-
الشجاعة تنبع من الايمان والتقوىبرج المراقبة ٢٠٠٦ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
اَلشَّجَاعَةُ تَنْبَعُ مِنَ ٱلْإِيمَانِ وَٱلتَّقْوَى
«تَشَجَّعْ وَتَقَوَّ . . . لِأَنَّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ مَعَكَ». — يشوع ١:٩.
١، ٢ (أ) مِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ، كَيْفَ بَدَتْ إِمْكَانِيَّةُ ٱنْتِصَارِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَلَى ٱلْكَنْعَانِيِّينَ؟ (ب) أَيُّ تَأْكِيدٍ نَالَهُ يَشُوعُ؟
سَنَةَ ١٤٧٣ قم، كَانَتْ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ عَلَى عَتَبَةِ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. وَقَدْ ذَكَّرَهُمْ مُوسَى بِٱلتَّحَدِّيَاتِ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُهُمْ، قَائِلًا: «أَنْتَ ٱلْيَوْمَ عَابِرٌ ٱلْأُرْدُنَّ لِتَدْخُلَ وَتَطْرُدَ أُمَمًا أَعْظَمَ وَأَقْوَى مِنْكَ، مُدُنًا عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى ٱلسَّمَاءِ، شَعْبًا عِظَامًا وَطِوَالًا، بَنِي ٱلْعَنَاقِيِّينَ، ٱلَّذِينَ عَرَفْتَ عَنْهُمْ وَسَمِعْتَ ٱلْقَوْلَ: ‹مَنْ يَقِفُ أَمَامَ بَنِي عَنَاقَ؟›». (تثنية ٩:١، ٢) فَهؤُلَاءِ ٱلْمُحَارِبُونَ ٱلْعَمَالِقَةُ كَانُوا مَشْهُورِينَ جِدًّا. كَمَا أَنَّ بَعْضَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ كَانَ لَدَيْهِمْ جَيْشٌ مُجَهَّزٌ بِأَفْضَلِ ٱلْمُعَدَّاتِ وَيَسْتَعْمِلُ ٱلْأَحْصِنَةَ وَٱلْمَرْكَبَاتِ ذَاتَ ٱلْعَجَلَاتِ ٱلَّتِي لَهَا مَنَاجِلُ مِنْ حَدِيدٍ. — قضاة ٤:١٣.
٢ أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَكَانَتْ أُمَّةً مُسْتَعْبَدَةً وَقَدْ قَضَتْ ٤٠ سَنَةً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. لِذلِكَ بَدَتْ إِمْكَانِيَّةُ ٱلِٱنْتِصَارِ ضَئِيلَةً جِدًّا مِنْ وُجْهَةِ ٱلنَّظَرِ ٱلْبَشَرِيَّةِ. رَغْمَ ذلِكَ، تَحَلَّى مُوسَى بِٱلْإِيمَانِ، مِمَّا سَاعَدَهُ كَيْ «يَرَى» أَنَّ يَهْوَه يَقُودُهُمْ. (عبرانيين ١١:٢٧) قَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «يَهْوَه إِلٰهُكَ عَابِرٌ أَمَامَكَ . . . هُوَ يُفْنِيهِمْ وَيُخْضِعُهُمْ أَمَامَكَ». (تثنية ٩:٣؛ مزمور ٣٣:١٦، ١٧) بَعْدَ مَوْتِ مُوسَى، أَكَّدَ يَهْوَه لِيَشُوعَ أَنَّهُ سَيَدْعَمُهُ قَائِلًا: «قُمِ ٱلْآنَ وَٱعْبُرِ ٱلْأُرْدُنَّ هٰذَا، أَنْتَ وَجَمِيعُ هٰذَا ٱلشَّعْبِ، إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ، أَيْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. لَا يَقِفُ أَحَدٌ أَمَامَكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ». — يشوع ١:٢، ٥.
٣ مَاذَا سَاعَدَ يَشُوعَ عَلَى ٱمْتِلَاكِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلشَّجَاعَةِ؟
٣ أَوْصَى يَهْوَه يَشُوعَ أَنْ يَقْرَأَ شَرِيعَتَهُ وَيَتَأَمَّلَ فِيهَا وَيُطَبِّقَهَا لِكَيْ يَنَالَ دَعْمَهُ وَإِرْشَادَهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: «حِينَئِذٍ تُنْجِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تَعْمَلُ بِحِكْمَةٍ. أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَجَّعْ وَتَقَوَّ. لَا تَرْتَعِدْ وَلَا تَرْتَعْ، لِأَنَّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا ذَهَبْتَ». (يشوع ١:٨، ٩) وَلِأَنَّ يَشُوعَ أَطَاعَ ٱللّٰهَ، فَقَدْ تَشَجَّعَ وَتَقَوَّى وَنَجَحَ. بِٱلتَّبَايُنِ، لَمْ يُعْرِبْ مُعْظَمُ أَبْنَاءِ جِيلِهِ فِي ٱلسَّابِقِ عَنِ ٱلطَّاعَةِ للّٰهِ، لِذلِكَ لَمْ يَنْجَحُوا وَمَاتُوا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ.
شَعْبٌ عَدِيمُ ٱلْإِيمَانِ تَنْقُصُهُ ٱلشَّجَاعَةُ
٤، ٥ (أ) أَيُّ تَبَايُنٍ هُنَالِكَ بَيْنَ مَوْقِفِ ٱلْجَوَاسِيسِ ٱلْعَشَرَةِ وَمَوْقِفِ يَشُوعَ وَكَالِبَ؟ (ب) مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ يَهْوَه تِجَاهَ قِلَّةِ ٱلْإِيمَانِ ٱلَّتِي أَعْرَبَ عَنْهَا ٱلشَّعْبُ؟
٤ عِنْدَمَا صَارَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ قَرِيبِينَ مِنْ كَنْعَانَ قَبْلَ ٤٠ سَنَةً، أَرْسَلَ مُوسَى ١٢ رَجُلًا لِتَجَسُّسِ ٱلْأَرْضِ. فَعَادَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ خَائِفِينَ، وَتَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أُنَاسٌ مَرَدَةٌ. فَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ ٱلنَّفِيلِيمَ، بَنِي عَنَاقَ، ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلنَّفِيلِيمِ، فَصِرْنَا فِي عُيُونِنَا كَٱلْجَنَادِبِ». فَهَلْ كَانَ «جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ» — وَلَيْسَ ٱلْعَنَاقِيُّونَ فَقَطْ — عَمَالِقَةً؟ كَلَّا. وَهَلْ كَانَ ٱلْعَنَاقِيُّونَ مُتَحَدِّرِينَ مِنَ ٱلنَّفِيلِيمِ ٱلَّذِينَ عَاشُوا قَبْلَ ٱلطُّوفَانِ؟ بِٱلطَّبْعِ لَا. لكِنَّ هذِهِ ٱلْمُبَالَغَةَ أَنْتَجَتْ مَوْجَةَ ذُعْرٍ ٱجْتَاحَتِ ٱلْمُخَيَّمَ كُلَّهُ. حَتَّى إِنَّ ٱلشَّعْبَ أَرَادُوا ٱلرُّجُوعَ إِلَى مِصْرَ، ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي كَانُوا مُسْتَعْبَدِينَ فِيهَا. — عدد ١٣:٣١–١٤:٤.
٥ إِلَّا أَنَّ يَشُوعَ وَكالِبَ، جَاسُوسَانِ مِنَ ٱلْجَوَاسِيسِ ٱلـ ١٢، كَانَا مُتَحَمِّسَيْنِ لِدُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. قَالَا عَنِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ: «إِنَّهُمْ خُبْزٌ لَنَا. قَدْ تَحَوَّلَ عَنْهُمْ ظِلُّ ٱلْحِمَايَةِ، وَيَهْوَهُ مَعَنَا. لَا تَخَافُوهُمْ». (عدد ١٤:٩) فَهَلْ كَانَ يَشُوعُ وَكَالِبُ مُتَفَائِلَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ؟ كَلَّا! فَقَدْ سَبَقَا وَشَاهَدَا مَعَ بَاقِي ٱلْأُمَّةِ كَيْفَ أَذَلَّ يَهْوَه مِصْرَ ٱلْجَبَّارَةَ وَآلِهَتَهَا بِوَاسِطَةِ ٱلضَّرَبَاتِ ٱلْعَشْرِ. ثُمَّ رَأَيَا بِأُمِّ عُيُونِهِمَا كَيْفَ أَغْرَقَ يَهْوَه فِرْعَوْنَ وَقُوَّتَهُ ٱلْعَسْكَرِيَّةَ فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ. (مزمور ١٣٦:١٥) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ خَوْفَ ٱلْجَواسِيسِ ٱلْعَشَرَةِ وَٱلَّذِينَ تَأَثَّرُوا بِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيُّ مُبَرِّرٍ. قَالَ يَهْوَه: «إِلَى مَتَى لَا يُؤْمِنُونَ بِي بِٱلرَّغْمِ مِنْ جَمِيعِ ٱلْآيَاتِ ٱلَّتِي صَنَعْتُهَا فِي وَسْطِهِمْ؟». — عدد ١٤:١١.
٦ كَيْفَ تَرْتَبِطُ ٱلشَّجَاعَةُ بِٱلْإِيمَانِ، وَكَيْفَ يُرَى ذلِكَ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ؟
٦ بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ بَلَغَ يَهْوَه صَمِيمَ ٱلْمُشْكِلَةِ: إِنَّ جُبْنَ ٱلشَّعْبِ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. نَعَمِ، ٱلْإِيمَانُ وَٱلشَّجَاعَةُ مُرْتَبِطَانِ مَعًا ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِحَيْثُ تَمَكَّنَ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا مِنَ ٱلْكِتَابَةِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَخَيْرِهَا ٱلرُّوحِيِّ: «هٰذِهِ هِيَ ٱلْغَلَبَةُ ٱلَّتِي غَلَبَتِ ٱلْعَالَمَ: إِيمَانُنَا». (١ يوحنا ٥:٤) اَلْيَوْمَ أَيْضًا، يُسَاهِمُ ٱلْإِيمَانُ ٱلَّذِي هُوَ كَإِيمَانِ يَشُوعَ وَكَالِبَ فِي دَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ مَلَايِينِ شَاهِدٍ لِيَهْوَه — صِغَارًا وَكِبَارًا، أَقْوِيَاءَ وَضُعَفَاءَ — إِلَى ٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. وَلَمْ يَقْدِرْ أَيُّ عَدُوٍّ أَنْ يُسْكِتَ هذَا ٱلْجَيْشَ ٱلْبَاسِلَ ٱلْجَبَّارَ. — روما ٨:٣١.
لَا ‹تَتَرَاجَعْ›
٧ مَاذَا يَعْنِي ‹ٱلتَّرَاجُعُ›؟
٧ إِنَّ خُدَّامَ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ يَكْرِزُونَ بِٱلْبِشَارَةِ بِشَجَاعَةٍ لِأَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ تَمَامًا كَٱلرَّسُولِ بُولُسَ ٱلَّذِي كَتَبَ: «لَسْنَا مِمَّنْ يَتَرَاجَعُونَ لِلْهَلَاكِ، بَلْ مِمَّنْ لَهُمْ إِيمَانٌ لِٱسْتِحْيَاءِ ٱلنَّفْسِ». (عبرانيين ١٠:٣٩) وَ ‹ٱلتَّرَاجُعُ› ٱلَّذِي تَحَدَّثَ عَنْهُ بُولُسُ لَا يَعْنِي مُجَرَّدَ شُعُورٍ مُؤَقَّتٍ بِٱلْخَوْفِ، لِأَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْأُمَنَاءِ ٱنْتَابَهُمُ ٱلْخَوْفُ أَحْيَانًا. (١ صموئيل ٢١:١٢؛ ١ ملوك ١٩:١-٤) بَلْ يُشِيرُ إِلَى «ٱلِٱرْتِدَادِ إِلَى ٱلْوَرَاءِ، ٱلِٱنْسِحَابِ»، وَ «ٱلتَّقَاعُسِ عَنِ ٱلتَّمَسُّكِ بِٱلْحَقِّ»، كَمَا يُوضِحُ أَحَدُ قَوَامِيسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَيُضِيفُ ٱلْقَامُوسُ أَنَّ هذَا ٱلتَّعْبِيرَ قَدْ يَكُونُ مَجَازًا مُسْتَوْحًى مِنْ «إِنْزَالِ ٱلشِّرَاعِ وَتَخْفِيفِ ٱلسُّرْعَةِ» وَمُسْتَخْدَمًا فِي مَجَالِ خِدْمَةِ ٱللّٰهِ. طَبْعًا، إِنَّ ٱلَّذِينَ يَمْتَلِكُونَ إِيمَانًا قَوِيًّا لَا يُفَكِّرُونَ فِي «تَخْفِيفِ ٱلسُّرْعَةِ» عِنْدَمَا تَنْشَأُ ٱلصُّعُوبَاتُ — سَوَاءٌ كَانَتْ هذِهِ ٱلصُّعُوبَاتُ ٱضْطِهَادًا أَوْ مَرَضًا أَوْ أَيَّةَ مِحْنَةٍ أُخْرَى. بَدَلًا مِنْ ذلِكَ، إِنَّهُمْ يَجِدُّونَ فِي ٱلتَّقَدُّمِ فِي خِدْمَةِ يَهْوَه، مُدْرِكِينَ أَنَّهُ يَهْتَمُّ بِهِمْ كَثِيرًا وَيَعْرِفُ حُدُودَهُمْ. (مزمور ٥٥:٢٢؛ ١٠٣:١٤) فَهَلْ لَدَيْكَ إِيمَانٌ كَهذَا؟
٨، ٩ (أ) كَيْفَ قَوَّى يَهْوَه إِيمَانَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَّلِينَ؟ (ب) مَاذَا يُمْكِنُنَا فِعْلُهُ لِتَقْوِيَةِ إِيمَانِنَا؟
٨ ذَاتَ مَرَّةٍ، شَعَرَ ٱلرُّسُلُ أَنَّهُ يَنْقُصُهُمُ ٱلْإِيمَانُ. لِذلِكَ قَالُوا لِيَسُوعَ: «زِدْنَا إِيمَانًا». (لوقا ١٧:٥) وَقَدِ ٱسْتُجِيبَ طَلَبُهُمُ ٱلْمُخْلِصُ هذَا، خُصُوصًا يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم حِينَ حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ وَمَنَحَهُمْ فَهْمًا أَعْمَقَ لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَقَصْدِهِ. (يوحنا ١٤:٢٦؛ اعمال ٢:١-٤) وَإِذْ قَوِيَ إِيمَانُهُمْ، شَرَعُوا فِي حَمْلَةٍ كِرَازِيَّةٍ أَوْصَلُوا بِوَاسِطَتِهَا ٱلْبِشَارَةَ إِلَى «كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ» رَغْمَ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي تَعَرَّضُوا لَهَا. — كولوسي ١:٢٣؛ اعمال ١:٨؛ ٢٨:٢٢.
٩ نَحْنُ أَيْضًا، يَجِبُ أَنْ نَدْرُسَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَنُصَلِّيَ طَلَبًا لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لِكَيْ نُقَوِّيَ إِيمَانَنَا وَنَجِدَّ فِي ٱلتَّقَدُّمِ. فَلَنْ نُنَمِّيَ ٱلْإِيمَانَ ٱلَّذِي يَبُثُّ فِينَا ٱلشَّجَاعَةَ ٱللَّازِمَةَ لِلِٱحْتِمَالِ وَٱلِٱنْتِصَارِ فِي حَرْبِنَا ٱلرُّوحِيَّةِ إِلَّا إِذَا غَرَسْنَا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ فِي عَقْلِنَا وَقَلْبِنَا، تَمَامًا كَمَا فَعَلَ يَشُوعُ وَكَالِبُ وَٱلتَّلَامِيذُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَّلُونَ. — روما ١٠:١٧.
اَلْإِيمَانُ بِوُجُودِ ٱللّٰهِ لَا يَكْفِي
١٠ مَاذَا يَشْمُلُ ٱلْإِيمَانُ ٱلْحَقِيقِيُّ؟
١٠ كَمَا يُظْهِرُ مِثَالُ ٱلْمُحَافِظِينَ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْقَدِيمَةِ، إِنَّ ٱلْإِيمَانَ ٱلْحَقِيقِيَّ ٱلَّذِي يُنْتِجُ ٱلشَّجَاعَةَ وَٱلِٱحْتِمَالَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ ٱلْإِيمَانِ بِوُجُودِ ٱللّٰهِ. (يعقوب ٢:١٩) فَهُوَ يَتَطَلَّبُ أَنْ نَتَعَرَّفَ بِشَخْصِيَّةِ يَهْوَه وَنَمْتَلِكَ ثِقَةً مُطْلَقَةً بِهِ. (مزمور ٧٨:٥-٨؛ امثال ٣:٥، ٦) وَيَعْنِي أَيْضًا أَنْ نُؤْمِنَ بِكُلِّ قَلْبِنَا أَنَّ ٱتِّبَاعَ شَرَائِعِهِ وَمَبَادِئِهِ هُوَ لِمَصْلَحَتِنَا. (اشعيا ٤٨:١٧، ١٨) كَمَا يَشْمُلُ أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ يَهْوَه سَيُتَمِّمُ كُلَّ وُعُودِهِ وَأَنَّهُ «يُكَافِئُ ٱلَّذِينَ يَجِدُّونَ فِي طَلَبِهِ». — عبرانيين ١١:١، ٦؛ اشعيا ٥٥:١١.
١١ كَيْفَ بُورِكَ يَشُوعُ وَكَالِبُ عَلَى إِيمَانِهِمَا وَشَجَاعَتِهِمَا؟
١١ وَهذَا ٱلْإِيمَانُ يَنْمُو حِينَ نُطَبِّقُ ٱلْحَقَّ، ‹نَذُوقُ› ٱلْفَوَائِدَ، نَرَى ٱسْتِجَابَةَ صَلَوَاتِنَا، وَنَلْمُسُ بِطَرَائِقَ أُخْرَى إِرْشَادَ يَهْوَه فِي حَيَاتِنَا. (مزمور ٣٤:٨؛ ١ يوحنا ٥:١٤، ١٥) وَلَا شَكَّ أَنَّ إِيمَانَ يَشُوعَ وَكَالِبَ ٱزْدَادَ عِنْدَمَا ذَاقَا مَا أَطْيَبَ يَهْوَهَ. (يشوع ٢٣:١٤) فَقَدْ بَقِيَا عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ بَعْدَ ٱلرِّحْلَةِ ٱلَّتِي دَامَتْ ٤٠ سَنَةً فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، تَمَامًا كَمَا وَعَدَهُمَا ٱللّٰهُ. (عدد ١٤:٢٧-٣٠؛ ٣٢:١١، ١٢) وَكَانَ لَهُمَا دَوْرٌ بَارِزٌ فِي ٱلِٱسْتِيلَاءِ عَلَى كَنْعَانَ خِلَالَ سِتِّ سَنَوَاتٍ. إِضَافَةً إِلَى ذلِكَ، أُنْعِمَ عَلَيْهِمَا بِحَيَاةٍ مَدِيدَةٍ وَصِحَّةٍ جَيِّدَةٍ، حَتَّى إِنَّهُمَا نَالَا مِيرَاثَهُمَا مِنَ ٱلْأَرْضِ. حَقًّا، إِنَّ يَهْوَه يُكَافِئُ بِسَخَاءٍ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَهُ بِأَمَانَةٍ وَشَجَاعَةٍ. — يشوع ١٤:٦، ٩-١٤؛ ١٩:٤٩، ٥٠؛ ٢٤:٢٩.
١٢ كَيْفَ ‹يُعَظِّمُ يَهْوَه قَوْلَهُ›؟
١٢ يُذَكِّرُنَا ٱللُّطْفُ ٱلْحُبِّيُّ ٱلَّذِي أَظْهَرَهُ ٱللّٰهُ لِيَشُوعَ وَكَالِبَ بِكَلِمَاتِ صَاحِبِ ٱلْمَزْمُورِ: «عَظَّمْتَ قَوْلَك عَلَى كُلِّ ٱسْمِكَ». (مزمور ١٣٨:٢) فَعِنْدَمَا يَسْتَخْدِمُ يَهْوَه ٱسْمَهُ كَضَمَانَةٍ لِإِتْمَامِ وَعْدٍ مَا، ‹يَتَعَظَّمُ› إِتْمَامُ هذَا ٱلْوَعْدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَفُوقُ جِدًّا كُلَّ مَا نَتَخَيَّلُ. (افسس ٣:٢٠) نَعَمْ، إِنَّ يَهْوَه لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ ٱلَّذِينَ ‹يَتَلَذَّذُونَ› بِهِ. — مزمور ٣٧:٣، ٤.
رَجُلٌ «أَرْضَى ٱللّٰهَ»
١٣، ١٤ لِمَاذَا كَانَ أَخْنُوخُ بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلْإِيمَانِ وَٱلشَّجَاعَةِ؟
١٣ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلشَّجَاعَةِ بِٱلتَّأَمُّلِ فِي مِثَالٍ رَسَمَهُ شَاهِدٌ آخَرُ عَاشَ فِي أَزْمِنَةِ مَا قَبْلَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. وَهذَا ٱلشَّاهِدُ هُوَ أَخْنُوخُ. فَحَتَّى قَبْلَمَا ٱبْتَدَأَ أَخْنُوخُ بِٱلتَّنَبُّؤِ، عَرَفَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّ إِيمَانَهُ وَشَجَاعَتَهُ سَيَكُونَانِ عَلَى ٱلْمِحَكِّ. كَيْفَ؟ لَقَدْ ذَكَرَ يَهْوَه فِي عَدْنٍ أَنَّهُ سَتَكُونُ هُنَالِكَ عَدَاوَةٌ، أَوْ بُغْضٌ، بَيْنَ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ ٱللّٰهَ وَٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ ٱلشَّيْطَانَ إِبْلِيسَ. (تكوين ٣:١٥) وَعَرَفَ أَخْنُوخُ أَيْضًا أَنَّ هذَا ٱلْبُغْضَ نَشَأَ فِي فَجْرِ ٱلتَّارِيخِ حِينَ قَتَلَ قَايِينُ أَخَاهُ هَابِيلَ. فَأَبُوهُمَا آدَمُ عَاشَ قُرَابَةَ ٣١٠ سَنَوَاتٍ بَعْدَ وِلَادَةِ أَخْنُوخَ. — تكوين ٥:٣-١٨.
١٤ رَغْمَ ذلِكَ، «سَارَ أَخْنُوخُ [بِشَجَاعَةٍ] مَعَ ٱللّٰهِ» وَدَانَ «ٱلْأُمُورَ ٱلْفَظِيعَةَ» ٱلَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا ٱلنَّاسُ عَلَى يَهْوَه. (تكوين ٥:٢٢؛ يهوذا ١٤، ١٥) وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هذَا ٱلْمَوْقِفَ ٱلشُّجَاعَ إِلَى جَانِبِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ جَلَبَ لَهُ أَعْدَاءً كُثْرًا، مِمَّا عَرَّضَ حَيَاتَهُ لِلْخَطَرِ. وَهذَا مَا دَفَعَ يَهْوَه آنَذَاكَ إِلَى تَجْنِيبِ نَبِيِّهِ أَوْجَاعَ ٱلْمَوْتِ. فَبَعْدَمَا كَشَفَ لَهُ يَهْوَه أَنَّهُ ‹أَرْضَاهُ›، ‹نَقَلَهُ› مِنَ ٱلْحَيَاةِ إِلَى ٱلْمَوْتِ، رُبَّمَا خِلَالَ غَيْبُوبَةٍ نَالَ فِيهَا رُؤْيَا. — عبرانيين ١١:٥، ١٣؛ تكوين ٥:٢٤.
١٥ أَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ أَخْنُوخُ لِخُدَّامِ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ؟
١٥ بَعْدَمَا تَحَدَّثَ بُولُسُ عَنِ ٱنْتِقَالِ أَخْنُوخَ، شَدَّدَ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى أَهَمِّيَّةِ ٱلْإِيمَانِ قَائِلًا إِنَّهُ ‹بِدُونِ إِيمَانٍ يَسْتَحِيلُ إِرْضَاءُ› ٱللّٰهِ. (عبرانيين ١١:٦) نَعَمْ، مَنَحَ ٱلْإِيمَانُ أَخْنُوخَ ٱلشَّجَاعَةَ لِيَسِيرَ مَعَ يَهْوَه وَيُعْلِنَ دَيْنُونَتَهُ عَلَى عَالَمٍ أَثِيمٍ. وَهُوَ خَيْرُ مِثَالٍ لَنَا فِي هذَا ٱلْمَجَالِ. فَلَدَيْنَا عَمَلٌ مُمَاثِلٌ لِعَمَلِهِ لِنَقُومَ بِهِ فِي عَالَمٍ مُقَاوِمٍ لِلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَمَلْآنٍ بِشَتَّى أَنْوَاعِ ٱلشُّرُورِ. — مزمور ٩٢:٧؛ متى ٢٤:١٤؛ رؤيا ١٢:١٧.
اَلشَّجَاعَةُ تَنْبَعُ مِنَ ٱلتَّقْوَى
١٦، ١٧ مَنْ كَانَ عُوبَدْيَا، وَفِي أَيِّ مُحِيطٍ كَانَ يَعِيشُ؟
١٦ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِيمَانِ، هُنَالِكَ صِفَةٌ أُخْرَى تُوَلِّدُ ٱلشَّجَاعَةَ. إِنَّهَا ٱلْخَوْفُ ٱلتَّوْقِيرِيُّ مِنَ ٱللّٰهِ. لِنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالٍ بَارِزٍ لِرَجُلٍ خَائِفٍ للّٰهِ كَانَ يَعِيشُ فِي أَيَّامِ ٱلنَّبِيِّ إِيلِيَّا وَٱلْمَلِكِ أَخْآبَ. وَقَدْ حَكَمَ أَخْآبُ عَلَى مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ ٱلشَّمَالِيَّةِ حَيْثُ تَفَشَّتْ عِبَادَةُ ٱلْبَعْلِ بِشَكْلٍ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ. وَكَانَ أَنْبِيَاءُ ٱلْبَعْلِ ٱلْأَرْبَعُ مِئَةٍ وَٱلْخَمْسُونَ وَأَنْبِيَاءُ ٱلسَّارِيَةِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلْأَرْبَعُ مِئَةٍ «يَأْكُلُونَ عَلَى مَائِدَةِ إِيزَابِلَ». — ١ ملوك ١٦:٣٠-٣٣؛ ١٨:١٩.
١٧ وَبِمَا أَنَّ إِيزَابِلَ كَانَتْ عَدُوَّةً لَدُودَةً لِيَهْوَه، فَقَدْ حَاوَلَتِ ٱسْتِئْصَالَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ مِنَ ٱلْأَرْضِ. لِذلِكَ قَتَلَتْ بَعْضَ أَنْبِيَاءِ يَهْوَه، حَتَّى إِنَّهَا حَاوَلَتْ قَتْلَ إِيلِيَّا. لكِنَّهُ عَبَرَ ٱلْأُرْدُنَّ هَرَبًا مِنْهَا كَمَا أَوْصَاهُ ٱللّٰهُ. (١ ملوك ١٧:١-٣؛ ١٨:١٣) فَهَلْ تَتَخَيَّلُ كَمْ كُنْتَ سَتَسْتَصْعِبُ تَأْيِيدَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ لَوْ كُنْتَ عَائِشًا فِي ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلشَّمَالِيَّةِ فِي ذلِكَ ٱلزَّمَنِ؟ وَٱلْأَسْوَأُ مِنْ ذلِكَ، مَاذَا لَوْ كُنْتَ تَعْمَلُ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ؟ هذَا كَانَ ٱلْمُحِيطَ ٱلَّذِي عَاشَ فِيهِ عُوبَدْيَا ٱلْخَائِفُ ٱللّٰهِ،a ٱلْوَكِيلُ ٱلَّذِي كَانَ عَلَى بَيْتِ أَخْآبَ. — ١ ملوك ١٨:٣.
١٨ مَاذَا جَعَلَ عُوبَدْيَا خَادِمًا لِيَهْوَه يَنْدُرُ مَثِيلُهُ؟
١٨ لَا شَكَّ أَنَّ عُوبَدْيَا كَانَ حَذِرًا وَفَطِينًا فِي عِبَادَتِهِ لِيَهْوَه. رَغْمَ ذلِكَ، لَمْ يُسَايِرْ عَلَى حِسَابِ إِيمَانِهِ. تُخْبِرُنَا ١ ملوك ١٨:٣: «كَانَ عُوبَدْيَا يَخَافُ يَهْوَهَ جِدًّا». نَعَمْ، كَانَ خَوْفُ عُوبَدْيَا مِنَ ٱللّٰهِ يَنْدُرُ مَثِيلُهُ. وَهذَا ٱلْخَوْفُ ٱلسَّلِيمُ جَعَلَهُ يَتَحَلَّى بِشَجَاعَةٍ بَارِزَةٍ أَظْهَرَهَا فَوْرًا بَعْدَمَا قَتَلَتْ إِيزَابِلُ أَنْبِيَاءَ يَهْوَه.
١٩ أَيُّ أَمْرٍ قَامَ بِهِ عُوبَدْيَا يَدُلُّ عَلَى شَجَاعَتِهِ؟
١٩ نَقْرَأُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ: «كَانَ لَمَّا قَطَعَتْ إِيزَابِلُ أَنْبِيَاءَ يَهْوَهَ أَنَّ عُوبَدْيَا أَخَذَ مِئَةَ نَبِيٍّ وَخَبَّأَهُمْ، كُلَّ خَمْسِينَ فِي مَغَارَةٍ، وَزَوَّدَهُمْ بِٱلْخُبْزِ وَٱلْمَاءِ». (١ ملوك ١٨:٤) كَمَا تَرَى، كَانَ إِطْعَامُ مِئَةِ رَجُلٍ خُفْيَةً أَمْرًا مَحْفُوفًا بِٱلْمَخَاطِرِ. فَلَمْ يَكُنْ عَلَى عُوبَدْيَا أَنْ يَحْتَرِسَ لِئَلَّا يَكْتَشِفَ أَخْآبُ وَإِيزَابِلُ أَمْرَهُ فَحَسْبُ، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَحْتَرِسَ مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلدَّجَّالِينَ ٱلـ ٨٥٠ ٱلَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ إِلَى ٱلْقَصْرِ. كَمَا أَنَّ عَبَدَةَ ٱلْآلِهَةِ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلْكَثِيرِينَ ٱلَّذِينَ يَنْتَمُونَ إِلَى كُلِّ طَبَقَاتِ ٱلْمُجْتَمَعِ فِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكُونُوا حَتْمًا لِيُوَفِّرُوا أَيَّةَ فُرْصَةٍ لِفَضْحِهِ، وَذلِكَ سَعْيًا إِلَى نَيْلِ ٱسْتِحْسَانِ ٱلْمَلِكِ وَٱلْمَلِكَةِ. وَلكِنْ عَلَى مَرْأًى مِنْ كُلِّ عَبَدَةِ ٱلْأَصْنَامِ هؤُلَاءِ، ٱهْتَمَّ عُوبَدْيَا بِحَاجَاتِ أَنْبِيَاءِ يَهْوَه. فَمَا أَقْوَى تَأْثِيرَ خَوْفِ ٱللّٰهِ!
٢٠ كَيْفَ سَاعَدَتِ ٱلتَّقْوَى عُوبَدْيَا، وَكَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُهُ؟
٢٠ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ يَهْوَه حَمَى عُوبَدْيَا مِنْ أَعْدَائِهِ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ ٱلشَّجَاعَةَ ٱلَّتِي تَنْبَعُ مِنَ ٱلتَّقْوَى. تَقُولُ ٱلْأَمْثَالُ ٢٩:٢٥: «اَلْخَوْفُ مِنَ ٱلنَّاسِ يَضَعُ شَرَكًا، وَٱلْمُتَّكِلُ عَلَى يَهْوَهَ يَنَالُ ٱلْحِمَايَةَ». فَعُوبَدْيَا لَمْ يَكُنْ شَخْصًا فَوْقَ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ، إِذْ إِنَّهُ خَافَ مِنْ أَنْ يُقْبَضَ عَلَيْهِ وَيُقْتَلَ، تَمَامًا كَمَا نَخَافُ نَحْنُ. (١ ملوك ١٨:٧-٩، ١٢) غَيْرَ أَنَّ ٱلتَّقْوَى بَثَّتْ فِيهِ ٱلشَّجَاعَةَ لِيَتَغَلَّبَ عَلَى خَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ. وَهُوَ مِثَالٌ رَائِعٌ لَنَا جَمِيعًا، وَخُصُوصًا لِلَّذِينَ يَعْبُدُونَ يَهْوَه حَتَّى لَوْ كَانَتْ حُرِّيَّتُهُمْ أَوْ حَيَاتُهُمْ مُعَرَّضَةً لِلْخَطَرِ. (متى ٢٤:٩) فَلْنَسْعَ جَمِيعًا إِلَى خِدْمَةِ يَهْوَه «بِتَقْوَى وَمَهَابَةٍ»! — عبرانيين ١٢:٢٨.
٢١ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
٢١ لَيْسَ ٱلْإِيمَانُ وَٱلتَّقْوَى ٱلصِّفَتَيْنِ ٱلْوَحِيدَتَيْنِ ٱللَّتَيْنِ تُقَوِّيَانِ إِيمَانَنَا. فَٱلْمَحَبَّةُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لَهَا قُوَّةٌ أَكْبَرُ. كَتَبَ بُولُسُ: «اَللّٰهُ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ جُبْنٍ، بَلْ رُوحَ قُوَّةٍ وَمَحَبَّةٍ وَرَزَانَةٍ». (٢ تيموثاوس ١:٧) وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَرَى كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمَحَبَّةِ أَنْ تُسَاعِدَنَا عَلَى خِدْمَةِ يَهْوَه بِشَجَاعَةٍ خِلَالَ هذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ ٱلْحَرِجَةِ. — ٢ تيموثاوس ٣:١.
[الحاشية]
a لَيْسَ ٱلنَّبِيَّ عُوبَدْيَا.
-
-
المحبة توطِّد الشجاعةبرج المراقبة ٢٠٠٦ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
اَلْمَحَبَّةُ تُوَطِّدُ ٱلشَّجَاعَةَ
«اَللّٰهُ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ جُبْنٍ، بَلْ رُوحَ قُوَّةٍ وَمَحَبَّةٍ وَرَزَانَةٍ». — ٢ تيموثاوس ١:٧.
١، ٢ (أ) أَيَّةُ صِفَةٍ تَدْفَعُ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْبَشَرَ إِلَى إِظْهَارِهَا؟ (ب) لِمَاذَا كَانَتْ شَجَاعَةُ يَسُوعَ فَرِيدَةً مِنْ نَوْعِهَا؟
قُرْبَ بَلْدَةٍ عَلَى ٱلسَّاحِلِ ٱلشَّرْقِيِّ لِأُوسْتْرَالْيَا، كَانَ عَرُوسَانِ يَقُومَانِ بِٱلْغَطْسِ تَحْتَ ٱلْمَاءِ. وَفِيمَا كَانَا عَلَى وَشْكِ ٱلْوُصُولِ إِلَى ٱلسَّطْحِ، ٱنْدَفَعَ قِرْشٌ أَبْيَضُ نَحْوَ ٱلْمَرْأَةِ. وَبِحَرَكَةٍ بُطُولِيَّةٍ، دَفَعَ ٱلرَّجُلُ زَوْجَتَهُ جَانِبًا تَارِكًا نَفْسَهُ فَرِيسَةً لِلْقِرْشِ. عَبَّرَتْ أَرْمَلَتُهُ فِي ٱلْمَأْتَمِ قَائِلَةً: «لَقَدْ ضَحَّى بِحَيَاتِهِ مِنْ أَجْلِي».
٢ نَعَمْ، تَدْفَعُ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْبَشَرَ إِلَى إِظْهَارِ شَجَاعَةٍ مُمَيَّزَةٍ. فَيَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ قَالَ: «لَيْسَ لِأَحَدٍ مَحَبَّةٌ أَعْظَمُ مِنْ هٰذِهِ: أَنْ يَبْذُلَ أَحَدٌ نَفْسَهُ عَنْ أَصْدِقَائِهِ». (يوحنا ١٥:١٣) وَبَعْدَ أَقَلَّ مِنْ ٢٤ سَاعَةً مِنْ قَوْلِهِ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، بَذَلَ حَيَاتَهُ عَنْ كُلِّ ٱلْبَشَرِ وَلَيْسَ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. (متى ٢٠:٢٨) وَتَضْحِيَةُ يَسُوعَ بِحَيَاتِهِ لَمْ تَكُنْ عَمَلًا بُطُولِيًّا وَلِيدَ سَاعَتِهِ. فَقَدْ عَرَفَ مُسْبَقًا أَنَّهُ سَيُسْخَرُ مِنْهُ، يُعَامَلُ مُعَامَلَةً سَيِّئَةً، يُحْكَمُ عَلَيْهِ ظُلْمًا، وَيُعْدَمُ عَلَى خَشَبَةِ آلَامٍ. حَتَّى إِنَّهُ أَعَدَّ تَلَامِيذَهُ لِهذَا ٱلْأَمْرِ قَائِلًا: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ سَيُسَلَّمُ إِلَى كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَإِلَى ٱلْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِٱلْمَوْتِ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ، فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَقْتُلُونَهُ». — مرقس ١٠:٣٣، ٣٤.
٣ مَاذَا سَاعَدَ يَسُوعَ عَلَى إِظْهَارِ شَجَاعَةٍ كَبِيرَةٍ؟
٣ وَمَاذَا سَاعَدَ يَسُوعَ عَلَى إِظْهَارِ هذِهِ ٱلشَّجَاعَةِ ٱلْخَارِقَةِ؟ لَقَدْ لَعِبَ ٱلْإِيمَانُ وَٱلتَّقْوَى دَوْرًا بَارِزًا. (عبرانيين ٥:٧؛ ١٢:٢) لكِنَّ ٱلصِّفَةَ ٱلْأَهَمَّ ٱلَّتِي نَبَعَتْ مِنْهَا شَجَاعَتُهُ هِيَ مَحَبَّتُهُ للّٰهِ وَرُفَقَائِهِ ٱلْبَشَرِ. (١ يوحنا ٣:١٦) نَحْنُ أَيْضًا، سَنَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْإِعْرَابِ عَنْ شَجَاعَةٍ كَشَجَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ إِذَا ٱمْتَلَكْنَا ٱلْمَحَبَّةَ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلتَّقْوَى. (افسس ٥:٢) فَكَيْفَ نُنَمِّي مَحَبَّةً كَهذِهِ؟ فِي ٱلْبِدَايَةِ، يَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ مَصْدَرَ هذِهِ ٱلصِّفَةِ.
«اَلْمَحَبَّةُ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ»
٤ لِمَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ يَهْوَه هُوَ مَصْدَرُ ٱلْمَحَبَّةِ؟
٤ يَهْوَه هُوَ مُجَسَّمُ ٱلْمَحَبَّةِ وَمَصْدَرُهَا عَلَى ٱلسَّوَاءِ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا: «أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، لِنَسْتَمِرَّ فِي مَحَبَّةِ بَعْضِنَا بَعْضًا، لِأَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَهُوَ مَوْلُودٌ مِنَ ٱللّٰهِ وَيُحْرِزُ ٱلْمَعْرِفَةَ عَنِ ٱللّٰهِ. وَمَنْ لَا يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ ٱللّٰهَ، لِأَنَّ ٱللّٰهَ مَحَبَّةٌ». (١ يوحنا ٤:٧، ٨) فَبِإِمْكَانِ ٱلْمَرْءِ أَنْ يُنَمِّيَ مَحَبَّةً كَمَحَبَّةِ ٱللّٰهِ بِٱلِٱقْتِرَابِ إِلَى يَهْوَه مِنْ خِلَالِ نَيْلِهِ مَعْرِفَةً دَقَيقَةً وَتَطْبِيقِهِ هذِهِ ٱلْمَعْرِفَةَ بِطَاعَةٍ قَلْبِيَّةٍ. — فيلبي ١:٩؛ يعقوب ٤:٨؛ ١ يوحنا ٥:٣.
٥، ٦ مَاذَا سَاعَدَ أَتْبَاعَ يَسُوعَ ٱلْأَوَّلِينَ عَلَى تَنْمِيَةِ مَحَبَّةٍ شَبِيهَةٍ بِمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ؟
٥ أَظْهَرَ يَسُوعُ فِي صَلَاتِهِ ٱلْأَخِيرَةِ مَعَ رُسُلِهِ ٱلْأُمَنَاءِ ٱلـ ١١ ٱلْعَلَاقَةَ بَيْنَ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ وَٱلنُّمُوِّ فِي ٱلْمَحَبَّةِ. قَالَ: «عَرَّفْتُهُمْ بِٱسْمِكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ بِهِ، لِتَكُونَ فِيهِمِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلَّتِي أَحْبَبْتَنِي بِهَا وَأَكُونَ أَنَا فِي ٱتِّحَادٍ بِهِمْ». (يوحنا ١٧:٢٦) فَقَدْ سَاعَدَ تَلَامِيذَهُ عَلَى تَنْمِيَةِ مَحَبَّةٍ كَتِلْكَ ٱلَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَذلِكَ حِينَ عَكَسَ قَوْلًا وَعَمَلًا مَا يُمَثِّلُهُ ٱسْمُ ٱللّٰهِ — أَيْ صِفَاتِ ٱللّٰهِ ٱلرَّائِعَةَ. وَهكَذَا تَمَكَّنَ يَسُوعُ مِنَ ٱلْقَوْلِ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلْآبَ أَيْضًا». — يوحنا ١٤:٩، ١٠؛ ١٧:٨.
٦ وَٱلْمَحَبَّةُ ٱلشَّبِيهَةُ بِمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ هِيَ مِنْ نِتَاجِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ. (غلاطية ٥:٢٢) فَعِنْدَمَا نَالَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَّلُونَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، لَمْ يَتَذَكَّرُوا مَا عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ يَسُوعُ فَحَسْبُ، بَلْ فَهِمُوا بِشَكْلٍ أَكْمَلَ أَيْضًا مَعْنَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هذَا ٱلْفَهْمَ ٱلْأَعْمَقَ قَوَّى مَحَبَّتَهُمْ للّٰهِ. (يوحنا ١٤:٢٦؛ ١٥:٢٦) وَمَاذَا كَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ؟ كَرَزُوا بِٱلْبِشَارَةِ بِجُرْأَةٍ وَغَيْرَةٍ رَغْمَ أَنَّ حَيَاتَهُمْ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِلْخَطَرِ. — اعمال ٥:٢٨، ٢٩.
اَلْإِعْرَابُ بِشَكْلٍ عَمَلِيٍّ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْمَحَبَّةِ
٧ مَاذَا ٱضْطُرَّ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى ٱحْتِمَالِهِ فِي رِحْلَتِهِمَا ٱلْإِرْسَالِيَّةِ؟
٧ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «اَللّٰهُ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ جُبْنٍ، بَلْ رُوحَ قُوَّةٍ وَمَحَبَّةٍ وَرَزَانَةٍ». (٢ تيموثاوس ١:٧) وَبُولُسُ كَانَ يَتَكَلَّمُ مِنِ ٱخْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصِيِّ. تَأَمَّلْ فِي مَا عَانَاهُ هُوَ وَبَرْنَابَا فِي رِحْلَتِهِمَا ٱلْإِرْسَالِيَّةِ. فَقَدْ كَرَزَا فِي عَدَدٍ مِنَ ٱلْمُدُنِ، بِمَا فِيهَا أَنْطَاكِيَةُ وَإِيقُونِيَةُ وَلِسْتَرَةُ. وَفِي كُلٍّ مِنْ هذِهِ ٱلْمُدُنِ، صَارَ ٱلْبَعْضُ مُؤْمِنِينَ فِي حِينِ أَنَّ آخَرِينَ كَانُوا مُقَاوِمِينَ عِدَائِيِّينَ. (اعمال ١٣:٢، ١٤، ٤٥، ٥٠؛ ١٤:١، ٥) حَتَّى إِنَّ رُعَاعًا مُهْتَاجِينَ فِي لِسْتَرَةَ رَجَمُوا بُولُسَ وَتَرَكُوهُ، ظَانِّينَ أَنَّهُ مَاتَ. لكِنَّ ٱلرِّوَايَةَ تَقُولُ: «لَمَّا أَحَاطَ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ، قَامَ وَدَخَلَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَفِي ٱلْغَدِ مَضَى مَعَ بَرْنَابَا إِلَى دِرْبَةَ». — اعمال ١٤:٦، ١٩، ٢٠.
٨ كَيْفَ عَكَسَتِ ٱلشَّجَاعَةُ ٱلَّتِي أَظْهَرَهَا بُولُسُ وَبَرْنَابَا مَحَبَّتَهُمَا ٱلْعَمِيقَةَ لِلنَّاسِ؟
٨ وَهَلْ مُحَاوَلَةُ ٱلْقَتْلِ هذِهِ أَخَافَتْ بُولُسَ وَبَرْنَابَا وَجَعَلَتْهُمَا يَتَوَقَّفَانِ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ؟ عَلَى ٱلْعَكْسِ. فَبَعْدَمَا «تَلْمَذَا كَثِيرِينَ» فِي دِرْبَةَ، «عَادَا إِلَى لِسْتَرَةَ فَإِيقُونِيَةَ فَأَنْطَاكِيَةَ». لِمَاذَا؟ لِكَيْ يُشَجِّعَا ٱلْجُدُدَ أَنْ يَبْقَوْا فِي ٱلْإِيمَانِ. قَالَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا: «بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ». فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ شَجَاعَتَهُمَا نَبَعَتْ مِنْ مَحَبَّتِهِمَا ٱلْعَمِيقَةِ ‹لِخِرَافِ ٱلْمَسِيحِ ٱلصَّغِيرَةِ›. (اعمال ١٤:٢١-٢٣؛ يوحنا ٢١:١٥-١٧) وَبَعْدَمَا عَيَّنَا شُيُوخًا فِي كُلٍّ مِنَ ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْمُشَكَّلَةِ حَدِيثًا، صَلَّيَا و «ٱسْتَوْدَعَاهُمْ يَهْوَهَ ٱلَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ».
٩ كَيْفَ تَجَاوَبَ شُيُوخُ أَفَسُسَ مَعَ مَحَبَّةِ بُولُسَ لَهُمْ؟
٩ كَانَ بُولُسُ شَخْصًا مُحِبًّا وَشُجَاعًا حَتَّى أَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَّلِينَ أَكَنُّوا لَهُ مَحَبَّةً كَبِيرَةً. تَذَكَّرْ مَا جَرَى فِي ٱلِٱجْتِمَاعِ ٱلَّذِي عَقَدَهُ مَعَ شُيُوخِ أَفَسُسَ، حَيْثُ كَانَ قَدْ أَمْضَى ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ وَوَاجَهَ مُقَاوَمَةً شَدِيدَةً. (اعمال ٢٠:١٧-٣١) فَبَعْدَمَا شَجَّعَهُمْ أَنْ يَرْعَوْا رَعِيَّةَ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي فِي عُهْدَتِهِمْ، جَثَا مَعَهُمْ وَصَلَّى. ثُمَّ «كَانَ بُكَاءٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ وَقَبَّلُوهُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَوَجِّعِينَ خُصُوصًا مِنَ ٱلْكَلِمَةِ ٱلَّتِي قَالَهَا: إِنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا وَجْهَهُ بَعْدُ». فَمَا أَشَدَّ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي أَكَنَّهَا هؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ لِبُولُسَ! وَعِنْدَمَا أَتَى وَقْتُ ٱلرَّحِيلِ، ٱضْطُرَّ بُولُسُ وَرِفَاقُهُ فِي ٱلسَّفَرِ أَنْ ‹يَنْسَلِخُوا› لِأَنَّ ٱلشُّيُوخَ ٱلْمَحَلِيِّينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَدَعُوهُمْ يَذْهَبُونَ. — اعمال ٢٠:٣٦–٢١:١.
١٠ كَيْفَ يُعْرِبُ شُهُودُ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلشَّجَاعَةِ؟
١٠ اَلْيَوْمَ أَيْضًا، يُبَادَلُ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَشُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ وَكَثِيرُونَ غَيْرُهُمْ بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلشَّدِيدَةِ لِأَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ ٱلْمَحَبَّةَ لِخِرَافِ يَهْوَه. مَثَلًا، فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلَّتِي تُمَزِّقُهَا ٱلْحَرْبُ ٱلْأَهْلِيَّةُ أَوِ ٱلَّتِي يُحْظَرُ فِيهَا عَمَلُ ٱلْكِرَازَةِ، يُعَرِّضُ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَزَوْجَاتُهُمْ حَيَاتَهُمْ وَحُرِّيَّتَهُمْ لِلْخَطَرِ لِيَزُورُوا ٱلْجَمَاعَاتِ. وَيُقَاسِي أَيْضًا شُهُودٌ كَثِيرُونَ عَلَى أَيْدِي ٱلْحُكَّامِ ٱلْعِدَائِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَأْبَوْنَ خِيَانَةَ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَوِ ٱلْكَشْفَ عَنِ ٱلْمَصْدَرِ ٱلَّذِي يَأْخُذُونَ مِنْهُ ٱلطَّعَامَ ٱلرُّوحِيَّ. كَمَا أَنَّ آلَافًا آخَرِينَ يُضْطَهَدُونَ، يُعَذَّبُونَ، أَوْ حَتَّى يُقْتَلُونَ لِأَنَّهُمْ يَرْفُضُونَ ٱلتَّوَقُّفَ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ بَٱلْبِشَارَةِ أَوْ مُعَاشَرَةِ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. (اعمال ٥:٢٨، ٢٩؛ عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥) فَلْنَقْتَدِ بِإِيمَانِ وَمَحَبَّةِ هؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ ٱلشُّجْعَانِ! — ١ تسالونيكي ١:٦.
لَا تَدَعْ مَحَبَّتَكَ تَبْرُدُ
١١ بِأَيَّةِ طَرِيقَتَيْنِ يَشُنُّ ٱلشَّيْطَانُ حَرْبًا رُوحِيَّةً عَلَى خُدَّامِ يَهْوَه، مِمَّا يَسْتَدْعِي أَيَّ أَمْرٍ مِنْ جِهَتِهِمْ؟
١١ عِنْدَمَا طُرِحَ ٱلشَّيْطَانُ إِلَى ٱلْأَرْضِ، كَانَ عَاقِدَ ٱلْعَزْمِ أَنْ يَصُبَّ جَامَ غَضَبِهِ عَلَى خُدَّامِ يَهْوَه لِأَنَّهُمْ «يَحْفَظُونَ وَصَايَا ٱللّٰهِ [وَيَشْهَدُونَ] لِيَسُوعَ». (رؤيا ١٢:٩، ١٧) وَأَحَدُ ٱلْأَسَالِيبِ ٱلَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا ٱلشَّيْطَانُ هُوَ ٱلِٱضْطِهَادُ. لكِنَّ هذِهِ ٱلْإِسْتْرَاتِيجِيَّةَ غَالِبًا مَا تَرْتَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهَا تُقَرِّبُ شَعْبَ ٱللّٰهِ وَاحِدَهُمْ إِلَى ٱلْآخَرِ وَتُقَوِّي أَوَاصِرَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَتَدْفَعُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ إِلَى ٱلْإِعْرَابِ عَنْ غَيْرَةٍ أَكْبَرَ. وَٱلْأُسْلُوبُ ٱلْآخَرُ ٱلَّذِي يَسْتَخْدِمُهُ ٱلشَّيْطَانُ هُوَ ٱلْإِغْرَاءُ بِأُمُورٍ تَرُوقُ ٱلْمُيُولَ ٱلْبَشَرِيَّةَ ٱلْخَاطِئَةَ. وَٱلتَّغَلُّبُ عَلَى هذِهِ ٱلْحِيلَةِ يَتَطَلَّبُ نَوْعًا مُخْتَلِفًا مِنَ ٱلشَّجَاعَةِ لِأَنَّ ٱلصِّرَاعَ ٱلَّذِي نَخُوضُهُ دَاخِلِيٌّ، صِرَاعٌ ضِدَّ ٱلرَّغَبَاتِ غَيْرِ ٱللَّائِقَةِ فِي قَلْبِنَا ‹ٱلْغَادِرِ ٱلَّذِي يَسْتَمِيتُ إِلَى غَايَتِهِ›. — ارميا ١٧:٩؛ يعقوب ١:١٤، ١٥.
١٢ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُ ٱلشَّيْطَانُ «رُوحَ ٱلْعَالَمِ» فِي مُحَاوَلَاتِهِ لِجَعْلِ مَحَبَّتِنَا للّٰهِ تَخْبُو؟
١٢ يَحْمِلُ ٱلشَّيْطَانُ فِي جَعْبَتِهِ سِلَاحًا فَتَّاكًا آخَرَ: «رُوحَ ٱلْعَالَمِ»، ٱلدَّافِعَ أَوِ ٱلْمَيْلَ ٱلسَّائِدَ ٱلَّذِي يَتَنَاقَضُ تَمَامًا مَعَ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ. (١ كورنثوس ٢:١٢) وَرُوحُ ٱلْعَالَمِ يُرَوِّجُ «شَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ»: ٱلْجَشَعَ وَٱلْمَادِّيَّةَ. (١ يوحنا ٢:١٦؛ ١ تيموثاوس ٦:٩، ١٠) وَرَغْمَ أَنَّ ٱلْأُمُورَ ٱلْمَادِّيَّةَ وَٱلْمَالَ لَيْسَتْ خَاطِئَةً بِحَدِّ ذَاتِهَا، فَإِذَا حَلَّتْ مَحَبَّتُنَا لَهَا مَحَلَّ مَحَبَّتِنَا للّٰهِ، يَنْتَصِرُ ٱلشَّيْطَانُ عَلَيْنَا. وَتَكْمُنُ «سُلْطَةُ» — أَوْ قُوَّةُ — رُوحِ ٱلْعَالَمِ فِي أَنَّهُ يَرُوقُ جَسَدَنَا ٱلنَّاقِصَ، يَتَسَلَّلُ إِلَيْنَا بِمَكْرٍ، يُلَاحِقُنَا دُونَ هَوَادَةٍ، وَيَنْتَشِرُ ٱنْتِشَارَ ٱلْهَوَاءِ. فَلَا تَدَعْ رُوحَ ٱلْعَالَمِ يُفسِدُ قلبَك! — افسس ٢:٢، ٣؛ امثال ٤:٢٣.
١٣ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُوضَعَ شَجَاعَتُنَا فِي فِعْلِ مَا هُوَ صَوَابٌ عَلَى ٱلْمِحَكِّ؟
١٣ لكِنَّ مُقَاوَمَةَ وَرَفْضَ رُوحِ ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ يَتَطَلَّبَانِ ٱلشَّجَاعَةَ فِي فِعْلِ مَا هُوَ صَوَابٌ. مَثَلًا، تَلْزَمُ ٱلشَّجَاعَةُ لِمُغَادَرَةِ ٱلْمَسْرَحِ أَوْ إِطْفَاءِ ٱلْكُمْبْيُوتَرِ أَوِ ٱلتِّلِفِزْيُونِ عِنْدَمَا نَرَى مَشَاهِدَ أَوْ صُوَرًا إِبَاحِيَّةً. وَٱلشَّجَاعَةُ أَيْضًا لَازِمَةٌ لِمُقَاوَمَةِ ضَغْطِ ٱلنَّظِيرِ ٱلسَّلْبِيِّ وَٱلتَّوَقُّفِ عَنِ ٱلْمُعَاشَرَاتِ ٱلرَّدِيئَةِ. كَمَا تَلْزَمُ ٱلشَّجَاعَةُ لِتَأْيِيدِ شَرَائِعِ وَمَبَادِئِ ٱللّٰهِ فِي وَجْهِ ٱلِٱسْتِهْزَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رُفَقَاءِ ٱلْمَدْرَسَةِ أَوْ زُمَلَاءِ ٱلْعَمَلِ أَوِ ٱلْجِيرَانِ أَوِ ٱلْأَقْرِبَاءِ. — ١ كورنثوس ١٥:٣٣؛ ١ يوحنا ٥:١٩.
١٤ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَفْعَلَ إِذَا ٱكْتَشَفْنَا أَنَّ رُوحَ ٱلْعَالَمِ أَثَّرَ فِينَا؟
١٤ إِذًا، كَمْ هُوَ مُهِمٌّ أَنْ نُرَسِّخَ مَحَبَّتَنَا للّٰهِ وَلِإِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا ٱلرُّوحِيِّينَ! خَصِّصِ ٱلْوَقْتَ لِفَحْصِ أَهْدَافِكَ وَطَرِيقَةِ حَيَاتِكَ لِكَيْ تَعْرِفَ هَلْ أَثَّرَ فِيكَ رُوحُ ٱلْعَالَمِ بِطَرِيقَةٍ مَا. وَإِذَا ٱكْتَشَفْتَ أَنَّهُ أَثَّرَ فِيكَ، وَلَوْ قَلِيلًا، فَصَلِّ إِلَى يَهْوَه لِيَمْنَحَكَ ٱلشَّجَاعَةَ بُغْيَةَ ٱسْتِئْصَالِ هذَا ٱلتَّأْثِيرِ وَتَجَنُّبِهِ. وَيَهْوَه لَنْ يَتَجَاهَلَ طِلْبَاتِكَ ٱلْمُخْلِصَةَ هذِهِ. (مزمور ٥١:١٧) عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، إِنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ أَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ رُوحِ ٱلْعَالَمِ. — ١ يوحنا ٤:٤.
مُوَاجَهَةُ ٱلْمِحَنِ ٱلشَّخْصِيَّةِ بِشَجَاعَةٍ
١٥، ١٦ كَيْفَ تُسَاعِدُنَا ٱلْمَحَبَّةُ ٱلشَّبِيهَةُ بِمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ عَلَى تَخَطِّي ٱلْمِحَنِ ٱلشَّخْصِيَّةِ، وَأَيُّ مِثَالٍ يُظْهِرُ ذلِكَ؟
١٥ تَشْمُلُ ٱلصُّعُوبَاتُ ٱلْأُخْرَى ٱلَّتِي يُضْطَرُّ خُدَّامُ يَهْوَه إِلَى مُجَابَهَتِهَا آثَارَ ٱلنَّقْصِ وَٱلشَّيْخُوخَةِ ٱلَّتِي غَالِبًا مَا تُؤَدِّي إِلَى ٱلْأَمْرَاضِ، ٱلْإِعَاقَةِ، ٱلْكَآبَةِ، وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْمَشَاكِلِ. (روما ٨:٢٢) وَٱلْمَحَبَّةُ ٱلشَّبِيهَةُ بِمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ تُسَاعِدُنَا عَلَى تَخَطِّي هذِهِ ٱلْمِحَنِ. لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ نَامَانْڠُولْوَا ٱلَّتِي تَرَعْرَعَتْ فِي عَائِلَةٍ مَسِيحِيَّةٍ فِي زَامْبيَا. فَقَدْ أُصِيبَتْ بِإِعَاقَةٍ عِنْدَمَا كَانَتْ فِي ٱلثَّانِيَةِ مِنْ عُمْرِهَا. تَقُولُ: «كُنْتُ خَجُولَةً جِدًّا لِأَنِّي ٱعْتَقَدْتُ أَنَّ مَظْهَرِي سَيَصْدِمُ ٱلنَّاسَ حَوْلِي. لكِنَّ إِخْوَتِي ٱلرُّوحِيِّينَ سَاعَدُونِي أَنْ أَرَى ٱلْأُمُورَ مِنْ زَاوِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ. نَتِيجَةً لِذلِكَ، تَغَلَّبْتُ عَلَى خَجَلِي وَٱعْتَمَدْتُ بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ».
١٦ رَغْمَ أَنْ نَامَانْڠُولْوَا لَدَيْهَا كُرْسِيٌّ مُتَحَرِّكٌ، كَثِيرًا مَا تُضْطَرُّ إِلَى ٱلسَّيْرِ عَلَى يَدَيْهَا وَرُكْبَتَيْهَا عِنْدَمَا تَكُونُ فِي طَرِيقٍ رَمْلِيٍّ وَسِخٍ. مَعَ ذلِكَ، فَهِيَ تَخْدُمُ كَفَاتِحَةٍ إِضَافِيَّةٍ شَهْرَيْنِ فِي ٱلسَّنَةِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. وَذَاتَ مَرَّةٍ، بَكَتْ إِحْدَى ٱلنِّسَاءِ عِنْدَمَا كَانَتْ نَامَانْڠُولْوَا تَشْهَدُ لَهَا. لِمَاذَا؟ لِأَنَّهَا تَأَثَّرَتْ حِينَ رَأَتْ إِيمَانَهَا وَشَجَاعَتَهَا. وَقَدْ بَارَكَهَا يَهْوَه بِسَخَاءٍ، إِذِ ٱعْتَمَدَ خَمْسَةٌ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلَّذِينَ تَدْرُسُ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ. كَمَا أَنَّ أَحَدَ ٱلَّذِينَ دَرَسَتْ مَعَهُمْ يَخْدُمُ ٱلْآنَ كَشَيْخٍ. تَقُولُ نَامَانْڠُولْوُا: «كَثِيرًا مَا أَشْعُرُ بِأَلَمٍ شَدِيدٍ فِي سَاقَيَّ، لكِنَّنِي لَا أَسْمَحُ لِذلِكَ بِإِعَاقَتِي عَنْ خِدْمَتِي». هذِهِ ٱلْأُخْتُ هِيَ مُجَرَّدُ شَاهِدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ بَيْنِ شُهُودٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ لَدَيْهِمْ جَسَدٌ وَاهِنٌ وَلكِنَّ رُوحَهُمْ مُتَّقِدَةٌ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِمْ للّٰهِ وَلِقَرِيبِهِمْ. وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ هؤُلَاءِ هُمْ «نَفَائِسُ» فِي نَظَرِ يَهْوَه. — حجاي ٢:٧.
١٧، ١٨ مَاذَا يُسَاعِدُ كَثِيرِينَ عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلْمَرَضِ وَٱلْمِحَنِ ٱلْأُخْرَى؟ اُذْكُرُوا ٱخْتِبَارَاتٍ مَحَلِّيَّةً.
١٧ يُمْكِنُ لِلْمَرَضِ ٱلْمُزْمِنِ أَنْ يُسَبِّبَ لَنَا ٱلتَّثَبُّطَ، لَا بَلِ ٱلْكَآبَةَ أَيْضًا. يَقُولُ أَحَدُ ٱلشُّيُوخِ: «فِي دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي أَحْضُرُهُ، هُنَالِكَ أُخْتٌ مُصَابَةٌ بِٱلدَّاءِ ٱلسُّكَّرِيِّ وَٱلْقُصُورِ ٱلْكَلَوِيِّ، وَتُعَانِي أُخْتٌ أُخْرَى مِنَ ٱلسَّرَطَانِ. وَثَمَّةَ أُخْتَانِ لَدَيْهِمَا ٱلْتِهَابُ مَفَاصِلَ حَادٌّ، وَأُخْتٌ أُخْرَى مُصَابَةٌ بِٱلذَّأَبِ وَٱلْأَلَمِ ٱلْعَضَلِيِّ ٱللِّيفِيِّ عَلَى ٱلسَّوَاءِ. وَهؤُلَاءِ ٱلْأَخَوَاتُ يَشْعُرْنَ أَحْيَانًا بِٱلتَّثَبُّطِ، لكِنَّهُنَّ لَا يُفَوِّتْنَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ إِلَّا عِنْدَمَا يَشْتَدُّ عَلَيْهِنَّ ٱلْمَرَضُ أَوْ يَدْخُلْنَ إِلَى ٱلْمُسْتَشْفَى. وَجَمِيعُهُنَّ يَشْتَرِكْنَ بِٱنْتِظَامٍ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ. وَهُنَّ يُذَكِّرْنَنِي بِبُولُسَ ٱلَّذِي قَالَ: ‹عِنْدَمَا أَكُونُ ضَعِيفًا، فَحِينَئِذٍ أَكُونُ قَوِيًّا›. أَنَا مُعْجَبٌ بِمَحَبَّتِهِنَّ وَشَجَاعَتِهِنَّ. فَرُبَّمَا حَالَتُهُنَّ ٱلصِّحِّيَّةُ هِيَ مَا يَجْعَلُهُنَّ يُرَكِّزْنَ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْأَهَمِّ فِي ٱلْحَيَاةِ». — ٢ كورنثوس ١٢:١٠.
١٨ فَإِذَا كُنْتَ تُصَارِعُ ٱلْإِعَاقَةَ أَوِ ٱلْمَرَضَ أَوْ أَيَّةَ مُشْكِلَةٍ أُخْرَى، ‹فَصَلِّ بِلَا ٱنْقِطَاعٍ› طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ لِكَيْلَا تَقَعَ ضَحِيَّةَ ٱلتَّثَبُّطِ. (١ تسالونيكي ٥:١٤، ١٧) لَا شَكَّ أَنَّكَ سَتُعَانِي تَقَلُّبَاتٍ فِي ٱلْمَزَاجِ. وَلكِنْ حَاوِلْ أَنْ تُرَكِّزَ عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلْمُشَجِّعَةِ، وَخُصُوصًا عَلَى رَجَاءِ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلثَّمِينِ. قَالَتْ إِحْدَى ٱلْأَخَوَاتِ: «خِدْمَةُ ٱلْحَقْلِ هِيَ بِمَثَابَةِ دَوَاءٍ لِي». فَإِخْبَارُ ٱلْآخَرِينَ بِٱلْبِشَارَةِ يُسَاعِدُهَا أَنْ تُحَافِظَ عَلَى نَظْرَةٍ إِيجَابِيَّةٍ.
اَلْمَحَبَّةُ تُسَاعِدُ ٱلْخُطَاةَ عَلَى ٱلْعَوْدَةِ إِلَى يَهْوَه
١٩، ٢٠ (أ) مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَ ٱلَّذِينَ ٱرْتَكَبُوا خَطَأً مَا لِيَسْتَجْمِعُوا ٱلْجُرْأَةَ لِكَيْ يَعُودُوا إِلَى يَهْوَه؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٩ إِنَّ كَثِيرِينَ مِمَّنْ ضَعُفُوا رُوحِيًّا أَوِ ٱرْتَكَبُوا خَطَأً مَا يَسْتَصْعِبُونَ ٱلْعَوْدَةَ إِلَى يَهْوَه. لكِنَّ أَمْثَالَ هؤُلَاءِ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَجِدُوا ٱلشَّجَاعَةَ ٱللَّازِمَةَ إِذَا تَابُوا تَوْبَةً أَصِيلَةً وَأَضْرَمُوا مَحَبَّتَهُمْ للّٰهِ مِنْ جَدِيدٍ. خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ مَا حَدَثَ مَعَ مَارْيُوa ٱلَّذِي يَعِيشُ فِي ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ. فَقَدْ تَرَكَ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ، صَارَ مُدْمِنًا عَلَى ٱلْكُحُولِ وَٱلْمُخَدِّرَاتِ، وَبَعْدَ ٢٠ سَنَةً ٱنْتَهَى بِهِ ٱلْمَطَافُ إِلَى ٱلسِّجْنِ. يَقُولُ: «اِبْتَدَأْتُ أُفَكِّرُ مَلِيًّا فِي مُسْتَقْبَلِي وَأَقْرَأُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مُجَدَّدًا. وَبِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ، صِرْتُ أُقَدِّرُ صِفَاتِ يَهْوَه، وَخُصُوصًا رَحْمَتَهُ ٱلَّتِي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَطْلُبُهَا فِي صَلَاتِي. بَعْدَ إِطْلَاقِ سَرَاحِي مِنَ ٱلسِّجْنِ، تَجَنَّبْتُ عُشَرَائِي ٱلسَّابِقِينَ، ذَهَبْتُ إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، وَأُعِدْتُ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ بَعْدَ فَتْرَةٍ. وَرَغْمَ أَنَّنِي أَحْصُدُ ٱلْعَوَاقِبَ ٱلْجَسَدِيَّةَ لِمَا زَرَعْتُ، فَعَلَى ٱلْأَقَلِّ لَدَيَّ ٱلْآنَ رَجَاءٌ رَائِعٌ. فَكَمْ أَنَا شَاكِرٌ لِيَهْوَه عَلَى رَأْفَتِهِ وَغُفْرَانِهِ!». — مزمور ١٠٣:٩-١٣؛ ١٣٠:٣، ٤؛ غلاطية ٦:٧، ٨.
٢٠ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلَّذِينَ مَرُّوا بِٱخْتِبَارٍ مُمَاثِلٍ لِٱخْتِبَارِ مَارْيُو عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْمَلُوا جَاهِدِينَ لِلْعَوْدَةِ إِلَى يَهْوَه. لكِنَّ مَحَبَّتَهُمُ ٱلَّتِي أَعَادُوا إِضْرَامَهَا مِنْ خِلَالِ دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلصَّلَاةِ وَٱلتَّأَمُّلِ سَتَمْنَحُهُمُ ٱلشَّجَاعَةَ وَٱلتَّصْمِيمَ ٱللَّازِمَيْنِ. وَٱلْأَمْرُ ٱلْآخَرُ ٱلَّذِي قَوَّى مَارْيُو هُوَ رَجَاءُ ٱلْمَلَكُوتِ. فَإِلَى جَانِبِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْإِيمَانِ وَٱلتَّقْوَى، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجَاءِ تَأْثِيرٌ إِيجَابِيٌّ فِي حَيَاتِنَا. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَتَحَدَّثُ بِٱلتَّفْصِيلِ عَنْ هذِهِ ٱلْهِبَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلثَّمِينَةِ.
[الحاشية]
a جَرَى تَغْيِيرُ ٱلِٱسْمِ.
-
-
ارجُ يهوه وتشجَّعبرج المراقبة ٢٠٠٦ | ١ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
اُرْجُ يَهْوَهَ وَتَشَجَّعْ
«اُرْجُ يَهْوَهَ. تَشَجَّعْ وَلْيَتَشَدَّدْ قَلْبُكَ. أَجَلِ، ٱرْجُ يَهْوَهَ». — مزمور ٢٧:١٤.
١ إِلَى أَيِّ حَدٍّ مُهِمٌّ هُوَ ٱلرَّجَاءُ، وَكَيْفَ تُسْتَخْدَمُ هذِهِ ٱلْكَلِمَةُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ؟
اَلرَّجَاءُ ٱلْحَقِيقِيُّ هُوَ كَٱلنُّورِ ٱلسَّاطِعِ. فَهُوَ يُسَاعِدُنَا لِنَرَى أَبْعَدَ مِنَ ٱلْمِحَنِ ٱلْحَاضِرَةِ وَنُوَاجِهَ ٱلْمُسْتَقْبَلَ بِشَجَاعَةٍ وَفَرَحٍ. وَيَهْوَه وَحْدَهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْحِنَا رَجَاءً أَكِيدًا، وَذلِكَ مِنْ خِلَالِ كَلِمَتِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا. (٢ تيموثاوس ٣:١٦) تَرِدُ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلْمُشْتَقَّةُ مِنْ «رَجَا» مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَتُشِيرُ إِلَى ٱلتَّرَقُّبِ ٱلشَّدِيدِ وَٱلْأَكِيدِ لِأَمْرٍ جَيِّدٍ، وَكَذلِكَ إِلَى ٱلْأَمْرِ ٱلَّذِي نَتَرَقَّبُهُ.a وَهذَا ٱلرَّجَاءُ لَيْسَ مُجَرَّدَ تَعْلِيلِ ٱلنَّفْسِ بِٱلْآمَالِ ٱلَّتِي قَدْ لَا تَتَحَقَّقُ أَوْ لَيْسَ لَهَا أَيُّ أَسَاسٍ.
٢ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ ٱلرَّجَاءُ فِي حَيَاةِ يَسُوعَ؟
٢ عِنْدَمَا وَاجَهَ يَسُوعُ ٱلْمِحَنَ وَٱلْمَشَقَّاتِ، نَظَرَ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ حَاضِرِهِ وَرَجَا يَهْوَه. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «مِنْ أَجْلِ ٱلْفَرَحِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ ٱحْتَمَلَ خَشَبَةَ ٱلْآلَامِ، مُحْتَقِرًا ٱلْخِزْيَ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ ٱللّٰهِ». (عبرانيين ١٢:٢) فَلِأَنَّهُ رَكَّزَ بِشِدَّةٍ عَلَى تَبْرِئَةِ سُلْطَانِ يَهْوَه وَتَقْدِيسِ ٱسْمِهِ، لَمْ يَنْحَرِفْ قَطُّ عَنْ مَسْلَكِ طَاعَتِهِ للّٰهِ مَهْمَا كَانَ ٱلثَّمَنُ ٱلَّذِي تَوَجَّبَ عَلَيْهِ أنْ يَدْفَعَهُ.
٣ أَيُّ دَوْرٍ يَلْعَبُهُ ٱلرَّجَاءُ فِي حَيَاةِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ؟
٣ أَشَارَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى ٱرْتِبَاطِ ٱلرَّجَاءِ بِٱلشَّجَاعَةِ حِينَ قَالَ: «اُرْجُ يَهْوَهَ. تَشَجَّعْ وَلْيَتَشَدَّدْ قَلْبُكَ. أَجَلِ، ٱرْجُ يَهْوَهَ». (مزمور ٢٧:١٤) فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ يَتَشَدَّدَ قَلْبُنَا، لَا يَجِبُ أَبَدًا أَنْ نَدَعَ رُؤْيَتَنَا لِرَجَائِنَا تَصِيرُ غَبْشَاءَ. بَلْ يَجِبُ دَائِمًا أَنْ نُبْقِيَ رَجَاءَنَا وَاضِحًا فِي ذِهْنِنَا وَأَنْ نُقَدِّرَهُ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ. وَهذَا مَا يُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِيَسُوعَ فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْغَيْرَةِ فِيمَا نَشْتَرِكُ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي أَوْكَلَهُ إِلَى تَلَامِيذِهِ. (متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) فَٱلرَّجَاءُ يُذْكَرُ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلْمَحَبَّةِ كَصِفَةٍ مُهِمَّةٍ ثَابِتَةٍ تَسِمُ حَيَاةَ خُدَّامِ ٱللّٰهِ. — ١ كورنثوس ١٣:١٣.
هَلْ ‹تَزْدَادُ رَجَاءً›؟
٤ إِلَامَ يَتَطَلَّعُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ وَ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ›؟
٤ يَكْمُنُ أَمَامَ شَعْبِ ٱللّٰهِ مُسْتَقْبَلٌ رَائِعٌ. فَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ يَنْتَظِرُونَ بِفَارِغِ ٱلصَّبْرِ أَنْ يَخْدُمُوا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلسَّمَاءِ، فِي حِينِ أَنَّ ‹ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ› يَرْجُونَ أَنْ ‹يُحَرَّرُوا مِنَ ٱلِٱسْتِعْبَادِ لِلْفَسَادِ وَيَنَالُوا ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْمَجِيدَةَ لِأَوْلَادِ ٱللّٰهِ› ٱلْأَرْضِيِّينَ. (يوحنا ١٠:١٦؛ روما ٨:١٩-٢١؛ فيلبي ٣:٢٠) وَهذِهِ «ٱلْحُرِّيَّةُ ٱلْمَجِيدَةُ» تَشْمُلُ ٱلْإِنْقَاذَ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ وَعَوَاقِبِهَا ٱلرَّهِيبَةِ. فَيَهْوَه — مُعْطِي «كُلِّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلِّ مَوْهِبَةٍ كَامِلَةٍ» — لَا يَمْنَحُ إِلَّا أَفْضَلَ ٱلْهِبَاتِ لِأَوْلِيَائِهِ. — يعقوب ١:١٧؛ اشعيا ٢٥:٨.
٥ كَيْفَ ‹نَزْدَادُ رَجَاءً›؟
٥ وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَلْعَبَ ٱلرَّجَاءُ ٱلْمَسِيحِيُّ دَوْرًا فِي حَيَاتِنَا؟ نَقْرَأُ فِي رُومَا ١٥:١٣: «لِيَمْلَأْكُمُ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي يُعْطِي ٱلرَّجَاءَ كُلَّ فَرَحٍ وَسَلَامٍ بِسَبَبِ إِيمَانِكُمْ، حَتَّى تَزْدَادُوا رَجَاءً بِقُدْرَةِ رُوحٍ قُدُسٍ». فَيُمْكِنُ تَشْبِيهُ ٱلرَّجَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّ بِأَشِعَّةِ شَمْسِ ٱلصَّبَاحِ ٱلسَّاطِعَةِ وَلَيْسَ بِشَمْعَةٍ فِي ٱلظَّلَامِ. فَهُوَ يَمْلَأُ حَيَاتَنَا سَلَامًا وَسَعَادَةً وَقَصْدًا وَشَجَاعَةً. وَنَحْنُ ‹نَزْدَادُ رَجَاءً› عِنْدَمَا نُؤْمِنُ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَكْتُوبَةِ وَنَنَالُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ. تَقُولُ رُومَا ١٥:٤: «كُلُّ مَا كُتِبَ مِنْ قَبْلُ كُتِبَ لِإِرْشَادِنَا، حَتَّى بِٱحْتِمَالِنَا وَبِٱلتَّعْزِيَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ». لِذلِكَ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ أُبْقِي رَجَائِي سَاطِعًا بِكَوْنِي تِلْمِيذًا مُجْتَهِدًا لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، إِذْ أَقْرَأُهُ يَوْمِيًّا؟ وَهَلْ أُصَلِّي دَائِمًا طَلَبًا لِرُوحِ ٱللّٰهِ؟›. — لوقا ١١:١٣.
٦ مِمَّ يَجِبُ أَنْ نَحْتَرِسَ بُغْيَةَ إِبْقَاءِ رَجَائِنَا سَاطِعًا؟
٦ كَانَ يَسُوعُ، ٱلَّذِي هُوَ قُدْوَةٌ نَحْتَذِي بِهَا، يَسْتَمِدُّ ٱلْقُوَّةَ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. وَعِنْدَمَا نَتَفَكَّرُ فِيهِ بِإِمْعَانٍ، لَا ‹نَتْعَبُ وَنَخُورُ فِي نُفُوسِنَا›. (عبرانيين ١٢:٣) فَإِذَا لَمْ يَعُدْ رَجَاؤُنَا ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ وَاضِحًا فِي ذِهْنِنَا وَقَلْبِنَا أَوْ إِذَا تَحَوَّلَ تَرْكِيزُنَا إِلَى أُمُورٍ أُخْرَى — رُبَّمَا إِلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ أَوِ ٱلْأَهْدَافِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ — فَسُرْعَانَ مَا يَسْتَوْلِي عَلَيْنَا ٱلْإِعْيَاءُ ٱلرُّوحِيُّ، مِمَّا يُخَسِّرُنَا قُوَّتَنَا وَشَجَاعَتَنَا لِفِعْلِ مَا هُوَ صَوَابٌ. حَتَّى إِنَّنَا قَدْ نَصِلُ إِلَى مَرْحَلَةٍ حِينَ ‹تَتَحَطَّمُ بِنَا ٱلسَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ ٱلْإِيمَانِ›. (١ تيموثاوس ١:١٩) مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ ٱلرَّجَاءَ ٱلْحَقِيقِيَّ يُقَوِّي إِيمَانَنَا.
اَلرَّجَاءُ عُنْصُرٌ ضَرُورِيٌّ لِلْإِيمَانِ
٧ كَيْفَ يَكُونُ ٱلرَّجَاءُ عُنْصُرًا أَسَاسِيًّا لِلْإِيمَانِ؟
٧ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «اَلْإِيمَانُ هُوَ ٱلتَّرَقُّبُ ٱلْأَكِيدُ لِأُمُورٍ مَرْجُوَّةٍ، وَٱلْبُرْهَانُ ٱلْجَلِيُّ عَلَى حَقَائِقَ لَا تُرَى». (عبرانيين ١١:١) فَٱلرَّجَاءُ لَيْسَ أَمْرًا ثَانَوِيًّا مُتَعَلِّقًا بِٱلْإِيمَانِ، بَلْ عُنْصُرٌ ضَرُورِيٌّ لَهُ. تَأَمَّلْ فِي مِثَالِ إِبْرَاهِيمَ. فَمِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ، كَانَ إِبْرَاهِيمُ وَزَوْجَتُهُ سَارَةُ قَدْ تَخَطَّيَا سِنَّ إِنْجَابِ ٱلْأَوْلَادِ حِينَ وَعَدَهُمَا يَهْوَه بِوَرِيثٍ. (تكوين ١٧:١٥-١٧) فَكَيْفَ تَجَاوَبَ إِبْرَاهِيمُ؟ «مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَجَاءٌ، آمَنَ عَلَى أَسَاسِ ٱلرَّجَاءِ أَنَّهُ سَيَصِيرُ أَبًا لِأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». (روما ٤:١٨) نَعَمْ، إِنَّ رَجَاءَهُ ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ شَكَّلَ أَسَاسًا رَاسِخًا لِإِيمَانِهِ بِأَنَّهُ سَيُنْجِبُ ذُرِّيَّةً. وَإِيمَانُهُ بِدَوْرِهِ قَوَّى رَجَاءَهُ وَجَعَلَهُ سَاطِعًا أَكْثَرَ. حَتَّى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ ٱمْتَلَكَا ٱلشَّجَاعَةَ لِتَرْكِ بَيْتِهِمَا وَأَقَارِبِهِمَا وَٱلْعَيْشِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِمَا فِي خِيَامٍ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ.
٨ كَيْفَ يُقَوِّي ٱلِٱحْتِمَالُ بِأَمَانَةٍ ٱلرَّجَاءَ؟
٨ أَبْقَى إِبْرَاهِيمُ رَجَاءَهُ أَكِيدًا بِإِطَاعَةِ يَهْوَه طَاعَةً مُطْلَقَةً، حَتَّى عِنْدَمَا كَانَ ذلِكَ صَعْبًا. (تكوين ٢٢:٢، ١٢) عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، يُمْكِنُنَا تَقْوِيَةُ ثِقَتِنَا بِرَجَائِنَا وَمُكَافَأَتِنَا بِإِظْهَارِ ٱلطَّاعَةِ وَٱلِٱحْتِمَالِ فِي خِدْمَةِ يَهْوَه. فَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ أَنَّ ‹ٱلِٱحْتِمَالَ يُنْتِجُ رِضَى ٱللّٰهِ›، وَهذَا بِدَوْرِهِ يُنْتِجُ رَجَاءً، «وَٱلرَّجَاءُ لَا يُؤَدِّي إِلَى خَيْبَةٍ». (روما ٥:٤، ٥) لِهذَا ٱلسَّبَبِ كَتَبَ بُولُسُ أَيْضًا: «نَشْتَهِي أَنْ يُظْهِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ هٰذَا ٱلدَّأْبَ عَيْنَهُ لِحِيَازَةِ تَمَامِ يَقِينِ ٱلرَّجَاءِ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ». (عبرانيين ٦:١١) وَهذِهِ ٱلنَّظْرَةُ ٱلْإِيجَابِيَّةُ ٱلنَّابِعَةُ مِنْ عَلَاقَةٍ لَصِيقَةٍ بِيَهْوَه يُمْكِنُ أَنْ تُسَاعِدَنَا عَلَى مُوَاجَهَةِ أَيَّةِ مَشَقَّةٍ بِشَجَاعَةٍ وَفَرَحٍ.
‹اِفْرَحْ فِي ٱلرَّجَاءِ›
٩ أَيُّ أَمْرٍ يُسَاعِدُنَا ٱلْقِيَامُ بِهِ بِٱسْتِمْرَارٍ أَنْ ‹نَفْرَحَ فِي ٱلرَّجَاءِ›؟
٩ إِنَّ رَجَاءَنَا ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ هُوَ أَسْمَى بِكَثِيرٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يُقَدِّمَهُ ٱلْعَالَمُ. يَقُولُ ٱلْمَزْمُورُ ٣٧:٣٤: «اُرْجُ يَهْوَهَ وَٱحْفَظْ طَرِيقَهُ، فَيَرْفَعَكَ لِتَرِثَ ٱلْأَرْضَ. إِلَى ٱنْقِرَاضِ ٱلْأَشْرَارِ تَنْظُرُ». حَقًّا، لَدَيْنَا سَبَبٌ وَجِيهٌ ‹لِنَفْرَحَ فِي ٱلرَّجَاءِ›. (روما ١٢:١٢) لِهذِهِ ٱلْغَايَةِ، يَنْبَغِي أَنْ نُبْقِيَ رَجَاءَنَا فِي بَالِنَا. فَهَلْ تَتَأَمَّلُ بِٱسْتِمْرَارٍ فِي رَجَائِكَ ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ؟ هَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ نَفْسَكَ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ مُمْتَلِئًا صِحَّةً، خَالِيَ ٱلْبَالِ، مُحَاطًا بِأَشْخَاصٍ تُحِبُّهُمْ، وَتَقُومُ بِعَمَلٍ يَمْنَحُكَ شُعُورًا بِٱلِٱكْتِفَاءِ؟ وَهَلْ تَتَأَمَّلُ مَلِيًّا فِي صُوَرِ ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْمَوْجُودَةِ فِي مَطْبُوعَاتِنَا؟ يُمْكِنُ تَشْبِيهُ هذَا ٱلتَّأَمُّلِ ٱلْمُسْتَمِرِّ بِتَنْظِيفِ نَافِذَةٍ تُطِلُّ عَلَى مَنْظَرٍ خَلَّابٍ. فَإِذَا لَمْ نُنَظِّفِ ٱلزُّجَاجَ، فَسُرْعَانَ مَا يَتَكَوَّمُ ٱلْغُبَارُ عَلَيْهِ وَيَحْرِمُنَا رُؤْيَةَ ٱلْمَنْظَرِ ٱلْأَخَّاذِ بِوُضُوحٍ. عِنْدَئِذٍ، يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَأْثِرَ بِٱنْتِبَاهِنَا أُمُورٌ أُخْرَى. فَلَا نَسْمَحْ أَبَدًا بِأَنْ يَحْدُثَ ذلِكَ لَنَا!
١٠ لِمَاذَا ٱلنَّظَرُ إِلَى ٱلْمُكَافَأَةِ يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَه؟
١٠ طَبْعًا، إِنَّ ٱلسَّبَبَ ٱلرَّئِيسِيَّ ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى خِدْمَةِ يَهْوَه هُوَ مَحَبَّتُنَا لَهُ. (مرقس ١٢:٣٠) مَعَ ذلِكَ، يَنْبَغِي أَنْ نَنْتَظِرَ ٱلْمُكَافَأَةَ بِلَهْفَةٍ. فَيَهْوَه يَتَوَقَّعُ ذلِكَ مِنَّا. تَقُولُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ١١:٦: «بِدُونِ إِيمَانٍ يَسْتَحِيلُ إِرْضَاؤُهُ، لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى ٱلَّذِي يَقْتَرِبُ إِلَى ٱللّٰهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّهُ كَائِنٌ وَبِأَنَّهُ يُكَافِئُ ٱلَّذِينَ يَجِدُّونَ فِي طَلَبِهِ». فَلِمَاذَا يُرِيدُ يَهْوَه مِنَّا أَنْ نَنْظُرَ إِلَيْهِ كَإِلهٍ يُكَافِئُ خُدَّامَهُ؟ لِأَنَّنَا بِذلِكَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نَعْرِفُ أَبَانَا ٱلسَّمَاوِيَّ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ: إِنَّهُ إِلهٌ سَخِيٌّ يُحِبُّ أَوْلَادَهُ. فَكَمْ كُنَّا سَنَشْعُرُ بِٱلتَّعَاسَةِ وَٱلتَّثَبُّطِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْنَا ‹مُسْتَقْبَلٌ وَرَجَاءٌ›! — ارميا ٢٩:١١.
١١ كَيْفَ سَاعَدَ ٱلرَّجَاءُ ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ مُوسَى عَلَى ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ حَكِيمَةٍ؟
١١ إِنَّ مُوسَى هُوَ أَحَدُ ٱلْأَمْثِلَةِ ٱلْبَارِزَةِ لِشَخْصٍ بَقِيَ مُرَكِّزًا عَلَى ٱلرَّجَاءِ ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ. فَبِصِفَتِهِ «ٱبْنَ ٱبْنَةِ فِرْعَوْنَ»، كَانَ يَتَمَتَّعُ بِٱلنُّفُوذِ وَٱلْمَرْكَزِ وَٱلثَّرْوَةِ فِي مِصْرَ. فَهَلْ كَانَ سَيَسْعَى فِي طَلَبِ هذِهِ ٱلْأُمُورِ أَمْ كَانَ سَيَخْدُمُ يَهْوَه؟ لَقَدْ أَعْرَبَ مُوسَى عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱخْتَارَ خِدْمَةَ يَهْوَه. لِمَاذَا؟ «لِأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ بِإِمْعَانٍ إِلَى ٱلْمُكَافَاةِ». (عبرانيين ١١:٢٤-٢٦) فَلَمْ يَكُنْ لَامُبَالِيًا بِٱلرَّجَاءِ ٱلَّذِي وَضَعَهُ يَهْوَه أَمَامَهُ.
١٢ لِمَاذَا يُشَبَّهُ ٱلرَّجَاءُ ٱلْمَسِيحِيُّ بِخُوذَةٍ؟
١٢ شَبَّهَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلرَّجَاءَ بِخُوذَةٍ مَجَازِيَّةٍ تَحْمِي قُوَانَا ٱلْعَقْلِيَّةَ، مِمَّا يُمَكِّنُنَا مِنِ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ حَكِيمَةٍ، وَضْعِ ٱلْأَوْلَوِيَّاتِ ٱلصَّحِيحَةِ، وَٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ. (١ تسالونيكي ٥:٨) فَهَلْ تَلْبَسُ خُوذَتَكَ ٱلْمَجَازِيَّةَ كُلَّ حِينٍ؟ فِي هذِهِ ٱلْحَالِ، عَلَى غِرَارِ مُوسَى وَبُولُسَ، لَنْ تُلْقِيَ رَجَاءَكَ «عَلَى ٱلْغِنَى غَيْرِ ٱلثَّابِتِ، بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِمُتْعَتِنَا». صَحِيحٌ أَنَّ رَفْضَ ٱلنِّزَاعَاتِ ٱلرَّائِجَةِ وَٱلْمَسَاعِي ٱلْأَنَانِيَّةِ يَتَطَلَّبُ ٱلشَّجَاعَةَ، إِلَّا أَنَّ ذلِكَ يَسْتَأْهِلُ ٱلْجُهْدَ. فَلِمَ نَقْبَلُ بِشَيْءٍ أَقَلَّ مِنَ «ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ» ٱلَّتِي تَنْتَظِرُ ٱلَّذِينَ يَرْجُونَ يَهْوَه وَيُحِبُّونَهُ؟! — ١ تيموثاوس ٦:١٧، ١٩.
«لَنْ أَتْرُكَكَ»
١٣ أَيُّ تَأْكِيدٍ يُعْطِيهِ يَهْوَه لِخُدَّامِهِ ٱلْأَوْلِيَاءِ؟
١٣ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلَّذِينَ يُلْقُونَ رَجَاءَهُمْ عَلَى نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ يَنْظُرُونَ إِلَى ٱلْمُسْتَقْبَلِ بِتَشَاؤُمٍ فِيمَا تَتَزَايَدُ آلَامُ «ٱلْمَخَاضِ» ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْعَالَمُ. (متى ٢٤:٨) أَمَّا ٱلَّذِينَ يَرْجُونَ يَهْوَه فَلَا تَنْتَابُهُمْ هذِهِ ٱلْمَخَاوِفُ، إِذْ إِنَّهُمْ سَيَظَلُّونَ ‹سَاكِنِينَ فِي أَمْنٍ وَمُطْمَئِنِّينَ مِنْ رُعْبِ ٱلْبَلِيَّةِ›. (امثال ١:٣٣) وَلِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَ رَجَاءَهُمْ فِي ٱلنِّظَامِ ٱلْحَاضِرِ، فَهُمْ فَرِحُونَ إِذْ يُصْغُونَ إِلَى مَشُورَةِ بُولُسَ: «لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ ٱلْمَالِ، وَكُونُوا قَانِعِينَ بِٱلْأُمُورِ ٱلْحَاضِرَةِ. لِأَنَّهُ قَالَ: ‹لَنْ أَتْرُكَكَ وَلَنْ أَتَخَلَّى عَنْكَ›». — عبرانيين ١٣:٥.
١٤ لِمَاذَا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقْلَقَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِلَا لُزُومٍ بِشَأْنِ حَاجَاتِهِمِ ٱلْمَادِّيَّةِ؟
١٤ إِنَّ هذَا ٱلْوَعْدَ لَا يَتْرُكُ أَدْنَى شَكٍّ فِي أَنَّ ٱللّٰهَ سَيَهْتَمُّ بِنَا. وَقَدْ أَكَّدَ لَنَا يَسُوعُ أَيْضًا ٱهْتِمَامَ ٱللّٰهِ ٱلْحُبِّيَّ حِينَ قَالَ: «دَاوِمُوا أَوَّلًا عَلَى طَلَبِ مَلَكُوتِهِ وَبِرِّهِ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا [ضَرُورِيَّاتُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْمَادِّيَّةُ] تُزَادُ لَكُمْ. فَلَا تَحْمِلُوا هَمَّ ٱلْغَدِ، فَٱلْغَدُ لَهُ هُمُومُهُ». (متى ٦:٣٣، ٣٤) فَيَهْوَه يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنَ ٱلصَّعْبِ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ غَيُورِينَ فِي عَمَلِ ٱلْمَلَكُوتِ وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَنْ نَكُونَ مَسْؤُولِينَ كَامِلًا عَنِ ٱلِٱعْتِنَاءِ بِحَاجَاتِنَا ٱلْجَسَدِيَّةِ. لِذلِكَ لِنَثِقْ ثِقَةً مُطْلَقَةً بِقُدْرَةِ يَهْوَه وَرَغْبَتِهِ فِي ٱلِٱعْتِنَاءِ بِحَاجَاتِنَا. — متى ٦:٢٥-٣٢؛ ١١:٢٨-٣٠.
١٥ كَيْفَ يُبْقِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ‹عَيْنَهُمْ بَسِيطَةً›؟
١٥ وَنَحْنُ نُظْهِرُ ٱتِّكَالَنَا عَلَى يَهْوَه حِينَ نُبْقِي ‹عَيْنَنَا بَسِيطَةً›. (متى ٦:٢٢، ٢٣) وَٱلْعَيْنُ ٱلْبَسِيطَةُ هِيَ مُخْلِصَةٌ، لَهَا دَافِعٌ نَقِيٌّ، وَلَا يُعْمِيهَا ٱلْجَشَعُ وَٱلطُّمُوحُ ٱلْأَنَانِيُّ. وَٱمْتِلَاكُ عَيْنٍ بَسِيطَةٍ لَا يَعْنِي ٱلْعَيْشَ فِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ إِهْمَالَ مَسْؤُولِيَّتِنَا أَنْ نَعْتَنِيَ بِحَاجَاتِنَا ٱلْجَسَدِيَّةِ، بَلْ يَعْنِي إِظْهَارَ ‹ٱلرَّزَانَةِ› فِيمَا نُبْقِي خِدْمَةَ يَهْوَه فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْأَوَّلِ فِي حَيَاتِنَا. — ٢ تيموثاوس ١:٧.
١٦ لِمَاذَا ٱلْإِيمَانُ وَٱلشَّجَاعَةُ لَازِمَانِ لِنُبْقِيَ عَيْنَنَا بَسِيطَةً؟
١٦ تَتَطَلَّبُ ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى عَيْنٍ بَسِيطَةٍ ٱلْإِيمَانَ وَٱلشَّجَاعَةَ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، إِذَا أَلَحَّ عَلَيْكَ رَبُّ عَمَلِكَ أَنْ تَعْمَلَ دَائِمًا فِي وَقْتِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ، فَهَلْ تَلْتَصِقُ بِشَجَاعَةٍ بَأَوْلَوِيَّاتِكَ ٱلرُّوحِيَّةِ؟ إِذَا كَانَ ٱلشَّخْصُ يَشُكُّ أَنَّ يَهْوَه سَيُتَمِّمُ وَعْدَهُ بِٱلِٱعْتِنَاءِ بِخُدَّامِهِ، فَمَا عَلَى ٱلشَّيْطَانِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ ٱلضَّغْطَ عَلَيْهِ لِيَتَوَقَّفَ عَنْ حُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. نَعَمْ، إِنَّ ٱفْتِقَارَنَا إِلَى ٱلْإِيمَانِ يَفْسَحُ ٱلْمَجَالَ لِلشَّيْطَانِ لِيُسَيْطِرَ عَلَيْنَا بِحَيْثُ يَصِيرُ هُوَ، وَلَيْسَ يَهْوَه، مَنْ يَضَعُ أَوْلَوِيَّاتِنَا فِي ٱلْحَيَاةِ. فَيَا لَهَا مِنْ كَارِثَةٍ! — ٢ كورنثوس ١٣:٥.
«اُرْجُ يَهْوَهَ»
١٧ كَيْفَ يُبَارِكُ يَهْوَه ٱلْآنَ ٱلَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ؟
١٧ تُظْهِرُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَكْرَارًا أَنَّ ٱلَّذِينَ يَرْجُونَ يَهْوَه وَيَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ لا يَخِيبُ أَمَلُهُمْ أَبَدًا. (امثال ٣:٥، ٦؛ ارميا ١٧:٧) صَحِيحٌ أَنَّهُمْ يُضْطَرُّونَ أَحْيَانًا أَنْ يَكُونُوا قَانِعِينَ بِٱلْقَلِيلِ، لكِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ ذلِكَ تَضْحِيَةً زَهِيدَةً بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلْمُخَبَّأَةِ لَهُمْ. وَبِذلِكَ يُبَرْهِنُونَ أَنَّهُمْ ‹يَرْجُونَ يَهْوَه› وَأَنَّهُمْ يَثِقُونَ بَأَنَّهُ سَيَمْنَحُ أَوْلِيَاءَهُ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ كُلَّ رَغَبَاتِ قَلْبِهِمِ ٱلْبَارَّةِ. (مزمور ٣٧:٤، ٣٤) وَهذَا مَا يَجْعَلُهُمْ يَشْعُرُونَ ٱلْآنَ بِسَعَادَةٍ حَقِيقِيَّةٍ. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «تَرَقُّبُ ٱلْأَبْرَارِ فَرَحٌ، أَمَّا رَجَاءُ ٱلْأَشْرَارِ فَيَبِيدُ». — امثال ١٠:٢٨.
١٨، ١٩ (أ) أَيُّ تَأْكِيدٍ حُبِّيٍّ يُعْطِينَا إِيَّاهُ يَهْوَه؟ (ب) كَيْفَ نُبْقِي يَهْوَه ‹عَنْ يَمِينِنَا›؟
١٨ عِنْدَمَا يَسِيرُ صَبِيٌّ صَغِيرٌ مُمْسِكًا بِيَدِ أَبِيهِ، يَشْعُرُ بِٱلْأَمَانِ وَٱلطُّمَأْنِينَةِ. وَيَصِحُّ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ فِينَا حِينَ نَسِيرُ مَعَ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. قَالَ يَهْوَه لِإِسْرَائِيلَ: «لَا تَخَفْ لِأَنِّي مَعَكَ. . . . أُعِينُكَ. . . . لِأَنِّي أَنَا، يَهْوَهَ إِلٰهَكَ، ٱلْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ، ٱلْقَائِلُ لَكَ: ‹لَا تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ›». — اشعيا ٤١:١٠، ١٣.
١٩ تُوحِي هذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ بِٱلدِّفْءِ، إِذْ إِنَّهَا تُصَوِّرُ يَهْوَه مُمْسِكًا بِيَدِنَا. كَتَبَ دَاوُدُ: «جَعَلْتُ يَهْوَهَ أَمَامِي كُلَّ حِينٍ. لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلَا أَتَزَعْزَعُ». (مزمور ١٦:٨) فَكَيْفَ نُبْقِي يَهْوَه ‹عَنْ يَمِينِنَا›؟ يُمْكِنُنَا ذلِكَ بِطَرِيقَتَيْنِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. أَوَّلًا، يَجِبُ أَنْ نَسْمَحَ لِكَلِمَتِهِ بِإِرْشَادِنَا فِي كُلِّ مَجَالَاتِ حَيَاتِنَا. وَثَانِيًا، يَنْبَغِي أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى ٱلْجَائِزَةِ ٱلْمَجِيدَةِ ٱلَّتِي وَضَعَهَا يَهْوَه أَمَامَنَا. رَنَّمَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ آسَافُ: «لٰكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي ٱلْيُمْنَى. بِمَشُورَتِكَ تَهْدِينِي، وَمِنْ بَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي». (مزمور ٧٣:٢٣، ٢٤) وَهذَا ٱلتَّأْكِيدُ يُمَكِّنُنَا نَحْنُ أَيْضًا مِنْ مُوَاجَهَةِ ٱلْمُسْتَقْبَلِ بِثِقَةٍ.
«نَجَاتُكُمْ تَقْتَرِبُ»
٢٠، ٢١ أَيُّ مُسْتَقْبَلٍ يَنْتَظِرُ ٱلَّذِينَ يَرْجُونَ يَهْوَه؟
٢٠ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَمُرُّ، يَصِيرُ إِبْقَاؤُنَا يَهْوَه ‹عَنْ يَمِينِنَا› أَكْثَرَ إِلْحَاحًا. فَعَمَّا قَرِيبٍ، بَدْءًا مِنْ دَمَارِ ٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ، سَيَحُلُّ بِعَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ ضِيقٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ. (متى ٢٤:٢١) وَسَيَسْتَوْلِي ٱلْخَوْفُ عَلَى كُلِّ ٱلْبَشَرِ غَيْرِ ٱلْأُمَنَاءِ. رَغْمَ ذلِكَ، خِلَالَ ذلِكَ ٱلْوَقْتِ ٱلْحَافِلِ بِٱلِٱضْطِرَابِ، سَيَكُونُ خُدَّامُ يَهْوَه ٱلشُّجْعَانُ فَرِحِينَ وَمُفْعَمِينَ بِٱلرَّجَاءِ. قَالَ يَسُوعُ: «مَتَى ٱبْتَدَأَتْ هٰذِهِ تَكُونُ، فَٱنْتَصِبُوا وَٱرْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لِأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ». — لوقا ٢١:٢٨.
٢١ فَلْنَبْتَهِجْ بِرَجَائِنَا ٱلْمُعْطَى مِنَ ٱللّٰهِ وَلَا نَنْخَدِعْ أَوْ نُغْرَ بِتَلْهِيَاتِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلْبَارِعَةِ. وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، لِنَبْذُلْ كُلَّ جُهْدِنَا لِتَنْمِيَةِ ٱلْإِيمَانِ، ٱلْمَحَبَّةِ، وَٱلتَّقْوَى. وَهكَذَا، نَمْتَلِكُ ٱلشَّجَاعَةَ لِإِطَاعَةِ يَهْوَه فِي كُلِّ ٱلظُّرُوفِ وَلِمُقَاوَمَةِ إِبْلِيسَ. (يعقوب ٤:٧، ٨) نَعَمْ، «تَشَجَّعُوا وَلْتَتَشَدَّدْ قُلُوبُكُمْ، يَا جَمِيعَ مُنْتَظِرِي يَهْوَهَ». — مزمور ٣١:٢٤.
[الحاشية]
a رَغْمَ أَنَّ كَلِمَةَ «رَجَاءٍ» فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ كَثِيرًا مَا تَنْطَبِقُ عَلَى ٱلْمُكَافَأَةِ ٱلسَّمَاوِيَّةِ ٱلَّتِي يَنَالُهَا ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ، فَنَحْنُ نُنَاقِشُ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ ٱلرَّجَاءَ بِمَعْنَاهُ ٱلْعَامِّ.
-