مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الجرائم العنيفة —‏ لماذا تزداد سوءا؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • الجرائم العنيفة —‏ لماذا تزداد سوءا؟‏

      في الصباح الباكر،‏ كان فرانك وڠابرِيلّا يتنزهان على شاطئ أوريڠون في الولايات المتحدة ويشاهدان شروق الشمس.‏ ولم يخطر على بالهما ما كان بانتظارهما.‏ فبعد مجرد دقائق،‏ صارا كلاهما في عداد الاموات،‏ وقد أُصيب كل منهما برصاصة في رأسه أُطلقت من مسافة قريبة.‏ فهل كان الدافع وراء هذه الحادثة الانتقام ام الغيرة؟‏ لا الانتقام ولا الغيرة.‏ فلم يكن المسلّح يعرفهما،‏ لكنه اراد فقط تحقيق احدى نزواته:‏ ان يختبر ما يشعر به المرء حين يقتل احدا.‏

      ‏«يوم الاحد الواقع فيه ٢٨ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٦،‏ استأثر مارتن براينت باهتمام العالم الغربي فيما كان يستمتع بوقته.‏ فبعدما قتل كل مَن التقاه وهو يتجول في پورت آرثر في تسمانيا،‏ تملكته نشوة عارمة نابعة من شعوره بالابتهاج والقوة».‏ (‏دراسة حول انحطاط مجتمعنا [بالانكليزية]،‏ بقلم فيليپ أَتكِنسن)‏ لقد أودت فعلته هذه بحياة ٣٥ شخصا!‏

      في كندا،‏ خرج متقاعد في الـ‍ ٦٥ من العمر ليركب دراجته في الصباح الباكر كعادته.‏ وفيما هو في الطريق،‏ صدمه سائق بسيارته وتركه معتبرا اياه ميتا.‏ وقد جُرّت الدراجة حوالي ٧٠٠ متر على طول الطريق.‏ في البداية،‏ اعتُقد انه حادث عرضي وقد فرّ السائق.‏ لكن التحقيقات الاضافية اظهرت ان السائق الذي صدم الرجل سرق السيارة بقصد التنزه والقيادة المتهورة.‏ وكان الاصطدام براكب الدراجة،‏ على ما يبدو،‏ جزءا من «الاثارة».‏

      نوع مختلف من الجرائم؟‏

      شهد التاريخ طوال قرون جرائم كثيرة.‏ لكنّ الجرائم المذكورة آنفا تجعل الناس يهتفون:‏ «لماذا؟‏ كيف يُعقل ان يفكّر الشخص في اقتراف مثل هذا الامر الرهيب؟‏».‏ رغم ان الجرائم الشائعة،‏ مثل السرقة او الخداع،‏ قد لا تلفت انتباه كثيرين،‏ فثمة نوع من الجرائم تستأثر باهتمام وسائل الاعلام وتدفع الناس الى القول:‏ «هذا جنون!‏ ماذا يحدث في هذا العالم؟‏».‏

      ان هذه الجرائم مختلفة.‏ فهي غالبا ما تكون مروِّعة ووحشية.‏ وهي تُرتكب عادة،‏ كما تظهر الامثلة المذكورة آنفا،‏ بحق أناس ابرياء لا يعرفون الجناة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ غالبا ما لا يكون هنالك دافع لاقتراف هذه الجرائم العنيفة.‏ وقائمة هذه الاعمال الجنونية لا تنتهي.‏

      ففي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩،‏ في ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الاميركية،‏ قتل تلميذان استاذا و ١٢ تلميذا بإطلاق النار عليهم في المدرسة،‏ ثم انتحرا.‏ وفي سنة ١٩٨٢،‏ مات رجل في كاليفورنيا اثر تناوله عقّارا يباع دون وصفة طبيب أُضيفت اليه مادة السْتريكَنِين السامة.‏ سنة ١٩٩٣،‏ اغرى صبيّان في العاشرة من العمر جايمس بلڠر البالغ من العمر سنتين ليغادر معهما مركز التسوُّق في بوتِل بمرْزيسايد في انكلترا،‏ حيث كانت امه في متجر لحّام.‏ فأخذاه الى سكة الحديد،‏ وهناك انهالا عليه ضربا بالهراوة حتى مات.‏

      ويمكن ان تُدرَج بعض الاعمال في خانة الارهاب،‏ كحادثة اطلاق الغاز السام في شبكة القطار النفقي في طوكيو سنة ١٩٩٥.‏ فقد هزّ اليابان خبر موت ١٢ شخصا وإصابة آلاف آخرين بأذى،‏ اثر قيام اعضاء احدى البدع بإطلاق غاز سام في شبكة القطار النفقي في طوكيو.‏ وقليلون قد ينسون ايضا دمار مركز التجارة العالمي في نيويورك،‏ والهجوم على الپانتاڠون في العاصمة واشنطن اللذين اوديا بحياة نحو ٠٠٠‏,٣ شخص.‏ أضف الى ذلك الانفجار الذي هزّ جزيرة بالي في إندونيسيا السنة الماضية حاصدا حوالي ٢٠٠ قتيل.‏

      من الواضح ان امثال هذه الجرائم العنيفة صارت منتشرة.‏ والمشكلة عالمية،‏ وتؤثر في الكثير من البلدان وطبقات المجتمع.‏

      في بعض الحالات،‏ يبدو وكأن الجناة يتنافسون،‏ محاولين رؤية من سيرتكب الجريمة الافظع.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ تزداد جرائم البغض شيوعا.‏ وهي تُرتكب بوحشية شديدة بحق اناس «ذنبهم» الوحيد انتماؤهم الى دين او عرق مختلف،‏ كما حدث سنة ١٩٩٤ حين قُتل نحو ٠٠٠‏,٨٠٠ شخص من التوتسي في رواندا.‏

      كل ذلك يدفع كثيرين الى التفكير:‏ ‹ما الذي يحدث؟‏ هل كان الوضع هكذا سابقا؟‏ ما هي الاسباب الكامنة وراء هذه الجرائم المرعبة؟‏ وأي امل هنالك بتقليل هذه الجرائم الوحشية او ازالتها؟‏›.‏ ستناقش المقالتان التاليتان هذه الاسئلة وغيرها.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤]‏

      غالبا ما تُختار الضحايا في الجرائم العنيفة عشوائيا ودون دافع واضح

  • لمَ يوجد الكثير من الجرائم العنيفة اليوم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • لمَ يوجد الكثير من الجرائم العنيفة اليوم؟‏

      كل الجرائم بغيضة،‏ لكنّ الجرائم الجنونية التي لا مبرر لها يصعب اكثر فهمها.‏ وهي تحيّر المحقِّقين لأنها غالبا ما تُرتكب دون دافع واضح.‏ ومع ازدياد فعالية وسائل الاعلام في السنوات الاخيرة،‏ تصل اخبار الجرائم الى الملايين،‏ لا بل البلايين،‏ في غضون ساعات.‏ يذكر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ان «العنف يؤثر في كل قارة وبلد،‏ وفي معظم المجتمعات».‏

      حتى الاماكن التي اعتُبرت آمنة نسبيا في الماضي شهدت في السنوات الاخيرة ازديادا في اعمال العنف الجنونية.‏ ففي اليابان مثلا،‏ طالما كانت نسبة الجرائم العنيفة منخفضة.‏ لكن في حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١،‏ دخل رجل مدرسة في إكادا وفي يده سكين حاد وانهال على الاولاد طعنا وتجريحا.‏ وفي غضون ١٥ دقيقة قُتل ٨ اولاد وجُرح ١٥ آخرون.‏ وإذا أُضيف هذا التقرير الى تقارير اخرى من اليابان،‏ كالتي تخبر عن جرائم قتل يرتكبها احداث بحق اشخاص لا يعرفونهم البتة لمجرد الشعور بالاثارة،‏ يدرك المرء تماما ان الامور تتغير.‏

      حتى في البلدان التي تشهد عادة نسبة جرائم مرتفعة اثارت بعض الاعمال الجنونية الاستنكار العام.‏ وهذا ما حدث بعد هجوم ١١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي في نيويورك.‏ قال الاختصاصي في علم النفس جيرار بالس عن هذا الهجوم:‏ «لقد حوّل العالم الى مكان غريب وخطر حيث لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث».‏

      لماذا يفعلون ذلك؟‏

      لا يوجد عامل واحد يوضح سبب ارتكاب شتّى اعمال العنف الجنونية.‏ وما يصعّب فهم بعض الجرائم هو طبيعتها المنافية للعقل.‏ يصعب مثلا فهم السبب الذي يدفع شخصا ان يطعن ويقتل اناسا لا يعرفهم على الاطلاق،‏ او سبب مرور سائق قرب منزل وبدئه بإطلاق النار عشوائيا.‏

      يدّعي البعض ان العنف فطري في الانسان.‏ لكنّ آخرين يحاجّون انه لا يمكن شرح الجرائم الجنونية بوصفها جزءا لا يتجزأ من الطبيعة البشرية.‏ —‏ انظر الاطار «لا مفر من العنف؟‏».‏

      ويعتقد خبراء كثيرون ان هنالك عوامل وظروفا كثيرة تساهم في اقتراف الناس اعمال عنف منافية للعقل.‏ يذكر تقرير صادر عن المعهد التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي:‏ «القتل ليس عمل شخص متزن سليم العقل».‏ قد لا يوافق بعض الاختصاصيين على المفردات المختارة في هذه العبارة.‏ لكنّ كثيرين يوافقون على مضمونها.‏ فلسبب ما،‏ لا يفكر مرتكبو الجرائم الجنونية بشكل طبيعي.‏ وهنالك ما يؤثر كثيرا في تفكيرهم بحيث يقترفون جرائم لا يمكن تصورها.‏ فما هي العوامل التي تدفع الناس الى اقتراف مثل هذه الجرائم؟‏ لنلقِ نظرة على الامور المحتملة التي يذكرها الخبراء.‏

      تحطُّم العائلات

      طرح كاتب من استيقظ!‏ سؤالا على ماريانيتو پانڠانيبان،‏ ناطق بلسان مكتب التحقيقات القومي في الفيليپين،‏ حول خلفية الذين يرتكبون الجرائم المتطرفة.‏ اجاب:‏ «انهم يأتون من عائلات محطّمة.‏ وهم محرومون من الاهتمام والمحبة.‏ هنالك انحطاط في آداب الناس اذ انهم يفتقرون الى الارشاد،‏ فيضلون عن السبيل القويم».‏ كما يذكر العديد من الباحثين ان العلاقات العائلية غير المتينة والعنف في الدائرة العائلية عاملان شائعان في حياة المجرمين العنفاء.‏

      وقد اصدر المركز الاميركي القومي لتحليل الجرائم العنيفة في الولايات المتحدة تقريرا أُدرجت فيه عوامل تساعد على تحديد اي احداث هم ميالون الى ارتكاب عنف فتاك في المدرسة.‏ ذُكرت العوامل العائلية التالية:‏ علاقة مضطربة بين الولد والوالدين،‏ والدون عاجزون عن ادراك المشاكل التي يعانيها اولادهم،‏ نقص في العلاقات الحميمة،‏ والدون لا يضعون قواعد لسلوك الولد او قواعدهم قليلة جدا،‏ وأولاد منغلقون على انفسهم عائشين حياة مزدوجة وخافين بالتالي جزءا من حياتهم عن والديهم.‏

      العديد من الاولاد اليوم هم ضحايا تحطّم العائلات.‏ والبعض والدوهم لا يملكون متسعا من الوقت ليقضوه معهم.‏ كما ينشأ آلاف الاحداث دون ارشاد ادبي وعائلي ملائم.‏ ان مثل هذه الظروف،‏ كما يشعر بعض الخبراء،‏ قد تنتج اولادا عاجزين عن تطوير علاقات جيدة بالآخرين،‏ مما يسهل عليهم ارتكاب الجرائم بحق رفيقهم الانسان،‏ وغالبا دون الشعور بالندم.‏

      البدع والمجموعات التي يحركها البغض

      تشير البراهين ان لبعض البدع والمجموعات التي يحركها البغض تأثيرا كبيرا في ارتكاب بعض الجرائم.‏ كان شاب اسود في الـ‍ ١٩ من عمره عائدا من مركز التسوّق الى بيته في إنديانا بالولايات المتحدة الاميركية.‏ وما هي سوى لحظات حتى أُلقي جثة هامدة الى جانب الطريق وقد أُصيب برصاصة في دماغه.‏ لقد كان ضحية شاب اختاره عشوائيا ليطلق عليه النار.‏ ولماذا؟‏ اراد القاتل ان يصير مقبولا كعضو في منظمة تؤمن بتفوق العرق الابيض وأن ينال وشم نسيج العنكبوت مقابل قتله شخصا اسود.‏

      وماذا عن اطلاق غاز الاعصاب في شبكة القطار النفقي في طوكيو الذي حدث سنة ١٩٩٥،‏ الانتحار الجماعي في جونزتاون بڠويانا،‏ وكذلك موت ٦٩ عضوا من اخوية هيكل الشمس في سويسرا وكندا وفرنسا؟‏ لقد وقعت كل هذه الحوادث لأن مرتكبيها كانوا جميعا متأثرين بالبدع التي ينتمون اليها.‏ ان هذه الامثلة توضح التأثير القوي الذي تمارسه مجموعات معينة على تفكير بعض الاشخاص.‏ فالزعماء ذوو الشخصيات القيادية يدفعون الاشخاص الى ارتكاب جرائم «لا يمكن تصورها» بإغرائهم ببعض المكاسب المزعومة.‏

      العنف ووسائل الاعلام

      يشير البعض الى ادلة تظهر ان مختلف اساليب الاتصال العصرية يمكن ان تعزز المسلك العدائي.‏ فيُذكَر ان المشاهدة القانونية للعنف في التلفزيون،‏ الافلام،‏ العاب الڤيديو،‏ والإنترنت تخدِّر الضمير وتدفع الى ارتكاب الجرائم العنيفة.‏ قال الطبيب دانيال بورينستاين،‏ رئيس جمعية الطب النفسي الاميركية:‏ «هنالك في الوقت الحاضر اكثر من ٠٠٠‏,١ دراسة،‏ مؤسسة على ابحاث استغرقت اكثر من ٣٠ سنة،‏ تشير الى علاقة سببية بين العنف في وسائل الاعلام والسلوك العدائي عند بعض الاولاد».‏ وشهد الطبيب بورينستاين امام احدى لجان مجلس الشيوخ الاميركي قائلا:‏ «نحن مقتنعون ان المشاهدة المتكررة لمختلف انواع العنف التي تتخلَّل وسائل التسلية لها تأثير ضار في الصحة العامة».‏ —‏ انظر الاطار «العنف في ألعاب الكمپيوتر:‏ وجهة نظر طبيب».‏

      وغالبا ما تُذكر حالات خصوصية لإظهار صحة ذلك.‏ ففي الحالة المذكورة في المقالة السابقة عن الجريمة النكراء التي اودت بحياة زوجين كانا يشاهدان شروق الشمس على شاطئ البحر،‏ قدّم المدّعون العامون براهين دلّت ان قتلهما من اجل الاثارة اتى نتيجة المشاهدة المتكررة لفيلم متسم بالعنف.‏ وفي حادثة اطلاق النار التي وقعت في احدى المدارس وحصدت ١٥ قتيلا،‏ تبيّن ان التلميذين القاتلين كانا يوميا يقضيان ساعات وهما يلعبان بألعاب ڤيديو عنيفة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ كانا يشاهدان مرارا وتكرارا افلاما تمجّد العنف والقتل.‏

      المخدِّرات

      في الولايات المتحدة،‏ ازدادت نسبة الجرائم التي يرتكبها المراهقون ثلاثة اضعاف خلال ثماني سنوات.‏ وما هو احد العوامل التي تشير اليه السلطات؟‏ انه العصابات،‏ وخصوصا تلك المتورطة في تجارة الكوكائين.‏ فبين جرائم القتل التي حدثت مؤخرا في لوس انجلوس بكاليفورنيا والتي فاق عددها الـ‍ ٥٠٠،‏ «قالت الشرطة ان ٧٥ في المئة منها لها علاقة بالعصابات».‏

      وفي تقرير صادر عن المعهد التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي،‏ ترد هذه العبارة:‏ «عدد كبير جدا من جرائم القتل له علاقة بالمخدِّرات».‏ فبعض الذين يختل تفكيرهم بسبب المخدِّرات يقتلون وهم تحت تأثيرها.‏ كما يلجأ آخرون الى العنف لحماية تجارة المخدِّرات التي يمارسونها.‏ فمن الواضح ان المخدِّرات هي عامل قوي يؤثر في الناس ليرتكبوا اعمالا مريعة.‏

      سهولة الحصول على الاسلحة المهلكة

      كما ورد في المقالة السابقة،‏ قتل رجل مسلح واحد ٣٥ شخصا في تسمانيا،‏ أوستراليا،‏ وأصاب ١٩ آخرين بجروح.‏ كان الرجل يحمل أسلحة عسكرية نصف اوتوماتيكية.‏ فاستنتج كثيرون ان سهولة الحصول على هذه الاسلحة هي عامل آخر يساهم في ازدياد الجرائم العنيفة.‏

      ويذكر احد التقارير ان اليابان لم تشهد في سنة ١٩٩٥ سوى ٣٢ جريمة قتل استُعملت فيها الاسلحة النارية،‏ ووقع معظمها بسبب اشتباكات بين العصابات.‏ بالتباين،‏ وقع في الولايات المتحدة اكثر من ٠٠٠‏,١٥ جريمة قتل بالاسلحة النارية.‏ فلمَ الفرق؟‏ احد الاسباب،‏ كما قال البعض،‏ هو القوانين الصارمة في اليابان ازاء حيازة الاسلحة النارية.‏

      عجز الناس عن مواجهة المشاكل

      قد يقول البعض لدى سماعهم عن اعمال مروّعة:‏ «لا بد ان يكون هذا الشخص مجنونا!‏».‏ لكنّ مرتكبي هذه الانواع من الجرائم ليسوا جميعهم بالضرورة مختلّين عقليا.‏ الا ان كثيرين منهم يعانون صعوبة في مواجهة مشاكل الحياة.‏ ويشير الخبراء الى اضطرابات في الشخصية قد تؤدي الى اعمال متطرفة،‏ منها:‏ النقص في القدرة على التعلم والتعاطي مع الآخرين،‏ التأثيرات السلبية الناجمة عن الاساءات الجسدية او الجنسية،‏ السلوك المضاد للمجتمع،‏ بغض شريحة معيّنة من المجتمع كالنساء مثلا،‏ عدم الندم عند ارتكاب الخطإ،‏ والرغبة في السيطرة على الآخرين.‏

      ومهما كانت مشكلة البعض،‏ فقد تستحوذ عليهم بحيث يتشوش تفكيرهم،‏ فيؤدي ذلك بهم الى ارتكاب اعمال غريبة.‏ ثمة ممرضة،‏ مثلا،‏ انتابها توق غير طبيعي الى الاستئثار باهتمام الآخرين.‏ فحقنت اولادا صغارا بمرخٍ عضلي ادّى الى انقطاع تنفسهم.‏ ثم تنعمت بالانتباه الذي نالته عندما صارت «تنقذ» الاولاد.‏ لكنها،‏ للأسف،‏ عجزت عن جعلهم كلهم يعاودون التنفس.‏ وأُدينت بالقتل.‏

      يتبيَّن لنا مما سبق ان هنالك مجموعة من العوامل تدفع الناس الى ارتكاب جرائم عنيفة.‏ لكن لائحتنا ستكون ناقصة اذا لم نتأمل في عامل اضافي مهم جدا.‏

      جواب الكتاب المقدس

      يساعدنا الكتاب المقدس على فهم ماذا يحدث اليوم ولماذا يتصرف الناس بهذه الطرائق المتطرفة.‏ فهو يصف بدقة المواقف التي نراها غالبا.‏ مثلا،‏ تذكر القائمة الموجودة في ٢ تيموثاوس ٣:‏٣،‏ ٤ ان الناس سيكونون «بلا حنو» وكذلك ايضا «بلا ضبط نفس،‏ شرسين،‏ غير محبين للصلاح»،‏ و «جامحين».‏ وفي سفر آخر من الكتاب المقدس،‏ اقتُبس قول يسوع:‏ «تبرد محبة الاكثرين».‏ —‏ متى ٢٤:‏١٢‏.‏

      ويقول الكتاب المقدس:‏ «في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة حرجة».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ نعم،‏ ما نراه يدل اننا نعيش في نهاية نظام الاشياء الحاضر.‏ فالاحوال،‏ بالاضافة الى مواقف الناس،‏ تتردّى.‏ فهل نستطيع توقع حلّ فوري؟‏ يجيب الكتاب المقدس:‏ ‹الناس الاشرار والدجالون سيتقدمون من سيئٍ الى اسوأ›.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٣‏.‏

      فهل يعني ذلك ان الجنس البشري محكوم عليه بأن يغرق في دوامة من العنف الوحشي والجريمة المتفاقمة؟‏ لنفحص هذا السؤال في المقالة التالية.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      لا مفر من العنف؟‏

      يحاجّ البعض ان الميل الى العنف او القتل فطري عند البشر.‏ ويؤكد مؤيدو نظرية التطور اننا تحدرنا من الحيوانات البرية،‏ وبالتالي ورثنا ببساطة صفاتها العنيفة.‏ تشير هاتان النظريتان انه محكوم علينا بالغرق في دوامة من العنف لا مفر منها.‏

      لكن هناك براهين كثيرة تظهر العكس.‏ فالنظريتان المشار اليهما آنفا لا تفسران الاختلاف الشاسع في أنواع العنف وفي مدى تفشيه بين حضارة وأخرى.‏ وهما لا توضحان سبب كون السلوك العنيف المقياس السائد في بعض المجتمعات،‏ فيما تتميز مجتمعات اخرى بندرة العنف وانعدام الجريمة.‏ وقد كشف المحلِّل النفسي ايريك فروم الثغرات الموجودة في النظرية القائلة اننا نرث العدوانية من الحيوانات التي تنتمي الى رتبة الرئيسيات primates،‏ مشيرا الى ان بعضها يلجأ الى العنف لسدّ حاجاته الجسدية او لحماية نفسه،‏ لكنّ البشر هم الوحيدون المعروفون بأنهم يقتلون لمجرد انهم يجدون الاثارة في القتل.‏

      ويذكر الپروفسوران جيمس ألِن فوكس وجاك ليڤِن في كتابهما الميل الى القتل —‏ فهم الجرائم التي لا يمكن تبريرها (‏بالانكليزية)‏:‏ «يميل بعض الافراد الى العنف اكثر من غيرهم،‏ رغم ذلك فالارادة الحرة موجودة.‏ والميل الى القتل،‏ رغم تحكم قوى خارجية وداخلية عديدة فيه،‏ لا يزال يشمل حرية الاختيار واتخاذ المرء قرارا،‏ ويتأتى عن ذلك مسؤولية وذنب».‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧]‏

      العنف في ألعاب الكمپيوتر:‏ وجهة نظر طبيب

      ألقى الطبيب ريتشارد ف.‏ كورلين،‏ الرئيس السابق للجمعية الطبية الاميركية،‏ خطابا على مجموعة من الاطباء المتخرجين في فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا،‏ في الولايات المتحدة الاميركية.‏ وتحدث فيه عن ألعاب الكمپيوتر التي تشجع على العنف.‏ في بعض هذه الالعاب،‏ يحرز اللاعب نقاطا اذا اصابت طلقته النارية الجسم اصابة طفيفة.‏ لكنه يُمنح نقاطا اعلى اذا كانت الاصابة اعمق،‏ وأعلى ايضا اذا اصاب الرأس.‏ وتُرى الدماء تتدفق على الشاشة وأجزاء الدماغ تتطاير في كل مكان.‏

      وعلّق الطبيب كورلين ان الاولاد يُمنعون من القيادة،‏ تناول المشروبات الكحولية،‏ كما يُمنعون من التدخين.‏ وأردف قائلا:‏ «لكننا نسمح لهم ان يتدربوا على استخدام الاسلحة بعمر يعجزون فيه عن التحكم في نزواتهم ولا يملكون اي نضج او انضباط ليستخدموا دون اذى الاسلحة التي يلعبون بها.‏ .‏ .‏ .‏ ينبغي ان نعلّم اولادنا منذ البداية ان العنف له دائما عواقب،‏ عواقب وخيمة».‏

      للأسف،‏ عوض ان يُعلَّم الاولاد ان للجرائم عواقب،‏ غالبا ما يكونون ضحايا بريئة للجرائم العنيفة.‏ وتظهر الاحصاءات ان حوادث اطلاق النار تودي يوميا بحياة عشرة اولاد في الولايات المتحدة.‏ يقول الطبيب كورلين:‏ «تتصدَّر الولايات المتحدة العالم في ما يتعلق بنسبة الاولاد الذين يموتون بإطلاق النار».‏ واستنتاجه؟‏ «العنف الناجم عن استعمال السلاح هو خطر يهدّد الصحة العامة في بلدنا.‏ وهذا امر واقع».‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      العوامل وراء الجرائم العنيفة

      خبراء كثيرون يشعرون ان ما يلي يمكن ان يساهم في حدوث الجرائم غير المبررة:‏

      تحطم العائلات

      المجموعات التي يحرّكها البغض،‏ المتطرفون

      البدع الدينية الخطرة

      العنف في التسلية

      التعرض للعنف

      المخدِّرات

      العجز عن مواجهة المشاكل

      الحصول بسهولة على الاسلحة المهلكة

      بعض حالات الامراض العقلية

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      احدى عمليات التفجير الخمس التي قتلت على الاقل ١٢ وأصابت اكثر من ٨٠ بجروح،‏ مدينة كاسون،‏ الفيليپين

      ‏[مصدر الصورة]‏

      2000 AP Photo/Aaron Favila December 30,‎

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      تلميذان يقتلان استاذا و ١٢ تلميذا،‏ ثم ينتحران في ثانوية كولومباين،‏ كولورادو،‏ الولايات المتحدة الاميركية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      1999 AP Photo/Jefferson County Sheriff’s Department April 20,‎

      ‏[الصورة في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      سيارة مفخّخة تقتل ١٨٢ شخصا على الاقل وتصيب ١٣٢ بجروح في ملهى ليلي في بالي،‏ إندونيسيا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      2002 Maldonado Roberto/GAMMA October 12,‎

  • حلّ واقعي —‏ هل هو ممكن؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • حلّ واقعي —‏ هل هو ممكن؟‏

      صارت الجريمة على ما يبدو جزءا لا يتجزأ من المجتمع العصري.‏ فرغم الجهود الحسنة النية التي يبذلها العمال الاجتماعيون،‏ الشرطة،‏ والاختصاصيون في اعادة تأهيل المجرمين يتفاقم الخطر في العالم.‏ فهل من حلّ؟‏

      يظهر الكتاب المقدس ان تغييرا كبيرا يلوح في الافق.‏ لكنه لن يتحقق من جراء الجهود التي تبذلها الحكومات البشرية.‏ فطاقات كل الحكام البشر محدودة،‏ مهما كانت اهدافهم نبيلة.‏ وهم لا يملكون القدرة والموارد ليستأصلوا سبب الجريمة او ليؤسسوا نظاما آمنا على نحو دائم.‏

      ان التغيير الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس سيحققه خالقنا.‏ فكصانع الكون،‏ لديه القدرة والحق الشرعي لينجز ما لا يستطيع البشر انجازه.‏ والكتاب المقدس يتحدث عنه بصفته «الذي يجعل العظماء لا شيئا ويصيِّر قضاة الارض كالباطل.‏ .‏ .‏ .‏ كونه شديد القدرة».‏ (‏اشعياء ٤٠:‏٢٣-‏٢٦‏)‏ فأية تغييرات يعدنا بها اللّٰه،‏ وكيف تمنحنا رجاء حقيقيا بعالم افضل؟‏

      يخبرنا المزمور ٣٧:‏١٠ عن وعد اللّٰه:‏ «بعد قليل لا يكون الشرير.‏ تطَّلِع في مكانه فلا يكون».‏ ينوي اللّٰه ان يتخلص من الاشرار الذين لا سبيل الى اصلاحهم ولا يريدون ان يتغيروا.‏ لكنه لن يهلك كل الناس.‏ فصاحب المزمور يعد اولئك الذين يرغبون في الصيرورة ودعاء،‏ متواضعين،‏ ومسالمين:‏ «انتظر الرب واحفظ طريقه فيرفعك لترث الارض.‏ الى انقراض الاشرار تنظر».‏ وعندما يُزال الاشرار،‏ سيتمتع الباقون بـ‍ «كثرة السلامة» في عالم متحرر من شتى انواع الجرائم.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏١١،‏ ٣٤‏.‏

      الحاجة الى تغيير العقل والقلب

      لا يكفي اهلاك الاشرار وإنقاذ الصالحين لحل مشكلة الجريمة مرة وإلى الابد.‏ فغالبا ما تكون الجريمة ناجمة عن تدريب غير ملائم لعقول الناس وقلوبهم.‏ لكن حكومة اللّٰه ستتفوق في هذا المجال.‏ فهي ستزود الارشادات والثقافة العملية لتدريب الناس على محبة البر.‏ تقول اشعياء ٥٤:‏١٣‏:‏ «[أجعل] كل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا».‏

      وستكون النتائج سارة حقا!‏ يتحدث الكتاب المقدس بشكل تصويري عن التغييرات التي يصنعها الذين ربما عكسوا في ما مضى سمات وحشية،‏ فيقول:‏ «يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمَّن معا وصبي صغير يسوقها».‏ ولماذا؟‏ «لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر».‏ (‏اشعياء ١١:‏٦،‏ ٩‏)‏ لكنك لا تحتاج انت وعائلتك ان تنتظر المستقبل لصنع التغييرات المطلوبة.‏ وكيف ذلك؟‏

      يمكنك ان تستفيد الآن

      ثمة اناس يبدأون الآن بصنع التغييرات اللازمة استعدادا لدخول عالم خالٍ من الجريمة.‏ فهم منذ الآن يلبسون الشخصية الجديدة،‏ الشخصية التي يريدها اللّٰه عند الذين يعيشون في عالمه الجديد.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ وهم يفعلون ذلك بتطبيقهم مبادئ الكتاب المقدس في حياتهم.‏ لاحظ الوصف اللافت للنظر الذي يعطيه الكتاب المقدس:‏ «[ينبغي لكم] ان تتجددوا في القوة التي تحرك ذهنكم،‏ وتلبسوا الشخصية الجديدة التي خلقت بحسب مشيئة اللّٰه في البر والولاء الحقيقيين».‏ —‏ افسس ٤:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      وتذكر كولوسي ٣:‏١٢-‏١٤ ايضا الصفات الايجابية التي ينميها الآن كثيرون من المستقيمي القلوب.‏ انها تقول:‏ «كمختارين للّٰه،‏ قدوسين ومحبوبين،‏ البسوا عواطف حنان ورأفة،‏ ولطفا،‏ واتضاعا عقليا،‏ ووداعة،‏ وطول أناة.‏ استمروا متحملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد سبب للتشكي من آخر.‏ كما سامحكم يهوه،‏ هكذا افعلوا انتم ايضا.‏ ولكن،‏ مع هذه جميعها،‏ البسوا المحبة،‏ فإنها رباط وحدة كامل».‏

      فهل ترغب في نيل المساعدة على لبس الشخصية المسيحية الجديدة؟‏ ملايين حول العالم يفعلون ذلك منذ الآن بمساعدة شهود يهوه.‏ وكل الاجتماعات المعقودة قانونيا في قاعات الملكوت وفي المحافل الكبيرة تعلّم حتى مَن كانوا مجرمين عنفاء ان يلبسوا الشخصية المسالمة.‏a فإذا رغبت في الاستفادة من البرنامج التعليمي الرائع للكتاب المقدس،‏ فلا تتردد في الاتصال بناشري هذه المجلة.‏ فسيسعدهم ان يساعدوك لتكون بين مَن يستعدون الآن للعيش في عالم اللّٰه الجديد الخالي من الجريمة.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a من اجل امثلة،‏ انظر عدد ٨ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠١ من استيقظ!‏ في الصفحات ٨-‏١٠‏.‏

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      ملايين يتلقون تعليما يعدّهم للحياة في عالم خالٍ من الجريمة

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة