-
عالَم بدون سيارات؟استيقظ! ١٩٩٦ | حزيران (يونيو) ٨
-
-
عالَم بدون سيارات؟
هل تتخيلون عالَما بدون مركبات آلية؟ او هل يمكن ان تذكروا اسم اختراع غيَّر بشكل جذري انماط حياة الناس وسلوكهم خلال القرن الماضي كما فعلت السيارات؟ فلولا السيارات لَما وُجدت الفنادق الصغيرة التي يأوي اليها المسافرون بسياراتهم، ولا المطاعم التي تقدِّم الطعام للناس وهم في السيارات، ولا الاماكن التي يشاهد فيها الناس الافلام وهم في سياراتهم. والأهم من ذلك، بدون باصات، سيارات اجرة، سيارات خاصة، او شاحنات، كيف تذهبون الى العمل؟ الى المدرسة؟ وكيف ينقل المزارعون وأصحاب المصانع بضائعهم الى السوق؟
تذكر دائرة المعارف البريطانية الجديدة (بالانكليزية) ان «شركة واحدة من كل ست شركات اميركية تعتمد على صناعة المركبات الآلية، توزيعها، إصلاحها، او استعمالها،» مضيفة ان «مبيعات شركات المركبات وإيصالاتها تمثِّل اكثر من خُمس التعاملات التجارية بالجملة في البلد وأكثر من رُبع تجارة البيع بالمفرَّق. وهاتان النسبتان اصغر الى حد ما في بلدان اخرى، ولكنَّ اليابان وبلدان اوروپا الغربية تقترب من المعدل الاميركي بسرعة.»
ومع ذلك يقول بعض الناس ان العالم سيكون افضل حالا بدون مركبات آلية. ويقولون ان هنالك سببين رئيسيين لذلك.
مشكلة ازدحام عالمية
اذا حدث يوما انكم بقيتم تدورون وقتا طويلا في الشوارع بحثا عن مكان لايقاف سيارتكم، فلا حاجة ان يخبركم احد انه حتى ولو كانت للسيارات منفعة، لا يعود الامر كذلك عندما تكثر اعدادها في منطقة مكتظة. او اذا حدث يوما انكم علقتم وسط ازدحام سير خانق، فأنتم تدركون كم هو مغيظ ان يكون المرء محتجَزا في آلة مصمَّمة لتتحرك ولكنها مجبرة على عدم التزحزح من مكانها.
في سنة ١٩٥٠ كانت الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي فيه سيارة واحدة لكل ٤ اشخاص. وبحلول سنة ١٩٧٤ كانت المانيا، ايطاليا، بريطانيا العظمى، بلجيكا، السويد، فرنسا، وهولندا قد بلغت هذا المعدل. ولكن بحلول تلك السنة كانت النسبة في الولايات المتحدة قد ارتفعت الى سيارة واحدة تقريبا لكل شخصين. واليوم هنالك في المانيا ولوكسمبورڠ مركبة آلية واحدة تقريبا لكل شخصين. وليست ايطاليا، بريطانيا العظمى، بلجيكا، فرنسا، وهولندا بعيدة عن هذا المعدل.
تتحول معظم المدن الكبيرة — حيثما كان موقعها في العالم — الى مواقف عملاقة للسيارات. ففي الهند مثلا، في زمن الاستقلال سنة ١٩٤٧، انتشرت في عاصمتها نيو دلهي ٠٠٠,١١ سيارة وشاحنة. وبحلول سنة ١٩٩٣ كان العدد قد تجاوز الـ ٠٠٠,٢٠٠,٢! زيادة هائلة — ولكن «يُتوقع ان يتضاعف العدد بحلول نهاية القرن،» وفقا لمجلة تايم (بالانكليزية).
وفي الوقت نفسه، في اوروپا الشرقية حيث نسبة السيارات الى كل فرد تبلغ ربع النسبة في اوروپا الغربية، هنالك نحو ٤٠٠ مليون زبون محتمَل. وفي غضون سنوات قليلة سيتغير الوضع في الصين التي يوجد فيها حتى الآن ٤٠٠ مليون دراجة. فكما ذُكر سنة ١٩٩٤، «تضع الدولة خططا لزيادة سريعة في انتاج السيارات،» من ٣,١ مليون سيارة في السنة الى ٣ ملايين بحلول نهاية القرن.
خطر التلوُّث
قالت ذا دايلي تلڠراف (بالانكليزية) عدد ٢٨ تشرين الاول ١٩٩٤: «لقد نفد الهواء المنعش من بريطانيا.» ربما كانت هذه مبالغة ولكن فيها من الصحة ما يكفي لإثارة القلق. حذر الپروفسور ستُوارت پَنكَت، من جامعة أنڠليا الشرقية: «ان السيارات تغيِّر التركيب الكيميائي لغلافنا الجوي الطبيعي.»
ان تركيزا عاليا لاول اكسيد الكربون الملوِّث، كما يقول كتاب ٥٠٠٠ يوم لانقاذ الكوكب (بالانكليزية)، «يحرم الجسم من الاكسجين، يُضعف الادراك والتفكير، يُبطئ المنعكَسات reflexes ويسبِّب الخمول.» وتقول منظمة الصحة العالمية: «نحو نصف جميع سكان المدن في اوروپا وأميركا الشمالية معرَّضون لمستويات عالية غير مقبولة من اول اكسيد الكربون.»
ويُقدَّر ان الغازات المنبعثة من السيارات تقتل في بعض الاماكن اناسا كثيرين سنويا — بالاضافة الى انها تسبِّب اضرارا بيئية تبلغ بلايين الدولارات. ففي شهر تموز ١٩٩٥ ذكر تقرير اخباري تلفزيوني ان نحو ٠٠٠,١١ بريطاني يموتون سنويا من تلوُّث الهواء الذي تسببه السيارات.
عُقد سنة ١٩٩٥ مؤتمر الامم المتحدة للمناخ في برلين. واتفق ممثِّلون من ١١٦ دولة على ضرورة فعل شيء ما. ولكن لخيبة امل كثيرين، أُرجئ العمل على تبني اهداف محددة ووَضْع قواعد ثابتة او على رسم الخطوط العريضة لبرامج محددة.
وعلى ضوء ما قاله كتاب ٥٠٠٠ يوم لانقاذ الكوكب في سنة ١٩٩٠، كان من المتوقع ان لا يجري هذا التقدم، اذ ذكر: «ان طبيعة السلطة السياسية والاقتصادية في المجتمع الصناعي العصري تحتم ان لا تُقبل اجراءات محاربة التدمير البيئي الا اذا كانت لا تعترض سير العمل الاقتصادي.»
وهكذا حذرت مجلة تايم مؤخرا من «احتمال سخونة الكرة الارضية تدريجيا بسبب تفاقم ثاني اكسيد الكربون وغازات الدفيئة الاخرى في الجو. وقد تكون النتيجة، وفقا لعلماء كثيرين، فترات من الجفاف، ذوبان القلانس الجليدية، ارتفاع مستوى البحر، انغمار المناطق الساحلية، عواصف اشدّ، وغيرها من الكوارث المناخية.»
ان خطورة مشكلة التلوُّث تحتِّم فعل شيء ما. ولكن ماذا؟
-
-
البحث عن حلول مقبولةاستيقظ! ١٩٩٦ | حزيران (يونيو) ٨
-
-
البحث عن حلول مقبولة
ليست المركبات الآلية وحدها المسؤولة عن التلوُّث. فالبيوت الخاصة والمصانع ومحطات توليد الطاقة ملومة هي الاخرى. ولكنَّ الدور الذي تلعبه المركبات الآلية في إحداث تلوُّث عالمي انما هو كبير جدا.
وفي الواقع لا يتردد كتاب ٥٠٠٠ يوم لانقاذ الكوكب في القول انه «لو جرى تحليل لكل هذه الاضرار — وخصوصا الضرر الذي يُلحَق بمناخنا بسبب اطلاق ثاني اكسيد الكربون — لَما صُنعت على الارجح سيارات على الاطلاق.» الّا انه عاد فقال: «لكنه خيارٌ لا صانعو السيارات ولا مقاولو الطرق ولا الوكالات الحكومية ولا حتى الناس عامة — الذين صارت حياتهم تعتمد اكثر فأكثر على النقل الخاص — مستعدون للنظر فيه.»
ألا يجب ان تكون التكنولوجيا، التي وضعت الانسان على القمر، قادرة على انتاج سيارة لا تسبب التلوُّث؟ ليست الاعمال ابدا سهلة كالاقوال، لذلك الى ان يجري تذليل العقبات في طريق تطوير سيارة لا تسبب التلوُّث، يستمر البحث عن حلول اخرى مقبولة.
تخفيف المواد الملوِّثة
اصدرت الولايات المتحدة في الستينات قانونا يتطلب تركيب ضوابط للمركبات الآلية بهدف الحد من اطلاق المواد الملوِّثة. وتفعل دول وحكومات اخرى الامر نفسه منذ ذلك الوقت.
وتُستعمل اليوم على نطاق واسع المحوِّلات الوسيطية catalytic converters التي تتطلب استعمال الوقود الخالي من الرصاص لتصفية المواد الملوِّثة الضارة. وبين سنتي ١٩٧٦ و ١٩٨٠، بعدما ابتدأت اعداد كبيرة من سائقي السيارات تستعمل الوقود الخالي من الرصاص، انخفض مستوى الرصاص في دم الاميركيين بنسبة الثلث. وهذا الامر جيد، لأن الزيادة المفرطة للرصاص يمكن ان تؤثر سلبا في الجهاز العصبي وتعيق القدرة على التعلم. ولكن من المؤسف انه في حين انخفضت مستويات الرصاص في بلدان كثيرة من العالم المتقدم، لم يحدث ذلك في البلدان الاقل تقدما.
حققت المحوِّلات الوسيطية نجاحها المرجوّ، ولكن لا تزال الآراء مختلفة حول فائدتها. فقد انخفض اداء السيارات عندما لم يعد الرصاص يضاف، وللتعويض عن ذلك جرى تغيير التركيب الهيدروكربوني للوقود. وأدى ذلك الى زيادة في انبعاث مواد اخرى مسببة للسرطان، كالبِنزَن والتولُوِين اللتين لا تخفِّف المحوِّلات الوسيطية مستويات انبعاثهما.
وعلاوة على ذلك، تستلزم المحوِّلات الوسيطية استعمال الپلاتين. ووفقا للپروفسور إيان ثورنْتون من الكلّيّة الملكية في بريطانيا، ان احد تأثيراتها الجانبية هو ارتفاع نسبة الپلاتين المستقر في الغبار على جوانب الطرق. وقد حذَّر من احتمال «دخول الاشكال القابلة للذوبان من الپلاتين في السلسلة الغذائية.»
وعلى الرغم من نجاح «المحوِّلات الوسيطية في اميركا الشمالية، اليابان، كوريا الجنوبية، والعديد من البلدان الاوروپية،» كما يعترف بواقعية كتاب ٥٠٠٠ يوم لانقاذ الكوكب، «فإن النمو الهائل لعدد السيارات حول العالم يلغي بشكل كامل فوائدها في تحسين نوعية الهواء.»
الابطاء
والطريقة الاخرى لتخفيف الغازات المنبعثة من السيارات هي القيادة ببطء اكثر. ولكنَّ بعض الولايات في الولايات المتحدة زادت مؤخرا حدود السرعة. وفي المانيا لا يجري تقبُّل فرض القيود. ومن الطبيعي ان يعترض صانعو السيارات، وكذلك عدد كبير من السائقين، على خفض السرعة لأن السيارات المرغوب فيها بين الناس هي تلك المزوَّدة بمحرِّكات قوية تتيح بسهولة القيادة بسرعات عالية تزيد على ١٥٠ كيلومترا (١٠٠ ميل) في الساعة لمسافات طويلة. ولكن يَظهر الآن ان المزيد من الالمان مستعدون لتقبُّل فرض قيود على السرعة ليس لأسباب بيئية فقط ولكن من اجل السلامة ايضا.
وفي بعض البلدان يُطلب من السائقين الإبطاء عندما يبلغ التلوُّث مستويات غير مقبولة — او قد يُطلب منهم التوقف عن قيادة السيارات. وكشف استطلاع أُجري سنة ١٩٩٥ ان ٨٠ في المئة من الالمان يوافقون على فرض حدود للسرعة اذا صارت مستويات الاوزون مرتفعة جدا. وقد اتخذت مدن عديدة في العالم، من بينها اثينا وروما، بعض الاجراءات لتقييد استعمال السيارات في ظروف معينة. وتزمع مدن اخرى على فعل الامر نفسه.
استخدام الدراجات
لتخفيف حركة السير، عمدت بعض المدن الى خفض اسعار التنقل بالباصات. والتنقل بالباص في مدن اخرى مجاني للسائقين الذين يدفعون مبلغا صغيرا لإيقاف سياراتهم في مواقف متوفرة. وخصصت مدن اخرى مسارب من الطرق لحركة الباصات وسيارات الاجرة لزيادة سرعة وسائل النقل هذه.
وعلَّقت مؤخرا الاوروپية (بالانكليزية) على طريقة مبتكرة لمحاربة المشكلة، اذ قالت: «انطلاقا من حملة جرت في هولندا في اواخر الستينات، خرج الدنماركيون البارعون بفكرة لتخفيف تلوُّث الهواء وازدحام السير، وذلك بإقناع الناس باستعمال عجلتَين بدلا من اربع عجلات.» فالدراجات تنتشر في اماكن مختلفة من شوارع كوپنهاڠن. وبوضع قطعة نقود في جهاز تصير دراجة جاهزة للاستعمال. ويمكن استرجاع المال عندما تُرَدّ الدراجة لاحقا الى المكان المناسب. وسيتبين في المستقبل ما اذا كانت هذه الخطة عملية وتلاقي استحسان الناس.
وللتشجيع على استعمال الدراجات بدلا من السيارات، تسمح بعض المدن الالمانية لراكبي الدراجات بأن يقودوها عكس اتجاه السير في الشوارع ذات الاتجاه الواحد! وبما ان نحو ثلث التنقلات في المدينة وأكثر من ثلث التنقلات في الارياف لا يزيد طولها على ثلاثة كيلومترات (٢ ميل)، فبإمكان مواطنين كثيرين ان يقوموا بمعظمها سيرا على الاقدام او على الدراجة. وسيساهم ذلك في تخفيف التلوُّث؛ وفي الوقت نفسه، ينتفع راكبو الدراجات من هذا التمرين الجسدي.
اعادة تصميم السيارات
ويجري العمل على تصميم سيارات لا تسبب تلوُّثا. وقد أُنتجت سيارات كهربائية تعمل بواسطة البطاريات، لكنَّ سرعتها وفترة تسييرها محدودتان. ويصح الامر عينه في السيارات التي تعمل على الطاقة الشمسية.
وهنالك امكانية اخرى تُدرس ايضا، وهي استعمال الهيدروجين كوقود. فالهيدروجين يحترق دون اطلاق اية مواد ملوِّثة تقريبا، لكنَّ كلفته باهظة.
كان الرئيس الاميركي كلينتون مدركا للحاجة الى اعادة تصنيع السيارة، فأعلن سنة ١٩٩٣ ان الحكومة ومصانع السيارات الاميركية ستتعاون في تصميم سيارة المستقبل. وقال: «سنحاول الانطلاق في مغامرة تكنولوجية طموحة لم يعهد بلدنا لها مثيلا من قبل.» وسيتبين في المستقبل ما اذا كان ممكنا «صنع سيارة القرن الـ ٢١ ذات الفعَّالية المثلى وغير الضارة بالبيئة،» كما وصفها. وتهدف الخطط الى انتاج نموذج اولي في غضون عشر سنوات، مع ان الكلفة هائلة جدا.
يسعى بعض صانعي السيارات الى صنع طُرُز تعمل بواسطة الوقود والكهرباء على السواء. وهنالك في المانيا الآن — انما بسعر باهظ — سيارة رياضية كهربائية قادرة على زيادة سرعتها في غضون تسع ثوانٍ من الصفر الى ١٠٠ كيلومتر (٦٠ ميلا) في الساعة، وهي تتقدم حتى تبلغ سرعتها القصوى ١٨٠ كيلومترا (١١٠ اميال) في الساعة. ولكنها تتوقف بعد اجتياز مسافة ٢٠٠ كيلومتر (١٢٠ ميلا) الى ان يعاد شحن بطارياتها لثلاث ساعات على الاقل. وتتواصل الابحاث، ويُتوقع احراز تقدُّم اضافي.
ليس سوى جزء من المشكلة
ان البحث عن طريقة للتخلص من الغازات السامة المنبعثة من السيارات ليس سوى جزء من المشكلة. فالسيارات تسبِّب ايضا التلوُّث الضجيجي، امر يعرفه جيدا كل شخص يعيش قرب طريق مكتظة. وبما ان الضجيج المتواصل لحركة السير يؤثر سلبا في الصحة، فهو ايضا جزء اساسي من المشكلة ويلزم ايجاد حلّ له.
ويشير محبو الطبيعة ايضا الى ان الكثير من المناطق الريفية ذات الجمال الطبيعي تشوِّهه كيلومترات من الطرقات العامة البشعة، بالاضافة الى المراكز التجارية ولوحات الاعلانات القبيحة المنتشرة على جوانبها. ولكن مع ازدياد عدد السيارات، تزداد الحاجة الى شق طرق جديدة.
وبعض السيارات، بعد سنوات من التسبُّب بالتلوُّث في خدمة مالكيها، تواصل عملها التلويثي حتى «بعد الممات.» فالسيارات المرمية والمهجورة، التي ينفر منها النظر، صارت تشكِّل مشكلة كبيرة بحيث لزم اصدار قوانين في بعض الاماكن لئلا تمتلئ منها المناطق الريفية. فهل تُصنع يوما ما السيارة المثلى المصنوعة من مواد سهلة التكرير؟ ليس انتاج سيارة كهذه محتملا في المدى المنظور.
ذكرت مؤخرا احدى الصحف ان «معظم الالمان قلقون جدا بشأن البيئة،» ولكنها اضافت ان «قليلين يفعلون شيئا حيال ذلك.» واقتُبس من مسؤول حكومي قوله: «لا احد يرى نفسه مذنبا، ولا احد مستعد ليحاسَب.» نعم، فمن الصعب حلّ المشاكل في عالم يتميز بأناس «محبّين لأنفسهم» و «غير مستعدين لأيّ اتفاق.» — ٢ تيموثاوس ٣:١-٣، عج.
ومع ذلك، لا يزال البحث عن حلول مقبولة مستمرا. فهل يجري ايجاد الحلّ الامثل للتلوُّث والسيارات يوما ما؟
-
-
ايجاد الحلّ الامثلاستيقظ! ١٩٩٦ | حزيران (يونيو) ٨
-
-
ايجاد الحلّ الامثل
تتحدث كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس، عن وقت تحلّ فيه حكومة اللّٰه السماوية كل مشاكل الجنس البشري، بما فيها الآن مشكلة التلوُّث من السيارات. فهل يزوِّد هذا الملكوت المسيَّاني، الذي تعلّم كثيرون الصلاة من اجله، الحلَّ الامثل بإنتاج سيارة لا تسبب التلوُّث ابدا؟ ام ان الحلّ الامثل سيكون بالتخلص من كل المركبات الآلية على وجه الارض؟ بما ان الكتاب المقدس لا يعطي جوابا قاطعا، فلا يسعنا الّا ان ننتظر لنرى ما سيحدث. — متى ٦:٩، ١٠.
ولكن هنالك امر واحد اكيد: لن تسمح حكومة اللّٰه بأن يشوه التلوُّث روائع الخليقة في الفردوس المسترد الذي سيجلبه الملكوت. — اشعياء ٣٥:١، ٢، ٧؛ ٦٥:١٧-٢٥.
بما ان الذين يتَّبعون كلمة اللّٰه يتدرَّبون من الآن على العيش في عالم جديد خال من التلوُّث، فكيف يجب ان يكون موقفهم من استعمال السيارات اليوم؟ عالج عدد ٢٢ حزيران ١٩٨٧ من مجلة استيقظ! (بالانكليزية) موضوع «ماذا يحدث لغاباتنا؟» وذكر ان بعض العلماء يعتقدون ان هنالك ارتباطا بين المواد الملوِّثة للهواء الموجودة في عوادم السيارات والغابات المحتضرة. فدفع ذلك احد القراء المهتمين بالمسألة الى الكتابة الى جمعية برج المراقبة سائلا عمّا اذا كان يليق بالمسيحيين، نظرا الى هذا الواقع، ان يقودوا السيارات. وتساءل عما اذا كان ذلك يُظهر التحقير لخليقة يهوه.
وكان الجواب على رسالته، جزئيا، كما يلي: «يطيع شهود يهوه بأمانة القوانين البيئية التي تفرضها السلطات الحكومية لخفض التلوُّث. (رومية ١٣:١، ٧؛ تيطس ٣:١) وإذا رغب فرد في اتخاذ اجراءات اضافية غير ما تأمر به الدولة فذلك خياره الشخصي. وإذا قرر شخص التوقف عن قيادة سيارة، فهذا شأنه الخاص. ولكنَّ المقالة في استيقظ! عبَّرت عن موقف بعض الاشخاص عندما ذكرت في الصفحة ٨: ‹يتخذ كثيرون اجراءات عملية لخفض تلوُّث الهواء الى الحد الممكن منطقيا. فيقودون سياراتهم بسرعة ابطأ، يقللون من تنقلاتهم، يشتركون مع اصحاب سيارات آخرين في ركوب سيارة واحدة كل مرة، يستعملون وقودا خاليا من الرصاص، ويطيعون القوانين المضادة للتلوُّث التي تضعها الدولة.›»
الاتزان المسيحي
يُظهر هذا الجواب الاتزان المسيحي. ويجب ان يتذكر المرء ان السيارات ليست وحدها ما يساهم في التلوُّث. فالطائرات والقطارات — وفي الواقع معظم وسائل النقل العصرية — تسبب التلوُّث. لكنَّ وسائل النقل هذه لم تصمَّم بقصد تسبيب التلوُّث عمدا. فالتلوُّث الناتج هو من تأثيراتها الجانبية، امرٌ مؤسف ولكنه ناجم عن المعرفة المحدودة وتصرُّفات البشر الناقصين.
ناقش عدد ١ كانون الثاني ١٩٩٣ من برج المراقبة هذه المسألة في الصفحة ٣١ وقال: «كشهود ليهوه، نهتم بشدة بالكثير من المشاكل البيئية التي تؤثِّر الآن في موطننا الارضي. ونحن نقدِّر، اكثر من اغلبية الناس، ان الارض خُلقت لتكون بيتا نقيا وصحيًّا لعائلة بشرية كاملة. (تكوين ١:٣١؛ ٢:١٥-١٧؛ اشعياء ٤٥:١٨) . . . وهكذا من الصواب ان نبذل جهودا متزنة ومعقولة لنتجنب ان نزيد بلا لزوم إفساد الانسان المستمر لكرتنا [الارضية] . ولكن، لاحظوا الكلمة ‹معقولة.› . . . لا يجب ان يكون شعب اللّٰه غافلا عن الامور البيئية. وقد طلب يهوه من شعبه القديم ان يتخذوا خطوات ليتخلصوا من الفضلات، خطوات لها اهمية بيئية وصحيَّة ايضا. (تثنية ٢٣:٩-١٤) وبما اننا نعرف نظرته الى اولئك الذين يهلكون الارض، فحتما لا ينبغي ان نتجاهل امورا يمكننا فعلها لحفظ البيئة نظيفة. . . . ومع ذلك، ان المدى الذي اليه يذهب المسيحي في هذا المجال هو مسألة شخصية ما لم يطلب القانون ذلك. ويتضح . . . ان البشر الناقصين يقعون بسهولة في شرك الصيرورة متطرفين. . . . [و] الجهود البشرية لإراحة الارض من مشاكلها البيئية الرئيسية، بما فيها التلوُّث، لن تنجح تماما. وقد يكون هنالك شيء من التقدم هنا وهناك، لكنَّ الحل الدائم الوحيد يتطلب تدخل اللّٰه. لهذا السبب نركز جهودنا ومواردنا على الحل الالهي، بدلا من محاولة التخفيف من الاعراض السطحية.»
يعرب المسيحيون عن الاتزان عندما يتقيدون بمبادئ الكتاب المقدس، وهم يتذكرون تفويضهم الالهي الذي يأمرهم بالكرازة برسالة ملكوت اللّٰه في كل العالم. (متى ٢٤:١٤) ولا شيء مهم او مُلحّ اكثر من ذلك! وإذا كانت وسائل النقل والاتصال العصرية تساعد المسيحيين على اتمام هذا الالتزام، فهذا سبب وجيه لكي يستغلوها جيدا. وهم في الوقت نفسه يتجنبون تسبيب تلوُّث عمدي او غير ضروري. وهكذا يحافظون على ضمير صالح امام اللّٰه والانسان على السواء.
لذلك مع اننا لا نعرف اليوم كيف ستُحلّ اخيرا مشكلة التلوُّث والسيارات، الّا اننا نعرف انها ستُحلّ. وفي الواقع، الحلّ الامثل قريب جدا.
[الاطار في الصفحة ٩]
محاربة التلوُّث
• السير على الاقدام او ركوب دراجة عندما يكون ذلك ممكنا
• الاشتراك مع اصحاب سيارات آخرين في ركوب سيارة واحدة كل مرة
• صيانة المركبات الآلية بانتظام
• الاهتمام باستعمال وقود يسبب تلوُّثا اقل
• تجنب التنقلات غير الضرورية
• القيادة بسرعات معتدلة ولكن ثابتة
• استعمال وسائل النقل العام عندما يكون ذلك ممكنا وعمليا
• اطفاء المحرِّك بدلا من تركه دائرا عندما تتوقف السيارة مدة من الوقت
-