-
العزوبة — باب لنشاط من دون تلهيةبرج المراقبة ١٩٩٦ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
«[انها] المثابرة للرب من دون ارتباك [«تلهية،» عج].» — ١ كورنثوس ٧:٣٥.
١ اية اخبار مزعجة وصلت الى بولس عن المسيحيين في كورنثوس؟
كان الرسول بولس قلقا بشأن اخوته المسيحيين في كورنثوس، اليونان. فقبل نحو خمس سنوات، كان قد اسس الجماعة في تلك المدينة المزدهرة المعروفة بفسادها الادبي. والآن، نحو سنة ٥٥ بم، وهو في افسس، في آسيا الصغرى، وصلته من كورنثوس تقارير مزعجة عن انقسامات تحزُّبية وعن تساهل في قضية خطيرة تتعلق بالفساد الادبي. وعلاوة على ذلك، تلقَّى بولس رسالة من المسيحيين في كورنثوس يطلبون فيها الارشاد حول العلاقات الجنسية، التبتُّل، الزواج، الهجر، والتزوُّج ثانية.
٢ كيف تأثر المسيحيون الكورنثيون بشكل واضح بالفساد الادبي السائد في تلك المدينة؟
٢ لقد بدا ان الفساد الادبي الفاضح السائد في كورنثوس اثَّر في الجماعة المحلية بطريقتين. فبعض المسيحيين كانوا يستسلمون لجو التراخي الاخلاقي ويتساهلون في الفساد الادبي. (١ كورنثوس ٥:١؛ ٦:١٥-١٧) والمتع الشهوانية التي كانت موجودة في كل انحاء المدينة دفعت كما يظهر آخرين الى حد التطرف بحيث اوصوا بالامتناع عن كل علاقة جنسية، حتى بين رفقاء الزواج. — ١ كورنثوس ٧:٥.
٣ اية مسائل عالجها بولس اولا في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس؟
٣ في الرسالة المطوَّلة التي كتبها بولس الى اهل كورنثوس، عالج اولا مشكلة عدم الوحدة. (١ كورنثوس، الاصحاحات ١-٤) فنصحهم ان يتجنبوا اتِّباع البشر، الامر الذي لا يمكن إلا ان يؤدي الى انشقاقات مؤذية. ويجب ان يتَّحدوا ‹كعاملين› مع اللّٰه. ثم اعطاهم ارشادات محدَّدة حول حفظ الجماعة طاهرة ادبيا. (الاصحاحان ٥، ٦) وبعد ذلك انتقل الرسول الى معالجة رسالتهم.
التوصية بالعزوبة
٤ ماذا عنى بولس عندما قال انه «حسن للرجل ان لا يمس امرأة»؟
٤ ابتدأ قائلا: «وأما من جهة الامور التي كتبتم لي عنها فحسن للرجل ان لا يمس امرأة.» (١ كورنثوس ٧:١) ان العبارة «لا يمس امرأة» تعني هنا تجنب الاتصال الجسدي بامرأة من اجل الارضاء الجنسي. وبما ان بولس سبق فدان العهارة، فهو يشير الآن الى العلاقات الجنسية ضمن ترتيب الزواج. لذلك كان بولس يوصي بالعزوبة. (١ كورنثوس ٦:٩، ١٦، ١٨، عج؛ قارنوا تكوين ٢٠:٦؛ امثال ٦:٢٩.) وبعيد ذلك كتب: «ولكن اقول لغير المتزوجين وللارامل انه حسن لهم اذا لبثوا كما انا.» (١ كورنثوس ٧:٨) فقد كان بولس غير متزوج، وربما ارملا. — ١ كورنثوس ٩:٥.
٥، ٦ (أ) لماذا من الواضح ان بولس لم يكن يوصي بحياة الرهبنة؟ (ب) لماذا اوصى بولس بالعزوبة؟
٥ كان المسيحيون في كورنثوس مطَّلعين على الارجح على شيء من الفلسفة اليونانية، التي مجَّد بعض مدارسها التقشُّف الشديد، او نكران الذات. فهل كان هذا ربما هو السبب الذي جعل اهل كورنثوس يسألون بولس هل هو «حسن» للمسيحيين ان يتجنبوا كل اتصال جنسي؟ لم يعكس جواب بولس الفلسفة اليونانية. (كولوسي ٢:٨) وبخلاف اللاهوتيين الكاثوليك، لم يوصِ في ايّ مكان بحياة التقشف والتبتُّل في دير للرهبان او الراهبات، كما لو ان العزاب مقدَّسون بشكل خصوصي ويستطيعون ان يساهموا في خلاصهم بنمط حياتهم وصلواتهم.
٦ اوصى بولس بالعزوبة «لسبب الضيق الحاضر.» (١ كورنثوس ٧:٢٦) وربما كان يشير الى الاوقات الصعبة التي كان المسيحيون يمرّون بها، والتي يمكن ان يزيدها الزواج تعقيدا. (١ كورنثوس ٧:٢٨) وكانت مشورته للمسيحيين غير المتزوجين: «انه حسن لهم اذا لبثوا كما انا.» وللارامل ذكر: «انتَ منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة.» وعن الارملة المسيحية كتب انها «اكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي. وأظن اني انا ايضا عندي روح اللّٰه.» — ١ كورنثوس ٧:٨، ٢٧، ٤٠.
غير ملزمين بالبقاء عزابا
٧، ٨ ماذا يظهر ان بولس لم يكن يُلزم ايّ مسيحي بالبقاء عازبا؟
٧ لا شك ان روح يهوه القدوس كان يوجه بولس عندما قدَّم هذه المشورة. وكامل عرضه للتبتُّل والزواج يظهر الاتزان والتحفُّظ. فهو لم يجعل ذلك مسألة امانة او عدم امانة. انها بالاحرى مسألة اختيار حرّ، مع رجحان كفة العزوبة للقادرين على البقاء طاهرين في هذه الحالة.
٨ وفورا بعدما ذكر بولس انه «حسن للرجل ان لا يمس امرأة،» اضاف: «ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها.» (١ كورنثوس ٧:١، ٢) وبعدما نصح غير المتزوجين والارامل بأن ‹يلبثوا كما انا،› اسرع وأضاف: «ولكن إن لم يضبطوا انفسهم فليتزوجوا. لأن التزوج اصلح من التحرق.» (١ كورنثوس ٧:٨، ٩) ومن جديد كانت مشورته للارامل: «لا تطلب امرأة. لكنَّكَ وإن تزوَّجتَ لم تخطئ.» (١ كورنثوس ٧:٢٧، ٢٨) تعكس هذه المشورة المتزنة حرية الاختيار.
٩ استنادا الى يسوع وبولس، كيف يكون الزواج والعزوبة كلاهما موهبة من اللّٰه؟
٩ اظهر بولس ان الزواج والعزوبة كلاهما موهبة من اللّٰه. «اريد ان يكون جميع الناس كما انا. لكنَّ كل واحد له موهبته الخاصة من اللّٰه. الواحد هكذا والآخر هكذا.» (١ كورنثوس ٧:٧) ودون شك كان يفكر في ما قاله يسوع. وبعد ان اثبت يسوع ان الزواج من اللّٰه، اظهر ان الرغبة في العزوبة من اجل خدمة مصالح الملكوت هي موهبة خصوصية: «ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم [«الذين لهم الموهبة،» عج]. لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم. ويوجد خصيان خصاهم الناس. ويوجد خصيان خصوا انفسهم لأجل ملكوت السموات. من استطاع ان يقبل فليقبل.» — متى ١٩:٤-٦، ١١، ١٢.
قبول موهبة العزوبة
١٠ كيف يستطيع الشخص ان «يقبل» موهبة العزوبة؟
١٠ صحيح ان يسوع وبولس كليهما وصفا العزوبة بأنها «موهبة،» إلا انهما لم يقولا انها موهبة عجائبية لا يمتلكها إلا البعض. قال يسوع: «ليس الجميع يقبلون» هذه الموهبة، والذين يستطيعون ذلك نصحهم: ‹فليقبلوا،› وهذا ما فعله يسوع وبولس. صحيح ان بولس كتب: «التزوج اصلح من التحرق،» إلا انه كان يتكلم عن الذين «لم يضبطوا انفسهم.» (١ كورنثوس ٧:٩) وفي كتابات باكرة، اظهر بولس ان المسيحيين يمكنهم تجنب التحرق. (غلاطية ٥:١٦، ٢٢-٢٤) وأن نسلك بالروح يعني ان ندع روح يهوه يوجه كل خطوة من خطواتنا. فهل يستطيع الاحداث المسيحيون فعل ذلك؟ نعم، اذا اتَّبعوا بدقة كلمة يهوه. كتب صاحب المزمور: «بمَ يزكي الشاب [او الشابة] طريقه [او طريقها]. بحفظه اياه حسب كلامك.» — مزمور ١١٩:٩.
١١ ماذا يعني ان ‹نسلك حسب الروح›؟
١١ يشمل ذلك الاحتراز من الآراء المتساهلة التي يبثها الكثير من البرامج التلفزيونية، الافلام السينمائية، مقالات المجلات، الكتب، وكلمات الاغاني. ومثل هذه الآراء يركز على الجسد. والحدث المسيحي من ايٍّ من الجنسين الذي يريد ان يقبل العزوبة يجب ان ‹يسلك ليس حسب الجسد بل حسب الروح. فإن الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون ولكنَّ الذين حسب الروح فبما للروح [يهتمون].› (رومية ٨:٤، ٥) وما للروح هو عادل، طاهر، مسر، فاضل. والمسيحيون، الاحداث والكبار، يفعلون حسنا اذا ‹افتكروا في هذه.› — فيلبي ٤:٨، ٩.
١٢ ماذا يشمل الى حد بعيد قبول موهبة العزوبة؟
١٢ ان قبول موهبة العزوبة هو الى حد بعيد مسألة عقد العزم على هذا الهدف والصلاة الى يهوه من اجل المساعدة على بلوغه. (فيلبي ٤:٦، ٧) كتب بولس: «من اقام راسخا في قلبه وليس له اضطرار بل له سلطان على ارادته وقد عزم على هذا في قلبه ان يحفظ عذراءه [«بتوليته،» عج] فحسنا يفعل. اذًا من زوج فحسنا يفعل ومن لا يزوج يفعل احسن.» — ١ كورنثوس ٧:٣٧، ٣٨.
العزوبة بقصد
١٣، ١٤ (أ) اية مقارنة صنعها الرسول بولس بين المسيحيين غير المتزوجين والمتزوجين؟ (ب) كيف فقط يمكن ان يفعل المسيحي العازب «احسن» من المتزوجين؟
١٣ ليس للعزوبة في حد ذاتها فضل. فبأيّ معنى يمكن ان تكون «احسن»؟ يعتمد ذلك على كيفية استخدام الشخص الحرية التي ترافقها. كتب بولس: «اريد ان تكونوا بلا هم. غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب. وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضي امرأته [«وهو منقسم،» عج]. ان بين الزوجة والعذراء فرقا. غير المتزوجة تهتم في ما للرب لتكون مقدسة جسدا وروحا. وأما المتزوجة فتهتم في ما للعالم كيف ترضي رجلها. هذا اقوله لخيركم ليس لكي أُلقي عليكم وهَقا بل لاجل اللياقة والمثابرة للرب من دون ارتباك [«تلهية،» عج].» — ١ كورنثوس ٧:٣٢-٣٥.
١٤ فالمسيحي العازب الذي يستخدم عزوبته لبلوغ اهداف انانية لا يفعل «احسن» من المسيحيين المتزوجين. فهو لا يبقى عازبا ‹لاجل الملكوت،› بل لاسباب شخصية. (متى ١٩:١٢) والرجل، او المرأة، غير المتزوج يجب ان «يهتم في ما للرب،» في ‹ارضاء الرب،› وفي «المثابرة للرب من دون [تلهية].» ويعني ذلك تخصيص انتباه غير منقسم لخدمة يهوه ويسوع المسيح. وبذلك فقط يفعل الرجال والنساء المسيحيون غير المتزوجين «احسن» من المسيحيين المتزوجين.
نشاط من دون تلهية
١٥ ما هي النقطة الرئيسية في مناقشة بولس في ١ كورنثوس الاصحاح ٧؟
١٥ ان كامل مناقشة بولس في هذا الاصحاح هي ما يلي: في حين ان الزواج هو شرعي، وفي بعض الظروف، مستحسن للبعض، فإن العزوبة هي دون شك مفيدة للمرأة او الرجل المسيحي الذي يريد ان يخدم يهوه بأقل تلهية. وفي حين يكون المتزوج ‹منقسما،› فإن المسيحي غير المتزوج حرّ ليركز الانتباه على «ما للرب.»
١٦، ١٧ كيف يستطيع المسيحي العازب ان يركز انتباهه بطريقة افضل على «ما للرب»؟
١٦ وما هو ما للرب الذي يمكن للمسيحي غير المتزوج ان يمنحه انتباها بحرية اكثر من المتزوجين؟ في قرينة اخرى، تكلم يسوع عن «ما للّٰه» — ما لا يمكن للمسيحي ان يعطيه لقيصر. (متى ٢٢:٢١) ويتعلق هذا خصوصا بحياة المسيحي، عبادته، وخدمته. — متى ٤:١٠؛ رومية ١٤:٨؛ ٢ كورنثوس ٢:١٧؛ ٣:٥، ٦؛ ٤:١.
١٧ لدى العزاب عموما حرية اكبر لتخصيص الوقت لخدمة يهوه، وذلك لفائدة روحياتهم ونطاق خدمتهم. فيمكنهم ان يقضوا وقتا اكثر في الدرس الشخصي والتأمل. وغالبا ما يكون من الاسهل ان يخصِّص المسيحيون العزاب الوقت لقراءتهم في الكتاب المقدس اكثر من المتزوجين. وقد يستعدون بشكل افضل للاجتماعات وخدمة الحقل. وكل ذلك ‹لخيرهم.› — ١ كورنثوس ٧:٣٥.
١٨ كيف يمكن ان يظهر كثيرون من الاخوة العزاب انهم يريدون ان يخدموا يهوه «من دون [تلهية]»؟
١٨ لدى كثيرين من اخوتنا العزاب الذين يخدمون الآن كخدام مساعدين حرية القول ليهوه: «هأنذا ارسلني.» (اشعياء ٦:٨) ويمكنهم ان يقدموا طلبا لحضور مدرسة تدريب الخدام، المخصَّصة للخدام المساعدين والشيوخ العزاب الذين لديهم حرية الخدمة حيث الحاجة اعظم. حتى الاخوة الذين لا يستطيعون ترك جماعتهم يمكنهم ان يكونوا مستعدين لخدمة اخوتهم كخدام مساعدين او شيوخ. — فيلبي ٢:٢٠-٢٣.
١٩ كيف تُبارك كثيرات من الاخوات العوازب، وما هي احدى الطرائق التي بها يمكن ان يكنّ بركة للجماعات؟
١٩ والاخوات العوازب، اللواتي ليس لديهن رأس بشري يستشرنه ويثقن به، قد يملن اكثر الى ‹القاء همومهن على يهوه.› (مزمور ٥٥:٢٢؛ ١ كورنثوس ١١:٣) وهذا مهم خصوصا للاخوات اللواتي هن عوازب بسبب محبتهن ليهوه. وإذا تزوجن في نهاية الامر، يكون ذلك «في الرب فقط،» اي بشخص منتذر ليهوه فقط. (١ كورنثوس ٧:٣٩) ويكون الشيوخ شاكرين على وجود اخوات غير متزوجات في جماعاتهم؛ فهؤلاء غالبا ما يزرن ويساعدن المرضى والمسنِّين. ويجلب ذلك السعادة لكل المعنيين بالامر. — اعمال ٢٠:٣٥.
٢٠ كيف يظهر كثيرون من المسيحيين انهم ‹يثابرون للرب من دون [تلهية]›؟
٢٠ رتب كثيرون من الاحداث المسيحيين شؤونهم لكي ‹يثابروا للرب من دون ارتباك [«تلهية،» عج].› (١ كورنثوس ٧:٣٥) وهم يخدمون يهوه كخدام فاتحين كامل الوقت، مرسلين، او في احد مكاتب فروع جمعية برج المراقبة. ويا لهم من فريق سعيد! وكم يكون وجودهم منعشا! فهم في نظر يهوه ويسوع «كقطرات الندى.» — مزمور ١١٠:٣، عج.
لا نذر عفَّة دائمة
٢١ (أ) لماذا من الواضح ان بولس لم يشجع على نذر العفَّة؟ (ب) علامَ دلَّ ضمنا عندما تكلم عن ‹تجاوز [رَيْعان الشباب]›؟
٢١ ان النقطة الرئيسية في مشورة بولس هي ان المسيحيين يفعلون «حسنا» اذا قبلوا العزوبة في حياتهم. (١ كورنثوس ٧:١، ٨، ٢٦، ٣٧) لكنه لم يدعُهم بالتأكيد الى نذر العفَّة (التبتُّل). بل على العكس كتب: «إن كان احد يظن انه يعمل بدون لياقة نحو عذرائه [«بتوليته،» عج] اذا تجاوزت الوقت [«رَيْعان الشباب،» عج] وهكذا لزم ان يصير فليفعل ما يريد. انه لا يخطئ. فليتزوجا.» (١ كورنثوس ٧:٣٦) ان الكلمة اليونانية الواحدة (هيپِراكموس) المترجمة «تجاوزت [رَيْعان الشباب]» تعني حرفيا «تجاوز اعلى نقطة» وتشير الى تجاوز ذروة فورة الرغبة الجنسية. لذلك فإن الذين قضوا سنوات عديدة في حالة العزوبة ويشعرون اخيرا انهم يجب ان يتزوجوا هم احرار ليتزوجوا رفيقا مؤمنا. — ٢ كورنثوس ٦:١٤.
-
-
زوج وشيخ — الموازنة بين المسؤوليتينبرج المراقبة ١٩٩٦ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
١، ٢ لماذا تبتُّل الكهنة غير مؤسس على الاسفار المقدسة؟
في القرن الاول، كان المسيحيون الامناء مهتمين بالموازنة بين مسؤولياتهم المختلفة. فهل عنى الرسول بولس، عندما قال ان المسيحي الذي يبقى عازبا «يفعل احسن،» ان شخصا كهذا مناسب اكثر ليخدم كناظر في الجماعة المسيحية؟ وهل كان في الواقع يجعل العزوبة مطلبا للشيوخ؟ (١ كورنثوس ٧:٣٨) ان التبتُّل مطلب لرجل الدين الكاثوليكي. ولكن هل تبتُّل الكهنة مؤسس على الاسفار المقدسة؟ وتسمح الكنائس الارثوذكسية الشرقية لكهنة ابرشياتها بأن يكونوا متزوجين، لكنها لا تسمح بذلك لأساقفتها. فهل ينسجم ذلك مع الكتاب المقدس؟
٢ كان العديد من رسل المسيح الـ ١٢، الاعضاء الذين يشكِّلون اساس الجماعة المسيحية، رجالا متزوجين. (متى ٨:١٤، ١٥؛ افسس ٢:٢٠) كتب بولس: «ألعلنا ليس لنا سلطان ان نجول بأختٍ زوجةً كباقي الرسل وإخوة الرب وصفا [بطرس].» (١ كورنثوس ٩:٥) تُقرّ دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة بأن «قانون التبتُّل هو من اصل كنسي» وأن «خدام العهد الجديد لم يكونوا ملزمين بالتبتُّل.» وشهود يهوه يتبعون نموذج الاسفار المقدسة لا القانون الكنسي. — ١ تيموثاوس ٤:١-٣.
شيخ وزوج مسؤوليتان غير متعارضتين
٣ اية حقائق من الاسفار المقدسة تُظهر ان النظار المسيحيين يمكن ان يكونوا متزوجين؟
٣ بدلا من ان يطلب بولس ان يكون الرجال المعيَّنون كنظار غير متزوِّجين، كتب الى تيطس: «من اجل هذا تركتك في كريت لكي تكمل ترتيب الامور الناقصة وتقيم في كل مدينة شيوخا [باليونانية، پرسبيتيروس] كما اوصيتك. إن كان احد بلا لوم بعل [«زوج،» عج] امرأة واحدة له اولاد مؤمنون ليسوا في شكاية الخلاعة ولا متمردين. لأنه يجب ان يكون الاسقف [«الناظر،» عج؛ باليونانية اپيسكوپوس، ومنها تأتي كلمة «اسقف»] بلا لوم كوكيل اللّٰه.» — تيطس ١:٥-٧.
٤ (أ) كيف نعرف ان الزواج ليس مطلبا للنظار المسيحيين؟ (ب) اية فائدة يحصل عليها الاخ العازب الذي يخدم كشيخ؟
٤ ومن ناحية اخرى، ليس الزواج مطلبا مؤسسا على الاسفار المقدسة للشيوخ. فيسوع بقي عازبا. (افسس ١:٢٢) وبولس، ناظر بارز في الجماعة المسيحية للقرن الاول، كان آنذاك غير متزوج. (١ كورنثوس ٧:٧-٩) واليوم هنالك كثيرون من المسيحيين العزاب الذين يخدمون كشيوخ. وعزوبتهم تسمح لهم على الارجح بوقت اكبر ليؤدوا واجباتهم كنظار.
‹المتزوج منقسم›
٥ ايّ واقع من الاسفار المقدسة يجب ان يدركه الاخوة المتزوجون؟
٥ عندما يتزوج المسيحي، يجب ان يدرك انه يتحمل مسؤوليات جديدة تستدعي وقته وانتباهه. يذكر الكتاب المقدس: «غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب. وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضي امرأته [«وهو منقسم،» عج].» (١ كورنثوس ٧:٣٢-٣٤) فبأيّ معنى هو منقسم؟
٦، ٧ (أ) ما هي احدى الطرائق التي بها يكون المتزوج ‹منقسما›؟ (ب) اية مشورة اعطاها بولس للمسيحيين المتزوجين؟ (ج) كيف يمكن ان يؤثر ذلك في قرار الرجل ان يقبل تعيين عمل؟
٦ احد الامور هو ان المتزوج يتخلى عن سلطته على جسده. وقد جعل بولس ذلك واضحا جدا: «ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل. وكذلك الرجل ايضا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة.» (١ كورنثوس ٧:٤) قد يشعر بعض الذين يعتزمون الزواج ان لذلك اهمية زهيدة لأن الجنس لن يكون ذلك الشيء البالغ الاهمية في زواجهم. ولكن، بما ان الطهارة قبل الزواج هي مطلب من الاسفار المقدسة، لا يعرف المسيحيون حقا الحاجات الجنسية لرفيق زواجهم المقبل.
٧ يظهر بولس انه حتى رفيقا الزواج اللذان ‹يهتمان بما للروح› يجب ان يأخذا في الاعتبار واحدهما حاجات الآخر الجنسية. فقد نصح المسيحيين في كورنثوس: «ليوفِ الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة ايضا الرجل. لا يسلب احدكم الآخر إلا ان يكون على موافقة الى حين لكي تتفرغوا للصوم والصلاة ثم تجتمعوا ايضا معا لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم.» (رومية ٨:٥؛ ١ كورنثوس ٧:٣، ٥) ومن المؤسف انه قد حصلت حالات زنا عندما لم تُتَّبع هذه النصيحة. لذلك يجب ان يزِن المسيحي المتزوج الامور باعتناء قبل ان يقبل تعيين عمل يفصله عن زوجته فترة طويلة. فلم يعد يتمتع بالحرية التي كانت له وهو عازب.
٨، ٩ (أ) ماذا عنى بولس عندما قال ان المتزوجين ‹يهتمون في ما للعالم›؟ (ب) بماذا يجب ان يهتم المسيحيون المتزوجون؟
٨ وبأي معنى يمكن ان يُقال ان الرجال المسيحيين المتزوجين، بمَن فيهم الشيوخ، ‹يهتمون في ما للعالم [كوسموس]›؟ (١ كورنثوس ٧:٣٣) من الواضح جدا ان بولس لم يكن يتكلم عن الاشياء الرديئة لهذا العالم، التي يجب ان يجتنبها كل المسيحيين الحقيقيين. (٢ بطرس ١:٤؛ ٢:١٨-٢٠؛ ١ يوحنا ٢:١٥-١٧) فكلمة اللّٰه تنصحنا «ان ننكر الفجور والشهوات العالمية [كوسميكوس] ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر.» — تيطس ٢:١٢.
٩ اذًا، المسيحي المتزوج «يهتم في ما للعالم» بمعنى انه هو او هي مهتم بشكل معقول بالامور الدنيوية التي هي جزء من الحياة الزوجية الطبيعية. ويشمل ذلك المأوى، الطعام، اللباس، الاستجمام — هذا اذا لم نذكر الاهتمامات الاخرى التي لا تُعدّ في حال وجود اولاد. ولكن حتى بالنسبة الى رفيقي الزواج اللذين لا اولاد لهما، لكي ينجح الزواج يجب على كل من الزوج والزوجة ان يهتم ‹بإرضاء› رفيق زواجه. ولهذا اهمية خاصة عند الشيوخ المسيحيين وهم يوازنون بين مسؤولياتهم.
ازواج صالحون وشيوخ صالحون ايضا
١٠ لكي يكون المسيحي مؤهلا كشيخ، ماذا يجب ان يتمكن اخوته الشهود والناس خارج الجماعة من ملاحظته؟
١٠ صحيح ان الزواج ليس مطلبا للشيوخ، ولكن اذا كان المسيحي متزوجا، فقبل ان يوصى بتعيينه كشيخ، يجب طبعا ان يعطي دليلا على انه يحاول ان يكون زوجا صالحا ومحبا فيما يمارس رئاسته بلياقة. (افسس ٥:٢٣-٢٥، ٢٨-٣١) كتب بولس: «إن ابتغى احد مركز ناظر يرغب في عمل صالح. لذلك يجب ان يكون الناظر بلا لوم، زوج امرأة واحدة.» (١ تيموثاوس ٣:١، ٢، عج) فيجب ان يكون واضحا ان الشيخ يبذل كل ما في وسعه ليكون زوجا صالحا، سواء كانت زوجته رفيقة مسيحية او لا. وفي الواقع، حتى الناس خارج الجماعة يجب ان يتمكنوا من رؤيته يعتني جيدا بزوجته ومسؤولياته الاخرى. اضاف بولس: «يجب ايضا ان تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس.» — ١ تيموثاوس ٣:٧.
١١ ماذا تتضمن عبارة «زوج امرأة واحدة،» ولذلك اية حيطة يجب ان يأخذها الشيوخ؟
١١ طبعا ان عبارة «زوج امرأة واحدة» تبطل تعدد الزوجات، لكنها ايضا تتضمن معنى الامانة الزوجية. (عبرانيين ١٣:٤) والشيوخ بالتحديد يلزم ان يكونوا منتبهين خصوصا عندما يساعدون الاخوات في الجماعة. فيجب ان يتجنبوا الذهاب وحدهم لزيارة اخت تحتاج الى المشورة والتعزية. ويكون حسنا ان يرافقهم شيخ آخر، خادم مساعد، او حتى زوجتهم اذا كانت الزيارة مجرد زيارة تشجيعية. — ١ تيموثاوس ٥:١، ٢.
١٢ ايّ مطلب تجاهد زوجات الشيوخ والخدام المساعدين لبلوغه؟
١٢ في سياق الكلام، وفيما كان الرسول بولس يعدد مطالب الشيوخ والخدام المساعدين، قدَّم ايضا النصيحة لزوجات الذين يجري التأمل في منحهم مثل هذين الامتيازين. كتب: «كذلك يجب ان تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات امينات في كل شيء.» (١ تيموثاوس ٣:١١) ويمكن ان يساهم الزوج المسيحي كثيرا في مساعدة زوجته على بلوغ هذا المطلب.
واجبات من الاسفار المقدسة نحو الزوجة
١٣، ١٤ حتى لو لم تكن زوجة الشيخ رفيقة شاهدة، لماذا يجب ان يبقى معها ويكون زوجا صالحا؟
١٣ طبعا، ان هذه المشورة المعطاة لزوجات الشيوخ والخدام المساعدين تفترض سلفا ان زوجات كهؤلاء هن مسيحيات منتذرات. وهذه هي الحال عموما لأن المسيحيين يلزم ان يتزوجوا «في الرب فقط.» (١ كورنثوس ٧:٣٩) ولكن ماذا عن الاخ الذي كان متزوجا بغير مؤمنة عندما نذر حياته ليهوه، او الذي تخلت زوجته عن الحق دون خطإ من جهته؟
١٤ هذا، في حد ذاته، لا يحول دون تعيينه شيخا. ولكنه ايضا لا يبرر انفصاله عن زوجته لمجرد انها لا تؤمن بمعتقداته. نصح بولس: «انت مرتبط بامرأة فلا تطلب الانفصال.» (١ كورنثوس ٧:٢٧) وذكر ايضا: «إن كان اخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي ان تسكن معه فلا يتركها. ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الاخ او الاخت مستعبدا في مثل هذه الاحوال. ولكنَّ اللّٰه قد دعانا في السلام. لأنه كيف تعلمين ايتها المرأة هل تخلِّصين الرجل. او كيف تعلم ايها الرجل هل تخلِّص المرأة.» (١ كورنثوس ٧:١٢، ١٥، ١٦) فحتى لو لم تكن الزوجة شاهدة، يجب ان يكون الشيخ زوجا صالحا.
١٥ اية مشورة اعطاها الرسول بطرس للازواج المسيحيين، وماذا يمكن ان تكون العواقب اذا تبيَّن ان الشيخ زوج مهمِل؟
١٥ سواء كانت زوجة الشيخ المسيحي من الرفقاء المؤمنين او لا، يجب ان يدرك ان زوجته تحتاج الى انتباهه الحبي. كتب الرسول بطرس: «كذلكم ايها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الاناء النسائي كالاضعف معطين اياهن كرامة كالوارثات ايضا معكم نعمة الحياة لكي لا تعاق صلواتكم.» (١ بطرس ٣:٧) فالزوج الذي لا يعتني عمدا بحاجات زوجته يعرِّض علاقته بيهوه للخطر؛ ويمكن ان يسدَّ ذلك سبيل اقترابه الى يهوه كما لو «بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة.» (مراثي ارميا ٣:٤٤) وقد يؤدي ذلك الى عدم اهليته ليخدم كناظر مسيحي.
١٦ اية نقطة رئيسية تناولها بولس، وكيف يجب ان يشعر الشيوخ حيال ذلك؟
١٦ كما ذُكر، ان النقطة الرئيسية في مناقشة بولس هي ان الرجل يتخلَّى عندما يتزوج عن مقدار من الحرية التي كانت له وهو عازب والتي اتاحت له فرصة «المثابرة للرب من دون ارتباك [«تلهية،» عج].» (١ كورنثوس ٧:٣٥) تظهر التقارير ان بعض الشيوخ المتزوجين لا يكونون دائما متزنين لدى التفكير في كلمات بولس الموحى بها. فقد يغفلون عن بعض واجباتهم الزوجية، رغبة منهم في القيام بما يشعرون بأن الشيوخ الصالحين يجب ان يقوموا به. ويجد البعض انه من الصعب ان يرفضوا ايّ امتياز في الجماعة ولو اتضح ان قبوله مؤذٍ روحيا لزوجاتهم. انهم يتمتعون بالامتيازات التي ترافق الزواج، ولكن هل هم مستعدون لاتمام المسؤوليات التي ترافقه؟
١٧ ماذا حدث لبعض زوجات النظار، وكيف كان من الممكن تجنب ذلك؟
١٧ طبعا، ان غيرة الشيخ جديرة بالثناء. ولكن هل يكون المسيحي متزنا اذا اهمل مسؤولياته الروحية تجاه زوجته وهو يقوم بواجباته في الجماعة؟ ان الشيخ المتزن، اذ يرغب في دعم الذين في الجماعة، يهتم ايضا بروحيات زوجته. فبعض زوجات الشيوخ ضعفن روحيا والبعض ‹انكسرت بهن السفينة› روحيا. (١ تيموثاوس ١:١٩) صحيح ان الزوجة مسؤولة عن خلاصها، ولكن في بعض الحالات كان يمكن تجنب المشكلة الروحية لو كان الشيخ ‹يقوت ويربي [«يعزّ،» عج]› زوجته، «كما الرب ايضا الكنيسة.» (افسس ٥:٢٨، ٢٩) اجل، يجب على الشيوخ ان ‹يحترزوا لأنفسهم ولجميع الرعية.› (اعمال ٢٠:٢٨) وإذا كانوا متزوجين، يشمل ذلك زوجاتهم.
«ضيق في الجسد»
١٨ ما هي بعض اوجه ‹الضيق› التي يمكن ان يعانيها المسيحيون، وكيف يمكن ان يؤثر ذلك في نشاطات الشيخ؟
١٨ كتب الرسول ايضا: «إن تزوجت العذراء لم تخطئ. ولكن مثل هؤلاء يكون لهم ضيق في الجسد. وأما انا فإني اشفق عليكم.» (١ كورنثوس ٧:٢٨) كان بولس راغبا في اعفاء القادرين على اتِّباع مثال عزوبته من الهموم التي لا بد ان ترافق الزواج. وهذه الهموم، حتى بالنسبة الى رفقاء الزواج الذين لا اولاد لهم، قد تشمل المشاكل الصحية او الضيقات المالية بالاضافة الى المسؤوليات المؤسسة على الاسفار المقدسة نحو والدَي رفيق الزواج المسنَّين. (١ تيموثاوس ٥:٤، ٨) ويجب ان يكون الشيخ مثاليا في قبول هذه المسؤوليات، وقد يؤثر هذا احيانا في نشاطاته كناظر مسيحي. ومن المفرح ان معظم الشيوخ يحسنون اتمام مسؤولياتهم العائلية والجماعية على السواء.
١٩ ماذا عنى بولس عندما قال: «لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم»؟
١٩ اضاف بولس: «الوقت منذ الآن مقصَّر لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم.» (١ كورنثوس ٧:٢٩) طبعا، نظرا الى ما سبق فكتبه في هذا الاصحاح من كورنثوس، من الواضح انه لم يعنِ ان المسيحيين المتزوجين يجب بطريقة ما ان يهملوا زوجاتهم. (١ كورنثوس ٧:٢، ٣، ٣٣) فقد اظهر ما عنى عندما كتب: «[ليكن] الذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه [«كاملا،» عج]. لأن هيئة هذا العالم تزول.» (١ كورنثوس ٧:٣١) و«العالم يمضي» الآن اكثر من زمن بولس او زمن الرسول يوحنا. (١ يوحنا ٢:١٥-١٧) لذلك فإن المسيحيين المتزوجين الذين يشعرون بالحاجة الى صنع تضحيات في اتِّباع المسيح لا يمكنهم ان ينهمكوا كاملا في افراح وامتيازات الزواج. — ١ كورنثوس ٧:٥.
-