-
اساءة استعمال السلطة هل تنتهي يوما ما؟برج المراقبة ١٩٨٧ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
اساءة استعمال السلطة هل تنتهي يوما ما؟
بين الطرائق التي بها يُظهر الناس الناقصون مقدار انانيتهم هو توقهم الى السلطة. فالكاتب البريطاني المعروف مالكولم موغريدج اشار الى ان الناس يحبون السلطة «لانهم لم يدركوا ان اساس الحياة البشرية هو المحبة. . . ولكنّ الحافز الى السلطة هو من حيث الاساس حافز خطر للغاية. انه شيء رفض يسوع المسيح امتلاكه.»
وبسبب انتشار هذا التوق الى السلطة، بالاضافة الى الخراب الذي يمكن ان يسببه، ابتكر الآباء المؤسسون للولايات المتحدة دستورا قسَّم السلطات الحكومية الى ثلاثة اقسام: التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهذه الاقسام كانت لتزود مراقبة لئلا تكون هنالك اساءة استعمال للسلطة.
وبالرغم من نيات المؤسسين النبيلة، كانت هنالك اساءة استعمال للسلطة واسعة الانتشار في ذلك البلد. ولكنكم قد تعرفون من الاختبار والملاحظة الشخصيين انه كانت هنالك اساءة استعمال للسلطة في كل انحاء العالم. والتاريخ مليء بسجلات الاشخاص الذين اساءوا استعمال السلطة لمصلحة تعظمهم ولأذية رفيقهم الانسان. فكروا، مثلا، في الاسكندر الكبير وشارلمان ونابوليون وهتلر.
متى ابتدأت؟
مع ذلك لديكم سبب وجيه لتسألوا، متى ابتدأت كل هذه الاساءة لاستعمال السلطة؟ ان جوابا موثوقا به متوافر في كتاب التاريخ الابكر للانسان، الذي هو الكتاب المقدس. هناك يمكنكم ان تقرأوا عن الحوادث في جنة عدن. فالشيطان ابليس، الذي يُظهر الكتاب المقدس انه مخلوق حقيقي، اشتهى السلطة. لقد اغوى الجنس البشري لينطلق في مسلك الخطية. وأحد مظاهر الخطية هو تشوق الانسان الواسع الانتشار الى السلطة، ليسيء استعمالها. (تكوين ٣:١-١٩، رومية ٥:١٢) فالشيطان، منذ زمن طويل، جعل الامم تحت سيطرته بحيث كان قادرا ان يعرض على يسوع المسيح الحكم عليها. (متى ٤:٨-١٠) وقد خدع ابليس كل الناس تقريبا بحيث يمكن القول ان «العالم كله قد وضع في الشرير.» — ١ يوحنا ٥:١٩، رؤيا ١٢:٩.
وهنا فكرة قد تبغتكم: في المقام الاول بين اولئك الذين خدموا قصد ابليس كان الكثير من القادة الدينيين. وكيف ذلك؟ حسنا، لقد اساءوا استعمال سلطتهم بتعليم عقائد باطلة، مستعبدين بذلك الناس. والقادة الدينيون الزائفون اساءوا استعمال سلطتهم ايضا باضطهاد خدام اللّٰه الحقيقيين. واستفانوس، اول شهيد مسيحي، اشار الى السجل المؤسف لقادة اسرائيل الدينيين: «يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان. . . اي الانبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فانبأوا بمجيء البار الذي انتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه.» — اعمال ٧:٥١، ٥٢.
كان استفانوس واحدا من اوائل السلسلة الطويلة للمسيحيين الامناء الذين اضطُهِدوا. وقد تبرهنت فعلا صحة كلمات الرسول بولس: «وجميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون.» (٢ تيموثاوس ٣:١٢) وسجل شهود يهوه في الازمنة العصرية يؤيد ذلك. وحتى في الوقت الحاضر، في حوالى ٤٠ بلدا، يشعر هؤلاء المسيحيون باساءة استعمال السلطة اذ تجري اعاقة خدمتهم من السلطات.
وكم من اساءات اخرى هنالك لاستعمال السلطة! فحيثما ننظر نشاهد اناسا يئنّون بسببها. فاساءة المعاملة من جهة المستخدِمين احدثت الحركة العمالية. ولكن من الواضح اليوم ان بعض القادة في المنظمات العمالية هم ايضا مذنبون باساءة استعمال السلطة. وفِرق الاقليات العرقية تعاني من اساءة استعمال الاغلبية للسلطة. والشكل الآخر لاساءة المعاملة هو ذاك الذي من رجالٍ في مراكز ادارية يتخطون آداب اللياقة مع المستخدمات اللواتي قد يشعرن بالضغط للاذعان خوفا من خسارة وظائفهن. مثلا، عُرض على احدى راقصات الباليه الطَموحات دور رئيسي في انتاج للباليه ان هي اضطجعت مع المنتج.
نعم، ان العالم مليء بأناس يستعملون سلطتهم على نحو خاطىء. وجميع الذين يفعلون ذلك بأنانية يبرهنون انهم لا يملكون مخافة اللّٰه. ولماذا ذلك صحيح؟ لانه، كما تقول كلمة اللّٰه، «مخافة (يهوه) بغض الشر.» (امثال ٨:١٣، مزمور ٩٧:١٠) فاساءة استعمال السلطة او استعمالها على نحو خاطىء هو فعلا شيء رديء، ولكنّ اساءة استعمال كهذه لن توجد دائما.
-
-
لماذا اساءة استعمال السلطة ستنتهي يقينابرج المراقبة ١٩٨٧ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
لماذا اساءة استعمال السلطة ستنتهي يقينا
كتب الملك القديم سليمان عن اساءة استعمال السلطة في ايامه: «رجعت ورأيت كل المظالم [استعمال السلطة على نحو خاطىء] التي تُجرى تحت الشمس فهوذا دموع المظلومين ولا معز لهم ومن يد ظالميهم قهر.» — جامعة ٤:١.
وقد تسألون، ‹بما ان اساءة استعمال السلطة وُجدت لزمن طويل جدا، هل تلازمنا الى الابد؟› كلا، لن تلازمنا. لانه، كما كتب سليمان نفسه بالوحي، هنالك شخص يلاحظها كلها: «ان رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد فلا ترتع من الامر. لان فوق العالي عاليا يلاحظ والاعلى فوقهما.» — جامعة ٥:٨.
تظهر كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس، ان يهوه، العلي، هو غير محدود في القدرة والحكمة، وأيضا كامل في العدل، وهو مجسَّم المحبة. ولانه اله كهذا فهو لن يحتمل الى الابد هذه الاحوال الجائرة. كتب المرنم داود: «لا تغر لفعل الشر. لان عاملي الشر يقطعون والذين ينتظرون الرب هم يرثون الارض.» — مزمور ٣٧:٨، ٩.
ونحصل على تأكيد اضافي من كلمات النبي اشعياء: «واعاقب. . . المنافقين على اثمهم وابطل تعظُّم المستكبرين واضع تجبُّر العُتاة [مسيئي استعمال السلطة].» — اشعياء ١٣:١١.
ولكن مضت قرون منذ كتابة هذه الكلمات، فلماذا يمكننا اذاً ان نكون على يقين من ان يهوه اللّٰه رغم ذلك سيتمم وعده بانهاء كل اساءة لاستعمال السلطة؟ لانه اعرب في ازمنة ماضية عن تصميمه في ان يفعل ذلك. فقبل الطوفان ايام نوح كانت هنالك اساءة كبيرة لاستعمال السلطة. فنقرأ انه قد «امتلأت الارض (عنفا).» (تكوين ٦:٥، ١١) وما هو العنف سوى اساءة لاستعمال السلطة؟ وصحَّ الشيء نفسه في المدينتين الشريرتين سدوم وعمورة في ايام لوط. (تكوين ١٨:٢٠، ٢١؛ ١٩:٤-٢٩) وفي كلتا الحالتين وضع يهوه حدا للاساءة. لذلك نرى ان يهوه اللّٰه ليس شخصا يحتمل اساءة استعمال السلطة الى ما لا نهاية.
وكأساس اضافي لنكون على يقين من ان يهوه سيعمل هو انه غيور لاسمه، وكل اساءة لاستعمال السلطة هي اهانة لجلاله. لاحظوا هذه العلاقة بين هاتين الآيتين: «ظالم الفقير يعيِّر خالقه.» «المستهزىء بالفقير يعيِّر خالقه.» — امثال ١٤:٣١؛ ١٧:٥.
اذاً، يمكننا ان نبقى واثقين ان العلي لن يحتمل الى الابد ان يجري تعييره. وذلك يترك مجرد سؤال واحد: متى تنتهي اساءة استعمال السلطة؟
متى تنتهي؟
تعْلِمنا كلمة اللّٰه انه «لكل شيء زمان ولكل امر تحت السموات وقت.» (جامعة ٣:١) وقد يكون البعض عديمي الصبر تجاه جدول وقت اللّٰه، ولكن يجري اخبارنا: «لا يتباطأ الرب عن وعده. . . لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس.» — ٢ بطرس ٣:٩.
ان اتمام نبوة الكتاب المقدس يدل على اننا عائشون في الايام الاخيرة للعالم، او نظام الاشياء، الشرير هذا. وقد شهد هذا الجيل اتمام نبوة يسوع العظمى في ما يتعلق بحضوره واختتام نظام الاشياء هذا: الحروب والزلازل والمجاعات والاوبئة وكثرة الاثم والكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه. (متى ٢٤:١-٣٥، لوقا ٢١:١٠، ١١) وهذا يحدد بدقة وقتنا بصفته الايام الاخيرة لهذا العالم الشرير.
ولان هذه هي الايام الاخيرة يمكننا ان نرجو ان نرى قريبا اتمام النبوة في صفنيا ٣:٨: «لذلك فانتظروني يقول الرب الى يوم اقوم الى السلب لان حكمي هو بجمع الامم وحشر الممالك لأصب عليهم سخطي كل حموّ غضبي لانه بنار غيرتي تؤكل كل الارض.»
ان هذه الكلمات دون ريب هي تأكيد ان يهوه اللّٰه سينهي اساءة استعمال السلطة.
-
-
الاستعمال المشهَّر العصري للسلطة على نحو خاطىءبرج المراقبة ١٩٨٧ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الاستعمال المشهَّر العصري للسلطة على نحو خاطىء
في الناموس المعطى بواسطة موسى دان الخالق بشدة اخذ الرشوة من جهة القضاة. (خروج ٢٣:٨، تثنية ١٠:١٧؛ ١٦:١٩) ويمكننا ان نرى كم كانت ارشادات كهذه حكيمة بملاحظتنا بعض القضايا العصرية لاستعمال السلطة على نحو خاطىء من قبل الرسميين.
احدى هذه القضايا شملت القاضي مارتن ت. مانتون. فقديما في السنة ١٩١٨ حاول احباط جهود تلاميذ الكتاب المقدس، كما كان شهود يهوه يُعرفون آنذاك، لاطلاق سراح ج. ف. رذرفورد وسبعة من عشرائه بكفالة. فهؤلاء الخدام المسيحيون الثمانية اتُّهموا باعاقة الجهد الحربي وأُرسلوا الى السجن الفدرالي في اتلانتا، جورجيا. ومحكمة الاستئناف التي سمعت قضيتهم تألفت من ثلاثة قضاة، بمن فيهم مانتون. فعارض، ولكنّ القاضيين الآخرين وافقا على الاستئناف، وبطلت الادانة الخاطئة.
وأيّ نوع من القضاة كان مانتون؟ دعته الصحافة «الموظف القضائي الاعلى رتبة [في الولايات المتحدة] بعد قضاة المحكمة العليا التسعة.» وكان ايضا احد ابرز العلمانيين في اميركا، اذ عيَّنه البابا في رتبة «فارس القديس غريغوريوس.» وحدث سقوط مانتون عندما أُدين وحُكم عليه بسنتين في السجن وغُرِّم ٠٠٠,١٠ دولار. ولاي سبب؟ لسبب اتِّجاره بقرارات قضائية. واكثر من ذلك، وصل تهوره الى ابتزاز اولئك الماثلين امامه، مهددا بأنه، ان لم يدفعوا له مبلغا كبيرا من المال، سيتخذ قرارا ضدهم. قالت «النيويورك تايمز» عنه: «كان الابتزاز بالتهديد يصدر من دار المحكمة الفدرالية.» فيا لها من اساءة لاستعمال السلطة القضائية!
بعد عدة سنوات ظهرت قضية مشهَّرة اخرى تشمل سبيرو أغنيو، نائب رئيس الولايات المتحدة في اثناء السنوات ١٩٦٩-١٩٧٣. فقد اتُّهم بالاحتيال على الحكومة بآلاف الدولارات، ولذلك استقال. وحتى مؤخرا في السنة ١٩٨٣ دفع لولاية ماريلاند اكثر من ٠٠٠,٢٥٠ دولار بسبب رشى كان قد قبلها.
ثم كان هنالك ريتشارد م. نكسون، الذي كان قد اختار أغنيو ليخوض معركة انتخابية كنائب للرئيس. ولجنة مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة التي كانت تعالج قضية ووترغيت اوصت بأن يُتَّهم نكسون بثلاث فقرات اتهامية: بأنه كان قد اساء استعمال سلطاته الرئاسية، وبأنه اعاق سبيل العدالة، وبأنه عصى مذكرات الاستدعاء. وتعرفون على الارجح انه استقال في ٩ آب ١٩٧٤ اذ بقيت من مدة رئاسته سنتان ونصف السنة.
ان اساءة لاستعمال السلطة كهذه هي عالمية النطاق. مثلا، ان المجلة الكندية «ماكلينز،» عدد ١٥ تموز ١٩٨٥، اخبرت عن «حفلات جنسية صاخبة في بارلمنت هيل. . . وأرباح مالية غير مسموح بها.» وروت ان موظفا حكوميا عالي المقام في دائرة المستخدَمين قال في حفلة لامرأة بعمر ٣٠ سنة: «ان لم تخلعي ثيابك لن تحصلي على وظيفة.»
وفي الوقت نفسه تقريبا نشرت مجلة اخبارية دولية مقالة «الفساد يبطِّىء تحوُّل اتجاه الصين.» وأخبرت: «في كل يوم جديد، في الواقع، تحمل الصحافة الرسمية روايات عن الاحتيال المالي، وبعضها يشمل رسميين ذوي مقام رفيع.»
ومؤخرا نقلت «نيوزيلندا هيرالد،» تحت عنوان: «لعنة التهديد الرئيسي للفساد في ‹البلد المحظوظ،›» رأي قاض متقاعد: «ان اوستراليا، في اواسط ثمانينات الـ ١٩٠٠، هي غنية وواثقة وفاسدة.» وأشارت المقالة الى «النظام القضائي الذي رأى في السنة الماضية قاضيا من المحكمة العليا في البلد يوضع خلف القضبان والذي يترنح كل يوم تقريبا بأدلة مروّعة على شرطة تقبل الرشوة.»
من الواضح ان جميع الذين يسيئون استعمال السلطة كهؤلاء انما يتجاهلون المبدأ الذي ذكره المسيح: «ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف.» — متى ١٠:٢٦.
-