مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مَن يحمي الحياة البرية في افريقيا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٨
    • مَن يحمي الحياة البرية في افريقيا؟‏

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في جنوب افريقيا

      قيلت امور قاسية عن الطريقة التي بها ينظر الافريقيون الى ميراثهم من الحياة البرية.‏ يقول بعض الزوَّار:‏ ‹انهم لا يملكون تقديرا حقيقيا لها؛‏ انهم يعتبرونها مجرد مصدر للطعام والمال.‏› فهل من سبب لهذه الاستنتاجات؟‏ غالبا ما تكون المحميات ملآنة سيَّاحا غربيين وفيها القليل جدا من السكان المحليين.‏ لكنَّ رئيسا للزولو في جنوب افريقيا اوضح ذات مرة:‏ «هنالك صعوبات في طريق السود الذين يزورون محميات الطرائد.‏ والحفاظ على الحياة البرية بالنسبة الينا هو تَرَف بحيث ان حفنة من السود فقط هي في وضع اقتصادي يمكِّنها من التمتع بذلك.‏»‏

      يترعرع افريقيون كثيرون،‏ بخلاف آبائهم،‏ في احياء الفقراء في المدن،‏ حيث هم معزولون عن الحياة البرية.‏ وغالبا ما يكون سكان الارياف ايضا ضحايا الفقر والاهمال.‏ «فقط ذوو البطون الملآنة في وسعهم المحافظة على الطرائد لأسباب جمالية،‏ ثقافية وتربوية لا غير،‏» كما اوضح حارس طرائد في بلد في غربي افريقيا.‏

      وعلى الرغم من هذه العوامل السلبية،‏ فالحياة البرية محور شائع في الفن الافريقي،‏ كما تشهد على ذلك زيارة لمتاجر التُّحَف الافريقية.‏ ويكشف علم الآثار ان الحيوانات البرية هي محور للفن الافريقي من الازمنة القديمة.‏ أليس ذلك برهانا على تقدير جمالي للحياة البرية؟‏

      تأملوا في حالة أيْبل وربيكا اللذين قضيا عددا من عُطلهما في محميات الطرائد في افريقيا الجنوبية.‏ غير انهما كليهما ترعرعا في مناطق السود في جنوب افريقيا.‏ وابتدأ اهتمام ربيكا بالحياة البرية بسبب حدائق الحيوانات العامة في جوهانسبورڠ وپريتوريا.‏ «عندما كنت طفلة،‏» توضح،‏ «كان الوقت الوحيد الذي نرى فيه الحيوانات البرية هو عندما نزور حدائق الحيوانات هذه.‏»‏

      وابتدأ حب أيْبل للحياة البرية بطريقة مختلفة.‏ فغالبا ما كان يقضي العُطل المدرسية في الارياف مع جدَّيه.‏ «كان جدِّي،‏» كما يتذكر،‏ «يدل على مختلف الحيوانات ويشرح عاداتها.‏ وأتذكره يخبرني عن آكل العسل وعن طائر صغير ذكي،‏ الخِرِّيت الاكبر،‏ الذي يُعتقد انه يقود الحيوانات الى خلايا النحل.‏» ويروي أيْبل هذا الاختبار الرائع الذي حصل عليه عندما كان صبيا في الـ‍ ١٢ من العمر.‏

      ‏«في احد الايام،‏ فيما كنا نسير في دغل،‏ لفت جدِّي انتباهي الى طائر صغير بدا كأنه ينادينا.‏ لقد كان خِرِّيتًا.‏ فتبعنا الطائر وهو يطير امامنا من جُنيبة الى اخرى.‏ واستمر ذلك اكثر من نصف ساعة.‏ وأخيرا وقف الطائر على غصن وكفَّ عن النداء.‏ فقال جدِّي انه يجب ان نبحث عن الخلية الآن.‏ وكما كان متوقَّعا،‏ سرعان ما رأينا نحلا يدخل فجوة تحت صخرة.‏ فأخرج جدِّي بحذر بعض العسل.‏ ثم اخذ قطعة من قُرص الشهد فيه يرقان ووضعها على الصخرة.‏ لقد كانت تلك طريقته لشكر الطائر لأنه قادنا الى خلية النحل.‏»‏

      هذه العلاقة اللافتة للنظر بين الانسان والخِرِّيت يدعمها علماء الطيور دعما جيدا بالوثائق.‏ «لن انسى الاختبار ابدا،‏» يتابع أيْبل.‏ «فقد جعلني ارغب في تعلُّم المزيد عن الحياة البرية.‏»‏

      أما سولومون اوليه سايْبول،‏ محارب سابق من الماساي في تنزانيا تأهل لاحقا ليكون نصيرا للحفاظ على الحياة البرية،‏ فقد وضع الامور في نصابها عندما اوضح بلطف لمؤلِّف غربي:‏ «اعرف عددا كبيرا من الافريقيين الذين يقدِّرون ليس فقط الجانب الاقتصادي للمحافظة على الحياة البرية،‏ بل ايضا الفوائد غير الملموسة .‏ .‏ .‏ فهؤلاء هم اناس —‏ افريقيون —‏ يمكنهم ان يجلسوا ويراقبوا الطبيعة وهي تكشف عن نفسها بطرائق بارعة مختلفة.‏ فالشمس الغاربة فوق التلال البنفسجية الزاهية،‏ المناظر الخضراء والمشاهد الطبيعية للانهر والاودية،‏ تنوُّع ووفرة المخلوقات في حريتها الكاملة —‏ كل ذلك يؤلِّف عددا كبيرا جدا من الظواهر الرائعة.‏ وهذا الشعور المرهف لا يقتصر حتما على اوروپا وأميركا.‏»‏

      نعم،‏ من سكان مناطق السود المتواضعين الى العلماء المثقَّفين جدا —‏ مَن لا يتأثر بميراث افريقيا من الحياة البرية؟‏ قالت تلميذة بيطرة المانية زارت مؤخرا جنوب افريقيا ومتنزَّه كروڠر الوطني فيه:‏ «وجدتُ ان الطبيعة والحياة البرية هما الامر الاروع والاكثر اثارة للاهتمام في هذا البلد.‏ فبالتنوُّع القليل من الطرائد الكبيرة لدينا والحيِّز الضيِّق في المانيا،‏ يكون الاستجمام في الطبيعة والحفاظ عليها على هذا النطاق غير معروفَين كليا بالنسبة اليَّ.‏»‏

      وينجذب السيَّاح ايضا الى محميات الحياة البرية الواسعة في بوتْسْوانا،‏ زمبابوي،‏ وناميبيا.‏ لكنَّ اكبر تجمُّع للطرائد الكبيرة في افريقيا ربما يوجد في وحَوْلَ متنزَّه سَرِنْڠَتي الوطني في تنزانيا ومحمية ماساي مارا للطرائد في كينيا.‏ فهذان المتنزَّهان الشهيران متجاوران،‏ والحيوانات فيهما ليست محوَّطة بسياج.‏ «ومعا،‏» كما توضح مجلة الحياة البرية الاممية،‏ «يدعم سَرِنْڠَتي-‏مارا احدى اكبر مجموعات الحيوانات البرية في العالم:‏ ٧‏,١ مليون نُوّ،‏ ٠٠٠‏,٥٠٠ غزال،‏ ٠٠٠‏,٢٠٠ حمار زرد،‏ ٠٠٠‏,١٨ إيلند [بُقَّة]،‏ بالاضافة الى عدد ضخم من الفيلة،‏ الاسود والفهود.‏»‏

      وقام جون لدْجر،‏ رئيس تحرير مجلة الحياة البرية المعرَّضة للخطر،‏ بزيارته الاولى لكينيا في السنة ١٩٩٢ ووصف ذلك بـ‍ ‹حلم يتحقق.‏› وكتب ان الماساي مارا «لا بد انها مثل مشاهد الأمس الطبيعية التي رآها كورنْواليس هاريس [مؤلِّف وصيَّاد من القرن الـ‍ ١٩]،‏ فيما كان يستكشف داخل جنوب افريقيا في عشرينيات الـ‍ ١٨٠٠.‏ فالمروج المتموِّجة،‏ الاشجار الشائكة المتناثرة،‏ والكثير من الحيوانات البرية هي على مدى البصر!‏»‏

      ظل مجد غابر

      من المحزن انه في الكثير من مناطق افريقيا اليوم،‏ نرى حيوانات اقل بكثير مما رآه المستوطنون الاوروپيون في القرون الماضية.‏ مثلا،‏ استقر في السنة ١٨٢٤ الرجل الابيض الاول في ما اصبح مستعمرة ناتال البريطانية (‏الآن مقاطعة في جنوب افريقيا)‏.‏ وكانت المستعمرة الصغيرة تعجُّ الى حد بعيد بالحياة البرية حتى ان تجارتها الرئيسية كانت في تذكارات الصيد ومنتجات الحياة البرية الاخرى.‏ وفي سنة واحدة،‏ شُحن ما مقداره ٠٠٠‏,٦٢ جلد نُوّ وحمار زرد من ميناء دوربان،‏ وفي سنة قياسية اخرى،‏ جرى تصدير اكثر من ١٩ طنا من العاج.‏ وبسرعة،‏ ارتفع عدد السكان البيض الى اكثر من ٠٠٠‏,٣٠،‏ انما فني معظم الطرائد.‏ وكما اخبر حاكم ناتال في السنة ١٨٧٨:‏ «لم يبقَ إلا القليل من الطرائد.‏»‏

      ويمكن ان تُروى القصة المحزنة نفسها في اجزاء اخرى من افريقيا حيث سمحت الحكومات الاستعمارية بأن يستمر اهلاك الحياة البرية في القرن الـ‍ ٢٠.‏ تأملوا في آنڠولا،‏ التي نالت استقلالها عن الپرتغال في السنة ١٩٧٥.‏ «ان سجل النظام الاستعماري السابق،‏» كما يكتب مايكل مايْن في كتابه كالاهاري،‏ «ليس له اثر طيب في النفس.‏ فمن اجل افتتاح مقاطعة أُويلا لإنشاء مزارع ماشية،‏ اعلنت الـ‍ ديپلوما لِجيسْلاتيڤو الشهيرة رقم ٢٢٤٢ للعام ١٩٥٠ ان المكان هو منطقة صيد حرة.‏ ونتيجةً لذلك،‏ حصلت مجزرة جماعية للطرائد .‏ .‏ .‏ وأُزيل كل ثدييّ كبير عمليا.‏ وقد قُدِّر ان المجزرة شملت ٠٠٠‏,١ كركدن اسود،‏ بضعة آلاف من الزرافات،‏ وعشرات الآلاف من النُوّ،‏ حمير الزرد،‏ والجواميس.‏ ولم تُبطَل الـ‍ ديپلوما لسنتين ونصف السنة تقريبا،‏ وحتى ذلك الوقت كان الضرر قد وقع،‏ ولم تبقَ حيوانات.‏»‏

      ولكن ما هو الوضع اليوم،‏ ومستقبل من ايّ نوع ينتظر الحياة البرية في افريقيا؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      الاحتياطي النقدي من محميات الحياة البرية

      ان محميات الطرائد والمتنزَّهات الوطنية موزَّعة في رحاب هذه القارة على مساحات يُقدَّر مجموعها بـ‍ ٠٠٠‏,٣٣٠ ميل مربع (‏٠٠٠‏,٨٥٠ كلم٢‏)‏.‏ ويعادل ذلك مساحة اكبر بكثير من مساحة بريطانيا والمانيا مجتمعتين.‏

      وفي الكثير من محميات الحياة البرية هذه،‏ يمكنكم ان تروا ما يسمى بالكبار الخمسة:‏ الفيل،‏ الكركدن،‏ الاسد،‏ النمر،‏ والجاموس.‏ ومن العقبان المَهيبة التي تحلِّق في السموات الى خنافس الروث الوضيعة التي تدحرج كرات السماد التي لها عبر الطرق،‏ هنالك مخلوقات عديدة تفتن العين.‏

      يقدِّر آلاف السيَّاح القادمين من وراء البحار هذه الحياة البرية.‏ وكل سنة يدفقون اكثر من بليون دولار في البلدان التي ترضي شغف المهتمين بالحياة البرية.‏ نعم،‏ تدرُّ محميات الحياة البرية النقود.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      منذ زمن ليس ببعيد،‏ كانت آلاف لا تُعدُّ من الحيوانات البرية تُقتل كل سنة من اجل التذكارات والجلود في جنوب افريقيا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Courtesy Africana Museum,‎ Johannesburg

  • هل هنالك متَّسع للانسان والحيوان كليهما؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٣ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٨
    • هل هنالك متَّسع للانسان والحيوان كليهما؟‏

      لماذا تأخذ الحياة البرية في التناقص في اجزاء كثيرة من افريقيا؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة المقابلة.‏)‏ يلوم البعض نموَّ عدد سكان القارة السريع.‏

      حقا،‏ ان بعض الاجزاء من افريقيا،‏ وخصوصا حول المدن،‏ تفيض بالسكان.‏ وتفرط ماشية مزارعين قرويين كثيرين في رعي نبات المناطق الريفية ايضا.‏ مثلا،‏ تأملوا في مناطق ڤنْدا،‏ ڠَزَنْكولو،‏ وكَنْڠْوَني الكثيفة السكان والتي تتاخم متنزَّه كروڠر الوطني.‏ لقد تكوَّنت مواطن السود هذه كجزء من سياسة التمييز العنصري السابقة في جنوب افريقيا وفيها كثافات سكانية من ١٨٠ الى اكثر من ٢٥٠ نسمة في الميل المربع (‏٧٠ الى ١٠٠ في الكلم٢‏)‏.‏ والسفر عبر هذه المناطق في الطريق الى متنزَّه كروڠر الوطني للتمتع بعطلة هناك يمكن ان يكون مزعجا.‏ «ان المجتمعات التي تعيش على الحدود .‏ .‏ .‏ فقيرة،‏ وهي عموما عاطلة عن العمل وتتضوَّر جوعا،‏» كما توضح الصحيفة الجنوب افريقية سووِتان.‏ «والحيوانات،‏» تلاحظ صحيفة محلية اخرى،‏ ذا ناتال وِتْنِس،‏ «تعيش في رخاء وافر في جانبها من السياج.‏»‏

      واستنادا الى تقارير اخيرة،‏ تنوي سلطات متنزَّه كروڠر فعل المزيد لمساعدة الناس عند حدود المتنزَّه.‏ ولكن ماذا يحدث اذا أُزيلت كل السياجات وسُمح للصيادين،‏ الرعاة،‏ والمستوطنين بالدخول غير المحدود؟‏ يخشى انصار الحفاظ على البيئة ان يفنى معظم الحيوانات البرية،‏ كما حدث في بلدان اخرى.‏

      تقوم محميات الطرائد التي تُدار ادارة حسنة بدور حيوي في المحافظة على الحياة البرية،‏ وخصوصا في الاماكن الكثيفة السكان.‏ ويمكن للمحميات ايضا ان تجلب المال الضروري جدا من السيَّاح الاجانب.‏ (‏انظروا الاطار،‏ الصفحة ٥.‏)‏ «وهذه المناطق،‏» كما يستنتج الصحافي الافريقي موسى زونْدي،‏ في مقالة سووِتان المشار اليها اعلاه،‏ «تزوِّد ايضا فرص عمل لآلاف الناس —‏ وخصوصا الذين يعيشون الى جانب هذه المحميات.‏ وعلاوة على ذلك،‏ هذا ميراثنا.‏ ولا يمكننا ان نترك لاولادنا هبة افضل من هذه الاماكن.‏»‏

      فيض السكان —‏ التهديد الوحيد؟‏

      ليس الانفجار السكاني التهديدَ الوحيد للحياة البرية في افريقيا.‏ تأملوا،‏ مثلا،‏ في الدول الافريقية الكبيرة الاربع ذات الحدود المشتركة:‏ ناميبيا،‏ بوتْسْوانا،‏ آنڠولا،‏ وزامبيا.‏ فالمساحة التي تحتلها هذه الدول معا هي اكبر من الهند،‏ ومع ذلك لديها كثافة سكانية مشتركة تبلغ ١٧ نسمة فقط في الميل المربع (‏٦ في الكلم٢‏)‏.‏ وليس ذلك كثيرا عندما يُقارن بالكثافات السكانية لدول كالمانيا،‏ ٥٧٤ في الميل المربع (‏٢٢٢ في الكلم٢‏)‏؛‏ بريطانيا،‏ ٦١١ في الميل المربع (‏٢٣٦ في الكلم٢‏)‏؛‏ والهند،‏ ٧١٣ في الميل المربع (‏٢٧٥ في الكلم٢‏)‏!‏ وفي الواقع،‏ ان الكثافة السكانية لكامل افريقيا،‏ ٥٨ في الميل المربع (‏٢٢ في الكلم٢‏)‏،‏ هي ادنى بكثير من المعدل العالمي الذي يبلغ ١٠٣ (‏٤٠)‏.‏

      ‏«ان عدد السكان في افريقيا يزداد بسرعة،‏» كما يعترف ريتشارد بل الزّامبيّ في كتاب الحفاظ على البيئة في افريقيا.‏ «أما الكثافة السكانية الاجمالية فلا تزال منخفضة نسبيا إلا في تجمُّعات محصورة في مناطق معيَّنة.‏»‏

      ان الامراض،‏ فترات الجفاف المدمرة،‏ عمليات الصيد غير المشروع العالمية،‏ الحروب الاهلية،‏ واهمال القرويين الريفيين كلها تساهم في تناقص الحياة البرية في افريقيا.‏

      وصراع القوى العظمى بين الاتحاد السوڤياتي السابق والغرب ادى الى نزاعات في كل انحاء افريقيا،‏ عندما كان كلا الطرفين يصبُّ جام الاسلحة المتطورة على القارة.‏ وغالبا ما كانت الاسلحة الاوتوماتية تُصوَّب نحو الحيوانات البرية لاطعام الجيوش الجائعة وللحصول على اسلحة اكثر عن طريق بيع انياب الفيلة،‏ قرون الكركدنات،‏ وتذكارات ومنتجات حيوانية اخرى.‏ والاهلاك السريع للحياة البرية لم يتوقف مع نهاية الحرب الباردة.‏ فالاسلحة لا تزال موجودة في افريقيا.‏ وفي ما يتعلق باحدى الحروب الاهلية الافريقية،‏ في آنڠولا،‏ تخبر مجلة الجنوب الافريقي:‏ «ان الصيد غير المشروع،‏ السائد قبلا طوال الحرب،‏ تصاعدت نسبته منذ وقف اطلاق النار لأنه لم تكن هنالك مراقبة للمقاتلين الذين سُرِّحوا من الخدمة.‏» وتجدَّدت تلك الحرب بعد ذلك.‏

      ويخاطر صيادون كثيرون غير شرعيين بحياتهم بسبب الاموال الهائلة المشمولة.‏ «يمكن لقرن [كركدن] واحد ان يُباع بـ‍ ٠٠٠‏,٢٥ دولار [اميركي]،‏» كما تخبر ذا ستار،‏ صحيفة افريقية.‏ وكان احد انصار الحفاظ على البيئة،‏ الدكتور ازموند مارتن،‏ قد زار دولة آسيوية في السنة ١٩٨٨ ووجد ان سعر قرن الكركدن قد ارتفع في ثلاث سنوات من ٦٩٥ دولارا الى ١١٤‏,٢ دولارا للپاوند (‏٥٣٢‏,١ الى ٦٦٠‏,٤ دولارا للكلڠ)‏.‏

      مَن سيضرب اولا؟‏

      اتُّخذت اجراءات مشدَّدة للفت الانتباه الى التهديد الذي يسببه الطلب على العاج وقرن الكركدن.‏ ففي تموز ١٩٨٩،‏ رأى الملايين من مشاهدي التلفزيون في كل انحاء العالم كومة ضخمة من ١٢ طنا من العاج،‏ بما تُقدَّر قيمته بين ثلاثة ملايين وستة ملايين دولار،‏ يشعل فيها النار رئيس كينيا،‏ دانيال اراپ موي.‏ وسُئل ريتشارد ليكي،‏ مدير شؤون الحياة البرية في كينيا،‏ كيف يمكن تبرير هدر واضح كهذا.‏ فأجاب:‏ «لو استمررنا في بيع العاج لَما تمكنّا من اقناع الناس في اميركا،‏ كندا او اليابان بالتوقف عن شرائه.‏» وقد صدمت اجراءات كهذه اناسا كثيرين ودفعتهم الى التعاون مع الحظر الدولي لتجارة العاج.‏ فانخفض الطلب على المنتجات العاجية بشكل حاد.‏

      أما مع الكركدن فالوضع مختلف.‏ فمع ان الرئيس الكيني اشعل النار في السنة ١٩٩٠ في قرون كركدنات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات،‏ يستمر الطلب.‏ (‏انظروا الاطار «لماذا قرن الكركدن رائج الى هذا الحد،‏» الصفحة ٩.‏)‏ ولحماية جماعات الكركدن التي تتضاءل،‏ لجأ بعض الدول الى نشر قرون هذه المخلوقات.‏ انه احيانا سباق محموم في ما يتعلق بمن سيضرب اولا،‏ نصير الحفاظ على البيئة مع سهمه الصغير الذي يشل حركة الحيوان ام الصياد غير الشرعي مع سلاحه الاوتوماتي المميت.‏

      اتجاه جديد في الحفاظ على البيئة

      لَطالما قدَّر الصيادون الغربيون وأنصار الحفاظ على البيئة مقدرةَ سكان الارياف على اقتفاء اثر الحيوانات.‏ ولدى افريقيين كثيرين فعلا معرفة لافتة للنظر عن الحياة البرية.‏ «وقسط وافر من هذه المعرفة،‏» كما يوضح لويْد تمبرلَيْك في كتابه افريقيا في ازمة،‏ «متناقَل شفويا،‏ وهو مهدَّد ما دام الافريقيون يغادرون الارياف الى المدن .‏ .‏ .‏ وهكذا فإن العالَم هو في خطر خسارة .‏ .‏ .‏ ما دعته عالمة الانسان لسْلي براوْنْرِڠ ‹قرونا من الابحاث العلمية البشرية قام بها اشخاص كثيرون.‏›»‏

      في الماضي،‏ انشأت الحكومات الاستعمارية متنزَّهات وطنية بطرد القرويين الذين كانوا يعتمدون طوال قرون على الحياة البرية من اجل الطعام.‏ والآن يطلب بعض الحكومات الافريقية المساعدة من هؤلاء المزارعين الريفيين الذين أُهملوا لوقت طويل.‏ «ففي بلدان افريقية جنوبية عديدة،‏» كما يخبر معهد مراقبة العالم،‏ «تخلت الدولة عن السيطرة المطلقة على الحياة البرية.‏ والمجتمعات الريفية التي تعيش في ١٠ من الـ‍ ٣١ منطقة للاهتمام بالطرائد في زامبيا مُنحت حقوقا لتمارسها على الحياة البرية؛‏ فقلَّ الصيد غير المشروع على نحو مذهل،‏ ويَظهر ان اعداد الحيوانات البرية ترتفع من جديد نتيجة لذلك.‏» وهنالك تقارير اخرى تخبر بنجاح ذلك حيث صار قرويو الارياف منهمكين في عملية الحفاظ على بيئتهم الخاصة،‏ كما هي الحال بين الكركدنات السوداء وفيلة الصحراء في كاوكولاند في ناميبيا،‏ في محميات كَنْڠْوَني للطرائد في جنوب افريقيا،‏ وفي بلدان افريقية اخرى.‏

      على الرغم من هذا الاتجاه الذي يعد بالخير،‏ يبقى انصار البيئة قلقين بشأن المستقبل.‏ فليست هذه المعالجة الجديدة للامور سوى حلّ وقتي في احسن الاحوال.‏ فعلى المدى البعيد،‏ يبقى النمو السكاني السريع للجنس البشري تهديدا.‏ «خلال القرن التالي،‏» كما توضح اخبار الولايات المتحدة وانباء العالم،‏ «يُتوقع ان يزداد عدد السكان نحو ٥ بلايين،‏ وعلى الاغلب في البلدان النامية التي هي ايضا،‏ ولا مصادفة في ذلك،‏ الملجأ الاخير للحياة البرية على الكوكب.‏»‏

      وفيما يتسع انتشار السكان البشر في مناطق البراري،‏ يتطور صراع بين الانسان والحيوان.‏ «ان انواعا كثيرة من الحيوانات الافريقية الكبيرة لا تتلاءم مع معظم اشكال التطور الريفي،‏ كالفيل،‏ فرس النهر،‏ الكركدن،‏ الجاموس،‏ الاسد والتمساح،‏ بالاضافة الى بعض الظباء الكبيرة،‏ الرئيسيات primates والخنازير،‏» كما يوضح كتاب الحفاظ على البيئة في افريقيا.‏

      وبما ان الانسان،‏ كما يبدو،‏ لا يملك حلا من اجل البقاء الطويل المدى للحياة البرية في افريقيا،‏ فمَن يملك الحل؟‏

      ‏[الاطار/‏الخريطة في الصفحة ٧]‏

      «انخفض عدد الجواميس من ٠٠٠‏,٥٥ الى اقل من ٠٠٠‏,٤،‏ ظباء الكتمْبور من ٠٠٠‏,٤٥ الى اقل من ٠٠٠‏,٥،‏ حمير الزرد من ٧٢٠‏,٢ الى ٠٠٠‏,١ تقريبا،‏ وأفراس النهر نقص عددها من ٧٧٠‏,١ الى ٢٦٠ تقريبا.‏» —‏ مقارنة بين مسحَين جوِّيَّين أُجريا في السنة ١٩٧٩ والسنة ١٩٩٠ في دلتا مارومِيو في موزَمبيق كما نُشرَت في مجلة الحياة البرية الافريقية،‏ آذار/‏نيسان ١٩٩٢.‏

      «في السنة ١٩٨١ كان نحو ٠٠٠‏,٤٥ حمار زرد يرتحل عبر مروج وغابات [بوتْسْوانا الشمالية].‏ أما بحلول السنة ١٩٩١ فقد اكمل نحو ٠٠٠‏,٧ فقط الرحلة نفسها.‏» —‏ من مجلة Getaway في تعليقها على شريط الڤيديو Patterns in the Grass عن الحياة البرية،‏ تشرين الثاني ١٩٩٢.‏

      «خلال زيارتنا [لتوڠو،‏ غرب افريقيا] وجدنا مجموعة غير متوقَّعة ومثيرة للاهتمام من فيلة الغابات في محمية فوس او ليون Fosse aux Lions الطبيعية .‏ .‏ .‏ وكانت نتيجةُ احصاء جوي أُجري في آذار ١٩٩١ مجموعَ ١٣٠ حيوانا .‏ .‏ .‏ [لكن في اقل من سنة،‏] انخفضت اعداد الفيلة في فوس او ليون الى ٢٥.‏» —‏ كما أُخبر في مجلة الحياة البرية الافريقية،‏ آذار/‏نيسان ١٩٩٢.‏

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      تقوم محميات الطرائد الافريقية بدور حيوي في المحافظة على انواع حيوانية كثيرة

      افريقيا

      المملكة المغربية

      الصحراء الغربية

      موريتانيا

      الجزائر

      مالي

      تونس

      ليبيا

      نَيجر

      نَيجيريا

      مصر

      تشاد

      السودان

      جيبوتي

      اثيوپيا

      جمهورية افريقيا الوسطى

      الكَمَرون

      كونڠو

      كابيندا (‏آنڠولا)‏

      ڠابون

      زائير

      اوغندا

      كينيا

      الصومال

      تنزانيا

      آنڠولا

      زامبيا

      ملاوي

      ناميبيا

      زمبابوي

      موزَمبيق

      بوتْسْوانا

      مدغشقر

      جنوب افريقيا

      السنڠال

      ڠامبيا

      غينيا-‏بيساو

      غينيا

      بركينا فاسو

      بينين

      سيرا ليون

      لَيبيريا

      ساحل العاج

      غانا

      توڠو

      غينيا الاستوائية

      رُوَندا

      بوروندي

      سْوازيلند

      ليسوتو

      محمية فوس او ليون الطبيعية

      محمية ماساي مارا للطرائد

      متنزَّه سَرِنْڠَتي الوطني

      دلتا مارومِيو

      متنزَّه كروڠر الوطني

      البحر الابيض المتوسط

      البحر الاحمر

      المحيط الهندي

      مناطق مذكورة في المقالة

      متنزهات وطنية رئيسية

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٩]‏

      لماذا قرن الكركدن رائج الى هذا الحد

      ‏«سائل قرن الكركدن المضاد للحمى ذو العلامة التجارية الارجل الثلاث.‏» هذا هو اسم دواء رائج يباع في ماليزيا،‏ استنادا الى مؤلِّفَي كتاب الكركدن،‏ دارِل وشارْنا بلفور.‏ والرقعة على هذا الدواء تحتوي هذه الرسالة:‏ «هذا الدواء معد بعناية من قرن الكركدن والادوية المضادة للحمى الممتازة،‏ وتحت اشراف الخبراء المباشر.‏ وهذا الدواء العجيب يعمل كالسحر في اعطاء راحة سريعة للذين يتألمون من:‏ الملاريا،‏ الحرارة المرتفعة،‏ الحمى التي تؤثر في القلب والاطراف الاربعة،‏ ضد الدوار المناخي،‏ الجنون،‏ وجع الاسنان،‏ الخ.‏» —‏ الحروف المائلة لنا.‏

      ان معتقدات كهذه منتشرة في بلدان آسيا،‏ وقرن الكركدن على شكل سائل او مسحوق متوافر بسهولة في مدن آسيوية كثيرة.‏ وبأمل إبطال رواجه يدَّعي المؤلفان بلفور:‏ «ان تناول جرعة من قرن الكركدن له القيمة الطبية نفسها لقضم اظفاركم.‏»‏

      في اليمن،‏ يُقدَّر قرن الكركدن لسبب آخر —‏ كمادة لمقابض الخناجر.‏ فأكثر من ٢٢ طنا استُورد الى هذا البلد خلال السبعينيات؛‏ ومن الصعب ايجاد بديل مناسب.‏ «فقد وجد اليمنيون،‏» كما يوضح المؤلفان بلفور،‏ «ان لا شيء جيد كقرن الكركدن،‏ بسبب تحمُّليته بالاضافة الى مظهره.‏ .‏ .‏ .‏ فكلما صارت [مقابض الخناجر] اقدم بدت افضل،‏ اذ تكتسب مع مرور الزمن شبهَ شفافية تماثل الكهرمان.‏»‏

      ‏[الرسوم البيانية/‏الصور في الصفحة ٨]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ٧٢٠‏,٢

      ٠٠٠‏,١

      ١٩٧٩ عدد حمير الزرد ١٩٩٠

      ٠٠٠‏,٥٥

      ٦٩٦‏,٣

      ١٩٧٩ عدد الجواميس ١٩٩٠

      ٧٧٠‏,١

      ٢٦٠

      ١٩٧٩ عدد افراس النهر ١٩٩٠

      ٠٠٠‏,٤٥

      ٤٨٠‏,٤

      ١٩٧٩ عدد ظباء الكتمْبور ١٩٩٠

      المناحي المقارَنة لأعداد الحيوانات البرية في دلتا مارومِيو للسنتين ١٩٧٩ و ١٩٩٠

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Bottom left: Safari-Zoo of Ramat-Gan,‎ Tel Aviv

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة