-
‹سيُقام الاموات›برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تموز (يوليو)
-
-
لكنَّ يسوع قال لتلاميذه: «لا تخف ايها القطيع الصغير لأن اباكم قد سُرَّ ان يعطيكم الملكوت». (لوقا ١٢:٣٢) ان ملكوت اللّٰه هو سماوي. لذلك يعني هذا الوعد ان ‹قطيعا صغيرا› يجب ان يكونوا مع يسوع في السماء كمخلوقات روحانية. (يوحنا ١٤:٢، ٣؛ ١ بطرس ١:٣، ٤) فما امجد هذا الرجاء! وكشف يسوع ايضا للرسول يوحنا ان عدد هذا «القطيع الصغير» سيكون ٠٠٠,١٤٤ فقط. — رؤيا ١٤:١.
٤ ولكن كيف يدخل الـ ٠٠٠,١٤٤ المجد السماوي؟ لقد «انار يسوع الحياة وعدم الفساد بواسطة البشارة». فبواسطة دمه، كرَّس ‹طريقا حيًّا حديثا› الى السماء. (٢ تيموثاوس ١:١٠، عج؛ عبرانيين ١٠:١٩، ٢٠) فقد مات كما انبأ الكتاب المقدس. (اشعياء ٥٣:١٢) ثم كما اعلن الرسول بطرس لاحقا، «يسوع هذا اقامه اللّٰه». (اعمال ٢:٣٢) ولكنَّ يسوع لم يُقم شخصا بشريا. فسبق ان قال: «الخبز الذي انا اعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم». (يوحنا ٦:٥١) واستعادة جسده ستكون بمثابة إلغاء للذبيحة. لذلك ‹مات يسوع في الجسد ولكن أُحيي في الروح›. (١ بطرس ٣:١٨) وبذلك ‹كسب يسوع الخلاص الابدي لنا›، اي ‹للقطيع الصغير›. (عبرانيين ٩:١٢، الترجمة العربية الجديدة) وقدَّم للّٰه قيمة حياته البشرية الكاملة فدية عن الجنس البشري الخاطئ، وكان الـ ٠٠٠,١٤٤ اول المستفيدين.
٥ ايّ رجاء أُعطي لأتباع يسوع في القرن الاول؟
٥ لم يكن يسوع الوحيد الذي كان سيُقام الى الحياة السماوية. فقد قال بولس للرفقاء المسيحيين في رومية انهم مُسحوا بالروح القدس ليكونوا ابناء اللّٰه وورثة معاونين مع المسيح اذا ثبَّتوا مسحهم بالاحتمال حتى المنتهى. (رومية ٨:١٦، ١٧، عج) وأوضح بولس ايضا: «إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير ايضا بقيامته». — رومية ٦:٥.
الدفاع عن رجاء القيامة
٦ لماذا هوجم الايمان بالقيامة في كورنثوس، وماذا كان ردّ فعل الرسول بولس؟
٦ ان القيامة جزء من «العقيدة الابتدائية» للمسيحية. (عبرانيين ٦:١، عج، ٢) ومع ذلك، هوجمت هذه العقيدة في كورنثوس. فلأن البعض في الجماعة تأثروا كما يبدو بالفلسفة اليونانية، كانوا يقولون: «ليس قيامة اموات». (١ كورنثوس ١٥:١٢) وعندما بلغت هذه التقارير مسامع الرسول بولس، دافع عن رجاء القيامة، وخصوصا رجاء المسيحيين الممسوحين. فلنعالج كلمات بولس المسجلة في ١ كورنثوس الاصحاح ١٥. وسيكون من المساعد لكم ان تقرأوا الاصحاح بكامله، كما اوصت المقالة السابقة.
٧ (أ) اية قضية رئيسية ركَّز عليها بولس؟ (ب) مَن رأوا يسوع المُقام؟
٧ في اول عددين من ١ كورنثوس الاصحاح ١٥، يضع بولس محور مناقشته: «أعرِّفكم ايها الاخوة بالانجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه ايضا تخلُصون . . . إلا اذا كنتم قد آمنتم عبثا». فإذا لم يستطع الكورنثيون الثبات في الانجيل، يكونون قد قبلوا الحق عبثا. تابع بولس: «سلّمت اليكم في الاول ما قبلته انا ايضا ان المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة اخ اكثرهم باقٍ الى الآن ولكنَّ بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين. وآخِر الكل كأنه للسِّقط ظهر لي انا [«ظهر لي انا ايضا كأنه لمولود قبل اوانه»، عج]». — ١ كورنثوس ١٥:٣-٨.
٨، ٩ (أ) الى ايّ حد هو مهم الايمان بالقيامة؟ (ب) في اية مناسبة على الارجح ظهر يسوع «لأكثر من خمسمئة اخ»؟
٨ لم يكن الايمان بالقيامة اختياريا بالنسبة الى الذين قبلوا البشارة. فقد كان هنالك شهود عيان ليؤكدوا ان «المسيح مات من اجل خطايانا» وأنه أُقيم. وأحدهم كان صفا، او بطرس، الاسم الذي كان معروفا به اكثر. فبعد ان انكر بطرس يسوع ليلة خيانته واعتقاله، لا بد ان ظهور يسوع له عزاه كثيرا. وقد زار يسوع المُقام ايضا ‹الاثني عشر›، الرسل ككل، مما ساعدهم دون شك على التغلب على خوفهم وجعلهم شهودا يتصفون بالجرأة لقيامة يسوع. — يوحنا ٢٠:١٩-٢٣؛ اعمال ٢:٣٢.
٩ وظهر يسوع ايضا لفريق اكبر، «لأكثر من خمسمئة اخ». وربما تكون هذه هي المناسبة الموصوفة في متى ٢٨:١٦-٢٠، حين اوصى يسوع بالتلمذة، لأنه لم يكن له أتباع بهذا العدد الكبير إلا في الجليل. فما اعظم الشهادة التي كان بإمكان هؤلاء التلاميذ ان يقدموها! وكان البعض لا يزالون احياء في سنة ٥٥ بم، عندما كتب بولس رسالته الاولى هذه الى اهل كورنثوس. ولكن لاحظوا ان الذين ماتوا يُقال عنهم انهم «رقدوا». فلم يكونوا قد أُقيموا بعد لنيل مكافأتهم السماوية.
١٠ (أ) ايّ اثر كان لاجتماع يسوع الاخير مع تلاميذه؟ (ب) كيف ظهر يسوع لبولس «كأنه لمولود قبل اوانه»؟
١٠ والشاهد البارز الآخر لقيامة يسوع كان يعقوب، ابن يوسف ومريم ام يسوع. وكما يبدو، لم يكن يعقوب مؤمنا قبل القيامة. (يوحنا ٧:٥) ولكن بعد ان ظهر له يسوع، صار مؤمنا وربما لعب دورا في هداية اخوته الآخرين. (اعمال ١:١٣، ١٤) وفي اجتماع يسوع الاخير مع تلاميذه، عندما صعد الى السماء، فوَّض اليهم ان ‹يكونوا شهودا الى اقصى الارض›. (اعمال ١:٦-١١) وظهر لاحقا لشاول الطرسوسي، الذي كان مضطهدا للمسيحيين. (اعمال ٢٢:٦-٨) وقد ظهر يسوع لشاول «كأنه لمولود قبل اوانه». فكان كما لو ان شاول أُقيم الى الحياة الروحانية وكان بإمكانه رؤية الرب الممجَّد قبل قرون من قيامة الممسوحين. وقد اوقف ذلك شاول عن مقاومة الجماعة المسيحية وقتلهم وغيَّر حياته تغييرا جذريا. (اعمال ٩:٣-٩، ١٧-١٩) وصار شاول الرسول بولس، احد ابرز المدافعين عن الايمان المسيحي. — ١ كورنثوس ١٥:٩، ١٠.
الايمان بالقيامة ضروري
١١ كيف فضح بولس بطلان القول: «ليس قيامة اموات»؟
١١ بناء على ما تقدَّم، نرى ان قيامة يسوع كانت واقعا مشهودا لصحته. يقدِّم بولس هذه الحجة: «ولكن إن كان المسيح يُكرَز به انه قام من الاموات فكيف يقول قوم بينكم ان ليس قيامة اموات». (١ كورنثوس ١٥:١٢) ان هؤلاء الاشخاص لم تكن لديهم شكوك او تساؤلات عن القيامة فحسب بل كانوا ايضا يعبِّرون علنا عن عدم ايمانهم بها. لذلك يفضح بولس بطلان تفكيرهم. فيقول انه اذا لم يكن المسيح قد قام، تكون الرسالة المسيحية كذبة، ويكون الذين يشهدون لقيامة المسيح «شهود زور للّٰه». وإن لم يكن المسيح قد قام، فلم تُدفع اية فدية للّٰه؛ ويكون المسيحيون ‹بعد في خطاياهم›. (١ كورنثوس ١٥: ١٣-١٩؛ رومية ٣:٢٣، ٢٤؛ عبرانيين ٩:١١-١٤) والمسيحيون الذين «رقدوا»، الذين استشهد البعض منهم، يكونون قد ماتوا دون رجاء حقيقي. وإذا كانت هذه الحياة هي كل ما كان يمكن ان يتوقعه المسيحيون، فسيكونون في حالة يرثى لها. وكل معاناتهم ستكون بلا جدوى.
١٢ (أ) إلامَ تشير دعوة المسيح «باكورة الراقدين»؟ (ب) كيف جعل المسيح القيامة ممكنة؟
١٢ ولكن لم تكن هذه هي الحال. يتابع بولس: «قد قام المسيح من الاموات». وهو ايضا «باكورة الراقدين». (١ كورنثوس ١٥:٢٠) عندما كان الاسرائيليون يقدِّمون ليهوه بطاعة باكورة غلتهم، كان يباركهم بحصاد وافر. (خروج ٢٢:٢٩، ٣٠؛ ٢٣:١٩؛ امثال ٣:٩، ١٠) وبدعوة المسيح «باكورة»، يشير بولس ان حصادا آخر من الاشخاص سيُقامون من الاموات الى الحياة السماوية. يقول: «اذ الموت بإنسان بإنسان ايضا قيامة الاموات. لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع». (١ كورنثوس ١٥:٢١، ٢٢) فقد جعل يسوع القيامة ممكنة ببذل حياته البشرية الكاملة فدية، مما فتح الطريق لإعتاق الجنس البشري من عبودية الخطية والموت. — غلاطية ١:٤؛ ١ بطرس ١:١٨، ١٩.a
١٣ (أ) متى تحدث القيامة السماوية؟ (ب) كيف يكون ان بعض الممسوحين لا ‹يرقدون›؟
١٣ يتابع بولس: «ولكنَّ كل واحد في رتبته. المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه [«حضوره»، عج]». (١ كورنثوس ١٥:٢٣) لقد أُقيم المسيح في سنة ٣٣ بم. ولكنَّ أتباعه الممسوحين — «الذين للمسيح» — كان عليهم ان ينتظروا الى ما بعد ابتداء يسوع حضوره الملكي الذي تظهر نبوة الكتاب المقدس انه حدث سنة ١٩١٤. (١ تسالونيكي ٤:١٤-١٦؛ رؤيا ١١:١٨) وماذا عن الذين يكونون احياء في اثناء حضوره؟ يقول بولس: «هوذا سر اقوله لكم. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الاخير. فإنه سيبوَّق فيُقام الاموات عديمي فساد ونحن نتغير». (١ كورنثوس ١٥:٥١، ٥٢) من الواضح ان الممسوحين لا يرقدون كلهم في القبر منتظرين القيامة. فالذين يموتون في اثناء حضور المسيح يتغيرون فورا. — رؤيا ١٤:١٣.
١٤ كيف ‹يعتمد الممسوحون بهدف الصيرورة امواتا›؟
١٤ يسأل بولس: «وإلا فالذين يعتمدون بهدف الصيرورة امواتا ماذا سيصنعون؟ إن كان الاموات لا يقامون ابدا، فلماذا يعتمدون ايضا بهدف الصيرورة هكذا؟ ولماذا نخاطر نحن ايضا كل ساعة؟». (١ كورنثوس ١٥:٢٩، ٣٠، عج) لم يقصد بولس ان الاحياء كانوا يعتمدون من اجل الاموات، كما تقول بعض ترجمات الكتاب المقدس. فالمعمودية تتعلق بالتلمذة، والانفس الميتة لا يمكن ان تكون تلاميذ. (يوحنا ٤:١) ولكنَّ بولس كان يتكلم عن كثيرين من المسيحيين الاحياء الذين، مثل بولس، كانوا ‹يخاطرون كل ساعة›. والمسيحيون الممسوحون ‹اعتمدوا في موت المسيح›. (رومية ٦:٣، عج) فمنذ مسحهم، يكون كما لو انهم ‹اعتمدوا› في مسلك يؤدي الى موت كموت المسيح. (مرقس ١٠:٣٥-٤٠، عج) وهم سيموتون على رجاء القيامة السماوية المجيدة. — ١ كورنثوس ٦:١٤؛ فيلبي ٣:١٠، ١١، عج.
١٥ اية اخطار ربما تعرض لها بولس، وكيف لعب الايمان بالقيامة دورا في احتمالها؟
١٥ يوضح بولس الآن انه هو ايضا واجه خطرا حتى تمكن من القول: «اواجه الموت كل يوم». ولئلا يتَّهمه البعض بالمبالغة يضيف: «أُؤكد هذا بما لي من ابتهاج بكم، ايها الاخوة، في المسيح يسوع ربنا». وتنقل الترجمة اليسوعية هذا العدد: «ايها الاخوة اقسم بالفخر الذي لي بكم في المسيح يسوع ربنا اني اموت كل يوم». وكمثال للمخاطر التي واجهها، يتحدث بولس في العدد ٣٢ عن ‹محاربة وحوش في افسس›. فغالبا ما كان الرومان يعدمون المجرمين برميهم للوحوش في ميادين المصارعات. وإذا كان بولس قد حارب وحوشا حرفية، فلم يكن لينجو لولا مساعدة يهوه. ولولا رجاء القيامة، يكون من التهور اختيار مسلك حياة يعرضه لهذا الخطر. ولولا رجاء الحياة المقبلة، لا يكون هنالك ايّ معنى لاحتمال المشقات والتضحيات التي ترافق خدمة اللّٰه. يقول بولس: «إن كان الاموات لا يقومون فلنأكل ونشرب لأننا غدا نموت». — ١ كورنثوس ١٥:٣١، عج، ٣٢؛ انظروا ٢ كورنثوس ١:٨، عج، ٩؛ ١١:٢٣-٢٧ .
١٦ (أ) من اين ربما نشأت عبارة «لنأكل ونشرب لأننا غدا نموت»؟ (ب) ماذا كانت مخاطر تبني هذا الموقف؟
١٦ ربما اقتبس بولس من اشعياء ٢٢:١٣، التي تصف موقف سكان اورشليم العصاة المؤسس على مذهب الجبرية. او ربما كان يفكر في عقائد الابيكوريين، الذين كانوا يزدرون بأيّ رجاء بحياة بعد الموت ويؤمنون بأن المتعة الجسدية هي افضل ما في الحياة. وفي الحالتين كلتيهما، لم تكن فلسفة «لنأكل ونشرب» تقوية. لذلك يحذر بولس: «لا تضلوا. فإن المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة». (١ كورنثوس ١٥:٣٣) فمعاشرة الذين يرفضون القيامة كان يمكن ان تكون مؤذية. وربما تكون هذه المعاشرة قد لعبت دورا في المشاكل التي اضطر بولس ان يعالجها في جماعة كورنثوس، مثل الفساد الادبي الجنسي، الانقسامات، الدعاوى، وعدم الاحترام لعشاء الرب. — ١ كورنثوس ١:١١؛ ٥:١؛ ٦:١؛ ١١:٢٠-٢٢.
١٧ (أ) ايّ حضّ قدَّمه بولس للكورنثيين؟ (ب) اية اسئلة تبقى للاجابة عنها؟
١٧ لذلك يقدِّم بولس للكورنثيين هذا الحض الايجابي: «اصحوا للبر ولا تخطئوا لأن قوما ليست لهم معرفة باللّٰه. اقول ذلك لتخجيلكم». (١ كورنثوس ١٥:٣٤) ان النظرة السلبية الى القيامة قادت البعض الى الخدر الروحي، كما لو كانوا سكارى. فكان يلزم ان يصحوا. والمسيحيون الممسوحون اليوم يلزم ايضا ان يكونوا صاحين روحيا، غير متأثرين بآراء العالم التي تعبِّر عن الشك. فيجب ان يلتصقوا برجائهم بالقيامة السماوية. ولكن كانت لا تزال هنالك اسئلة ينبغي للكورنثيين ان يعرفوا الاجابة عنها كما ينبغي لنا ايضا. مثلا، بأيّ شكل يُقام الـ ٠٠٠، ١٤٤ الى السماء؟ وماذا عن الملايين الآخرين الذين لا يزالون في القبر والذين لا يملكون رجاء سماويا؟ وماذا ستعني القيامة لهم؟ سنعالج في مقالتنا التالية ما تبقى من مناقشة بولس عن القيامة.
-
-
‹الموت سيُبطل›برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ تموز (يوليو)
-
-
‹الموت سيُبطل›
«آخِر عدو يُبطل هو الموت». — ١ كورنثوس ١٥:٢٦.
١، ٢ (أ) ايّ رجاء قدَّمه بولس للاموات؟ (ب) ايّ سؤال عن القيامة عالجه بولس؟
«نؤمن بـ . . . قيامة الموتى. والحياة في الدهر الآتي». هذا ما يقوله دستور الايمان المنسوب الى الرسل. فالكاثوليك والپروتستانت الطائعون يتلونه، غير مدركين ان معتقداتهم اقرب الى الفلسفة اليونانية منها الى معتقدات الرسل. ولكنَّ الرسول بولس رفض الفلسفة اليونانية ولم يؤمن بخلود النفس. ومع ذلك، كان يؤمن ايمانا راسخا بحياة مقبلة وكتب بالوحي: «آخِر عدو يُبطل هو الموت». (١ كورنثوس ١٥:٢٦) فماذا يعني ذلك للجنس البشري المائت؟
٢ للاجابة عن هذا السؤال، لنعد الى مناقشة بولس عن القيامة المسجلة في ١ كورنثوس الاصحاح ١٥. لا شك انكم تتذكرون انه في الاعداد الافتتاحية، بيَّن بولس ان القيامة جزء حيوي من العقيدة المسيحية. والآن يعالج سؤالا محددا: «لكن يقول قائل كيف يُقام الاموات وبأيّ جسم يأتون». — ١ كورنثوس ١٥:٣٥.
بأي جسم؟
٣ لماذا رفض البعض القيامة؟
٣ عندما طرح بولس هذا السؤال، كان في نيته ان يُبطل تأثير فلسفة افلاطون. فقد علَّم افلاطون ان للانسان نفسا خالدة تبقى حية بعد موت الجسد. ولا شك انه في نظر الذين نشأوا على هذه الفكرة كان تعليم المسيحيين بلا لزوم. فما الهدف من القيامة اذا كانت النفس تبقى حية بعد الموت؟ هذا بالاضافة الى ان القيامة كانت تبدو لهم على الارجح غير منطقية. فكيف تكون هنالك قيامة بعد انحلال الجسد الى تراب؟ يقول المعلِّق على الكتاب المقدس هاينريخ ماير ان عداوة بعض الكورنثيين ربما كانت مرتكزة «على الفلسفة القائلة انه من المستحيل إعادة المادة التي تؤلف الجسد».
٤، ٥ (أ) لماذا لم تكن اعتراضات غير الامناء منطقية؟ (ب) اوضحوا مثل بولس عن ‹الحبة المجرَّدة›. (ج) بأية اجسام يقيم اللّٰه الممسوحين؟
٤ يشهِّر بولس حماقة منطقهم: «يا غبي. الذي تزرعه لا يُحيا إن لم يمت. والذي تزرعه لستَ تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة ربما من حنطة او احد البواقي. ولكنَّ اللّٰه يعطيها جسما كما اراد ولكل واحد من البزور جسمه». (١ كورنثوس ١٥:٣٦-٣٨) فاللّٰه لن يقيم الاجساد التي كانت للاشخاص وهم على الارض بل سيكون هنالك تحول.
٥ يشبِّه بولس القيامة ببزرة تنبت. فبزرة الحنطة الصغيرة لا تشبه البتة النبتة التي تتحول اليها. تقول دائرة معارف الكتاب العالمي (بالانكليزية): «عندما تبدأ البزرة تنبت، تمتص كميات كبيرة من الماء. وينتج الماء تغييرات كيميائية عديدة داخل البزرة. ويجعل ايضا انسجة البزرة الداخلية تنتفخ وتمزق قشرة البزرة». فالبزرة تموت كبزرة وتصير نبتة ظاهرة للعيان. و«اللّٰه يعطيها جسما» لأنه هو الذي وضع القوانين العلمية التي تضبط نموها، وكل بزرة تنال جسما حسب جنسها. (تكوين ١:١١) وهذا ما يحدث ايضا للمسيحيين الممسوحين. فهم يموتون كبشر، ثم في وقت اللّٰه المعيَّن، يعيدهم الى الحياة بأجسام جديدة كليًّا. فكما قال بولس لأهل فيلبي: «يسوع المسيح . . . سيحوِّل جسدنا الوضيع الى صورة مطابقة لجسده المجيد». (فيلبي ٣: ٢٠، ٢١، ترجمة تفسيرية؛ ٢ كورنثوس ٥:١، ٢) فسيُقامون بأجسام روحانية ويعيشون في الحيز الروحي. — ١ يوحنا ٣:٢.
٦ لماذا من المنطقي الاعتقاد انه يمكن للّٰه تزويد اجسام روحانية ملائمة للمقامين؟
٦ هل هذا اصعب من ان يصدَّق؟ كلا. يعطي بولس الحجة ان للحيوانات اجساما مختلفة عديدة. ويقارن ايضا بين الملائكة السماويين والبشر المصنوعين من لحم ودم، قائلا ان هنالك ‹اجساما سماوية وأجساما ارضية›. وهنالك ايضا تنوع كبير في الخليقة الجامدة. قال بولس قبل وقت طويل من اكتشاف العلم للاجسام السماوية مثل النجوم الزرقاء، العمالقة الحمر، والاقزام البيض: «لأن نجما يمتاز عن نجم في المجد». نظرا الى ذلك، أليس من المنطقي انه يمكن للّٰه تزويد اجسام روحانية ملائمة للممسوحين المقامين؟ — ١ كورنثوس ١٥:٣٩-٤١.
٧ ما معنى عدم الفساد؟ الخلود؟
٧ ثم يقول بولس: «هكذا ايضا قيامة الاموات. يُزرع في فساد ويُقام في عدم فساد». (١ كورنثوس ١٥:٤٢) ان الجسم البشري قابل للفساد، حتى ولو كان في حالة الكمال. فيمكن ان يُقتل. مثلا، قال بولس ان يسوع المُقام «غير عتيد ان يعود ايضا الى فساد». (اعمال ١٣:٣٤) فهو لن يعود الى الحياة في جسم بشري قابل للفساد، رغم انه في حالة الكمال. والاجسام التي يعطيها اللّٰه للممسوحين المقامين عديمة الفساد — اي انها غير قابلة للموت او الانحلال. يتابع بولس: «يُزرع في هوان ويقام في مجد. يُزرع في ضعف ويقام في قوة. يُزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا». (١ كورنثوس ١٥:٤٣، ٤٤) ويقول بولس ايضا: «هذا المائت يلبس عدم موت [«الخلود»، عج]». والخلود يعني حياة بلا نهاية وغير قابلة للزوال. (١ كورنثوس ١٥:٥٣؛ عبرانيين ٧:١٦) بهذه الطريقة، سيلبس المقامون «صورة السماوي»، يسوع، الذي جعل قيامتهم ممكنة. — ١ كورنثوس ١٥:٤٥-٤٩.
٨ (أ) كيف نعرف ان المقامين هم الاشخاص نفسهم الذين كانوا احياء على الارض؟ (ب) اية نبوات تتم عندما تحدث القيامة؟
٨ ورغم هذا التحول، يظل المقامون الاشخاص نفسهم الذين ماتوا. فسيملكون الذكريات نفسها والصفات المسيحية الرفيعة نفسها. (ملاخي ٣:٣؛ رؤيا ٢١:١٠، ١٨) ومن هذه الناحية، يشبهون يسوع المسيح. فقد تغير من شخص روحاني الى شخص بشري. ثم مات وأُقيم كشخص روحاني. ومع ذلك، «يسوع المسيح هو هو امسا واليوم وإلى الابد». (عبرانيين ١٣:٨) فما امجد الامتياز الرائع الذي يملكه الممسوحون! يقول بولس: «ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتُلع الموت الى غلبة. اين شوكتك يا موت. اين غلبَتكِ يا هاوية». — ١ كورنثوس ١٥:٥٤، ٥٥؛ اشعياء ٢٥:٨؛ هوشع ١٣:١٤.
-