-
اصغ الى صوت ضميركبرج المراقبة ٢٠٠٧ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
أَصْغِ إِلَى صَوْتِ ضَمِيرِكَ
‹اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةُ [ٱللّٰهِ] يَفْعَلُونَ بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ›. — روما ٢:١٤.
١، ٢ (أ) مَاذَا فَعَلَ ٱلْبَعْضُ بِسَبَبِ ٱهْتِمَامِهِمْ بِٱلْآخَرِينَ؟ (ب) أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ تُورِدُهَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ؟
بَيْنَمَا كَانَ شَابٌّ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ يَقِفُ عَلَى رَصِيفٍ فِي مَحَطَّةِ ٱلْقِطَارِ ٱلنَّفَقِيِّ، أُصِيبَ بِنَوْبَةِ صَرَعٍ وَوَقَعَ عَلَى ٱلسِّكَّةِ ٱلْحَدِيدِيَّةِ. وَعِنْدَمَا رَأَى أَحَدُ ٱلرِّجَالِ مَا حَدَثَ، تَرَكَ ٱبْنَتَيْهِ وَقَفَزَ إِلَيْهِ. ثُمَّ سَحَبَهُ إِلَى خَنْدَقٍ بَيْنَ قُضْبَانِ ٱلسِّكَّةِ ٱلْحَدِيدِيَّةِ وَتَمَدَّدَ فَوْقَهُ لِيَحْمِيَهُ مِنَ ٱلْقِطَارِ ٱلَّذِي كَانَ يُصْدِرُ صَوْتَ فَرْمَلَةٍ قَوِيًّا وَهُوَ يَتَوَقَّفُ فَوْقَهُمَا. رَغْمَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ قَدْ يَدْعُونَ هذَا ٱلرَّجُلَ بَطَلًا، لَاحِظْ مَا قَالَهُ: «لَا يَسَعُكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ. فَأَنَا لَمْ أَقُمْ بِهذَا ٱلْعَمَلِ حُبًّا بِٱلْمَجْدِ أَوِ ٱلتَّقْدِيرِ، بَلْ بِدَافِعِ ٱللُّطْفِ».
٢ رُبَّمَا تَعْرِفُ شَخْصًا عَرَّضَ حَيَاتَهُ لِلْخَطَرِ فِي سَبِيلِ مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ. مَثَلًا، جَازَفَ كَثِيرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فِي ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ بُغْيَةَ تَخْبِئَةِ أَشْخَاصٍ غُرَبَاءَ. وَتُورِدُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ أَيْضًا أَمْثِلَةً عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ. تَذَكَّرْ مَا حَدَثَ مَعَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ وَ ٢٧٥ شَخْصًا تَحَطَّمَتْ بِهِمِ ٱلسَّفِينَةُ فِي مَالِطَةَ، قُرْبَ صِقِلِّيَةَ. فَقَدْ أَتَى ٱلسُّكَّانُ ٱلْمَحَلِّيُّونَ لِمُسَاعَدَةِ هؤُلَاءِ ٱلْغُرَبَاءِ، مُظْهِرِينَ لَهُمْ «لُطْفًا إِنْسَانِيًّا غَيْرَ عَادِيٍّ». (اعمال ٢٧:٢٧–٢٨:٢) وَفَكِّرْ فِي ٱلْفَتَاةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيَّةِ ٱلَّتِي رُبَّمَا لَمْ تُعَرِّضْ حَيَاتَهَا لِلْخَطَرِ، لكِنَّهَا أَظْهَرَتِ ٱهْتِمَامًا حُبِّيًّا بِخَيْرِ أَحَدِ آسِرِيهَا ٱلْأَرَامِيِّينَ. (٢ ملوك ٥:١-٤) وَتَأَمَّلْ أَيْضًا فِي مَثَلِ يَسُوعَ ٱلشَّهِيرِ عَنِ ٱلسَّامِرِيِّ ٱلْمُحِبِّ لِلْقَرِيبِ. فَفِي حِينِ أَنَّ كَاهِنًا وَلَاوِيًّا تَجَاوَزَا عَنْ أَحَدِ رُفَقَائِهِمَا ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِي كَانَ مَتْرُوكًا بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ، فَإِنَّ سَامِرِيًّا بَذَلَ ٱلْجُهْدَ لِمُسَاعَدَتِهِ. وَعَلَى مَرِّ ٱلْقُرُونِ، مَسَّ هذَا ٱلْمَثَلُ قُلُوبَ ٱلنَّاسِ مِنْ مُخْتَلِفِ ٱلْحَضَارَاتِ. — لوقا ١٠:٢٩-٣٧.
٣، ٤ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ كَوْنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ أَمْرًا شَائِعًا وَبَيْنَ نَظَرِيَّةِ ٱلتَّطَوُّرِ؟
٣ نَحْنُ نَعِيشُ فِي «أَزْمِنَةٍ حَرِجَةٍ» وَسْطَ أَشْخَاصٍ «شَرِسِينَ» وَ «غَيْرِ مُحِبِّينَ لِلصَّلَاحِ». (٢ تيموثاوس ٣:١-٣) رَغْمَ ذلِكَ، أَلَمْ نَرَ أَشْخَاصًا يَقُومُونَ بِأَعْمَالِ خَيْرٍ؟ أَوَلَمْ نَسْتَفِدْ نَحْنُ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالٍ كَهذِهِ؟ فَٱلْمَيْلُ إِلَى مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ، حَتَّى لَوْ عَنَى ذلِكَ ٱلْمُجَازَفَةَ، هُوَ أَمْرٌ شَائِعٌ جِدًّا. وَقَدْ أُطْلِقَتْ عَلَيْهِ تَسْمِيَةُ «ٱلْإِنْسَانِيَّةِ».
٤ وَيُمْكِنُنَا أَنْ نَرَى هذَا ٱلِٱسْتِعْدَادَ لِلْمُسَاعَدَةِ لَدَى كُلِّ ٱلْعُرُوقِ وَٱلْحَضَارَاتِ. وَهُوَ يَتَنَاقَضُ مَعَ ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ تَطَوَّرَ بِمُوجِبِ «بَقَاءِ ٱلْأَصْلَحِ»، أَيِ ٱلِٱعْتِقَادِ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ تَطَوَّرَ بِسَبَبِ تَغْيِيرَاتٍ طَفِيفَةٍ نَشَأَتْ عِنْدَ ٱلْكَائِنَاتِ ٱلْحَيَّةِ فِيمَا كَانَتْ تُنَافِسُ كَائِنَاتٍ أُخْرَى مِنْ جِنْسِهَا لِأَجْلِ ٱلْبَقَاءِ. قَالَ فْرَنْسِيسُ كُولِنْزُ، وَهُوَ عَالِمُ وِرَاثَةٍ عَمِلَ كَمَسْؤُولٍ عَنْ مَشْرُوعِ حُكُومَةِ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ لِفَكِّ رُمُوزِ ٱلْمَجِينِ ٱلْبَشَرِيِّ (ٱلدَّنَا): «اَلِٱهْتِمَامُ غَيْرُ ٱلْأَنَانِيِّ بِٱلْآخَرِينَ يَخْلُقُ تَحَدِّيًا كَبِيرًا لِمُؤَيِّدِ ٱلتَّطَوُّرِ. . . . لَا يُمْكِنُ نَسْبُهُ [هذَا ٱلنَّوْعِ مِنَ ٱلِٱهْتِمَامِ] إِلَى ٱلْحَافِزِ ٱلَّذِي يَدْفَعُ ٱلْمُوَرِّثَاتِ [ٱلْجِينَاتِ] ٱلْأَنَانِيَّةَ ٱلْإِفْرَادِيَّةَ إِلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِمْرَارِيَّتِهَا». وَقَالَ أَيْضًا: «يُضَحِّي ٱلْبَعْضُ لِمُسَاعَدَةِ أَشْخَاصٍ لَا يَنْتَمُونَ إِلَى مَجْمُوعَتِهِمْ وَلَا يَرْبِطُهُمْ بِهِمْ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ أَيُّ رَابِطٍ مُشْتَرَكٍ. . . . وَهذَا [ٱلنُّبْلُ] لَا يُمْكِنُ أَنْ تُفَسِّرَهُ نَظَرِيَّةُ دَارْوِينَ».
«صَوْتُ ٱلضَّمِيرِ»
٥ أَيُّ أَمْرٍ يُلَاحَظُ عُمُومًا لَدَى ٱلنَّاسِ؟
٥ يُشِيرُ ٱلدُّكْتُورُ كُولِنْزُ إِلَى أَحَدِ أَوْجُهِ صِفَةِ ٱلِٱهْتِمَامِ غَيْرِ ٱلْأَنَانِيِّ لَدَيْنَا حِينَ يَقُولُ: «صَوْتُ ٱلضَّمِيرِ يُنَادِينَا لِمُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ حَتَّى لَوْ لَمْ نَنَلْ شَيْئًا بِٱلْمُقَابِلِ».a وَقَدْ يُذَكِّرُنَا ٱسْتِعْمَالُهُ لِكَلِمَةِ «ٱلضَّمِيرِ» بِٱلْوَاقِعِ ٱلَّذِي ذَكَرَهُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ عِنْدَمَا قَالَ: «اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةٌ، مَتَى فَعَلُوا بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ، يَكُونُونَ شَرِيعَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَإِنْ كَانُوا بِلَا شَرِيعَةٍ. فَهُمُ ٱلَّذِينَ يُظْهِرُونَ أَنَّ جَوْهَرَ ٱلشَّرِيعَةِ مَكْتُوبٌ فِي قُلُوبِهِمْ، وَضَمَائِرُهُمْ تَشْهَدُ مَعَهُمْ، وَإِذْ يُقَلِّبُونَ أَفْكَارَهُمْ، فَهِيَ تَتَّهِمُهُمْ أَوْ تَعْذِرُهُمْ». — روما ٢:١٤، ١٥.
٦ لِمَاذَا جَمِيعُ ٱلنَّاسِ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱلْخَالِقِ؟
٦ أَظْهَرَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى رُومَا أَنَّ ٱلْبَشَرَ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَصِفَاتِهِ ظَاهِرَةٌ فِي ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي تُرَى «مُنْذُ خَلْقِ ٱلْعَالَمِ». (روما ١:١٨-٢٠؛ مزمور ١٩:١-٤) فَصَحِيحٌ أَنَّ كَثِيرِينَ يَتَجَاهَلُونَ خَالِقَهُمْ وَيَعِيشُونَ حَيَاةً خَلِيعَةً، لكِنَّ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ هِيَ أَنْ يَعْتَرِفَ ٱلْبَشَرُ بِمَقَايِيسِهِ ٱلْبَارَّةِ وَيَتُوبُوا عَنْ مُمَارَسَاتِهِمِ ٱلشِّرِّيرَةِ. (روما ١:٢٢–٢:٦) وَقَدْ كَانَ لَدَى ٱلْيَهُودِ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِفِعْلِ ذلِكَ، إِذْ إِنَّ ٱللّٰهَ أَعْطَاهُمْ شَرِيعَتَهُ بِوَاسِطَةِ مُوسَى. وَلكِنْ حَتَّى ٱلشُّعُوبُ ٱلَّتِي لَمْ تَنَلْ «إِعْلَانَاتِ ٱللّٰهِ ٱلْمُقَدَّسَةَ» كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْتَرِفَ بِوُجُودِ ٱللّٰهِ. — روما ٢:٨-١٣؛ ٣:٢.
٧، ٨ إِلَى أَيِّ حَدٍّ هُوَ شَائِعٌ ٱلْإِحْسَاسُ بِٱلْعَدْلِ، وَعَلَامَ يَدُلُّ ذلِكَ؟
٧ وَأَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ ٱلْوَجِيهَةِ ٱلَّتِي تَدْفَعُ ٱلْجَمِيعَ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِٱللّٰهِ وَٱلْعَمَلِ بِمُوجِبِ ذلِكَ هُوَ إِحْسَاسُهُمُ ٱلدَّاخِلِيُّ بِٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ. فَحِسُّ ٱلْعَدْلِ لَدَيْنَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى ٱمْتِلَاكِنَا ٱلضَّمِيرَ. تَخَيَّلْ هذَا ٱلْمَشْهَدَ: فِيمَا يَنْتَظِرُ بَعْضُ ٱلْأَوْلَادِ ٱلصِّغَارِ دَوْرَهُمْ لِٱسْتِعْمَالِ أُرْجُوحَةٍ، يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ إِلَى ٱلْأَمَامِ مُتَجَاوِزًا ٱلْجَمِيعَ. وَهذَا مَا يَدْفَعُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ إِلَى ٱلْقَوْلِ: ‹هذَا لَيْسَ عَدْلًا!›. وَٱلْآنَ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹كَيْفَ يُمْكِنُ حَتَّى لِلْأَوْلَادِ أَنْ يُظْهِرُوا بِشَكْلٍ عَفْوِيٍّ أَنَّ لَدَيْهِمْ حِسًّا بِٱلْعَدْلِ؟›. إِنَّ رَدَّ فِعْلِهِمْ يَعْكِسُ حِسَّهُمُ ٱلْأَدَبِيَّ ٱلدَّاخِلِيَّ. كَتَبَ بُولُسُ: «اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةٌ، مَتَى فَعَلُوا بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ». فَهُوَ لَمْ يَقُلْ: «إِذَا»، كَمَا لَوْ أَنَّ ذلِكَ أَمْرٌ نَادِرًا مَا يَحْصُلُ. بَلْ قَالَ «مَتَى»، مَا يَدُلُّ أَنَّهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ تَكْرَارًا. فَٱلنَّاسُ ‹يَفْعَلُونَ بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ› بِمَعْنَى أَنَّ حِسَّهُمُ ٱلْأَدَبِيَّ ٱلدَّاخِلِيَّ يَدْفَعُهُمْ إِلَى ٱلتَّصَرُّفِ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَا نَقْرَأُهُ فِي شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَكْتُوبَةِ.
٨ وَهذَا ٱلْحِسُّ ٱلْأَدَبِيُّ مَوْجُودٌ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ. فَقَدْ ذَكَرَ بْرُوفِسُّورٌ فِي جَامِعَةِ كَيْمْبْرِيدْجَ أَنَّ مَقَايِيسَ ٱلْبَابِلِيِّينَ، ٱلْمِصْرِيِّينَ، ٱلْيُونَانِيِّينَ، وَٱلسُّكَّانِ ٱلْأَصْلِيِّينَ فِي أُوسْتْرَاليَا وَأَمِيرْكَا تَضَمَّنَتْ «شَجْبَ ٱلظُّلْمِ، ٱلْقَتْلِ، ٱلْغَدْرِ وَٱلْكَذِبِ، وَٱلْمَطَالِبَ نَفْسَهَا بِشَأْنِ إِظْهَارِ ٱللُّطْفِ لِلْمُسِنِّينَ وَٱلصِّغَارِ وَٱلضُّعَفَاءِ». كَمَا كَتَبَ ٱلدُّكْتُورُ كُولِنْزُ: «يَبْدُو أَنَّ مَفْهُومَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ هُوَ مَفْهُومٌ مُوَحَّدٌ بَيْنَ كُلِّ ٱلْبَشَرِ». أَفَلَا يُذَكِّرُكَ ذلِكَ بِرُومَا ٢:١٤؟
كَيْفَ يَعْمَلُ ضَمِيرُكَ؟
٩ مَا هُوَ ٱلضَّمِيرُ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَكَ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ؟
٩ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ ضَمِيرَكَ هُوَ قُدْرَةٌ دَاخِلِيَّةٌ لَدَيْكَ عَلَى ٱلنَّظَرِ إِلَى تَصَرُّفَاتِكَ وَتَقْيِيمِهَا. إِنَّهُ صَوْتٌ دَاخِلِيٌّ يُخْبِرُكَ مَا إِذَا كَانَ مَسْلَكٌ مُعَيَّنٌ صَائِبًا أَمْ لَا. وَقَدْ تَحَدَّثَ بُولُسُ عَنْ هذَا ٱلصَّوْتِ دَاخِلَهُ حِينَ قَالَ: «ضَمِيرِي يَشْهَدُ مَعِي فِي رُوحٍ قُدُسٍ». (روما ٩:١) وَقَدْ تَسْمَعُ هذَا ٱلصَّوْتَ مُسْبَقًا وَأَنْتَ تُفَكِّرُ فِي ٱتِّخَاذِ قَرَارٍ يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلَ أَدَبِيَّةٍ. فَضَمِيرُكَ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَكَ عَلَى تَقْيِيمِ تَصَرُّفٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ وَيَدُلَّكَ مُسْبَقًا كَيْفَ سَتَشْعُرُ إِذَا قُمْتَ بِهِ.
١٠ مَتَى غَالِبًا مَا يَتَحَرَّكُ ٱلضَّمِيرُ؟
١٠ لكِنْ مِنَ ٱلشَّائِعِ أَكْثَرَ أَنْ يَتَحَرَّكَ ضَمِيرُكَ بَعْدَ أَنْ تَفْعَلَ أَمْرًا مَا. فَعِنْدَمَا كَانَ دَاوُدُ هَارِبًا مِنَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ، أُتِيحَتْ لَهُ ٱلْفُرْصَةُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَكْلٍ لَا يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِرَامِ لِمَلِكِ ٱللّٰهِ ٱلْمَمْسُوحِ. وَلكِنْ بَعْدَ أَنْ قَامَ بِهذَا ٱلتَّصَرُّفِ، ‹ضَرَبَهُ قَلْبُهُ›. (١ صموئيل ٢٤:١-٥؛ مزمور ٣٢:٣، ٥) صَحِيحٌ أَنَّ كَلِمَةَ «ضَمِيرٌ» لَا تُسْتَعْمَلُ بِٱلتَّحْدِيدِ فِي هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ، لكِنَّ ٱلْعِبَارَةَ ٱلْآنِفَةَ ٱلذِّكْرِ تُظْهِرُ أَنَّ مَا شَعَرَ بِهِ دَاوُدُ هُوَ وَخْزُ ٱلضَّمِيرِ. وَعَلَى غِرَارِ دَاوُدَ، لَا شَكَّ أَنَّنَا جَمِيعًا شَعَرْنَا بِوَخْزِ ٱلضَّمِيرِ. فَلَرُبَّمَا قُمْنَا بِعَمَلٍ مَا، ثُمَّ ٱنْزَعَجْنَا وَٱضْطَرَبْنَا بِشَأْنِ مَا فَعَلْنَاهُ. مَثَلًا، عَانَى بَعْضُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَدْفَعُوا ٱلضَّرَائِبَ مِنْ عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ كَثِيرًا بِحَيْثُ أَنَّهُمْ سَدَّدُوهَا لَاحِقًا. كَمَا ٱنْدَفَعَ آخَرُونَ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ لِرَفِيقِ زَوَاجِهِمْ بِأَنَّهُمُ ٱرْتَكَبُوا خَطِيَّةَ ٱلزِّنَى. (عبرانيين ١٣:٤) بِٱلْمُقَابِلِ، فَإِنَّ ٱلْمَرْءَ يَشْعُرُ بِٱلِٱكْتِفَاءِ وَٱلسَّلَامِ عِنْدَمَا يَقُومُ بِمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ ضَمِيرُهُ.
١١ لِمَاذَا قَدْ يَكُونُ أَمْرًا خَطِرًا أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى ضَمِيرِنَا فَقَطْ؟ أَوْضِحُوا.
١١ وَلكِنْ هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى ضَمِيرِنَا فَقَطْ؟ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى ضَمِيرِنَا هُوَ أَمْرٌ جَيِّدٌ، لكِنَّ صَوْتَهُ قَدْ يُضِلُّنَا أَحْيَانًا. نَعَمْ، إِنَّ صَوْتَ «إِنْسَانِنَا ٱلدَّاخِلِيِّ» يُمْكِنُ أَنْ يَخْدَعَنَا. (٢ كورنثوس ٤:١٦) تَأَمَّلْ فِي ٱلْمِثَالِ ٱلتَّالِي. يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ، أَحَدَ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ، كَانَ تَقِيًّا وَ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً». لكِنَّ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ أَلْقَوْهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ حَتَّى ٱلْمَوْتِ. وَكَانَ شَاوُلُ (ٱلَّذِي صَارَ لَاحِقًا ٱلرَّسُولَ بُولُسَ) وَاقِفًا بِٱلْقُرْبِ مِنْهُمْ وَ «رَاضِيًا بِقَتْلِهِ». وَيَبْدُو أَنَّ هؤُلَاءِ ٱلْيَهُودَ كَانُوا مُقْتَنِعِينَ تَمَامًا أَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ صَائِبٌ حَتَّى إِنَّ ضَمِيرَهُمْ لَمْ يُعَذِّبْهُمْ. وَلَا بُدَّ أَنَّ هذَا مَا شَعَرَ بِهِ شَاوُلُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ بَعْدَ هذِهِ ٱلْحَادِثَةِ «كَانَ لَا يَزَالُ يَنْفُثُ تَهْدِيدًا وَقَتْلًا عَلَى تَلَامِيذِ ٱلرَّبِّ». فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ صَوْتَ ضَمِيرِهِ لَمْ يُرْشِدْهُ إِلَى ٱلصَّوَابِ. — اعمال ٦:٨؛ ٧:٥٧–٨:١؛ ٩:١.
١٢ مَا هُوَ أَحَدُ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي ضَمِيرِنَا؟
١٢ وَمَاذَا رُبَّمَا أَثَّرَ فِي ضَمِيرِ شَاوُلَ؟ قَدْ يَكُونُ أَحَدُ ٱلتَّأْثِيرَاتِ مُعَاشَرَتَهُ ٱللَّصِيقَةَ لِلْآخَرِينَ. لِإِيضَاحِ ٱلنُّقْطَةِ، إِلَيْكَ هذَا ٱلْمَثَلَ. كَثِيرُونَ مِنَّا تَكَلَّمُوا عَبْرَ ٱلْهَاتِفِ مَعَ رَجُلٍ بَدَا أَنَّ صَوْتَهُ يُشْبِهُ صَوْتَ أَبِيهِ كَثِيرًا. رُبَّمَا تَكُونُ نَبْرَةُ صَوْتِ ٱلِٱبْنِ مَوْرُوثَةً إِلَى حَدٍّ مَا، لكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَيْضًا مُتَأَثِّرًا بِأُسْلُوبِ أَبِيهِ فِي ٱلْحَدِيثِ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، رُبَّمَا يَكُونُ شَاوُلُ قَدْ تَأَثَّرَ بِمُعَاشَرَتِهِ ٱللَّصِيقَةِ لِلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ أَبْغَضُوا يَسُوعَ وَقَاوَمُوا تَعَالِيمَهُ. (يوحنا ١١:٤٧-٥٠؛ ١٨:١٤؛ اعمال ٥:٢٧، ٢٨، ٣٣) نَعَمْ، رُبَّمَا أَثَّرَ عُشَرَاءُ شَاوُلَ فِي صَوْتِ ضَمِيرِهِ.
١٣ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ بِيئَةُ ٱلْمَرْءِ فِي ضَمِيرِهِ؟
١٣ قَدْ يَتَأَثَّرُ ٱلضَّمِيرُ أَيْضًا بِٱلْحَضَارَةِ أَوِ ٱلْبِيئَةِ، تَمَامًا كَمَا تَتَأَثَّرُ لَهْجَةُ ٱلشَّخْصِ بِبِيئَتِهِ. (متى ٢٦:٧٣) وَهذَا مَا حَصَلَ مَعَ ٱلْأَشُّورِيِّينَ ٱلْقُدَمَاءِ. فَقَدْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِرُوحِهِمِ ٱلْحَرْبِيَّةِ ٱلْعَنِيفَةِ، وَنُقُوشُهُمْ تُصَوِّرُهُمْ وَهُمْ يُعَذِّبُونَ أَسْرَاهُمْ. (ناحوم ٢:١١، ١٢؛ ٣:١) وَيُوصَفُ أَهْلُ نِينَوَى فِي أَيَّامِ يُونَانَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ «يَمِينَهُمْ مِنْ يَسَارِهِمْ». وَهذَا يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمْ مِقْيَاسٌ صَحِيحٌ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا هُوَ صَائِبٌ وَغَيْرُ صَائِبٍ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ ٱللّٰهِ. فَتَخَيَّلْ كَمْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ هذِهِ ٱلْبِيئَةُ فِي ضَمِيرِ شَخْصٍ تَرَعْرَعَ فِي نِينَوَى! (يونان ٣:٤، ٥؛ ٤:١١) اَلْيَوْمَ أَيْضًا، يُمْكِنُ أَنْ يَتَأَثَّرَ ضَمِيرُ ٱلْمَرْءِ بِمَوْقِفِ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُ.
كَيْفَ تَجْعَلُ ضَمِيرَكَ يُطْلِقُ صَوْتًا أَقْوَى؟
١٤ كَيْفَ يُثْبِتُ ٱمْتِلَاكُنَا ٱلضَّمِيرَ صِحَّةَ مَا تَقُولُهُ ٱلتَّكْوِينُ ١:٢٧؟
١٤ وَهَبَ يَهْوَه آدَمَ وَحَوَّاءَ عَطِيَّةَ ٱلضَّمِيرِ، وَنَحْنُ وَرِثْنَا مَلَكَةَ ٱلضَّمِيرِ هذِهِ عَنْهُمَا. فَٱلتَّكْوِينُ ١:٢٧ تُخْبِرُنَا أَنَّ ٱلْبَشَرَ صُنِعُوا عَلَى صُورَةِ ٱللّٰهِ. وَهذَا لَا يَعْنِي أَنَّنَا نُشْبِهُهُ فِي شَكْلِنَا ٱلْخَارِجِيِّ، لِأَنَّهُ رُوحٌ وَنَحْنُ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ. فَنَحْنُ مَصْنُوعُونَ عَلَى صُورَةِ ٱللّٰهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَضَعَ فِينَا صِفَاتِهِ، بِمَا فِيهَا ٱلْحِسُّ ٱلْأَدَبِيُّ، أَيِ ٱلضَّمِيرُ. وَهذَا ٱلْوَاقِعُ يَدُلُّنَا عَلَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُنَا عَلَى جَعْلِ ضَمِيرِنَا يُطْلِقُ صَوْتًا أَقْوَى، مَا يُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْوُثُوقِ بِهِ أَكْثَرَ. وَهذِهِ ٱلطَّرِيقَةُ هِيَ ٱلتَّعَرُّفُ بِٱلْخَالِقِ وَٱلِٱقْتِرَابُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ.
١٥ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ يُمْكِنُنَا ٱلِٱسْتِفَادَةُ مِنَ ٱلتَّعَرُّفِ بِأَبِينَا؟
١٥ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ يَهْوَه هُوَ أَبُونَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ مَنَحَنَا ٱلْحَيَاةَ. (اشعيا ٦٤:٨) لِذلِكَ بِإِمْكَانِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَنَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ رَجَاؤُهُمْ سَمَاوِيًّا أَوْ أَرْضِيًّا، أَنْ يَدْعُوهُ أَبَاهُمْ. (متى ٦:٩) وَيَنْبَغِي أَنْ نَرْغَبَ فِي ٱلِٱقْتِرَابِ أَكْثَرَ إِلَى أَبِينَا وَبِٱلتَّالِي تَعَلُّمِ آرَائِهِ وَمَقَايِيسِهِ. (يعقوب ٤:٨) غَيْرَ أَنَّ كَثِيرِينَ لَا يَهْتَمُّونَ بِذلِكَ. فَهُمْ مِثْلُ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُمْ هَيْئَتَهُ. وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ بَاقِيَةً فِيكُمْ». (يوحنا ٥:٣٧، ٣٨) صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَسْمَعُ صَوْتَ ٱللّٰهِ فِعْلِيًّا، لكِنْ يُمْكِنُنَا مَعْرِفَةُ أَفْكَارِهِ مِنْ خِلَالِ قِرَاءَةِ كَلِمَتِهِ. وَهكَذَا، نَصِيرُ عَلَى شَبَهِهِ وَتَصِيرُ مَشَاعِرُنَا كَمَشَاعِرِهِ.
١٦ أَيُّ أَمْرٍ تُوضِحُهُ رِوَايَةُ يُوسُفَ عَنْ تَدْرِيبِ ضَمِيرِنَا وَٱلْعَمَلِ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْنَا؟
١٦ وَرِوَايَةُ يُوسُفَ هِيَ خَيْرُ دَلِيلٍ عَلَى ذلِكَ. فَعِنْدَمَا كَانَ فِي بَيْتِ فُوطِيفَارَ، كَانَتْ زَوْجَةُ فُوطِيفَارَ تُحَاوِلُ إِغْرَاءَهُ. وَرَغْمَ أَنَّهُ عَاشَ فِي زَمَنٍ حِينَ لَمْ يَكُنْ قَدْ كُتِبَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ وَلَا أُعْطِيَتِ ٱلْوَصَايَا ٱلْعَشْرُ بَعْدُ، قَالَ لَهَا: «كَيْفَ أَرْتَكِبُ هٰذَا ٱلشَّرَّ ٱلْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى ٱللّٰهِ؟». (تكوين ٣٩:٩) وَيُوسُفُ لَمْ يَقُلْ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِإِرْضَاءِ عَائِلَتِهِ، إِذْ إِنَّهُ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُمْ. فَمَوْقِفُهُ هذَا كَانَ نَابِعًا مِنْ رَغْبَتِهِ فِي إِرْضَاءِ ٱللّٰهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مِقْيَاسَ ٱللّٰهِ لِلزَّوَاجِ: رَجُلٌ وَاحِدٌ لِٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ ٱلِٱثْنَانِ «جَسَدًا وَاحِدًا». وَلَا بُدَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَنْ رَدِّ فِعْلِ أَبِيمَالِكَ عِنْدَمَا عَلِمَ أَنَّ رِفْقَةَ مُتَزَوِّجَةٌ. فَأَبِيمَالِكُ ٱعْتَبَرَ أَنَّ أَخْذَهَا هُوَ أَمْرٌ خَاطِئٌ يَجْلُبُ ٱلذَّنْبَ عَلَى شَعْبِهِ. وَقَدْ كَانَ يَهْوَه رَاضِيًا عَنِ ٱلنَّتِيجَةِ، مِمَّا أَظْهَرَ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلزِّنَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ يُوسُفَ لِذلِكَ زَادَتْ مِنْ حَسَاسِيَّةِ ضَمِيرِهِ ٱلْمَوْرُوثِ، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي دَفَعَهُ إِلَى رَفْضِ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ ٱلْجِنْسِيِّ. — تكوين ٢:٢٤؛ ١٢:١٧-١٩؛ ٢٠:١-١٨؛ ٢٦:٧-١٤.
١٧ لِمَاذَا نَحْنُ فِي وَضْعٍ أَفْضَلَ مِنْ وَضْعِ يُوسُفَ؟
١٧ بِٱلطَّبْعِ، نَحْنُ ٱلْآنَ فِي وَضْعٍ أَفْضَلَ مِنْ وَضْعِ يُوسُفَ. فَفِي حَوْزَتِنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِأَكْمَلِهِ لِنَتَعَلَّمَ عَنْ تَفْكِيرِ وَمَشَاعِرِ أَبِينَا، بِمَا فِي ذلِكَ مَا يَرْضَى عَنْهُ وَمَا يُحَرِّمُهُ. وَكُلَّمَا ٱطَّلَعْنَا عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، ٱقْتَرَبْنَا مِنَ ٱللّٰهِ وَصِرْنَا عَلَى شَبَهِهِ. وَهذَا مَا يَجْعَلُ صَوْتَ ضَمِيرِنَا أَكْثَرَ ٱنْسِجَامًا مَعَ تَفْكِيرِ أَبِينَا، وَبِٱلتَّالِي أَكْثَرَ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَشِيئَتِهِ. — افسس ٥:١-٥.
١٨ رَغْمَ ٱلتَّأْثِيرَاتِ ٱلْمَاضِيَةِ، مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ نَفْعَلَ لِنَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلْوُثُوقِ أَكْثَرَ بِضَمِيرِنَا؟
١٨ وَمَاذَا عَنْ تَأْثِيرِ ٱلْبِيئَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُ فِيهَا عَلَى ضَمِيرِنَا؟ لَرُبَّمَا تَأَثَّرْنَا بِطَرِيقَةِ تَفْكِيرِ وَتَصَرُّفِ أَقْرِبَائِنَا وَٱلْبِيئَةِ ٱلَّتِي تَرَعْرَعْنَا فِيهَا. لِذلِكَ رُبَّمَا كَانَ صَوْتُ ضَمِيرِنَا مَكْبُوتًا أَوْ مُشَوَّهًا. فَقَدْ كَانَتْ لَهْجَتُهُ كَلَهْجَةِ ٱلَّذِينَ حَوْلَنَا، إِذَا جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ. صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا تَغْيِيرُ مَاضِينَا، لكِنْ فِي مَقْدُورِنَا أَنْ نُصَمِّمَ عَلَى ٱخْتِيَارِ عُشَرَاءَ وَبِيئَةٍ لَهُمْ تَأْثِيرٌ إِيجَابِيٌّ فِي ضَمِيرِنَا. وَإِحْدَى ٱلْخَطَوَاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ هِيَ أَنْ نُعَاشِرَ بِٱسْتِمْرَارٍ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُخْلِصِينَ ٱلَّذِينَ يُحَاوِلُونَ ٱلتَّشَبُّهَ بِأَبِيهِمْ مُنْذُ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ. وَٱلِٱجْتِمَاعَاتُ ٱلْجَمَاعِيَّةُ، بِمَا فِي ذلِكَ مُعَاشَرَةُ ٱلْإِخْوَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، تُتِيحُ لَنَا فُرَصًا رَائِعَةً لِذلِكَ. وَيُمْكِنُنَا أَنْ نُلَاحِظَ طَرِيقَةَ تَفْكِيرِ وَتَصَرُّفِ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُؤَسَّسَةَ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، بِمَا فِي ذلِكَ ٱسْتِعْدَادُهُمْ لِلْإِصْغَاءِ لِصَوْتِ ضَمِيرِهِمِ ٱلْمُنْسَجِمِ مَعَ نَظْرَةِ ٱللّٰهِ وَطُرُقِهِ. وَعَلَى مَرِّ ٱلْوَقْتِ، سَيُسَاعِدُنَا ذلِكَ أَنْ نُكَيِّفَ ضَمِيرَنَا وَفْقَ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، مِمَّا يَجْعَلُنَا أَقْرَبَ إِلَى صُورَةِ ٱللّٰهِ. وَعِنْدَمَا نَجْعَلُ صَوْتَ ضَمِيرِنَا مُنْسَجِمًا مَعَ مَبَادِئِ أَبِينَا وَنَدَعُ تَأْثِيرَ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْجَيِّدَ يَعْمَلُ فِينَا، نَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْوُثُوقِ أَكْثَرَ بِضَمِيرِنَا وَنُصْبِحُ أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ إِلَى صَوْتِهِ. — اشعيا ٣٠:٢١.
١٩ أَيَّةُ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِٱلضَّمِيرِ سَنُنَاقِشُهَا فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٩ إِلَّا أَنَّ ٱلْبَعْضَ يُجَاهِدُونَ يَوْمِيًّا لِلْعَمَلِ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِمْ ضَمِيرُهُمْ. لِذلِكَ سَنَسْتَعْرِضُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ بَعْضَ ٱلْحَالَاتِ ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْمَسِيحِيُّونَ. وَبِبَحْثِ هذِهِ ٱلْحَالَاتِ، يُمْكِنُ أَنْ نَرَى بِأَكْثَرِ وُضُوحٍ دَوْرَ ٱلضَّمِيرِ، لِمَاذَا هُنَالِكَ ٱخْتِلَافٌ فِي ٱلضَّمَائِرِ، وَكَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْمَلَ أَكْثَرَ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْنَا ضَمِيرُنَا. — عبرانيين ٦:١١، ١٢.
[الحاشية]
a عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، كَتَبَ أُووِينُ ڠِينْڠْرِيتْشُ، بْرُوفِسُّورُ ٱلْأَبْحَاثِ فِي عِلْمِ ٱلْفَلَكِ فِي جَامِعَةِ هَارْفِرْدَ: «يُثِيرُ ٱلِٱهْتِمَامُ بِٱلْآخَرِينَ سُؤَالًا لَيْسَ لَهُ . . . جَوَابٌ عِلْمِيٌّ مُسْتَوْحًى مِنْ مُرَاقَبَةِ عَالَمِ ٱلْحَيَوَانِ. وَلَرُبَّمَا يَكْمُنُ ٱلْجَوَابُ ٱلشَّافِي فِي مَجَالٍ آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِٱلصِّفَاتِ ٱلْإِنْسَانِيَّةِ ٱلَّتِي وَهَبَنَا إِيَّاهَا ٱللّٰهُ، بِمَا فِيهَا ٱلضَّمِيرُ».
-
-
العمل وفق ما يمليه عليك ضميركبرج المراقبة ٢٠٠٧ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
اَلْعَمَلُ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْكَ ضَمِيرُكَ
«كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ لِلطَّاهِرِينَ. وَأَمَّا لِلدَّنِسِينَ وَعَدِيمِي ٱلْإِيمَانِ فَلَا شَيْءَ طَاهِرٌ». — تيطس ١:١٥.
١ مَا عَلَاقَةُ بُولُسَ بِجَمَاعَاتِ كِرِيتَ؟
بَعْدَمَا أَنْهَى ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ثَلَاثَ رِحْلَاتٍ إِرْسَالِيَّةٍ، ٱعْتُقِلَ وَأُرْسِلَ إِلَى رُومَا حَيْثُ سُجِنَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ. وَبَعْدَ إِطْلَاقِ سَرَاحِهِ بِفَتْرَةٍ، ذَهَبَ لِزِيَارَةِ جَزِيرَةِ كِرِيتَ مَعَ تِيطُسَ ٱلَّذِي كَتَبَ لَهُ بُعَيْدَ ذلِكَ: «تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ، لِكَيْ تُقَوِّمَ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُخَالِفَةَ وَتُعَيِّنَ شُيُوخًا». (تيطس ١:٥) وَقَدْ شَمَلَ إِتْمَامُ تِيطُسَ لِهذَا ٱلتَّعْيِينِ ٱلتَّعَامُلَ مَعَ أَشْخَاصٍ ضَمَائِرُهُمْ طَاهِرَةٌ وَآخَرِينَ ضَمَائِرُهُمْ دَنِسَةٌ.
٢ أَيَّةُ مُشْكِلَةٍ وَجَبَ عَلَى تِيطُسَ أَنْ يَحُلَّهَا فِي جَزِيرَةِ كِرِيتَ؟
٢ وَبَعْدَمَا عَدَّدَ بُولُسُ لِتِيطُسَ مُؤَهَّلَاتِ شُيُوخِ ٱلْجَمَاعَةِ، أَشَارَ أَنَّ «كَثِيرِينَ . . . هُمْ مُتَمَرِّدُونَ، يَنْطِقُونَ بِٱلْبُطْلِ، وَيَخْدَعُونَ عُقُولَ ٱلنَّاسِ». وَهؤُلَاءِ كَانُوا «يَقْلِبُونَ بُيُوتًا بِجُمْلَتِهَا بِتَعْلِيمِ مَا لَا يَنْبَغِي». لِذلِكَ كَانَ عَلَى تِيطُسَ أَنْ ‹يُوَبِّخَهُمْ›. (تيطس ١:١٠-١٤؛ ١ تيموثاوس ٤:٧) وَقَدْ قَالَ بُولُسُ أَيْضًا إِنَّ عُقُولَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ «دَنِسَةٌ»، مُسْتَخْدِمًا كَلِمَةً تَعْنِي مُلَطّخًا، أَيْ كَثَوْبٍ مُلَطَّخٍ بِصِبَاغٍ. (تيطس ١:١٥) وَلَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ هؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ مِنْ خَلْفِيَّةٍ يَهُودِيَّةٍ، إِذْ إِنَّهُ قَالَ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ ‹مُتَمَسِّكُونَ بِٱلْخِتَانِ›. وَرَغْمَ أَنَّ ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْيَوْمَ لَا يَقْلِبُهَا رِجَالٌ لَدَيْهِمْ هذِهِ ٱلنَّظْرَةُ بِٱلتَّحْدِيدِ، فَبِإِمْكَانِنَا تَعَلُّمُ ٱلْكَثِيرِ عَنِ ٱلضَّمِيرِ مِنَ ٱلْمَشُورَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا بُولُسُ لِتِيطُسَ.
أَشْخَاصٌ ضَمِيرُهُمْ دَنِسٌ
٣ مَاذَا كَتَبَ بُولُسُ إِلَى تِيطُسَ عَنِ ٱلضَّمِيرِ؟
٣ لَاحِظْ فِي أَيِّ سِيَاقٍ ذَكَرَ بُولُسُ ٱلضَّمِيرَ. قَالَ: «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ لِلطَّاهِرِينَ. وَأَمَّا لِلدَّنِسِينَ وَعَدِيمِي ٱلْإِيمَانِ فَلَا شَيْءَ طَاهِرٌ، بَلْ عُقُولُهُمْ دَنِسَةٌ وَضَمَائِرُهُمْ أَيْضًا. يُعْلِنُونَ جَهْرًا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ، لٰكِنَّهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ يُنْكِرُونَهُ كُلِّيًّا». مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْبَعْضَ آنَذَاكَ لَزِمَ أَنْ يَقُومُوا بِتَغْيِيرَاتٍ «لِيَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي ٱلْإِيمَانِ». (تيطس ١:١٣، ١٥، ١٦) فَقَدْ كَانَتْ لَدَيْهِمْ مُشْكِلَةٌ فِي ٱلتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا هُوَ طَاهِرٌ وَمَا هُوَ نَجِسٌ، أَيْ أَنَّ مُشْكِلَتَهُمْ كَانَ لَهَا عَلَاقَةٌ بِضَمِيرِهِمْ.
٤، ٥ أَيَّةُ مُشْكِلَةٍ كَانَتْ لَدَى ٱلْبَعْضِ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ، وَكَيْفَ أَثَّرَ ذلِكَ فِيهِمْ؟
٤ قَبْلَ كِتَابَةِ بُولُسَ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، تَوَصَّلَتِ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ إِلَى ٱلْقَرَارِ أَنَّ ٱلْخِتَانَ لَمْ يَعُدْ مَطْلُوبًا لِيَصِيرَ ٱلشَّخْصُ عَابِدًا حَقِيقِيًّا، فَأَبْلَغُوا ٱلْجَمَاعَاتِ بِقَرَارِهِمْ هذَا. (اعمال ١٥:١، ٢، ١٩-٢٩) غَيْرَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ فِي كِرِيتَ كَانُوا لَا يَزَالُونَ «يَتَمَسَّكُونَ بِٱلْخِتَانِ». وَكَانُوا يُجَاهِرُونَ بِرَأْيِهِمِ ٱلْمُخَالِفِ لِقَرَارِ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ، ‹مُعَلِّمِينَ مَا لَا يَنْبَغِي›. (تيطس ١:١٠، ١١) وَبِطَرِيقَةِ تَفْكِيرٍ مُشَوَّهَةٍ، رُبَّمَا كَانُوا يُرَوِّجُونَ فَرَائِضَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ عَنِ ٱلْأَطْعِمَةِ وَٱلطَّهَارَةِ ٱلطَّقْسِيَّةِ. حَتَّى إِنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا يَتَوَسَّعُونَ فِي تَفْسِيرِ مَا تَقُولُهُ ٱلشَّرِيعَةُ، كَمَا فَعَلَ بَعْضُ أَسْلَافِهِمْ فِي أَيَّامِ يَسُوعَ، وَيُرَوِّجُونَ خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةً وَوَصَايَا بَشَرِيَّةً. — مرقس ٧:٢، ٣، ٥، ١٥؛ ١ تيموثاوس ٤:٣.
٥ وَطَرِيقَةُ تَفْكِيرِهِمْ هذِهِ أَثَّرَتْ سَلْبًا فِي حُكْمِهِمْ وَحِسِّهِمِ ٱلْأَدَبِيِّ، أَيْ ضَمِيرِهِمْ. كَتَبَ بُولُسُ: «أَمَّا لِلدَّنِسِينَ وَعَدِيمِي ٱلْإِيمَانِ فَلَا شَيْءَ طَاهِرٌ». فَضَمِيرُهُمْ صَارَ مُشَوَّهًا جِدًّا بِحَيْثُ لَمْ يَعُدْ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ دَلِيلًا مَوْثُوقًا بِهِ يُرْشِدُهُمْ كَيْفَ يَتَصَرَّفُونَ أَوْ يُقَيِّمُونَ ٱلْأُمُورَ. عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، كَانُوا يَدِينُونَ ٱلرُّفَقَاءَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي أُمُورٍ شَخْصِيَّةٍ، مَسَائِلَ رُبَّمَا تَخْتَلِفُ فِيهَا ٱلْآرَاءُ بَيْنَ مَسِيحِيٍّ وَآخَرَ. فَقَدْ كَانَ هؤُلَاءِ ٱلْكِرِيتِيُّونَ يَعْتَبِرُونَ أَمْرًا مَا دَنِسًا فِي حِينِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَذلِكَ بِٱلْفِعْلِ. (روما ١٤:١٧؛ كولوسي ٢:١٦) وَفِيمَا كَانُوا يُعْلِنُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ، أَثْبَتَتْ أَعْمَالُهُمْ عَكْسَ ذلِكَ. — تيطس ١:١٦.
«طَاهِرَةٌ لِلطَّاهِرِينَ»
٦ أَيُّ نَوْعَيْنِ مِنَ ٱلنَّاسِ ذَكَرَهُمَا بُولُسُ؟
٦ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ نَحْنُ مِمَّا كَتَبَهُ بُولُسُ إِلَى تِيطُسَ؟ لَاحِظِ ٱلتَّبَايُنَ ٱلْمَوْجُودَ فِي هذِهِ ٱلْآيَةِ: «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ لِلطَّاهِرِينَ. وَأَمَّا لِلدَّنِسِينَ وَعَدِيمِي ٱلْإِيمَانِ فَلَا شَيْءَ طَاهِرٌ، بَلْ عُقُولُهُمْ دَنِسَةٌ وَضَمَائِرُهُمْ أَيْضًا». (تيطس ١:١٥) بِٱلتَّأْكِيدِ، لَمْ يَعْنِ بُولُسُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ هِيَ طَاهِرَةٌ وَمَسْمُوحٌ بِهَا لِلْمَسِيحِيِّ ٱلطَّاهِرِ أَدَبِيًّا. وَهذَا مَا يَتَبَيَّنُ لَنَا مِمَّا كَانَ قَدْ أَوْضَحَهُ بُولُسُ فِي رِسَالَةٍ أُخْرَى. فَقَدْ قَال إِنَّ ٱلَّذِي يُمَارِسُ ٱلْعَهَارَةَ، ٱلصَّنَمِيَّةَ، ٱلْأَرْوَاحِيَّةَ، وَغَيْرَهَا ‹لَنْ يَرِثَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ›. (غلاطية ٥:١٩-٢١) لِذلِكَ لَا بُدَّ لَنَا مِنَ ٱلِٱسْتِنْتَاجِ أَنَّ بُولُسَ كَانَ يَذْكُرُ حَقِيقَةً عَامَّةً عَنْ نَوْعَيْنِ مِنَ ٱلنَّاسِ: اَلطَّاهِرُونَ أَدَبِيًّا وَرُوحِيًّا، وَٱلدَّنِسُونَ أَدَبِيًّا وَرُوحِيًّا.
٧ أَيُّ أَمْرٍ تُحَرِّمُهُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ١٣:٤، وَلكِنْ أَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ؟
٧ لَا تَعْنِي ٱلْكَلِمَاتُ ٱلْآنِفَةُ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي يَلْزَمُ أَنْ يَتَجَنَّبَهَا ٱلْمَسِيحِيُّ ٱلْمُخْلِصُ لَيْسَتْ مَقْصُورَةً عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُحَرِّمُهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِٱلتَّحْدِيدِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، تَأَمَّلْ فِي ٱلْكَلِمَاتِ ٱلصَّرِيحَةِ ٱلتَّالِيَةِ: «لِيَكُنِ ٱلزَّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ ٱلْجَمِيعِ، وَٱلْفِرَاشُ ٱلزَّوْجِيُّ بِلَا دَنَسٍ، لِأَنَّ ٱللّٰهَ سَيَدِينُ ٱلْعَاهِرِينَ وَٱلزُّنَاةَ». (عبرانيين ١٣:٤) حَتَّى غَيْرُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يَسْتَنْتِجُونَ أَنَّ هذَا ٱلْعَدَدَ يُحَرِّمُ ٱلزِّنَى. وَيَتَّضِحُ مِنْ هذَا ٱلْعَدَدِ وَمَقَاطِعَ أُخْرَى مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنَّ ٱللّٰهَ يَدِينُ ٱلِٱتِّصَالَ ٱلْجِنْسِيَّ بَيْنَ شَخْصٍ مُتَزَوِّجٍ وَشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ رَفِيقِ ٱلزَّوَاجِ ٱلشَّرْعِيِّ. وَلكِنْ مَاذَا عَنْ شَخْصَيْنِ غَيْرِ مُتَزَوِّجَيْنِ يُمَارِسَانِ ٱلْجِنْسَ ٱلْفَمَوِيَّ؟ يَدَّعِي مُرَاهِقُونَ كَثِيرُونَ أَنَّ هذِهِ ٱلْمُمَارَسَةَ لَيْسَتْ مُؤْذِيَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتِ ٱتِّصَالًا جِنْسِيًّا. فَهَلْ مِنَ ٱلصَّائِبِ أَنْ يَعْتَبِرَ ٱلْمَسِيحِيُّ ٱلْجِنْسَ ٱلْفَمَوِيَّ أَمْرًا طَاهِرًا؟
٨ كَيْفَ تَخْتَلِفُ نَظْرَةُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ إِلَى ٱلْجِنْسِ ٱلْفَمَوِيِّ عَنْ نَظْرَةِ كَثِيرِينَ فِي ٱلْعَالَمِ؟
٨ تَكْشِفُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ١٣:٤ وَ ١ كُورِنْثُوسُ ٦:٩ أَنَّ ٱللّٰهَ لَا يَرْضَى عَنِ ٱلزِّنَى وَلَا عَنِ ٱلْعَهَارَةِ (بِٱلْيُونَانِيَّةِ، پُورْنِيَا). فَمَا هِيَ ٱلْعَهَارَةُ؟ إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ تُشِيرُ إِلَى ٱسْتِعْمَالِ ٱلْأَعْضَاءِ ٱلتَّنَاسُلِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ طَبِيعِيَّةٍ أَوْ مُنْحَرِفَةٍ عَلَى ٱلسَّوَاءِ بِهَدَفٍ فَاسِدٍ. وَهذَا يَشْمُلُ كُلَّ أَنْوَاعِ ٱلْعَلَاقَاتِ ٱلْجِنْسِيَّةِ ٱلْمُحَرَّمَةِ خَارِجَ نِطَاقِ ٱلزَّوَاجِ ٱلَّذِي يَسْتَوْفِي ٱلشُّرُوطَ ٱلْمُحَدَّدَةَ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. لِذلِكَ فَإِنَّ ٱلْعَهَارَةَ تَتَضَمَّنُ ٱلْجِنْسَ ٱلْفَمَوِيَّ، رَغْمَ أَنَّ مُرَاهِقِينَ كَثِيرِينَ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ أُخْبِرُوا أَوِ ٱسْتَنْتَجُوا أَنَّ ٱلْجِنْسَ ٱلْفَمَوِيَّ مُمَارَسَةٌ مَقْبُولَةٌ. وَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ لَا يَسْمَحُونَ لِآرَاءِ ٱلَّذِينَ «يَنْطِقُونَ بِٱلْبُطْلِ، وَيَخْدَعُونَ عُقُولَ ٱلنَّاسِ» بِأَنْ تُوَجِّهَ تَفْكِيرَهُمْ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ. (تيطس ١:١٠) بَلْ يَلْتَصِقُونَ بِمِقْيَاسِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلْأَسْمَى. وَبَدَلًا مِنْ تَبْرِيرِ ٱلْجِنْسِ ٱلْفَمَوِيِّ، يُدْرِكُونَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ عَهَارَةً (پُورْنِيَا)، وَيُدَرِّبُونَ ضَمِيرَهُمْ وَفْقًا لِذلِكَ.a — اعمال ٢١:٢٥؛ ١ كورنثوس ٦:١٨؛ افسس ٥:٣.
اَلْقَرَارَاتُ تَخْتَلِفُ بِٱخْتِلَافِ ٱلضَّمَائِرِ
٩ إِذَا كَانَتْ «كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ طَاهِرَةً لِلطَّاهِرِينَ»، فَمَا هُوَ دَوْرُ ٱلضَّمِيرِ؟
٩ مَاذَا قَصَدَ بُولُسُ عِنْدَمَا قَالَ إِنَّ «كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ لِلطَّاهِرِينَ»؟ كَانَ بُولُسُ يَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ جَعَلُوا تَفْكِيرَهُمْ وَحِسَّهُمُ ٱلْأَدَبِيَّ مُنْسَجِمًا مَعَ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْمَوْجُودَةِ فِي كَلِمَتِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا. فَهؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ يُدْرِكُونَ أَنَّهُ قَدْ تَكُونَ هُنَالِكَ آرَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ حَوْلَ مَسَائِلَ عَدِيدَةٍ لَا يَدِينُهَا ٱللّٰهُ. لِذلِكَ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَكُونُوا ٱنْتِقَادِيِّينَ، يُدْرِكُونَ أَنَّ ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي لَا يَدِينُهَا ٱللّٰهُ هِيَ «طَاهِرَةٌ». وَهُمْ لَا يَتَوَقَّعُونَ أَنْ تَكُونَ آرَاءُ ٱلْآخَرِينَ حَوْلَ ٱلْمَسَائِلِ ٱلَّتِي لَا يُعْطِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَيَّ إِرْشَادٍ مُحَدَّدٍ بِشَأْنِهَا تَمَامًا مِثْلَ آرَائِهِمْ. فَلْنُعْطِ مِثَالًا لِذلِكَ لِإِيضَاحِ ٱلنُّقْطَةِ.
١٠ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْلُقَ ٱلزِّفَافُ (أَوِ ٱلْمَأْتَمُ) مُشْكِلَةً؟
١٠ فِي عَائِلَاتٍ عَدِيدَةٍ، يَصِيرُ أَحَدُ رَفِيقَيِ ٱلزَّوَاجِ فَقَطْ مَسِيحِيًّا. (١ بطرس ٣:١؛ ٤:٣) وَهذَا قَدْ يَخْلُقُ تَحَدِّيَاتٍ مُتَنَوِّعَةً، كَمَا عِنْدَمَا يَكُونُ هُنَالِكَ زِفَافُ أَوْ مَأْتَمُ أَحَدِ ٱلْأَقَارِبِ. لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ حَالَةَ زَوْجَةٍ مَسِيحِيَّةٍ زَوْجُهَا غَيْرُ مُؤْمِنٍ. فَأَحَدُ أَقَارِبِ زَوْجِهَا سَيُقِيمُ زِفَافَهُ فِي كَنِيسَةٍ لِلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ. (أَوْ إِنَّ أَحَدَ ٱلْأَقَارِبِ، رُبَّمَا أَحَدَ ٱلْوَالِدَيْنِ، قَدْ مَاتَ وَسَيُجْرَى ٱلْمَأْتَمُ فِي ٱلْكَنِيسَةِ.) وَبِمَا أَنَّهُمَا مَدْعُوَّانِ، فَٱلزَّوْجُ يُرِيدُ أَنْ تُرَافِقَهُ زَوْجَتُهُ. فَمَاذَا سَيُمْلِي عَلَيْهَا ضَمِيرُهَا بِشَأْنِ ٱلذَّهَابِ؟ مَاذَا سَتَفْعَلُ؟ تَأَمَّلْ فِي ٱلِٱحْتِمَالَيْنِ ٱلتَّالِيَيْنِ.
١١ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُحَلِّلَ إِحْدَى ٱلزَّوْجَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ مَسْأَلَةَ حُضُورِهَا زِفَافًا كَنَسِيًّا، وَأَيُّ ٱسْتِنْتَاجٍ قَدْ تَصِلُ إِلَيْهِ؟
١١ تُفَكِّرُ لَيْلَى فِي وَصِيَّةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْمُهِمَّةِ: ‹اُخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ ٱلْعَظِيمَةِ›، ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْعَالَمِيَّةِ لِلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ. (رؤيا ١٨:٢، ٤) فَقَدْ كَانَتْ فِي مَا مَضَى عُضْوًا فِي ٱلْكَنِيسَةِ حَيْثُ سَيُقَامُ ٱلزِّفَافُ وَتَعْرِفُ أَنَّهُ خِلَالَ ٱلْمَرَاسِمِ سَيُطْلَبُ مِنْ جَمِيعِ ٱلْحَاضِرِينَ أَنْ يُشَارِكُوا فِي مُمَارَسَاتٍ دِينِيَّةٍ مِثْلِ ٱلصَّلَاةِ، ٱلتَّرْتِيلِ، أَوِ ٱلْقِيَامِ بِإِشَارَاتٍ دِينِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَهِيَ مُصَمِّمَةٌ أَلَّا تُشَارِكَ فِي مُمَارَسَاتٍ كَهذِهِ، حَتَّى إِنَّهَا لَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً هُنَاكَ وَتَتَعَرَّضَ لِلضَّغْطِ ٱلَّذِي يُمْكِنُ أنْ يَجْعَلَهَا تَكْسِرُ ٱسْتِقَامَتَهَا. وَرَغْمَ أَنَّهَا تَحْتَرِمُ زَوْجَهَا وَتُرِيدُ أَنْ تَخْضَعَ لَهُ لِأَنَّهُ رَأْسُهَا بِحَسَبِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، فَهِيَ لَا تُرِيدُ أَنْ تُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ مَبَادِئِهَا ٱلْمُؤَسَّسَةِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (اعمال ٥:٢٩) لِذلِكَ تُوضِحُ لِزَوْجِهَا بِلَبَاقَةٍ أَنَّهُ حَتَّى لَوِ ٱخْتَارَ تَلْبِيَةَ ٱلدَّعْوَةِ، فَلَنْ تَتَمَكَّنَ هِيَ مِنَ ٱلذَّهَابِ. وَقَدْ تَشْرَحُ لَهُ أَنَّهَا إِذَا ذَهَبَتْ مَعَهُ وَرَفَضَتِ ٱلْقِيَامَ بِأَمْرٍ مَا، يُمْكِنُ أَنْ يَتَسَبَّبَ لَهُ ذلِكَ بِٱلْإِحْرَاجِ. لِذلِكَ فَإِنَّ عَدَمَ حُضُورِهَا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ لَهُ. وَقَرَارُهَا هذَا يَجْلُبُ لَهَا رَاحَةَ ٱلضَّمِيرِ.
١٢ كَيْفَ قَدْ تُحَلِّلُ إِحْدَى ٱلْأَخَوَاتِ مَسْأَلَةَ دَعْوَةٍ إِلَى حُضُورِ زِفَافٍ فِي كَنِيسَةٍ، وَمَاذَا يُمْكِنُ أَنْ تُقَرِّرَ؟
١٢ تُوَاجِهُ رِيمَا ٱلْمُعْضِلَةَ نَفْسَهَا. فَهِيَ تَحْتَرِمُ زَوْجَهَا، وَهِيَ مُصَمِّمَةٌ أَنْ تَكُونَ وَلِيَّةً للّٰهِ. كَمَا أَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَعْمَلَ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهَا ضَمِيرُهَا ٱلْمُدَرَّبُ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. لِذلِكَ بَعْدَ أَنْ تُفَكِّرَ فِي ٱلنِّقَاطِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي فَكَّرَتْ فِيهَا لَيْلَى، تَتَأَمَّلُ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ فِي مَقَالَةِ «أَسْئِلَةٌ مِنَ ٱلْقُرَّاءِ» فِي عَدَدِ ١٥ ايار (مايو) ٢٠٠٢ مِنْ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ. وَتَتَذَكَّرُ أَنَّ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةَ أَطَاعُوا ٱلْأَمْرَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي سَتَجْرِي فِيهِ عِبَادَةُ أَصْنَامٍ. لكِنَّهُمْ حَافَظُوا عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ بِعَدَمِ ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي هذَا ٱلْعَمَلِ. (دانيال ٣:١٥-١٨) فَتُقَرِّرُ أَنْ تُرَافِقَ زَوْجَهَا وَلكِنْ أَلَّا تَشْتَرِكَ فِي أَيِّ مُمَارَسَةٍ دِينِيَّةٍ. وَبِذلِكَ تَعْمَلُ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهَا ضَمِيرُهَا. فَتُوضِحُ لِزَوْجِهَا بِلَبَاقَةٍ مَا سَيَسْمَحُ لَهَا ضَمِيرُهَا بِفِعْلِهِ وَمَا لَا يُمْكِنُهَا ٱلْقِيَامُ بِهِ. وَتَرْجُو رِيمَا أَنْ يَرَى زَوْجُهَا ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَٱلْبَاطِلَةِ. — اعمال ٢٤:١٦.
١٣ لِمَاذَا لَيْسَ بِٱلْأَمْرِ ٱلْمُقْلِقِ أَنْ يَتَوَصَّلَ شَخْصَانِ مَسِيحِيَّانِ إِلَى ٱسْتِنْتَاجَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ؟
١٣ هَلْ يَعْنِي تَوَصُّلُ شَخْصَيْنِ مَسِيحِيَّيْنِ إِلَى ٱسْتِنْتَاجَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ أَنَّهُ لَا يَهُمُّ مَا يَفْعَلُهُ ٱلشَّخْصُ أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَدَيْهِ ضَمِيرٌ ضَعِيفٌ؟ كَلَّا. فَلَرُبَّمَا تَشْعُرُ لَيْلَى أَنَّ حُضُورَهَا ٱلزِّفَافَ سَيُشَكِّلُ خَطَرًا كَبِيرًا عَلَيْهَا، نَظَرًا إِلَى مَا تَعْنِيهِ لَهَا ٱلْمُوسِيقَى وَغَيْرُهَا مِنَ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِٱلطُّقُوسِ ٱلْكَنَسِيَّةِ. كَمَا أَنَّ ٱخْتِبَارَهَا ٱلسَّابِقَ مَعَ زَوْجِهَا فِي ٱلْمَسَائِلِ ٱلدِّينِيَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي ضَمِيرِهَا. لِذلِكَ تَقْتَنِعُ أَنَّ قَرَارَهَا هُوَ ٱلْأَفْضَلُ لهَا.
١٤ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَذَكَّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِخُصُوصِ مَسْأَلَةِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلشَّخْصِيَّةِ؟
١٤ وَهَلْ قَرَارُ رِيمَا غَيْرُ حَكِيمٍ؟ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ ٱلْآخَرِينَ ٱلْحُكْمُ فِي هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ. فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدِينُوهَا أَوْ يَنْتَقِدُوهَا عَلَى قَرَارِهَا بِأَنْ تَحْضُرَ ٱلْمُنَاسَبَةَ دُونَ ٱلْمُشَارَكَةِ فِي ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلدِّينِيَّةِ. وَيَجِبُ أَنْ يَتَذَكَّرُوا مَشُورَةَ بُولُسَ فِي مَسْأَلَةِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلشَّخْصِيَّةِ حَوْلَ أَكْلِ أَطْعِمَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَدَمِ أَكْلِهَا: «لَا يَسْتَهِنْ مَنْ يَأْكُلُ بِمَنْ لَا يَأْكُلُ، وَلَا يَدِنْ مَنْ لَا يَأْكُلُ مَنْ يَأْكُلُ . . . هُوَ لِسَيِّدِهِ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَإِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لِأَنَّ يَهْوَهَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُثَبِّتَهُ». (روما ١٤:٣، ٤) فَمَا مِنْ مَسِيحِيٍّ حَقِيقِيٍّ يُرِيدُ أَنْ يَحُضَّ شَخْصًا عَلَى تَجَاهُلِ إِرْشَادِ ضَمِيرِهِ ٱلْمُدَرَّبِ، لِأَنَّ ذلِكَ هُوَ بِمَثَابَةِ تَجَاهُلِ صَوْتِ شَخْصٍ يَنْقُلُ رِسَالَةً قَدْ تُنْقِذُ ٱلْحَيَاةَ.
١٥ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَأْخُذَ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ ضَمِيرَ وَمَشَاعِرَ ٱلْآخَرِينَ؟
١٥ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْحَالَتَيْنِ ٱلْمُفْتَرَضَتَيْنِ آنِفًا، يَنْبَغِي لِلْأُخْتَيْنِ أَيْضًا أَنْ تُفَكِّرَا فِي عَوَامِلَ أُخْرَى، مِثْلِ تَأْثِيرِ مَا تَفْعَلَانِهِ فِي ٱلْآخَرِينَ. نَصَحَ بُولُسُ: «اِجْعَلُوا هٰذَا قَرَارَكُمْ: أَلَّا تَضَعُوا أَمَامَ أَخٍ مَعْثَرَةً أَوْ مَزَلَّةً». (روما ١٤:١٣) فَرُبَّمَا تَعْرِفُ لَيْلَى أَنَّ حَالَاتٍ مُمَاثِلَةً أَنْتَجَتِ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلتَّشْوِيشِ فِي جَمَاعَتِهَا أَوْ فِي عاَئِلَتِهَا وَأَنَّ مَا تَفْعَلُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ أَثَرًا كَبِيرًا فِي أَوْلَادِهَا. بِٱلتَّبَايُنِ، رُبَّمَا تُدْرِكُ رِيمَا أَنَّ حَالَاتٍ مُمَاثِلَةً لَمْ تُسَبِّبِ ٱلتَّشْوِيشَ لَا فِي ٱلْجَمَاعَةِ وَلَا فِي ٱلْمُجْتَمَعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ تُدْرِكَ هَاتَانِ ٱلْأُخْتَانِ — وَكَذلِكَ نَحْنُ جَمِيعًا — أَنَّ ٱلضَّمِيرَ ٱلْمُدَرَّبَ جَيِّدًا هُوَ ضَمِيرٌ حَسَّاسٌ لِلْأَثَرِ ٱلَّذِي تَتْرُكُهُ تَصَرُّفَاتُنَا فِي ٱلْآخَرِينَ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ: «مَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هٰؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِي، فَأَنْفَعُ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ رَحًى كَبِيرٌ وَيُغْرَقَ فِي عُرْضِ ٱلْبَحْرِ». (متى ١٨:٦) وَإِذَا تَجَاهَلَ أَحَدٌ مَسْأَلَةَ إِعْثَارِ ٱلْآخَرِينَ، فَمِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنْ يَصِيرَ ضَمِيرُهُ دَنِسًا كَضَمِيرِ بَعْضِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي كِرِيتَ.
١٦ أَيُّ تَقَدُّمٍ نَتَوَقَّعُ أَنْ يَقُومَ بِهِ ٱلْمَسِيحِيُّ عَلَى مَرِّ ٱلْوَقْتِ؟
١٦ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلتَّقَدُّمُ ٱلرُّوحِيُّ ٱلَّذِي يُحْرِزُهُ ٱلْمَسِيحِيُّ مُسْتَمِرًّا، وَكَذلِكَ تَقَدُّمُهُ فِي سَمَاعِ صَوْتِ ضَمِيرِهِ وَٱلْعَمَلِ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ. لِنَفْتَرِضْ أَنَّ مَرْوَانَ هُوَ أَخٌ مُعْتَمِدٌ حَدِيثًا. وَضَمِيرُهُ يُمْلِي عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مُمَارَسَاتٍ تَتَعَارَضُ مَعَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ كَانَ يَقُومُ بِهَا سَابِقًا، مُمَارَسَاتٍ رُبَّمَا تَشْمُلُ عِبَادَةَ ٱلْأَصْنَامِ أَوِ ٱسْتِعْمَالَ ٱلدَّمِ. (اعمال ٢١:٢٥) حَتَّى إِنَّهُ يَتَجَنَّبُ أُمُورًا تُشْبِهُ مِنْ نَاحِيَةٍ مَا ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي يُحَرِّمُهَا ٱللّٰهُ. مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَهُوَ يَنْدَهِشُ حِينَ يَرَى أَنَّ ٱلْبَعْضَ يَرْفُضُونَ أُمُورًا يَجِدُهَا هُوَ مَقْبُولَةً، مِثْلَ بَعْضِ ٱلْبَرَامِجِ ٱلتِّلِفِزْيُونِيَّةِ.
١٧ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ ٱلْوَقْتُ وَٱلتَّقَدُّمُ ٱلرُّوحِيُّ فِي ضَمِيرِ ٱلْمَسِيحِيِّ وَقَرَارَاتِهِ؟
١٧ وَلكِنْ عَلَى مَرِّ ٱلْوَقْتِ، يَنْمُو مَرْوَانُ فِي ٱلْمَعْرِفَةِ وَيَقْتَرِبُ أَكْثَرَ إِلَى ٱللّٰهِ. (كولوسي ١:٩، ١٠) وَمَاذَا يَنْتِجُ عَنْ ذلِكَ؟ يُصْبِحُ ضَمِيرُهُ مُدَرَّبًا. فَهُوَ ٱلْآنَ أَكْثَرُ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ إِلَى صَوْتِ ضَمِيرِهِ وَٱلتَّفْكِيرِ مَلِيًّا فِي مَبَادِئِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَبَاتَ يُدْرِكُ أَنَّ بَعْضَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي ٱجْتَنَبَهَا سَابِقًا لِأَنَّهَا تُشْبِهُ مِنْ نَاحِيَةٍ مَا ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي يُحَرِّمُهَا ٱللّٰهُ لَا تَتَعَارَضُ فِي ٱلْوَاقِعِ مَعَ تَفْكِيرِ ٱللّٰهِ. وَبِمَا أَنَّ تَفْكِيرَهُ صَارَ أَكْثَرَ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَأَصْبَحَ هُوَ أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِفِعْلِ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ ضَمِيرُهُ ٱلْمُدَرَّبُ جَيِّدًا، فَإِنَّ ضَمِيرَهُ ٱلْآنَ يَدْفَعُهُ إِلَى تَجَنُّبِ بَرَامِجَ كَانَ يَعْتَبِرُهَا سَابِقًا مَقْبُولَةً. نَعَمْ، لَقَدْ صَارَ ضَمِيرُهُ مَصْقُولًا. — مزمور ٣٧:٣١.
١٨ أَيُّ سَبَبٍ لِلِٱبْتِهَاجِ لَدَيْنَا؟
١٨ فِي مُعْظَمِ ٱلْجَمَاعَاتِ، تَخْتَلِفُ مَرَاحِلُ ٱلتَّقَدُّمِ ٱلرُّوحِيِّ بَيْنَ أَخٍ وَآخَرَ. فَٱلْبَعْضُ هُمْ حَدِيثُو ٱلْإِيمَانِ. لِذلِكَ قَدْ لَا يَخِزُهُمْ ضَمِيرُهُمْ فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ، فِي حِينِ أَنَّهُ قَدْ يُطْلِقُ صَوْتًا قَوِيًّا فِي مَسَائِلَ أُخْرَى. وَهؤُلَاءِ يَحْتَاجُونَ إِلَى ٱلْوَقْتِ وَٱلْمُسَاعَدَةِ لِيَصِيرَ تَفْكِيرُهُمْ مُنْسَجِمًا مَعَ إِرْشَادِ يَهْوَه وَيَصِيرُوا أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِفِعْلِ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِمْ ضَمِيرُهُمُ ٱلْمُدَرَّبُ. (افسس ٤:١٤، ١٥) وَمِنَ ٱلْمُفْرِحِ أَنَّهُ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ نَفْسِهَا هُنَالِكَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ كَثِيرُونَ يَمْلِكُونَ مَعْرِفَةً عَمِيقَةً، خِبْرَةً فِي تَطْبِيقِ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَضَمِيرًا مُنْسَجِمًا مَعَ تَفْكِيرِ ٱللّٰهِ. فَكَمْ هُوَ مُبْهِجٌ أَنْ نَكُونَ بِرِفْقَةِ أَشْخَاصٍ «طَاهِرِينَ» كَهؤُلَاءِ يَرَوْنَ ٱلْأُمُورَ ٱلْمَقْبُولَةَ عِنْدَ ٱلرَّبِّ أَنَّهَا «طَاهِرَةٌ» أَدَبِيًّا وَرُوحِيًّا! (افسس ٥:١٠) فَلْنَضَعْ جَمِيعًا هَدَفَ ٱلتَّقَدُّمِ إِلَى هذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ وَاْلمُحَافَظَةِ عَلَى ضَمِيرٍ يَنْسَجِمُ مَعَ ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلدَّقِيقَةِ لِلْحَقِّ وَٱلتَّعَبُّدِ للّٰهِ. — تيطس ١:١.
[الحاشية]
a من اجل معلومات تتعلق بالمتزوجين، انظر برج المراقبة، عدد تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٨٣، «اكرموا الزواج الالهي»، العنوان الفرعي: «المسيحيون المتزوجون».
-