مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • عند النظر الى ما لا يُرى —‏ ماذا ينكشف للناظر؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • عند النظر الى ما لا يُرى —‏ ماذا ينكشف للناظر؟‏

      ماذا يحقق البشر حين يستخدمون اختراعات جديدة ترفع الستار،‏ اذا جاز التعبير،‏ وتمكّنهم من رؤية ما لم يكن بإمكانهم رؤيته قبلا؟‏ يمكن ان يساعدهم ذلك على التحقق،‏ بقدر من التأكيد،‏ من امور كانت مجهولة من قبل.‏ —‏ انظروا الاطار ادناه.‏

      في الماضي كان يُعتقد ان الارض هي مركز الكون.‏ لكنَّ استعمال المقراب اظهر ان كلّا من الكواكب،‏ بما فيها الارض،‏ يدور في مداره حول الشمس.‏ ومن خلال اختراع المجاهر القوية،‏ تمكّن البشر مؤخرا من درس الذرَّة نفسها،‏ ورأوا كيف تتحد انواع معينة من الذرَّات مع انواع اخرى لتشكّل ما ندعوه الجُزَيئات molecules.‏

      تأملوا في تركيب جُزَيء الماء،‏ مادة ضرورية جدا للحياة.‏ يتألف هذا الجُزَيء من ذرَّتَي هيدروجين يتيح لهما تصميمهما الاتحاد بطريقة فريدة بذرَّة اكسجين واحدة،‏ علما بأن كل قطرة ماء تحتوي على بلايين الجُزَيئات!‏ فماذا نتعلم عندما نفحص جُزَيء الماء ونرى ماذا يحصل له في ظروف مختلفة؟‏

      الماء العجيب

      مع ان قطرات الماء تبدو بسيطة جدا،‏ فالماء مادة معقدة للغاية.‏ وفي الواقع،‏ قال الدكتور جون امسلي،‏ كاتب علمي من «إمپيريال كولدج» في لندن،‏ انكلترا،‏ ان الماء هو «احدى اكثر المواد الكيميائية التي تُدرس،‏ ولكن لا تزال هنالك امور كثيرة لنعرفها عنه».‏ وذكرت مجلة العالِم الجديد (‏بالانكليزية)‏:‏ «الماء هو اكثر السوائل انتشارا على الارض،‏ لكنه ايضا احد السوائل الاكثر غموضا».‏

      اوضح الدكتور امسلي انه رغم التركيب البسيط لجُزَيء الماء،‏ «فلا شيء معقد مثله في خصائصه».‏ وكمثال لذلك قال:‏ «ينبغي ان يكون الماء غازا،‏ .‏ .‏ .‏ لكنه سائل.‏ وعند التجمُّد،‏ .‏ .‏ .‏ اي عندما يصبح جليدا،‏ يطفو بدلا من ان يغرق»،‏ مع ان الغرق هو المتوقَّع.‏ وعن هذا الامر الغريب ذكر الدكتور پول ا.‏ كلوپسْتڠ،‏ رئيس سابق للجمعية الاميركية لتقدُّم العلم:‏

      ‏«يبدو ان القصد من هذا التصميم اللافت للنظر هو المحافظة على الحياة المائية،‏ كالاسماك.‏ تخيلوا ماذا يمكن ان يحصل لو لم يكن الماء يطفو عندما يتجمد.‏ لَتشكَّل الجليد واستمر يتشكَّل الى ان يملأ بحيرة بكاملها،‏ وهكذا يقضي على كل حياة بحرية او على معظمها».‏ وقال الدكتور كلوپسْتڠ ان هذه الميزة غير المتوقَّعة في الماء هي «دليل على ان عقلا ساميا يعمل في الكون لقصد عنده».‏

      وبحسب مجلة العالِم الجديد،‏ يعتقد الباحثون الآن انهم يعرفون سبب هذه الميزة غير الاعتيادية في الماء عند تجمُّده.‏ وطوَّروا اول نموذج نظري يُظهر تمدُّد الماء بشكل دقيق.‏ فقد ادرك الباحثون ان «مفتاح اللغز هو التباعد بين ذرَّات الاكسجين ضمن هاتين البنيتين [السائلة والجامدة]».‏

      ألا يلفت ذلك نظركم؟‏ فهذا الجُزَيء الذي يبدو بسيطا جدا يتحدى الفهم البشري.‏ ولا تنسوا ان جسمنا بمعظمه يتألف من ماء!‏ عندما تتأملون في عجائب هذا الجُزَيء المؤلف من ثلاث ذرَّات فقط من عنصرَين كيميائيَّين،‏ ألا ترون فيه دليلا على ان ‹عقلا ساميا يعمل لقصد عنده›؟‏ لكنَّ جُزَيء الماء اصغر وأقل تعقيدا بكثير من جُزَيئات عديدة اخرى.‏

      جُزَيئات بتعقيد بالغ

      تتألف بعض الجُزَيئات من آلاف الذرَّات من العديد من العناصر الكيميائية الـ‍ ٨٨ الموجودة بشكل طبيعي على الارض.‏ وأحد الامثلة لذلك هو جُزَيء الدَّنا (‏تعريب للاختصار DNA،‏ اي الحَمض الريبي النووي المنقوص الاكسجين)‏ الذي يحتوي على المعلومات الوراثية المشفَّرة لكل كائن حي.‏ فهذا الجُزَيء يحتوي على ملايين الذرَّات من العديد من العناصر الكيميائية.‏

      مع ان جُزَيء الدَّنا بالغ التعقيد،‏ لا يتعدّى قطره ٠٠٠٠٠٢٥‏,٠ مليمترا،‏ وهو بذلك اصغر بكثير من ان يُرى بمجاهر عادية،‏ فيلزم استعمال مجاهر قوية لرؤيته.‏ وبقي دور الدَّنا مجهولا حتى سنة ١٩٤٤،‏ حين اكتشف العلماء انه يحدّد الصفات الوراثية للشخص.‏ ونتيجةً لهذا الاكتشاف بدأت تُجرى ابحاث مكثفة للتعرُّف اكثر بهذا الجُزَيء البالغ التعقيد.‏

      لكنَّ الدَّنا والماء ليسا سوى نوعَين من انواع الجُزَيئات الكثيرة التي تدخل في تركيب الاشياء.‏ وبما ان هنالك جُزَيئات كثيرة موجودة في الكائنات الحية وفي الاشياء الجامدة على السواء،‏ فهل يجوز الاستنتاج ان الفرق بين الحي وغير الحي بسيط جدا؟‏

      هذا ما اعتقده اناس كثيرون زمنا طويلا.‏ اوضح الاختصاصي في الاحياء المجهرية مايكل دِنْتون:‏ «عبَّرت مراجع ثقة كثيرة في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين عن املها في ان تتمكن المعرفة المتزايدة في الكيمياء الحيوية من ايجاد هذا الرابط».‏ ولكن ماذا اكتُشف على مر الوقت؟‏

      الحياة متميِّزة وفريدة

      مع ان العلماء توقعوا ايجاد وسائط انتقالية،‏ او سلسلة من المراحل التدريجية،‏ بين الحي وغير الحي،‏ ذكر دِنْتون انه قد «تأكّد اخيرا» وجود فجوة واضحة «اثر الاكتشافات الثورية التي حققها علم الاحياء الجُزَيئي molecular biology في اوائل خمسينات القرن العشرين».‏ وليوضح دِنْتون الفكرة،‏ اورد حقيقة هامة صارت اكيدة عند العلماء:‏

      ‏«لم يتأكد لنا وجود فجوة بين العالم الحي والعالم غير الحي فحسب،‏ بل ثبت ايضا ان هذه الفجوة تمثّل ابرز وأعمق الاختلافات الموجودة في الطبيعة.‏ فبين الخلية الحية وأكثر الاشكال غير الحية تعقيدا،‏ كالبلورة او ندفة الثلج،‏ تمتد هوَّة شاسعة وفسيحة قدر ما يتخيله العقل».‏

      لا يعني ذلك ان تشكّل جُزَيء هو امر بسيط.‏ فالكتاب من الجُزَيئات الى الخلايا الحية (‏بالانكليزية)‏ يوضح ان «تكوّن الجُزَيئات الصغيرة،‏ التي هي وحدات بناء اشياء اخرى،‏ هو بحد ذاته معقَّد».‏ لكنه يضيف ان تشكّل هذه الجُزَيئات «سهل جدا بالمقارنة مع ما يجب ان يحدث لتَظهر اول خلية حية».‏

      توجد خلايا هي بحد ذاتها عضويات طليقة حية كالبكتيريا،‏ او قد تكون جزءا من عضوية متعددة الخلايا كالانسان.‏ ويلزم جمع ٥٠٠ خلية متوسطة الحجم لتصير بحجم النقطة في آخر هذه الجملة.‏ فلا عجب ان تكون وظائف الخلية غير منظورة للعين المجرَّدة.‏ فماذا يخبرنا المجهر حين ننظر بواسطته الى خلية واحدة في جسم الانسان؟‏

      الخلية ‏—‏ بالصدفة ام بالتصميم؟‏

      قبل كل شيء،‏ يعجز المرء عن إخفاء دهشته حين يرى مدى تعقيد الخلايا الحية.‏ ذكر كاتب علمي:‏ «ان النمو العادي لأبسط خلية حية يتطلب عشرات الآلاف من التفاعلات الكيميائية التي تحدث بطريقة منظمة».‏ ثم سأل:‏ «كيف يمكن ان يُضبط ٠٠٠‏,٢٠ تفاعل في خلية صغيرة واحدة وفي وقت واحد؟‏».‏

      وشبَّه مايكل دِنْتون اصغر الخلايا الحية بـ‍ «مصنع حقيقي مصغَّر جدا يحتوي على ألوف القطع المصمَّمة بصورة دقيقة للجهاز الجُزَيْئيّ المعقَّد،‏ ومؤلف بكامله من مئة الف مليون ذرَّة.‏ وهو اكثر تعقيدا بكثير من اية آلة بناها الانسان وبلا نظير مطلقا في العالم غير الحي».‏

      ان تعقيد الخلية لا يزال يحيِّر العلماء،‏ كما ذكرت صحيفة ذا نيويورك تايمز،‏ عدد ١٥ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٠:‏ «كلما زاد فهم علماء الاحياء للخلايا الحية،‏ لاحت لهم صعوبة تحديد كل ما تفعله.‏ ومع ان الخلية البشرية العادية اصغر من ان تُرى،‏ يمكن ان تقوم في اية لحظة ٠٠٠‏,٣٠ مورِّثة من مورِّثاتها الـ‍ ٠٠٠‏,١٠٠ بوظائفها،‏ منجزة الاعمال الروتينية الضرورية للخلية او مستجيبة للرسائل من الخلايا الاخرى».‏

      وسألت الصحيفة:‏ «كيف يمكن تحليل آلة بهذا الصغر وهذا التعقيد؟‏ وكذلك حتى لو بُذل جهد ضخم وتمكّن الانسان من فهم كل العمليات التي تقوم بها خلية بشرية واحدة،‏ فهنالك على الاقل ٢٠٠ نوع من الخلايا في جسم الانسان».‏

      وأخبرت مجلة الطبيعة (‏بالانكليزية)‏،‏ في مقالة بعنوان «آلات حقيقية في الخليقة»،‏ عن اكتشاف «محرِّكات» صغيرة داخل كل خلية من خلايا الجسم.‏ هذه «المحرِّكات» تدور لتصنع مادة الادِنوزين الثلاثي الفسفات adenosine triphosphate،‏ مصدر الطاقة للخلايا.‏ ذكر احد الكتّاب وهو يفكر في المسألة:‏ «ماذا يمكن ان ننجز عندما نعرف كيف نصمِّم ونصنع آلات جُزَيئية مماثلة للاجهزة الجُزَيئية التي نجدها في الخلايا؟‏».‏

      فكّروا في ما تملكه الخلية من معلومات تساعدها على الإبداع!‏ فكمية المعلومات التي يحتويها الدَّنا في خلية واحدة من خلايا جسمنا تملأ نحو مليون صفحة بحجم هذه الصفحة!‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كل مرة تنقسم فيها الخلية لتَظهر خلية اخرى،‏ تُمرَّر هذه المعلومات نفسها الى الخلية الجديدة.‏ فكيف بُرمجت كل خلية من خلايا جسمكم البالغة ١٠٠ تريليون بهذه المعلومات؟‏ هل حدث ذلك بالصدفة،‏ ام ان مصمِّما بارعا يقف وراء ذلك؟‏

      ربما توصلتم الى نفس الاستنتاج الذي توصل اليه عالم الاحياء رصل تشارلز آرتِست.‏ فقد قال:‏ «نحن نواجه صعوبات كبيرة لا تُقهر حين نحاول تفسير بداية [الخلية] وكذلك استمرارها في اداء وظيفتها،‏ إلا اذا كنا منطقيين وجزمنا ان ذكاءً،‏ او عقلا،‏ كان السبب في وجودها».‏

      تنظيم رائع

      قبل سنوات،‏ توصل كيرتلي ف.‏ ماثِر،‏ حين كان پروفسورا في الجيولوجيا في جامعة هارڤرد،‏ الى هذا الاستنتاج:‏ «نحن لا نعيش في كون قائم على الصدفة او التقلب،‏ بل على النظام والترتيب.‏ وهو يخضع لإدارة فطِنة جدا تستحق منا فائق الاحترام.‏ خذوا على سبيل المثال النظام الحسابي الرائع في الطبيعة الذي يتيح لنا تحديد اعداد ذرّية متتابعة لكل عنصر من عناصر المادة».‏

      فلنأخذ لمحة موجزة عن هذا «النظام الحسابي الرائع في الطبيعة».‏ كان القدماء يعرفون بعض العناصر الكيميائية،‏a ومنها:‏ الذهب،‏ الفضة،‏ النحاس،‏ القصدير،‏ والحديد.‏ وعرف الخيميائيون في القرون الوسطى الزرنيخ والبِزموت والانتيمون،‏ ثم اكتُشفت عناصر كثيرة اخرى في القرن الثامن عشر.‏ وفي سنة ١٨٦٣ استُعمل كاشف الطيف spectroscope،‏ الذي يعزل شريط الالوان الفريد الذي يطلقه كل عنصر،‏ لتحديد الإنديوم الذي كان العنصر المكتشَف الـ‍ ٦٣.‏

      في ذلك الوقت استنتج الكيميائي الروسي دمتري ايڤانوڤيتش منْدلييف ان العناصر لم تنشأ بشكل عشوائي.‏ وأخيرا،‏ في ١٨ آذار (‏مارس)‏ ١٨٦٩،‏ قُرئت اطروحته «موجز في نظام العناصر» امام الجمعية الكيميائية الروسية.‏ وفيها اعلن:‏ ‹اودّ ان أضع نظاما لا توجِّهه الصدفة بل يسير حسب مبدإ محدد ودقيق›.‏

      وفي هذه الرسالة الشهيرة،‏ ذكر منْدلييف:‏ «ينبغي ان نتوقع اكتشاف اجسام بسيطة مجهولة عديدة،‏ اجسام مماثلة مثلا للألمنيوم والسِّليكون،‏ عناصرُ لها اوزان ذرّية تتراوح بين ٦٥ و ٧٥».‏ وترك منْدلييف فراغات لـ‍ ١٦ عنصرا جديدا.‏ وعندما طُلب منه ان يقدّم إثباتا لتوقعاته،‏ اجاب:‏ «لستُ بحاجة الى تقديم إثبات.‏ فقوانين الطبيعة،‏ بخلاف قواعد اللغة،‏ لا تسمح بالشواذ».‏ وأضاف:‏ «أعتقد انه عندما تُكتشف عناصري المجهولة،‏ سيعيرنا عندئذ المزيد من الناس اهتماما».‏

      وهذا ما حدث بالفعل!‏ «فخلال السنوات الـ‍ ١٥ التالية»،‏ كما توضح دائرة المعارف الاميركية (‏بالانكليزية)‏،‏ «ادى اكتشاف الڠاليوم والسكانديوم والجرمانيوم،‏ التي كانت خصائصها متطابقة الى حد بعيد مع ما توقعه منْدلييف،‏ الى تأكيد صحة الجدول الدوري وترسيخ شهرة واضعه».‏ وبحلول اوائل القرن العشرين،‏ كانت كل العناصر الموجودة قد اكتُشفت.‏

      من الواضح،‏ على حد تعبير الباحث الكيميائي ألمر و.‏ ماورِر،‏ ان «هذا الترتيب الرائع ليس من نتاج الصدفة».‏ وعن احتمال صحة الادّعاء ان الترتيب المتناسق للعناصر هو وليد الصدفة،‏ ذكر جون كليڤلنْد كوثْران،‏ پروفسور في الكيمياء:‏ «ان الاكتشاف اللاحق لكل العناصر التي توقع [منْدلييف] اكتشافها،‏ وامتلاكها نفس الخصائص تقريبا التي توقعها،‏ ألغيا كليا هذا الاحتمال.‏ والمبدأ العام العظيم الذي وضعه لا يُطلق عليه اسم ‏‹الصدفة الدورية‏›‏‏،‏ بل ‏‹القانون الدوري›».‏

      على اثر دراسة عميقة أُجريت حول العناصر الكيميائية وطريقة اتحادها لكي تشكّل كل شيء في الكون،‏ اندفع الفيزيائي الشهير پ.‏ أ.‏ م.‏ ديراك،‏ الذي كان پروفسورا في الرياضيات في جامعة كَيمبريدج،‏ الى القول:‏ «ربما استطاع المرء ان يصف الحالة بالقول ان اللّٰه رياضي من درجة عالية جدا،‏ وقد استخدم رياضيات متقدمة جدا في بناء الكون».‏

      كم نندهش حين ننظر الى العوالم غير المرئية،‏ كعالم الذرَّات المتناهية الصغر والجُزَيئات والخلايا الحية وعالم مجرات النجوم الهائلة التي لا يمكن ان نراها بالعين المجرَّدة!‏ وهذا يولّد في النفس شعورا بالاتضاع.‏ فما هو شعوركم انتم؟‏ وماذا ترونه ينعكس في هذه الاشياء؟‏ هل ترون اكثر مما تراه عينكم المادية؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انها مواد اساسية مؤلفة من ذرَّات من نوع واحد فقط.‏ ولا يوجد على الارض إلا ٨٨ عنصرا طبيعيا.‏

  • هل ترون ما لا تراه اعينكم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٠ | آب (‏اغسطس)‏ ٢٢
    • هل ترون ما لا تراه اعينكم؟‏

      لا يستطيع سائقو السيارات عادةً ان يروا ما وراء المنعطف الشديد.‏ ولكن اذا وُضعت مرآة عند المنعطف،‏ يتمكن السائقون من رؤية السيارات المقتربة،‏ وهكذا لا تقع حوادث سير.‏ كذلك لا يستطيع البشر ان يروا الخالق غير المنظور.‏ فهل هنالك طريقة يتأكدون بها انه موجود؟‏

      ذكر كاتب في القرن الاول كيف ندرك ما لا نراه.‏ كتب:‏ «إن صفات [اللّٰه] غير المنظورة،‏ أي قدرته السرمدية وألوهته،‏ تُرى بوضوح منذ خلق العالم،‏ لأنها تُدرَك بالمصنوعات،‏ حتى إنهم بلا عذر».‏ —‏ روما ١:‏٢٠‏.‏

      فكّروا في هذا.‏ هل ترون صفة الذكاء تنعكس في الاشياء حولنا التي يعجز البشر عن صنعها؟‏ وهل تساعدكم هذه الاشياء ان تروا «بأعين الفهم» ان هنالك كائنا اعظم من الانسان؟‏ لنتأمل في بعض الامثلة.‏ —‏ افسس ١:‏١٨‏،‏ ترجمة الملك جيمس (‏بالانكليزية)‏.‏

      التعلم من الخليقة

      هل سبق ان تعجَّبتم من روعة السماء المزدانة بالنجوم المتألقة في ليلة لا يضيئها القمر،‏ ورأيتم في ذلك دليلا على وجود صانع عظيم؟‏ هتف قديما شخص كان يراقب السماء:‏ «السموات تحدِّث بمجد اللّٰه.‏ والفلك يخبر بعمل يديه».‏ وتأمل هذا الرجل قائلا:‏ «اذا ارى سمواتك عمل اصابعك القمر والنجوم التي كوَّنتها فمَن هو الانسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده».‏ —‏ مزمور ٨:‏٣،‏ ٤؛‏ ١٩:‏١‏.‏

      من الطبيعي ان نُعجَب بالاشياء المخلوقة التي لا يستطيع البشر ان يقلّدوها.‏ يقول احد ابيات الشِّعر الاميركي:‏ «اللّٰه فقط يمكن ان يصنع شجرة».‏ لكنَّ الاعجب من ذلك هو خلق طفل،‏ الامر الذي يحدث دون ان يتحكم الوالدون في العملية التكوينية للطفل.‏ فعندما يتحد حيوان منوي من الاب ببيَيضة من الام،‏ تُرسم الخرائط على الفور في دَنا DNA الخلية المتشكلة حديثا من اجل تكوين الطفل.‏ ويقال انه لو «دُوِّنت» التعليمات الموجودة في الدَّنا،‏ «لَملأت الف كتاب من ٦٠٠ صفحة».‏

      ولكن ليس هذا سوى البداية.‏ فتلك الخلية الاولى تنقسم لتصير اثنتين،‏ ثم اربعا،‏ ثم ثماني،‏ وهكذا دواليك.‏ وبعد نحو ٢٧٠ يوما،‏ يولد طفل مكوَّن من اكثر من ٢٠٠ نوع من الخلايا الحية التي يبلغ عددها آلاف الملايين.‏ تصوَّروا ان الخلية الاولى احتوت على المعلومات اللازمة لصنع كل الخلايا على اختلاف انواعها وفي الوقت المناسب ايضا!‏ ألا يدفعكم ذلك الى تسبيح خالقنا؟‏ لاحظوا كلمات التسبيح التي تفوَّه بها صاحب المزمور حين كتب:‏ «انت قد كوَّنتَ كليتيَّ.‏ نسجتَني داخل بطن امي.‏ أحمدك لأنك صنعتني بإعجازك المدهش».‏ —‏ مزمور ١٣٩:‏١٣-‏١٦‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏

      ان الذين يدرسون هذه «العجائب» ينتابهم شعور بالرهبة.‏ فالدكتور جيمس ه‍.‏ هَتن،‏ الرئيس السابق للجمعيات الطبية في شيكاڠو وولاية إيلينوي،‏ قال ان الدهشة استولت عليه حين رأى «القدرة السحرية [للخلية] على نقل المعلومات المُراد نسخها الى الخلايا اللاحقة.‏ فمن الرائع فعلا ان يتمكن علماؤنا الباحثون من معرفة هذه الامور.‏ ولكن لا بد ان ذكاءً الهيا صمَّم هذه الظواهر».‏

      ويمضي الدكتور هَتن قائلا:‏ «بما انني اختصاصي في الغدد الصمّ،‏ فإن دراسة وظائف هذه الغدد وكذلك اضطراباتها تزيد اقتناعي بأن قوة الهية تقف دون شك وراء التعقيد والاداء الرائعين لهذه البنى الحيوية».‏ واستنتج:‏ «يمنحني التأمل في هذه الروائع سببا قويا للاقتناع بأن قوة عظيمة كلية المعرفة صمَّمت هذا الكون،‏ وقد جعلته يتحرك وهي تشرف عليه».‏

      وبعد ذكر هذه الملاحظات سأل الدكتور هَتن:‏ «هل هي اله ذو شخصية يلاحظ سقوط كل عصفور دوري؟‏».‏ وكان جوابه:‏ «اشكُّ في ذلك.‏ وأنا لا أومن ايضا بأنه يعير ايّ اهتمام لتحرُّكاتي اليومية غير المهمة نسبيا».‏

      لماذا يعترف كثيرون بوجود ذكاءٍ بادٍ في «عجائب» الخليقة،‏ ولكنهم يشكّون في وجود اله ذي شخصية يهتم بالجنس البشري؟‏

      هل يهتم اللّٰه بنا حقا؟‏

      يقول كثيرون انه لو كان اللّٰه موجودا،‏ لَما سمح بأن يتعذب البشر الى هذا الحد.‏ وهنالك سؤال شائع يطرحه البعض:‏ «اين كان اللّٰه حين احتجنا اليه؟‏».‏ وثمة شخص نجا من قتل النازيين للملايين في الحرب العالمية الثانية استبدَّ به الحزن من هول ما شاهد حتى انه قال:‏ «لو استطعتم لَعْق قلبي لسمَّمكم».‏

      لقد حيَّر هذا الامر اشخاصا كثيرين.‏ فكما قال ذاك الشخص المذكور سابقا الذي كان يراقب السماء،‏ نرى دليلا واضحا على وجود خالق حين نتأمل في التنظيم والتصميم العجيب للاشياء حولنا.‏ ولكن اذا كان الخالق الها يهتم بنا،‏ فكيف يسمح بكل هذا الالم الفظيع؟‏!‏ اذا اردنا ان نفهم الشخصية الالهية ونعبد اللّٰه كما ينبغي،‏ يجب ان نحصل على جواب مقنع عن هذا السؤال المهم.‏ فأين نجد الجواب؟‏

      ندعوكم الى اقتناء نسخة من كراسة هل يهتم اللّٰه بنا حقا؟‏.‏ وعلى الصفحة ٣٢ من هذه المجلة،‏ يمكنكم ان تعرفوا كيف تحصلون عليها.‏ ونحن مقتنعون بأنكم اذا تأملتم في الجزءين «لماذا سمح اللّٰه بالالم» و «ماذا كانت نتيجة التمرُّد؟‏»،‏ فستحصلون على الاجوبة الشافية.‏

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      هل ترون في هذه الكائنات دليلا على وجود خالق؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة