مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الذكاء الاصطناعي —‏ هل هو ذكاء؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٩ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • معظمنا ملمّ بقدرة الكومبيوتر على تخزين،‏ استرداد،‏ ومعالجة مقادير كبيرة من المعلومات بسرعة عظيمة.‏ وبسبب ذلك تُستعمل اجهزة الكومبيوتر في المحاسبة ومسك الدفاتر؛‏ معالجة الملفات،‏ البيانات المصوَّرة،‏ الفهارس،‏ وهلم جرا.‏ وفي كل هذه العمليات يجري تلقيم ذاكرة الكومبيوتر المعطيات الاولية،‏ ويُعطى الكومبيوتر مجموعة تعليمات،‏ او برنامجا،‏ حول ما ينبغي فعله بالمعطيات.‏ وفي الكومبيوتر المستعمل للمحاسبة،‏ مثلا،‏ قد تُبرمج الآلة لمعالجة كل المعلومات عند آخر الشهر لانتاج الفواتير والبيانات لكل الحسابات.‏

      طبعا،‏ يتطلب القيام بنوع العمل الموصوف نوعا معيَّنا من الذكاء.‏ ولكن،‏ من حيث الجوهر،‏ تتبع هذه الانظمة مجرد مجموعة من الخطوات محدَّدة سابقا،‏ عيَّنها البشر،‏ الى ان يُنجز العمل.‏ واذا نقص شيء او جرى بطريقة خاطئة خلال مجرى العملية فان الآلة تتوقف وتنتظر تعليمات اضافية من العامل البشري الذي يشغِّلها.‏ ويمكن ان يقال ان هذه الآلات فعّالة ولكن لا تكاد تكون ذكية.‏ أما اجهزة الكومبيوتر ذات الذكاء الاصطناعي فهي من نوع مختلف.‏

      من حيث الاساس يكون الذكاء الاصطناعي مجموعة تعليمات،‏ او برامج،‏ تحاول تمكين الكومبيوتر من حل المسائل وحده —‏ بالطريقة التي يقوم بها البشر.‏ وفي احد الاقترابات،‏ عوض اتِّباع اجراءات مشروحة متدرِّجة تؤدي الى الحل،‏ يعالج الكومبيوتر المسألة بطريقة التجربة والخطإ.‏ ويجري تحليل نتيجة كل تجربة واستعمالها كاساس لحل التجربة التالية.‏

      قد يبدو هذا المبدأ بسيطا بحد ذاته ولكن عندما يُطبَّق على حالات الحياة الواقعية يمكن ان تصير الامور معقدة جدا.‏ ولماذا؟‏ لان امورا قليلة في الحياة الواقعية هي ببساطة النَّعم او اللا،‏ الاسود او الابيض.‏ وبالاحرى،‏ كل شيء مليء بظلال المعاني والمضامين الدقيقة.‏ مثلا،‏ اذا كان سيوصى باجراء طبي للمرضى الذين يتجاوزون الست سنوات من العمر فقط،‏ ماذا عن الولد البالغ من العمر خمس سنوات وعشرة اشهر؟‏ ان قرارات كهذه تتخطى كثيرا ما تستطيع اجهزة الكومبيوتر الحالية معالجته.‏ أما اذا كان حقل التطبيق محصورا فيمكن تطبيق الـ‍ AI بنجاح.‏

      مثلا،‏ اذ تسلَّح «هايْتِك» بالذكاء الاصطناعي استطاع ان يهزم بعض افضل لاعبي الشطرنج،‏ وكل ذلك وحده دون ايّ توجيه او تدخُّل بشري خارجي.‏ ولكن كيف يفعل ذلك؟‏ يفحص الكومبيوتر باعتناء حركة الخصم،‏ ثم يبحث في ألوف المواقع في ذاكرته ليأتي بحركة مضادة تقلِّل امكانية ربح الخصم.‏ ولفعل ذلك يتفحص ٠٠٠‏,١٧٥ موقع شطرنجي كل ثانية،‏ او اكثر من ٣٠ مليون موقع في الثلاث دقائق التي تلزمه عادة للاتيان بالحركة الصحيحة.‏

      الـ‍ AI وهو يعمل

      بقدر ما يكون «الهايْتِك» جيدا في الشطرنج يكون عاجزا كليا في اللُّعَب او المهمات الاخرى.‏ ذلك لان «هايْتِك» مبرمج فقط ليلعب الشطرنج.‏ وقد جرى خزن مقدار هائل من المعلومات في ذاكرته عن حركات شطرنجية وتعليمات خطوة فخطوة تمكِّنه من «التفكير» بأسلوب منطقي.‏ وبكلمات اخرى،‏ ما دام الامر يتعلق بلعب الشطرنج فان «الهايْتِك» —‏ هو خبير.‏ وهذا بالضبط ما يدعو به علماء الكومبيوتر الاجهزة الشبيهة بـ‍ «هايْتِك» —‏ نُظُم الخبراء expert systems.‏

      ونظام الخبراء هو من حيث الاساس كومبيوتر يختزن مجموعة واسعة من المعلومات في حقل معيَّن.‏ والى جانب ذلك فهو مبرمج بحيث يمكن ان يدل المستعمِل على المعلومات الدقيقة التي يحتاج اليها في اقل وقت وجهد.‏ وفي اغلب الاحيان يفعل ذلك بواسطة مجموعة من قواعد اذا-‏عندئذ:‏ اذا كان شرط معيَّن صحيحا عندئذ يجب اتِّباع عمل معيَّن.‏ والمستعمِل «يتصل» بنظام الخبراء بواسطة لوحة مفاتيح وشاشة عرض تلفزيونية او جهاز آخر.‏ ومخزن المعلومات وطريقة اذا-‏عندئذ يعطيان نُظُم الخبراء هذه مظهر الذكاء —‏ الذكاء الاصطناعي.‏

      واليوم يجري استعمال نُظُم الخبراء في اوجه متنوعة من الطب،‏ تصميم اجهزة الكومبيوتر،‏ التنقيب عن المعادن،‏ المحاسبة،‏ ادارة الاستثمار،‏ الطيران في الفضاء،‏ وهلم جرا.‏ وعلماء الكومبيوتر يحاولون صنع نُظُم خبراء تستطيع معالجة ليس مجرد حالة اذا-‏عندئذ واحدة في كل مرة بل الكثير من مثل هذه العمليات معا،‏ كما يفعل العقل البشري.‏ وكذلك هنالك قيد التطوير نُظُم يمكن ان «ترى،‏» «تسمع،‏» و «تتكلم،‏» ولو كان ذلك بطريقة محدودة.‏ كل ذلك سبَّب قلقا في بعض الدوائر.‏ فهل تصير اجهزة الكومبيوتر بنباهة الانسان او حتى أنْبه منه؟‏

      هل هنالك ايّ حد؟‏

      ان ما استطاع العلماء فعله بنُظُم كومبيوتر الخبراء لمؤثِّر حقا.‏ ولكن يبقى السؤال الحاسم:‏ هل هذه النُّظُم ذكية حقا؟‏ وماذا نقول،‏ مثلا،‏ عن شخص يستطيع لعب الشطرنج بمقدرة ولكنه لا يكاد يستطيع فعل او تعلُّم ايّ شيء آخر؟‏ هل نعتبره ذكيا حقا؟‏ من الواضح لا.‏ «الشخص الذكي يتعلَّم شيئا في مجال واحد ويطبِّقه على المسائل في مجالات اخرى،‏» يوضح وليم ج.‏ كرومي،‏ المدير التنفيذي لمجلس تقدُّم الكتابة العلمية.‏ اذاً،‏ هنا النقطة الاساسية للقضية:‏ هل بالامكان جعل اجهزة الكومبيوتر تقترب من مستوى الذكاء الموجود في البشر؟‏ وبكلمات اخرى،‏ هل يمكن صنع الذكاء اصطناعيا؟‏

      حتى الآن لم يتمكن ايّ عالم او مهندس كومبيوتر من بلوغ هذا الهدف.‏ ورغم التكهُّن الذي جرى قبل الآن باكثر من ٣٠ سنة عن اجهزة الكومبيوتر التي تلعب الشطرنج فان بطل العالم لا يزال بشرا.‏ ورغم الادعاء بأن اجهزة الكومبيوتر ستتمكن من فهم المحادثات بالانكليزية او اللغات الطبيعية الاخرى فان ذلك يبقى في مستوى ابتدائي.‏ نعم،‏ لم يتعلم احد كيفية بناء صفة الشمولية في الكومبيوتر.‏

      خذوا اللغة على سبيل المثال.‏ فحتى في الكلام البسيط ترتبط آلاف الكلمات معا في ملايين المجموعات.‏ ولكي يفهم الكومبيوتر جملة ما يجب ان يكون قادرا على تفحص كل المجموعات الممكنة لكل كلمة في الجملة في وقت واحد،‏ ويجب ان يكون لديه عدد هائل من القواعد والتعريفات مخزونة في ذاكرته.‏ وهذا يتجاوز كثيرا ما تستطيع اجهزة كومبيوتر العصر الحاضر ان تفعله.‏ ومع ذلك،‏ فحتى الولد يستطيع تدبُّر كل ذلك،‏ اضافة الى ملاحظة الفوارق الدقيقة وراء الكلمات المحكية.‏ ويستطيع تمييز ما اذا كان يمكن الوثوق بالمتكلم او انه مراوغ،‏ ما اذا كانت عبارة ما ستؤخذ حرفيا او كنكتة.‏ والكومبيوتر ليس كفءا لهذه التحديات.‏

      والامر ذاته يمكن قوله عن نُظُم الخبراء ذات القدرة على «الرؤية،‏» كالروبوت الآلي المستعمل في تصنيع المركبات.‏ وأحد الانظمة المتقدمة ذو الرؤية الثلاثية الابعاد تلزمه ١٥ ثانية ليدرك شيئا ما.‏ أما العين والدماغ البشريان فيلزمهما جزء من عشرة آلاف من الثانية ليفعلا الامر عينه.‏ والعين البشرية تملك مقدرة متأصلة فيها على رؤية ما هو مهم والتخلُّص من الاشياء غير الضرورية.‏ أما الكومبيوتر فيغمره فيض التفاصيل التي «يراها.‏»‏

      وهكذا،‏ رغم تقدمات ووعود عظمة الصناعة في الـ‍ AI،‏ «يعتقد معظم العلماء ان اجهزة الكومبيوتر لن تحصل ابدا على النطاق الواسع للذكاء،‏ الباعث،‏ المهارات والابداع الذي تملكه الكائنات البشرية،‏» يقول كرومي.‏ وعلى نحو مشابه يصرِّح الكاتب في العلوم الشهير اسحق عظيموف:‏ «اشك في ان يُضاهي الكومبيوتر في وقت ما قوى الحدس والابداع للعقل البشري الرائع.‏»‏

      والعقبة الاساسية في انجاز ذكاء حقيقي اصطناعيا هي الواقع ان لا عالم او مهندس كومبيوتر يفهم كاملا كيف يعمل حقا العقل البشري.‏ ولا احد يعرف العلاقة المحدَّدة بين الدماغ والعقل او كيف يستعمل العقل المعلومات المخزونة في الدماغ لاتخاذ قرار او لحل مسألة.‏ «بما انني لا اعرف كيف افعل [امورا معيَّنة بعقلي] لا استطيع بوجه من الوجوه ان ابرمج جهاز كومبيوتر لانتاج ما افعله،‏» يعترف عظيموف.‏ وفي التعبير عن ذلك بطريقة اخرى،‏ اذا كان لا يعرف احد ما هو الذكاء حقا،‏ كيف يمكن تركيب ذلك في كومبيوتر؟‏

      اسياد كبار والسيد الكبير

      نحو اواخر القرن الـ‍ ١٨ واوائل القرن الـ‍ ١٩ اثارت آلة تلعب الشطرنج الحضور في كل مكان بهزم متحدّيها البشر،‏ بمن فيهم شخصيات متميزة مثل ماريا تيريزا،‏ ادڠار آلين پو،‏ وناپوليون بوناپرت.‏ وأخيرا فُضحت الآلة بوصفها تدجيلا.‏ لقد كان هنالك رجل في الداخل!‏

      وهنالك رجل داخل الآلات التي تلعب الشطرنج اليوم ايضا؛‏ وانما هو مخبَّأ على نحو افضل بكثير.‏ وهو ليس سوى المُبرمِج،‏ المسؤول عن الخزن الشاق في الكومبيوتر لكل قواعد لعب الشطرنج وكل التوجيهات حول كيفية استعمالها بحيث يستطيع الكومبيوتر ان يباري الاسياد الكبار كلهم وحده.‏

      ويصح الامر نفسه في كل نُظُم الخبراء الاخرى وكل الانجازات في حقل الـ‍ AI.‏ وينبغي ان يعود الفضل للعلماء والمهندسين الذين صمموها.‏

  • الذكاء الاصطناعي —‏ هل هو ذكاء؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٩ | شباط (‏فبراير)‏ ٨
    • ‏[الاطار في الصفحة ١٣]‏

      ‏«ولكنّ الواقع يبقى بأن الكومبيوتر والقدرات البشرية يبدوان مختلفين من حيث الاساس،‏ وبالنسبة الى المستقبل المنظور ليس من المرجح ان يبرز ايّ روبوت آلي مشبَّه بالبشر.‏» —‏ «اجهزة الكومبيوتر والمجتمع،‏» الصفحة ١٤.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٥]‏

      الولد والكومبيوتر كلاهما يفهمان اللغة بدرجات متفاوتة،‏ ولكنّ الولد يستطيع ان يكتشف النيات،‏ الجدارة بالثقة،‏ والعواطف البشرية

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة