مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٩ ٢٢/‏٦ ص ٢٠-‏٢٥
  • كان اللّٰه معينا لنا

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • كان اللّٰه معينا لنا
  • استيقظ!‏ ١٩٩٩
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • تربية دينية
  • تعلُّم الحق وتطبيقه
  • استخدام التخطيط في الكرازة
  • وقت امتحان شديد
  • الحياة في المخيَّمات
  • كيف كرزنا
  • التحرُّر والعودة الى ماپوتو
  • الاتزان في تحمل المسؤوليات
  • البركات من اللّٰه تستمر
  • خدمة يهوه في وقت مناسب وغير مناسب
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٠
  • يهوه يهتم بنا دائما
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٣
  • الفيضانات في موزمبيق —‏ كيف اعتنى المسيحيون بالضحايا
    استيقظ!‏ ٢٠٠١
  • الجزء ٤ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٩
ع٩٩ ٢٢/‏٦ ص ٢٠-‏٢٥

كان اللّٰه معينا لنا

كما رواه فرنسيسكو كوانا

حذرني اخي:‏ «اذا رفضتَ اطاعة السلطات،‏ فستُعدم!‏».‏

فاعترضت قائلا:‏ «سيكون ذلك افضل بكثير من العيش في هذه الظروف الرهيبة».‏

دارت هذه المحادثة بيني وبين اخي الاكبر في ايلول (‏سبتمبر)‏ سنة ١٩٧٥.‏ وكان قد جاء ليجلب لي الطعام اثناء سجني في ماپوتو (‏التي كان اسمها في ذلك الوقت لورنسو ماركيس)‏،‏ في جنوب موزمبيق.‏ كنا اكثر من ١٨٠ سجينا،‏ معظمهم من شهود يهوه،‏ محشورين في زنزانة واحدة.‏ وقد غضب اخي علي كثيرا حتى انه لم يترك لي الطعام الذي جلبه!‏

لمساعدتكم على فهم هذا اللقاء المشحون عاطفيا،‏ دعوني اعود الى الوراء وأوضح كيف انتهى بي المطاف الى السجن.‏

تربية دينية

ولدتُ سنة ١٩٥٥ في عائلة مشيخية في قرية كالانڠا في منطقة مانيكا،‏ التي لا تبعد عن مدينة ماپوتو الكبيرة.‏ ورغم ان والدي لم يكن يذهب الى الكنيسة،‏ كانت امي تذهب مصطحبة اولادها الخمسة ايام الآحاد.‏ ومنذ صغرنا،‏ لقنتنا الصلاة الربانية،‏ وكنت اتلوها غالبا.‏ (‏متى ٦:‏٩-‏١٢‏)‏ وحين كنت صبيا صغيرا،‏ طرحت على امي اسئلة مثل:‏ «لماذا نموت؟‏» و «هل يجب ان يموت الناس دائما؟‏».‏

قالت امي ان الموت هو جزء من قصد اللّٰه وإن الذين يعملون السيئات يذهبون الى الهاوية النارية والذين يعملون الصلاح الى السماء.‏ لم اجِبها،‏ لكنَّ ما قالته احزنني.‏ فواقع الموت القاسي ازعجني،‏ وخصوصا بعد ان مات والدنا الحبيب عندما كنت في العاشرة من عمري فقط.‏ ونمت بعد ذلك رغبتي في معرفة حالة الموتى وفي ما اذا كان هنالك ايّ رجاء لهم.‏

تعلُّم الحق وتطبيقه

بُعيد موت ابي،‏ استعمل احد اساتذتنا في المدرسة كتاب من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود ليعلِّم صفنا.‏ وهذا الكتاب،‏ الذي اصدرته جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس،‏ كان باللغة الزولوية،‏ احدى لغات جنوب افريقيا.‏ وقد سمح لي الاستاذ باستعارته.‏ ورغم انني لم اكن اجيد الزولوية،‏ فرحت بما تعلمته من آيات الكتاب المقدس المذكورة.‏

عندما كنت في الـ‍ ١٦ من عمري،‏ استُدعي اخي الذي كان يعيل العائلة للالتحاق بالخدمة العسكرية.‏ فبدأت العمل في شركة عطور في ماپوتو والذهاب الى مدرسة تقنية في الليل.‏ وأثناء استراحة الغداء في العمل،‏ كنت اراقب تيوفيلو تشيوليلي،‏ شخص من شهود يهوه؛‏ لقد كان يقرأ الكتاب المقدس دائما.‏ وعندما لاحظ تيوفيلو اهتمامي،‏ ابتدأ يتحدث اليَّ.‏

ولاحقا،‏ باشر شاهد آخر يدعى لويش بيلا درسا في الكتاب المقدس معي.‏ وشعرت بالراحة حين علمت ان الموتى لا يعون شيئا على الاطلاق وان لديهم رجاء العودة الى الحياة بالقيامة.‏ (‏جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠؛‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فكتبت فورا الى امي وزوَّدتها بأجوبة من الكتاب المقدس عن الاسئلة التي كنت قد طرحتها عليها.‏ فسرَّها ان تعلم بأنني وجدت اخيرا اجوبة موثوقا بها.‏

ودفعتني شدة تحمسي لما كنت اتعلمه الى إخبار الآخرين به.‏ وسُمح لي بإلقاء خطابات مؤسسة على الكتاب المقدس في المدرسة لكن ليس في الكنيسة.‏ وسرعان ما صرت غير مُرحَّب بي في الكنيسة.‏ حتى ان بعض اعضاء عائلتي بدأوا يضطهدونني،‏ رغم ان امي كانت مسرورة بمعتقداتي الجديدة.‏ أما اخي فضربني ضربا مبرِّحا.‏ لكن حين لم تسفر هذه المقاومة عن شيء،‏ بدأ اعضاء العائلة يستهزئون بي،‏ وخصوصا عندما كانوا يشاهدونني اصلِّي عند وجبات الطعام.‏ لذلك صرت اصلِّي في الحمام قبل ان آتي لتناول الطعام.‏ وشعرت بأن «اللّٰه معين لي».‏ —‏ مزمور ٥٤:‏٤‏.‏

ثم مُنع لويش من المجيء الى منزلنا ليدرس الكتاب المقدس معي.‏ فصرنا ندرس في منزله.‏ وعندما بدأت احضر اجتماعات الجماعة وأشارك في عمل الكرازة،‏ كنت اجد الباب مقفلا في وجهي عند رجوعي الى البيت.‏ وعلى اثر ذلك،‏ صرت اقضي الليل في بيوت الشهود.‏

اخيرا،‏ في ١٣ ايار (‏مايو)‏ ١٩٧٣،‏ رمزت الى انتذاري ليهوه اللّٰه بالمعمودية في الماء.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كانت موزمبيق تحت النظام الاستعماري الپرتغالي،‏ الذي كان قد حظَّر عمل شهود يهوه في الپرتغال وكل مستعمراتها.‏ وفي ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٧٤،‏ صرت فاتحا،‏ كما يدعو شهود يهوه المبشرين كامل الوقت.‏ وبما ان هدفي كان ان اصبح مرسلا،‏ بدأت ادرس الانكليزية لكي اكون مؤهّلا لحضور مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس،‏ في الولايات المتحدة،‏ من اجل نيل التدريب الارسالي.‏

استخدام التخطيط في الكرازة

خلال سنوات الحظر،‏ سجنت شرطة الاستعمار الپرتغالية،‏ الـ‍ PIDE،‏ شهودا كثيرين بسبب الكرازة.‏ لذلك استخدمنا التخطيط في العمل للحؤول دون اكتشافنا.‏ على سبيل المثال،‏ كنا نبشر بيتا ثم نذهب الى آخر في منطقة مختلفة.‏ وعلاوة على ذلك،‏ كان يذهب اثنان منا الى حديقة عامة في المدينة اثناء استراحة الغداء او في المساء.‏ فيجلس واحد منا قرب شخص ويبدأ بقراءة الصحيفة.‏ وبعد قليل يجلس الثاني ويتفحص الصحيفة ويقول شيئا مثل:‏ «يا للهول!‏ انظر الى عدد الناس الذين ماتوا!‏ لكن أتعلم انه في ظل حكم الملكوت لن يحدث ذلك مجددا؟‏».‏

ويستمر الحديث فيطلب قارئ الصحيفة برهانا من الكتاب المقدس على صحة اقوال الآخر.‏ ثم نرتّب للقاء في اليوم التالي لمتابعة المناقشة.‏ وبهذه الطريقة كنا نتمكَّن غالبا من اثارة اهتمام الشخص الجالس بقربنا فيشاركنا في محادثاتنا بشأن نبوات الكتاب المقدس.‏ وقد ادّى ذلك الى عقد دروس كثيرة في الكتاب المقدس.‏ وكم كنا شاكرين للّٰه على مساعدتنا!‏

وقت امتحان شديد

في ٢٥ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٧٤،‏ انتهى الحكم الديكتاتوري في الپرتغال،‏ وحصلت تغييرات سياسية كثيرة في المستعمرات الپرتغالية.‏ ففي موزمبيق مُنح العفو للسجناء السياسيين وأيضا للشهود الذين سجنوا بسبب حيادهم السياسي.‏ لكن في ٢٥ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٧٥،‏ اي بعد ١٤ شهرا فقط،‏ اعلنت موزمبيق استقلالها عن الپرتغال.‏ ولم تمض ايام قليلة حتى بدأت حملة اضطهادات جديدة ضد الشهود.‏ فقد جرى حث الناس على اعتقال كل شاهد يعثرون عليه في منطقتهم،‏ وصُوِّرنا ك‍ «عملاء خلّفهم الاستعمار الپرتغالي».‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ أُجبرتُ على حضور اجتماع عقدته مجموعة من جيراننا.‏ عند وصولي،‏ اكتشفت ان كل الذين معي في فريق درس الكتاب المقدس كانوا هناك.‏ وأُمرنا ان نردِّد شعارات سياسية تمجد الحزب الحاكم.‏ وعندما أحجمنا عن فعل ذلك باحترام،‏ أُخذنا الى السجن ووُضعنا في الزنزانة المكتظة بالسجناء التي ذكرتها في مستهل المقالة.‏

كانت الزنزانة مكتظة الى حد اننا لم نكن نستطيع الحراك.‏ ولكي ينام قليلون،‏ كان على الآخرين ان يقفوا او يجلسوا.‏ لم يكن يوجد سوى مرحاض واحد،‏ وغالبا ما كان مسدودا،‏ حتى انه كان يطفح،‏ باعثا رائحة نتنة فظيعة.‏ وتألف طعامنا من المعكرونة المشبعة بالزيت والمليئة بعظام السمك وبالذباب الازرق الكبير،‏ وكان علينا ان نأكله بأيدٍ غير مغسولة.‏ وقد تحمل الاشخاص الـ‍ ١٨٠ الذين كنت بينهم هذه الظروف الرهيبة مدة ١٩ يوما.‏ ثم نُقلنا الى مكان احتُجز فيه الشهود فقط،‏ رجالا،‏ نساء،‏ وأولادا.‏ وفي غضون الاشهر القليلة التي تلت،‏ مات اولاد كثيرون بسبب ظروف السجن المروِّعة.‏

في النهاية،‏ قررت الحكومة بهدف عزلنا،‏ نفي الشهود الى كاريكو،‏ منطقة بعيدة في الشمال.‏ في ذلك الوقت،‏ كان هنالك نحو ٠٠٠‏,٧ شاهد في موزمبيق،‏ اعتمدت نسبة كبيرة منهم سنة ١٩٧٤ و ١٩٧٥.‏ وإذ ادركنا حاجتنا الى مطبوعات الكتاب المقدس في عزلتنا،‏ حصلتُ على اذن في العودة الى البيت لجمع بعض الطعام والمقتنيات من اجل الرحلة.‏ لم يكن الشرطي الذي يرافقني يراقبني،‏ فأفرغت بعض العلب جزئيا من الحلويات ووضعت مطبوعات الكتاب المقدس في قعرها.‏ وفي اوقات كهذه،‏ لم نخف.‏ لقد وثقنا بمساعدة اللّٰه.‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏٦‏.‏

الحياة في المخيَّمات

وصلنا الى كاريكو في كانون الثاني (‏يناير)‏ سنة ١٩٧٦،‏ ووجدنا شهودا كثيرين من ملاوي المجاورة يعيشون في المخيَّمات التي كانوا قد بنوها.‏ فمنذ سنة ١٩٧٢ حتى سنة ١٩٧٥،‏ هرب اكثر من ٠٠٠‏,٣٠ شخص،‏ بينهم اولاد،‏ من الاضطهاد الديني الوحشي في ملاوي.‏ وسُمح لهم بأن يدخلوا شمال موزمبيق كلاجئين.‏ وعندما وصلنا،‏ شاركونا في منازلهم ومؤنهم الشحيحة.‏

وبما ان معظمنا لم يكن لديه خبرة في البناء،‏ علَّمنا اخوتنا من ملاوي كيف نبني بيوتنا بصنع الآجر واستعماله مع نبات الدغل.‏ كما علمونا كيف نزرع ونقوم بأمور اخرى للعناية بأنفسنا.‏ وهكذا تعلمت النجارة،‏ الزراعة،‏ والخياطة.‏ وبرهنت هذه المهارات المكتسبة انها مفيدة لكثيرين منا عندما رجعنا لاحقا الى مدن منشئنا.‏

كان اهتمامنا الرئيسي ان نحافظ على روحياتنا،‏ ويجب ان اقول انه لم ينقصنا قط الطعام الروحي.‏ فكيف كان ذلك ممكنا؟‏ كما اشير سابقا،‏ عندما نُفينا،‏ اخترع العديد منا طرائق لجلب مطبوعات الكتاب المقدس مع مقتنيات اخرى.‏ وطبع ايضا شهود يهوه في جنوب افريقيا نُسخا بالغة الصغر من مجلة برج المراقبة بحيث صار اخذها الى المخيَّمات اسهل.‏

بعد تقديم عرائض كثيرة،‏ سُمح لنا بعقد اول زواج في المخيَّمات في ١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٧٨.‏ وفي ذلك اليوم تزوجت بأليتا شيلوليه،‏ التي كان والدها اول المعتمدين في ماپوتو سنة ١٩٥٨.‏ وعندما رزقنا بدوركاس وسامويل،‏ علَّمناهما ان يحبا يهوه،‏ وكنا نأخذهما قانونيا معنا الى اجتماعاتنا المسيحية.‏ ولاحقا،‏ رُزقنا بطفل آخر دعوناه جايميتو.‏

كيف كرزنا

مُنح الشهود الإذن في مغادرة المخيَّمات لبيع السلع،‏ بما فيها الطعام الذي كانوا ينتجونه.‏ وقد استغل العديد منا هذه الفرصة للكرازة.‏ وكنت اتعمد ان اطلب سعرا غاليا للملح لكي لا يشتريه احد.‏ لكنَّ عددا لا بأس به من الذين قابلتهم تجاوبوا مع رسالة الملكوت،‏ فباشرت دروسا عديدة في الكتاب المقدس.‏

وتحدث احد تلامذتي للكتاب المقدس الى مدير شركة في بلدة ميلاندجي القريبة فأظهر هذا الاخير الاهتمام بالكتاب المقدس.‏ وعندما علمت بذلك،‏ بعثت برسالة الى المدير.‏ فما كان منه إلّا ان دعاني الى زيارته.‏ فخبأت مطبوعات الكتاب المقدس معي وباشرت رحلتي،‏ وقد بدا انني ذاهب لأبيعه بعض الاثاث الذي صنعته.‏

عندما وصلت،‏ وجدت جنودا يحرسون البيت؛‏ فتوجَّست شرا.‏ لكنَّ الرجل خرج وأعلم الجنود انه لا يشاء ان يزعجه احد.‏ فبدأنا درس الكتاب المقدس في الساعة الخامسة من ذلك المساء،‏ ولشدة اهتمامه لم ننته حتى الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي!‏ لاحقا،‏ عرض ان يتسلّم مطبوعاتنا من الپرتغال بواسطة بريده غير المراقب.‏ ثم كان يعطيني المطبوعات فآ‌خذها الى المخيَّم.‏

لقد اعتُقل بعضنا مرات عديدة بسبب نشاطنا الكرازي.‏ لكن عندما تجاوب كثيرون مع رسالة الملكوت،‏ وثقنا ان اللّٰه يساعدنا،‏ تماما كما ساعد المسيحيين في القرن الاول.‏ —‏ اعمال،‏ الاصحاحات ٣-‏٥‏.‏

التحرُّر والعودة الى ماپوتو

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٨٥،‏ بعد التأمل في الظروف بروح الصلاة،‏ تقرر تنظيم خروج جماعي من المخيَّمات.‏ ورغم ان البعض بقوا في مخيَّمات كاريكو منعزلين عن باقي الشهود طوال السنوات السبع التالية،‏ فقد هرب الآخرون الى ملاوي وزامبيا.‏ وقررت انا وزوجتي ان نذهب وأولادنا الى بلدة ميلاندجي القريبة.‏ وهناك حصلت على وظيفة ومكان للسكن،‏ وتابعنا خدمتنا.‏ وفي السنة التالية عدنا اخيرا الى ماپوتو.‏

في البداية،‏ عشنا مع الاقرباء.‏ وكان من الصعب العثور على عمل،‏ ولكن مع مرور الوقت نجحت في مسعاي.‏ وكانت أليتا تبيع الفستق المحمَّص لتزيد من مدخولنا الضئيل.‏ وإذ تحسنت لغتي الانكليزية قدَّمت طلبا للحصول على وظيفة في السفارة البريطانية.‏ نجحت في الفحص وجرى استخدامي بأجر يفوق الاجر الذي كنت اتقاضاه سابقا ٢٠ ضعفا!‏ لقد شعرت حقا ان يهوه اعانني،‏ وشكرته في صلاتي على ذلك.‏

الاتزان في تحمل المسؤوليات

اخيرا،‏ في ١١ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩١،‏ منحت حكومة موزمبيق شهود يهوه الاعتراف الشرعي.‏ انه حقا تاريخ لا يُنسى!‏ وفي السنة التالية دُعيت لأخدم كعضو في اللجنة المشرفة على عمل شهود يهوه الكرازي في موزمبيق.‏ في هذه الاثناء،‏ كان اولادنا في الـ‍ ١٢،‏ الـ‍ ٩،‏ والـ‍ ٦ فقط من عمرهم.‏ فقضيت الليل اصلي طالبا الحكمة من يهوه لأتخذ القرار الذي يعكس الاتزان الملائم في تحمل المسؤوليات المتعلقة بالعائلة والهيئة على السواء.‏

تمكَّنا من الحصول على مقطورة صغيرة استعملناها في مشروع تجاري.‏ فاستخدمنا عددا من الفاتحين لتحضير وبيع السندويشات،‏ وازدهر العمل.‏ وهكذا كان لدي الوقت للاهتمام بامتيازاتي التنظيمية الجديدة.‏ كنا ايضا بحاجة الى منزل،‏ اذ لم يعد باستطاعتي الاستمرار في استئجار البيت حيث كنا نعيش.‏ لذلك حضَّرت طلبا للسلطات،‏ واصفا وضع عائلتي.‏ وسرعان ما تسلمنا موافقة على امتلاك بيت.‏ وانتشر الخبر وذاع،‏ فقد كنت اول شخص موزمبيقي يشتري منزلا من الحكومة.‏

وقد جرت مباركتنا انا وأليتا بأولاد تجاوبوا مع برنامجنا التعليمي الروحي.‏ (‏تثنية ٦:‏٦-‏٩‏)‏ فقد جرت العادة ان نناقش آية الكتاب المقدس اليومية في الساعة الخامسة والاربعين دقيقة صباحا،‏ ثم نقرأ بعد ذلك الكتاب المقدس معا.‏ ولأن الاولاد يذهبون باكرا الى المدرسة،‏ فقد اعتادوا هذا البرنامج الصباحي الباكر.‏ ويوم الجمعة،‏ عند الساعة السادسة مساء،‏ نعقد درسنا العائلي.‏ فيناقش الاولاد معنا مواضيع من الكتاب المقدس اجروا عنها بحثا خلال الاسبوع.‏ ونستفيد من هذا الوقت ايضا لنتمرن على المقدمات التي نستعملها في الخدمة.‏

اولادنا جميعهم معتمدون.‏ ويخدم دوركاس وسامويل كفاتحين منذ سنة ١٩٩٤.‏ أما جايميتو فمنذ معموديته يخدم كفاتح اضافي.‏ لا يزال الاولاد في المدرسة،‏ وكل واحد منهم لديه هدف زيادة خدمته في المستقبل.‏ وتقسم أليتا وقتها بين الفتح والاعتناء بالمنزل.‏ أما انا،‏ فقد خدمت كفاتح لسنوات كثيرة،‏ بينها السنوات التي قضيناها في المخيَّمات.‏ لكن منذ سنة ١٩٩٣،‏ اعمل في مكتب الفرع لشهود يهوه خلال النهار.‏

البركات من اللّٰه تستمر

سنة ١٩٩٧،‏ حصلت على بركة عظيمة،‏ بركة حضور مقرَّر لشهرين لأعضاء لجان الفروع.‏ أُعطي المقرَّر في الولايات المتحدة في المركز الثقافي لبرج المراقبة في پاترسن،‏ نيويورك.‏ وهكذا كوفئت جهودي لتعلُّم الانكليزية مرة اخرى.‏ وفي طريق العودة الى موطني،‏ تمكَّنت من زيارة خدام ليهوه في البلدان الاخرى،‏ وكم جعل ذلك قلبي يطفح بالتقدير لأخوَّتنا العالمية!‏

وهذه المحبة نفسها بين المسيحيين الحقيقيين ساهمت في اجتذاب آلاف الاشخاص الآخرين المخلصين الى معاشرة شهود يهوه في موزمبيق.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ فالـ‍ ٠٠٠‏,٧ شخص تقريبا الذين كانوا يكرزون عندما نُفينا الى المخيَّمات،‏ صاروا الآن اكثر من ٠٠٠‏,٢٩ شخص يكرزون ببشارة ملكوت اللّٰه في كل انحاء موزمبيق.‏ وهم يجتمعون في اكثر من ٦٦٥ جماعة،‏ في حين انه لم يكن يوجد سوى ٤ جماعات سنة ١٩٥٨.‏

في سنة ١٩٩٣ جرت الموافقة على تصاميم لبناء مكتب فرع في ماپوتو يتسع لأكثر من ٧٥ خادما ويهتم بالانتشار الرائع للعبادة الحقة في موزمبيق.‏ وقد استغرق انتهاء المشروع اربع سنوات.‏ وفي ١٩ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٨،‏ كان فرحنا عارما حين حضر ٠٩٨‏,١ شخصا من بلدان عديدة لتدشين هذه التسهيلات الجميلة.‏ في البرنامج،‏ كان لديّ امتياز اجراء مقابلات مع الذين قضوا سنوات في المنفى في كاريكو.‏ وطلبت من الذين نُفوا الى هناك ان يرفعوا ايديهم،‏ وتأثر الحضور جدا عندما رأوا مئات الايادي تعلو.‏

في اليوم التالي حضر حشد من ٥٢٥‏,٨ شخصا في قاعة ماتولا للمحافل لمراجعة برنامج التدشين،‏ التقارير المشجعة من البلدان الاخرى،‏ والخطابات المؤسسة على الكتاب المقدس التي ألقاها زائرون قادمون من المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه في بروكلين،‏ نيويورك.‏

منذ عرفت حق الكتاب المقدس وأنا بعد مراهق،‏ واجهت المقاومة العائلية،‏ التهديدات بالاعدام،‏ واضطهادا مروِّعا جعلني احيانا افضل الموت على الحياة.‏ لكنني رغم ذلك،‏ فرحت لأن نتائج هذه الاختبارات صقلت علاقتي بيهوه.‏ فعلا،‏ كما قال صاحب المزمور في الكتاب المقدس:‏ «اللّٰه معين لي.‏ الرب بين عاضدي نفسي».‏ (‏مزمور ٥٤:‏٤‏)‏ لقد كان امتيازا لا يُضاهى لعائلتي ولي ان نخدم يهوه الى جانب عائلة عبّاده في كل العالم.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

شهود امام قاعة الملكوت التي بُنيت حين كانوا في المنفى

‏[الصورة في الصفحة ٢٤]‏

الذين كانوا في مخيَّمات كاريكو رفعوا ايديهم

‏[الصورة في الصفحة ٢٥]‏

نتمتع بدرسنا العائلي للكتاب المقدس

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة