِلَالِ سُلُوكِكَ ٱلْمُتَّسِمِ بِٱلنَّزَاهَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏أَفَسُسُ:‏ عَاصِمَةُ آسِيَا‏».‏

      b كَتَبَ بُولُسُ أَيْضَا ١ كُورِنْثُوسَ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي أَفَسُسَ.‏

      c يَجُوزُ أَنَّ بُولُسَ لَفَّ هٰذِهِ ٱلْمَنَادِيلَ حَوْلَ جَبِينِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ ٱلْعَرَقُ فِي عَيْنَيْهِ.‏ أَمَّا ٱلْمَآ‌زِرُ فَلَعَلَّهُ لَبِسَهَا لِأَنَّهُ زَاوَلَ صِنَاعَةَ ٱلْخِيَامِ خِلَالَ أَوْقَاتِ فَرَاغِهِ،‏ رُبَّمَا فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ.‏ —‏ اع ٢٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      d يَذْكُرُ لُوقَا أَنَّ ثَمَنَ ٱلْكُتُبِ بَلَغَ ٠٠٠‏,٥٠ قِطْعَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ.‏ وَفِي حَالِ كَانَتْ قِطَعُ ٱلْفِضَّةِ دَنَانِيرَ،‏ تَطَلَّبَ جَمْعُ هٰذَا ٱلْمَبْلَغِ آنَذَاكَ ٱلْعَمَلَ بِلَا ٱنْقِطَاعٍ ٠٠٠‏,٥٠ يَوْمٍ،‏ أَيْ مَا يُقَارِبُ ١٣٧ سَنَةً.‏

      e يَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ أَشَارَ إِلَى هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ حِينَ قَالَ لِلْكُورِنْثِيِّينَ:‏ «كُنَّا إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ حَيَاتِنَا».‏ (‏٢ كو ١:‏٨‏)‏ وَلٰكِنْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ حَادِثَةً أَخْطَرَ بِكَثِيرٍ كَانَتْ فِي بَالِهِ.‏ فَعِنْدَمَا كَتَبَ أَنَّهُ ‹قَاتَلَ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ›،‏ لَرُبَّمَا قَصَدَ مُجَابَهَةَ وُحُوشٍ ضَارِيَةٍ فِي حَلْبَةٍ أَوْ مُوَاجَهَةَ ٱلْمُقَاوِمِينَ هُنَاكَ.‏ (‏١ كو ١٥:‏٣٢‏)‏ فَكِلَا ٱلْمَعْنَيَيْنِ ٱلْحَرْفِيُّ وَٱلْمَجَازِيُّ جَائِزٌ.‏

      f كَانَتْ رَابِطَاتُ أَوْ نِقَابَاتُ ٱلصُّنَّاعِ قَادِرَةً عَلَى ٱلتَّأْثِيرِ بِعُمْقٍ فِي ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ حَرَّضَتْ رَابِطَةُ ٱلْخَبَّازِينَ فِي أَفَسُسَ عَلَى أَعْمَالِ شَغَبٍ مُمَاثِلَةٍ بَعْدَ نَحْوِ قَرْنٍ.‏

  • ‏«اني طاهر من دم الجميع»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢١

      ‏«إِنِّي طَاهِرٌ مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ»‏

      غَيْرَةُ بُولُسَ فِي ٱلْكِرَازَةِ وَمَشُورَتُهُ إِلَى ٱلشُّيُوخِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢٠:‏١-‏٣٨

      ١-‏٣ (‏أ)‏ صِفُوا ٱلظُّرُوفَ ٱلْمُحِيطَةَ بِمَوْتِ أَفْتِيخُوسَ.‏ (‏ب)‏ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ،‏ وَمَاذَا تَكْشِفُ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ عَنْهُ؟‏

      يَحْتَشِدُ ٱلْإِخْوَةُ فِي عُلِّيَّةٍ بِتَرُوَاسَ مُصْغِينَ إِلَى خِطَابِ بُولُسَ ٱلْوَدَاعِيِّ.‏ إِنَّهَا لَيْلَتُهُ ٱلْأَخِيرَةُ مَعَهُمْ.‏ لٰكِنَّ ٱلْخِطَابَ يَطُولُ .‏ .‏ .‏ وَيَطُولُ .‏ .‏ .‏ حَتَّى يَنْتَصِفَ ٱللَّيْلُ.‏ اَلسُّرُجُ كَثِيرَةٌ تَتَرَاقَصُ شُعَلُهَا يَمِينًا وَيَسَارًا لِتُنِيرَ ٱلْمَكَانَ.‏ وَلٰكِنْ مَعَ ٱلْوَقْتِ يَشْتَدُّ ٱلْحَرُّ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ،‏ وَرُبَّمَا تَعْبَقُ بِٱلْغُرْفَةِ رَائِحَةُ ٱلدُّخَانِ أَيْضًا.‏ وَفِيمَا يُطِيلُ ٱلرَّسُولُ ٱلْكَلَامَ،‏ يَغْلِبُ ٱلنُّعَاسُ عَلَى شَابٍّ يُدْعَى أَفْتِيخُوسَ كَانَ جَالِسًا عَلَى حَرْفِ ٱلنَّافِذَةِ.‏ وَفَجْأَةً يَقَعُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ٱلْحُسْبَانِ:‏ فَٱلشَّابُّ أَفْتِيخُوسُ يَهْوِي أَرْضًا مِنَ ٱلطَّبَقَةِ ٱلثَّالِثَةِ!‏

      ٢ لَا نَسْتَغْرِبُ إِنْ كَانَ لُوقَا ٱلطَّبِيبُ هُوَ أَوَّلَ مَنْ هَبَّ لِتَفَقُّدِ أَفْتِيخُوسَ.‏ إِلَّا أَنَّ حَالَةَ ٱلشَّابِّ وَاضِحَةٌ تَمَامًا:‏ إِنَّهُ «مَيِّتٌ»!‏ (‏اع ٢٠:‏٩‏)‏ فَهَلْ يَرْجِعُ ٱلْإِخْوَةُ إِلَى بُيُوتِهِمْ حَزَانَى؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَهَا بُولُسُ يَرْتَمِي عَلَى أَفْتِيخُوسَ،‏ ثُمَّ يَأْمُرُ ٱلْحُضُورَ قَائِلًا:‏ «كُفُّوا عَنْ إِثَارَةِ ٱلضَّجِيجِ لِأَنَّ نَفْسَهُ فِيهِ».‏ نَعَمْ،‏ لَقَدْ صَنَعَ ٱلرَّسُولُ عَجِيبَةً وَأَعَادَ ٱلشَّابَّ إِلَى ٱلْحَيَاةِ!‏ —‏ اع ٢٠:‏١٠‏.‏

      ٣ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ،‏ تَجَلَّتْ قُدْرَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَلٰكِنْ لِمَ صَنَعَ بُولُسُ أَسَاسًا هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةَ؟‏ فَهُوَ أَوَّلًا وَآخِرًا لَمْ يَكُنْ مَلُومًا عَلَى مَوْتِ أَفْتِيخُوسَ.‏ اَلْوَاقِعُ هُوَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ لَمْ يُرِدْ أَنْ تُفْسِدَ هٰذِهِ ٱلْفَاجِعَةُ ٱلْمُنَاسَبَةَ ٱلْهَامَّةَ أَوْ أَنْ تُعْثِرَ أَيًّا مِنَ ٱلْحَاضِرِينَ.‏ وَبِإِقَامَةِ أَفْتِيخُوسَ،‏ كَانَتْ لِلْجَمَاعَةِ تَعْزِيَةٌ،‏ وَتَنَشَّطَ أَعْضَاؤُهَا لِمُتَابَعَةِ خِدْمَتِهِمْ بَعْدَ مُغَادَرَةِ بُولُسَ.‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلرَّسُولَ لَمْ يَنْظُرْ بِٱسْتِخْفَافٍ إِلَى حَيَاةِ ٱلْآخَرِينَ.‏ قَالَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ:‏ «إِنِّي طَاهِرٌ مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ».‏ (‏اع ٢٠:‏٢٦‏)‏ فَلْنَتَأَمَّلْ إِذًا كَيْفَ يُفِيدُنَا مِثَالُهُ.‏

      ‏«خَرَجَ لِيُسَافِرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ» (‏اعمال ٢٠:‏١،‏ ٢‏)‏

      ٤ أَيُّ مِحْنَةٍ شَدِيدَةٍ أَلَمَّتْ بِبُولُسَ؟‏

      ٤ قَرَأْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ أَنَّ بُولُسَ عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ فِيمَا كَانَ فِي أَفَسُسَ.‏ فَكِرَازَتُهُ هُنَاكَ أَثَارَتْ ضَجَّةً قَوِيَّةً،‏ إِذْ إِنَّ صَاغَةَ ٱلْفِضَّةِ ٱلَّذِينَ كَسَبُوا مَعِيشَتَهُمْ مِنْ عِبَادَةِ أَرْطَامِيسَ أَثَارُوا ٱضْطِرَابًا ضِدَّهُ.‏ «وَبَعْدَ أَنْ هَمَدَ ٱلشَّغَبُ،‏ ٱسْتَدْعَى بُولُسُ ٱلتَّلَامِيذَ،‏ فَشَجَّعَهُمْ وَوَدَّعَهُمْ،‏ ثُمَّ خَرَجَ لِيُسَافِرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ».‏ —‏ اع ٢٠:‏١‏.‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ كَمْ مِنَ ٱلْوَقْتِ رُبَّمَا قَضَى بُولُسُ فِي مَقْدُونِيَةَ،‏ وَمَاذَا فَعَلَ مِنْ أَجْلِ ٱلْإِخْوَةِ هُنَاكَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مَوْقِفٍ حَافَظَ عَلَيْهِ بُولُسُ مِنْ رُفَقَائِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ؟‏

      ٥ فِي طَرِيقِهِ إِلَى مَقْدُونِيَةَ،‏ عَرَّجَ ٱلرَّسُولُ عَلَى مَرْفَإِ تَرُوَاسَ آمِلًا أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ تِيطُسُ،‏ مُوْفَدُهُ إِلَى كُورِنْثُوسَ.‏ (‏٢ كو ٢:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ وَلٰكِنْ حِينَ تَأَكَّدَ أَنَّ تِيطُسَ لَنْ يَأْتِيَ،‏ تَابَعَ طَرِيقَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ حَيْثُ أَمْضَى سَنَةً عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ ‹مُشَجِّعًا ٱلْإِخْوَةَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ›.‏a (‏اع ٢٠:‏٢‏)‏ وَهُنَاكَ ٱلْتَقَى أَخِيرًا بِتِيطُسَ ٱلَّذِي حَمَلَ إِلَيْهِ أَخْبَارًا سَارَّةً عَنْ تَجَاوُبِ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ مَعَ ٱلرِّسَالَةِ ٱلْأُولَى إِلَيْهِمْ.‏ (‏٢ كو ٧:‏٥-‏٧‏)‏ فَٱنْدَفَعَ ٱلرَّسُولُ إِذَّاكَ إِلَى كِتَابَةِ رِسَالَةٍ أُخْرَى،‏ نُشِيرُ إِلَيْهَا ٱلْيَوْمَ بِٱسْمِ ٢ كُورِنْثُوسَ.‏

      ٦ مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ بُولُسَ ‏«شَجَّعَ»‏ إِخْوَتَهُ فِي أَفَسُسَ وَمَقْدُونِيَةَ،‏ حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا لُوقَا.‏ وَهٰذَا ٱلتَّفْصِيلُ يَرْسُمُ صُورَةً وَاضِحَةً عَنْ مَوْقِفِ ٱلرَّسُولِ مِنْ رُفَقَائِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ فَبِعَكْسِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلَّذِينَ ٱزْدَرَوْا بِعَامَّةِ ٱلشَّعْبِ،‏ ٱعْتَبَرَ بُولُسُ ٱلْخِرَافَ رُفَقَاءَ لَهُ فِي ٱلْعَمَلِ.‏ (‏يو ٧:‏٤٧-‏٤٩؛‏ ١ كو ٣:‏٩‏)‏ وَقَدْ حَافَظَ عَلَى هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةِ حَتَّى عِنْدَمَا قَدَّمَ لَهُمْ مَشُورَةً قَوِيَّةً.‏ —‏ ٢ كو ٢:‏٤‏.‏

      ٧ كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلنُّظَّارُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ؟‏

      ٧ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَسْعَى ٱلشُّيُوخُ وَٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ لِلِٱقْتِدَاءِ بِبُولُسَ.‏ فَهُمْ يَهْدِفُونَ إِلَى تَقْوِيَةِ مَنْ يَحْتَاجُونَ إِلَى مُسَاعَدَةٍ،‏ حَتَّى عِنْدَ تَوْبِيخِهِمْ.‏ كَمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَتَعَاطَفُوا مَعَ ٱلْإِخْوَةِ وَيُشَجِّعُوهُمْ،‏ لَا أَنْ يَدِينُوهُمْ.‏ عَلَّقَ أَخٌ خَدَمَ لِسَنَوَاتٍ نَاظِرًا جَائِلًا بِٱلْقَوْلِ:‏ «يَرْغَبُ مُعْظَمُ إِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا أَنْ يَسْلُكُوا حَسَنًا،‏ لٰكِنَّهُمْ غَالِبًا مَا يُصَارِعُونَ ٱلتَّثَبُّطَ وَٱلْقَلَقَ وَٱلْإِحْسَاسَ بِٱلْعَجْزِ أَمَامَ مَشَاكِلِهِمْ».‏ وَٱلنُّظَّارُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ قَادِرُونَ أَنْ يَمُدُّوا هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةَ بِٱلتَّشْجِيعِ.‏ —‏ عب ١٢:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      رَسَائِلُ بُولُسَ مِنْ مَقْدُونِيَةَ

      فِي رِسَالَةِ بُولُسَ ٱلثَّانِيَةِ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ،‏ يَذْكُرُ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ كَانَ قَلِقًا عَلَى إِخْوَتِهِ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ غَيْرَ أَنَّ تِيطُسَ أَتَاهُ بِأَخْبَارٍ مُفْرِحَةٍ عَنْهُمْ،‏ فَٱطْمَأَنَّ بَالُهُ.‏ وَعَلَى ٱلْأَثَرِ،‏ رَاسَلَ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٥ ب‌م،‏ مُشِيرًا فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ أَنَّهُ لَا يَزَالُ فِي مَقْدُونِيَةَ.‏ (‏٢ كو ٧:‏٥-‏٧؛‏ ٩:‏٢-‏٤‏)‏ وَفِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ،‏ ٱنْشَغَلَ فِكْرُهُ فِي كَيْفِيَّةِ ٱلِٱنْتِهَاءِ مِنْ جَمْعِ ٱلتَّبَرُّعَاتِ مِنْ أَجْلِ ٱلْقِدِّيسِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ (‏٢ كو ٨:‏١٨-‏٢١‏)‏ كَمَا أَقْلَقَهُ وُجُودُ ‹رُسُلٍ دَجَّالِينَ،‏ عَامِلِينَ خَدَّاعِينَ›،‏ فِي كُورِنْثُوسَ.‏ —‏ ٢ كو ١١:‏٥،‏ ١٣،‏ ١٤‏.‏

      وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ كَتَبَ مِنْ مَقْدُونِيَةَ أَيْضًا رِسَالَتَهُ إِلَى تِيطُسَ ٱلْمَوْجُودِ فِي كِرِيتَ.‏ فَٱلرَّسُولُ كَانَ قَدْ زَارَ هٰذِهِ ٱلْجَزِيرَةَ فِي وَقْتٍ مَا بَيْنَ ٱلْعَامَيْنِ ٦١ وَ ٦٤ ب‌م بَعْدَمَا أَطْلَقَ ٱلرُّومَانُ سَرَاحَهُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى.‏ إِذَّاكَ تَرَكَ بُولُسُ تِيطُسَ هُنَاكَ لِيُقَوِّمَ بَعْضَ ٱلْمَشَاكِلِ وَيُعَيِّنَ شُيُوخًا فِي ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ (‏تي ١:‏٥‏)‏ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ فِي رِسَالَتِهِ أَنْ يُلَاقِيَهُ فِي نِيكُوبُولِيسَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ مُدُنًا عِدَّةً حَمَلَتْ هٰذَا ٱلِٱسْمَ فِي حَوْضِ ٱلْمُتَوَسِّطِ قَدِيمًا،‏ وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّ ٱلرَّسُولَ عَنَى ٱلْمَدِينَةَ ٱلْوَاقِعَةَ شَمَالَ غَرْبِ ٱلْيُونَانِ.‏ فَهُوَ كَانَ يَخْدُمُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ حِينَ كَاتَبَ تِيطُسَ.‏ —‏ تي ٣:‏١٢‏.‏

      وَرِسَالَةُ بُولُسَ ٱلْأُولَى إِلَى تِيمُوثَاوُسَ تَعُودُ هِيَ أَيْضًا إِلَى ٱلْفَتْرَةِ ٱلْمُمْتَدَّةِ بَيْنَ سَجْنِهِ ٱلْأَوَّلِ وَٱلثَّانِي فِي رُومَا (‏٦١ إِلَى ٦٤ ب‌م)‏.‏ فَفِي مُقَدِّمَتِهَا،‏ يُشِيرُ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ طَلَبَ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ مِنْ تِيمُوثَاوُسَ ٱلْبَقَاءَ فِي أَفَسُسَ،‏ فِيمَا ذَهَبَ هُوَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ (‏١ تي ١:‏٣‏)‏ وَمِنْ هُنَاكَ عَلَى مَا يَبْدُو،‏ رَاسَلَ بُولُسُ ٱلشَّابَّ وَخَاطَبَهُ خِطَابَ ٱلْأَبِ لِٱبْنِهِ.‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ،‏ قَدَّمَ لَهُ ٱلنُّصْحَ،‏ شَجَّعَهُ،‏ وَأَعْطَاهُ إِرْشَادَاتٍ حَوْلَ إِجْرَاءَاتٍ مُحَدَّدَةٍ يَجِبُ ٱتِّبَاعُهَا فِي ٱلْجَمَاعَاتِ.‏

      ‏«خُطَّةٌ خَبِيثَةٌ كَانَتْ تُحَاكُ ضِدَّهُ» (‏اعمال ٢٠:‏٣،‏ ٤‏)‏

      ٨،‏ ٩ (‏أ)‏ مَاذَا عَرْقَلَ خُطَطَ بُولُسَ فِي ٱلْإِبْحَارِ إِلَى سُورِيَّةَ؟‏ (‏ب)‏ مَا بَعْضُ ٱلْأَسْبَابِ ٱلْمُحْتَمَلَةِ لِلْعَدَاوَةِ ٱلَّتِي أَكَنَّهَا ٱلْيَهُودُ لِبُولُسَ؟‏

      ٨ مِنْ مَقْدُونِيَةَ تَوَجَّهَ بُولُسُ إِلَى كُورِنْثُوسَ.‏b وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ،‏ هَمَّ بِٱلذَّهَابِ إِلَى كَنْخَرِيَا حَيْثُ كَانَ فِي نِيَّتِهِ أَنْ يُبْحِرَ إِلَى سُورِيَّةَ ثُمَّ يَتَوَجَّهَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُوصِلَ ٱلتَّبَرُّعَاتِ أَخِيرًا إِلَى إِخْوَتِهِ ٱلْمُحْتَاجِينَ.‏c (‏اع ٢٤:‏١٧؛‏ رو ١٥:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ لٰكِنَّ حَدَثًا لَمْ يَكُنْ فِي ٱلْحُسْبَانِ بَدَّلَ خُطَطَهُ.‏ فَٱلْأَعْمَال ٢٠:‏٣ تَكْشِفُ أَنَّ «خُطَّةً خَبِيثَةً كَانَتْ تُحَاكُ ضِدَّهُ مِنَ ٱلْيَهُودِ».‏

      ٩ وَلَا نَسْتَغْرِبُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ أَضْمَرُوا ٱلْعِدَاءَ لِبُولُسَ.‏ فَهُوَ فِي نَظَرِهِمْ مُرْتَدٌّ عَنْ دِيَانَتِهِمْ.‏ وَكِرَازَتُهُ سَابِقًا أَدَّتْ إِلَى ٱهْتِدَاءِ كِرِيسْبُسَ،‏ ٱلْعُضْوِ ٱلْبَارِزِ فِي مَجْمَعِ كُورِنْثُوسَ.‏ (‏اع ١٨:‏٧،‏ ٨؛‏ ١ كو ١:‏١٤‏)‏ وَمَا حَصَلَ لَاحِقًا زَادَهُمْ حَنَقًا عَلَيْهِ.‏ فَقَدْ شَكَوْهُ إِلَى غَالِيُونَ وَالِي أَخَائِيَةَ،‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذَا ٱلْأَخِيرَ رَدَّ ٱلدَّعْوَى مُعْتَبِرًا أَنَّهَا غَيْرُ مُبَرَّرَةٍ.‏ (‏اع ١٨:‏١٢-‏١٧‏)‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَلَعَلَّهُمْ عَرَفُوا أَوِ ٱسْتَنْتَجُوا أَنَّ ٱلرَّسُولَ مُوشِكٌ أَنْ يُبْحِرَ مِنْ مَرْفَإِ كَنْخَرِيَا ٱلْمُجَاوِرِ.‏ فَعَمَدُوا إِلَى تَدْبِيرِ مَكِيدَةٍ لِيَكْمُنُوا لَهُ هُنَاكَ.‏ فَمَا عَسَاهُ يَفْعَلُ ٱلْآنَ؟‏

      ١٠ هَلْ كَانَ تَفَادِي ٱلْمُرُورِ بِكَنْخَرِيَا عَمَلًا جَبَانًا؟‏ أَوْضِحُوا.‏

      ١٠ تَجَنُّبًا لِلْمَخَاطِرِ ٱلْمُحْتَمَلَةِ وَحِرْصًا عَلَى ٱلْأَمْوَالِ ٱلْمُؤْتَمَنِ عَلَيْهَا،‏ قَرَّرَ بُولُسُ عَدَمَ ٱلذَّهَابِ إِلَى كَنْخَرِيَا.‏ عِوَضَ ذٰلِكَ آثَرَ ٱلرُّجُوعَ عَبْرَ مَقْدُونِيَةَ،‏ مَعَ ٱلْعِلْمِ أَنَّ ٱلسَّفَرَ بَرًّا ٱنْطَوَى هُوَ ٱلْآخَرُ عَلَى مَخَاطِرَ جَمَّةٍ.‏ فَغَالِبًا مَا كَمَنَ قُطَّاعُ ٱلطُّرُقِ لِلْمُسَافِرِينَ؛‏ وَٱلْفَنَادِقُ نَفْسُهَا لَمْ تَكُنْ آمِنَةً.‏ لٰكِنَّ بُولُسَ ٱخْتَارَ أَهْوَنَ ٱلشَّرَّيْنِ وَفَضَّلَ مَخَاطِرَ ٱلسَّفَرِ بَرًّا عَلَى تِلْكَ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُهُ فِي كَنْخَرِيَا.‏ وَٱلشُّكْرُ لِلّٰهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا وَحْدَهُ.‏ فَمِنْ بَيْنِ رُفَقَائِهِ فِي هٰذِهِ ٱلسَّفْرَةِ نَعُدُّ:‏ أَرِسْتَرْخُسَ،‏ تُرُوفِيمُسَ،‏ تِيخِيكُسَ،‏ تِيمُوثَاوُسَ،‏ سَكُونْدُسَ،‏ سُوبَاتَرُسَ،‏ وَغَايُسَ.‏ —‏ اع ٢٠:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ١١ كَيْفَ يَتَّخِذُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ ٱلتَّدَابِيرَ لِحِمَايَةِ أَنْفُسِهِمْ قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ،‏ وَأَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ يَسُوعُ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ؟‏

      ١١ تَشَبُّهًا بِبُولُسَ،‏ يَتَّخِذُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ ٱحْتِيَاطَاتِهِمْ أَثْنَاءَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَفِي بَعْضِ ٱلْمَنَاطِقِ،‏ لَا يَتَنَقَّلُونَ فِي ٱلْمُقَاطَعَةِ مُنْفَرِدِينَ،‏ بَلْ يَخْدُمُونَ فِي فِرَقٍ أَوْ عَلَى ٱلْأَقَلِّ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ.‏ وَمَا نَظْرَتُهُمْ إِلَى ٱلِٱضْطِهَادِ؟‏ يُدْرِكُ ٱلشُّهُودُ أَنْ لَا مَفَرَّ مِنْ أَنْ يُضْطَهَدُوا.‏ (‏يو ١٥:‏٢٠؛‏ ٢ تي ٣:‏١٢‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ هُمْ لَا يَتَعَمَّدُونَ تَعْرِيضَ أَنْفُسِهِمْ لِلْخَطَرِ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ،‏ مِنَ ٱلْمُفِيدِ ٱلتَّأَمُّلُ فِي مِثَالِ يَسُوعَ.‏ فَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ رَاحَ ٱلْمُقَاوِمُونَ فِي أُورُشَلِيمَ يَرْفَعُونَ حِجَارَةً لِيَرْمُوهُ بِهَا.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ «تَوَارَى وَخَرَجَ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ».‏ (‏يو ٨:‏٥٩‏)‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ حِينَ خَطَّطَ ٱلْيَهُودُ لِقَتْلِهِ،‏ «لَمْ يَعُدْ يَسُوعُ يَتَجَوَّلُ عَلَانِيَةً بَيْنَ ٱلْيَهُودِ،‏ بَلْ مَضَى مِنْ هُنَاكَ إِلَى ٱلْكُورَةِ ٱلْقَرِيبَةِ مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ».‏ (‏يو ١١:‏٥٤‏)‏ بِٱخْتِصَارٍ،‏ ٱتَّخَذَ يَسُوعُ ٱلتَّدَابِيرَ لِحِمَايَةِ نَفْسِهِ قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ مَا دَامَ ذٰلِكَ لَا يَتَعَارَضُ مَعَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ لَهُ.‏ وَهٰذَا بِٱلضَّبْطِ مَا يَفْعَلُهُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ.‏ —‏ مت ١٠:‏١٦‏.‏

      بُولُسُ يَنْقُلُ إِعَانَاتٍ

      فِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي تَلَتْ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ أَلَمَّتْ بِٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي أُورُشَلِيمَ مِحَنٌ مُتَنَوِّعَةٌ.‏ فَقَدْ عَانَوُا ٱلْمَجَاعَةَ وَٱلِٱضْطِهَادَ وَخَسَارَةَ مُمْتَلَكَاتِهِمْ،‏ فَوَقَعَ بَعْضُهُمْ فِي ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ.‏ (‏اع ١١:‏٢٧–‏١٢:‏١؛‏ عب ١٠:‏٣٢-‏٣٤‏)‏ لِذٰلِكَ عِنْدَمَا أَوْصَى ٱلشُّيُوخُ فِي أُورُشَلِيمَ بُولُسَ نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٩ ب‌م أَنْ يُرَكِّزَ بِشَارَتَهُ عَلَى ٱلْأُمَمِ،‏ حَثُّوهُ أَيْضًا أَنْ ‹يَذْكُرَ ٱلْفُقَرَاءَ›.‏ وَهٰذَا بِٱلضَّبْطِ مَا فَعَلَهُ ٱلرَّسُولُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى جَمْعِ ٱلْإِعَانَاتِ مِنَ ٱلْجَمَاعَاتِ.‏ —‏ غل ٢:‏١٠‏.‏

      وَفِي عَامِ ٥٥ ب‌م،‏ قَالَ بُولُسُ لِلْكُورِنْثِيِّينَ:‏ «كَمَا أَوْصَيْتُ جَمَاعَاتِ غَلَاطِيَةَ،‏ هٰكَذَا ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا.‏ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ لِيَضَعْ كُلٌّ مِنْكُمْ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا جَانِبًا،‏ مُدَّخِرًا حَسْبَمَا يُوَفَّقُ،‏ حَتَّى مَتَى جِئْتُ لَا يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ.‏ بَلْ مَتَى وَصَلْتُ،‏ فَٱلَّذِينَ تَرْتَضُونَهُمْ بِمُوجَبِ رَسَائِلَ،‏ أُرْسِلُهُمْ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ».‏ (‏١ كو ١٦:‏١-‏٣‏)‏ وَبُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ حِينَ كَتَبَ بُولُسُ رِسَالَتَهُ ٱلْمُلْهَمَةَ ٱلثَّانِيَةَ إِلَى ٱلْكُورِنْثِيِّينَ،‏ حَثَّهُمْ أَنْ يُعِدُّوا عَطِيَّتَهُمْ وَذَكَرَ أَنَّ ٱلْمَقْدُونِيِّينَ أَيْضًا مُشَارِكُونَ فِي ٱلتَّبَرُّعِ.‏ —‏ ٢ كو ٨:‏١–‏٩:‏١٥‏.‏

      وَأَخِيرًا عَامَ ٥٦ ب‌م،‏ ٱنْضَمَّ ثَمَانِيَةُ مُمَثِّلِينَ عَنْ عِدَّةِ جَمَاعَاتٍ إِلَى بُولُسَ لِنَقْلِ ٱلتَّبَرُّعَاتِ.‏ وَوُجُودُ هٰؤُلَاءِ ٱلتِّسْعَةِ مَعًا لَمْ يَقِ مِنْ بَعْضِ مَخَاطِرِ ٱلسَّفَرِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ حَمَى بُولُسَ أَيْضًا مِنْ أَيِّ تُهْمَةٍ قَدْ تُوَجَّهُ إِلَيْهِ بِإِسَاءَةِ ٱسْتِخْدَامِ ٱلْأَمْوَالِ.‏ (‏٢ كو ٨:‏٢٠‏)‏ وَإِيصَالُ هٰذِهِ ٱلتَّبَرُّعَاتِ كَانَ ٱلْهَدَفَ ٱلرَّئِيسِيَّ مِنْ رِحْلَةِ بُولُسَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ (‏رو ١٥:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ فَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ أَوْضَحَ ٱلرَّسُولُ سَبَبَ زِيَارَتِهِ حِينَ قَالَ لِلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ:‏ «بَعْدَ سِنِينَ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ،‏ وَصَلْتُ أَحْمِلُ صَدَقَاتٍ إِلَى أُمَّتِي مَعَ قَرَابِينَ».‏ —‏ اع ٢٤:‏١٧‏.‏

      ‏«كَانَتْ لَهُمْ تَعْزِيَةٌ لَا حَدَّ لَهَا»‏ ‏(‏اعمال ٢٠:‏٥-‏١٢‏)‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ كَيْفَ أَثَّرَتْ قِيَامَةُ أَفْتِيخُوسَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ رَجَاءٍ مُؤَسَّسٍ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يُعَزِّي فِي أَيَّامِنَا مَنْ غَيَّبَ ٱلْمَوْتُ عَزِيزًا عَلَى قَلْبِهِمْ؟‏

      ١٢ اِجْتَازَ بُولُسُ وَرُفَقَاؤُهُ مَقْدُونِيَةَ مَعًا،‏ ثُمَّ ٱفْتَرَقُوا عَلَى مَا يَبْدُو.‏ بَعْدَئِذٍ يُخْبِرُنَا لُوقَا:‏ «أَتَيْنَا إِلَيْهِمْ فِي تَرُوَاسَ فِي غُضُونِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ».‏d (‏اع ٢٠:‏٦‏)‏ فَكَمَا يَظْهَرُ،‏ عَادَ ٱلرِّجَالُ وَٱجْتَمَعُوا فِي تَرُوَاسَ.‏e وَكَانَ فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ أَنَّ ٱلشَّابَّ أَفْتِيخُوسَ أُقِيمَ مِنَ ٱلْمَوْتِ،‏ بِحَسَبِ مَا رَأَيْنَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ.‏ وَيَا لَلْفَرْحَةِ ٱلَّتِي غَمَرَتِ ٱلْإِخْوَةَ حِينَ عَادَ رَفِيقُهُمْ إِلَى ٱلْحَيَاةِ!‏ فَٱلسِّفْرُ يُطْلِعُنَا أَنَّهُمْ تَعَزَّوْا «تَعْزِيَةً لَا حَدَّ لَهَا».‏ —‏ اع ٢٠:‏١٢‏.‏

      ١٣ طَبْعًا،‏ لَا نَشْهَدُ فِي أَيَّامِنَا عَجَائِبَ كَهٰذِهِ.‏ إِلَّا أَنَّ رَجَاءَ ٱلْقِيَامَةِ ٱلْمُؤَسَّسَ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يُقَدِّمُ «تَعْزِيَةً لَا حَدَّ لَهَا» لِمَنْ يَفْقِدُونَ عَزِيزًا عَلَى قَلْبِهِمْ.‏ (‏يو ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فَكِّرْ فِي مَا يَلِي:‏ رَغْمَ أَنَّ بُولُسَ أَقَامَ أَفْتِيخُوسَ،‏ عَادَ هٰذَا ٱلشَّابُّ وَمَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ بِسَبَبِ ٱلنَّقْصِ ٱلْبَشَرِيِّ.‏ (‏رو ٦:‏٢٣‏)‏ لٰكِنَّ ٱلْمُقَامِينَ فِي عَالَمِ ٱللّٰهِ ٱلْجَدِيدِ يَرْجُونَ ٱلْعَيْشَ إِلَى ٱلْأَبَدِ!‏ وَكَذٰلِكَ ٱلْمُقَامُونَ لِيَحْكُمُوا مَعَ يَسُوعَ فِي ٱلسَّمَاءِ ‹يَلْبَسُونَ ٱلْخُلُودَ› كَمَا تُخْبِرُنَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ.‏ (‏١ كو ١٥:‏٥١-‏٥٣‏)‏ لِذٰلِكَ لَدَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ جَمِيعًا،‏ سَوَاءٌ كَانُوا مِنَ ٱلْمَمْسُوحِينَ أَوْ مِنَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›،‏ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِيَتَعَزَّوْا «تَعْزِيَةً لَا حَدَّ لَهَا».‏ —‏ يو ١٠:‏١٦‏.‏

      ‏«عَلَانِيَةً وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ» (‏اعمال ٢٠:‏١٣-‏٢٤‏)‏

      ١٤ مَاذَا قَالَ بُولُسُ لِشُيُوخِ أَفَسُسَ عِنْدَمَا ٱلْتَقَاهُمْ فِي مِيلِيتُسَ؟‏

      ١٤ سَافَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ تَرُوَاسَ إِلَى أَسُّوسَ فَمِيتِيلِينِي فَخِيُوسَ فَسَامُوسَ وُصُولًا إِلَى مِيلِيتُسَ.‏ وَكَانَ ٱلرَّسُولُ يُسْرِعُ لِلْوُصُولِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ.‏ وَهٰذَا مَا يُفَسِّرُ لِمَ «قَرَّرَ أَنْ يُبْحِرَ مُتَجَاوِزًا أَفَسُسَ».‏ غَيْرَ أَنَّهُ رَغِبَ فِي ٱلتَّحَدُّثِ إِلَى شُيُوخِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ لِذَا طَلَبَ مِنْهُمْ مُوَافَاتَهُ فِي مِيلِيتُسَ.‏ (‏اع ٢٠:‏١٣-‏١٧‏)‏ وَعِنْدَ وُصُولِهِمْ،‏ قَالَ لَهُمْ:‏ «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ جَيِّدًا مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَطِئَتْ قَدَمِي إِقْلِيمَ آسِيَا،‏ كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ ٱلزَّمَانِ،‏ عَابِدًا لِلرَّبِّ بِكُلِّ ٱتِّضَاعٍ عَقْلِيٍّ وَدُمُوعٍ وَمِحَنٍ أَصَابَتْنِي مِنْ خُطَطِ ٱلْيَهُودِ ٱلْخَبِيثَةِ،‏ فِيمَا لَمْ أُمْسِكْ عَنْ إِخْبَارِكُمْ بِكُلِّ مَا هُوَ مُفِيدٌ،‏ وَلَا عَنْ تَعْلِيمِكُمْ عَلَانِيَةً وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ.‏ إِنَّمَا شَهِدْتُ كَامِلًا لِلْيَهُودِ وَٱلْيُونَانِيِّينَ بِٱلتَّوْبَةِ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱلْإِيمَانِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ».‏ —‏ اع ٢٠:‏١٨-‏٢١‏.‏

      ١٥ مَا بَعْضُ حَسَنَاتِ ٱلْخِدْمَةِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ؟‏

      ١٥ وَفِي زَمَنِنَا،‏ يَسْتَعْمِلُ شُهُودُ يَهْوَهَ طُرُقًا مُتَعَدِّدَةً لِإِيصَالِ ٱلْبِشَارَةِ إِلَى ٱلنَّاسِ.‏ فَعَلَى غِرَارِ بُولُسَ نَقْصِدُهُمْ حَيْثُمَا وُجِدُوا،‏ سَوَاءٌ فِي مَحَطَّاتِ ٱلْبَاصِ أَوِ ٱلشَّوَارِعِ ٱلْمُزْدَحِمَةِ أَوِ ٱلْأَسْوَاقِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلتَّبْشِيرَ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ يَبْقَى ٱلطَّرِيقَةَ ٱلرَّئِيسِيَّةَ ٱلَّتِي نَسْتَعْمِلُهَا.‏ لِمَاذَا؟‏ أَوَّلًا،‏ يَعْكِسُ هٰذَا ٱلْأُسْلُوبُ عَدْلَ ٱللّٰهِ،‏ إِذْ يُهَيِّئُ لِلْجَمِيعِ دُونَ مُحَابَاةٍ فُرْصَةَ سَمَاعِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ بِٱنْتِظَامٍ.‏ ثَانِيًا،‏ يُتِيحُ لِأَصْحَابِ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ أَنْ يَنَالُوا ٱلْمُسَاعَدَةَ إِفْرَادِيًّا،‏ كُلٌّ بِحَسَبِ حَاجَتِهِ.‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ تَبْنِي ٱلْكِرَازَةُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ إِيمَانَ وَٱحْتِمَالَ ٱلْمُبَشِّرِينَ.‏ فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنْ تُصْبِحَ ٱلْغَيْرَةُ فِي ٱلشَّهَادَةِ «عَلَانِيَةً وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ» عَلَامَةً فَارِقَةً تُمَيِّزُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ.‏

      ١٦،‏ ١٧ كَيْفَ أَعْرَبَ بُولُسُ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ،‏ وَكَيْفَ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِهِ؟‏

      ١٦ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى حَدِيثِ بُولُسَ مَعَ شُيُوخِ أَفَسُسَ،‏ أَوْضَحَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ يَجْهَلُ ٱلْمَخَاطِرَ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُهُ عِنْدَ عَوْدَتِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ لٰكِنَّهُ تَابَعَ:‏ «لَا أَحْسِبُ نَفْسِي ذَاتَ قِيمَةٍ،‏ كَأَنَّمَا هِيَ عَزِيزَةٌ عَلَيَّ،‏ حَسْبِي أَنْ أُنْهِيَ شَوْطِي وَٱلْخِدْمَةَ ٱلَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ،‏ لِأَشْهَدَ كَامِلًا بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ».‏ (‏اع ٢٠:‏٢٤‏)‏ فَبُولُسُ مَا كَانَ لِيَسْمَحَ لِأَيِّ عَائِقٍ،‏ كَٱلْمَشَاكِلِ ٱلصِّحِّيَّةِ أَوِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلشَّرِسَةِ،‏ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ إِتْمَامِ تَعْيِينِهِ.‏

      ١٧ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يَحْتَمِلُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْعَصْرِيُّونَ ٱلشَّدَائِدَ مَهْمَا كَانَ نَوْعُهَا.‏ فَبَعْضُهُمْ يُوَاجِهُونَ ٱلِٱضْطِهَادَ وَٱلْحَظْرَ ٱلْحُكُومِيَّ.‏ وَبَعْضُهُمْ يُصَارِعُونَ بِشَجَاعَةٍ أَمْرَاضًا جَسَدِيَّةً أَوْ نَفْسِيَّةً تُنْهِكُ قِوَاهُمْ.‏ أَمَّا ٱلشَّبَابُ فِي ٱلْمَدَارِسِ فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ رُفَقَاؤُهُمْ لِكَيْ يُسَايِرُوا فِي إِيمَانِهِمْ.‏ وَلٰكِنْ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ يُعْرِبُ شُهُودُ يَهْوَهَ عَنِ ٱلثَّبَاتِ،‏ بِصَرْفِ ٱلنَّظَرِ عَنِ ٱلْعَوَائِقِ ٱلَّتِي تَعْتَرِضُ سَبِيلَهُمْ.‏ فَهُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى ‹ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ›.‏

      ‏«اِنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ ٱلرَّعِيَّةِ» (‏اعمال ٢٠:‏٢٥-‏٣٨‏)‏

      ١٨ كَيْفَ بَقِيَ بُولُسُ طَاهِرًا مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ،‏ وَكَيْفَ يُمْكِنُ لِشُيُوخِ أَفَسُسَ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِهِ؟‏

      ١٨ بَعْدَئِذٍ وَجَّهَ بُولُسُ إِلَى شُيُوخِ أَفَسُسَ تَنْبِيهًا صَرِيحًا،‏ مُسْتَشْهِدًا بِمِثَالِهِ هُوَ.‏ فَبَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ لَنْ يَرَوْهُ ثَانِيَةً عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ قَالَ:‏ «إِنِّي طَاهِرٌ مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ،‏ لِأَنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْ إِخْبَارِكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ ٱللّٰهِ».‏ فَكَيْفَ لِشُيُوخِ أَفَسُسَ أَنْ يَقْتَدُوا بِهِ وَيَبْقَوْا أَطْهَارًا مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ؟‏ أَوْصَاهُمُ ٱلرَّسُولُ:‏ «اِنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ ٱلرَّعِيَّةِ ٱلَّتِي عَيَّنَكُمْ فِيهَا ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ نُظَّارًا،‏ لِتَرْعَوْا جَمَاعَةَ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي ٱشْتَرَاهَا بِدَمِ ٱبْنِهِ».‏ (‏اع ٢٠:‏٢٦-‏٢٨‏)‏ ثُمَّ حَذَّرَهُمْ مِنْ أَشْخَاصٍ شَبِيهِينَ ‹بِذِئَابٍ جَائِرَةٍ› سَيَنْسَلُّونَ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ وَ «يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُعَوَّجَةٍ لِيَجْتَذِبُوا ٱلتَّلَامِيذَ وَرَاءَهُمْ».‏ فَمَاذَا عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ لِمُوَاجَهَةِ هٰذَا ٱلْخَطَرِ؟‏ حَضَّهُمْ بُولُسُ:‏ «اِبْقَوْا مُسْتَيْقِظِينَ،‏ وَٱذْكُرُوا أَنِّي ثَلَاثَ سِنِينَ،‏ لَيْلًا وَنَهَارًا،‏ لَمْ أَكُفَّ عَنْ أَنْ أُنَبِّهَ كُلَّ وَاحِدٍ بِدُمُوعٍ».‏ —‏ اع ٢٠:‏٢٩-‏٣١‏.‏

      ١٩ أَيُّ ٱرْتِدَادٍ نَشَأَ بِحُلُولِ نِهَايَةِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ وَإِلَامَ أَدَّى ذٰلِكَ فِي ٱلْقُرُونِ ٱللَّاحِقَةِ؟‏

      ١٩ بِحُلُولِ نِهَايَةِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ كَانَتِ ‹ٱلذِّئَابُ ٱلْجَائِرَةُ› قَدْ ظَهَرَتْ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ فَنَحْوَ سَنَةِ ٩٨ ب‌م،‏ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا:‏ «يُوجَدُ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ .‏ .‏ .‏ مِنَّا خَرَجُوا،‏ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا؛‏ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا،‏ لَبَقُوا مَعَنَا».‏ (‏١ يو ٢:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ أَمَّا بِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلثَّالِثِ،‏ فَكَانَ ٱلِٱرْتِدَادُ قَدْ أَدَّى إِلَى نَشْأَةِ صَفِّ رِجَالِ ٱلدِّينِ.‏ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلرَّابِعِ،‏ أَضْفَى ٱلْإِمْبَرَاطُورُ قُسْطَنْطِين طَابَعًا رَسْمِيًّا عَلَى هٰذِهِ «ٱلْمَسِيحِيَّةِ» ٱلْفَاسِدَةِ.‏ وَحِينَ تَبَنَّى ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ طُقُوسًا وَثَنِيَّةً وَأَلْبَسُوهَا قِنَاعًا مَسِيحِيًّا،‏ كَانُوا فِي ٱلْحَقِيقَةِ «يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُعَوَّجَةٍ».‏ وَلَا تَزَالُ آثَارُ هٰذَا ٱلِٱرْتِدَادِ حَيَّةً فِي تَعَالِيمِ وَتَقَالِيدِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ.‏

      ٢٠،‏ ٢١ كَيْفَ أَعْرَبَ بُولُسُ عَنْ رُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ،‏ وَكَيْفَ يَقْتَدِي بِهِ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي زَمَنِنَا؟‏

      ٢٠ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ عَاشَ بُولُسُ حَيَاةً تَتَبَايَنُ تَبَايُنًا صَارِخًا مَعَ حَيَاةِ مَنْ حَاوَلُوا لَاحِقًا ٱسْتِغْلَالَ ٱلرَّعِيَّةِ.‏ فَقَدْ عَمِلَ لِإِعَالَةِ نَفْسِهِ كَيْ لَا يُثَقِّلَ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏ وَٱلْجُهُودُ ٱلَّتِي بَذَلَهَا مِنْ أَجْلِ رُفَقَائِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَكُنْ بِهَدَفِ ٱلرِّبْحِ ٱلْمَادِّيِّ.‏ وَقَدْ حَضَّ ٱلرَّسُولُ شُيُوخَ أَفَسُسَ عَلَى ٱلتَّشَبُّهِ بِهِ وَإِظْهَارِ رُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ عِنْدَمَا ذَكَرَ:‏ «لَا بُدَّ أَنْ تَعْضُدُوا ٱلضُّعَفَاءَ،‏ وَلَا بُدَّ أَنْ تَذْكُرُوا كَلِمَاتِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ حِينَ قَالَ:‏ ‹اَلسَّعَادَةُ فِي ٱلْعَطَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي ٱلْأَخْذِ›».‏ —‏ اع ٢٠:‏٣٥‏.‏

      ٢١ وَعَلَى غِرَارِ بُولُسَ،‏ يَتَحَلَّى ٱلشُّيُوخُ ٱلْيَوْمَ بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ فَبِخِلَافِ رِجَالِ دِينِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلَّذِينَ يَسْتَغِلُّونَ رَعَايَاهُمْ،‏ يُنْجِزُ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُؤْتَمَنُونَ عَلَى ‹رِعَايَةِ جَمَاعَةِ ٱللّٰهِ› مَسْؤُولِيَّاتِهِمْ مُتَرَفِّعِينَ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.‏ فَلَا مَكَانَ لِلْكِبْرِيَاءِ وَٱلطُّمُوحِ ٱلْأَنَانِيِّ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ،‏ لِأَنَّ مَنْ يَطْلُبُونَ «مَجْدَ أَنْفُسِهِمْ» يَفْشَلُونَ عَلَى ٱلْمَدَى ٱلْبَعِيدِ.‏ (‏ام ٢٥:‏٢٧‏)‏ فَعَاقِبَةُ ٱلِٱجْتِرَاءِ ٱلْوَحِيدَةُ هِيَ ٱلْهَوَانُ.‏ —‏ ام ١١:‏٢‏.‏

      بولس ورفاقه يركبون سفينة فيما يودعه الشيوخ وهم يبكون

      ‏«كان بكاء كثير من الجميع».‏ —‏ اعمال ٢٠:‏٣٧

      ٢٢ مَاذَا حَبَّبَ بُولُسَ إِلَى شُيُوخِ أَفَسُسَ؟‏

      ٢٢ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ أَحَبُّوا بُولُسَ لِأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّهُمْ أَوَّلًا.‏ فَعِنْدَمَا حَانَتْ لَحْظَةُ ٱلْوَدَاعِ،‏ «كَانَ بُكَاءٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْجَمِيعِ،‏ وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ وَقَبَّلُوهُ».‏ (‏اع ٢٠:‏٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يُكِنُّ شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ كُلَّ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلتَّقْدِيرِ لِمَنْ يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَجْلِ ٱلرَّعِيَّةِ.‏ وَخِتَامًا،‏ بَعْدَ ٱلتَّمَعُّنِ فِي مِثَالِ بُولُسَ ٱلرَّائِعِ،‏ أَلَا تُوَافِقُ أَنَّهُ مَا كَانَ يَتَبَجَّحُ أَوْ يُبَالِغُ حِينَمَا قَالَ:‏ «إِنِّي طَاهِرٌ مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ»؟‏ —‏ اع ٢٠:‏٢٦‏.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏رَسَائِلُ بُولُسَ مِنْ مَقْدُونِيَةَ‏».‏

      b مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ بُولُسَ كَتَبَ رِسَالَتَهُ إِلَى أَهْلِ رُومَا خِلَالَ زِيَارَتِهِ هٰذِهِ إِلَى كُورِنْثُوسَ.‏

      c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏بُولُسُ يَنْقُلُ إِعَانَاتٍ‏».‏

      d يَسْتَعْمِلُ لُوقَا ضَمِيرَ ٱلْمُتَكَلِّمِ فِي ٱلْأَعْمَال ٢٠:‏٥،‏ ٦‏،‏ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا يَبْدُو أَنَّهُ ٱجْتَمَعَ بِبُولُسَ فِي فِيلِبِّي حَيْثُ كَانَ ٱلرَّسُولُ قَدْ تَرَكَهُ قَبْلَ مُدَّةٍ.‏ —‏ اع ١٦:‏١٠-‏١٧،‏ ٤٠‏.‏

      e يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلرِّيَاحَ عَاكَسَتِ ٱلسَّفِينَةَ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ.‏ فَٱلرِّحْلَةُ مِنْ فِيلِبِّي إِلَى تَرُوَاسَ ٱسْتَغْرَقَتْ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ،‏ فِي حِينِ ٱسْتَلْزَمَتِ ٱلرِّحْلَةُ نَفْسُهَا سَابِقًا يَوْمَيْنِ فَقَطْ.‏ —‏ اع ١٦:‏١١‏.‏

  • ‏«لتكن مشيئة يهوه»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      ‏«لِتَكُنْ مَشِيئَةُ يَهْوَهَ»‏

      بُولُسُ يَقْصِدُ أُورُشَلِيمَ عَازِمًا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢١:‏١-‏١٧

      ١-‏٤ لِمَ يَتَوَجَّهُ بُولُسُ إِلَى مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ،‏ وَمَاذَا يَنْتَظِرُهُ فِيهَا؟‏

      مَا أَصْعَبَ لَحَظَاتِ ٱلْوَدَاعِ!‏ وَكَمْ يَعِزُّ عَلَى بُولُسَ وَلُوقَا أَنْ يَنْسَلِخَا عَنْ شُيُوخِ أَفَسُسَ ٱلْأَحِبَّاءِ!‏ يَقِفُ ٱلْمُرْسَلَانِ عَلَى سَطْحِ ٱلسَّفِينَةِ ٱلْمُبْحِرَةِ مِنْ مِيلِيتُسَ فِيمَا ٱلرِّيحُ ٱلْخَفِيفَةُ تَهُبُّ فِي ٱلْأَشْرِعَةِ.‏ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ لَا يَحْمِلُ بُولُسُ وَلُوقَا لَوَازِمَ ٱلسَّفَرِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ فِي عُهْدَتِهِمَا تَبَرُّعَاتٌ أَيْضًا.‏ تَبَرُّعَاتٌ يَعُدَّانِ ٱلدَّقَائِقَ حَتَّى يُوصِلَاهَا إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُعْوِزِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      ٢ تَبْتَعِدُ ٱلسَّفِينَةُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا عَنِ ٱلْمِينَاءِ وَضَوْضَائِهِ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ لِبُولُسَ وَلُوقَا وَرُفَقَائِهِمَا ٱلسَّبْعَةِ أَنْ يُحَوِّلُوا أَبْصَارَهُمْ عَنْ تِلْكَ ٱلْوُجُوهِ ٱلْحَزِينَةِ عَلَى ٱلشَّاطِئِ؟‏!‏ (‏اع ٢٠:‏٤،‏ ١٤،‏ ١٥‏)‏ فَيَظَلُّونَ يُلَوِّحُونَ لَهُمْ حَتَّى يَتَوَارَوْا أَخِيرًا خَلْفَ ٱلْأُفُقِ ٱلْبَعِيدِ.‏

      ٣ لَقَدْ عَمِلَ ٱلرَّسُولُ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ شُيُوخِ أَفَسُسَ عَلَى مَدَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَنَرَاهُ عَائِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ نُزُولًا عِنْدَ تَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ لَا يَجْهَلُ بُولُسُ كُلِّيًّا مَا يَنْتَظِرُهُ هُنَاكَ.‏ فَفِي وَدَاعِهِ هٰؤُلَاءِ ٱلشُّيُوخَ،‏ قَالَ لَهُمْ:‏ «هَا أَنَا أُسَافِرُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِٱلرُّوحِ،‏ مَعَ أَنَّنِي لَا أَعْلَمُ مَاذَا يَحْدُثُ لِي فِيهَا،‏ سِوَى أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يَشْهَدُ لِي مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ،‏ قَائِلًا إِنَّ قُيُودًا وَضِيقَاتٍ تَنْتَظِرُنِي».‏ (‏اع ٢٠:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ فَرَغْمَ ٱلْخَطَرِ ٱلْمُحْدِقِ بِهِ،‏ يَشْعُرُ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ «مُقَيَّدٌ» بِٱلرُّوحِ،‏ أَيْ أَنَّهُ مُلْزَمٌ بِٱتِّبَاعِ إِرْشَادِهِ وَٱلسَّفَرِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَرَاغِبٌ فِي ٱلِٱنْصِيَاعِ لَهُ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ غَالِيَةٌ فِي نَظَرِهِ،‏ لٰكِنَّ فِعْلَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ يَحْتَلُّ ٱلْمَقَامَ ٱلْأَوَّلَ دُونَ مُنَازِعٍ.‏

      ٤ فَهَلْ نُشَاطِرُ ٱلرَّسُولَ مَشَاعِرَهُ،‏ نَحْنُ ٱلَّذِينَ نَذَرْنَا حَيَاتَنَا لِيَهْوَهَ قَاطِعِينَ عَهْدًا رَسْمِيًّا بِأَنْ نُعْطِيَ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِفِعْلِ مَشِيئَتِهِ؟‏ لِنَتَأَمَّلْ مِثَالَ بُولُسَ فِي مَا يَلِي وَنَسْتَقِ ٱلْفَوَائِدَ مِنْ مَسْلَكِهِ ٱلْأَمِينِ.‏

      ‏«لَاحَتْ لَنَا جَزِيرَةُ قُبْرُصَ» (‏اعمال ٢١:‏١-‏٣‏)‏

      ٥ أَيَّ مَسَارٍ ٱتَّبَعَ بُولُسُ وَرِفَاقُهُ فِي رِحْلَتِهِمْ إِلَى صُورَ؟‏

      ٥ جَرَى مَرْكَبُ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ «فِي مَسَارٍ مُسْتَقِيمٍ»،‏ مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ أَبْحَرَ بِرِيحٍ خَلْفِيَّةٍ مُؤَاتِيَةٍ دُونَ تَعَرُّجٍ.‏ وَبَعْدَ عِدَّةِ سَاعَاتٍ،‏ بَلَغُوا جَزِيرَةَ كُوسَ.‏ (‏اع ٢١:‏١‏)‏ وَيَبْدُو أَنَّ ٱلْمَرْكَبَ رَسَا هُنَاكَ قَبْلَ أَنْ يُتَابِعُوا رِحْلَتَهُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي إِلَى رُودُسَ وَبَاتَارَا.‏ وَفِي بَاتَارَا،‏ عَلَى سَاحِلِ آسِيَا ٱلصُّغْرَى ٱلْجَنُوبِيِّ،‏ رَكِبَ ٱلْإِخْوَةُ سَفِينَةَ شَحْنٍ كَبِيرَةً حَمَلَتْهُمْ مُبَاشَرَةً إِلَى مَدِينَةِ صُورَ ٱلْفِينِيقِيَّةِ.‏ وَفِيمَا كَانُوا مُبْحِرِينَ،‏ تَجَاوَزُوا جَزِيرَةَ قُبْرُصَ «بَعْدَ أَنْ لَاحَتْ [لَهُمْ] .‏ .‏ .‏ عَلَى ٱلْجَانِبِ ٱلْأَيْسَرِ»،‏ حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا لُوقَا.‏ (‏اع ٢١:‏٣‏)‏ فَلِمَ أَتَى كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ عَلَى ذِكْرِ هٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَةِ؟‏

      ٦ (‏أ)‏ لِمَ يُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ تَشَجَّعَ عِنْدَ رُؤْيَةِ جَزِيرَةِ قُبْرُصَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تَسْتَخْلِصُ عِنْدَمَا تَتَذَكَّرُ كَيْفَ بَارَكَكَ يَهْوَهُ وَسَاعَدَكَ فِي ٱلْمَاضِي؟‏

      ٦ لَعَلَّ بُولُسَ أَشَارَ إِلَى ٱلْجَزِيرَةِ وَرَوَى لَهُمْ مَا جَرَى مَعَهُ هُنَاكَ.‏ فَفِي رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى قَبْلَ تِسْعِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا،‏ وَاجَهَ هُوَ وَبَرْنَابَا وَمُرَافِقُهُمَا يُوحَنَّا مَرْقُسُ عَلِيمًا ٱلسَّاحِرَ ٱلَّذِي قَاوَمَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ (‏اع ١٣:‏٤-‏١٢‏)‏ وَحِينَ رَأَى ٱلرَّسُولُ ٱلْجَزِيرَةَ ثَانِيَةً،‏ لَا بُدَّ أَنَّهُ ٱسْتَرْجَعَ ٱلذِّكْرَيَاتِ،‏ فَتَشَجَّعَ وَتَقَوَّى لِمُوَاجَهَةِ مَا يَنْتَظِرُهُ.‏ وَمِنْ جِهَتِنَا،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ كَيْفَ يُبَارِكُنَا يَهْوَهُ وَيُسَاعِدُنَا عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلْمِحَنِ.‏ إِذَّاكَ نَضُمُّ صَوْتَنَا إِلَى صَوْتِ دَاوُدَ ٱلَّذِي قَالَ:‏ «كَثِيرَةٌ هِيَ بَلَايَا ٱلْبَارِّ،‏ وَلٰكِنْ مِنْ جَمِيعِهَا يُنْقِذُهُ يَهْوَهُ».‏ —‏ مز ٣٤:‏١٩‏.‏

      ‏«وَجَدْنَا ٱلتَّلَامِيذَ» (‏اعمال ٢١:‏٤-‏٩‏)‏

      ٧ مَاذَا فَعَلَ ٱلْإِخْوَةُ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إِلَى صُورَ؟‏

      ٧ قَدَّرَ بُولُسُ كَثِيرًا رِفْقَةَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ،‏ فَتَلَهَّفَ لِلِٱلْتِقَاءِ بِهِمْ.‏ يُخْبِرُ لُوقَا عَمَّا حَدَثَ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إِلَى صُورَ،‏ قَائِلًا:‏ «بَعْدَ بَحْثٍ وَجَدْنَا ٱلتَّلَامِيذَ».‏ (‏اع ٢١:‏٤‏)‏ فَقَدْ عَرَفَ ٱلْمُسَافِرُونَ أَنَّ لَهُمْ إِخْوَةً فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ لِذَا بَحَثُوا عَنْهُمْ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ.‏ حَقًّا إِنَّ إِحْدَى أَعْظَمِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي يَحْصُدُهَا مَنْ يَعْتَنِقُونَ ٱلْحَقَّ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ مُؤْمِنِينَ مِثْلَهُمْ يُرَحِّبُونَ بِهِمْ أَيْنَمَا ذَهَبُوا.‏ فَمُحِبُّو يَهْوَهَ وَعُبَّادُهُ لَدَيْهِمْ أَصْدِقَاءُ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْمَسْكُونَةِ.‏

      ٨ مَا ٱلْمَقْصُودُ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلْوَارِدَةِ فِي ٱلْأَعْمَال ٢١:‏٤‏؟‏

      ٨ فِيمَا يُتَابِعُ لُوقَا ٱلرِّوَايَةَ وَاصِفًا ٱلْأَيَّامَ ٱلسَّبْعَةَ ٱلَّتِي قَضَوْهَا فِي صُورَ،‏ يُطْلِعُنَا عَلَى تَفْصِيلٍ قَدْ يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى مُحَيِّرًا.‏ يَذْكُرُ:‏ «كَانَ [ٱلْإِخْوَةُ ٱلصُّورِيُّونَ] يَقُولُونَ لِبُولُسَ بِٱلرُّوحِ أَلَّا تَطَأَ قَدَمُهُ أُورُشَلِيمَ».‏ (‏اع ٢١:‏٤‏)‏ لٰكِنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ كَانَ قَدْ كَشَفَ لِبُولُسَ أَنَّهُ سَيُقَاسِي ضِيقَاتٍ عَظِيمَةً هُنَاكَ وَلَمْ يُوصِهِ بِعَدَمِ زِيَارَةِ ٱلْمَدِينَةِ.‏ فَهَلْ تَعْنِي كَلِمَاتُ ٱلصُّورِيِّينَ أَنَّ يَهْوَهَ عَدَلَ عَنْ رَأْيِهِ؟‏ هَلْ يَطْلُبُ ٱلْآنَ مِنْ بُولُسَ أَلَّا يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ؟‏ كَلَّا.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ أَدْرَكَ ٱلْإِخْوَةُ فِي صُورَ بِمُسَاعَدَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أَنَّ بُولُسَ سَيُعَانِي فِي أُورُشَلِيمَ.‏ لِذٰلِكَ حِرْصًا عَلَى سَلَامَتِهِ رَاحُوا يَحُثُّونَهُ أَلَّا يَصْعَدَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ.‏ وَلَا عَجَبَ أَنْ يَرْغَبَ ٱلْإِخْوَةُ فِي حِمَايَةِ ٱلرَّسُولِ مِنَ ٱلْخَطَرِ ٱلدَّاهِمِ.‏ غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ تَابَعَ طَرِيقَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ عَازِمًا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ.‏ —‏ اع ٢١:‏١٢‏.‏

      ٩،‏ ١٠ (‏أ)‏ أَيُّ حَادِثَةٍ رُبَّمَا خَطَرَتْ عَلَى بَالِ بُولُسَ عِنْدَمَا عَبَّرَ ٱلْإِخْوَةُ فِي صُورَ عَنْ مَخَاوِفِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مَوْقِفٍ يَشِيعُ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْيَوْمَ،‏ وَكَيْفَ يَتَعَارَضُ مَعَ وَصِيَّةِ يَسُوعَ؟‏

      ٩ عِنْدَمَا عَبَّرَ ٱلْإِخْوَةُ عَنْ مَخَاوِفِهِمْ،‏ لَرُبَّمَا ٱسْتَذْكَرَ بُولُسُ أَنَّ يَسُوعَ لَاقَى هُوَ ٱلْآخَرُ ٱعْتِرَاضًا مُمَاثِلًا.‏ فَبَعْدَمَا أَخْبَرَ تَلَامِيذَهُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ سَيُعَانِي كَثِيرًا وَيُقْتَلُ،‏ تَحَرَّكَتْ عَوَاطِفُ بُطْرُسَ وَقَالَ:‏ «اُلْطُفْ بِنَفْسِكَ يَا رَبُّ؛‏ لَنْ تَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ أَبَدًا».‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ أَجَابَهُ:‏ «اِذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ!‏ أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي،‏ لِأَنَّكَ لَا تُفَكِّرُ تَفْكِيرَ ٱللّٰهِ،‏ بَلْ تَفْكِيرَ ٱلنَّاسِ».‏ (‏مت ١٦:‏٢١-‏٢٣‏)‏ وَعَلَى غِرَارِ يَسُوعَ،‏ صَمَّمَ بُولُسُ أَنْ يُتَمِّمَ ٱلتَّعْيِينَ ٱلْإِلٰهِيَّ مُعْرِبًا عَنْ رُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ وَفِي حِينِ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ ٱلصُّورِيِّينَ تَكَلَّمُوا بِلَا شَكٍّ عَنْ حُسْنِ نِيَّةٍ تَمَامًا كَبُطْرُسَ،‏ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُمَيِّزُوا مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللّٰهِ.‏

      اخ يشعر بالملل في الخدمة وينظر الی ساعته

      اتباع يسوع عليهم التحلي بروح التضحية بالذات

      ١٠ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَمِيلُ كَثِيرُونَ أَنْ ‹يَلْطُفُوا بِأَنْفُسِهِمْ›،‏ أَوْ يَخْتَارُوا أَقَلَّ ٱلْمَسَالِكِ صُعُوبَةً.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ يُفَتِّشُ ٱلنَّاسُ عُمُومًا عَنْ دِينٍ «مُرِيحٍ» مُتَطَلَّبَاتُهُ قَلِيلَةٌ.‏ وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ هٰذَا ٱلْمَوْقِفِ وَٱلْمَوْقِفِ ٱلْعَقْلِيِّ ٱلَّذِي شَجَّعَنَا عَلَيْهِ يَسُوعُ!‏ فَقَدْ قَالَ:‏ «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي،‏ فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ كُلِّيًّا وَيَحْمِلْ خَشَبَةَ آلَامِهِ وَيَتْبَعْنِي عَلَى ٱلدَّوَامِ».‏ (‏مت ١٦:‏٢٤‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ تَطْبِيقَ وَصِيَّةِ يَسُوعَ لَيْسَ ٱلْخِيَارَ ٱلسَّهْلَ،‏ لٰكِنَّهُ بِٱلتَّأْكِيدِ ٱلْخِيَارُ ٱلْحَكِيمُ وَٱلصَّائِبُ.‏

      ١١ كَيْفَ أَعْرَبَ ٱلتَّلَامِيذُ فِي صُورَ عَنْ مَحَبَّتِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ لِبُولُسَ؟‏

      ١١ حَانَتِ ٱلسَّاعَةُ ٱلْآنَ لِيَرْحَلَ بُولُسُ وَلُوقَا وَرِفَاقُهُمَا.‏ وَوَدَاعُ ٱلْإِخْوَةِ ٱلصُّورِيِّينَ أَظْهَرَ جَلِيًّا كَمْ يُحِبُّونَ ٱلرَّسُولَ وَيُقَدِّرُونَ خِدْمَتَهُ.‏ فَقَدْ ذَهَبُوا جَمِيعًا إِلَى ٱلشَّطِّ،‏ رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَوْلَادًا،‏ بِرِفْقَةِ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ.‏ وَهُنَاكَ جَثَوْا وَصَلَّوْا مَعًا،‏ ثُمَّ وَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.‏ إِنَّهُ بِٱلْفِعْلِ لَوَدَاعٌ مُؤَثِّرٌ.‏ بَعْدَئِذٍ رَكِبَ ٱلْمُسَافِرُونَ سَفِينَةً أُخْرَى وَتَوَجَّهُوا إِلَى بَتُولِمَايِسَ حَيْثُ ٱلْتَقَوُا ٱلْإِخْوَةَ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا.‏ —‏ اع ٢١:‏٥-‏٧‏.‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ أَيُّ سِجِلٍّ رَائِعٍ تَرَكَهُ فِيلِبُّسُ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْأَمِينَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ رَسَمَ فِيلِبُّسُ مِثَالًا جَيِّدًا لِلْآبَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٢ يُتَابِعُ لُوقَا:‏ «فِي ٱلْغَدِ ٱنْطَلَقْنَا وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ،‏ وَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلِبُّسَ ٱلْمُبَشِّرِ».‏a (‏اع ٢١:‏٨‏)‏ وَكَمْ سُرُّوا دُونَ شَكٍّ لِرُؤْيَةِ أَخِيهِمْ فِيلِبُّسَ!‏ فَقَبْلَ نَحْوِ ٢٠ سَنَةً،‏ عَيَّنَهُ ٱلرُّسُلُ هُوَ وَآخَرِينَ لِلِٱهْتِمَامِ بِتَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْفَتِيَّةِ فِي أُورُشَلِيمَ.‏ وَقَدْ قَضَى هٰذَا ٱلْأَخُ ٱلْغَيُورُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً فِي ٱلْكِرَازَةِ.‏ فَلَا نَنْسَ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ وَرَاحَ يُبَشِّرُ فِيهَا حِينَ تَبَدَّدَ ٱلتَّلَامِيذُ بِسَبَبِ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ ثُمَّ بَشَّرَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ ٱلْخَصِيَّ ٱلْحَبَشِيَّ وَعَمَّدَهُ.‏ (‏اع ٦:‏٢-‏٦؛‏ ٨:‏٤-‏١٣،‏ ٢٦-‏٣٨‏)‏ فَيَا لَهٰذَا ٱلسِّجِلِّ ٱلرَّائِعِ وَٱلْأَمِينِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ!‏

      ١٣ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ غَيْرَةَ فِيلِبُّسَ فِي ٱلْخِدْمَةِ لَمْ تَخْمُدْ قَطُّ.‏ فَلَقَبُ «ٱلْمُبَشِّرِ» يَدُلُّ أَنَّهُ ظَلَّ مَشْغُولًا بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بَعْدَ أَنِ ٱسْتَقَرَّ فِي قَيْصَرِيَّةَ.‏ كَمَا يُخْبِرُنَا لُوقَا عَنْ بَنَاتِهِ ٱلْأَرْبَعِ ٱللَّوَاتِي «تَنَبَّأْنَ»،‏ مِمَّا يُشِيرُ أَنَّهُنَّ سِرْنَ عَلَى خُطَى أَبِيهِنَّ.‏b (‏اع ٢١:‏٩‏)‏ فَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱجْتَهَدَ فِي تَنْمِيَةِ رُوحِيَّاتِ عَائِلَتِهِ.‏ وَكَمْ يَحْسُنُ بِٱلْآبَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَتْبَعُوا مِثَالَهُ،‏ مُتَوَلِّينَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْخِدْمَةِ وَمُسَاعِدِينَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى تَنْمِيَةِ ٱلْمَحَبَّةِ لِعَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ!‏

      ١٤ مَاذَا حَصَلَ دُونَ شَكٍّ عِنْدَمَا زَارَ بُولُسُ ٱلرُّفَقَاءَ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ وَأَيَّةُ فُرَصٍ مُمَاثِلَةٍ مُتَاحَةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٤ رَأَيْنَا حَتَّى ٱلْآنَ كَيْفَ فَتَّشَ بُولُسُ عَنِ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي مَكَانٍ بَعْدَ آخَرَ وَأَمْضَى ٱلْوَقْتَ مَعَهُمْ.‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةَ بِدَوْرِهِمْ رَغِبُوا فِي ٱسْتِضَافَةِ هٰذَا ٱلْمُرْسَلِ وَرُفَقَائِهِ.‏ نَتِيجَةً لِذٰلِكَ،‏ ‹تَبَادَلَ ٱلْجَمِيعُ ٱلتَّشْجِيعَ› دُونَ شَكٍّ.‏ (‏رو ١:‏١١،‏ ١٢‏)‏ وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَحْظَى بِفُرَصٍ مُشَابِهَةٍ.‏ فَفِي وِسْعِنَا أَنْ نَحْصُدَ فَوَائِدَ جَمَّةً إِذَا فَتَحْنَا بَيْتَنَا،‏ وَلَوْ كَانَ مُتَوَاضِعًا،‏ لِلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ وَزَوْجَاتِهِمْ.‏ —‏ رو ١٢:‏١٣‏.‏

      قَيْصَرِيَّةُ:‏ عَاصِمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةِ

      خِلَالَ ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي يُغَطِّيهَا سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ،‏ تَمَتَّعَتْ مَدِينَةُ قَيْصَرِيَّةَ بِمَكَانَةٍ مُهِمَّةٍ فِي وِلَايَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ فَكَانَتْ عَاصِمَةَ ٱلْوِلَايَةِ وَمَقَرَّ حَاكِمِهَا وَمَرْكَزَ ٱلْفِرْقَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ ٱلتَّابِعَةِ لَهَا.‏ أَمَّا نَشْأَتُهَا فَعَائِدَةٌ إِلَى أَيَّامِ هِيرُودُسَ ٱلْكَبِيرِ ٱلَّذِي بَنَاهَا وَٱخْتَارَ ٱسْمَهَا تَكْرِيمًا لِأُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ.‏ وَقَدْ ضَمَّتِ ٱلْمَدِينَةُ جَمِيعَ ٱلْمَعَالِمِ ٱلَّتِي مَيَّزَتِ ٱلْمُدُنَ ٱلْهِلِّينِسْتِيَّةَ ٱلْوَثَنِيَّةَ آنَذَاكَ؛‏ مِنْ مَعْبَدٍ مُكَرَّسٍ لِأُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ وَمَسْرَحٍ وَمَيْدَانِ سِبَاقٍ وَمُدَرَّجٍ.‏ أَمَّا سُكَّانُهَا فَكَانُوا بِمُعْظَمِهِمْ مِنَ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏

      وَكَانَتْ قَيْصَرِيَّةُ مَدِينَةً مُحَصَّنَةً لَهَا مِينَاءٌ دُعِيَ سِيبَاسْطُوس (‏اَلِٱسْمُ ٱلْيُونَانِيُّ لِأُوغُسْطُسَ)‏.‏ وَهٰذَا ٱلْمِينَاءُ ٱلْجَدِيدُ جُهِّزَ بِحَاجِزِ أَمْوَاجٍ ضَخْمٍ أَصْبَحَ ٱلسَّاحِلُ بِفَضْلِهِ صَالِحًا لِلْمِلَاحَةِ.‏ وَقَدْ طَمَحَ هِيرُودُسُ أَنْ يُنَافِسَ مِينَاؤُهُ مِينَاءَ ٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَيُصْبِحَ ٱلْمَرْكَزَ ٱلتِّجَارِيَّ ٱلْأَهَمَّ شَرْقَ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ وَمَعَ أَنَّ قَيْصَرِيَّةَ لَمْ تَتَفَوَّقْ قَطُّ عَلَى ٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ،‏ فَقَدْ حَقَّقَتْ أَهَمِّيَّةً عَالَمِيَّةً بِفَضْلِ مَوْقِعِهَا ٱلْإِسْتِرَاتِيجِيِّ عَلَى طُرُقٍ تِجَارِيَّةٍ رَئِيسِيَّةٍ.‏

      وَفِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ كَرَزَ فِيلِبُّسُ ٱلْمُبَشِّرُ ثُمَّ ٱسْتَقَرَّ فِيهَا مَعَ عَائِلَتِهِ كَمَا يَبْدُو.‏ (‏اع ٨:‏٤٠؛‏ ٢١:‏٨،‏ ٩‏)‏ وَهُنَاكَ أَيْضًا،‏ أَقَامَ قَائِدُ ٱلْمِئَةِ ٱلرُّومَانِيُّ كَرْنِيلِيُوسُ وَٱهْتَدَى إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ —‏ اع ١٠:‏١‏.‏

      وَبُولُسُ بِدَوْرِهِ زَارَ مَدِينَةَ قَيْصَرِيَّةَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ.‏ فَحِينَ خَطَّطَ أَعْدَاؤُهُ لِقَتْلِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ،‏ أَسْرَعَ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ عَلَى بُعْدِ ٩٠ كلم لِإِرْسَالِهِ بَحْرًا إِلَى طَرْسُوسَ.‏ وَمَرَّ ٱلرَّسُولُ أَيْضًا بِمِينَاءِ ٱلْمَدِينَةِ فِيمَا كَانَ مُتَّجِهًا إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي نِهَايَةِ رِحْلَتَيْهِ ٱلْإِرْسَالِيَّتَيْنِ ٱلثَّانِيَةِ وَٱلثَّالِثَةِ.‏ (‏اع ٩:‏٢٨-‏٣٠؛‏ ١٨:‏٢١،‏ ٢٢؛‏ ٢١:‏٧،‏ ٨‏)‏ كَمَا ٱحْتُجِزَ هُنَاكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ حَيْثُ حَاوَرَ فِيلِكْسَ وَفِسْتُوسَ وَأَغْرِيبَاسَ،‏ ثُمَّ أَبْحَرَ أَخِيرًا إِلَى رُومَا.‏ —‏ اع ٢٣:‏٣٣-‏٣٥؛‏ ٢٤:‏٢٧–‏٢٥:‏٤؛‏ ٢٧:‏١‏.‏

      هَلْ تُوكَلُ إِلَى ٱلنِّسَاءِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ أَيُّ مَسْؤُولِيَّةٍ دِينِيَّةٍ؟‏

      أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَتْهُ ٱلنِّسَاءُ ٱلْمَسِيحِيَّاتُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟‏ وَهَلْ تُوكَلُ إِلَيْهِنَّ عُمُومًا أَيُّ مَسْؤُولِيَّةٍ دِينِيَّةٍ؟‏

      أَوْصَى يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّلْمَذَةِ.‏ (‏مت ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ اع ١:‏٨‏)‏ وَهٰذَا ٱلتَّفْوِيضُ بِنَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ يَنْطَبِقُ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ جَمِيعًا ٱلرِّجَالِ مِنْهُمْ وَٱلنِّسَاءِ،‏ ٱلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ.‏ وَٱلدَّلِيلُ عَلَى ذٰلِكَ مَوْجُودٌ فِي نُبُوَّةِ يُوئِيل ٢:‏٢٨،‏ ٢٩ ٱلَّتِي رَدَّدَ كَلِمَاتِهَا بُطْرُسُ حِينَ تَمَّتْ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ قَائِلًا:‏ «‹وَفِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ›،‏ يَقُولُ ٱللّٰهُ،‏ ‹أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى شَتَّى ٱلْبَشَرِ،‏ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ .‏ .‏ .‏ وَأَيْضًا عَلَى عَبِيدِي وَعَلَى إِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ فَيَتَنَبَّأُونَ›».‏ (‏اع ٢:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ وَكَمَا سَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا،‏ كَانَ لِفِيلِبُّسَ ٱلْمُبَشِّرِ أَرْبَعُ بَنَاتٍ يَتَنَبَّأْنَ.‏ —‏ اع ٢١:‏٨،‏ ٩‏.‏

      أَمَّا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَسْؤُولِيَّةِ ٱلتَّعْلِيمِ دَاخِلَ ٱلْجَمَاعَةِ فَكَلِمَةُ ٱللّٰهِ تَقْصُرُ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ عَلَى ٱلرِّجَالِ ٱلْمُعَيَّنِينَ نُظَّارًا وَخُدَّامًا مُسَاعِدِينَ.‏ (‏١ تي ٣:‏١-‏١٣؛‏ تي ١:‏٥-‏٩‏)‏ كَمَا أَنَّ بُولُسَ قَالَ:‏ «لَا أَسْمَحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ،‏ وَلَا أَنْ تَتَسَلَّطَ عَلَى ٱلرَّجُلِ،‏ بَلْ أَنْ تَكُونَ فِي سُكُوتٍ».‏ —‏ ١ تي ٢:‏١٢‏.‏

      ‏«إِنِّي مُسْتَعِدٌّ .‏ .‏ .‏ أَنْ أَمُوتَ» (‏اعمال ٢١:‏١٠-‏١٤‏)‏

      ١٥،‏ ١٦ أَيَّ رِسَالَةٍ حَمَلَ أَغَابُوسُ،‏ وَكَيْفَ أَثَّرَتْ فِي ٱلْحَاضِرِينَ؟‏

      ١٥ أَثْنَاءَ مُكُوثِ بُولُسَ عِنْدَ فِيلِبُّسَ،‏ وَصَلَ ضَيْفٌ مُحْتَرَمٌ آخَرُ،‏ هُوَ أَغَابُوسُ.‏ وَقَدْ عَرَفَ ٱلْمُجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ فِيلِبُّسَ أَنَّ أَغَابُوسَ نَبِيٌّ.‏ فَهُوَ مَنْ تَنَبَّأَ بِحُدُوثِ مَجَاعَةٍ عَظِيمَةٍ خِلَالَ حُكْمِ كُلُودِيُوسَ.‏ (‏اع ١١:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ لِذَا لَرُبَّمَا تَسَاءَلُوا:‏ ‹مَاذَا أَتَى بِهِ؟‏ أَيَّ رِسَالَةٍ يَحْمِلُ؟‏›.‏ وَفِيمَا رَاقَبُوا بِٱنْتِبَاهٍ مَا يَحْدُثُ،‏ أَخَذَ ٱلنَّبِيُّ مِنْطَقَةَ بُولُسَ،‏ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ شَرِيطٍ قُمَاشِيٍّ طَوِيلٍ يُلَفُّ حَوْلَ ٱلْوَسَطِ تُوضَعُ فِيهِ ٱلنُّقُودُ وَأَغْرَاضٌ أُخْرَى،‏ ثُمَّ قَيَّدَ بِهَا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرَاحَ يَتَكَلَّمُ.‏ فَجَاءَ كَلَامُهُ فِي مُنْتَهَى ٱلْخُطُورَةِ!‏ ذَكَرَ:‏ «هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ:‏ ‹إِنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي لَهُ هٰذِهِ ٱلْمِنْطَقَةُ سَيُقَيِّدُهُ ٱلْيَهُودُ هٰكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ›».‏ —‏ اع ٢١:‏١١‏.‏

      ١٦ أَكَّدَتْ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ أَنَّ بُولُسَ سَيَذْهَبُ بِٱلْفِعْلِ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ وَأَشَارَتْ أَيْضًا أَنَّهُ سَيُسَلَّمُ «إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ» بِسَبَبِ كِرَازَتِهِ لِلْيَهُودِ هُنَاكَ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَقْوَالَ ٱلنَّبِيِّ هَزَّتِ ٱلْحَاضِرِينَ جَمِيعًا.‏ يُخْبِرُ لُوقَا:‏ «لَمَّا سَمِعْنَا هٰذَا،‏ تَوَسَّلْنَا إِلَى [بُولُسَ] نَحْنُ وَٱلَّذِينَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ أَلَّا يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ حِينَئِذٍ أَجَابَ بُولُسُ:‏ ‹مَا بَالُكُمْ تَبْكُونَ وَتُضْعِفُونَ قَلْبِي؟‏ إِنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُقَيَّدَ فَقَطْ،‏ بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ›».‏ —‏ اع ٢١:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      ١٧،‏ ١٨ كَيْفَ أَظْهَرَ بُولُسُ تَصْمِيمَهُ ٱلرَّاسِخَ،‏ وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ ٱلْإِخْوَةِ؟‏

      ١٧ لِنَتَخَيَّلْ مَعًا مَا قَرَأْنَاهُ لِلتَّوِّ:‏ جَمِيعُ ٱلْحَاضِرِينَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ لُوقَا،‏ يَتَوَسَّلُونَ إِلَى بُولُسَ أَلَّا يُتَابِعَ رِحْلَتَهُ.‏ وَيَغْلِبُ ٱلْقَلَقُ عَلَى بَعْضِهِمْ حَتَّى يَأْخُذَهُ ٱلْبُكَاءُ.‏ فَيَتَأَثَّرُ بُولُسُ بِقَلَقِهِمِ ٱلْمَجْبُولِ بِٱلْمَحَبَّةِ وَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ لُطْفٍ،‏ قَائِلًا إِنَّهُمْ ‹يُضْعِفُونَ قَلْبَهُ›،‏ أَوْ ‹يَكْسِرُونَ قَلْبَهُ› كَمَا تَذْكُرُ بَعْضُ ٱلتَّرْجَمَاتِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَبْقَى تَصْمِيمُهُ رَاسِخًا كَمَا كَانَ حِينَ ٱلْتَقَى ٱلْإِخْوَةَ فِي صُورَ.‏ فَمَا كَانَ ٱلرَّسُولُ لِيَسْمَحَ لِلتَّوَسُّلَاتِ أَوِ ٱلدُّمُوعِ أَنْ تَثْنِيَهُ عَنْ عَزْمِهِ.‏ عِوَضَ ذٰلِكَ،‏ أَوْضَحَ لَهُمْ مَا يَدْعُوهُ إِلَى ٱلْمُضِيِّ قُدُمًا.‏ فَيَا لَلشَّجَاعَةِ وَٱلتَّصْمِيمِ ٱللَّذَيْنِ تَحَلَّى بِهِمَا!‏ فَعَلَى غِرَارِ يَسُوعَ،‏ عَزَمَ بُولُسُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ (‏عب ١٢:‏٢‏)‏ وَلَمْ يَكُنِ ٱلرَّسُولُ بِذٰلِكَ يَتَعَمَّدُ أَنْ يَقْضِيَ شَهِيدًا.‏ وَلٰكِنْ فِي حَالِ كَانَتِ ٱلشَّهَادَةُ هِيَ مَصِيرَهُ،‏ فَٱلْمَوْتُ كَوَاحِدٍ مِنْ أَتْبَاعِ يَسُوعَ شَرَفٌ كَبِيرٌ فِي نَظَرِهِ.‏

      ١٨ فَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ ٱلْإِخْوَةِ؟‏ بِبَسِيطِ ٱلْعِبَارَةِ،‏ نَزَلُوا عِنْدَ رَغْبَةِ ٱلرَّسُولِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «وَلَمَّا لَمْ يَقْتَنِعْ رَضَخْنَا قَائِلِينَ:‏ ‹لِتَكُنْ مَشِيئَةُ يَهْوَهَ!‏›».‏ (‏اع ٢١:‏١٤‏)‏ لَاحِظْ أَنَّ مَنْ حَاوَلُوا إِقْنَاعَ بُولُسَ بِعَدَمِ ٱلذَّهَابِ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ لَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَوْقِفِهِمْ،‏ بَلْ أَصْغَوْا إِلَيْهِ وَأَذْعَنُوا لَهُ.‏ فَقَدْ أَدْرَكُوا أَنَّهَا مَشِيئَةُ يَهْوَهَ.‏ لِذٰلِكَ قَبِلُوا بِهَا رَغْمَ صُعُوبَةِ ٱلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ.‏ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ سَائِرٌ فِي دَرْبٍ سَيُؤَدِّي أَخِيرًا إِلَى مَوْتِهِ.‏ فَكَمْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ ٱلْمُضِيُّ قُدُمًا حِينَ يُشَجِّعُهُ أَحِبَّاؤُهُ عِوَضَ أَنْ يُثَبِّطُوا عَزِيمَتَهُ!‏

      ١٩ أَيُّ دَرْسٍ نَسْتَمِدُّهُ مِمَّا حَدَثَ مَعَ بُولُسَ؟‏

      ١٩ وَمِنْ جِهَتِنَا نَسْتَمِدُّ دَرْسًا مُهِمًّا مِمَّا حَدَثَ مَعَ بُولُسَ.‏ فَنَحْنُ أَيْضًا يَنْبَغِي أَلَّا نَثْنِيَ ٱلْآخَرِينَ عَنِ ٱلتَّحَلِّي بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ.‏ وَهٰذَا ٱلدَّرْسُ لَا يَصِحُّ فَقَطْ حِينَ تَكُونُ ٱلْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ حَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ يَسْتَصْعِبُ وَالِدُونَ مَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ أَنْ يَتْرُكَ أَوْلَادُهُمُ ٱلْمَنْزِلَ لِكَيْ يَخْدُمُوا فِي مَنَاطِقَ بَعِيدَةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ يَعْقِدُونَ ٱلْعَزْمَ أَلَّا يُثَبِّطُوا هِمَّةَ أَوْلَادِهِمْ.‏ تَسْتَذْكِرُ فِيلِيسُ ٱلَّتِي تَعِيشُ فِي إِنْكِلْتَرَا كَيْفَ شَعَرَتْ حِينَ ٱنْتَقَلَتِ ٱبْنَتُهَا ٱلْوَحِيدَةُ لِتَخْدُمَ مُرْسَلَةً فِي إِفْرِيقْيَا.‏ تَقُولُ:‏ «عِشْتُ أَيَّامًا صَعْبَةً.‏ فَقَدْ عَزَّ عَلَيَّ أَنَّ مَسَافَةً شَاسِعَةً تَفْصِلُ بَيْنَنَا.‏ صَحِيحٌ أَنَّنِي شَعَرْتُ بِٱلْفَخْرِ،‏ لٰكِنِّي شَعَرْتُ بِٱلْحُزْنِ أَيْضًا.‏ فَصَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ.‏ غَيْرَ أَنَّنِي تَقَبَّلْتُ قَرَارَهَا،‏ وَلَمْ أُحَاوِلْ قَطُّ إِقْنَاعَهَا بِٱلْعَوْدَةِ.‏ فَلَطَالَمَا عَلَّمْتُهَا أَنَا بِنَفْسِي أَنْ تَضَعَ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا.‏ وَٱلْيَوْمَ مَضَتْ ٣٠ سَنَةً عَلَى خِدْمَتِهَا فِي تَعْيِينَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ،‏ وَأَنَا أَشْكُرُ يَهْوَهَ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَمَانَتِهَا».‏ خُلَاصَةُ ٱلْقَوْلِ:‏ كَمْ جَمِيلٌ أَنْ نُشَجِّعَ ٱلْإِخْوَةَ ٱلَّذِينَ يُضَحُّونَ بِأَنْفُسِهِمْ!‏

      زوجان سعيدان لأنهما تلقيا اتصالا من ولديهما اللذين يخدمان كمرسلين في بلد اجنبي

      يحسن بنا ان نشجع مَن يعربون عن روح التضحية بالذات

      ‏«اِسْتَقْبَلَنَا ٱلْإِخْوَةُ بِسُرُورٍ» (‏اعمال ٢١:‏١٥-‏١٧‏)‏

      ٢٠،‏ ٢١ مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ بُولُسَ أَحَبَّ رِفْقَةَ ٱلْإِخْوَةِ،‏ وَمَاذَا دَفَعَهُ إِلَى ذٰلِكَ؟‏

      ٢٠ أُعِدَّتِ ٱلتَّرْتِيبَاتُ وَتَابَعَ بُولُسُ طَرِيقَهُ بِرِفْقَةِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ بَرْهَنُوا عَنْ دَعْمٍ كَامِلٍ لَهُ.‏ وَكَمَا رَأَيْنَا،‏ سَعَتِ ٱلْمَجْمُوعَةُ فِي كُلِّ مَحَطَّةٍ مِنْ مَحَطَّاتِ ٱلرِّحْلَةِ إِلَى ٱلتَّمَتُّعِ بِرِفْقَةِ إِخْوَتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ فَفِي صُورَ،‏ وَجَدُوا ٱلتَّلَامِيذَ وَقَضَوْا مَعَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ.‏ وَفِي بَتُولِمَايِسَ،‏ سَلَّمُوا عَلَى ٱلْإِخْوَةِ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا.‏ أَمَّا فِي قَيْصَرِيَّةَ فَمَكَثُوا أَيَّامًا فِي بَيْتِ فِيلِبُّسَ.‏ بَعْدَئِذٍ،‏ رَافَقَهُمْ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ نَزَلُوا ضُيُوفًا عِنْدَ مَنَاسُونَ،‏ أَحَدِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْأَوَائِلِ.‏ وَبِذٰلِكَ يَكُونُ ٱلْمُسَافِرُونَ قَدْ بَلَغُوا أَخِيرًا وُجْهَتَهُمْ حَيْثُ ‹ٱسْتَقْبَلَهُمُ ٱلْإِخْوَةُ بِسُرُورٍ›.‏ —‏ اع ٢١:‏١٧‏.‏

      ٢١ يَتَّضِحُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ بُولُسَ أَحَبَّ رِفْقَةَ مَنْ يُشَاطِرُونَهُ إِيمَانَهُ.‏ فَقَدِ ٱسْتَمَدَّ ٱلتَّشْجِيعَ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ،‏ تَمَامًا كَمَا نَفْعَلُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعَ قَوَّاهُ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلشَّرِسِينَ ٱلَّذِينَ سَيَطْلُبُونَ قَتْلَهُ.‏

      a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏قَيْصَرِيَّةُ:‏ عَاصِمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةِ‏».‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏هَلْ تُوكَلُ إِلَى ٱلنِّسَاءِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ أَيُّ مَسْؤُولِيَّةٍ دِينِيَّةٍ؟‏‏».‏

  • ‏«اسمعوا دفاعي»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٣

      ‏«اِسْمَعُوا دِفَاعِي»‏

      بُولُسُ يُدَافِعُ عَنِ ٱلْحَقِّ أَمَامَ ٱلرَّعَاعِ وَٱلسَّنْهَدْرِيمِ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢١:‏١٨–‏٢٣:‏١٠

      ١،‏ ٢ مَاذَا أَتَى بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ وَأَيَّ تَحَدِّيَاتٍ يُوَاجِهُ هُنَاكَ؟‏

      وَأَخِيرًا .‏ .‏ .‏ يَصِلُ ٱلرَّسُولُ مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ.‏ أُورُشَلِيمُ،‏ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةُ ٱلَّتِي خَطَّتْ فُصُولًا فِي تَارِيخِ شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏ هَا هُوَ ٱلْآنَ يَمْشِي فِي شَوَارِعِهَا ٱلضَّيِّقَةِ ٱلْمُزْدَحِمَةِ،‏ مُفْتَكِرًا فِي شَعْبِهَا ٱلْعَائِشِ عَلَى ٱلْأَمْجَادِ ٱلْغَابِرَةِ.‏ وَمَعَ ٱلْأَسَفِ،‏ يَعْرِفُ بُولُسُ أَنَّ مَسِيحِيِّينَ كَثِيرِينَ عَالِقُونَ هُمْ أَيْضًا فِي شِبَاكِ ٱلْمَاضِي وَعَاجِزُونَ عَنْ مُوَاكَبَةِ مَقَاصِدِ يَهْوَهَ ٱلتَّقَدُّمِيَّةِ.‏ فِي ٱلْأَصْلِ،‏ صَمَّمَ ٱلرَّسُولُ لَمَّا كَانَ فِي أَفَسُسَ عَلَى زِيَارَةِ أُورُشَلِيمَ لِمُسَاعَدَةِ إِخْوَتِهِ ٱلْمُعْوِزِينَ رَغْمَ ٱلْمَخَاطِرِ ٱلْمُحْدِقَةِ بِهِ.‏ (‏اع ١٩:‏٢١‏)‏ لٰكِنَّهُ ٱلْآنَ يَلْمُسُ حَاجَةً أَقْوَى وَأَشَدَّ.‏ فَإِخْوَتُهُ يُعَانُونَ مِنْ عَوَزٍ رُوحِيٍّ!‏

      ٢ وَمَاذَا تُخَبِّئُ ٱلْأَيَّامُ لِلرَّسُولِ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏ مِنْ نَاحِيَةٍ،‏ سَيُوَاجِهُ تَحَدِّيًا مَصْدَرُهُ أَتْبَاعُ ٱلْمَسِيحِ أَنْفُسُهُمْ.‏ فَبَعْضُهُمْ مُضْطَرِبٌ جَرَّاءَ مَا يُشَاعُ عَنْهُ.‏ لٰكِنَّ ٱلتَّحَدِّيَاتِ ٱلْكُبْرَى سَتَأْتِي مِنْ أَعْدَاءِ ٱلْمَسِيحِ.‏ فَهٰؤُلَاءِ سَيَتَّهِمُونَهُ ٱتِّهَامَاتٍ بَاطِلَةً وَيَضْرِبُونَهُ وَيُهَدِّدُونَ بِقَتْلِهِ.‏ لَا رَيْبَ إِذًا أَنَّ ٱلرَّسُولَ فِي وَضْعٍ لَا يُحْسَدُ عَلَيْهِ.‏ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ يَسْتَغِلُّ ٱلصُّعُوبَاتِ ٱلَّتِي تُوَاجِهُهُ لِلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ وَفِي وَجْهِ هٰذِهِ ٱلتَّحَدِّيَاتِ،‏ يَرْسُمُ بُولُسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْإِيمَانِ لِجَمِيعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ.‏ فَلْنَتَأَمَّلْ سَوِيًّا فِي مُجْرَيَاتِ ٱلْأَحْدَاثِ.‏

      ‏«أَخَذُوا يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ» (‏اعمال ٢١:‏١٨-‏٢٠أ‏)‏

      ٣-‏٥ (‏أ)‏ أَيَّ ٱجْتِمَاعٍ حَضَرَ بُولُسُ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ وَمَاذَا نُوقِشَ خِلَالَهُ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تَتَعَلَّمُ مِنِ ٱجْتِمَاعِ بُولُسَ مَعَ ٱلشُّيُوخِ فِي أُورُشَلِيمَ؟‏

      ٣ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي تَلَا وُصُولَ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ ذَهَبُوا لِمُقَابَلَةِ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمُشْرِفِينَ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏ وَهُنَا لَا يَأْتِي ٱلسِّجِلُّ عَلَى ذِكْرِ أَيٍّ مِنَ ٱلرُّسُلِ ٱلْبَاقِينَ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ.‏ فَلَعَلَّهُمْ سَافَرُوا جَمِيعًا لِلْخِدْمَةِ فِي مَنَاطِقَ أُخْرَى.‏ غَيْرَ أَنَّ يَعْقُوبَ أَخَا يَسُوعَ كَانَ لَا يَزَالُ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ (‏غل ٢:‏٩‏)‏ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ تَرَأَّسَ هُوَ ٱلِٱجْتِمَاعَ ٱلَّذِي حَضَرَهُ «ٱلشُّيُوخُ كُلُّهُمْ»،‏ إِضَافَةً إِلَى بُولُسَ.‏ —‏ اع ٢١:‏١٨‏.‏

      ٤ بِدَايَةً،‏ سَلَّمَ بُولُسُ عَلَى ٱلشُّيُوخِ «وَشَرَعَ يَرْوِي بِٱلتَّفْصِيلِ مَا فَعَلَهُ ٱللّٰهُ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ».‏ (‏اع ٢١:‏١٩‏)‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ تَشَجَّعُوا جِدًّا بِمَا سَمِعُوهُ كَمَا نَتَشَجَّعُ نَحْنُ أَيْضًا حِينَ نَسْمَعُ عَنْ تَقَدُّمِ ٱلْعَمَلِ فِي بُلْدَانٍ أُخْرَى.‏ —‏ ام ٢٥:‏٢٥‏.‏

      ٥ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ ذَكَرَ بُولُسُ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ أَنَّهُ يَحْمِلُ تَبَرُّعَاتٍ مِنْ أُورُوبَّا.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱهْتِمَامَ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْبَعِيدَةِ بَثَّ ٱلْفَرَحَ وَٱلِٱمْتِنَانَ فِي قُلُوبِ سَامِعِي بُولُسَ.‏ فَلَمَّا سَمِعُوا تَقْرِيرَهُ،‏ «أَخَذُوا يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ».‏ (‏اع ٢١:‏٢٠أ‏)‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يَتَأَثَّرُ مَنْ يُعَانُونَ ٱلْيَوْمَ جَرَّاءَ ٱلْكَوَارِثِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ أَوِ ٱلْأَمْرَاضِ ٱلْخَطِيرَةِ مِنْ كَلِمَاتِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْمُشَجِّعَةِ وَٱلْمُسَاعَدَةِ ٱلَّتِي يُقَدِّمُونَهَا فِي حِينِهَا.‏

      ‏«غَيُورُونَ لِلشَّرِيعَةِ» (‏اعمال ٢١:‏٢٠ب،‏ ٢١‏)‏

      ٦ أَيُّ مُشْكِلَةٍ أُطْلِعَ عَلَيْهَا بُولُسُ؟‏

      ٦ أَطْلَعَ ٱلشُّيُوخُ بُولُسَ عَلَى مُشْكِلَةٍ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ تَعْنِيهِ مُبَاشَرَةً.‏ قَالُوا:‏ «أَنْتَ تَرَى،‏ أَيُّهَا ٱلْأَخُ،‏ كَمْ أَلْفٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ قَدْ آمَنُوا،‏ وَكُلُّهُمْ غَيُورُونَ لِلشَّرِيعَةِ.‏ وَقَدْ سَمِعُوا مَا يُشَاعُ عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ كُلَّ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ ٱلِٱرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى،‏ قَائِلًا لَهُمْ أَلَّا يَخْتِنُوا أَوْلَادَهُمْ وَلَا يَسِيرُوا فِي ٱلْعَوَائِدِ ٱلْمُتَّبَعَةِ».‏a —‏ اع ٢١:‏٢٠ب،‏ ٢١‏.‏

      ٧،‏ ٨ (‏أ)‏ أَيُّ نَظْرَةٍ خَاطِئَةٍ تَبَنَّاهَا مَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ لَمْ يُعْتَبَرِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ ٱلَّذِينَ تَبَنَّوْا نَظْرَةً خَاطِئَةً أَيَّامَ بُولُسَ مُرْتَدِّينَ؟‏

      ٧ بَادِئَ ذِي بَدْءٍ،‏ لِمَ ظَلَّ مَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ غَيُورِينَ لِلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ حَتَّى بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرَ مِنْ ٢٠ سَنَةً عَلَى إِبْطَالِهَا؟‏ (‏كو ٢:‏١٤‏)‏ أَوَلَمْ يَبْعَثِ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ ٱلْمُجْتَمِعُونَ فِي أُورُشَلِيمَ سَنَةَ ٤٩ ب‌م بِرِسَالَةٍ إِلَى ٱلْجَمَاعَاتِ تُوضِحُ أَنْ لَا حَاجَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ إِلَى ٱلِٱخْتِتَانِ وَٱتِّبَاعِ ٱلشَّرِيعَةِ؟‏!‏ (‏اع ١٥:‏٢٣-‏٢٩‏)‏ هٰذَا صَحِيحٌ،‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ لَمْ تَأْتِ عَلَى ذِكْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ ٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَوْعِبْ جُزْءٌ كَبِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ مَا عَادَتْ سَارِيَةَ ٱلْمَفْعُولِ.‏

      ٨ فَهَلْ جَرَّدَتْ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةُ ٱلْخَاطِئَةُ ٱلْإِخْوَةَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ مِنْ أَهْلِيَّتِهِمْ أَنْ يُدْعَوْا مَسِيحِيِّينَ؟‏ كَلَّا.‏ فَنَحْنُ لَا نَتَكَلَّمُ عَنْ أَشْخَاصٍ كَانُوا عَبَدَةَ أَصْنَامٍ وَلَا يَزَالُونَ يُرِيدُونَ ٱتِّبَاعَ عَادَاتِهِمِ ٱلدِّينِيَّةِ ٱلْوَثَنِيَّةِ.‏ فَيَهْوَهُ نَفْسُهُ هُوَ مَنْ وَضَعَ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي يُجِلُّونَهَا.‏ وَهِيَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى أَيَّةِ عَنَاصِرَ شَيْطَانِيَّةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ بِحَدِّ ذَاتِهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱرْتَبَطَتْ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةُ بِٱلْعَهْدِ ٱلْقَدِيمِ.‏ أَمَّا ٱلْمَسِيحِيُّونَ فَهُمْ تَحْتَ ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ.‏ وَمَا عَادَ حِفْظُ ٱلشَّرِيعَةِ يُجْدِي ٱلْعُبَّادَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ نَفْعًا.‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلْغَيُورِينَ لِلشَّرِيعَةِ لَمْ يَفْهَمُوا كَامِلًا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ وَٱفْتَقَرُوا إِلَى ٱلثِّقَةِ بِٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ لِذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَوْلِبُوا تَفْكِيرَهُمْ وَفْقَ ٱلنُّورِ ٱلرُّوحِيِّ ٱلْجَدِيدِ.‏b —‏ ار ٣١:‏٣١-‏٣٤؛‏ لو ٢٢:‏٢٠‏.‏

      ‏«لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا يُشَاعُ .‏ .‏ .‏ صَحِيحًا» (‏اعمال ٢١:‏٢٢-‏٢٦‏)‏

      ٩ مَاذَا عَلَّمَ بُولُسُ بِشَأْنِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ؟‏

      ٩ وَمَاذَا عَنِ ٱلْإِشَاعَاتِ ٱلْقَائِلَةِ إِنَّ بُولُسَ يُعَلِّمُ ٱلْيَهُودَ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ «أَلَّا يَخْتِنُوا أَوْلَادَهُمْ وَلَا يَسِيرُوا فِي ٱلْعَوَائِدِ ٱلْمُتَّبَعَةِ»؟‏ كَانَ بُولُسُ رَسُولًا لِلْأُمَمِ.‏ وَٱنْسِجَامًا مَعَ قَرَارِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ،‏ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُلْزَمِينَ بِٱلْخُضُوعِ لِلشَّرِيعَةِ.‏ كَمَا خَطَّأَ كُلَّ مَنْ حَاوَلَ إِقْنَاعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ بِٱلِٱخْتِتَانِ دَلَالَةً عَلَى خُضُوعِهِمْ لَهَا.‏ (‏غل ٥:‏١-‏٧‏)‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ كَرَزَ ٱلرَّسُولُ لِلْيَهُودِ فِي ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي زَارَهَا.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ فَسَّرَ لِلْمُتَجَاوِبِينَ بَيْنَهُمْ أَنَّ مَوْتَ يَسُوعَ عَتَّقَ ٱلشَّرِيعَةَ،‏ وَأَنَّ ٱلْمَرْءَ يَتَبَرَّرُ بِٱلْإِيمَانِ وَلَيْسَ بِأَعْمَالِ هٰذِهِ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ —‏ رو ٢:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ ٣:‏٢١-‏٢٦‏.‏

      ١٠ أَيُّ مَوْقِفٍ مُتَّزِنٍ تَبَنَّاهُ بُولُسُ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْخِتَانِ؟‏

      ١٠ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ تَفَهَّمَ بُولُسُ ٱلْأَشْخَاصَ ٱلَّذِينَ ٱرْتَاحُوا لِحِفْظِ بَعْضِ ٱلْعَوَائِدِ ٱلْيَهُودِيَّةِ،‏ كَٱلتَّوَقُّفِ عَنِ ٱلْعَمَلِ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ أَوِ ٱلِٱمْتِنَاعِ عَنْ بَعْضِ ٱلْأَطْعِمَةِ.‏ (‏رو ١٤:‏١-‏٦‏)‏ وَفِي مَسْأَلَةِ ٱلْخِتَانِ،‏ لَمْ يَضَعِ ٱلرَّسُولُ قَوَاعِدَ مُحَدَّدَةً.‏ حَتَّى إِنَّهُ طَلَبَ مِنْ تِيمُوثَاوُسَ ٱلَّذِي كَانَ أَبُوهُ يُونَانِيًّا أَنْ يَخْتَتِنَ،‏ لِكَيْلَا يَتَحَفَّظَ ٱلْيَهُودُ فِي ٱلتَّعَامُلِ مَعَهُ.‏ (‏اع ١٦:‏٣‏)‏ فَٱلْخِتَانُ مَسْأَلَةٌ شَخْصِيَّةٌ يَعُودُ لِكُلِّ ٱمْرِئٍ حُرِّيَّةُ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارِ بِشَأْنِهَا.‏ قَالَ بُولُسُ لِلْغَلَاطِيِّينَ:‏ «لَا قِيمَةَ لِلْخِتَانِ وَلَا لِلْغَلَفِ،‏ بَلْ لِلْإِيمَانِ ٱلْعَامِلِ بِٱلْمَحَبَّةِ».‏ (‏غل ٥:‏٦‏)‏ وَلٰكِنْ فِي حَالِ ٱعْتَبَرَ أَحَدٌ ٱلْخِتَانَ شَرْطًا لِنَيْلِ ٱلرِّضَى ٱلْإِلٰهِيِّ أَوْ أَقْدَمَ عَلَى هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةِ ٱنْصِيَاعًا لِلشَّرِيعَةِ،‏ فَذٰلِكَ يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى قِلَّةِ إِيمَانِهِ.‏

      ١١ أَيُّ إِرْشَادٍ قَدَّمَهُ ٱلشُّيُوخُ لِبُولُسَ،‏ وَعَلَامَ ٱشْتَمَلَ كَمَا يَبْدُو؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ١١ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلشَّائِعَاتِ كَانَتْ مُلَفَّقَةً بِٱلْكَامِلِ،‏ إِلَّا أَنَّهَا أَزْعَجَتِ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ.‏ لِذَا قَدَّمَ ٱلشُّيُوخُ لِبُولُسَ ٱلِٱقْتِرَاحَ ٱلتَّالِيَ:‏ «عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ.‏ خُذْ هٰؤُلَاءِ وَتَطَهَّرْ مَعَهُمْ بِحَسَبِ ٱلطُّقُوسِ وَٱهْتَمَّ بِنَفَقَاتِهِمْ لِكَيْ يَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ.‏ وَهٰكَذَا يَعْرِفُ ٱلْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا يُشَاعُ عَنْكَ صَحِيحًا،‏ بَلْ أَنَّكَ تَسْلُكُ بِتَرْتِيبٍ،‏ وَأَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَحْفَظُ ٱلشَّرِيعَةَ».‏c —‏ اع ٢١:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ١٢ كَيْفَ أَعْرَبَ بُولُسُ عَنِ ٱلْمُرُونَةِ وَٱلتَّعَاوُنِ فِي تَجَاوُبِهِ مَعَ مَشُورَةِ شُيُوخِ أُورُشَلِيمَ؟‏

      ١٢ كَانَ فِي وِسْعِ بُولُسَ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى ٱلنَّصِيحَةِ،‏ مُشِيرًا أَنَّ ٱلْمُشْكِلَةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ لَمْ تَكْمُنْ فِي ٱلشَّائِعَاتِ،‏ بَلْ فِي غَيْرَةِ أُولٰئِكَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ لِلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَعِدًّا لِلتَّحَلِّي بِٱلْمُرُونَةِ شَرْطَ أَلَّا يُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ.‏ كَتَبَ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ:‏ «صِرْتُ .‏ .‏ .‏ لِلَّذِينَ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ كَأَنِّي تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ مَعَ أَنَّنِي شَخْصِيًّا لَسْتُ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ لِأَرْبَحَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ».‏ (‏١ كو ٩:‏٢٠‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ تَعَاوَنَ ٱلرَّسُولُ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ مَعَ شُيُوخِ أُورُشَلِيمَ ‹كَأَنَّهُ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ›.‏ وَمِثَالُهُ ٱلْحَسَنُ يَدْفَعُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَتَعَاوَنَ مَعَ ٱلشُّيُوخِ وَلَا نُصِرَّ عَلَى آرَائِنَا.‏ —‏ عب ١٣:‏١٧‏.‏

      بولس يذعن لطلب الشيوخ؛‏ اجتماع شيوخ في ايامنا

      أذعن بولس عندما لم ينتهك اي من مبادئ الكتاب المقدس،‏ فهل تتمثل به؟‏

      اَلْقَانُونُ وَٱلْمُوَاطِنِيَّةُ فِي ٱلدَّوْلَةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ

      قَلَّمَا تَدَخَّلَ ٱلرُّومَانُ فِي ٱلشُّؤُونِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ لِلْوِلَايَاتِ ٱلتَّابِعَةِ لَهُمْ.‏ لِذٰلِكَ أُدِيرَتِ ٱلشُّؤُونُ ٱلْيَهُودِيَّةُ عُمُومًا وَفْقًا لِشَرَائِعِ ٱلْيَهُودِ.‏ مِنْ هٰذَا ٱلْمُنْطَلَقِ،‏ مَا كَانَ ٱلرُّومَانُ لِيَتَدَخَّلُوا فِي قَضِيَّةِ بُولُسَ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ ظُهُورُهُ فِي ٱلْهَيْكَلِ إِلَى بَلْبَلَةٍ هَدَّدَتِ ٱلنِّظَامَ ٱلْعَامَّ.‏

      وَمَاذَا عَنْ عَلَاقَةِ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلرُّومَانِيَّةِ بِسُكَّانِ ٱلْوِلَايَاتِ؟‏ اِسْتَبَدَّتِ ٱلسُّلُطَاتُ بِمَنْ لَا يَحْمِلُونَ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ،‏ إِلَّا أَنَّهَا عَامَلَتِ ٱلْمُوَاطِنِينَ ٱلرُّومَانَ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ.‏f فَقَدْ كَفَلَتِ ٱلْجِنْسِيَّةُ لِحَامِلِهَا ٱمْتِيَازَاتٍ مَصُونَةً وَمُعْتَرَفًا بِهَا فِي كَافَّةِ أَرْجَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ حَرَّمَ ٱلْقَانُونُ تَقْيِيدَ أَوْ ضَرْبَ رُومَانِيٍّ غَيْرِ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ عَلَى ٱعْتِبَارِ أَنَّ مُعَامَلَةً كَهٰذِهِ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِٱلْعَبِيدِ.‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ تَمَتَّعَ ٱلْمُوَاطِنُونَ بِحَقِّ ٱسْتِئْنَافِ ٱلْأَحْكَامِ ٱلصَّادِرَةِ عَنِ ٱلْوُلَاةِ إِلَى ٱلْإِمْبَرَاطُورِ فِي رُومَا.‏

      وَكَانَتْ ٱلْجِنْسِيَّةُ ٱلرُّومَانِيَّةُ مِنْ حَيْثُ ٱلْأَسَاسُ تُنْقَلُ مِنْ جِيلٍ إِلَى آخَرَ بِٱلْوِرَاثَةِ.‏ كَمَا مَنَحَهَا ٱلْأَبَاطِرَةُ أَحْيَانًا لِأَفْرَادٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ لِجَمِيعِ ٱلسُّكَّانِ ٱلْأَحْرَارِ فِي مَدِينَةٍ أَوْ إِقْلِيمٍ مُكَافَأَةً عَلَى خِدْمَاتٍ أَسْدَوْهَا لِلدَّوْلَةِ.‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ ٱكْتَسَبَ هٰذِهِ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلْجُنُودُ ٱلَّذِينَ سُرِّحُوا مِنَ ٱلْجَيْشِ ٱلرُّومَانِيِّ بَعْدَمَا حَارَبُوا مَعَهُ،‏ وَٱلْعَبِيدُ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوْا حُرِّيَّتَهُمْ مِنْ مُوَاطِنٍ رُومَانِيٍّ أَوِ ٱلَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ أَشْخَاصٌ رُومَانِيُّونَ.‏ وَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ كَانَ مُمْكِنًا فِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ شِرَاءُ ٱلْجِنْسِيَّةِ،‏ كَمَا فَعَلَ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ.‏ قَالَ لِبُولُسَ:‏ «إِنِّي بِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ ٱشْتَرَيْتُ حُقُوقَ ٱلْمُوَاطِنِيَّةِ هٰذِهِ».‏ أَمَّا بُولُسُ فَقَدْ «وُلِدَ» رُومَانِيًّا.‏ (‏اع ٢٢:‏٢٨‏)‏ لِذٰلِكَ لَا بُدَّ أَنَّ أَحَدَ آبَائِهِ ٱكْتَسَبَ ٱلْجِنْسِيَّةَ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى.‏

      f مَا كُنَّا لِنَجِدَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمُوَاطِنِينَ ٱلرُّومَانِيِّينَ بَيْنَ سُكَّانِ ٱلْيَهُودِيَّةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ.‏ فَٱلْجِنْسِيَّةُ لَمْ تُمْنَحْ لِجَمِيعِ سُكَّانِ ٱلْوِلَايَاتِ إِلَّا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّالِثِ.‏

      ‏«لَيْسَ بِجَدِيرٍ أَنْ يَحْيَا!‏» (‏اعمال ٢١:‏٢٧–‏٢٢:‏٣٠‏)‏

      ١٣ (‏أ)‏ لِمَ أَثَارَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ جَلَبَةً فِي ٱلْهَيْكَلِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أُنْقِذَتْ حَيَاةُ بُولُسَ؟‏

      ١٣ لَمْ تَسِرِ ٱلْأُمُورُ عَلَى مَا يُرَامُ فِي ٱلْهَيْكَلِ.‏ فَلَمَّا أَوْشَكَتْ أَيَّامُ ٱلتَّطْهِيرِ أَنْ تَنْتَهِيَ،‏ رَأَى يَهُودٌ مِنْ آسِيَا بُولُسَ وَٱتَّهَمُوهُ زُورًا بِإِدْخَالِ أُمَمِيِّينَ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ،‏ مِمَّا أَوْقَعَ ٱلْمَدِينَةَ فِي ٱضْطِرَابٍ كَبِيرٍ.‏ وَلَوْ لَمْ يَتَدَخَّلْ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ ٱلرُّومَانِيُّ،‏ لَضُرِبَ ٱلرَّسُولُ حَتَّى ٱلْمَوْتِ.‏ فَهَلِ ٱنْتَهَتِ ٱلْقِصَّةُ هُنَا؟‏ كَلَّا.‏ فَقَائِدُ ٱلْجُنْدِ ٱعْتَقَلَ بُولُسَ ٱلَّذِي لَمْ يَسْتَعِدْ حُرِّيَّتَهُ إِلَّا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ.‏ وَظَلَّ ٱلرَّسُولُ فِي دَائِرَةِ ٱلْخَطَرِ حَتَّى وَهُوَ مُعْتَقَلٌ.‏ فَعِنْدَمَا سَأَلَ ٱلْقَائِدُ ٱلرُّومَانِيُّ ٱلْيَهُودَ عَنْ سَبَبِ ٱلْهُجُومِ عَلَى بُولُسَ،‏ رَاحَ كُلٌّ يَصِيحُ مُجِيبًا بِشَيْءٍ.‏ وَبِسَبَبِ ٱلْجَلَبَةِ،‏ لَمْ تَتَوَضَّحْ لَهُ ٱلْمَسْأَلَةُ.‏ ثُمَّ تَفَاقَمَ ٱلْوَضْعُ حَتَّى ٱضْطُرَّ ٱلْجُنُودُ أَنْ يَحْمِلُوهُ بَعِيدًا عَنِ ٱلْمَكَانِ.‏ وَلٰكِنْ قُبَيْلَ دُخُولِ ٱلثُّكْنَةِ،‏ قَالَ بُولُسُ لِلْقَائِدِ ٱلرُّومَانِيِّ:‏ «أَرْجُو مِنْكَ أَنْ تَسْمَحَ لِي بِأَنْ أُكَلِّمَ ٱلشَّعْبَ».‏ (‏اع ٢١:‏٣٩‏)‏ فَوَافَقَ ٱلْقَائِدُ وَٱبْتَدَأَ ٱلرَّسُولُ يُدَافِعُ عَنْ إِيمَانِهِ بِشَجَاعَةٍ.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ مَاذَا أَوْضَحَ بُولُسُ لِلْيَهُودِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا فَعَلَ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ ٱلرُّومَانِيُّ لِيَكْتَشِفَ سَبَبَ غَضَبِ ٱلْيَهُودِ؟‏

      ١٤ اِسْتَهَلَّ بُولُسُ كَلَامَهُ بِٱلْقَوْلِ:‏ «اِسْمَعُوا دِفَاعِي».‏ (‏اع ٢٢:‏١‏)‏ وَقَدِ ٱخْتَارَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ بِٱلْعِبْرَانِيَّةِ،‏ فَهَدَأَ رَوْعُهُمْ وَرَاحُوا يُصْغُونَ إِلَيْهِ.‏ ثُمَّ شَرَحَ لَهُمْ صَرَاحَةً لِمَ أَصْبَحَ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ،‏ ذَاكِرًا وَقَائِعَ يُمْكِنُهُمُ ٱلتَّحَقُّقُ مِنْهَا إِذَا مَا شَاءُوا.‏ فَرَوَى أَنَّهُ دَرَسَ عِنْدَ قَدَمَيِ ٱلْمُعَلِّمِ ٱلشَّهِيرِ غَمَالَائِيلَ وَأَنَّهُ ٱضْطَهَدَ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي عَرَفَهُ بَعْضُ حُضُورِهِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ.‏ ثُمَّ قَصَّ عَلَيْهِمْ مَا حَدَثَ مَعَهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِلَى دِمَشْقَ.‏ فَقَدْ تَرَاءَى لَهُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْمُقَامُ وَتَحَدَّثَ إِلَيْهِ.‏ أَمَّا رِفَاقُهُ فِي ٱلسَّفَرِ فَرَأَوْا نُورًا سَاطِعًا وَسَمِعُوا صَوْتًا لٰكِنَّهُمْ لَمْ «يُمَيِّزُوا» مَا يَسْمَعُونَ.‏ (‏اع ٩:‏٧؛‏ ٢٢:‏٩‏،‏ الترجمة العربية المبسطة‏)‏ وَبِسَبَبِ هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا،‏ فَقَدَ بُولُسُ نَظَرَهُ وَلَزِمَ أَنْ يَقُودَهُ رِفَاقُهُ إِلَى دِمَشْقَ.‏ وَهُنَاكَ أَعَادَ إِلَيْهِ بَصَرَهُ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ يَهُودِ تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ يُدْعَى حَنَانِيَّا.‏

      ١٥ بِعْدَئِذٍ تَابَعَ بُولُسُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ يَسُوعَ تَرَاءَى لَهُ فِي ٱلْهَيْكَلِ بَعْدَ عَوْدَتِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ وَمَا إِنْ سَمِعَ ٱلْيَهُودُ ذٰلِكَ حَتَّى ثَارَتْ ثَائِرَتُهُمْ وَشَرَعُوا يَصِيحُونَ:‏ «اِنْزِعْ مِثْلَ هٰذَا مِنَ ٱلْأَرْضِ،‏ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَدِيرٍ أَنْ يَحْيَا!‏».‏ (‏اع ٢٢:‏٢٢‏)‏ إِذَّاكَ طَلَبَ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ إِدْخَالَهُ إِلَى ٱلثُّكْنَةِ خَوْفًا عَلَى حَيَاتِهِ.‏ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يَسْتَجْوِبُوهُ تَحْتَ ٱلْجَلْدِ لِيَعْرِفَ مَا سَبَبُ غَضَبِ ٱلْيَهُودِ.‏ غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ ٱسْتَعَانَ بِحِمَايَةٍ يَكْفِلُهَا لَهُ ٱلْقَانُونُ،‏ إِذْ كَشَفَ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ.‏ وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ يَسْتَفِيدُ عُبَّادُ يَهْوَهَ عَصْرِيًّا مِنَ ٱلْحِمَايَةِ ٱلَّتِي يُوَفِّرُهَا لَهُمُ ٱلْقَانُونُ لِلدِّفَاعِ عَنْ إِيمَانِهِمْ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَيْنِ «‏اَلْقَانُونُ وَٱلْمُوَاطِنِيَّةُ فِي ٱلدَّوْلَةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ‏»،‏ وَ«‏مَعَارِكُ قَانُونِيَّةٌ فِي أَيَّامِنَا‏».‏)‏ وَحِينَ عَلِمَ ٱلْقَائِدُ أَنَّ بُولُسَ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ،‏ أَدْرَكَ أَنَّهُ مُضْطَرٌّ أَنْ يَلْجَأَ إِلَى وَسِيلَةٍ أُخْرَى لِٱسْتِقَاءِ ٱلْمَعْلُومَاتِ.‏ فَأَمَرَ ٱلْمَحْكَمَةَ ٱلْيَهُودِيَّةَ ٱلْعُلْيَا،‏ ٱلْمَعْرُوفَةَ بِٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ بِعَقْدِ جَلْسَةٍ ٱسْتِثْنَائِيَّةٍ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي لِيَمْثُلَ بُولُسُ أَمَامَهَا.‏

      مَعَارِكُ قَانُونِيَّةٌ فِي أَيَّامِنَا

      عَلَى غِرَارِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ يَلْجَأُ شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْعَصْرِيُّونَ إِلَى جَمِيعِ ٱلْوَسَائِلِ ٱلْقَانُونِيَّةِ ٱلْمُتَاحَةِ لِمُحَارَبَةِ ٱلْقُيُودِ ٱلْمَفْرُوضَةِ عَلَى عَمَلِهِمِ ٱلْكِرَازِيِّ.‏ لِذَا تَرَاهُمْ مُنْهَمِكِينَ «فِي ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتِهَا قَانُونِيًّا».‏ —‏ في ١:‏٧‏.‏

      فَخِلَالَ عِشْرِينَاتِ وَثَلَاثِينَاتِ ٱلْقَرْنِ ٱلْمَاضِي،‏ ٱعْتُقِلَ ٱلْمِئَاتُ بِتُهْمَةِ تَوْزِيعِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ كَانَتْ هُنَاكَ ٨٩٧ قَضِيَّةً مُعَلَّقَةً فِي ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْأَلْمَانِيَّةِ بِحُلُولِ عَامِ ١٩٢٦.‏ وَقَدْ بَلَغَ عَدَدُ ٱلدَّعَاوَى حَدًّا ٱسْتَوْجَبَ تَأْسِيسَ قِسْمِ ٱلْقَضَايَا ٱلْقَانُونِيَّةِ فِي فَرْعِ أَلْمَانِيَا.‏ وَفِي ٱلثَّلَاثِينَاتِ،‏ وَصَلَ عَدَدُ ٱلِٱعْتِقَالَاتِ بِسَبَبِ ٱلْكِرَازَةِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ فِي ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ وَحْدَهَا إِلَى ٱلْمِئَاتِ سَنَوِيًّا.‏ حَتَّى إِنَّ هٰذَا ٱلْعَدَدَ بَلَغَ ١٤٩‏,١ عَامَ ١٩٣٦.‏ فَتَأَسَّسَ فِي ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ أَيْضًا قِسْمُ ٱلْقَضَايَا ٱلْقَانُونِيَّةِ بِهَدَفِ تَأْمِينِ ٱلِٱسْتِشَارَاتِ ٱلْقَانُونِيَّةِ ٱللَّازِمَةِ.‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٥٣٠ دَعْوَى رُفِعَتْ ضِدَّ ٱلشُّهُودِ فِي رُومَانِيَا بَيْنَ ٱلْعَامَيْنِ ١٩٣٣ وَ ١٩٣٩.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمَحْكَمَةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ ٱلْعُلْيَا حَكَمَتْ لِصَالِحِ ٱلشُّهُودِ فِي دَعَاوَى ٱسْتِئْنَافٍ كَثِيرَةٍ.‏ وَقَدْ شَهِدَتْ بُلْدَانٌ عَدِيدَةٌ تَطَوُّرَاتٍ مُمَاثِلَةً.‏

      وَفِي أَحْيَانٍ أُخْرَى،‏ تَنْشَأُ مَشَاكِلُ قَانُونِيَّةٌ عِنْدَمَا يَمْتَنِعُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِسَبَبِ ضَمِيرِهِمْ عَنِ ٱلْمُشَارَكَةِ فِي نَشَاطَاتٍ تَنْتَهِكُ حِيَادَهُمْ.‏ (‏اش ٢:‏٢-‏٤؛‏ يو ١٧:‏١٤‏)‏ كَمَا يَتَّهِمُهُمُ ٱلْمُقَاوِمُونَ زُورًا بِٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ،‏ مِمَّا يُؤَدِّي أَحْيَانًا إِلَى حَظْرِ نَشَاطَاتِهِمْ بِٱلْكَامِلِ.‏ وَلٰكِنْ عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ،‏ أَدْرَكَتْ حُكُومَاتٌ كَثِيرَةٌ أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ لَا يُشَكِّلُونَ أَيَّ خَطَرٍ عَلَيْهَا.‏g

      g لِمَعْلُومَاتٍ مُفَصَّلَةٍ عَنِ ٱنْتِصَارَاتِ شُهُودِ يَهْوَهَ ٱلْقَانُونِيَّةِ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ،‏ اُنْظُرِ ٱلْفَصْلَ ٣٠ مِنْ كِتَابِ شُهُودُ يَهْوَهَ —‏ مُنَادُونَ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.‏

      ‏«أَنَا فَرِّيسِيٌّ» (‏اعمال ٢٣:‏١-‏١٠‏)‏

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ صِفُوا مَا حَدَثَ حِينَ خَاطَبَ بُولُسُ ٱلسَّنْهَدْرِيمَ.‏ (‏ب)‏ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ عِنْدَمَا ضُرِبَ؟‏

      ١٦ اِسْتَهَلَّ بُولُسُ مُرَافَعَتَهُ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةِ:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ،‏ لَقَدْ سَلَكْتُ أَمَامَ ٱللّٰهِ بِكُلِّ ضَمِيرٍ نَقِيٍّ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».‏ (‏اع ٢٣:‏١‏)‏ وَمَا كَادَ يُنْهِي كَلَامَهُ حَتَّى «أَمَرَ حَنَانِيَّا،‏ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ،‏ ٱلْوَاقِفِينَ بِجَانِبِهِ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ».‏ (‏اع ٢٣:‏٢‏)‏ إِهَانَةٌ سَافِرَةٌ لَا تَتْرُكُ مَجَالًا لِلشَّكِّ فِي تَحَيُّزِهِمْ.‏ فَقَدْ حَسَمُوا قَرَارَهُمْ وَٱعْتَبَرُوهُ كَاذِبًا حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَتَفَوَّهَ بِكَلِمَةٍ لِيُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ!‏ لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ يَرُدَّ قَائِلًا:‏ «سَيَضْرِبُكَ ٱللّٰهُ،‏ أَيُّهَا ٱلْحَائِطُ ٱلْمُكَلَّسُ!‏ أَتَجْلِسُ لِتُحَاكِمَنِي بِحَسَبِ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ تَأْمُرُ بِضَرْبِي،‏ مُتَعَدِّيًا عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ؟‏».‏ —‏ اع ٢٣:‏٣‏.‏

      ١٧ صُدِمَ بَعْضُ ٱلْحَاضِرِينَ مِمَّا حَدَثَ؛‏ وَلٰكِنْ عِوَضَ أَنْ يَسْتَهْجِنُوا ضَرْبَ بُولُسَ،‏ ٱسْتَنْكَرُوا رَدَّةَ فِعْلِهِ!‏ سَأَلُوهُ:‏ «أَتَشْتُمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ ٱللّٰهِ؟‏».‏ فَجَاءَ جَوَابُ ٱلرَّسُولِ دَرْسًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱحْتِرَامِ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ أَجَابَ:‏ «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ،‏ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ،‏ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ.‏ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:‏ ‹رَئِيسُ شَعْبِكَ لَا تَقُلْ فِيهِ سُوءًا›».‏d (‏اع ٢٣:‏٤،‏ ٥؛‏ خر ٢٢:‏٢٨‏)‏ ثُمَّ تَبَنَّى بُولُسُ إِسْتِرَاتِيجِيَّةً مُخْتَلِفَةً كُلِّيًّا.‏ فَإِذْ لَاحَظَ أَنَّ ٱلسَّنْهَدْرِيمَ مُؤَلَّفٌ مِنْ فَرِّيسِيِّينَ وَصَدُّوقِيِّينَ،‏ قَالَ:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ،‏ أَنَا فَرِّيسِيٌّ ٱبْنُ فَرِّيسِيِّينَ.‏ وَعَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ».‏ —‏ اع ٢٣:‏٦‏.‏

      اخ يفتح آية لرجل دين في كتابه المقدس

      على غرار بولس،‏ نبحث عن قاسم مشترك في حديثنا مع اشخاص من خلفية دينية اخرى

      ١٨ لِمَ قَالَ بُولُسُ إِنَّهُ فَرِّيسِيٌّ،‏ وَكَيْفَ نَتَّبِعُ أُسْلُوبًا مُمَاثِلًا فِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ؟‏

      ١٨ قَدْ يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِنَا سُؤَالَانِ.‏ اَلسُّؤَالُ ٱلْأَوَّلُ:‏ لِمَ قَالَ بُولُسُ إِنَّهُ فَرِّيسِيٌّ؟‏ اَلْجَوَابُ:‏ لِأَنَّهُ كَانَ «ٱبْنَ فَرِّيسِيِّينَ»،‏ أَيْ مُتَحَدِّرًا مِنْ عَائِلَةٍ تَنْتَمِي إِلَى هٰذِهِ ٱلْبِدْعَةِ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ كَثِيرِينَ ظَلُّوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةَ.‏e اَلسُّؤَالُ ٱلثَّانِي:‏ كَيْفَ قَالَ بُولُسُ إِنَّهُ يُشَاطِرُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ إِيمَانَهُمْ بِٱلْقِيَامَةِ؟‏ فَهُمْ عَلَى مَا يُقَالُ آمَنُوا أَنَّ نَفْسًا وَاعِيَةً تَبْقَى حَيَّةً بَعْدَ ٱلْمَوْتِ،‏ وَأَنْفُسَ ٱلْأَبْرَارِ تَعِيشُ ثَانِيَةً فِي أَجْسَامٍ بَشَرِيَّةٍ.‏ اَلْجَوَابُ:‏ لَمْ يَتَبَنَّ بُولُسُ بِٱلطَّبْعِ مَفَاهِيمَ كَهٰذِهِ.‏ فَقَدْ آمَنَ بِعَقِيدَةِ ٱلْقِيَامَةِ كَمَا عَلَّمَهَا يَسُوعُ.‏ (‏يو ٥:‏٢٥-‏٢٩‏)‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ وَافَقَ ٱلرَّسُولُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ أَنَّ هُنَاكَ حَيَاةً بَعْدَ ٱلْمَوْتِ،‏ خِلَافًا لِلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِٱلْقِيَامَةِ.‏ وَبِإِمْكَانِنَا نَحْنُ كَذٰلِكَ أَنْ نَتَّبِعَ نَهْجًا مُمَاثِلًا فِي مُنَاقَشَاتِنَا مَعَ مَنْ يُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ،‏ فَنُخْبِرُهُمْ أَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا مُؤْمِنُونَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ إِيمَانَهُمْ بِٱللّٰهِ يَخْتَلِفُ عَنْ إِيمَانِنَا ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ وَلٰكِنْ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ كِلَانَا يُؤْمِنُ بِوُجُودِ خَالِقٍ.‏

      ١٩ مَا سَبَبُ ٱلْبَلْبَلَةِ ٱلَّتِي ٱنْتَهَى إِلَيْهَا ٱجْتِمَاعُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ؟‏

      ١٩ اِنْقَسَمَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ بِسَبَبِ كَلَامِ بُولُسَ.‏ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «حَدَثَ صِيَاحٌ عَالٍ،‏ وَقَامَ بَعْضُ ٱلْكَتَبَةِ مِنْ فَرِيقِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَشَرَعُوا يُخَاصِمُونَ بِحِدَّةٍ،‏ قَائِلِينَ:‏ ‹لَا نَجِدُ خَطَأً فِي هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ.‏ أَمَّا إِنْ كَانَ قَدْ كَلَّمَهُ رُوحٌ أَوْ مَلَاكٌ .‏ .‏ .‏›».‏ (‏اع ٢٣:‏٩‏)‏ إِذَّاكَ تَفَاقَمَتِ ٱلْبَلْبَلَةُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.‏ فَٱلصَّدُّوقِيُّونَ لَمْ يَقْبَلُوا بَتَاتًا ٱلْفَرْضِيَّةَ ٱلْقَائِلَةَ بِأَنَّ مَلَاكًا تَكَلَّمَ مَعَ بُولُسَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا أَسَاسًا بِوُجُودِ مَلَائِكَةٍ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏اَلصَّدُّوقِيُّونَ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ‏».‏)‏ فَٱضْطُرَّ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ ٱلرُّومَانِيُّ أَنْ يَتَدَخَّلَ مُجَدَّدًا لِيُنْقِذَ ٱلرَّسُولَ.‏ (‏اع ٢٣:‏١٠‏)‏ وَهَلْ بَلَغَ بُولُسُ إِذَّاكَ بَرَّ ٱلْأَمَانِ؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَلْنُتَابِعْ مُجْرَيَاتِ ٱلْأَحْدَاثِ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلتَّالِي.‏

      a لِلِٱهْتِمَامِ بِرُوحِيَّاتِ هٰذَا ٱلْعَدَدِ ٱلْغَفِيرِ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَهُودِيِّي ٱلْأَصْلِ،‏ لَا بُدَّ أَنَّ جَمَاعَاتٍ عَدِيدَةً تَشَكَّلَتْ وَكَانَتْ تَجْتَمِعُ فِي بُيُوتِ ٱلْإِخْوَةِ.‏

      b بَعْدَ بِضْعِ سَنَوَاتٍ،‏ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ رِسَالَتَهُ إِلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ مُبَرْهِنًا تَفَوُّقَ ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ.‏ وَفِي تِلْكَ ٱلرِّسَالَةِ،‏ أَبْرَزَ أَنَّ هٰذَا ٱلْعَهْدَ عَتَّقَ ٱلْعَهْدَ ٱلسَّابِقَ.‏ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ قَدَّمَ بُولُسُ بِتَحْلِيلِهِ ٱلْمُقْنِعِ لِلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ حُجَجًا مُفْحِمَةً تُسَاعِدُهُمْ فِي ٱلرَّدِّ عَلَى ٱلْقَائِلِينَ إِنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ لَا تَزَالُ سَارِيَةَ ٱلْمَفْعُولِ.‏ كَمَا قَوَّتْ كَلِمَاتُهُ دُونَ شَكٍّ إِيمَانَ بَعْضِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ شَدَّدُوا فَوْقَ ٱللُّزُومِ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ —‏ عب ٨:‏٧-‏١٣‏.‏

      c يَقْتَرِحُ بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ أَنَّ ٱلرِّجَالَ كَانَ عَلَيْهِمْ نَذْرُ نَذِيرٍ.‏ (‏عد ٦:‏١-‏٢١‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ ٱلَّتِي قُطِعَ بِمُوجَبِهَا نَذْرٌ كَهٰذَا أُبْطِلَتْ،‏ وَلٰكِنْ لَرُبَّمَا فَكَّرَ بُولُسُ أَنْ لَا ضَيْرَ فِي إِيفَاءِ نَذْرٍ قُطِعَ لِيَهْوَهَ،‏ فَلَا خَطَأَ بِٱلتَّالِي إِنْ دَفَعَ نَفَقَاتِ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ وَرَافَقَهُمْ.‏ وَفِي حِينِ أَنَّنَا لَا نَعْرِفُ بِٱلتَّحْدِيدِ نَوْعَ ٱلنَّذْرِ ٱلْمَقْصُودِ،‏ فَمِنَ ٱلْمُسْتَبْعَدِ فِي مُطْلَقِ ٱلْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ ٱلرَّسُولُ قَدْ وَافَقَ عَلَى تَقْدِيمِ ذَبِيحَةٍ (‏كَمَا فِي نَذْرِ ٱلنَّذِيرِ)‏ لِتَطْهِيرِ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ.‏ فَبَعْدَ تَقْدِيمِ ذَبِيحَةِ يَسُوعَ ٱلْكَامِلَةِ،‏ لَمْ تَعُدْ ذَبَائِحُ كَهٰذِهِ تُكَفِّرُ عَنِ ٱلْخَطَايَا.‏ وَمَعَ أَنَّنَا لَا نَمْلِكُ كَامِلَ ٱلْمُعْطَيَاتِ،‏ فَنَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ أَنَّ بُولُسَ مَا كَانَ لِيَقْبَلَ بِفِعْلِ أَمْرٍ يَنْتَهِكُ ضَمِيرَهُ.‏

      d يَقْتَرِحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ بَصَرَ بُولُسَ ٱلشَّحِيحَ حَالَ دُونَ تَعَرُّفِهِ إِلَى رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ.‏ أَوْ رُبَّمَا أَطَالَ ٱلْغَيْبَةَ عَنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى حَدِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ يَشْغَلُ حَالِيًّا مَرْكَزَ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ.‏ أَوْ لَعَلَّهُ بِبَسَاطَةٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مُلَاحَظَةِ مَنْ أَصْدَرَ ٱلْأَمْرَ بِضَرْبِهِ بِسَبَبِ ٱلزَّحْمَةِ فِي ٱلْقَاعَةِ.‏

      e حِينَ ٱجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ عَامَ ٤٩ ب‌م لِيُنَاقِشُوا هَلْ يَجِبُ أَنْ يَخْضَعَ ٱلْأُمَمِيُّونَ لِلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ،‏ عَرَّفَ لُوقَا بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَاضِرِينَ آنَذَاكَ عَلَى أَنَّهُمْ «مِنْ بِدْعَةِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا».‏ (‏اع ١٥:‏٥‏)‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ قَرَنَ ٱلنَّاسُ إِلَى حَدٍّ مَا هٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِخَلْفِيَّتِهِمْ كَفَرِّيسِيِّينَ.‏

      اَلصَّدُّوقِيُّونَ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ

      كَانَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ،‏ ٱلْمَجْلِسُ ٱلْإِدَارِيُّ ٱلْمَرْكَزِيُّ وَٱلْمَحْكَمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْعُلْيَا،‏ تَحْتَ سَيْطَرَةِ بِدْعَتَيْنِ مُتَنَافِسَتَيْنِ،‏ هُمَا:‏ اَلصَّدُّوقِيُّونَ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ.‏ وَقَدْ أَشَارَ ٱلْمُؤَرِّخُ ٱلْيَهُودِيُّ فِلَافِيُوس يُوسِيفُوسُ ٱلَّذِي عَاشَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ إِلَى ٱلْفَارِقِ ٱلرَّئِيسِيِّ بَيْنَ هَاتَيْنِ ٱلْفِئَتَيْنِ.‏ فَوَفْقًا لَهُ،‏ سَعَى ٱلْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى فَرْضِ عَدَدٍ هَائِلٍ مِنَ ٱلتَّقَالِيدِ عَلَى ٱلشَّعْبِ،‏ فِيمَا لَمْ يَقْبَلِ ٱلصَّدُّوقِيُّونَ إِلَّا بِوَصَايَا ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا أَجْمَعَا عَلَى مُقَاوَمَةِ يَسُوعَ.‏

      عَلَى مَا يَظْهَرُ،‏ ٱرْتَبَطَ فَرِيقُ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلْمُحَافِظُ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِٱلْكَهَنُوتِ.‏ وَيَبْدُو أَنَّ حَنَّانَ وَقَيَافَا،‏ ٱللَّذَيْنِ شَغَلَا كِلَاهُمَا مَرْكَزَ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ،‏ ٱنْتَمَيَا إِلَى هٰذِهِ ٱلْبِدْعَةِ ٱلنَّافِذَةِ.‏ (‏اع ٥:‏١٧‏)‏ لٰكِنَّ تَعَالِيمَ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ «لَمْ تَرُقْ إِلَّا ٱلْأَغْنِيَاءَ فَقَطْ»،‏ عَلَى حَدِّ قَوْلِ يُوسِيفُوس.‏

      مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ كَانَ لِلْفَرِّيسِيِّينَ سُلْطَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى عَامَّةِ ٱلشَّعْبِ.‏ غَيْرَ أَنَّ آرَاءَهُمْ،‏ وَمِنْهَا ٱلتَّشْدِيدُ عَلَى ٱلطَّهَارَةِ ٱلطَّقْسِيَّةِ،‏ جَعَلَتْ مِنْ حِفْظِ ٱلشَّرِيعَةِ عِبْئًا أَثْقَلَ كَاهِلَ ٱلنَّاسِ.‏ وَبِخِلَافِ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ،‏ ٱعْتَقَدَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ أَنَّ ٱلْقَدَرَ يَتَحَكَّمُ بِكُلِّ كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ فِي حَيَاةِ ٱلْإِنْسَانِ.‏ كَمَا آمَنُوا أَنَّ ٱلنَّفْسَ تَبْقَى حَيَّةً بَعْدَ ٱلْمَوْتِ وَتَلْقَى مَا تَسْتَحِقُّ مِنْ عِقَابٍ أَوْ ثَوَابٍ جَزَاءَ سَيِّئَاتِهَا أَوْ حَسَنَاتِهَا.‏

  • ‏«تشجَّع جدا!‏»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٤

      ‏«تَشَجَّعْ جِدًّا!‏»‏

      بُولُسُ يَنْجُو مِنَ ٱلْمَوْتِ وَيُرَافِعُ أَمَامَ فِيلِكْسَ

      مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢٣:‏١١–‏٢٤:‏٢٧

      ١،‏ ٢ لِمَ لَا يَتَفَاجَأُ بُولُسُ حِينَ يُوَاجِهُ ٱضْطِهَادًا مَرِيرًا فِي أُورُشَلِيمَ؟‏

      يَنْفُذُ بُولُسُ بِجِلْدِهِ فِي ٱللَّحْظَةِ ٱلْأَخِيرَةِ!‏ فَٱلْجُنُودُ ٱلرُّومَانُ يَخْطَفُونَهُ مِنْ أَيْدِي أَعْضَاءِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلسَّاخِطِينَ.‏ لَقَدْ عَانَى ٱلرَّسُولُ ٱلْأَسِيرُ ٱضْطِهَادًا مَرِيرًا فِي أُورُشَلِيمَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَوَقِّعٌ مُعَامَلَةً كَهٰذِهِ.‏ فَقَدْ قِيلَ لَهُ إِنَّ «قُيُودًا وَضِيقَاتٍ» بِٱنْتِظَارِهِ هُنَاكَ.‏ (‏اع ٢٠:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ اَلصُّورَةُ ضَبَابِيَّةٌ،‏ أَمَّا مَعَالِمُهَا فَوَاضِحَةٌ:‏ أَمَامَ بُولُسَ مُعَانَاةٌ طَوِيلَةٌ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ اع ٩:‏١٦‏.‏

      ٢ سَبَقَ لَنَا ٱلْقَوْلُ إِنَّ جَمْعًا مِنَ ٱلْيَهُودِ حَاوَلُوا ٱغْتِيَالَ ٱلرَّسُولِ.‏ ثُمَّ كَادَ أَعْضَاءُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ أَنْ «يُمَزِّقُوا بُولُسَ إِرْبًا إِرْبًا»،‏ فِيمَا كَانُوا يَتَنَازَعُونَ حَوْلَ مُرَافَعَتِهِ.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَهَا هُوَ سَجِينٌ فِي عُهْدَةِ ٱلْجُنُودِ ٱلرُّومَانِ بِٱنْتِظَارِ ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلِٱتِّهَامَاتِ وَٱلْمُحَاكَمَاتِ.‏ (‏اع ٢١:‏٣١؛‏ ٢٣:‏١٠‏)‏ وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ.‏ فَٱلْأَنْبِيَاءُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنْفُسُهُمْ نَبَّهُوا بُولُسَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ وَيُسَلَّمُ «إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ».‏ (‏اع ٢١:‏٤،‏ ١٠،‏ ١١‏)‏ وَفِي خِضَمِّ كُلِّ هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلرَّسُولَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ٱلتَّشْجِيعِ.‏

      ٣ مِنْ أَيْنَ نَسْتَمِدُّ ٱلتَّشْجِيعَ لِمُوَاصَلَةِ عَمَلِنَا ٱلْكِرَازِيِّ؟‏

      ٣ مِنْ جَانِبِنَا،‏ نَعْلَمُ «أَنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا» فِي وَقْتِ ٱلنِّهَايَةِ هٰذَا.‏ (‏٢ تي ٣:‏١٢‏)‏ لِذَا بَيْنَ ٱلْحِينِ وَٱلْآخَرِ نَحْتَاجُ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ إِلَى ٱلتَّشْجِيعِ لِنُوَاصِلَ عَمَلَنَا ٱلْكِرَازِيَّ.‏ أَوَلَا نَشْعُرُ بِٱلِٱمْتِنَانِ إِذًا لِمَا يُقَدِّمُهُ لَنَا «ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ» مِنْ تَشْجِيعٍ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ مِنْ خِلَالِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ؟‏!‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥‏)‏ وَيَهْوَهُ شَخْصِيًّا يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ جَمِيعَ أَعْدَاءِ ٱلْبِشَارَةِ سَيَفْشَلُونَ لَا مَحَالَةَ،‏ وَلَنْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْضُوا عَلَى شَعْبِهِ وَلَا أَنْ يُوقِفُوا عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ (‏اش ٥٤:‏١٧؛‏ ار ١:‏١٩‏)‏ وَلٰكِنْ مَاذَا عَنِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ؟‏ كَيْفَ ٱسْتَمَدَّ ٱلتَّشْجِيعَ ٱللَّازِمَ لِمُوَاصَلَةِ ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا رَغْمَ ٱلْمُقَاوَمَةِ؟‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ مَعَ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعِ؟‏

      إِحْبَاطُ «مُؤَامَرَةٍ» لِتَصْفِيَةِ بُولُسَ (‏اعمال ٢٣:‏١١-‏٣٤‏)‏

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱسْتَمَدَّ بُولُسُ ٱلشَّجَاعَةَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ جَاءَ ٱلتَّشْجِيعُ فِي حِينِهِ؟‏

      ٤ اِسْتَمَدَّ بُولُسُ ٱلشَّجَاعَةَ ٱللَّازِمَةَ فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلَّتِي تَلَتْ إِنْقَاذَهُ مِنَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُلْهَمُ:‏ «وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ وَقَالَ:‏ ‹تَشَجَّعْ جِدًّا!‏ لِأَنَّكَ كَمَا كُنْتَ تَشْهَدُ كَامِلًا بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ،‏ كَذٰلِكَ لَا بُدَّ أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومَا أَيْضًا›».‏ (‏اع ٢٣:‏١١‏)‏ وَهٰكَذَا تَأَكَّدَ لِلرَّسُولِ بِفَضْلِ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْمُقَوِّيَةِ أَنَّهُ سَيَنْجُو مِنَ ٱلْخَطَرِ وَيَصِلُ إِلَى رُومَا حَيْثُ يَحْظَى بِٱمْتِيَازِ تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ عَنْ يَسُوعَ.‏

      ابن اخت بولس يتكلم مع كلوديوس ليسياس

      ‏«اكثر من اربعين رجلا منهم يترصدون له».‏ —‏ اعمال ٢٣:‏٢١

      ٥ جَاءَ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ.‏ فَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ دَبَّرَ أَكْثَرُ مِنْ ٤٠ رَجُلًا يَهُودِيًّا «مُؤَامَرَةً وَتَعَاهَدُوا قَائِلِينَ إِنَّهُ مَلْعُونٌ مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ قَبْلَ قَتْلِ بُولُسَ».‏ وَهٰذِهِ «ٱلْمُؤَامَرَةُ ٱلْمُتَحَالَفُ عَلَيْهَا» دَلِيلٌ صَارِخٌ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودَ ٱسْتَمَاتُوا إِلَى ٱلتَّخَلُّصِ مِنَ ٱلرَّسُولِ.‏ فَفِي ٱعْتِقَادِهِمْ،‏ سَتَحِلُّ بِهِمِ ٱللَّعْنَةُ فِي حَالِ لَمْ يَبْلُغُوا مَأْرَبَهُمْ.‏ (‏اع ٢٣:‏١٢-‏١٥‏)‏ وَقَضَتْ خُطَّتُهُمُ ٱلَّتِي مَنَحَهَا كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخُ ٱلضَّوْءَ ٱلْأَخْضَرَ أَنْ يُعَادَ بُولُسُ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ لِٱسْتِجْوَابِهِ مُجَدَّدًا،‏ كَأَنَّ ٱلْقُضَاةَ رَاغِبُونَ فِي ٱلتَّحَقُّقِ مِنْ أَمْرِهِ بِأَكْثَرِ دِقَّةٍ.‏ فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ،‏ يَتَرَصَّدُ ٱلْمُتَآ‌مِرُونَ لِلرَّسُولِ عَلَى ٱلطَّرِيقِ لِيَنْقَضُّوا عَلَيْهِ وَيَقْتُلُوهُ.‏

      ٦ كَيْفَ ٱنْفَضَحَتِ ٱلْمُؤَامَرَةُ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ وَأَيُّ مِثَالٍ يَجِدُهُ ٱلشَّبَابُ ٱلْيَوْمَ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ؟‏

      ٦ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمُؤَامَرَةَ بَلَغَتْ مَسَامِعَ ٱبْنِ أُخْتِ بُولُسَ ٱلَّذِي فَاتَحَ خَالَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ فَمَا كَانَ مِنَ ٱلرَّسُولِ إِلَّا أَنْ طَلَبَ مِنْهُ إِبْلَاغَ قَائِدِ ٱلْجُنْدِ ٱلرُّومَانِيِّ كُلُودِيُوسَ لِيسِيَاسَ بِٱلْمَوْضُوعِ.‏ (‏اع ٢٣:‏١٦-‏٢٢‏)‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱبْنِ أُخْتِ بُولُسَ ٱلَّذِي نَجْهَلُ ٱسْمَهُ،‏ يُبَدِّي شُبَّانٌ وَشَابَّاتٌ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِشَجَاعَةٍ مَصْلَحَةَ شَعْبِ ٱللّٰهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ وَهُمْ يَبْذُلُونَ قُصَارَى جُهْدِهِمْ لِتَرْوِيجِ مَصَالِحِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَمَا رَأْيُكَ،‏ أَلَا يُعِزُّ يَهْوَهُ هٰؤُلَاءِ ٱلشَّبَابَ ٱلْأُمَنَاءَ؟‏

      ٧،‏ ٨ أَيَّةُ تَدَابِيرَ ٱتَّخَذَهَا كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ حِرْصًا عَلَى سَلَامَةِ بُولُسَ؟‏

      ٧ حَالَمَا أُطْلِعَ قَائِدُ ٱلْأَلْفِ كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ عَلَى ٱلْمُؤَامَرَةِ ٱلْمُدَبَّرَةِ ضِدَّ بُولُسَ،‏ عَيَّنَ ٤٧٠ جُنْدِيًّا وَرَامِحًا وَفَارِسًا لِنَقْلِ ٱلرَّسُولِ سَالِمًا تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ حَيْثُ يُسَلَّمُ فَوْرَ وُصُولِهِ لِلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ.‏a فَمَعَ أَنَّ عَدَدًا لَيْسَ بِقَلِيلٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ سَكَنُوا قَيْصَرِيَّةَ،‏ كَانَتْ غَالِبِيَّةُ سُكَّانِهَا مِنَ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ كَمَا ٱسْتَتَبَّ ٱلْأَمْنُ وَٱلِٱسْتِقْرَارُ فِيهَا بِعَكْسِ أُورُشَلِيمَ ٱلَّتِي دَفَعَتِ ٱلْعَصَبِيَّةُ ٱلدِّينِيَّةُ ٱلْكَثِيرَ مِنْ سُكَّانِهَا إِلَى ٱفْتِعَالِ أَعْمَالِ شَغَبٍ.‏ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلرُّومَانَ ٱتَّخَذُوا مِنْ قَيْصَرِيَّةَ مَقَرًّا إِدَارِيًّا وَعَسْكَرِيًّا لِلْإِشْرَافِ عَلَى وِلَايَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

      ٨ وَعَمَلًا بِٱلْقَانُونِ ٱلرُّومَانِيِّ،‏ بَعَثَ لِيسِيَاسُ رِسَالَةً إِلَى فِيلِكْسَ لِيَضَعَهُ فِي ٱلصُّورَةِ.‏ وَمِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ فِيهَا أَنَّ لِيسِيَاسَ أَنْقَذَ بُولُسَ مِنَ ٱلْمَوْتِ عَلَى يَدِ ٱلْيَهُودِ مَا إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ.‏ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يُحِيلُ بُولُسَ إِلَيْهِ،‏ لَا لِأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ شَكْوَى «تَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ أَوِ ٱلْقُيُودَ»،‏ بَلْ بِسَبَبِ خُطَّةٍ تُحَاكُ ضِدَّهُ.‏ وَهٰكَذَا يَتَمَكَّنُ ٱلْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ مِنَ ٱلِٱسْتِمَاعِ إِلَى ٱلْمُتَّهِمِينَ وَإِصْدَارِ ٱلْحُكْمِ فِي ٱلْقَضِيَّةِ.‏ —‏ اع ٢٣:‏٢٥-‏٣٠‏.‏

      ٩ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱنْتُهِكَتْ حُقُوقُ بُولُسَ ٱلْمَدَنِيَّةُ ٱلرُّومَانِيَّةُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ نَلْجَأُ أَحْيَانًا إِلَى ٱلْحُقُوقِ ٱلَّتِي يَكْفِلُهَا لَنَا ٱلْقَانُونُ؟‏

      ٩ فَمَا مَدَى مِصْدَاقِيَّةِ لِيسِيَاسَ؟‏ لَمْ يَصْدُقْ هٰذَا ٱلْقَائِدُ مِئَةً فِي ٱلْمِئَةِ.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ حَاوَلَ أَنْ يُجَمِّلَ صُورَتَهُ فِي نَظَرِ فِيلِكْسَ.‏ فَهُوَ أَوَّلًا لَمْ يَهُبَّ إِلَى نَجْدَةِ بُولُسَ لِأَنَّهُ ٱكْتَشَفَ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ.‏ كَمَا أَخْفَى أَنَّهُ ‹قَيَّدَ ٱلرَّسُولَ بِسِلْسِلَتَيْنِ› ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ ‹يُسْتَجْوَبَ بِٱلْجَلْدِ›،‏ مُنْتَهِكًا حُقُوقَهُ ٱلْمَدَنِيَّةَ بِصِفَتِهِ مُوَاطِنًا رُومَانِيًّا.‏ (‏اع ٢١:‏٣٠-‏٣٤؛‏ ٢٢:‏٢٤-‏٢٩‏)‏ وَعَصْرِيًّا،‏ يَسْتَخْدِمُ ٱلشَّيْطَانُ تَعَصُّبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيَّ لِيُؤَجِّجَ نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ فَنُصْبِحُ بِٱلتَّالِي عُرْضَةً أَنْ تُنْتَهَكَ حُقُوقُنَا ٱلْمَدَنِيَّةُ.‏ لٰكِنَّنَا عَلَى غِرَارِ بُولُسَ غَالِبًا مَا نَحْتَمِي بِٱلْقَانُونِ وَنَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلْحُقُوقِ ٱلَّتِي يَكْفَلُهَا لَنَا.‏

      ‏«أُدَافِعُ .‏ .‏ .‏ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» (‏اعمال ٢٣:‏٣٥–‏٢٤:‏٢١‏)‏

      ١٠ أَيَّةُ تُهَمٍ خَطِيرَةٍ وُجِّهَتْ إِلَى بُولُسَ؟‏

      ١٠ فِي قَيْصَرِيَّةَ،‏ أُبْقِيَ بُولُسُ «تَحْتَ حِرَاسَةٍ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيِّ» بِٱنْتِظَارِ وُصُولِ مُتَّهِمِيهِ مِنْ أُورُشَلِيمَ.‏ (‏اع ٢٣:‏٣٥‏)‏ وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ،‏ وَصَلَ وَفْدٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ حَنَانِيَّا رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ وَخَطِيبٍ يُدْعَى تَرْتُلُّسَ وَعَدَدٍ مِنَ ٱلشُّيُوخِ.‏ بِدَايَةً،‏ مَدَحَ تَرْتُلُّسُ فِيلِكْسَ مُنَوِّهًا بِصَنَائِعِهِ مِنْ أَجْلِ ٱلْيَهُودِ.‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هَدَفَهُ كَانَ تَمَلُّقَ ٱلْحَاكِمِ وَٱسْتِرْضَاءَهُ.‏b ثُمَّ تَطَرَّقَ إِلَى ٱلْمَسْأَلَةِ ٱلْمَطْرُوحَةِ عَلَى طَاوِلَةِ ٱلْبَحْثِ.‏ فَأَشَارَ إِلَى بُولُسَ بِصِفَتِهِ «وَبَاءً وَمُثِيرَ فِتَنٍ بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَسْكُونَةِ وَزَعِيمًا لِبِدْعَةِ ٱلنَّاصِرِيِّينَ».‏ وَٱتَّهَمَهُ أَيْضًا أَنَّهُ حَاوَلَ «أَنْ يَنْتَهِكَ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ».‏ «عِنْدَئِذٍ ٱشْتَرَكَ ٱلْيَهُودُ [ٱلْآخَرُونَ] أَيْضًا فِي ٱلتَّهَجُّمِ عَلَيْهِ،‏ مُؤَكِّدِينَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ هِيَ هٰكَذَا».‏ (‏اع ٢٤:‏٥،‏ ٦،‏ ٩‏)‏ كَخُلَاصَةٍ إِذًا،‏ ٱتُّهِمَ بُولُسُ بِإِثَارَةِ ٱلْفِتَنِ،‏ تَزَعُّمِ بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ،‏ وَٱنْتِهَاكِ حُرْمَةِ ٱلْهَيْكَلِ.‏ وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُهَمٌ ثَقِيلَةٌ قَدْ تُوصِلُ إِلَى ٱلْإِعْدَامِ.‏ فَكَيْفَ دَافَعَ ٱلرَّسُولُ عَنْ نَفْسِهِ؟‏

      ١١،‏ ١٢ كَيْفَ دَحَضَ بُولُسُ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ؟‏

      ١١ عِنْدَمَا حَانَ دَوْرُ بُولُسَ فِي ٱلْكَلَامِ،‏ قَالَ:‏ «أُدَافِعُ عَمَّا فِي أُمُورِي عَنْ طِيبِ نَفْسٍ».‏ ثُمَّ أَنْكَرَ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.‏ فَهُوَ لَمْ يَنْتَهِكْ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ وَلَا حَاوَلَ أَنْ يُثِيرَ ٱلْفِتَنَ.‏ وَأَشَارَ أَنَّهُ غَابَ عَنْ أُورُشَلِيمَ «سِنِينَ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ» وَعَادَ حَامِلًا «صَدَقَاتٍ»،‏ أَيْ تَبَرُّعَاتٍ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا ٱفْتَقَرُوا جَرَّاءَ ٱلْمَجَاعَةِ وَٱلِٱضْطِهَادِ.‏ وَشَدَّدَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ كَانَ «مُتَطَهِّرًا بِحَسَبِ ٱلطُّقُوسِ» قَبْلَ دُخُولِهِ ٱلْهَيْكَلَ،‏ وَأَنَّهُ سَعَى بِضَمِيرٍ حَيٍّ أَنْ يَبْقَى «غَيْرَ مُلَطَّخٍ بِٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ».‏ —‏ اع ٢٤:‏١٠-‏١٣،‏ ١٦-‏١٨‏.‏

      ١٢ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ ٱعْتَرَفَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ يُؤَدِّي خِدْمَةً مُقَدَّسَةً لِإِلٰهِ آبَائِهِ «بِحَسَبِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَدْعُونَهُ ‹بِدْعَةً›».‏ لٰكِنَّهُ أَكَّدَ عَلَى إِيمَانِهِ «بِكُلِّ مَا جَاءَ فِي ٱلشَّرِيعَةِ وَكُتِبَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ».‏ وَمَثَلُهُ مَثَلُ مُتَّهِمِيهِ،‏ تَمَسَّكَ بِٱلرَّجَاءِ «أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَٱلْأَثَمَةِ».‏ ثُمَّ تَحَدَّاهُمْ قَائِلًا:‏ «فَلْيَقُلِ ٱلْحَاضِرُونَ هُنَا أَنْفُسُهُمْ أَيَّ سُوءٍ وَجَدُوا فِيَّ حِينَ وَقَفْتُ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ إِلَّا مِنْ جِهَةِ هٰذَا ٱلْقَوْلِ ٱلَّذِي صَرَخْتُ بِهِ وَأَنَا وَاقِفٌ بَيْنَهُمْ:‏ ‹عَلَى قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ ٱلْيَوْمَ أَمَامَكُمْ!‏›».‏ —‏ اع ٢٤:‏١٤،‏ ١٥،‏ ٢٠،‏ ٢١‏.‏

      ١٣-‏١٥ لِمَ يُعْتَبَرُ بُولُسُ مِثَالًا جَيِّدًا فِي تَقْدِيمِ شَهَادَةٍ جَرِيئَةٍ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ؟‏

      ١٣ تَرَكَ بُولُسُ نَمُوذَجًا نَتَّبِعُهُ فِي حَالِ ٱسْتُدْعِينَا يَوْمًا لِلْمُثُولِ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ بِسَبَبِ عِبَادَتِنَا،‏ وَٱتُّهِمْنَا زُورًا بِإِثَارَةِ ٱلْعُنْفِ أَوِ ٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ أَوِ ٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى «بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ».‏ فَٱلرَّسُولُ لَمْ يَتَمَلَّقِ ٱلْحَاكِمَ مُمْطِرًا إِيَّاهُ بِعِبَارَاتِ إِطْرَاءٍ وَمَدِيحٍ مِثْلَمَا فَعَلَ تَرْتُلُّسُ.‏ بَلْ حَافَظَ عَلَى رَصَانَتِهِ وَكَلَّمَهُ بِكُلِّ ٱحْتِرَامٍ،‏ مُقَدِّمًا شَهَادَةً لَبِقَةً،‏ صَادِقَةً،‏ وَصَرِيحَةً.‏ وَأَشَارَ أَنَّ «ٱلْيَهُودَ مِنْ إِقْلِيمِ آسِيَا» ٱلَّذِينَ ٱتَّهَمُوهُ بِتَدْنِيسِ ٱلْهَيْكَلِ غَائِبُونَ عَنِ ٱلْجَلْسَةِ،‏ فِي حِينِ أَنَّ ٱلْقَانُونَ يَحْفَظُ لَهُ ٱلْحَقَّ فِي مُوَاجَهَتِهِمْ وَسَمَاعِ ٱتِّهَامَاتِهِمْ.‏ —‏ اع ٢٤:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

      ١٤ وَلَعَلَّ أَكْثَرَ مَا يَسْتَرْعِي ٱلِٱنْتِبَاهَ فِي كَلَامِ بُولُسَ أَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي ٱلشَّهَادَةِ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِ.‏ فَقَدْ أَكَّدَ بِشَجَاعَةٍ إِيمَانَهُ بِرَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ ٱلَّذِي كَانَ أَسَاسًا سَبَبَ ٱلْبَلْبَلَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ فِي ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ (‏اع ٢٣:‏٦-‏١٠‏)‏ فَلِمَ شَدَّدَ ٱلرَّسُولُ عَلَى رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ فِي مُرَافَعَتِهِ؟‏ اَلسَّبَبُ يَكْمُنُ فِي رَغْبَتِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ شَهَادَةً عَنْ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ،‏ وَاقِعَةٍ رَفَضَهَا هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمُونَ رَفْضًا قَاطِعًا.‏ (‏اع ٢٦:‏٦-‏٨،‏ ٢٢،‏ ٢٣‏)‏ بِٱخْتِصَارٍ إِذًا،‏ دَارَ ٱلْجِدَالُ حَوْلَ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ عُمُومًا وَٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ خُصُوصًا.‏

      ١٥ أُسْوَةً بِبُولُسَ،‏ يُمْكِنُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُقَدِّمَ شَهَادَةً جَرِيئَةً وَنَسْتَمِدَّ ٱلشَّجَاعَةَ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ إِلَى تَلَامِيذِهِ.‏ فَبَعْدَمَا قَالَ لَهُمْ:‏ «تَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي»،‏ وَعَدَ:‏ «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ هُوَ يَخْلُصُ».‏ وَلَا دَاعِيَ حِينَذَاكَ إِلَى ٱلْقَلَقِ بِشَأْنِ مَا نَقُولُ.‏ فَيَسُوعُ طَمْأَنَ جَمِيعَ تَلَامِيذِهِ،‏ ذَاكِرًا:‏ «عِنْدَمَا يَسُوقُونَكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ،‏ لَا تَحْمِلُوا هَمًّا مِنْ قَبْلُ بِمَ تَتَكَلَّمُونَ،‏ بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ فَبِذٰلِكَ تَكَلَّمُوا،‏ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ،‏ بَلِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ».‏ —‏ مر ١٣:‏٩-‏١٣‏.‏

      ‏«اِرْتَاعَ فِيلِكْسُ» (‏اعمال ٢٤:‏٢٢-‏٢٧‏)‏

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ فِيلِكْسُ فِي مُحَاكَمَةِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ وَلٰكِنْ مَاذَا دَفَعَهُ إِلَى مُقَابَلَةِ بُولُسَ مُجَدَّدًا؟‏

      ١٦ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَسْمَعُ فِيهَا ٱلْحَاكِمُ فِيلِكْسُ عَنِ ٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «أَمَّا فِيلِكْسُ،‏ فَإِذْ كَانَ يَعْرِفُ بِدِقَّةٍ تَامَّةٍ أُمُورَ هٰذَا ‹ٱلطَّرِيقِ› [تَعْبِيرٌ ٱسْتُخْدِمَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ]،‏ أَخَذَ يُمَاطِلُهُمْ وَقَالَ:‏ ‹حِينَ يَنْزِلُ لِيسِيَاسُ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ أُقَرِّرُ فِي أُمُورِكُمْ›.‏ وَأَمَرَ ٱلضَّابِطَ أَنْ يُحْفَظَ ٱلرَّجُلُ تَحْتَ ٱلْحِرَاسَةِ،‏ وَيُخَفَّفَ عَنْهُ ٱلْحَجْزُ،‏ وَأَلَّا يَنْهَى أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ».‏ —‏ اع ٢٤:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

      ١٧ وَبَعْدَ أَيَّامٍ،‏ ٱسْتَدْعَى فِيلِكْسُ،‏ مَعَ زَوْجَتِهِ ٱلْيَهُودِيَّةِ دُرُوسِلَّا،‏ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ «وَسَمِعَ مِنْهُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».‏ (‏اع ٢٤:‏٢٤‏)‏ وَلٰكِنْ حِينَ تَكَلَّمَ ٱلرَّسُولُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ،‏ ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ»،‏ رُبَّمَا لِأَنَّ ضَمِيرَهُ أَنَّبَهُ بِسَبَبِ مَسْلَكِهِ ٱلرَّدِيءِ.‏ لِذٰلِكَ صَرَفَ بُولُسَ قَائِلًا:‏ «اِذْهَبِ ٱلْآنَ،‏ وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى فُرْصَةٍ أَسْتَدْعِيكَ ثَانِيَةً».‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ قَابَلَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بُولُسَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لَاحِقًا إِنَّمَا لَيْسَ بِهَدَفِ ٱلتَّعَلُّمِ عَنِ ٱلْحَقِّ،‏ بَلْ طَمَعًا بِٱلْحُصُولِ عَلَى رَشْوَةٍ.‏ —‏ اع ٢٤:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

      ١٨ لِمَ تَحَدَّثَ ٱلرَّسُولُ مَعَ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتِهِ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟‏

      ١٨ وَلٰكِنْ لِمَ كَلَّمَ بُولُسُ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتَهُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟‏ لَا نَنْسَ أَنَّهُمَا رَغِبَا فِي مَعْرِفَةِ مَا يَشْمُلُهُ «ٱلْإِيمَانُ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».‏ فَجَاءَ جَوَابُ بُولُسَ ٱلْمُطَّلِعِ عَلَى تَارِيخِهِمَا ٱلْفَاسِدِ وَٱلْقَاسِي وَٱلظَّالِمِ لِيُوضِحَ مَا يَتَطَلَّبُهُ ٱتِّبَاعُ يَسُوعَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ.‏ وَكَلِمَاتُ ٱلرَّسُولِ أَظْهَرَتِ ٱلتَّبَايُنَ ٱلصَّارِخَ بَيْنَ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ وَنَمَطِ حَيَاةِ هٰذَيْنِ ٱلزَّوْجَيْنِ.‏ وَعَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ يَتَنَبَّهَا إِلَى نُقْطَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ.‏ أَوَّلًا،‏ ٱلْبَشَرُ جَمِيعًا مَسْؤُولُونَ عَنْ أَفْكَارِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَمَامَ ٱللّٰهِ.‏ وَثَانِيًا،‏ إِنَّ ٱلْحُكْمَ ٱلَّذِي سَيُصْدِرُهُ فِيلِكْسُ عَلَى بُولُسَ لَا يُذْكَرُ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ حُكْمِ ٱللّٰهِ عَلَيْهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنِ ٱرْتَاعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ ٱلْفَاسِدُ.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نُعَامِلَ مَنْ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ يَسْعَوْنَ وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ فِيلِكْسَ لَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ بُولُسَ؟‏

      ١٩ فِي خِدْمَتِنَا،‏ قَدْ نَجِدُ أَشْخَاصًا مِثْلَ فِيلِكْسَ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ،‏ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ لَا يَسْعَوْنَ إِلَّا وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ فَكَيْفَ نَتَعَاطَى مَعَهُمْ؟‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَأْخُذَ حَذَرَنَا مِنْ أَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ.‏ إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ نُخْبِرُهُمْ بِلَبَاقَةٍ عَنْ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ،‏ تَشَبُّهًا بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ لَعَلَّ ٱلْحَقَّ يَمَسُّ قُلُوبَهُمْ.‏ أَمَّا إِذَا ظَهَرَ بِوُضُوحٍ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَسْلَكَهُمُ ٱلْخَاطِئَ،‏ نَدَعُهُمْ وَشَأْنَهُمْ وَنَبْحَثُ عَمَّنْ يَبْحَثُونَ بِصِدْقٍ عَنِ ٱلْحَقِّ.‏

      ٢٠ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ،‏ ٱنْكَشَفَتْ دَوَافِعُهُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «لَمَّا ٱنْقَضَتْ سَنَتَانِ،‏ خَلَفَ بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ فِيلِكْسَ.‏ وَإِذْ رَغِبَ فِيلِكْسُ أَنْ يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ،‏ تَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّدًا».‏ (‏اع ٢٤:‏٢٧‏)‏ مِنْ هُنَا،‏ لَمْ يَكُنْ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بِٱلْفِعْلِ فِي صَفِّ بُولُسَ.‏ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَتْبَاعَ «ٱلطَّرِيقِ» لَا يُحَرِّضُونَ لَا عَلَى ٱلْفِتْنَةِ وَلَا عَلَى ٱلثَّوْرَةِ.‏ (‏اع ١٩:‏٢٣‏)‏ وَأَدْرَكَ أَيْضًا أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَخْرِقْ أَيَّ قَانُونٍ رُومَانِيٍّ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ أَبْقَاهُ قَيْدَ ٱلِٱعْتِقَالِ كَيْ «يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ».‏

      ٢١ مَاذَا حَلَّ بِبُولُسَ بَعْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ،‏ وَبِمَ تَشَجَّعَ دُونَ شَكٍّ؟‏

      ٢١ لَقَدْ رَأَيْنَا فِي ٱلْعَدَدِ ٱلْخِتَامِيِّ مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ٢٤ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ أَنَّ بُولُسَ كَانَ مَسْجُونًا عِنْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ مَكَانَ فِيلِكْسَ.‏ مُذَّاكَ ٱبْتَدَأَتْ سِلْسِلَةٌ مِنْ جَلَسَاتِ ٱلِٱسْتِمَاعِ وَأُحِيلَ ٱلرَّسُولُ ٱلشُّجَاعُ مِنْ مَسْؤُولٍ إِلَى آخَرَ.‏ فَتَمَّتْ فِيهِ كَلِمَاتُ ٱلْمَسِيحِ:‏ «تُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَحُكَّامٍ».‏ (‏لو ٢١:‏١٢‏)‏ وَكَمَا نَرَى لَاحِقًا،‏ يُؤَدِّي ٱلرَّسُولُ شَهَادَةً لِأَعْظَمِ حَاكِمٍ فِي تِلْكَ ٱلْحِقْبَةِ.‏ وَلٰكِنْ خِلَالَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْمَحَطَّاتِ،‏ ظَلَّ إِيمَانُهُ رَاسِخًا لَا يَتَزَعْزَعُ.‏ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَدَّ ٱلشَّجَاعَةَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «تَشَجَّعْ جِدًّا!‏».‏

  • ‏«ملأتم اورشليم بتعليمكم»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • يوم الخمسين،‏ بدأ التلاميذ يبشرون الزوار كل واحد بلغته

      القسم ١

      اعمال ١:‏١–‏٦:‏٧

      ‏«مَلَأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ»‏

      اعمال ٥:‏٢٨

      حَالَمَا سُكِبَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ ٱنْشَغَلَ تَلَامِيذُ يَسُوعَ بِٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ،‏ سَنَتَنَاوَلُ ٱلرِّوَايَةَ ٱلشَّيِّقَةَ عَنْ وِلَادَةِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ،‏ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْمُتَنَامِيَةِ فِي أُورُشَلِيمَ،‏ وَمَوْقِفِ ٱلرُّسُلِ ٱلْجَرِيءِ مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلْمُتَفَاقِمَةِ.‏

      زوجان يبشران امرأة في الشارع
  • ‏«حدث .‏ .‏ .‏ اضطهاد عظيم على الجماعة»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • استفانوس يقف امام السنهدريم

      القسم ٢

      اعمال ٦:‏٨–‏٩:‏٤٣

      ‏«حَدَثَ .‏ .‏ .‏ ٱضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ»‏

      اعمال ٨:‏١

      هَلْ سَمَحَ مَسِيحِيُّو ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِلْمُقَاوَمَةِ ٱلْمُتَزَايِدَةِ أَنْ تَثْنِيَهُمْ عَنِ ٱلشَّهَادَةِ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ؟‏ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ بَلْ إِنَّ ٱلْمُقَاوَمَةَ ٱلْعَنِيفَةَ أَدَّتْ فِي ٱلْوَاقِعِ إِلَى تَوَسُّعِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ كَمَا نَرَى فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ.‏

      اخوة في محكمة في المانيا الشرقية يُحكم عليهم ظلما
  • ‏«الذين من الامم قبلوا ايضا كلمة اللّٰه»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • بطرس وبعض الاخوة يدخلون منزل كرنيليوس

      القسم ٣

      اعمال ١٠:‏١–‏١٢:‏٢٥

      ‏«اَلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ قَبِلُوا أَيْضًا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ»‏

      اعمال ١١:‏١

      هَلْ يُبْدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ ٱسْتِعْدَادًا أَنْ يَكْرِزُوا لِلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفِ؟‏ نَسْتَعْرِضُ فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ كَيْفَ بَلَغَ رُوحُ يَهْوَهَ أَعْمَاقَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ تَخَطِّي ٱلتَّحَيُّزِ،‏ مِمَّا أَعْطَى ٱنْطِلَاقَةً قَوِيَّةً لِعَمَلِ ٱلشَّهَادَةِ لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ.‏

      زوجان يبشران صياد سمك
  • ‏«أُرسل هذان من الروح القدس»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • برنابا يُطرد من انطاكية بيسيدية

      القسم ٤

      اعمال ١٣:‏١–‏١٤:‏٢٨

      ‏«أُرْسِلَ هٰذَانِ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ»‏

      اعمال ١٣:‏٤

      فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ،‏ نُرَافِقُ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ فِي رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى.‏ فَنَشْهَدُ كَيْفَ يُوَاصِلُ عَمَلَ ٱلشَّهَادَةِ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَيُؤَسِّسُ جَمَاعَاتٍ جَدِيدَةً رَغْمَ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي يَلْقَاهُ فِي مَدِينَةٍ بَعْدَ أُخْرَى.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا ٱلْجُزْءَ ٱلْمُثِيرَ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ يَحْفِزُنَا عَلَى إِيقَادِ غَيْرَتِنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ.‏

      مقاومة عنيفة لشهود يهوه في كندا سنة ١٩٤٥
  • ‏«اجتمع الرسل والشيوخ»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • سيلا ويهوذا يشجعان الاخوة في انطاكية سورية

      القسم ٥

      اعمال ١٥:‏١-‏٣٥

      ‏«اِجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ»‏

      اعمال ١٥:‏٦

      يَنْشَأُ جِدَالٌ حَامٍ يُهَدِّدُ سَلَامَ ٱلْجَمَاعَاتِ وَوَحْدَتَهَا.‏ فَإِلَى مَنْ يَلْجَأُ ٱلْإِخْوَةُ طَلَبًا لِلْإِرْشَادِ وَٱلتَّوْجِيهِ فِي بَتِّ ٱلْمَسْأَلَةِ؟‏ يُسَلِّطُ هٰذَا ٱلْقِسْمُ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلتَّنْظِيمِ ٱلْمُتَّبَعِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْبَاكِرَةِ،‏ فَيَزِيدُنَا بَصِيرَةً حَتَّى نَتْبَعَ ٱلنَّهْجَ عَيْنَهُ.‏

      ناظر دائرة يتحدث مع جماعة في اوغندا
  • ‏«لنعد فنزور الإخوة»‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • بولس وتيموثاوس في سفينة

      القسم ٦

      اعمال ١٥:‏٣٦–‏١٨:‏٢٢

      ‏«لِنَعُدْ فَنَزُورَ ٱلْإِخْوَةَ»‏

      اعمال ١٥:‏٣٦

      أَيُّ دَوْرٍ مُهِمٍّ يَلْعَبُهُ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏ مَا ٱلْبَرَكَاتُ ٱلنَّاجِمَةُ عَنْ قُبُولِ ٱلتَّعْيِينَاتِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ بِرُوحٍ طَوْعِيَّةٍ؟‏ كَيْفَ نَبْرَعُ فِي ٱلْمُنَاقَشَةِ مَنْطِقِيًّا عَلَى أَسَاسِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ؟‏ وَمَا أَهَمِّيَّةُ ٱلتَّكَيُّفِ مَعَ سَامِعِينَا؟‏ لِنُرَافِقِ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ فِي رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ وَنَكْتَشِفِ ٱلْأَجْوِبَةَ عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ وَغَيْرِهَا.‏

      ناظر جائل يتحدث مع اخوين شابين
  • ‏‹تعليم الناس علانية ومن بيت الى بيت›‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • بولس يبشر جمعا من الناس في احدی شوارع افسس

      القسم ٧

      اعمال ١٨:‏٢٣–‏٢١:‏١٧

      ‏‹تَعْلِيمُ ٱلنَّاسِ عَلَانِيَةً وَمِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ›‏

      اعمال ٢٠:‏٢٠

      مَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى ٱلتَّحَلِّي بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْمُرُونَةِ فِي تَعْلِيمِ ٱلنَّاسِ؟‏ مَا ٱلْأُسْلُوبُ ٱلرَّئِيسِيُّ ٱلَّذِي نَتَّبِعُهُ حِينَ نُنَادِي بِٱلْبِشَارَةِ؟‏ وَكَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّ فِعْلَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ هُوَ أَهَمُّ مِنْ مَسَاعِينَا ٱلشَّخْصِيَّةِ؟‏ لِإِيجَادِ ٱلْأَجْوِبَةِ عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلْمُهِمَّةِ،‏ لِنَسْتَعْرِضْ سَوِيًّا رِحْلَةَ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلثَّالِثَةَ وَٱلْأَخِيرَةَ.‏

      اخ يبشر امرأة في محطة القطار
  • ‏‹الكرازة بملكوت اللّٰه دون عائق›‏
    اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
    • ابن اخت بولس يتكلم مع كلوديوس ليسياس

      القسم ٨

      اعمال ٢١:‏١٨–‏٢٨:‏٣١

      ‏‹اَلْكِرَازَةُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ دُونَ عَائِقٍ›‏

      اعمال ٢٨:‏٣١

      فِي هٰذَا ٱلْقِسْمِ،‏ يُوَاجِهُ بُولُسُ رَعَاعًا غَاضِبِينَ وَيُلْقَى فِي ٱلسِّجْنِ،‏ ثُمَّ يُحَاكَمُ أَمَامَ مَسْؤُولِينَ رُومَانِيِّينَ ٱلْوَاحِدِ تِلْوَ ٱلْآخَرِ.‏ رَغْمَ ذٰلِكَ كُلِّهِ،‏ يُوَاصِلُ تَأْدِيَةَ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.‏ وَفِيمَا تَتَأَمَّلُ فِي خَاتِمَةِ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمُشَوِّقَةِ،‏ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ:‏ ‹كَيْفَ أَقْتَدِي بِهٰذَا ٱلْمُبَشِّرِ ٱلْجَرِيءِ وَٱلْغَيُورِ؟‏›.‏

      اخ شاب يستعمل دراجة هوائية ليهرِّب المطبوعات خلال الحظر في الاربعينيات
المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة