مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التهجّم —‏ مشكلة عالمية
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • التهجّم —‏ مشكلة عالمية

      ‏«اذا اتيتِ غدا الى المدرسة،‏ فسنقتلكِ».‏ —‏ تهديد على الهاتف تلقته تلميذة كندية تدعى كريستين من فتاة لم تكشف عن اسمها.‏a

      ‏«رغم انني لستُ فتاة حساسة جدا،‏ وصل بي الامر الى فقدان الرغبة في الذهاب الى المدرسة.‏ كما صارت معدتي تؤلمني،‏ وكنت صباح كل يوم اتقيأ الفطور الذي اتناوله».‏ —‏ هيرومي،‏ تلميذة مراهقة في اليابان،‏ تتذكر ما عانته بسبب التهجّم.‏

      هل اضطررت يوما الى مواجهة شخص متهجّم؟‏ لا بد ان معظمنا وجدوا نفسهم مرة في مثل هذا الموقف.‏ وربما حصل ذلك في المدرسة،‏ في مكان العمل،‏ او في البيت حيث تتفاقم اليوم مشكلة اساءة استعمال القوة بشكل ينذر بالخطر.‏ مثلا،‏ يقدّر مصدر بريطاني ان ٥٣ في المئة من الراشدين يتعرضون للتهجّم الشفهي من قبل رفقاء زواجهم او رفقائهم في المساكنة.‏ ويمكن ان يكون المتهجّمون وضحاياهم ذكورا او اناثا،‏ من شتى الخلفيات ومن اي مكان في العالم.‏b

      فما هو التهجّم بالتحديد؟‏ ليس التهجّم مجرد عمل عدائي واحد او بضعة اعمال عدائية،‏ بل هو اعمال عدائية غير خطيرة تُرتكب بشكل متكرر.‏ ويحدّد دان أُلڤاوس،‏ اختصاصي في علم النفس ورائد في الدراسات المنهجية المتعلقة بالتهجّم،‏ بعض الاوجه المشتركة التي تسم هذا السلوك.‏ فيذكر مثلا العدائية المتعمدة التي يتصف بها المتهجّم وعدم التكافؤ الواضح في القوى بين الطرفين.‏

      ربما لا يوجد تعريف واحد يغطي كل اوجه التهجّم،‏ لكنه يوصف في احد المراجع بأنه «الرغبة المتعمدة في ايذاء شخص آخر وممارسة الضغط عليه».‏ وما يسبب الضغط ليس فقط ما يحدث فعليا بل ايضا الخوف مما قد يحدث لاحقا.‏ وتنطوي اساليب التهجّم على السخرية اللاذعة،‏ الانتقاد المستمر،‏ الاهانات،‏ الثرثرة،‏ والتطلبات غير المنطقية.‏ —‏ انظر الاطار في الصفحة ٤.‏

      كانت كريستين،‏ المراهقة المشار اليها في مستهل المقالة،‏ هدفا للتهجّم معظم السنين التي قضتها في المدرسة.‏ ففي المدرسة الابتدائية،‏ وضعت المتهجّمات العلكة في شعرها،‏ سخرن من مظهرها،‏ وهدّدنها بالضرب.‏ وساءت الحالة اكثر في المدرسة الثانوية بحيث صارت تتلقى على الهاتف تهديدات بالقتل.‏ انها اليوم في الـ‍ ١٨ من عمرها وهي تقول بأسف:‏ «المدرسة هي مكان يفترض ان يتعلم فيه المرء لا ان يتلقى تهديدات بالقتل ويُضايَق بشكل متواصل».‏

      يعلّق احد الاختصاصيين في الصحة العقلية على التهجّم بقوله:‏ «انه وجه مؤسف للعلاقات البشرية،‏ لكنه شائع.‏ فبعض الناس يكونون افضل حالا حين يحطّون من قدر الآخرين».‏ وعندما يزداد هذا السلوك حدة،‏ يؤدي الى انتقام عنيف او وقوع مأساة.‏ مثلا،‏ تعرّض موظف في النقل العام يعاني اعاقة في النطق للسخرية والتهجّم الشديدين،‏ مما ادى به الى قتل اربعة من زملائه في العمل وإطلاق النار على نفسه.‏

      التهجّم مشكلة عالمية

      في كل انحاء العالم يتعرض الاولاد منذ دخولهم الى المدرسة للتهجّم.‏ تظهر دراسة نُشرت في مجلة القديم والجديد في طب الاطفال (‏بالانكليزية)‏ ان ١٤ في المئة من الاولاد في النروج هم اما متهجّمون او ضحايا.‏ وتذكر ان ١٥ في المئة من تلامذة المدارس الابتدائية في اليابان يقولون انهم يتعرضون للتهجّم،‏ وأن ١٧ في المئة من التلامذة في أوستراليا وإسپانيا يعانون هذه المشكلة.‏ اما في بريطانيا فيذكر احد الخبراء ان عدد المتهجّمين يبلغ ٣‏,١ مليون ولد.‏

      كما اجرى الپروفسور آموس روليدِر من كلية اميك يزرايل استطلاعا شمل ٩٧٢‏,٢ تلميذا في ٢١ مدرسة.‏ وقد وجد،‏ كما ورد في ذا جِروزَلِم پوست (‏بالانكليزية)‏،‏ ان «٦٥ في المئة اشتكوا من تعرضهم للصفع،‏ الرفس،‏ الدفع،‏ والمضايقة من قبل رفقائهم التلامذة».‏

      وثمة تطور جديد،‏ خطره خفي،‏ هو التهجّم ببعث رسائل تهديد عبر الكمپيوتر والهواتف الخلوية.‏ كما يخلق الاحداث ايضا صفحات وبْ يملأونها عبارات بغض ضد ضحية يختارونها،‏ ويضمِّنون هذه الصفحات معلومات شخصية عنها.‏ ووفقا للدكتور وِندي كريڠ من جامعة الملكة في كندا،‏ يُعتبر هذا النوع من التهجّم «مؤذيا جدا للولد الذي يقع ضحيته».‏

      مكان العمل

      التهجّم هو احد اسباب التشكيات من العنف في اماكن العمل،‏ والملاحظ ان عددها يشهد تزايدا سريعا.‏ وفي الواقع،‏ تخبر بعض البلدان ان التهجّم شائع اكثر من التمييز العنصري او التحرّش الجنسي.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ يتعرض خُمس القوى العاملة للتهجّم كل سنة.‏

      اما في بريطانيا فيذكر تقرير،‏ اصدرته سنة ٢٠٠٠ جامعة معهد مانتشيستر للعلوم والتكنولوجيا،‏ ان ٤٧ في المئة من ٣٠٠‏,٥ موظف ينتمون الى ٧٠ منظمة اخبروا انهم شهدوا حوادث تهجّم خلال السنوات الخمس الاخيرة.‏ وفي استطلاع شمل ٨٠٠‏,١٥ مقابلة،‏ اجراها الاتحاد الاوروپي سنة ١٩٩٦ في بلدانه الاعضاء الـ‍ ١٥،‏ تبين ان ٨ في المئة —‏ حوالي ١٢ مليون عامل —‏ تعرضوا للتخويف او التهجّم.‏

      كما رأينا،‏ يبدو ان لكل المتهجّمين سواء في ملعب المدرسة او في مكان العمل قاسما مشتركا:‏ استعمال القوة لإيذاء او تحقير الآخرين.‏ ولكن لماذا يتهجّم البعض على الآخرين؟‏ ما هي التأثيرات الناجمة عن التهجّم؟‏ وكيف يمكن مواجهته؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a بعض الاسماء جرى تغييرها.‏

      b رغم ان المتهجم يُذكر بصيغة المذكر في هذه المقالات،‏ تنطبق المبادئ عموما على الاناث ايضا.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٤]‏

      انواع المتهجّمين

      ◼ المتهجّمون جسديا:‏ هذا النوع يسهل تحديده.‏ فالمتهجّم ينفِّس عن غضبه بضرب الضحية،‏ دفعها،‏ رفسها،‏ او إلحاق الضرر بممتلكاتها.‏

      ◼ المتهجّمون شفهيا:‏ يستعملون الكلمات لإيذاء وتحقير الشخص المستهدَف،‏ سواء من خلال النعوت القبيحة،‏ الاهانات،‏ او السخرية اللاذعة والمستمرة.‏

      ◼ مدمّرو العلاقات:‏ ينشرون الاشاعات المغرضة عن الشخص المستهدَف.‏ وهذا السلوك تتبناه بشكل خصوصي الاناث.‏

      ◼ ضحايا سابقون للتهجّم:‏ انهم ضحايا للتهجّم يصيرون هم انفسهم متهجّمين.‏ طبعا،‏ ان كونهم ضحايا سابقين لا يبرر سلوكهم،‏ لكنه يساعد على فهمه.‏

      ‏[المصدر]‏

      المصدر:‏ مجابهة التهجّم (‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم جيزيل لاجوا،‏ أليسن مكليلن،‏ سيندي سيدون.‏

  • التهجّم —‏ بعض اسبابه وتأثيراته
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • التهجّم —‏ بعض اسبابه وتأثيراته

      ما الذي يجعل الولد متهجّما؟‏ اذا حدث ان وقعتَ مرة ضحية متهجّم،‏ فقد تقول:‏ «مهما كان السبب،‏ فلا مبرر لمثل هذا السلوك».‏ أنت طبعا على حق.‏ ولكن هنالك فرق شاسع بين السبب والمبرر.‏ وفي حين ان الأسباب التي تدفع ولدا الى الصيرورة متهجّما لا تبرر السلوك الخاطئ،‏ فهي تساعدنا على فهمه.‏ واستخدام التعقل في هذه المسألة يمكن ان تكون له قيمة حقيقية.‏ كيف؟‏

      يقول مثل قديم:‏ «تعقل الانسان يبطئ غضبه وفخره الصفح عن معصية».‏ (‏امثال ١٩:‏١١‏)‏ ان الغضب الذي ينتابنا بسبب تصرفات المتهجّم يمكن ان يعمينا ويملأنا بالاحباط وبالبغض ايضا.‏ لكنّ اظهارنا التعقل بمحاولة فهم تصرفه يمكن ان يساعد على تهدئة غضبنا.‏ وهذا الامر بدوره قد يتيح لنا ايجاد الحلول الفضلى.‏ فلنتأمل في بعض العوامل التي تؤدي الى هذا السلوك غير المقبول.‏

      ماذا وراء التهجّم؟‏

      في حالات كثيرة،‏ يتأثر المتهجّم سلبا خلال سنوات نموه بالمثال الابوي الرديء او بإهمال الوالدين التام له.‏ فكثيرون من المتهجّمين يأتون من عائلات لا يعرب فيها الوالدون عن العاطفة تجاه اولادهم،‏ او لا يولونهم الاهتمام،‏ او يعلّمونهم اللجوء الى الغضب والعنف لحل مشاكلهم.‏ والاولاد الذين يترعرعون في هذا الجو لا يعتبرون تعدياتهم الشفهية والجسدية تهجّما؛‏ ويظنون ان سلوكهم طبيعي ومقبول.‏

      قالت فتاة هي الآن في الـ‍ ١٦ من العمر،‏ تعرضت للتهجّم من قبل زوج امها وزملائها في المدرسة،‏ انها اصبحت هي نفسها متهجّمة عندما بلغت الصف السابع.‏ تعترف:‏ «كنت مشحونة بالغضب،‏ ولذلك كلما التقيت شخصا صببت غضبي عليه.‏ ان الشعور بالالم امر فظيع.‏ وحين يشعر المرء بالالم،‏ يريد ان يحمِّله للآخرين».‏ وفيما لا تكون مثل هذه التعديات الجسدية الاسلوب النموذجي الذي تعتمده المتهجّمات الاناث،‏ فإن الغضب هو دائما الدافع الى تهجّمهن.‏a

      تستقبل مدارس كثيرة اعدادا كبيرة من تلامذة اتوا من خلفيات متعددة وتربوا بطرائق مختلفة جدا.‏ والمحزن ان بعض الاولاد يعربون عن العدائية لأنهم تعلموا في منازلهم ان تخويف الآخرين والاساءة اليهم شفهيا هما افضل طريقتين لنيل ما يرغبون فيه.‏

      وللاسف،‏ غالبا ما تنجح مثل هذه الاساليب.‏ تقول شيلي هيمِل،‏ التي تدرس سلوك الاولاد منذ عقدين،‏ وهي عميدة مشاركة في قسم التربية في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا:‏ «هنالك اولاد يحاولون اكتشاف اساليب تمكِّنهم من نيل مآ‌ربهم،‏ وينجح للاسف اسلوب التهجّم.‏ فيتوصلون الى نيل مرادهم:‏ القوة،‏ المركز،‏ والاهتمام».‏

      وثمة عامل آخر وراء مشكلة التهجّم هو النقص في الاشراف.‏ فضحايا كثيرون يشعرون انه ما من احد يلجأون اليه طلبا للمساعدة،‏ وهم للأسف محقون في معظم الحالات.‏ فبعد درس وضع الاولاد في ملعب المدرسة،‏ وجدت دِبرا پيپلر،‏ مديرة «مركز لامارش للابحاث المتعلقة بحل مشاكل العنف والنزاعات» التابع لجامعة يورك في تورونتو،‏ ان المعلمين يكتشفون ويردعون ٤ في المئة فقط من حوادث التهجّم.‏

      لكنّ الدكتورة پيپلر تعتقد ان التدخل لمساعدة الاولاد مهم جدا.‏ تقول:‏ «يعجز الاولاد عن حل المشكلة لأن الامر يتعلق بالقوة،‏ وفي كل مرة يتعدى المتهجّم على احد،‏ تتعزّز قوته».‏

      فلمَ لا يُبلّغ عن عدد اكبر من حالات التهجّم؟‏ لأن ضحايا التهجّم مقتنعون ان الإخبار عن المشكلة يزيد الامر سوءا.‏ ولذلك يقضي كثيرون من الاحداث سنواتهم في المدرسة وهم في حالة تكاد تكون دائمة من القلق وعدم الامان.‏ فما هي تأثيرات العيش بهذه الطريقة؟‏

      التأثيرات الجسدية والعاطفية

      يقول تقرير صادر عن الاتحاد الوطني للاختصاصيين في علم النفس في المدرسة بالولايات المتحدة انه يوميا يتخلف اكثر من ٠٠٠‏,١٦٠ ولد عن الذهاب الى المدرسة لانهم يخافون من التعرض للتهجّم.‏ وقد يتوقف ضحايا التهجّم ايضا عن ذكر المدرسة او اي صف او نشاط فيها.‏ وربما يحاولون ان يتأخروا عن المدرسة كل يوم او يتجنبوا حضور بعض الصفوف او حتى اختلاق اعذار لعدم ذهابهم كليا الى المدرسة.‏

      وكيف يمكن تمييز الاولاد الذين يتعرضون للتهجّم؟‏ قد يصبحون متقلبي المزاج،‏ سريعي الانفعال،‏ محبطين،‏ او يفقدون حيويتهم وينطوون على ذاتهم.‏ وقد يصبحون عدائيين تجاه اعضاء عائلتهم او نظرائهم او اصدقائهم.‏ حتى الذين يشاهدون التهجّم دون ان يكونوا عرضة له يتأذون،‏ اذ يثير الوضع فيهم خوفا كبيرا يُضعف قدرتهم على التعلّم.‏

      لكنّ مجلة القديم والجديد في طب الاطفال تقول:‏ «اسوأ ما يؤدي اليه التهجّم في ما يتعلق بالضحايا والمجتمع هو العنف،‏ بما في ذلك الانتحار والقتل.‏ فالشعور بالعجز الذي يعانيه الاولاد الذين يقعون ضحية التهجّم يمكن ان يكون قويا جدا بحيث يدفعهم الى القيام بأعمال تدمرهم او اعمال انتقامية مميتة».‏

      والدكتور إد أدلاف،‏ عالم ابحاث وپروفسور في مجال الصحة العامة في جامعة تورونتو،‏ يعبر عن قلقه ذاكرا ان «المتهجمين وضحاياهم على السواء هم على الارجح معرضون اكثر من غيرهم للمصاعب العاطفية الآن وفي المستقبل».‏ وخلال السنة الدراسية ٢٠٠١،‏ اظهر استطلاع شمل اكثر من ٠٠٠‏,٢٢٥ تلميذ من اونتاريو ان ما يتراوح بين الرُبع والثلث من هؤلاء التلامذة كانوا إما ضحايا او متهجّمين.‏ وفي المجموعة نفسها،‏ فكر ١ من ١٠ اشخاص جديا في الانتحار.‏

      ان التهجّم المتواصل يمكن ان يُفقد الضحية ثقتها بالنفس،‏ يعرضها لمشاكل صحية خطيرة،‏ حتى انه قد يُخسِّرها مهنتها.‏ وقد يعاني من يتعرضون للتهجّم الصداع،‏ الارق،‏ القلق،‏ والكآ‌بة.‏ ويصاب البعض باضطراب اجهاد ما بعد الصدمة.‏ وفي حين يُثير الاذى الجسدي التعاطف الشديد مع الضحية،‏ فإن الاذى العاطفي قد لا يُثير المشاعر نفسها،‏ اذ لا يكون واضحا للعيان.‏ فيتعب الاصدقاء والعائلة من الاستماع لتشكي الضحايا عوض ان يتعاطفوا معهم.‏

      للتهجّم تأثيرات سيئة على المتهجّمين ايضا.‏ وإذا لم يُردعوا في صغرهم،‏ فسيكبرون ويتهجّمون على الارجح على الآخرين في مكان العمل.‏ وفي الواقع،‏ تظهر بعض الدراسات ان الذين كانوا متهجّمين في صغرهم طوروا انماطا سلوكية لازمتهم في سن الرشد.‏ ومن المرجح ان يرتكب هؤلاء اعمالا اجرامية اكثر من الذين لم يكونوا متهجّمين.‏

      تأثيراته في العائلة

      ان استقرار العائلة وسلامها يتأثران بالتهجّم الذي يحدث في مكان العمل.‏ فهذا التهجّم يمكن ان يدفع الشخص المستهدَف،‏ او الضحية،‏ الى ايذاء احبائه في البيت دون ان يتمكنوا من فهم السبب.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يمكن ان يندفع رفيق الزواج او احد اعضاء العائلة الى محاربة المتهجّم،‏ ظانا بشكل خاطئ ان هذه هي الطريقة المناسبة لإظهار دعمه للضحية.‏ من جهة اخرى،‏ قد يلوم رفيق الزواج رفيقه المتأذي مدعيا انه هو من يسبب لنفسه المشاكل.‏ وعندما تستمر حالات التهجّم هذه دون حل،‏ حتى رفقاء الازواج الداعمون عادة يفقدون صبرهم.‏ وفيما تمر السنون،‏ من المرجح ان تتفكك العائلة.‏

      في بعض الاحيان يؤدي التهجّم الى خسارة العمل،‏ الى الهجر والطلاق،‏ حتى الى الانتحار.‏ وقد اخبر ما يتراوح بين نصف وثلثي الضحايا الاوستراليين الذين تعرضوا للتهجّم في اماكن العمل عن تأثيرات التهجّم السيئة في علاقاتهم الحميمة،‏ كعلاقتهم برفيقهم بالمساكنة او رفيق زواجهم او اعضاء عائلتهم.‏

      التهجّم مكلف

      ان التهجّم في مكان العمل يكلّف ايضا ارباب العمل كثيرا.‏ والمتهجّم في مكان العمل يمكن ان يكون مديرا سليط اللسان او زميلا يدبر المكائد،‏ وقد يكون ذكرا او انثى.‏ ومثل هؤلاء يفرطون في التنظيم،‏ يتوقفون عند ادق التفاصيل،‏ ويحطون من قدر الآخرين بملاحظات سلبية وانتقاد مستمر،‏ محقرين غالبا الشخص المستهدف امام الآخرين.‏ ونادرا ما يدرك المتهجّمون قلة تهذيبهم او يعتذرون عن تصرفاتهم.‏ وهم يتهجّمون غالبا على العمال الاكفاء،‏ المخلصين،‏ والمحبوبين من زملائهم.‏

      والعمال الذين يتعرضون للتهجّم تخف فعاليتهم في عملهم.‏ حتى انتاجية زملائهم الذين يشهدون اعمال التهجّم تتأثر.‏ ويمكن ان يجعل التهجّم العمال يصيرون اقل اخلاصا والتزاما تجاه عملهم ومستخدِمهم.‏ يقول احد التقارير ان المتهجّمين يكلفون قطاع الصناعة في المملكة المتحدة ما يقدَّر بثلاثة بلايين دولار اميركي كل سنة.‏ ويُقال ان مثل هذا السلوك مسؤول عن ٣٠ في المئة من الامراض الناجمة عن الاجهاد.‏

      من الواضح ان التهجّم يؤثر في المجتمع في كل انحاء العالم.‏ والسؤال المطروح هو:‏ هل يمكن فعل اي شيء لضبط المشكلة وإزالتها؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a المتهجّمات يلجأن الى اساليب تشمل اقصاء الضحايا عن نشاطاتهن الاجتماعية ونشر الاشاعات عنهن.‏ ولكن يبدو ان عددا متزايدا منهن يلجأن الى العنف الجسدي ايضا.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      التهجّم في مكان العمل شائع جدا

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      ضحايا التهجّم المستمر يمكن ان يصبحوا مكتئبين ومنطوين على انفسهم

  • التحرر من التهجّم
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • التحرر من التهجّم

      ‏‹التهجّم سلوك مكتسَب وكل شيء مكتسَب يمكن التخلص منه›.‏ —‏ الدكتورة سي.‏ سالي مورفي.‏

      المتهجّم وضحية التهجّم كلاهما يحتاجان الى المساعدة.‏ فالمتهجّم يحتاج ان يتعلم التعامل مع الآخرين دون استخدام القوة.‏ وضحية التهجّم تحتاج الى بعض الوسائل العملية لتنجح في مواجهة المشكلة.‏

      غالبا ما لا يعرف المتهجّم كيف يتعامل مع الآخرين ويفشل في فهم مشاعر الذين يخيفهم.‏ لذلك يلزم ان يُراقَب ويُلقَّن طريقة التعامل الصحيحة.‏ يقول كتاب مجابهة التهجّم:‏ «ما لم يتعلم المتهجّمون او يتبنوا اسلوبا جديدا في التصرف فسيبقون متهجّمين طوال حياتهم.‏ فيتهجّمون على رفقاء زواجهم،‏ اولادهم،‏ وعلى الارجح على من هم تحت امرتهم في مكان العمل».‏

      مساعدة الاولاد على عدم التهجّم

      ان تدريب الاولاد منذ سنواتهم الباكرة على التحلّي بالتقمص العاطفي يمكن ان يساعد على الحؤول دون صيرورتهم متهجّمين.‏ وفي بعض البلدان،‏ يتبع العاملون في حقل التربية اسلوبا جديدا في التعليم يدعى التدريب على التعاطف.‏ والهدف هو البدء بتعليم التلامذة منذ الخامسة من العمر فهم مشاعر الآخرين ومعاملة الناس بلطف.‏ وفيما لا توجد سوى احصاءات قليلة عن التأثير البعيد المدى لهذا التدريب،‏ أوحت النتائج الاولية بأن الذين تلقوا هذا التدريب هم اقل عدائية من الذين لم يتلقوه.‏

      ولكن لا ينبغي لك كوالد ان تعتمد كليا على البرنامج المدرسي لتدريب اولادك.‏ فإذا كنت تريد ألّا يصبح ولدك متهجّما،‏ يجب ان تعلمه انت بالقول والمثال كيف يحترم الآخرين ويكرمهم.‏ وماذا يمكن ان يساعدك؟‏ من المحتمل ان يكون لديك مصدر عظيم للتدريب لا تُقدّر قيمته كما يجب:‏ كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ فكيف يمكنها ان تساعدك؟‏

      تعلّم كلمة اللّٰه بوضوح كيف يشعر اللّٰه بشأن التهجّم.‏ انه يبغضه!‏ يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه:‏ «اما .‏ .‏ .‏ محب الظلم فتبغضه نفسه».‏ (‏مزمور ١١:‏٥‏)‏ كما ان اللّٰه لا يتعامى عما يحدث.‏ فالكتاب المقدس يسجّل مشاعر الندم،‏ او الاسف،‏ التي خالجته في زمن الاسرائيليين عندما عانوا «بسبب مضايقيهم وزاحميهم».‏ (‏قضاة ٢:‏١٨‏)‏ وفي ظروف كثيرة،‏ عاقب اللّٰه الذين اساءوا استعمال قوتهم وتهجّموا على الضعفاء والعاجزين.‏ —‏ خروج ٢٢:‏٢٢-‏٢٤‏.‏

      يحتوي الكتاب المقدس ايضا ما يمكن ان يكون اشهر ارشاد أُعطي على الاطلاق في ما يتعلق بكيفية اظهار التقمص العاطفي.‏ قال يسوع:‏ «كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم،‏ افعلوا هكذا انتم ايضا بهم».‏ (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ وليس من السهل تعليم الاولاد ان يتبنوا هذه القاعدة الذهبية،‏ اي ان يحبوها ويعيشوا وفقا لها؛‏ فهذا الامر يتطلب رسم المثال الجيد،‏ المثابرة،‏ وبذل الجهود الدؤوبة،‏ وخصوصا لأن الاولاد الصغار انانيون بطبيعتهم.‏ لكنّ هذه الجهود تستحق العناء.‏ وإذا تعلم اولادك ان يتحلوا باللطف والتقمص العاطفي،‏ فسيجدون فكرة التهجّم بحد ذاتها بغيضة.‏

      مساعدة الضحايا

      يواجه ضحايا التهجّم،‏ وخصوصا الاحداث،‏ تحديا صعبا:‏ المحافظة على الاتزان تحت الضغط.‏ فعندما يتهجّم عليك احد،‏ يتوق على الارجح الى جعلك تفقد السيطرة على نفسك.‏ انه يأمل ان تستشيط غضبا او ان ترتعب بشدة.‏ وإذا استشطت غضبا،‏ او انفجرت بالبكاء وأظهرت انك تأذيت او خفت،‏ يكون المتهجّم قد نال مراده.‏ وعندئذ سيسعى الى اثارتك مجددا مرة بعد اخرى.‏

      فماذا يمكنك ان تفعل؟‏ تأمل في الاقتراحات التالية.‏ انها مكتوبة بشكل اساسي للاحداث،‏ لكنّ المبادئ يمكن ان تنطبق ايضا على الراشدين الذين يتعرضون للتهجّم.‏

      ◼ حافظ على الهدوء؛‏ لا تستسلم للغضب.‏ يعطي الكتاب المقدس مشورة حكيمة:‏ «كفَّ عن الغضب واترك السخط».‏ (‏مزمور ٣٧:‏٨‏)‏ عندما تفقد السيطرة على نفسك،‏ يتحكم فيك المتهجّم،‏ وعلى الارجح ستقوم بأمور تندم عليها.‏ —‏ امثال ٢٥:‏٢٨‏.‏

      ◼ حاول ان تبعد فكرة الانتقام عن بالك.‏ فغالبا ما ترتد هذه الاعمال على صاحبها.‏ وفي كل الاحوال،‏ لا يشفي الانتقام الغليل.‏ تتذكر فتاة تعرضت للضرب على يد خمس حدثات عندما كانت في الـ‍ ١٦ من العمر:‏ «صممتُ ان انتقم لنفسي.‏ لذلك طلبت مساعدة صديقات لي وانتقمت من اثنتين منهن».‏ والنتيجة؟‏ تقول:‏ «احسست بالفراغ».‏ وساء سلوكها بعد ذلك.‏ تذكر كلمات الكتاب المقدس الحكيمة:‏ «لا تبادلوا أحدا سوءا بسوء».‏ —‏ روما ١٢:‏١٧‏.‏

      ◼ عندما يبدو ان الامور ستحتدم،‏ ابتعد بسرعة.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «قبل ان تدفق المخاصمة اتركها».‏ (‏امثال ١٧:‏١٤‏)‏ عموما،‏ حاول ان تتجنب الذين يميلون الى التهجّم.‏ تقول امثال ٢٢:‏٣‏:‏ «الذكي يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقَبون».‏

      ◼ اذا استمر التهجّم،‏ فقد تضطر الى التعبير عن رأيك بصراحة.‏ اختر وقتا تكون فيه هادئا،‏ انظر في عيني المتهجّم،‏ وتكلم بصوت ثابت وهادئ.‏ اخبره انك لا تحب ما يفعله،‏ ان الامر ليس مسليا وهو مؤذ.‏ لا تلجأ الى الاهانات او التحديات.‏ —‏ امثال ١٥:‏١‏.‏

      ◼ تحدث عن مشكلة التهجّم مع راشد مسؤول يظهر الاهتمام.‏ حدّد نوع المشكلة واطلب منه المساعدة في معالجتها.‏ افعل الامر نفسه في صلواتك للّٰه،‏ فذلك يمكن ان يكون مصدرا رائعا للمساعدة والتعزية.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١٧‏.‏

      ◼ تذكر انك شخص له قيمة.‏ قد يرغب المتهجّم ان تعتقد ان لا قيمة لك،‏ وأنك تستحق ان تُعامل بطريقة سيئة.‏ ولكن مَن ينبغي ان يحكم عليك ليس هو،‏ بل اللّٰه الذي ينظر الى الامور الجيدة في كل منا.‏ والمتهجّم هو مَن تقل اهميته عندما يتصرف بشكل رديء.‏

      ايها الوالدون:‏ احموا اولادكم

      يمكن ان يبدأ الوالدون ايضا بتحضير اولادهم ليواجهوا المتهجّمين بحكمة.‏ مثلا،‏ يمكنهم ان يقوموا مع اولادهم بتمثيليات يلعب فيها الوالدون دور الضحية والاولاد دور المتهجّم والعكس بالعكس،‏ وهكذا يعلمونهم كيف يعربون عن الثقة بالنفس امام الآخرين.‏

      حتى وضعية الجسم —‏ الوقوف بطريقة مستقيمة —‏ يمكن ان تنقل رسالة خفية تثني بعض المتهجّمين عن تصرفاتهم.‏ وما يمكن ان يساعد ايضا هو المحافظة على الاتصال البصري،‏ ارخاء اليدين والذراعين،‏ والتكلم بصوت ثابت وهادئ.‏ كما يُحث الوالدون ان يعلموا ولدهم الابتعاد،‏ تجنب المتهجّمين،‏ وطلب المساعدة من راشد يُعتمد عليه،‏ مثل المعلم.‏

      والتخلص من السلوك التهجّمي يبدأ بتثقيف العائلة.‏ فالوالدون الذين يسعون الى قضاء وقت مع اولادهم،‏ ويصغون بصبر وتعاطف الى ما يقلقهم،‏ يغرسون فيهم شعورا بأنهم اشخاص مرغوب فيهم،‏ مدعومون،‏ ومحبوبون.‏ وخبراء كثيرون في مجال كيفية تربية الاولاد وحلّ المشاكل التي يتعرضون لها من قبل نظرائهم يحثون الوالدين ان يساعدوا اولادهم على حيازة نظرة ايجابية الى انفسهم.‏ ومثل هذه النظرة السليمة تجعلهم اقل جاذبية في نظر المتهجّمين.‏

      لكنّ الكلام لا يكفي.‏ فكل عضو في العائلة يلزم ان يتعلم كيف يعرب عن الاحترام والاكرام في معاملته الآخرين وكيف ينمي التقمص العاطفي.‏ لذلك لا تسمح بأي سلوك تهجّمي في العائلة.‏ اجعل منزلك ملاذا آمنا يسوده الاحترام والمحبة.‏

      نهاية التهجّم

      ‏«يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه».‏ (‏جامعة ٨:‏٩‏)‏ هكذا يلخص الكتاب المقدس التاريخ البشري.‏ وبالفعل،‏ ابتلى التهجّم الجنس البشري آلاف السنين.‏ قال احد كتبة الكتاب المقدس:‏ «رجعت ورأيت كل المظالم التي تُجرى تحت الشمس فهوذا دموع المظلومين ولا معزٍّ لهم ومن يد ظالميهم قهر.‏ اما هم فلا معزٍّ لهم».‏ —‏ جامعة ٤:‏١‏.‏

      لكنّ اللّٰه يرى بالتأكيد كل اعمال التهجّم التي تجري في العالم،‏ ويشفق على المظلومين.‏ ولكن هل سيفعل شيئا حيال ذلك؟‏ طبعا سيفعل!‏ لاحظ وعده في ميخا ٤:‏٤‏:‏ «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يرعب لأن فم رب الجنود تكلم».‏

      تخيل ما سيكون عليه العالم عندما يتحقق هذا الوعد.‏ لا احد سيجعل الآخرين يرتعدون خوفا،‏ فلا اثر للمتهجّمين!‏ ألا يبدو ذلك رائعا؟‏ لكنّ اللّٰه لم يكتفِ بوعد البشر بمستقبل كهذا.‏ فبواسطة كلمته،‏ الكتاب المقدس،‏ يُطبَّق منذ الآن حول العالم برنامج تعليمي فعال جدا يحصد نتائج مفيدة.‏ والذين يشاركون فيه يتعلمون ان يغيروا صفاتهم العدائية،‏ يحافظوا على السلام بينهم،‏ ويعاملوا الآخرين باحترام وكرامة.‏ (‏افسس ٤:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ وقريبا جدا،‏ ستعم تأثيرات هذا التعليم السامي الارض،‏ وتزول مشكلة التهجّم.‏ وستتحقق وعود اللّٰه المدونة في الكتاب المقدس.‏ عندئذ سيتمتع كل الناس بعالم خال من المتهجّمين.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      لا ينبغي الشعور بالاحراج عند الابتعاد عن طريق المتهجّمين

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      في جو عائلي سليم،‏ يتعلم الاولاد ان يواجهوا كل انواع التهجّم

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      علِّم اولادك ان يعبروا عن رأيهم بحزم ولكن بلباقة

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة