مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • عندما تضيع الطفولة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • عندما تضيع الطفولة

      ‏«الطفولة هي من اهم حقوق الانسان المتعلقة بالاولاد».‏ ‏—‏ «استعجال الولد الى الرشد»‏ (‏بالانكليزية)‏.‏

      قد توافق على الارجح ان لكل الاولاد الحق في التمتع بطفولة بريئة وخالية من الهموم نسبيا.‏ لكنّ واقع الحياة المرير يجعل الاستمتاع بطفولة كهذه بعيد المنال لكثيرين من الفتيان والفتيات.‏ فكّر فقط في الآلاف،‏ ربما الملايين،‏ من احلام الطفولة التي تتبدد حين يقع الاولاد ضحية الحروب.‏ وتخيل كل الاولاد الذين تحطمت حياتهم بسبب العبودية والمعاملة القاسية.‏

      ويصعب على معظمنا ان يتصوروا شعور ولد يضطر الى العيش في الشارع لأنه يلقى الامان هناك اكثر من البيت.‏ وفي الوقت الذي يحتاج فيه هؤلاء الاولاد الى قدر كبير من المحبة والحماية،‏ يضطرون ان يتعلموا كيف يتدبرون امرهم في الشوارع ليحموا انفسهم ممن يسعون الى استغلالهم.‏ وهكذا غالبا ما تكون الطفولة نفسها ضحية ازمنتنا المضطربة.‏

      ‏«ليتني استعيد طفولتي»‏

      قضت كارمن،‏ البالغة من العمر ٢٢ سنة،‏ سنوات طفولتها وهي تكافح.‏a فقد أُجبرت هي وأختها على العيش في الشوارع لكي تهربا من اساءة معاملة والدهما ومن اهمال والدتهما.‏ ورغم المخاطر التي تعرضتا لها بسبب نمط حياتهما الجديد تمكنت كلتا الفتاتين من تجنب بعض الاشراك التي يقع فيها كثيرون من الصغار الهاربين.‏

      لا تزال كارمن تبكي طفولتها،‏ فهي لا تذكر انها كانت طفلة يوما.‏ تتحسر وتقول:‏ «لقد قفزت من صغري الى عمر الـ‍ ٢٢ دون مرحلة انتقالية.‏ والآن انا متزوجة ولدي ولد.‏ لكني اتوق بشدة ان افعل ما تفعله الفتيات الصغيرات،‏ ان ألعب بالدمى مثلا.‏ ارغب ان يكون لي والدان يحبانني ويعانقانني.‏ ليتني استعيد طفولتي».‏

      كثيرون من الاولاد يقاسون الامرّين مثل كارمن وشقيقتها.‏ انهم يعيشون في الشوارع محرومين فعليا من طفولتهم.‏ وكثيرون منهم يرتكبون الجرائم لمجرد البقاء على قيد الحياة.‏ وتظهر التقارير الاخبارية والاحصاءات ان الاولاد يشتركون في الجرائم بعمر مبكر جدا.‏ وما يزيد الطين بلة هو ان فتيات كثيرات ينجبن اطفالا وهن بعد في سن المراهقة —‏ وهن بعد اولاد.‏

      ازمة اجتماعية خفية

      لا عجب ان ينتهي المطاف بأعداد متزايدة من الاولاد في بيوت عائلات بديلة.‏ وقد ذكرت افتتاحية في صحيفة ذا ويك-‏إند اوستراليان (‏بالانكليزية)‏:‏ «تدريجيا وقعت الرعاية البديلة في ازمة.‏ فالمزيد من الاولاد الذين يأتون من عائلات محطمة يقعون ضحية الاهمال».‏ وذكرت الصحيفة ايضا:‏ «بعض الاولاد الذين تُعنى بهم عائلة بديلة يقضون شهورا،‏ حتى سنوات،‏ دون ان يزورهم اي عامل اجتماعي،‏ فيما يُنقل آخرون من عائلة بديلة الى اخرى دون ايجاد اسرة دائمة».‏

      يُخبر ان فتاة في الـ‍ ١٣ من العمر تنقلت بين ٩٧ عائلة بديلة في فترة ثلاث سنوات،‏ ولم تبقَ في بعض البيوت سوى ليلة واحدة.‏ وهي تتذكر اليوم مدى معاناتها مشاعر النبذ وعدم الامان.‏ لقد ضاعت طفولتها،‏ شأنها في ذلك شأن العديد من الاولاد الذين تعتني بهم عائلة بديلة.‏

      فلا عجب ان يتحدث الخبراء اليوم عن المأساة المتفاقمة للطفولة الضائعة.‏ إذا كنت والدا،‏ فقد تنظر الى هذه الوقائع المروعة وتحسب نفسك موفقا لأنك قادر على تأمين المسكن وضروريات الحياة لأولادك.‏ لكن هنالك خطر آخر.‏ ففي عالم اليوم لا يخسر بعض الاولاد طفولتهم كاملا،‏ لكنهم يُجبرون ان يكبروا قبل الاوان.‏ كيف؟‏ وبأية نتائج؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a جرى تغيير الاسماء.‏

  • عندما يكبر الاولاد قبل الاوان
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • عندما يكبر الاولاد قبل الاوان

      تحت السماء المكفهرة،‏ هدر محرك الطائرة الصغيرة،‏ تزايدت سرعتها،‏ ثم اقلعت عن المدرج.‏ كان ذلك حدثا مهمّا استقطب وسائل الاعلام،‏ كاميرات التصوير،‏ والمراسلين الصحفيين الذين كانوا يطرحون اسئلة تنطوي على الاعجاب ويتفوهون بالكثير من عبارات المديح.‏ فمَن كان محور هذا الاهتمام؟‏ ليس قائد الطائرة ولا الراكب الوحيد،‏ بل ابنة هذا الراكب البالغة السابعة من عمرها.‏

      كان يُتوقّع ان تقود الفتاة الصغيرة الطائرة لتحطم رقما قياسيا،‏ متقيّدة بوقت محدد.‏ وكانت وسائل الاعلام تنتظرها في المحطة التالية.‏ لذلك،‏ رغم السماء الملبدة بالغيوم،‏ صعد الثلاثة على متن الطائرة.‏ فجلست الفتاة الصغيرة على وسادة لكي تتمكن من الرؤية من فوق لوحة القيادة،‏ وأضفي تعديل على الدواستَين لكي تلائما طول ساقيها الصغيرتين.‏

      لكن الرحلة كانت قصيرة جدا.‏ فمع هبوب عاصفة مفاجئة،‏ تغير فجأة اتجاه الطائرة،‏ فهوت وتحطمت وقُتل الركاب الثلاثة.‏ فأعلنت وسائل الاعلام فجأة النبأ المحزن عوض الثناء والمديح.‏ وتساءل بعض المراسلين والمحرّرين اذا كانت لوسائل الاعلام يد في المأساة التي وقعت.‏ وشجب كثيرون قيادة الاولاد للطائرات.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ سُنَّت قوانين بشأن هذا الموضوع.‏ لكن وراء كل هذه الضجة الاعلامية والحلول البسيطة المطروحة تكمن مسائل اعمق.‏

      لقد جعلت هذه المأساة بعض الاشخاص يفكرون جديا في ما يحدث على صعيد واسع في عصرنا.‏ فاليوم،‏ لا يُتاح للاولاد ان يعيشوا طفولتهم كما ينبغي،‏ اذ تُسند اليهم مهمات الراشدين في سن مبكرة جدا.‏ صحيح ان التأثيرات ليست دائما مأساوية الى هذا الحد.‏ لكن يمكنها ان تكون عميقة وتدوم طويلا.‏ فلنتأمل في بعض الطرائق التي قد تجعل الاولاد يكبرون قبل الاوان.‏

      الاستعجال الى التعليم

      من البديهي ان يتشوق الوالدون ليروا اولادهم ينجحون في الحياة.‏ لكن عندما يتحول هذا الشوق الى هاجس،‏ قد يلقي الوالدون على عاتق اولادهم مسؤوليات كثيرة،‏ مثقلين كاهلهم باكرا جدا.‏ وغالبا ما يفعلون ذلك بنية حسنة.‏ مثلا،‏ يصير من الشائع اكثر فأكثر ان يسجّل الوالدون اولادهم في نشاطات بعد المدرسة،‏ بدءا من النشاطات الرياضية الى دروس الموسيقى والباليه.‏ وغالبا ما يُضاف الى كل ذلك التعليم الخصوصي.‏

      طبعا،‏ ليس خطأ تنمية مواهب الولد او اهتماماته.‏ لكن هل يمكن ان يتطرف الوالدون في الامر؟‏ من الواضح ان هذا الخطر موجود،‏ اذ ان بعض الاولاد على ما يبدو يواجهون ضغوطا مشابهة لما يواجهه الراشدون المثقلون بالاعباء.‏ تذكر مجلة تايم:‏ «في الماضي كان الاولاد يتمتعون بطفولتهم،‏ اما اليوم فلديهم مناهج دراسية يقلقون بشأنها؛‏ والاولاد عوض تمتعهم بحيوية الطفولة،‏ لديهم اليوم هدف سامٍ هو العمل بكد».‏

      ويأمل بعض الوالدين ان يبرع اولادهم وهم صغار في مجالات معينة مثل الرياضة،‏ الموسيقى،‏ او التمثيل.‏ فقبل ان يولد الولد،‏ يسجله والداه في روضة الاطفال آملَين ان تزداد آمال نجاحه في الحياة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ تتسجل بعض الامهات في «جامعات قبل الولادة» تقدم ثقافة موسيقية للاطفال وهم بعد في الرحم.‏ والهدف هو حثّ دماغهم في مرحلة نموه.‏

      وفي بعض البلدان،‏ تُقيَّم مهارات الاولاد في القراءة والرياضيات قبل ان يبلغوا السادسة من عمرهم.‏ وقد اثار هذا الامر القلق بشأن الاذى العاطفي.‏ فماذا يحصل،‏ مثلا،‏ اذا «فشل» ولد في صف الروضة؟‏ يذكر دايڤيد إلكايند،‏ واضع كتاب استعجال الولد الى الرشد،‏ ان المدارس تميل الى تصنيف الاولاد سريعا جدا وباكرا جدا.‏ وهم يقومون بذلك،‏ كما يحاج إلكايند،‏ لأسباب ادارية لا لأسباب تتعلق بفعالية تعليم الاولاد.‏

      وهل من ثمن يُدفع بسبب الضغط على الاولاد ليصبحوا قبل الاوان راشدين صغارا اكْفاء؟‏ يشعر إلكايند بالانزعاج لرؤيته المجتمع يتبنى فكرة تأهيل الاولاد ليستطيعوا تحمل اعباء الكبار.‏ يقول:‏ «يعكس ذلك ميلنا الى اعتبار الضغوط المتزايدة والصارمة التي تمارَس على الصغار اليوم امرا ‏‹طبيعيا›».‏ فعلا،‏ ان المفاهيم المتعلقة بما يُعتبر طبيعيا للاولاد تتغير بسرعة على ما يبدو.‏

      الاستعجال الى الفوز

      يعتقد والدون كثيرون انه من الطبيعي،‏ بل من المستحسن،‏ تعليم اولادهم ان الفوز هو اهم شيء —‏ وخصوصا في الالعاب الرياضية.‏ واليوم يضع اولاد كثيرون نصب اعينهم الحصول على الميداليات الاولمپية.‏ وفي سبيل التلذذ بالمجد الناجم عن دقائق قليلة من النصر وتأمين العيش الرغيد في فترة الرشد،‏ يُحثّ بعض الاولاد ان يكبروا قبل الاوان او ان يتخلوا عن طفولتهم.‏

      تأمل في الاناث اللواتي يحترفن الجمباز.‏ انهن يبدأن في سن مبكرة جدا باتباع تمارين قاسية تُخضع جسمهن الصغير لضغط هائل.‏ ويقضين سنوات في الاستعداد عقليا وجسديا للمباريات الاولمپية.‏ طبعا،‏ قليلات فقط يكن من الرابحات.‏ فهل تشعر الخاسرات ان النتائج النهائية كانت تستحق التضحية بمعظم سني حداثتهن؟‏ وفي النهاية،‏ حتى الرابحات سيتساءلن هل كان الامر يستأهل كل التضحية التي بذلنها.‏

      عاطفيا،‏ قد تُدفع هؤلاء الفتيات الصغيرات ان يكبرن قبل الاوان بإضرام رغبة قوية فيهن ليلمعن كنجمات رياضيات متفوقات.‏ لكن جسديا قد يعاق نموهن بسبب هذا التمرين القاسي.‏ فعند بعض الفتيات،‏ يُعاق نمو العظم.‏ كما تشيع اضطرابات الاكل.‏ وفي عدد من الحالات،‏ تتأخر مرحلة البلوغ،‏ وقد يصل هذا التأخير الى عدة سنوات.‏ لكن فتيات كثيرات اليوم يواجهن مشكلة معاكسة:‏ بداية مرحلة البلوغ في سن مبكرة.‏ —‏ انظر الاطار اعلاه.‏

      اولاد يملكون كل شيء ما عدا الطفولة

      اذا كنت لتصدق وسائل الاعلام الترفيهية،‏ فقد تظن ان عيش الولد طفولة مثالية يعتمد على اغراقه بكل وسائل الترف.‏ وبعض الوالدين يعملون بكد لتزويد اولادهم بكل وسائل الرفاهية،‏ بما فيها بيت فخم،‏ وسائل تسلية لا تحصى،‏ وثياب غالية الثمن.‏

      رغم ذلك،‏ ينغمس اولاد عديدون ممن ينشأون في هذه العائلات في شرب الكحول وتعاطي المخدِّرات،‏ كما يكونون نكدين ومتمردين.‏ لماذا؟‏ كثيرون يستاؤون لأنهم يشعرون انهم مهمَلون.‏ فالاولاد بحاجة الى والدين بجانبهم يحبونهم ويهتمون بهم.‏ والوالدون المشغولون الى حد يجعلهم عاجزين عن الاهتمام بأولادهم قد يظنون انهم بعملهم يؤمّنون لهم السعادة —‏ لكن ما يقومون به فعليا هو العكس تماما.‏

      في وصف «الوالدَين اللذين يعملان كلاهما،‏ وهما من مكانة اجتماعية واقتصادية جيدة»،‏ تقول الدكتورة جوديث پافازي انهما غالبا ما «يدلّلان اولادهما لأنهما يدركان لاشعوريا ان سعيهما وراء الامور المادية يأتي على حساب العائلة».‏ وفي نظرها،‏ يحاول الوالدان في هذه الحالة «الاستعفاء من مسؤولياتهما كوالدَين من خلال تأمين الحاجات المادية».‏

      لكن غالبا ما يدفع الاولاد ثمنا باهظا.‏ فرغم تمتعهم بوسائل مادية ترفيهية كثيرة،‏ يفتقرون الى اهم العناصر الرئيسية التي ترتكز عليها الطفولة:‏ محبة الوالدين وقضاء الوقت معهم.‏ ودون توجيه،‏ دون تأديب وإرشاد،‏ يواجهون باكرا جدا اسئلة يواجهها الراشدون عادة،‏ ولا يكونون مستعدين لها.‏ ‹هل اتعاطى المخدِّرات؟‏ هل امارس الجنس؟‏ هل يجوز ان اكون عنيفا عندما اغضب؟‏›.‏ سيجدون على الارجح اجوبتهم الخاصة،‏ بالاعتماد على نظرائهم او التلفزيون او الممثلين.‏ وتكون النتيجة نهاية الطفولة بشكل مأساوي مفاجئ.‏

      حين يلعب الولد دور «الراشد» الآخَر

      عندما تخسر العائلة احد الوالدَين اما بالموت او بالهجر او بالطلاق،‏ غالبا ما يعاني الاولاد عاطفيا.‏ طبعا،‏ تتدبر عائلات كثيرة امرها حتى بوجود والد واحد.‏ لكن في بعض منها،‏ يكبر الاولاد قبل الاوان.‏

      من البديهي ان يعاني الوالد المتوحد من الوحدة احيانا.‏ لكنّ البعض يسمحون لأحد اولادهم —‏ غالبا البكر —‏ ان يلعب دور «الراشد» الآخَر في العائلة.‏ فقد يعمد الوالد المتوحد،‏ ربما بسبب اليأس،‏ الى الافضاء بمكنونات قلبه الى ولده الحدث،‏ مثقلا اياه بمشاكل لا يكون مستعدا لتحملها.‏ وهكذا،‏ عاطفيا،‏ يعتمد بعض الوالدين المتوحدين على الولد بإفراط.‏

      ويتخلى والدون آخرون عن مسؤولياتهم كليا،‏ مجبرين الولد على لعب دور الراشد في العائلة.‏ لقد تحرّرت كارمن وأختها المذكورتان آنفا من مثل هذا الوضع حين تركتا البيت ولجأتا الى الشارع.‏ فقد كانتا مجبرتين على الاهتمام بأخوتهما الاصغر رغم صغر سنهما.‏ وكان العبء اكبر من ان يُحتمل.‏

      دون شك،‏ ان اجبار الولد ان يكبر قبل الاوان مسألة خطيرة ينبغي تفاديها اذا كان ذلك ممكنا.‏ لكن هنالك اخبار سارة:‏ يستطيع الراشدون اتخاذ خطوات ايجابية ليؤمّنوا لذريتهم سنوات من الطفولة السعيدة.‏ اية خطوات؟‏ لنفحص بعض الاجوبة التي اثبت الزمن فعاليتها.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      مشكلة البلوغ المبكر

      هل تمر الفتيات اليوم بمرحلة البلوغ في سن ابكر من المعتاد؟‏ هذه المسألة هي مثار جدل بين العلماء.‏ يقول البعض انه في اواسط القرن الـ‍ ١٩،‏ كان معدل العمر لبداية مرحلة البلوغ عند الفتيات ١٧ سنة،‏ فيما هو اليوم دون الـ‍ ١٣.‏ وبحسب دراسة أُجريت سنة ١٩٩٧ على ٠٠٠‏,١٧ فتاة في الولايات المتحدة،‏ تبين ان حوالي ١٥ في المئة من الفتيات البيضاوات و ٥٠ في المئة من الفتيات الاميركيات من اصل افريقي تظهر لديهن علامات البلوغ باكرا،‏ في سن الثامنة!‏ لكنّ بعض الاطباء يشكون في هذه المعلومات ويحذّرون الوالدين من مغبة تقبل النمو المبكر جدا كأمر «طبيعي».‏

      على اية حال،‏ يشكل هذا الوضع تحديا للوالدين والاولاد على السواء.‏ تعلق مجلة تايم:‏ «ما هو اسوأ من الاضطراب الناجم عن التغييرات الجسدية،‏ هو ما قد يخلفه النمو الجنسي السابق لأوانه من تأثير نفسي في الفتيات المفترض ان يقرأن القصص الخرافية،‏ لا ان يبعدن عنهن الذين يحومون حولهن كذئاب ضارية.‏ .‏ .‏ .‏ والطفولة بحد ذاتها انما هي فترة قصيرة على اية حال».‏ وتثير المقالة السؤال التالي:‏ «اذا سبق جسد الفتيات قلبهن وعقلهن الى الرشد،‏ فما الذي يُفقَد نهائيا؟‏».‏

      غالبا ما تُفقد البراءة —‏ من خلال الاستغلال الجنسي.‏ تقول ام بصراحة تامة:‏ «الفتيات اللواتي يظهرن اكبر من عمرهن هن كالعسل [للنحل].‏ انهن يجذبن الفتيان الاكبر سنا».‏ كما يدفعن غاليا ثمن ممارسة الجنس في سن مبكرة.‏ ويمكن ان تفقد الفتاة احترامها للذات،‏ ضميرها الطاهر،‏ وقد تتأذى ايضا جسديا وعاطفيا.‏

  • عندما يعيش الولد طفولته
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | نيسان (‏ابريل)‏ ٢٢
    • عندما يعيش الولد طفولته

      تعتمد الطفولة السعيدة كثيرا على التربية الابوية الجيدة.‏ لكن ماذا يشمله ذلك؟‏ لا بد انك سمعت بعض النصائح بشأن هذا الموضوع.‏ اصرف وقتا مع اولادك.‏ اصغِ اليهم.‏ امنحهم الارشاد السليم.‏ شاركهم افراحهم وأتراحهم.‏ كن صديقا حقيقيا لهم دون ان ترخي سلطتك كوالد.‏ طبعا،‏ ستساعد هذه المبادئ الشائعة الوالدين على القيام بدورهم جيدا.‏ لكن هنالك امر اهم ينبغي ان توليه الاولوية.‏

      يجد ملايين الوالدين حول العالم ان اتباع مبادئ الكتاب المقدس هو مفتاح التربية الابوية الجيدة.‏ لماذا؟‏ لأن واضع الكتاب المقدس الحكيم،‏ يهوه اللّٰه،‏ هو الذي ابدأ ترتيب العائلة.‏ (‏تكوين ١:‏٢٧،‏ ٢٨؛‏ ٢:‏١٨-‏٢٤؛‏ افسس ٣:‏١٥‏)‏ فمن الطبيعي ان تكون كلمته الموحى بها هي المرجع الافضل لاستقاء الارشاد بشأن تربية الاولاد.‏ لكن كيف يمكن للكتاب المقدس،‏ هذا الكتاب القديم جدا،‏ ان يلقي الضوء على موضوع الاولاد الذين يكبرون قبل اوانهم؟‏ فلنتأمل في بعض مبادئ الكتاب المقدس المتعلقة بهذا الموضوع.‏

      على «‏خطى الاولاد»‏

      كان ليعقوب،‏ ابن اسحاق،‏ اكثر من اثني عشر ولدا.‏ ويرد في الكتاب المقدس ما قاله بشأن رحلة عائلية:‏ «الاولاد ضعاف،‏ .‏ .‏ .‏ فتقدَّمْني يا سيّدي [عيسو،‏ اخو يعقوب الاكبر]،‏ وأنا امشي متمهِّلا على .‏ .‏ .‏ خطى الاولاد».‏ —‏ تكوين ٣٣:‏١٣،‏ ١٤‏،‏ الترجمة العربية الجديدة.‏

      عرف يعقوب ان اولاده ليسوا راشدين صغارا.‏ انهم «ضعاف» —‏ اصغر،‏ اطرى عودا،‏ ولديهم حاجات اكثر من الراشدين.‏ وعوض ان يجبر اولاده ان يمشوا على خطاه،‏ ابطأ هو خطاه لتتماشى مع خطاهم.‏ من هذه الناحية عكس الحكمة التي يظهرها اللّٰه تجاه اولاده البشر.‏ فأبونا يعرف طاقتنا.‏ وهو لا يتوقع منا ان نعطي اكثر من قدرتنا.‏ —‏ مزمور ١٠٣:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

      حتى بعض المخلوقات الحيوانية تعكس هذه الحكمة،‏ اذ ان اللّٰه جعلها «حكيمة» بالغريزة.‏ (‏امثال ٣٠:‏٢٤‏)‏ فقد لاحظ علماء الطبيعة ان قطيعا كاملا من الفيَلة يعدل سرعته لتتناسب مع سرعة فيل صغير يمشي في الوسط،‏ فيمشي القطيع ببطء حتى يستطيع الصغير مجاراته.‏

      لقد اهملت بعض فئات المجتمع العصري اتِّباع الحكمة الالهية.‏ لكن ليس من الضروري ان تحذو انت حذوهم.‏ فلا تنسَ ان اولادك «ضعاف» —‏ غير قادرين على تحمل الاعباء والمسؤوليات التي يتحملها الراشدون.‏ مثلا،‏ اذا كنت والدا متوحدا تواجه مشاكل شخصية صعبة وتُغرى بأن تفضي بهمومك الى ولدك،‏ فحارب هذا الميل.‏ وعوض ذلك،‏ ابحث عن صديق راشد ناضج يستطيع مساعدتك لتعالج مشاكلك بفعالية،‏ ومن الافضل ان يكون شخصا يساعدك على تطبيق المشورة الحكيمة الموجودة في الكتاب المقدس.‏ —‏ امثال ١٧:‏١٧‏.‏

      ايضا،‏ لا تجعل حياة ولدك مثقلة بالاعباء ومبرمجة جدا بحيث تكون خالية من كل فرح.‏ ضع لولدك برنامجا يناسبه،‏ لا برنامجا يجاري بشكل اعمى نمط الحياة اليوم.‏ ينصح الكتاب المقدس بحكمة:‏ «لا تدعوا العالم حولكم يضغطكم في قالبه».‏ —‏ روما ١٢:‏٢‏،‏ ترجمة فيلپس.‏

      ‏«لكل شيء زمان»‏

      يقول مبدأ حكيم آخر في الكتاب المقدس:‏ «لكل شيء زمان ولكل امر تحت السموات وقت».‏ طبعا،‏ هنالك وقت للعمل.‏ فلدى الاولاد الكثير من الاعمال ليقوموا بها —‏ بما فيها الفروض المدرسية،‏ الاعمال المنزلية،‏ والنشاطات الروحية.‏ لكن النص نفسه في الكتاب المقدس يقول انه يوجد ايضا «للضحك وقت» و «للرقص وقت».‏ —‏ جامعة ٣:‏١،‏ ٤‏.‏

      يحتاج الاولاد بشكل خصوصي ان يلعبوا،‏ يضحكوا،‏ وينفسوا عن طاقتهم بطريقة خالية من الهموم نسبيا.‏ فإذا كانت كل ساعات يقظتهم مبرمجة لتشمل الذهاب الى المدرسة،‏ نشاطات ما بعد ساعات الدراسة،‏ ومسؤوليات مهمة اخرى فلن تُشبَع حاجتهم الى اللعب.‏ وقد يغيظهم ذلك ويؤدي الى تثبط عزيمتهم.‏ —‏ كولوسي ٣:‏٢١‏.‏

      تأمل في كيفية تطبيق مبدإ الكتاب المقدس نفسه بطرائق اخرى عديدة ايضا.‏ مثلا،‏ بما انه يوجد وقت لكل شيء،‏ أفلا يعني ذلك ان الطفولة هي الفترة المخصصة ليعيش الولد طفولته؟‏ ستجيب على الارجح:‏ نعم.‏ لكن اولادك قد لا يوافقونك الرأي دائما.‏ ففي اغلب الاحيان،‏ يريد الفتيان والفتيات التمثّل بالراشدين.‏ مثلا،‏ قد ترغب الفتيات ان يلبسن ويزين انفسهن كالنساء.‏ وابتداء مرحلة البلوغ في سن مبكرة قد يزيد الضغط الذي يشعرن به ليظهرن اكبر سنا.‏

      يميز الوالدون الحكماء الخطر الكامن وراء هذا المنحى.‏ فبعض الاعلانات ومواد التسلية في هذا العالم المنحط تصور الاولاد كأشخاص ناضجين قبل اوانهم،‏ ويفهمون الامور الجنسية.‏ ويتزايد عدد الاولاد الذين يلبسون الحلي،‏ يستخدمون مستحضرات التجميل،‏ ويرتدون انماط الثياب المثيرة.‏ لكن لمَ نجعل الاولاد اكثر اغراء للذين يحبون استغلالهم جنسيا؟‏ ان الوالدين الذين يوجهون اولادهم ليرتدوا بطريقة تناسب عمرهم،‏ يطبّقون مبدأ الكتاب المقدس:‏ «الذكي يبصر الشر فيتوارى».‏ —‏ امثال ٢٧:‏١٢‏.‏

      مثل آخر:‏ ان السماح للالعاب الرياضية ان تحتل الاولوية في حياة الولد يمكن ان يؤدي الى حياة غير متزنة،‏ حياة لا يكون فيها لكل شيء وقت.‏ ينصح الكتاب المقدس بحكمة:‏ «التدريب الجسدي نافع لقليل؛‏ اما التعبد للّٰه فنافع لكل شيء،‏ اذ فيه وعد الحياة الحاضرة والآتية».‏ —‏ ١ تيموثاوس ٤:‏٨‏.‏

      لا تدع اولادك يتبنون موقف «الفوز هو اهم شيء».‏ فكثيرون من الوالدين يجعلون الرياضة والالعاب خالية من كل فرح اذ يحثون اولادهم على امتلاك روح المنافسة الشديدة وعلى الربح مهما كان الثمن.‏ فيشعر بعض الاولاد بالتالي انهم مجبرون على الغش او حتى ايذاء لاعبين آخرين من اجل الفوز.‏ لكنّ الفوز لا يستأهل على الاطلاق دفع هذا الثمن!‏

      تعلم ضبط النفس

      غالبا ما يصعب على الاولاد الادراك ان لكل شيء وقتا.‏ فليس سهلا عليهم الانتظار بصبر عندما يرغبون في نيل امر ما.‏ وما يزيد الطين بلة هو ان المجتمع البشري يميل على ما يبدو الى الارضاء الفوري للرغبات.‏ فغالبا ما تكون الرسالة التي تنقلها وسائل الاعلام الترفيهية:‏ «حقّق فورا كل رغباتك!‏».‏

      لا تستسلم لمثل هذه التأثيرات بتدليل ولدك وإفساده.‏ يقول كتاب الولد والآلة (‏بالانكليزية)‏:‏ «القدرة على تأجيل اشباع الرغبات هي وجه مهم للتحكم في العواطف».‏ ويضيف:‏ «التأديب الذاتي والانسجام الاجتماعي يزودان ترياقا فعالا ضد ازدياد العنف بين الاولاد داخل المدرسة وخارجها على السواء».‏ والكتاب المقدس يحتوي على هذا المبدإ المساعد:‏ «من دلَّل عبده في حداثته،‏ يتمرَّد في النهاية عليه».‏ (‏امثال ٢٩:‏٢١‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ رغم ان الآية تتعلق مباشرة بكيفية معاملة العبيد في حداثتهم،‏ يجد والدون كثيرون ان المبدأ نفسه مفيد جدا لأولادهم.‏

      ومن اهم حاجات الاولاد نيل ما يدعوه الكتاب المقدس «تأديب يهوه وتوجيهه الفكري».‏ (‏افسس ٦:‏٤‏)‏ فالتأديب الحبي يساعد الاولاد على تطوير صفات مثل ضبط النفس والصبر.‏ وهذه الصفات تساعدهم على ايجاد السعادة والاكتفاء في الحياة.‏

      عندما يولّي كل ما يهدد الطفولة

      لكن قد تتساءل:‏ «هل قصد حقا الاله الحكيم المحب الذي اوحى بهذه المبادئ النافعة ان يكون عالمنا ما هو عليه اليوم؟‏ هل قصد ان يكبر الاولاد في عالم غالبا ما يكون خطرا عوض ان يؤمّن لهم الرعاية؟‏».‏ قد تتعزى حين تعرف ان يهوه اللّٰه وابنه،‏ يسوع المسيح،‏ يكنان محبة رقيقة للجنس البشري،‏ بمن فيه الاولاد من كل الاعمار.‏ وقريبا سيخلصان الارض من كل الاشرار.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١‏.‏

      هل ترغب في حيازة نظرة مسبقة الى ذلك الوقت السعيد والسلمي؟‏ تصور فقط هذا المشهد الذي يصفه الكتاب المقدس بشكل رائع:‏ «يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمَّن معا وصبي صغير يسوقها».‏ (‏اشعياء ١١:‏٦‏)‏ في عالم غالبا ما تتحطم فيه الطفولة بقساوة ويكبر الاولاد قبل اوانهم،‏ كم نتعزى حين نعرف ان اللّٰه يعد بهذا المستقبل المشرق للجنس البشري على الارض!‏ فمن الواضح ان الخالق لم يقصد ان يخسر الاولاد طفولتهم،‏ بل ان يعيشوا طفولة سعيدة وهانئة.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة