-
التبنّي — هل هو لكم؟استيقظ! ١٩٩٦ | ايار (مايو) ٨
-
-
التبنّي — هل هو لكم؟
بواسطة مراسل استيقظ! في بريطانيا
تؤكد عاملة بريطانية في الحقل الاجتماعي ان «التبنّي هو خدمة للاولاد، وليس خدمة لمنح زوجين بلا اولاد طفلًا.» وحتى لو كان الامر كذلك، فما هو رأي الولد عادة في مسألة تبنِّيه؟
هل تفكرون في تبنّي ولد؟ اذًا انتم تواجهون قرارا ليس عاطفيا فقط بل ايضا لا يمكن ابطاله. وإلى ايّ حد سينجح الولد في التأقلم مع عائلتكم؟
اذا كنتم ولدا بالتبنّي، فهل تعرفون مَن هما والداكم اللذان انجباكم؟ وإذا كنتم لا تعرفون ذلك، فما هو باعتقادكم الفرق الذي كانت ستنتجه معرفتكم هذا الامر؟
هل انتِ والدة تفكرين في ما اذا كنت ستتخلّين عن طفلك ليتبنّاه آخرون؟ هل التبنّي هو حقا الحلّ الوحيد والمصلحة الفضلى لولدك؟
في سنة ١٩٩٥، جرى تبنّي اكثر من ٠٠٠,٥٠ ولد في الولايات المتحدة، وكان نحو ٠٠٠,٨ منهم اجنبيّي المولد. وتبنّي اولاد من بلدان اجنبية هو في ازدياد. وبحسب مجلة تايم، تبنّت عائلات في الولايات المتحدة في السنوات الـ ٢٥ الماضية اكثر من ٠٠٠,١٤٠ ولد اجنبيّ المولد. والارقام المقابلة في اوروپا هي في السويد ٠٠٠,٣٢، هولندا ٠٠٠,١٨، المانيا ٠٠٠,١٥، والدنمارك ٠٠٠,١١.
هل تنطبق عليكم احدى هاتين الحالتين؟ ان تبنّي ولد يعني ان حياتكم — وليس فقط حياة الولد — لن تعود ابدا كما كانت. صحيح ان العائلة المتبنِّية تتوقَّع افراحا كثيرة، إلا انها يجب ايضا ان تتهيَّأ لمشاكل وخيبات امل كثيرة. وعلى نحو مماثل، قد لا يُشفى كاملا الحزن العميق الذي تختبره والدة تخلَّت عن ولدها للتبنّي .
تشكِّل كل حالة تحدِّي تنشئة او اعادة تنشئة حياة ولد صغير بمحبة. وستنقل المقالتان التاليتان بعض افراح وتحديات تبنّي ولد.
-
-
التبنّي — لماذا وكيف؟استيقظ! ١٩٩٦ | ايار (مايو) ٨
-
-
التبنّي — لماذا وكيف؟
لماذا انخفض بشدة عدد الاولاد الذين جرى تبنّيهم في بريطانيا خلال الـ ٢٠ سنة الماضية؟ جرت الاشارة الى سببَين — سهولة الاجهاض الشرعي والتقبُّل المتزايد لأمّ تربي ولدها دون زوج. والآن تُعتبر العائلة ذات الوالد الواحد تحدِّيا يمكن مواجهته بنجاح في المجتمع العصري.
ولكن قبل اكثر من ١٠٠ سنة بقليل كانت الامور مختلفة. فعندما صارت پولي، امّ إدڠار والاس، الكاتب الانكليزي للروايات الاجرامية، حبلى بابن مستخدِمها، ذهبت الى مكان آخر وولدت سرًّا. وكان إدڠار بعمر تسعة ايام عندما رتَّبت القابلة ان تعتني به زوجة جورج فريمان، حَمَّال في سوق بيلينڠزڠايت للسمك في لندن. وكانت لدى عائلة فريمان آنذاك عشرة اولاد، وكبر إدڠار معروفا باسم ديك فريمان. وكانت پولي تدفع قانونيا مبلغا من المال للمساعدة على اعالة ولدها، ولم يعلم الاب قط بوجود ابنه.
واليوم عندما لا يكون الاولاد مرغوبا فيهم، غالبا ما تتولَّى سلطات الدولة مسؤوليتهم. فيُلحَق كثيرون بمؤسسات لرعاية الاولاد إما لأنهم بحاجة الى الحماية من الاساءة او لأنهم عاجزون جسديا او عقليا. والذين يتَّمتهم اهوال الحرب والاطفال المولودون نتيجة الاغتصاب يزيدون دائما اعداد الاولاد الذين يصرخون طلبا للمودة والحماية الابويين — وبكلمة واحدة، التبنّي.
التبنّي او عدم التبنّي؟
ان تبنّي ولد ليس سهلا على الاطلاق، وليس من الحكمة ابدا ان تتسرَّعوا في اتِّخاذ قرار عندما تفكِّرون فيه. وإذا كنتم قد فقدتم ولدا في الموت، فقد يكون من الافضل ان تنتظروا حتى تجتازوا الصدمة او الحزن قبل ان تتَّخذوا قرارا نهائيا بشأن التبنّي. وقد يصحّ الامر نفسه في الزوجين اللذين يُقال لهما انهما عاقران.
يرث كل ولد خصائص جينية فريدة. وغالبا ما تفاجئ الوالدين ميول اولادهم الطبيعيين، ولكن من الصعب تقييم مقدرة الطفل العقلية والعاطفية المحتملة اذا لم يكن نَسَبه معروفا.
هل تقدِّرون كثيرا الانجاز الاكاديمي؟ اذا كان الامر كذلك، فكيف ستشعرون اذا لم يبلغ ابنكم المتبنَّى توقُّعاتكم؟ هل تجدون الولد المعاق عقليا او العاجز جسديا تحدِّيا يمكنكم مواجهته؟
ان هيئة عاملين مدرَّبة في وكالات التبنّي او عمّالا حكوميين في الحقل الاجتماعي سيطرحون عليكم اسئلة تتعلق بهذه المسائل قبل ان تتَّخذوا قراركم النهائي. فهمّهم الاول يلزم ان يكون امن وسعادة الولد.
اذا قرَّرتم ان تتبنّوا . . .
لكل بلد قوانين وأنظمة تبنٍّ خاصة يلزم ان تُدرس. ففي بريطانيا هنالك مئات من جمعيات التبنّي، وهي تتعاون عادة مع السلطات الحكومية المحلية. وكل الجمعيات لديها قواعدها الخاصة.
ان حفلات التبنّي امر شائع بشكل بارز في بريطانيا، حيث يمكن لعدد من الآباء المحتملين ان يخالطوا اولادا موجودين للتبنّي، دون التوتر العاطفي الذي يمكن ان يرافق مقابلة شخص لشخص. والجو الهادئ يسهِّل على الأبوين المحتمَلين ان يقولا لا ويجعل من المحتمل اقل ان يخيب امل الاولاد، لأن تركيز الانتباه لا يقتصر على ولد واحد فقط.
وتُفرض عادة حدود قصوى للعمر على المتبنّين، على الارجح حوالي ٣٥ او ٤٠ سنة من العمر — لكنّ ذلك ينطبق غالبا على تبنّي الاطفال، وليس بالضرورة على تبنّي الاولاد الاكبر سنا. تقول جمعيات التبنّي ان الحدود القصوى للعمر تأخذ في الاعتبار معدل العمر المتوقع للأبوين المحتملين. ومع ذلك فهي تدرك ان الخبرة القيِّمة تأتي مع العمر.
قبل سنوات كان يمكن اجراء ترتيبات التبنّي مع رفيقَين متزوِّجين فقط. أما اليوم فيمكن لغير المتزوِّجين ان يتقدَّموا بطلب لتبنّي اولاد معيَّنين ويلقى طلبهم القبول. بالاضافة الى ذلك، لم تعد البطالة والعجز سببَين يُرفض لاجلهما تلقائيا الآباء المحتمَلون. والسؤال الاساسي هو، ماذا يمكن ان يقدِّم هذا الترتيب للولد؟
وحتى عندما يُنجز التبنّي بشكل نهائي اخيرا، قد تستمر مراقبة الابوَين للتأكد ان الامور تسير على ما يرام.
من عرق آخر؟
قبل ثلاثين سنة كان من الصعب في بريطانيا ان تتبنّى عائلات من السود اولادا سودا، ونتيجة لذلك، تبنّت عائلات من البيض كثيرين منهم. ومنذ سنة ١٩٨٩ صارت السياسة الوطنية في بريطانيا ان يتبنّى الاولادَ آباءٌ من العرق نفسه. ويُعتقد ان الولد بهذه الطريقة سيندمج بسرعة اكبر في عرقه ومجتمعه. لكنَّ ذلك ادَّى الى بعض المفارقات.
اخبرت مؤخرا ذا صنداي تايمز ان بعض الآباء البيض «أُعيد تصنيفهم بأنهم ‹سود›» ليتمكَّنوا من تبنّي ولد اسود. وليس غريبا ان يحضن ابوان من البيض ولدا اسود، الامر الذي يعني ان يعتنيا به بشكل مؤقت. ولكن اذا رُفض لاحقا ان يُمنحا الحق في تبنّي ذلك الولد دائما، تكون النتيجة جرحا عاطفيا للولد والابوين على السواء.
ثمة زوجان اسكتلنديان حضنا ولدَين هنديَّين طوال ست سنوات واجها مؤخرا مشكلةً نموذجية، مشكلة التبنّي المختلِط العرق. وتخبر ذا تايمز ان المحكمة اذنت بالتبنّي شرط ان «يسعى [الابوان] جاهدَين ليضمنا ان يُعرَّف الولدان بهويتهما [العرقية] ويكبرا مدركَين اصلهما وتقاليدهما العرقية.» وفي هذه الحالة، كان الابوان المتبنِّيان يفعلان ذلك من قبل. فقد كان الولدان يُعلَّمان اللغة البَنجابية ويُلبسان احيانا زيّ بلدهما.
سيوافق كثيرون على تعليقات الناطقة بلسان الخدمات الاجتماعية البريطانية التي قالت انه يجب ان تُقلَّل القيود التي توضع على التبنّي المختلِط العرق. «نحن نعيش في مجتمع متعدِّد الحضارات،» قالت، «والحضانة والتبنّي يجب ان يعكسا ذلك.»
من الخارج؟
ان تبنّي الاولاد من بلدان اجنبية هو بحسب صحيفة The Independent ‹تجارة مزدهرة.› ومع ان التقارير تشير الى ان بعض المعاملات قد لا تكون شرعية، فأوروپا الشرقية هي مصدر رئيسي لامداد بريطانيا.
مثلا، جرى هجر بعض الاطفال الذين وُلدوا نتيجة الاغتصاب خلال انهيار يوڠوسلاڤيا السابقة. ويُقال ان آخرين كان سيجري اجهاضهم لولا تدخُّل «سمسار الاطفال،» الذي وعد بالتبنّي اذا وُلد الطفل في اوانه الطبيعي. لكنَّ حكومات البلدان الغربية قلقة بشأن المبالغ التي تُدفع لقاء انجاز بعض حالات التبنّي هذه.
وما يدعو اكثر الى القلق هو تزييف الاطباء المزعوم للوثائق وقت الولادة. فقد اوردت صحيفة الاوروپية تقارير عن ادِّعاءات بأن بعض الامهات في اوكرانيا قيل لهنَّ ان اطفالهنَّ وُلدوا امواتا. وزُعم ايضا ان هؤلاء الاطفال بيعوا في ما بعد. وأمهات اخريات ربما أُعلمن بأن اولادهنَّ معاقون عقليا. فتحْت ضغط كهذا، يكون من الاسهل اقناع الامهات المرتبكات بأن يوقِّعن على منح اولادهنَّ للتبنّي. ومع ذلك فإن اولادا آخرين قد لا يصلون ابدا الى دور الايتام التي أُرسلوا اليها انما قد يُرسلون الى بلدان اجنبية.
يَظهر الاستياء في البلدان النامية. فهي تدَّعي ان الغرب الغني يجب ان يفعل المزيد لمساعدة العائلات الاصلية على الاعتناء بذريتها في بيئتهم الأمّ بدلا من اخذهم بعيدا للتبنّي في مجتمع غريب.
ويلزم ان يفهم الغرب ايضا التقليد القديم للعائلات الممتدة، العمود الفقري للمجتمع في حضارات كثيرة. فالولد عادة لا يُحرم من العناية عندما يكون عائشا في جماعات قبلية، حتى لو مات الوالدان. ففضلا عن اعضاء العائلة الأقربين، كالاجداد، تعتبر العائلة الممتدة من الاعمام والاخوال والعمَّات والخالات ان الولد ولدهم، وأيّ عرض للتبنّي من الغرباء يمكن ان يُساء فهمه ويُعتبر تطفُّلا مرفوضا.a
ان اجراء الترتيبات للتبنّي ليس سهلا، وحتى عندما يُنجز التبنّي نهائيا، يلزم عمل شاق لجعله ناجحا. ولكن كما سنرى، هنالك ايضا افراح عظيمة.
[الحاشية]
a من اجل مناقشة شاملة لممارسة اعارة الاولاد لاعضاء العائلة الآخرين، انظروا عدد ١ ايلول ١٩٨٨ من برج المراقبة، الصفحات ٢٨-٣٠، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الاطار في الصفحة ٥]
هل سيبحث ابني عني؟
حصل والداي على الطلاق عندما كان عمري ١١ سنة. وكنت في امسّ الحاجة الى المحبة. وعندما صرت في الكلية، تورَّطت في علاقة رومنطيقية؛ لقد كانت طريقتي لنيل المودة. ويا للحسرة، فقد اكتشفت لاحقا انني حبلى. كان ذلك مثيرا جدا للسخرية. فرفيقي التلميذ وأنا لم نكن ناضجين البتة. انا لم اتعاطَ قط المخدِّرات، الكحول، او التبغ، لكنَّ صديقي كان يتعاطى في ما مضى الـ LSD، مما اضعف كثيرا قدراته.
نصحوني ان اجهض، لكنَّ ابي اقنعني ان لا افعل ذلك. لم اكن اريد ان اصير حبلى، لكنني لم اكن اريد ايضا ان اقضي على حياة. وعندما وُلد ابني في سنة ١٩٧٨، قرَّرت ان لا اضع اسم ابيه في شهادة الولادة لأضمن ان لا يتمكن الاب من الوصول اليه. وفي الواقع، وافقت ان يجري تبنّي الطفل من الولادة؛ لذلك أُخذ مني فورا ووُضع مؤقتا في مؤسسة للخدمات الاجتماعية. حتى انني لم ارَه. لكنني بعد ذلك غيَّرت رأيي. فأخرجته من مؤسسة الخدمات الاجتماعية وحاولت يائسةً ان اربّيه وحدي. لكنني فشلت، وكدت أُصاب بانهيار عصبي.
كان عمر ابني ستة اشهر تقريبا عندما جرت الموافقة على طلب للتبنّي وكان عليَّ ان اتخلّى عنه. اتذكر انني شعرت كما لو ان احدا طعنني بسكين. فقد متّ عاطفيا. ولم اتمكَّن من اقامة علاقات ذات مغزى إلا بعدما حصلت على ارشاد نفسي من اختصاصي خلال السنتين الماضيتين. لم استطع ان احزن — فابني لم يمت. لكنني لم استطع ان افكر فيه ايضا — لقد رفضت ان اسمح لنفسي بذلك. كان الوضع رهيبا.
وأكثر ما آلمني هو سماع الناس يقولون: «اذا تخلَّيتِ عن ولدك للتبنّي، فأنتِ لا تحبّينه.» لكنَّ ذلك لم يكن صحيحا في حالتي! فلأنني احب ابني تخلَّيت عنه! ولآخر لحظة بقيت اسأل نفسي: ‹ماذا افعل؟ ماذا يمكنني ان افعل؟› لم يكن هنالك خيار. فقد عرفت انه لا يمكنني ان اتدبَّر امري وأن طفلي سيتألم اذا حاولت الاحتفاظ به.
في انكلترا، يقبل المجتمع الآن العائلات ذات الوالد الواحد — لكنَّ الامر لم يكن كذلك عندما ولدت ابني. اتمنى لو انني تمكَّنت من الاعتناء به كما يجب. اعتقد ان الارشاد النفسي الذي تلقَّيته مؤخرا ساعدني، ولكن فات الاوان الآن. هل ابني ما زال حيًّا؟ ايّ نوع من الشبان صار الآن؟ بعمر ١٨ سنة، يحق شرعيا للاولاد المتبنّين ان يبحثوا عن والديهم. وأنا اتساءل دائما عما اذا كان ابني سيبحث عني. — مقدَّمة للنشر.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٨]
لقد نجح الامر معنا
كنا عائلة انكليزية مكتفية ومتَّحدة لها صبيّان مراهقان. وفكرة حيازة ابنة — ومن عرق مختلف — لم تخطر قط ببالنا. ثم دخلت كاثي حياتنا. وُلدت كاثي في لندن، انكلترا. ترعرعت ككاثوليكية رومانية، لكنها حضرت مع امها اجتماعات قليلة في قاعة الملكوت لشهود يهوه عندما كانت صغيرة. ولكن بعمر ١٠ سنوات وُضعت في دار للاولاد.
ومع ان الامور كانت اصعب عليها هناك، استمرت تتدبَّر وحدها امر حضور الاجتماعات في قاعة الملكوت حيث التقيناها. كانت كاثي فتاة عميقة التفكير. وعندما قمنا زوجتي وأنا بزيارتها في دار الاولاد، لاحظنا ان الحائط بجانب سريرها ملآن صور حيوانات ومناظر طبيعية ريفية، بخلاف صور النجوم الشعبيين التي علَّقتها الفتيات الاخريات.
ولاحقا كان على كاثي ان تمثل امام لجنة تقييم سألتها اذا كانت ترغب في مغادرة الدار والعيش بدل ذلك مع عائلة. فأجابت: «مع عائلة من شهود يهوه فقط!» وعندما اخبرتنا كاثي بذلك وبما قالته، جعلتنا نفكر في الامر. نحن لدينا غرفة اضافية. فهل يمكننا ان نتولى هذا النوع من المسؤولية؟ تداولنا في الامر كعائلة وصلَّينا. ولم نكتشف إلا بعد وقت طويل ان هذا الاقتراب — سؤال رأي الولد — كان مغامرة جديدة من جهة الخدمات الاجتماعية، تجربة كانت تُدعم آنذاك بالوثائق.
استعلمت الخدمات الاجتماعية عنا لدى الشرطة وطبيبنا وحصلتْ على شهادة مؤهِّلات شخصية. وبسرعة جرت الموافقة. قيل لنا انه بإمكاننا اخذ كاثي على اساس التجربة وإعادتها اذا لم تعجبنا! فأراعنا ذلك، وكنا حازمين جدا في القول اننا لن نفعل ذلك ابدا. كان عمر كاثي ١٣ سنة عندما اخذناها رسميا الى بيتنا.
استمر رباط المحبة الفريد بيننا جميعا يزداد قوة. وكاثي الآن تخدم كفاتحة (مبشِّرة كامل الوقت) في جماعة فرنسية لشهود يهوه في شمالي لندن. وفي السنة التي تركت فيها البيت لتخدم كفاتحة، كتبت لنا ملاحظة مؤثِّرة: «هنالك قول مأثور يقول ‹لا يمكنكم ان تختاروا عائلتكم.› ولكنني اودّ ان اشكركم من قلبي على اختياركم اياي.» نحن شاكرون جدا ان كاثي انضمت الى عائلتنا! فجعلها جزءا من عائلتنا اغنى حياتنا. لقد نجح الامر معنا! — مقدَّمة للنشر.
-
-
التبنّي — كيف يجب ان انظر اليه؟استيقظ! ١٩٩٦ | ايار (مايو) ٨
-
-
التبنّي — كيف يجب ان انظر اليه؟
من الواضح ان المشاكل يمكن ان تنشأ اذا طلَّق الابوان المتبنِّيان احدهما الآخر او اذا مات احدهما. لكنَّ الولد المتبنَّى هو الذي يمكن ان يشعر بالتوتر الاكبر. ولماذا؟
يعرف اغلبنا مَن هما والداه الطبيعيان. وحتى لو ماتا عندما كنا صغارا، فلدينا ذكريات، او على الارجح بعض الصور الفوتوڠرافية لاكمال حلقات السلسلة. ولكن ماذا عن الطفل الذي يوضع للتبنّي فورا بعد ولادته؟ ان مؤسسة التبنّي تحتفظ بتفاصيل عن الام، لكنَّ هذه المعلومات لا تُجعل غالبا في متناول الولد حتى يبلغ سنّ الرشد. وفي حالات اخرى، تسجِّل الام اسمها في شهادة الولادة لكنها لا تسجِّل اسم الاب. وبعض الاطفال هم لُقطاء — يُكتشفون بعد ان يهجرهم والدوهم المجهولون. والاولاد في كل هذه الحالات لا يعرفون جذورهم — وقد يشعرون بأنهم قُطعوا عن ماضيهم او اصلهم.
ما مدى ثباته؟
تحتاج الاشجار الى شبكة جذور جيدة لتقف بثبات. والغصن الجديد الذي يُطعَّم في جذع ناضج قد ينمو جيدا، لكنه ايضا قد يذبل ولا ينتج ثمرا. وعلى نحو مماثل، رغم ان الابوَين المتبنِّيين قد يمنحان ما يستطيعانه من العناية الكاملة والمحبة الشديدة، فبعض الاولاد لا يشفون ابدا من صدمة انهم قُطعوا عن جذورهم الاصلية.
تأملوا في حالة كايت.a لقد انجبها والدان من جزر الهند الغربية، وتبنّاها وهي طفلة زوجان من البيض احبّاها ومنحاها العناية اللازمة، لكنها لم تتمكَّن من قبول محيطها الجديد. وبعمر ١٦ سنة غادرت المنزل ولم تعُد قط. فقد تحوَّلت المرارة في ذلك الوقت الى كره شديد. وكانت تصرّ على السؤال «لماذا ارسلتني امي اليكما؟» ومن المحزن ان هذه العائلة لم تتمكَّن من التغلب على المشكلة لحيازة علاقة عائلية.
وُضع مِرڤين في عناية الوكالة الحكومية المحلية عند الولادة ثم مع والدَين بالحضانة. وجرى تبنّيه بعمر تسعة اشهر. وماضيه الاصلي الغامض، الى جانب الاستياء المؤلم من كونه من عرق مختلط، جعلاه يطوِّر موقف تمرُّد سبَّب عناء شديدا له وحزنا عميقا لأبويه بالتبنّي اللذين فعلا الكثير من اجله. قالت امه: «اذا طلب مني احد نصيحة بشأن التبنّي، اقول الآن، ‹فكِّروا في ذلك كثيرا.›»
بالمقابل، تأملوا في اختبار روبرت وسيلڤيا. لقد انجبا ابنا ولم يتمكَّنا من انجاب المزيد من الاولاد. فسُئلا: «هل فكَّرتما في تبنّي ولد من قومية اخرى؟» وسرعان ما تبنّيا ماك-تشاي، طفلة عمرها تسعة اشهر من هونڠ كونڠ. «غالبا ما تساءلت لماذا هُجرت،» تقول ماك-تشاي، «وعما اذا كان لديّ اخوة او اخوات. لكنني اعتقد انني قريبة الى امي وأبي بالتبنّي اكثر من كثيرين من الاولاد الطبيعيين. وإذا عرفت مَن هما والداي الطبيعيان، فذلك لن يصنع فرقا كبيرا، إلا انني قد افهم بعضا من خصائصي بشكل افضل قليلا.» فهل ينصح ابواها المتبنِّيان بالتبنّي؟ يقولان: «نعم، لأنه كان اختبارا رائعا لنا!»
اسباب للحذر
تبنّى ڠراهام وروث طفلَين. صبيًّا وبنتا، ليتكيَّفا مع ابنهما وابنتهما. وتربَّى الاولاد الاربعة كعائلة متحدة في محيط سعيد. تقول روث: «ترك كل اولادنا البيت قبل سنوات وعاشوا حياة مستقلة. ونحن نبقى على اتصال قانوني بهم ونحبهم جميعا.» ولكن من المحزن ان الولدَين المتبنَّيين عانيا مشاكل خطيرة. ولماذا؟
يقول ڠراهام، الذي يعتقد الآن ان الصفات الموروثة عامل رئيسي: «اخبرنا طبيبنا ان المحيط مهم كثيرا للولد.» ثم يضيف: «وأيضا، ماذا عن صحة الام عندما كانت حبلى بطفلها؟ فنحن نعرف الآن ان المخدِّرات، المشروبات الكحولية، والتبغ يمكن ان تؤثر في الولد غير المولود. لذلك أوصي بإجراء تحقيق شامل عن الوالدَين، وحتى عن الاجداد اذا كان ذلك ممكنا، قبل المباشرة بالتبنّي.»
تزوَّجت ام پيتر ثانية، وعانى پيتر الاساءة الجسدية والعقلية من زوج امه. وبعمر ثلاث سنوات وُضع في مؤسسة للتبنّي. قال پيتر: «رفضت ابويّ المتبنِّيين حالما خرجت من المحكمة.» وأضاف: «كنت احطِّم كل ما تقع عليه يداي. وعندما كنت انام، كنت ارى كوابيس مريعة. وإذ اعود الآن بالذاكرة الى الماضي، يمكنني ان ارى كم كنت مضطربا بشدة. وبعد ان طلَّق ايضا ابواي المتبنِّيان احدهما الآخر، تحوَّلت الامور معي من سيِّئ الى اسوأ — المخدِّرات، السرقة، التخريب المتعمد، والانغماس اليومي في الملذات.
«بعمر ٢٧ سنة، لم اعد اجد سببا لاستمرّ في العيش ففكَّرت في الانتحار. ثم في احد الايام اعطاني شخص غريب نشرة مؤسسة على الكتاب المقدس تذكر ان هذه الارض ستصير فردوسا عما قريب. فأعجبتني الرسالة. لقد احتوت على رنة الحق. فابتدأت اقرأ وأدرس الكتاب المقدس وشرعت اصنع تغييرات في حياتي وشخصيتي، لكنني من وقت الى آخر كنت اعود الى طرقي القديمة. وبعد التشجيع الكثير والمعاشرة المسيحية المساعِدة، اشعر الآن بأنني سعيد ومطمئن في خدمة اللّٰه اكثر مما تخيَّلت قبل عدة سنوات. واستطعت ايضا ان ابني من جديد علاقة ودية مع امي، وهذا امر مبهج جدا.»
مواجهة الواقع
في ما يتعلق بحالات التبنّي، تكون الانفعالات شديدة. فترون اقصى درجات المحبة والشكر الى جانب المرارة ونكران المعروف. إدڠار والاس، مثلا، لم يسامح امه قط على ما فعلته، لانه اعتبر انها هجرته. ففي السنة الاخيرة من حياتها ذهبت لتراه، وطلبت على مضض بعض المساعدة المالية، لكنَّ إدڠار رفض مساعدتها بفظاظة مع انه كان غنيا في ذلك الوقت. وبُعيد ذلك، عندما عرف ان امه كانت ستُدفن في مقبرة الفقراء لولا لطف الاصدقاء الذين دفعوا تكاليف مأتمها، ندم بعمق لأنه كان قاسيا معها.
ان الاشخاص الذين يفكرون في التبنّي يجب ان يتهيَّأوا ليواجهوا بواقعية المشاكل والتحديات التي يمكن ان تنشأ. فالاولاد لا يكونون دائما شاكرين لوالديهم — بالتبنّي او الطبيعيين — على ما يفعلونه لهم، حتى في افضل الظروف. وفي الواقع، يتحدث الكتاب المقدس عن اشخاص في ايامنا سيكونون «بلا حنّو» و «غير شاكرين» و «دنسين [«غير اولياء،» عج].» — ٢ تيموثاوس ٣:١-٥.
ومن ناحية اخرى، يمكن ان يكون فتح بيتكم — وقلبكم — لولد يحتاج الى ابوَين اختبارا ايجابيا ومكافِئا. كاثي، على سبيل المثال، تشكر كثيرا ابوَيها بالتبنّي لأنهما زوَّداها بيتا مسيحيا واعتنيا بحاجاتها الجسدية والروحية. — انظروا الاطار «لقد نجح الامر معنا،» الصفحة ٨.
عندما يصف آباء اولاد كهؤلاء كيف يشعرون تجاه ابنائهم وبناتهم بالتبنّي، قد يتذكرون كلمات المرنم الملهم: «البنون ميراث من عند الرب ثمرة البطن اجرة.» — مزمور ١٢٧:٣.
-