مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • كيف ابتدأت الحياة على الارض؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٧ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • لا حاجة الى مصمم؟‏

      وبعدئذ جرى اخباري في المدرسة الثانوية انه لم تكن هنالك حاجة الى مصمم:‏ ‹ذلك كله حدث وحسب.‏ فقد تحطمت المواد الكيميائية في الغلاف الجوي البدائي للارض بفعل البرق والاشعة فوق البنفسجية،‏ واتحدت ذراتها ثانية لتكوِّن جزيئات اكثر تعقيدا،‏ وأخيرا ظهرت خلية حية.‏ واذ تكاثرت حصلت تغييرات عشوائية،‏ وبعد ألوف الملايين من السنين غطت الحياة الارض بربوات اشكالها.‏ والانسان هو نتاجها الاخير.‏›‏

      جعلوا التطور يبدو بسيطا جدا.‏ وربما بالغ البساطة.‏ فتمسكت بمعتقدي عن الخلق،‏ ولكنني لم اشأ ان اكون ساذجا.‏ اردت ان اكون منطقيا،‏ ان أُبقي ذهني منفتحا،‏ لأعرف الحق.‏ فبدأت اقرأ العلوم.‏ تعلَّمت امورا عديدة وتفتَّحت عيناي اكثر من السابق على عجائب الطبيعة.‏ وبتعلُّمي المزيد ازداد عجبي.‏ وبرؤيتي مزيدا من التصميم ازداد عجز عقلي عن تصديق قدرة التغيير العشوائي والصدفة العمياء على خلق ما عجز الناس الاذكياء في مختبراتهم عن نسخه —‏ حتى ولا البكتيريا المتناهية الصغر،‏ ان لم نقل الازهار والطيور الزرقاء وتشكيل الـ‍ V للاوز.‏

      خلال سنوات دراستي في المدرسة الثانوية والجامعة على السواء طالعت كل العلوم التي استطعت ان اغرف منها —‏ الكيمياء،‏ الفيزياء،‏ علم الاحياء،‏ الرياضيات.‏ وبعد ذلك واصلت قراءة الكتب ومقالات المجلات لعلماء التطور.‏ وكانت لا تزال غير مُقنعة.‏ فقد كانت العبارات التطورية تتدفق بشكل سطحي جدا،‏ بالغ السطحية بالنظر الى التأكيدات التي رافقتها.‏

      كان ذلك منذ سنين مضت.‏ وهوذا الآن ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فربما كان هنالك الآن برهان اكثر وتأكيد اقل.‏ وربما حان الوقت لنظرة اخرى.‏ ركَّزتُ على وجه واحد —‏ كيف ابتدأت الحياة على الارض.‏ ولكن،‏ اذا عجزت نظرية التطور عن اثبات حقيقة اول خلية حية،‏ كيف تتمكن من دعم ادعائها انتاج مخلوقات حية ذات تريليونات الخلايا —‏ ولكل واحد منا انت وانا مئة تريليون خلية؟‏

      اخترت من اجل بحثي كتبا حديثة لعلماء ذوي اوراق اعتماد معصومة —‏ كلهم علماء تطور.‏ وسأتبنى طريقة يسوع في التعامل مع الدينيين الزائفين:‏ «بكلامك تتبرر وبكلامك تدان.‏» (‏متى ١٢:‏٣٧‏)‏ وقد اقتصر بحثي على خطوات التطور الرئيسية في الطريق الى الحياة:‏ (‏١)‏ غلاف جوي بدائي،‏ (‏٢)‏ حساء عضوي،‏ (‏٣)‏ بروتينات،‏ (‏٤)‏ نيوكليوتيدات،‏ (‏٥)‏ حوامض نووية مدعوة DNA،‏ و (‏٦)‏ غشاء.‏

      افتراضات بشأن الغلاف الجوي الباكر

      يلزم اولا غلاف جوي على الارض الباكرة يُنتج جزيئات بسيطة ضرورية للحياة لدى تعرضه لوابل من البرق او الاشعة فوق البنفسجية او مصادر اخرى للطاقة.‏ وفي عام ١٩٥٣ قدَّم ستانلي ميلر تقريرا عن تجربة كهذه.‏ فقد اختار للارض الباكرة جوا غنيا بالهيدروجين،‏ ومرَّر عبره شرارة كهربائية وأنتج حامضين امينيين بسيطين من الـ‍ ٢٠ اللازمة لصنع البروتينات.‏(‏١)‏ ولكن لا احد يعرف ما كان عليه جو الارض الباكر.‏(‏٢)‏ فلماذا اختار ميلر هذا الجو؟‏ لقد اعترف بالتحيز لمصلحة ذلك لانه كان الجو الوحيد حيث «يحدث تخليق المركبات ذات الاهمية البيولوجية.‏»(‏٣)‏

      اكتشفتُ انه غالبا ما يجري التلاعب بالتجارب كي تعطي النتائج المرغوبة.‏ ويُقرّ علماء كثيرون بأن مُجري التجربة يستطيع ان ‹يتلاعب بالنتيجة بشكل عميق،‏› وان ‹ذكاءه قد يُستخدم بغية التحيّز للتجربة.‏›(‏٤)‏ واستُعمل جَوُّ ميلر في غالبية التجارب التي تلت تجربته،‏ ليس لان ذلك كان منطقيا او حتى مرجَّحا،‏ بل لانه «كان مساعدا على احداث التجارب التطورية،‏» ولان «نجاح تجارب المختبر نصح به.‏»(‏٥)‏

      رغم ذلك رحَّب علماء التطور بعمل ميلر الفذ بوصفه تقدما عظيما في المعرفة.‏ وتلت ذلك تجارب كثيرة استخدمت شتى مصادر الطاقة ومختلف المواد الاولية.‏ ومن خلال الكثير من التلاعب والخداع،‏ وتجاهل الاحوال الموجودة في البيئة الطبيعية،‏ حصل العلماء في تجارب مختبراتهم المضبوطة بصرامة على مزيد من المواد الكيميائية العضوية الوثيقة الصلة بالحياة.‏ وعملوا من حَبَّة ميلر قُبَّة بل جبل افرست.‏ ومهَّد ذلك السبيل لحساء عضوي مؤلف من مكوِّنات الحياة ليتجمع في المحيط.‏ ولكن هل حدث ذلك؟‏

      الحساء العضوي خرافة

      تصدعت حَبَّة ميلر،‏ وبزوالها انهار جبلهم افرست.‏ فقد استعمل ميلر شرارة ليفكك المواد الكيميائية البسيطة في جوّه كي يسمح بتكوّن الحوامض الامينية.‏ ولكنّ هذه الشرارة تُحطم الحوامض الامينية باكثر سرعة ايضا!‏ ولذلك تلاعب ميلر ثانية بتجربته:‏ أنشأ شَرَكا في جهازه ليخزن الحوامض حالما تتكوّن بغية انقاذها من الشرارة.‏ ومع ذلك يزعم العلماء ان الحوامض الامينية في الارض الباكرة نجت من البرق او الاشعة فوق البنفسجية بغوصها في المحيط.‏ وهكذا يسعى علماء التطور لانقاذ الحساء.‏

      ولكن دون فائدة لعدَّة اسباب.‏ ان الحوامض الامينية غير مستقرة في الماء وما كانت لتوجد في المحيط القديم الا بكميات زهيدة.‏ ولو وُجد الحساء العضوي على الاطلاق لعلقت بعض مركَّباته بالصخور الرسوبية،‏ ولكن على الرغم من ٢٠ سنة من البحث «فشلت الصخور الباكرة في تقديم ايّ دليل على حساء ما قبل الحياة.‏» ولكنّ «وجود الحساء الذي يسبق الحياة انما هو حاسم.‏» ولذلك «يأتي .‏ .‏ .‏ كصدمة الادراك ان لا دليل ايجابيا على الاطلاق على وجوده.‏»(‏٦)‏

      فُرص تشكُّل البروتين

      فلنُجز الحساء الذي لا تجيزه الطبيعة.‏ هنالك ملايين الحوامض الامينية في الحساء،‏ مئات من مختلف الانواع،‏ نصفها تقريبا ايمن الشكل ونصفها ايسر الشكل.‏ فهل تتصل الحوامض الامينية الآن في سلاسل طويلة لتصنع البروتينات؟‏ وهل يجري بالصدفة اختيار الانواع الـ‍ ٢٠ فقط اللازمة من بين مئات الانواع الموجودة في الحساء؟‏ ومن بين الانواع الـ‍ ٢٠ هذه،‏ هل تنتقي الصدفة الاشكال اليُسرى فقط التي توجد في الكائنات الحية؟‏ وهل تصفّهم بعدئذ بالترتيب الصحيح لكل بروتين مميّز وبالشكل الصحيح المطلوب لكل واحد؟‏(‏٧)‏ بأعجوبة فقط.‏

      يملك البروتين النموذجي نحو مئة حامض اميني ويحتوي على عدة آلاف من الذرات.‏ وتستعمل الخلية الحية في عملياتها الحياتية نحو ٠٠٠‏,٢٠٠ بروتين.‏ ألفان منها انزيمات،‏ وهذه هي بروتينات خصوصية لا تستطيع الخلية البقاء بدونها.‏ فما هي فرص تكوُّن هذه الانزيمات عشوائيا في الحساء —‏ هذا اذا وُجد الحساء؟‏ فرصة واحدة من ٠٠٠١٠‏,٤٠ فرصة.‏ ويعني ذلك الرقم ١ يتبعه ٠٠٠‏,٤٠ صفر.‏ واذا ما كُتب كاملا فانه يملأ ١٤ صفحة من هذه المجلة.‏ او بعبارة اخرى فان الفرصة هي كرمي زهر لعبة النَّرد والحصول على الرقم ستة ٠٠٠‏,٥٠ مرة على التوالي.‏ وذلك كله للـ‍ ٠٠٠‏,٢ فقط من الـ‍ ٠٠٠‏,٢٠٠ اللازمة للخلية الحية.‏(‏٨)‏ اذاً لتحصلوا عليها كلها ارموا الزهر لتحصلوا على الرقم ستة ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥ مرة اخرى على التوالي!‏

      شعرتُ عند هذا الحد بأنني كنت ابحث عبثا.‏ ولكنني تابعت.‏ فعلى افتراض ان الحساء اعطانا بروتينات،‏ ماذا عن النيوكليوتيدات؟‏ اشارت لزلي اورجل من معهد سولك في كاليفورنيا الى ان النيوكليوتيدات قد تكون «احدى المشكلات الرئيسية في التخليق الذي سبق الحياة.‏»(‏٩)‏ وهي ضرورية لصنع الحوامض النووية (‏RNA,‎ DNA)‏،‏ المدعوة ايضا صعوبة ساحقة.‏ وفي الواقع،‏ لا يمكن تجميع البروتينات دون الحوامض النووية،‏ كما ان الحوامض النووية لا يمكن ان تتكون دون البروتينات.‏(‏١٠)‏ انها الاحجية القديمة بملابس كيميائية:‏ ايتهما اتت اولا،‏ الدجاجة ام البيضة؟‏

      ولكن لنضع هذا الجبل جانبا ولندع عالم التطور روبرت شبيرو،‏ استاذ الكيمياء في جامعة نيويورك والاختصاصي في الابحاث المتعلقة بالـ‍ DNA،‏ يحسم مسألة التكوُّن العرضي للنيوكليوتيدات والحوامض النووية في بيئة الارض الباكرة:‏

      ‏«كلما اتّحد اثنان من الحوامض الامينية يجري اطلاق جزيء من الماء.‏ ويجب ان يتحرر جزيئان من الماء لدى تجميع نيوكليوتيد واحد من مكوِّناته،‏ ويجري اطلاق ماء اضافي لدى ضم النيوكليوتيدات لتُشكّل حوامض نووية.‏ وتكوُّن الماء في بيئة تطفح به هو،‏ لسوء الحظ،‏ المرادف الكيميائي لجلب الرمل الى الصحراء الكبرى.‏ انه غير مؤات ويستلزم انفاق الطاقة.‏ ومثل هذه العمليات لا تحدث بسهولة من تلقاء نفسها.‏ وفي الواقع،‏ ان التفاعلات العكسية هي التي تحدث تلقائيا.‏ فيهاجم الماء بسرور الجزيئات البيولوجية الكبيرة.‏ يفصم النيوكليوتيدات بعضها عن بعض،‏ ويحطم رُبُط السكر-‏الفوسفات،‏ ويفصل القواعد عن السكر.‏»(‏١١)‏

      والخطوة الاخيرة من الخطوات الست المُدرجة في البداية:‏ الغشاء.‏ ودونه لا تحيا الخلية.‏ فيجب ان تُصان من الماء،‏ وما يقوم بذلك هو دهنيات الغشاء المُنفِرة للماء.‏(‏١٢)‏ ولكن لكي يتكوّن الغشاء يلزم «جهاز تخليق البروتين،‏» و «جهاز تخليق البروتين» هذا لا يمكن ان يعمل الا اذا ضمَّه غشاء.‏(‏١٣)‏ مشكلة البيضة والدجاجة ثانية!‏

      علم الاحياء الجزيئي ينعاها

      كان حُلم علماء التطور اكتشاف الخلية الحية الاولى البالغة البساطة.‏ ولكنّ علم الاحياء الجزيئي قلب حُلمهم الى كابوس.‏ فنعاها ميخائيل دنتون الاختصاصي في علم الاحياء الجزيئي:‏

      ‏«اظهر علم الاحياء الجزيئي انه حتى ابسط الاجسام الحية قاطبة على الارض اليوم،‏ الخلايا الجرثومية،‏ هي اشياء فائقة التعقيد.‏ ومع ان اصغر الخلايا الجرثومية هي صغيرة الى حد لا يُصدَّق،‏ اذ تزن اقل من ١٠-‏١٢ غرام (‏جزء واحد من مليون مليون جزء من الغرام)‏،‏ فكل واحدة هي في الواقع مصنع حقيقي متناهي الصغر جدا يحتوي على آلاف القطع من الآلات الجزيئية المعقدة المصممة باتقان،‏ المؤلفة بأجمعها من مئة ألف مليون ذرة،‏ والتي هي اعقد بكثير من اية آلة بناها الانسان وحتما دون نظير في العالم غير الحي.‏

      ‏«وأظهر علم الاحياء الجزيئي ايضا ان التصميم الاساسي لنظام الخلية هو ذاته جوهريا في كل الاجسام الحية على الارض من البكتيريا الى الثدييات.‏ ففي كل الكائنات الحية يتماثل دور الـ‍ mRNA,‎ DNA والبروتينات.‏ ومعنى الكود الوراثي متماثل عمليا ايضا في كل الخلايا.‏ والحجم والبنية والتصميم المكوِّن لآلة تخليق البروتينات هو ذاته عمليا في كل الخلايا.‏ ولذلك،‏ بالنظر الى تصميمه الكيميائي الحيوي الاساسي،‏ لا يمكن التفكير في ايّ جسم حي انه بدائي او انه من الاسلاف بالنسبة الى ايّ جسم آخر،‏ ولا يوجد ايضا ادنى تلميح تجريبي الى تعاقب تطوري بين كل الخلايا المتنوعة بشكل لا يُصدَّق على الارض.‏»(‏١٤)‏

      فلا عجب ان يحسب هرولد مورويتز،‏ الفيزيائي في جامعة يال،‏ ان فرص الحصول على ابسط بكتيريا حية بالتغييرات العشوائية هي ١ من ١ يليه ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠٠ صفر.‏ وقال شبيرو ان «هذا الرقم هو كبير الى حد ان كتابته بشكل عادي تتطلب مئات الآلاف من الكتب الخالية من الكتابة.‏» ويوجِّه التهمة بأن العلماء الملتزمين تطوُّر الحياة الكيميائي يتجاهلون الادلة المتزايدة و «قد اختاروا ان يتمسكوا به كحقيقة لا شك فيها،‏ مدَّخرينه بالتالي كعلم اساطير.‏»(‏١٥)‏

  • كيف ابتدأت الحياة على الارض؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٧ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٨
    • واستنتاجي بعد ذلك كله:‏ لا حساء عضويا دون غلاف جوي مناسب.‏ لا حوامض امينية دون حساء عضوي.‏ لا بروتينات دون حوامض امينية.‏ لا نيوكليوتيدات دون بروتينات.‏ لا DNA دون نيوكليوتيدات.‏ لا خلية قادرة على التكاثر دون DNA.‏ لا خلية حية دون غشاء واق.‏ ولا حياة على الارض دون تصميم وتوجيه ذكي.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة