-
صراع الدول العالمي من سينتصر؟برج المراقبة ١٩٨٧ | ١ حزيران (يونيو)
-
-
كيف ابتدأ ذلك
تقترح كتب كثيرة في التاريخ الحديث ان التنافس الحاضر بين الشرق والغرب ابتدأ فوراً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولكنّ تاريخ الكتاب المقدس يشير الى انه استمرار لصراع من اجل قيادة العالم ابتدأ منذ حوالى ٣٠٠,٢ سنة.
اذا قرأتم تاريخ اليونان القديمة تعرفون ان الاسكندر الكبير جعل تلك الامة امبراطورية. وهذا ما انبأ به نبي الكتاب المقدس دانيال. وتحقيقا للنبوة، بعد ان مات ذلك ‹الملك الجبار› في السنة ٣٢٣ قم، فان الامبراطورية اخيرا ‹انقسمت الى الرياح الاربع› — بين اربعة من قواده. (دانيال ١١:٢-٤) ومن هؤلاء سيطر سلوقس الأول نيكاتور على سورية وبلاد ما بين النهرين — المقاطعات شمال وشرق موطن دانيال، يهوذا. واستولى بطليمس لاغوس، قائد يوناني آخر، على مصر وفلسطين، مما جعل موقعه جنوب وغرب منطقة سلوقس نيكاتور. وموقعاهما النسبيان جعلاهما «ملك الشمال» و «ملك الجنوب» على التوالي. — دانيال ١١:٥، ٦.
اصبح «الشمال» و «الجنوب» رمزين للامم القوية التي شغلت ادواراً نبوية معيَّنة.a وعلى مر القرون شغلت امم مختلفة دوري ‹الملكين،› ولكنّ تلك الامم كانت دائماً مطابقة للهويات النبوية. وكانت دائماً معروفة بتنافسها فيما كانت عادة تسيطر على مقاطعات احداها شمال الأخرى وجنوبه نسبيا.
واليوم يتطابق هذان الدوران مع تسميتي «الشرق» و «الغرب.» وهاتان ايضاً هما تعبيران رمزيان، اذ ان المقاطعات تتداخل. وتسميتا الكتاب المقدس «الشمال» و «الجنوب» هما رمزان ملائمان على حد سواء رغم التداخل المماثل.
اله «ملك الشمال»
قال دانيال متطلعا الى الأمام الى «وقت النهاية» ان «ملك الشمال» سوف «يتعظم على كل اله،» «ولا يبالي بآلهة آبائه.» وعوض ذلك يمجد «اله الحصون. . . بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس» قبل ان «يبلغ نهايته.» — دانيال ١١:٣٥-٣٩، ٤٥.
ولكونه ملحداً في المقام الاول ينكر «ملك الشمال» اليوم وجود اللّٰه وغالبا ما يحظر الدين. انه يعتمد على التسلح والروح الحربية اكثر من الطرائق الاخرى لممارسة النفوذ الدولي. ولذلك فهو يستخدم الكثير من موارده المالية كي «(يمجد) اله الحصون.» وبالمقارنة، فيما يمجد «ملك الجنوب» العصري ايضاً التسلح والروح الحربية، يعترف بالآلهة الاخرى، وكثيرون من شعبه لديهم ارتباط ديني قوي.
صراع الدول العصري
تقول النبوة مبرزة حوادث ايامنا: «في وقت النهاية (ينهمك) ملك الجنوب (مع [ملك الشمال] في دفع) فيثور عليه ملك الشمال [بمعدات حربية] ويدخل [ملك الشمال] الاراضي ويجرف ويطمو.» — دانيال ١١:٤٠.
ربما تدركون انه منذ الحرب العالمية الثانية تنتشر ايديولوجية وسيطرة «ملك الشمال» في مقاطعات كثيرة، رغم الحروب الناشبة لمنع ذلك. أما الى ايّ حد سينجح في ان «يدخل الاراضي ويجرف ويطمو» فسيُرى في ما بعد. ولكنّ «ملك الجنوب» العصري حاول اعاقة تجاوزاته الى ما يدعى بالعالم الحر. وهكذا ينهمك هذان الخصمان في «دفع» تطوَّر الآن الى التسلح المتسارع وسباق الفضاء. وفي غضون ذلك يتهم احدهما الآخر بالرغبة في حكم العالم.
يقول دانيال ايضاً: «يتسلط [ملك الشمال] على [الكنوز]. . . وعلى كل نفائس مصر. واللوبيون والكوشيون عند خطواته.» (دانيال ١١:٤٣) قد يشير ذلك الى الموارد الطبيعية. ويسيطر «ملك الشمال» العصري على مقاطعات تتوافر فيها الموارد المعدنية، بما فيها النفط. وله ايضاً نفوذ كبير في مقاطعات خارج منطقته ذات موارد طبيعية غنية. فجميعنا نملك سبباً لنراقب باهتمام ما اذا كان سيحرز سيطرة اعظم على هذه، والى ايّ حد سيبلغ نفوذه الاقتصادي.
من سينتصر؟
مع ذلك، ماذا يردع هذين ‹الملكين› عن حرب نهائية فورية؟ احد العوامل الرئيسية هو انهما يخشيان الدمار المتبادل لاسلحتهما النووية. فهما يفضلان انجاز الاتفاقيات رغم انها نادراً ما يجري احترامها. وكما انبأ دانيال: «يتكلمان بالكذب على مائدة واحدة ولا ينجح لأن الانتهاء بعد الى ميعاد.» — دانيال ١١:٢٧.
وهكذا تريدون على الارجح ان تعرفوا، ماذا سيحدث اخيراً؟ هل ينجزان في آخر الامر السلام الدائم؟ ام يهزم احدهما الآخر؟ بحسب النبوة في كلمة اللّٰه، ان الجواب عن السؤالين كليهما هو كلا! ولماذا؟ لان ملكاً ثالثاً سيهزمهما ويشغل السيطرة العالمية. اذاً سيجري تغيير في السلطان — قريباً!
-
-
تغيير في السلطان —قريباً!برج المراقبة ١٩٨٧ | ١ حزيران (يونيو)
-
-
ملك آخر ايضاً
قبل أن يتنبأ دانيال عن ‹ملك الشمال وملك الجنوب› حصل على هذه الرؤيا النبوية عن ملك اللّٰه المختار: «مع سحب السماء مثل ابن انسان اتى وجاء الى القديم الايام [يهوه اللّٰه]. . . فأُعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والامم والالسنة. سلطانه. . . ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض.» — دانيال ٧:١٣، ١٤.
ومضت هذه الرؤيا تصوِّر الحكومات العالمية المتعاقبة كوحوش. وفي الواقع، «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه» بقسوة وحشية. (جامعة ٨:٩) لقد حكم الناس ايضاً تحت السيطرة الوحشية للرؤساء الارواح المتمردين، الذين رئيسهم الشيطان نفسه. (دانيال ٧:١٧؛ ١٠:١٣، قارن الرؤيا ١٢:٩؛ ١٣:٢-٤.) وبالتباين، يتسلَّم «مثل ابن انسان» سلطة الحكم من يهوه اللّٰه. وهذا الحاكم المعيَّن من اللّٰه يتحلى بصفات تلائم حاكماً على بشر صُنعوا في الاصل «على صورة اللّٰه.» (تكوين ١:٢٧) ولكن من هو؟
طبَّق يسوع عبارة «ابن الانسان» على نفسه عندما كان على الارض منذ ٩٠٠,١ سنة. ولكونه بشراً آنذاك كان حرفياً «ابن انسان،» وأظهر على نحو كامل صفات رفيعة، كالمحبة والرأفة والعدل. وقدَّم حياته ايضاً لفداء البشر، ممثلًا بذلك دور ألصق قريب للجنس البشري — «ابن انسان» حقاً. — متى ٢٠:٢٨، عبرانيين ٢:١١-١٧.
قال يسوع، مطبقاً الى حد أبعد نبوة دانيال: «يبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير.» ووصف نفسه بعد ذلك في صورة مماثلة، قائلًا: «ومتى جاء ابن الانسان في مجده. . . يجلس على كرسي مجده.» (متى ٢٤:٣٠؛ ٢٥:٣١) واليوم ليس يسوع مجرد انسان على الارض. فمنذ موته وقيامته في السنة ٣٣ بم هو روح سماوي في صورة اللّٰه. وبالتباين مع الحكام البشر، هو الملك الوحيد الذي «له (الخلود) ساكناً في نور لا يُدنى منه الذي لم يره احد من الناس ولا يقدر ان يراه.» (١ تيموثاوس ٦:١٦) وحكم ملكوته لن تكون له الصفات الوحشية للارواح الأشرار الذين يؤثرون في الحكومات البشرية.
وهكذا فان يسوع هو الملك الوحيد المعيَّن من اللّٰه بصفته مسيّاه، او مسيحه، والمعطى سلطة ليحكم كامل الارض. (دانيال ٧:١٤) وهذا يعني ان جميع الحكومات البشرية، بما فيها «ملك الشمال» و «ملك الجنوب،» يجب ان تبلغ نهايتها ويحل محلها ملكوت اللّٰه تحت سلطان المسيح. — دانيال ٢:٤٤، قارن مزمور ٢:٧ و ٨، ١٢.
«الرئيس العظيم» يتولى السلطة
ولكن لم يبدأ يسوع حكمه على الجنس البشري في السنة ٣٣ بم. فكانت لديه فترة انتظار. وكان بعد ذلك فقط ان فوَّض اليه يهوه ان ‹يتسلط في وسط اعدائه.› (مزمور ١١٠:١، ٢، اعمال ٢:٣٢-٣٦) قال دانيال منبئاً بذلك: «في ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم. . . ويكون زمان (شدَّة) لم يكن منذ كانت امة الى ذلك الوقت.» — دانيال ١٢:١.
هذه النبوة تلت اشارة دانيال الى ان الصراع بين «ملك الشمال» و «ملك الجنوب» في «وقت النهاية» الحاضر يبلغ ذروته. وفي هذه المرحلة فان احد هذين ‹الملكين› «يخرج بغضب عظيم» ليبيد كثيرين. (دانيال ١١:٤٠، ٤٤، ٤٥) وعندئذٍ فان ميخائيل «القائم» لشعب اللّٰه يعمل على نحوٍ حاسم كي يتمكنوا من النجاة. — قارن دانيال ١١:٢ و ٣ و ٧، ٢٠، ٢١؛ ١٢:١.
ومع ذلك، كيف يرتبط ذلك بيسوع؟ اذكروا انه شمل نبوة دانيال بنبوته مؤكداً انه الملك في المستقبل. وفي هذا الصدد تكلم ايضاً عن «ضيق عظيم» لا نظير له. (متى ٢٤:٢١، ٢٩-٣١) لقد كان يشير بوضوح الى ‹زمان الشدَّة› الذي ذكره دانيال في ما يتعلق بميخائيل. (قارن متى ٢٤:١٥، دانيال ١١:٣١.) وهكذا اثبت يسوع هويته بصفته ميخائيل الذي يقوم ليحكم.
اعطى يسوع ودانيال هاتين النبوتين في وصفهما لحوادث في اثناء «وقت النهاية.» وتتم هذه الحوادث على نحوٍ رائع منذ السنة ١٩١٤. فحينئذ تولى يسوع السلطة في السماء كملك، وهو يتسلط في وسط اعدائه. — متى ٢٤:٣ و ٧-١٢.
فردوس شامل — قريباً!
ربما تدركون ان الامم فشلت في الاعتراف بملكوت المسيح. انها ترفض الرسالة عن تأسيسه وتستمر في تأكيد سلطانها الخاص. وهذه الرسالة هي جهالة عندها. وهكذا فان حكمة اللّٰه في اختيار المسيح كملك «لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر.» واذ يُعميهم نظام يسيطر عليه الشيطان ورؤساؤه الارواح المتمردون يجدون انفسهم مقاومين للملكوت المسيّاني. — ١ كورنثوس ٢:٨، قارن لوقا ٤:٥، ٦؛ ٢ كورنثوس ٤:٤.
ولذلك، كما انبأ يسوع، فان اولئك الذين يكرزون بأمانة بملكوته يُضطهدون. وسيختبرون هجوماً اعظم بعدُ. (متى ٢٤:٩، ١٤، دانيال ١١:٤٤، ٤٥، قارن حزقيال ٣٨:١٤-١٦.) ومع ذلك سيخرج يسوع بصفته «ملك الملوك ورب الارباب» ليقاتل عن شعبه. وسينتهي هذا القتال الى النصر الكامل لملك اللّٰه المختار. ومهاجمو شعبه ‹يبلغون نهايتهم ولا معين لهم.› وجميع ‹الملوك› الآخرين سيكونون قد أُهلكوا. — رؤيا ١١:١٥، ١٨؛ ١٩:١١، ١٦، ١٩-٢١، مزمور ٢:١-٣، ٦-٩.
-