-
الحيوانات المدللة — المحافظة على نظرة متزنة اليهااستيقظ! ٢٠٠٤ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
الحيوانات المدللة — المحافظة على نظرة متزنة اليها
ذُكر سابقا ان الانسان أُمر بالاعتناء بالارض وكل الحيوانات عليها. ورد في الكتاب المقدس: «جعلتَ [يا اللّٰه] كل شيء تحت قدميه. الغنم والبقر جميعا وبهائم البَر ايضا. وطيور السماء وسمك البحر». — مزمور ٨:٦-٨؛ ١١٥:١٦.
وتُعلَّق اهمية كبيرة على طريقة إتمام البشر لمسؤوليتهم حيال الحيوانات. قالت كلمة اللّٰه: «الصدِّيق يراعي نفس بهيمته». (امثال ١٢:١٠) وقد شددت الشرائع الالهية مرارا على ضرورة الرفق بالحيوان. (تثنية ٢٢:٤، ١٠؛ ٢٥:٤) وفيما كان الانسان يتمم مسؤوليته هذه، غالبا ما اتخذ من البهائم الاليفة حيوانات مدللة، حتى انه روَّض حيوانات برية وأدخلها الى بيته. — تكوين ١:٢٤.
ولكن يحسن التذكر ان الكتاب المقدس يشدّد على الفرق بين البشر والحيوانات. فالبشر، لا الحيوانات، صُنعوا ‹على صورة اللّٰه كشبهه›. (تكوين ١:٢٦) وفي حين خُلقت الحيوانات لتعيش مدة محدودة، كان يمكن ان يعيش البشر على الارض الى الابد. (تكوين ٣:٢٢، ٢٣؛ مزمور ٣٧:٢٩) وقال يسوع المسيح ان نيل «الحياة الابدية» يستلزم ممارسة الايمان به ونيل المعرفة عن اللّٰه، امران تعجز الحيوانات عن فعلهما. (يوحنا ٣:٣٦؛ ١٧:٣) كما ان الكتاب المقدس يشبِّه الاشخاص الذين لا يستحقون القيامة بـ «الحيوانات غير العاقلة، المولودة طبيعيا لتُمسَك وتُهلَك». — ٢ بطرس ٢:٩-١٢.
وُجدت لخير الانسان
خلق اللّٰه الحيوانات من اجل البشر. فبإمكان الحيوانات ان تساعدهم في عملهم وترافقهم. كما انها تعظّم محبة اللّٰه وحكمته. فمن الممتع ان يتأمل المرء في جمال الحيوانات ويزيد معرفته عن الخالق عن طريق درس حكمتها الغريزية المذهلة. (مزمور ١٠٤:٢٤؛ امثال ٣٠:٢٤-٢٨؛ روما ١:٢٠) وليس عالَم الحشرات إلا مثالا واحدا بين الكثير من الامثلة لامتلاك الحيوانات هذه الحكمة. أفلا تلفت نظرك طريقة تواصل النحل بعضه مع بعض واتّباعه التوجيهات حتى يصل الى اماكن توفُّر الطعام، بالاضافة الى براعته في صنع اقراص الشهد المعقدة؟
تفيد الحيوانات البشر اذ تكون طعاما لهم. صحيح ان اللّٰه قصد في البداية ألا يأكل الانسان سوى النبات، ولكن بعد مرور اكثر من ٦٠٠,١ سنة (بعد الطوفان في ايام نوح)، قال اللّٰه: «كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الاخضر دفعتُ اليكم الجميع». (تكوين ١:٢٩؛ ٩:٣، إمالة الحروف لنا) وهكذا سمح اللّٰه للبشر ان يأكلوا الحيوانات. ومن الواضح ان سماحه بذلك هو لخير الانسان، مع ان اللّٰه لم يُدرج اللحم في البداية ضمن نظام الانسان الغذائي.
-
-
الحيوانات المدللة — المحافظة على نظرة متزنة اليهااستيقظ! ٢٠٠٤ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
امتلاك نظرة متزنة ليس سهلا
لا بد ان خالقنا يسرّ حين نبتهج بمخلوقاته الحيوانية ونُظهر لها الاهتمام الحبي. أفلا توافق انه لا تجوز معاملة الحيوانات بطريقة وحشية؟ لكنَّ البشر لا يمتنعون عن الاساءة بوحشية الى الحيوانات، كالثيران والكلاب والديوك، والتسبب بموتها في المصارعات لمجرد التسلية. والمؤسف ان الناس لا يُظهرون دائما الرفق بالحيوانات كما قصد اللّٰه في البداية.
في المقابل، يُولي بعض الناس الحيوانات المدللة اهتماما اكبر مقارنةً بأمور اخرى اكثر اهمية. وفي الواقع، عندما يتعدى التعلق بالحيوانات حدود المعقول، تصير حياة الحيوانات عند البعض اهمّ حتى من حياة البشر. مثلا، عندما اندلع حريق في مستشفى للحيوانات وتجمَّع اصحابها خارجا، حاول البعض «ان يخرقوا الطوق الذي شكّله رجال الاطفاء وصرخوا قائلين انهم يريدون ان يموتوا مع احبائهم».
لا ننكر طبعا الحزن البالغ وهول الفاجعة اللذين يشعر بهما مَن يرى حيوانا عزيزا يموت. ولكن حتى في هذه الحالة، لا بد من إظهار الاتزان. فكما ذُكر سابقا، لم تُخلق الحيوانات على صورة اللّٰه، ولم تُصنع لتعيش الى الابد مثلما صُنع الانسان. فالكتاب المقدس يقول عن طريقة صنع اللّٰه للبشر: «جعل الابدية في قلبهم»، ولا يقال شيء كهذا عن الحيوانات. — جامعة ٣:١١.
كذلك لا يقول الكتاب المقدس ان قتل الحيوانات امر خاطئ، فهي اليوم مصدر قُوت لملايين الاشخاص. ولكن ماذا عن قتل حيوان مدلل لأنه مثلا مريض ويتألم؟ انه لَقرار صعب ومؤلم دون شك! لكنَّ مَن يحب حيوانه المدلل قد يستنتج ان قتله بطريقة سريعة وغير مؤلمة افضل من إخضاع هذا الرفيق المخلص لعلاج مكلف لن يساهم إلا في إطالة عذابه، وبالأخص اذا كان العلاج يستنزف موارد العائلة المالية.
بما ان اللّٰه يحب خليقته البشرية، أفلا ينبغي ان نحب ونراعي الحيوانات التي ائتمنَنا على رعايتها والاشراف عليها؟ والذين يملكون هذه المحبة تجذبهم في اغلب الاحيان الوعود الرائعة بالعيش مع الحيوانات كما قصد خالقنا من البداية. وستعالج المقالة الختامية من هذه السلسلة هذا الجانب من موضوع الحيوانات المدللة.
-