-
يوم انهار البرجان التوأماناستيقظ! ٢٠٠٢ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
يوم انهار البرجان التوأمان
ان الاحداث التي وقعت في ١١ ايلول (سبتمبر) ٢٠٠١ في مدينة نيويورك والعاصمة واشنطن وپنسلڤانيا تركت اثرا لا يُمحى في ذاكرة الملايين، إن لم نقل البلايين، من الناس حول العالم. فأين كنتم حين شاهدتم او سمعتم في الاخبار بالهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك وعلى الپانتاڠون في واشنطن؟
ان هذا التدمير السريع والمفاجئ لأبنية ضخمة، والأهم من ذلك موت هذا العدد الكبير من البشر، جعل الناس يتوقفون قليلا ويفكّرون.
ماذا تعلَّمنا عن اولوياتنا وخياراتنا في الحياة؟ وكيف أبرزت هذه الاحداث المأساوية بعض صفاتنا الجيدة كبشر، مثل التضحية بالذات والتعاطف والاحتمال وعدم الانانية؟ ستحاول هذه المقالة والمقالة التالية ان تجيبا عن السؤال الاخير.
الناجون يروون ما حدث
مباشرةً بعد وقوع الكارثة في نيويورك، أُغلق المترو وغادر آلاف الاشخاص جنوب مانهاتن سيرا على الاقدام، وكثيرون منهم عبروا جسرَي بروكلين ومانهاتن. وكان بإمكانهم ان يروا بوضوح مكاتب ومصنع المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه. فسارع بعض الهاربين من الكارثة الى هذه الابنية.
ومن اول الواصلين ابنة شاهدةٍ ليهوه تُدعى أليشا (الى اليسار). وكانت كلها مغطاة بالغبار والرماد.a اوضحت قائلة: «عندما كنت في القطار متوجهة الى عملي، رأيت دخانا ينبعث من مركز التجارة العالمي. وعند وصولي الى موقع الكارثة، وجدتُ الارض مغطاة بالزجاج وشعرت باللهيب. كان الناس يركضون في كل اتجاه والشرطة تحاول اخلاء المنطقة. لقد بدا لي انني في ساحة معركة.
«هرعتُ الى بناء قريب واحتميت هناك. ثم سمعت الانفجار الناجم عن ارتطام الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي. كان المنظر مريعا للغاية، والدخان الاسود في كل مكان. فأُمرنا بالابتعاد عن منطقة الخطر، ونُقلت بعبّارة الى بروكلين عبر إيست ريڤر. عندما وصلت الى الضفة الاخرى، رفعتُ عينيَّ ورأيت لافتة كبيرة كُتب عليها ‹برج المراقبة›. كان ذلك المركز الرئيسي لدِين امي. فذهبت على الفور الى مبنى المكاتب. كنت اعلم انني سأنال افضل عناية في هذا المكان. وهناك اغتسلتُ واتصلت بوالديَّ».
كان ويندل (الى اليسار) بوابا في فندق ماريوت الذي يقع بين البرجين. يوضح قائلا: «كنت اعمل في الردهة عندما وقع الانفجار الاول. فرأيت الحطام يتساقط هنا وهناك. نظرتُ الى الشارع فإذا برجل ممدَّد على الارض يحترق. فمزَّقتُ سترتي وقميصي وهرعت اليه محاولا اطفاء النار. ثم اتى احد المارّة وأخذ يساعدني. لقد اشتعلت ثياب الرجل كلها ما عدا جوربَيه وحذاءه. بعد ذلك اتى رجال الاطفاء وأخذوه ليتلقى عناية طبية.
«بُعيد ذلك اتصل براينت ڠامبل من أخبار محطة CBS التلفزيونية وطلب ان يروي شاهد عيان ما قد حدث. نتيجةً لذلك، شاهدت عائلتي في الجزر العذراء المقابلة معي على التلفزيون وعرفوا اني ما زلت على قيد الحياة».
كان دونالد، وهو رجل قوي البنية طوله ١٩٥ سنتيمترا، في الطابق الـ ٣١ من مكان عمله في مبنى المركز المالي العالمي الذي يقع قبالة البرجين التوأمين. وإذ وقف محدّقا في البرجين وفندق ماريوت قال: «صعقني وأرعبني ما كنت اراه. فقد كان الناس يسقطون ويقفزون من نوافذ البرج الشمالي. فاستولى عليَّ الهلع وخرجت من البناء الذي اعمل فيه بأقصى سرعة».
حدث اختبار آخر مع امّ في ستيناتها وابنتين لها في اربعيناتهما. كانت الابنتان، روث وجوني، تنزلان مع امهما جانيس في فندق قريب من البرجين التوأمين. تروي روث، التي تعمل كممرضة مجازة: «فيما كنت أستحم، اخذت امي وأختي تصرخان كي اخرج من الحمام. كنا في الطابق الـ ١٦، وقد رأتا الحطام وهو يتساقط بجانب النافذة. حتى ان امي رأت جثة رجل تطير فوق بناء مجاور كما لو ان شيئا قذفها بقوة.
«لبست ثيابي بسرعة وبدأنا ننزل الدرج. كانت اصوات الصراخ تتعالى. وعندما خرجنا الى الشارع، سمعنا انفجارات ورأينا شرَر النيران. عندئذ أُمرنا ان نتوجه جنوبا وبسرعة الى باتِري پارك حيث تقع عبّارة جزيرة ستاتن. ولكن في الطريق أضعنا امي المصابة بربو مزمن. فكيف يمكن ان تنجو وسط كل هذا الدخان والرماد والغبار؟! قضينا نصف ساعة ونحن نبحث عنها، انما دون جدوى. لكننا لم نقلق عليها كثيرا في البداية لأنها امرأة مقتدرة جدا وقوية القلب.
«في النهاية، أُمرنا بالذهاب الى جسر بروكلين وعبوره الى الجهة الاخرى. كم ارتحنا عندما عبرنا الجسر ووصلنا الى بروكلين ورأينا اللافتة الضخمة ‹برج المراقبة›! فقد اصبحنا في مأمن الآن.
«استُقبلنا في المركز الرئيسي وعُيِّن لنا مكان نبقى فيه. كما اعطانا الاخوة ثيابا لأننا لم نجلب شيئا معنا. ولكن اين امي؟ قضينا الليل كله نحاول ايجادها في المستشفيات، انما ذهبت جهودنا سدًى. ولكن نحو الساعة ٣٠:١١ من صباح اليوم التالي، تلقينا رسالة تخبرنا ان امي تنتظرنا في الردهة. فماذا حدث معها؟».
تكمل جانيس، الأمّ، القصة وتقول: «عندما خرجنا من الفندق، شعرت بالقلق على صديقة لي متقدِّمة في السن لم تكن قادرة على المغادرة معنا. فأردتُ ان اعود لأُخرجها انا بنفسي. لكنّ ذلك كان خطرا جدا. وفي وسط هذه الفوضى انفصلت عن ابنتيَّ. مع ذلك لم اكن قلقة كثيرا عليهما، فابنتاي ليستا متهوِّرتَين وروث ممرضة كفؤة.
«حيثما نظرت وجدتُ اناسا بحاجة الى المساعدة، وخصوصا الاولاد والاطفال. فقدَّمتُ يد المساعدة لمَن استطعت. وقصدت المكان حيث كان المصابون يُفرَزون ويعالَجون بحسب خطورة اصابتهم. كما ساعدتُ على غسل ايدي وأوجه رجال الشرطة والإطفاء الذين غطاهم السخام والغبار. وبقيت هناك حتى نحو الساعة ٠٠:٣ صباحا. بعد ذلك ركبتُ العبّارة الاخيرة متوجّهة الى جزيرة ستاتن، فربما ابنتاي محتميتان هناك. لكني لم اجدهما.
«في ذلك الصباح، حاولت ان اركب اول عبّارة لأعود الى مانهاتن، ولكن لم يُسمح لي بذلك لأني لست من عمّال الطوارئ. عندئذ رأيت احد رجال الشرطة الذين ساعدتُهم. فقلت له: ‹جون! يجب ان اعود الى مانهاتن›. فأجاب: ‹تعالي معي›.
«عندما وصلت الى مانهاتن، توجَّهت من جديد الى فندق ماريوت. فربما لا يزال هنالك مجال كي اساعد صديقتي العجوز. ولكن مستحيل! فقد كان الفندق مدمرا، ولا حياة في ايّ جزء من الموقع. ولم أجد سوى رجال الشرطة والإطفاء المنهَكين، وعلامات الحزن بادية على وجوههم.
«عندئذ توجهت الى جسر بروكلين. وفيما كنت اقترب من طرفه الآخر، رأيت لافتة مألوفة لديَّ: ‹برج المراقبة›. ففكرت اني قد اجد ابنتيَّ هناك. وهذا ما حصل، فقد أتَتا لملاقاتي في الردهة. وتلا ذلك عناق طويل ذرفنا فيه الكثير من الدموع.
«والمدهش في الامر اني لم أُصب بنوبة ربو واحدة، رغم كل الدخان والغبار والرماد. فأنا لم اتوقف عن الصلاة لأني اردت ان اكون نافعة لا عبئا على احد».
«لا مكان هنا لتحطَّ فيه!»
اخبرت رايتشل، شابة في اوائل عشريناتها، كاتبا في مجلة استيقظ!: «كنت اسير في الشارع حيث اسكن في جنوب مانهاتن حين سمعتُ هدير طائرة في الجو. كان الصوت قويا جدا حتى اني نظرت الى السماء. ولم أصدّق ما رأيت، فقد بدا لي ان طائرة الركاب النفّاثة الضخمة تتّخذ وضعية الهبوط. فقلت في نفسي لماذا تطير تلك الطائرة بهذا الارتفاع المنخفض وتلك السرعة الكبيرة؟ فلا مكان هنا لتحطَّ فيه! ربما فقد الطيّار السيطرة عليها. عندئذ سمعت امرأة تصرخ قائلة: ‹لقد ارتطمت الطائرة بالبناء!›. وخرجت سحابة نارية ضخمة من البرج الشمالي. ثم رأيت فجوة كبيرة سوداء في البرج.
«كان ذلك افظع شيء رأيته في حياتي. فلم اصدِّق ان هذا يحدث. ووقفت فاغرة فمي من الدهشة. بعد وقت قصير، ارتطمت طائرة اخرى بالبرج الثاني، وفي النهاية انهار البرجان كلاهما. فاستولى عليَّ الرعب الشديد. لقد كان هذا اكثر مما استطيع تحمله!».
«اذا اضطررت الى السباحة، فسأسبح»
كانت دنيز (١٦ سنة) قد وصلت لتوِّها الى مدرستها القريبة من مركز البورصة الاميركية الواقع على مسافة ثلاثة شوارع جنوبي مركز التجارة العالمي. تروي: «كان الوقت قد تجاوز التاسعة صباحا. علمت ان شيئا ما قد حدث، ولكن لم اعرف ما هو. كنت احضر صف التاريخ في الطابق الـ ١١ من المدرسة. ومع ان جميع التلاميذ كانوا مرتعبين اصرّت المعلمة ان نقوم بامتحان. أما نحن فأردنا الرحيل والعودة الى بيوتنا.
«عندئذ اهتز البناء حين ارتطمت الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي. ولكن لم نعرف ايضا ماذا حدث. فجأة، سمعت عبر جهاز اللاسلكي الذي تحمله المعلمة صوتا يقول: ‹طائرتان ارتطمتا بالبرجين التوأمين!›. فقلت في نفسي: ‹من غير المنطقي ان نبقى هنا. فهذا بالتأكيد عمل ارهابي، ولا شك ان البورصة ستكون الهدف التالي›. وهكذا تركنا المدرسة.
«في الطريق الى باتِري پارك التفتُّ لأرى ما يحدث، فتبيّن لي ان البرج الجنوبي سينهار. فخشيتُ ان يؤدي انهيار المبنى الى انهيار جميع المباني العالية ايضا. كنت اتنفس بصعوبة بسبب الرماد والغبار اللذين سدَّا انفي وحلقي. فأسرعت الى إيست ريڤر وأنا اقول في نفسي: ‹اذا اضطررت الى السباحة، فسأسبح›. وفيما انا اهرب صليت الى يهوه كي ينقذني.
«اخيرا، وُضعت في عبّارة متجهة الى نيو جيرزي. ولزم امي اكثر من خمس ساعات كي تجدني، لكني على الاقل كنت في امان!».
«هل هذا آخر يوم في حياتي؟»
كان جوشوا (٢٨ سنة)، من پرنستون في نيو جيرزي، يعلّم صفًّا في الطابق الاربعين من البرج الشمالي. يتذكر ما حدث قائلا: «شعرتُ فجأة كما لو ان قنبلة انفجرت. وحدثت ارتجاجات في المكان، فقلت في نفسي: ‹لا، لا، انها هزّة ارضية›. نظرتُ الى الخارج، ولم اصدّق ما تراه عيناي. فقد كان الدخان يحاوط المبنى والحطام يتطاير في كل مكان. فقلت للصف: ‹اتركوا كل شيء هنا، ولنغادر المكان!›.
«كانت الادراج التي نزلناها مليئة بالدخان. كما كانت المياه تخرج من مرشّات الحرائق. ولكن لم تكن هنالك حالة ذعر. بقيت اصلي ان نكون قد اخترنا ادراجا لا تؤدي بنا مباشرة الى حيث النيران مشتعلة.
«فيما كنت انزل الادراج، قلت في نفسي: ‹هل هذا آخر يوم في حياتي؟›. واستمررت اصلي الى يهوه، فانتابني شعور سلام غريب. لم يسبق لي قط ان شعرت بهذا النوع من السلام الداخلي. ولن انسى تلك اللحظة ابدا.
«عندما خرجنا اخيرا من المبنى، كان رجال الشرطة يأمرون الجميع بالابتعاد. فنظرت الى البرجين ولم اصدّق ما ارى: فكأن شيئا ما اخترق البنائين كليهما!
«بعد ذلك ساد سكون غريب كما لو ان آلاف الاشخاص حبسوا انفاسهم، وكأن نيويورك كلها توقفت عن الحركة. فجأة علا الصراخ. لقد انهار البرج الجنوبي! واندفعت نحونا عاصفة كبيرة من الدخان والرماد والغبار. كان ذلك اشبه بالمؤثرات الخاصة في فيلم سينمائي، إلا ان هذا كان حقيقيا. وعندما ابتلعتنا السحابة، ما عدنا نستطيع التنفّس.
«وصلت الى جسر مانهاتن، وهناك التفتُّ ورأيت البرج الشمالي ذا الهوائي التلفزيوني الضخم ينهار هو الآخر. عبرت الجسر وأنا اصلّي ان اتمكن من بلوغ بيت ايل، المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه. لم يسبق لي ان شعرت بالسعادة لرؤية هذا المكان كما في ذلك اليوم. وعلى جدار المصنع كانت تلك اللافتة الكبيرة التي يمكن ان يراها آلاف الاشخاص كل يوم: ‹اقرأوا كلمة اللّٰه الكتاب المقدس يوميا›. وصرت افكر: ‹اكاد اصل. مسافة قليلة بعدُ›.
عندما اتأمل في هذه الاحداث، ادرك كم جعلتني اقدّر اهمية تحديد اولوياتي. فيجب ان تُعطى الاولوية للأشياء الاهم في الحياة».
«رأيت اناسا يقفزون من البرج»
رأت جيسيكا (٢٢ سنة) ما حدث وهي خارجة من محطة مترو قريبة من البرجين. «نظرت الى الاعلى ورأيت الرماد والحطام والقطع المعدنية تتساقط. كان الناس ينتظرون دورهم ليستعملوا أكشاك الهاتف، ولكن بسبب التأخير أُصيبوا بهلع شديد. فصلّيتُ الى اللّٰه كي احافظ على هدوئي. ثم حدث انفجار آخر. وكان الفولاذ والزجاج يتساقطان من السماء. فسمعت اناسا يصرخون: ‹انها طائرة اخرى!›.
«نظرتُ الى الاعلى، فإذا بي ارى منظرا مريعا: كان اناس يقفزون من الطوابق العليا حيث كانت تتشكل كتلة ضخمة من الدخان واللهب. ولا يغيب عن بالي منظر ذلك الرجل وتلك المرأة اللذين بقيا متمسكَين بإحدى النوافذ بعض الوقت. ولكنهما اضطرا في النهاية ان يفلتا ايديهما، فسقطا كل المسافة الى اسفل. كان المنظر رهيبا!
«اخيرا وصلتُ الى جسر بروكلين، وهناك خلعتُ حذائي غير المريح وركضت الى بروكلين عند الجانب الآخر من النهر. ثم دخلت مبنى مكاتب برج المراقبة، وهناك تلقيت المساعدة على الفور كي تهدأ اعصابي.
«حين عدت الى منزلي في تلك الليلة، قرأت في مجلة استيقظ! عدد ٢٢ آب (اغسطس) ٢٠٠١ سلسلة المقالات بعنوان: ‹مواجهة اجهاد ما بعد الصدمة›. كم كنت بحاجة الى تلك المعلومات!».
لقد دفع هول الكارثة الناس الى تقديم المساعدة بأية طريقة ممكنة. وستتناول المقالة التالية هذا الجانب من القصة.
[الحاشية]
a قابلت استيقظ! ناجين كثيرين بحيث لا يمكن شملهم بهذه المناقشة المختصرة. وبتعاونهم ساعدوا على اكمال وتأكيد صحة هذه الروايات.
[الرسم/الصور في الصفحتين ٨ و ٩]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
دُمِّرت
١ البرج الشمالي مركز التجارة العالمي مبنى ١
٢ البرج الجنوبي مركز التجارة العالمي مبنى ٢
٣ فندق ماريوت مركز التجارة العالمي مبنى ٣
٧ مركز التجاري العالمي مبنى ٧
تعرَّضت لأضرار بالغة
٤ مركز التجارة العالمي مبنى ٤
٥ مركز التجارة العالمي مبنى ٥
L مبنى ليبرتي پلازا
D البنك الالماني ١٣٠ ليبرتي ستريت
٦ مركز الجمارك الاميركي مركز التجارة العالمي مبنى ٦
S N جسرا المشاة الشمالي والجنوبي
تضرَّرت جزئيا
2F المركز المالي العالمي مبنى ٢
3F المركز المالي العالمي مبنى ٣
W الحديقة الشتوية
[مصدر الصورة]
As of October 4, 2001 3D Map of Lower Manhattan by Urban Data Solutions, Inc.
[الصور]
في الاعلى: انهار البرج الجنوبي اولا
فوق: هرع البعض الى مباني برج المراقبة للاحتماء هناك
الى اليمين: مئات الاطفائيين وفرق الانقاذ عملوا دون توقف في موقع الكارثة
[مصدر الصورة]
AP Photo/Jerry Torrens
Andrea Booher/FEMA News Photo
[مصدر الصورة في الصفحة ٣]
AP Photo/Marty Lederhandler
[مصدر الصورة في الصفحة ٤]
AP Photo/Suzanne Plunkett
-
-
مناطق عديدة تمنح الدعم والتعاطفاستيقظ! ٢٠٠٢ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
مناطق عديدة تمنح الدعم والتعاطف
حضر المتطوعون من شتى انحاء الولايات المتحدة ومن بلدان اخرى ايضا. وكان احدهم توم (في الصورة اعلاه)، شاب في الـ ٢٩ من عمره يعمل اطفائيا في أوتاوا بكندا. روى توم لمجلة استيقظ!: «بعد مشاهدة ما جرى على التلفزيون، أردت ان امنح الدعم المعنوي لزملائي الاطفائيين في نيويورك. فقصدتُ هذه المدينة يوم الجمعة، وفي اليوم التالي ذهبت الى موقع الكارثة لتقديم المساعدة. وهناك وُضعت ضمن مجموعة كانت وظيفتها ان تزيل الركام دلوًا تلو الآخر.
«اخذنا نبحث ببطء بين الركام — رافعين ملء رفش واحد كل مرة — لعلنا نجد اشياء قد تدلنا الى هوية الاطفائيين الذين ماتوا. فوجدتُ اداة يستعملها الاطفائيون لخلع الابواب المقفلة، كما وجدتُ قطع وصل معدنية لخرطوم مياه. كان العمل مضنيا. فرغم وجود ٥٠ متطوعا تقريبا، استغرق ملء شاحنة واحدة لنقل الردم ساعتين من الوقت.
«يوم الاثنين ١٧ ايلول (سبتمبر)، سحبنا جثث بعض الاطفائيين الذين هرعوا الى البناء يوم الثلاثاء الماضي. لن انسى ذلك المشهد ابدا، فقد توقف جميع عمال الانقاذ عن العمل، وخلعوا خوذهم، ووقفوا — احتراما لزملائنا الذين ماتوا.
«فيما كنتُ واقفا اتأمل هذا المنظر، هالَني كم الحياة هشة في ايامنا. وجعلني ذلك افكر في حياتي وعملي وعائلتي. ان عملي، بصرف النظر عن الاخطار الناجمة عنه، يمنحني الكثير من الاكتفاء اذ يمكّنني من مساعدة الناس وإنقاذ حياتهم ايضا».
الشهود يقدمون مساعدة عملية
في اليومين الاولين للكارثة، لجأ نحو ٧٠ شخصا الى المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه. كان البعض قد فقدوا امتعتهم في غرف الفنادق التي تضررت، فتأمَّن لهم مكان يمكثون فيه وأُعطوا ملابس بديلة. كما قُدِّم لهم الطعام. والاهم من ذلك ربما هو ان شيوخا مسيحيين متمرسين منحوهم الدعم العاطفي.
كما ارسل شهود يهوه معدات الطوارئ ومؤنًا لعمال البحث والانقاذ الذين كانوا يعملون في موقع الكارثة. كما منح الاخوة دائرة الاطفاء وسائلَ نقل تُستعمل في اخذ الاطفائيين الى موقع الكارثة. وقد اشترك ريكاردو (٣٩ سنة، في اعلى اليسار)، شاهد يعمل في رفع النفايات، مع مئات آخرين في ازالة اطنان من الانقاض كل يوم. يروي ريكاردو لمجلة استيقظ!: «كانت المناظر مؤلمة للغاية، وخصوصا للاطفائيين الذين كانوا يبحثون عن زملائهم المفقودين. فقد رأيتهم يسحبون اطفائيا لا يزال على قيد الحياة. ثم سحبوا اطفائيا آخر ولكنهم وجدوه ميتا بسبب وقوع جثة عليه. كثيرون من الاطفائيين كانوا يبكون، فلم استطع تمالك نفسي وصرت ابكي. في ذلك اليوم، لم يعرب احد عن الشجاعة كما اعرب عنها هؤلاء».
«الوقت والعرَض»
مات آلاف الاشخاص في هذه الكارثة، ومن بينهم ١٤ شاهدا ليهوه على الاقل اتفق ان كانوا في موقع الكارثة او قربه. كان لدى جويس كامنڠز (٦٥ سنة) الترينيدادية الاصل موعد مع طبيب اسنان قرب مركز التجارة العالمي. والمؤسف ان الموعد كان وقت الكارثة تقريبا. وكما يَظهر لم تستطع تحمُّل الدخان الناجم عن الحادثة، لذلك أُخذت بسرعة الى مستشفى قريب. لكنهم لم يتمكنوا من انقاذها. هذه حالة واحدة من حالات كثيرة لأشخاص عانوا ما يمكن ان ينتج من «الوقت والعرَض». (جامعة ٩:١١) لقد كانت جويس معروفة بأنها مبشِّرة غيورة جدا.
كان كالڤن دوسون (انظروا الاطار) شاهدا يعمل في شركة سمسرة في الطابق الـ ٨٤ للبرج الجنوبي. ومن مكتبه كان بإمكانه ان يرى البرج الشمالي فور ارتطام الطائرة به. فاتصل به رب عمله، الذي لم يكن في مكتبه آنذاك، مستفسرا عما حدث. يقول: «كان كالڤن يحاول اخباري بما رآه. وقد قال لي: ‹ارى اناسا يقفزون من البرج!›. فطلبتُ منه ان يَخرج من المكتب ويُخرج الآخرين معه». لكنَّ كالڤن لم ينجُ. ويمضي رب العمل قائلا: «كان كالڤن رجلا رائعا ومحبوبا من الجميع، حتى الاشخاص غير المتديِّنين بيننا. فكنا معجبين بتقواه وإنسانيته».
كان جيمس أماتو (في اسفل اليسار من الصفحة المقابلة) ضحية اخرى للكارثة، وهو اب لأربعة اولاد ونقيب في دائرة الاطفاء في نيويورك. والذين عرفوه قالوا عنه انه شخص شجاع جدا حتى «انه كان يدخل بناية تحترق فيما الناس يهربون منها». وقد رُقِّي جيمس غيابيا الى رتبة رئيس فصيلة إطفاء.
وشخص آخر خسر حياته هو جورج ديپاسْكوالي، شاهد وإطفائي بسبع سنين من الخبرة. وهو متزوج بمليسّا وله ابنة تُدعى جورجيا روز في الثانية من عمرها. لقد خدم جورج كشيخ في جماعة جزيرة ستاتن لشهود يهوه. وكان في الطابق العاشر من البرج الجنوبي عندما انهار. لقد دفع هو ايضا حياته ثمن محاولته انقاذ الغير.
هذان الشخصان الاخيران هما اثنان فقط من مئات الاطفائيين ورجال الشرطة وعمال الطوارئ الذين ماتوا وهم يحاولون بشجاعة انقاذ الناس. ولا توجد كلمات تعبِّر كفاية عن شجاعة رجال الانقاذ هؤلاء. وقد ذكر رودولف جولياني، عمدة مدينة نيويورك، في وقت لاحق امام مجموعة من الاطفائيين الذين جرت ترقيتهم: «ان استعدادكم للمضي قُدُما بكل بسالة في اصعب الظروف هو مصدر إلهام لنا جميعا. . . . ولا يوجد . . . مثال للشجاعة افضل من مثال دائرة الاطفاء في مدينة نيويورك».
تقديم شهادة معزِّية
خلال الايام التي تلت المأساة، صمم نحو ٠٠٠,٩٠٠ شاهد ليهوه في كل انحاء الولايات المتحدة ان يقدّموا التعزية للمحزونين. فقد دفعتهم محبة القريب الى تقديم التعزية للمتفجعين. (متى ٢٢:٣٩) وفي خدمتهم حاولوا ايضا ان يشيروا الى الرجاء الوحيد للبشرية المعذَّبة. — ٢ بطرس ٣:١٣.
أظهر الشهود التعاطف عند تكلمهم مع الناس. فقد ارادوا ان يقدموا التعزية من الكتاب المقدس وأن يقتدوا بالمثال المنعش للمسيح، الذي قال: «تعالوا الي يا جميع المتعبين والمثقلين، وأنا انعشكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتضع القلب، فتجدوا انتعاشا لنفوسكم. لأن نيري لطيف وحملي خفيف». — متى ١١:٢٨-٣٠.
سُمح لمجموعات من الشيوخ من جماعات مانهاتن المحلية لشهود يهوه ان يدخلوا موقع الكارثة ليحدّثوا ويعزّوا عمال الانقاذ هناك. وكان التجاوب مؤاتيا جدا. ذكر هؤلاء الشيوخ: «اغرورقت عيون الرجال بالدموع عندما قرأنا عليهم الآيات». كان عمال الانقاذ يرتاحون قليلا في مركب عند احد احواض السفن. «لقد بدا هؤلاء الرجال يائسين جدا، مطأطِئين رؤوسهم، وغير قادرين على استيعاب وتقبُّل ما يرونه. فجلسنا معهم وقرأنا عليهم آيات من الكتاب المقدس. شكرَنا الرجال كثيرا على قدومنا، قائلين انهم كانوا بحاجة فعلا الى تلك التعزية».
غالبا ما اراد الناس الذين جرت زيارتهم بعد الكارثة ان يقرأوا شيئا، فوُزّعت عليهم آلاف الكراسات مثل: عندما يموت شخص تحبونه، هل سيكون هنالك يوما ما عالم بلا حرب؟ (بالانكليزية)، و هل يهتم اللّٰه بنا حقا؟. كما تركَّز الانتباه على سلسلة المقالات الافتتاحية في عددين من استيقظ! هما: «الارهاب في حلّته الجديدة» (٢٢ ايار [مايو] ٢٠٠١) و «مواجهة اجهاد ما بعد الصدمة» (٢٢ آب [اغسطس] ٢٠٠١). وكان الشهود في حالات كثيرة يوضحون رجاء القيامة المذكور في الكتاب المقدس. (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩؛ اعمال ٢٤:١٥) وربما وصلت هذه الرسالة المعزية الى ملايين الناس.
مأساة يجب ان تدفعنا الى التفكير
يجب ان تدفعنا المآسي كالتي حصلت في مدينة نيويورك الى التفكير في ما نفعله بحياتنا. فهل نكرّس حياتنا للمساعي الانانية فقط ام نحاول زيادة سعادة الآخرين؟ سأل النبي ميخا: «ماذا يطلبه منك الرب إلا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك». (ميخا ٦:٨) فينبغي ان يدفعنا التواضع الى البحث في كلمة اللّٰه عن الرجاء الحقيقي للموتى ومعرفة ما سيفعله اللّٰه قريبا لإعادة الاحوال الفردوسية الى هذه الارض. وإذا اردتم ان تعرفوا المزيد عن وعود الكتاب المقدس، نحثّكم ان تتصلوا بشهود يهوه في منطقتكم. — اشعياء ٦٥:١٧، ٢١-٢٥؛ كشف ٢١:١-٤.
[الاطار/الصورتان في الصفحة ١١]
صلاة تاتيانا
اخبرت لينا، ارملة كالڤن دوسون، مجلة استيقظ! عن الصلاة التي قدَّمتها ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات بعد ايام قليلة من معرفتها ان اباها لن يعود الى البيت. فبعدما صلّت لينا، سألتها تاتيانا: «ماما، يمكنني ان اصلّي؟». فوافقت الامّ. عندئذ صلّت تاتيانا قائلة: «أبانا السماوي يهوه، نشكرك على هذا الطعام ولأننا ما زلنا على قيد الحياة. ونطلب منك ان يكون روحك معي ومع الماما لنكون قويتين، ومع البابا ايضا ليكون قويا حين يعود. وأصلي ان يكون البابا لطيفا وقويا وسعيدا وبصحة جيدة حين يعود، وأن نراه من جديد. باسم يسوع . . . آه نسيت! لا تنسَ ان تجعل الماما قوية. آمين».
لم تكن لينا متيقنة ان تاتيانا فهمت ما شرحته لها عن ابيها، فقالت: «تاتيانا، هذه صلاة جميلة. ولكن يا حبيبتي، ألا تعلمين ان البابا لن يعود؟». عندئذ ظهرت علامات الدهشة والمفاجأة على وجه تاتيانا. وقالت: «لن يعود؟!». فأجابت الامّ: «لا. لقد اخبرتك بذلك. وظننتُ انك فهمتِ ان البابا لن يعود». فقالت تاتيانا: «لكنك تقولين لي دائما انه سيعود في العالم الجديد!». عندئذ فهمت لينا ما كانت ابنتها تقصد، فقالت: «انا آسفة يا تاتيانا. لم افهم قصدك. اعتقدتُ انك تتحدثين عن عودة البابا غدا». وعلّقت لينا على ذلك قائلة: «شعرتُ بالارتياح عندما ادركتُ ان العالم الجديد حقيقي في نظرها الى هذا الحد».
-