مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الانتاركتيكا —‏ آخر ميادين الاستكشاف
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • الانتاركتيكا —‏ آخر ميادين الاستكشاف

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في أوستراليا

      يقول احد الكتّاب ان بعض انحاء الانتاركتيكا (‏القارة القطبية الجنوبية)‏ يمكن ان تصير باردة جدا،‏ حتى انك «اذا اوقعت قضيب فولاذ،‏ فمن المرجح ان يتهشم وكأنه زجاج،‏ .‏ .‏ .‏ وإذا اخرجت سمكة من حفرة في الثلج،‏ تتجمد في غضون خمس ثوانٍ».‏ وعندما تدخل الانتاركتيكا،‏ قد تخال انك في عالَم آخر بسبب الاحوال الجوية القاسية المسيطرة عليها وجمالها السُّريالي وطبيعتها الجرداء —‏ أضف الى ذلك عروض «الاضواء الجنوبية» الاخّاذة التي تظهر احيانا.‏

      لكنَّ الانتاركتيكا هي من عالَمنا الذي نعرفه.‏ وهي تُشبَّه بمختبر طبيعي فسيح لدراسة الارض وغلافها الجوّي؛‏ وكذلك لدراسة التغيّرات البيئية حول الارض،‏ بما في ذلك التغيّرات التي تُحدِثها نشاطات الانسان.‏ ونتائج هذه الدراسات تسبب للعلماء قلقا متزايدا.‏ فقد لاحظوا ظواهر منذرة بالسوء في المناطق القطبية الجنوبية تدل انه ليس كل شيء على ما يرام.‏ ولكن لنرَ في البداية لماذا الانتاركتيكا هي قارة فريدة من نوعها.‏

      اولا،‏ ان الانتاركتيكا،‏ القارة الاكثر عزلة في العالم،‏ هي قارة تجتمع فيها التناقضات.‏ فرغم انها فائقة الجمال ولا تزال تحافظ على رونقها الاصلي،‏ فهي قاحلة جدا.‏ وفي حين انها ابرد بقاع الارض وأكثر مكان تجتاحه الرياح،‏ فهي سريعة العطب.‏ ومع انها القارة التي تشهد اقل معدل للمتساقطات،‏ فالثلج فيها يشكِّل ٧٠ في المئة من مياه الكوكب العذبة.‏ ويبلغ معدل سماكته نحو ٢٠٠‏,٢ متر،‏ مما يجعلها اعلى قارة بمعدل ارتفاع يصل الى ٣٠٠‏,٢ متر فوق مستوى سطح البحر.‏ ورغم انها ايضا خامس قارة على الارض من حيث المساحة،‏ فلا يوجد فيها مقيمون دائمون اكبر من القَمَعة،‏ وهي ضرب من الذباب طوله سنتيمتر واحد.‏

      كأنك على المريخ!‏

      اذ تتوغل في الانتاركتيكا،‏ تقلّ الادلة على وجود حياة شيئا فشيئا،‏ وخصوصا عندما تصل الى المناطق المدعوة الاودية الجافة.‏ تغطي هذه الصحارى القطبية نحو ٠٠٠‏,٣ كيلومتر مربع،‏ ويقع معظمها في جبال ترانسأنتاركتيك.‏ وتمتد سلسلة الجبال هذه عبر القارة ويبلغ ارتفاعها في بعض الاماكن اكثر من ٣٠٠‏,٤ متر.‏ وفي جوانب هذه الاودية الجافة تصفر العواصف الشديدة البرودة مزيلة بسرعة ايّ ثلج قد يتساقط.‏ ويعتقد العلماء ان هذه الاودية هي اقرب شبيه لسطح المريخ.‏ لذلك اعتُبرَت حقل اختبار مناسبا للمعدات الفضائية قبل إطلاق بعثة ڤايكنڠ الى المريخ.‏

      لكنَّ الحياة موجودة حتى في الاودية الجافة.‏ فداخل الصخور المساميّة،‏ تعيش في جيوب هوائية بالغة الصغر انواع من البكتيريا والطحالب والفطريات لها قدرة شديدة على التحمل.‏ وهي تعيش حتى لو كان هنالك مقدار ضئيل من الرطوبة.‏ أما في الخارج فتجد ان عالمها السُّريالي هو تكوينات صخرية تُدعى الحصى الهندسية.‏ ولهذه الصخور شكل غريب وبريق ساطع بفعل الرياح المتواصلة التي تهب على الانتاركتيكا منذ قرون كثيرة.‏

      أُطلق عليها اسمها قبل اكتشافها

      يعود التخمين بشأن وجود مساحة كبيرة من الارض في الجنوب الى الفلاسفة اليونانيين القدماء.‏ فقد افترض أرسطو ان هنالك قارة جنوبية لموازنة الاراضي المعروف انها تقع في نصف الكرة الارضية الشمالي.‏ يقول كتاب الانتاركتيكا —‏ قصص رائعة من القارة المتجمدة:‏ «بما ان نصف الكرة الارضية الشمالي يقع تحت كوكبة اركتوس،‏ اي الدبّ،‏ فقد استنتج أرسطو (‏٣٨٤-‏٣٢٢ ق‌م)‏ ان الارض المجهولة الى الجنوب لا بدّ ان تكون انتاركتيكوس —‏ اي النقيض»،‏ او النقطة المقابلة.‏ وهكذا تتميَّز الانتاركتيكا بأن اسمها أُطلق عليها قبل نحو ٠٠٠‏,٢ سنة من اكتشافها!‏

      في سنة ١٧٧٢،‏ ابحر المستكشف البريطاني الكابتن جيمس كوك جنوبا بحثا عن هذه القارة الجنوبية المفترَض وجودها.‏ فدخل عالَما من الجبال الجليدية الضخمة والجزر التي تلفحها الرياح،‏ او «جزر الجليد»،‏ كما دعاها.‏ كتب:‏ «رغم ان محيط بعضها يبلغ نحو ميلين [٣ كلم] وارتفاعها ٦٠ قدما [٢٠ م]،‏ فقد كانت الامواج الضخمة والعاتية جدا تصل الى اعلاها».‏ ومضى كوك جنوبا عاقد العزم،‏ فكانت سفينته رِزولْيوشين ومرافقتها أدڤِنتشِر اول سفينتين عُرف انهما اجتازتا الدائرة القطبية الجنوبية،‏ وذلك في ١٧ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٧٧٣.‏ وبعزيمة لا تنثني،‏ شقّ كوك طريقه عبر الكتل الجليدية الطافية حتى وصل اخيرا الى حائط مسدود.‏ فكتب في سجله:‏ «لم استطع رؤية شيء في الجنوب سوى الجليد».‏ ولكنه كان في الواقع على بُعد ١٢٠ كيلومترا فقط من ارض القارة القطبية الجنوبية عندما عاد ادراجه.‏

      فمَن هم اول الاشخاص الذين رأوا الانتاركتيكا؟‏ مَن هم اول الاشخاص الذين وطأوا ارضها؟‏ لا شيء مؤكد حتى اليوم.‏ قد يكونون صيادي الحيتان او الفقمة.‏ فعند عودة كوك الى موطنه،‏ حثَّت رواياته عن الاعداد الكبيرة من حيوانات الفقمة والبطريق والحيتان الصيادين ان يُسرعوا في الذهاب الى هذه المنطقة.‏

      دماء على الجليد

      يكتب ألان مورهد في كتابه الاثر المميت (‏بالانكليزية)‏:‏ «عثر [كوك] صدفة على ما كان على الارجح اكبر مجموعة من الحياة البرية الموجودة في العالم،‏ وكان اول رجل يعرِّف العالم بوجودها».‏ ويتابع مورهد ليقول:‏ «[كانت النتيجة] بالنسبة الى حيوانات الانتاركتيكا بمثابة محرقة».‏ يذكر كتاب الانتاركتيكا —‏ قصص رائعة من القارة المتجمدة:‏ «في اواخر القرن الثامن عشر،‏ صار اصطياد الفقمة في نصف الكرة الارضية الجنوبي اشبه بالتهافت على الذهب.‏ وبسبب الطلبات التي لا تنتهي من الصين وأوروپا للحصول على جلود الفقمة سرعان ما خلت كل مناطق وجود الفقمة المعروفة [سابقا].‏ وهذا ما جعل صيادي الفقمة يتوقون الى ايجاد ارض جديدة لم تُنهب منها جماعات الفقمة».‏

      وبعد ان استنفد صيادو الفقمة كل اسباب رزقهم تقريبا،‏ ابتدأ صيادو الحيتان ينهبون البحار.‏ يكتب مورهد:‏ «لن يُعرف ابدا كم قُتل من الحيتان والفقمة في المحيط الجنوبي».‏ ويتابع قائلا:‏ «هل قُتل عشرة ملايين او خمسون مليونا؟‏ الارقام لا معنى لها؛‏ فقد استمر القتل حتى لم يعد هنالك فعليا ايّ شيء لقتله».‏

      أما الآن فالقوانين الدولية تحمي الحياة النباتية والحيوانية في الانتاركتيكا.‏ إضافة الى ذلك،‏ فإن غياب الحيوانات المفترسة ووجود مخزون وافر من الطعام البحري يجعل من شاطئ الانتاركتيكا ملاذا صيفيا للحياة البرية.‏ لكن يبدو ان الانتاركتيكا تتعرض لهجوم اكثر ايذاء،‏ هجوم قد يكون خارج نطاق سيطرة الاتفاقات الدولية.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥]‏

      القطبان طرفا نقيض

      رغم ان هنالك بعض اوجه الشبه بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي،‏ فهما طرفا نقيض في عدة امور.‏ تأملوا في ما يلي:‏

      ان كامل المنطقة المحاذية للقطب الشمالي تتألف من الجليد والبحر،‏ في حين ان القطب الجنوبي هو قريب من وسط خامس قارة على الارض من حيث المساحة.‏

      يحيط بالقطب الشمالي اراضي اميركا وآسيا وأوروپا الآهلة بالسكان،‏ في حين يحيط بالانتاركتيكا محيط كبير.‏ وهو المحيط الاكثر هيجانا على كوكبنا.‏

      تعيش عشرات الآلاف من العائلات ضمن الدائرة القطبية الشمالية،‏ التي هي ايضا موطن آلاف النباتات والحيوانات.‏ أما الانتاركتيكا فليست موطنا لأيّ شخص.‏ فأشكال الحياة الوحيدة هناك هي الطحالب،‏ البكتيريا،‏ الحَزاز،‏ الأشنة،‏ نوعان من النباتات المزهرة،‏ وأنواع قليلة من الحشرات.‏

      تقول دائرة المعارف البريطانية:‏ «تُدعى الانتاركتيكا القارة النابضة لأن سواحلها الجليدية الثانوية تتمدد وتتقلص كل سنة».‏ فالكتلة الجليدية الطافية تتمدد في البحر حتى ٦٠٠‏,١ كيلومتر كذروة.‏ ويفوق هذا التمدد والتقلص ست مرات تمددَ وتقلص الكتلة الجليدية الطافية في القطب الشمالي،‏ مما يجعل للانتاركتيكا تأثيرا اكبر في الطقس العالمي.‏

  • الانتاركتيكا —‏ قارة في خطر
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • الانتاركتيكا —‏ قارة في خطر

      يقول كتاب الانتاركتيكا:‏ القارة الاخيرة (‏بالانكليزية)‏ انه عندما ينظر روَّاد الفضاء الى الارض من الفضاء،‏ فإن اكثر ما يميِّز كوكبنا هو قلنسوة الجليد في الانتاركتيكا.‏ وقد ذكر روَّاد الفضاء انها «تشع كمنارة بيضاء ضخمة من اسفل الارض».‏

      تحتوي الانتاركتيكا على نحو ثلاثين مليون كيلومتر مكعب من الجليد،‏ وبذلك تكون آلة بحجم قارة تصنِّع الجليد.‏ فالثلج يتساقط على القارة ويتراصّ،‏ مشكِّلا الجليد.‏ وتسحب الجاذبية الجليد ببطء الى الساحل،‏ وهناك ينزلق الى البحر ليشكِّل الارصفة الجليدية الضخمة.‏ —‏ انظروا الاطار في الصفحة ١٨.‏

      الارصفة الجليدية المتقلصة

      في السنوات الاخيرة،‏ صغَّر الذوبان السريع حجم عدد من الارصفة الجليدية،‏ حتى ان بعضها اختفى كليًّا.‏ ففي سنة ١٩٩٥،‏ انهار جزء تبلغ مساحته ١٠٠٠ كيلومتر مربع من رصيف لارسن الجليدي الذي يبلغ طوله ١٠٠٠ كيلومتر.‏ وقد انقسم الى آلاف الجبال الجليدية،‏ كما يذكر احد التقارير.‏

      ان المنطقة التي تأثرت حتى الآن بتقلص الجليد هي شبه الجزيرة القطبية الجنوبية.‏ وشبه الجزيرة هذه،‏ التي على شكل S،‏ هي امتداد لسلسلة جبال الانديز التي تقع في اميركا الجنوبية.‏ وقد شهدت في السنوات الـ‍ ٥٠ الماضية ارتفاعا في درجة الحرارة بلغ ٥‏,٢ درجة مئوية.‏ ونتيجة لذلك،‏ صار بالامكان الآن الابحار حول جزيرة جيمس روس،‏ التي كانت مُحاطة بالجليد.‏ وقد انتج الجليد المتناقص ايضا ازديادا كبيرا مفاجئا في النبات.‏

      بما ان كمية الذوبان الكبيرة لم تحصل إلا في منطقة شبه الجزيرة القطبية الجنوبية،‏ فإن بعض العلماء ليسوا مقتنعين بأن هذا دليل على الدفء العالمي.‏ ولكن استنادا الى دراسة نروجية،‏ فإن الجليد في القطب الشمالي يتراجع ايضا.‏ (‏ان القطب الشمالي لا يقع على ارض،‏ لذلك معظم الجليد هناك هو ماء البحر المتجمد.‏)‏ وكما ذكرت الدراسة،‏ فإن كل التغييرات التي تحصل تلائم النمط المناخي الذي جرى التنبؤ بأنه سيحدث بوجود الدفء العالمي.‏

      لكنَّ الامر لا يتوقف فقط على تأثر الانتاركتيكا بتغييرات درجات الحرارة.‏ فقد وُصفت بأنها «المحرِّك الاساسي الذي يسيِّر الكثير من احوالنا الجوية على الارض».‏ في هذه الحال،‏ قد تتأثر الانماط المناخية في المستقبل اذا ظلت القارة عرضة للتغييرات.‏

      لقد تشكَّل ثقب في طبقة الأوزون في الغلاف الجوي فوق الانتاركتيكا حجمه ضعف حجم اوروپا.‏ والأوزون،‏ وهو شكل من اشكال الاكسجين،‏ يحمي الارض من الاشعاع فوق البنفسجي الذي يضرّ بالعينين ويسبِّب سرطانات الجلد.‏ وبسبب الازدياد في الاشعاع،‏ يجب ان يحمي الباحثون في الانتاركتيكا جلدهم من الشمس وأن يضعوا نظارات واقية او نظارات شمسية ذات طبقة عاكسة خصوصية لحماية عيونهم.‏ والوقت وحده كفيل بإظهار مدى تأثر الحياة البرية الموسمية في الانتاركتيكا.‏

      قارة سريعة العطب —‏ سيروا عليها برفق

      قد يكون العنوان اعلاه ترحيبا ملائما بزائري الانتاركتيكا.‏ ولماذا؟‏ لعدة اسباب،‏ استنادا الى دائرة الانتاركتيكا الاوسترالية.‏ اولا،‏ بسبب الروابط البيئية الاساسية،‏ تكون البيئة سريعة التأثر بما يعكِّر صفوها.‏ ثانيا،‏ ينمو النبات ببطء بحيث قد تظل آثار الاقدام في الحَزاز ظاهرة حتى بعد عشر سنوات.‏ والنباتات المتضررة او الضعيفة في الانتاركتيكا هي تحت رحمة الرياح العاتية،‏ التي يمكن ان تقضي على مجموعات نباتية بكاملها.‏ ثالثا،‏ يعني البرد القارس انه قد يلزم عقود لتتحلل الفضلات.‏ رابعا،‏ قد يجلب الناس عن غير قصد اشكال حياة مجهرية غريبة عن هذه القارة المعزولة،‏ وبالتالي السريعة العطب.‏ وأخيرا،‏ ان الاماكن التي يرتادها السياح والعلماء هي السواحل —‏ المناطق الاصلح للحياة البرية والنبات.‏ وبما ان هذه المناطق لا تشكِّل سوى ٢ في المئة تقريبا من اليابسة،‏ فمن السهل ان نعرف لماذا سرعان ما قد تصير الانتاركتيكا مكتظة جدا.‏ ولكن هنا ينشأ السؤال:‏ مَن يحافظ على النظام في هذه القارة الضخمة؟‏

      مَن يحكم الانتاركتيكا؟‏

      رغم ان سبعة بلدان تدَّعي ملكية اجزاء من الانتاركتيكا،‏ فإن القارة ككل لها ميزة فريدة ان لا احد يسيطر عليها او يستوطنها.‏ تذكر دائرة الانتاركتيكا الاوسترالية:‏ «الانتاركتيكا هي القارة الوحيدة على الارض التي يدير شؤونها اتفاق دولي».‏

      وقد وقَّعت هذا الاتفاق،‏ الذي يُدعى معاهدة الانتاركتيكا،‏ ١٢ حكومة وصار ساري المفعول في ٢٣ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦١.‏ ومذّاك،‏ ارتفع عدد الامم المشاركة الى اكثر من ٤٠.‏ وهدف المعاهدة هو «الضمان،‏ لمصلحة كل الجنس البشري،‏ ان تظل الانتاركتيكا الى الابد تُستخدَم حصريا لأغراض سلمية وألا تصبح مسرحا او هدفا للخلافات الدولية».‏

      في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨،‏ صارت مسودة قانون حماية البيئة في معاهدة الانتاركتيكا سارية المفعول.‏ وتحظر هذه المسودة كل انواع التعدين واستغلال الموارد المعدنية في الانتاركتيكا مدة اقلّها ٥٠ سنة.‏ وهي تصنِّف ايضا القارة وأنظمتها البيئية البحرية «محمية طبيعية مخصصة للسلام والعِلم».‏ وتُمنع النشاطات العسكرية،‏ اختبار الاسلحة،‏ والتخلص من النفايات النووية.‏ حتى ان الكلاب التي تجر المزالج محظورة.‏

      لقد وُصفت معاهدة الانتاركتيكا انها «مثال التعاون الدولي الذي لم يسبق له مثيل».‏ ولكن لا تزال هنالك مشاكل عالقة كثيرة،‏ بما في ذلك مشكلة السيادة.‏ مثلا،‏ مَن سيسهر على تطبيق المعاهدة،‏ وكيف؟‏ وكيف ستعالج الامم الاعضاء تدفق السياح،‏ الذي قد يهدِّد بيئة الانتاركتيكا السريعة العطب؟‏ ففي السنوات الاخيرة،‏ يأتي ٠٠٠‏,٧ سائح على متن السفن لزيارة الانتاركتيكا سنويا.‏ وقبل مضي وقت طويل،‏ يُتوقع ان يتضاعف هذا العدد.‏

      قد تنشأ صعوبات اخرى في المستقبل.‏ مثلا،‏ ماذا لو وجد العلماء رواسب معدنية او نفطية قيّمة؟‏ هل ستمنع المعاهدة الاستغلال التجاري والتلوث الذي غالبا ما ينتج؟‏ ان المعاهدات عرضة للتغيير،‏ ومعاهدة الانتاركتيكا ليست مستثناة.‏ فالمادة ١٢ تنص على ان «تُعدَّل [المعاهدة] او تُنقَّح في ايّ وقت بإجماع الاطراف التي عقدت الاتفاق».‏

      طبعا،‏ ما من معاهدة قادرة على حماية الانتاركتيكا من تأثيرات هذا العالم الصناعي العصري.‏ ومن المؤسف ان تتلوث ‹المنارة البيضاء› التي في اسفل الارض من جراء الآثار البعيدة المدى لجشع وجهل الانسان!‏ فتضرر الانتاركتيكا يعني الاذى لكل البشر.‏ وإذا كنا سنستخلص درسا من الانتاركتيكا،‏ فهو ان الارض بكاملها هي نظام مترابط تماما كالجسم البشري.‏ فقد نسَّق الخالق هذا النظام بشكل لا عيب فيه ليدعم الحياة وليمنحنا المتعة.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٨]‏

      ما هو الرصيف الجليدي؟‏

      من المنطقة الداخلية في الانتاركتيكا،‏ تنحدر المجاري الجليدية التي تشكَّلت بفعل الثلج المتساقط الى الساحل.‏ وتندفع بعض هذه المجاري مسافة كيلومتر تقريبا في السنة،‏ حسب صور راديوية حديثة التقطتها الاقمار الاصطناعية.‏ ويندمج الكثير من هذه المجاري الجليدية معا كروافد،‏ مشكِّلا انهارا جليدية ضخمة.‏ وعندما تصل هذه الانهار المتجمدة الى البحر،‏ تطفو على الماء لتشكِّل الارصفة الجليدية.‏ وأكبر هذه الارصفة هو رصيف روس الجليدي (‏الظاهر هنا)‏ الذي تغذيه على الاقل سبعة مجارٍ جليدية او انهار جليدية.‏ وهو بحجم فرنسا وتبلغ سماكته في بعض الاماكن نحو كيلومتر.‏a

      في الظروف العادية،‏ لا تتقلص الارصفة الجليدية.‏ فإذ تغذي الانهار الجليدية الرصيف بالجليد،‏ يُدفع طرف الرصيف اكثر الى البحر،‏ كما يُخرَج معجون الاسنان من الانبوب بالعصر.‏ عندئذ،‏ تنفصل قطع ضخمة (‏عملية تدعى الانفصال الجليدي)‏،‏ وتصير هذه القطع الضخمة جبالا جليدية.‏ وتقول دائرة معارف الكتاب العالمي (‏بالانكليزية)‏ ان بعض الجبال الجليدية «تبلغ مساحتها ٠٠٠‏,١٣ كيلومتر مربع.‏ ولكن في السنوات الاخيرة،‏ كثرت عمليات الانفصال فتقلصت الارصفة الجليدية،‏ حتى ان بعضها اختفى كليًّا.‏ رغم ذلك لم يرتفع مستوى البحر.‏ ولماذا؟‏ لأن الارصفة الجليدية موجودة اصلا في الماء ولذلك عندما تذوب،‏ لا تزيد حجم الماء.‏ أما اذا ذاب الجليد على البرّ الرئيسي،‏ فسيكون ذلك اشبه بإفراغ خزان سعته ثلاثون مليون كيلومتر مكعب في البحر،‏ وسيرتفع مستوى البحر نحو ٦٥ مترا!‏

      ‏[الحاشية]‏

      a لا يجب الخلط بين الارصفة الجليدية والكتل الجليدية الطافية.‏ فهذه الاخيرة تبدأ كأطواف جليدية تتشكل فوق البحر خلال فصل الشتاء،‏ عندما يتجمد سطح الماء.‏ ثم تندمج هذه الاطواف معا لتشكِّل الكتل الجليدية الطافية.‏ أما في الصيف فيحدث العكس.‏ والجبال الجليدية لا تتشكل من الكتل الجليدية الطافية،‏ بل من الارصفة الجليدية.‏

      ‏[الصورة]‏

      كتل جليدية ضخمة تنفصل عن رصيف روس الجليدي،‏ الذي يبلغ ارتفاعه نحو ٦٥ مترا فوق مستوى البحر

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Tui De Roy

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٠]‏

      صغير فقمة ويدل

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Photo: Commander John Bortniak,‎ NOAA Corps

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة