-
كتاب يستحق ثقتكاستيقظ! ٢٠١١ | كانون الثاني (يناير)
-
-
تاريخ موثوق به
الالقاب والمصطلحات.
غالبا ما تتجلّى دقة التاريخ من خلال تفاصيل كالعادات، آداب السلوك، وأسماء وألقاب الرسميين. فكيف يتضح ذلك في سفرَي الكتاب المقدس الاولين التكوين والخروج؟ تعليقا على قصة يوسف ابن الاب الجليل يعقوب الواردة في سفر التكوين، وكذلك على سفر الخروج، يقول ج. ڠارو دنكن في كتابه نظرة جديدة الى الاصول العبرانية (بالانكليزية): «كان [كاتب الكتاب المقدس] ملمًّا كل الالمام بالشؤون المصرية مثل اللغة، الاعراف، المعتقدات، الحياة في البلاط، آداب السلوك، والامور المتعلقة بفئة الموظفين». ويردف قائلا: «يستخدم [الكاتب] اللقب الصحيح الشائع في الفترة المشار اليها وبالطريقة عينها التي درجت آنذاك. . . . في الواقع، ان اقوى دليل على مصداقية الكتبة ودرايتهم التامة بالشؤون المصرية في العهد القديم هو استعمال الكلمة فرعون في حقبات مختلفة». ويذكر دنكن ايضا: «عندما يأتي [الكاتب] بالشخصيات الى حضرة فرعون، تراهم يتقيدون بآداب السلوك اللائقة في البلاط وينطقون بالتعابير المناسبة».
لا تزال مصر تستخدم اللِّبن المجفف تحت الشمس الذي يشكّل التبن احد مكوّناته
صنع اللِّبن.
خلال العبودية في مصر، كان الاسرائيليون يصنعون اللِّبن من الملاط (الطين) المخلوط بالتبن الذي يساهم في تماسك المزيج. (خروج ١:١٤؛ ٥:٦-١٨)a والجدير بالذكر ان كتاب المواد والصناعات في مصر القديمة (بالانكليزية) اورد منذ سنوات: «قليلة هي الاماكن التي نشط فيها [صنع اللِّبن] اكثر من مصر، حيث كان وما زال اللِّبن المجفف تحت الشمس مادة البناء التي يمتاز بها البلد». وتطرّق الكتاب ايضا الى «عادة استعمال المصريين التبن في صنع اللِّبن»، مؤكدا بالتالي صحة هذا التفصيل الاضافي المسجّل في الكتاب المقدس.
مرآة وموسًى هما جزء من عدة حلاقة مصرية
حلاقة الذقن.
اعتاد الرجال العبرانيون في الازمنة القديمة ان يطلقوا لحاهم. لكنّ الكتاب المقدس يخبرنا ان يوسف حلق ذقنه قبيل مثوله امام فرعون. (تكوين ٤١:١٤) ولمَ فعل ذلك؟ مراعاة للعادات وآداب السلوك المصرية التي اعتُبر بموجبها شعر الوجه دليلا على القذارة. يروي كتاب الحياة اليومية في مصر القديمة (بالانكليزية) ان المصريين «كانوا يتباهون بذقونهم الحليقة». وفي الواقع، اكتُشفت في القبور ادوات حلاقة تضم مواسي وملاقط ومرايا مع علبها. فمن الواضح ان موسى كان مؤرخا شديد العناية بالتفاصيل. ويصح الامر عينه في غيره من كتبة الكتاب المقدس الذين وثّقوا احداثا مرتبطة بمصر القديمة.
النشاطات التجارية.
كشف ارميا، كاتب سفرَي الملوك، تفاصيل محددة حول تجارة الملك سليمان بالخيل والمركبات مع المصريين والحثيين. فالكتاب المقدس يخبرنا ان العربة كانت تثمَّن «بست مئة من الفضة، والفرس بمئة وخمسين»، اي ربع ثمن العربة. — ١ ملوك ١٠:٢٩.
ووفقا لكتاب علم الآثار والديانة الاسرائيلية (بالانكليزية)، يؤكد كل من المؤرخ اليوناني هيرودوتُس واكتشافات علم الآثار ان الاتجار بالخيل والمركبات ازدهر خلال حكم سليمان. وفي الواقع، يذكر هذا الكتاب: «اعتُمد مقياس ثابت قويضت بموجبه اربعة احصنة . . . بعربة مصرية واحدة»، ما يثبت صحة الرقمين المدوَّنين في الكتاب المقدس.
المسائل الحربية.
يأتي ارميا وعزرا على ذكر غزو يهوذا بقيادة الفرعون شيشق محددَين تاريخ حدوثه «في السنة الخامسة للملك رحبعام [ملك يهوذا]»، اي سنة ٩٩٣ قم. (١ ملوك ١٤:٢٥-٢٨؛ ٢ اخبار الايام ١٢:١-١٢) وعلى مر فترة طويلة من الزمن، بقي الكتاب المقدس المرجع الوحيد الذي يتحدث عن هذا الغزو الى ان اكتُشف نقش ناتئ على حائط معبد مصري في الكرنك (طيبة القديمة).
ويصوّر هذا النقش شيشق واقفا امام الاله آمون وذراعه مرفوعة فيما يضرب الاسرى بعنف. كما يتضمن اسماء المدن والبلدات الاسرائيلية المهزومة التي قُرن العديد منها بمواقع في الكتاب المقدس. علاوة على ذلك، يشير النقش الى «حقل أبرام»، وهو اقدم ذكر للاب الجليل ابراهيم في السجلات المصرية. — تكوين ٢٥:٧-١٠.
من الواضح اذًا ان كتبة الكتاب المقدس لم يحيكوا قصصا من نسج الخيال. فهم ادركوا انهم سيؤدون حسابا للّٰه، ما دفعهم الى قول الحقيقة دون سواها حتى لو لم تخدم مصلحتهم، كما في حالة انتصارات شيشق في يهوذا. وتتباين هذه الشفافية في الكتابة تباينا صارخا مع الروايات المموَّهة والمضخَّمة للكتبة المصريين قديما الذين أبوا ان يدوّنوا ما قد يشوّه سمعة حكامهم او يحطّ من قدر شعبهم.
-