مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • البحث الدؤوب عن حلول
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • البحث الدؤوب عن حلول

      اهتمت هيئة الامم المتحدة،‏ منذ نشأتها،‏ بالاولاد وبمشاكلهم.‏ ففي نهاية سنة ١٩٤٦،‏ أسَّست «صندوق الامم المتحدة الدولي لإغاثة الاطفال» (‏اليونيسف)‏ كتدبير وقتي للاهتمام بالاولاد العائشين في مناطق دمَّرتها الحرب.‏

      وفي سنة ١٩٥٣ تحوَّل صندوق الاغاثة هذا الى منظمة دائمة.‏ وقد احتفظت هذه المنظمة باسمها المختصر،‏ اليونيسف،‏ مع ان اسمها الرسمي حاليا هو «صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة».‏ وهكذا تعمل اليونيسف،‏ طوال اكثر من نصف قرن،‏ على تزويد الاولاد في كل انحاء العالم بالطعام واللباس والعناية الطبية،‏ وتحاول عموما الاهتمام بحاجات الاولاد الاخرى.‏

      وفي سنة ١٩٥٩ رُكِّز اكثر على حاجات الاولاد عندما اقرّت الامم المتحدة اعلان حقوق الطفل.‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ٥.‏)‏ وكان يؤمَل ان ينتج من هذه الوثيقة اهتمام بمشاكل الاولاد وأن تساعد على حلّ هذه المشاكل بحضّ الناس على تقديم الدعم،‏ سواء أكان ماديا ام غير مادي.‏

      ولكن «بعد عشرين سنة»،‏ بحسب الكتاب السنوي ١٩٨٠ لدائرة معارف كولْير (‏بالانكليزية)‏،‏ «كانت هذه ‹الحقوق› —‏ وخصوصا الحقوق المتعلقة بالتغذية والصحة والرفاه المادي —‏ لا تزال بعيدة عن متناول كثيرين من اطفال العالم البالغ عددهم ٥‏,١ بليون طفل».‏ لذلك،‏ اعترافا بالحاجة المستمرة الى حلّ مشاكل الاولاد،‏ وانسجاما مع اهداف هيئة الامم المتحدة المعلَنة،‏ اعلنت هذه الهيئة سنة ١٩٧٩ سنة دولية للطفل.‏ وتجاوبت على الفور الحكومات والهيئات الاهلية والدينية والمؤسسات الخيرية من كل انحاء العالم،‏ وبدأت تبحث عن حلول.‏

      هل كان كل ذلك «مهزلة»؟‏

      من المؤسف ان الاولاد في البلدان النامية،‏ بحسب تقرير لليونيسف،‏ لم يتحسن وضعهم خلال السنة الدولية للطفل.‏ ففي نهاية تلك السنة،‏ كان نحو ٢٠٠ مليون ولد منهم لا يزالون يعانون سوء التغذية،‏ ويعود موت نصف الاولاد الـ‍ ١٥ مليونا الذين ماتوا وهم دون الخامسة من العمر الى سوء التغذية.‏ ومن الاطفال الـ‍ ١٠٠ الذين كانوا يولدون كل دقيقة في تلك السنة في البلدان النامية،‏ كان ١٥ يموتون قبل ان يُتمّوا سنتهم الاولى.‏ وكان اقل من ٤٠ في المئة يُنهون دراستهم الابتدائية.‏ لذلك تشكَّت افتتاحية في صحيفة إنديان إكسپرس (‏بالانكليزية)‏،‏ في تعليق لها على تقرير اليونيسف،‏ بالقول ان سنة الطفل لم تكن سوى «مهزلة».‏

      كان بعض الافراد قد توقّعوا حدوث هذا الفشل.‏ مثلا،‏ في بداية تلك السنة،‏ كتب فابْريتسْيو دانْتيتْشه في مجلة لِسْپرِسو (‏بالايطالية)‏:‏ «يلزم شيء اكثر من تخصيص سنة للطفل لمعالجة الوضع».‏ وعلّقت المجلة قائلة:‏ «ان نمط الحياة اليوم هو ما يجعلنا ما نحن عليه،‏ وهذا ما يلزم تغييره».‏

      ومتابعةً للبحث عن حلول لمشاكل الاولاد،‏ عُقد مؤتمر قمة عالمي في مقر الامم المتحدة في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٠.‏ وكان هذا احد اكبر الاجتماعات لقادة العالم في التاريخ.‏ فقد حضره اكثر من ٧٠ شخصا من قادة الحكومات.‏ عُقد الاجتماع استكمالا لاتفاقية حقوق الطفل التي أُقرت في ٢٠ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٨٩ وبدأ سريان مفعولها في ٢ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٠.‏ وبحلول آخر ذلك الشهر،‏ كانت ٣٩ دولة قد صادقت على هذه الاتفاقية.‏

      ذكرت اليونيسف مؤخرا:‏ «سرعان ما صارت هذه الاتفاقية اكثر معاهدة مصادق عليها في مجال حقوق الانسان،‏ وهذا ما يعطي قضايا الاطفال زخما عالميا».‏ وهذا صحيح،‏ ففي تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٩،‏ كان ١٩١ بلدا قد تبنّى الاتفاقية.‏ ذكرت اليونيسف:‏ «خلال العقد الذي تلا اقرار اتفاقية حقوق الطفل،‏ أُحرز في مجال تطبيق وحماية حقوق الاطفال تقدُّم اكبر مما أُحرز في اية فترة مماثلة من التاريخ البشري».‏

      لكن رغم هذا التقدُّم،‏ اندفع الرئيس الالماني يوهانّس راو الى القول:‏ «من المؤسف اننا لا نزال بحاجة في هذه الايام الى مَن يذكّرنا بأن للاولاد حقوقا».‏ او الى مَن يذكّرنا بأنهم لا يزالون يواجهون مشاكل خطيرة!‏ فبعدما اعترفت اليونيسف في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٩ انه «لا يزال هنالك الكثير لفعله»،‏ اوضحت:‏ «يموت كل سنة ما يقدَّر بـ‍ ١٢ مليون طفل دون الخامسة،‏ ومعظمهم يموتون لأسباب تسهل الوقاية منها.‏ ونحو ١٣٠ مليون طفل في البلدان النامية لا يذهبون الى المدرسة الابتدائية .‏ .‏ .‏ ويعاني نحو ١٦٠ مليون طفل سوء التغذية بدرجة خطيرة او معتدلة.‏ .‏ .‏ .‏ وكثيرون من الاطفال غير المرغوبين يُتركون في دور الايتام وفي مؤسسات اخرى،‏ فلا ينالون العِلم والرعاية الصحية المناسبة.‏ وغالبا ما تساء معاملة هؤلاء الاطفال.‏ وكذلك يقدَّر ان ٢٥٠ مليون طفل يُشغَّلون اشغالا شاقة».‏ وذُكر ايضا ان ٦٠٠ مليون طفل يعيشون في فقر مدقع،‏ وأن ١٣ مليونا سيموت احد والديهم على الاقل من الأيدز قبل نهاية سنة ٢٠٠٠.‏

      يبدو انه ليس من السهل ان يجد القادة السياسيون حلولا مرضية لهذه المشاكل.‏ لكنَّ مشاكل الاولاد ليست محصورة بالبلدان النامية.‏ فأولاد كثيرون في البلدان الغربية يعانون حرمانا من نوع آخر.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤]‏

      ‏«من المؤسف اننا لا نزال بحاجة في هذه الايام الى مَن يذكّرنا بأن للاولاد حقوقا»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٥]‏

      اعلان الامم المتحدة لحقوق الطفل:‏

      ‏• الحق في اسم وجنسية.‏

      ‏• الحق في الحنان،‏ الحب،‏ والتفهم،‏ وفي الامن المادي.‏

      ‏• الحق في الغذاء الكافي والمأوى والخدمات الطبية.‏

      ‏• الحق في العناية الخاصة اذا كان معوَّقا،‏ سواء كان ذلك جسميا او عقليا او اجتماعيا.‏

      ‏• الحق في ان يكون بين اوائل الذين يحظون بالحماية والإغاثة في جميع الظروف.‏

      ‏• الحق في الحماية من جميع صوَر الاهمال والقسوة والاستغلال.‏

      ‏• الحق في فرصة كاملة للَّعب واللهو وفرصة مساوية للتعليم المجاني والالزامي،‏ لتمكين الطفل من تنمية قدراته الفردية والصيرورة عضوا مفيدا في المجتمع.‏

      ‏• الحق في تنمية امكانياته الكاملة في اجواء من الحرية والكرامة.‏

      ‏• الحق في ان يُربَّى على روح التفهم والتسامح،‏ الصداقة بين الشعوب،‏ والسلم والاخوَّة العالمية.‏

      ‏• الحق في التمتع بهذه الحقوق بصرف النظر عن العرق او اللون او الجنس او الدين او الرأي،‏ السياسي و غير السياسي،‏ او الاصل القومي او الاجتماعي او الثروة او النسب او اي وضع آخر.‏

      ‏[المصدر]‏

      ملخَّصٌ مؤسس على الامم المتحدة لكل انسان (‏بالانكليزية)‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٣]‏

      UN PHOTO 148038/Jean Pierre Laffont

      UN photo

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٤]‏

      Photos on pages 4 and 5 Giacomo Pirozzi/Panos Pictures

  • الاولاد يستحقون الشعور بأنهم مرغوبون ومحبوبون
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • الاولاد يستحقون الشعور بأنهم مرغوبون ومحبوبون

      ‏«أعطِ الطفل قليلا من الحب،‏ تنلْ منه الجزيل».‏ هذا ما كتبه جون راسْكِن،‏ كاتب وناقد انكليزي عاش في القرن الـ‍ ١٩.‏ ولا شك ان معظم الوالدين يوافقون على ان محبة المرء لأولاده تؤتي ثمارا جيدة،‏ ليس فقط لأن الاولاد سيبادلون عندئذ والديهم المحبة،‏ بل لأن لهذه المحبة —‏ وهذا اهم —‏ تأثيرا ايجابيا في الاولاد.‏

      مثلا،‏ ذكر كتاب المحبة ومكانها في الطبيعة (‏بالانكليزية)‏ انه بدون محبة «غالبا ما يموت الاولاد».‏ حتى ان آشلي مونتاڠيو،‏ عالِم الانسان الشهير البريطاني المولد،‏ قال:‏ «الولد الذي لا يُحَبّ مختلف كثيرا من الناحية الكيميائية الحيوية والفيزيولوجية والنفسية عن الولد الذي يُحَبّ.‏ حتى ان الاول ينمو بشكل مختلف عن الاخير».‏

      وأوردت صحيفة ذا تورونتو ستار (‏بالانكليزية)‏ دراسة جرى التوصُّل فيها الى استنتاجات مماثلة.‏ قالت:‏ «ان الاولاد الذين نشأوا دون ان يُعانقوا،‏ يُربَّتوا بلطف او يُلامَسوا .‏ .‏ .‏ لديهم مستويات عالية غير سوية من هرمونات الاجهاد».‏ فالاهمال الجسدي في الطفولية «يمكن ان تكون له تأثيرات بعيدة المدى وخطيرة في التعلُّم والذاكرة».‏

      تُبرز هذه الاكتشافات كم هو ضروري وجود الوالدين الى جانب اولادهم بالمعنى الحرفي.‏ وإلا فكيف يمكن ان تنمو علاقات متينة بين الولد وأبيه او امه؟‏!‏ ولكن من المؤسف انه حتى في البلدان الغنية من العالم،‏ تروج اليوم فكرة تزويد الاولاد بحاجاتهم بعيدا عن والديهم.‏ فالاولاد يُرسَلون الى المدرسة،‏ وإلى مدرسة الاحد،‏ وإلى العمل،‏ وإلى المخيَّم الصيفي،‏ ويُعطَون المال ويُرسَلون الى مراكز التسلية.‏ وهكذا يدور ملايين الاولاد حول نواة العائلة،‏ اذا جاز التعبير،‏ وإنما على مسافة كبيرة منها،‏ مما يجعلهم يشعرون —‏ ولو في عقلهم الباطني —‏ بأنهم مهمَلون،‏ غير مرغوبين،‏ غير محبوبين،‏ محاطون بعالم عدائي يسيطر عليه الكبار.‏ وربما يفسِّر هذا الشعور السائد بين الاولاد لماذا هنالك ما يقدَّر بـ‍ ٠٠٠‏,٣ ولد يعيشون في شوارع برلين.‏ مثالا لذلك،‏ قال ميخا الصغير:‏ «لم يعد احد يريدني».‏ كذلك تذمَّر صبي ألماني في التاسعة من العمر قائلا:‏ «ليتني كنتُ الكلب الذي يربّى في بيتنا».‏

      سوء معاملة الاولاد يتخذ اشكالا كثيرة

      اهمال الاولاد هو احد اشكال سوء المعاملة الذي يدل على وجود نقص في ما يدعوه الكتاب المقدس ‹الحنو›.‏ (‏روما ١:‏٣١؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏٣‏)‏ ويمكن ان يؤدي الاهمال الى اشكال اخرى من سوء المعاملة اخطر منه.‏ مثلا،‏ منذ سنة ١٩٧٩،‏ السنة الدولية للطفل،‏ يُلفت المزيد من الانتباه الى مشكلتَي الاساءة الجسدية والاساءة الجنسية الى الاولاد.‏ من الصعب طبعا جمع احصائيات دقيقة،‏ علما بأنها تتفاوت بين مكان وآخر.‏ ولكن لا يوجد شك في ان الندوب العاطفية التي تبقى حتى الرشد في نفس الاولاد المساء اليهم جنسيا ليست سهلة المحو.‏

      كل اشكال سوء المعاملة تترك عند الاولاد الانطباع انهم غير محبوبين وغير مرغوبين.‏ ويبدو ان هذه المشكلة تتفاقم.‏ فبحسب الصحيفة الالمانية دي ڤيلت،‏ «يتزايد عدد الاولاد الذين يكبرون وهم يعانون مشكلة اجتماعية تمنع عيشهم حياة طبيعية».‏ وتضيف:‏ «يفتقر الاولاد الى الدفء الذي تولّده الحياة العائلية.‏ فبحسب [ڠيرت رومايكه،‏ مدير مركز لإرشاد الاولاد في مدينة هامبورڠ]،‏ يضعف الرباط العاطفي الذي يجمع الاولاد مع والديهم،‏ او انه لا ينشأ البتة اساسا.‏ فيشعر هؤلاء الاولاد بالاهمال،‏ ولا تتحقق رغبتهم في الشعور بالامان».‏

      ويتطور احساس بالمرارة عند الاولاد الذين يُحرمون من حقهم في الشعور بأنهم مرغوبون ومحبوبون،‏ فيصبّون جام غضبهم على الذين اهملوهم او ربما على المجتمع ككل.‏ وقبل عشر سنين تقريبا،‏ اشار تقرير صادر عن مجموعة عمل كندية الى ضرورة اتخاذ اجراء عاجل،‏ وإلا ضاع جيل برمّته «يعتقد ان المجتمع لا يهتم لأمره».‏

      قد يفكر المراهقون غير المحبوبين وغير المرغوبين في الهرب من البيت ليبتعدوا عن مشاكلهم،‏ فيجدون مشاكل اكبر في المدن التي تكثر فيها الجرائم والمخدِّرات والفساد الادبي.‏ وفي الواقع،‏ قدَّرت الشرطة قبل اكثر من ٢٠ سنة انه في واحدة فقط من المدن الاميركية،‏ يعيش في الشوارع ٠٠٠‏,٢٠ ولد لم يتجاوزوا الـ‍ ١٦ من العمر،‏ هاربين من بيوتهم.‏ ووُصف هؤلاء بأنهم «نتاج البيوت المحطمة ونتاج الوحشية،‏ وغالبا ما يكون السبب والدين كحوليين او مدمنين على المخدِّرات.‏ فيلجأ الاولاد الى العيش في الشوارع ويمارسون البغاء ليحصلوا على لقمة العيش.‏ عندئذ يبدأ القوّادون بضربهم ويسلبونهم احترامهم لنفسهم،‏ فيعيشون في خوف من الانتقام اذا حاولوا التوقف عن كسب المال بهذه الطريقة».‏ والمؤسف ان هذا الوضع المزري لا يزال قائما رغم الجهود المخلصة التي تُبذل لتغييره.‏

      ان الاولاد الذين يترعرعون في جو مماثل لما هو مذكور آنفا يصيرون راشدين غير متَّزنين،‏ وغالبا ما لا يتمكنون من تربية اولادهم كما يجب.‏ فهؤلاء الراشدون الذين كانوا غير مرغوبين وغير محبوبين ينجبون ذرية مثلهم:‏ اولادا يشعرون بأنهم غير مرغوبين وغير محبوبين.‏ وقد اوجز سياسي ألماني المشكلة بهذه الكلمات:‏ «الاولاد الذين لم يُحَبّوا يصيرون راشدين مملوئين بغضا».‏

      طبعا،‏ يبذل ملايين الوالدين قصارى جهدهم لكي يعرف اولادهم انهم مرغوبون ومحبوبون.‏ وهم لا يقولون لهم ذلك فحسب،‏ بل يمنحون اولادهم العناية الحبية والاهتمام الشخصي اللذين يستحقهما كل ولد.‏ ومع ذلك،‏ تبقى هنالك مشاكل —‏ مشاكل لا يستطيع الوالدون وحدهم ان يحلّوها.‏ مثلا،‏ في بعض انحاء العالم،‏ تفشل الانظمة الاقتصادية والسياسية البشرية الناقصة في توفير الرعاية الصحية الملائمة والتعليم المناسب والتغذية الكافية للاولاد،‏ كما انها لا تحميهم من مشكلة تشغيل الاولاد ومن الاوضاع المعيشية المزرية.‏ وكثيرا ما تزداد هذه الاوضاع سوءا بسبب الراشدين الجشعين،‏ الفاسدين،‏ الانانيين،‏ والعديمي الاعتبار لحقوق الآخرين.‏

      لقد اتى كوفي انان،‏ الامين العام للامم المتحدة،‏ على ذكر بعض المشاكل التي يواجهها الاولاد اليوم حين كتب:‏ «لا يزال ملايين الاطفال يتحملون مَذَلّات الفقر المريعة؛‏ ويعاني مئات الآلاف من الاطفال تأثيرات الصراعات والفوضى الاقتصادية؛‏ عشرات الآلاف شوَّهتهم الحروب؛‏ وأعداد اكبر يتَّمهم او قضى عليهم ڤيروس العوز المناعي البشري/‏الأيدز».‏

      ولكن لا يعني كل ذلك انه لم يتحسن وضع الاولاد ولو قليلا!‏ فوكالات الامم المتحدة،‏ كصندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسف)‏ ومنظمة الصحة العالمية،‏ تبذل كل ما في وسعها لتحسِّن حال الاولاد.‏ ذكر انان:‏ «يولد المزيد من الاطفال بصحة جيدة،‏ ويُعطى المزيد منهم جرعات لتعزيز المناعة.‏ بإمكان المزيد منهم القراءة والكتابة،‏ ويملك المزيد الحرية ليتعلموا ويلعبوا ويعيشوا حياتهم كأطفال؛‏ وهذه الزيادة هي اكبر مما اعتُقد انه ممكن قبل عشر سنوات فقط».‏ ومع ذلك حذَّر:‏ «ليس الآن الوقت لنقف ونكتفي بالانجازات الماضية».‏

      اكثر مَن يستحقون الاهتمام

      هنالك اولاد يستحقون اهتماما خصوصيا.‏ ففي اوائل الستينات،‏ صُدم العالم عندما وردت تقارير من اكثر من ١٢ بلدا عن ولادة آلاف الاطفال الذين دُعوا اطفال التاليدوميد.‏ والتاليدوميد هو دواء مسكّن ومنوِّم،‏ وقد تناولته النساء الحوامل دون ان يُعرف ان له تأثيرا جانبيا يؤدي الى ولادة اطفال بأطراف يابسة او بلا اطراف.‏ وغالبا ما كانت ايديهم وأرجلهم شبيهة بزعانف لا اكثر.‏

      وبعد اربعة عقود،‏ صارت الالغام الارضية تُعتبر المشوِّه الرئيسي للاولاد.‏a فالبعض يقدِّرون ان ٦٠–‏١١٠ ملايين لغم قابل للانفجار مزروعة في كل انحاء العالم.‏ ويُقتل او يتشوَّه كل سنة نحو ٠٠٠‏,٢٦ شخص،‏ منهم اولاد كثيرون.‏ ومنذ سنة ١٩٩٧،‏ حين حازت جودي وليامز جائزة نوبل للسلام بسبب حملتها لحظر الالغام الارضية،‏ تركَّز الاهتمام كثيرا على هذه المشكلة.‏ لكنَّ حقول الالغام لا تزال موجودة.‏ قال سياسي ألماني عن الجهود الرامية الى تخليص العالم من الالغام الارضية:‏ «الامر اشبه بمحاولة افراغ حوض الاستحمام بملعقة صغيرة فيما الحنفية مفتوحة».‏

      والفئة الاخرى التي تستحق اهتماما خصوصيا تشمل الاولاد الذين لا والدين لهم.‏ قصد يهوه اللّٰه،‏ خالق الانسان،‏ ان يترعرع الاولاد وهم يلقون العناية الحبية من أمّ وأب على السواء.‏ فالولد يحتاج ويستحق هذه التربية المتوازنة.‏

      تسعى دور الايتام ووكالات التبني الى الاهتمام بحاجات الاطفال الذين لا والدين لهم.‏ ولكن من المؤسف ان بعض الاطفال المحرومين،‏ المحتاجين اكثر الى مَن يتبنّاهم،‏ هم اكثر مَن يجري تجاهلهم،‏ ونقصد الاولاد المرضى او الذين يعانون مشاكل في التعلُّم او المعوَّقين جسديا او الذين والدوهم اجانب.‏

      وقد تأسست جمعيات تشجِّع الناس على التبرع بالمال بشكل منتظم بحيث «يتبنّون» ولدا يعيش في بلد غير غني.‏ ويُستخدم المال المتبرَّع به لتعليم الولد او لتزويده بضروريات الحياة.‏ وإذا اراد المتبرِّع،‏ يمكن تبادل الصور والرسائل لتقوية العلاقة بين الطرفين.‏ ومع ان هذا الترتيب نافع،‏ فهو ليس الحلّ المثالي.‏

      ثمة حركة،‏ احتفلت سنة ١٩٩٩ بمرور نصف قرن على انشائها،‏ هي مثال مثير آخر لما يمكن فعله لمساعدة الاطفال الذين لا والدين لهم.‏

      قرية الاطفال SOS

      في سنة ١٩٤٩،‏ اسس هرمان ڠماينر في بلدة إيمست النمساوية ما دعاه «قرية الاطفال SOS».‏ ومن هذه البداية الصغيرة،‏ اتسعت منظمته وصارت تشمل نحو ٥٠٠‏,١ قرية ومؤسسة مماثلة في ١٣١ بلدا آسيويا وإفريقيا وأميركيا وأوروپيا.‏

      جعل ڠماينر مشروعه يقوم على اربعة مبادئ:‏ الامّ،‏ الاخوة،‏ البيت،‏ والقرية.‏ تشكّل «امّ» اساس «عائلة» مؤلفة من خمسة او ستة اولاد،‏ وربما اكثر.‏ فتعيش معهم وتحاول ان تمنحهم المحبة والاهتمام المتوقعَين من امّ حقيقية.‏ ويبقى الاولاد معا في نفس «العائلة» ومع نفس «الامّ» الى ان يحين وقت مغادرتهم «البيت».‏ تتألف «العائلة» من اولاد بمختلف الاعمار.‏ وبوجود «اخوة» و «اخوات» اكبر وأصغر سنا،‏ يتعلم الاولاد كيف يهتمون واحدهم بالآخر،‏ وهكذا لا ينمو عندهم ميل الى التفكير في انفسهم فقط.‏ وتُبذل الجهود لضمّ الاولاد الى «العائلة» في اصغر سن ممكنة.‏ ويبقى دائما الاخوة والاخوات في الجسد معا ضمن «العائلة» نفسها.‏

      تتألف القرية من نحو ١٥ «عائلة»،‏ وكل «عائلة» تعيش في بيت مستقل.‏ يتدرب جميع الاولاد على مساعدة «امّهم» عند القيام بالاعمال المنزلية.‏ ومع انه لا يوجد اب،‏ تُصنع الترتيبات ليعطي رجل نصائح ابوية ويزود التأديب اللازم.‏ يذهب الاولاد الى المدارس المحلية.‏ وتحصل كل «عائلة» على مصروف شهري ثابت لتغطية نفقاتها.‏ وتُشترى الاطعمة والملابس من السوق المحلية.‏ ان الهدف من ذلك هو تعريف الاولاد بالحياة العائلية النموذجية بكل مشاكلها وأفراحها،‏ وهذا ما يمكّنهم من العيش حياة عادية الى اقصى حد ممكن.‏ ويُعدّهم ذلك لتأسيس عائلات خاصة بعدما يبلغون سن الرشد.‏

      البحث عن الحلّ الامثل مستمر

      تقوم وكالات التبني،‏ دور الايتام،‏ قرى الاطفال SOS،‏ اليونيسف،‏ وغيرها من المنظمات والهيئات المماثلة،‏ بعمل جيد حين تسعى الى تقديم الدعم للاولاد المحرومين.‏ ولكن لا يمكن لأيّ منها ان ينكر استمرار وجود اناس محرومين.‏ ومهما كانت نواياها صافية،‏ فلا يمكنها ان تعطي الولد المُقعد ساقَين طبيعيتَين قويتَين،‏ او تنشّط دماغ الولد المعاق عقليا،‏ او تجمع الولد مع والدَيه المنفصلَين او المطلّقَين،‏ او تضعه من جديد في حضن امّ او اب فارق الحياة.‏

      لا يستطيع البشر مهما حاولوا ان يوفّروا الحلّ الامثل لمشاكل الاولاد.‏ لكنَّ هذه المشاكل ستُحلّ!‏ نعم،‏ وفي وقت اقرب مما تتوقّعون على الارجح.‏ ولكن كيف؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا السلسلة «‏الألغام الارضية —‏ هل من حلّ؟‏‏» التي صدرت في عدد ٨ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠٠ من هذه المجلة.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٩]‏

      يحتاج ويستحق الولد المحبة من كلا والدَيه

  • الحلّ أخيرا!‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٨
    • الحلّ أخيرا!‏

      تخيَّلوا عالَما يشعر فيه كل ولد بأنه مرغوب ومحبوب،‏ وينعم بوجود والدَين حنونَين ومحبَّين يريدان من كل قلبهما ان يعطيا ولدهما افضل ارشاد وتوجيه ممكنَين.‏ وتخيَّلوا عالَما يتمتع فيه كل ولد بصحة جسدية وعقلية ممتازة،‏ حيث لا يعيش الاولاد في الشوارع،‏ وحيث لا يُسلَبون طفولتهم بسبب اضطرارهم الى العمل لكسب لقمة العيش!‏

      أهذا ما ترجون حدوثه؟‏ طبعا.‏ أتجدونه ممكنا؟‏ يعتقد شهود يهوه ان هذا ممكن،‏ وذلك لسببين اثنين.‏

      بإمكان الوالدين ان يزوّدوا جزءا من الحلّ

      انتم توافقون دون شك على ان الراشدين قادرون على حلّ بعض مشاكل الاولاد —‏ وأحيانا على منع حدوثها.‏ هذا ممكن طبعا شرط ان يكون هؤلاء الراشدون راغبين في ذلك.‏ نعم،‏ يحمل الوالدون المفتاح الذي يحلّ جزءا من المشكلة.‏

      مثلا،‏ ان الراشدين القادرين على اتِّباع مشورة الكتاب المقدس،‏ التي تنصح «ألا تفارق الزوجة زوجها .‏ .‏ .‏ ولا يترك الزوج زوجته»،‏ لا يتألم اولادهم بسبب عيشهم في بيت محطم نتيجة الانفصال او الطلاق.‏ —‏ ١ كورنثوس ٧:‏١٠،‏ ١١‏.‏

      والراشدون الذين يريدون فعلا اتِّباع مشورة الكتاب المقدس،‏ التي تنصح ‹بالسير بلياقة،‏ لا في القصف وحفلات السكر›،‏ لا يتألم اولادهم بسبب ما يحصل للعائلات التي يسكر فيها الوالدون او يدمنون على المخدِّرات.‏ —‏ روما ١٣:‏١٣؛‏ افسس ٥:‏١٨‏.‏

      والراشدون الذين يريدون فعلا اتِّباع مشورة الكتاب المقدس،‏ التي تنصح ‹بالامتناع عن العهارة›،‏ يقلّلون من خطر ان يكبر اولادهم وهم يشعرون بأنهم غير مرغوبين،‏ وربما في عائلة من والد واحد.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٤:‏٣؛‏ متى ١٩:‏٩‏.‏

      والراشدون الذين يريدون فعلا اتِّباع مشورة الكتاب المقدس،‏ التي تنصح ‹بألا تغيظوا اولادكم لئلا تتثبط عزيمتهم›،‏ وهم ‹يحبون اولادهم›،‏ يجنِّبونهم الشعور بألم الاساءة الجسدية او النفسية بمختلف اشكالها.‏ —‏ كولوسي ٣:‏٢١؛‏ تيطس ٢:‏٤‏.‏

      باختصار،‏ اذا اراد جميع الراشدين فعلا اتِّباع مشورة الكتاب المقدس التي ذكرها يسوع:‏ «كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضا بهم»،‏ فهل يستمر وجود ملايين الاولاد الذين يشعرون بأنهم غير مرغوبين وغير محبوبين؟‏ —‏ متى ٧:‏١٢‏.‏

      من المفرح ان راشدين كثيرين يريدون فعلا القيام بكل ما ذُكر آنفا.‏ ولكن من المؤسف ان الامر لا ينطبق على جميع الراشدين،‏ وهنا تكمن المشكلة.‏ حتى الاشخاص المستعدون لفعل كل ما يلزم يجدون غالبا ان جهودهم تفشل بسبب النقص البشري وبسبب امور خارجة عن نطاق سيطرتهم.‏ صحيح ان بإمكان البشر تزويد جزء من الحلّ لمشاكل الاولاد،‏ ولكن من الواضح انهم لا يستطيعون تزويد الحلّ الاكمل.‏

      حكومة الهية تزوّد الحلّ الاكمل

      كان الكاتب جون راسْكِن،‏ المذكور في المقالة السابقة،‏ مقتنعا بأن «اول واجبات الدولة هو التأكد ان كل طفل يولد ضمن اراضيها يحصل على المأوى واللباس والطعام والتعليم الجيد،‏ الى ان يبلغ سن الرشد».‏ لكنَّ راسْكِن اعترف بأنه «لكي [يتحقق] ذلك،‏ يجب ان تملك الحكومة نوعا من السلطة على الشعب لا يمكن حتى ان نحلم به اليوم».‏

      فقط الحكومة التي تلقى دعما الهيا يمكن ان تملك السلطة الحبية التي تحدث عنها راسْكِن.‏ وهنالك وعد بحكومة كهذه،‏ حسبما ذكر يسوع في متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏ وعندما تُحكِم هذه الحكومة الالهية سيطرتها على شؤون الارض،‏ ستمارس سلطتها على كل الشعوب،‏ مزوِّدةً المأوى واللباس والطعام والتعليم لجميع رعاياها،‏ بمن فيهم الاولاد.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏١٧-‏٢٥‏)‏ لكنَّ هذه الحكومة الكاملة لن تكتفي بذلك.‏

      ففي ظل ملكوت اللّٰه سيتمكن البشر من تربية الاولاد بطريقة متوازنة.‏ (‏ايوب ٣٣:‏٢٤-‏٢٦‏)‏ وسيُنشَّأ الصغار على روح السلم والاخوّة العالمية،‏ الهدف السامي المذكور في اعلان الامم المتحدة لحقوق الطفل.‏ (‏مزمور ٤٦:‏٨،‏ ٩‏)‏ ولن تنشأ اية حاجة من جديد الى سنة دولية للطفل او لاتفاقية حول حقوق الطفل.‏

      ولن يصعب على المسيح يسوع،‏ ملك هذه الحكومة السماوية،‏ ان يردّ الصحة والعافية الى الوالدين وإلى الاطفال المعوَّقين.‏ فعجائب الشفاء التي صنعها حين كان على الارض هي الضمانة لذلك.‏ (‏لوقا ٦:‏١٧-‏١٩؛‏ يوحنا ٥:‏٣-‏٩؛‏ ٩:‏١-‏٧‏)‏ حتى ان اقامة الاطفال والوالدين الموتى لن تستعصي عليه!‏ —‏ متى ٩:‏١٨-‏٢٥‏.‏

      كم يفرح المرء حين يعرف ان وقت تدخُّل اللّٰه لمصلحة اطفال الارض صار قريبا!‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٢]‏

      مساعدة للأحداث

      يهتم شهود يهوه كثيرا بمساعدة الاحداث على تجنب الوقوع في المشاكل،‏ كما انهم يُظهرون لهم كيف يواجهون المشاكل التي لا يمكن تجنبها.‏ ولهذا الهدف نشروا على مر السنين عددا من المساعِدات على سد حاجات الصغار والاحداث،‏ سواء كانوا اصغر من ان يذهبوا الى المدرسة او في سن المراهقة.‏ وتشمل هذه المساعِدات كتابَي كتابي لقصص الكتاب المقدس و اسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح،‏ بالاضافة الى شريط الڤيديو الاحداث يسألون —‏ كيف يمكنني ان اصنع اصدقاء حقيقيين؟‏.‏ ويمكن الحصول عليها بواسطة اشخاص من شهود يهوه يعيشون في منطقتكم او بالكتابة الى ناشري هذه المجلة.‏

      يُظهر شهود يهوه لأولادهم انهم مرغوبون ومحبوبون حين يناقشون معهم دائما ما يمرّون به من مشاكل.‏ وغالبا ما يستعمل الوالدون المعلومات المفيدة في الكتابَين المذكورَين آنفا كأساس لبرنامج تقدُّمي ومنتظم لتعليم الصغار والاحداث.‏ وربما تفكّرون في اتِّباع برنامج تعليمي مماثل مع اولادكم.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة