مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الاولاد المفقودون —‏ ما مدى تفشي هذه المأساة؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • الاولاد المفقودون —‏ ما مدى تفشي هذه المأساة؟‏

      ‏‹ولدي مفقود!‏›‏

      بالنسبة الى معظم الوالدين،‏ قلَّما توجد اسباب للشعور بقلقٍ يفوق ذاك الذي يجعلهم يتفوَّهون بهاتين الكلمتين.‏ وفي حين لا يمكن تحديد رقم عالمي دقيق لعدد الاولاد المفقودين الغائبين عن بيوتهم،‏ بإمكاننا ان نعرف مدى تفشي هذه المأساة من التقارير التي تُنشر في بلدان كثيرة.‏

      في الولايات المتحدة،‏ تُدرج كل سنة اسماء ٠٠٠‏,٥٠٠ الى اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١ ولد،‏ وذلك حسب الطريقة التي يصنَّفون بها،‏ في قائمة المفقودين الغائبين عن بيوتهم.‏ وقد يكونون إما مفقودين لفترة زمنية قصيرة او مفقودين بشكل دائم.‏ وتخبر انكلترا ان نحو ٠٠٠‏,١٠٠ ولد يختفون سنويا،‏ مع ان البعض يقولون ان العدد اكبر بكثير.‏ وتحدَّث الاتحاد السوڤياتي السابق عن اختفاء عشرات الآلاف من الاولاد.‏ وفي جنوب افريقيا يقال ان العدد يزيد على ٠٠٠‏,١٠.‏ وفي اميركا اللاتينية يواجه ملايين الاولاد هذه المأساة.‏

      اشار ناطق باسم وزارة الداخلية الايطالية الى حجم المشكلة هناك عندما كتب في صحيفة L’Indipendente‏:‏ «انهم يغادرون البيت كما في ايّ يوم آخر.‏ فيذهبون الى المدرسة او للعب،‏ ولكنهم لا يعودون.‏ انهم يختفون،‏ كما لو انه لم يعُد لهم وجود.‏ وبيأس يبحث عنهم اعضاء عائلاتهم،‏ لكن ليس هنالك سوى آثار مبهمة،‏ دلائل غير كافية،‏ شهود عيان قليلين —‏ وغير متأكدين.‏»‏

      وفي الولايات المتحدة كشفت دراسة حديثة حول حجم هذه المشكلة ان العنوان «اولاد مفقودون» يشتمل في الواقع على فئات عديدة.‏ احدى الفئات هي الاولاد الذين يخطفهم الغرباء.‏ وفئة اخرى هي الاولاد الذين يخطفهم احد والدَيهم،‏ كما في حالات الوصاية على الاولاد.‏ ثم هنالك المنبوذون،‏ اولاد لا يرغب فيهم والدوهم او اوصياؤهم.‏ وهنالك ايضا الهاربون،‏ وهم يؤلفون فئة كبيرة اخرى.‏ وهنالك الذين يتيهون او ينفصلون عن عائلتهم لعدة ساعات او ليوم او يومين —‏ وهم في معظمهم اولاد يبقون خارج البيت الى ما بعد الوقت المتفَّق عليه او اولاد اساء والدوهم فهم نواياهم.‏ وقليلون جدا من هؤلاء يبقون مفقودين بشكل دائم.‏

      ولكن ماذا يحدث للاولاد المفقودين في الفئات الاخطر؟‏ لماذا تحدث هذه المأساة؟‏ يفحص هذا العدد من استيقظ!‏ الاوجه المختلفة لهذه المأساة ويجيب عن السؤال:‏ متى سينتهي ذلك؟‏

  • عندما يخطف الغرباء الاولاد
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • عندما يخطف الغرباء الاولاد

      ‏«من فضلكم ساعدونا على ايجادها.‏ نتوسل اليكم،‏ ساعدوا سارا!‏»‏

      ان هذا الالتماس الحار من والدَين مَكروبَين بثَّه التلفزيون في كل انحاء الولايات المتحدة كمحاولة لاستعادة ابنتهما سارا آن وود البالغة من العمر ١٢ سنة.‏ فقد خُطفت قبل ذلك بثلاثة اسابيع فيما كانت عائدة الى البيت وهي تقود دراجتها على طول الطريق الريفي في المنطقة التي تعيش فيها.‏

      مشَّط فريق بحث كبير الغابات،‏ الحقول،‏ والبحيرات المجاورة بحثا عن آثار للفتاة المفقودة.‏ وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ ظهرت تينا پيراينن،‏ والدة مَكروبة ايضا في ولاية مجاورة،‏ على شاشات التلفزيون تلتمس العون من اجل ابنتها المفقودة.‏ فقد أُغريت هولي البالغة من العمر عشر سنوات ان تسلك طريقا مشجَّرا،‏ واختفت في اقل من ساعة.‏ وفي ما بعد،‏ وُجدت جثتها في حقل.‏

      ان الحياة بالنسبة الى والدي الاولاد المفقودين هي محنة أليمة.‏ فلديهم صراع يومي مع الشك في ما اذا كان ولدهم حيا،‏ ربما متأذيا جسديا او مساء اليه جنسيا،‏ او ميتا،‏ كما في حالة آشلي الصغيرة.‏ فقد ذهبت آشلي مع عائلتها للتفرُّج على اخيها وهو يشترك في مباراة لكرة القدم.‏ وإذ ملَّت التفرُّج،‏ سارت نحو الملعب —‏ واختفت.‏ وبعد ذلك وُجدت جثة آشلي في حقل مجاور.‏ لقد خُنقت.‏

      كابوس مريع

      في الولايات المتحدة،‏ ستختبر ٢٠٠ الى ٣٠٠ عائلة كل سنة هذا الكابوس المريع —‏ اختطاف ولد واحتمال عدم رؤيته ابدا على قيد الحياة في ما بعد.‏ وفي حين ان الاعداد تبدو صغيرة بالمقارنة مع الجرائم العنيفة الاخرى المرتكَبة،‏ فالرعب والذعر اللذان ينتشران في مجتمعات بكاملها يصيبان آلاف الاشخاص.‏ وقد يتساءلون وهم في صدمة:‏ ‹كيف يمكن ان تحدث مأساة كهذه هنا؟‏ هل سيكون ولدي هو التالي؟‏›‏

      في الولايات المتحدة،‏ يتراوح العدد السنوي للحالات المخبر بها المرتبطة بخطف الاولاد بين ٢٠٠‏,٣ و ٦٠٠‏,٤.‏ وثلثا هذا العدد او حتى اكثر يجري الاعتداء عليهم جنسيا.‏ لاحظ ارنست ا.‏ آلن،‏ رئيس المركز القومي للاولاد المفقودين والمستغَلّين:‏ «السبب الرئيسي جنسي،‏ وتتبعه نية القتل.‏» واستنادا الى وزارة العدل الاميركية،‏ تُرتكَب اكثر من ٠٠٠‏,١١٠ محاولة خطف اخرى كل سنة،‏ بواسطة سائقي سيارات عموما،‏ وهم عادة من الرجال،‏ يحاولون اغراء الولد ليدخل سيارتهم.‏ وتختبر بلدان اخرى ايضا موجة من العنف المرتكَب ضد الاولاد.‏

      هل يتحمل المجتمع المسؤولية ايضا؟‏

      بشأن قتل الاولاد،‏ يُظهر باحث اوسترالي ان ذلك ليس «امرا يحدث بشكل عشوائي.‏» ففي كتابه قتل الابرياء —‏ قتلة الاولاد وضحاياهم،‏ يذكر پول ويلسون ان «القتلة والمقتولين على السواء هم عالقون في حلقة مفرغة احدثها المجتمع نفسه.‏»‏

      قد يبدو غريبا الاعتقاد ان المجتمع يمكن ان يكون مسؤولا عن هذه المأساة،‏ او على الاقل مساهما فيها،‏ لأن معظم الناس يعتبرون استغلال الاولاد وقتل الاولاد عملَين مريعَين.‏ لكنَّ المجتمعات الصناعية،‏ وحتى الكثير من المجتمعات الاقل تقدُّما،‏ مشبعة بالافلام،‏ البرامج التلفزيونية،‏ ومواد القراءة التي تمجد الجنس والعنف.‏

      وهنالك الآن المزيد والمزيد من الافلام الخلاعية التي تصوِّر الجنس بشكل فاضح اكثر،‏ والتي تُظهر اولادا وحتى راشدين لابسين بطريقة تجعلهم يبدون كالاولاد.‏ وهذه الافلام تعرض الجنس الصريح والعنف اللذين يشملان اولادا.‏ ويلاحظ ويلسون ايضا في كتابه ان هنالك افلاما تحمل عناوين مثل موتُ حدثٍ،‏ التعذيب البطيء،‏ و قطع الاوصال للمبتدئين.‏ وكم كبير هو جمهور الفن الاباحي والعنف الساديّ؟‏ انها لَصناعة تكسب بلايين كثيرة من الدولارات!‏

      ان للعنف المصوَّر بشكل حي وللفن الاباحي اثرا بالغا في حياة الذين يستغلون الاولاد.‏ فقد اعترف مرتكب جرائم جنسية —‏ كان قد قتل خمسة صبيان —‏ بعد ان أُدين:‏ «انا مضاجع اولاد لوطيّ مُدان لارتكابي القتل،‏ والفن الاباحي كان عاملا حاسما في ما ابتُليت به.‏» ويوضح الپروفسور بيريت آس،‏ من جامعة اوسلو،‏ تأثير الفن الاباحي المتعلق بالاولاد:‏ «لقد ارتكبنا خطأ جسيما في نهاية ستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فقد اعتقدنا انه يمكن ان يحل الفن الاباحي محل الجرائم الجنسية بتزويد متنفَّس لمرتكبي الجرائم الجنسية،‏ ورفعنا القيود عنه.‏ والآن نحن نعلم اننا كنا مخطئين:‏ ففن اباحي كهذا يجعل الجرائم الجنسية شرعية.‏ انه يقود مرتكب الجرم الى التفكير:‏ ‹اذا كان بإمكاني مشاهدة ذلك،‏ فلا بأس في فعله.‏›»‏

      وفيما يصير الراشد مدمنا على الفن الاباحي،‏ تزداد رغبته في الاثارة الجنسية.‏ فيغدو البعض نتيجةً لذلك على استعداد لاستعمال إما الاكراه او العنف للحصول على اولاد يستخدمونهم لأهدافهم المنحرفة،‏ بما في ذلك الاغتصاب والقتل.‏

      وهنالك اسباب اخرى لخطف الاولاد.‏ فقد ازداد هذا في بعض البلدان بسبب الاحوال الاقتصادية الرديئة.‏ فالخاطفون يستهدفون الاولاد اذ تغريهم المبالغ الطائلة التي تدفعها العائلات الغنية كفدية.‏ وكل سنة يُخطف اطفال كثيرون ويباعون لعصابات تَبَنٍّ تنقلهم الى خارج البلاد.‏

      مَن يؤلفون الجزء الاكبر من الاولاد المفقودين؟‏ وماذا يحدث لهم؟‏ ستمعن المقالتان التاليتان النظر في هذه المسألة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      ملايين الاولاد يُستخدمون في البغاء

      استنادا الى الامم المتحدة،‏ أُجبر عشرة ملايين ولد تقريبا،‏ معظمهم في البلدان النامية،‏ على البغاء،‏ وكثيرون منهم كانوا قد خُطفوا.‏ وقد ازدادت هذه المهنة المنكَرة في افريقيا،‏ آسيا،‏ وأميركا اللاتينية مع ازدياد السياحة الاجنبية.‏ وفي بعض المناطق،‏ من بين ملايين السياح،‏ وخصوصا من البلدان الاغنى،‏ نحو الثلثَين هم «سياح بهدف الجنس.‏» ولكن هنالك يوم حساب،‏ لأن جرائم الانسان ‹مكشوفة لعيني ذلك الذي معه امرنا،‏› يهوه اللّٰه.‏ —‏ عبرانيين ٤:‏١٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

      انه لَكابوس مريع عندما يُختطف ولد

  • عندما يقوم الوالدون بالخطف
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • عندما يقوم الوالدون بالخطف

      بعد ان عانت شيريل سنين من الضرب العنيف والاساءة العاطفية الشديدة من قِبل زوجها ثم تركها في النهاية من اجل امرأة اخرى،‏ رفعت دعوى للحصول على طلاق.‏a وعندما منحتها المحاكم الوصاية الكاملة على اولادها،‏ عاد الهدوء شيئا فشيئا وابتدأت تضم شتات حياتها —‏ الى اليوم الذي فيه رنَّ جرس الهاتف.‏ لقد كان زوجها السابق.‏ قال:‏ «اذا اردتِ رؤية الاولاد ثانيةً،‏ يجب ان توافقي على الزواج بي من جديد»!‏ لقد خُطف اولاد شيريل بمنعهم من العودة الى امهم وذلك بعد زيارة لأبيهم دامت شهرا في بلده الام.‏

      تقدمت شيريل التي سحقها ذلك بالتماس الى وزارة الخارجية الاميركية لكنها لم تجد طريقة قانونية لاستعادة اولادها الموجودين في بلد آخر.‏ فعاودتها مشاعر العجز المطبق التي انتابتها طوال سنوات الضرب.‏ توضح:‏ ‏«الامر هو نفسه تقريبا.‏ .‏ .‏ .‏ فأنت لا تعلم كيف توقف ذلك.‏»‏

      ‏«العنف النفسي»‏

      قيل ان الخطف الذي يقوم به احد الوالدَين هو «من افظع اعمال العنف النفسي» المرتكَبة ضد احد الوالدَين وضد الولد.‏ وعن خاطفين كهؤلاء قالت كارولين زوڠ،‏ المديرة التنفيذية لـ‍ «مؤسسة العثور على الاولاد في اميركا»:‏ «كثيرون من الوالدين يفعلون ذلك للانتقام،‏ وهم ينتقمون بأسوإ طريقة ممكنة وفي المجال الحساس اكثر.‏ انه المجال الاحم بالنسبة الى [الوالدين الذين لهم حق الوصاية الشرعي] —‏ أعزّ ما لديهم،‏ اولادهم.‏ .‏ .‏ .‏ وهم لا يفكرون في الولد،‏ انما فقط في انفسهم وفي الانتقام —‏ الثأر.‏»‏

      ان اختطاف ولد من قِبل احد الوالدَين لا يعرِّض الطرف الآخر لمشاعر الغضب،‏ الضياع،‏ العجز،‏ والقلق فحسب بل يضرّ في اغلب الاحيان بخير الولد العاطفي الى حد ما.‏ ففي بعض الحالات قد يُجبر الولد على التنقل باستمرار من مكان الى آخر كي لا يُكتشَف مكانه،‏ محروما من صلات الحنان اللصيقة وعرضة للاستماع الى حقائق مشوَّهة وأكاذيب عن الوالد الآخر.‏ وقد يُحدث هذا الاختبار عددا كبيرا من الاضطرابات،‏ كسَلَس البول الليلي،‏ الارق،‏ الاعتماد العاطفي،‏ الخوف من النوافذ والابواب،‏ والذعر الشديد.‏ وحتى عند الاولاد الاكبر سنا،‏ يمكن ان يُحدث هذا الاختبار الحزن والغضب.‏

      في الولايات المتحدة،‏ هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٣٥٠ حالة كل سنة يخرق فيها احد الوالدَين امر المحكمة بشأن الوصاية فيأخذ الولد او لا يعيد الولد في الوقت المحدَّد.‏ وفي اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ من هذه الحالات،‏ يخفي احدُ افراد العائلة الولدَ بهدف ابعاده بشكل دائم عن الوالد الآخر.‏ والبعض يؤخَذون الى خارج الولاية او حتى الى خارج البلد.‏

      اسباب اخرى

      هل الرغبة في التصالح او روح الانتقام هي ما يدفع الوالدين دائما الى خطف اولادهم؟‏ يوضح مايكل نِپفِنڠ من «مؤسسة العثور على الاولاد في اميركا» ان بعض الوالدين يخشون خسارة معركة الوصاية مع رفيق الزواج السابق و«بدافع الخوف يستبِقون الامور.‏» او عندما تعيَّن الوصاية ويستمر احد الوالدَين في رفض حقوق الوالد الآخر في الزيارة،‏ عندئذ تتولد مشاعر الاحباط.‏ يوضح نِپفِنڠ:‏ «اذا كنت تحب ولدك ورُفض حقك في رؤيته،‏ تميل الى التفكير في انه لا خيار لك الا اختطاف الولد والفرار.‏»‏

      ويقول ايضا ان ‹معظم الناس لا يدركون عواقب خطف ولد.‏ فهم لا يدركون انهم سيلاقون مشقة لإيجاد عمل.‏ فقد صدرت مذكرات لايقافهم.‏ انهم يعتقدون ان المشكلة هي فقط بينهم وبين الوالد الآخر.‏ وهم لا يدركون ان الشرطة متورطة في ذلك.‏ وهم بحاجة الى محاميَين بدلا من واحد لأنه عليهم الآن ان يعالجوا التهمة الجنائية بالاضافة الى المشكلة المدنية المتعلقة بمَن يحصل على الوصاية على الولد.‏›‏

      وقد يشك بعض الوالدين في ان ولدهم يتعرض للاذى من قِبل الوالد الآخر.‏ وإذا كان الجهاز القضائي بطيئا في اتخاذ الاجراءات،‏ فعندئذ قد يضطر الوالد اليائس الى اتخاذ اجراء بصرف النظر عن العواقب.‏ وهذا ما تبيَّن في حالة هيلاري مورڠن البالغة من العمر خمس سنوات.‏ فقد نصح طبيب نفسي للاطفال بإيقاف الزيارات بين هيلاري وأبيها،‏ داعيا الدليل على الاساءة «واضحا ومقنعا.‏» لكنَّ المحاكم حكمت بأن الاساءة ليست امرا مؤكدا وفرضت زيارات لا اشراف عليها.‏ فخرقت الدكتورة اليزابيث مورڠن،‏ والدة هيلاري،‏ قرار المحكمة وخبَّأت ابنتها.‏ ويتعاطف الناس كثيرا مع والد يخطف ولده ويهرب لحمايته.‏

      وفي حالة اليزابيث مورڠن،‏ خسرت مهنتها الجراحية،‏ قضت اكثر من سنتين في السجن،‏ وتراكمت عليها ديون طبية وقانونية بلغت اكثر من ٥‏,١ مليون دولار اميركي.‏ وأوضحت لمجلة اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي:‏ «يقول لي الخبراء انه لو لم اوقف الاساءة لَصارت ابنتي الآن مجنونة بشكل دائم.‏ .‏ .‏ .‏ كان عليَّ ان اقوم بالمهمة التي رفضت المحكمة القيام بها:‏ انقاذ ابنتي.‏»‏

      صحيحة فعلا هي الملاحظة التي ذكرها الباحثان ڠرايف وهيڠر بشأن اعمال الخطف التي يقوم بها الوالدون:‏ «انها حوادث معقدة للغاية لأنها،‏ كبركة عميقة من الماء،‏ تبدو مختلفة قليلا حسب الزاوية التي يُنظر منها؛‏ فكلما حدَّق المرء في الماء رأى شيئا جديدا.‏» ‏—‏ عندما يخطف الوالدون —‏ العائلات وراء الخطوط العريضة.‏

      وبالاضافة الى الاولاد الذين يخطفهم احد الوالدَين او شخص غريب،‏ هنالك ملايين من الاولاد المفقودين الآخرين في كل انحاء العالم —‏ المنبوذين والهاربين.‏ فمَن هم هؤلاء،‏ وماذا يحدث لهم؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a جرى تغيير الاسم.‏

  • المنبوذون والهاربون
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • المنبوذون والهاربون

      ‏«قصصتُ شعري،‏ لبست ثياب الرجال،‏ طوّقت عنقي بالسلاسل والأقفال،‏ وغرزت دبوس امان في خدي،‏ وبهذه الطريقة بدأتُ حياتي كواحدة من الپانْك.‏» —‏ تامارا.‏

      لو تسنَّت لكم رؤية تامارا تجول في الشوارع،‏ هل كنتم حزرتم انها مراهقة وحيدة مُساء اليها تركها جوُّ حياتها العائلية مجرَّدة من الرعاية والحنان اللذين كانت تنشدهما من خلال هذا التصرُّف؟‏ ام كنتم اعتقدتم انها ثائرة تسعى وراء المشاكل مع القانون او ربما وراء حياة الاجرام؟‏ تكشف تامارا لـ‍ استيقظ!‏ الحوادث المريعة التي ادت الى عيشها حياة من هذا النوع من عمر ١٤ سنة،‏ نمط حياة لم تتمناه قط.‏

      المنبوذون

      تروي تامارا:‏ «ترعرعت في بلدة جبلية صغيرة في ايطاليا،‏ في عائلة لا تعرف معنى الحنان.‏ وللأسف،‏ كنت اشهد الخلافات الحادة التي تنفجر بين والديَّ والإهانات التي لا يليق ذكرها والتي كانا يتبادلانها في تلك المناسبات.‏ وغالبا ما كنت اتورط اخيرا في الشجار وأُضرب دون رحمة من قِبل ابي القاسي القلب.‏ وكنت احمل آثار الضرب على جسمي طوال اسابيع.‏

      ‏«عندما صرت في الـ‍ ١٤ من العمر،‏ اعطاني ابي بعض المال وتذكرة ذهاب دون اياب بالقطار الى اقرب مدينة،‏ حيث كانت هنالك اخطار كثيرة.‏ فصادقتُ احداثا آخرين مثلي لم يكن لديهم احد يكترث لأمرهم.‏ وصار كثيرون منا كحوليين.‏ وصرت متعجرفة،‏ بلا تهذيب،‏ وعدائية.‏ وكثيرا ما كنت ابقى بلا طعام.‏ وفي احدى امسيات الشتاء اضطررنا أصدقائي وأنا الى حرق الاثاث للاستدفاء.‏ وكم كنت اتوق الى عائلة تعتني بي،‏ تهتم بمشاعري،‏ همومي،‏ مخاوفي.‏ لكني كنت وحيدة،‏ اعاني مرارة الوحدة.‏»‏

      هنالك مئات الآلاف من الاشخاص مثل تامارا في عالم اليوم.‏ وفي كل قارة،‏ هنالك اولاد هجرَهم والدون مهملون لمسؤولياتهم.‏

      الهاربون

      يقرِّر احداث آخرون مغادرة البيت لأن البيت «مكان مريع جدا بحيث لا مجال ليبقوا فيه؛‏ فالبقاء مؤلم جدا،‏ وخطر للغاية،‏ ولذلك يهربون للعيش في الشوارع.‏» ‏—‏ المجلة الطبية لولاية نيويورك.‏

      تُرك دومِنْڠوس البالغ من العمر تسع سنوات في ميتم عندما تزوجت امه من جديد.‏ وبسبب ضرب الكهنة له،‏ خطط للفرار.‏ فاستعادته امه،‏ لكنَّ زوج امه صار يشبعه ضربا باستمرار.‏ وأصبح الهرب الطريقة الوحيدة لايجاد الراحة من الوحشية في البيت.‏

      من المحزن ان «لا يتمكن ملايين الاولاد من الوثوق بالراشدين في بيوتهم الخاصة لتأمين مستوى ادنى من الرعاية الآمنة،‏» كما تكتب أنورادا ڤيتاتْشي في كتابها الطفولة المسلوبة —‏ في البحث عن حقوق الطفل.‏ وتكتب ايضا:‏ «يقدَّر ان ثلاثة اولاد في الولايات المتحدة يموتون كل يوم من الاساءة التي يرتكبها والدوهم.‏» وفي حالات كثيرة جدا،‏ ينتهك احد افراد العائلة حرمة الولد الجنسية بدلا من حمايتها.‏

      مستغَلّون ومتأذّون

      أُجبر دومِنْڠوس على العيش مع اولاد شوارع آخرين كانوا ينهمكون في اعمال نهب وسرقة،‏ بالاضافة الى تعاطي المخدِّرات وبيعها.‏ ومن المؤسف ان كثيرين ممَّن يهربون من الاحوال السيئة في البيت يستغلُّهم القَوّادون،‏ مضاجعو الاولاد،‏ وعصابات الفن الاباحي.‏ ففي جوعهم ووحدتهم يُقدَّم لهم مكان يأوونه مع وعود بأن يهتم راشد «محب» بهم،‏ لكنهم لا يجدون انفسهم إلا وهم يدفعون الثمن بأجسادهم في حياة البغاء.‏ وبدون مهارات عمل،‏ يتعلم كثيرون الاستمرار في العيش في الشوارع بأية وسيلة ممكنة،‏ بما في ذلك اغواء الغير لهم وإغواؤهم للغير.‏ والبعض لا يتمكنون من البقاء على قيد الحياة.‏ فالمخدِّرات،‏ المشروبات الكحولية،‏ القتل،‏ والانتحار تحصد حياة احداث كثيرين.‏

      وتعليقا على حياة اولاد الشوارع،‏ قالت فتاة سبق ان مارست البغاء:‏ «ينتابك شعور بالخوف هناك.‏ وما يجعلني استاء هو ان اناسا كثيرين يعتقدون عند رؤية ولد نائم في قطار،‏ او عند رؤية ولد يتسكع في الشوارع طوال الوقت،‏ انه هو مَن اراد ذلك.‏ وبما اني الآن صرت اكبر سنا،‏ فأنا لا ارى الامور هكذا.‏ فكل ولد من هؤلاء الاولاد يستغيث بطريقته الخاصة.‏ انهم لا يريدون ان يكونوا هكذا،‏ لكنَّ والديهم لا يريدونهم.‏»‏

      البحث عن «الحرية»‏

      هنالك ايضا مئات الآلاف من الاحداث الذين يُبلَّغ عن فقدانهم والذين غرَّتهم الشوارع بضروب الحرية التي يتخيَّلون انها موجودة هناك.‏ فالبعض يريد الحرية من الفقر.‏ والبعض يرغب في الحرية من السلطة والقواعد الابوية التي ربما تجعلهم يشعرون بأنهم مقيَّدون جدا.‏

      كانت ايما حدثة ذاقت طعم الحرية المزعومة من السيطرة الابوية ومن مبادئ البيت المسيحي.‏ فقد غادرت البيت لتعيش مع اصدقائها وصارت مستعبَدة للمخدِّرات.‏ ولكن بعد ان اختبرت وحشية الشوارع،‏ عبَّرت ايما عن رغبتها في العودة وفي التوقف عن تعاطي المخدِّرات.‏ إلا انها،‏ وللاسف،‏ لم تقطع صلاتها بعشرائها الاردياء،‏ وفي احدى امسيات الصيف،‏ فيما كانت مع اصدقائها،‏ حقنوا انفسهم بالهيروئين.‏ وبالنسبة الى ايما كانت تلك هي المرة الاخيرة.‏ فقد دخلت في غيبوبة وماتت في اليوم التالي،‏ وحيدة بعد ان تركها «اصدقاؤها.‏»‏

      هل يمكن ان يختبر الاولاد الذين وقعوا ضحية اعمال والديهم او غيرهم مستقبلا افضل؟‏ هل سيكون هنالك يوما ما عالم لا يستغِل الاحداث؟‏ ايّ امل هنالك في ان تُحسَّن الحياة العائلية وتُقدَّر بحيث لا يعود الاحداث يرغبون في الهرب؟‏ يمكن ايجاد الاجوبة في المقالة التالية.‏

  • متى ستنتهي المأساة؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • متى ستنتهي المأساة؟‏

      متى لا يعود الاولاد يقعون ضحية الخطف،‏ الاساءة،‏ الاستغلال،‏ وفي اغلب الاحيان ضحية التأثير السيئ لنظرائهم؟‏ هل يمكن حماية الاولاد بالتشدُّد في فرض القانون والعقوبات الاقسى على الجرائم المرتكَبة ضدهم؟‏ هل يمكن للمزيد من البرامج الاجتماعية التي تهدف الى تزويد الطعام،‏ المسكن،‏ والثقافة ان يضع حدا للاساءة والهرب؟‏ هل تعليم الوالدين الذين يهتمون بأمر اولادهم مهارات اتصال افضل يمكن ان يساعدهم على مواجهة اوهام الاثارة التي تشدُّ اولادهم الى بيئات هدامة؟‏

      مع ان اجراءات كهذه يمكن ان تكون مساعِدة،‏ سيبقى الاولاد معرَّضين للكثير من الالم حتى يُزال السبب الاساسي لمآ‌سٍ كهذه.‏ وحسبما قال احد الاحداث،‏ كل مبادرة تهدف الى معالجة مشاكل الاولاد الهاربين ولا تمنع الاساءة او الاهمال في البيت لا يُحتمل ان تكون فعَّالة جدا،‏ اذ ان الضرر قد وقع.‏

      السبب الاساسي

      ما هو سبب كل هذه المشاكل؟‏ وكيف تُزال؟‏ يوضح الكتاب المقدس ان العائلة كوحدة تهاجمها مخلوقات روحانية شريرة غير منظورة،‏ الشيطان وأبالسته،‏ تُسَرُّ بالوحشية،‏ الاستغلال الجنسي،‏ والانحراف.‏ (‏تكوين ٦:‏١-‏٦؛‏ افسس ٦:‏١٢‏)‏ وعندما كان يسوع على الارض،‏ تعرَّض الاولاد لهجوم من هؤلاء الابالسة.‏ فقد عانى صبي عذاب صرعه وإلقائه في النار.‏ —‏ مرقس ٩:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

      وحتى قبل مجيء يسوع الى الارض بقرون،‏ كانت الابالسة تجد متعة بالغة في تعذيب وحرق الاولاد الصغار حتى الموت بتقديمهم الى آلهة وثنية كريهة كالبعل،‏ كموش،‏ ومولك.‏ (‏١ ملوك ١١:‏٧؛‏ ٢ ملوك ٣:‏٢٦،‏ ٢٧؛‏ مزمور ١٠٦:‏٣٧،‏ ٣٨؛‏ ارميا ١٩:‏٥؛‏ ٣٢:‏٣٥‏)‏ ولذلك،‏ في عالمنا الحاضر الذي يصير فاسدا اخلاقيا اكثر فأكثر،‏ لا يجب ان يدهش المرء استهدافُ الابالسة للاولاد ليتألموا على ايدي عملاء بشر راغبين في ذلك ينزلون الخزي،‏ الالم،‏ والموت بالصغار.‏ وغالبا ما يغذي مرتكبو جرائم وحشية كهذه افكارهم بالفن الاباحي الذي يؤجج نار انحرافاتهم.‏

      لقد ازداد الضغط الذي تمارسه الابالسة على الجنس البشري في زمننا،‏ وذلك لأن الكتاب المقدس يدعو هذه الفترة من التاريخ «الايام الاخيرة» لنظام الاشياء الشرير الحاضر.‏ وقد سبق فأُنبئ ان هذه الازمنة ستكون «صعبة.‏» فالآن،‏ وبشكل لم يسبق له مثيل،‏ يؤدي تأثير الابالسة الى جعل بشر يعكسون الفساد الاخلاقي لهذه المخلوقات الشريرة.‏ وقد سبق وأنبأ الكتاب المقدس ان الناس في ايامنا سيكونون شرسين،‏ عديمي النزاهة،‏ بلا حنو،‏ غير محبين للصلاح.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥،‏ ١٣‏.‏

      وهذا يصف جيدا الناس الجشعين الذين ينتجون افلاما،‏ اسطوانات،‏ مجلات،‏ وكتبا تمجد الزنا،‏ المخدِّرات،‏ الانتحار،‏ القتل،‏ الاغتصاب،‏ سفاح القربى،‏ الاحتجاز،‏ والتعذيب.‏ وبواسطة هذه الوسائل وبوسائل اخرى ايضا،‏ تروِّج الابالسة ثقافة هي كالهواء الرديء الذي يلوِّث عقول وقلوب الصغار والكبار على السواء،‏ مقوِّضة القيم العائلية والاخلاق التقوية.‏

      ان الازدياد في خطف الاولاد،‏ التحرُّش بهم،‏ وقتلهم هو جزء من علامة الايام الاخيرة.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يقول الكتاب المقدس ان ‹الناس سيكونون محبين لأنفسهم،‏ بلا رضى،‏ دنسين،‏ خائنين.‏› ولهذا السبب غالبا ما تتحطم رُبُط الزواج في ايامنا بعد مضيّ وقت قصير.‏ ومع تزايد الطلاق،‏ يتزايد الخطف الذي يقوم به الوالدون ايضا.‏ ويتزايد ضرب وقتل رفقاء الزواج الحاليين والسابقين،‏ والاغلبية الساحقة من الضحايا هم نساء.‏ وهكذا نرى جيلا من الاولاد يشجعهم والدوهم على الهرب عندما يضربونهم ويسيئون اليهم.‏ وعلاوة على ذلك،‏ فإن زمننا موسوم بأولاد «غير طائعين لوالديهم،‏» «(‏معاندين)‏» يفضلون الهرب مع اصدقائهم بدلا من احترام القيم التَّقَوية.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏٢-‏٤‏.‏

      المأساة ستنتهي قريبا

      لكنَّ تأثير الشيطان وأبالسته سينتهي قريبا.‏ (‏رؤيا ١٢:‏١٢‏)‏ فالنبوة في الرؤيا ٢٠:‏١-‏٣ تذكر ان اللّٰه سيزيل الشيطان وأبالسته من الطريق.‏ وبعد ذلك،‏ سيحكم ملكوت اللّٰه السماوي،‏ بين يدي يسوع المسيح،‏ هذه الارض بالبر،‏ مانحا العدل وضامنا الامن للجميع.‏ (‏مزمور ٧٢:‏٧،‏ ٨؛‏ دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وستزول الانظمة التجارية الجشعة التي تظلم الفقراء وتستغل الضعف البشري سعيا وراء الربح،‏ لأن «العالم يمضي وشهوته.‏» (‏١ يوحنا ٢:‏١٧‏)‏ وجميع الذين يمارسون الشر سيزالون من الوجود،‏ كما ينبئ سفر الامثال ٢:‏٢٢‏:‏ «أما الاشرار فينقرضون من الارض.‏»‏

      توضح ميخا ٤:‏٤ انه في عالم اللّٰه الجديد سينعم الجميع بالامن والسلام:‏ «لا يكون مَن يرعب.‏» وكيف ذلك؟‏ بواسطة ناموس المحبة الملوكي.‏ وذلك الناموس الرفيع سيضبط كل فكر وعمل.‏ والعائشون في ذلك الوقت سيكونون قد تعلموا ان يعكسوا شخصية يسوع وأبيه يهوه اللّٰه،‏ لأنهم إن لم يفعلوا ذلك،‏ فلن يُسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة.‏ وبلبسهم «احشاء رأفات ولطفا وتواضعا ووداعة،‏» ستُستأصل الانانية من التركيب البشري.‏ (‏كولوسي ٣:‏١٢‏)‏ وستشعُّ الحياة سعادة؛‏ ووجود بيوت تتوهج دفئا وحنانا سيُعتبر امرا اعتياديا في كل انحاء الارض.‏

      تعِد اشعياء ٦٥:‏٢١-‏٢٣ بوفرة من الطعام والبيوت الجيدة لكل شخص:‏ «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها.‏ .‏ .‏ .‏ لا يتعبون باطلا ولا يلدون للرعب.‏» فلا اساءة بعد الآن.‏ ولا معاناة بعد الآن للاولاد او للوالدين.‏

      الاستفادة الآن

      وحتى في هذا الوقت،‏ في الساعات الاخيرة من هذا النظام الشرير،‏ تُحصد الفوائد من معرفة يهوه وقصده المتعلق بردّ هذه الارض الى فردوس.‏ وقد منح ذلك احداثا ووالدين كثيرين رجاء وسببا للسعادة،‏ حتى ولو كانوا ضحية ازمنتنا.‏ مثلا،‏ توضح تامارا المذكورة في مقالتنا السابقة ما حدث في حياتها.‏

      ‏«عندما بلغتُ الـ‍ ١٨ من العمر،‏ تزوجت وقطعت صلاتي تقريبا ‹بأصدقائي،‏› اذ انتهى الامر بالبعض الى السجن،‏ الوقوع في قبضة المخدِّرات،‏ او ممارسة البغاء.‏ ولكن كانت لا تزال لدي الشخصية نفسها،‏ لذلك ابتدأت الخلافات مع زوجي.‏ انما بعيد ولادة ابننا،‏ حدث شيء غيَّر حياتي كليا.‏ فقد وجدتُ كتابا مقدسا وابتدأت اقرأه.‏ وفي احدى الامسيات قرأت الاصحاح في سفر الامثال الذي يقول ان ‹ايجاد الحكمة هو مثل ايجاد كنوز.‏› (‏امثال ٢:‏١-‏٦‏)‏ وقبل ان انام في تلك الليلة،‏ صليت طلبا لتلك الحكمة.‏ وفي الصباح التالي،‏ قرع شهود يهوه جرس بابي.‏ وابتدأتُ ادرس الكتاب المقدس معهم،‏ لكنَّ تطبيق ما كنت اتعلمه من الكتاب المقدس استغرق بعض الوقت.‏ وأخيرا،‏ صرت مصممة على اتِّباع طريقة الحياة المسيحية واعتمدت.‏ والآن،‏ برفقة زوجي،‏ اساعد الآخرين على الحصول على الراحة التي يزوِّدها اللّٰه.‏»‏

      نعم،‏ وجدت تامارا مصدر كل راحة،‏ يهوه اللّٰه.‏ فهو اب سماوي لا يترك ابدا الذين يلتصقون به.‏ يخبرنا المزمور ٢٧:‏١٠‏:‏ «ان ابي وأمي قد تركاني والرب يضمني.‏»‏

      ودومِنْڠوس،‏ الذي سبق ذكره،‏ وجد هو ايضا عائلة حقيقية منحته التعزية،‏ التشجيع،‏ والدعم.‏ يروي:‏ «في احد الايام تسلَّمتُ نسخة من كتاب الاستماع الى المعلم الكبير ودهشتُ عندما علمتُ ان للّٰه اسما،‏ يهوه.‏a فحضرت احد اجتماعات شهود يهوه ودهشت عندما لم ارَ اية تفرقة اجتماعية.‏ فابتدأ الشهود يدرسون الكتاب المقدس معي رغم رداءة ملابسي،‏ فظاظة اخلاقي،‏ وعدم ثقتي بأحد.‏ وساعدوني تدريجيا على التخلي عن طريقة حياتي السابقة.‏ حتى انهم ساعدوني لأحصل على عمل.‏ وأخيرا جرت مساعدتي لأتقدم نحو المعمودية.‏»‏

      جماعات شهود يهوه هي كشبكة امان للاحداث.‏ ويسرّ الشهود ان يساعدوا كل مَن يرغب في تعلُّم الرجاء الرائع الكامن امامنا.‏ وعظيمة هي التعزية التي ينالها الذين يسعون الى التمتع بعلاقة بأبيهم السماوي،‏ لأن الشهود مدرَّبون على تزويد الارشاد والتوجيه من كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ ويوضح احد الشهود انه يلزم ان يُبيَّن للاحداث ان الوضع المثير للاشمئزاز الذي قد يجدون انفسهم فيه يثير اشمئزاز يهوه ايضا.‏ وذكر الشاهد:‏ «لا يريد يهوه ان يُساء الى الاولاد.‏ ولا يريد ان يكونوا تعساء.‏ لكنه لا يريد ان يبادلوا نوعا من الاساءة بإساءة من نوع آخر —‏ اي ان يذهبوا ويعيشوا في الشوارع.‏ فبإمكانهم استشارة افراد ناضجين في هيئة يهوه للتكلم عن مشاكلهم وليُبيَّن لهم الحل.‏»‏

      وبالنسبة الى الاولاد الذين تتقبل قلوبهم المبادئ،‏ تزوِّد كلمة اللّٰه حافزا قويا لتجنب فخ ضغط النظير.‏ فرانسس فتاة في الـ‍ ١٧ من العمر.‏ كانت رفيقة لها في المدرسة تحضُّها على التغيُّب عن المدرسة مرارا عديدة دون إخبار والدَيها.‏ وفي النهاية هربت من البيت.‏ وبعد ان جعلت والدَيها يعانيان الكرب طوال ساعات،‏ عادت.‏ وبعد ذلك،‏ قام شاهدان من جماعتها بزيارتها.‏ وعَلِما ان جوَّ العائلة لم يكن سبب المشكلة،‏ وقدَّما النصيحة بمحبة.‏ فقد اوضحا ان الالتزام المسيحي عند الاحداث هو احترام والديهم (‏افسس ٦:‏١،‏ ٢‏)‏؛‏ ضرورة تجنب عدم الاستقامة،‏ لأنها تغيبت عن المدرسة دون إخبار والدَيها (‏افسس ٤:‏٢٥‏)‏؛‏ وأهمية تجنب المعاشرات الردية.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣٣‏)‏ وكان تجاوبها جيدا.‏

      عون من العلاء

      ووجدت شيريل ايضا عونا من يهوه عند تعاملها مع قضية خطف زوجها السابق لأولادها.‏b فعندما سئلت عما ساعدها لكي تتغلب على هذا الكابوس،‏ قالت:‏ «الامر الاول الذي فعلته هو قراءة المزامير،‏ وخصوصا المزمور ٣٥‏.‏ لقد عزّاني ان اعرف ان يهوه يرى الظلم في ما اعانيه.‏» يقول المزمور ٣٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏:‏ «قد رأيتَ يا رب.‏ لا تسكت يا سيد لا تبتعد عني.‏ استيقظ وانتبه الى حكمي .‏ .‏ .‏ الى دعواي.‏»‏

      وبعد سنتين،‏ بدعم يهوه وبمساعدة من الشهود،‏ واجهت شيريل زوجها السابق،‏ وقامت بزيارة اولادها.‏ وكانت قادرة على تقديم اجوبة معزِّية بشأن سبب حدوث ذلك لهم،‏ واستطاعت ايضا ان تؤكد لهم انها لم تتخلَّ عنهم.‏ ولأن شيريل درَّبت اولادها على اكرام يهوه،‏ كانت قادرة على إخبارهم عن الثقة التي كانت لها فيهم.‏ اوضحت:‏ «اعرف ان اولادي يحبون يهوه،‏ وهو لن يدع اذية دائمة تصيبهم.‏»‏

      وقد حُلَّت المشكلة بهذه الطريقة:‏ من خلال جهود شيريل الدؤوبة مع رسميي الهجرة الاجانب وباعتمادها على يهوه بواسطة الصلاة الجدية،‏ أُعيد اولادها اليها.‏ قالت شيريل:‏ «لا بد ان اقول ان يد يهوه هي التي اعادتهم.‏»‏

      كم هو مهم تعليم اولادنا الآن ان يعرفوا مَن هو يهوه وأن يعبدوه!‏ يذكر الكتاب المقدس في ١ بطرس ٣:‏١٢ ان عيني يهوه «على الابرار وأذنيه الى طلبتهم.‏» ويهوه هو فعلا ملجأ لأولادنا.‏ فاسمه «برج حصين.‏ يركض اليه الصدِّيق ويتمنع.‏» —‏ امثال ١٨:‏١٠‏.‏

      مع اننا نعيش في ازمنة خطرة ولا نعرف دائما ماذا سيحدث لأولادنا،‏ فالوالدون الذين يعبدون يهوه يعلمون ان لا اذية دائمة ستصيب احداثهم الامناء.‏ حتى انه وعد بأن يعيد من الموت اولئك الذين تألموا ووقعوا ضحية ازمنتنا هذه،‏ وقد وعد بإزالة الوجع والالم اللذين يعانونهما.‏ —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧،‏ ١٨؛‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      ان الرجاء بعالم اللّٰه الجديد رجاء رائع حقا.‏ وكذلك هو الادراك ان اللّٰه سيخلِّص الارض قريبا من الشيطان ونظامه الشرير.‏ ولن يعود هنالك وجود لأيّ امر يهدِّد اولادنا.‏ وإحدى الترانيم التي يرنِّمها شهود يهوه في اجتماعاتهم الجماعية تصف ذلك النظام الجديد بهذه الطريقة:‏ «حين الصغار يمرحون/‏وبالسلام يفرحون/‏قيامة لتنظروا/‏الجائزة انتظروا»!‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة