مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • جهازنا المناعي —‏ اعجوبة الخلق
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٢
    • الخلايا البُلعمية واللمفاوية —‏ الاسلحة الكبيرة!‏

      ولكنّ هذه هي مجرد مناوشات بالمقارنة مع المعارك التي تحتدم كرًّا وفرًّا حالما تخترق العضويات الغريبة هذه الدفاعات الخارجية وتدخل مجرى الدم وأنسجة او سوائل الجسم.‏ فقد غزت منطقة الاسلحة الكبيرة للجهاز المناعي —‏ الكريَّات البيض التي يبلغ عددها تريليونَيْن.‏ واذ تولَد في نِقْي العظم —‏ نحو مليون كل ثانية —‏ فانها تبرز لتنضج وتشكل ثلاثة اقسام متميِّزة:‏ الخلايا البُلعمية ونوعين من الخلايا اللمفاوية،‏ اي الخلايا التائية T cells (‏ثلاثة انواع رئيسية —‏ الخلايا المساعِدة،‏ الكابتة،‏ والفاتكة)‏ والخلايا البائية B cells.‏

      والآن،‏ قد يكون لدى الجهاز المناعي جيش يبلغ التريليونات،‏ ولكنّ كل جندي يمكنه ان يقاوم طائفة واحدة فقط من الغزاة.‏ وخلال المرض يمكن ان تُنتج ملايين الجراثيم germs،‏ وكل واحدة من هذه الجراثيم سيكون لديها النوع نفسه من مولد الضد antigen.‏ لكنّ الامراض المختلفة،‏ وحتى الانواع المختلفة من المرض نفسه،‏ لديها مولدات ضد مختلفة.‏ وقبل ان يكون بامكان الخلايا التائية والخلايا البائية ان تهجم على هؤلاء الغزاة،‏ لا بد ان تكون لها مستقبِلات receptors يمكن ان ترتبط في مولدات الضد الخاصة بهم.‏ لذلك،‏ بين الخلايا التائية والخلايا البائية،‏ لا بد ان تكون هنالك مستقبِلات مختلفة كثيرة،‏ مستقبِلات خاصة بمولدات الضد لكل مرض مختلف —‏ لكنّ كل خلية تائية وخلية بائية فردية لها مستقبِلات خاصة بمولد ضد مَرَضي واحد فقط.‏

      يقول دانيال ا.‏ كوشلاند الاصغر،‏ رئيس تحرير مجلة العلم،‏ حول هذه النقطة:‏ «صُمِّم الجهاز المناعي لتمييز الغزاة الغرباء.‏ ولفعل ذلك يُنتج نحو ١٠ ١١ (‏٠٠٠‏,٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠٠)‏ نوع مختلف من المستقبِلات المناعية بحيث انه مهما كان شكل او نوع الغازي الغريب تكون هنالك مستقبِلة متمِّمة معيَّنة تميِّزه وتقوم بازالته.‏» (‏العلم،‏ ١٥ حزيران ١٩٩٠،‏ الصفحة ١٢٧٣)‏ وهكذا فان هنالك مجموعات من الخلايا التائية والخلايا البائية التي،‏ في ما بينها،‏ يمكن ان تطابق كل مولد ضد مَرَضي يدخل جسمنا —‏ تماما كما يوافق المفتاحُ القفلَ.‏

      فلنوضح ذلك.‏ صانعا اقفال يعملان على نحو مستقل تماما احدهما عن الآخر.‏ فيصنع احدهما ملايين الاقفال من جميع الانواع ولكن من دون مفاتيح.‏ ويصنع الآخر ملايين المفاتيح من جميع الاشكال ولكن من دون اقفال.‏ والآن تُلقى بلايين الاقفال والمفاتيح في حاوية ضخمة وتُهزّ جيدا،‏ فيجد كل مفتاح قفلا ويدخل فيه.‏ مستحيل؟‏ اعجوبة؟‏ يبدو الامر كذلك.‏

      وكالاقفال بثقوب مفاتيحها،‏ تغزو ملايين الجراثيم بمولداتها للضد جسمكم وتسري بواسطة مجرى دمكم وجهازكم اللمفاوي.‏ وكملايين المفاتيح،‏ تسري خلاياكم المناعية بمستقبِلاتها ايضا هناك وتتوافق مع مولدات الضد المطابقة التي للجراثيم.‏ مستحيل؟‏ اعجوبة؟‏ يبدو الامر كذلك.‏ ولكنّ الجهاز المناعي مع ذلك ينجز هذا الامر.‏

      لكل فئة من الخلايا اللمفاوية دورها الخصوصي لتقوم به في محاربة الخمج infection.‏ والخلايا التائية المساعِدة helper T cells (‏احدى الخلايا التائية الرئيسية الثلاث)‏ انما هي حاسمة.‏ فهي الخلايا التي تنسِّق ردود الفعل المختلفة للجهاز المناعي،‏ موجِّهة استراتيجية المعركة.‏ واذ يثيرها وجود مولدات ضد معادية،‏ تجمع الخلايا التائية المساعِدة بواسطة اشارات كيميائية (‏پروتينات تدعى لِمفوكينات lymphokines)‏ جند الجهاز المناعي وتزيد قواتها المسلَّحة بالملايين.‏ وللمناسبة،‏ فان الخلايا التائية المساعِدة هي التي يخصّها ڤيروس الأيدز بالهجوم.‏ وحالما يجري هزمها،‏ يصير الجهاز المناعي في الواقع عاجزا،‏ مما يَترك ضحية الأيدز معرَّضة لكل انواع الامراض.‏

      ولكن،‏ في هذا الوقت،‏ تأملوا في دور الخلية التائية المساعِدة مع الخلايا البُلعمية،‏ التي هي كاسحات.‏ واسمها يعني «الخلايا الآكلة.‏» وهي ليست صعبة الارضاء —‏ فهي تأكل كل ما يبدو مشتبها فيه،‏ سواء كان عضويات دقيقة غريبة،‏ خلايا ميتة،‏ او كِسَرا متجمعة اخرى.‏ وهي تعمل كجيش يدافع ضد الجراثيم المَرَضية وأيضا كمصلحة تنظيفات تلتهم الزبالة.‏ وتأكل ايضا الملوِّثات من دخان السجائر التي تسوِّد الرئتين.‏ واذا استمر التدخين فترة طويلة من الوقت،‏ يُهلك الدخان الخلايا البُلعمية بأسرع مما يمكن انتاجها.‏ ولكنّ بعض وجبات هذه الخلايا الآكلة عسِر الهضم،‏ وحتى مميت —‏ غبار السليكا وألياف الأسبستوس،‏ على سبيل المثال.‏

      والخلايا البُلعمية نوعان،‏ العَدِلات neutrophils والبلاعم الكبيرة macrophages.‏ وينتج نِقْي العظم نحو مئة بليون عَدِلة يوميا.‏ وهي تعيش اياما قليلة فقط،‏ ولكن خلال الخمج،‏ ترتفع اعدادها فجأة،‏ اذ تزداد خمسة اضعاف.‏ وكل عَدِلة يمكن ان تبتلع وتهلك ما يصل الى ٢٥ من البكتريا ثم تموت،‏ لكنّ الاستبدال يأتي في دفق مستمر.‏ أما البلاعم الكبيرة فيمكن ان تُهلك مئة غازٍ قبل ان تموت.‏ وهي اكبر،‏ امتن،‏ وتعيش فترة اطول من العَدِلات.‏ وتستجيب بطريقة واحدة فقط للغزاة والقمامة على السواء —‏ فهي تأكلها.‏ ولكن من الخطإ التفكير في البلاعم الكبيرة بأنها فقط وحدات للتخلص من النفايات.‏ «يمكنها ان تصنِّع ما قدره ٥٠ نوعا مختلفا من الانزيمات والعميلات المضادة للميكروبات» وتعمل كحلقات اتصال بين «ليس فقط خلايا الجهاز المناعي بل ايضا الخلايا التي تُنتج الهرمونات،‏ الخلايا العصبية،‏ وأيضا خلايا الدماغ.‏»‏

      ساعدونا!‏ عدوّ في وسطنا!‏

      عندما تتناول البُلعمة الكبيرة عضوية دقيقة معادية،‏ تفعل اكثر من مجرد اكلها.‏ فككل خلايا الجسم تقريبا،‏ تحمل على سطحها جزَيْئات الـ‍ MHC التي تثبت هويتها بصفتها الذات.‏ ولكن عندما تأكل البُلعمة الكبيرة جرثومة،‏ يستطيل جزَيْء الـ‍ MHC ويَعرض كِسرة من مولد الضد المعادي هذا في احد الاخاديد على سطحها.‏ ثم يعمل هذا الشريط من مولد الضد كراية حمراء للجهاز المناعي،‏ معلنا الانذار بأن عضوية غريبة هي طليقة في داخلنا.‏

      وباعلان هذا الانذار،‏ تطلب البُلعمة الكبيرة امدادات عسكرية،‏ بلاعم كبيرة اكثر،‏ ملايين منها!‏ وهنا حيث تستجيب الخلية التائية المساعِدة.‏ فبلايين منها تجول في الجسم،‏ ولكن لا بد للبلاعم الكبيرة ان تستنفر نوعا محدَّدا.‏ فهي تحتاج الى واحد بنوع مستقبِلة يوافق مولد الضد الخصوصي الذي تَعرضه البُلعمة الكبيرة.‏

      حالما يصل هذا النوع من الخلايا التائية المساعِدة ويتصل بمولد الضد المعادي،‏ تتبادل البُلعمة الكبيرة والخلية التائية المساعِدة اشارات كيميائية.‏ وهذه المواد الكيميائية الشبيهة بالهرمونات،‏ او اللِمفوكينات،‏ هي پروتينات استثنائية تأتي بأعداد كبيرة مذهلة من الوظائف لتنظيم وتعزيز استجابة الجهاز المناعي للجراثيم المَرَضية.‏ وتكون النتيجة ان البُلعمة الكبيرة والخلية التائية المساعِدة على السواء تبدأان بالتكاثر على نحو هائل.‏ ويعني ذلك بلاعم كبيرة اكثر لتأكل عددا اكبر من الجراثيم الغازية،‏ وعددا اكبر من النوع الصائب من الخلايا التائية المساعِدة للامساك بمولدات الضد التي تَعرضها البلاعم الكبيرة هذه.‏ وهكذا تثور القوات المسلَّحة للقوى المناعية،‏ وتُهزم حشود الجراثيم المَرَضية الخصوصية هذه.‏

  • جهازنا المناعي —‏ اعجوبة الخلق
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٢
    • a تتراوح تقديرات الكريَّات البيض بين تريليون وتريليونَيْن.‏ وأعدادها تتبدل كثيرا.‏

  • الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٢
    • الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة

      لا يمكن للخلايا التائية والخلايا البائية ان تخرج مباشرة من نِقْي العظم وتنتقل الى الحرب.‏ فأسلحتها عصرية جدا.‏ والتدريب ذو التقنية المتطورة إلزامي قبل ان تمضي الى ساحة القتال.‏ فستنهمك الخلايا التائية في الحرب الحيوية.‏ وستتخصص الخلايا البائية في الصواريخ الموجَّهة.‏ وهي تحصل على تدريبها على ذلك في الكلِّيَّات التقنية للجهاز المناعي.‏

      لذلك يذهب نصف الملايين من الخلايا اللمفاوية التي يجري انتاجها كل دقيقة في نِقْي العظم الى غدة التوتة —‏ غدة صغيرة مستقرة خلف عظم القص —‏ من اجل تدريبها كخلايا تائية.‏ وفي ما يتعلق بذلك،‏ يقول كتاب الجسم المنتصر:‏ «ان الخلايا اللمفاوية التي تحضر الكلِّيَّة التقنية لغدة التوتة هي الخلايا المساعِدة helper،‏ الكابتة suppressor،‏ والفاتكة killer التي تُدعى اللمفاويات التائية (‏او الخلايا التائية)‏.‏ وهي من بين القوى المسلَّحة الاكثر ضرورة للجهاز المناعي.‏»‏

      الاجسام المضادة —‏ ٠٠٠‏,١٠ للخلية الواحدة في الثانية!‏

      ان «النصف [الآخر] من الخلايا اللمفاوية غير المدرَّبة،‏» يخبرنا الجسم المنتصر،‏ هو الخلايا البائية التي تذهب الى العقد اللمفاوية والانسجة ذات العلاقة من اجل تدريبها لتستطيع ان تصنِّع وتطلق الصواريخ الموجَّهة،‏ التي تُدعى الاجسام المضادة.‏ وعندما «تحتشد [الخلايا البائية] في هذه الانسجة،‏ تكون كالصفحات البيضاء:‏ لا تعرف شيئا،‏ ولا بد ان تتعلَّم من اللاشيء» لكي «تكتسب المقدرة لتقاوم على نحو خصوصي المواد الغريبة بالنسبة الى الجسم.‏» وفي العقد اللمفاوية،‏ فان الخلية البائية الناضجة،‏ التي تنشِّطها الخلايا التائية المساعِدة ومولد الضد ذو العلاقة،‏ «تتكاثر وتتميَّز لتشكِّل خلايا پلازمية تفرز اجساما مضادة متماثلة ذات نوعية واحدة بمعدل ٠٠٠‏,١٠ جزَيْء تقريبا للخلية الواحدة في الثانية.‏» —‏ علم المناعة.‏

      لمساعدتنا على استيعاب عِظَم ما ينجزه الجهاز المناعي،‏ تفصِّل مقالة في ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ المشكلةَ التي تواجه غدة التوتة:‏ «بطريقة ما،‏ اذ تنضج الخلايا التائية في غدة التوتة،‏ تتعلَّم الواحدة ان تميِّز مولدات الضد التي لڤيروس الكُباد hepatitis virus،‏ مثلا،‏ والاخرى ان تثبت هوية ذرّية من مولدات الضد التي للانفلونزا،‏ والثالثة ان تكتشف الڤيروس الانفي ١٤ 14 rhinovirus [ڤيروس للزكام]،‏ وهلم جرا.‏» وبعد التعليق على «المهمة المذهلة التي تواجهها غدة التوتة،‏» تقول المقالة انه في الطبيعة هنالك «مولدات ضد بمئات الملايين من الاشكال المختلفة.‏ ولا بد ان تنتج غدة التوتة مجموعة من الخلايا التائية تميِّز كل واحد.‏ .‏ .‏ .‏ وغدة التوتة تزوِّد خلايا تائية بعشرات الملايين.‏ وعلى الرغم من ان القليل منها فقط يمكن ان يميِّز واحدا من مولدات الضد،‏ فان القوة الاستطلاعية الجماعية واسعة على نحو يكفي لاثبات هوية التنوُّع غير المحدود تقريبا لمولدات الضد التي تنتجها الطبيعة.‏»‏

      بينما كان بعض الخلايا التائية المساعِدة يحث البلاعم الكبيرة على التكاثر،‏ كانت الاخرى في العقد اللمفاوية تقترن بالخلايا البائية الموجودة هناك،‏ مسبِّبة تكاثرها.‏ ويصير الكثير منها خلايا پلازمية.‏ ومرة اخرى،‏ لا بد ان تكون هنالك المستقبِلات الصائبة على الخلايا التائية المساعِدة لتتحد بالخلايا البائية وتجعلها تنتج الخلايا الپلازمية.‏ وهذه الخلايا الپلازمية هي التي تبدأ بانتاج آلاف الاجسام المضادة في الثانية.‏

      بما ان كل خلية پلازمية تصنع نوعا واحدا فقط من الاجسام المضادة،‏ بمستقبِلة خاصة بمولد ضد مَرَضي واحد فقط،‏ تكون البلايين بسرعة في الخطوط الامامية متوجِّهة نحو مولدات الضد التي لمرض خاص واحد.‏ فتدرك الغزاة،‏ مبطِّئة اياهم،‏ مسبِّبة ان يتجمَّعوا معا،‏ جاعلة اياهم طبق طعام اكثر اغراء لتلتهمه الخلايا البُلعمية.‏ وهذا،‏ بالاضافة الى اطلاق الخلايا التائية مواد كيميائية معيَّنة،‏ يثير البلاعم الكبيرة الى جنون التغذي،‏ مسبِّبا ان تلتهم ملايين العضويات الدقيقة الغازية.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ يمكن للاجسام المضادة نفسها ان تؤدّي الى موت هذه العضويات الدقيقة.‏ فحالما تقتفي مولدات الضد السطحية التي لها،‏ فان جزَيْئات پروتينية خصوصية،‏ تُدعى عوامل المتمِّمة complement factors،‏ تندفع الى الجرثومة.‏ وعندما يصير العدد المطلوب من عوامل المتمِّمة في المكان الصحيح،‏ تثقب غشاء العضوية الدقيقة،‏ يتدفَّق السائل الى الداخل،‏ فتنفجر الخلية وتموت.‏

      وطبعا،‏ لا بد ان تكون لهذه الاجسام المضادة ايضا المستقبِلات الصائبة لتدرك الدخلاء.‏ وعن هذه النقطة يقول الكتاب السنوي الطبي والصحي لعام ١٩٨٩ الذي لـ‍ دائرة المعارف البريطانية،‏ الصفحة ٢٧٨،‏ ان الخلايا البائية قادرة «على انتاج ما بين ١٠٠ مليون وبليون جسم مضاد مختلف.‏»‏

      الخلايا التائية الفاتكة تشنُّ الحرب الحيوية

      استنفرت الخلايا التائية المساعِدة حتى الآن ملايين البلاعم الكبيرة القمَّامة لتلتهم العدوّ وأثارت الخلايا البائية بالاجسام المضادة التي لها لتنضم الى النزاع ضد الغزاة،‏ ولكن لا تزال هنالك قوى اخرى تدعوها الخلايا التائية المساعِدة الى المعركة.‏ فهي تنظِّم ملايين المقاتلات الاكثر اهلاكا لتنضم الى الصراع —‏ الخلايا التائية الفاتكة.‏

      ان هدف الڤيروسات،‏ البكتريا،‏ والطفيليات هو ان تدخل خلايا الجسم لانه حالما تكون هناك تصير آمنة من البلاعم الكبيرة والخلايا البائية والاجسام المضادة التي لها —‏ ولكن ليس من الخلايا التائية الفاتكة!‏ فالواحدة من هذه الخلايا المخموجة لا يلزم إلا ان تمر بسرعة امام خلية تائية فاتكة لتجعلها تطلق على الخلية المخموجة پروتينات مهلكة مالئة اياها ثقوبا،‏ تدمِّر الدنا DNA التي لها،‏ وتدلق محتوياتها في الموت.‏ وبهذه الطريقة تستطيع الخلايا التائية الفاتكة ان تهاجم وتدمِّر حتى الخلايا الطافرة mutant والخلايا التي تحوَّلت الى سرطانية.‏

      وبالاضافة الى الخلايا التائية الفاتكة،‏ هنالك خلايا فاتكة اخرى في اسلحة الجهاز المناعي،‏ اي الخلايا الفاتكة الطبيعية.‏ وبخلاف الخلايا التائية والبائية،‏ فان هذه الخلايا الفاتكة الطبيعية لا تحتاج ان يثيرها مولد ضد خاص.‏ والخلايا السرطانية والخلايا التي تغزوها ڤيروسات اخرى هي عرضة لهجومها.‏ لكنّ مقدرتها ربما لا تقتصر على الڤيروسات.‏ والاميركية العلمية،‏ كانون الثاني ١٩٨٨،‏ تقول انه «يجري الاعتقاد ان اهدافها الرئيسية هي الخلايا الورمية،‏ وربما ايضا الخلايا المخموجة بعوامل غير الڤيروسات.‏»‏

      وكيف تلتقي مقاتلات المرض هذه العضويات الدقيقة الغازية؟‏ هل ذلك بمجرد الصدفة؟‏ كلا.‏ لا يُترك شيء للصدفة.‏ فمولدات الضد المَرَضية والخلايا التائية،‏ الخلايا البائية،‏ الخلايا البُلعمية،‏ والاجسام المضادة تدور في كل الجسم بواسطة مجرى الدم والجهاز اللمفاوي.‏ والاعضاء اللمفاوية الثانوية،‏ كالعقد اللمفاوية،‏ الطحال،‏ اللوزتين،‏ الغدّانيات adenoids،‏ بقع النسيج المتخصص في المعي الدقيق،‏ والزائدة،‏ هي مواقع حيث تبدأ الاستجابات المناعية.‏ وتقوم العقد اللمفاوية بدور رئيسي.‏ واللِمف هو السائل الذي يغمر الخلايا في انسجتنا.‏ وهو ينشأ في هذه الانسجة،‏ يتجمَّع في اوعية دقيقة الجدران ويتدفق الى العقد اللمفاوية،‏ يستمر في باقي الجهاز اللمفاوي،‏ وأخيرا يُكمل دورته بالصبِّ في الاوردة الكبيرة التي تؤدّي الى القلب.‏

      واذ تمرّ مولدات الضد المَرَضية عبر العقد اللمفاوية،‏ يجري ترشيحها واحتجازها.‏ ومقاتلات المرض للجهاز المناعي تتطلَّب ٢٤ ساعة لتكمل الدورة اللمفاوية كلها،‏ لكنّ ٦ ساعات من هذا الوقت يجري قضاؤها في العقد اللمفاوية.‏ وهناك تلتقي مولدات الضد الغازية المحتجَزة،‏ وتبتدئ المعارك الرئيسية.‏ وكذلك فان مولدات الضد المعادية التي تسير في مجرى الدم لا تفلت.‏ فيجري توجيهها الى الطحال،‏ حيث تنتظر مقاتلاتُ المرض لتواجهها.‏

      والآن تنتهي الحرب في داخلنا.‏ فقوى الغزو تُهزم.‏ والجهاز المناعي بتريليوناته او اكثر من الكريَّات البيض قد انتصر.‏ انه الوقت لتتولّى فئة اخرى من الخلايا التائية الامر،‏ اي الخلايا التائية الكابتة.‏ فعندما ترى ان الحرب قد جرى ربحها،‏ توقف المعركة وتبطل انتاج القوى القتالية للجهاز المناعي.‏

      الخلايا الذاكرة والمناعة،‏ مع المضاعفات

      ولكن،‏ بحلول هذا الوقت،‏ تكون الخلايا البائية والخلايا التائية قد انجزت خدمة حيوية اخرى:‏ فقد انتجت الخلايا الذاكرة التي تدور في مجرى الدم والاوعية اللمفاوية طوال سنوات كثيرة —‏ وفي بعض الحالات طوال العمر.‏ فاذا أُصبتم يوما ما بعدوى بالذرّية نفسها لڤيروس الانفلونزا او ڤيروس الزكام،‏ او بأية مادة غريبة اخرى جرت مواجهتها في الماضي،‏ فان هذه الخلايا الذاكرة ستكتشفها حالا وتحث الجهاز المناعي على هجوم سريع وساحق.‏ والخلايا الذاكرة ستُنتِج بسرعة فيضا من النوع الخاص من الخلايا البائية والخلايا التائية الذي قاوم الهجوم الاول لهذا المغير الخصوصي.‏ وهذا الغزو الجديد يجري قمعه قبل ان ينال موطئ قدم.‏ ان ما احتاج اولا ربما الى ثلاثة اسابيع لينهزم يجري التغلب عليه الآن قبل ان يبدأ بالعمل.‏ فعدواكم السابقة بهذا الغازي الخصوصي تركتكم في مناعة منه.‏

      لكنّ الصورة تتعقَّد بوجود الذرّيات المختلفة لڤيروسات الانفلونزا،‏ الناشئة غالبا في الاجزاء المختلفة من العالم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ هنالك نحو ٢٠٠ ذرّية من ڤيروس الزكام،‏ وكل ذرّية لديها مولدها الضدي الخاص بها.‏ لذلك لا بد ان يكون هنالك ٢٠٠ نوع مختلف من الخلايا التائية المساعِدة،‏ كل نوع له مستقبِلة تطابق مولد الضد لواحد من الـ‍ ٢٠٠ ڤيروس زكام.‏ لكنّ ذلك ليس كل ما هنالك.‏ فڤيروسات الزكام والانفلونزا تتغيَّر باستمرار،‏ وكلما حدث ذلك،‏ يكون هنالك مولد ضد زكامي او انفلونزي جديد يتطلَّب مستقبِلة خلية تائية مساعِدة جديدة لتوافقه.‏ ان ڤيروس الزكام يستمر في تغيير الاقفال،‏ لذلك لا بد ان تستمر الخلية التائية في تغيير المفاتيح.‏

      وقبل ان تسخروا من الاطباء الذين لا يستطيعون معالجة الزكام الشائع،‏ أدركوا المشكلة.‏ فالزكام الخصوصي الذي تعانونه يمكن ان يُعالج ولا يهاجمكم ابدا مرة اخرى،‏ لكنّ ڤيروس زكام متغيِّرا مؤخرا يظهر،‏ ولا بد ان يزوِّد جهازكم المناعي خلية تائية مساعِدة جديدة كليا لحث القوى المناعية على مقاتلته.‏ واذ تربحون معركة واحدة،‏ تبتدئ الاخرى حالا.‏ فالحرب لا نهاية لها.‏

      الدماغ والجهاز المناعي يتصلان

      لا عجب ان يُقارن الجهاز المناعي على نحو مؤات بالدماغ.‏ والبحث يستمر ليظهر انه هو والدماغ يتحدثان احدهما مع الآخر عن صحتنا وأن العقل يمارس تأثيرا على جسمنا،‏ بما في ذلك الجهاز المناعي.‏ والاقتباسات التالية تشير الى علاقة بين الدماغ والجهاز المناعي.‏ انها مسألة تأثير العقل على الجسم والجسم على العقل.‏

      ‏«علماء المناعة يكتشفون المزيد عن الروابط بين العقل والجسم،‏ آليات المرض النفسي الجسدي.‏» —‏ ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ ص ٧٣٣.‏

      ان الصلة بين الجهاز المناعي والدماغ يجري تمييزها ولكن قلَّما يجري فهمها.‏ فالاجهاد العقلي،‏ الفاجعة،‏ الوحدة،‏ والكآ‌بة تؤثر في اعمال الكريَّات البيض،‏ او الخلايا اللمفاوية،‏ وهذا يقلِّل من نشاط الخلايا التائية.‏ «ان الاساس الحيوي لهذه الصلات المتبادلة يبقى غامضا الى حد بعيد.‏ ولكن من الواضح ان الجهازين العصبي والمناعي مترابطان بطريقة معقَّدة،‏ تشريحيا وكيميائيا.‏» —‏ الآلة المذهلة،‏ الصفحتان ٢١٧،‏ ٢١٩.‏

      ‏«ان الجهاز المناعي .‏ .‏ .‏ ينافس الجهاز العصبي المركزي في الحساسية،‏ النوعية،‏ التعقيد.‏» —‏ علم المناعة،‏ الصفحة ٢٨٣.‏

      وأخبرت مجلة العلم عن الرابطة بين الدماغ والجهاز المناعي:‏ «ان مقدارا كبيرا من الدليل يُظهر ان الجهازين متصلان احدهما بالآخر بطريقة معقَّدة.‏ .‏ .‏ .‏ والصورة البارزة تُظهر ان الجهازين المناعي والعصبي متكاملان الى حد بعيد،‏ قادران على التحدث ذهابا وايابا لتنسيق نشاطاتهما.‏» —‏ ٨ آذار ١٩٨٥،‏ الصفحات ١١٩٠-‏١١٩٢.‏

  • الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٢
    • المدافعات في القوات المسلَّحة للجهاز المناعي

      ١-‏ الخلايا البُلعمية الخلايا المتغذية،‏ نوعان:‏ العَدِلات والبلاعم الكبيرة.‏ وكلتاهما كاسحات تلتهم القمامة العديمة الحياة،‏ الخلايا الميتة والنفايات الاخرى،‏ وأعدادا ضخمة من الميكروبات الغازية.‏ والبلاعم الكبيرة اكبر،‏ امتن،‏ اقوى من العَدِلات،‏ اذ تعيش فترة اطول وتأكل مقدارا اكبر من العضويات الدقيقة.‏ واذ تكون اكثر بكثير من وحدات للتخلص من النفايات،‏ تصنِّع الانزيمات المختلفة والعميلات المضادة للميكروبات،‏ وتعمل كحلقات اتصال بين الخلايا الاخرى للجهاز المناعي وأيضا الدماغ.‏

      ٢-‏ MHC (‏مركَّب التلاؤم النسيجي الرئيسي)‏ جزَيْئات على سطح الخلايا تحدِّد هوية الخلايا كجزء من الجسم.‏ وعلى البلاعم الكبيرة،‏ يَعرض الـ‍ MHC مقدارا ضئيلا من مولدات الضد الخاصة بالضحايا التي جعلتها البلاعم الكبيرة طعاما،‏ مما يثير الخلية التائية المساعِدة والبُلعمة الكبيرة على السواء لتتكاثرا على نحو استثنائي من اجل زيادة قواتهما المسلَّحة لمحاربة العدوى.‏

      ٣-‏ الخلايا التائية المساعِدة انها رؤساء العمليات للجهاز المناعي،‏ اذ تحدِّد هوية الاعداء وتثير عملية انتاج المحاربين الآخرين للجهاز المناعي،‏ حاشدة قواهم لينضموا الى المعركة ضد الغزاة.‏ وهي تستدعي الامدادات العسكرية في صفوف البلاعم الكبيرة،‏ الخلايا التائية والخلايا البائية الاخرى،‏ وتثير عملية انتاج الخلايا الپلازمية.‏

      ٤-‏ اللِمفوكينات پروتينات شبيهة بالهرمونات،‏ بما في ذلك الانترلوكينات وڠاما انترفرون،‏ بواسطتها تتصل الخلايا المناعية احداها بالاخرى.‏ انها تنشِّط تفاعلات حيوية كثيرة للجهاز المناعي،‏ معزِّزة بذلك استجابته للجراثيم المَرَضية.‏

      ٥-‏ الخلايا التائية الفاتكة هذه الخلايا التائية تدمِّر الخلايا التي اختبأت فيها الڤيروسات والميكروبات.‏ فهي توجِّه پروتينات مهلكة نحو هذه الخلايا،‏ جاعلة ثقوبا في اغشيتها ومسبِّبة تمزيق الخلايا.‏ وهي ايضا تتخلص من الخلايا التي تحوَّلت الى سرطانية.‏

      ٦-‏ الخلايا البائية تحت تأثير الخلايا التائية المساعِدة،‏ فان الخلايا البائية تزداد في العدد،‏ والبعض ينقسم وينضج ليصير خلايا پلازمية.‏

      ٧-‏ الخلايا الپلازمية تُنتج هذه الخلايا الاجسام المضادة بالملايين،‏ التي،‏ مثل الصواريخ الموجَّهة،‏ تدور بعد ذلك في كل الجسم.‏

      ٨-‏ الاجسام المضادة عند التقاء الاجسام المضادة بمولدات الضد يمكن لمستقبِلاتها ان تدركها،‏ تقبض عليها،‏ تبطِّئها،‏ تسبِّب تجمُّعها معا لتصير طبق طعام مغريا تلتهمه الخلايا البُلعمية.‏ او تقوم بالمهمة هي نفسها،‏ بمساعدة عوامل المتمِّمة.‏

      ٩-‏ پروتينات المتمِّمة حالما تقتفي الاجسام المضادة سطح العضوية الدقيقة،‏ فان الپروتينات التي تدعى المتمِّمة تندفع اليها وتحقن سائلا فيها،‏ جاعلة اياها تنفجر وتموت.‏

      ١٠-‏ الخلية التائية الكابتة عندما تُكبح العدوى ويربح الجهاز المناعي،‏ تبدأ الخلايا التائية الكابتة بالعمل وتستخدم اشارات كيميائية لتوقف سلسلة الاستجابات المناعية بكاملها.‏ ويجري ربح المعركة.‏

      ١١-‏ الخلايا الذاكرة بحلول هذا الوقت تكون الخلايا التائية والخلايا البائية قد انتجت وتركت وراءها الخلايا الذاكرة التي تدور في مجرى الدم والجهاز اللمفاوي طوال سنوات،‏ وحتى طوال العمر.‏ فاذا جرى شنّ غزو آخر من قبل النوع نفسه للعضوية التي هُزمت سابقا،‏ تشنّ هذه الخلايا الذاكرة هجوما ساحقا،‏ ويجري قهر هذا الغزو الجديد بسرعة.‏ فالجسم الآن في مناعة من هذه العضوية الدقيقة الخصوصية.‏ هذه هي الآلية التي تجعل عمليات التلقيح فعّالة في التخلص من الامراض التي كانت ذات مرة اسبابا لألم كبير —‏ الحَصْبة،‏ الجُدَريّ،‏ التيفوئيد،‏ الخانوق،‏ وأمراض اخرى.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة