مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الزجاج الملوَّن —‏ من الخاص بالقرون الوسطى الى الحديث
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • الزجاج الملوَّن —‏ من الخاص بالقرون الوسطى الى الحديث

      اذ بدأت اشعة شمس الصبح بالتدفق عبر الأفق،‏ حيَّتْ رجلا يستيقظ ألوانٌ شبيهة بالجواهر المتلألئة تنصبّ من خلال نافذة ذات زجاج ملوَّن.‏ وخلق الوهج الدافئ مزاجا هادئا باعثا على التفكير والتأمل.‏

      فهل اتى الرجل الى الكنيسة ليصلي وبعد ذلك نام؟‏ لا،‏ فقد كان في عزلة غرفة نومه الخاصة وكان واحدا من عدد متزايد من مالكي البيوت الذين يزركشون مساكنهم بنوافذ ذات زجاج ملوَّن،‏ ربما صُنعت باليد بواسطة مالك البيت نفسه.‏

      ‏«الكتاب المقدس الذي للفقراء»‏

      على الرغم من ان سجلات النوافذ ذات الصور المصنوعة من الزجاج المصبَّغ يرجع تاريخها الى القرن الـ‍ ٩،‏ فلم يحدث إلا في القرن الـ‍ ١٢،‏ مع ظهور الكاتدرائيات القوطية،‏ ان ازدهر هذا الشكل الفني.‏ وكانت هذه الابنية الحجرية الضخمة،‏ بين المباني الافرادية الكبرى المشيَّدة منذ زمن الاهرام،‏ مصمَّمة لتسع على نحو مريح سكان بلدة برمتها دفعة واحدة،‏ بعضها الى ٠٠٠‏,١٠ متعبِّد.‏

      كانت الصفة المميزة للفن المعماري القوطي انشاءه الهيكلي وارتفاعه الشديد،‏ بأجزاء داخلية يتراوح ارتفاعها بين ٩٠ قدما (‏٢٧ م)‏ و ١٥٠ قدما (‏٤٦ م)‏.‏ وانارت تلك الصروحَ الكهفية ألواحٌ كبيرة من الزجاج الشبيه بالجواهر،‏ وإن يكن على نحو غير ساطع جدا،‏ خالقة بالتالي جوًّا سحريا مهيبا للمتعبِّدين.‏

      وعلى نحو مثير للاهتمام،‏ خدمت النوافذ قصدا آخر.‏ فبما ان كثيرين من العامة لم يكونوا قادرين على القراءة،‏ كانت النافذة ذات الصور وسيلة لجعل الناس حسني الاطلاع على شخصيات وأحداث الكتاب المقدس،‏ بالاضافة الى عقائد الكنيسة.‏ وصارت النوافذ تُعرف بـ‍ Biblia pauperum،‏ او «الكتاب المقدس الذي للفقراء.‏»‏

      توجد في شارتر،‏ بلدة في الجنوب الغربي من پاريس على بعد ٤٨ ميلا (‏٧٧ كلم)‏،‏ كاتدرائية تحوي اكبر مجموعة من النوافذ الاصلية التي يرجع تاريخها من نحو ١١٥٠ الى ١٢٤٠،‏ لا يزال اكثر من ١٧٠ منها سليما.‏ وتصف احدى الاكثر جدارة بالذكر،‏ «شجرة يسَّى،‏» سلسلة نسب يسوع ابتداء من أبي داود،‏ يسَّى.‏ ومشاهد من خدمة يسوع وأمثاله عن السامري الصالح،‏ الغني ولعازر،‏ والابن الضال موضَّحة ايضا في الزجاج.‏ وتروي عروض اخرى قصةً بسلسلة من نوافذ اصغر تدعى medallions (‏رسوم نافرة في النافذة)‏.‏ وإذ تبجِّل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية مريم،‏ فهي موضوع نوافذ كثيرة وغالبا ما تمثَّل بعبارة مستعارة من الوثنيين القدماء:‏ «ملكة السموات.‏»‏a

      الفن ينحط

      في اول الامر اشتملت هذه الحرفة على استعمال ميناء بنِّي يدعى grisaille لملء التفاصيل مثل قسمات الوجه،‏ الاصابع،‏ والطيّات في الثياب.‏ وتدريجيا،‏ أُضيف الى الرسم اكثر من مجرد التفاصيل الضرورية،‏ واذ جرى تطوير موانٍ ملوَّنة،‏ صار الزجاج العديم اللون قماشا معدا للرسم بالنسبة الى رسَّامي الزجاج.‏ لكنّ الرسوم الناتجة على الزجاج افتقرت الى تألق وجمال الروائع الخاصة بالقرون الوسطى.‏

      خلال القرن الـ‍ ١٤،‏ تفشى وباء الطاعون الاسود في اوروپا،‏ آخذا ضريبته من كل الفنون.‏ فاختفى الكثير من معرفة حرفة صنع الزجاج المصبَّغ.‏ وحظَّر الرهبان القِسْتَرْقيون Cistercian المتزمتون هذه النوافذ ذات الصور الزاهية،‏ معززين انحطاط الفن.‏ وسبَّبت هذه العوامل ان يصير العمل في الزجاج الملوَّن فنا مفقودا بحلول نهاية القرن الـ‍ ١٧.‏

      وفي القرن الـ‍ ١٩،‏ مع ترميم الكاتدرائيات القوطية،‏ تطور اهتمام متجدد بالزجاج الملوَّن.‏ وهكذا بدأت حركة معروفة بالإحياء القوطي،‏ أُنشئت في خلالها مبانٍ جديدة،‏ دينية ودنيوية،‏ بذلك الطراز.‏ وغالبا ما تضمنت في تصميمها نوافذ ذات زجاج ملوَّن.‏

      مقارنة التقنيتين

      لتقدير ما هو مشمول في هذا الفن الذي عمره ألف سنة،‏ دعونا نقارن تقنية الحِرفيّ البدائي بتلك التي لنظيره العصري.‏

      ان الاجراء الاساسي،‏ الذي تألف من قطْع الزجاج،‏ تغليف الاطراف بالرصاص،‏ ولحام بعضها ببعض،‏ بقي هو نفسه من حيث الجوهر.‏ وقبل كل شيء،‏ كان يُرسم نموذج،‏ او رسم تمهيدي،‏ مع اعتبار القصور في قطْع الزجاج على قدر النموذج تماما وفي وضع خطوط التثبيت بالأُطُر الرصاصية.‏ وحُدِّد موقع التثبيت بالأُطُر الرصاصية لا ليقلل بل ليزيد الوقْع الكلي متى صارت النافذة تامة.‏

      يُنسب الى لويس ك.‏ تيفاني (‏الولايات المتحدة الاميركية،‏ ١٨٤٨-‏١٩٣٣)‏،‏ فنان الزجاج الملوَّن في نمط الفن الجديد،‏ ادخال استعمال وريقة نحاسية لتغليف قطع الزجاج،‏ مما ادى الى خط لحام ارفع من الرصاص ونتاج مكمَّل اقوى.‏ فلدى الوريقة لدونة اعظم واستُعملت عموما في صنع اغطية مصابيح تيفاني الاصلية.‏

      لسبب توفر ألواح زجاجية صغيرة جدا فقط،‏ اتخذت الاعمال الباكرة مَظهرا متغيِّرا من الاشكال الهندسية المختلفة الالوان.‏ وفي ما بعد،‏ عندما استُعملت ألواح اكبر،‏ فُقد هذا المنظر الفريد.‏ اما في ما يتعلق بالقطْع الفعلي،‏ فكان الزَّجَّاج ينسخ الشكل على الزجاج بخط رفيع من سائل.‏ ثم كان يُمرّ حديدة حامية على الخط،‏ آملا ان يتصدع الزجاج طبقا للمخطَّط.‏ وبعدئذ كانت تُستعمل اداة فولاذية لقطع الزجاج من اجل قرض الاطراف حتى تنطبق القطعة على النموذج بصورة دقيقة.‏ فبالنظر الى هذه الادوات البدائية،‏ لا يمكن للمرء الا ان يتعجب من انجاز يبدع نافذة قياسها ٢٥ قدما (‏٦‏,٧ م)‏ بـ‍ ٩ اقدام (‏٧‏,٢ م)‏،‏ كما هي الحال مع «شجرة يسَّى» الآنفة الذكر.‏ واليوم،‏ فان عجلات القطْع وآلات الجلخ الكهربائية جعلت من الممكن قطْع اشكال معقدة جدا.‏

      احتوى زجاج القرن الـ‍ ١٢ على شوائب،‏ مثل قطع صغيرة من المعدن،‏ وكان غير منتظم في السمْك وفي البِنية السطحية.‏ واذ اقترنت بالتغيُّرات التي سبَّبها الزمن والطقس،‏ فان التأثيرات الانكسارية في الضوء عبر هذه العيوب جعلت نوافذ هذه الفترة لا مثيل لها في التألق.‏

      ان اختيار ألوان وبِنى الزجاج المتوافرة اليوم هو اعظم بكثير من ذاك الذي لفنان القرون الوسطى،‏ الذي عمل في الغالب بالاحمر والازرق.‏ فاذا كانت الواقعية هي التأثير المرغوب فيه،‏ يمكن للحِرفيّ العصري ان يختار زجاجا متموجا كالماء لبركة،‏ زجاجا ذا خطوط زرقاء وبيضاء غير منتظمة للسماء،‏ او زجاجا بنِّيا بسطح ذي حُبَيْبات لجذع شجرة.‏

  • الزجاج الملوَّن —‏ من الخاص بالقرون الوسطى الى الحديث
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آذار (‏مارس)‏ ٨
    • ‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

      ‏«شجرة يسَّى،‏» كاتدرائية شارتر،‏ فرنسا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Notre-Dame de Chartres,‎ Chartres,‎ France

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة