-
هل تحتمي بيهوه؟برج المراقبة (الطبعة الدراسية) ٢٠١٧ | تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
هَلْ تَحْتَمِي بِيَهْوَهَ؟
«يَهْوَهُ فَادِي نُفُوسِ خُدَّامِهِ، وَكُلُّ ٱلْمُحْتَمِينَ بِهِ لَا يُسْتَذْنَبُونَ». — مز ٣٤:٢٢.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٤٩، ٦٥
١ كَيْفَ يَشْعُرُ ٱلْعَدِيدُ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ بِسَبَبِ ٱلْخَطِيَّةِ؟
«يَا لِي مِنْ إِنْسَانٍ بَائِسٍ!». (رو ٧:٢٤) يُرَدِّدُ ٱلْعَدِيدُ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ كَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ هٰذِهِ. فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُرْضِيَ ٱللّٰهَ، وَنَتَضَايَقُ كَثِيرًا حِينَ نَفْشَلُ فِي ذٰلِكَ بِسَبَبِ نَقْصِنَا. كَمَا أَنَّ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ ٱرْتَكَبُوا خَطِيَّةً خَطِيرَةً يَشْعُرُونَ أَنَّ ٱللّٰهَ لَنْ يُسَامِحَهُمْ أَبَدًا.
٢ (أ) بِحَسَبِ ٱلْمَزْمُور ٣٤:٢٢، لِمَاذَا لَا يُسَيْطِرُ ٱلشُّعُورُ بِٱلذَّنْبِ عَلَى خُدَّامِ ٱللّٰهِ؟ (ب) مَاذَا نُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْإِطَارَ: «دُرُوسٌ أَمْ رُمُوزٌ؟».)
٢ لٰكِنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ تُؤَكِّدُ أَنَّنَا إِذَا ٱحْتَمَيْنَا بِيَهْوَهَ، فَلَا دَاعِيَ أَنْ يُسَيْطِرَ عَلَيْنَا ٱلشُّعُورُ بِٱلذَّنْبِ. (اقرإ المزمور ٣٤:٢٢.) فَكَيْفَ نَحْتَمِي بِهِ؟ وَمَاذَا نَفْعَلُ لِنَسْتَفِيدَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَغُفْرَانِهِ؟ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي تَرْتِيبِ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ ٱلَّذِي عَمِلَ بِهِ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ قَدِيمًا. صَحِيحٌ أَنَّهُ كَانَ جُزْءًا مِنْ عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّذِي ٱنْتَهَى يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، لٰكِنَّ يَهْوَهَ هُوَ مَنْ وَضَعَهُ. لِذٰلِكَ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ كَيْفَ يَنْظُرُ يَهْوَهُ إِلَى ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْخُطَاةِ وَٱلتَّوْبَةِ. فَلْنَرَ أَوَّلًا لِمَ وَضَعَ يَهْوَهُ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبَ.
«عَيِّنُوا لَكُمْ مُدُنَ ٱلْمَلْجَإِ»
٣ مَاذَا أَمَرَتِ ٱلشَّرِيعَةُ بِخُصُوصِ مَنْ يَقْتُلُ عَمْدًا؟
٣ يَعْتَبِرُ يَهْوَهُ ٱلْقَتْلَ مَسْأَلَةً خَطِيرَةً. لِذَا أَمَرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ قَدِيمًا بِمُعَاقَبَةِ مَنْ يَقْتُلُونَ عَمْدًا. فَٱلْقَاتِلُ كَانَ يَمُوتُ عَلَى يَدِ «ٱلْمُنْتَقِمِ لِلدَّمِ»، وَهُوَ أَقْرَبُ أَقْرِبَاءِ ٱلضَّحِيَّةِ مِنَ ٱلذُّكُورِ. (عد ٣٥:١٩) وَهٰكَذَا يَدْفَعُ ٱلْقَاتِلُ حَيَاتَهُ ثَمَنَ حَيَاةِ ضَحِيَّتِهِ ٱلْبَرِيئَةِ. وَلَزِمَ أَنْ يُنَفَّذَ ٱلْعِقَابُ بِسُرْعَةٍ لِئَلَّا تَتَنَجَّسَ أَرْضُ ٱلْمَوْعِدِ. أَوْصَى يَهْوَهُ: «لَا تُنَجِّسُوا ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، لِأَنَّ [سَفْكَ] ٱلدَّمِ يُنَجِّسُ ٱلْأَرْضَ». — عد ٣٥:٣٣، ٣٤.
٤ مَاذَا قَالَتِ ٱلشَّرِيعَةُ بِخُصُوصِ مَنْ يَقْتُلُ دُونَ قَصْدٍ؟
٤ وَلٰكِنْ مَاذَا لَوْ قَتَلَ إِسْرَائِيلِيٌّ شَخْصًا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ؟ اُعْتُبِرَ هٰذَا ٱلْإِسْرَائِيلِيُّ مُذْنِبًا بِسَفْكِ دَمٍ بَرِيءٍ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَعْلَتَهُ. (تك ٩:٥) لٰكِنَّ يَهْوَهَ أَعَدَّ لَهُ تَرْتِيبًا رَحِيمًا. فَقَدِ ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَهْرُبَ مِنَ «ٱلْمُنْتَقِمِ لِلدَّمِ» إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ ٱلسِّتِّ. وَكَانَ يَجِدُ ٱلْحِمَايَةَ فِي ٱلْمَدِينَةِ، شَرْطَ أَلَّا يُغَادِرَهَا حَتَّى مَوْتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ. — عد ٣٥:١٥، ٢٨.
٥ لِمَ يُسَاعِدُنَا تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ أَنْ نَتَعَرَّفَ إِلَى يَهْوَهَ؟
٥ لَمْ يَكُنْ تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ فِكْرَةً بَشَرِيَّةً. فَٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ‹قَدَّسُوا› هٰذِهِ ٱلْمُدُنَ لِأَنَّ يَهْوَهَ أَمَرَهُمْ: «عَيِّنُوا لَكُمْ مُدُنَ ٱلْمَلْجَإِ». وَبِٱلتَّالِي، يَهْوَهُ هُوَ مَنْ «قَدَّسَ» هٰذِهِ ٱلْمُدُنَ، أَيْ مَيَّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا. (يش ٢٠:١، ٢، ٧، ٨) فَمَاذَا يَكْشِفُ لَنَا هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ عَنْ رَحْمَةِ يَهْوَهَ؟ وَمَاذَا يُعَلِّمُنَا عَنِ ٱلِٱحْتِمَاءِ بِهِ ٱلْيَوْمَ؟
«يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِ عَلَى مَسَامِعِ شُيُوخِ . . . ٱلْمَدِينَةِ»
٦، ٧ (أ) كَيْفَ عَالَجَ ٱلشُّيُوخُ قَضَايَا ٱلْقَتْلِ غَيْرِ ٱلْعَمْدِيِّ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) لِمَ لَزِمَ أَنْ يَذْهَبَ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا إِلَى ٱلشُّيُوخِ؟
٦ كَمَا رَأَيْنَا، لَزِمَ أَنْ يَهْرُبَ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا إِلَى إِحْدَى مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ. وَفَوْرَ وُصُولِهِ، كَانَ يَعْرِضُ قَضِيَّتَهُ عَلَى ٱلشُّيُوخِ عِنْدَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ. وَيَهْوَهُ أَوْصَاهُمْ أَنْ يُرَحِّبُوا بِهِ. (يش ٢٠:٤) وَبَعْدَ مُدَّةٍ، كَانُوا يُعِيدُونَهُ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا حَادِثَةُ ٱلْقَتْلِ. فَيَنْظُرُ شُيُوخُ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ فِي قَضِيَّتِهِ. (اقرإ العدد ٣٥:٢٤، ٢٥.) وَإِذَا حَكَمُوا أَنَّهُ قَتَلَ ٱلضَّحِيَّةَ بِٱلْخَطَإِ، كَانُوا يُرْسِلُونَهُ مُجَدَّدًا إِلَى مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ.
٧ وَلِمَ لَعِبَ ٱلشُّيُوخُ دَوْرًا فِي تِلْكَ ٱلْقَضَايَا؟ لِكَيْ يُحَافِظُوا عَلَى طَهَارَةِ ٱلْأُمَّةِ، وَيُسَاعِدُوا ٱلْقَاتِلَ سَهْوًا أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ رَحْمَةِ يَهْوَهَ. وَذَكَرَ أَحَدُ عُلَمَاءِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنَّ ٱلْقَاتِلَ كَانَ يُعَرِّضُ حَيَاتَهُ لِلْخَطَرِ إِذَا لَمْ يَذْهَبْ إِلَى ٱلشُّيُوخِ. ثُمَّ أَضَافَ: «يَكُونُ دَمُهُ عَلَى رَأْسِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ مِنَ ٱلْحِمَايَةِ ٱلَّتِي وَفَّرَهَا لَهُ ٱللّٰهُ». فَقَدْ تَوَفَّرَتْ لَهُ ٱلْمُسَاعَدَةُ، وَلٰكِنْ لَزِمَ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ لِلِٱسْتِفَادَةِ مِنْهَا. وَإِلَّا كَانَ يَحِقُّ لِأَقْرَبِ أَقْرِبَاءِ ٱلضَّحِيَّةِ أَنْ يَقْتُلَهُ.
٨، ٩ لِمَ يَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ ٱلْمَسِيحِيُّ مُسَاعَدَةَ ٱلشُّيُوخِ إِذَا ٱرْتَكَبَ خَطِيَّةً خَطِيرَةً؟
٨ اَلْيَوْمَ أَيْضًا، إِذَا ٱرْتَكَبَ ٱلْمَسِيحِيُّ خَطِيَّةً خَطِيرَةً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مُسَاعَدَةَ ٱلشُّيُوخِ لِيُشْفَى رُوحِيًّا. وَلِمَ هٰذَا مُهِمٌّ؟ أَوَّلًا، يَهْوَهُ هُوَ مَنْ رَتَّبَ أَنْ يُعَالِجَ ٱلشُّيُوخُ قَضَايَا ٱلْخَطَايَا ٱلْخَطِيرَةِ. وَهٰذَا وَاضِحٌ فِي كَلِمَتِهِ. (يع ٥:١٤-١٦) ثَانِيًا، يُسَاعِدُ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ ٱلْخَاطِئَ ٱلتَّائِبَ أَنْ يَتَصَالَحَ مَعَ ٱللّٰهِ وَيَتَجَنَّبَ تَكْرَارَ ٱلْخَطَإِ. (غل ٦:١؛ عب ١٢:١١) ثَالِثًا، ٱلشُّيُوخُ مُعَيَّنُونَ وَمُدَرَّبُونَ لِكَيْ يُعَزُّوا ٱلْخُطَاةَ ٱلتَّائِبِينَ وَيُخَفِّفُوا مِنْ أَلَمِهِمْ وَشُعُورِهِمْ بِٱلذَّنْبِ. فَيَهْوَهُ يُشَبِّهُهُمْ بِمَلْجَإٍ أَوْ «سِتْرٍ مِنَ ٱلْعَاصِفَةِ». (اش ٣٢:١، ٢) أَفَلَا يَعْكِسُ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ رَحْمَةَ ٱللّٰهِ؟
٩ وَكَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ لَجَأُوا إِلَى ٱلشُّيُوخِ، وَشَعَرُوا بِٱلرَّاحَةِ بَعْدَمَا نَالُوا مُسَاعَدَتَهُمْ. مَثَلًا، ٱرْتَكَبَ أَخٌ ٱسْمُهُ دَانِيَال خَطِيَّةً خَطِيرَةً، وَأَخْفَاهَا طَوَالَ شُهُورٍ عَنِ ٱلشُّيُوخِ. يُخْبِرُ: «مَرَّتْ مُدَّةٌ مِنَ ٱلْوَقْتِ، فَشَعَرْتُ أَنَّ ٱلْأَوَانَ فَاتَ لِأَطْلُبَ مُسَاعَدَةَ ٱلشُّيُوخِ. لٰكِنَّنِي ظَلَلْتُ خَائِفًا أَنْ يَنْكَشِفَ أَمْرِي وَأَحْصُدَ عَوَاقِبَ تَصَرُّفَاتِي. وَكُنْتُ كُلَّمَا صَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ، أَبْدَأُ بِٱلِٱعْتِذَارِ عَمَّا فَعَلْتُ». لٰكِنَّهُ طَلَبَ مُسَاعَدَتَهُمْ أَخِيرًا. يَتَذَكَّرُ: «فِي ٱلْبِدَايَةِ، خِفْتُ أَنْ أُخْبِرَهُمْ. وَلٰكِنْ بَعْدَ ذٰلِكَ، شَعَرْتُ أَنَّ حِمْلًا ثَقِيلًا رُفِعَ عَنِّي. وَأَصْبَحْتُ أُصَلِّي دُونَ أَيِّ عَائِقٍ». وَهٰكَذَا صَارَ دَانِيَال يَنْعَمُ بِرَاحَةِ ٱلضَّمِيرِ، وَقَدْ عُيِّنَ مُؤَخَّرًا خَادِمًا مُسَاعِدًا.
«يَهْرُبُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمُدُنِ»
١٠ مَاذَا لَزِمَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا لِكَيْ يُرْحَمَ؟
١٠ لِكَيْ يُرْحَمَ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا، وَجَبَ أَنْ يَتَّخِذَ إِجْرَاءً دُونَ تَأْخِيرٍ. فَلَزِمَ أَنْ يَهْرُبَ إِلَى أَقْرَبِ مَدِينَةِ مَلْجَإٍ. (اقرأ يشوع ٢٠:٤.) وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ مَجَالٍ لِلِٱسْتِهْتَارِ. فَحَيَاتُهُ ٱعْتَمَدَتْ عَلَى وُصُولِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَبَقَائِهِ فِيهَا حَتَّى مَوْتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا تَطَلَّبَ مِنْهُ ٱلتَّضْحِيَاتِ. فَقَدِ ٱضْطُرَّ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْ عَمَلِهِ وَبَيْتِهِ وَحُرِّيَّةِ ٱلتَّنَقُّلِ.a (عد ٣٥:٢٥) لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلتَّضْحِيَاتِ كَانَتْ فِي مَحَلِّهَا. فَإِذَا غَادَرَ ٱلْقَاتِلُ مَدِينَةَ ٱلْمَلْجَإِ، كَانَ يُعَرِّضُ حَيَاتَهُ لِلْخَطَرِ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ يَسْتَخِفُّ بِٱلدَّمِ ٱلَّذِي سَفَكَهُ.
١١ كَيْفَ يُظْهِرُ ٱلْمَسِيحِيُّ ٱلتَّائِبُ أَنَّهُ يُقَدِّرُ فِعْلًا رَحْمَةَ ٱللّٰهِ؟
١١ اَلْيَوْمَ أَيْضًا، عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلتَّائِبِ أَنْ يَتَّخِذَ إِجْرَاءً حَازِمًا لِيَسْتَفِيدَ مِنْ رَحْمَةِ ٱللّٰهِ. فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ تَمَامًا عَنْ مُمَارَسَاتِهِ ٱلْخَاطِئَةِ. وَهٰذَا يَشْمُلُ أَنْ يَتَجَنَّبَ أَيَّ شَيْءٍ يَقُودُهُ إِلَى ٱلْخَطَايَا ٱلْخَطِيرَةِ. قَالَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلتَّائِبِينَ فِي كُورِنْثُوسَ: «حُزْنُكُمْ هٰذَا بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ، كَمْ أَنْتَجَ فِيكُمْ مِنِ ٱجْتِهَادٍ، بَلْ مِنْ تَبْرِئَةٍ لِأَنْفُسِكُمْ، بَلْ مِنْ غَيْظٍ، بَلْ مِنْ خَوْفٍ، بَلْ مِنْ شَوْقٍ، بَلْ مِنْ غَيْرَةٍ، بَلْ مِنْ تَصْوِيبٍ لِلْخَطَإِ!». (٢ كو ٧:١٠، ١١) فَحِينَ نَجْتَهِدُ لِنَتَوَقَّفَ عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ، نُظْهِرُ لِيَهْوَهَ أَنَّنَا لَا نَسْتَخِفُّ بِٱلْمَسْأَلَةِ وَلَا نَعْتَبِرُ رَحْمَتَهُ تَحْصِيلَ حَاصِلٍ.
١٢ مَاذَا يَتْرُكُ ٱلْمَسِيحِيُّ كَيْ يَسْتَمِرَّ فِي ٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ رَحْمَةِ ٱللّٰهِ؟
١٢ وَلِكَيْ يَسْتَمِرَّ ٱلْمَسِيحِيُّ فِي ٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ رَحْمَةِ يَهْوَهَ، عَلَيْهِ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْ كُلِّ مَا يُعَرِّضُهُ لِٱرْتِكَابِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عَزِيزًا عَلَى قَلْبِهِ. (مت ١٨:٨، ٩) فَإِذَا كَانَ بَعْضُ أَصْدِقَائِكَ يُشَجِّعُونَكَ عَلَى أَعْمَالٍ تُغْضِبُ يَهْوَهَ، فَهَلْ تَقْطَعُ عَلَاقَتَكَ بِهِمْ؟ وَفِي حَالِ صَعُبَ عَلَيْكَ أَنْ تَشْرَبَ ٱلْكُحُولَ بِٱعْتِدَالٍ، فَهَلْ تَتَجَنَّبُ ٱلظُّرُوفَ ٱلَّتِي تُغْرِيكَ بِأَنْ تُكْثِرَ ٱلشُّرْبَ؟ وَإِذَا كُنْتَ تُصَارِعُ رَغَبَاتٍ جِنْسِيَّةً فَاسِدَةً، فَهَلْ تَتَجَنَّبُ ٱلْأَفْلَامَ وَمَوَاقِعَ ٱلْإِنْتِرْنِت وَأَيَّ شَيْءٍ آخَرَ يُوَلِّدُ فِيكَ أَفْكَارًا نَجِسَةً؟ تَذَكَّرْ أَنَّ أَيَّ تَضْحِيَةٍ تَبْذُلُهَا لِتُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِكَ لِيَهْوَهَ هِيَ فِي مَحَلِّهَا. فَلَا شَيْءَ يُؤْلِمُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلشُّعُورِ بِأَنَّ يَهْوَهَ تَرَكَكَ. وَلَا شَيْءَ يُفْرِحُ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تَنْعَمَ بِمَحَبَّتِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ. — اش ٥٤:٧، ٨.
«تَكُونُ لَكُمْ مَلْجَأً»
١٣ لِمَ تَمَتَّعَ ٱللَّاجِئُ بِٱلْأَمَانِ وَٱلسَّعَادَةِ فِي مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ؟
١٣ مَا إِنْ دَخَلَ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا إِلَى مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ حَتَّى أَصْبَحَ فِي أَمَانٍ. قَالَ يَهْوَهُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمُدُنِ: «تَكُونُ لَكُمْ مَلْجَأً». (يش ٢٠:٢، ٣) فَيَهْوَهُ لَمْ يَطْلُبْ أَنْ تُعَادَ مُحَاكَمَةُ ٱلْقَاتِلِ سَهْوًا. كَمَا أَنَّ ٱلْمُنْتَقِمَ لِلدَّمِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَدْخُلَ ٱلْمَدِينَةَ وَيَأْخُذَ بِٱلثَّأْرِ. لِذٰلِكَ نَعِمَ ٱللَّاجِئُ بِحِمَايَةِ يَهْوَهَ مَا دَامَ فِي دَاخِلِهَا. وَمَدِينَةُ ٱلْمَلْجَإِ لَمْ تَكُنْ سِجْنًا. فَقَدِ ٱسْتَطَاعَ ٱللَّاجِئُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَيُسَاعِدَ ٱلْآخَرِينَ وَيَعْبُدَ يَهْوَهَ بِسَلَامٍ. وَهٰكَذَا عَاشَ حَيَاةً سَعِيدَةً.
ثِقْ بِغُفْرَانِ يَهْوَهَ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَاتِ ١٤-١٦.)
١٤ لِمَ لَا دَاعِيَ أَنْ يَشْعُرَ ٱلْمَسِيحِيُّ بِٱلذَّنْبِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ؟
١٤ يُعَانِي بَعْضُ ٱلْخُطَاةِ ٱلتَّائِبِينَ مِنْ عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ. وَيَشْعُرُونَ أَنَّ يَهْوَهَ لَنْ يَنْسَى أَبَدًا خَطِيَّتَهُمُ ٱلْخَطِيرَةَ. فَهَلْ هٰذَا مَا تَشْعُرُ بِهِ؟ تَأَكَّدْ أَنَّ يَهْوَهَ يَغْفِرُ ٱلْخَطِيَّةَ كَامِلًا، فَلَا دَاعِيَ أَنْ تَظَلَّ تَشْعُرُ بِٱلذَّنْبِ. وَهٰذَا مَا لَمَسَهُ دَانِيَالُ ٱلْمَذْكُورُ سَابِقًا. فَبَعْدَمَا قَوَّمَهُ ٱلشُّيُوخُ وَسَاعَدُوهُ كَيْ يَرْتَاحَ ضَمِيرُهُ، قَالَ: «أَخِيرًا ٱرْتَحْتُ. فَبَعْدَمَا عَالَجَ ٱلشُّيُوخُ ٱلْمَسْأَلَةَ، مَا عُدْتُ أَشْعُرُ بِٱلذَّنْبِ. وَيَهْوَهُ حِينَ يَغْفِرُ خَطِيَّتَنَا، يَفْتَحُ مَعَنَا صَفْحَةً جَدِيدَةً. فَهُوَ يَعِدُ بِأَنْ يَأْخُذَ مَعَاصِيَنَا بَعِيدًا عَنَّا. وَلَنْ نَرَاهَا بَعْدَ ذٰلِكَ». وَقَدِيمًا، مَا كَانَ ٱللَّاجِئُ يَخَافُ مِنَ ٱلْمُنْتَقِمِ لِلدَّمِ بَعْدَمَا يَدْخُلُ مَدِينَةَ ٱلْمَلْجَإِ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، بَعْدَمَا يَغْفِرُ يَهْوَهُ لَنَا، لَا دَاعِيَ أَنْ نَخَافَ أَنْ يَنْبُشَ ٱلْمَاضِيَ وَيُحَاسِبَنَا عَلَى خَطِيَّتِنَا. — اقرإ المزمور ١٠٣:٨-١٢.
١٥، ١٦ كَيْفَ تَزْدَادُ ثِقَتُكَ بِرَحْمَةِ ٱللّٰهِ حِينَ تَتَأَمَّلُ فِي دَوْرِ يَسُوعَ بِصِفَتِهِ فَادِيَنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِنَا؟
١٥ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، لَدَيْنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ سَبَبٌ أَقْوَى لِنَثِقَ بِرَحْمَةِ يَهْوَهَ. فَمَعَ أَنَّ بُولُسَ قَالَ إِنَّهُ «إِنْسَانٌ بَائِسٌ» لِأَنَّهُ فَشِلَ فِي إِطَاعَةِ ٱللّٰهِ كَامِلًا، أَضَافَ: «اَلشُّكْرُ لِلّٰهِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا!» (رو ٧:٢٥) فَرَغْمَ خَطَايَاهُ ٱلْمَاضِيَةِ ٱلَّتِي تَابَ عَنْهَا وَصِرَاعِهِ ٱلْمُسْتَمِرِّ مَعَ ٱلرَّغَبَاتِ ٱلْخَاطِئَةِ، وَثِقَ أَنَّ يَهْوَهَ غَفَرَ لَهُ عَلَى أَسَاسِ ذَبِيحَةِ ٱلْمَسِيحِ. فَيَسُوعُ، بِصِفَتِهِ فَادِيَنَا، «يُطَهِّرُ ضَمَائِرَنَا» وَيُطَمْئِنُ قُلُوبَنَا. (عب ٩:١٣، ١٤) وَبِصِفَتِهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، «هُوَ قَادِرٌ أَيْضًا أَنْ يُخَلِّصَ تَمَامًا ٱلَّذِينَ يَقْتَرِبُونَ بِهِ إِلَى ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ كُلَّ حِينٍ لِيَشْفَعَ لَهُمْ». (عب ٧:٢٤، ٢٥) فَبِفَضْلِ خِدْمَاتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ قَدِيمًا، وَثِقَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَنَّ يَهْوَهَ يَغْفِرُ خَطَايَاهُمْ. وَبِمَا أَنَّ رَئِيسَ كَهَنَتِنَا هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، فَلَدَيْنَا سَبَبٌ أَقْوَى لِنَثِقَ أَنَّنَا «نَنَالُ رَحْمَةً وَنَجِدُ نِعْمَةً عِنْدَمَا نَحْتَاجُ إِلَى ٱلْعَوْنِ». — عب ٤:١٥، ١٦.
١٦ إِذًا، آمِنْ بِذَبِيحَةِ يَسُوعَ لِكَيْ تَحْتَمِيَ بِيَهْوَهَ. وَلَا تَعْتَبِرْ أَنَّهَا تُفِيدُ ٱلنَّاسَ عُمُومًا فَحَسْبُ، بَلْ ثِقْ أَنَّهَا تُفِيدُكَ أَنْتَ أَيْضًا. (غل ٢:٢٠، ٢١) آمِنْ أَنَّ يَهْوَهَ يَغْفِرُ لَكَ عَلَى أَسَاسِهَا، وَأَنَّهَا تَفْتَحُ لَكَ ٱلْمَجَالَ كَيْ تَعِيشَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. فَفِدْيَةُ يَسُوعَ هَدِيَّةٌ مِنْ يَهْوَهَ إِلَيْكَ.
١٧ لِمَ تَرْغَبُ فِي ٱلِٱحْتِمَاءِ بِيَهْوَهَ؟
١٧ كَخُلَاصَةٍ إِذًا، يَكْشِفُ تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ ٱلْكَثِيرَ عَنْ رَحْمَةِ يَهْوَهَ. فَهُوَ يُعَلِّمُنَا أَنَّ ٱلْحَيَاةَ مُقَدَّسَةٌ فِي نَظَرِهِ. وَيُظْهِرُ أَيْضًا كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلشُّيُوخُ، وَمَاذَا تَشْمُلُ ٱلتَوْبَةُ ٱلصَّادِقَةُ، وَلِمَ نَثِقُ كَامِلًا بِغُفْرَانِ يَهْوَهَ. فَهَلْ تَرْغَبُ فِي ٱلِٱحْتِمَاءِ بِيَهْوَهَ؟ تَأَكَّدْ أَنَّهُ أَفْضَلُ مَلْجَإٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. (مز ٩١:١، ٢) وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَرَى كَيْفَ يُسَاعِدُنَا تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ أَنْ نَتَمَثَّلَ بِعَدْلِ يَهْوَهَ وَرَحْمَتِهِ.
a يُرَجِّحُ ٱلْعُلَمَاءُ ٱلْيَهُودُ أَنَّ عَائِلَةَ ٱلْقَاتِلِ سَهْوًا ٱنْتَقَلَتْ أَيْضًا إِلَى مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ.
-
-
تمثَّلْ بعدل يهوه ورحمتهبرج المراقبة (الطبعة الدراسية) ٢٠١٧ | تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
تَمَثَّلْ بِعَدْلِ يَهْوَهَ وَرَحْمَتِهِ
«اِقْضُوا بِٱلْعَدْلِ قَضَاءَ ٱلْحَقِّ، وَٱصْنَعُوا لُطْفًا حُبِّيًّا وَمَرَاحِمَ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ». — زك ٧:٩.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٢١، ٦٩
١، ٢ (أ) كَيْفَ شَعَرَ يَسُوعُ حِيَالَ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ؟ (ب) كَيْفَ حَرَّفَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ مَعْنَى ٱلشَّرِيعَةِ؟
أَحَبَّ يَسُوعُ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ كَثِيرًا. وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ. فَأَبُوهُ ٱلسَّمَاوِيُّ يَهْوَهُ هُوَ مَنْ وَضَعَهَا. وَٱلنُّبُوَّةُ فِي ٱلْمَزْمُور ٤٠:٨ تَصِفُ مَحَبَّتَهُ لِلشَّرِيعَةِ بِٱلْقَوْلِ: «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلٰهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي». وَيَسُوعُ أَكَّدَ قَوْلًا وَعَمَلًا أَنَّ شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ كَامِلَةٌ وَمُفِيدَةٌ، وَأَنَّ ٱلْمَكْتُوبَ فِيهَا يَتِمُّ بِٱلتَّأْكِيدِ. — مت ٥:١٧-١٩.
٢ لَا شَكَّ إِذًا أَنَّ يَسُوعَ تَضَايَقَ جِدًّا حِينَ رَأَى ٱلْكَتَبَةَ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ يُحَرِّفُونَ مَعْنَى ٱلشَّرِيعَةِ. وَكَيْفَ فَعَلُوا ذٰلِكَ؟ قَالَ يَسُوعُ إِنَّهُمْ قَدَّمُوا «عُشْرَ ٱلنَّعْنَعِ وَٱلشِّبِثِّ وَٱلْكَمُّونِ»، أَيْ أَطَاعُوا أَصْغَرَ تَفَاصِيلِهَا. إِلَّا أَنَّ ٱلْمُشْكِلَةَ كَانَتْ أَنَّهُمْ تَجَاهَلُوا «أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ، أَيِ ٱلْعَدْلَ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلْأَمَانَةَ». (مت ٢٣:٢٣) وَلٰكِنْ بِعَكْسِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ، فَهِمَ يَسُوعُ رُوحَ ٱلشَّرِيعَةِ وَمَا تَكْشِفُهُ كُلُّ وَصِيَّةٍ عَنْ يَهْوَهَ.
٣ مَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
٣ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَسْنَا تَحْتَ عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ. (رو ٧:٦) فَلِمَاذَا حَفِظَهَا يَهْوَهُ فِي كَلِمَتِهِ، ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟ يُرِيدُ يَهْوَهُ أَنْ نَفْهَمَ وَنُطَبِّقَ ‹أَثْقَلَ مَا فِيهَا›، أَيِ ٱلْمَبَادِئَ وَرَاءَ وَصَايَاهَا. فَأَيَّةُ مَبَادِئَ نَتَعَلَّمُهَا مِنْ تَرْتِيبِ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ؟ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، تَعَلَّمْنَا دُرُوسًا مِنَ ٱلْخُطُوَاتِ ٱلَّتِي يَتَّخِذُهَا ٱللَّاجِئُ. لٰكِنَّ هٰذَا ٱلتَّرْتِيبَ يَكْشِفُ أَيْضًا ٱلْكَثِيرَ عَنْ يَهْوَهَ، وَيُظْهِرُ لَنَا كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِصِفَاتِهِ. لِذٰلِكَ سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ ثَلَاثَةَ أَسْئِلَةٍ: مَاذَا يَكْشِفُ تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ عَنْ رَحْمَةِ يَهْوَهَ؟ مَاذَا يُعَلِّمُنَا عَنْ نَظْرَتِهِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ؟ وَكَيْفَ يَعْكِسُ عَدْلَهُ ٱلْكَامِلَ؟ وَفِي كُلٍّ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَجَالَاتِ، فَكِّرْ كَيْفَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَمَثَّلَ بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. — اقرأ افسس ٥:١.
«مَوَاقِعُ مُنَاسِبَةٌ» عَكَسَتْ رَحْمَةَ يَهْوَهَ
٤، ٥ (أ) مَاذَا سَهَّلَ ٱلْوُصُولَ إِلَى مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ، وَبِأَيِّ هَدَفٍ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُنَا هٰذَا ٱلتَّرْتِيبُ عَنْ يَهْوَهَ؟
٤ أَرَادَ يَهْوَهُ أَنْ يَكُونَ ٱلْوُصُولُ سَهْلًا إِلَى مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ ٱلسِّتِّ. فَقَدْ أَمَرَ أَنْ تَكُونَ فِي «مَوَاقِعَ مُنَاسِبَةٍ» وَتُوَزَّعَ بِٱلتَّسَاوِي عَلَى جَانِبَيْ نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ. (عد ٣٥:١١-١٤) وَطَلَبَ أَنْ تَظَلَّ ٱلطُّرُقَاتُ ٱلْمُؤَدِّيَةُ إِلَيْهَا فِي حَالَةٍ جَيِّدَةٍ. (تث ١٩:٣) وَبِحَسَبِ ٱلْمَرَاجِعِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، وُضِعَتْ عَلَى طُولِ ٱلطَّرِيقِ عَلَامَاتٌ تَدُلُّ عَلَى مَوْقِعِ مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ. وَهٰكَذَا لَمْ يُضْطَرَّ ٱلْقَاتِلُ سَهْوًا أَنْ يَهْرُبَ إِلَى أَرْضٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَيُغْرَى هُنَاكَ بِمُمَارَسَةِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.
٥ فَكِّرْ قَلِيلًا: يَهْوَهُ هُوَ مَنْ أَمَرَ بِإِعْدَامِ مَنْ يَقْتُلُ عَمْدًا. لٰكِنَّهُ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، أَعْطَى ٱلْقَاتِلَ سَهْوًا ٱلْفُرْصَةَ لِيَنَالَ ٱلرَّحْمَةَ وَٱلْحِمَايَةَ. وَقَالَ أَحَدُ عُلَمَاءِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ: «كَانَ كُلُّ شَيْءٍ فِي غَايَةِ ٱلْوُضُوحِ وَٱلْبَسَاطَةِ وَٱلسُّهُولَةِ». فَيَهْوَهُ لَيْسَ قَاضِيًا قَاسِيًا وَلَا يُحِبُّ أَنْ يُعَاقِبَ خُدَّامَهُ، بَلْ هُوَ إِلٰهٌ «غَنِيٌّ بِٱلرَّحْمَةِ». — اف ٢:٤.
٦ كَيْفَ ٱخْتَلَفَ مَوْقِفُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ عَنْ مَوْقِفِ يَهْوَهَ؟
٦ بِٱلْمُقَابِلِ، لَمْ يَرْغَبِ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فِي إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ. فَبِحَسَبِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلْيَهُودِيِّ، مَا كَانُوا يَغْفِرُونَ ٱلْإِسَاءَةَ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. وَوَصَفَ يَسُوعُ مَوْقِفَهُمْ فِي مَثَلٍ عَنْ فَرِّيسِيٍّ يُصَلِّي بِجَانِبِ جَابِي ضَرَائِبَ. قَالَ ٱلْفَرِّيسِيُّ: «اَللّٰهُمَّ، أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي ٱلنَّاسِ ٱلْمُبْتَزِّينَ ٱلْأَثَمَةِ ٱلزُّنَاةِ، أَوْ حَتَّى مِثْلَ جَابِي ٱلضَّرَائِبِ هٰذَا». فَٱلْفَرِّيسِيُّونَ كَانُوا «يَعْتَبِرُونَ ٱلْبَاقِينَ كَلَا شَيْءٍ». لِذٰلِكَ لَمْ يَرَوْا أَيَّ دَاعٍ لِيُظْهِرُوا لَهُمُ ٱلرَّحْمَةَ. — لو ١٨:٩-١٤.
مَهِّدِ ٱلطَّرِيقَ لِلْآخَرِينَ كَيْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْكَ وَيَطْلُبُوا مِنْكَ ٱلْمُسَامَحَةَ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَاتِ ٤-٨.)
٧، ٨ (أ) كَيْفَ تَتَمَثَّلُ بِرَحْمَةِ يَهْوَهَ؟ (ب) كَيْفَ يَمْتَحِنُ ٱلْغُفْرَانُ تَوَاضُعَنَا؟
٧ طَبْعًا، أَنْتَ تَرْغَبُ أَنْ تَتَمَثَّلَ بِيَهْوَهَ، لَا بِٱلْفَرِّيسِيِّينَ. فَأَظْهِرْ إِذًا ٱلرَّحْمَةَ وَٱلْحَنَانَ تِجَاهَ ٱلْآخَرِينَ. (اقرأ كولوسي ٣:١٢، ١٣.) سَهِّلْ عَلَيْهِمْ مَثَلًا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُسَامِحَهُمْ. (لو ١٧:٣، ٤) وَٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ أُسَامِحُ ٱلْآخَرِينَ بِسُرْعَةٍ وَسُهُولَةٍ، حَتَّى لَوْ أَخْطَأُوا فِي حَقِّي تَكْرَارًا؟ وَهَلْ أَتَشَوَّقُ أَنْ تَعُودَ ٱلْمِيَاهُ إِلَى مَجَارِيهَا بَيْنَنَا؟›.
٨ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، يَمْتَحِنُ ٱلْغُفْرَانُ تَوَاضُعَنَا. فَٱلْفَرِّيسِيُّونَ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِيَغْفِرُوا لِلْآخَرِينَ، لِأَنَّهُمُ ٱعْتَبَرُوا أَنْفُسَهُمْ أَهَمَّ مِنْهُمْ. وَلٰكِنْ كَمَسِيحِيِّينَ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَبِرَ بِتَوَاضُعٍ ‹أَنَّ ٱلْآخَرِينَ يَفُوقُونَنَا› وَنَغْفِرَ لَهُمْ بِلَا حِسَابٍ. (في ٢:٣) فَكَيْفَ تُظْهِرُ ٱلتَّوَاضُعَ تَمَثُّلًا بِيَهْوَهَ؟ مَهِّدِ ٱلطَّرِيقَ لِلْآخَرِينَ كَيْ يَطْلُبُوا مِنْكَ ٱلْمُسَامَحَةَ. وَلَا تُسْرِعْ إِلَى ٱلْغَيْظِ، بَلْ إِلَى إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ. — جا ٧:٨، ٩.
قَدِّرْ قِيمَةَ ٱلْحَيَاةِ فَلَا «يَكُونَ عَلَيْكَ دَمٌ»
٩ كَيْفَ شَدَّدَ يَهْوَهُ عَلَى قَدَاسَةِ ٱلْحَيَاةِ؟
٩ حَمَتْ مُدُنُ ٱلْمَلْجَإِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنْ قَتْلِ شَخْصٍ بَرِيءٍ. (تث ١٩:١٠) فَيَهْوَهُ يَعْتَبِرُ ٱلْحَيَاةَ ثَمِينَةً، وَيَكْرَهُ ‹ٱلْأَيْدِيَ ٱلَّتِي تَسْفِكُ دَمًا بَرِيئًا›. (ام ٦:١٦، ١٧) كَمَا أَنَّهُ عَادِلٌ وَقُدُّوسٌ. لِذَا لَا يَتَغَاضَى عَنِ ٱلْقَتْلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ. فَٱلْقَاتِلُ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّخِذَ خُطُوَاتٍ مُعَيَّنَةً لِيَنَالَ ٱلرَّحْمَةَ. فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِضَ قَضِيَّتَهُ عَلَى ٱلشُّيُوخِ. وَفِي حَالِ حَكَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَ ٱلضَّحِيَّةِ، لَزِمَ أَنْ يَبْقَى فِي مَدِينَةِ ٱلْمَلْجَإِ حَتَّى مَوْتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ. وَبِٱلتَّالِي، كَانَ مُمْكِنًا أَنْ يُمْضِيَ فِيهَا بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ. وَهٰكَذَا أَظْهَرَتْ هٰذِهِ ٱلْعَوَاقِبُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ مُقَدَّسَةٌ. وَبِدَافِعِ ٱلِٱحْتِرَامِ لِيَنْبُوعِ ٱلْحَيَاةِ، لَزِمَ أَنْ يَتَجَنَّبُوا مِنَ ٱلْأَسَاسِ أَيَّ شَيْءٍ يُعَرِّضُ حَيَاةَ ٱلْآخَرِينَ لِلْخَطَرِ.
١٠ حَسْبَمَا ذَكَرَ يَسُوعُ، كَيْفَ أَظْهَرَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَرِمُونَ ٱلْحَيَاةَ؟
١٠ عَلَى عَكْسِ يَهْوَهَ، لَمْ يَحْتَرِمِ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْحَيَاةَ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ ٱلْمَعْرِفَةِ، فَلَمْ تَدْخُلُوا أَنْتُمْ، وَٱلدَّاخِلُونَ أَعَقْتُمُوهُمْ!». (لو ١١:٥٢) فَكَانَ مِنْ وَاجِبِهِمْ أَنْ يُفَسِّرُوا لِلشَّعْبِ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ كَيْ يَسِيرُوا فِي طَرِيقِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. لٰكِنَّهُمْ بَدَلَ ذٰلِكَ، أَبْعَدُوهُمْ عَنْ يَسُوعَ، «ٱلْوَكِيلِ ٱلرَّئِيسِيِّ لِلْحَيَاةِ». (اع ٣:١٥) وَهٰكَذَا قَادُوهُمْ فِي طَرِيقٍ تُؤَدِّي إِلَى ٱلْهَلَاكِ ٱلْأَبَدِيِّ. فَيَا لَقَسْوَةِ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ! فَهٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلْمُتَكَبِّرُونَ وَٱلْأَنَانِيُّونَ لَمْ يَهْتَمُّوا إِطْلَاقًا بِحَيَاةِ ٱلنَّاسِ أَوْ خَيْرِهِمْ.
١١ (أ) كَيْفَ أَظْهَرَ بُولُسُ ٱلِٱحْتِرَامَ لِلْحَيَاةِ؟ (ب) مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِبُولُسَ وَنُبَشِّرَ بِغَيْرَةٍ؟
١١ فَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَهْوَهَ وَلَا نَكُونُ مِثْلَ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ؟ بِٱحْتِرَامِ ٱلْحَيَاةِ وَتَقْدِيرِ قِيمَتِهَا. وَٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَظْهَرَ ٱلِٱحْتِرَامَ لِلْحَيَاةِ حِينَ شَهِدَ كَامِلًا. وَهٰكَذَا ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ «طَاهِرٌ مِنْ دَمِ ٱلْجَمِيعِ». (اقرإ الاعمال ٢٠:٢٦، ٢٧.) لٰكِنَّهُ لَمْ يُبَشِّرْ بِدَافِعِ ٱلْوَاجِبِ أَوْ لِيَتَجَنَّبَ ٱلشُّعُورَ بِٱلذَّنْبِ. بَلْ بَشَّرَ لِأَنَّهُ أَحَبَّ ٱلنَّاسَ وَٱعْتَبَرَ حَيَاتَهُمْ ثَمِينَةً. (١ كو ٩:١٩-٢٣) فَمَاذَا عَنَّا؟ هَلْ نَحْتَرِمُ ٱلْحَيَاةَ تَمَثُّلًا بِإِلٰهِنَا؟ يَرْغَبُ يَهْوَهُ أَنْ «يَبْلُغَ ٱلْجَمِيعُ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ». (٢ بط ٣:٩) وَإِذَا ٱتَّصَفْنَا بِٱلرَّحْمَةِ وَأَحْبَبْنَا ٱلنَّاسَ، تَزْدَادُ غَيْرَتُنَا وَفَرَحُنَا فِي ٱلْبِشَارَةِ.
١٢ لِمَ يَهْتَمُّ شَعْبُ يَهْوَهَ بِٱلسَّلَامَةِ؟
١٢ نُظْهِرُ أَيْضًا أَنَّنَا نَتَبَنَّى نَظْرَةَ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ عِنْدَمَا نَهْتَمُّ بِٱلسَّلَامَةِ. فَعَلَيْنَا مَثَلًا أَنْ نَأْخُذَ حَذَرَنَا أَثْنَاءَ ٱلْعَمَلِ وَٱلْقِيَادَةِ. وَهٰذَا يَصِحُّ عِنْدَ بِنَاءِ أَمَاكِنِ عِبَادَتِنَا وَصِيَانَتِهَا، وَعِنْدَ ٱلتَّنَقُّلِ مِنْهَا وَإِلَيْهَا. وَلْنَتَذَكَّرْ أَنَّ ٱلصِّحَّةَ وَٱلسَّلَامَةَ أَثْنَاءَ ٱلْعَمَلِ أَهَمُّ مِنْ تَوْفِيرِ ٱلْوَقْتِ وَٱلْمَالِ. فَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَتَمَثَّلَ بِإِلٰهِنَا ٱلْعَادِلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ دَائِمًا مَا هُوَ صَحِيحٌ. وَٱلشُّيُوخُ خُصُوصًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَهْتَمُّوا بِسَلَامَتِهِمْ وَسَلَامَةِ مَنْ حَوْلَهُمْ. (ام ٢٢:٣) لِذٰلِكَ إِذَا ذَكَّرَكَ شَيْخٌ بِقَوَاعِدِ ٱلسَّلَامَةِ وَمَعَايِيرِهَا، فَٱقْبَلْ مَشُورَتَهُ. (غل ٦:١) وَحِينَ تَنْظُرُ إِلَى ٱلْحَيَاةِ كَمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا يَهْوَهُ، تَتَجَنَّبُ ذَنْبَ سَفْكِ ٱلدَّمِ.
«تَقْضِي . . . بِمُقْتَضَى هٰذِهِ ٱلْأَحْكَامِ»
١٣، ١٤ كَيْفَ عَكَسَ ٱلشُّيُوخُ فِي إِسْرَائِيلَ قَدِيمًا عَدْلَ يَهْوَهَ؟
١٣ أَوْصَى يَهْوَهُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ قَدِيمًا أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِعَدْلِهِ. فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَقَّقُوا أَوَّلًا مِنَ ٱلْوَقَائِعِ كُلِّهَا. ثُمَّ لَزِمَ أَنْ يَفْحَصُوا دَوَافِعَ ٱلْقَاتِلِ وَمَوْقِفَهُ وَسُلُوكَهُ لِيُقَرِّرُوا هَلْ يَسْتَحِقُّ ٱلرَّحْمَةَ أَمْ لَا. فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَأَكَّدُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُ ٱلضَّحِيَّةَ وَلَمْ يَقْتُلْهَا عَمْدًا. (اقرإ العدد ٣٥:٢٠-٢٤.) وَفِي حَالِ وُجُودِ شُهُودٍ، مَا كَانَ ٱلْمُتَّهَمُ يُدَانُ بِٱلْقَتْلِ ٱلْعَمْدِيِّ إِلَّا إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ ٱثْنَانِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. — عد ٣٥:٣٠.
١٤ إِذًا، بَعْدَمَا تَحَقَّقَ ٱلشُّيُوخُ مِنَ ٱلْوَقَائِعِ كُلِّهَا، لَزِمَ أَنْ يُرَكِّزُوا عَلَى ٱلشَّخْصِ، وَلَيْسَ عَلَى تَصَرُّفِهِ فَقَطْ. فَٱحْتَاجُوا إِلَى ٱلْبَصِيرَةِ لِيَرَوْا أَبْعَدَ مِنَ ٱلظَّاهِرِ وَيَكْتَشِفُوا ٱلْأَسْبَابَ وَرَاءَ مَا حَدَثَ. وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهُمُ ٱحْتَاجُوا إِلَى رُوحِ يَهْوَهَ ٱلْقُدُسِ لِيَعْكِسُوا بَصِيرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَعَدْلَهُ. — خر ٣٤:٦، ٧.
١٥ مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَيَسُوعَ فِي نَظْرَتِهِمْ إِلَى ٱلْخُطَاةِ؟
١٥ بِٱلْمُقَابِلِ، رَكَّزَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى أَفْعَالِ ٱلْخُطَاةِ، لَا عَلَى مَا فِي قَلْبِهِمْ. لِذَا عِنْدَمَا رَأَوْا يَسُوعَ فِي وَلِيمَةٍ فِي بَيْتِ مَتَّى، سَأَلُوا تَلَامِيذَهُ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ جُبَاةِ ضَرَائِبَ وَخُطَاةٍ؟». فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «لَا يَحْتَاجُ ٱلْأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ ٱلسُّقَمَاءُ. فَٱذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا مَعْنَى: ‹أُرِيدُ رَحْمَةً لَا ذَبِيحَةً›. لِأَنِّي مَا جِئْتُ لِأَدْعُوَ أَبْرَارًا، بَلْ خُطَاةً». (مت ٩:٩-١٣) فَهَلْ تَغَاضَى يَسُوعُ بِذٰلِكَ عَنِ ٱلْأَخْطَاءِ ٱلْخَطِيرَةِ؟ كَلَّا. فَدَعْوَةُ ٱلْخُطَاةِ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ كَانَتْ جُزْءًا مُهِمًّا مِنْ رِسَالَتِهِ. (مت ٤:١٧) لٰكِنَّهُ أَدْرَكَ أَنَّ بَعْضَ ‹جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْخُطَاةِ› أَرَادُوا أَنْ يَتَغَيَّرُوا. فَهُمْ لَمْ يَأْتُوا إِلَى بَيْتِ مَتَّى مِنْ أَجْلِ ٱلطَّعَامِ فَقَطْ، بَلْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتْبَعُونَ يَسُوعَ. (مر ٢:١٥) وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَرَوْا فِي هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسِ مَا رَآهُ يَسُوعُ، بَلِ ٱعْتَبَرُوهُمْ خُطَاةً لَا أَمَلَ فِيهِمْ. فَكَمِ ٱخْتَلَفُوا عَنْ يَهْوَهَ، ٱلْإِلٰهِ ٱلْعَادِلِ وَٱلرَّحِيمِ!
١٦ مَاذَا يُحَدِّدُ ٱلشُّيُوخُ فِي ٱللَّجْنَةِ ٱلْقَضَائِيَّةِ؟
١٦ يَحْرِصُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِيَهْوَهَ ٱلَّذِي «يُحِبُّ ٱلْعَدْلَ». (مز ٣٧:٢٨) فَهُمْ أَوَّلًا ‹يَسْتَقْصُونَ وَيَسْتَعْلِمُونَ جَيِّدًا› هَلْ وَقَعَتْ خَطِيَّةٌ فِعْلًا. وَإِذَا ثَبَتَ ذٰلِكَ، يُعَالِجُونَ ٱلْقَضِيَّةَ بِحَسَبِ إِرْشَادَاتِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (تث ١٣:١٢-١٤) وَحِينَ يَكُونُ ٱلشُّيُوخُ فِي لَجْنَةٍ قَضَائِيَّةٍ، يَجِبُ أَنْ يُحَدِّدُوا هَلِ ٱلْمَسِيحِيُّ ٱلَّذِي ٱرْتَكَبَ خَطِيَّةً خَطِيرَةً تَائِبٌ أَمْ لَا. وَهٰذَا لَيْسَ سَهْلًا دَائِمًا. فَلِيَتَأَكَّدُوا مِنْ تَوْبَتِهِ، عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْحَصُوا مَوْقِفَهُ مِنَ ٱلْخَطَإِ وَمَا فِي قَلْبِهِ. (رؤ ٣:٣) وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلْخَاطِئُ تَائِبًا لِيَنَالَ ٱلرَّحْمَةَ.a
١٧، ١٨ كَيْفَ يُحَدِّدُ ٱلشُّيُوخُ ٱلتَّوْبَةَ ٱلصَّادِقَةَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٧ بِعَكْسِ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ، لَا يَعْرِفُ ٱلشُّيُوخُ مَا فِي ٱلْقُلُوبِ. فَكَيْفَ تُحَدِّدُ أَيُّهَا ٱلشَّيْخُ هَلْ تَوْبَةُ ٱلْخَاطِئِ صَادِقَةٌ أَمْ لَا؟ أَوَّلًا، صَلِّ طَلَبًا لِلْحِكْمَةِ وَٱلتَّمْيِيزِ. (١ مل ٣:٩) ثَانِيًا، ٱبْحَثْ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَمَطْبُوعَاتِ ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ لِتُمَيِّزَ بَيْنَ «حُزْنِ ٱلْعَالَمِ» وَ «ٱلْحُزْنِ ٱلَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ»، أَيِ ٱلتَّوْبَةِ ٱلصَّادِقَةِ. (٢ كو ٧:١٠، ١١) لَاحِظْ كَيْفَ تَصِفُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلْأَشْخَاصَ ٱلتَّائِبِينَ وَغَيْرَ ٱلتَّائِبِينَ، وَحَلِّلْ كَيْفَ شَعَرُوا وَفَكَّرُوا وَتَصَرَّفُوا.
١٨ ثَالِثًا، فَكِّرْ فِي ٱلشَّخْصِ، وَلَيْسَ فِي خَطَئِهِ فَقَطْ. فَخُذْ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ مَاضِيَهُ وَدَوَافِعَهُ وَظُرُوفَهُ. وَهٰكَذَا تَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ، رَأْسِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنْبَأَ عَنْهُ قَائِلًا: «لَا يَقْضِي بِحَسَبِ مَا يَنْظُرُهُ بِعَيْنَيْهِ، وَلَا يُوَبِّخُ بِحَسَبِ مَا يَسْمَعُهُ بِأُذُنَيْهِ. إِنَّمَا يَقْضِي بِٱلْبِرِّ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُوَبِّخُ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ لِمَنْفَعَةِ ٱلْحُلَمَاءِ فِي ٱلْأَرْضِ». (اش ١١:٣، ٤) وَيَسُوعُ أَوْكَلَ إِلَيْكَ أَيُّهَا ٱلشَّيْخُ مَسْؤُولِيَّةَ ٱلِٱهْتِمَامِ بِخِرَافِهِ، وَهُوَ سَيُسَاعِدُكَ أَنْ تَقْضِيَ بِعَدْلٍ وَرَحْمَةٍ. (مت ١٨:١٨-٢٠) وَلَا شَكَّ أَنَّنَا نُقَدِّرُ جَمِيعًا ٱلشُّيُوخَ ٱلَّذِينَ يَهْتَمُّونَ بِنَا وَيُسَاعِدُونَنَا أَنْ نَتَعَامَلَ بِعَدْلٍ وَرَحْمَةٍ.
١٩ أَيُّ دَرْسٍ مِنْ تَرْتِيبِ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ تَنْوِي أَنْ تُطَبِّقَهُ؟
١٩ تَحْتَوِي ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ عَلَى «ٱلْخُطُوطِ ٱلْعَرِيضَةِ لِلْمَعْرِفَةِ وَٱلْحَقِّ» عَنْ يَهْوَهَ وَمَبَادِئِهِ. (رو ٢:٢٠) مَثَلًا، يُعَلِّمُ تَرْتِيبُ مُدُنِ ٱلْمَلْجَإِ ٱلشُّيُوخَ أَنْ يَقْضُوا «بِٱلْعَدْلِ قَضَاءَ ٱلْحَقِّ». وَهُوَ يُعَلِّمُنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَعَامَلَ بِمَحَبَّةٍ وَرَحْمَةٍ. (زك ٧:٩) صَحِيحٌ أَنَّنَا مَا عُدْنَا تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ، لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ. لِذٰلِكَ لَا تَزَالُ صِفَاتٌ كَٱلْعَدْلِ وَٱلرَّحْمَةِ مُهِمَّةً فِي نَظَرِهِ. فَلْنَتَمَثَّلْ بِصِفَاتِهِ ٱلرَّائِعَةِ وَنَحْتَمِ بِهِ عَلَى ٱلدَّوَامِ!
a اُنْظُرْ «أَسْئِلَةٌ مِنَ ٱلْقُرَّاءِ» فِي عَدَدِ ١٥ أَيْلُولَ (سِبْتَمْبِر) ٢٠٠٦ مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ، ٱلصَّفْحَةِ ٣٠.
-