مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التبنّي —‏ هل هو لكم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | ايار (‏مايو)‏ ٨
    • التبنّي —‏ هل هو لكم؟‏

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في بريطانيا

      تؤكد عاملة بريطانية في الحقل الاجتماعي ان «التبنّي هو خدمة للاولاد،‏ وليس خدمة لمنح زوجين بلا اولاد طفلًا.‏» وحتى لو كان الامر كذلك،‏ فما هو رأي الولد عادة في مسألة تبنِّيه؟‏

      هل تفكرون في تبنّي ولد؟‏ اذًا انتم تواجهون قرارا ليس عاطفيا فقط بل ايضا لا يمكن ابطاله.‏ وإلى ايّ حد سينجح الولد في التأقلم مع عائلتكم؟‏

      اذا كنتم ولدا بالتبنّي،‏ فهل تعرفون مَن هما والداكم اللذان انجباكم؟‏ وإذا كنتم لا تعرفون ذلك،‏ فما هو باعتقادكم الفرق الذي كانت ستنتجه معرفتكم هذا الامر؟‏

      هل انتِ والدة تفكرين في ما اذا كنت ستتخلّين عن طفلك ليتبنّاه آخرون؟‏ هل التبنّي هو حقا الحلّ الوحيد والمصلحة الفضلى لولدك؟‏

      في سنة ١٩٩٥،‏ جرى تبنّي اكثر من ٠٠٠‏,٥٠ ولد في الولايات المتحدة،‏ وكان نحو ٠٠٠‏,٨ منهم اجنبيّي المولد.‏ وتبنّي اولاد من بلدان اجنبية هو في ازدياد.‏ وبحسب مجلة تايم،‏ تبنّت عائلات في الولايات المتحدة في السنوات الـ‍ ٢٥ الماضية اكثر من ٠٠٠‏,١٤٠ ولد اجنبيّ المولد.‏ والارقام المقابلة في اوروپا هي في السويد ٠٠٠‏,٣٢،‏ هولندا ٠٠٠‏,١٨،‏ المانيا ٠٠٠‏,١٥،‏ والدنمارك ٠٠٠‏,١١.‏

      هل تنطبق عليكم احدى هاتين الحالتين؟‏ ان تبنّي ولد يعني ان حياتكم —‏ وليس فقط حياة الولد —‏ لن تعود ابدا كما كانت.‏ صحيح ان العائلة المتبنِّية تتوقَّع افراحا كثيرة،‏ إلا انها يجب ايضا ان تتهيَّأ لمشاكل وخيبات امل كثيرة.‏ وعلى نحو مماثل،‏ قد لا يُشفى كاملا الحزن العميق الذي تختبره والدة تخلَّت عن ولدها للتبنّي .‏

      تشكِّل كل حالة تحدِّي تنشئة او اعادة تنشئة حياة ولد صغير بمحبة.‏ وستنقل المقالتان التاليتان بعض افراح وتحديات تبنّي ولد.‏

  • التبنّي —‏ لماذا وكيف؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | ايار (‏مايو)‏ ٨
    • التبنّي —‏ لماذا وكيف؟‏

      لماذا انخفض بشدة عدد الاولاد الذين جرى تبنّيهم في بريطانيا خلال الـ‍ ٢٠ سنة الماضية؟‏ جرت الاشارة الى سببَين —‏ سهولة الاجهاض الشرعي والتقبُّل المتزايد لأمّ تربي ولدها دون زوج.‏ والآن تُعتبر العائلة ذات الوالد الواحد تحدِّيا يمكن مواجهته بنجاح في المجتمع العصري.‏

      ولكن قبل اكثر من ١٠٠ سنة بقليل كانت الامور مختلفة.‏ فعندما صارت پولي،‏ امّ إدڠار والاس،‏ الكاتب الانكليزي للروايات الاجرامية،‏ حبلى بابن مستخدِمها،‏ ذهبت الى مكان آخر وولدت سرًّا.‏ وكان إدڠار بعمر تسعة ايام عندما رتَّبت القابلة ان تعتني به زوجة جورج فريمان،‏ حَمَّال في سوق بيلينڠزڠايت للسمك في لندن.‏ وكانت لدى عائلة فريمان آنذاك عشرة اولاد،‏ وكبر إدڠار معروفا باسم ديك فريمان.‏ وكانت پولي تدفع قانونيا مبلغا من المال للمساعدة على اعالة ولدها،‏ ولم يعلم الاب قط بوجود ابنه.‏

      واليوم عندما لا يكون الاولاد مرغوبا فيهم،‏ غالبا ما تتولَّى سلطات الدولة مسؤوليتهم.‏ فيُلحَق كثيرون بمؤسسات لرعاية الاولاد إما لأنهم بحاجة الى الحماية من الاساءة او لأنهم عاجزون جسديا او عقليا.‏ والذين يتَّمتهم اهوال الحرب والاطفال المولودون نتيجة الاغتصاب يزيدون دائما اعداد الاولاد الذين يصرخون طلبا للمودة والحماية الابويين —‏ وبكلمة واحدة،‏ التبنّي.‏

      التبنّي او عدم التبنّي؟‏

      ان تبنّي ولد ليس سهلا على الاطلاق،‏ وليس من الحكمة ابدا ان تتسرَّعوا في اتِّخاذ قرار عندما تفكِّرون فيه.‏ وإذا كنتم قد فقدتم ولدا في الموت،‏ فقد يكون من الافضل ان تنتظروا حتى تجتازوا الصدمة او الحزن قبل ان تتَّخذوا قرارا نهائيا بشأن التبنّي.‏ وقد يصحّ الامر نفسه في الزوجين اللذين يُقال لهما انهما عاقران.‏

      يرث كل ولد خصائص جينية فريدة.‏ وغالبا ما تفاجئ الوالدين ميول اولادهم الطبيعيين،‏ ولكن من الصعب تقييم مقدرة الطفل العقلية والعاطفية المحتملة اذا لم يكن نَسَبه معروفا.‏

      هل تقدِّرون كثيرا الانجاز الاكاديمي؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فكيف ستشعرون اذا لم يبلغ ابنكم المتبنَّى توقُّعاتكم؟‏ هل تجدون الولد المعاق عقليا او العاجز جسديا تحدِّيا يمكنكم مواجهته؟‏

      ان هيئة عاملين مدرَّبة في وكالات التبنّي او عمّالا حكوميين في الحقل الاجتماعي سيطرحون عليكم اسئلة تتعلق بهذه المسائل قبل ان تتَّخذوا قراركم النهائي.‏ فهمّهم الاول يلزم ان يكون امن وسعادة الولد.‏

      اذا قرَّرتم ان تتبنّوا .‏ .‏ .‏

      لكل بلد قوانين وأنظمة تبنٍّ خاصة يلزم ان تُدرس.‏ ففي بريطانيا هنالك مئات من جمعيات التبنّي،‏ وهي تتعاون عادة مع السلطات الحكومية المحلية.‏ وكل الجمعيات لديها قواعدها الخاصة.‏

      ان حفلات التبنّي امر شائع بشكل بارز في بريطانيا،‏ حيث يمكن لعدد من الآباء المحتملين ان يخالطوا اولادا موجودين للتبنّي،‏ دون التوتر العاطفي الذي يمكن ان يرافق مقابلة شخص لشخص.‏ والجو الهادئ يسهِّل على الأبوين المحتمَلين ان يقولا لا ويجعل من المحتمل اقل ان يخيب امل الاولاد،‏ لأن تركيز الانتباه لا يقتصر على ولد واحد فقط.‏

      وتُفرض عادة حدود قصوى للعمر على المتبنّين،‏ على الارجح حوالي ٣٥ او ٤٠ سنة من العمر —‏ لكنّ ذلك ينطبق غالبا على تبنّي الاطفال،‏ وليس بالضرورة على تبنّي الاولاد الاكبر سنا.‏ تقول جمعيات التبنّي ان الحدود القصوى للعمر تأخذ في الاعتبار معدل العمر المتوقع للأبوين المحتملين.‏ ومع ذلك فهي تدرك ان الخبرة القيِّمة تأتي مع العمر.‏

      قبل سنوات كان يمكن اجراء ترتيبات التبنّي مع رفيقَين متزوِّجين فقط.‏ أما اليوم فيمكن لغير المتزوِّجين ان يتقدَّموا بطلب لتبنّي اولاد معيَّنين ويلقى طلبهم القبول.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لم تعد البطالة والعجز سببَين يُرفض لاجلهما تلقائيا الآباء المحتمَلون.‏ والسؤال الاساسي هو،‏ ماذا يمكن ان يقدِّم هذا الترتيب للولد؟‏

      وحتى عندما يُنجز التبنّي بشكل نهائي اخيرا،‏ قد تستمر مراقبة الابوَين للتأكد ان الامور تسير على ما يرام.‏

      من عرق آخر؟‏

      قبل ثلاثين سنة كان من الصعب في بريطانيا ان تتبنّى عائلات من السود اولادا سودا،‏ ونتيجة لذلك،‏ تبنّت عائلات من البيض كثيرين منهم.‏ ومنذ سنة ١٩٨٩ صارت السياسة الوطنية في بريطانيا ان يتبنّى الاولادَ آباءٌ من العرق نفسه.‏ ويُعتقد ان الولد بهذه الطريقة سيندمج بسرعة اكبر في عرقه ومجتمعه.‏ لكنَّ ذلك ادَّى الى بعض المفارقات.‏

      اخبرت مؤخرا ذا صنداي تايمز ان بعض الآباء البيض «أُعيد تصنيفهم بأنهم ‹سود›» ليتمكَّنوا من تبنّي ولد اسود.‏ وليس غريبا ان يحضن ابوان من البيض ولدا اسود،‏ الامر الذي يعني ان يعتنيا به بشكل مؤقت.‏ ولكن اذا رُفض لاحقا ان يُمنحا الحق في تبنّي ذلك الولد دائما،‏ تكون النتيجة جرحا عاطفيا للولد والابوين على السواء.‏

      ثمة زوجان اسكتلنديان حضنا ولدَين هنديَّين طوال ست سنوات واجها مؤخرا مشكلةً نموذجية،‏ مشكلة التبنّي المختلِط العرق.‏ وتخبر ذا تايمز ان المحكمة اذنت بالتبنّي شرط ان «يسعى [الابوان] جاهدَين ليضمنا ان يُعرَّف الولدان بهويتهما [العرقية] ويكبرا مدركَين اصلهما وتقاليدهما العرقية.‏» وفي هذه الحالة،‏ كان الابوان المتبنِّيان يفعلان ذلك من قبل.‏ فقد كان الولدان يُعلَّمان اللغة البَنجابية ويُلبسان احيانا زيّ بلدهما.‏

      سيوافق كثيرون على تعليقات الناطقة بلسان الخدمات الاجتماعية البريطانية التي قالت انه يجب ان تُقلَّل القيود التي توضع على التبنّي المختلِط العرق.‏ «نحن نعيش في مجتمع متعدِّد الحضارات،‏» قالت،‏ «والحضانة والتبنّي يجب ان يعكسا ذلك.‏»‏

      من الخارج؟‏

      ان تبنّي الاولاد من بلدان اجنبية هو بحسب صحيفة The Independent ‹تجارة مزدهرة.‏› ومع ان التقارير تشير الى ان بعض المعاملات قد لا تكون شرعية،‏ فأوروپا الشرقية هي مصدر رئيسي لامداد بريطانيا.‏

      مثلا،‏ جرى هجر بعض الاطفال الذين وُلدوا نتيجة الاغتصاب خلال انهيار يوڠوسلاڤيا السابقة.‏ ويُقال ان آخرين كان سيجري اجهاضهم لولا تدخُّل «سمسار الاطفال،‏» الذي وعد بالتبنّي اذا وُلد الطفل في اوانه الطبيعي.‏ لكنَّ حكومات البلدان الغربية قلقة بشأن المبالغ التي تُدفع لقاء انجاز بعض حالات التبنّي هذه.‏

      وما يدعو اكثر الى القلق هو تزييف الاطباء المزعوم للوثائق وقت الولادة.‏ فقد اوردت صحيفة الاوروپية تقارير عن ادِّعاءات بأن بعض الامهات في اوكرانيا قيل لهنَّ ان اطفالهنَّ وُلدوا امواتا.‏ وزُعم ايضا ان هؤلاء الاطفال بيعوا في ما بعد.‏ وأمهات اخريات ربما أُعلمن بأن اولادهنَّ معاقون عقليا.‏ فتحْت ضغط كهذا،‏ يكون من الاسهل اقناع الامهات المرتبكات بأن يوقِّعن على منح اولادهنَّ للتبنّي.‏ ومع ذلك فإن اولادا آخرين قد لا يصلون ابدا الى دور الايتام التي أُرسلوا اليها انما قد يُرسلون الى بلدان اجنبية.‏

      يَظهر الاستياء في البلدان النامية.‏ فهي تدَّعي ان الغرب الغني يجب ان يفعل المزيد لمساعدة العائلات الاصلية على الاعتناء بذريتها في بيئتهم الأمّ بدلا من اخذهم بعيدا للتبنّي في مجتمع غريب.‏

      ويلزم ان يفهم الغرب ايضا التقليد القديم للعائلات الممتدة،‏ العمود الفقري للمجتمع في حضارات كثيرة.‏ فالولد عادة لا يُحرم من العناية عندما يكون عائشا في جماعات قبلية،‏ حتى لو مات الوالدان.‏ ففضلا عن اعضاء العائلة الأقربين،‏ كالاجداد،‏ تعتبر العائلة الممتدة من الاعمام والاخوال والعمَّات والخالات ان الولد ولدهم،‏ وأيّ عرض للتبنّي من الغرباء يمكن ان يُساء فهمه ويُعتبر تطفُّلا مرفوضا.‏a

      ان اجراء الترتيبات للتبنّي ليس سهلا،‏ وحتى عندما يُنجز التبنّي نهائيا،‏ يلزم عمل شاق لجعله ناجحا.‏ ولكن كما سنرى،‏ هنالك ايضا افراح عظيمة.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a من اجل مناقشة شاملة لممارسة اعارة الاولاد لاعضاء العائلة الآخرين،‏ انظروا عدد ١ ايلول ١٩٨٨ من برج المراقبة،‏ الصفحات ٢٨-‏٣٠‏،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      هل سيبحث ابني عني؟‏

      حصل والداي على الطلاق عندما كان عمري ١١ سنة.‏ وكنت في امسّ الحاجة الى المحبة.‏ وعندما صرت في الكلية،‏ تورَّطت في علاقة رومنطيقية؛‏ لقد كانت طريقتي لنيل المودة.‏ ويا للحسرة،‏ فقد اكتشفت لاحقا انني حبلى.‏ كان ذلك مثيرا جدا للسخرية.‏ فرفيقي التلميذ وأنا لم نكن ناضجين البتة.‏ انا لم اتعاطَ قط المخدِّرات،‏ الكحول،‏ او التبغ،‏ لكنَّ صديقي كان يتعاطى في ما مضى الـ‍ LSD،‏ مما اضعف كثيرا قدراته.‏

      نصحوني ان اجهض،‏ لكنَّ ابي اقنعني ان لا افعل ذلك.‏ لم اكن اريد ان اصير حبلى،‏ لكنني لم اكن اريد ايضا ان اقضي على حياة.‏ وعندما وُلد ابني في سنة ١٩٧٨،‏ قرَّرت ان لا اضع اسم ابيه في شهادة الولادة لأضمن ان لا يتمكن الاب من الوصول اليه.‏ وفي الواقع،‏ وافقت ان يجري تبنّي الطفل من الولادة؛‏ لذلك أُخذ مني فورا ووُضع مؤقتا في مؤسسة للخدمات الاجتماعية.‏ حتى انني لم ارَه.‏ لكنني بعد ذلك غيَّرت رأيي.‏ فأخرجته من مؤسسة الخدمات الاجتماعية وحاولت يائسةً ان اربّيه وحدي.‏ لكنني فشلت،‏ وكدت أُصاب بانهيار عصبي.‏

      كان عمر ابني ستة اشهر تقريبا عندما جرت الموافقة على طلب للتبنّي وكان عليَّ ان اتخلّى عنه.‏ اتذكر انني شعرت كما لو ان احدا طعنني بسكين.‏ فقد متّ عاطفيا.‏ ولم اتمكَّن من اقامة علاقات ذات مغزى إلا بعدما حصلت على ارشاد نفسي من اختصاصي خلال السنتين الماضيتين.‏ لم استطع ان احزن —‏ فابني لم يمت.‏ لكنني لم استطع ان افكر فيه ايضا —‏ لقد رفضت ان اسمح لنفسي بذلك.‏ كان الوضع رهيبا.‏

      وأكثر ما آلمني هو سماع الناس يقولون:‏ «اذا تخلَّيتِ عن ولدك للتبنّي،‏ فأنتِ لا تحبّينه.‏» لكنَّ ذلك لم يكن صحيحا في حالتي!‏ فلأنني احب ابني تخلَّيت عنه!‏ ولآخر لحظة بقيت اسأل نفسي:‏ ‹ماذا افعل؟‏ ماذا يمكنني ان افعل؟‏› لم يكن هنالك خيار.‏ فقد عرفت انه لا يمكنني ان اتدبَّر امري وأن طفلي سيتألم اذا حاولت الاحتفاظ به.‏

      في انكلترا،‏ يقبل المجتمع الآن العائلات ذات الوالد الواحد —‏ لكنَّ الامر لم يكن كذلك عندما ولدت ابني.‏ اتمنى لو انني تمكَّنت من الاعتناء به كما يجب.‏ اعتقد ان الارشاد النفسي الذي تلقَّيته مؤخرا ساعدني،‏ ولكن فات الاوان الآن.‏ هل ابني ما زال حيًّا؟‏ ايّ نوع من الشبان صار الآن؟‏ بعمر ١٨ سنة،‏ يحق شرعيا للاولاد المتبنّين ان يبحثوا عن والديهم.‏ وأنا اتساءل دائما عما اذا كان ابني سيبحث عني.‏ ‏—‏ مقدَّمة للنشر.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      لقد نجح الامر معنا

      كنا عائلة انكليزية مكتفية ومتَّحدة لها صبيّان مراهقان.‏ وفكرة حيازة ابنة —‏ ومن عرق مختلف —‏ لم تخطر قط ببالنا.‏ ثم دخلت كاثي حياتنا.‏ وُلدت كاثي في لندن،‏ انكلترا.‏ ترعرعت ككاثوليكية رومانية،‏ لكنها حضرت مع امها اجتماعات قليلة في قاعة الملكوت لشهود يهوه عندما كانت صغيرة.‏ ولكن بعمر ١٠ سنوات وُضعت في دار للاولاد.‏

      ومع ان الامور كانت اصعب عليها هناك،‏ استمرت تتدبَّر وحدها امر حضور الاجتماعات في قاعة الملكوت حيث التقيناها.‏ كانت كاثي فتاة عميقة التفكير.‏ وعندما قمنا زوجتي وأنا بزيارتها في دار الاولاد،‏ لاحظنا ان الحائط بجانب سريرها ملآن صور حيوانات ومناظر طبيعية ريفية،‏ بخلاف صور النجوم الشعبيين التي علَّقتها الفتيات الاخريات.‏

      ولاحقا كان على كاثي ان تمثل امام لجنة تقييم سألتها اذا كانت ترغب في مغادرة الدار والعيش بدل ذلك مع عائلة.‏ فأجابت:‏ «مع عائلة من شهود يهوه فقط!‏» وعندما اخبرتنا كاثي بذلك وبما قالته،‏ جعلتنا نفكر في الامر.‏ نحن لدينا غرفة اضافية.‏ فهل يمكننا ان نتولى هذا النوع من المسؤولية؟‏ تداولنا في الامر كعائلة وصلَّينا.‏ ولم نكتشف إلا بعد وقت طويل ان هذا الاقتراب —‏ سؤال رأي الولد —‏ كان مغامرة جديدة من جهة الخدمات الاجتماعية،‏ تجربة كانت تُدعم آنذاك بالوثائق.‏

      استعلمت الخدمات الاجتماعية عنا لدى الشرطة وطبيبنا وحصلتْ على شهادة مؤهِّلات شخصية.‏ وبسرعة جرت الموافقة.‏ قيل لنا انه بإمكاننا اخذ كاثي على اساس التجربة وإعادتها اذا لم تعجبنا!‏ فأراعنا ذلك،‏ وكنا حازمين جدا في القول اننا لن نفعل ذلك ابدا.‏ كان عمر كاثي ١٣ سنة عندما اخذناها رسميا الى بيتنا.‏

      استمر رباط المحبة الفريد بيننا جميعا يزداد قوة.‏ وكاثي الآن تخدم كفاتحة (‏مبشِّرة كامل الوقت)‏ في جماعة فرنسية لشهود يهوه في شمالي لندن.‏ وفي السنة التي تركت فيها البيت لتخدم كفاتحة،‏ كتبت لنا ملاحظة مؤثِّرة:‏ «هنالك قول مأثور يقول ‹لا يمكنكم ان تختاروا عائلتكم.‏› ولكنني اودّ ان اشكركم من قلبي على اختياركم اياي.‏» نحن شاكرون جدا ان كاثي انضمت الى عائلتنا!‏ فجعلها جزءا من عائلتنا اغنى حياتنا.‏ لقد نجح الامر معنا!‏ —‏ مقدَّمة للنشر‏.‏

  • التبنّي —‏ كيف يجب ان انظر اليه؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | ايار (‏مايو)‏ ٨
    • التبنّي —‏ كيف يجب ان انظر اليه؟‏

      من الواضح ان المشاكل يمكن ان تنشأ اذا طلَّق الابوان المتبنِّيان احدهما الآخر او اذا مات احدهما.‏ لكنَّ الولد المتبنَّى هو الذي يمكن ان يشعر بالتوتر الاكبر.‏ ولماذا؟‏

      يعرف اغلبنا مَن هما والداه الطبيعيان.‏ وحتى لو ماتا عندما كنا صغارا،‏ فلدينا ذكريات،‏ او على الارجح بعض الصور الفوتوڠرافية لاكمال حلقات السلسلة.‏ ولكن ماذا عن الطفل الذي يوضع للتبنّي فورا بعد ولادته؟‏ ان مؤسسة التبنّي تحتفظ بتفاصيل عن الام،‏ لكنَّ هذه المعلومات لا تُجعل غالبا في متناول الولد حتى يبلغ سنّ الرشد.‏ وفي حالات اخرى،‏ تسجِّل الام اسمها في شهادة الولادة لكنها لا تسجِّل اسم الاب.‏ وبعض الاطفال هم لُقطاء —‏ يُكتشفون بعد ان يهجرهم والدوهم المجهولون.‏ والاولاد في كل هذه الحالات لا يعرفون جذورهم —‏ وقد يشعرون بأنهم قُطعوا عن ماضيهم او اصلهم.‏

      ما مدى ثباته؟‏

      تحتاج الاشجار الى شبكة جذور جيدة لتقف بثبات.‏ والغصن الجديد الذي يُطعَّم في جذع ناضج قد ينمو جيدا،‏ لكنه ايضا قد يذبل ولا ينتج ثمرا.‏ وعلى نحو مماثل،‏ رغم ان الابوَين المتبنِّيين قد يمنحان ما يستطيعانه من العناية الكاملة والمحبة الشديدة،‏ فبعض الاولاد لا يشفون ابدا من صدمة انهم قُطعوا عن جذورهم الاصلية.‏

      تأملوا في حالة كايت.‏a لقد انجبها والدان من جزر الهند الغربية،‏ وتبنّاها وهي طفلة زوجان من البيض احبّاها ومنحاها العناية اللازمة،‏ لكنها لم تتمكَّن من قبول محيطها الجديد.‏ وبعمر ١٦ سنة غادرت المنزل ولم تعُد قط.‏ فقد تحوَّلت المرارة في ذلك الوقت الى كره شديد.‏ وكانت تصرّ على السؤال «لماذا ارسلتني امي اليكما؟‏»‏ ومن المحزن ان هذه العائلة لم تتمكَّن من التغلب على المشكلة لحيازة علاقة عائلية.‏

      وُضع مِرڤين في عناية الوكالة الحكومية المحلية عند الولادة ثم مع والدَين بالحضانة.‏ وجرى تبنّيه بعمر تسعة اشهر.‏ وماضيه الاصلي الغامض،‏ الى جانب الاستياء المؤلم من كونه من عرق مختلط،‏ جعلاه يطوِّر موقف تمرُّد سبَّب عناء شديدا له وحزنا عميقا لأبويه بالتبنّي اللذين فعلا الكثير من اجله.‏ قالت امه:‏ «اذا طلب مني احد نصيحة بشأن التبنّي،‏ اقول الآن،‏ ‹فكِّروا في ذلك كثيرا.‏›»‏

      بالمقابل،‏ تأملوا في اختبار روبرت وسيلڤيا.‏ لقد انجبا ابنا ولم يتمكَّنا من انجاب المزيد من الاولاد.‏ فسُئلا:‏ «هل فكَّرتما في تبنّي ولد من قومية اخرى؟‏» وسرعان ما تبنّيا ماك-‏تشاي،‏ طفلة عمرها تسعة اشهر من هونڠ كونڠ.‏ «غالبا ما تساءلت لماذا هُجرت،‏» تقول ماك-‏تشاي،‏ «وعما اذا كان لديّ اخوة او اخوات.‏ لكنني اعتقد انني قريبة الى امي وأبي بالتبنّي اكثر من كثيرين من الاولاد الطبيعيين.‏ وإذا عرفت مَن هما والداي الطبيعيان،‏ فذلك لن يصنع فرقا كبيرا،‏ إلا انني قد افهم بعضا من خصائصي بشكل افضل قليلا.‏» فهل ينصح ابواها المتبنِّيان بالتبنّي؟‏ يقولان:‏ «نعم،‏ لأنه كان اختبارا رائعا لنا!‏»‏

      اسباب للحذر

      تبنّى ڠراهام وروث طفلَين.‏ صبيًّا وبنتا،‏ ليتكيَّفا مع ابنهما وابنتهما.‏ وتربَّى الاولاد الاربعة كعائلة متحدة في محيط سعيد.‏ تقول روث:‏ «ترك كل اولادنا البيت قبل سنوات وعاشوا حياة مستقلة.‏ ونحن نبقى على اتصال قانوني بهم ونحبهم جميعا.‏» ولكن من المحزن ان الولدَين المتبنَّيين عانيا مشاكل خطيرة.‏ ولماذا؟‏

      يقول ڠراهام،‏ الذي يعتقد الآن ان الصفات الموروثة عامل رئيسي:‏ «اخبرنا طبيبنا ان المحيط مهم كثيرا للولد.‏» ثم يضيف:‏ «وأيضا،‏ ماذا عن صحة الام عندما كانت حبلى بطفلها؟‏ فنحن نعرف الآن ان المخدِّرات،‏ المشروبات الكحولية،‏ والتبغ يمكن ان تؤثر في الولد غير المولود.‏ لذلك أوصي بإجراء تحقيق شامل عن الوالدَين،‏ وحتى عن الاجداد اذا كان ذلك ممكنا،‏ قبل المباشرة بالتبنّي.‏»‏

      تزوَّجت ام پيتر ثانية،‏ وعانى پيتر الاساءة الجسدية والعقلية من زوج امه.‏ وبعمر ثلاث سنوات وُضع في مؤسسة للتبنّي.‏ قال پيتر:‏ «رفضت ابويّ المتبنِّيين حالما خرجت من المحكمة.‏» وأضاف:‏ «كنت احطِّم كل ما تقع عليه يداي.‏ وعندما كنت انام،‏ كنت ارى كوابيس مريعة.‏ وإذ اعود الآن بالذاكرة الى الماضي،‏ يمكنني ان ارى كم كنت مضطربا بشدة.‏ وبعد ان طلَّق ايضا ابواي المتبنِّيان احدهما الآخر،‏ تحوَّلت الامور معي من سيِّئ الى اسوأ —‏ المخدِّرات،‏ السرقة،‏ التخريب المتعمد،‏ والانغماس اليومي في الملذات.‏

      ‏«بعمر ٢٧ سنة،‏ لم اعد اجد سببا لاستمرّ في العيش ففكَّرت في الانتحار.‏ ثم في احد الايام اعطاني شخص غريب نشرة مؤسسة على الكتاب المقدس تذكر ان هذه الارض ستصير فردوسا عما قريب.‏ فأعجبتني الرسالة.‏ لقد احتوت على رنة الحق.‏ فابتدأت اقرأ وأدرس الكتاب المقدس وشرعت اصنع تغييرات في حياتي وشخصيتي،‏ لكنني من وقت الى آخر كنت اعود الى طرقي القديمة.‏ وبعد التشجيع الكثير والمعاشرة المسيحية المساعِدة،‏ اشعر الآن بأنني سعيد ومطمئن في خدمة اللّٰه اكثر مما تخيَّلت قبل عدة سنوات.‏ واستطعت ايضا ان ابني من جديد علاقة ودية مع امي،‏ وهذا امر مبهج جدا.‏»‏

      مواجهة الواقع

      في ما يتعلق بحالات التبنّي،‏ تكون الانفعالات شديدة.‏ فترون اقصى درجات المحبة والشكر الى جانب المرارة ونكران المعروف.‏ إدڠار والاس،‏ مثلا،‏ لم يسامح امه قط على ما فعلته،‏ لانه اعتبر انها هجرته.‏ ففي السنة الاخيرة من حياتها ذهبت لتراه،‏ وطلبت على مضض بعض المساعدة المالية،‏ لكنَّ إدڠار رفض مساعدتها بفظاظة مع انه كان غنيا في ذلك الوقت.‏ وبُعيد ذلك،‏ عندما عرف ان امه كانت ستُدفن في مقبرة الفقراء لولا لطف الاصدقاء الذين دفعوا تكاليف مأتمها،‏ ندم بعمق لأنه كان قاسيا معها.‏

      ان الاشخاص الذين يفكرون في التبنّي يجب ان يتهيَّأوا ليواجهوا بواقعية المشاكل والتحديات التي يمكن ان تنشأ.‏ فالاولاد لا يكونون دائما شاكرين لوالديهم —‏ بالتبنّي او الطبيعيين —‏ على ما يفعلونه لهم،‏ حتى في افضل الظروف.‏ وفي الواقع،‏ يتحدث الكتاب المقدس عن اشخاص في ايامنا سيكونون «بلا حنّو» و «غير شاكرين» و «دنسين [«غير اولياء،‏» ع‌ج‏].‏» —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ يمكن ان يكون فتح بيتكم —‏ وقلبكم —‏ لولد يحتاج الى ابوَين اختبارا ايجابيا ومكافِئا.‏ كاثي،‏ على سبيل المثال،‏ تشكر كثيرا ابوَيها بالتبنّي لأنهما زوَّداها بيتا مسيحيا واعتنيا بحاجاتها الجسدية والروحية.‏ —‏ انظروا الاطار «لقد نجح الامر معنا،‏» الصفحة ٨.‏

      عندما يصف آباء اولاد كهؤلاء كيف يشعرون تجاه ابنائهم وبناتهم بالتبنّي،‏ قد يتذكرون كلمات المرنم الملهم:‏ «البنون ميراث من عند الرب ثمرة البطن اجرة.‏» —‏ مزمور ١٢٧:‏٣‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة