-
ايها الوالدون — بماذا يلعب ولدكم؟استيقظ! ١٩٩٤ | ايلول (سبتمبر) ٨
-
-
ايها الوالدون — بماذا يلعب ولدكم؟
«العمل المتواصل بدون لعب للترويح عن النفس، يجعل المرء بليدا.» هذا ما يذكره قول قديم. ولطالما كان اللَّعِب جزءا مهما من حياة الاولاد. فبواسطة نشاطات اللَّعِب ينمي الاولاد عقولهم وعضلاتهم ويطوِّرون مهارات مهمة. ومع ذلك، صار لَعِب الاولاد اليوم تجارة كبيرة. فعالم اللُّعَب يحكمه، لا الاولاد ولا الوالدون، بل اصحاب المصانع، الباعة بالمفرَّق، اصحاب الاعلانات، والباحثون المهرة في التسويق. واذ يُجهَّزون بتكنولوجيا جديدة لصنع اللُّعَب وبدعم وسائل الاعلام القوية، يغيِّرون مفاهيم عالم اللَّعِب — بعواقب خطيرة للوالدين وللاولاد على السواء.
لا شك ان كثيرين من العاملين في صناعة اللُّعَب لديهم اهتمام حقيقي بخير الاولاد. ولكن في اغلب الاحيان تكون الاولوية للربح. ولا تصير المسألة الرئيسية اية لُعَب ستثقِّف الاولاد او تحرِّك خيالهم، بل اية لُعَب ستَروج. وما سيَروج ليس دائما الدمى المصنوعة من القماش، الخشب، والپلاستيك التي للزمن المنصرم بل التكنولوجيا المتطوِّرة، لُعَب حقيقية تترك القليل او لا شيء لخيال الولد.
مثلا، يسوِّق احد اصحاب المصانع مجموعة من السيارات اللُّعَب المجهَّزة بدمى صغيرة تتفكك عند الاصطدام. فعندما تتصادم السيارات، تقذف الدمى اذرعها، ارجلها — ورؤوسها — من نوافذ عرباتها الصغيرة. وتحاول لعبة حقيقية اخرى ان تقلِّد حالة الحبل. فثمة جراب يشبه حقيبة الظهر مصمَّم ليلتفَّ حول بطن فتاة صغيرة يقلِّد الرفسات ودقات القلب الصغيرة لجنين ينمو.
ويعتقد البعض ان لُعَبا كهذه لها قيمة تثقيفية. تدعو دونا ڠيبس، مديرة العلاقات الاعلانية لاحدى شركات تصنيع اللُّعَب، جهاز محاكاة الحبل «طريقة مسلية لتشترك [الفتيات الصغيرات] في ما تختبره الام.» ولكن لا يشاطرها كل شخص حماسها. فالطبيب ت. بِري برازلتون، پروفسور في طب الاطفال في الكلية الطبية لجامعة هارڤرد، يدعو هذه اللُّعبة «انتهاكا لفرصة الوالدين ان يشتركوا مع الولد في شيء ثمين.» والدكتور دايڤيد إلكايند، پروفسور في دراسة نمو وتطور الاولاد، يؤكد ان «هذه اللُّعَب تتجاوز الحد المعقول.» ويقول ان الدمية التي تقلِّد جنينا «هي ابعد مما يمكن ان يفهمه او يقدِّره [الاولاد].» وبالنسبة الى اللُّعَب التي تقلِّد بصورة واقعية الاشلاء نتيجة حادث سيارة، يضيف انه نظرا الى ان التلفزيون مشبع بالعنف، «فلماذا نعزِّزه بهذا النوع من اللُّعَب؟» — ذا ڠلوب آند ميل، ٨ شباط ١٩٩٢.
وأُثير جدل ايضا حول الالعاب الشعبية الاخرى، كألعاب الڤيديو الحربية والبنادق المائية الشديدة القوة. ونظرا الى ان «هنالك ما يقدَّر بـ ٠٠٠,١٥٠ لعبة في السوق في ايّ وقت،» استنادا الى رئيس اصحاب مصانع اللُّعَب في اميركا، لدى الوالدين تحدٍّ كبير ليقرِّروا اية لُعَب يجب شراؤها. فماذا يجب ان يرشد الوالدين في هذا الخصوص؟ هل هنالك سبب معقول للقلق ازاء بعض لُعَب اليوم؟ ستعالج المقالتان التاليتان هذين السؤالين وأسئلة اخرى ذات علاقة.
-
-
لُعَب اليوم — ماذا تعلِّم اولادنا؟استيقظ! ١٩٩٤ | ايلول (سبتمبر) ٨
-
-
لُعَب اليوم — ماذا تعلِّم اولادنا؟
لدى الاولاد حافز طبيعي الى اللَّعِب. واستنادا الى كتاب اختيار اللُّعَب للاولاد، فإن الاولاد الاصحاء «يخلقون تلقائيا عالمهم الخاص من الاستكشاف والتخيُّل.» وقد صحَّ ذلك حتى في الازمنة القديمة. فقد كانت شائعة آنذاك رؤية الاولاد ‹يلعبون في الاسواق.› (زكريا ٨:٥) وغالبا ما كان لعب كهذا يشمل ألعابا ابداعية وخيالية. — قارنوا متى ١١:١٦، ١٧.
من الملائم اذًا ان يُدعى اللَّعِب عمل الولد، واذا صحَّ ذلك، فعندئذ يمكن ان يُقال ان اللُّعَب هي ادوات الولد. تقول مجلة الوالدون: «اللَّعِب هو الطريقة التي بها يتعلم الاولاد عن العالم. . . . اللَّعِب باللُّعَب يحوِّل العالم الى عالم بحجم الولد، عالم يستطيع الولد ان يديره ويسيطر عليه. اللَّعِب ينمي العضلات وتناسقها، يعزِّز الالفة بين الاولاد، يفحص الحدود بين الواقع والخيال، ويساعد الاولاد ان يتعلَّموا الاتصال واحدهم بالآخر، يتبادلوا الادوار، ويشاركوا واحدهم الآخر. اللَّعِب يحرِّك الخيال ويمنح خبرة في مهارات حل المشاكل.»
كانت اللُّعَب مهمة ايضا للاولاد في ازمنة الكتاب المقدس. لقد كشفت الحفريات في اسرائيل كنزا دفينا صغيرا من لُعَب الاولاد، كالدمى المخشخِشة، الصفَّارات، القدور الفخارية والمركبات الصغيرة. تذكر دائرة معارف الكتاب العالمي: «في افريقيا القديمة، كان الاولاد يتمتعون باللَّعِب بالكرات، الحيوانات اللُّعَب، واللُّعَب التي تُجرّ. وكان الاولاد في اليونان وروما القديمتين يلهون بالزوارق، العربات ذات الدواليب، الاطواق، والدُّوَّام. وخلال القرون الوسطى في اوروپا، شملت اللُّعَب الشعبية كُللا من الطين، دمى مخشخِشة، ودمى متحرِّكة.»
واللُّعَب المنشِّطة، المثيرة، والمثقِّفة لا تزال تلعب دورا مهما اليوم. ولكن هنالك مجموعة مذهلة من الدمى في السوق ذات قيمة مشكوك فيها. تقول مقالة لسنة ١٩٩٢ في مجلة تايم: «لا تتطلعوا الى مجموعة هذه السنة من اللُّعَب الجديدة اذا كنتم تسعون الى شيء من اللهو السليم والمفيد. فكل صاحب مصنع كبير تقريبا يُبرز ما هو مثير للاشمئزاز.» وشملت مجموعة خصوصية من اللُّعَب جمجمة پلاستيكية بالحجم الطبيعي يمكن ان يصمِّمها الاولاد لتكون «كريهة قدر الامكان.» وهنالك ايضا لُعَب للبيع تقلِّد وظائف الجسم، كالتقيؤ. والوالدون والاولاد على السواء يخضعون لضغوط هائلة لشراء هذه اللُّعَب.
بيعها للاولاد
تذكر مجلة مراجعة حول طب الاطفال ان «مدوَّنة حمورابي [القديمة] اعتبرت بيع ايّ شيء للولد جريمة تستحق عقاب الموت.» لكنَّ اصحاب مصانع اللُّعَب وأصحاب الاعلانات اليوم لا يخجلون من بيع سلعهم الغالية الثمن للاولاد الابرياء. واذ يستعمل مطوِّرو اللُّعَب اساليب البحث التقنية المعقدة، يتوصَّلون الى فهم فكر الاولاد. وبإضافتهم باستمرار تنوُّعا جديدا الى منتوجاتهم، يمكن ان يجعلوا موضة السنة الماضية تبدو عتيقة الطراز، وموضة هذه السنة تبدو لا غنى عنها.
وصناعة اللُّعَب تستفيد ايضا كاملا من قوة التلفزيون. ففي الولايات المتحدة، تفيض فعليا برامج الاولاد التلفزيونية بالاعلانات التجارية للُّعَب. وإذ تستعمل الاعلانات التجارية عمل الكاميرا المتقن، التأثيرات البصرية والسمعية، والموسيقى المثيرة، تجعل اللُّعَب العادية جدا تبدو فاتنة ومثيرة. ومع ان غالبية الراشدين يمكن ان يدركوا ما هو وراء تلاعب كهذا، «يعتقد الاولاد الاصغر ان الاعلانات التجارية تقول الحقيقة.» — مراجعة حول طب الاطفال.
والكثير من البرامج التلفزيونية الموجَّهة الى الاولاد هي في الواقع اعلانات للُّعَب. واستنادا الى المطبوعة مشاكل شائعة في طب الاطفال، فإن برامج كهذه «مصمَّمة لبيع لعبة عوضا عن تثقيف او اغناء حياة الاولاد.» وبرنامج سلاحف نينْجا المتحوِّلة المراهِقة، على سبيل المثال، كان سببا في انتاج «اكثر من ٧٠ منتوجا، طعام للفطور مؤلف من الحبوب، وفيلم سينمائي.»
واستنادا الى مراجعة حول طب الاطفال، «تظهر دراسات كثيرة ان الاولاد المعرَّضين للاعلانات التجارية يلحّون على والديهم ان يشتروا المنتوجات المعلَنة.» يقول مؤسس احدى الشركات العالمية للُّعَب: «راقبوا فقط كيف يشد الاولاد ثياب والديهم تعرفوا ماذا يقولون: ‹إن لم احصل على هذه اللعبة، فسأموت.›» اذًا ليس مدهشا انه في كندا وحدها، يصرف المتسوِّقون اكثر من ٢,١ بليون دولار كندي كل سنة على اللُّعَب لاولادهم، حفدائهم، وأصدقائهم.
الالعاب الحربية
ألعاب الڤيديو الحربية هي بين الالعاب الاكثر شيوعا في صناعة اللُّعَب. ويدَّعي مؤيدوها ان ألعابا كهذه تساعد في تطوير مهارات حل المشاكل، التناسق بين العين واليد، ومهارات تتعلق بالحركات العضلية، بالاضافة الى انها تثير الفضول. «اذا استُعملت على النحو الصحيح،» تقول مقالة في ذا تورونتو ستار، «يمكن للُّعبة الالكترونية ان تكون غير مؤذية، ومثقِّفة ايضا.» ‹لكنها،› تعترف الصحيفة، ‹في اغلب الاحيان تكون نشاطا عازلا، وحتى استحواذيا.›
تأملوا في صبي استحوذ عليه اللَّعِب بألعاب الڤيديو الحربية. تقول امه: «انه لمدهش — لا يترك الشاشة حتى يقتل كل شخص في اللعبة.» وكم يبلغ عمر هذا الولد؟ سنتين فقط! وتنفَّطت ابهامه الصغيرة من الضغط على الازرار مدة اربع الى خمس ساعات في اليوم. ومع ذلك تبدو الام غير مكترثة. تقول: «قلقي الوحيد هو انه يريد ان يُفعَل كل شيء في لمح البصر،» فاللُّعبة «سريعة جدا . . .، وأمور الحياة الحقيقية لا تحصل بالسرعة نفسها.»
واستنادا الى ذا تورونتو ستار، يشعر بعض معارضي ألعاب الڤيديو بأن الالعاب «تعيق الاولاد عن تعلُّم تسلية انفسهم بالتخيُّل، القراءة او امور مسلِّية تقليدية اخرى، بالاضافة الى انها تغريهم بالابتعاد عن فروضهم المدرسية.» ويقول ايضا بعض الاختصاصيين في تربية الاولاد ان ‹ألعاب الڤيديو تهديد مغوٍ ويمكن ان تشجع على التصرف العنيف والمنعزل عن العالم عند الاولاد.›
والتغطية الاخبارية التلفزيونية للقصف خلال حرب الخليج العربي في السنة ١٩٩١ اثارت طلبا هائلا على مزيد من اللُّعَب الحربية التقليدية. وتصدَّرت قائمةَ السلع الشعبية تلك التي على غرار دبابات ابرامز، صواريخ سكود، وطوّافات هايند. ويخاف الخبراء ان يشجع اللَّعِب بلُعَب كهذه على العداء او ان يقلِّل ربما من حساسية الاولاد للعنف. وذلك يكون على الاقل مخالفا لروح آية الكتاب المقدس في اشعياء ٢:٤، التي انبأت بأن شعب اللّٰه لن ‹يتعلموا الحرب في ما بعد.›
وكانت هنالك مناسبات اثارت فيها اللُّعَب التي تبدو حقيقية، كالبنادق المائية الشديدة القوة، عنفا حقيقيا. ففي احدى مدن اميركا الشمالية، تحوَّلت مواجهة ببنادق مائية پلاستيكية شديدة القوة الى اطلاق نار حقيقي، مما سبَّب موت ولد بعمر ١٥ سنة. وفي حادث منفصل، جرح رجل غضبان مسلَّح ببندقية حدَثين بعد ان تبلَّل بالبنادق المائية. وقد أُثيرت حوادث عنيفة عديدة اخرى بسبب ما يبدو معارك غير مؤذية بالبنادق المائية.
الرسالة التي ترسلون
يوافق والدون مسؤولون قليلون على العنف. ومع ذلك تزدهر صناعة اللُّعَب الحربية. ويفضِّل الوالدون احيانا ان يسايروا على معتقداتهم الخاصة عوضا عن التسبُّب بإغاظة الولد. ولكنهم بذلك قد يتسبَّبون بأذى كبير للولد. تحتج الباحثة في الصحة العقلية سوزان ڠولدبرڠ قائلة: «عندما نعطي اللُّعَب للاولاد، ندل على موافقتنا على ما تمثِّله اللُّعبة.» حقا، من الطبيعي جدا ان يُظهر بعض الاولاد احيانا تصرفا عدائيا. «دون البنادق اللُّعَب،» تحتج عالمة نفسانية، «يصنع الاولاد نماذجهم الخاصة، مستعملين حتى اصابعهم.» قد يكون ذلك صحيحا. ولكن هل يجب ان يشجع الوالد على العداء بتزويد الاولاد نسخة مطابقة لاسلحة العنف؟
صحيح ايضا ان اولادا قليلين سيتبعون فعليا حياة الجريمة لمجرد انهم لعبوا ببندقية لعبة. ولكن اذا اعطيتم اولادكم لعبا كهذه، فأية رسالة ترسلون؟ هل تريدون ان يعتقدوا ان العنف لهوٌ او ان القتل والحرب مثيران؟ هل تعلِّمونهم الاحترام لمقاييس اللّٰه؟ تقول كلمته: ‹محب (العنف) تبغضه نفس اللّٰه.› — مزمور ١١:٥.
وتذكر ايضا سوزان ڠولدبرڠ انه ‹كلما انهمك الاولاد وقتا اطول في اللَّعِب العنيف بموافقة الوالدين الصامتة، كان مرجَّحا اكثر ان يستعملوا العداء لحل المشاكل.› يقول الكتاب المقدس في غلاطية ٦:٧: «الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا.» فهل يمكن ان يحصد الولد صفات جيدة للشخصية من اللَّعِب العنيف؟
ولكي نكون منصفين يجب الاعتراف بأن كل الاولاد مختلفون واحدهم عن الآخر. فيمكن ان يدمن ولد على الالعاب الالكترونية، ولكن قد لا يدمن الآخر. وما اذا كان الاولاد يربطون حقا بين اصوات وصور التدمير والقتل على شاشة عرض ألعاب الڤيديو من جهة والعنف في الحياة الحقيقية من جهة اخرى هو موضوع جدال. لذلك يجب ان يقرِّر الوالدون ما هو الافضل لاولادهم ويمارسوا حذرا كبيرا في اختيار لُعَب اولادهم.
[الصورة في الصفحة ٦]
يساعد اللَّعِب الاولاد ان يتعلَّموا كيف يتصلون واحدهم بالآخر
-
-
ايها الوالدون — اختاروا لُعَب ولدكم بحكمةاستيقظ! ١٩٩٤ | ايلول (سبتمبر) ٨
-
-
ايها الوالدون — اختاروا لُعَب ولدكم بحكمة
الاولاد «ميراث من عند الرب،» يقول الكتاب المقدس. (مزمور ١٢٧:٣) لذلك يدرك الوالدون الخائفون اللّٰه مسؤولية تدريب اولادهم «بتأديب الرب وانذاره.» (افسس ٦:٤) ولا يتركون مسؤولية صوغ شخصيات اولادهم لاصحاب مصانع اللُّعَب.
يمكن ان تلعب اللُّعَب دورا مهما في اثارة النمو العاطفي والعقلي عند الاولاد. ولكن لا يعني ذلك ان الوالدين يجب ان ينفقوا اموالا طائلة على اجهزة التكنولوجيا المتطوِّرة. وبعض الالعاب المثيرة والمفيدة اكثر لا تكلِّفكم شيئا تقريبا.
ان مجرد صندوق كرتوني يمكن ان يتحوَّل الى بيت صغير للَّعِب، طائرة، او ايّ شيء يمكن ان يتصوَّره خيال الولد الخصب. ويقدر الولد بدلو ومجرفة ان يبني قصورا رملية. ومكعبات اللَّعِب البسيطة، لُعب تركيب الصور المقطوعة، المعجون، وأقلام التلوين يمكن ان تزوِّد ايضا ساعات من الاستجمام المفيد. وبالنسبة الى الاولاد الاكبر سنا، يمكن لادوات الرسم وألعاب التركيب والاشغال البسيطة ان تعلِّم مهارات مفيدة وتزوِّد منفذا سليما للابداع — مما يجلب اكتفاء اكبر بكثير من اطلاق النار على صور شاشة الڤيديو.
وبعض نشاطات اللَّعِب لا يتطلب تجهيزات خصوصية على الاطلاق. فالسير عبر الغابات يمكن ان يكون مغامرة مثيرة للولد، وخصوصا عندما يرافقه والد محب ويقضي وقتا طويلا مع الولد. وحتى المهارات المنزلية الاساسية يمكن ان تُعلَّم كنشاطات مسلية. تكتب پنِلوپ ليتش في كتابها ولدكم الذي ينمو: «صنع كعكة او وجبة، حرث الحديقة، تنظيف السيارة او دهن السقف، القيام بالتسوُّق او غسل الطفل يمكن ان تكون كلها عملا بالنسبة اليكم، ولكن بالنسبة الى ولدكم قد تكون بين اشكال اللَّعِب المرغوب فيها اكثر.»
سبعة خطوط ارشادية مساعِدة
طبعا، يمكن ان تكون اللُّعَب المصنَّعة ملائمة ومرغوبا فيها. واذا كانت ميزانية العائلة تسمح بشرائها، فقد يلزم ان تطرحوا على نفسكم الاسئلة التالية قبل ان تشتروا:
١- هل تثير اللُّعبة حقا فضول وخيال ولدي؟ ان لم تكن كذلك، فسيسأم منها بسرعة. وقد تبدو اللُّعبة حسنة في الاعلان التجاري التلفزيوني، ولكن تذكَّروا: ان الممثلين والممثلات الاولاد يتقاضون اجرا لكي يبدوا منبهرين باللُّعبة. وقد لا يتجاوب ولدكم بالطريقة نفسها. فحاولوا مراقبته في اللَّعِب او في متجر اللُّعَب. الى ايّ نوع من الالعاب ينجذب؟
ويشعر الوالدون احيانا ان لا قيمة للُّعبة إلا اذا كانت «مثقِّفة.» ولكن تذكِّرنا الپروفسورة جانيس ت. ڠيبسون: «يتعلم الاولاد من كل اللُّعَب التي يلعبون بها. والمهم هو انهم يتمتعون بحيث يستمرون في اللَّعِب بطرائق مفيدة لهم.»
٢- هل اللُّعبة ملائمة لمقدرات ولدي الجسدية والعقلية؟ احيانا لا يكون الولد قويا كفاية، صبورا كفاية، او رشيقا كفاية ليستعمل لعبة معيَّنة. ولكن يمكن ان يميل احد الوالدين الى شرائها لأن فيها جاذبية معيَّنة تثير الحنين الى الماضي. ولكن هل يمكن لصبي بعمر ثلاث سنوات ان يشغِّل فعلا جهاز قطار كهربائيا — او يضرب بمضرب كرة القاعدة؟ لمَ لا تنتظرون حتى يصير ولدكم كبيرا كفاية ليقدِّر ألعابا كهذه؟
٣- هل اللُّعبة آمنة؟ الاولاد الصغار الذين في اول مشيهم يميلون الى وضع كل شيء في فمهم ويمكن بسهولة ان يختنقوا بمكعبات اللَّعِب الخشبية او الاشياء الپلاستيكية الصغيرة. ويمكن ان تكون الشفرات الحادة او المسنَّنة الرأس خطِرة على الاولاد بأيّ سن. وقد يلزم ايضا ان تسألوا نفسكم عما اذا كانت اللُّعبة على الارجح ستُرمى او تُستعمَل كسلاح ضد احد الاشقاء.
في الولايات المتحدة، تُصنَّف بعض اللُّعَب لتشير الى فئات الاعمار المعيَّنة التي هي مصمَّمة لها. والالتصاق بمثل هذه التوصيات يمكن ان يحمي ولدكم من الاذى. واذا كانت لديكم شكوك تتعلق بلعبة ما، فحاولوا ان تسألوا البائع في المتجر عما اذا كان نموذج للتجربة التوضيحية متوافرا من اجل فحصكم.
٤- هل اللُّعبة مصنوعة جيدا ومتينة؟ «الاولاد في اول مشيهم الذين يحبون ان يلقوا، يرموا، ويذوقوا كل شيء يمكن ان يتلفوا اللُّعَب غير المتينة،» تذكِّرنا مجلة الوالدون.
٥- هل تستحق اللُّعبة قيمة المال المدفوع؟ نادرا ما تتكلم الاعلانات التجارية التلفزيونية عن السعر، لكنَّ اللُّعَب مكلفة حقا. ومعظم المال يُنفَق على الاسم التجاري عوضا عن المواد الفعلية المشمولة. وعلاوة على ذلك، غالبا ما تنمي الاعلانات التجارية توقعات غير واقعية في الاولاد، مما يمكن ان يؤدي الى خيبة كبيرة.
علِّموا اولادكم ان يكونوا متسوِّقين اذكياء. تقول الامثال ١٤:١٥: «الغبي يصدق كل كلمة والذكي ينتبه الى خطواته.» وقالت مقالة في ذا نيويورك تايمز: «يمكنكم احيانا ان تلفتوا انتباه ولدكم مسبقا الى سبب كون لعبة معيَّنة مصنوعة بغير اتقان او مروَّجة بطريقة خدَّاعة.» وأضافت تايمز: «يصير الاولاد مستهلكين حاذقين اكثر عندما يدفعون هم المال عوضا عنكم.»
طبعا، ان القيمة الحقيقية للُّعبة تشمل اكثر من موادها او جودة صنعها. فالعوامل المهمة هي الى ايّ حد سيستعملها ولدكم، والى ايّ حد ستجلب له المتعة. يمكن ان تكون مجموعة اراجيح في الفناء الخلفي غالية الثمن نسبيا، ولكن يمكن ان تزوِّد ساعات عديدة من اللهو طوال فترة من السنين. واللُّعبة الرخيصة التي تُرمى بسرعة قد تنتج تبديدا للمال على المدى الطويل.
٦- اية قيم ومقاييس تعلِّم اللُّعبة؟ يحذِّر الپروفسور في دراسة نمو وتطور الاولاد دايڤيد إلكايند ان «اللُّعَب يجب ان تثير خيال الاولاد بطرائق ايجابية لا سلبية.» تجنبوا اللُّعَب المخيفة، التي تعزِّز العنف بوضوح، او التي تقلِّد رذائل الراشدين، كالمقامرة.
وماذا عن اللُّعَب المؤسسة على شخصيات شعبية لحكايات الجن او قصص الخيال العلمي؟ تعالج مثل هذه القصص عموما انتصار الخير على الشر. لذلك يعتبر بعض الوالدين ‹العناصر السحرية› في هذه القصص مجرد استرسال للخيال الطفولي ولا يرون ايّ ضرر في السماح لاولادهم بالتمتع بها. وقد يخاف آخرون ان تثير القصص اهتماما بعلم الغيب. (تثنية ١٨:١٠-١٣) ودون ان يدينوا الآخرين، يجب ان يتخذ الوالدون قراراتهم الخاصة في هذا الخصوص، آخذين بعين الاعتبار تأثير قصص كهذه — وكل اللُّعَب المؤسسة عليها — في اولادهم.
وتذكروا ايضا المبدأ في ١ كورنثوس ١٠:٢٣: «كل الاشياء تحل لي لكن ليس كل الاشياء توافق.» وفي حين انكم قد لا تعترضون على لعبة شائعة، هل يكون مفيدا حقا ان تشتروها؟ هل يمكن ان تسيء الى الآخرين او تعثرهم؟
واللُّعَب التي يُدَّعى انها مثقِّفة يجب ان يفحصها الوالدون باعتناء، وخصوصا عندما ترمي الى تعليم الاولاد عن المسائل الجنسية والحبل. فهل الولد مستعد لمعلومات كهذه؟ وهل من الافضل نقل المعلومات من خلال مناقشات بينكم وبين ولدكم؟a قد تنقل لُعَب معيَّنة النواحي الجسدية لمسائل كهذه، ولكن هل تنقل المواقف الادبية اللائقة؟
٧- هل اريد حقا ان يحصل ولدي على هذه اللُّعبة؟ قد تشعرون بأن ولدكم لديه لُعَب كثيرة جدا، بأن اللُّعبة ليست عملية لظروفكم، او بأن اللُّعبة تسبِّب ضجيجا اكثر من ان تتحملوه. واذا لم يكن بالامكان حل مشاكل كهذه، فقد لا يكون لديكم خيار سوى ان تقولوا لا. وهذا ليس سهلا. ولكنَّ الاستسلام لكل نزوة وطلب طفوليَّين لن يساعد ولدكم على النمو الى راشد متزن. لاحظوا المبدأ في امثال ٢٩:٢١، ترجمة تفسيرية: «من دلَّل عبده [او ولده] في حداثته، يتمرَّد في النهاية عليه.»
ولا يعني ذلك انكم كوالد يجب ان تكونوا تعسُّفيين وغير منطقيين. فذلك يجعل ولدكم يشعر بالغضب والاستياء. «الحكمة التي من فوق . . . (متعقلة).» (يعقوب ٣:١٧) وعبَّرت احدى الخبيرات بالعناية بالاولاد عن ذلك بهذه الطريقة: «يلزم ان تجلسوا مع ولدكم وتوضحوا باعتناء كبير سبب عدم رغبتكم في اعطائه لُعَبا معيَّنة.»
بعض الامور الاكثر اهمية من اللُّعَب
فيما قد تكون اللُّعَب ادوات ذات قيمة للتثقيف والتسلية، فهي مجرد اشياء عديمة الحياة. ويمكن ان يحب الولد لعبة ما، ولكن لا يمكن للُّعبة ان تحب الولد. والاولاد يحتاجون الى عناية حبِّية يمكن للوالدين فقط ان يمنحوها. تقول الطبيبة ماڠدلين ڠري: «من حيث الاساس، الوالدون هم افضل مصدر للَّعب موجود بالنسبة الى الولد.» فعندما يلعب الوالدون مع اولادهم، يساعدون على تشكيل رباط عاطفي حميم ويساهمون في نمو المواقف والعواطف السليمة.
-