مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ما مدى جسامة الخطر؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • ما مدى جسامة الخطر؟‏

      في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٧،‏ أُصيبت هولي ميلين،‏ طفلة في اسبوعها الثالث،‏ بالتهاب في الاذن.‏ مرت عدة ايام دون ان تتحسن حالتها،‏ فوصف لها الطبيب احدث نوع من المضادات الحيوية.‏ كان من المفترض ان يشفيها الدواء لكنها لم تُشفَ.‏ فقد عاودها الالتهاب واستمر يظهر بعد كل دورة علاجية من المضادات الحيوية.‏

      خضعت هولي في سنتها الاولى لـ‍ ١٧ دورة علاجية من مختلف المضادات الحيوية.‏ وعندما بلغت شهرها الـ‍ ٢١،‏ أُصيبت بالتهاب شديد جدا.‏ فلجأ الطبيب كمحاولة اخيرة الى اعطائها مضادا حيويا عبر الوريد مدة ١٤ يوما،‏ فزال الالتهاب اخيرا.‏

      يتكرر مثل هذا المشهد مرارا وتكرارا،‏ وليس فقط بين الاطفال والمسنين.‏ فالناس من كل الاعمار يمرضون ويموتون ايضا بسبب اخماج كانت في ما مضى تقضي عليها المضادات الحيوية بسهولة.‏ لقد اعتُبرت الجراثيم التي لم تقضِ عليها المضادات الحيوية تماما مشكلة خطيرة في بعض المستشفيات منذ خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ لكن خلال ستينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انتشرت الجراثيم المقاوِمة للمضادات الحيوية خارج المستشفيات ايضا.‏

      ومع مرور الوقت،‏ بدأ الباحثون في الحقل الطبي يعتبرون الافراط في اعطاء المضادات الحيوية للبشر والحيوانات السبب الرئيسي لازدياد الجراثيم المقاوِمة.‏ وفي سنة ١٩٧٨،‏ ذكر احد هؤلاء الباحثين ان الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية «خرج تماما عن السيطرة».‏ وهكذا بحلول تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ برزت عناوين رئيسية حول العالم،‏ مثل:‏ «هجوم الميكروبات المقاوِمة للعقاقير»،‏ «تفشي الميكروبات المقاوِمة للعقاقير»،‏ «عقاقير خطرة:‏ الافراط في استعمال المضادات الحيوية هو وراء الميكروبات المقاوِمة للعقاقير».‏

      فهل كانت هذه مجرد ضجة اعلامية؟‏ ليس بحسب المنظمات الطبية المهمة.‏ ففي تقرير عن الامراض الخمجية صادر سنة ٢٠٠٠،‏ ذكرت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية:‏ «عند فجر الالفية الجديدة،‏ تواجه البشرية ازمة جديدة.‏ فالامراض التي كان تُشفى سابقا .‏ .‏ .‏ تحتمي وراء درع منيع تتزايد مقاومته لمضادات الميكروبات».‏

      وما مدى جسامة هذه الازمة؟‏ تذكر منظمة الصحة العالمية:‏ «هذا الازدياد المقلق [للجراثيم المقاوِمة للعقاقير] يقضي على فرص معالجة الامراض الخمجية».‏ كما تتحدث سلطات عديدة اليوم عن عودة البشرية الى «عصر ما قبل المضادات الحيوية»،‏ حين لم تكن هنالك مضادات حيوية لمعالجة الاخماج.‏

      فكيف استطاعت العضويات المجهرية المقاوِمة للعقاقير ان تستعمر العالم وتهزم التقدم العلمي المتطور جدا؟‏ هل يمكن ان يقوم المرء بشيء ليحمي نفسه والآخرين؟‏ وما هي الحلول المتوقعة في المستقبل لمكافحة الجراثيم المقاوِمة للمضادات الحيوية؟‏ تقدم المقالتان التاليتان بعض الاجوبة.‏

  • تلك الجراثيم القوية —‏ كيف تظهر مجددا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • تلك الجراثيم القوية —‏ كيف تظهر مجددا

      ان الڤيروسات،‏ البكتيريا،‏ الحيوانات الأَوالي،‏ الفطريات،‏ وغيرها من العضويات المجهرية موجودة على ما يبدو مذ نشأت الحياة على الارض.‏ وسهولة التكيّف المذهلة التي تتميز بها هذه الجراثيم،‏ وهي ابسط المخلوقات،‏ اتاحت لها العيش في اماكن لا تستطيع اية مخلوقات اخرى العيش فيها.‏ فنجدها،‏ مثلا،‏ في الفوهات الحارة في قعر المحيط وكذلك في المياه القطبية المتجمدة.‏ واليوم،‏ تتصدى هذه الجراثيم لأشد الهجومات التي تهدد وجودها:‏ العقاقير المضادة للميكروبات.‏

      منذ مئة سنة،‏ عُرف ان بعض الميكروبات،‏ او العضويات المجهرية،‏ تسبّب المرض.‏ لكنّ العقاقير المضادة للميكروبات لم تكن معروفة آنذاك.‏ فكان الاطباء،‏ اذا ما اصيب احد بمرض خمجي خطير،‏ يكتفون بدعمه معنويا.‏ وكان على جهاز المريض المناعي ان يكافح الخمج وحده.‏ وإذا فشل الجهاز المناعي في مهمته نجم عن ذلك عواقب مأساوية.‏ حتى ان اصابة خدش صغير بميكروب ما كانت تؤدي في اغلب الاحيان الى الموت.‏

      لذلك ادّى اكتشاف المضادات الحيوية،‏ اولى العقاقير الآمنة المضادة للميكروبات،‏ الى احداث ثورة في عالم الطب.‏a وقد ادّى الاستعمال الطبي لعقاقير السُّلفا في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ ولعقاقير مثل الپنسلين والسْترپتومِيسين في اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ الى اكتشاف فيض من العقاقير في العقود التالية.‏ وبحلول تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صارت ترسانة المضادات الحيوية تشتمل على نحو ١٥٠ عقّارا مدرجا في ١٥ فئة.‏

      الانتصار المتوقع يتبدد

      بحلول خمسينات وستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بدأ بعض الاشخاص يحتفلون بالانتصار على الامراض الخمجية.‏ وبعض الاختصاصيين في علم الاحياء المجهرية اعتقدوا ان هذه الامراض ستكون قريبا كابوسا من الماضي.‏ وقد شهد مدير دائرة الصحة العامة في الولايات المتحدة امام الكونڠرس في سنة ١٩٦٩ ان البشرية قد «تطوي صفحة الامراض الخمجية» قريبا.‏ وفي سنة ١٩٧٢،‏ كتب مكفارلِن بورنيت،‏ الحائز على جائزة نوبل،‏ ودايڤيد وايت:‏ «سيكون موضوع الامراض الخمجية على الارجح موضوعا مملا جدا لا جديد فيه».‏ حتى ان البعض شعروا انه سيجري القضاء تماما على هذه الامراض.‏

      وقد ولّد الاعتقاد ان الامراض الخمجية اختفت ثقة مفرطة عند كثيرين.‏ فثمة ممرِّضة،‏ كانت مطّلعة جيدا على مدى خطورة الجراثيم قبل اكتشاف المضادات الحيوية،‏ لاحظت ان بعض الممرِّضات الاصغر سنا يهملن ابسط قواعد العادات الصحية.‏ وكن يُجبن عندما تذكرهن بوجوب غسل ايديهن:‏ «لا عليك،‏ لدينا اليوم المضادات الحيوية».‏

      لكنّ الاعتماد على المضادات الحيوية واستعمالها بكثرة ادّيا الى نتائج مفجعة.‏ فبقيت الامراض الخمجية.‏ وعلاوة على ذلك،‏ هجمت مجددا لتصبح السبب الرئيسي للموت في العالم!‏ وقد ساهمت عوامل اخرى ايضا في انتشار الامراض الخمجية مثل فوضى الحرب،‏ سوء التغذية المنتشر في البلدان النامية،‏ النقص في المياه النظيفة،‏ رداءة تدابير حفظ الصحة،‏ سرعة السفر من بلد الى آخر،‏ والتغيير العالمي في المناخ.‏

      المقاومة التي تبديها البكتيريا

      تبيّن ان سهولة التكيّف المذهلة التي تبديها الجراثيم العادية مشكلة رئيسية،‏ مشكلة لا يجري توقعها عموما.‏ لكن بإعادة التأمل في الماضي،‏ كان ينبغي التوقع ان تطوِّر الجراثيم مناعة ضد العقاقير.‏ ولماذا؟‏ تأمل مثلا في ما حصل عند اكتشاف الـ‍ د.‏د.‏ت.‏ كمبيد للحشرات في منتصف اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏b في ذلك الوقت ابتهج منتجو الالبان والاجبان باختفاء الذباب عند رش الـ‍ د.‏د.‏ت.‏ لكنّ ذبابات قليلة نجت،‏ وورث نسلها المناعة ضد مبيد الحشرات هذا.‏ وسرعان ما تكاثر جدا الذباب الذي لم يؤثر فيه الـ‍ د.‏د.‏ت.‏

      حتى قبل استعمال الـ‍ د.‏د.‏ت.‏ وقبل ان يصبح الپنسلين متوفرا للعموم سنة ١٩٤٤،‏ اعطت البكتيريا المؤذية لمحة مسبقة عن قدرتها الدفاعية الهائلة.‏ وقد ادرك الدكتور الكسندر فليمينڠ الذي اكتشف الپنسلين هذا الامر.‏ ففي مختبره،‏ لاحظ ان الاجيال المتتابعة للعنقوديات البرتقالية Staphylococcus aureus (‏العنقوديات التي تظهر عادة في المستشفيات)‏ تطور جدرانا خلوية تزداد مقاومة للعقّار الذي اكتشفه.‏

      وهذا ما جعل الدكتور فليمينڠ ينذر منذ حوالي ٦٠ سنة ان البكتيريا المؤذية في الشخص المخموج يمكن ان تطور مقاومة للپنسلين.‏ وإذا لم تقتل جرعات الپنسلين عددا كبيرا من البكتيريا المؤذية،‏ فقد يتكاثر نسلها.‏ نتيجة ذلك،‏ قد يظهر المرض مجددا بحيث يعجز الپنسلين عن القضاء عليه.‏

      يعلّق كتاب مفارقة المضادات الحيوية (‏بالانكليزية)‏:‏ «تبرهنت صحة تنبؤات فليمينڠ،‏ وكانت النتيجة افظع مما ظن».‏ وكيف ذلك؟‏ لقد عُرف انه في بعض سلالات البكتيريا تنتج المورِّثات،‏ اي المخطّطات البالغة الصغر في دَنا DNA البكتيرية،‏ انزيمات تقضي على فعالية الپنسلين.‏ نتيجة ذلك،‏ تبين انه حتى الدورات العلاجية المطولة من الپنسلين تكون غير مجدية في اغلب الاحيان.‏ فكم كان ذلك صدمة قوية!‏

      وفي محاولة لربح المعركة ضد الامراض الخمجية،‏ صارت تُدخَل قانونيا مضادات حيوية جديدة في الحقل الطبي بين اربعينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كما أُدخل القليل منها خلال ثمانينات وتسعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وكان هدف هذه العقاقير القضاء على البكتيريا التي قاومت العقاقير الاولى.‏ لكن لم تمضِ سنوات قليلة حتى ظهرت سلالات من البكتيريا قاومت هذه العقاقير الجديدة ايضا.‏

      وصار البشر يعرفون ان ما تبديه البكتيريا من مقاومة ينمّ عن براعة مذهلة.‏ فالبكتيريا تستطيع ان تغيّر جدران خلاياها لتبقي المضادات الحيوية خارجا،‏ او ان تغيّر تركيبها الكيميائي حتى لا يتمكن المضاد الحيوي من القضاء عليها.‏ من جهة اخرى،‏ قد تطرد البكتيريا المضاد الحيوي بالسرعة التي دخل فيها،‏ او قد تجعله غير فعال بتفكيكه.‏

      ومع تزايد استعمال المضادات الحيوية،‏ تكاثرت وانتشرت سلالات البكتيريا المقاوِمة.‏ فهل يُعتبر ذلك فشلا ذريعا؟‏ كلا،‏ على الاقل في معظم الحالات.‏ فعادة ينجح مضاد حيوي في القضاء على خمج معين في حين لم ينجح مضاد حيوي آخر.‏ ورغم ان مقاومة العقاقير امر مزعج،‏ فقد بقيت حتى الآونة الاخيرة تحت السيطرة عموما.‏

      مقاومة عدة عقاقير

      بعد فترة صُدم العلماء في مجال الطب حين عرفوا ان البكتيريا تتبادل المورِّثات.‏ في بادئ الامر،‏ اعتُقد ان تبادل المورّثات لا يتم إلّا بين النوع نفسه من البكتيريا.‏ لكن اكتُشف لاحقا ان المورِّثات المقاوِمة نفسها موجودة في انواع مختلفة تماما من البكتيريا.‏ وبواسطة هذا التبادل،‏ صار لدى مختلف انواع البكتيريا مقاومة شديدة لشتى العقاقير الشائعة.‏

      وكأن ذلك لم يكن كافيا،‏ فقد اظهرت الدراسات في تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ ان بعض البكتيريا يمكن ان تطور مقاومة للعقاقير دون الاستعانة بغيرها.‏ حتى بوجود مضاد حيوي واحد فقط،‏ يطور بعض انواع البكتيريا مقاومة لعدة مضادات حيوية،‏ سواء كانت طبيعية او اصطناعية.‏

      مستقبل مظلم

      لا تزال معظم المضادات الحيوية تفيد اليوم اغلبية الاشخاص،‏ ولكن ما مدى فعاليتها في المستقبل؟‏ يذكر كتاب مفارقة المضادات الحيوية:‏ «لا يمكننا التوقع بعد الآن ان يُشفى الخمج بواسطة اول مضاد حيوي يوصَف».‏ ويضيف الكتاب:‏ «في بعض اجزاء العالم،‏ يعني مخزون المضادات الحيوية المحدود ان المضاد الحيوي الفعال غير موجود.‏ .‏ .‏ .‏ فيعاني المرضى ويموتون من امراض تنبأ البعض منذ ٥٠ سنة انها ستُمحى عن وجه الارض».‏

      والبكتيريا ليست الجراثيم الوحيدة التي تصبح مقاوِمة للعقاقير الطبية.‏ فالڤيروسات وكذلك الفطريات وطفيليات اخرى بالغة الصغر تُظهر ايضا سهولة مذهلة في التكيُّف،‏ مقدمةً للعالم سلالات تهدّد بالقضاء على كل الجهود المبذولة لاكتشاف وإنتاج عقاقير تكافحها.‏

      ماذا يمكن فعله اذًا؟‏ هل يمكن التغلب على المقاومة التي تبديها الجراثيم او على الاقل الحد منها؟‏ كيف يمكن ان تستمر المضادات الحيوية ومضادات الجراثيم في احراز الانتصارات في عالم يتعرض بشكل متزايد لهجومات الامراض الخمجية؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a يشير «المضاد الحيوي» عموما الى العقّار الذي يكافح البكتيريا.‏ اما «مضاد الميكروبات» فهو تعبير اشمل ويشير الى اي عقّار يكافح الميكروبات الممرِضة،‏ سواء كانت من الڤيروسات،‏ البكتيريا،‏ الفطريات،‏ او الطفيليات البالغة الصغر.‏

      b مبيدات الحشرات هي سموم،‏ وكذلك العقاقير.‏ وقد تبين ان كليهما يفيدان ويضران على السواء.‏ وفي حين ان المضادات الحيوية قد تقتل الجراثيم المؤذية،‏ تقتل هذه العقاقير ايضا البكتيريا المفيدة.‏

  • حين لن تؤذي الجراثيم احدا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • حين لن تؤذي الجراثيم احدا

      ان الجراثيم،‏ او العضويات المجهرية،‏ هي ضرورية للحياة.‏ فهي جزء هام من تربة الارض ومن اجسادنا.‏ وكما ورد في الاطار «انواع الجراثيم» في الصفحة ٧،‏ «في جسمنا تريليونات من البكتيريا».‏ معظمها مفيد للصحة،‏ لا بل ضروري.‏ ورغم ان عددا قليلا نسبيا منها يُمرض،‏ يمكننا ان نكون واثقين بأنه مع مرور الزمن لن تؤذي الجراثيم احدا.‏

      قبل ان نتعلم عن الوسيلة التي ستقضي على كل تأثيرات الجراثيم المؤذية،‏ لنتأمل في الجهود الحالية المبذولة لمكافحة الجراثيم المسببة للامراض.‏ وبالاضافة الى التأمل في الاطار المرفق «ماذا يمكنك فعله؟‏»،‏ لنلاحظ الجهود التي يبذلها الاختصاصيون في الصحة لمكافحة الجراثيم المقاوِمة.‏

      استراتيجيات عالمية

      تحدثت الطبيبة ڠرو هارلم برونتلان،‏ المديرة العامة السابقة لمنظمة الصحة العالمية،‏ عن الجهود المبذولة.‏ وفي التقرير حول الامراض الخمجية لسنة ٢٠٠٠ (‏بالانكليزية)‏،‏ وتحت العنوان الرئيسي «التغلب على المقاومة لمضادات الميكروبات»،‏ اشارت الى الحاجة الى تطوير «استراتيجية عالمية لاحتواء مقاومة» الجراثيم.‏ وتحدثت ايضا عن اقامة «علاقات بين كل الذين يقدمون العناية الصحية»،‏ كما شددت قائلة:‏ «لدينا فرصة لبذل جهود مكثفة لمكافحة الامراض الخمجية».‏

      وفي سنة ٢٠٠١،‏ اقترحت منظمة الصحة العالمية «استراتيجية عالمية لاحتواء المقاومة لمضادات الميكروبات».‏ قدمت هذه الوثيقة خطة موجهة الى مقدمي العناية الصحية وإلى الناس عموما بشأن ‏«ما ينبغي فعله وكيف ينبغي فعله».‏ وشملت الاستراتيجية تثقيف الناس كيف يتجنبون التقاط المرض،‏ بالاضافة الى ارشادهم كيف يستعملون المضادات الحيوية وغيرها من مضادات الميكروبات عندما يصابون بالاخماج.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ جرى حث العاملين في حقل الصحة،‏ من اطباء وممرضات وغيرهم من العاملين في المستشفيات ودور الرعاية،‏ على تحسين الاجراءات المتخذة لتجنب انتشار الاخماج.‏ وللأسف،‏ اظهرت الدراسات ان العديد من الاختصاصيين في الصحة لا يزالون يهملون غسل ايديهم وتغيير قفازاتهم حين ينتقلون من مريض الى آخر.‏

      وتظهر الاستطلاعات ايضا ان الاطباء يصفون مضادات حيوية غير ضرورية.‏ وأحد الاسباب هو ان الناس يضغطون عليهم ليصفوا لهم مضادا حيويا كعلاج سريع.‏ فيذعن الاطباء للمرضى لمجرد ارضائهم.‏ وفي اغلب الاحيان،‏ لا يصرف الاطباء وقتا لتثقيف مرضاهم ولا يملكون الوسائل اللازمة لتحديد الجرثومة الممرِضة.‏ كما انهم قد يصفون اجدّ وأغلى المضادات الحيوية الواسعة الفعالية،‏ اذ يُستعمَل كلّ منها لأنواع عديدة من البكتيريا.‏ ويساهم هذا ايضا في مشكلة مقاومة العقاقير.‏

      والمجالات الاخرى التي تركز عليها الاستراتيجية العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية هي المستشفيات،‏ الانظمة الصحية القومية،‏ منتجو الطعام،‏ شركات الادوية،‏ ومسنو القوانين.‏ ويشجع التقرير على التعاون بين جميع الافرقاء في سبيل مكافحة الخطر العالمي للجراثيم المقاوِمة للعقاقير.‏ لكن هل سينجح هذا البرنامج؟‏

      العوائق امام النجاح

      لمّحت الاستراتيجية العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية الى عائق رئيسي لحلّ المشاكل الصحية.‏ انه الدافع الى الاستفادة:‏ المال.‏ والكتاب المقدس يقول ان محبة المال مسؤولة عن «كل انواع الأذية».‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ تحث منظمة الصحة العالمية:‏ «ينبغي ايضا الاخذ بعين الاعتبار تأثير شركات الادوية،‏ فينبغي ضبط زيارات مندوبي هذه الشركات للجسم الطبي ومراقبة البرامج التثقيفية التي تقدم برعاية شركات الادوية لمانحي العناية الصحية».‏

      وشركات الادوية لا تعدم وسيلة لعرض منتجاتها على الاطباء.‏ وهي الآن تقدمها مباشرة للعامة من خلال الدعاية التلفزيونية.‏ وقد ساهم ذلك على ما يبدو في الاستعمال المفرط للعقاقير،‏ الذي صار بدوره عاملا رئيسيا لانتشار الجراثيم المقاوِمة للعقاقير.‏

      تذكر الاستراتيجية العالمية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في الجزء الذي يتناول اعطاء مضادات الميكروبات للحيوانات المنتجة للطعام:‏ «في بعض البلدان،‏ ٤٠ في المئة او اكثر من مدخول الاطباء البيطريين يأتي من بيع العقاقير،‏ وذلك يخلق عقبات امام الحدّ من استعمال مضادات الميكروبات».‏ وكما تشير البراهين المثبتة،‏ ظهرت الجراثيم المقاوِمة وتكاثرت بسبب الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية.‏

      وإنتاج المضادات الحيوية هائل.‏ ففي الولايات المتحدة وحدها،‏ يُنتَج حوالي ٢٠ مليون كيلوڠرام من المضادات الحيوية سنويا!‏ ومن الانتاج الاجمالي العالمي،‏ لا يُستعمل للناس سوى النصف تقريبا.‏ اما الباقي فيُرش على المحاصيل او يُطعَم للحيوانات.‏ فالمضادات الحيوية تُمزج عموما بطعام الحيوانات التي تُربّى للطعام لتسريع نموها.‏

      دور الحكومات

      من الجدير بالملاحظة ان الملخّص التنفيذي للاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية يذكر:‏ «سيقع معظم مسؤولية تطبيق الاستراتيجية على كل بلد.‏ فلدى الحكومات دور حيوي لتلعبه».‏

      وقد طورت فعلا عدة حكومات برامج لاحتواء المقاومة لمضادات الميكروبات،‏ وشددت على التعاون ضمن وخارج حدود البلد.‏ وتشمل هذه البرامج الحفاظ على سجل ادق عن استعمال مضادات الميكروبات وعن الميكروبات المقاوِمة،‏ وكذلك عن طرائق تحسين ضبط الاخماج،‏ الاستعمال الملائم لمضادات الميكروبات في الطب والزراعة،‏ الابحاث المتعلقة بفهم المقاومة،‏ وتطوير عقاقير جديدة.‏ ولكن لم يكن التقرير حول الامراض الخمجية لسنة ٢٠٠٠ لمنظمة الصحة العالمية متفائلا.‏ لماذا؟‏

      لقد اشار التقرير الى «نقص في الارادة السياسية من جهة الحكومات التي لا تضع الصحة العامة بين اولوياتها».‏ وأضاف:‏ «هنالك ظروف تعزز انتشار المرض،‏ وبالتالي المقاومة للعقاقير،‏ مثل الاضطراب المدني والفقر والهجرة الجماعية والتدهور البيئي التي تؤدي الى تعرض عدد كبير من الناس للامراض الخمجية».‏ وللأسف،‏ هذه هي المشاكل ذاتها التي لم تتمكن الحكومات البشرية قط من حلّها.‏

  • حين لن تؤذي الجراثيم احدا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      ماذا يمكنك فعله؟‏

      ماذا يمكنك فعله لتقليل خطر التقاط الجراثيم المقاوِمة؟‏ تزود منظمة الصحة العالمية بعض الخطوط الارشادية.‏ اولا،‏ تحدِّد الاجراءات التي يمكننا اتباعها لتجنب الامراض والحدّ من انتشار الاخماج.‏ ثانيا،‏ تصف كيف يمكن ان يحسِّن الناس استعمالهم لمضادات الميكروبات.‏

      من المنطقي ان افضل طريقة للحدّ من الامراض وانتشارها هي القيام بكل ما هو ضروري للبقاء بصحة جيدة.‏ فماذا يمكنك فعله لتجنب المرض؟‏

      اجراءات لتجنب المرض

      ١-‏ افعل ما في وسعك لتحصل على الامور الثلاثة التالية:‏ الغذاء الملائم،‏ ما يلزم من التمارين الرياضية،‏ وقسط وافٍ من الراحة.‏

      ٢-‏ اتبع عادات صحية جيدة.‏ ويشدد الاختصاصيون في الصحة على غسل الايادي كعامل رئيسي لتجنب التقاط المرض ونقل الاخماج الى الآخرين.‏

      ٣-‏ تأكد من سلامة الطعام الذي تتناوله انت وعائلتك.‏ انتبه خصوصا لنظافة يديك وللمكان الذي تحضِّر فيه الطعام.‏ تأكد ايضا من نظافة المياه التي تستعملها لغسل يديك وطعامك.‏ وبما ان الجراثيم تتكاثر في الطعام،‏ فاطبخه جيدا.‏ خزِّن وبرِّد الطعام بطريقة ملائمة.‏

      ٤-‏ في البلدان حيث تنتقل الامراض الخطرة بواسطة الحشرات الطائرة،‏ خفِّف من النشاطات التي تقوم بها خارجا اثناء الليل وفي الصباح الباكر حين تكون الحشرات في اوج نشاطها.‏ واستعمل قانونيا لحمايتك الناموسيات وضع شبكا على النوافذ والابواب.‏

      ٥-‏ يمكن ان تساعدك اللقاحات على تدريب جهازك المناعي ليحارب بعض الجراثيم المنتشرة حيث تعيش.‏

      استعمال مضادات الميكروبات

      ١-‏ استشر اختصاصيا في الصحة قبل ان تشتري او تتناول اي مضاد حيوي او مضاد للميكروبات.‏ فالعروض التي يقدمها للمستهلك مروّجو الادوية التي تُشترى دون وصفة طبيب غالبا ما تفيد البائع لا المشتري.‏

      ٢-‏ لا تضغط على طبيبك ليصف لك مضادا حيويا.‏ اذا فعلت ذلك فقد يصف لك مضادا حيويا لكي لا يخسرك كمريض.‏ فالزكام،‏ مثلا،‏ تسببه الڤيروسات ولا تشفيه المضادات الحيوية.‏ وتناولك مضادا حيويا حين تكون مصابا بڤيروس يمكن ان يعيق عمل البكتيريا المفيدة،‏ مؤديا ربما الى تكاثر البكتيريا المقاوِمة.‏

      ٣-‏ لا تصرّ على تناول احدث العقاقير المكتشفة،‏ فقد لا يكون الافضل لك وقد يكون غالي الثمن.‏

      ٤-‏ استعلِم من مصدر موثوق به عن اي عقّار تتناوله:‏ ما هي وظيفته؟‏ ما هي تأثيراته الجانبية المحتملة؟‏ وكيف يتفاعل مع العقاقير الاخرى؟‏ وانتبه ايضا لعوامل اخرى يمكن ان تجعل تناوله خطرا.‏

      ٥-‏ اذا كان المضاد الحيوي ملائما حقا يُقترح عموما ان تأخد كامل الدورة العلاجية الموصوفة لك،‏ حتى لو شعرت بالتحسن قبل انتهائها.‏ فآ‌خر جرعات منه ضرورية لتضمن انك شفيت تماما.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة