حكيم الصين الشهير الآخَر

٢٢ اية مدرسة فكر توصلت الى السيطرة في الصين،‏ وأية اسئلة يلزمنا التأمل فيها؟‏

^٢٢ فيما تتبَّعنا قيام الطاوية،‏ تطورها،‏ وانحطاطها،‏ يجب ان نذكر انها كانت مجرد واحدة من الـ‍ «مئة مدرسة» التي تفتحت في الصين خلال فترة الولايات المتحاربة.‏ والمدرسة الاخرى التي وصلت اخيرا الى الشهرة،‏ وفي الواقع السيطرة،‏ هي الكونفوشيوسية.‏ ولكن لماذا وصلت الكونفوشيوسية الى مثل هذه الشهرة؟‏ من بين كل الحكماء الصينيين،‏ لا شك ان كونفوشيوس هو المعروف على نحو افضل خارج الصين،‏ ولكن مَن كان حقا؟‏ وماذا علَّم؟‏

٢٣ اية تفاصيل شخصية عن كونفوشيوس معطاة في «السجلات التاريخية»؟‏

^٢٣ في ما يتعلق بكونفوشيوس نلتفت ثانية الى شِيه جي (‏السجلات التاريخية)‏ بقلم زوما تشين.‏ وبالتباين مع الموجز المختصر عن لاو-‏دزو نجد سيرة مطوَّلة عن كونفوشيوس.‏ وهنا بعض التفاصيل الشخصية مقتبسة من ترجمة بواسطة العالم الصيني لين يوتانڠ:‏

‏«وُلد كونفوشيوس في بلدة دسو،‏ في مقاطعة تشَنڠپينڠ،‏ في بلاد لو.‏ .‏ .‏ .‏ [امه] صلَّت عند تلة نِتشيو وولدت كونفوشيوس استجابة لصلاتها،‏ في السنة الثانية والعشرين للدوق شيانڠ في لو (‏٥٥١ ق‌م)‏.‏ وكان هنالك انتفاخ لافت للنظر في رأسه عند ولادته،‏ ومن اجل ذلك دُعي ‹تشيو› Ch’iu (‏تعني «تلة»)‏.‏ كان اسمه الادبي جونڠني Chungni،‏ واسم عائلته كونڠ K’ung.‏»‏c

٢٤ ماذا حدث خلال حياة كونفوشيوس الباكرة؟‏

^٢٤ بعد وقت قصير من ولادته مات ابوه ولكنّ امه،‏ مع فقرها،‏ تدبرت امر تزويده التعليم المناسب.‏ وطوَّر الصبي اهتماما شديدا بالتاريخ،‏ الشعر،‏ والموسيقى.‏ واستنادا الى المنتخَبات،‏ احد الكتب الاربعة الكونفوشيوسية،‏ وقف نفسه للدرس المتبحِّر عندما بلغ الـ‍ ١٥ من العمر.‏ وفي سن الـ‍ ١٧ مُنح منصبا حكوميا صغيرا في ولاية مولده لو.‏

٢٥ كيف اثَّر في كونفوشيوس موت امه؟‏ (‏قارنوا جامعة ٩:‏٥،‏ ٦؛‏ يوحنا ١١:‏٣٣،‏ ٣٥‏.‏)‏

^٢٥ ويبدو ان وضعه المالي تحسَّن،‏ بحيث تزوج في سن الـ‍ ١٩ وصار له ابن في السنة التالية.‏ ولكن في وسط عشريناته ماتت امه.‏ ويظهر ان ذلك كان له اثر كبير فيه.‏ ولكونه يتبع التقاليد القديمة بأدق التفاصيل اعتزل كونفوشيوس الحياة العامة وناح على امه عند قبرها ٢٧ شهرا،‏ مزوِّدا بالتالي الصينيين مثالا مأثورا للورع البَنَوِيّ.‏

كونفوشيوس المعلِّم

٢٦ اية مهنة مارسها كونفوشيوس بعد موت امه؟‏

^٢٦ بعد ذلك ترك عائلته ومارس عمل معلِّم طائف.‏ والمواضيع التي علَّمها شملت الموسيقى،‏ الشعر،‏ الادب،‏ العلوم المدنية،‏ المبادئ الاخلاقية،‏ والعلوم،‏ او ما كان هنالك منها في ذلك الزمان.‏ ولا بد انه صنع لنفسه اسما عظيما،‏ لأنه قيل انه في احد الاوقات كان له ما يبلغ ٠٠٠‏,٣ تلميذ.‏

٢٧ ما هو المعروف عن كونفوشيوس كمعلِّم؟‏ (‏قارنوا متى ٦:‏٢٦،‏ ٢٨؛‏ ٩:‏١٦،‏ ١٧؛‏ لوقا ١٢:‏٥٤-‏٥٧؛‏ يوحنا ٤:‏٣٥-‏٣٨‏.‏)‏

^٢٧ في الشرق يكرَّم كونفوشيوس بشكل اساسي كمعلِّم بارع.‏ وفي الواقع،‏ ان الكتابة التأبينية على مدفنه في تشو-‏فو،‏ مقاطعة شانتونڠ،‏ تدعوه «المعلِّم القديم،‏ الاقدس.‏» وأحد الكتّاب الغربيين يصف اسلوب تعليمه بهذه الطريقة:‏ «جال من ‹مكان الى مكان يرافقه اولئك الذين كانوا يتشربون نظراته الى الحياة.‏› وكلما اقتضت الرحلة مسافة كان يركب في عربة نقل يجرها ثور.‏ والخطو البطيء للحيوان مكَّن تلاميذه من اتِّباعه على الاقدام،‏ ويبدو ان موضوع محاضراته كانت تقترحه في اكثر الاحيان الحوادث التي تقع في الدرب.‏» والممتع ان يسوع،‏ في تاريخ لاحق،‏ وعلى نحو مستقل،‏ استعمل اسلوبا مماثلا.‏

٢٨ استنادا الى الكاتب الصيني لين يوتانڠ،‏ ما الذي جعل كونفوشيوس معلِّما محترما؟‏

^٢٨ لا شك ان ما جعل كونفوشيوس معلِّما محترما بين الشرقيين هو واقع كونه شخصيا تلميذا جيدا،‏ وخصوصا في التاريخ والمبادئ الاخلاقية.‏ «انجذب الناس الى كونفوشيوس لكونه العالِم الاكثر تعلُّمًا،‏ الوحيد في زمانه الذي استطاع تعليمهم عن الكتب القديمة والعلوم القديمة،‏ اكثر مما لكونه احكم انسان في زمانه،‏» كتب لين يوتانڠ.‏ وإذ اشار الى حب التعلُّم هذا بصفته ربما السبب الرئيسي لانتصار الكونفوشيوسية على مدارس الفكر الاخرى لخَّص لين المسألة هكذا:‏ «كان للمعلِّمين الكونفوشيوسيين شيء محدَّد يعلِّمونه وللتلاميذ الكونفوشيوسيين شيء محدَّد يتعلَّمونه،‏ اي العِلم التاريخي،‏ فيما كانت المدارس الاخرى مرغمة على عرض مجرد آرائها الخاصة.‏»‏

‏«إن السماء لتعرفني!‏»‏

٢٩ (‏أ)‏ ماذا كان طموح كونفوشيوس الحقيقي في الحياة؟‏ (‏ب)‏ كيف حاول تحقيق طموحه،‏ وبأية نتيجة؟‏

^٢٩ على الرغم من نجاحه كمعلِّم،‏ لم يعتبر كونفوشيوس التعليم عمل عمره.‏ لقد شعر بأن آراءه في المبادئ الاخلاقية والآداب تستطيع انقاذ عالم زمانه المضطرب ولكن اذا طبَّقها الحكام بتوظيفه هو او تلاميذه في حكوماتهم.‏ ولهذه الغاية غادر هو وفريق صغير من اقرب تلاميذه ولاية مولده لو ومضوا يسافرون من ولاية الى ولاية محاولين ايجاد الحاكم الحكيم الذي يتبنى افكاره في الحكومة والنظام الاجتماعي.‏ وماذا كانت الحصيلة؟‏ يذكر شِيه جي:‏ «اخيرا ترك لو،‏ رُذل في تشي،‏ طُرد من سونڠ ومن وِي،‏ كابد العوز بين تشِن ودساي.‏» وبعد ١٤ سنة من الترحال عاد الى لو خائبا ولكن غير منسحق.‏

٣٠ اية اعمال ادبية تشكل الاساس للكونفوشيوسية؟‏

^٣٠ وباقي ايامه وقف نفسه للعمل الادبي والتعليم.‏ (‏انظروا الاطار،‏ الصفحة ١٧٧.‏)‏ ومع انه ناح دون شك على كونه مجهولا،‏ قال:‏ «لا اتذمر على السماء.‏ ولا ادمدم على انسان.‏ اواصل دروسي هنا على الارض،‏ وأنا على صلة بالسماء فوق.‏ إن السماء لتعرفني!‏» وأخيرا،‏ في سنة ٤٧٩ ق‌م،‏ مات في سن الـ‍ ٧٣.‏

جوهر الافكار الكونفوشيوسية

٣١ ماذا علَّم كونفوشيوس انها الطريقة لتحقيق النظام الاجتماعي؟‏

^٣١ مع ان كونفوشيوس برع كعالم ومعلِّم،‏ لم يكن تأثيره مقتصرا بأيّ حال على الدوائر المدرسية.‏ وفي الواقع،‏ لم تكن غاية كونفوشيوس مجرد تعليم قواعد السلوك او الآداب بل ايضا ردّ السلام والنظام الى المجتمع الذي كانت تمزِّقه في ذلك الزمان الحرب المستمرة بين الاسياد الاقطاعيين.‏ ولتحقيق هذا الهدف علَّم كونفوشيوس انه لا بد لكل امرئ،‏ من الامبراطور الى عامة الناس،‏ ان يتعلَّم ايّ دور يُتوقَّع ان يقوم به في المجتمع ويحيا بموجب ذلك.‏

٣٢ و ٣٣ (‏أ)‏ ماذا كان مفهوم «لي» الكونفوشيوسي؟‏ (‏ب)‏ استنادا الى كونفوشيوس،‏ ماذا تكون نتيجة ممارسة «لي»؟‏

^٣٢ في الكونفوشيوسية يُعرف هذا المفهوم بـ‍ «لي،‏» الذي يعني اللياقة،‏ الحشمة،‏ نظام الاشياء،‏ وبالتوسيع،‏ الشعيرة،‏ الطقس،‏ والتوقير.‏ وجوابا للسؤال «ما هو ‏‹لي›‏ العظيم هذا؟‏» اعطى كونفوشيوس الشرح التالي:‏

‏«من بين كل الاشياء التي يعيش الناس وفقها فان ‏‹لي›‏ هو الاعظم.‏ وبدون ‏‹لي›‏ لا نعرف كيف نُجري عبادة لائقة لأرواح الكون؛‏ او كيف نقيم المكانة اللائقة للملك والوزراء،‏ الحاكم والمحكومين،‏ الشيوخ والصغار؛‏ او كيف نقيم العلائق الادبية بين الجنسين،‏ بين الآباء والاولاد وبين الاخوة؛‏ او كيف نميز الدرجات المختلفة للعلائق في العائلة.‏ من اجل ذلك يَعتبر الرجل النبيل ‏‹لي›‏ بمثل هذا التقدير السامي.‏»‏

^٣٣ اذًا،‏ «لي» هو قاعدة السلوك التي بموجبها يؤدي الرجل النبيل (‏جون-‏دزو chün-tzu المترجمة احيانا «الرجل الفائق»)‏ الحقيقي كل علائقه الاجتماعية.‏ وعندما يجاهد كل امرئ لفعل ذلك «يستقيم كل شيء في العائلة،‏ الدولة والعالم،‏» قال كونفوشيوس،‏ وعندئذ يُجرى الداو،‏ او طريق السماء.‏ ولكن كيف يجب التعبير عن «لي»؟‏ يأخذنا ذلك الى مفهوم آخر من المفاهيم المركزية للكونفوشيوسية —‏ رِن jen،‏ الرفق او العاطفة الانسانية.‏

٣٤ ما هو مفهوم رِن الكونفوشيوسي،‏ وكيف يساعد في معالجة الاسقام الاجتماعية؟‏

^٣٤ في حين يشدد «لي» على الرادع بقواعد خارجية فان رِن يتعلق بالطبيعة البشرية،‏ او الشخص الداخلي.‏ والمفهوم الكونفوشيوسي،‏ وخصوصا كما عبَّر عنه تلميذ كونفوشيوس الرئيسي،‏ مِنشيس،‏ هو ان الطبيعة البشرية صالحة من حيث الاساس.‏ وبالتالي فان الحل لجميع الاسقام الاجتماعية يكمن في تهذيب الذات،‏ وذلك يبدأ بالثقافة والمعرفة.‏ يقول الفصل الافتتاحي لـ‍ العِلم الاكبر The Great Learning:‏

‏«عندما يجري تحقيق المعرفة الحقيقية،‏ عندئذ تصبح الارادة مخلصة؛‏ وعندما تكون الارادة مخلصة،‏ عندئذ يكون القلب موجَّها على نحو صحيح .‏ .‏ .‏؛‏ وعندما يكون القلب موجَّها على نحو صحيح،‏ عندئذ تُهذَّب الحياة الشخصية؛‏ وعندما تُهذَّب الحياة الشخصية،‏ عندئذ تنظَّم الحياة العائلية؛‏ وعندما تنظَّم الحياة العائلية،‏ عندئذ تكون الحياة القومية خاضعة لنظام؛‏ وعندما تكون الحياة القومية خاضعة لنظام،‏ عندئذ يكون هنالك سلام في هذا العالم.‏ ومن الامبراطور نزولا الى عامة الناس لا بد ان ينظر الجميع الى تهذيب الحياة الشخصية بصفته الاصل او الاساس.‏»‏

٣٥ (‏أ)‏ كيف يمكن تلخيص مبدأَي «لي» ورِن؟‏ (‏ب)‏ كيف ينعكس كل هذا في النظرة الصينية الى الحياة؟‏

^٣٥ وهكذا نرى،‏ استنادا الى كونفوشيوس،‏ ان اتِّباع «لي» سيمكِّن الناس من التصرف بلياقة في كل وضع،‏ وتنمية رِن ستجعلهم يعاملون كل امرئ آخر بلطف.‏ والنتيجة،‏ نظريا،‏ هي سلام وانسجام في المجتمع.‏ والمثال الكونفوشيوسي الاعلى،‏ على اساس مبدأَي «لي» ورِن،‏ يمكن تلخيصه هكذا:‏

كل هذا يساعد على الشرح لماذا يشدد كثيرا معظم الصينيين،‏ وحتى شرقيون آخرون،‏ على الروابط العائلية،‏ على كونهم مجتهدين،‏ على الثقافة،‏ وعلى معرفة المرء مكانه والعمل بموجب ذلك.‏ وفي مختلف الاحوال والظروف جرى إقحام هذه المفاهيم الكونفوشيوسية عميقا في الوعي الصيني على مر قرون من الغرس في الذهن بالتكرار.‏

الكونفوشيوسية صارت عبادة الدولة

٣٦ كيف نالت الكونفوشيوسية مكانة عبادة الدولة؟‏

^٣٦ بقيام الكونفوشيوسية وصلت فترة الـ‍ «مئة مدرسة» الى النهاية.‏ وأباطرة سلالة هان الحاكمة وجدوا في التعليم الكونفوشيوسي عن الولاء للحاكم الصيغة عينها التي يحتاجون اليها لتثبيت سلطة العرش.‏ وفي ظل الامبراطور وو دي،‏ الذي اشرنا اليه قبلا في ما يتعلق بالطاوية،‏ جرى ترفيع الكونفوشيوسية الى مكانة عبادة الدولة.‏ والمتضلعون من الكتب الادبية الكونفوشيوسية جرى اختيارهم وحدهم كرسميين للدولة،‏ وكل مَن يرجو دخول عمل اداري في الحكومة كان عليه اجتياز امتحانات في انحاء الامة مؤسسة على الكتب الادبية الكونفوشيوسية.‏ والطقوس والشعائر الكونفوشيوسية صارت دين البيت الملكي.‏

٣٧ (‏أ)‏ كيف صارت الكونفوشيوسية دينا؟‏ (‏ب)‏ لماذا تكون الكونفوشيوسية،‏ في الحقيقة،‏ اكثر من مجرد فلسفة؟‏

^٣٧ هذا التغيير في الحوادث فعل الكثير لرفع مركز كونفوشيوس في المجتمع الصيني.‏ وأباطرة هان ابتدأوا تقليد تقديم الذبائح عند مدفن كونفوشيوس.‏ ومُنح ألقابا تشريفية.‏ وبعدئذ،‏ في سنة ٦٣٠ ب‌م،‏ امر تاي دسونڠ T’ai Tsung امبراطور تانڠ بتشييد هيكل للدولة مخصص لكونفوشيوس في كل اقليم ومقاطعة في جميع انحاء الامبراطورية وبتقديم الذبائح قانونيا.‏ وفي حاصل الامر رُفع كونفوشيوس الى مكانة اله،‏ وصارت الكونفوشيوسية دينا لا يكاد يكون ممكنا تمييزه من الطاوية او البوذية.‏ —‏ انظروا الاطار،‏ الصفحة ١٧٥.‏

إرث حكمة الشرق

٣٨ (‏أ)‏ ماذا حدث للطاوية والكونفوشيوسية منذ سنة ١٩١١؟‏ (‏ب)‏ ولكن ماذا لا يزال صحيحا بالنسبة الى المفاهيم الاساسية لهذين الدينين؟‏

^٣٨ منذ نهاية حكم السلالات الحاكمة في الصين في سنة ١٩١١ صارت الكونفوشيوسية والطاوية تحت كثير من الانتقاد،‏ وحتى الاضطهاد.‏ فأُنزل العار بالطاوية بسبب ممارساتها السحرية والخرافية.‏ وصُنِّفت الكونفوشيوسية بصفتها اقطاعية،‏ تروِّج ذهنية العبد لابقاء الناس،‏ وخصوصا النساء،‏ في خضوع.‏ ولكن على الرغم من مثل هذه التشهيرات الرسمية فان المفاهيم الاساسية لهذين الدينين متأصلة عميقا جدا في العقل الصيني بحيث لا تزال لها قبضة شديدة على اناس كثيرين.‏

٣٩ ماذا يقول تقرير إخباري عن الممارسات الدينية الخرافية في الصين؟‏

^٣٩ مثلا،‏ تحت العنوان «الطقوس الدينية الصينية نادرة في پكين ولكن مزدهرة في المناطق الساحلية،‏» ذكرت الصحيفة الكندية ڠلوب آند ميل في سنة ١٩٨٧ انه بعد حوالي ٤٠ سنة من الحكم الملحد في الصين لا تزال طقوس المآ‌تم،‏ خدمات الهياكل،‏ والكثير من الممارسات الخرافية شائعة في المناطق الريفية.‏ «لمعظم القرى رجل فِنجشُوِي،‏ عادةً مقيم مُسِن يعرف كيفية قراءة قوى الريح (‏فِنج)‏ والماء (‏شُوِي)‏ لتحديد الموقع الاكثر ملاءمة لكل شيء من مدفن السلف،‏ البيت الجديد،‏ او اثاث غرفة الجلوس،‏» يقول التقرير.‏

٤٠ اية ممارسات دينية تُرى في تايوان؟‏

^٤٠ وفي الاماكن الاخرى،‏ توجد الطاوية والكونفوشيوسية حيثما تبقى الثقافة الصينية التقليدية.‏ ففي تايوان هنالك رجل يدَّعي انه متحدر من جانڠ داو-‏لينڠ يترأس بصفته ‹معلِّما سماويا› بسلطة رسم كهنة طاويين (‏داو شِيه‏)‏.‏ والالاهة الشعبية مَدْسو Matsu،‏ المعلَن انها «الامّ المقدَّسة في السماء،‏» تُعبَد بصفتها القديسة الشفيعة للجزيرة وللبحارة والصيادين.‏ أما بالنسبة الى عامة الشعب فانهم مشغولون في المقام الاول بتقريب التقدمات والذبائح لأرواح الانهار،‏ الجبال،‏ والنجوم؛‏ المعبودات الشفيعة لكل المهن؛‏ وآلهة الصحة،‏ الحظ الجيد،‏ والغنى.‏d

٤١ كيف تمارَس الكونفوشيوسية كدين اليوم؟‏

^٤١ وماذا عن الكونفوشيوسية؟‏ لقد خُفض دورها كدين الى منزلة اثر تذكاري قومي.‏ ففي الصين في تشو-‏فو،‏ مكان ولادة كونفوشيوس،‏ تحافظ الدولة على هيكل كونفوشيوس وأراضي العائلة كجواذب للسيَّاح.‏ وهناك،‏ استنادا الى مجلة الصين تعيد البناء،‏ تُرتَّب عروض «تعيد تمثيل شعيرة عبادةٍ لكونفوشيوس.‏» وفي سنغافورة،‏ تايوان،‏ هونڠ كونڠ،‏ وأماكن اخرى في شرقي آسيا،‏ لا يزال الناس يحتفلون بيوم ميلاد كونفوشيوس.‏

٤٢ كيف تقصِّر الطاوية والكونفوشيوسية كدليلين في البحث عن الاله الحقيقي؟‏

^٤٢ في الكونفوشيوسية والطاوية نرى كيف ان النظام المؤسس على الحكمة والتفكير البشريين،‏ مهما كان منطقيا وحَسَن النية،‏ يقصِّر في نهاية الامر في البحث عن الاله الحقيقي.‏ ولماذا؟‏ لأنه يُسقط عنصرا اساسيا،‏ اي مشيئة ومتطلبات اله شخصي.‏ فالكونفوشيوسية تلتفت الى الطبيعة البشرية بصفتها القوة المحرِّكة لفعل الخير،‏ والطاوية تلتفت الى الطبيعة عينها.‏ ولكنّ هذه ثقة في غير موضعها لأنها تعادل عبادة المخلوقات عوضا عن الخالق.‏ —‏ مزمور ٦٢:‏٩؛‏ ١٤٦:‏٣،‏ ٤؛‏ ارميا ١٧:‏٥‏.‏

٤٣ كيف عملت تقاليد الصينيين الدينية ضدهم ككل في البحث عن الاله الحقيقي؟‏

^٤٣ ومن ناحية اخرى،‏ ان تقاليد عبادة الاسلاف والاصنام،‏ التوقير لسماء كونية،‏ وتكريم الارواح في الطبيعة،‏ اضافة الى الطقوس والشعائر المتعلقة بها،‏ صارت متأصلة عميقا جدا في طريقة التفكير الصينية حتى انها مقبولة بصفتها الحق الضمني.‏ وفي اغلب الاحيان يكون صعبا جدا التحدث الى شخص صيني عن اله شخصي او خالق لأن المفهوم غريب جدا عنده.‏ —‏ رومية ١:‏٢٠-‏٢٥‏.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٧٥]‏

الكونفوشيوسية —‏ فلسفة ام دين؟‏

لأن كونفوشيوس ابدى تعليقات قليلة عن اللّٰه ينظر اناس كثيرون الى الكونفوشيوسية كفلسفة فقط لا دين.‏ ومع ذلك فان ما قاله وفعله اظهر انه كان متدينا.‏ ويمكن رؤية ذلك في ناحيتين.‏ اولا،‏ كان له خوف توقيري من قوة روحية كونية اسمى،‏ ما يدعوه الصينيون تْيِن T’ien،‏ او السماء،‏ التي اعتبرها مصدر كل فضيلة وصلاح ادبي والتي شعر بأن مشيئتها توجِّه كل الاشياء.‏ ثانيا،‏ شدَّد تشديدا عظيما على الحفظ الدقيق للشعائر والطقوس المتعلقة بعبادة السماء وأرواح الاسلاف الراحلين.‏

ومع ان كونفوشيوس لم يدافع قط عن هذه النظرات كشكل من الدين فبالنسبة الى اجيال الصينيين صارت كل ما هو الدين.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٧٧]‏

الكتب الاربعة والكتب الادبية الخمسة الكونفوشيوسية

الكتب الاربعة

١-‏ العِلم الاكبر (‏دا شوِه‏)‏،‏ الاساس لثقافة الرجل النبيل،‏ اول كتاب دراسي كان يدرسه تلاميذ المدارس في الصين القديمة

٢-‏ عقيدة الوسط (‏جونڠ يونڠ‏)‏،‏ بحث في تطوير الطبيعة البشرية بالاعتدال

٣-‏ المنتخَبات (‏لون يو‏)‏،‏ مجموعة من اقوال كونفوشيوس،‏ تُعتبر المصدر الرئيسي للفكر الكونفوشيوسي

٤-‏ كتاب مِنشيس (‏مِنڠ-‏دزو‏)‏،‏ كتابات وأقوال اعظم تلميذ لكونفوشيوس،‏ مِنڠ-‏دزو،‏ او مِنشيس

الكتب الادبية الخمسة

١-‏ كتاب الشعر (‏شِيه جينڠ‏)‏،‏ ٣٠٥ قصائد تزوِّد صورة للحياة اليومية في ازمنة جو Chou الباكرة (‏١٠٠٠-‏٦٠٠ ق‌م)‏

٢-‏ كتاب التاريخ (‏شو جينڠ‏)‏،‏ يتضمن ٤ كتب عن تاريخ الصين ابتداء من حكم يو حتى سلالة دجو

٣-‏ كتاب التغييرات (‏يي جينڠ‏)‏،‏ كتاب عِرافة مؤسس على تفاسير لـ‍ ٦٤ تركيبا ممكنا لستة سطور كاملة او مقطوعة

٤-‏ كتاب الطقوس (‏لي جي‏)‏،‏ مجموعة قواعد في الاحتفالات والشعائر

٥-‏ حوليات الربيع والخريف (‏تشون تشيو‏)‏،‏ تاريخ ولاية لو مولد كونفوشيوس،‏ يغطي السنوات ٧٢٢-‏٤٨١ ق‌م

‏[الصور]‏

الكتب الادبية الخمسة،‏ اعلاه،‏ والى اليسار قسم من العِلم الاكبر (‏احد الكتب الاربعة)‏،‏ المقتبس منه في الصفحة ١٨١