-
العيش مع عجز في التعلماستيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
العيش مع عجز في التعلم
أَحَبُّ فترة من اليوم على قلب دايڤيد البالغ من العمر ست سنوات هي ساعة القصص. فهو يفرح كثيرا عندما تقرأ امه عليه، ولا يلاقي اية صعوبة في تذكُّر ما يسمعه. لكنَّ دايڤيد يعاني مشكلة. فهو لا يستطيع ان يقرأ هو بنفسه. وفي الواقع، كل عمل يتطلب مهارة بصرية يغيظه.
سارة تلميذة مدرسة للسنة الثالثة، لكنَّ خطها سيئ بشكل غير عادي. فهي ترسم الاحرف بطريقة رديئة وتكتب بعضها مقلوبا. وما يزيد على همِّ والديها هو انها تلاقي صعوبة حتى في كتابة اسمها.
جوش، مراهق صغير، مجتهد في كل مادة دراسية في المدرسة إلا الرياضيات. فمفهوم القيمة العددية للارقام يربكه كليا. ومجرد النظر الى الاعداد يثير غضبه، وعندما يجلس لينجز فرض الرياضيات يتعكر مزاجه بسرعة.
ما خطب دايڤيد وسارة وجوش؟ هل كل المشكلة انهم كسالى، عنيدون، وربما بطيئو الفهم؟ كلا على الاطلاق. فالذكاء عند كل واحد من هؤلاء الاولاد يتراوح بين الطبيعي وفوق المتوسط. ولكن كل واحد منهم يعيقه عجز في التعلم. فدايڤيد يعاني عُسر القراءة، وهذا التعبير ينطبق على عدد من المشاكل المرتبطة بالقراءة. والصعوبة الكبيرة التي تلاقيها سارة في الكتابة تدعى عُسر الكتابة. وعدم قدرة جوش على استيعاب المبادئ الاساسية للرياضيات يُعرف باسم عُسر الحساب. وهذه ثلاث فقط من حالات العجز في التعلم. فهنالك كثير غيرها، ويقدِّر بعض الخبراء ان الحالات جمعاء تؤثر على الاقل في ١٠ في المئة من الاولاد في الولايات المتحدة.
تعريف حالات العجز في التعلم
صحيح ان معظم الاحداث يجدون التعلم صعبا في بعض الاحيان، لكنَّ ذلك ليس دليلا عادةً على وجود عجز في التعلم، بل يُظهر ان للاولاد جميعا قدراتهم وحدودهم في التعلم. فمهارات البعض السمعية جيدة — يستوعبون المعلومات جيدا بالاستماع اليها. ومهارات البعض الآخر بصرية اكثر، اي انهم يتعلمون بشكل افضل من خلال القراءة. ولكن بما ان التلاميذ يُجمعون في المدارس في صف واحد ويُتوقع من الجميع ان يتعلموا بصرف النظر عن الاسلوب التعليمي المستخدم، فسيعاني البعض مشاكل في التعلم لا محالة.
ولكن يقول بعض الخبراء ان ثمة فرقا بين مشاكل التعلم البسيطة وحالات العجز في التعلم. وتفسير ذلك هو ان مشاكل التعلم يمكن التغلب عليها بالصبر والجهد. أما حالات العجز في التعلم فيقال انها اعمق. يكتب الدكتوران پول وأستير وَندِر: «يبدو ان دماغ الولد الذي يعاني عجزا في التعلم يدرك او يعالج او يتذكر بعض النشاطات الفكرية بطريقة خاطئة.»a
ومع ذلك، ان وجود عجز في التعلم لا يعني بالضرورة ان الولد معاق عقليا. ولإيضاح ذلك، يقارن الدكتوران وَندِر هؤلاء بصُمّ النغم، اي الاشخاص الذين لا يستطيعون تمييز الاختلافات في درجة النغم. يكتب الدكتوران وَندِر: «لا يعاني صُمّ النغم ضررا في الدماغ ولا مشاكل في سمعهم. ولكن لا احد يقول ان صَمَم النغم ناجم عن الكسل او مستوى التعليم المنخفض او سوء اثارة الحافز لديهم.» والامر نفسه، كما يقولان، يصحُّ في الذين يعانون عجزا في التعلم. وغالبا ما تكون المشكلة محصورة في وجه واحد من اوجه التعلم.
يفسِّر ذلك لماذا لدى اولاد كثيرين يعانون عجزا في التعلم مستوى ذكاء متوسط الى فوق المتوسط؛ حتى ان البعض ذكاؤهم خارق. وهذه المعضلة هي ما ينذر الاطباء في اغلب الاحيان باحتمال وجود عجز في التعلم. يوضح كتاب لماذا يلاقي ولدي مشاكل في المدرسة؟ (بالانكليزية): «ان اداء الولد الذي يعاني عجزا في التعلم هو ادنى بسنتين او اكثر من المستوى المتوقع في سنّه ومن حاصل الذكاء IQ المحدَّد عنده.» وبكلمات اخرى، ليست المشكلة عدم قدرة الولد على مجاراة رفقائه بل هي عدم التكافؤ بين ادائه وإمكانياته هو.
تزويد المساعدة اللازمة
يخلِّف العجز في التعلم آثارا عاطفية غالبا ما تعقِّد المشكلة. فالاولاد الذين يعانون عجزا في التعلم، حين لا يبلون بلاء حسنا في المدرسة، ينظر اليهم معلموهم ورفقاؤهم، وربما عائلتهم ايضا، كأشخاص فاشلين. ومن المؤسف ان اولادا كثيرين كهؤلاء يكوِّنون صورة سلبية عن انفسهم، وهذه الصورة قد تبقى معهم وهم يكبرون. وهذا الامر مدعاة للقلق، لأن العجز في التعلم لا يزول عموما.b يكتب الدكتور لاري ب. سيلڤر: «العجز في التعلم يدوم مدى الحياة. وحالات العجز نفسها التي تؤثر في القراءة والكتابة والحساب ستؤثر ايضا في الرياضة والنشاطات الاخرى، في الحياة العائلية، وفي الانسجام مع الاصدقاء.»
لذلك من الضروري ان يحصل الاولاد الذين يعانون عجزا في التعلم على الدعم الابوي. يقول كتاب تربية ولد يعاني عجزا في التعلم (بالانكليزية): «ان الاولاد الذين يدركون ان والديهم يقفون بثبات الى جانبهم لديهم الاساس لتنمية احساس بالجدارة واحترام الذات.»
ولكن يجب ان يفحص الوالدون اولا مشاعرهم الخاصة لكي يقفوا الى جانبهم. فبعض الوالدين يشعرون بالذنب، كما لو انهم ملومون بطريقة ما على حالة ولدهم. وآخرون يصابون بالهلع، اذ يشعرون بأنهم لن يتحملوا التحديات الناشئة امامهم. لكنَّ ردَّي الفعل كليهما لا ينفعان. فهما يقيِّدان ايدي الوالدين ويحُولان دون حصول الولد على المساعدة اللازمة.
فإذا وجد اخصائي ماهر ان ولدكم يعاني عجزا في التعلم، فلا تيأسوا. تذكروا ان الاولاد الذين يعانون عجزا في التعلم لا يحتاجون إلّا الى دعم اضافي في احدى مهارات التعلم. اصرفوا الوقت في الاستعلام عن اية برامج قد تكون متوفرة في منطقتكم لمساعدة الاولاد الذين يعانون عجزا في التعلم. وقد صارت مدارس كثيرة مجهَّزة لمعالجة حالات كهذه بشكل افضل مما كانت عليه قبل سنوات.
يشدِّد الخبراء على اهمية مدح ولدكم على اية انجازات، مهما تكن صغيرة. أغدقوا عليه الثناء. وفي الوقت نفسه لا تهملوا التأديب. فالاولاد بحاجة الى نظام محدَّد. ويصح ذلك اكثر في الاولاد الذين يعانون عجزا في التعلم. فدعوا ولدكم يعرف ماذا تتوقعون منه، وتمسكوا بالقواعد التي وضعتموها.
وأخيرا، تعلّموا النظر الى حالتكم بطريقة واقعية. ويصوِّر ذلك كتاب تربية ولد يعاني عجزا في التعلم بهذه الطريقة: «تخيلوا انكم ذهبتم الى مطعمكم المفضل وطلبتم ‹اسكالوپ› عجل. ولكن عندما وضع النادل الطبق امامكم، وجدتم انها ‹كستليتة› غنم. والطبقان لذيذان، لكنكم كنتم تتوقعون لحم العجل. كثيرون من الوالدين بحاجة الى تغيير طريقة تفكيرهم. فأنتم لم تتوقعوا لحم الغنم، لكنكم وجدتموه لذيذا. هكذا هي الحال عندما تربون اولادا لديهم حاجات خاصة.»
[الحاشيتان]
a تشير بعض الدراسات الى ان العجز في التعلم يمكن ان يرتبط بعنصر وراثي، او ان العوامل البيئية — كالتسمم بالرصاص او تناول العقاقير او المشروبات الكحولية خلال الحمل — يمكن ان تلعب دورا في ذلك. ولكن لا يزال السبب او الاسباب الدقيقة غير معروفة.
b يُظهر الاولاد في بعض الحالات عجزا وقتيا في التعلم لأن نموَّهم في احد المجالات متأخر. لكنَّ هؤلاء الاولاد، بمرور الوقت، يتغلبون على الاعراض.
-
-
«اجلِس بلا حراك وانتبه!»استيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
«اجلِس بلا حراك وانتبه!»
العيش مع اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
«كان جيم يقول دائما انّ كال ولد مدلَّل كثيرا وإنه اذا عاملناه نحن — وهو يقصدني انا — بحزم فسيصير احسن. وجاء هذا الطبيب يقول لنا ان الذنب ليس ذنبي انا ولا ذنبنا نحن ولا ذنب معلمي كال: ابننا الصغير يعاني مشكلة ما.»
يعاني كال اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، وهو حالة تتميز بقلة الانتباه، السلوك الاندفاعي، وفرط النشاط. ويقدَّر ان هذا الاضطراب يؤثر في ٣ الى ٥ في المئة من كل تلاميذ المدارس. تقول الاخصائية في مجال التعلم پريسيلا ل. ڤايل: «تشبه عقولهم اجهزة تلفزيونية لا تعمل فيها اداة انتقاء القنوات كما يجب. فالفكرة تجرّ الفكرة، بدون نظام او ترتيب محدَّدَين.»
دعونا نتأمل باختصار في ثلاثة اعراض رئيسية لاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه.
قلة الانتباه: لا يستطيع الولد المصاب بهذا الاضطراب ان يتجاهل التفاصيل غير المهمة ويركّز على موضوع واحد. وهكذا من السهل ان تلهيه مناظر وأصوات وروائح خارجية.a صحيح انه ينتبه، ولكن لا شيء محدَّدا في محيطه يشدُّ انتباهه. فهو لا يستطيع ان يحدِّد على ماذا يجب ان يركِّز تماما.
السلوك الاندفاعي: ان الولد المصاب باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يتصرف قبل ان يفكر، دون ان يتأمل في العواقب. ولا يُحسِن التخطيط والحكم في الامور، وتصرفاته احيانا خطرة. «فهو يركض الى الشارع، يسير على الحافات الناتئة للابنية، ويتسلق الشجر،» كما يكتب الدكتور پول وَندِر. «ولذلك يصاب بجروح وكدمات ويُكشط جلده في اماكن ويؤخذ الى الطبيب اكثر من غيره.»
فرط النشاط: ان الاولاد المفرطي النشاط يتململون دائما. ولا يمكنهم ان يجلسوا بلا حراك. يكتب الدكتور ڠوردن سرفونْتاين في كتابه الاعاقة الخفية (بالانكليزية): «حتى عندما يكبرون، تكشف الملاحظة الدقيقة نوعا من الحركة المتواصلة، وذلك في الرِّجلين، القدمين، الذراعين، اليدين، الشفتين، او اللسان.»
لكنَّ بعض الاولاد القليلي الانتباه والاندفاعيين ليسوا مفرطي النشاط. ويشار الى اضطرابهم هذا باسم «اضطراب نقص الانتباه» فقط. ويوضح الدكتور رونالد ڠولدبرڠ ان اضطراب نقص الانتباه «يمكن ان يحدث دون ايّ فرط في النشاط. او يمكن ان يحدث مع اية درجة من درجات فرط النشاط — من الدرجة التي تكاد لا تلاحَظ، مرورا بالدرجة المزعِجة بعض الشيء، الى الدرجة المعتبَرة عجزا شديدا.»
ما هي اسباب اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه؟
على مرِّ السنين، جرى لوم كل شيء من التربية السيئة حتى الضوء الفلوري على مشاكل الانتباه. ويُعتقد الآن ان اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه مرتبط باختلالات في بعض وظائف الدماغ. وفي سنة ١٩٩٠ فحصت المؤسسة القومية للصحة العقلية ٢٥ راشدا مصابا بأعراض هذا الاضطراب ووجدت ان استقلاب الڠلوكوز لديهم ابطأ في مناطق الدماغ التي تتحكم في الحركة والانتباه. وفي ٤٠ في المئة تقريبا من حالات هذا الاضطراب، يبدو ان التركيب الوراثي لدى الفرد يلعب دورا. وبحسب كتاب الولد المفرط النشاط (بالانكليزية)، فإن العوامل الاخرى التي يمكن ان ترتبط بهذا الاضطراب هي تناول الام المشروبات الكحولية والعقاقير خلال الحمل، التسمُّم بالرصاص، ونظام الولد الغذائي في بعض الحالات.
حالات الاضطراب لدى المراهقين والراشدين
في السنوات الاخيرة وجد الاطباء ان اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه ليس محصورا في الاولاد. يقول الدكتور لاري سيلڤر: «عموما يأتي الوالدون بولدهم لمعالجته ويقولون: ‹هكذا كنتُ في صغري.› ثم يعترفون انهم لا يزالون يستصعبون الوقوف في صف الانتظار، الجلوس كل الوقت في الاجتماعات، وإتمام عمل ما.» ويُعتقد الآن ان نحو نصف الاولاد المصابين باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يبقى لديهم البعض على الاقل من اعراضهم في سن المراهقة والرشد.
خلال سن المراهقة، قد ينتقل المصابون بهذا الاضطراب من السلوك المحفوف بالمخاطر الى الجناح. تقول والدة مراهق يعاني هذا الاضطراب: «كنت اخشى ان لا يدخل الى الجامعة. أما الآن فكل ما اتمناه هو ان لا يدخل السجن.» وكَون هذه المخاوف مبرَّرة يَظهر في دراسة تُجري مقارنة بين ١٠٣ احداث مفرطي الحركة ومجموعة مؤلفة من ١٠٠ ولد لا يعانون هذا الاضطراب. تخبر مجلة نيوزويك (بالانكليزية): «عندما يبلغ الاولاد من مجموعة المفرطي الحركة اوائل عشريناتهم، يُحتمل مرتين اكثر ان يكون سجلهم حافلا بالاعتقالات، يُحتمل خمس مرات اكثر ان يكونوا قد أُدينوا بجنايات، ويُحتمل تسع مرات اكثر ان يكونوا قد قضوا فترة في السجن.»
أما عند الراشد، فاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يُنشئ مشاكل خصوصية. تقول الدكتورة إدنا كوپلاند: «قد يتحول الصبي المفرط النشاط الى راشد يغيِّر عمله دائما، يُطرد منه كثيرا، يضيِّع وقته طول النهار ويتململ دائما.» وعندما لا يكون السبب معروفا، يمكن لهذه الاعراض ان تجعل الزواج متوترا. تقول زوجة رجل يعاني هذا الاضطراب: «في المحادثات العادية، لم يكن يستمع الى ايّ شيء اقوله. وكأنه دائما في عالم آخر.»
طبعا، هذه المميّزات شائعة عند اشخاص كثيرين — على الاقل الى حد معيَّن. يقول الدكتور جورج دوري: «يجب ان تسألوا هل كانت الاعراض موجودة دائما.» مثلا، ذكر انه اذا كان رجل كثير النسيان ولكنَّ ذلك لم يبدأ إلا بعدما خسر عمله او انجبت زوجته طفلا، فهذا ليس اضطرابا. وعلاوة على ذلك، اذا كان المرء مصابا فعلا باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، تكون عندئذ الاعراض عامة، اي انها تؤثر في كل وجه تقريبا من اوجه حياة الشخص. وتلك كانت حالة ڠاري البالغ من العمر ٣٨ سنة، رجل ذكي ونشيط انما غير قادر كما يبدو على اتمام ايّ مهمة دون ان يلهيه شيء. فقد تولى حتى الآن اكثر من ١٢٠ عملا. قال: «صرت اتقبل الواقع ان النجاح ليس حليفي البتة.» ولكن جرت مساعدة ڠاري وكثيرين غيره — اولاد ومراهقين وراشدين — على مواجهة اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. كيف؟
-
-
مواجهة التحدياستيقظ! ١٩٩٧ | شباط (فبراير) ٢٢
-
-
مواجهة التحدي
على مرِّ السنين اقتُرحت علاجات عديدة لاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. وتركَّز بعضها على الحمية. ولكن تشير بعض الدراسات الى ان المواد التي تضاف في صناعة الاغذية لا تسبِّب عادةً فرط النشاط وأن الحلول الغذائية غير فعّالة في اغلب الاحيان. وثمة اساليب اخرى لمعالجة هذا الاضطراب، وهي الادوية، تعديل السلوك، والتدريب العقلي.a
الادوية. بما ان اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يتعلق كما يَظهر بخلل وظيفي في الدماغ، فقد انتفع اشخاص كثيرون بالادوية التي تعمل على اعادة التوازن الكيميائي المناسب.b لكنَّ الادوية لا تحلّ محل التعلم. فهي تساعد الولد على تركيز انتباهه فقط، مانحة اياه الاساس لتعلم مهارات جديدة.
وساعدت الادوية ايضا كثيرين من الراشدين الذين يعانون هذا الاضطراب. ولكن يلزم الحذر — من جهة الاحداث والراشدين — لأن بعض الادوية المنبِّهة المستعملة لمعالجة هذا الاضطراب يمكن ان تسبِّب الادمان.
تعديل السلوك. ان اصابة الولد باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه لا يعفي الوالدين من واجب التأديب. ومع ان الولد قد تكون لديه حاجات خصوصية في هذا الشأن، يناشد الكتاب المقدس الوالدين قائلا: «درِّب الولد بمقتضى مواهبه وطبيعته، فمتى شاخ لا يميل عنها.» (امثال ٢٢:٦، ترجمة تفسيرية) تذكر باربرا إنڠرْسول في كتابها ولدكم المفرط النشاط (بالانكليزية): «ان الوالد الذي يستسلم و ‹يطلق العنان› لولده المفرط النشاط لا يخدم مصلحة الولد. فالولد المفرط النشاط، كأيّ ولد آخر، يحتاج الى التأديب الثابت الذي يرافقه الاحترام للولد كشخص. ويعني ذلك ان تكون الحدود واضحة والمكافآت والعقوبات ملائمة.»
لذلك من المهم ان يضع الوالدون نظاما محددا ثابتا. وبالاضافة الى ذلك، ينبغي ان يُتَّبع روتين صارم في النشاطات اليومية. وقد يرغب الوالدون في اعطاء الولد بعض الحرية في ترتيب هذا البرنامج، بما في ذلك الوقت المخصص للفروض المدرسية، للدرس، للاستحمام، وما الى ذلك. ثم أصِرّوا على موقفكم من تنفيذه. تأكدوا انه يُلتزَم بالروتين اليومي. تذكر مجلة في دلتا كاپا (بالانكليزية): «على الاطباء وعلماء النفس والمسؤولين في المدارس والمعلمين التزام تجاه الولد ووالديه، وهو ان يوضحوا ان تشخيص اضطراب نقص الانتباه او اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه عند الولد ليس عذرا لعدم تأديبه مهما فعل، بل هو تعليل للحالة بحيث يحصل الولد المعنيّ بالامر على المساعدة المناسبة.»
التدريب العقلي. يشمل ذلك مساعدة الولد على تغيير نظرته الى نفسه وإلى اضطرابه. يلاحظ الدكتور رونالد ڠولدبرڠ: «ان الاشخاص الذين يعانون اضطراب نقص الانتباه يعتقدون انهم ‹بشعون، اغبياء، وحقيرون› حتى لو كانوا جذابين، اذكياء، وطيِّبي القلب.» لذلك يجب ان يكوِّن الولد الذي يعاني اضطراب نقص الانتباه واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه نظرة لائقة الى قيمته، ويجب ان يعرف ان الصعوبات التي يلاقيها في الانتباه يمكن تدبُّر امرها. وهذا مهم خصوصا خلال المراهقة. فحتى الوقت الذي يبلغ فيه المصاب باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه سن المراهقة، ربما يكون قد واجه انتقادات كثيرة من رفقائه، معلميه، أشقائه، وربما حتى من والديه. ويلزمه الآن ان يرسم اهدافا واقعية ويقيِّم نفسه تقييما منصفا لا مجحفا.
ان طرائق المعالجة المذكورة اعلاه يمكن ان تنطبق ايضا على الراشدين الذين يعانون الاضطراب نفسه. يكتب الدكتور ڠولدبرڠ: «التعديلات ضرورية بحسب السن، لكنَّ أُسس العلاج — الادوية حين تكون ملائمة، تعديل السلوك، و [التدريب] العقلي — تبقى وسائل قابلة للتطبيق في كل مراحل العمر.»
تزويد الدعم
يقول جون، اب لمراهق يعاني اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، للوالدين الذين يمرون بظرف مماثل: «اكتسبوا اكبر قدر من المعلومات عن هذه المشكلة. اتخذوا قراراتكم عن معرفة. وقبل كل شيء، احبوا ولدكم، ارفعوا معنوياته. فقلّة احترام الذات تقضي عليه.»
ولكي يحصل الولد الذي يعاني هذا الاضطراب على الدعم الملائم، يجب ان يتعاون كلا الوالدَين. ويكتب الدكتور ڠوردن سرفونْتاين ان الولد الذي يعاني هذا الاضطراب بحاجة «الى ان يعرف انه محبوب في البيت وأن المحبة نابعة من المحبة الموجودة بين والدَيه.» (الحروف المائلة لنا.) وللاسف، لا يُعرَب دائما عن هذه المحبة. يتابع الدكتور سرفونْتاين قائلا: «لقد تبيَّن ان نسبة الخلاف الزوجي وانهيار الزواج في العائلات التي يوجد فيها [ولد يعاني اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه] تزيد عن النسبة بين العائلات العادية حتى الثلث تقريبا.» وللحيلولة دون وقوع خلافات كهذه، ينبغي ان يلعب الاب دورا فعّالا في تربية الولد الذي يعاني هذا الاضطراب. فلا ينبغي ان تُلقى المسؤولية على كاهل الام وحدها. — افسس ٦:٤؛ ١ بطرس ٣:٧.
والاصدقاء الاحماء، مع انهم ليسوا جزءا من العائلة، يمكنهم ان يزوِّدوا الكثير من الدعم. كيف؟ يقول جون المقتبَس منه آنفا: «كونوا لطفاء. انظروا الى ابعد مما تراه اعينكم. اعرفوا الولد جيدا. تحدثوا الى والديه ايضا. كيف يدبِّرون امرهم؟ ما الصعوبات التي يواجهونها كل يوم؟» — امثال ١٧:١٧.
ويمكن لأعضاء الجماعة المسيحية ان يساهموا كثيرا في دعم الولد المصاب بالاضطراب ووالديه على السواء. كيف؟ عندما لا يتوقعون ما يصعب تحقيقه. (فيلبي ٤:٥) فأحيانا يكون الولد المصاب بهذا الاضطراب مثيرا للفوضى. لذلك بدلا من توجيه ملاحظة قاسية مثل «لماذا لا تضبط ولدك؟» او «لماذا لا تؤدبينه؟» يدرك الرفيق المؤمن المتفهِّم ان الوالدَين متعَبان على الارجح من المتطلبات اليومية لتربية ولد يعاني هذا الاضطراب. وطبعا، ينبغي ان يبذل الوالدان ما في وسعهما للحدّ من سلوك الولد المثير للفوضى. ولكن بدلا من ان يتهجم رفقاء الايمان بكلامهم الساخط، ينبغي ان يجاهدوا لإظهار «حس واحد» ويكونوا «مبارِكين.» (١ بطرس ٣:٨، ٩) فغالبا ما «يشجع [اللّٰه] المسحوقين» من خلال الرفقاء المؤمنين المتعاطفين. — ٢ كورنثوس ٧:٥-٧، تف.
يدرك تلاميذ الكتاب المقدس ان النقص البشري كله، بما في ذلك حالات العجز في التعلم واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، موروث من الانسان الاول آدم. (رومية ٥:١٢) ويعلمون ايضا ان يهوه الخالق سيتمم وعده بإحلال عالم جديد بار لا يعود فيه للامراض المفجعة وجود. (اشعياء ٣٣:٢٤؛ رؤيا ٢١:١-٤) وهذا التأكيد هو امل المصابين باضطرابات كاضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. يقول جون: «كلما كبر ابني وزاد تدريبه وخبرته ساعده ذلك على فهم اضطرابه وكيفية مواجهته. لكنه لن يشفى كليا في نظام الاشياء هذا. عزاؤنا كل يوم هو ان يشفي يهوه ابننا في العالم الجديد من الاضطراب الذي يعانيه ويمكّنه من التمتع بالحياة الى اقصى حد.»
[الحاشيتان]
a لا تؤيد استيقظ! اية معالجة خصوصية. ويلزم ان يحذر المسيحيون لئلا تتعارض اية معالجة يسعون اليها مع مبادئ الكتاب المقدس.
b يعاني البعض تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها من الادوية، بما في ذلك القلق وبعض المشاكل العاطفية الاخرى. وبالاضافة الى ذلك، يمكن للادوية المنبِّهة ان تزيد الانتفاضات العضلية لدى المرضى الذين يعانون اضطرابات العَرّة كمتلازمة توريت Tourette syndrome. لذلك يجب ان تُضبَط المداواة تحت اشراف طبيب.
[الاطار في الصفحة ٨]
تحذير للوالدين
كل الاولاد تقريبا يكونون احيانا قليلي الانتباه، اندفاعيين، ومفرطي النشاط. لكنَّ ظهور هذه السمات ليس دائما دليلا على اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. يذكر الدكتور ستانْتون ا. سامِنو في كتابه قبل فوات الاوان (بالانكليزية): «عاينت حالات كثيرة يُعذَر فيها الولد الذي لا يريد ان يفعل امرا ما بسبب الاعتقاد انه يعاني اعاقة او وضعا ما لا يلام عليه.»
ويرى ايضا الدكتور ريتشارد برومْفيلد ان الحذر ضروري. يكتب: «صحيح ان بعض الذين يشخَّص لديهم اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه يعانون ضعفا في جهازهم العصبي وهم بحاجة الى المعالجة، لكنَّ هذا الاضطراب يلام ايضا على كل اساءة معاملة ونفاق وإهمال وغيرها من البلايا الاجتماعية التي لا علاقة لها في معظم الحالات بهذا الاضطراب. وفي الواقع، ان انعدام القيم في الحياة العصرية — العنف العشوائي، اساءة استعمال المخدِّرات، والاقل هَولا من ذلك البيوت التي لا يوجد فيها انضباط ولا استقرار — من شأنه ان يشجع على حالة تملمُل مشابهة لما يُحدثه هذا الاضطراب اكثر من ايّ ضعف في الجهاز العصبي.»
لذلك كان الدكتور رونالد ڠولدبرڠ مصيبا عندما حذر من جعل اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه «تفسيرا لكل» اعراض قد تَظهر. وينصح «بالتأكد ان كل تشخيص ممكن قد أُخذ بعين الاعتبار.» فالاعراض المشابهة لهذا الاضطراب قد تشير الى وجود اية مشكلة من المشاكل الجسدية او العاطفية الكثيرة. لذلك من الضروري اللجوء الى طبيب متمرس لكي يكون التشخيص دقيقا.
حتى لو شُخِّص الاضطراب، يحسن بالوالدين ان يزِنوا محاسن ومساوئ المداواة. صحيح ان الدواء ريتالين ritalin يزيل الاعراض غير المرغوب فيها، ولكن يمكن ان تكون له تأثيرات جانبية غير مستحبة كالأرق والقلق المتزايد وتوتر الاعصاب. لذلك يحذر الدكتور ريتشارد برومْفيلد من المسارعة الى اعطاء الولد الدواء لمجرد ازالة الاعراض التي يعانيها. يقول: «كثيرون من الاولاد وأعداد متزايدة من الراشدين يُعطَون ريتالين بطريقة غير مناسبة.» ويضيف: «حسب خبرتي، يبدو ان استعمال ريتالين يعتمد الى حد كبير على قدرة الوالدين والمعلمين على تحمل سلوك الاولاد. اعرف اولادا أُعطوا منه لتهدئتهم لا لسدِّ حاجاتهم.»
لذلك ينبغي ان لا يسارع الوالدون الى الاستنتاج ان اولادهم يعانون اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه او عجزا في التعلم، بل ينبغي ان يزِنوا الادلة بعناية بمساعدة اخصائي ماهر. وإذا تبيَّن ان الولد يعاني فعلا عجزا في التعلم او مصاب باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، ينبغي ان يخصص الوالدون الوقت ليستعلموا اكثر عن المشكلة لكي يتمكنوا من التصرف بالشكل الافضل الذي يخدم مصلحة اولادهم.
-