-
أيُّما هو في مصلحة الولد؟استيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
أيُّما هو في مصلحة الولد؟
أالطلاق ام عدم الطلاق؟ يراود هذا السؤال المهم تفكير كثيرين ممَّن ليسوا سعداء في زواجهم. قبل سنين كثيرة كانت فكرة الطلاق غير مقبولة، إن لم نقل مشجوبة، لأسباب اخلاقية ودينية. والوالدون غير السعداء في زواجهم كانوا عادةً يَبقون معا من اجل الاولاد. لكنَّ مقاييس هذا العالم تغيَّرت بشكل جذري في الآونة الاخيرة. وصار الطلاق اليوم مقبولا على نطاق واسع.
ومع ذلك، رغم هذا التقبُّل لفكرة الطلاق، يعبِّر عدد اكبر من الوالدين والقضاة والعلماء الاجتماعيين وغيرهم عن قلقهم حيال التأثيرات السيئة للطلاق في الاولاد. وتُسمع الآن اصوات اضافية تحذِّر منه. وتُظهر ادلّة متزايدة انه يمكن ان يكون للطلاق تأثير مدمِّر في حياة الولد. ويُطلب من الوالدين بإلحاح ان يفكروا في العواقب التي سيتحمَّلونها هم وأولادهم بسبب الطلاق. وتذكر عالِمة الاجتماع سارة ماكْلاناهان، من جامعة پرنستون الاميركية، انه «ربما ينبغي لثلثَي الى ثلاثة ارباع العائلات التي تسعى الى الطلاق ان تمنح المسألة وقتا اطول وتفكيرا اعمق، وذلك ليتأكد لها ان ما تقوم به هو الامر الصائب.»
تُظهر الدراسات الحديثة ان الاولاد الذين والدوهم مطلّقون عرضة اكثر لخطر حبل المراهقات، الخروج من المدرسة، الكآبة، الطلاق حين يتزوجون هم انفسهم، والانضمام الى صفوف المعتمدين على مساعدات الانعاش. وفي البلدان الغربية يحدث الطلاق في عائلة ولد واحد من كل ٦ اولاد. وذكرت المؤرخة ماري آن مايسن في كتابها الذي يتناول موضوع الوصاية على الاولاد في الولايات المتحدة: «ان ايّ مولود سنة ١٩٩٠ يواجه، بنسبة ٥٠ في المئة تقريبا، احتمال ان يحدِّد قرار محكمة اين ومع مَن سيعيش.»
من المؤسف ان الخلافات لا تنتهي دائما عند الطلاق، لأن الوالدين قد يستمرون في التنازع في المحاكم حول الوصاية وحقوق الزيارات، مما يزيد الشعور بالاجهاد عند اولادهم. وهذه المواجهات المشحونة عاطفيا ضمن الجو العدائي في قاعة المحكمة تضع ولاء الاولاد لوالديهم على المحك، وتجعلهم في اغلب الاحيان يشعرون بالعجز والخوف.
قالت مستشارة في الشؤون العائلية: «الطلاق لا يُسعِف الاولاد. انه يُسعِف الراشدين احيانا.» فالحقيقة هي ان الوالدين قد يحلّون مشاكلهم بالطلاق، ولكن يمكن في الوقت نفسه ان يسبِّبوا الاذى لأولادهم الذين قد يقضون بقية حياتهم يحاولون التعويض عن الضرر.
الخيارات المتعلقة بالوصاية على الاولاد
وسط العداء والاجهاد العاطفي الذي يتميز به الانفصال الزوجي، من الصعب جدا التفاوض بطريقة هادئة وعقلانية بشأن مَن يجب ان تكون له الوصاية على الاولاد. ولتقليل المواجهة بين الوالدين وتجنب المقاضاة المشحونة بالعداء، ثمة دوائر قضائية تقدِّم وسيلة بديلة لحل الخلافات، مثل الوساطة خارج المحكمة.
ان هذه الوساطة، حين تعالَج كما يجب، تتيح للوالدين الخروج باتفاق بدلا من ترك قاضٍ يتخذ القرارات المتعلقة بالوصاية على الاولاد. وإذا تعذرت الوساطة، فقد يتمكن الوالدان من الخروج ببرنامج وصاية وزيارات من خلال محاميَيهما. وحين يصل الوالدان الى اتفاق ويسجَّل خطيًّا، يمكن للقاضي ان يوقِّع امرا قضائيا يتضمن رغباتهما.
ولكن اذا لم يتمكن الوالدان من الاتفاق على برنامج وصاية، يقوم الجهاز القضائي في معظم البلدان بتأمين ما يضمن حماية مصالح الاولاد. ويركّز القاضي اهتمامه بشكل رئيسي على الاولاد لا على الوالدين. ويتأمل القاضي في عوامل كثيرة ذات علاقة، كرغبات الوالدين، علاقة الولد بكلّ من والديه، تفضيلات الولد، وقدرة كل والد على تزويد العناية اليومية. ثم يحدِّد القاضي اين سيعيش الولد ومع مَن، بالاضافة الى كيفية خروج الوالدين بقرارات مهمة تتعلق بمستقبل الولد.
في حالة الوصاية المنفردة يمكن ان يكون لأحد الوالدين الحق في اتخاذ القرارات. وفي حالة الوصاية المشتركة يجب ان يتفق الوالدان كلاهما على القرارات المهمة، كالرعاية الصحية التي يتلقاها الولد وتعليمه.
مسائل يمكن ان تواجَه
حين تواجه الوالدين الذين هم من شهود يهوه دعوى قضائية تتعلق بالوصاية على الاولاد، يجب ان يفكروا ايضا في مصلحة الاولاد الروحية. مثلا، ماذا لو كان الوالد غير الشاهد يعارض ان يُمنح الاولاد ايّ تدريب مؤسس على الكتاب المقدس؟ أو ماذا لو كان الوالد غير الشاهد مفصولا عن الجماعة المسيحية؟
يمكن لهذه الحالات ان تجعل اتخاذ القرارات اصعب على الوالدين المسيحيين. فيلزمهم ان يتصرفوا بطريقة حكيمة ومتعقلة، ويلزمهم ايضا ان يحافظوا على ضمير طاهر امام يهوه وأن يفكروا في الوقت نفسه في مصلحة الاولاد.
سنتطرق في المقالتين التاليتين الى مسائل كهذه: حين يمنح القانون الوصاية على الاولاد لأحد الطرفين، كيف ينظر الى الدين؟ كيف اواجه بنجاح تحدّي قضية الوصاية؟ كيف اواجه خسارة الوصاية على اولادي؟ وكيف انظر الى ترتيب الوصاية المشتركة مع والد مفصول؟
-
-
الوصاية على الاولاد — الدين والقانوناستيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
الوصاية على الاولاد — الدين والقانون
في قضايا الطلاق والوصاية على الاولاد، يمكن ان يكون الدين عاملا مهما — ومعقدا ايضا. فيمكن، مثلا، ان تنشأ اسئلة كهذه.
هل ينبغي ان يأخذ القاضي بعين الاعتبار الشهادة التي تدَّعي ان احد الوالدين غير مؤهل ليكون وصيا على الولد لأنه عضو في دين معيَّن، وخصوصا اذا كان هذا الدين دين اقليات؟ هل ينبغي ان يأخذ القاضي بعين الاعتبار الشهادة التي تتناول المعتقدات والممارسات الدينية للوالدين لكي يتمكن من تحديد ايّ دين هو، في رأيه، افضل للولد؟ وهل ينبغي ان يأمر بالتالي بأن يربّى الولد في ذلك الدين ويمنع تعريض الولد لتأثيرات الاديان الاخرى؟
في هذه الايام يتزوج المزيد والمزيد من الناس اشخاصا ينتمون الى خلفيات دينية وعرقية اخرى. لذلك عندما يحصل الطلاق بين الطرفين، تكون للاولاد على الارجح ارتباطات بكلا المجتمعين الدينيين. وأحيانا يكون احد الوالدين المشمولين بدعوى الطلاق قد اعتنق مؤخرا دينا مختلفا عن دينه السابق. وقد يكون الارتباط بهذا الدين الجديد قد اضفى على حياة ذلك الوالد استقرارا وصار مهما جدا بالنسبة اليه، ولكنَّ الاولاد لم يألفوه. لذلك ينشأ سؤال آخر: هل يمكن ان تمنع المحكمة الوالد من اخذ الاولاد الى الخدمات الدينية لذلك الدين لمجرد انه مختلف عن الدين الذين كان الوالدان يمارسانه سابقا؟
هذه اسئلة صعبة، وتتطلب ألا يأخذ القاضي بعين الاعتبار حاجات الولد فقط بل مصالح وحقوق الوالدين ايضا.
الحقوق الاساسية للوالدين والاولاد
صحيح ان القضاة قد يتأثرون بآرائهم الدينية الخاصة، ولكن من غير المحتمل في بلدان كثيرة ان يجري تجاهل الحقوق الدينية للوالدين او الولد. وقد تمنع دساتير هذه البلدان القاضي من وضع قيود على حق الوالدين الاساسي في توجيه تربية الولد، بما في ذلك تعليمه التربوي والديني.
والولد ايضا له الحق في تلقّي هذا التدريب من والديه. وقبل ان يتدخل القاضي شرعيا في مسألة التدريب الديني للولد، يجب ان تسمع المحكمة براهين مقنعة على ان «ممارسات دينية معيَّنة تشكّل تهديدا مباشرا وجوهريا لخير الولد الجسدي.» (الحروف المائلة لنا.) ومجرد الاختلافات في الرأي حول المسائل الدينية، او حتى العداء بين الوالدين بسبب الدين، ليست كافية لتبرِّر تدخُّل الدولة.
ان الموقف المنطقي الذي اتخذته أمّ، وهي شاهدة ليهوه، في ولاية نبراسكا الاميركية في نزاع حول الوصاية يوضح كيف تحمي هذه النصوص القانونية الوالدين والاولاد على السواء. لم يكن الاب — الذي ليس من شهود يهوه — يريد ان تحضر ابنتهما الخدمات الدينية التي يعقدها شهود يهوه في قاعة الملكوت. وحكمت محكمة دنيا لمصلحته في ذلك.
ثم استأنفت الأمّ الحكم لدى محكمة نبراسكا العليا. وكانت حجة الأمّ انه لم يكن هنالك ايّ دليل على تهديد مباشر او جوهري لخير الطفلة في ايّ من نشاطات شهود يهوه. وشهدت الأمّ قائلة ان «الحضور والاشتراك في النشاطات الدينية لكلا الوالدين . . . يزوِّد اساسا تحدِّد الطفلة بموجبه ايّ دين تفضِّل حين تبلغ سنًّا تكون فيه قد احرزت فهما كافيا.»
نقضت المحكمة العليا قرار المحكمة الدنيا وذكرت ان «المحكمة [الدنيا] ارتكبت اساءة تقدير حين وضعت قيودا على حق الأمّ الوصيَّة في التحكم في التنشئة الدينية لطفلتها القاصرة.» فلم تكن هنالك قطعا اية براهين تشير الى ان حضور الخدمات الدينية في قاعة الملكوت لشهود يهوه يؤذي الطفلة.
حقوق الوالدين غير الاوصياء
في بعض الاحيان يحاول الوالدون المطلّقون استخدام النزاعات المتعلقة بالتدريب الديني كوسيلة لإحكام السيطرة على الاولاد. مثلا، في قضية كالْسا ضد كالْسا في ولاية نيو مكسيكو الاميركية، كان كلا الوالدين يمارسان الديانة السيخية خلال زواجهما. ولكن بُعيد طلاقهما تحوَّلت الأمّ الى الديانة الكاثوليكية وبدأت تثني الاولاد عن ممارسة السيخية.
فاستاء الاب ورفع القضية الى المحكمة في محاولة للحصول على سلطة اكبر لتوجيه تدريب الاولاد الديني نحو الديانة السيخية. فكيف تجاوبت المحكمة الابتدائية مع طلب الاب؟ لقد رفضت طلبه. وأمرت المحكمة الابتدائية بأنه «حين يكون الاولاد [معه]، لا يمكن ان يشتركوا إراديا او لاإراديا في ايّ نشاط يمارسه السيخ، ويشمل ذلك ايّ نشاط في معابدهم، مخيَّماتهم، او دار حضانة نهارية لهم.»
استأنف الاب القرار لدى محكمة الاستئناف في نيو مكسيكو. فحكمت هذه المحكمة الاعلى لمصلحة الاب ونقضت قرار المحكمة الابتدائية. ذكرت محكمة الاستئناف: «ينبغي ان تلتزم المحاكم بسياسة عدم المحاباة بين الاديان، وينبغي ألا تتدخل في هذا المجال الحساس والمحميّ من قِبل الدستور إلا حيث يكون هنالك برهان واضح وأكيد على وجود أذًى يلحق بالاولاد. فالقيود في هذا المجال تنطوي على خطر، والخطر هو ان القيود التي تفرضها المحكمة تنتهك حرية العبادة عند الوالد بشكل مخالف للدستور، او هكذا قد يُنظر اليها.»
ينسجم هذا القرار مع سلسلة طويلة من المبادئ التي تراعى في بلدان كثيرة. لذلك يحسن بالوالد المتعقل ان يتأمل في هذه المبادئ. وبالاضافة الى ذلك، يحسن بالوالد المسيحي ان يفكر مليا في حاجة الولد الى التفاعل مع والديه كليهما، بالاضافة الى التزام الولد إظهار الاكرام لأمه وأبيه على السواء. — افسس ٦:١-٣.
الوساطة خارج المحكمة
مع ان الوساطة خارج المحكمة قد لا تكون رسمية كما هي جلسة الاستماع امام قاضٍ، ينبغي للوالد او الوالدة ألا ينظر اليها نظرة غير مبالية. ان أيًّا من الاتفاقات المتبادلة او الشروط التي يجري التوصل اليها في عملية الوصاية هذه يمكن جعلها مُلزِمة لاحقا بأوامر من المحكمة. لذلك يحسن بالوالد ان يستشير محاميا خبيرا بقانون الاحوال الشخصية ليتأكد ان كل المسائل المتعلقة بالوصاية تعالَج بطريقة صحيحة ومنصفة.
ينبغي ان يصرف كلٌّ من الوالدين الوقت في الاستعداد لإجراءات الوساطة. فيمكن لسلوك الوالد وتصرفاته خلال اجراءات الوساطة ان تؤثر كثيرا في النتيجة. وكثيرا ما تستحوذ عملية الطلاق على تفكير الوالدين بحيث تغيب عن بالهم المسائل المهمة: ما هو في مصلحة الولد؟ وإلى ماذا يحتاج الولد كي ينمو عقليا وعاطفيا وجسديا؟
تذكروا ان الموضوع الرئيسي في الوساطة، من وجهة النظر القانونية، ليس الخلافات الدينية او الشخصية الاخرى، بل كيف يمكن للوالدين ايجاد اساس مشترك والخروج باتفاق يكون في مصلحة الاولاد. وقد يواجه الوالد تحاملات دينية او غيرها، وكذلك اسئلة غير متوقعة او محاولات لجعله يضطرب ويرتبك. وقد تُشهَّر تقصيرات كل والد او حتى يُبالغ فيها. ولكن عندما يبقى المعنيّون بالامر متعقلين، يمكن التوصل الى قرار.
قد تبدو اجراءات الوساطة في بعض الاحيان طويلة ومحبِطة. ويكون البديل دعوى قضائية طويلة مع ما يرافقها من دعاية محرِجة وعبء مالي وتأثير مدمِّر في الولد. وليس ذلك امرا مرغوبا فيه طبعا. وكما هي الحال مع جميع المشاكل الخطيرة في الحياة، يحسن بالوالد المسيحي ان يتأمل في اجراءات الوساطة بروح الصلاة، متذكرا الدعوة الملهمة: «سلِّم للرب طريقك واتّكل عليه وهو يُجري.» — مزمور ٣٧:٥.
ولكن ماذا لو تعذَّر التوصل الى تسوية ومنَح القاضي الوصاية على الولد للوالد الآخر؟ او ماذا لو كان احد الوالدَين الساعيَين الى الطلاق مفصولا عن الجماعة المسيحية؟ وكيف ينبغي ايضا النظر الى الوصاية المشتركة والوصاية المنفردة؟ ستُناقَش هذه الاسئلة ومبادئ الكتاب المقدس المرتبطة بها في المقالة التالية.
-
-
الوصاية على الاولاد — الدين والقانوناستيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
ثلاث صفات مهمة
في مقابلة مع استيقظ!، قال قاضٍ في محكمة الاحوال الشخصية انه من الصفات المهمة التي يبحث عنها في الوالد تأتي هذه الثلاث:
التعقُّل — الاستعداد لمنح الوالد الآخر فرصة مقابلة الولد الى الحد الاقصى (شرط ألا يكون هنالك ايّ خطر جسدي او اخلاقي على الولد)
الحساسية — الادراك لحاجات الولد العاطفية
ضبط النفس — حياة عائلية متَّزنة تساهم في خلق جو هادئ يترعرع فيه الولد في هناء
-
-
الوصاية على الاولاد — الدين والقانوناستيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
توجيهات قضائية
من خلال اعطاء التوجيهات، يحاول بعض القضاة تفادي الخلافات غير الضرورية المتعلقة بالقيم الدينية عند احد الوالدين. مثلا:
١- ينبغي التشجيع على تنمية علاقة ذات معنى بين الولد ووالديه كليهما. وذكر القاضي جون سوپِنْكا من المحكمة العليا في كندا انه ينبغي السماح لكل والد «بأن ينهمك في النشاطات التي تساهم في إظهاره على حقيقته [بما فيها ممارسة دينه]. والوالد الذي لم يُمنح الوصاية لا يُتوقع منه ان يدَّعي ما ليس عليه او يتبع نمط حياة زائفا خلال الفترات التي يقضيها مع الولد.»
٢- ان منع الوالد الذي لم يُمنح الوصاية من تعليم الولد معتقداته الدينية هو انتهاك للحرية الدينية التي يتمتع بها الوالد، إلا اذا كانت هنالك براهين واضحة وأكيدة على وجود اذية جوهرية مُحدِقة بالولد.
-
-
الوصاية على الاولاد — نظرة متَّزنةاستيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
الوصاية على الاولاد — نظرة متَّزنة
غالبا ما يأتي التحدّي الحقيقي بعد ان يحصل الطلاق، حين يقع الصراع لحيازة عطف الولد والاشراف عليه. والقول انه كي تحصل المشاجرة يُشترط ان يرغب شخصان في التشاجر، ليس صحيحا دائما. فقد لا يتطلب ذلك سوى والد مستبد واحد يريد ان تجري الامور على طريقته حتى تندلع حرب الوصاية. لاحظت محامية في الشؤون العائلية في تورونتو، كندا: «في قانون الاحوال الشخصية يكون الجو مشحونا جدا بالعواطف، والقضايا تمسّ قلب الاشخاص.»
وبدلا من التفكير في مصلحة الولد، يُبقي بعض الوالدين النزاع قائما بتقديم طلبات الى المحكمة تتعلق بمسائل خارجة عن الموضوع. مثلا، حاول البعض ان يُثبتوا انه ينبغي تغيير الوصاية لأن الوالد الآخر هو من شهود يهوه وسيحرم الولد من ‹العيش حياة طبيعية.›
وقد يثير غير الشهود قضية الاحتفال بأيام الميلاد الشخصية، عيد الميلاد، او حتى عشية عيد جميع القديسين. وقد يعترض البعض قائلين ان صداقات الولد وتكيُّفه الاجتماعي ستُقيَّد اذا قرر ألا يحيّي العَلَم. او قد يوحي البعض بأن الولد سيتأذى نفسيا حين يرافق الوالد في التحدث الى الآخرين عن الكتاب المقدس. حتى ان بعض الوالدين غير الشهود ادّعوا ان حياة الولد ستكون في خطر لأن الوالد الشاهد لن يوافق على اجراء نقل دم للولد.
فكيف يواجه المسيحي التحدي الذي تفرضه هذه الحجج المشحونة بالعاطفة؟ ان ردّ الفعل الانفعالي — «ردّ الصاع بالصاع» — لن ينفع. فإذا عُرضت المسألة امام قاضٍ، فستسنح لكل من الوالدين فرصة التعبير عن رأيه. والاهم هو تذكُّر نصيحة الكتاب المقدس: «ألقِ على الرب همّك فهو يعولك. لا يدع الصدِّيق يتزعزع الى الابد.» (مزمور ٥٥:٢٢) وبالتأمل في هذه الآية وبتطبيق مبادئ الكتاب المقدس، يمكن للوالدين، بعون يهوه، ان يواجهوا اية نتيجة محتملة بشأن الوصاية على الاولاد. — امثال ١٥:٢٨.
التعقُّل
ان اهم ما في هذا الموضوع هو مصلحة الولد. وإذا كان احد الوالدين يتطلب الكثير، فقد يخسر الوصاية وحتى تُقيَّد امتيازات زياراته. أما الوالد الحكيم فيتصرف بطريقة هادئة، متذكرا نصيحة الكتاب المقدس: «لا تجازوا احدا عن شر بِشرّ. . . . اعطوا مكانا للغضب . . . لا يغلبنَّك الشر بل اغلب الشر بالخير.» (رومية ١٢:١٧-٢١) وسواء كان الوالدون في المحكمة، في مكتب المحامي، او مع مقيِّم الوصاية على الاولاد، يلزم الوالدين ان يجعلوا ‹حلمهم [‹تعقُّلهم،› عج] معروفا عند جميع الناس.› — فيلبي ٤:٥.
ويحاول احيانا احد الزوجين الذي لم يعد يعيش مع رفيق زواجه ان يخدع الآخرين بطرح مشاكل مضلِّلة ونظرية. لذلك من الحكمة ضبط الميل البشري الى الردّ بعنف على هذه التهجمات الشفهية. فخلال جلسات الاستماع في قضايا النزاع حول الوصاية على الاولاد، يستخدم الازواج او الزوجات الذين لا يعيشون مع رفقاء زواجهم مواضيع الصحة والدين والتعليم المفضَّلة عندهم لاختراع امر يُعتبر مصدر اذى للاولاد. — امثال ١٤:٢٢.
يشمل التعقُّل القدرة على اخذ الوقائع بعين الاعتبار والتفاوض للتوصل الى اتفاق منصف. وينبغي ألا ينسى كل والد انه حتى بعد الطلاق يبقى للولد والدان اثنان. فالطلاق حصل بين الوالدَين وليس بين الوالدَين والولد. لذلك ينبغي ان يتمتع كل والد، إلا في الحالات غير العادية، بحرية التصرف كوالد حين يكون الولد معه. وينبغي ان يكون لكل واحد الحق في التعبير عن مشاعره وقيمه وفي جعل الولد يشارك في النشاطات الشرعية التي يمارسها الوالد، سواء كانت دينية او غير ذلك.
دعونا نتأمل في القرارات التي يمكن ان تُصدرها المحكمة: (١) الوصاية المشتركة، (٢) الوصاية المنفردة، و (٣) القيود على امتيازات الزيارات. فما الفرق بين الوصاية المشتركة والوصاية المنفردة؟ وكيف تواجهون الوضع حين تخسرون الوصاية؟ وماذا لو كان احد الوالدين مفصولا؟
الوصاية المشتركة
يعتقد بعض القضاة انه من المهم المحافظة على الاتصال بين الولد ووالديه كليهما. وتعتمد حجتهم على ابحاث اظهرت ان الاولاد قد يعانون اجهادا وضررا عاطفيا اقل بعد الطلاق اذا تمكن الوالدان من مشاطرة احدهما الآخر الوصاية. وهكذا لا يشعر الولد بأن احد والديه تركه، بل يحسّ بأن والديه كليهما يحبانه وأنه مرتبط بكلتا العائلتين. قال محامٍ في قانون الاحوال الشخصية: «الوصاية المشتركة طريقة تُبقي كلا الوالدين معنيَّين بالموضوع.»
لكنَّ الدكتورة جوديث والرستاين، وهي المديرة التنفيذية لـ «مركز العائلة في تحوُّل» في بلدة كورْتي ماديرا بولاية كاليفورنيا، تنبِّه الى انه من اجل إنجاح الوصاية المشتركة، يلزم ان يكون الوالدان متعاونَين والولد مرِنًا وينسجم مع الناس. وهذه الصفات ضرورية لأن الوالدَين، في حالة الوصاية المشتركة، يحتفظان بالحق الشرعي في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الاساسية في مجال الصحة، التعليم، التنشئة الدينية، والحياة الاجتماعية لولدهما. لكنَّ ذلك لا ينجح إلا اذا حافظ الوالدان على تعقُّلهما عند اخذ مصلحة ولدهما بعين الاعتبار وليس مصلحتهما الخاصة.
الوصاية المنفردة
قد تمنح المحكمة الوصاية المنفردة للوالد الذي يملك، في رأيها، امكانية افضل لتزويد حاجات الولد. وقد يحكم القاضي ان يكون الوالد الوصيّ الشخصَ الوحيد الذي يتخذ القرارات في ما يتعلق بالمسائل المهمة المرتبطة بخير الولد. وغالبا ما تصل المحكمة الى قرارها بعد ان تستمع الى نتائج ابحاث الخبراء، وهؤلاء يكونون عادةً علماء نفس، اطباء نفس، او عاملين اجتماعيين.
يعتقد مؤيدو الوصاية المنفردة ان هذا الترتيب يمنح الولد استقرارا اكبر. ويفضِّل كثيرون من قضاة المحاكم الابتدائية هذا النوع من الوصاية حين لا يكون ممكنا او مرجحا ان يتفاهم الوالدان بشكل فعّال. وطبعا لا يُقصى الوالد غير الوصيّ عن حياة الولد. فالوالد غير الوصيّ يُمنح عادةً حقوق الزيارات، ويمكن لكلا الوالدَين ان يستمرا في تزويد الولد بما يحتاج اليه من ارشاد ومحبة وعطف.
امتيازات الزيارات
من غير المنطقي ان يعتبر الوالدون الوصاية على الاولاد قضية «ربح» و «خسارة.» فالوالدون ينجحون و «يربحون» حين يرون اولادهم يكبرون ويصيرون راشدين ناضجين وأكفاء ومحترَمين. والنجاح في تربية الاولاد لا يرتبط مباشرة بالوصاية التي يمنحها القضاء. وبإطاعة الشروط التي تفرضها المحكمة في المسائل المتعلقة بالوصاية على الاولاد، حتى ولو بدت مجحفة، يُظهر المسيحي ‹الخضوع للسلاطين الفائقة.› (رومية ١٣:١) ومن المهم ايضا التذكُّر انه لا يليق التنافس لكسب عطف اولادكم او ولائهم بالحطِّ من قدر الوالد الآخر في محاولة لقطع علاقته بهم.
هنالك في الكتاب المقدس امثلة لوالدين اتقياء انفصلوا عن اولادهم لأسباب مختلفة. مثلا، اقتضت مصلحة الطفل موسى ان يضعه والداه عمرام ويوكابد في سَفَط عائم صغير «بين الحَلْفاء على حافة النهر.» وعندما انتشلت ابنة فرعون الطفل من الماء، حافظا على ثقتهما بيهوه. وكوفئ هذان الوالدان الحكيمان والامينان بامتيازات «زيارات» كثيرة استخدماها بفعّالية لتدريب الصبي في طرق يهوه. وكبر موسى وصار خادما بارزا للاله الحقيقي. — خروج ٢:١-١٠؛ ٦:٢٠.
ولكن ماذا لو كان احد الوالدَين مفصولا؟ هل ينبغي ان يسمح الوالد المسيحي بالزيارة؟ ان عملية الفصل عن الجماعة لا تغيِّر إلا العلاقة الروحية بين الفرد والجماعة المسيحية. وهي في الواقع تقطع الروابط الروحية. لكنَّ العلاقة بين الوالد والولد لا تتأثر بذلك. ويجب ان يحترم الوالد الوصيّ حقوق الوالد المفصول في الزيارات. ولكن اذا كان الوالد غير الوصيّ يشكل تهديدا جوهريا يُحدِق بخير الولد الجسدي او العاطفي، فقد ترتب المحكمة (لا الوالد الوصيّ) ان يشرف طرف ثالث على زيارات الولد.
لستم وحدكم مطلقا
ان اجراءات الطلاق والنزاعات اللاحقة المتعلقة بالوصاية على الاولاد ترهق الاعصاب. فالزواج، الذي بدأ بوعود جميلة، ينهار وتنهار معه احلام الزوجين ومشاريعهما وتوقعاتهما. مثلا، قد تضطر الزوجة المخلصة، بسبب الخيانة الزوجية او المعاملة السيئة جدا، الى طلب الحماية القضائية لها ولولدها. ولكن قد تلاحقها مشاعر الذنب وعدم الكفاءة حين تتأمل في ما حدث وكيف كان يمكن ان تعالَج المسألة بشكل اكثر فعّالية. ويقلق ازواج وزوجات كثيرون بشأن ردّ فعل اولادهم حيال انهيار العائلة. وقد يولِّد النزاع حول الوصاية في المحاكم اضطرابا عاطفيا لا يمتحن فقط استقامة المرء كوالد محب بل يمتحن ايضا ايمان المرء وثقته بيهوه. — قارنوا مزمور ٣٤:١٥، ١٨، ١٩، ٢٢.
عندما يقرِّر رفيق الزواج البريء ان يتَّخذ اجراءً ما بسبب الاساءة الى الولد او سوء المعاملة الزوجية الشديد، او ليحمي صحته من خطر الامراض المنتقلة جنسيا من رفيق الزواج غير الامين، لا يلزم ان يشعر رفيق الزواج البريء هذا بالذنب او بأن يهوه تركه. (مزمور ٣٧:٢٨) فرفيق الزواج غير الامين او المسيء هو الذي خرق عقد الزواج المقدس و «غدر» برفيق زواجه. — ملاخي ٢:١٤.
استمروا في حيازة «ضمير صالح» امام يهوه والناس بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس، ومعاملة رفيق زواجكم الذي لم يعد يعيش معكم باستقامة، وبإظهار المرونة في اتفاقات الوصاية التي تُجرونها. «لأن تألمكم إن شاءت مشيئة اللّٰه وأنتم صانعون خيرا افضل منه وأنتم صانعون شرا.» — ١ بطرس ٣:١٦، ١٧.
أما الاولاد فهم بحاجة الى الطمأنة ان انهيار العائلة لم يكن بسببهم. فالامور تجري احيانا بعكس ما يُخطط لها. لكنَّ تطبيق مبادئ الكتاب المقدس يمكن ان يخفف وطأة الطلاق بالتشجيع على الحوار الصريح المتفهِّم بين الوالدين والاولاد. مثلا، يمكن فعل ذلك بالسماح للاولاد بالاشتراك بشكل فعّال في التخطيط للحياة العائلية بعد الطلاق. وبالصبر واللطف وإظهار الاهتمام بمشاعر الاولاد والاصغاء الى تعابيرهم، تساهمون كثيرا في مساعدتهم على التكيُّف مع البرامج الجديدة وترتيبات العيش الجديدة.
والآخرون يمكن ان يساعدوا
ليس الوالدون وحدهم القادرين على مساعدة الولد الذي يشهد انهيار العائلة. فيمكن لأعضاء العائلة، المعلمين، والاصدقاء ان يساهموا كثيرا في دعم وتشجيع الاولاد الذين والدوهم مطلّقون. ويلعب الاجداد خصوصا دورا كبيرا في استقرار الاولاد وخيرهم العاطفي.
ويمكن للاجداد المسيحيين ان يمنحوا الاولاد التعليم الروحي ويقوموا معهم بنشاطات مفيدة، ولكن يجب ان يحترموا قرارات الوالدين بشأن التدريب الديني، لأن اتخاذ هذه القرارات هو من حق الوالدين لا الاجداد — ادبيا وقانونيا. — افسس ٦:٢-٤.
وبهذا الدعم، يمكن للاولاد الذين والدوهم مطلّقون ان يتخطوا مرحلة انهيار زواج والديهم. ويمكنهم ان يستمروا في التطلع الى بركات عالم اللّٰه الجديد، حيث تُعتق كل العائلات من «عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد اللّٰه.» — رومية ٨:٢١؛ ٢ بطرس ٣:١٣.
-
-
الوصاية على الاولاد — نظرة متَّزنةاستيقظ! ١٩٩٧ | كانون الاول (ديسمبر) ٨
-
-
تصحيح اساءات الفهم
«لسان الحكماء يحسّن المعرفة،» والوالد المسيحي يملك فرصة جيدة لتصحيح اساءات الفهم او انصاف الحقائق. (امثال ١٥:٢) مثلا، في ما يتعلق بالرعاية الصحية للاولاد، «يقبل شهود يهوه المعالجة الطبية والجراحية،» ولكن عندما يكون الشاهد هو الوالد الوصيّ، يحتفظ بحقه في الموافقة المؤسسة على معلومات على ايّ اجراء طبي.a — مجلة الجمعية الطبية الاميركية (بالانكليزية).
ان شهود يهوه يحملون دينهم، المؤسس على كلمة اللّٰه الكتاب المقدس، محمل الجد. وهذا ما يجعلهم آباء وأمهات وأولادا وأصدقاء وجيرانا ومواطنين افضل. ويمنح الوالدون المسيحيون التأديب بمحبة، منمِّين الاحترام للسلطة ومزوِّدين اولادهم بمجموعة من القيم السليمة التي ترافقهم في حياتهم.b — امثال ١٣:١٨.
ويلعب التعليم الدنيوي دورا مهما في تنشئة الولد، ويريد شهود يهوه ان يتلقى اولادهم منه افضل ما يكون.c — امثال ١٣:٢٠.
-